الفصل الخامس عشر
ورسالة "رد التقليد واتباع السنة على وجه التأكيد في ضوء أقوال الأئمة
الأربعة" وهذه الرسالة مأخوذة من مقدمة كتاب "صفة صلاة النبي "ذكر فيها المؤلّف
أن التم ّسك بالسنّة لا تخالف منهج الأئمة بل هو اتباع لهم ،لأن التقيّد بمذهب معّين غير
مطلوب وممدوح ،تبين هذه الرسالة تحليلا دقيقا ،وصورة صادقة عن اتباع السنّة وترك
التقليد ،ودراسة عميقة عبر التاريخ في الموضوع ،ولأهميتها البالغة قام بترجمتها الشيخ
محفوظ الرحمن فيضي ،وق ّدم لها الدكتور مقتدى حسن الأزهري ،وصدرت لها عدة طبعات
من باكستان والهند ،وقامت بطباعتها إدارة البحوث الإسلامية والدعوة والإفتاء ببنارس-
الهند ،والمكتبة الناصرية بفيصل آباد -باكستان ،ونالت هذه الرسالة قبولا عاما لدى عامة
الناس ،وتركت آثارا مفيدة لطالب الحق.
الناس شهداء الله على الأرض ،فثناء الجهابذة من أهل العلم والفضل خير دليل
علی خدمات هذا الرجل الف ّذ فی مجال الدعوة والدين العظيمة ،وأن الله تبارك وتعالى
کتب لها قبولا حسنا لدی الناس بل وصار الخطباء والوّعاظ اليوم إذا ذکروا حديثا لا
يفوتهم أن يذکروا عليه حکم الشيخ الألباني –رحمه الله .-وقد م ّن الله على الشيخ الألباني
بأن جهده وقع عند کثير من الناس موقعا حسنا ودعوته إلى الکتاب والسنّة ،وأصبحت
الدعوة إلى منهج السلف وطريقتهم حديث کل ناد ومجلس ،وتلامذته من باكستان ق ّدموا
خدمات جليلة الشأن في حقل الدعوة والدين ،وفي مجال تدريس العلوم الشرعية فی
المدارس الدينية والجامعات الرسمية ،ويذکرون شيخهم بکل أساليب المدح والثناء،
ويفتخرون أنهم تلامذة العلامة الألباني –رحمه الله -نفعه جار فی صورة تلامذته ،وهو
شريك في حسناتهم مصداقا لقول الرسول « :إن الدال على الخيرکفاعله».39
المطلب الثالث :أثره في أمن المجتمع الباكستاني
إن رسالة الإسلام تح ّث على تعاون الناس على البرّ والتقوى ،والمصالح العليا للمجتمع،
ولا يتحقق ذلك إلا بالإيمان والعمل الصالح ،قال تعالى﴿ :اَلّ ِذي َن آَمنُوا َوَلْ يَْلبِ ُسوا إِيمَاَنُْم
بِظُْلٍم أُولَئِ َك َْلُُم اْلأَْم ُن َوُهم ُّم ْهتَ ُدو َن﴾ [الأنعام .]82:وتدعو كذلك إلى إشاعة قيم
286
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
الإسلامية ومبادئه النبيلة على قواعد راسخة لتعزيز العلاقات مع الآخرين كالعدل والتراحم
والإحسان ،قال تعالى﴿ :إ َّن اََّّللَ ََيُْمُر ِبلَْع ْد ِل َواْلِإ ْح َسا ِن َوإِيتَاِء ِذي الُْقْرَََٰب َويَْن َه َٰى َع ِن
الَْف ْح َشاِء َوالْ ُمن َك ِر َوالْبَ ْغ ِي يَِعظُ ُك ْم لََعَلّ ُك ْم تَ َذَّكُرو َن﴾ [النحل.]90:
ولأجل تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع ،وإيجاد ربط شباب الأمة بعلمائها
الموثوقين الربانيين من خلال عقد اللقاءات المفتوحة معهم؛ لأنهم ورثة الأنبياء ،وهم
مسؤولون عن تبصير شباب الأمة وتوعيتهم بحقيقة الإسلام وسماحته ،وعليهم المدار في
تعزيز أمن المجتمع العالمي والمحلّي والدولي ،وعدم ربط شباب الأمة مع العلماء الربانيين
يقابله الأخذ عن غير الأكفاء ومن العوام الجهلاء ،وإذا وقع ض ّل الناس ،كما ورد في
حديث مرفوع عن النبي يقول« :إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينترعه من العباد ولكن
يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا ،فضلوا
وأضلوا».40
وهذا الربط مع العلماء الربانيين يُح ّذر الشباب من الشذوذ الفكري الذي يؤّدي
إلى الخروج عن الجماعة ،وعصيان ولي الأمر ،وانفلات التفكير ،وإراقة الدماء ،واستباحة
الحرمات ،أما العلامة الألباني –رحمه الله -وعلاقته مع أهل باكستان عامة ومع جمعية أهل
الحديث 41خاصة علاقة منهجية على أساس الكتاب والسنّة ،فمنهج الإمام الألباني –
رحمه الله -يهتم بنشر الوعي الإسلامي الصحيح على منهج السلف الصالح الذي يب ّصر
العقول بالمفاهيم السليمة للإسلام ،ويرشد السلوك نحو فعل الخير واجتناب الشّر ،ويعّزز
في النفوس حرمة الدماء والأعراض والأموال انطلاقا من قول النبي « :كل المسلم على
المسلم حرام دمه وماله وعرضه».42
منهجه معروف فيكلكتبه ورسائله وفتاواه ،وكذلك في المواد التسجيلية الصوتية
من دروس ومحاضرات وندوات ومقالات ،وخاصة رسالته "هذه دعوتنا" تدعو المسلمين
إلى منهج السلف الصالح ،وإلى الجماعة ،وهي سبيل المؤمنين انطلاقا من قول الله تعالى:
﴿َوَمن يُ َشاِق ِق الَّر ُسوَل ِمن بَ ْع ِد َما تَبَََّّي لَهُ اْلَُدى َويََتّبِ ْع غََْْي َسبِي ِل الْ ُمْؤِمنََِّي نَُولِِه َما
287
الفصل الخامس عشر
تََوَّل َونُ ْصلِِه َجَهَنّ َم َو َساء ْت َم ِصْياً﴾ [النساء .]115:ومفارقة جماعة المسلمين والخروج
عن سبيبلهم هي اتباع غير سبيل المؤمنين الموعود بالنار .43ورّكز في هذه الرسالة على
أركان الثلاثة :الكتاب ،والسنّة ،واتباع السلف الصالح ،ومن زعم أنه يتّبع الكتاب والسنة
ولا يتّبع السلف الصالح فإنه في زيغ وضلال 44قد ف ّصل في هذه الأمور الثلاثة.
لما سئل عن توجيه الكلمة "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على
أرضكم" فأجاب العلامة الألباني –رحمه الله -بأن هذه الكلمة خرجت من بعض الدعاة،
فهذه الكلمة كلمة حق ،ندعو إليها في محاضراتنا وندواتنا ،وهو منهجنا أن نتعلّم العلم
النافع ،وأن نعمل بالعمل الصالح ،وحينئذ يأتي نصر من الله تبارك وتعالى ،وهذه الكلمة
خلاصة كل الآيات والأحاديث التي تأمرنا بالعلم والعمل الصالح ،أما العمل السياسي أو
انقلاب عسكري فهي بدعة معاصرة ،تخالف النصوص الشرعية ،والدعاة الذين يدعون
إلى العمل السياسي فنقول لهم ،طبّقوا هذه الكلمة في حياتكم ،وأقيموا العقيدة الصحيحة
في قلوبكم ،ثم العمل الصالح كما في قوله تعالىَ﴿ :وقُِل ا ْع َملُوا فَ َسََْيى اََّّللُ َع َملَ ُك ْم
َوَر ُسولُهُ َوالْ ُمْؤِمنُو َن ۖ َو َستَُرُّدو َن إََِٰل َعاَِل الْغَْي ِب َوال َّشَها َدةِ فَيُنَبِئُ ُك ْم ِبَا ُكْنتُ ْم تَ ْع َملُو َن﴾
[التوبة.]105:
ولا نهضة للمسلمين إلا بتحقيق أساسين اثنين :التصفية والتربية ،يظن بعض
الناس أن التصفية لا قيمة لها ،وهي أصل الإسلام ،تصفية الإسلام من كل ما دخل فيه
تخالف الكتاب والسنّة ،سواء كان في العقائد أو التفسير أو في الفقه أو في سلوك
المسلمين.45
فرسالة الشيخ "هذه دعوتنا" رسالة عظيمة النفع والفائدة لعامة الناس
وللشباب ،ومفيدة في فهم منهج السلف الصالح ،ومنهج الشيخ الألباني –رحمه الله -في
الدعوة والسلوك والتربية ،ولأجل أهميتها تُرجمت إلى اللغة الأردية لاستفادة الناس ،وترجمها
الشيخ أبو ضياء محمود أحمد غضنفر ،والشيخ طارق على بروهي ،ونالت هذه الرسالة
قبولا عظيما ،وإعجابا شديدا بعد صدورها لدى الناس ،وقد صدرت لهذه الرسالة حتى
الآن أكثر من عشرة طبعات من باكستان والهند وكشمير المحتلة .فعلى هذا الأساس تعمل
288
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
وتسعى جمعية أهل الحديث في باكستان 46وعلماء هذه الطائفة يدعون إليه على بصيرة،
كما أفتى الشيخ ثناء الله المدني ،تلميذ الشيخ الألباني ومفتى جمعية أهل الحديث في
باكستان في هذا الصدد" :أن العمل السياسي المعاصر (الانقلاب العسكري) بدعة
مغربية ،منذ ما دخلت هذه البدعة في الدول الإسلامية دّمرت كل شيء ،ونتج من هذا
تكوين الأحزاب السياسية التي خّربت كل الأمور ،فهذه الأحزاب تقوم على المبادئ
الوضعية التي تخالف أصل الإسلام والإيمان ،فعلى المسلمين أن يجتنبوا هذه البدعة المغربية،
انطلاقا من قول الله تعالىَ﴿ :ولا تَ َعاَونُوا عَلَى الِإِْْث َوالْعُ ْدَوا ِن َواَتُّقوا اََّّللَ إِ َّن اََّّللَ َش ِدي ُد
الِْعَقا ِب﴾ [المائدة ]2:وليست هذه فريضة دينية ،بل هي تدّمر أهداف الرسالة الإسلامية
وتُشتّت وحدة المسلمين".47
وأفتى الشيخ عبد الستار الحماد –تلميذ الألباني -في فتاواه حيث قال" :أن كل
حزب عسكري سياسي يقّرر عقيدته وعمله خلاف الكتاب والسنّة ،والبدعة هي المخالفة
للكتاب والسنّة ،والمبتدع يزعم بأنه يُثاب على هذا العمل-أعاذنا الله منه -والانقلاب
العسكري هي البدعة لأن فيها حب جاه ومال انطلاقا من قول النبي« :ما ذئبان
جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه» 48فينبغي لنا
أن نتبع الكتاب والسنّة ،ولا نذهب يمينا أو يسارا" .49وقال في مقام آخر" :إن الانقلاب
بدعة مغربية ،ليست لها علاقة بالإسلام ،لو قامت الحكومة على الشريعة الإسلامية،
وعلى الكتاب والسنّة وعلى العدل ،على الرأس والعين ،نحترمها ونق ّدرها ونؤيّدها ،وندعو
الناس إليها".50
وجمعية أهل الحديث في باكستان منذ بدايتها وتأسيسها توافق منهج العلامة
الألباني –رحمه الله -في تعزيز الأمن الاجتماعي ،وتدعو أيضا إلى التصفية والتربية51
وتدعوا إلى قيام المؤسسات التعليمة والتربوية والدعوية للوقاية من الفكر الانقلايي
السياسي ،وتدعو إلى ترشيد مناهجها بما يتوافق مع المنهج الإسلامي الحق ،وتقدم رؤية
إسلامية رشيدة تستهدف مكافحة الغلو والتطرف وتحمي المجتمع من آثاره ونتائجه،
وتدعو إلى العناية بتأهيل العلماء والدعاة الذين ينشرون العلم الشرعي الصحيح المستمد
289
الفصل الخامس عشر
من أصول الدين انطلاقا من قول "لا يُصلح آخَر هذه الأمة إلا ما صلح أولها" وتدعو
المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله المتين ،فينبغي للمسلم أن يتعلم الإسلام ويعمل به في
نفسه ،ويدعو الآخرين إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وبهذا يتحقق له الفلاح في الدارين.
وفي خاتمة هذا البحث كان لزاما على الباحث أن يقدم جملة من النتائج التي
تو ّصل إليها من خلالها ،أورد بعض النتائج ،وهي:
.1أداء بعض الشكر لهذا الرجل الفذ على الخدمات التي ق ّدمها في خدمة الكتاب
والسنّة ،انطلاقا من حديث رسول الله « لا يشکر الله من لا يشکر
الناس».52
.2تأسيس مراكز ومؤسسات تربوية لاحتواء الشباب في بلدان إسلامية تحت
إشراف العلماء الربانيين الذين يحملون رسالته ويوافقون أفكاره النبيلة.
.3القيام بتراجم الكتب والرسائل للإمام الألباني في عدة لغات في العالم الإسلامي،
ونشر كتبه ورسائله مجّانا بين عامة الناس وطلاب العلم كما تهتم جمعية أهل
الحديث في باكستان بنشر كتبه على نفقات المتبرعين للتوزيع مجانا.
.4إنشاء الجّو الرجوع إلى العلماء الربانيين الراسخين لتوضيح المفاهيم الشرعية
الملتبسة على الشباب كالجهاد ،والتكفير ،والحاكمية ،والولاء والبراء ونحوها التي
ش ّكلت أخطاؤها ومغالطاتها محاور رئيسية في ضلال الأفكار.
.5القيام بمراجعة كتبه ورسائله ،لأن كل أحد من العلماء يخطئ ويصيب كما قد
وقع بعض الأخطاء في مؤلفات الإمام –رحمه الله.-
وهذه نبذة يسيرة عن سيرة هذا الإمام الداعية الكبير والعالم الجليل الذي قضى حياته
في خدمة السنة المطهرة ،والدفاع عنها بكل ما أوهب الله صلاحيات ومؤهلات ،فحّقق
عديدا من نفائس كتب الحديث النبوية الشريفة ،فهو مشكور على أعماله الجليلة،
وجهوده الطيبة ،وعلى عنايته بالسنّة ،جزاه الله خير الجزاء ،وصلى الله وبارك على سيدنا
وشفيعنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،والحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات.
290
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
1أستاذ مساعد ،أكاديمية الدعوة ،الجامعة الإسلامية العالمية ،إسلام آباد ،باكستان.
2محمد إبراهيم الشيباني ،حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه( ،الكويت :الدار السلفية ،ط،1
1987م) ،ج ،1ص46؛ ومحمد حامد الناصر ،علماء الشام في القرن العشرين( ،الأردن :دار المعالي،
ط2003 ،1م ،ص.175
3المرجع السابق ،ص.179
4الشيباني ،حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ،ج ،1ص.57
5محمد بيومي ،الألباني :حياته دعوته جهوده في خدمة السنة( ،دار الغد الجديد ،ط1427 ،1هـ)،
ص.30
6محمد بن عبد الرحمن بن قاسم ،فتاوی الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ( ،مطبعة الحكومة ،ط،1
1399م ،ج ،4ص.92
7عبد العزيز بن محمد السدحان ،الإمام الألبانی :دروس ومواقف وعبر( ،الرياض :دار التوحيد ،ط،1
1429هـ) ،ص.217
8المرجع السابق ،ص.218
9مجلة الأصالة ،العدد ،32 :ص.45
10أحمد بن عبد الرزاق الدويش ،فتاوى اللجنة الدائمة( ،الرياض :دار المؤيد للنشر والتوزيع،
1424هـ) ،ج ،12ص.324
11محمد الغزالي ،فقه السْية ،تحقيق :محمد ناصر الدين الألباني( ،دمشق :دار القلم ،ط1988 ،7م)،
ص.9
12يوسف القرضاوي ،الحلال والحرام( ،بيروت :المكتب الإسلامي ،ط1415 ،15هـ) ،ص.8
13حياة الشيخ الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ،ج ،2ص.545
14عبد القادر جنيد ،کشف التلبيس ورفض التشويش الواقع فی مقالات العسکر حول الألباني،
ص.75
15حياة الشيخ الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ،ج ،2ص.549
16الإمام الألباني :دروس ومواقف وعبر ،ص.292
291
الفصل الخامس عشر
17انظر ترجمته في مجلة الدعوة السعودية ،العدد ()1087؛ وأبو بكر قدوسي ،سْية العلامة إحسان
إْلي ظهْي( ،لاهور :مكتبة قدوسية ،ط2015 ،1م) .مؤلف هذا الكتاب من أقربائه ،استشهد أبوه في
تلك الندوة ،وهوكتاب ضخيم ومفيد في موضوعه في اللغة الأردية.
18محمد إسحاق بهتي ،علماء أهل الحديث من مدينة روبر( ،لاهور :أكاديمية محدث الروبري)،
ص .154-153وأخذت المعلومات عن سيرة الشيخ من ابنه البار محمد إبراهيم كيلاني خريج الجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة.
19كان بينه وبين الشيخ الألباني –رحمه الله -علاقة ود ومحبة ،شهد عليه الشيخ أبو عبد الله خالد بن
أحمد العلاونة بعد وفاة الألباني –رحمه الله -وكتب إليه" :أخي الحبيب الأستاذ الدكتور حافظ عبد الرحمن
مدني حفظه الله! في هذه المناسبة لا بد أن أبشرك بأن شيخنا قد مات وهو راض عنك ،ولك في قلبه
مكان كبير ،فقبل شهور قليلة وعندما كان شيخنا يجلس معي في سيارتي تذاكرت معه رحلتي إلى
باكستان فسألني عنها وعن أحوالها ،وعندما ذكرتك له قال لي :إن طلاب العلم في القارة الهندية من
أحسن وأدب طلاب العلم في العالم الإسلامي ،وإن الدكتور حافظ عبد الرحمن مدني من أحسنهم أخلاقا
وأدبا" .انظر :مجلة شهرية محدث ،جلد 31وعدد 11طبع في شهر نومبر 1999م.
20كاتب هذا البحث أكمل دراسته الابتدائية والثانوية والعالية والعالمية من كلية القرآن الكريم والعلوم
الإسلامية على يدي الحافظ عبد الرحمن المدني ،درست عليه التفسير وأصوله وكذلك أصول الفقه
وأصول الدعوة وفقهها المعاصرة.
21علماء أهل الحديث من مدينة روبر ،ص.156-154كاتب هذا البحث من تلامذة الشيخ الحافظ
ثناء مدني ،قرأت عليه صحيح البخاري – بحمد الله -كاملا في سنتين عام 2000-1999م بجامعة
لاهور الإسلامية ،وكان الشيخ يحبنيكثيرا -فلله الحمد والمنة.-
22محمد إسحاق بهتي ،دبستان حديث( ،لاهور :المكتبة القدوسية) ،ص.558-555
23عمرو عبد المنعم سليم ،السلفي عند الشيخ ناصر الدين الألبانی( ،دار الضياء بدون الطبع وتاريخ
النشر) ،ص.17
24مجلة شهرية محدث ،جلد 31وعدد 11طبع في شهر نومبر 1999م.
25الشيخ محمد رمضان السلفي خريج جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ،ويعمل كأستاذ وشيخ
الحديث في جامعة لاهور الإسلامية ،ومشتغل في تدريس الحديث منذ زمان ،وهو معروف في الأوساط
العلمية والدعوية في باكستان.
292
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
26سنن أبي داود ،كتاب الملاحم ،باب ما يذكر في قرن المائة ،رقم الحديث ( ،)4291وصححه الشيخ
الألباني في السلسلة الصحيحة ،ج ،2ص.148
27هو الدكتور حميد الله ،خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ،وكان أستاذا في جامعة بنجاب
الحكومية ،والآن هو متقاعد.
28مجلة شهرية محدث ،جلد 31وعدد 11طبع في شهر نومبر 1999م.
29الشيخ إرشاد الحق الأثري علم من أعلام السلفية ومدير الإدارة الأثرية بفيصل آباد ،وله مصنفات
عديدة وتحقيقات كبيرة مثل تحقيق مسند أبي بعلى وغاية المقصد في زوائد المسند والعلل المتناهية في
الأحاديث الواهية والتعقيب على التقريب وغيرها ،وهو من محبي الشيخ المحدث الألباني ،لم يتشرف بلقيه
ولكنه دائما يدافع عنه في المجلات العلمية والدروس العلمية والدعوية ،ويحض طلاب العلم والعلماء
لمطالعةكتب الشيخ الألباني.
30مجلة شهرية محدث ،جلد 31وعدد 11طبع في شهر نومبر 1999م.
31كان من كبار علماء أهل الحديث ،وكان من شيوخ الحديث في مدراس عديدة ،توفي في أغسطس
سنة 2017م.
32محمد المجذوب ،علماء ومفكرون عرفتهم( ،الرياض :دار الشواف ،ط1992 ،4م) ،ج،1
ص290؛ وعبد الله محمد الشمراني ،ثبت مؤلفات المحدث الكبْي الإمام محمد ناصر الدين الألباني،
(الرياض :دار ابن الجوزي ،ط1422 ،1هـ) ،ص.43
33محمد ناصر الدين الألباني ،تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد( ،بيروت :المكتب الإسلامي،
ط1403 ،4هـ) ،ص.7-6
34وله عدة تراجم ،الأول :ترجمة الدكتور عبد الرشيد أظهر ،طبعه مجلس التحقيق الإسلامي بلاهور،
الثاني :الشيخ عبد الوهاب الحجازي ،طبعه المكتبة المحمدية بلاهور ،أما الترجمة الثالثة طبع بالهند ،قامت
بطباعتها إدارة البحوث الإسلامية والدعوة والإفتاء ببنارس الهند.
35كلاهما من تلامذة الشيخ الألباني –رحمه الله ،-درسا عليه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ،وهذه
الفتاوى نالت إقبالا عظيما لدى الناس ،وطبعت أكثر من مرة.
36سليم الهلالي ،الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة( ،مركز الدراسات المنهجية السلفية،
ط1997 ،3م) ،ص.165
37الشيباني ،حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ،ج ،1ص.68
293
الفصل الخامس عشر
38خالد سيف ،وسيلة كے انواع واحكام "التوسل :أنواعه وأحكامه"( ،فيصل آباد :طارق أكادمي،
ط ،)1ص.9
39سنن الترمذي،كتاب العلم ،بَا ُب َما َجاءَ ال َّدال َعلَى الخَْير َكَفا رعلره ،رقم الحديث (.)2670
40صحيح البخاري،كتاب العلم ،بابكيف يقبض العلم ،رقم الحديث (.)100
41تعتبر جمعية أهل الحديث هي أقدم جماعة دينية منظمة في شبه القارة الهندية ،أنشئت قبل تحرير الهند
وظهور باكستان للوجود ،لكن لعب الاستعمار البريطاني والجماعات الصوفية في المنطقة دوًرا في إبعاد
عامة الناس عن هذا التيار حيث وصفوه بالوهابية التي تعني في باكستان جماعة خارجة عن الإسلام.
42صحيح مسلم ،كتاب البر والصلة والآداب ،باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ،رقم الحديث
(.)2564
43انظر :الألباني ،هذه رسالتنا( ،الجزائر :دار المحجة ،ط1434 ،1هـ) ،ص.14
44المرجع السابق ،ص.16
45مشهور بن حسن وأحمد الشكوكاني ،بدعات كا انسائيكلو بيدَي "قاموس البدع" ،ترجمة :الدكتور
شهباز حسن( ،مئو ناتهـ بهنجن بالهند :مكتبة الفهيم ،ط2013 ،1م) ،ص .771ولم يتفرد بهذه الفتوى
الشيخ الألباني -رحمه الله -بل شاركه علماء كبار من المعاصرين وعلى رأسهم اللجنة الدائمة للإفتاء
الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ عبد الرزاق عفيفي وعلماء أهل الحديث –رحمهم الله -من
باكستان والهند والبنغال.
46لما احتل الجنرل مشرف على الحكومة بتعاون الجيش العسكري عام 1999م ،لم يخالفه إلا بروفيسر
ساجد مير -أمير جمعية أهل الحديث المركزية في باكستان -في البرلمان ،وهذا معروف في الأحزاب
السياسية والأوساط الدينية.
47ثناء الله المدني ،فتاوى ثنائيه مدنية ،التبويب والترتيب :عبد الشكور المدني( ،لاهور :دار الإرشاد)،
ص.195
48سنن الترمذي،كتاب الزهد بدون باب ،رقم الحديث(.)2376
49عبد الستار الحماد ،فتاوى أصحاب الحديث( ،لاهور :المكتبة الإسلامية ،ط2007 ،1م)،
ص.)36-35
50المرجع السابق ،ص.498-497
51معتقدات جمعية أهل الحديث وأفكارها -1 :التوحيد -2الاتباع في ضوء فهم السلف الصالح -3
تقديم النقل على العقل -4التزكية الشرعية -5التحذير من البدع -6التحذير من الأحاديث الضعيفة
294
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
والموضوعة -7تطبيق النظام الشرعي -8محاربة الفرق الضالة المنحرفة .انظر :الموسوعة الميسرة في
الأدَين والمذاهب والأحزاب المعاصرة( ،دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع ،ط1420 ،4هـ)،
ج ،1ص.181-169
52مسند الإمام أحمد ابن حنبل( ،بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط1420 ،2هـ1999/م) ،رقم
الحديث( )7939وصححه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد للبخاري( ،دار الصديق ،ط،1
1421هـ) ،ص ،99رقم الحديث(.)98
295
الفصل السادس عشر
جهود دولة قطر في التعايش السلمي وتحقيق السلم العالمي:
مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجا
د .محمد رفاعي محمد أمين
حياة الإنسان في هذا الكون ترتكز على أسس الأمن والاستقرار
والتآخي والانسجام والاجتماع ،وأن الأمن والسلام يعتبران من الأهداف السامية
لجعل الفرد والمجتمع في حالة الاستقرار والثبات ،وهما من أعظم النعم التي تفضل
الله سبحانه وتعالى به على بني البشر.
ولا شك أن كل فرد ومجتمع بحاجة الى التعايش مع الآخر ،ولا يمكن
لأي مجتمع ان ينهض بمقومات وجوده الا من خلال التعايش مع الآخرين
باعتباره حاجة ضرورية لابد أن يتم تنظيمها وفق مبادئ وقواعد وأسس بحيث
يستقر المجتمع بعيدا عن تسلط المصالح الأنانية الضيقة والأمور التي تهدد سلامة
العلاقات الاجتماعية.
فقد أصبح الاختلاف بين الناس ـ منذ القدم ـ سمة بارزة ،وقلما تجد
مجتمعا ،يخلو منه؛ لذا فقد سعى الشرع الحنيف إلى حفظ الجنس البشري من
خلال خلق وتفعيل الآليات ،التي تحقق التوازن الإنساني داخل المجتمعات ،وتحول
دون تفاقم خـــطورة الاختلاف ووصوله الى حدود النزاع والاقتتال ،عْبـر تقريره
لمبدأ التعايش السلمي -بين مختلف المكونات التي تدين بأديان وتوجـهات
الفصل السادس عشر
عقائدية مختلفة ـ الذي يضمن أسباب التقارب ،بل والتوادد والتحابب ،كما
يحفظ حقوق الجميع من غير غ ْمط أو تجاوز.
إ ّن التعايش السلمي بين بني الإنسان لا يقوم إلا على أُسس راسخة
وقيم عظيمة تُبنى لمصلحة البشر ،ولا يوجد قانون يُنظم حياة البشر مثل قانون
السماء الذي أرسل به خاتم الرسل والأنبياء سيدنا مح ّمد فهو قانون يهدف
إلى صون البشرية جمعاء وفق ضوابط قائمة على البر والتقوى والرحمة والإحساس.
لقد خلقنا الله تعالى ،وجعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف ونتعايش وفق قيم
تحترم الإنسان ،وبموجب ضوابط تكفل لكل فرد حقه في العيش بسلام واستقرار.
ووضع الشرع الحنيف مبادئ عظيمة لتطبيق هذا في الواقع منها التعايش السلمي
بين بني البشر ،حيث ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل ،وجعل من المبادئ
المقررة أن يرحم القوي الضعيف ،وهنا تظهر قيمة التعايش السلمي بين كل
طبقات المجتمع ،وتتحقق ثمار الرحمة بعد بسط ثقافة "الراحمون يرحمهم الرحمن"،1
ولا شك في أنه إذا شاعت ثقافة الرحمة بين القوي والضعيف ،وبين الأفراد والأُمم
فإ ّن البشرية ستشهد مراحل عظيمة من البناء النفسي والإيماني ،ستظهر نتائجه
على الأُمم في صورة تعايش حميد.
إن مبدأ التعايش يمثل نظرية اجتماعية تعكس الجانب الإنساني
للخطاب الديني مــــن جهة ،وتكشف عن البعد الأخلاقي للمنظور الإسلامي،
الذي يبّين عالمية الدين الإسلامي ،وأنه شْرع ينفتح على جميع المكونات
الإنسانية ،بما هي إنسانية بغض النظر عن الإنتماء الديني أو الميل العقائدي.
297
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
موقف الدين الإسلامي من التعايش السلمي
لقد أنزل الله سبحانه وتعالى الشرائع وبـعث الأنبياء -عليهم السلام -لتنظيم
حياة الإنسان في هذا الكون ،ويقع مبدأ التعايش السلمي علــى رأس لائحة
النظم التي يُراد منها حْفظ النظام والنوع البشري مــن آفة النزاع ،والذي كان من
الآليات التي اعتمدها الإسلام في معالجة التنوع العقدي والاختلاف الديني الذي
ألِفته البلاد الإسلامية،كنتيجة حتـــــمية لاحتضانها مختلف الرسالات.
لقد صرح الخطاب القرآني بعالمية الإسلام ،وأنه الرحــمة المتمثلة
بشخص الرسول الأعظم -صلى الله عليه -المهداة إلى العالم أجمع ،وليس للعرب
فحسب ،قـــال تعالىَ﴿ :وَما أَْر َسْلنَا َك إِالا َرحْمَةً لِّْلَعالَِميَن﴾ [الأنبياء ،]107:لذا فقد
جاءت طائفة من الآيات التي تـُّعبر عن البعد الإنساني لتلك الشريعة السمحاء،
والتي تدفع نحو مبدأ التعايش السلميكأسلوب يخطه الإسلام ويعتمده في التعامل
ِّمموقَعان االللُْ:مذيْش﴿نَِروكِقُلياوَلُنيوااعتلِْسنلتَناقاَوجاِنسَرَأكُوحفَأْيَسنًِعاجتْقرهُ﴾د[وَاحلَنباّقٰتربةا:يَل3إْسَ8سم]لَ،عامَوك،لَغياقرَامهاالللاـمِهسبنُثااحلاأَآنبْيهلِاْغهُوتتعَماالأْلَتمىنَي:هت﴾ك﴿[َواشإلِتْونبفةأَ6َ:عح]ٌد،ن
طبيعة العلاقة مع غير المسلمين.
إن النبي في الوقت الذي عقد فيه مواثيق الأخوة بين المسلمـين،
سعى الى عْقد مواثيق المعاهدة بين المسلمين وغير المسلمين ،وذلك حين وضع
الصحيفة التي تضمنت الخطوات الأولى لدستور المدينة المنورة الذي رام مــن ورائه
تنظيم الشؤون الاجتماعية لساكنيها من المسلمين وغير المسلمين ،من خلال
إبرام عقود المؤاخاة بين المسلمين أنفسهم ،وعقود الموادعة بين المسلمين واليهود.
298
الفصل السادس عشر
لقد وضع القرآن الكريم منظومة من القواعد الواضحة لحفظ المجتمعات
البشرية وإبعاد الفتن الطائفية عنها،كما أعلن الإسلام في مكنون آياته أن الناس
اتنَـاجلْفمإَسيناعٍءَاسسًلُاوَنقواَيندِ،حبَِدِهٍُةخحليَواَقوْلوأَاَثخْلَرقََمحقاانَمِلمْنـاإنَِلهفلاانه اٍَتزّسَْاولعلَاَجلواََكهىاا:حَنَدوبَة﴿َع،يَلَااثْيممأَُِّكمياـُْنـْمَهُيهاَعَرمقِانايليبنًاااِرأَجن﴾ُساهًلم[اااتلـانُقَمكسثِواايشءًر:اتَررب1اكَ]وُنكِوُ،منَسفاالاءًفجِيذَموايتاـيوعُقحاواَلخدبلَاةَّقَالشلَاُكرلامألاعِذِّلمصينلى
وجه هذه الأرض يشتركون في الإنسانية ،وبالتالي كفل لهم الإسلام الحق بالحياة
والعيش بكرامٍة؛ دون تمييٍز بينهم ،وذلك من مبدأ أن الإنسان ُمكارمٌ لذاته ،دون
الالتفات إلى ديانته أو عرقه أو لونه أو منشئه ،فجميع أفراد المجتمع أسرة واحدة،
بَِنَخيلَْقآنََادَمتَـَْفوحَِمضَْلينَلًااُه ْ﴾م
َعلَ﴿َٰوىلََقَكْدثِيٍرَكارِمّْممانَْان قال تعالى: ولهم حقوق معينة ،وعليهم واجبات،
َوفَ اضْلنَا ُه ْم ِفي الْبَِّر َوالْبَ ْحِر َوَرَزقْـنَا ُهم ِّم َن الطايِّبَا ِت
[الإسراء.]70:
أما الاختلاف الظاهر في أشكال الناس وألوانهم وأجناسهم ولغاتهم
الله الخالق وقدرته وإبداعه في خلقه ،قال تعالى: إلا دليلاً على عظمة فليس
فَوإاْلذاأَْرُوِِجضدَواالاختلختالاف أَفلْ ِفسينَتِالُكمجْمتمَوأعَلْاَوانِتُكالْمب إِشانريةِفيفينٰذَبلِغ َيك ال اس َماَوا ِت لِّآْليََعاتاِلِِهِميَخَنْل ُق﴾ َلآ﴿يََاوِمٍْتن
[الروم.]22:
فئة أأنخريىكولأننذلذلككميُنوِاجلدظاولاعهدرا اولةطبوايلبعيّغة،ضاءولافيينبالغمجتيملعفئةويثايلترعااللنيعراوالتت اكلبرطائعفليةى
بين
أفرادها ،بل ينبغي أن يكون ذلك الاختلاف سبيلاً للتعارف والتواد والتراحم بين
تلِتَـعاَعالَىرفُ:وا إِ﴿يَاان الواحد ،والسعي لإيجاد المصالح المشتركة بينهم ،قال أطياف المجتمع
َخلَْقنَا ُكم ِّمن ذََكٍر َوأُنثَ ٰى َو َجَعْلنَا ُك ْم ُشعُوبًا َوقَـبَائِ َل أَّيـَُها الناا ُس إِنا
299
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
أَ ْكَرَم ُك ْم ِعن َد اَّالِل أَتْـَقا ُك ْم إِ ان اَّاللَ َعلِيٌم َخبِيرٌ﴾ [الحجرات ،]13:فقد أشار الله سبحانه
وتعالى في الآية السابقة إلى أنه لا مجال للتفاضل بين الناس إلا على أساس
التقوى والقرب من الله -عز وجل -ومدى تطبيق شرائعه والالتزام بما جاء به
الرسل عن الله.
أما من لم ينتسب إلى الإسلام من الأديان الأخرى التي جاءت من عند
الله قبل مجيء الإسلام ولم يؤمن بالله ،فإن القرآن الكريم لم ينظر إليهم بانتقاص،
أو على أنهم ليسوا بشراً ،وأنه لا يحق لهم ما يحق للمسلمين؛ بل نظر إليهم نظرة
تسام ٍح ولين ،ولا ينبغي على المسلم تجاه من خالف الاعتقاد السليم من غير
المسلمين إلا دعوتهم إلى الله على سبيل النصح ،فإن أطاعوا فبها ونعمت ،وإن
أبوا إلا البقاء على معتقدهم؛ فلا إكراه في الدين ما داموا لم يعادوا دين الله
ِّمذررواييمحَحعنةاه،ىاِردبيَااوقتهلاِروُإ.كلْجمقساُادألَلمالنممتتصَنعبَّعاطرُلفومدىُهمىْ:سميالرَموِة﴿تـُالْسقأاارِبفيسـَعْنيـسطُيَهبوناذامُلُعكإِلاَعُمْياِكهِاهًمٍّ:دَاْمالل)ُۚأ«»إِومَ،عانِننفذايّاّمَقلاالتكلَِيذويل،يُِحنَنإُمّألَُعمنْبمااياـَُنهلكَْقهاًُادمماتِْنقلُلِموبمسُكينكِْمطيـَهفَيرِفَونْلحيوباًا﴾يلرابنئّ[ِداليماصلحممِنرتيَةسَحواحنللَملْة:مجأيناُيم8خِْة]نرِرُ.،اجلعكونوإقُكبمايندما
والاعتداء عليهم جريمةٌ لها عقابها الشرعي.
إن سنة النبي وسيرته كانت مثالا حيا وانعكاسا جليا ،لمفاهيم
ومبادئ التواصل الإنساني الذي يتعدى حدود الدين ،ويتــجاوز أسوار العقيدة،
لتشكل قدوة يُحتذى بها وأسوة يُقتدى بها .ومن الدول الإسلامية التي تعيش في
أراضيها أناس من أجناس مختلفة في انسجام ووفاق وسلام هي دولة قطر.
300
الفصل السادس عشر
جهود دولة قطر في التعايش السلمي والسلام العالمي:
قطر دولة إسلامية عربية خليجية ،تبلغ مساحتها 11.437كيلو متر مربع،
ويقطنها حوالي 2.7مليون نسمة ،أغلب سكانها من الوافدين من دول العالم
من جنسيات مختلفة وأديان متعددة وأعراق متنوعة .ودولة قطر تتخذ الشريعة
الإسلامية قانونا لها.
لقد دأبت دولة قطر منذ تأسيسها على إيلاء الأهمية القصوى للتعايش
بين الناس بغض النظر عن اختلافاتهم المذهبية والثقافية والدينية ،إيمانا منها بأن
الأصول العامة في الإسلام من أكبر ما حصلت عليه الإنسانية من وسائل لدعم
التقارب والحوار والتعايش والوحدة ،لأنها في مجمل نصوصها قصدت إلى حفظ
ما يحفظ النوع البشري ويدعم بقاءه وازدهاره وتطوره ،وتتجلى النعمة والمنحة
العظيمة في المقومات الأساسية التي وضعها في مجال الفهم والتفاهم بين الأفراد
الوِعانانلاَدشُاسعَّاإِولِلناأَبتْـََ،خقلَاعْقُكلنَاْمىُك ۚامۚخِّمإِتلاننااّذََالَكفلٍَرأَعدَلوِأيُيناثنٌَمهٰاىَخَوبِوأيَجعرٌَعراْلق﴾نَاه[ااُكلْحموبجيرئاُشاعُتتهو:ابًا3فَ1يو]قَـبَاظئحِلياَل للِثتَـقَعأاولَشرفهاُوراتع ۚاتۚلاىإلِ:آانيةأَ﴿اْيكَلاَرَمأكَّيـُريُكمَهْامة
إلى وحدة الأصل لتثبيت الأخوة الإنسانية ذات المصدر المشترك ،كما أشارت
إلى ضرورة أن تُبنى العلاقا ُت بين المجموعات البشرية الكبرى على التعارف في
ظلال التقوى التي تدعو إلى تبادل صفات الخير ،ومنها التسامح ،والاحترام،
والتفاهم ،والتعايش السلمي ،وتنوع الحضارات والثقافات وتفعيل القيم الإنسانية
المشتركة بين الشعوب؛ حرصاً أن يكون تنوعاً بناءً يهدف إلى التعارف بما يحمله
من قيم الاحترام المتبادل ،والتضامن المفيد ،وتبادل المنافع بين البشر ،وينبذ كل
المعيقات التي تحول دون تحقيق تلك الغايات السامية وتعميم نفعها.
301
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
تحظى دولة قطر بسجل كبير في مجال الحوار ونشر ثقافة السلام ،فهي
تعد الحوار والسلام جزءا من سياسة الدولة الداخلية والخارجية ،ودائما ما تؤكد
حرصها على تعزيز قيم التسامح والتعاون ما بين الأديان والثقافات ،وسعيها
لإنشاء مؤسسات وطنية ،تعنى بنشر ثقافة السلام وقبول الآخر ومحاربة التطرف
ونبذ العنف على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
والناظر في دستور دولة قطر يجد مادتين ( )50 ،25ما يتضمن مقاصد
الحوار في نصه ،حيث تنص المادتان على قبول التعددية الدينية وقبول الآخر
وحقه في الحياة الكريمة ،فيتساوى الجميع في دولة قطر أمام القانون ،وليس هناك
اعتبارات عنصرية من حيث الدين أو الجنس أو اللون .وكذلك فقد رسخت
الدولة مضامين الدستور فيما يتعلق بمقاصد الحوار من خلال النص على ذلك
في رؤية دولة قطر الوطنية ،والتي تتضمن الانفتاح على الثقافات الأخرى وتشجيع
الحوار البناء الذي يؤدي إلى التعارف والتفاهم والتعايش السلمي.
انضمت دولة قطر إلى الأمم المتحدة عام .1971فهي شريكة
استراتيجية مع الأمم المتحدة ،ولطالما عملت من أجل تحقيق أهدافها ،بما في
ذلك الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين ،ودعم جهود التنمية الدولية ،وتعزيز
حقوق الإنسان وترسيخها ،وتوفير الإغاثات الإنسانية ،والمشاركة في الجهود
والمبادرات الجماعية لمعالجة التحديات الحالية والناشئة التي تواجه العالم.
أود أن أذكر هنا في الكلمة التي ألقتها سعادة السفيرة علياء أحمد بن
سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة أمام المنتدى رفيع
المستوى الذي نظمته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول "ثقافة السلام" بمقر
الأمم المتحدة ،حيث أكدت أن دولة قطر أن لا شيء سيجعلها تحيد عن
302
الفصل السادس عشر
منهجها وسياستها التي تحظى بدعم من المجتمع الدولي ،وستستمر بالإيفاء
بالتزاماتها القانونية والأدبية في مساعدة الشعوب المحتاجة ،والعمل مع شركائها
في المجموعة الدولية لمواجهة التحديات المشتركة ،ومواصلة جهودها لحل النزاعات
بالوسائل السلمية ،وفي مقدمتها الوساطة رغم ما تواجهه من إجراءات أحادية
الجانب بفرض حصا ٍر بري وبحري وجوي غير قانوني.
ونوهت سعادتها في هذا الصدد بتضمين أهداف التنمية المستدامة لعام
2030لمفاهيم تعزيز ونشر ثقافة السلام ،تحديداً الهدف السادس عشر ،الذي
سيكون تحقيقه بمثابة إنجاز نحو تحقيق السلام والعدل لجميع الشعوب ،مشيرة إلى
أن دولة قطر ،تولي أهمية كبيرة لهذا الهدف ،الذي دأبت منذ زمن طويل على
تحقيق العديد من غاياته.
وقالت سعادة السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني إنه إسهاماً من
دولة قطر في الجهود الأممية الرامية إلى منع نشوب النزاعات والوساطة ،فقد
ودموعللةنةق تطهردجفهإولداىً مكبنيعرةاللنحزالعاالنتزا اعلماُسلتحعةنوطحلريهقا الدولة سياسة واضحة انتهجت
السلمية ،حيث بذلت بالوسائل
الوساطة بطلب من الأطراف المعنية ،استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ
الحواركنهج لا بديل عنه في حل النزاعات بين الأطراف ،وقد أثمرت هذه الجهود
بنتائج ُمرضية لجميع الأطراف وكانت موضع ترحيب من المجتمع الدولي.
وأضافت فيكلمتها أنه في إطار السعي الحثيث لدولة قطر لتعزيز السلام
والتفاهم ما بين الشعوب ،والترويج لقيم التسامح والتعاون ما بين الثقافات
والأديان ،فقد قامت بإنشاء العديد من المؤسسات الوطنية التي تُعنى بنشر ثقافة
303
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
السلام وقبول الآخر ومحاربة التطرف العنيف ونبذ العنف ،وتقوم هذه المؤسسات
بدور فاعل في نشر ثقافة السلام على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
وأشارت إلى أن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يسهم بشكل فاعل
في دفع الجهود المبذولة لمكافحة التطرف والكراهية ومد جسور التعاون والتفاهم
بين أتباع الديانات المختلفة ،كما يسهم مركز حمد بن خليفة الإسلامي الذي
أنشأته الدولة في كوبنهاغن بالدنمارك في دعم الجهود الدولية لتعزيز التعايش
السلمي بين الأديان ،إضافة إلى ذلك فإن دولة قطر هي في مقدمة الدول التي
تقدم الدعم لتحالف الأمم المتحدة للحضارات الذي يؤدي دوراً فاعلاً في تعزيز
ثقافة السلام.
وقدكان لدولة قطر مشاركة فاعلة في اجتماعات الأمم المتحدة والجهود
الجماعية ،وذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي على ح ٍد سواء .ويتضمن
ذلك:
-لعب دور الوسيط والمصلح الأمين للمساعدة في الأزمات الدولية .وقد
تضمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر :قضية دارفور ،وجهود الوساطة
بينكل من جيبوتي وإريتريا.
-لعب دورا فاعلا كعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،
حيث تعمل دولة قطر جنباً إلى جنب مع الدول الأعضاء لتعزيز حقوق
الإنسان وحمايتها حول العالم
-إطلاق مبادرات دولية في مجالي التعليم والصحة تساهم في ازدهار
المجتمعات.
304
الفصل السادس عشر
-التعاون مع مجلس الأمن وغيره من منظمات الأمم المتحدة المعنية
الأخرى لمكافحة الإرهاب.
-تعزيز الحوار بين الأديان ودعم تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة.
-العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ،وتقديم المساعدات
الإنسانية.
-تقديم مساهمات مالية سخية لأكثر من 40منظمة وجهة تابعة للأمم
المتحدة.
مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان:
إن إنشاء مراكز حوار الأديان من وسائل التصدي لما يعانيه العالم اليوم من صراع
فكري وثقافي بين أتباع الأديان المختلفة ،نتيجة لانتشار نظريات العنف
والاستبداد ،وتغذيتها إعلاميا ،مما أدى إلى حدوث نزاعات وحروب ومشكلات
دولية امتلأ بها العالم ،فتطلبت الحاجة لإيجاد حلول سريعة لإخمادها أو تخفيفيها
والقضاء على الفتن والعنف والاعتداءات غير المبررة على فئات معينة منم الناس،
وإنقاذ البشرية من التردي في غياهب الصراعات المذهبية والدينية.
ساهمت دولة قطر في تحقيق أهداف الحوار مساهمة قوية ،من خلال
عقد المؤتمرات العالمية للحوار ،وتبني القضايا المهمة للأمة الإسلامية ،ومن ُث
إنشاء مركز متخصص للحوار بين الأديان التوحيدية الثلاثة ،تعمل من خلاله
على مواجهة المشكلات التي تحل بالأمة لمحاولة حلها.
عقد المؤتمر الأول لحوار الأديان في الدوحة سنة 2003م ،بناء على
توجيهات من صاحب السمو الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ،وكان أول
305
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
مؤتمرين حول الحوار الإسلامي المسيحي ،وفي المؤتمر الثالث ضم المركز الديانة
اليهودية لإثراء الحوار والتعاون من أجل التصدي للمشكلات الإنسانية ،وبعد
ذلك توالت المؤتمرات السنوية بين أتباع الأديان السماوية الثلاث ،الإسلام
والمسحية واليهودية.
ُث أنشئ مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في شهر مايو 2007م،
كثمرة لتوصيات المؤتمر الثالث لمركز الدوحة لحوار الأديان ،وتم افتتاحه رسميا في
14مايو ،2008والدور الرئيسي للمركز نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر،
والتعايش السلمي بين أتباع الديانات .ويع ُّد هذا المركز المؤ اسسة الرائدة في قطر
المعنية بالحوار بين الأديان والثقافات ،وبناء القدرات في مجال الحوار وثقافة
السلام.
إن دولة قطر مُمثالة في مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان تؤمن أن بناء
الأمم يبدأ ببناء الإنسان ،وهذا البناء يتم من خلال التعاون مع أخيه الانسان؛
لبناء مجتمٍع قائٍم على الاحترام المتبادل والعيش المشترك بوئام وتجانس مهما
اختلفت الأديان والثقافات والأعراق؛ فكلنا لآدم وآدم من تراب.
ولا يستطيع أح ٌد أن ينكر ما لدولة قطر من ريادٍة في مجال التقارب
والتعايش والدعوة للسلام؛ وذلك ما أكسبها مكانةً عالميةً مرموقة ،وجعلها
واحدًة من دول العالم الأكثر تأثيًرا في مثل هذه القضايا ،وفي كل ما يهم الأمن
والسلم الدوليين .وللحفاظ على هذه المكانة يسعى مركز الدوحة الدولي لحوار
الأديان دائما لإيجاد وسائل متنوعة يرِّسخ من خلالها ثقافة الحوار ،ويدعو
للاقتراب من الآخر وفهمه ،ولوكان بيننا اختلاف ،وساعد في ذلك كون قطر
بل ًدا متعدد الثقافات والجنسيات.
306
الفصل السادس عشر
وقد لقي قرار إنشاء المركز ترحيبًا كبيراً من علماء الدين والباحثين
والأكاديميين المهتمين بقضايا الحوار والتعاون بين الاديان والحضارات والثقافات
المختلفة؛ حيث أشاد العلماء بهذا القرار ،معتبرين أن إنشاء المركز سوف يساهم
في دفع الجهود المبذولة لمد جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الاديان ومختلف
الحضارات والثقافات حول العالم ،مما يساهم في إشاعة جو من السلام والعدالة،
وتخفيف حدة الاحتقان الموجودة بسبب جهل الأطراف لبعضها ،ودخول
المتطرفين من الجانبين على خط إشعال الكراهية بين الشعوب.
رسالة المركز تدور حول الحوار البناء بين أتباع الأديان؛ من أجل فهم
أفضل للمبادئ والتعاليم الدينية لتسخيرها لخدمة الإنسانية جمعاء ،انطلاقًا من
الاحترام المتبادل والاعتراف بالاختلافات ،وذلك بالتعاون مع الأفراد والمؤسسات
ذات الصلة ،كما يعكس رؤية قطر في معاملة كل من يعيش على أرضها من
مواطنين ومقيمين بالاحترام له ولدينه وممارسة شعائره الدينية بكل اطمئنان وراحة
بال بما لا يسيء إلى تعاليم الدين الاسلامي الحنيف وعادات وتقاليد دولة قطر
وشعبها المضياف.
الرؤية :أن يكون المركز نموذجاً رائداً في تحقيق التعايش السلمي بين أتباع الأديان
ومرجعية عالمية في مجال حوار الأديان.
ويهدف المركز إلى:
• أن يكون منتدى لتعزيز ثقافة التعايش السلمي وقبول الآخر.
• أن يكون المركز بيت خبرة يوفر معلومات علمية وتعليمية وتدريبية في
مجاله.
• تفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية.
307
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية •
•
توسيع مضمون الحوار ليشمل الجوانب الحياتية المتفاعلة مع الدين.
توسيع دائرة الحوار لتشمل الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالعلاقة بين
القيم الدينية والقضايا الحياتية.
أنشطة المركز:
-1المؤتمرات الدولية
كانت المؤتمرات السنوية تمثل عمدة النشاط العلمي والحواري للمركز .تمثل
هذه المؤتمرات الملتقى الدوري الفكر ّي والتشاوري بين المفكرين ومُمثِّلي الأديان
الرئيسية (الإسلام والمسيحية واليهودية) بالإضافة إلى كوكبة مختارة من علماء
الأديان والأكاديميين ورؤساء مراكز حوار الأديان من مختلف انحاء العالم ،مما يتيح
للمهتمين بقضية الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة فرصةً لطرح القضايا التي
تهم المجتمعات ،وللتشاور حول التحديات التي تَحول دون العيش المشترك
والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات المتعددة؛ لتعم ثقافة السلام بين بني
البشر .كما يسعى المركز من خلال تلك المؤتمرات لتقريب وجهات النظر بين
الأطراف المختلفة.
ومن خلال هذه المؤتمرات يسعى المركز لتقريب وجهات النظر ،بين
أسا ٍس من القيم أرضيٍة
في ايجاد بعض تمون اصلياّرؤٍتى،تُعسلهىم مشتركة الحلول الأطراف المختلفة؛ للوصول إلى
بصيغة الدينية؛ بهدف الخروج ببعض
الحلول للمشاكل التي تلم بالعالم من حولنا .فعُقد المؤتمر الأول لحوار الأديان
بالدوحة في عام 2003م بعنوان( :حرية التدين) ،وتلاه المؤتمر الثاني عام
2004م بعنوان( :بناء الجسور)ُ ،ث المؤتمر الثالث في عام 2005م بعنوان( :دور
308
الفصل السادس عشر
الأديان في بناء الحضارة الإنسانية) ،وقد أوصى المؤتمر الثالث بإنشاء مركز للحوار
بين الأديان ،وكانت تلك الانطلاقة ،وتوالت هذه المؤتمرات تحت رعاية المركز.
-المؤتمر الرابع :دور الأديان في بناء الإنسان
-المؤتمر الخامس :القيم الدينية بين المسالمة واحترام الحياة
-المؤتمر السادس :القيم الروحية والسلام العالمي
-المؤتمر السابع :التضامن الإنساني
-المؤتمر الثامن :دور الأديان في تنشئة الأجيال
-المؤتمر التاسع :وسائل التواصل الاجتماعي وحوار الأديان (نظرة
استشرافية)
-المؤتمر العاشر :تجارب ناجحة في الحوار
المؤتمر الحادي عشر :دور الشباب في تعزيز قيم الحوار -
المؤتمر الثاني عشر :الأَْم ُن الُّروِح ُّي والِف ْكِر ُّي في َضْوِء التاـَعالِيِم ال ِّدينِياة -
-
المؤتمر الثالث عشر:
-2جائزة الدوحة العالمية لحوار الأديان
تم إطلاق جائزة الدوحة العالمية لحوار الأديان عام 2013م ،والتي تُعد
المبادرة الفريدة من نوعها في هذا المجال على مستوى العالم ،وكان الهدف من
هذه الجائزة دعم وتشجيع جهود ومبادرات الأشخاص والمؤسسات التي كان لها
أثٌر بارٌز في تعزيز الحوار وترسيخ ثقافة السلام.
أما موضوع الجائزة فهو دائ ًما ما يكون متطابًقا مع عنوان المؤتمر
السنوي،كما يُكارم الفائزون بالجائزة خلال حفل افتتاح المؤتمر.
309
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
لأفضل الأديان لحوار العالمية الدوحة عام ُ 2013منحت جائزة -في
في مجال حوار الأديان. ناجحٍة
تجار َب
-في العام الثاني ُ 2014خصصت الجائزة للمشاريع التي تميز بها
الشباب ،والتي ساهمت في تعزيز الحوار داخل مجتمعاتهم.
-بينما ركزت النسخة الثالثة للجائزة ،في ،2016على المؤسسات
والشخصيات التي ساهمت في ترسيخ وتعزيز الأمن الروحي والفكري في مجتمعاتها.
-3الطاولات المستديرة
حواٌر مجتمع ٌّي داخلي ،يُعقد في فترا ٍت زمنيٍة متقاربة بين ذوي
الاختصاص من المفكرين وأساتذة الجامعات الموجودة في قطر؛ لمناقشة قضايا
الحوار والقضايا الاجتماعية التي تهم الجاليات الموجودة في قطر؛ بهدف تعزيز
الثقة وترسيخ التعايش السلمي بين الأفراد ذوي الثقافات والانتماءات المختلفة.
يستهدف مركز الدوحة الدولي لحوار الأاديان في هذه الطاولات
المستديرة المجتم َع القطري بك ِّل مكوناته ،ويركز على الجاليات المقيمة في قطر
بصورة خاصة ،ويهدف من خلالها ،إلى ترسيخ ثقافة الحوار المجتمعي البناء ،بما
يُمشِّكراكنٍةمإننسمانديٍةجتقسوومر
وتقّبُل الآخر؛ مما يُفضي إلى أطياف المجتمع التفاهم بين
عبر التنوع الثقافي والديني؛ القيم الأخلاقية على أساس
لبلورة ثقافة مشتركة عمادها التسامح ،والتعايش السلمي ،والاحترام المتبادل،
والعيش المشترك؛ ولذلك تتناول ندوات الطاولات المستديرة القضايا المجتمعية التي
تهم المقيمين في شَّت مجالات حياتهم.
ويمكن اختصار أهداف تلك اللقاءات في النقاط التالية:
310
الفصل السادس عشر
-خلق حوار مجتمعي مثمر ،حول مواضيع تخص أوضاع المقيمين،كما
هي فرصة لممثلي الجهات الحكومية الإجابة على بعض تساؤلات المشاركين،
وكذلك توضيح الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة في تطوير وتحسين
الخدمات المقدمة للجاليات.
-الإسهام في تعزيز التعايش السلمي،كما تسِّهل تقّبُل المجتمع القطري
للتعددية الدينية والثقافية ،ضمن تلاقي الثقافات واثراء بعضها البعض.
أما المواضيع التي تناولتها الطاولات المستديرة فهيكما يلي:
-الطاولة المستديرة الأولى :نُظمت في 2010م ،بعنوان( :حوار الجاليات
في قطر في ظل التنوع الديني).
-الطاولة المستديرة الثانية :نُظمت في عام 2011م ،وكانت في مجال
التعليم بعنوان( :دور التعليم في تقوية الروابط بين الجاليات في قطر).
-الطاولة المستديرة الثالثة :نُ ِظّمت في عام 2012م ،وكانت في مجال
الاعلام بعنوان( :حوار الجاليات في الإعلام المحلي).
-الطاولة المستديرة الرابعة :نُ ِظّمت في عام 2014م ،وكانت في مجال
التربية ،بعنوان( :تسخير القيم الأخلاقية لعصرنا الحاضر).
-الطاولة المستديرة الخامسة :نُ ِظّمت في عام 2015م ،وكانت حول
القانون القطري بعنوان( :الثقافة القانونية في دولة قطر).
-الطاولة المستديرة السادسة :نُ ِظّمت في عام 2016م وكانت حول
الجاليات بعنوان( :أسر المقيمين في قطر :الفرص والتحديات).
311
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
-الطاولة المستديرة السابعة :نُ ِظّمت نوفمبر عام 2016م وكانت حول
التعليم بعنوان :تعليم أبناء المقيمين في قطر :تحديات ودعم).
-الطاولة المستديرة الثامنة :نظمت في نوفمبر 2017م ،وكانت تحت
عنوان :الجاليات في ظل الحصار :التضامن والتحديات.
-4المجال البحثي والأكاديمي
يقوم المركز بإعداد ونشر الأبحاث العلمية وكذلك الترجمة لكتب
ودراسات متخصصة حول الأديان ،ونظرتها تجاه الآخر ،وتجاه الكون والحياة؛
لفهٍم أفضل للقيم الدينية المختلفة ،وتسخيرها لخدمة البشرية.
منشورات مركز الدوحة لحوار الأديان:
-1أوراق المؤتمر الدولي الحادي عشر لحوار الأديان (دور الشباب في تعزيز قيم
الحوار) باللغتين العربية والإنجليزية.
-2أوراق المؤتمر الدولي الثاني عشر لحوار الأديان (الأمن الروحي والفكري في
ضوء التعاليم الدينية) باللغتين العربية والإنجليزية.
-3أوراق المؤتمر الدولي السابع لحوار الأديان (التضامن الإنساني)
-4أوراق المائدة المستديرة مايو 2009م (رؤية دينية للأزمة الاقتصادية العالمية)
-5حماية البيئة في تعاليم الأنبياء
We and the Other -6
ترجمة من العربية للإنجليزية لكتاب (نحن والآخر) للدكتور علي القّرة داغي
ترجمة :سيد بشير احمد كشميري
-7عشر سنوات لمؤتمر الدوحة لحوار الأديان
312
الفصل السادس عشر
-8تعزيز الحرية الدينية (تقرير التعاون المشترك بين الأديان :مبادرة إسطنبول-
لقاء الدوحة)
-5الرسائل المختارة
من إصدارات المركز الهامة التي يحرص على مداومة نشرها على فترات
متقاربة ،وهي أبحاث منتقاة من الدراسات الأكاديمية الرصينة حول حوار الأديان
باللغة العربية والإنجليزية.
-العدد الأول :أكتوبر 2011م بعنوان :تعليم الدين وتعميم القيم
للدكتور غيث بن مبارك الكواري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر.
-العدد الثاني 2016 :بعنوان :المسلمون والمسيحيون واليهود اليوم-
التقارب والتعايش في زمن العولمة للدكتور أنس كاريتش.
-العدد الثالث 2016 :بعنوان :الأمن الروحي والفكري في ضوء
مقاصد الشريعة الإسلامية للدكتور علي محيى الدين القره داغي الأمين العام
للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
-SELECTED PAPERS- HOW TO UNDERSTAND ISLAM
Issue 1/2016
THE CONCEPT OF JIHAD AND ITS IMPACT ON INTERFAITH
COMMUNICATION: Dr. Arif K. Abdullah
-6المجلات والنشرات الدورية
يصدر عن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان مجلة علمية محكمة نصف
سنوية باللغتين العربية والإنجليزية ،وهي مجلة متخصصة في الدراسات الدينية،
وتركز على الحوار بين الأديان ،والعلاقات بين الإسلام والديانات الأخرى ،وقد
صدر منها تسعة إصدارات بالإضافة إلى الإصدار التمهيدي.
313
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
كما يصدر المركز نشرة دورية دائمة ينُشر فيها أعمال المركز وأنشطته
وفعالياته وما يقوم به من دورات وما يصدره من كتب وأبحاث وغير ذلك.
-مجلة أديان (عشر أعداد) باللغتين العربية والإنجليزية
-النشرة الدورية لمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان (عشر أعداد)
-7البرامج الإذاعية والتلفزيونية وشبكات التواصل الاجتماعي
إيمانًا بما للإعلام من دوٍر كبيٍر في تحقيق الغايات المرجوة؛ َحر َص مركز
الدوحة الدولي لحوار الأديان على أن يكون له تواج ٌد إعلام ٌّي دائم ومتجدد،
فأنشأنا موقًعا رسمًيّا للمركز ،وصفحةً رسمية في ك ِّل وسائل التواصل الاجتماعي
(تويتر وفيسبوك ويوتيوب)؛ ليتم من خلال ذلك التواصل معكل المهتمين بحوار
الأديان سواء أكادميين أو غيرهم ،كما تُنشر بهذه الصفحات ك ُّل أنشطة المركز
وما يتعلق به.
كذلك أعد المركز وأنتج برنامجًا حوارًيّا اسمه (الحوار في الإسلام) ،في ثلاثين حلقة
بالتعاون مع مؤسسة قطر الخيرية وتم إذاعته في إذاعة قطر خلال شهر رمضان
المبارك 1437هـ ،يونيو2016م.
وفي رمضان 1438ه ،مايو2017م أعد المركز وأنتج برنامجا إذاعيا ،في ثلاث
وثلاثين حلقة ،بعنوان (حوار الأديان) أذاعته إذاعة قطر.
-8اتفاقيات التعاون مع المراكز والمؤسسات المناظرة
عقد المركز عدة اتفاقيات تعاوٍن مع مراكَز ومؤسسا ٍت ثقافيٍة وأكاديمية
داخل قطر وحول العالم؛ نتج عنها إقامة العديد من المؤتمرات والندوات مع هذه
المراكز والمؤسسات في دولها بدعم وتمويل من المركز ،كما يعقد المركز محاضرات
314
الفصل السادس عشر
سنوية في هذه الجهات يحضرها المخت ُّصون ،ويشارك في تقديمها العلماء
والباحثون ،ويتطلع مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان إلى استمرار فتح قنوات
التعاون والشراكة مع المؤسسات ذات الصلة في المجالات المختلفة؛ إذ إن هذا
المجال لا يتطاور إلا بتبادل الخبرات عبر الشراكات والانشطة المتنوعة من محاضرات
ودراسات بحثية ومشاريع تعاون وغيرها .مؤسسات قطرية:
-1الهلال الأحمر القطري
-2مركز الإبداع الثقافي
-3مركز القرضاوي للوسطية
-4مركز مناظرات قطر
-5مركز إسهامات المسلمين في الحضارة
-مؤسسات دولية
-1معهد وولف -جامعةكامبردج
-2المركز الأوكراني للتواصل
-3الجامعة الإسلامية -صربيا
-4مركز الدراسات الإسلامية -جامعة موف -كوريا الجنوبية
-5جامعة سرايفو
-6جامعة موناش -أستراليا
-7مركز آفاق (التفاهم عبر الثقافات) -جمهورية الجبل الأسود
-9تنظيم اللقاءات الدولية والمحاضرات
315
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
إاللىسبللاومرةفيرؤيمٍةجتممعاشتتنراكٍةم لنعمخٍللاجلماالعتعّيا؛ونمنوالأحجوالر تلك اللقاءات تهدف نشر
التسامح وثقافة وتعزيز قيم
بين الأديان.
وقد استطاع المركز بفضل هذه اللقاءات خلق شبكة من العلاقات
والشراكات الفاعلة ،وعلى وجه الخصوص تلك التي عانت من ويلات الصراعات
المختلفة؛ لتمكينها من العودة إلى طريق التنمية والإعمار والوئام الاجتماعي.
وقد نظام مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ،بالتعاون مع وزارة الخارجية
القطرية ،في الفترة 25 ،24مارس 2014م (اجتماع الدوحة التنفيذي لتعزيز
الحرية الدينية والتعاون بين الأديان) ،والذي يندرج ضمن سلسلة لقاءات دولية،
لتنفيذ مبادرة اسطنبول 18/16لمكافحة التعصب والتمييز على أساس الدين،
وشارك في هذا اللقاء المجسد لشراكة تعاون بين الحكومات والمجتمع المدني)70( ،
مشاركا ،ممثلين من الحكومات ،ومن منظمات المجتمع المدني.
وخلال العقد من الزمان منذ انطلاقة المركز ،واكبت تلك اللقاءات
وتفاعلت مع تطورات عالمنا ،فتناولت موضوعات الساعة الاجتماعية
والاقتصادية والانسانية والفكرية منها،كما ناقشت التحديات التي واجهت تلك
المجتمعات ،وكذلك الآمال التي تراودها .ففي مؤتمر الدوحة الدولي الثاني عشر،
وجد المجلس الاستشاري العالمي للمركز المكون من علماء ومفكرين من المسلمين
والمسيحيين واليهود أن موضوع الساعة ،والمتعلق بهاجس الأمن؛ هو الأهم من
بين القضايا التي اقتُرح طرحها ومناقشتها ،فجاء موضوع المؤتمر في هذا الاتجاه:
(الأمن الروحي والأمن الفكري في ضوء التعاليم الدينية).
316
الفصل السادس عشر
وفي يونيو 2015م تم تنظيم اللقاء الفكري بين علماء مسلمين
ومسيحيين من الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان.
أ -سلسلة محاضرات بالتعاون مع مركز وولف في كامبردج:
-1سلطة القانون وحوار الأديان :اللورد وولف ،راعي مؤسسة وولف
فيكامبردج ( 19نوفمبر .)2012
-2التحديات المعاصرة امام عملية الحوار وتجربتي في تدريس الدراسات
الدينية :الأستاذة الدكتورة عائشة المناعي ،مديرة مركز إسهامات المسلمين في
الحضارة -كلية حمد بن خليفة ،ونائب رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي
لحوار الأديان ،أُلقيت المحاضرة في كلية القديس إيدمونت -كامبريدج (19
نوفمبر .)2013
-3العلمانية .إيجابياتها وسلبياتها من المنظور الديني :اللورد روين وليامز
( 6يناير 2016م).
-4بطولة كأس العالم الأولى في الشرق الأوسط – التعايش عبر
الرياضة :السيد حسن بن عبدالله الذوادي الأمين العام للجنة العليا للمشاريع
والإرث (فبراير 2016م).
-سلسلة محاضرات بالتعاون معكلية الشؤون الدولية في قطر -جامعة
جورجتاون.
الرحمة والعنف:كارين ارمسترونج ( 19أبريل 2015م).
ب -سلسلة محاضرات بالتعاون مع كلية الشريعة -جامعة قطر.
دور مراكز الدراسات والأبحاث في بناء قواعد ناظمة وآليات داعمة
لثقافة التنوع وإدارة الاختلاف ..مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجا:
317
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
الدكتور مصطفى الحكيم المنسق العلمي بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات
الاستراتيجية في المملكة المغربية.
-10الدورات في مجال مهارات الحوار
يقدم مركز الدوحة الدولي دورات في مهارات الحوار والتعددية الثقافية ،الموجه
للمؤسسات والمدارس.
-1الدورة التدريبية التي نظمها المركز بالتعاون مع المعهد الدبلوماسي
بوزارة الخارجية.
-2دورة الوسطية ومنهجية الفتوى وحوار الاديان بإشراف مركز
القرضاوي للوسطية.
-3دورة تدريبية حول فن الحوار والحجج والتفنيد -مناظرات -مركز
القرضاوي للوسطية.
-4الدورات التدريبية الأولى للمدارس المستقلة :تأهيل المحاور المتميز.
-5الدورات التدريبية الثانية للمدارس المستقلة :فن الحوار وبناء الحجة،
بالتعاون مع مركز مناظرات قطر.
بالإضافة إلى بعض الرحلات التي ينظمها المركز لتوطيد أواصر الصلة
بين الجاليات التي تعيش على أرض قطر ،لكي يعم السلام والوئام بين جميع
فئات المجتمع.
وفي الختام:
أستطيع أن أؤكد بوصفي مقيما في دولة قطر لعدة سنوات بأن الاتهامات الموجهة
لها من قبل دول الحصار الأربعة بأنها دولة تدعم الإرهاب عارية من الصحة ،
وهذه الاتهامات باطلة وظالمة وبدون دليل ،والذي أراه بأنها دولة مسالمة ويعيش
318
الفصل السادس عشر
على أراضيها المواطنون والمقيمون من جنسيات مختلفة وأديان مختلفة ،وأعراق
متعددة في أمن وسلام ووئام ،ولدولة قطر حضور إقليمي ودولي قوي في مجالات
عديدة ،وشاركت في إرساء السلام في عدة أماكن مضطربة في العالم وكانت سببا
في لم شمل الفرق المتناحرة لعدة سنوات ،وتساند المظلومين والمستضعفين من
المسلمين وغيرهم في أرجاء الكون من خلال الجمعيات المحلية والمنظمات الدولية.
والله أعلم.
1أخرجه الإمام الترمذي في سننه.
319
الفصل السابع عشر
دور المؤسسة التعليمية في تحقيق الأمن الفكري
المدارس السعودية في كوالالمبور أنموذجا
منصور غازي المحمدي
مقدمة:
إن استقرار المجتمعات وبقائها فضلاً عن نمائها وازدهارها مرهون بتوافر نعمة الأمن ،ولقد
عني الإسلام به عناية كبرى ،وهذه العناية واضحة وجليلة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه
صلى الله عليه وسلم .ولكي يتحقق الأمن بمفهومه الشامل في الأمم والمجتمعات ويصبح
واقعاً ملموساً ومنهج حياة لا بد من السعي الحثيث لتحقيق وتعزيز الأمن الفكري لدى
المجتمعات أفراداً ومؤسسات فهو الأمن فلا بد من تضافر جهود المؤسسات المجتمعية
لتعزيزه.
ويصعب تحقيق الأمن في المجتمع إلا بالاستفادة القصوى من التعليم من خلال
أساليبه ووسائله التربوية التي تسهم في وقاية المجتمع بشكل عام ،حيث مسؤولية مواجهة
الانحراف ،وتعزيز الأمن الفكري ليست مسؤولية أجهزة الأمن فقط ،وإنما تتعدى
مسؤولياتها إلى جميع المؤسسات ومن أهمها المؤسسة التعليمية ،وذلك من خلال إسهامها
في إرساء القيم الروحية والأخلاقية والفكر الإسلامي الصحيح وما يتضمنه من مواعظ
تربوية ومن تسامح واعتدال (الشهري2006 ،م ،ص.)40
إن من أهم مظاهر تعزيز الأمن الفكري وهو اهتمام المؤسسات التربوية وقادة
الرأي بأهمية نشر الأمن الفكري في مراحل التعليم المختلفة ،فالوصول إلى مفهوم تعزيز
الأمن الفكري في المؤسسات التعليمية يتطلب العمل الجاد من خلال التعاون المستمر بين
كافة مؤسسات المجتمع وتحقيق التوازن النفسي والصحي والفكري للطلبة.
الفصل السابع عشر
مشكلة الدراسة:
لم يعد دور المدرسة قاصراً على الوظائف التقليدية كالتعليم وتقديم المعرفة ،بل تعداه إلى
تحصين الطلاب في مواجهة التحديات الفكرية المختلفة والتي باتت منتشرة بشكل كبير في
هذا الزمن نتيجة التطورات العلمية والتكنولوجية في مجال الاتصالات والمعلومات ،وسهلت
الأمر على أصحاب الفكر الضال للوصول إلى عقول وفكر الطلبة والسيطرة عليها في
سبيل تحقيق أهدافهم الدنيئة.
ويتمثل الأمن الفكري لدى الطلاب بالمحافظة على مخزون أذهانهم من الثقافات
والقيم والمبادئ الأخلاقية التي يتلقوها من مجتمعهم ،لذلك تعد المؤسسات التعليمية وعلى
رأسها المدارس من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية المعنية بالوقاية من الانحراف
الفكري ،وتحقيق الأمن الفكري وحمايته وذلك من خلال إدارتها ومعلميها والأسس التربوية
التي تتضمنها المناهج والبرامج الصفية وغير الصفية (.)2000،ovwata
ولقد أشارات الدراسات إلى أن ضعف التربية والإشراف المدرسي أحد عوامل
انتشار الجريمة ،ففي دراسة قام بها مركز أبحاث الجريمة أجراها على عينة من ثلاث
مجموعات سحبت الأولى من دور الملاحظة الاجتماعية والثانية من السجون
والإصلاحيات والثالثة تمثل المسئولين في الهيئات الاجتماعية والأمنية ،أظهرت نتائجها أن
%65من أفراد الدراسة يعتبر ضعف الإشراف المدرسي أحد أهم عوامل انتشار الجريمة
(السعدون2001 ،م ،ص.)49
وتتمثل الحاجة إلى تحقيق الأمن الفكري في المدارس إلى وجود مبررات تستدعي
ذلك ومنها تزايد الأخطار السلبية لوسائل الاتصال التقنية الحديثة ،وسرعة التغير
الاجتماعي والثقافي (السلطان2009 ،م ،ص.)60
وقد أرجع كثير من الباحثين مثل الحيدر (2002م) واليوسف (2005م)
وغيرهم في وجود العمليات الإرهابية إلى تبني فكراً منحرفاً وضالاً ،وهذا الأمر يتطلب منا
التصدي له بشتى الوسائل وفق التخصصات المختلفة ولتحقيق ذلك ونظراً لخبرة الباحث
وارتباطه بالعمل في المؤسسات التعليمية واهتمامه بالجوانب التربوية رأى أهمية تعزيز الأمن
321
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
الفكري لدى المؤسسات التعليمية ،والتعرف على الدور الذي تقدمه المؤسسات التعليمية
في سبيل تحقيق وتعزيز الأمن الفكري.
أسئلة الدراسة:
ما الأمن الفكري المطلوب تعزيزه لدى طلاب المدارس؟
ما واقع فاعلية المدارس في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب المدارس؟
ما هي مسؤولية المدارس في تحقيق الأمن الفكري للطلاب؟
ما التصور المقترح لزيادة فاعلية تعزيز الأمن الفكري في المدارس؟
أهداف الدراسة:
تحديد مفهوم الأمن الفكري المطلوب تعزيزه لدى طلاب المدارس.
واقع فاعلية المدارس في تعزيز الأمن الفكري لدى طلاب المدارس.
مسؤولية المدارس في تحقيق الأمن الفكري للطلاب.
بناء تصور مقترح لزيادة فاعلية تعزيز الأمن الفكري في المدارس.
منهج الدراسة:
تندرج الدراسة الراهنة في إطار الدراسات الوصفية التحليلية ،تلك الدراسات التي تعتمد
على تجميع الحقائق والمعلومات والبيانات والإحصائيات لمشكلة معينة ودراسة الظروف
المحيط بها ،وكشف ارتباطها بمتغيرات محددة ،ومن ثم تحليلها وتفسيرها للوصول إلى
استنتاجات منطقية لتحقيق أهداف الدراسة وتساؤلاتها ،وتعتمد الدراسة الراهنة على
المنهج الاستقرائي الإستنتاجي التحليلي الذي سيستخدم في تحليل واقع المسؤولية الأمنية
للمدارس ومسؤوليتها في تعزيز الأمن الفكري.
الدراسات السابقة:
تناول الزهراني ( )2011في دراسته بعنوان؛ الأمن الفكري :مفهومه ضرورته مجالاته" وقد
تحدث في هذه الورقة عن أهمية الأمن الفكري الذي يرتبط بالدين الإسلامي وكذلك
ارتباطه بمجالات الأمن الأخرى كما انه أساس لها ولقد توصل إلى نتائج مفادها؛ أن
322
الفصل السابع عشر
الأمن الفكري شامل للفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات والموضوعات
التي أنتجها العقل البشري وكذلك شامل لفكر الفرد ومكونات فكر المجتمع وأن الأمن
الفكري لا يتحقق إلا بالالتزام بمنهج الإسلام وفقا لفهم السلف الصالح وتوصل إلى
توصيات مفادها؛ الاهتمام بمناهج التربية والتعليم وتدريس العقيدة الإسلامية وفق منهج
السلف الصالح ونشر الوعي الشرعي المستقيم ،وحماية المجتمع من مصادر الفكر
المنحرف.
كما بحث اللويحق ( )2005في دراسته الموسومة؛ الأمن الفكري :ما هيته
وضوابطه" ،إذا ربط مفهوم الأمن بالضرورات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل
والمال والعرض وأن العقل هو الذي يعمل الدين على حفظ أهميته ،كما أكد على أن
الأمن الفكري هو الركيزة الأساسية التي تقوم بحفظ هوية الأمة ،ويحكم العلاقات بين
الأفراد في المجتمع والأمة ،وأن الصراعات الفكرية المنحرفة من الممكن أن تعصف بالأمة
وتدمرها وبين أن اختلال الأمن الفكري يتمثل باختلال المذاهب والحضارات والأديان
وأخيراً انحراف الجماعات الإرهابية.
كما أشار السديس (2005م) في دراسته بعنوان :الشريعة الإسلامية ودورها في
تعزيز الأمن الفكري ،حيث درس أهمية الأمن الفكري في حماية المجتمعات والدول والأفراد
وبيت أن أي خلل يحدث للفكر ينتج عنه خللكبير في مجالات الأمن الأخرى وقد ركزت
الدراسة على الضوابط الشرعية في العقيدة الإسلامية للأمن الفكري.
كما تناول المالكي (2007م) في دراسته بعنوان :نحو بناء استراتيجية وطنية
لتحقيق الأمن الفكري في مواجهة الإرهاب الكشف عن الأسباب والعوامل المؤدية إلى
الانحراف الفكري الذي يقود إلى الإرهاب ،والكشف عن دور كل من المسجد والأسرة
والمؤسسات التعليمية في تحقيق الأمن الفكري ،وقد توصلت الدراسة إلى أن الغلو والجهل
في الدين والأخذ بظواهر النصوص الشرعية ،وتقصير مؤسسات التنشئة الاجتماعية في
أداء وظائفها الدينية والتربوية والتعليمية.
التعليق على الدراسات السابقة:
323
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
تتبع الباحث الدراسات التي تناولت الموضوع وقد ركزت بعض الدراسات على أهمية الأمن
الفكري ،وسبل مواجهة الانحراف الفكري ،بينما ركزت الأخرى على مفهوم وأسباب
وآثار الإرهاب.
وتتفق هذه الدراسة مع الدراسات التي تناولت مفهوم وأهمية تعزيز وتحقيق الأمن
الفكري من خلال دور المؤسسات التعليمية في ذلك.
وتختلف هذه الدراسة بكونها تقدم مقترحاً لبناء مشروع لتعزيز وتحقيق الأمن
الفكري بشكل متكامل من خلال المؤسسات التعليمية (المدرسة).
مصطلحات الدراسة:
الأمن في اللغة يعني :طمأنينة النفس وزوال الخوف ،وأمن البلد يشير إلى اطمئنان أهله،
وأمن الشر يعني السلامة منه (مصطفى وآخرون1986 ،م).
والأمن اصطلاحاً له عدة تعريفات يأتي في مقدمتها أنه" :التدابير الكفيلة بحفظ
النظام ،وضبط العلاقة بين الناس على نحو عادل ومتوازن لكي ينخرط الأفراد جميعاً في
خدمة الأهداف المشتركة دون تثبيط أو إزعاج (التركي1408 ،م) .ويعرف الأمن بأنه:
"قدرة المجتمع على مواجهة الأحداث والوقائع الفردية للعنف وجمع المظاهر المتعلقة به
(المشاط1989 ،م).
الأمن الفكري" :التحصين الفكري اللازم ضد أية تيارات فكرية منحرفة ،أو
اتجاهات منجرفة ،أو مفاهيم مغلوطة ،والتي قد تؤدي إلى الفرقة والتنازع والتشتت"
(منصور ،2010 ،ص.)18
ويمكن تعريفه الأمن الفكري بأنه :الأساليب والبرامج التي يمكن بها حماية
وتحصين أفكار النشء والتغلب بها على الاتجاهات والأفكار الضالة وتعزيز كل ما لديهم
من أفكار بناءة وتوجيههم ليكونوا مواطنين صالحين.
الإطار النظري للدراسة:
فيما يلي يستعرض الباحث مواضيع الإطار النظري:
أولا :مفاهيم الأمن الفكري:
324
الفصل السابع عشر
وردت عدة تعريفات للأمن الفكري وقد تنوعت بتنوع الدراسات التي أعدت من أجلها
كما أن مفهوم الأمن الفكري قد ربط بالعديد من المجالات ويعد من المفاهيم الحديثة وفي
ما يلي عرض مختصر لمفاهيم الأمن الفكري:
إن الأمن الفكري يعني "التصورات والقيم التي تكفل صيانة الفكر وحفظه من
عوامل الشطط وبواعث الانحراف التي تميل به عن الجادة وتخرجه عن وظيفته الأساسية،
التي تتمثل في إثراء الحياة بالسلوك القويم والآثار النافعة ،وحفظ الضروريات ،فيغدو عامل
تخريب وتهديد لكل ضروريات المجتمع ومصالحه" (القرارعة2005،م).
يعرف بأنه " :سلامة فكر الإنسان وعقله وفهمه من الانحراف والخروج عن
الوسطية والاعتدال في فهمه للأمور الدينية والسياسية وتصوره للكون" (اللويحق،
1430ه.)،
ويعرف أيضاً بأنه " :تأمين خلو أفكار وعقول أفراد المجتمع من كل فكر شائب
ومعتقد خاطئ ،مما قد يشكل خطراً على نظام المجتمع وأمنه ،وبما يهدف إلى تحقيق الأمن
والاستقرار في الحياة الاجتماعية" (الحيدر2001 ،م).
ويعرفه الدخيل (2009م) بأنه" :هو إعادة الخطاب الديني إلى ما يسمى
بالوسطية والاعتدال ،وتخليصه من التوجهات المتطرفة ،ومن الطروحات الجهادية التي
تنامت في العقود الأخيرة ،وأصبحت تمثل مدرسة فكرية سياسية فاعلة".
ويعرفه الهويمل (1421هـ) بأنه" :الاستعداد والأمان بحفظ الضروريات الخمس
من أي عدوان عليها ،فكل ما دل على معنى الراحة والسكينة وتوفير السعادة والرقي في
شأن من شؤون الحياة فهو أمن".
ويعرفه الحوشان (2015م) بأنه :منهج فكري يلتزم بالوسطية والاعتدال ،لغرس
القيم الروحية والأخلاقية وتنقيته من التوجهات المتطرفة.
ويعرفه الدعجة (2013م) بأنه :سلامة واعتدال التفكير ونتائجه بما يتفق مع
النمط الفكري للأمة التي ينتسب إليها الفرد ،بعيداً عن التطرف والغلو.
325
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
ومن منظور أشمل يعرفه الجحني (1989م) بأنه" :مجموعة من الإجراءات
التربوية والوقائية والعقابية التي تتخذها السلطة لحماية الوطن والمواطن داخلياً وخارجياً،
انطلاقاً من المبادئ التي تؤمن بها الأمة ،ولا تتعارض أو تتناقض مع المقاصد والمصالح
المعتبرة".
ويعرف الباحث تعزيز الأمن الفكري بأنه :بذل كافة الجهود والممارسات التربوية
لحماية وتحصين أفكار الطلاب من كل ما هو دخيل قد يؤثر على سلوكهم أو عقائدهم،
وتزويدهم بكل ما يسهم في تبصرة أذهانهم عما حولهم من شبهات وأفكار منحرفة.
وبالنظر إلى المفاهيم السابقة للأمن الفكري نجد أنها أجمعت على نقاط رئيسية
يمكن تخليصها بالنقاط التالية:
▪ضرورة الحرص على أسلوب التحصين والوقاية وذلك بإعداد مجموعة من التدابير
الوقائية التي تسهم في تحقيق وتعزيز الأمن الفكري.
▪بيان أن هناك العديد من الجهات التي لها دور كبير في تحقيق وتعزيز الأمن
الفكري وعلى رأسها المؤسسات التعليمية.
▪ضرورة تعاون كافة مؤسسات المجتمع في تحقيق وتعزيز الأمن الفكري.
▪أن الهدف الأسمى من تحقيق وتعزيز الأمن الفكري هو إيجاد المواطن الصالح.
-أهمية الأمن الفكري:
تكمن أهمية الأمن الفكري إجمالا من خلال النقاط التالية:
أولاً :أ َّن الأمن الفكري أحد مك ِّونات الأمن بصفة عامة ،بل هو أهمها وأسماها وأساس
وجودها واستمرارها ،وهو النعمة التي لا يمكن أن تستقيم الحياة بغيرها ،ولذلك امتَّن الله
ابَلوهُيجـُتتَرذومهٍعَخذاَلطَّنويآَعَُمفنمَـوةاُهولحَنّمجَاعّسعلنِّمُهسلىْنِاّامللكْأنرفلَخابسْاورَونحٍْيقلوِفلِّهرّيْمَع﴾ ْأنشَفَ[ِباّلاَملَْحسفبَْليَنياَمنِلّطتةَِ]ّقول،فابْريـُِلّنْوؤ:لِقّماهنُعُبَلـوا﴿ْيلَفَنـِتأّدلْيَعـمَواِابْعِّللنّنبُلْهىعُدَكموأبْاِّةيمِّناَرّنضَِّلاَمًِّلّّبْحِّ:يحَيََصهْكز﴿ٍَذُنفأَاَُْترولااَومْللْلَْبَنخـَهْييـَطَْ﴾راِِّّْلموات[داينألَ*ينَعّااناَعَلّْكِكنّذَبَلجّوَعأهَيِْلباّنيَِ،تاأَّه:طْفََع7وقَحَكََمادرً6منَُه]اأ.مْتآخِِّّممرلَنًهاجنُ
326
الفصل السابع عشر
َج َس ِّدِّه، ِّفي آِّمنًا ِّفي ِّسْرِبِّّهُ ،مَعاًًف أَ ْصبَ َح ِّمْن ُك ْم َ« :م ْن ِّعْنُصَدْحهُبَةٌقُ،و قَُات َيلـَْ:وِّمِقَّها َفَلَكأََرَنّمَُساو ُِّلحيَازللْهت
في الأدب المفرد. رواه البخاري لَهُ ال ُّدنْـيَا»
وقد أشار محمد (2016م) بأ َّن النظر إلى أ َّن الأمن الفكري هو أسمى أنواع
الأمن وأساسها؛ يفيدنا في:
] [1أن نوِّجه الأنظار إلى العناية بالفكر بتوفير كل أسباب حمايته واستقامته
والمحافظة عليه ،وكذلك العمل على رصد ودراسة كل ما من شأنه التأثير على سلامة
الفكر واستقامته.
] [2أن نعمل على معالجة أسباب اختلال الأمن في المجتمع بشك ٍل متكام ٍل
ومتراب ٍط من غير فص ٍل بين أنواع الأمن ،ولا تفريٍق بين تلك الأسباب ،فالنظرة الشاملة
تجعل المعالجة شاملة ومتكاملة ،وهو ما يوفر على الجهات المختصة بأمن المجتمع الجهود،
ويحمي الأمة من تبعات الفصل في المعالجة بين أسباب اختلال الأمن ،ويوصل إلى النتائج
المثمرة ،والغايات المحمودة في أسرع وقت.
] [3أن تكون المعالجات الأمنية من واقع الأمة ،مستقاة من مصادر فكرها
وعقيدتها ،وبناءً على مقتضيات حاجتها بعيداً عن التقصير والشطط.
][4أن تكون لمؤسسات النشء الدور الأكبر في تحقيق وتعزيز الأمن الفكري
فالأسرة والمدرسة هما اللبنات الأولى التي يعول عليهما في تحقيق الأمن الفكري.
ثانياً :أ َّن الأمن الفكري يتعلق بالمحافظة على الدين ،الذي هو إحدى
الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحمايتها والمحافظة عليها ،فالإسلام هو
للَفََدهيوَأُُيقْْمْووسلَنتِتئَّهَاوالَْخَل،يُِـكلّأبََفمَِنّدُّـهوةلأََُنُهّمـ:سمُهاالْمَِّفف﴿ِاإّسيِِّمَّّنساتنلُقماأَلوْبكرـََِّدينْعينِِّّهدَض﴾نا َ[كِاّعَخفلَنمنْياوَِدفّوِاّرهااّلْ:مَْسأّلِتَلّ5رأَْاْخم5للنًَِ]ّضاإَْ:.سفيـَلْعااَبُلّ﴿مُُِدَّذويو﴾َعنََِنّنَدي[ِّمآاّلَنلّلالُقَـيعُْباَِللّّمِْشِّّهذِراّريُْمكنَنوَ:وَنلَيُ9آََِّممِ1نُبِ]ّكوانَََّ ،نِشّمْيوـنلئًهَهاُُكوْمْمَوِكّدَميَذونَـنلَعُهِّمَُمككلَُفاوَاَلّرمِّذابـَلصْيعدََّصداراْرلِتَّحذََعِلاَّضزِهَّتىكا
327
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
والإسلام كذلك هو مصدر ثقافة الأمة ،ومستند علومها ومعارفها ،وهو أساس
علوها وتميزها ،لذلك كان في الأمن الفكري الحماية لهذه الأسس والمرتكزات ،والإخلال به
إخلال بها ،وهو ما يجعل الأمة عرضة للزوال ،والتأثر بأديان الأمم الأخرى وثقافاتها
وأفكارها ،وبذلك تفقد سر تميزها ،وأساس وجودها وعظمتها.
ثالثاً :أ َّن الأمن الفكري يتعلق بالعقل ،والعقل هو آلة الفكر ،وأداة التأُّمل
والتف ُّكر ،الذي هو أساس استخراج المعارف ،وطريق بناء الحضارات ،وتحقيق الاستخلاف
في الأرض ،ولذلك كانت المحافظة على العقل ،وحمايته من المفسدات ،مقصداً من مقاصد
الشريعة الإسلامية ،وسلامة العقل لا تتحقق إلا بالمحافظة عليه من المؤثرات الحسية
والمعنوية.
رابعاً :أ َّن الأمن الفكري غايته استقامة المعتقد ،وسلامته من الانحراف ،والبعد
عن المنهج الحق ،ووسطية الإسلام ،ولذلك فإ َّن الإخلال به يعرض الإنسان لأن يكون
فَُوع َُجمجلَعوههٌلْنَايـَههُْبواَمِئّءًَهبٍَذاخمناءًثَمخوَاّمرِاسنًّاشثًُل:عَواةٌراًأثَ*﴾ّقنلَاع[االلِلّإمهفلَخةرٌقفلايناَانملِ:يّصبَزا3بةٌان2لأ]*امل،تَإنوسْصقاللَالافىلم،كنَتارقعًرااايللىَيحتاؤِأِّعمّيدايَلةًيضىاً:﴾:إل[اى﴿ل﴿َوغتقََاهِفّدُّْلشرْمينَقةأاَََِ:تإاّللََ1كأى-مَةمَ3حا]ِّدو.يَتع ِّمشُلُثرواذالْمِّمغَهااْنِّشيََعِشّةيَمعٍل*اً
وأحزاباً ،وتتنافر قلوب أبنائها ،ويجعل بأسهم بينهم شديد ،فتذهب ريح الأمة ،ويتشتت
شملها ،وتختلف كلمتها.
اُ[ملْابَِليّْسنَأتَانِّقعياُتًمماَ:وأُفَ3اولََوتِّلِئّ5بّقُعَ1دكو]هُ،لَنهَُهوْلمواىقاَعتَـَاَتّلذِلبّالهُعأيٌوابعاضلَعاًنُِّّ:ظسيبُاٌملَلا﴿َ﴾وفَـَلختَـتا[َلفآَّاترَلَقُكفِوبعّنُموُاكفراْيمَكنامَ:عَلّحِّنذ5يك0مَنَسِ1بّياتَـ]ِللّتَِ.فّهَنّرقزُيذَوِالّلُ،كَواْمفْخَقوتَـالََّصُفلا:واُك ْمِّم﴿ِبّنَِّوهأَ َبلّـََنَْععَلِّّدَهُكَذْمَمااتَـَتّـُِّقَصجَارواءََِنّطُهُيم﴾
ولا شك أ َّن من أعظم أسباب اختلاف القلوب وتفرق الصفوف هو الخلاف
كان من صفات الأمة بعضها الآخر ،ولذلك بعض العقدي ،فبه تُستحل الدماء ،ويلعن
ُمُرو َق ال َّس ْهِّم ِّم َن َحنَا ِّجَرُه ْم ،يَمُْرقُو َن ِّم َن ال ِّدي ِّن يُجَا ِّوُز الخوارج أنهم «قَـْوٌم يـَْقَرءُو َن الُْقْرآ َن ،لاَ
328
الفصل السابع عشر
َعا ٍد» قَـْت َل لأَقْـتُـلََنّـُه ْم أَْدَرْكتُـُه ْم أَنَا لَِئّ ْن الأَْوثَا ِّن، أَْه َل َويََد ُعو َن الِّإ ْسلاَِّم، أَْه َل الَّرِّمَيِّّة ،يـَْقتُـلُو َن
(رواه مسلم).
وما تعيشه الأمة اليوم بسبب انحراف فكر بعض أبنائها من تكفير ،وتفجير،
وشدة اختلاف ،يشي بخطورة الاختلاف بدافع عقدي.
دور طاعة ولاة الأمر ولزوم الجماعة في تحقيق الأمن الفكري:
إن الاجتماع والائتلاف ،ونبذ التفرق والاختلاف ،أصل عظيم من أصول الدين
الإسلامي الحنيف ،وسمة بارزة من سمات أمة محمد ،قال الله تعالى﴿ :واعتصموا بحبل
الله جميعا ولا تفرقوا﴾ [آل عمران ]103:وقال تعالى﴿ :وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ [الأنعام.]153:
ومن السنة والحديث أِب هريرة أن النبي قال« :إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره
ثلاثاً ،فيرضى لكم :أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ،وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا،
ويكره لكم :قيل وقال ،وكثرة السؤال ،وإضاعة المال» .وعن أِب ذر قال :قال :
«من خالف جماعة شبراً خلع رقبة الإسلام من عنقه» ولقد تواترت الأدلة من الكتاب
والسنة على ذلك{ ،وانعقاد إجماع أهل السنة والجماعة على وجوب لزوم جماعة وتحريم
الخروج عليها ،وأن لزومها فضيلة ومفارقتها رذيلة}.
ومن مقتضيات لزوم الجماعة طاعة ولاة أمر المسلمين عملاً بقوله تعالى:
﴿يأيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منك ْم﴾ [النساء ]59:ففي هذه
الآية الكريمة وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر .والمراد بأولي الأمر هنا من أوجب الله
طاعته من الحكام والأمراء والعلماء ،قال الحافظ ابن كثير رحمه الله" :والظاهر-والله أعلم-
أن الآية عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء" .وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله" :أولو الأمر صنفان :العلماء والأمراء"" .ولا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان
والعلماء ،فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ،وإن استخفوا بهذين أفسدوا
دنياهم وأخراهم" .وقد ورد في السمع والطاعة لأولي الأمر أحاديث كثيرة ،منها حديث
ابن عمر عن النبي أنه قال« :على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما
329
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
لم يؤمر بمعصية؛ فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» .وعن أِب هريرة قال :سمعت
رسول الله يقول« :من أطاعني فقد أطاع الله ،ومن عصاني فقد عصى الله ،ومن أطاع
الأمير فقد أطاعني ،ومن يعص الأمير فقد عصاني.»..
إن طاعة ولاة الأمر تسهم في تحقيق الأمن الفكري ،حيث أشارت الآيات
والأحاديث أن طاعة ولاة الأمر من طاعة الله ورسوله ،لذا بتحققها يتحقق الأمن والراحة
والطمأنينة للناس.
إن المؤسسات التعليمية لا يمكن أن تؤدي دورها بشكل فعال ،إلا في ظل
وجود الأمن والاستقرار ،وهذا لا يـتأتى إلا من خلال طاعة ولي الأمر ،لذا دور المدارس
في تحقيق الأمن الفكري مرتبط بشكل كبير بطاعة ولي الأمر.
الوسطية والاعتدال ودورها في تعزيز الأمن الفكري:
الوسطية في العرف الشائع في زمننا تعني الاعتدال في الاعتقاد والموقف والسلوك والنظام
والمعاملة والأخلاق ،وهذا ما ندعوه اليوم بالأمن الفكري ،وهو يعني أن الإسلام دين
معتدل ،غير جانح ولا مفرط في شي من الحقائق ،فليس فيه مغالاة في الدين ولا تطرف،
ولا شذوذ في الاعتقاد ولا استكبار ولا خنوع ولا ذل ولا استسلام ،ولا خضوع وعبودية
لغير الله ،ولا تشدد أو إحراج ،ولا تهاون ولا تقصير ،ولا تساهل أو تفريط في حق من
حقوق الله ،ولا حقوق الناس ،وهو معنى الصلاح والاستقامة (وهبة الزحيلي.)2005 ،
وإن قضية التصدي لظاهرتي الغلو والتطرف لا تتم إلا بإحياء دور العقل ودراسة
الظروف الاجتماعية التي ساعدت على تفشي تلك الظواهر والتعرف على أسبابها وسبل
مواجهتها ،وتعد الوسطية في كل الأمور من أهم مزايا المنهج الإسلامي فالأمن الفكري
يدعو أمه الإسلام أمه الوسط والصراط المستقيم بمعنى أنها تستغل جميع طاقاتها وجهودها
فالبناء والعمران المادي والتربوي والعلمي والثقافي من غير إفراط ولا تفريط فهي تحقق
التوازن بين الفرد والجماعة والدين والدنيا وبين العقل والقوه وبين المثالية والواقعية وبين
الروحانية والمادية وغيرها (بن تنباك1421 ،ه).
330
الفصل السابع عشر
لا شك أن أهم أهداف التربية قديماً وحديثاً هو إيجاد الفرد الصالح الآمن فكرياً
النافع لنفسه وأمته وأن جنوح الفرد يميناً أو يساراً بالغلو والتطرف أو اللامبالاة والتهاون
مؤشر خطير يستوجب صحوة كل من يضطلع بمسئولية التربية النظامية وغير النظامية
لبحث أسباب هذا التطرف وسبل علاجه للجيل الحاضر وإعداد العدة لوقاية الجيل
الجديد من استفحال تلك الظواهر ،وقال سبحانه وتعالى ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطاً
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً﴾ [البقرة.]143:
المؤسسة التعليمية (المدرسة) ودورها في تعزيز الأمن الفكري:
تع ُد المدرسةُ إحدى الهيئات الرسمية في المجتمع ،والتي تتولى وظيفة تنشئة الأبناء ،والعمل
على رفع قُدراتهم ومهاراتهم في شتى المجالات ،فهي تعمل إلى جانب الأسرة في التنشئة
الاجتماعية للفرد وزرع القيم الإنسانية لديه .وبتطُّور الحياة أصبحت الحاجة ماسة إلى
اتخاذ مكان يتعلم فيه الصغار ،وإلى أشخاص ينوبون عن المجتمع في أداء هذه المهمة،
وابتدأ إنشاء المدارس في الإسلام في أواخر القْرن الرابع الهجري ،وكان يقوم بإنشائها بعض
ابفلاُشيلأعمدوهرباولهءذةمه،ااوللبمتوعِّيدمانرتضجأسرالشميلهحًوّرلراههكاال؛ااالملإجمذداارراكيرعازًيةًّاستِلّامنُ،لفننووظتذُاخحهمييِمّصة،ثالأاصتلموينلاهأاهقخااجمدل،مهأاةوقواِنالّلظدكايتفنمهباوالمملُِْ،لهّوباالأأكوتاسل،انليسشلدًراوبج،نولقلمأنيعون،رايروتقبِبوايّلاقمدعطيهرهافااةلتنمعبالظليياًيّمانم
معين ،أو مناهج مَحدودة (النحلاوي2005،م).
تعريف المدرسة:
هناك العديد من التعاريف التي بينت ماهية المدرسة وأهم وظائفها ،ومن هذه التعاريف ما
يلي صبطي (2013م):
• مؤسسة أوجدها المجتمع من أجل إعداد أفراد الجيل الجديد ،وتعليمهم المشاركة
في النشاطات الإنسانية التي تكثر في حياة الجماعة ،ودمج هذا الجيل في المجتمع
والعمل على تكييفه معه من حيث الأفكار والفلسفة والأهداف.
331
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
مؤسسة نظامية اجتماعية تربوية أنشأتها الحكومة أو المجتمع ،للعمل على تربية •
الأفراد وإعدادهم في إطا ٍر معيٍن من البرامج والمناهج المحددة. •
مؤسسة أو تنظيم ،يعمل على توجيه العملية التعليمية التوجيه الصحيح وهذا •
أساس قوتها ،فهي لم تعد كما كان معروفاً سابقاً أن دورها الأساسي في المحافظة
على تراث المجتمع الثقافي وقيمه ،ونقله من جي ٍل إلى آخر ،وتعليم الطلاب
القراءة والكتابة بالطرق القديمة كالتلقين ،بل تطورت وأصبحت المدرسة هي
المكان التربوي الذي يهتم بتربية الطفل تربيةً سليمةً من الناحية الجسمية
والعقلية ،والعاطفية ،بهدف تكوين الشخصية المتزنة والمتوازنة.
مؤسسة رسمية ،تم إنشاؤها لحاجة المجتمع لها ،وذلك بتكوين العلاقات
الاجتماعية داخلها ،للقيام بالوظائف التربوية المحددة لها ،والتي تهدف إلى تنشئة
الطالب من جميع الجوانب الضرورية ،وذلك من أجل المحافظة على المجتمع
وبقائه.
خصائص المدرسة:
للمدرسة خصائص معينة باعتبار أنها مؤسسة اجتماعية ومن هذه الخصائص ما لخصته
صبطي (2013م) بما يلي:
• تعتبر المدرسة المؤسسة الاجتماعية والتربوية التي تعمل على إعداد المتعلم ليكون شخصاً
إيجابياً في المجتمع.
• تتكون المدرسة من مجموعة أفراد ضمن فئتين؛ المدرسون والتلاميذ حيث يتميز المدرسون
بقد ٍر من الثقافة والعلم والمقومات الأكاديمية ،وهم الذين يقومون بعملية التعليم ،أما الفئة
الثانية وهم التلاميذ الذين يتلقون التعليم ،وهذه الفئة تخضع للعديد من الاختبارات ،أما
ما تبقى من أفراد في هذه المؤسسة كالإداريين وغيرهم ،فهم في مقام الوسائل المساعدة
على عملية التنظيم ،وتسهيل العملية التعليمية.
332
الفصل السابع عشر
• يقوم عمل المدرسة عن طريق التفاعل الاجتماعي ،وذلك بالتمركز حول العملية
التعليمية ،وضرورة إلزام الطالب بالتقيد بما جاءت به المناهج الدراسية من تطبيق مجموعة
من الحقائق والمهارات والقيم الأخلاقية.
• تعتبر المدرسة النقطة المركزية للعلاقات الاجتماعية العديدة المتفاعلة بعضها مع بعض
كالتلاميذ والمدرسين والمجتمع الذي يعيشون فيه.
• يسود في المدرسة شعور بالفخر والانتماء تجاه هذه المؤسسة التعليمية ،وأن الفترة التي
يقضونها في المدرسة هي أهم فترات حياتهم ،ويظهر هذا الشعور بشك ٍل واضح في
المباريات التنافسية.
• تنتشر في المدرسة ثقافةٌ معينة تمثل جانباً أساسياً من أخلاق الطلبة والمدرسين وسلوكهم،
ويكون لها دوٌر بارٌز في تقوية العلاقات والروابط فيما بينهم.
وظائف المدرسة:
إن وظيفة المدرسة لا تقتصر على تعليم الطلبة بعضاً من العلوم والمعارف العلمية ،بل
تتعدى وظيفتها إلى أكثر من ذلك ،ومن ذلك ما أذكره الفايز ( )2013بما يلي:
• النقل الثقافي ،حيث تعمل المدرسة على نقل التراث الثقافي الموروث إلى الجيل الجديد
بأسلو ٍب سه ٍل وميسر بعد تنقيحِّه وتطهيرِهّ من الخرافات التيكانت عالقةً به.
• التكامل الاجتماعي ،ذلك أن المجتمع يحتوي على العديد من الجماعات المختلفة،
فيأتي دور المدرسة ،لإزالة التناقضات التي قد توجد بين هذه الجماعات ،وتحقق
التكامل فيما بينها.
• النمو الشخصي لطالب المدرسة فهي تعمل على رعايته داخل حدودها وخارجها،
وذلك بتكوين شخصيته القوية المتماسكة.
• تنمية أنماط سلوكية واجتماعية جديدة لدى الفرد ،والعمل على تنميتها على أس ٍس
علمية ومعرفية ،ليستطيع الطالب أن يتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه.
• تنمية القدرات الإبداعية ،فالمدرسة تعمل على تنمية القدرات العلمية ،وترعى
الأفكار الإبداعية ،وتنمي لدى الطالب الفضول المعرفي الذي يدفعه للنجاح.
333
نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية
• توفير المناخ المناسب الذي يشجع الطالب على ممارسة حقه الديمقراطي ،وعلاقتِّه
الإنسانية في المدرسِّة وخارجها.
المدارس السعودية فيكوالالمبور:
يتم الإشراف عليها من ِقّبل وزارة التربية والتعليم ،ممثلاً في الجانب التربوي والتعليمي بقرار
من معالي وزير المعارف آنذاك برقم 476في 1412 -8-16هـ ،تحت اسم إدارة المدارس
السعودية في الخارج ،نظامها يتم وفق مناهج المملكة العربية السعودية وحسب الأنظمة
المعمول بها في الوزارة ،إضافة إلى مقررات تلك الدول ،وما يتناسب مع طبيعة الدارسين،
وهذه المدارس تعمل وفق لوائح وأهداف ،وإشراف مباشر من وزارة الخارجية للأعمال
والإجراءات الإدارية ،فمن أهداف تلك المدارس السعودية في الخارج:
-خدمة المملكة إعلامياً من خلال أوجه النشاط التي تقوم به تلك المدارس
والأكاديميات.
-الدور الريادي في الإجراءات الوقائية لحماية الدارسين من المؤثرات في هويتهم وثقافتهم.
-التفاعل مع المناسبات الوطنية للمملكة والأحداث الداخلية والعالمية بصورة إيجابية.
-صقل مواهب الدارسين ومشاركتهم في تعظيم البلد الحرام ونبذ الإرهاب بكل صوره
وأشكاله.
-تقديم الصورة الإيجابية والحقيقية عن المملكة العربية السعودية.
-تبادل التجارب التعليمية والتربوية المميزة ونقلها إلى الطلاب والمدارس من ِقّبل الموفدين.
-تنفيذ المسابقات والمناشط الطلابية والبرامج الحوارية والاجتماعية.
-دعم الصلة والتواصل في تقديم أفضل الخدمات ،لتحقيق أهداف المملكة في مجال
التقنية والتنمية.
-الاهتمام بنشر الهوية التي تعكس الثقافة السعودية ،والتقاليد العربية ،والتراث والأصالة.
يدرس حالياً في المدارس السعودية في كوالالمبور ما يقارب ( )700طالب وطالبة من
( )23جنسية عربية وغير عربية ،وتقدم المدارس العديد من البرامج المجتمعية التي تسهم في
334
الفصل السابع عشر
خدمة المجتمع المسلم وتهدف إلى نشر العمل الخيري وتربية النشء على مفهوم الأعمال
التطوعية ومن أبرز تلك البرامج:
-1برامج معهد أقرأ للغة العربية :حيث يقدم العديد من برامج تعليم اللغة العربية
لكافة الأعمار وبمستويات مختلفة ،ويتلقى الطلاب دورات مكثفة لتعليم
اللغة العربية بأزمنة مختلفة ،وقد تخرج من المعهد أكثر من 1500طالب
وطالبة.
-2برامج خدمة الروهنجا :حيث تقدم لهم إعانات بمبادرة طلابية كأعمال
تطوعية ،بالإضافة إلى اعتماد مخصصات لتعليمهم في المراكز التي
يتواجدون بها أو يتم تدريسهم في معهد أقرأ.ويتلقون طلاب الروهنجا تعليم
القران الكريم واللغة العربية والرياضيات والعلوم والحاسب.
-3إقامة برامج وفعاليات مجلس الشورى والحوار الطلاِب والذي يهدف إلى إشراك
الطلبة في اختيار البرامج والمشاركة في تنفيذ الخطط التعليمية.
-4تنفذ المدارس العديد من الزيارات للمراكز الاجتماعية بهدف اكتساب الطلاب
مهارات العمل الخيري ومعرفة فوائده.
-5تقيم المدارس وبشكل دوري العديد من البرامج التي تسهم في تعزيز الأمن
الفكري مثل:
-استضافة رجال الأمن وإلقاء محاضرة تثقيفية بذلك.
-استضافة المبدعين والمفكرين.
-استضافة أئمة الحرم المكي والنبوي.
-بيان خطر المخدرات من خلال محاضرة تعريفية من قبل رجال
مكافحة المخدرات.
-زيارة الجامعات والمعاهد البحثية.
ثانيا :تنمية علاقة المدرسة بمؤسسات المجتمع المحلي:
335