IIUM Press
Tel : +603 6196 5014 / 6196 5004
Fax : +603 6196 4862 / 6196 6298
Email : [email protected]
Website : http://iiumpress.iium.edu.my/bookshop
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
محمد أبو الليث الخير آبادي
روضة الفردوس فتح ياسين
أكمل خزيري عبد الرحمن
جماليا عوراني
نورعيني إسماعيل
IIUM Press
Gombak • 2018
الطبعة الأولى 1439ھ/2018م
© IIUM Press, IIUM
الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا للنشر عضو في مجلس النشر العلمي الماليزي
)(Majlis Penerbitan Ilmiah Malaysia – MAPIM
جميع حقوق الملكيّة الأدبيّة والفنيّة محفوظة للجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا للنشر ) (IIUM Pressويحظر طبع أو تصوير
أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكومبيوتر أو برمجته على
أسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطية من الناشر.
Perpustakaan Negara Malaysia Cataloguing-in-Publication Data
ISBN 978-967-011-2
Published & Printed in Malaysia by
IIUM Press
International Islamic University Malaysia
P.O. Box 10, 50728 Kuala Lumpur, Malaysia
المحتويات
المحتويات ه
بحوث وقضايا في الفكر الإسلامي والمؤسسات الإسلامية ط
مقدمة ك
نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير المفاهيم 1 الفصل الأول:
أ.د .محمد أبو الليث الخير آبادي. الفصل الثاني:
أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة 23 الفصل الثالث:
والارتقاء بالأداء المؤسسي
الفصل الرابع:
د .عائشة صفراني ود .حبيبة شهرة الفصل الخامس:
الفصل السادس:
دور الجمعيات الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم37 :
جمعية النجاة الخيرية الكويتية أنموذ اجا
د .بدر محمد العـليوي ود .بدر محمد العازمـي.
استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي 51
د .هشام سعيد أزهر.
العلاقة بين الفقه والطب للأستاذة 76
د .منيرة عواد المريطب
تقنية المعلومات وأخلاق المهنة 87
د .أكرم محمد زكي وأ.د .محمد زكي خضر
ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة 101 الفصل السابع:
د .محمد شكيب القاسمي الفصل الثامن:
الفصل التاسع:
دعوى تناقض القرآن الكريم والرد عليها 125
د .محمد إبراهيم الشربيني صقر الفصل العاشر:
الفصل الحادي عشر:
دور المساجد في خدمة المجتمع المسلم من منظور القرآن 149
والسنة :دراسة موضوعية تحليلية الفصل الثاني عشر:
الفصل الثالث عشر:
منال أحمد الجَُبّة وأ.د .محمد أبو الليث الخير آبادي.
أثر مبادئ التمويل في البنوك الإسلامية على التنمية 161
الاجتماعية
نعيم حنك.
اختلال منهج المستشرق وليم ميور في كتابة السيرة 183
النبوية
عبد الصمد شيخ
الإسلام والـعولـمة 202
د.محمد إسماعيل عبد السلام ود.كوثر أرشد
دور التربية الإسلامية في مواجهة الفكر الضال 225
د .سعد هاشم العلياني
الفصل الرابع عشر :الشذوذ من فتاوى ابن أبي عقيل العماني 255
رضا محّب مجد
و
العلامة محمد ناصر الدين الألباني ودوره في خدمة المجتمع 263 الفصل الخامس عشر:
المجتمع الباكستاني نموذجا
حافظ عبد الحنان حامد
الفصل السادس عشر :جهود دولة قطر في التعايش السلمي وتحقيق السلم 296
العالمي :مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجا
د .محمد رفاعي محمد أمين
دور المؤسسة التعليمية في تحقيق الأمن الفكري المدارس 320 الفصل السابع عشر:
السعودية في كوالالمبور أنموذجا
منصور غازي المحمدي
الفصل الثامن عشر :دور التصوف في نشر الإسلام ومحاربة التكفير 350
د .عيسى عبد الله
مفهوم العلم في القرآن الكريم في ضوء مفردتي (الجهل) 385 الفصل التاسع عشر:
و(الهوى)
طه محمد آدم
المراجع والمصادر 419
فهرس أسماء المشاركين في المؤتمر 449
ز
بحوث وقضايا في الفكر الإسلامي والمؤسسات الإسلامية
في خضم التسارع الحضاري والانفتاح العالمي اليوَم؛ لا بَُّد للفكر الإسلامي من أن يخوض
في قضايا التنمية ومع ِّّوقاتها؛ ليصوغ المستقبل الإسلامي وفق الاهتمامات الحيوية للمسلمين،
وفي مقدمتها الإدارة والتعليم والصحة والاقتصاد؛ ذلك أن التنمية الشاملة في هذه
الاهتمامات الحيوية -ومؤ َّسساتها -تقترن بوعي المسلمين مكانتهم الحضارية التي لطالما
تأَثّرت بحالهم بين سائر الأمم وترُّددها بين القوة والضعف في خلال العصور ،مما يلزم معه
توعيتهم إلى أنها -أي التنمية الشاملة -لن تتحقق إلا بهم ما دامت ضماناا لتق ُّدم مجتمعاتهم
ولمستقبل أولادهم ،ولا يُكتفى في هذا بالفتاوى الفقهية والخطب الدينية التي تكاد تكون
تلهعقذيهاداالقمنضايذا أينقبيُناُلق،شولهاا أش َّد التي أضحت التنموية قاصرة في مجالها عن مناقشة القضايا
ينبغي الرقمي؛ وإنما الفضاء سيما في ظ ِّّل أبرز وسائل العولمة؛ أي
فكٌر إسلام ٌّي ناقٌد حصي ٌف؛ يسبر أغوارها تدقياقا وتحقياقا ،ويقف على متعلقاتها وتبعاتها؛
ليخلص إلى صوغ أُطُرها النظرية الإسلامية ،وإحالة توصياته على المؤ َّسسات الإسلامية
المعنَيّة بها أو التي ترعاها؛ ذا ما استهدفه المؤتمر "بحوث وقضايا في الفكر الإسلامي
والمؤسسات الإسلامية"؛ الذي رعته كلية معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية في
الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا؛ ما بين ؟/؟ -؟/؟.٢٠١٧/
وهذا الكتاب بين أيدينا يجمع أحد عشر بحثاا ُعرضت في أثناء المؤتمر؛ أع َّدها
أساتذة مخت ُّصون من عدة جامعات ،وقد استهَلّها رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الأستاذ
الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي ببحثه المعنون" :نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير
المفاهيم" ،ويضح من عنوانه أنه يبحث في إعادة التمكين للفكر الإسلامي ،ولكن من
خلال انسجامه مع مستجدات عصرنا الحالي.
ولم يغب عن هذه الأبحاث ما للعامل الأخلاقي من أثر في التنمية الشاملة ،فقد
تناول هذا بحثان؛ أحدهما" :أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة والارتقاء
بالأداء المؤسسي"؛ للدكتورة عائشة صفراني ،والدكتورة حبيبة شهر ،والآخر" :تقنية
المعلومات وأخلاق المهنة"؛ للدكتور أكرم محمد زكي ،والأستاذ الدكتور محمد زكي خضر.
وفي المجال الخدمي ومكانته في القضايا التنموية نجد بحثين أي اضا؛ أحدهما للدكتور
بدر محمد العليوي ،والدكتور بدر محمد العازمي؛ عنوانه" :دور الجمعيات الخيرية في تنمية
الفرد والمجتمع المسلم؛ جمعية النجاة الخيرية الكويتية أنموذ ًجا" ،والآخر للباحثة منال أحمد
الجبة ،والأستاذ الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي؛ عنوانه" :دور المساجد في خدمة
المجتمع المسلم من منظور القرآن والسنة؛ دراسة موضوعية تحليلية".
ولديناكذلك بحثان يعنيان بالعلاقة بين الشريعة وبعض المجالات التنموية؛ أحدهما:
"استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي"؛ للدكتور هشام بن سعيد أزهر ،والآخر:
"العلاقة بين الفقه والطب"؛ للأستاذة الدكتورة منيرة بنت عواد المريطب.
ثم أربعة أبحاثك ٌلّ منها منفرد في بابه؛ أولها يقنن للتعامل مع المستجدات؛ عنوانه:
"ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة"؛ للدكتور محمد شكيب القاسمي،
وثانيها يرفض دعوى وقوع التعارض في القرآن الكريم؛ عنوانه" :دعوى تناقض القرآن
الكريم والرد عليها"؛ للدكتور محمد إبراهيم الشربيني صقر ،وثالثها يتعلق بالتمويل
الإسلامي؛ عنوانه" :أثر مبادئ التمويل في البنوك الإسلامية على التنمية الاجتماعية"؛
للباحث نعيم حنك ،ورابعها ينظر في السيرة النبوية ومحِلّّها من الاستشراق؛ عنوانه" :اختلال
منهج المستشرق وليم ميور في كتابة السيرة النبوية"؛ للدكتور عبد الصمد شيخ.
أخيارا؛ نسأل الله أن يُس ِّّدد ُخطانا ،ويُن ِّّور بصائرنا ،ويُجِنّّبنا مزالق الردى ،ويهدينا
سواء السبيل في القول والعمل ،ولا حول ولا قوة إلا بالله ،إليه المرجع والمآب ،عليه توكلنا
في ك ِّلّ حين.
الأستاذة الدكتورة رحمة بنت أحمد الحاج عثمان
نائب مدير الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا
لشؤون البحث العلمي والابتكار
ز
مقدمة
تقديم الأستاذ الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي ،رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ،وعلى آله وأصحابه
أجمعين ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد! فإن هذا العصر الذي نحن فيه هو عصر خطير ورهيب جدا للإسلام
والمسلمين ،حيث تكالبت الأمم عليهما تكالب الأكلة على القصعة ،مصداقا لما تنبأ به
نبينا المعصوم في قوله« :يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفقكما تداعى الأكلة
على قصعتها» .قال :قلنا :يا رسول الله! أِّم جن قلٍة بنا يومئذ؟ قال« :أنتم يومئذ كثير ،ولكن
تكونون غثاءا كغثاء السيل ،وينتزع المهابة من قلوب عدوكم ،ويجعل في قلوبكم الوهن»،
قال :قلنا :وما الوهن؟ قال« :حب الدنيا وكراهية الموت»
،١فمن نتائج ترك العمل بسنة التدافع ،والركون إلى وهم تعايش الحضارات ،أن
تتداعى أمم الكفر والشرك والضلال على أمة الإسلام كما تتداعى الأكلة على قصعتها،
وقد حصل ذلك ،وها نحن نراه يوميا أمام أعيننا! هم تكالبوا علينا بتخطيط محكم ،وبعقل
شيطاني مدِبّّر ،فاتّهموا -ولا يزالون يتهمون-الإسلام بأنه دين إرهابي ،واتهموا -ولا يزالون
يتهمون-المسلمين بأنهم إرهابيون ،مع أنهما برآء من الإرهاب براءة الذئب من دم يوسف.
ولكن المشكلة ليست في الأمم الأخرى؛ لأن ما تفعله تلك الأمم ضد الإسلام
والمسلمين ،هو أمر طبيعي ،وكذلك ما يفعلونه من إثارة الفتن وخلق الخلافات بيننا هو
أيضا أمر طبيعي ،وإنما هذا صراع بين الحق والباطل إلى يوم القيامة ،ولكن الغباء منا نحن
المسلمين حكاما وشعوبا ،لماذا لا نراقبهم هم ومخططاتهم ،ولماذا لا نشُّم رائحة مؤامراتهم
ضدنا ،قبل أن تقع ،وإذا وعيناها أو شممناها فلماذا نذعن لها ولا نقاومها ،ولماذا نصفق لها
ولا نخالفها.
فانطلاقا من هذا التململ والوعي رأت أكاديمية الدراسات الإسلامية المعاصرة
(أسيس) ،في جامعة التكنولوجيا والعلوم ببرليس (ACIS) Universiti
،Teknologi MARAبالتعاون مع مكتب مسجد السلطان حاجي أحمد شاه،
بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا International Islamic University
،Malaysiaأن تعقد هذا المؤتمر الدولي العلمي الثالث للعلوم الاجتماعية والفكر
الإسلامي ( ،)ISSCITU 2018تحت عنوان" :نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير
المفاهيم" ،والذي تدور محاوره حول القضايا المعاصرة والفكر الإسلامي والمؤسسات
الإسلامية ،والفكرة الرئيسية للمؤتمر هي محاولة فتح النقاش حول الفكر الإسلامي وإبراز
المفهوم السلمي للإسلام ،وتعزيز الأبعاد الروحية للإيمان والممارسة ،وبالتالي يركز المؤتمر على
دور المؤسسات الإسلامية في تجديد الفكر الإسلامي والتفاهم .ويحدونا الأمل في أن يكون
المؤتمر منصة لمناقشات قضايا المسلمين المعاصرة والتحديات وإيجاد الحلول.
ومن حسن حظ هذا المؤتمر أن طلبات المشاركة وصلت إلينا من بلاد مختلفة،
باللغات الثلاث :العربية ،والإنجليزية ،والملايوية .ومعظم هذه البحوث لمست جانبا مهما
من جوانب هذا العصر ،من علوم الطب ،والإدارة ،والاقتصاد ،والسياسة ،وغير ذلك من
العلوم الإنسانية والتطبيقية .فهذا إسهامكبير من جامعة التكنولوجيا والعلوم ببرليس ومكتب
مسجد السلطان حاجي أحمد شاه ،بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا في التأصيل الإسلامي
للعلوم الإنسانية والتطبيقية ،وأسلمة المعارف الإنسانية المكتسبة ،وتنزيل معارف الوحي
والتراث الإسلامي على القضايا الحياتية المعاصرة للمسلمين.
والبحوث الواصلة إلينا باللغة العربية ،والمضمنة فيكتاب المؤتمر كالآتي:
-١نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير المفاهيم للأستاذ الدكتور /محمد أبو
الليث الخيرآبادي ،قسم دراسات القرآن والسنة ،كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية،
الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.
ل
-٢أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة والارتقاء بالأداء المؤسسي
للدكتورة /عائشة صفراني ،محاضرة بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة
عمار ثليجي -الأغواط -الجزائر .والدكتورة حبيبة شهر ،محاضرة بكلية العلوم الإنسانية
والإسلامية والحضارة ،جامعة عمار ثليجي -الأغواط-الجزائر.
-3دور الجمعيات الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم :جمعية النجاة الخيرية
الكويتية أنموذ اجا للدكتور /بدر محمد العـليوي محاضر بقسم الفقه وأصول الفقه،كلية الشريعة
والدراسات الإسلامية ،جامعة الكويت .والدكتور /بدر محمد العازمـي محاضر بقسم التفسير
والحديث ،كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ،جامعة الكويت.
-4استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي للدكتور /هشام بن سعيد أزهر
عضو هيئة التدريس بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية ،كلية الآداب والعلوم الإنسانية،
جامعة الملك عبد العزيز بجدة ،المملكة العربية السعودية.
-5العلاقة بين الفقه والطب للأستاذة الدكتورة /منيرة بنت عواد المريطب ،قسم
الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
-6تقنية المعلومات وأخلاق المهنة للدكتور /أكرم محمد زكي الجامعة الإسلامية
العالمية بماليزيا ،كوالالمبور ،ماليزيا .والأستاذ الدكتور /محمد زكي خضر الجامعة الأردنية،
عمان ،الأردن.
-٧ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة للدكتور /محمد شكيب
القاسمي مدير مجمع حجة الإسلام بالجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند ،الهند.
-8دعوى تناقض القرآن الكريم والرد عليها للدكتور /محمد إبراهيم الشربيني
صقر ،الأستاذ المساعد /بالكلية الجامعية الإسلامية ببهانج السلطان أحمد شاه بماليزيا.
-9دور المساجد في خدمة المجتمع المسلم من منظور القرآن والسنة :دراسة
موضوعية تحليلية للباحثة /منال أحمد الججَُبّة طالبة الدكتوراه بقسم دراسات القرآن والسنة،
م
كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية ،الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا .والأستاذ الدكتور/
محمد أبو الليث الخيرآبادي بروفسور بقسم دراسات القرآن والسنة ،كلية معارف الوحي
والعلوم الإنسانية ،الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.
-١٠أثر مبادئ التمويل في البنوك الإسلامية على التنمية الاجتماعية للباحث
نعيم حنك ،أكاديمية الدراسات الإسلامية ،جامعة ملايا الوطنية – ماليزيا.
-١١اختلال منهج المستشرق وليم ميور في كتابة السيرة النبوية د .عبد الصمد
شيخ ،الأستاذ المساعد بقسم الحديث وعلومه في كلية أصول الدين ،الجامعة الإسلامية
العالمية بإسلام آباد.
والجدير بالذكر أن اللجنة العلمية للمؤتمر ارتأت أن تجعل جميع الأبحاث العربية
المقبولة في المؤتمر ،على نمط واحد ،من حيث علامات الترقيم للآيات ،والأحاديث،
والنصوص الأخرى ،وكتابة المصادر والمراجع في الهامش والفهارس.
وأخيرا ،وليس آخرا ،نرجو من الله العلي القدير أن يوفقنا نحن أساتذة الجامعة والمسجد
لهذا المؤتمر ،وإسعاف طلبة العلم بأحدث البحوث وأرقاها .وبالله التوفيق والهداية.
أ .د .محمد أبو الليث الخير آبادي
رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر
11أخرجه أحمد في مسنده ،ج ،3٧ص ،8٢رقم٢٢39٧؛ وأبو داود في سننه ،ج ،٢ص،5١4
رقم 4٢9٧وصححه الشيخ الألباني في تعليقه عليه .والغثاء :ما يحمله السيل من وسخ.
ن
الأول الفصل
نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير المفاهيم
الأستاذ الدكتور محمد أبو الليث الخيرآبادي1
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من
يهده الله فلا مضل له ،ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله ،وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وحجة على الخلق أجمعين .صلى الله عليه وعلى آله
وأصحابه ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد! فإن المناداة بتجديد الفكر الإسلامي ،أو تطوير المفاهيم الإسلامية ،أو
تحديث الإسلام ،أو إسلامية المعرفة ،أو الإسلام الحضاري ،أو ما شابه ذلك من الأسماء
والعناوين ،هذا كله ليس أمرا جديدا علينا ،ولم يكن علماؤنا غافلين عن ذلك ،ولكن كان
ذلك بأسماء أو عناوين يستشف منها صفاء قلوب أصحابها ،وإخلاصهم لدينهم ،وعدم
خنوعهم أمام الباطل ،مثل الاستحسان ،أو المصالح المرسلة ،أو فقه النوازل ،أو تغير الأحكام
بتغير الزمان ،أو السياسة الشرعية ،أو المقاصد الشرعية ،فهذه الأسماء أو العناوين تدل على
وضوح أفكار أصحابها دون لف أو دوران .وثانيا أن أصحابها كانوا أصحاب التخصص
الإسلامي الدقيق ،وفرسان هذا الميدان ،لذلك كانت أفكارهم تقابل في المجتمع الإسلامي
بالقبول والترحاب ،دون أي حرج أو ضيق نفس.
أما عناوين اليوم مثل تجديد الدين ،وتحديث الإسلام ،وتجديد الفكر الإسلامي،
وتطوير المفاهيم الإسلامية ،وإسلامية المعرفة ،والإسلام الحضاري ،وما شابه ذلك من الأسماء
والعناوين البَّراقة ،فهي أولاً تحمل في طياتها الكثير والكثير من الغموض ،والاستسلام للباطل،
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
وثانياً أن أصحابها هم ليسوا أصحاب الشريعة ،بل أصحاب العلوم الإنسانية ،من السياسة،
أو الاجتماع ،أو الطب ،أو النقابات ،أو أصحاب الأفكار المنحرفة مثل القاديانيين ،أو
القرآنيين ،أو الليبراليين ،لذلك أصحابها واطروحاتهم أو أفكارهم حول التجديدكانت تقابل
بكثير من التحفظ وهواجس النفس ،بل ربما بالرد والرفض.
نحن لا نشك في أن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان ،وفي فقهه صلاحية
لمسايرة العصر ،ولكن بشروطه ،لا بإملاء من الغير ،لقد مضى على بعثة رسولنا المصطفى
ﷺ أكثر من أربعة عشر قرنا ،واكتمل نزول القرآن ،كما اكتمل صدور الحديث عنه ﷺ،
وبعد وفاته ﷺ لا نزول القرآن ،ولا صدور حديث ،ولكن هل هذا يعني أن أي جديد في
حياة الإنسان ،تضمنته تعليمات الإسلام ،وأي فكر حادث حدث اشتملت عليه توجيهات
الإسلام ،قلنا :نعم ،كما قال تعالىَ﴿ :ونََّزلْنَا عَلَْي َك الْ ِكتَا َب تِْبيَاناً لِ ُك ِل َش ْيٍء﴾
[النحل ]89:ولا يتحقق كون القرآن تبيانا لكل شيء إلا مع السنة كما قال الإمام
لكل ما جاء عن الرسول من أحكاٍم الأقورآمِبنيِنٍةعل.ىولااتبايتع احلقرقسوكلو ُنمتالضق ِرمآٌنن الشافعي" :إن ن َّص
تبياناً لكل شيء ،بغير هذا التأويل، جديدةٍ ،أو مؤكِدةٍ،
ولا يمكن تفسيره" .2ولكن هنا يجب علينا أن ننتبه ولا ننساه ،ولا نتغاضى عنه ،أن في
الإسلام ثوابت ،لا تتغير مهما تغير الزمان والمكان ،ومتغيرات ،وهي تتغير بغير الزمان
والمكان ،ولكن بضوابط وقواعد حددها علماء الأصول والفقه.
ثوابت الإسلام التي لا تتغير:
ثوابت الإسلام التي لا تتغير مهما تغير الزمان والمكان ،هي ما يلي:
أ -العقائد فإنها ثابتة إلى الأبد ،ولا تتغير أحكامها إلا في حالة واحدة ،وهي حالة
الاضطرار.
ب -العبادات الأصول منها مثل الطهارة الواجبة ،والفرائض من الصلاة والصوم والحج
والزكاة .فهي لا يتغير حكمها وعددها وطريقة أدائها ،إلا ما يعتري على طريقة أداء بعضها
من تغير في حالة الأعذار.
2
الأول الفصل
ج -المبادئ العامة للأنظمة الإسلامية في المعاملات والحكم والقضاء وغيرها .مثل مبدأ
الشورى .ومبدأ حل البيع والشراء والشركة والإيجار والإعارة والعدل والمساواة في الحقوق
وغيرها .ومبدأ حرمة أكل المال بالباطل مثل الربا والرشوة والسرقة والنهب والظلم .ومبدأ
حل النكاح والطلاق والخلع والعدة .ومبدأ حرمة العلاقات الجنسية غير الشرعية مثل الزنا
واللواط وال َّسحاق .ومبدأ الحدود والقصاص ،وغير ذلك من المبادئ الكثيرة غير المتغيرة.
د -الأخلاق والقيم مثل جمال الصدق والأمانة والعفة والشجاعة والحلم والكرم وغيرها
من الأخلاق الحميدة .ومثل قبح الكذب والخيانة والدناءة والجبن والبخل وغيرها من
الأخلاق الذميمة .فهذه لا يتغير جمالها أو قبحها تأثراً بالزمان والمكان ،إلا في الحالات التي
أبيح فيها الكذب للمصلحة ،وهذه الحالات معروفة ومتعينة لا يقاس عليها.
اَواَّّلللِفتتَْبحهِد:ي-لً3االَ2و]لَس.نننوتَقِجااَلدلإللِ:هيُسَةنّ﴿َ.وَِلتفااقََّتَّلدِجلُِدقتَاْحلِِوليُسلًَنّتاتِنَعاا﴾لتَى[ْح:فِاويلًطا﴿رَ:ولَ﴾3ن[ا4لتَ]ِإجفَدسطراللِءوُ:سَنعِّ7ةال7اَ]َّشّل.لِم تَوقْبساِديمللً:نا ال﴾م﴿فَشلَ[ارنلقأتَِجحوَزادغرلِوببهُ:سَانّ2فِت6ي
المغرب ،وخلق الإنسان والحيوان من تلقح نطفة الذكر ببويضة الأنثى ،ونزول المطر ،وتناوب
المواسم الصيف والشتاء ،والربيع والخريف ،وغيرها من السنن الإلهية التي لا تأثير للزمان
والمكان فيها .فلا تتغير ،ولا تتبدل إلا إذا شاء الله بقدرته وإرادته.
و -القضايا الخاصة بالنبي ﷺ مثل وجوب قيام الليل عليه ،ووجوب الضحى عليه،
وجواز صوم الوصال له ،وعدم التزوج على بناته في حياتهن من امرأة أخرى ،وغيرها.
فعدم تأثير تغير الزمان والمكان في هذه الأمور يدل على أنها لات من الثوابت التي لا
تتغير ،ولا تأثير لتغير الزمان والمكان فيها أيما تأثير ،إلا في حالات الاضطرار؛ لأن في ثبات
اتولبعنتابئكرتههاالعأالملوىشرريدحععمةاائياَمةًلإلملسكلميانمجٍةيتةمراعسصاالخلإٍحةةًسللاُاممتْصعيلِصَحمةًنفلابلكهاانلهايالزأمراهنوواالءوذمووبتاكقالنبنا،،وتوعلالمكملجتالًمبعيعلئ،ةىواوهمجسذتتهقمارالعث،رواابلوتفيتشركقيلدع
بلد ومدينة وقرية.
المتغيرات التي قد تتغير:
3
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
وبجانب ثوابت الإسلام هناك أمور َمِرنة قد تتغير بتغير الزمان والمكان ،وهي:
أ -ما كان تفريعاً على العبادات الأصول ،أو تطبيقاً للمبادئ السابقة ،كما سيأتي لها
بعض الأمثلة في الآتي إن شاء الله تعالى.
ب -ما كان من أوامر النبي ﷺ الموجهة إلى أمراء الأمصار وقادة الجنود ،واختيار
السفراء ،وتنظيم الجيوش ،ووضع الخطط الحربية ،وتوزيع الإقطاعات في القرى والمدن ،وتفريق
أموال بيت المال على المصالح ،وإبرام المعاهدات ،وتحديد التعازير وتنفيذها ،وطرق تنفيذ
الحدود والتعازير ،وتحديد الوقت وحالة المحدود لإجرائها ،وغيرها.
ج -ماكان منها على سبيل التجارب البشرية ،أو الأعراف والعادات ،مثل البعض من
أحاديث الطب وغيرها من أمور الدنيا.
د -الأفعال الجبلبة للنبي ﷺ والعادية ،والأوامر الإرشادية مثل الأكل والشرب والمشي
والنوم وهيئتها ووسائلها ،وغيرها.
هذه الأمور من المتغيرات التي تمثل مرونة الشريعة الإسلامية ،والتي تُِرَك ْت أحكاُمها
وأعرافهم ،مع مراعاة اللاقجواتعهادداالعتامالةفلقلهاشءريعواةساتلنبتايطتانتهِفميتباعلاًح لرلجظروالومشفقةوا،لأوحتبواِنيل،الأوعحوائكادمالنعالىس
اليسر والسعة ،وقد
أوجبت الشريعة في هذا القسم مراعاة مصالح الناس واحتياجاتهم .والأحكام التي تخلفت -
مع مرور الزمن وتغير الأحوال والأعراف -عن تحقيق هذه المصلحة لم تَعُ ْد صالحةً للتطبيق
في ظل الظروف والأوضاع الجديدة ،والحكم -كما هو معلوم -يدور مع علته وجوداً
وعدماً ،ولهذا رأينا كثيراً من الفقهاء المتأخرين من المذاهب الفقهية يفتون بغير ما أفتى به
أئمة مذاهبهم ،وقد صرح هؤلاء المتأخرون بأن سبب اختلاف فتواهم عمن سبقهم هو
"اختلاف عصر وزمان ،وليس اختلاف حجة وبرهان".3
ضوابط تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان:
الأمور التي تمثِل مرونة الشريعة الإسلامية ،والتي تُِرَك ْت أحكاُمها لاجتهادات الفقهاء
واستنباطاتهم تبعاً ،والتي قد تتغير أو تتطور ،هي خاضعة لضوابط؛ لأن ضوابط الشيء تعتبر
4
الأول الفصل
الصمام الواقي عن طغيان جان ٍب له على جانب ،أو إهمال جانب منه دون آخر .والناس
في التعامل مع أحكام الشريعة على جانبي التفريط والإفراط :فمنهم من يظن :أن السنة –
مثلا -ما هي إلا تطبيق للقرآن في ضوء ظروف وقت نزوله ،وانقضت تلك الظروف،
فانتهت فعالية السنة ،ولم تعُ ْد حجةً قائمةً الآن .ومنهم من يقول :إنها ليست تابعة للواقع،
ولا هي خاضعة للظروف ،وإنما هي بجميع جزئياتها ووقائعها دائمة أبدية خالدة.
والأمر ليس هذا ولا ذاك ،فإن هناك سنناً ثابتة ،وسنناً تابعة للظروف والحالات،
فتحاشياً هذا الإفراط وذلك التفريط يجب أن يبحث لها عن صمام يقي الأمة من التلاعب
الشهوي بها ،أو التقديس الجامد لها ،متمثلاً في ضوابط لمراعاة الزمان والمكان ،وها نحن قد
حاولنا ذلك ،وأتينا بهذه الضوابط إيماناً منا "بأن التصرفات النبوية متنوعة ،وأنها ليست على
نسق واحد ،ولا في مرتبة واحدة من حيث جهة صدورها عن النبي ﷺ ،ومن حيث حكمها
الشرعي" ،4متوصلاً إليها من خلال الأمثلة الكثيرة من واقع السنة وتفاعلات المحدثين من
الصحابة وغيرهم من علماء الأمة الإسلامية معها ،وتنزيلهم إياها على أرض الواقع.
الضابط الأول :الضرورات الشرعية وحالات الاستثناء:
الضرورة هي "أن تطرأ على الإنسان حالةٌ من الخطر أو المشقة الشديدة ،بحيث يخاف
حدوث ضرر أو أذى بالنفس ،أو بالعضو ،أو بالعرض ،أو بالمال ،وتوابعها ،ويتعين أو يباح
حينئذ ارتكاب الحرام ،أو ترك الواجب ،أو تأخيره عن وقته ،دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه،
ضمن قيود الشرع".5
ومبدأ الضرورة الشرعية ثابت من القرآن ﴿فََم ِن ا ْضطَُّر َغْيرَ بَا ٍغ َوَلا َعاٍد فَلَا إِْثَ َعلَيِْه﴾
[البقرة ،]173:والقاعدة الفقهية تقول" :الضرورات تبيح المحظورات" ،6إلا أن "ما أبيح
للضرورة يقدر بقدرها".7
وأما السنة فقد وجدنا أن الرسول ﷺ حكم بهذه القاعدة ،فأباح ما كان حراماً ،أو
استثنى من القاعدة ما استثنى ،أو خصص من العام ما خ َّصص ،أو قَيّد من المطلق ما قَيّد،
ورَّخص ما رَّخص ،وتلك الوقائع ليستكلها على مستوى واحد من الضرورة ،فبعضها من
قبيل الضرورات ،وبعضها من قبيل الحاجيات ،والبعض الآخر من قبيل التحسينيات ،مثل
5
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
إََِوّللجَهاُوْامَمز َعْانلَذناأُطْكٌبِقرهَ بَعَوكِقظَليْلبٌُممهُا﴾ُمت[طاْاللَنمئِكٌحّنفرلبِ:اْلعِإني6مَدا0اِنل1إ]َوكلَ.راِكهوأنكعَّمدمهلناًالنبَشبقَريولَحهبِتاﷺلْعاأُكليْفىِر:ضاً ف﴿َصيَمْدمًانرا َركفَوَفعََلَرىْيِبهِاعَْمبَّّليلِدَغِمالَضنله بٌَببْعنِِمد َإنِعيمَمااَنَّرِّلِولهِ
الرقي ،عن عبد الكريم ،عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ،عن أبيه قال" :أخذ
المشركون عمار بن ياسر ،فلم يتركوه حتى سب النبي ﷺ وذكر آلهتهم بخير ْث تركوه ،فلما
أتى رسول الله ﷺ قال« :ما وراءك؟» قال :شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك
وذكرت آلهتهم بخير .قال« :كيف تجد قلبك؟» قال :مطمئن بالإيمان .قال« :إن عادوا
فعد» .8قلت :النطق بالكفر ،أو سب النبي ﷺ ،أو ذكر آلهة المشركين بخير ،كلها من
قضايا العقائد ،لا يجوز في الحالات العادية ،ولكن يجوز تحت ضغط الظروف القاسية مثل
الإكراه بالقتل أو نحوهكما قال الله تعالى ،وأكده النبي ﷺ بقوله« :فإن عادوا فعد» ،وليس
ذلك إلا لأن حياة الإنسان لها قيمة يجب الحفاظ عليها ،فمن أراد أن ينقذ حياته به جاز
له ذلك ،ومن أراد العمل بالعزيمة فله أجره.
وهناك أمثلة أخرى مثل بول الأعرابي في المسجد ،وإباحة الرسول ﷺ لبس الحرير لعبد
الرحمن بن عوف والزبير بن العَّوام رضي الله عنهما ،لحَ َّكٍةكانت بهما ،بعد تحريمه على الرجال
كما هو معروف.
الضابط الثاني :ما أنيط بأوصاف متغيرة فيتغير بتغيرها:
لقد تبين باستقراء الشريعة ،وباعتبار عمومها ودوامها أن مقصدها الأعظم نَْو ُط
أحكامها المختلفة بأحوال وأوصاف مختلفة تقتضي تلك الأحكام .وتغير الأحوال
والأوصاف سنة إلهية في الخلق لا تتغير ،ولا تتخلف أبداً .فهذا يوجب أن تتغير الأحكام
بتبدل الأوصاف المرتبطة بها ،مثل ما روي عن النبي ﷺ من النهي عن التقاط الإبل الضالة،
قال« :ومالك ولها ،معها سقاؤها وحذاؤها ،ترد الماء ،وترعى الشجر ،فذرها حتى يلقاها
ربها» .9فعملاً بهذا الحديث لم تكن الضوال تلتقط ،وكان الأمر عليه طوال عهد الرسول
ﷺْ ،ث عهد أبي بكر الصديق ،وعهد عمر بن الخطاب ،حتى خلافة عثمان بن عفان،
،فرأى أن ذلك النهي منوط بوصف قد يتغير ،وهو كونه في حفظ وأمان .فلما رأى
6
الأول الفصل
النا َس قد د َّب إليهم الفساد ،وامتدت أيديهم إلى الحرام بدل الحكم ،فكان ما يرويه ابن
شهاب الزهري يقول" :كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلاً مؤَبّلة 10تَنَاتج،
لا يم ُّسها أحٌد ،حتى إذاكان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفهاْ ،ث تباع ،فإذا جاء صاحبها
مبدأ التقاط الإبل في وافقه عنهم) أبي طالب (رضي الله أن علي بن ثمنَها" .11إلا أُحعفِطظَايً
إن جاء -ضرر به - ثمنها وإعطاء أنه قد يكون في بيعها ولكنه رأى لها لصاحبها،
لأن الثمن لا يغني غناها بذواتها ،ومن ْث رأى التقاطها والإنفاق عليها من بيت المال حتى
إذا جاء ربها أعطيت له.12
فما فعله عثمان وعلي رضي الله عنهما لم يكن مخالفةً منهما للنص النبوي ،بل
هو نظٌر أ َّن حكمه ﷺ منوط بحالة تغيرت ،فحيث تغيرت أخلاق الناس ،ودب إليهم
فساد الذمم ،وامتدت أيديهم إلى الحرام كان ترك الضوال من الإبل والبقر إضاعةً لها،
وتفويتاً لها على صاحبها ،وهو لم يقصده النبي ﷺ قطعاً حين نهى عن التقاطها،
فكان درء هذه المفسدة متعيناً.13
ومثل امتناع النبي ﷺ عن التسعير .عن أنس قال :قال الناس :يا رسول الله! غلا السعر
فسعِر لنا .فقال رسول الله ﷺ« :إن الله هو الم َسعِر القابض الباسط الرازق ،وإني لأرجو أن
ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ،ولا مال» .14سياق الحديث وألفاظه يدل
على أن امتناعه عن التسعير كان مرتبطاً بوصف قد يتغير ،وهو أنهم كانوا في حالة غلاٍء
طبيع ٍي نتيجةَ قانوِن العرض والطلب ،أو لقلة الشيء وكثرة الخلق ،لا نتيجةً لصنع التجار
وتلاعبهم ،لهذا قال النبي ﷺ« :إن الله هو المسعِر القابض الباسط» مشيراً إلى أن ندرة
الأشياء وغلاءهاكان بصنع الله وقدره ،لا بتلاعب المتلاعبين ،واحتكار المحتكرين ،لا سيما
أن المجتمع آنذاك كان بسيطاً في معاملاته ،وكان مثالياً في أخلاقه وسلوكه بالنسبة إلى أي
مجتمع بعده.
وأما إذا تعَّقد المجتمع وتغَيّر الناس ،وكثر الطامعون والمتلاعبون بالأسواق فليس في
الحديث ما يمنع التسعير على هؤلاء ،ولا يَُع ُّد ذلك مظلمةً يُخ َشى منهاكما خشي النبي ﷺ
ذلك في عهده ،بل تْرُك جماهير الناس لأهواء التجار الجشعين هو المظلمة التي يجب أن
7
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
تتفادى ،وهو الضرر الذي يجب أن يدفع .وهذا الذي فهمه فقهاء التابعين ،وأفتوا بجوازه،
وأخذ به المالكية والحنفية ،ورجحه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ،15وبذلك هم تعاملوا مع
الظروف المقاصدية في هذه القضية.
وغيرهما من الأمثلة.
الضابط الثالث :ما ارتبط بمصالح متغيرة يتغير بتغيرها:
لقد راعت الشريعة الإسلامية المصالح في كل جزئياتها ،بل هي كما يقول الشاطبي:
"إنما شرعت لمصالح العباد ،فالتكليف كله إما لدرء مفسدة ،وإما لجلب مصلحة ،أو لهما
معاً ،فالداخل تحته مقتضى لما وضعت له" .16والمصالح في هذه الدنيا من حيث تج ُّددها
وكثرتها لا تعد ولا تحصى ،وجمهور الفقهاء متفقون على أن المصلحة معتبرة في الأخذ
بالأحكام الفقهية ،ما دامت ليست تابعةً لشهوة ولا هوى ،وليست معارضةً للنصوص،
ومناهضةً لمقاصدها .والسبب في ذلك -على ما يظهر للدكتور مصطفى شلبي -17أن هذا
النوع من الأحكام مفوض لرأي الرسول ﷺ باعتباره إماماً للمسلمين .ومن تتبع أحوال
الرسول ﷺ في أجوبته للسائلين وجده لم يسلك فيها مسلكاً واحداً:
فتارةً ينتظر الوحيكما في قصتي الظهار واللعان وغيرهما .وأخرى يجيب من غير انتظاره،
وفي هذا قد يْنزل الوحي ببيان خطئه ومعاتبته كما في مسألة أخذ الفداء والإذن للمعتذرين
في بعض الغزوات.
وقد يرجع هو من غير أن يْنزل عليه الوحي كما في همه بالنهي عن الغيلة ،18وهمه
بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة .وكثيراً ما نراه ﷺ يجيب بأجوبة متنوعة
عن سؤال واحد إذا اختلف السائلون ،وأكثر ما يكون ذلك في أفضلية الأعمال ،كما
وجدناه في كثير من المواطن يشاور أصحابه ويأخذ بأصوب الآراء .وقد ثبت عنه الإذن
للمفتين الذين يرسلهم إلى البلدان بأن يفتوا باجتهادهم حسبما يظهر لهم ،ولم يقيِدهم
بالنصوص ،أو بالرجوع إليه فيكل ما يَعِ ُّن لهم ،كما في قصة معاذ وعلي رضي الله عنهما.
كل ذلك يهدينا إلى أن المولى جل وعلا فَّوض إليه الحكم فيكثير من الأشياء ،وخاصة
ما يتعلق بالهيئة الاجتماعية كالمعاملات والعادات وما شابههما حسبما يراه ملائماً
8
الأول الفصل
للمصلحة ،وهو مع ذلك لم يخرج عن كونه شرعاً أصله محكم لا يتبدل ،والذي يتبدل فيه
إنما هو التطبيق فقط .فلكل حادثة حكم أصلي عام وهو يح ِصل المصلحة ،وعدة أحكام
جزئيةكل واحد منها يلائم حالةً خاصةً.
والأمثلة على هذه النقطة من السنة ما يلي:
-1منع النبي ﷺ عن قطع الأيدي في الغزو.19
مع أن قطع يد السارق ،أو تعزير شارب الخمر بالضرب ،أمران مقطوع بهما قانوناً
وعملاً ،وذلك لأن اختيار وقت إجراء الحدود على مجرميها منوط بمصالحهم ومصالح الدولة،
كما أشار إلى ذلك عمر بن الخطاب (رضي الله عنهم) ،كتب إلى الناس" :ألا يجلدن أمير
جيش ،ولا سرية ،ولا رجل من المسلمين حدا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلا ،لئلا تلحقه
حمية الشيطان ،فيلحق بالكفار".20
وقال علقمة :كنا في جيش في أرض الروم ،ومعنا حذيفة بن اليمان ،وعلينا الوليد بن
عقبة فشرب الخمر ،فأردنا أن نحده ،فقال حذيفة" :أتحدون أميركم ،وقد دنوتم من عدوكم؛
فيطمعوا فيكم".21
اتضح أن المصلحة هي خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى الله من تعطيله أو
تأخيره؛ من لحوق صاحبه بالمشركين حميةً وغضباً إن كان رجلاً عادياً ،أو طمع العدو فيه
إنكان أميراً أو قائداً.
وتأخير النبي ﷺ تنفيذ حد الزنا على المرأة الغامدية الحامل لحين تلد ويفطم الولد.
وتقسيم النبي ﷺ نصف خيبر بين الفاتحين ،وذلك في شدة حاجة المسلمين في عهده،
ولكن عمر (رضي الله عنهم) لم يقسم ما فتحه من أرض الشام والعراق ومصر وغيرها،
ورأى إبقاءه في أيدي أربابه ،ويفرض الخراج على الأرض ليكون مدداً دائماً لأجيال
المسلمين ،قال في ذلك ابن قدامة الحنبلي" :وقسمة النبي ﷺ خيبر كان في بدء الإسلام
وشدة الحاجة ،فكانت المصلحة فيه ،وقد تعينت المصلحة فيما بعد ذلك في وقف
الأرض فكان ذلك هو الواجب".22
الضابط الرابع :ما بني على الأعراف والعادات فيتغير بتغيرها:
9
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
لا شك في أن للعرف والعادة سلطاناً أيما سلطان ،وقد اعترفت الشريعة الإسلامية بهذا
السلطان ،وراعته في أحكامها ،ورأينا في السنة أحكاماً تغيرت بعد عصر النبي ﷺ؛ لأنها
الأعراف والعادات فتغيرت الأحكام ،منها: والعادات ،فتغيرت على الأعراف كانت مبنيةً
قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغَُّرةٍ عب ٍد «أن رسول الله ﷺ رواه أبو هريرة -1ما
توفيت« ،فقضى رسول الله ﷺ أن ميراثها قضى عليها بالغرة إن المرأة التي أو أمٍة»ْ ،ث
لبنيها وزوجها ،وأن العقل على عصبتها» .23فقضاؤه ﷺ بالدية على عاقلة الجاني -وهم
عصبته -في قتل الخطأ وشبه العمد ،كان في زم ٍن كان العرف فيه أن العصبة محور النصرة
والمدد.
ولذلك لما كان زمن عمر (رضي الله عنهم) جعلها على أهل الديوان ،على أساس أن
العاقلة هم الذين ينصرونه ويعينوه من غير تعيين ،فإن كان في زم ٍن -كما كان في زمنه
ﷺ -الناصر والمعين هو الأقارب فالدية عليهم ،وإن كان في زم ٍن غيَرهم فالدية عليهم،
فلذلك لما وضع عمر (رضي الله عنهم) الديوان كان معلوماً أن جندكل مدينة ينصر بعضه
بعضاً ،ويعين بعضه بعضاً؛ وإن لم يكونوا أقارب ،فكانوا هم العاقلة ،وأنها تختلف باختلاف
الأعراف والعادات ،وإلا فرجل قد سكن بالمغرب وهناك من ينصره ويعينه ،كيف تكون
عاقلته َم ْن بالمشرق في مملكة أخرى ،ولعل أخباره قد انقطعت عنهم .ولكن الميراث يمكن
حفظه للغائب فإن النبي ﷺ قضى في المرأة القاتلة أن عقلها على عصبتها ،وأن ميراثها
لزوجها وبينها ،فالوارث غير العاقلة.
ومثل ما قال ابن مسعود (رضي الله عنهم)« :لعن الله الواشمات ،والموتشمات،
والمتنمصات ،والمتفلجات للحسن ،المغيرات خلق الله» .24وقال ابن عمر« :إن رسول الله
لعن الواصلة والمستوصلة .25»...
قال ابن عاشور في معرض حديثه عن العوائد" :إن تحريم وصل الشعر وتفليج الأسنان
والوشم في حديث ابن مسعود من هذا القبيل؛ فإن الفهم يكاد يضل في هذا؛ إذ يرى ذلك
صنفاً من أصناف التزين المأذون في جنسه للمرأةكالتحمير والخلوق والسواك ،فيتعجب من النهي
10
الأول الفصل
الغليظ عنه"ْ .ث قال" :ووجهه عندي ...أن تلك الأحوالكانت في العرب أمارات على ضعف
حصانة المرأة ،فالنهي عنها نهي عن الباعث عليها ،أو عن التعرض لهتك العرض بسببها".26
فيرى ابن عاشور أن وصل الشعر والوشم وتفليج الأسنان والتنمص هو مما تتزين به
المرأة ،فهو عنده مثل التحمير والخلوق والسواكْ ،ث فسر الحديث في ضوء العرف القائم
آنذاك في العرب بأن هذه الأشياء كانت تمارسها الفواجر اللاتي لم تكن لهن الحصانة،
فأصبحت هذه الأشياء أمارات لهن ،فنهيت النساء المحصنات عن ذلك منعاً لتعريض
أعراضهن للهتك ،ولذلك قال بعض الحنابلة" :إن كان النمص أشهر شعاراً للفواجر امتنع،
وإلا فيكون تَنْزيهاً" .27قلت:كما تعمل الممثلات السينمائيات والفواجر في زماننا .لعل ابن
عاشور على الصواب في هذا التوجيه للحديث لأن العلماء لم يأخذوا به على عمومه ،فقد
قال الشافعية والحنابلة :يجوز للمرأة التي لها زوج أن تصل شعرها بالشعر الطاهر من غير
الآدمي بإذن زوجها.28
وقال الإمام النووي" :يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحيةٌ أو شار ٌب أو َعْن َفَقةٌ
فلا يحرم عليه إزالتها ،بل يستحب" .29وقال العلماء" :ويجوز الحف والتحمير والنقش
والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة".30
الضابط الخامس :ما ارتبط بالزمان والمكان فيتغير بتغيرهما:
وكذلك ما ارتبط من أحكام السنة بالزمان أو المكان رأينا أنها تتغير بتغيرهما ،مثل:
ما روي في رؤية الهلال للصوم والفطر :عن أبي هريرة (رضي الله عنهم) أن النبي ﷺ
ُغ ِم َي
«فأكملوا رواية: وفي العدد». فأكملوا عليكم فإن لرؤيته، «صوموا لرؤيته ،وأفطروا قال:
شعبان ثلاثين».31 عدة
هذا الحديث من أوضح الأمثلة على أن الأمر برؤية الهلال لصوم رمضان ،ولإفطاره
كان مرتبطاً بزما ٍن لم يكن فيه للقطع ببداية رمضان أو فطره إلا هذه الطريقة ،لأنها التي
كانت ممكنة مقدورة لجمهور الناس ،دون عناء أو مشقة ،فجرى ذكرها على لسان الشارع
عليه الصلاة والسلام ،على أنها الواقع المحسوس الملموس لدى الجميع ،لا على أنها قيد
11
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
احترز به عن غيره ،كالحساب الفلكي الذي هو أبعد عن احتمال الخطأ والوهم والكذب
في دخول الشهر ،وهو الآن ميسور غير معسور ،بفضل وجود علماء وخبراء فلكيين
متخصصين على المستوى العالمي.
فإذاكان دخول الشهر برؤية الهلال ممكناً بإخبار شخص واحد عند الجمهور ،أو اثنين
عند آخرين ،والذي لم يبلغ درجة القطع واليقين ،فدخوله يكون ممكناً من باب أولى بإخبار
متخصصين في الفلكيات الذي هو في درجة القطع واليقين .32وفيه قط ٌع لدابر الخلافات
التي تحدث فيكل رمضان وعيد الفطر ،خاصة في بلاد الهند.
ومثل نهيه ﷺ عنكتابة الأحاديث فيما قال« :لا تكتبوا عني ،ومنكتب عني غير القرآن
فليمحه» ،33كان هذا النهي عاماً لكل الصحابة ،وكان السبب الملموس لذلك الخشيةَ من
التباس القرآن بالحديث ،وتركيز العناية على القرآن ،وحثهم على حفظ الحديث في الصدور طالما
أنه المصدر الثاني بعد القرآن للتشريع ،فماذا وراء موافقته علىكتابة بعض الأحاديث لبعض
الصحابة؟ فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنهم) قال" :ما من أصحاب النبي
ﷺ أحد أكثر حديثا عنه مني ،إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ،فإنه كان يكتب ،ولا
أكتب" .34وقال عبد الله هذا" :كنت أكتبكل شيء أسمعه من رسول الله ﷺ ،أريد حفظه،
فنهتني قريش وقالوا :أتكتبكل شيء تسمعه ورسول الله ﷺ بشر يتكلم في الغضب والرضا،
فأمسكت عن الكتاب ،فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ ،فأومأ بأصبعه إلى فيه ،فقال« :اكتب،
فوالذي نفسي بيده! ما يخرج منه إلا حق» .35وقدكتب عبد الله بن عمرو ألفاً من الأحادث
في صحف سماها (الصحيفة الصادقة) ،وبقيت هذه الصحيفة في عائلته ،فكان حفيده (عمرو
بن شعيب) يحدث على أساسها ،ويروي أحاديثها ،وقد ض َّمن بعضها الإمام أحمد بن حنبل
مسنده.
وروى البخاري ومسلم أن أبا شاه اليمني التمس من الرسول ﷺ أن يكتب له شيئا مما
سمعه منه في خطبة فتح مكة في حقوق الإنسان ،فأذن وقال« :اكتبوا لأبي شاه»
.36
12
الأول الفصل
هناك كثير من الأخبار الصحيحة تدل على أن بعض الصحابة كتبوا أحاديث ،وأن
الرسول ﷺ كان يأذن لهم في ذلك ،وما ذاك إلا لوثوقه بدقة هؤلاء ،وعدم خوف الالتباس
عليهم ،في حين كان النهي لمن يخشى ،أو يُخشى عليه الالتباس ،وهذا يعني أن النهي كان
لعلة مفهومة مقدرة ،فإذا زالت العلة عند شخص ارتفع النهي وزال المنع ،وبعبارة أخرى:
هذان الموقفان من الإذن والنهي لم يكونا إلا لظروف المأذون لهم بالكتابة من أمنهم الالتباس،
ولظروف المنهيين عنها مخافة الالتباس عليهم.
الضابط السادس :ما صدر عنه ﷺ سداً للذرائع:
إن الأصل في اعتبار سد الذرائع لتغيير الأحكام إنما هو النظر إلى مآلات الأفعال ،فإن
كانت تتجه نحو المصالح كانت مطلوبة بمقدار ما يناسب طلب هذه المصلحة؛ وإنكانت
لا تساويها في الطلب .وكذا إن كانت مآلاتها تتجه نحو المفاسد فإنها تكون محرمة بما
يتناسب مع تحريم هذه المفسدة.كما أن النظر في المآلات لا يكون بحسب مقصد الفاعل،
بل بحسب نتيجة العمل وثمرته .وهذه القاعدة قد وجدنا لها حضوراً لا بأس به في الحديث
والفقه ،منه:
-1امتناع النبي ﷺ عن قتل المنافقين :قدكان النبي ﷺ يعلم بأعيان بعضهم؛ لأن الأمة
كانت في حالة ضعف،كانت في حاجة إلى منعة وقوة ،إلىكسب عددكبير من الأتباع والأنصار،
مما تطلب منه تحاشي أي عمل يخشى منه شق عصا الأمة الفتيةْ ،ث قتلها في مهدها ،لذلككانت
سياسته عليه الصلاة والسلام تجاهه سياسة تأليف قلب ،وسياسة ممالاة ،بغية تقليص ضرره على
الأمة ،وإبعاد التهمة بقتل أصحابه عن نفسه،كما قال لعمر« :دعه ،لا يتحَّد ُث النا ُس أن محمداً
يَقتُل أصحابَه» ،37خشية أن يقع بسبب ذلك تنفير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام،
حيث يأخذون بظواهر الأمور ،ولا يعلمون بواطنها.
َِفنْْيلَِﷺبهِْئاِرعُرنَذءُْروقَوتاُسَلن،الَلبِفَْيََّشقديَاابَلِطنيَرانُلسأ»و.عُل قاُصَْلَّّلملِاُتل:ذﷺيَاي:
-2ومن هذا القبيل ما روته عائشة في امتناع النبي
َوَو َضَعهَ الطَْحلَِْنِّاعِءَ،نْلَأٍَةْوذََكَكأٍَرَّن، َو ُج ِف «سيَاحرهَعاِئِفيَشةُُم!ْشَكٍأَط َّنَوُمَماَشءَاَهطَاٍة
ُرءُو َس نَُقا َعةُ
13
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
َشًّرا»، فِيِه الَنّا ِس َعلَى أُثَ ِوَر أَ ْن فَ َكِرْه ُت قَا َل :قَْد َعافَاِني اََّّللُ فََرأَُسَمَورَلبِهَااََّّلفِلَ!ُدفِأنََفَلْتاَ.ا ْوسفتَيْ:خَر ْ«جأُتَثِهُْيرُ؟
على الناس شًّرا».38
قال النووي :وأخبر أن الله تعالى قد عافاه ،وأنه يخاف من إخراجه وإحرقه ،وإشاعة
هذا ،ضرراً وشراً على المسلمين من تذكر السحر أو تعلمه ،وشيوعه والحديث فيه ،أو إيذاء
فاعله ،فيحمله ذلك ،أو يحمل بعض أهله ومحبيه والمتعصبين له من المنافقين وغيرهم على
سحر الناس وأذاهم ،وانتصابهم لمناكدة المسلمين بذلك ،هذا من باب ترك مصلحة لخوف
مفسدة أعظم منها ،وهو من أهم قواعد الإسلام" .39وقال القرطبي" :لأن ترك قتل لبيد بن
الأعصمكان لخشية أن يثير بسبب قتله فتنةً ،أو لئلا ينفر الناس عن الدخول في الإسلام".40
وبهذا قد توصلنا إلى أن توجيهات الإسلام وتعليماته ليست لعبة يلعب بها أي واحد،
أو يعبث بها أي عابث ،بل هناك قواعد وضوابط صارمة يخضع لها بقاؤها أو تغيرها .ونرجو
من الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وعلماءنا التوفيق والسداد.
النتائج:
توصلنا في نهاية المطاف إلى ما يلي من النتائج:
-1أن تجديد الفكر الإسلامي ليبس جديدا علينا ،إلا بالاسم ،وقد كان له وجود في
القديم أيضا بعناوين أخرى.
-2وأن في الإسلام ثوابت لا يمكن تجديدها أو تغييرها ،مهما تغيرت الظروف إلا في
حالة الاضطرار.
-3وكذلك فيه متغيرات قد تتغير بتغير الظروف والحالات.
-4وهذه الأمور التي قد تتغير بتغير الظروف والحالات ،لا تتغير إلا بعد خضوعها
لضوابط.
التوصيات:
أثناء دراستي لهذا الموضوع خطر ببالي من التوصيات ما يلي:
14
الأول الفصل
-1لا يسمح لتجديد أو تحديث فكر من الأفكار المتعلقة بالإسلام ،إلا لعلماء
الإسلام المتخصصين في الأمور الدينية من العقيدة ،والقرآن والسنة ،والفقه وأصوله ،ولا
يسمح لأي من علماء الطبيعة ،أو الاجتماع ،وغيرهما من العلوم الإنسانية بالخوض فيه.
-2تشكل لجنة أو يفتح مركز في الجامعات للبحث في نصوص القرآن والسنة عما فيه
نوع من المرونة أو صلاحية للتغير.
________________
المصادر والمراجع:
• ابن الأثير ،المبارك بن حمد الجزري ،النهاية في غريب الحديث ،تحقيق :طاهر أحمد
الزواوي وزميله الطناحي( ،مكة المكرمة :المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض
الشيخ ،ط ،1عام 1382ه).
• ابن تيمية ،تقي الدين أحمد بن عبد السلام بن عبد الحليم بن عبد السلام ،الحسبة،
(المكتبة الشاملة ،بدون أي معلومات عن النشر).
• ابن جرير ،محمد بن جرير بن يزيد بنكثير بن غالب أبو جعفر الطبري ،جامع البيان
في تأويل القرآن ،تحقيق :أحمد محمد شاكر( ،بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط،1
1420ه2000/م).
• ابن حجر ،أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد العسقلاني ،فتح الباري
شرح صحيح البخاري ،تحقيق :عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين
الخطيب ،ترقيم :محمد فؤاد عبد الباقي( ،بيروت :دار الفكر ،د.ط ،د.ت).
• ابن عابدين ،محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد الحنفي ،الرسائل( ،لاهور:
سهيل إكيدمي1976 ،م).
• ابن عاشور ،محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي ،مقاصد الشريعة
الإسلامية ،تحقيق :الدكتور محمد الطاهر الميساوي( ،ماليزيا :البصائر للإنتاج العلمي،
ط1998 ،1م).
15
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
• ابن قدامة ،عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد ،المغني( ،دار الكتاب العربي،
بيروت1983 ،م).
• ابن قيم الجوزية ،محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس الدين أبو عبد الله الزرعي،
إعلام الموِقّعين عن رب العالمين( ،مصر :مكتبة السعادة ،ط1374 ،1ه).
• ابن قيم الجوزية ،محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس الدين أبو عبد الله الزرعي،
الطرق الحكمية في لسياسة الشرعية ،تحقيق :د .محمد جميل غازي( ،القاهرة :مطبعة
المدني ،د.ط ،د.ت).
• ابن نجيم ،زين بن نجم بن إبراهيم بن محمد المصري ،الأشباه والنظائر مع نزهة النواظر
على الأشباه والنظائر لابن عابدين( ،دمشق :دار الفكر ،د.ط ،د.ت).
• أبو داود ،سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي ،السنن ،تحقيق :عزت
عبيد الدعاس وزميله( ،حمص :دار الحديث ،ط1976 ،1م).
• أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني ،المسند( ،بيروت :دار الفكر العربي،
د.ط ،د.ت).
• البيهقي ،أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر ،السنن الكبرى ،تحقيق :محمد
عبد القادر عطا( ،مكة المكرمة :مكتبة دار الباز ،د.ط1994 ،م).
• الترمذي ،أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة ،السنن ،تحقيق :الشيخ أحمد شاكر
وآخرين( ،بيروت :دار إحياء التراث العربي ،د.ط ،د.ت).
• الحاكم ،محمد بن عبد الله أبو عبد الله النيسابوري ،المستدرك على الصحيحين،
(بيروت :دار الكتاب العربي ،د.ط ،د.ت).
• الزحيلي ،وهبة ،الفقه الإسلامي وأدلته( ،دمشق :دار الفكر ،ط1996 ،3م).
• الزحيلي ،وهبة ،نظرية الضرورة الشرعية( ،بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط،2
1399ه1979/م).
16
الأول الفصل
• الزرقاني ،محمد بن عبد الباقي بن يوسف ،شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك( ،بيروت:
دار الكتب العلمية ،ط1411 ،1ه).
• سعيد بن منصور ،ابن شعبة أبو عثمان الخراساني الجوزجاني ،السنن ،تحقيق :حبيب
الرحمن الأعظمي( ،مومبائي بالهند :الدار السلفية ،ط1403 ،1ه1982/م).
• الشاطبي ،إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي ،الموافقات( ،بيروت :دار المعرفة ،ط،4
1999م).
• الشافعي ،محمد بن إدريس ،الأم( ،بيروت :دار المعرفة ،ط1993 ،2م).
• شلبي ،محمد مصطفى ،تعليل الأحكام( ،بيروت :دار النهضة العربية ،ط ،2د.ت).
• العثماني ،سعد الدين" ،تصرفات الرسول ﷺ بالإمامة" ،مقال منشور في مجلة
إسلامية المعرفة ،العدد ،24ص.13
• القرضاوي ،يوسف ،كيف نتعامل مع السنة( ،أمريكا :المعهد العالمي للفكر
الإسلامي ،ط1991 ،3م).
• مالك بن أنس الأصبحي المدني ،الموطأ ،تحقيق :محمد فواد عبد الباقي( ،بيروت :دار
إحياء التراث العربي ،د.ط ،د.ت).
• مسلم ،ابن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري ،الصحيح ،تحقيق :محمد فؤاد عبد
الباقي( ،بيروت :دار إحياء التراث العربي ،د.ط1954 ،م).
• المناوي ،عبد الرؤوف ،فيض القدير شرح الجامع الصغير( ،بيروت :دار المعرفة ،ط،2
1391ه).
• النسائي ،أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن ،السنن المجتبى ،ترقيم :الشيخ عبد الفتاح
أبو غدة( ،حلب :مكتب المطبوعات الإسلامية ،ط1986 ،2م).
• النووي ،أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري ،شرح صحيح مسلم( ،بيروت :دار الفكر،
د.ط ،د.ت).
17
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
1بروفسور بقسم دراسات القرآن والسنة،كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية ،الجامعة الإسلامية العالمية
بماليزيا.
[email protected]
2الإمام الشافعي ،محمد بن إدريس ،الأم( ،بيروت :دار المعرفة ،ط1993 ،2م) ،ج ،7ص 373وما
بعدها.
3ابن عابدين ،محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد الحنفي ،الرسائل( ،لاهور :سهيل إكيدمي،
1976م) ،ج ،2ص.124-123
4العثماني ،سعد الدين" ،تصرفات الرسول بالإمامة" ،مقال منشور في مجلة إسلامية المعرفة ،العدد،24
ص.13
5وهبة الزحيلي ،نظرية الضرورة الشرعية( ،بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط1399 ،2ه1979/م) ،ص-67
.68
6ابن نجيم ،زين بن نجم بن إبراهيم بن محمد المصري ،الأشباه والنظائر مع نزهة النواظر على الأشباه
والنظائر لابن عابدين( ،دمشق :دار الفكر ،د.ط ،د.ت) ،ص.94
7المصدر السابق ،ص.95
8أخرجه ابن جرير ،محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري ،جامع البيان في
تأويل القرآن ،تحقيق :أحمد محمد شاكر( ،بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط1420 ،1ه2000/م)،
ج ،14ص182؛ والحاكم ،محمد بن عبد الله أبو عبد الله النيسابوري ،المستدرك على الصحيحين،
(بيروت :دار الكتاب العربي ،د.ط ،د.ت) – واللفظ له – في المستدرك على الصحيحين ،ج،2
ص 389رقم( 3362وعنه البيهقي ،أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر ،السنن الكبرى،
تحقيق :محمد عبد القادر عطا( ،مكة المكرمة :مكتبة دار الباز ،د.ط1994 ،م) ،ج ،8ص208
رقم .)16673وصححه الحاكم على شرط الشيخين ،ووافقه الذهبي .قلت :هو حسن لأن أبا
عبيدة وثقه ابن معين وعبد الله بن أحمد .وقال ابن أبي حاتم في قول" :منكر الحديث" ،وقال في
أخرى" :صحيح الحديث" .وقال فيه ابن حجر" :مقبول" على اصطلاحه في التقريب .فالرجل لا
يقل حديثه عن درجة الحسن.
9أخرجه البخاري ،أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ،الصحيح ،كما في فتح الباري شرح صحيح
البخاري لابن حجر ،أحمد بن علي بن محمد بن أحمد العسقلاني ،ترقيم :محمد فؤاد عبد الباقي،
(بيروت :دار الفكر ،د.ط ،د.ت )،كتاب العلم ،رقم ،91ومسلم ،ابن الحجاج أبو الحسين
18
الأول الفصل
القشيري النيسابوري ،الصحيح ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي( ،بيروت :دار إحياء التراث العربي ،د.ط،
1954م)،كتاب اللقطة ،رقم ،1ومالك في الموطأ ،الأقضية ،رقم.46
10مؤبلة:كمعظمة ،هي في الأصل المجعولة للقنيةكما قال الجوهري وغيره ،فهو تشبيه بليغ بحذف الأداة
أيكالمؤبلة المقتناة في عدم تعرض أحد إليها واجتزائها بالكلأكما أوضحه بقوله :تناتج بحذف إحدى
التائين أي تتناتج بعضها بعضاكالمقتناة .الزرقاني ،محمد بن عبد الباقي بن يوسف ،شرح الزرقاني على
موطأ الإمام مالك( ،بيروت :دار الكتب العلمية ،ط1411 ،1ه) ،ج ،4ص .69ومهملة مرسلة .انظر :ابن
الأثير ،المبارك بن حمد الجزري ،النهاية في غريب الحديث ،تحقيق :طاهر أحمد الزواوي وزميله الطناحي،
(مكة المكرمة :المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ ،ط ،1عام 1382ه) ،ج ،1ص.16
11رواه مالك بن أنس الأصبحي المدني ،الموطأ ،تحقيق :محمد فواد عبد الباقي( ،بيروت :دار إحياء التراث
العربي ،د.ط ،د.ت) ،الأقضية ،باب القضاء في الضوال ،رقم.51
12القرضاوي ،يوسف ،كيف نتعامل مع السنة( ،أمريكا :المعهد العالمي للفكر الإسلامي ،ط،3
1991م) ،ص.134
13انظر المصدر السابق ،ص.134
14أخرجه أبو داود ،سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي ،السنن ،تحقيق :عزت عبيد
الدعاس وزميله( ،حمص :دار الحديث ،ط1976 ،1م) ،البيوع ،رقم3451؛ والترمذي ،أبو عيسى محمد
بن عيسى بن سورة ،السنن ،تحقيق :الشيخ أحمد شاكر وآخرين( ،بيروت :دار إحياء التراث
العربي ،د.ط ،د.ت) ،البيوع ،رقم 1314وح َّسنه.
15ابن تيمية ،تقي الدين أحمد بن عبد السلام بن عبد الحليم بن عبد السلام ،الحسبة( ،المكتبة الشاملة،
بدون أي معلومات عن النشر) ،ص 28و53؛ وابن قيم الجوزية ،محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس
الدين أبو عبد الله الزرعي ،الطرق الحكمية في لسياسة الشرعية ،تحقيق :د .محمد جميل غازي( ،القاهرة:
مطبعة المدني ،د.ط ،د.ت) ،ص ،356و.376
16الشاطبي ،إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي ،الموافقات( ،بيروت :دار المعرفة ،ط1999 ،4م)،
ج ،1ص.199
17شلبي ،محمد مصطفى ،تعليل الأحكام( ،بيروت :دار النهضة العربية ،ط ،2د.ت) ،ص.34
18روى مسلم في صحيحه،كتاب النكاح ،باب جواز الغِيلة ،ج ،2ص1066رقم 1442عن جدامة
بنت وهب الأسدية أنها سمعت رسول الله يقول« :لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ،حتى ذُكِر ُت
أن الروم وفارس يصنعون ذلك ،فلا يضر أولادهم» .وفي المناوي ،عبد الرؤوف ،فيض القدير شرح
19
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
الجامع الصغير( ،بيروت :دار المعرفة ،ط1391 ،2ه) ،ج ،5ص" 280الغِيلة جماع مرضع أو
حامل...كانت العرب يحترزون عنها ،ويزعمون أنها تضر الولد ،وهو من المشهورات الذائعة بينهم".
19أخرجه الترمذي في سننه ،الحدود ،برقم1450وقال" :حسن"؛ وأبو داود في سننه ،الحدود برقم4408؛
والنسائي ،أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن ،السنن المجتبى ،ترقيم :الشيخ عبد الفتاح أبو غدة( ،حلب:
مكتب المطبوعات الإسلامية ،ط1986 ،2م) ،برقم.4982
20رواه سعيد بن منصور ،ابن شعبة أبو عثمان الخراساني الجوزجاني ،السنن ،تحقيق :حبيب الرحمن
الأعظمي( ،مومبائي بالهند :الدار السلفية ،ط1403 ،1ه1982/م) ،ج ،2ص،235
رقم ،2500والبيهقي ،في السنن الكبرى ،ج ،9ص.105
21ابن قيم الجوزية ،محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس الدين أبو عبد الله الزرعي ،إعلام الموِقّعين عن
رب العالمين( ،مصر :مكتبة السعادة ،ط1374 ،1ه) ،ج ،3ص.17
22ابن قدامة ،عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد ،المغني( ،دار الكتاب العربي ،بيروت،
1983م)،كتاب الزكاة ،باب زكاة الزرع والثمار ،فصل وما استأنف المسلمون فتحه ،ج ،4ص.189
ولعله قصد بقوله" :في بدء الإسلام" زمن النبي ،لا البدء الحقيقي لأن خيبر فتحت في السنة
السابعة ،وهي من أواخر زمن النبي ،ولكنه بداية الإسلام بالمقارنة مع العهود التالية.
23أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب المحاربين ،باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا
على الولد ،ج ،6ص 2532رقم6511؛ ومسلم في صحيحه ،كتاب القسامة والمحاربين والقصاص
والديات ،باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني ،ج ،3ص1309
رقم.1681
24رواه البخاري في صحيحه ،ج ،4ص 1853رقم ،4604وبأرقام .5599 ،5594 ،5584ورواه
مسلم في صحيحه ،موقوفاً ومرفوعاً برقم2125؛ ورواه مرفوعاً عنه الترمذي في سننه ،برقم،2782
وغيرهم.
25رواه البخاري في صحيحه ،برقم5593؛ ومسلم في صحيحه ،برقم ،2124وغيرهما.
26ابن عاشور ،محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي ،مقاصد الشريعة الإسلامية ،تحقيق:
الدكتور محمد الطاهر الميساوي( ،ماليزيا :البصائر للإنتاج العلمي ،ط1998 ،1م) ،ص.228
27انظر :ابن حجر ،فتح الباري في شرح هذا الحديث ،ج ،10ص.376
28الزحيلي ،وهبة ،الفقه الإسلامي وأدلته( ،دمشق :دار الفكر ،ط1996 ،3م) ،ج ،1ص.312
29نقله ابن حجر في فتح الباري ،ج ،10ص.378
20
الأول الفصل
30انظر المصدر السابق.
31أخرجه البخاري في صحيحه ،ج ،2ص 674رقم1810؛ ومسلم في صحيحه ،ج ،2ص672
رقم.1081
32ينظر للتوسع :القرضاوي ،كيف نتعامل مع السنة النبوية ،ص.156-147
33رواه مسلم في صحيحه،كتاب الزهد ،باب التثبت في الحديث ،رقم.3004
34رواه البخاري في صحيحه،كتاب العلم ،بابكتابة العلم ،رقم 113مع الفتح.
35رواه أبو داود في سننه ،كتاب العلم ،رقم3646؛ وأحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني،
المسند( ،بيروت :دار الفكر العربي ،د.ط ،د.ت) ،ج ،2ص162؛ والحاكم في مستدركه ،ج،1
ص 187رقم 359عن يحيى بن سعيد ،عن عبيد الله بن الأخنس ،عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث،
عن يوسف بن ماهك ،عن عبد الله بن عمرو .قلت :رجاله ثقات.
36رواه البخاري في صحيحه كما فتح الباري لابن حجر ،كتاب اللقطة ،باب كيف تعرف لقطة أهل
مكة ،ج ،5ص 87رقم.3434
37جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه ،سورة المنافقين ،باب قوله :سواء عليهم استغفرت،
ج ،8ص ،648رقم.4905
38أخرجه البخاري في صحيحه ،ج ،5ص 2174رقم5430؛ ومسلم في صحيحه ،ج ،4ص1719
رقم.2189
39النووي ،أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري ،شرح صحيح مسلم( ،بيروت :دار الفكر ،د.ط ،د.ت)،
ج ،14ص.178
40ذكره ابن حجر في الفتح ،ج ،10ص.231
21
الفصل الثاني
أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة والارتقاء بالأداء
المؤسسي
د .حبيبة شهرة د .عائشة صفراني
ملخص الدراسة:
هدفت هذه الدراسة لإظهار علاقة ودور أخلاقيات العمل الإسلامية التي توجه سلوك الفرد
المسلم لما هو خير وصواب في أداء عمله وإتقانه في تدعيم وترسيخ الثقة بين الأفراد العاملين
خاصة ،وأنها تزيد من إحساسهم بالأمان ،مما ينعكس على سلوكياتهم بالإيجاب ،سواء تعلق
الأمر بالأداء ،الرضا أو درجة الالتزام ،وهذا ما أثبتته الدراسات السابقة حول أهمية الثقة
بأبعادها المختلفة في تحسين مستوى الأداء ،إضافة لتأثر وتجسد هذه الأولى بموضوع
الأخلاقيات.
الكلمات المفتاحية :أخلاقيات العمل الاسلامية :الأمانة ،العدالة ،الاتقان ،الاستقامة،
الكتمان ،الثقة التنظيمية ،الأداء المتميز.
مقدمة:
يعد موضوع أخلاقيات الأعمال من المواضيع الحديثة والهامة خاصة وأن أهميته تزايدت مع
تزايد الفضائح الأخلاقية والنقد الموجه للأعمال نتيجة العمل بعيدا عن إطار أخلاقي
واضح وشفاف ،ذلك أن الأخلاق تعد بمثابة الدعامة الاولى لحفظ الأمم والمجتمعات،كما
جاء عن رسول الله ﷺ «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ،1فمكارم الأخلاق تحتل أكبر
مساحة من الدين ،بل إن الدين كله خلق ،فإذا انتفى الخلق ذهب الدين ،قال عز وجل:
﴿أََرأَيْ َت اَلّ ِذي يُ َك ِذ ُب بِال ِدي ِن • فََذلِ َك اَلّ ِذي يَُد ُعّ الْيَتِيَم﴾ [الماعون ،]2-1:فصاحب
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
الأخلاق الفاضلة في مستوى الصائم القائم ،بصيام وقيام مستمرين ،بل إن العبدكما قال
الآ ِخَرِة َو َشَر َف َع ِظيَم َدَرَجا ِت ِف«يإِ َاّنلْ اعِلْبَاَعْبَدَةِد»لَيَْ2ب،لُ ُغكمِِابُ قْسا ِنلُ :خل«ُِقماِه عليه الصلاة والسلام:
في الميزان من حسن من شيء أثقل الْ َمنَا ِزِلَ ،وإَِنّهُ لَ َضعِي ٌف
الخلق» ،3وأعظم رأسمال في العمل الخلق الحسن والخلق الحسن مؤادة إلى الثقة ،والثقة في
علاقات العمل أحد الدعائم الأساسية التي تساعد المنظمات على تدعيم فاعليتها وتحقيق
أهدافها ،كما أنها من أكثر الأدوات الادارية فاعلية لأنها تهيء الظروف اللازمة لنجاح
المنظمات ،وتكون قاعدة للتفاعل بين العاملين ،فهي بذلك تنعكس على سلوكيات الفرد
على التزامه بعمله وكذا أدائه.
مشكلة الدراسة:
تحتل الأخلاق حيزا مهما في بيئة الاعمال اليوم باعتبارها أهم المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك
الإنساني ،والتي تنعكس على التزام الفرد بمهنته وتفانيه في عمله ،لذلك جاءت هذه الورقة البحثية
للإجابة على التساؤل الجوهري التالي :ما هي القيم والمعايير الأخلاقية التي تعمل على تجسيد
الثقة التنظيمية وتعزز الأداء المتميز في منظمات الأعمال؟
وسنحاول الاجابة على ذلك من خلال التطرق للمحاور التالية:
أولا :أخلاقيات العمل الإسلامية
ثانيا :الثقة التنظيمية
ثالثا :الالتزام بأخلاقيات العمل الاسلامية لتجسيد مبدأ الثقة وتعزيز الأداء
المؤسسي المتميز.
رابعا :النتائج والتوصيات
أهمية الدراسة:
تنبع أهمية الدراسة من أهمية الموضوع في حد ذاته ألا وهو الأخلاق عموما وأخلاقيات المهنة
بصورة أدق ،ذلك أن الأخلاق اليوم تحتل مكانة هامة لارتباطها بالتصرفات السليمة
والخاطئة ،والمرشدة للسلوك القويم عن طريق تعريفها لما هو مقبول وغير مقبول على المستوى
24
الفصل الثاني
الاجتماعي .وبذلك ستنعكس هذه الأخلاقيات على تصرفات وسلوكيات الأفراد ضمن
بيئة عمله من جهة ،وعلى سمعة منظمته من جهة اخرى.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة للإجابة عن مشكلة البحث،كما تهدف إلى:
-إظهار مفهوم وأهمية الأخلاق في الإسلام
-تحديد علاقات الارتباط بين الأخلاق والثقة التنظيمية
-إظهار أهمية الالتزام بأخلاقيات الأعمال في مستوى الأداء
أولا :أخلاقيات العمل الاسلامية
تزايدت أهمية أخلاقيات الأعمال اليوم ،لما تشكلة الأخلاق من منظومة متكاملة تنظم
العلاقات البشرية جميعا في شتى مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،...وديننا
الحنيف يؤكد على ذلك فهو دين معاملة ،فالأخلاق عنصر أساسي من عناصر وجود المجتمع
وبقائه ،ومقوم جوهري من مقومات كيانه وشخصيته ،فلا يستطيع أي مجتمع أن يبقى أو
يستمر ،دون أن تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد والضوابط التي تنظم علاقات الأفراد
بعضهم ببعض.
-1مفهوم أخلاقيات المهنة :تعرف الأخلاق بأنها :صفة في النفس تظهر آثارها في
الكلام والسلوك العملي والمظهر الخارجي والصحبة المختارة ،4وتشير الأخلاق المهنية إلى
المبادئ والمعايير التي تعتبر أساسا لسلوك أفراد المهنة المستحب ،والتي يتعمد زملاء المهنة
بالتزامها ،وترتبط أخلاقيات المهنة بسلوك أخلاقي قويم ،لا يخرق ولا يتعارض مع
الأخلاقيات المهنية المدونة ضمن لائحة أخلاقية (مدونة أخلاقية) للعاملين.5كما تعرف
أخلاقيات العمل بأنها مجموعة الصفات الحسنة ،التي لابد من توافرها في صاحب المهنة
ليؤدي عمله على الوجه الأمثل ،6ويعرفها العلواني بأنها :مجموعة المبادئ والقيم والأعراف
والتقاليد والقواعد المنظمة للسلوك الانساني والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الانسان وتحديد
علاقته بغيره على نحو تحقيق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه.7
25
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
كما تعرف الأخلاقيات بأنها المفهوم الذي يحدد الأفعال الصحيحة والأفعال
الخاطئة .فالأخلاقيات تحدد لنا ما إذاكانت أفعالنا تتفق مع القيم الأخلاقية السائدة أم لا.
وهي ترشدنا إلى انتهاك السلوك القويم .8كما يعرفها Desslerبأنها المبادئ التي تحكم
سلوك الفرد أو المجموعة ،فهي تتعلق بتحديد المعايير المستخدمة في أداء السلوك.9
فالأخلاقيات تعد محدد لسلوكيات الفرد ،والتي توجهه لما هو مقبول وصواب لابد
من تأديته والعكس ،فهي بمثابة أداة رقابية ذاتية للفرد.
-2مصدر الأخلاقيات :تعددت المصادر ،ويحددها طاهر محسن الغالبي وصالح
مهدي العامري في مجموعتين هما :نظام القيم الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع الخارجي
وتتمثل في :الثقافة السائدة في المجتمع ،قيم الجماعة ،قيم العائلة ،قيم العمل وقيم المجتمع
الحضارية ،ونظام القيم والمعتقدات الشخصية الذاتية والمتمثل في :القيم الشخصية الذاتية
والفطرية ،المعتقدات الدينية والمذهبية ،الخبرة السابقة والمستوى التعليمي ،الخصوصية الفردية،
الحالة الصحية النفسية والجسمانية ،10كما تنبع المبادئ الأخلاقية من :المعتقدات الدينية
والأخلاقية ،تاريخ المجتمع وخبراته وتقاليده ،الثقافة المحلية ،صلة الرحم والإطار العائلي،
مجموعات الأقران والمجموعات المرجعية ،قادة الرأي والمثل العليا ،العمليات التعليمية ،كما
أن هذه المبادئ الاخلاقية تختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى.11
-3أنواع الأخلاقيات :أخلاق المهنة قواعد منطقية تحكم سلوكيات الأفراد وقد
اختلف الأفراد في تناولها من حيث مصادرها ،أنواعها ،..ويحدها الخفاجي ومحمود فيما
يلي :الأمانة والاستقامة ،الموضوعية ،الجدارة ،العدالة ،الكتمان ،المهنية ،والإتقان ،12كما
حددتها شهباز في نوعين ،الأخلاق المحمودة (المشروعة) والمتمثلة في :الصدق ،الصبر،
الأمانة ،الإخلاص ،البشاشة ،الالتزام بالألفاظ اللائقة ،المظهر اللائق ،مساعدة المسنين
والمعاقين ،وأخلاقيات غير المحمودة (غير المشروعة) والمتمثلة في :عدم احترام وقت العمل،
التراخي ،عدم تحمل المسؤولية ،عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء ،افشاء أسرار العمل،
الامتناع عن أداء العمل المطلوب منه ،عدم المحافظة علىكرامة الوظيفة ،الرشوة ،المحسوبية.13
وسنتناول فيما يلي الأخلاقيات التالية:
26
الفصل الثاني
العدل والعدالة:
العدل خلق من أخلاق رسول الله ﷺ ،ضمن شمائله العظيمة ،وصفاته الجليلة،
عدل في تعامله مع ربه جل وعلا ،وعدل في تعامله مع نفسه ،وعدل في تعامله مع الآخرين،
من قريب أو بعيد ،ومن صاحب أو صديق ،ومن موافق أو مخالف ،حتى العدو المكابر ،له
تنبَِوَعاتَلذَْْصنَّعكيشُْردَيِوِجبيلَنعِنَمو﴾ااعلللنِإري[حاهلْمحنعنودَتسحلادهَعلَِنّع:زوَ0وَوإِإيﷺلَ9تجَي،ا]َهّلء،،،وكويِذيَموقاكِيولْتفَولاارلْدليَُقراَْردفسََيْييوبِهعلََدسيِونايَيللْنةلٌنهَاهلامَلّرىنِذسيﷺَعوَنخلِ«نإيوََاّْعطنلَْفِداﷺللُْبْحُومكَْبقنَثشقياِِسفروءيِطلمَيواَُلنحْنربُامْهكنلِعِْنأمَكَعِدهِحرزْاماّدَلوَيالِووألَْبَْجهعثْغلِلليِتيِ:هىحْميََمعِنَث﴿َواإَِظمبَُِاَّعنرُلكَاِْوممّلىُلْوللاانََلَع»َنعَلَُّيْ4ودُُكمٍر.ُْ1م،رل
الأمانة:
عن ابن عمر ،قال رسول الله ﷺ «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من
الدنيا :صدق الحديث ،وحفظ الأمانة ،وحسن الخلق ،وعفة مطعم».15
من الآيات الكرَية التي جاءت في الحث على أداء الأمانة قول الله تبارك وتعالى:
َََويْ﴿َعُمإُِْهرُْكنِدْمأَِهِمأَْمَننَرابَتُعُْعؤُوّدُضَنواُْكا﴾ملأَ[بََاملاْمعنَعااضارًِتجفَ:إْليُل2ىَؤِ3دأَ]اْهَلّ.لِِذَهاي﴾اْؤ[تُامِلنَنسأَاَمءانَ:تَه[،]﴾5ُ8البوققورلةه :ت3عا8ل2ى] ،:و﴿قَواوَللّهِذيتَنعالُهىْمِ :لأَ﴿إَِماَّننَااتِّهِلْملَ
قوله ﷺ «ثَلَاثَةٌ أَنَا أداء الأمانة النبوية في الحث على الأحاديث ما جاء من
أَ ْعطَى ِب َُثّ َغ َدَر، الِْمْنِقيَهُاَ،مِةَولَ:مْ يَُروُجفِِهٌل أََِخجيًراَص ْمفَتُاهُْستَيَْْووَََمف َخ ْص َمهُ َوَم ْن ُكْن ُت َخ ْص ُمُه ْم يَْوَم الِْقيَاَمِة،
ا ْستَأْ َجَر َثَنَهَُ ،وَرُج ٌل َوَرُج ٌل بَا َع ُحًّرا فَأَ َك َل
أَ ْجَرهُ».16
فالأمانة مشتقة من الأمن والأَمان :ض ُّد الخوف والأمانة ضد الخيانة ،وتطلق ويراد
بها ك ُّل ما يجب حفظه وتأديته إلى أهله ،وهي كلمة واسعة المدلول تشمل جميع العلاقات
الإنسانية .ومن الأحاديث التي تبين عظم جرم الخيانة وعدم تأدية الأمانة ما جاء عن أِب
هريرة رضي الله عنه ،عن النبي ﷺ قال» :آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب ،وإذا وعد
أخلف ،وإذا ائتمن خان» ،17ومن معاني الأمانة وضع كل شيء في مكانه اللائق به قال
27
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
أبو ذر رضي الله عنه لرسول الله ﷺ ألا تستعملني؟ -أي ألا تجعلني والياً أو أميراً أو رئيساً
لك على إحدى المدن ،-قال :فضرب بيده على منكبيُ ،ث قال» :يا أبا ذر! إنك ضعيف،
وإنها أمانة ،وإنها يوم القيامة خزي وندامة ،إلا من أخذها ِبقها ،وأدى الذي عليه فيها».18
الاستقامة:
تَ[خحَهايثفُوومدااَ :وَ2لكنا 1تقَت1اْح]َ،زنلُ،واتوأَتْعوَقبِاوأاَلِبعْىلِا:شلتُرعوساا﴿يلفئَباِىةا:لْسْاجَتََلنِّقحِة﴿ْمإِاسََلّّننَكِتةاَيمَلّاتَمِذُكأيُنُِمتحَُْنْرمهاقََتُ،اتلُوَوَاوعوَمُدخَرُابنّولِنَاتِنَقا اّ﴾اَلَلّبلنُ[افَمَُثَّعَسصالَبكْسختَلتَوَقَل:قااُم0تَواح3طْ]تَغَستَْ،وناَنَّزوإِ»َُفنّل9يهُ1بِاَعمَ،للَاْيح تَِوهدقْيعُما َمالللُْث َو:م َلَنا»ﷺئبَِاَتَّكِِص»قةُيقٌراأََلللّلها﴾:
آمنت باللهُ ،ث استقم«.20
الموضوعية:
الموضوعية هي تخلي الإنسان عن عواطفه ،وانفعالاتِه ،التي لا يقوم عليها دليلٌ
نقلي أو عقلي تجاه مسألة من المسائل التي يَحتاج فيها إلى أخذ قرار ،أو إصدار حكم؛
شريطةَ أن تكون القضية -موضع الطرح -مما تختلف فيه الأفهام ،ويتقبل فيه النقاش،
وهي على هذا "معيار أساسي من معايير البحث ،يقوم على ال ِصدق والعلم والأمانة ،والبُعد
عن الأهواء الشخصية".21
وهذا الخُلُق يقتضي التزاًما من قبل واضعي المناهج ،على ألَاّ يتجاوزوا في خلافاتِهم
مع الآخر الح َّد الموضوع َّي ،فيقدم المحتوى المعرفي ،كما لو أن الآخر لا يحمل سوى الشر
المحض.
الكتمان:
إن حفظ السر ظاهرة إنسانية نبيلة بين الأشخاص والأحباب خاصة ،وهي فطرية
طالماكانت ذات بعد إنساني نبيل ،هدفه حفظ الروح والنفس من الأخطار المحدقة بها ،وقد
ورد في القرآن الكريم الكثير من الأحكام التي تطلب كتمان السر ،وهذا واضح في قصة
28
الفصل الثاني
يوسف ،في قوله تعالى﴿ :إِ ْذ قَا َل يُو ُس ُف َلأَبِيِه ََي أَبَ ِت إِِنِي َرأَيْ ُت أَ َح َد َع َشَر َكْوَكباً َوال َّش ْم َس
َوالَْق َمَر َرأَيْتُ ُه ْم ِل َسا ِج ِدي َن﴾ [يوسف،]4:
أما في سورة الكهف ،قال تعالى﴿ :فَابْ َعثُوا أَ َح َدُك ْم بَِوِرقِ ُك ْم َه ِذهِ إلى الْ َم ِدينَِة
فَ ْليَنظُْر أَُيَّها أَْزَكى طََعاماً فَ ْليَأْتِ ُك ْم بِِرْزٍق ِمْنهُ َولْيَتَلَ َطّ ْف َولا يُ ْشِعَر َّن بِ ُك ْم أَ َحداً﴾
[الكهف ،]19:أي فأرسلوا واحدا منكم إلى المدينة بهذه النقود الفضية وليختر أحل وأطيب
الطعام فليشتر لنا منه وليتلطف في دخول المدينة وشراء الطعام حتى لا يشعر بأمرنا أحد22
من هاته الآية الكرَية يظهر جلياً أنكتمان السر يحقق الأمان لصاحبه.
أما ما ورد في الكتمان عن النبي محمد ﷺ من أقوال وأفعال فهي كثيرة ،وأشهرها
قوله» :استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان».23
أما في سيرة الرسول ﷺ ،نجد الكثير من صور الكتمان ومنها ،أنه بدأ دعوته
سًرا ،وكان دقيًقا في كل خطواته ،وحذًرا يقظًا في كل تعاملاته ،وبهذا التخطيط والتنظيم
استطاع أن ينتصر على جميع أعداء الإسلام.
كان ﷺ يجيد اختيار من يدعوهم (نوعاً وأهلية) متحرياً الدقة المتناهية ،والحيطة،
ذلك لأن أولئك المستجيبين للدعوة آنذاك ،هم الذين تقع عليهم أعباؤها ومسؤولياتها ،فلا
بد أن يكونوا من خيار المجتمع ،صدقًا ،واعتدالاً ،ومروءة ،ونخوة ،واستقامة ،ليكونوا أهلاً
للقيام بتبليغ الدعوة ،وتحمل تبعاتها بكل تجرد وإخلاص لله تعالى.24
المهنية:
التعريف الإجرائي أو العملي لآداب المهنة يتمثل في قدرة الفرد على القيام بدوره
الوظيفي بإتقان وبموضوعية تعتمد على طرائق وآداب مهنية تحدد علاقاته مع الآخرين،
وتهدف إلى رفعكفاءة المؤسسة التي يعمل بها ،وهذه القدرة بطبيعة الحال تختلف من شخص
إلى آخر ،ومن آداب المهنة التي تميز الشخص المهني عن غيره ،الاستقامة والأمانة والعطاء
بصدق في العمل واحترام زملاء العمل .التزام الاهتمام بالمصلحة العامة على المصلحة
الشخصية تطبيق مهارات العمل التخصصية للرفع من مستوى العمل .عدم التدخل في
29
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
خصوصيات الآخرين .عدم الدمج بين القضايا الشخصية والعمل .معاملة الزميل سواء
أكان رجلا أم امرأة كشخص ،وليس كجنس الابتعاد عن النفاق الاجتماعي .هذه بعض
ما تبادر إلى ذهني من آداب مهنية.25
الإتقان:
الإتقان هو عمل الشيء على أحسن وجه ،وقد وردت النصوص الشرعية من
ايُلرواِحلوكُدتّىنبايأإِوبيبذَواة،يواَععقللِامسلىَلنةتأَفعيااَحللتُمدىيُك:سْمنتَحُد﴿َاعهَلَُّّمثِذملاالنيمأَ ْسنَحخللَيدمُيَْتقِقانَعلْثلهَُم«ْىعو6ائاَ2تل.إشتَوةاقلاْ)حَيَنراةَضفلِييَيْبالُعلَلبوهُاك ْدمتعأنهَُيّ،هاُكْ:مو(عأَأمْحلنهَاسلنُنوبيسَعائَمرلاًﷺش﴾قاؤ[والنلم:هل ا«لإِكدَّ:نين2ياّة]َلّلَ،،
وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا حفظوا آيات من القرآن لم ينتقلوا إلى غيرها حتى
مسعود رضي الله حديث ابن جرير الطبري في تفسيره من ابن يبِعتهِنقهننو«نقها7ا2ل:.شر«ًحَاكا َونعالمَّرلًاُجُ.لروِمَنّىا
َمَعانِيَ ُه َّنَ ،والَع َم َل َحَتّى يَعِر َف تَ َعَلَّم َعشَر آيَا ٍت ،لَم يُجَا ِوْزُه َّن إِذَا
وليعلم أن الأجير لا يستحق أجرته ،إلا إذا أدى عملًاكاملًا متقنًا ،فإن نقص الإتقان
نقصت الأجرة.
ثانيا :الثقة التنظيمية
مفهومها وأهميتها:
تعد الثقة من المفاهيم السلوكية والنفسية التي يجد الباحثون صعوبة في تحديد مفهومها بدقة.
وترى الطائي بأنها :إَيان الفرد بأهداف وقرارات والسياسات التنظيمية والقائد التنظيمي
وبجميع الأفراد العاملين معه في المنظمة ،وذلك بما يعكس رضا والتزام الفرد تجاه المنظمة.
كما عرفها متعب والعطوي بأنها :محافظة أعضاء المنظمة على الاَيان والثقة المتبادلة
بين بعضهم البعض من ناحية النية والسلوك.28
كما تنشأ الثقة عندما يتشارك المجتمع في مجموعة من القيم الأخلاقية بشكل يؤدي
إلى توقع الاستقامة والصدق في سلوكيات أفراده ،فالثقة هي التوقع الناشئ داخل المجتمع
30
الفصل الثاني
بأنه سيكون هناك سلوك مستقيم وصادق ومتعاون بين جميع أفراده ،بناء على عدد من
الأعراف والمعتقدات المشتركة .29كما أن الثقة التنظيمية تمثل إَيان الفرد بعدالة المنظمة
والاعتماد عليها في إظهار الحكم الجيد عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل بالاعتماد على
المشرف وزملاء العمل بما يعكس ولاء الفرد تجاه المنظمة.30
كما تتمثل الثقة في اتسام العلاقات بين الأفراد في المجتمع بالاستقرار والحرية والتعاون.
وتقوم هذه الثقة على أساس المعايير والقيم والسلوكيات والمعتقدات المشتركة .فيجب أن
تؤدي هذه الثقة إلى جعل السلوك الفردي أو الجماعي يتسم بالصدق والأمانة والالتزام
الأخلاقي والواجب تجاه المجتمع الذي يجب أن َيتي دائما قبل المصلحة الشخصية من حيث
الأولوية.
ولقد فرق "فوكوياما" بين المجتمعات ذات معدل الثقة المرتفع -أين ترتفع معدلات
الثقة بين أفراده وكذا علاقات الارتباط الاجتماعية التلقائية والاستعداد التلقائي للتعاون مما
يؤثر على الكفاءة التنظيمية -والمجتمعات ذات معدل الثقة المنخفض.31
وبذلك َيكننا القول أن الثقة تعكس درجة التماسك والتعاون والارتباط بين الأفراد،
نتيجة ما يتميزون به من صفات تؤهلهم ليكونوا محل ثقة ويعتمد عليهم والتى تنعكس مباشرة
على سلوكياتهم ،خاصة من خلال دعم بعضهم البعض والتزاماتهم.
إن بناء الثقة التنظيمية يستغرق وقتاً طويلاً ولكن َيكن أن تنتهي في لحظة ،لذلك
تحتاج المنظمات أن تجهز نفسها ليس فقط لكسب الثقة بل للحفاظ على هذه الثقة ،فقد
تم الاعتراف بأهميتها في مكان العمل بشكل متزايد منذ الخمسينات من القرن العشرين،
وقد أثبتت البحوث التي أجريت مؤخرا أهمية عملية لها في تحديد سلوك المواطنة التنظيمية،
الالتزام ،الرضا الوظيفي ،والادارة الناجحة للتغير والعمل الجماعي ،وعلى ارتباط مستويات
الثقة داخل المنظمة مع الفعالية ومستويات الأداء التنظيمي.32
أنواع الثقة التنظيمية:
31
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
تباينت وجهات النظر حول أنواع الثقة ،حيث قسمها ،Mayerحسب
مصادرها إلى :الثقة القائمة على المعرفة ،الثقة القائمة على ملامح الشخصية ،والثقة على
أسس رسمية ،في حين صنفها Stephensonوفقا لمستوى تبني الثقة إلى الثقة على
المستوى الفردي ،الثقة على المستوى الجماعي ،والثقة على المستوى التنظيمي ،كما يتفق
الباحثين على تصنيف الثقة التنظيمية لثلاثة عناصر ،هي :الثقة في الزملاء ،الثقة في الرئيس
المباشر ،والثقة في الإدارة العليا.33
كما أشار Kort & Lewickaإلى وجود ثلاثة أنواع من الثقة هي العامودية
وتكون بين المديرين والعاملين ،والأفقية بين زملاء العمل ،أو الثقة المنظمية بين العاملين
والمنظمة وتتعلق بثقة العاملين بإجراءات المنظمة والتكنولوجيا والإدارة بالأهداف والكفاءة
والعدالة ووصف الثقة العامودية بالأكثر تعقيدا من الثقة الأفقية.34
ثالثا :الالتزام بأخلاقيات العمل الإسلامية لتجسيد مبدأ الثقة وتعزيز الأداء المؤسسي
المتميز
تسعى المنظمات حاليا لاكتساب ثقة عملائها وبناء سمعة طيبة لها في المجتمع بغرض الحفاظ
على مركزها في السوق وزيادة أرباحها ،وهذا لا يتحقق إلا من خلال جودة الأداء بتعزيز
منظومة أخلاقيات العمل وآداب المهنة التي أصبح الاهتمام متزايد بها مؤخرا لدورها وأهميتها
في زيادة مسؤوليتها الاجتماعية ،كما أن تحقيق ذلك ينطلق من معايير أخلاقية تنظم سير
العمل وتعزز الثقة بين الأفراد داخل المؤسسة من جهة والمؤسسات والمستفيدين من جهة
أخرى .فالالتزام بالمبادئ والسلوكيات الأخلاقية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي
والتنظيمي له انعكاساته الإيجابية سواء على الفرد ،الجماعة أو المنظمة.
يشير الأداء لقدرة المنظمة على تحقيق أهدافها الموضوعة والمقررة ،إلا أن المنظمات
اليوم تسعى للتميز للحفاظ على مكانتها.
ويشير التميز للتفوق دون التفرد في أمر ما ،لكون التفرد لا يصنع التميز حيث
أن هذا الأخير يقتضي المفاضلة بين ما يتقاربون في صفات أو أعمال وهنا يظهر التفاوت
32
الفصل الثاني
في الأداء والتفكير والفعل وهو ما يولد المقارنة ويفرز المميزين .وكلماكان الموظف أكثر تميزا
كانت المعاني الحقيقية للموهبة والإبداع والذكاء والعبقرية والابتكار أكثر بروزا لديه ،35كما
أن التميز يتطلب شروط تأتي في مقدمتها الصدق ،الإخلاص والتفاني في العمل ،الثقة التي
تسود بيئة العمل وقد أثبتت العديد من الدراسات دور الثقة بين العاملين في زيادة مستوى
الأداء ،من بينها دراسة Erlan Bakievبعنوان :تأثير الثقة بين الأفراد والالتزام التنظيمي
في الأداء التنظيمي المدرك ،كذا دراسة Joanna Paliszkiewiczعلى الشركات
البولندية بعنوان :التوجه نحو الثقة والأداء التنظيمي ،والتي أظهرت العلاقة الإيجابية بين الثقة
(ثقة المديرين والثقة التنظيمية) والأداء التنظيمي ،وكيفية خلق الثقة للحفاظ على أدائها.
فالحرص على أخلاقيات العمل هو أمر أخلاقي وديني وإداري ،ومع الأسف فإن
إهمالنا لأخلاقيات العمل يجعل العاملين لا يتعاونون ،والمنظمات لا تثق في بعضها البعض،
والكل يبدأ بسوء الظن ،ولا َيكننا الاستفادة من خبرات بعضنا ،فأخلاقيات العمل ضرورة
للتطور ،ولابد أن تكون لها أولوية أكبر بين موظفينا ومديرينا.36
فديننا الإسلامي هو أشمل الأديان السماوية ،وأغزرها ثروة في التعاليم والتوجيهات
الدينية التي تكون لدى الفرد المسلم رصيدا َثينا من أخلاق العمل ،وهو قادر في الوقت
الحاضر على أن يقدم للبشرية نظاما متكاملا لأخلاق العمل الأساسية التي تفتقر إليه.
النتائج والتوصيات:
وفيما يلي أهم النتائج والتوصيات:
النتائج:
-تشكل أخلاقيات المهنة مجموعة القواعد والمبادئ التي تضبط السلوك وتوجهه لما هو
صحيح أو خاطئ؛
-تزيد أخلاقيات المهنة من الثقة بين الأفراد العاملين بمختلف مستوياتهم من جهة وثقة
المتعاملين مع المنظمة من جهة أخرى.
33
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
-أساس أخلاقيات العمل الاسلامية القرآن والسنة ،وأهمها الأمانة والصدق والإتقان،
العدل والعدالة.
-هناك علاقة مباشرة لأخلاقيات المهنة في زيادة مستوى الثقة وزيادة مستوى الأداء.
التوصيات :ونوصي بما يلي:
-لابد من التركيز على موضوع أخلاقيات المهنة ،وخاصة الأخلاق ومحاولة غرسها في
ممارسات وسلوكيات الأفراد.
-العمل على إنشاء ميثاق أخلاقيات المهنة ليكون داعما ومحددا لسلوكيات الأفراد.
-العمل على تعزيز مبدأ التعاون والتكامل بين الموظفين بعضهم مع بعض بما يعزز مبدأ
الثقة التنظيمية بينهم.
-نشر الوعي بأهمية الأخلاقيات وضرورة التحلي بها.
1رواه البخاري في الأدب المفرد ،رقم .27وهذا إسناد حسن ،وقال الحاكم" :صحيح على شرط مسلم"،
ووافقه الذهبي.
2أخرجه أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين ،ج ،2ص363-362؛ والطبراني في المعجم الكبير ،ج،1
ص ،233رقم.754
3رواه الترمذي في سننه ،كتاب البر والصلة ،باب ما جاء في حسن الخلق ،رقم ،1922وقال" :حديث
حسن غريب من هذا الوجه".
4الغامدي ،سعيد بن ناصر" ،أخلاقيات العمل :ضرورة تنموية ومصلحة شرعية" ،سلسلة دعوة الحق،
رابطة العالم الإسلامي ،العدد ،242مكة المكرمة ،السعودية ،2010 ،ص.11
5طاهر محسن الغالبي ،صالح مهدي محسن العامري ،المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال والمجتمع،
(عمان :دار وائل للنشر والتوزيع ،ط ،)2008 ،2ص.168
6سعيد بن ناصر الغامدي ،مرجع سابق ،ص.33
34
الفصل الثاني
7انتصار زين العابدين شهباز" ،أخلاقيات الوظيفة العامة في الاسلام" ،مجلةكلية الآداب ،العدد ،101
جامعة بغداد ،العراق ،2012 ،ص.643
8توني موردن ،أساسيات علم الإدارة ،ترجمة :خالد العامري( ،القاهرة :دار الفاروق ،ط،)2008 ،1
ص.625
9 Dessler. G, et Al Ariss.A, (2012), Human Resource Management, Arab world
Edition, Person Education, p 327.
10طاهر محسن الغالبي وصالح مهدي العامري ،مرجع سابق ،ص.139
11توني موردن ،مرجع سابق ،ص.625
12نعمت عباس خضير الخفاجي ونجدت ياور محمود ،تحليل علاقة الأخلاق وموارد المعرفة والقوة:
دراسة استطلاعية ،طاهر محسن منصور الغالبي ونعمت عباس الخفاجي (محرر) ،قراءات في الفكر الإداري
المعاصر( ،عمان :دار اليازوري ،)2008 ،ص.321
13انتصار زين العابدين شهباز ،مرجع سابق ،ص.662-658
14رواه البخاري في صحيحه ،كتاب الأمارة ،باب فضيلة الإمام العادل( ،بيروت :دار الكتب العلمية،
1992م) ،ج ،12ص ،166رقم.4677
15رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص في مسنده ،ج ،2ص ،177رقم ،6652وإسناده
حسن.
16أبو الليث السمر قندي ،المهذب( ،بيروت :دار إحياء التراث)،كتاب الإجارة ،ج ،15ص.308
17رواه البخاري في صحيحه،كتاب الإَيان ،باب علامة المنافق ،ج ،1ص ،124رقم.33
18رواه مسلم في صحيحه،كتاب الأمارة ،بابكراهية الأمارة بغير ضرورة ،رقم.3512
19رواه الترمذي في سننه( ،بيروت :دار الكتب العلمية ،)1994 ،كتاب البر والصلة ،باب ما جاء في
معاشرة الناس ،ج ،6ص ،93رقم ،1991وقال" :حديث حسن صحيح".
20أخرجه أحمد في مسنده( ،بيروت :دار إحياء الترب العرِب) ،من حديث قدامة بن عبد الله ،ج،4
ص ،420رقم.15112
21عبد الرحمن بن صالح عبد الله ،الموضوعية في العلوم التربوية( ،جدة :دار المنارة ،ط1407 ،1ه)،
ص.6
22الشيخ محمد علي الصابوني ،صفوة التفاسير( ،القاهرة :دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع)،
ص.186
35