1
ٓتابٔ تٓ ٓياىِ الإِيوٓ اىٍٓ ،ال ِإ ٕس َل امٍٓ ،الإِ ٕح ٓس اىٍٍٔٓ،جٔ َبِالإِي ٓو اىِ
تِ ِئْح ٓثاتِ َق ٓذسِ اللهِ ٔ -سثٕحٓاًَهٔ ٍٓتَ ٓعا َلى ٍ ،-تٓ ٓياىِ ال ّذٓلِيلِعٓ َل ى ال َّت ٓث ّشِي
ِه ّوٓيْ لَا ئ ْؤهِيُ تِا ْلقَذٓسِ ٍٓ ،إغْلَ اظِالْقَ َٕلِ ِفي حٓ ِّقهِ
ال ت وهيذ
ىذا ابغديث عظيم القدر ،كبير الشأف ،جامع لأبواب الدين
كلو ،بأبسط أسلوب ،وأوضح عبارة ،وقد تناوؿ ابغديث الذي
بين أيدينا حقائق الدين الثلاث :الإسلاـ والإبياف والإحساف ،
وىذه ابؼراتب الثلاث عظيمة جدا ؛ لأف ا﵁ سبحانو وتعالذ علق
عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة ،وبين ىذه ابؼراتب
ارتباط وثيق ،فدائرة الإسلاـ أوسع ىذه الدوائر ،تليها دائرة
2
الإبياف فالإحساف ،وبالتالر فإف كل بؿسن مؤمن ،وكل مؤمن
مسلم ،ولكن الإبياف أخ ّص وأضيق يقوؿ ا﵁ في كتابو { :قالت
الأعراب آمنا قل لد تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا وبؼا يدخل الإبياف في
قلوبكم } ( ابغجرات ، ) 14 :فدؿ ىذا على أف الإبياف أخ ّص
وأضيق دائرًة من الإسلاـ.
و قبل نشرح ىذا ابغديث نبين عن معنى الإسلاـ و الإبياف و
الإحساف بعوف ا﵁ و توفيقو
الوسألةالأٍل ى :في هعٌى الإسلاملغةٍ ،شش ٖعا.
الإسلاـ لغة :ىو الانقياد وابػضوع والذؿ؛ يقاؿ :أسلم واستسلم؛
أي :انقاد1
1انظر" :بـتار الصحاح" ( ،)1952 /5و"لساف العرب" (.)293 /12
3
ومنو قوؿ ا﵁ تعالذ ﴿ :فَػلََّما أَ ْسلَ َما َوتَػَلّوُ لِلْ َجبِيِن ﴾ [ الصافات:
]103؛ أي :فلما استسلما لأمر ا﵁ وانقادا لو.
والإسلاـ في الشرع يأتي على معنيين:
ابؼعنى الأوؿ :الإسلاـ الكوني :ومعناه استسلاـ بصيع ابػلائق
لأوامر ا﵁ تعالذ الكونية القدرية.
ومنو قوؿ ا﵁ تعالذ ﴿ :أَفَػغَْيػَر ِدي ِن الَلِّو يػَْبػغُو َف َولَوُ أَ ْسلَ َم َم ْن ِفي
ال َّس َمَوا ِت َواْلأَْر ِض طَْوًعا َوَكْرًىا َوإِلَيِْو يػُْرَجعُو َف ﴾ [ آؿ عمراف:
.]83
فكل بـلوؽ فهو مستسلم ﵁ عز وجل ومنقاد لأوامره تعالذ
الكونية القدرية سواء رضي أـ لد يرض؛ فلا مشيئة للمخلوؽ في
صحة أو مرض ،أو حياة أو موت ،أو غنى أو فقر ،وبكو ذلك.
4
والإسلاـ ّٔذا ابؼعنى لا ميزة فيو لأحد على أحد؛ بل يشترؾ فيو
ابؼؤمن والكافر والطائع والعاصي ،بل وابغيوانات وبصيع ابؼخلوقات؛
﴿ َولَوُ أَ ْسلَ َم َم ْن ِفي ال َّس َمَوا ِت َواْلأَْر ِض ﴾.
والإسلاـ ّٔذا ابؼعنى لا يترتب عليو ثواب ولا عقاب؛ إلا إذا صبر
على مرض مثلًا أو على فقر ،أو شكر على صحة أو على مرض؛
فهذا من الإسلاـ الشرعي الآتي بيانو.
ابؼعنى الثاني :الإسلاـ الشرعي :ومعناه الاستسلاـ والانقياد لأوامر
ا﵁ تعالذ الشرعية.
والإسلاـ ّٔذا ابؼعنى ينقسم إلذ عاٍّـ وخاص:
فالإسلاـ العاُّـ :ىو الدين الذي جاء بو الأنبياء بصيًعا.
5
قاؿ تعالذ ﴿ :إَِنّا أَنْػَزلْنَا الَتّػْوَراَة فِيَها ُى ًدى َونُوٌر بَوْ ُك ُم َِّٔا الَنّبُِيّو َف
اَلّ ِذي َن أَ ْسلَ ُموا لَِلّ ِذي َن َىاُدوا َوالَّرَبّانُِيّو َف َواْلأَ ْحبَاُر ِبدَا ا ْستُ ْحِفظُوا ِم ْن
كِتَا ِب الَلِّو َوَكانُوا َعلَْيِو ُشَه َداءَ فَلَا بَزْ َشُوا الَنّا َس َوا ْخ َشْوِف َوَلا
تَ ْشتَػُروا بِآيَاِتي بَشَنًا قَلِيلًا َوَم ْن لَدْ بَْو ُك ْم ِبدَا أَنْػَزَؿ الَلّوُ فَأُولَئِ َك ُى ُم
الْ َكافُِرو َف ﴾ [ابؼائدة.]44 :
وكما قاؿ تعالذ حاكيًا عن نوح عليو السلاـ ﴿ :فَِإ ْف تَػَوَلّيْتُ ْم فََما
َسأَلْتُ ُك ْم ِم ْن أَ ْجٍر إِ ْف أَ ْجِر َي إِلَاّ َعلَى الَلِّو َوأُِمْر ُت أَ ْف أَ ُكو َف ِم َن
الْ ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [يونس.]72 :
وكما قاؿ تعالذَ ﴿ :ما َكا َف إِبْػَرا ِىي ُم يػَُهوِدِيّا َوَلا نَ ْصَرانِِيّا َولَ ِك ْن َكا َف
َحنِيًفا ُم ْسلِ ًما ﴾ [آؿ عمراف.]67 :
6
وقاؿ تعالذ حاكيًا عن إبراىيم وإبظاعيل عليهما السلاـَ ﴿ :رَبػّنَا
َوا ْجَعْلنَا ُم ْسلِ َمْيِن لَ َك َوِم ْن ذُّْرَيّتِنَا أَُّمةً ُم ْسلِ َمةً لَ َك َوأَِرنَا َمنَا ِس َكنَا
َوتُ ْب َعلَْيػنَا إَِنّ َك أَنْ َت الَتّػَّوا ُب الَّرِحيِم ﴾ [البقرة.]128 :
وقاؿ تعالذَ ﴿ :وَم ْن يرغ ُب َع ْن ِمَلِّة إِبْػَرا ِىي َم إَِّلا َم ْن َسِفوَ نػَْف َسوُ
َولََق ِد ا ْصطََفْيػنَاهُ ِفي الُّدنْػيَا َوإَِنّوُ ِفي اْلآ ِخَرةِ لَِم َن ال َّصابِغِيَن * إِْذ قَا َؿ
لَوُ َرُبّوُ أَ ْسلِ ْم قَا َؿ أَ ْسلَ ْم ُت لَِر ّْب الَْعالَِميَن ﴾ [ البقرة،130 :
.]131
وقاؿ تعالذَ ﴿ :و َجاَوْزنَا بِبَِن إِ ْسَرائِي َل الْبَ ْحَر فَأَتْػبَػَعُه ْم فِْرَعْو ُف َو ُجنُوُدهُ
بػَغْيًا َوَع ْدًوا َحَّت إِذَا أَْدَرَكوُ الْغََرُؽ قَا َؿ آَمنْ ُت أََنّوُ لَا إِلَوَ إَِّلا اَلّ ِذي
آَمنَ ْت بِِو بػَنُو إِ ْسَرائِي َل َوأَنَا ِم َن الْ ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [يونس.]90 :
7
وقاؿ تعالذ حاكيًا عن سحرة فرعوف ﴿ :قَالُوا إَِنّا إِلَذ َرْبػّنَا ُمنْػَقلِبُو َف
َوَما تَنِق ُم ِمَنّا إَِّلا أَ ْف آَمَنّا بِآيَا ِت َرْبػّنَا لََّما َجاءَتْػنَا َرَبػّنَا أَفِْرْغ َعلَْيػنَا
َصْبػًرا َوتَػَوَفّػنَا ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [الأعراؼ]126 :
وقاؿ تعالذ ﴿ :فَػلََّما أَ َح َّس ِعي َسى ِمنْػُه ُم الْ ُكْفَر قَا َؿ َم ْن أَنْ َصا ِري
إِلَذ الَلِّو قَا َؿ ابْغََوا ِرُيّو َف بَكْ ُن أَنْ َصاُر الَلِّو آَمَنّا بِالَلِّو َوا ْشَه ْد بِأََنّا
ُم ْسلِ ُمو َف ﴾ [آؿ عمراف.]52 :
وقاؿ تعالذَ ﴿ :وإِْذ أَْو َحيْ ُت إِلَذ ابْغََوا ِرْيّيَن أَ ْف آِمنُوا ِب َوبَِر ُسوِلر قَالَُوا
آَمَنّا َوا ْشَه ْد بِأََنػّنَا ُم ْسلِ ُمو َف ﴾ [ابؼائدة.]111 :
والإسلاـ ابػاص :ىو الدين الذي جاء بو نبينا بؿمد صلى ا﵁
عليو وسلم.
8
الوسألةالخاًية :في تعشيف الإي واىلغةٍ ،شش ٖعا.
وقد عرؼ الإبياف بعدة تعريفات :فقيل :ىو التصديق ،وقيل :ىو
الثقة ،وقيل :ىو الطمأنينة ،وقيل :ىو الإقرار2
وقاؿ شيخ الإسلاـ ( :فإف اشتقاقو من الأمن الذي ىو القرار
والطمأنينة ،وذلك إبما بوصل إذا استقر في القلب التصديق
والانقياد)3
قاؿ العلامة بؿمد بن علي بن آدـ الإثيوِب في كتابو البحر ا﵀يط
الثجاج في شرح صحيح مسلم بن ابغجاج ص ٕٔ:
2زيادة الإبياف ونقصانو وحكم الاستثناء فيو لعبد الرزاؽ البدر7 -ص1
3الصارـ ابؼسلوؿ ص519
9
قاؿ في "الفتح" ٔ :ٙٛ - ٙٚ /الإبياف لغة التصديق ،4وشرًعا
تصديق الرسوؿ -صلى ا﵁ عليو وسلم -فيما جاء بو عن ربّو
عز وجل.
وقاؿ في " القاموس" :وآمن بو إبيانًا :ص ّدقو ،والإبياف :الثقة،
وإظهار ابػضوع ،وقبوؿ الشريعة .انتهى.
وقاؿ شيخ الإسلاـ :إنو -أي الإبياف -ليس مرادفاً للتصديق في
ابؼعنى؛5
وقاؿ الشيخ العلامة بؿمد بن صالح العثيمين ربضو ا﵁( :أكثر أىل
العلم يقولوف :إف الإبياف في اللغة :التصديق ،ولكن في ىذا نظر!
لأف الكلمة إذا كانت بدعنى الكلمة؛ فإنها تتعدى بتعديها ،ومعلوـ
4ىذا ىو ابغق في تفسير الإبياف لغةً ،وأما تفسيره بالتصديق فقط فإنه مذهب المبتدعة ،فتنبو.
5بؾموع الفتاوى لشيخ الإسلاـ ابن تيمية (291/7
10
أف التصديق يتعدى بنفسو ،والإبياف لا يتعدى بنفسو؛ فنقوؿ
مثلاً :صدقتو ،ولا تقوؿ آمنتو! بل تقوؿ :آمنت بو ،أو آمنت لو.
فلا بيكن أف نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرؼ ابعر بفعل متعد
ينصب ابؼفعوؿ بو بنفسو ،ثم إف كلمة (صدقت) لا تعطي معنى
كلمة ( آمنت) فإف ( آمنت) تدؿ على طمأنينة بخبره أكثر من
(صدقت).
وبؽذا؛ لو فسر (الإبياف) بػ(الإقرار) لكاف أجود؛ فنقوؿ :الإبياف:
الإقرار ،ولا إقرار إلا بتصديق ،فتقوؿ أقر بو ،كما تقوؿ :آمن بو،
وأقر لو كما تقوؿ :آمن لو6
قاؿ العلامة بؿمد بن علي بن آدـ الإثيوِب :وقاؿ ابن منظور ربضو
ا﵁ تعالذ :و َح ّد الَّزّجاج الإبيا َف ،فقاؿ :الإبياف :إظهار ابػضوع،
6شرح العقيدة الواسطية ()229/2
11
والقبوؿ للشريعة ،وبؼا أتى بو النبّي -صلى ا﵁ عليو وسلم ،7 -
واعتقاده ،وتصديقو بالقلب ،8فمن كاف على ىذه الصفة ،فهو
مؤم ٌن مسل ٌم ،غير ُمرتاب ،ولا شا ّؾ ،وىو الذي يرى أف أداء
الفرائض واجب عليو ،لا يدخلو في ذلك ري ٌب ،وفي التنزيل العزيز:
{َوَما أَنْ َت ِبدُْؤِم ٍن لَنَا} [يوسف :]ٔٚ :أي بدص ّدؽ.9
فابؼعنى ابؼختار للإبياف لغة :ىو الإقرار القلبي :ويكوف الإقرار:
باعتقاد القلب :أي تصديقو بالأخبار .عمل القلب :أي إذعانو
وانقياده للأوامر10.
7الصواب في تفسير الإبياف لغةً ما سيأتي عن "القاموس" من أنو الثقة ،وإظهار ابػضوع ،وقبوؿ الشريعة ،وأما
تفسيره بالتصديق آّّرد ،فإنو مذىب ابؼبتدعة ،فتنبو.
8أي مع العمل ،فتنبو.
بالنظر إلذ ما عند ا﵁ تعالذ ،فالسلف قالوا :ىو اعتقاد بالقلب ،ونطق باللساف ،وعمل بالأركاف ،وأرادوا بذلك أف
الأعماؿ شرط في كمالو
9البحر ا﵀يط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن ابغجاج ص ٕٕ
10الإبياف حقيقتو خوارمو نواقضو عند أىل السنة عبدا﵁ بن عبدابغميد الأثري 8 -ص
12
قاؿ العلامة بؿمد بن علي بن آدـ الإثيوِب :أما بالنظر إلذ ما
عندنا ،فالإبياف ىو الإقرار فقط ،فمن أقّر أُجريت عليو الأحكاـ
في الدنيا ،ولد بوكم عليو بكفر ،إلا إف اقترف بو فع ٌل يدؿ على
كفره ،كالسجود للصنم ،فإف كاف الفعل لا يدؿ على الكفر،
كالفسق ،فمن أطلق عليو الإبياف ،فبالنظر إلذ إقراره ،ومن نػََفى
عنو الإبياف ،فبالنظر إلذ كمالو ،ومن أطلق عليو الكفر ،فبالنظر
إلذ أنو فَػَعل فعل الكافر ،ومن نػََفى عنو ،فبالنظر إلذ حقيقتو،
وأثبتت ابؼعتزلة الواسطة ،فقالوا :الفاسق لا مؤمن ،ولا كافر11.
فمعنى الإيمان شرًعا – ىو التصديق ابعازـ ،والإقرار الكامل،
والاعتراؼ التاـ؛ بوجود ا﵁ تعالذ وربوبيتو وألوىيتو وأبظائو وصفاتو،
واستحقاقو وحده العبادة ،واطمئناف القلب بذلك اطمئناناً تُرى
11البحر ا﵀يط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن ابغجاج ص ٖٕ
13
آثاره في سلوؾ الإنساف ،والتزامو بأوامر ا﵁ تعالذ ،واجتناب
نواىيو.وأف بؿمد بن عبد ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم رسوؿ ا﵁،
وخاتم النبيين ،وقبوؿ بصيع ما أخبر بو صلى ا﵁ عليو وسلم عن
ربو جل وعلا وعن دين الإسلاـ؛ من الأمور الغيبية ،والأحكاـ
الشرعية ،وبجميع مفردات الدين ،والانقياد لو صلى ا﵁ عليو وسلم
بالطاعة ابؼطلقة فيما أمر بو ،والكف عما نهى عنو صلى ا﵁ عليو
وسلم وزجر؛ ظاىراً وباطناً ،وإظهار ابػضوع والطمأنينة لكل
ذلك.
فمسمى الإبياف عند أىل السنة وابعماعة؛ كما أبصع عليو أئمتهم
وعلماؤىم ،ىو( :تصديق بابعناف ،وقوؿ باللساف ،وعمل بابعوارح
والأركاف؛ يزيد بالطاعة ،وينقص بابؼعصية)؛ قاؿ تعالذَ ﴿ :ويَِزي ُد
الَلّوُ اَلّ ِذي َن ا ْىتََدْوا ُى ًدى َوالْبَاقِيَا ُت ال َّصابِغَا ُت َخْيػٌر ِعْن َد َرْبّ َك ثػََوابًا
14
َو َخْيػٌر َمَرِّدا ﴾ [ مرًن ،]76 :وقاؿ تعالذَ ﴿ :وَما َجَعلْنَا أَ ْص َحا َب
الَنّا ِر إَِّلا َملَائِ َكةً َوَما َجَعْلنَا ِعَّدتَػُه ْم إَِّلا فِْتػنَةً لَِلّ ِذي َن َكَفُروا لِيَ ْستَػيِْق َن
اَلّ ِذي َن أُوتُوا الْ ِكتَا َب َويػَْزَدادَ اَلّ ِذي َن آَمنُوا إِبيَانًا َوَلا يػَْرتَا َب اَلّ ِذي َن أُوتُوا
الْ ِكتَا َب َوالْ ُمْؤِمنُو َف َولِيَػُقوَؿ اَلّ ِذي َن ِفي قُػلُؤِِّ ْم َمَر ٌض َوالْ َكافُِرو َف َماذَا
أََراَد الَلّوُ ََِّٔذا َمثَلًا َك َذلِ َك يُ ِض ُّل الَلّوُ َم ْن يَ َشاءُ َويػَْه ِدي َم ْن يَ َشاءُ
َوَما يػَْعلَ ُم ُجنُوَد َرْبّ َك إَِّلا ُىَو َوَما ِى َي إَِّلا ِذ ْكَرى لِلْبَ َشِر ﴾ (ابؼدثر:
12) 31
الفصل الأٍ ل :أى الإي واىقَل ٍع ول
ومذىب أىل السنة وابعماعة يقضي بأف الّْدين الذي لا ينجو
أحد إلا بو :قوٌؿ وعمل ،وىذا معنى الإبياف الذي قصده السلف؛
https://www.alukah.net/sharia/0/102420/#ixzz6QBIED6YO 12
/ https://www.dorar.net/aqadia/3162
15
قاؿ الإماـ بؿمد بن إبظاعيل بن بؿمد بن الفضل التيمي
الأصبهاني ( :والإبياف في لساف الشرع ىو التصديق بالقلب،
والعمل بالأركاف).
وقاؿ الإماـ البغوي( :اتفقت الصحابة والتابعوف فمن بعدىم من
علماء السنة على أف الأعماؿ من الإبياف ..وقالوا :إف الإبياف قوؿ
وعمل وعقيدة).
وقاؿ ابغافظ ابن عبد البر( :أبصع أىل الفقو وابغديث على أف
الإبياف قوؿ وعمل ولا عمل إلا بنية ...إلا ما ذكر عن أِب حنيفة
وأصحابو فإنهم ذىبوا إلذ أف الطاعات لا تسمى إبياناً.)...
16
(قاؿ الإماـ الشافعي في ( كتاب الأـ) ..وكاف الإبصاع من
الصحابة ،والتابعين من بعدىم بفن أدركنا :أف الإبياف قوؿ وعمل
ونية لا بهزئ واحد من الثلاثة عن الآخر).
وروى الإماـ اللالكائي عن الإماـ البخاري قولو :لقيت أكثر من
ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً منهم بىتلف في
أف الإبياف قوؿ وعمل ،يزيد وينقص13
فالإبياف قوؿ بالقلب واللساف ،وعمل بالقلب واللساف وابعوارح:
فقوؿ القلب :ىو تصديقو وإيقانوَ ﴿ ،واَلّ ِذي َجاءَ بِال ّْص ْد ِؽ
َو َصَّد َؽ بِِو أُولَئِ َك ُى ُم الْ ُمَتّػُقو َف ﴾ [ الزمر ،]33 :وقولو تعالذ﴿ :
إَِبّمَا الْ ُمْؤِمنُو َف اَلّ ِذي َن آَمنُوا بِالَلِّو َوَر ُسولِِو ثَُمّ لَدْ يػَْرتَابُوا َو َجا َى ُدوا
13شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة وابعماعة)) (.)174-173 /1
17
بِأَْمَوابِؽِ ْم َوأَنْػُف ِسِه ْم ِفي َسبِيِل الَلِّو أُولَئِ َك ُى ُم ال َّصاِدقُو َف ﴾
[ابغجرات]15 :؛ أي :صَّدقوا ثم لد يش ُّكوا.
وقوؿ اللساف :وىو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما؛ قاؿ
تعالذ ﴿ :إِ َّف اَلّ ِذي َن قَالُوا َرُبػّنَا الَلّوُ ثَُمّ ا ْستَػَقاُموا فَلَا َخْو ٌؼ َعلَْيِه ْم َوَلا
ُى ْم بَْوَزنُو َف ﴾ [الأحقاؼ.]13 :
وعمل القلب :وىو النية ،والإخلاص ،وا﵀بة ،والانقياد ،والإقباؿ
على ا﵁ عز وجل ،والتوكل عليو ،ولوازـ ذلك وتوابعو؛ قاؿ تعالذ:
﴿ َوَلا تَطُْرِد اَلّ ِذي َن يَْد ُعو َف َرَبػُّه ْم بِالْغََداِة َوالَْع ِش ّْي يُِري ُدو َف َو ْجَهوُ ﴾
[الأنعاـ.]52 :
وقاؿ تعالذ ﴿ :إَِبّمَا الْ ُمْؤِمنُو َف اَلّ ِذي َن إِذَا ذُكَِر الَلّوُ َوِجلَ ْت قػُلُوبػُُه ْم
َوإَِذا تُلِيَ ْت َعلَْيِه ْم آيَاتُوُ َزاَدتْػُه ْم إِبيَانًا َوَعلَى َرِّّْٔ ْم يػَتَػَوَّكلُو َف ﴾
18
[الأنفاؿ ،]2 :وقولو صلى ا﵁ عليو وسلم (( :لا يؤمن أحُدكم
حَّت أكو َف أح َّب إليو من ول ِده ،ووالده ،والناس أبصعين))[.]4
وعمل اللساف وابعوارح:
فعمل اللساف ما لا يُؤَّدى إلا بو؛ كتلاوة القرآف ،وسائر الأذكار؛
من التسبيح والتحميد والتهليل ،والتكبير والدعاء والاستغفار،
وغير ذلك.
وعمل ابعوارح ما لا يُؤَّدى إلا ّٔا؛ كالصياـ ،والركوع ،والسجود،
وابؼشي في مرضاة ا﵁ ،والأمر بابؼعروؼ ،والنهي عن ابؼنكر ،وغير
ذلك بفا في ُشعب الإبياف؛ قاؿ تعالذ ﴿ :إِ َّف اَلّ ِذي َن يػَْتػلُو َف كِتَا َب
الَلِّو َوأَقَاُموا ال َّصلَاةَ َوأَنْػَفُقوا ِبَفّا َرَزقْػنَا ُى ْم ِسِّرا َوَعلَانِيَةً يػَْرُجو َف بِذَاَرةً لَ ْن
تَػبُوَر ﴾ [ فاطر ،]29 :وقاؿ ﴿ :إِ َّف الَلّوَ ا ْشتَػَرى ِم َن الْ ُمْؤِمنِيَن
19
أَنْػُف َسُه ْم َوأَْمَوابَؽُْم بِأَ َّف بَؽُُم ابْعََنّةَ يػَُقاتِلُو َف ِفي َسبِيِل الَلِّو فَػيَػْقتُػلُو َف
َويػُْقتَػلُو َف َو ْع ًدا َعلَيِْو َحِّقا ِفي الَتّػْوَراِة َواْلِإبِْقيِل َوالُْقْرآ ِف َوَم ْن أَوفي
بَِع ْه ِدهِ ِم َن الَلِّو فَا ْستَبْ ِشُروا بِبَػْيعِ ُك ُم اَلّ ِذي بَايػَْعتُ ْم بِِو َوذَلِ َك ُىَو الَْفْوُز
الَْع ِظي ُم ﴾ [التوبة]111 :
الفصل الخاًي :أى الإي واىيضيذ ٍ يٌقص
أىل السنة وابعماعة بؽم طريق وبؽم صراط مستقيم ليست كطريق
أىل البدع كابػوارج وابؼعتزلة وغيرىم .وابػوارج و ابؼعتزلة يقولوف
أف مرتكب الكبيرة كافر ( كما تقوؿ ابػوارج ) أو ىو في منزلة
بين الإبياف والكفر ( كما تقوؿ ابؼعتزلة ) فالإبياف عندىم واحد
وكل لا يتجزأ وإذا ذىب فإنو يذىب بصلة واحدة .وفي ابعهة
ابؼقابلة ابؼرجئة وىم طوائف شَّت قالوا أف العبد إذا قاؿ لا الو إلا
ا﵁ وشهد ﵁ بالوحدانية واقر ﵀مد صلى ا﵁ عليو وسلم بالرسالة
20
فانو مؤمن كامل الإبياف واف عمل ما عمل وأنكروا أف الإبياف يزيد
وينقص .وكل من الطرفين خرج عن ابؼنهج الصحيح وعن
الوسطية والصحيح ما عليو أىل السنة وابعماعة أف الإبياف يزيد
وينقص ،يزيد بالطاعات وينقص بابؼعاصي.
فإذا عمل الإنساف وكثر عملو زاد إبيانو ،والزيادة ليست في العمل
فقط؛ فقد تكوف الزيادة في اليقين ،فقد يكوف الإنساف في وقت
أكثر يقينًا منو في وقت آخر ،وكذلك القوؿ ،قد يكوف القوؿ
مطابًقا بؼا في القلب ،ومطابًقا بؼا في الواقع ،وقد يكوف بؾرد قوؿ
قالو ولد يعرؼ معناه ،ومعلوـ أف مثل ىذا يتفاوت ،وكذلك
الأعماؿ تتفاوت؛ فالزيادة والنقص في ابعميع ،في العلم وفي القوؿ
وفي العمل .
21
الأدلة على زيادة الإبياف ونقصانو عند أىل السنة :من الكتاب
والسنة وإبصاع السلف
الأدلة من القراف الكرًن :
قاؿ تعالذ { إبما ابؼؤمنوف الذين إذا ذكر ا﵁ وجلت قلؤّم وإذا
تليت عليهم آياتو زادتهم إبيانا وعلى رّٔم يتوكلوف}( سورة الأنفاؿ
الآية ٕ)
وقولو تعالذ{الذين قاؿ بؽم الناس إف الناس قد بصعوا لكم
فاخشوىم فزادىم إبيانا وقالوا حسبنا ا﵁ ونعم الوكيل }( سورة آؿ
عمراف الآية ٖ)ٔٚ
وقولو تعالذ { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقوؿ أيكم زادتو
ىذه إبيانآ فأما الذين آمنوا فزادتهم إبيانآ وىم يستبشروف وأما
22
الذين في قلؤّم مرض فزادتهم رجسا إلذ رجسهم وماتوا وىم
كافروف } )سورة التوبة الآية ٕ٘ٔ)
(وقاؿ تعالذ {وبؼا رأي ابؼؤمنوف الأحزاب قالوا ىذا ما وعدنا ا﵁
ورسولو وصدؽ ا﵁ ورسولو وما زادىم إلا إبيانآ وتسلميا } (سورة
الأحزاب الآية ٕٕ)
وقولو تعالذ { وىو الذي أنزؿ السكينة في قلوب ابؼؤمنين ليزدادوا
إبيانا مع إبيانهم } (سورة الفتح الآية ٗ)
وقولو تعالذ { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إبيانا
} (سورة ابؼدثر الآية ٖٔ)
اﻷدلة من السنة :
23
جاء في الصحيحين من حديث أِب ىريرة رضي ا﵁ عنو أف النبي
صلى ا﵁ عليو وسلم قاؿ [ لا يزني الزاني حين يزني وىو مؤمن ولا
يسرؽ السارؽ حين يسرؽ وىو مؤمن ولا يشرب ابػمر حين
يشرّٔا وىو مؤمن ولا ينهب نُهبة ذات شرؼ يرفع الناس إليو فيها
بأبصارىم حين ينتهبها وىو مؤمن ] (.متفق عليو "" البخاري
٘ ٕٗٚومسلم )""٘ٚ
فنفى عنو كماؿ الإبياف الواجب بفعل ىذه الكبائر بفا دؿ على
نقص الإبياف بفعلها وىكذا كل ما ورد من نفي كماؿ الإبياف
الواجب أو ابؼستحب تدؿ على زيادتو ومن ثَمّ نقصانو.
و من الأدلة حديث ابن مسعود رضي ا﵁ عنو وفيو [ فمن
جاىدىم بيده فهو مؤمن ومن جاىدىم بلسانو فهو مؤمن ومن
24
جاىدىم بقلبو فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإبياف حبة خردؿ
] (رواه مسلم جٔ ص )ٜٙ
وما رواه أِب سعيد ابػدري رضي ا﵁ عنو عن النبي صلى ا﵁ عليو
وسلم قاؿ [ من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإف لد يستطع
فبلسانو فإف لد يستطع فبقلبو وذلك أضعف الإبياف ] (رواه مسلم
من حديث أِب سعيد ابػدري رضي ا﵁ عنو رقم )ٜٗ
فدؿ ما سبق على أف الإبياف لا يزاؿ يضعف بتخلف تلك ابؼراتب
وىو النقصاف وبرصيلها ىو زيادتو والأدلة في ذلك كثيرة.
أقوال السلف في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص:
25
فذىب السلف إلذ أف الإبياف يزيد وينقص ,أذكر بصلة من النقوؿ
عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدىم بفن نقل عنو ذلك،
ذاكراً أقواؿ الصحابة أولاً ،فالتابعين ،فمن بعدىم،
-1كاف عمر بن ابػطاب رضي ا﵁ عنو يقوؿ لأصحابو( :ىلموا
نزداد إبيانا) و في لفظ( :تعالوا نزداد إبيانا)
رواه ابن أِب شيبة ( )26/11وفي (( الإبياف)) ( ص،)36 :
والبيهقي في (( شعب الإبياف)) ( ،)37 ( )69/1والآجري في
((الشريعة)) ( ص )108 :وابن بطة في الإبانة ( )847/2
( )1134واللالكائي في (( شرح الاعتقاد)) ( )941/5
(.)1700
26
-2وقاؿ عبدا﵁ بن مسعود رضي ا﵁ عنو( :اجلسوا بنا نزداد
إبيانا) .وكاف يقوؿ في دعائو( :اللهم زدني إبيانا ويقينا وفقها) .
-3وعن معاذ بن جبل رضي ا﵁ عنو أنو كاف يقوؿ( :اجلسوا
بنا نؤمن ساعة)
قاؿ ابن حجر مبينا وجو دلالتو على زيادة الإبياف ونقصانو( :ووجو
الدلالة منو ظاىرة ،لأنو لا بومل على أصل الإبياف لكونو كاف
مؤمناً وأي مؤمن ،وإبما بومل على إرادة أنو يزداد إبيانا بذكر ا﵁
تعالذ) .
أما قوؿ ابن العرِب عنو( :لا تعلق فيو للزيادة معللاً ذلك :أف معاذاً
إبما أراد بذديد الإبياف ،لأف العبد يؤمن في أوؿ مرة فرضاً ،ثم يكوف
أبدا بؾددا كلما نظر أو فكر) .
27
فغير صحيح ،لأف الإبياف الذي ينجم عن النظر والتفكر بعد برقق
أصل الإبياف ،يعد في ابغقيقة زيادة إبياف ،فما بظاه ابن العرِب ىنا
بذدد إبياف ىو في واقع أمره زيادة إبياف وإف بظي بغير ابظو.
ولذا تعقبو ابغافظ بقولو ( :وما نفاه أولاً أثبتو آخرا ،لأف بذدد
الإبياف إبياف) .
( -4وكاف عبدا﵁ بن رواحة رضي ا﵁ عنو يأخذ بيد النفر من
أصحابو فيقوؿ :تعالوا نؤمن ساعة ،تعالوا فلنذكر ا﵁ ونزدد إبيانا
بطاعتو ،لعلو يذكرنا بدغفرتو) .
-5وعن أِب الدرداء عوبير الأنصاري رضي ا﵁ عنو أنو قاؿ:
(الإبياف يزداد وينقص) .
28
وروي عنو رضي ا﵁ عنو أنو قاؿ( :من فقو العبد أف يعلم أمزداد
ىو أو منتقص ،وإف من فقو العبد أف يعلم نزغات الشيطاف أنى
تأتيو) .
-6وعن أِب ىريرة رضي ا﵁ عنو قاؿ( :الإبياف يزداد وينقص) .
وروي عنو وعن ابن عباس رضي ا﵁ عنهما أنهما قالا( :الإبياف
يزيد وينقص) .
-7وعن جندب بن عبدا﵁ البجلي رضي ا﵁ عنو قاؿ( :كنا مع
رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم فتيانا حزاورة فتعلمنا الإبياف ،ثم
تعلمنا القرآف فازددنا بو إبيانا) .
-8وعن عمير بن حبيب ابػطمي رضي ا﵁ عنو قاؿ( :الإبياف
يزيد وينقص ،فقيل :وما زيادتو ونقصانو؟ قاؿ :إذا ذكرنا ا﵁ عز
29
وجل وبضدناه وسبحناه فذلك زيادتو ،وإذا غفلنا وضيعنا ونسينا،
فذلك نقصانو) .
قاؿ ابن القيم ربضو ا﵁( :وأقدـ من روي عنو زيادة الإبياف ونقصانو
من الصحابة عمير بن حبيب ابػطمي) .
ولد يتبين لر وجو ىذه الأقدمية ،ولد أقف على تاريخ وفاة عمير
رضي ا﵁ عنو ،وإبما عد بفن أسلم قبل الفتح ،وفي الذين نقل عنهم
من الصحابة ذلك عبدا﵁ بن رواحة وكاف قد استشهد في غزوة
مؤتة في حياة رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم .
وعن عقبة بن عامر ابعهِن رضي ا﵁ عنو قاؿ( :إف الرجل ليتفضل
بالإبياف كما يتفضل ثوب ابؼرأة) .
30
ولعل التشبيو بثوب ابؼرأة ىو لكونو ضافيا وافيا ،وقد تقدـ معنا
الرؤيا التي رآىا رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم حيث قاؿ(( :بينا
أنا نائم رأيت الناس يعرضوه عل َّي وعليهم قمص ))..ابغديث،
ثم فسر القمص بالدين.
-10وعن عمار بن ياسر رضي ا﵁ عنو قاؿ( :ثلاث من بصعهن
فقد بصع الإبياف :الإنفاؽ من الإقتار ،والإنصاؼ من النفس،
وبذؿ السلاـ للعالد) .
-11وعن علقمة بن قيس النخعي ربضو ا﵁ أنو كاف يقوؿ
لأصحابو( :امشوا بنا نزدد إبيانا) .
-12وكتب عمر بن عبدالعزيز إلذ عدي بن عدي أحد عمالو
على ابعزيرة( :أما بعد :فإف للإبياف حدودا وشرائع وفرائض ،من
31
استكملها استكمل الإبياف ،ومن لد يستكملها لد يستكمل
الإبياف).
علقو البخاري في كتاب الإبياف من صحيحو ( ، )21وقاؿ ابن
حجر مبينا سبب ذكر البخاري لو( :والغرض من ىذا الأثر أف
عمر بن عبدالعزيز كاف بفن يقوؿ بأف الإبياف يزيد وينقص ،حيث
قاؿ :استكمل ولد يستكمل) .
-13وعن بؾاىد بن جبر قاؿ ( :الإبياف قوؿ وعمل ،يزيد
وينقص) .
-14وقاؿ عبدالربضن بن عمرو الأوزاعي( :الإبياف قوؿ وعمل،
يزيد وينقص فمن زعم أف الإبياف يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنو
مبتدع) .
32
(وسئل ربضو ا﵁ عن الإبياف أيزيد؟ قاؿ :نعم حَّت يكوف كابعباؿ
قيل :فينقص؟ قاؿ :نعم حَّت لا يبقى منو شيء) .
-15وقاؿ سفياف الثوري( :الإبياف يزيد وينقص) .
-16وكتب بضاد بن زيد إلذ جرير بن عبدابغميد( :بلغِن أنك
تقوؿ في الإبياف بالزيادة ،وأىل الكوفة يقولوف بغير ذلك ،أثبت
على ذلك ثبتك ا﵁) .
-17وثبت عن الإماـ مالك ربضو ا﵁ القوؿ بزيادة الإبياف
ونقصانو من طرؽ متعددة يأتي ذكرىا في مبحث مستقل.
-18وقاؿ عبدا﵁ بن ابؼبارؾ ( :الإبياف قوؿ وعمل ،والإبياف
يتفاضل) .
33
قاؿ شيخ الإسلاـ ابن تيمية ( :وبعضهم أي :السلف عدؿ عن
لفظ الزيادة والنقصاف إلذ لفظ التفاضل .فقاؿ أقوؿ :الإبياف
يتفاضل ويتفاوت ،ويروى ىذا عن ابن ابؼبارؾ ،وكاف مقصوده
الإعراض عن لفظ وقع فيو النزاع إلذ معنى لا ريب في ثبوتو) .
ولا ريب كذلك في ثبوت لفظ الزيادة والنقصاف عند السلف؛
فالزيادة مصرح ّٔا في القرآف ،والنقصاف مصرح بو في السنة كما
تقدـ بيانو ،ولعل سبب عدوؿ ابن ابؼبارؾ ربضو ا﵁ عن لفظ الزيادة
والنقصاف ىو استحسانو لكلمة (التفاضل) لا لسبب آخر ،كما
أنو روي ذلك عن بعض السلف ،فقد ساؽ ابػلاؿ بسنده إلذ
بؿمد بن أباف قاؿ قلت لعبدالربضن بن مهدي :الإبياف قوؿ
وعمل؟ قاؿ :نعم .قلت :يزيد وينقص؟ قاؿ يتفاضل كلمة أحسن
من كلمة .
34
فهذا ىو وجو عدوؿ ابن مهدي عن كلمة الزيادة والنقصاف كما
ىو منصوصو على ذلك ،فلعل ذلك أيضاً ىو سبب عدوؿ ابن
ابؼبارؾ عن ىذه الكلمة ،وا﵁ أعلم.
وقد كاف من السلف من ينكر على من عدؿ عن لفظة الزيادة
والنقصاف لثبوتها كما قد روى ذلك عبدالربضن بن مهدي نفسو
ربضو ا﵁ قاؿ ( :أنا أقوؿ الإبياف يتفاضل ،وكاف الأوزاعي يقوؿ:
ليس ىذا زماف تعلم ،ىذا زماف بسسك) .
ثم وقفت على أثر عن الإماـ أبضد ربضو ا﵁ قد يفهم منو سبب
اختيار ابن ابؼبارؾ للفظة (يتفاضل) فقد قاؿ ابن ىانئ في مسائلو:
(بظعت أبا عبدا﵁ ابن أِب رزمة ما كاف أبوؾ يقوؿ عن عبدا﵁ بن
ابؼبارؾ في الإبياف؟ قاؿ :كاف يقوؿ :الإبياف يتفاضل.
35
قاؿ أبو عبدا﵁ :يا عجباه ،إف قاؿ لكم يزيد وينقص ربصتموه،
وإف قاؿ يتفاضل تركتموه ،وىل شيء يتفاضل إلا وفيو الزيادة
والنقصاف) .
وعلى ك ٍّل فابن ابؼبارؾ عدؿ عن ذلك ،وصار يصرح بزيادة
الإبياف ،لكونها منصوصاً عليها في القرآف ،قاؿ ربضو ا﵁( :لد أجد
بدا من الإقرار بزيادة الإبياف إزاء كتاب ا﵁).
ذكر ذلك بؼا قاؿ لو ابؼستملي :يا أبا عبدالربضن :إف ىا ىنا قوماً
يقولوف :الإبياف لا يزيد ،فسكت عبدا﵁ ،حَّت سألو ثلاثا.
فأجابو ،فقاؿ :لا تعجبِن ىذه الكلمة منكم أف ىا ىنا قوما،
ينبغي أف يكوف أمركم بصعا ،ثم ساؽ ابن ابؼبارؾ بسنده قوؿ عمر
بن ابػطاب( :لو وزف إبياف أِب بكر بإبياف أىل الأرض لرجحهم)
36
ثم قاؿ :بلى إف الإبياف يزيد ،بلى إف الإبياف يزيد ثلاثا ،وقاؿ( :لد
أجد بدا من الإقرار بزيادة الإبياف إزاء كتاب ا﵁) .
(وقاؿ لو شيباف بن فروخ :ما تقوؿ فيمن يزني ويشرب ابػمر ونو
ىذا أمؤمن ىو؟ قاؿ ابن ابؼبارؾ :لا أخرجو من الإبياف :فقاؿ
شيباف :على كبر السن صرت مرجئا؟ فقاؿ لو ابن ابؼبارؾ :يا أبا
عبدا﵁ إف ابؼرجئة لا تقبلِن أنا أقوؿ الإبياف يزيد وابؼرجئة لا تقوؿ
بذلك ،وابؼرجئة تقوؿ :حسناتنا متقبلة ،وأنا لا أعلم تقبلت مِن
حسنة) .
بل قد وجد في كلامو ربضو ا﵁ التصريح بنقصاف الإبياف .كما
روى ذلك النجاد عن علي بن ابغسن بن شقيق قاؿ بظعت
عبدا﵁ بن ابؼبارؾ يقوؿ( :الإبياف قوؿ وعمل يزيد وينقص) .
37
وروى إسحاؽ بن راىويو في مسنده بؿمد بن أعين قاؿ( :قاؿ ابن
ابؼبارؾ وذكر لو الإبياف فقاؿ :قوـ يقولوف إبيانا مثل جبريل
وميكائيل .أما فيو زيادة أما فيو نقصاف ،ىو مثلو سواء ،وجبريل
ربدا صار مثل الوضع من خوؼ ا﵁ تعالذ .وذكر أشباه ذلك) .
قلت :أي ذكر أشباه ذلك من أساليب الإنكار على ابؼرجئة
القائلين بعدـ زيادة الإبياف ونقصانو ،وأف أىلو فيو سواء ،ؤّذا
يعلم أف ابن ابؼبارؾ ربضو ا﵁ كاف يقوؿ بزيادة الإبياف ونقصانو
كغيره من أئمة أىل السنة وابعماعة ،رحم ا﵁ ابعميع.
– 19وقاؿ خالد بن ابغارث( :الإبياف قوؿ وعمل ،يزيد وينقص)
-20وقاؿ جرير بن عبدابغميد ( :الإبياف قوؿ وعمل ،يزيد
وينقص) .
38
-21وقاؿ وكيع بن ابعراح( :الإبياف يزيد وينقص) .
-22وح ّسن بويى بن سعيد القطاف( :الزيادة والنقصاف ورآه) قالو
الإماـ أبضد .
ونقدـ في صدر ىذا ابؼبحث قوؿ بويى ( :ما أدركت أحدا من
أصحابنا إلا على سنتنا في الإبياف ويقولوف :الإبياف يزيد وينقص)
-23وقاؿ ابن عيينة( :الإبياف قوؿ وعمل ،يزيد وينقص ،فقاؿ
لو أخوه إبراىيم بن عيينة :يا أبا بؿمد لا تقولن يزيد وينقص؛
فغضب وقاؿ :اسكت يا صبي بل ينقص حَّت لا يبقى منو شيء)
(وقيل لو :ىل الإبياف يزيد وينقص؟ قاؿ :فأي شيء إذف) .
وسئل أيضاً عن الإبياف فقاؿ( :قوؿ وعمل ،يزيد وينقص ،يزيد ما
شاء ا﵁ ،وينقص حَّت ما يبقى منو يعِن مثل ىذه وأشار بيده)
39
-24وقاؿ النضر بن شميل ( :الإبياف قوؿ وعمل ،والإبياف
يتفاضل) .
-25وقاؿ الإماـ بؿمد بن إدريس الشافعي (الإبياف قوؿ وعمل
يزيد وينقص)
وروي أف اثنين تناظرا عند الشافعي في ىذه ابؼسألة فذىب أحدبنا
إلذ القوؿ بعدـ زيادة الإبياف ونقصانو ،فحمي الشافعي وتقلد
ابؼسألة على أف الإبياف قوؿ وعمل يزيد وينقص
-26وقاؿ عبدالرزاؽ الصنعاني ( :بظعت معمرا وسفياف الثوري
ومالك بن أنس ،وابن جريج ،وسفياف بن عيينة يقولوف :الإبياف
قوؿ وعمل يزيد وينقص) وفي رواية أف عبدالرزاؽ قاؿ( :وأنا أقوؿ
40
ذلك ،الإبياف قوؿ وعمل والإبياف يزيد وينقص ،فإف خالفتهم فقد
ضللت إذف وما أنا من ابؼهتدين).
-27وقاؿ عبدا﵁ بن الزبير ابغميدي( :الإبياف قوؿ وعمل ،يزيد
وينقص ،لا ينفع قوؿ إلا بعمل ،ولا عمل ولا قوؿ إلا بنية ،ولا
قوؿ وعمل بنية إلا بسنة) .
– 28وقاؿ إسحاؽ بن راىويو( :الإبياف يزيد وينقص حَّت لا
يبقى منو شيء) .
-29وأما قوؿ إماـ أىل السنة أبضد بن حنبل في زيادة الإبياف
ونقصانو فكثيرة جدا.
قاؿ ربضو ا﵁ ( :الإبياف بعضو أفضل من بعض ،يزيد وينقص،
وزيادتو في العمل ،ونقصانو في ترؾ العمل ،لأف القوؿ ىو مقر بو)
41
وقاؿ( :الإبياف قوؿ وعمل يزيد وينقص ،إذا عملت ابػير زاد ،وإذا
ضيعت نقص) .
و ُسئل ربضو ا﵁ عن زيادة الإبياف ونقصانو فقاؿ( :يزيد حَّت يبلغ
أعلى السموات السبع ،وينقص حَّت يصير إلذ أسفل السافلين
السبع)
وأقوالو غير ما ذكرت كثيرة يطوؿ ذكرىا .
-30وقاؿ أبو زرعة الرازي ( :الإبياف عندنا قوؿ وعمل ،يزيد
وينقص ،ومن قاؿ غير ذلك فهو مبتدع مرجئ) .
-31وقاؿ أبو حاتم الرازي( :مذىبنا واختيارنا وما نعتقده وندين
ا﵁ بو ونسألو السلامة في الدين والدنيا :أف الإبياف قوؿ وعمل..
يزيد وينقص) .
42
ىذه بعض أقواؿ السلف الصالح أىل السنة وابعماعة في زيادة
الإبياف ونقصانو ،والأمر كما قاؿ شيخ الإسلاـ( :والآثار في ىذا
كثيرة ،رواىا ابؼصنفوف في ىذا الباب عن الصحابة والتابعين في
كتب كثيرة معروفة)14
الفصل الخالج :أسثاب صيادة الإيواى
فمما يزيد الإبياف عشرة أسباب أسوقها لك مع أدلتها-:
أولاً :معرفة ا﵁ جل وعلا بأبظائو وابغسنى وصفاتو العلى .
وبفا يدؿ على ذلك :قوؿ ا﵁ عز وجل { :إَِبّمَا بَىْ َشى الَلّوَ ِم ْن
ِعبَاِدهِ الْعُلَ َماءُ} فاطرٕٛ :
14زيادة الإبياف ونقصانو وحكم الاستثناء فيو لعبد الرزاؽ البدر0 -ص11
43
ووجو ذلك أف العلماء أعرؼ الناس بأبظاء ا﵁ تعالذ وصفاتو ،
فاستحضروىا في دعائهم وفي بصيع شؤوف حياتهم حَّت كانوا
أخشى الناس ،وابػشية أثر لقوة الإبياف في قلؤّم .
قاؿ ابن رجب " :العلم النافع يدؿ على أمرين :أحدبنا :على
معرفة ا﵁ وما يستحقو من الأبظاء ابغسنى والصفات العلى
والأفعاؿ الباىرة ،وذلك يستلزـ إجلالو وإعظامو وخشيتو ومهابتو
،وبؿبتو ،ورجاءه والتوكل عليو والرضاء بقضائو والصبر على بلائو
،والأمر الثاني :ابؼعرفة بدا بوبو ويرضاه ،وما يكرىو وما يسخطو
من الاعتقادات والأعماؿ الظاىرة والباطنة والأقواؿ ،فيوجب
ذلك بؼن علمو ابؼسارعة إلذ ما فيو بؿبة ا﵁ ورضاه والتباعد عما
يكرىو ويسخطو فإذا أبشر العلم لصاحبو ىذا فهو علم نافع ،فمَّت
كاف العلم نافعاً ووقر في القلب فقد خشع القلب ﵁ وانكسر لو ،
44
وذؿ ىيبة وإجلالا وخشية وبؿبة وتعظيما " [ انظر فضل علم
السلف على فضل ابػلف في ص ( ] ) 65-64
ثانياً :طلب العلم الشرعي
ويدؿ عليو ما تقدـ :قوؿ ا﵁ عز وجل { :إَِبّمَا بَىْ َشى الَلّوَ ِم ْن
ِعبَاِدِه الُْعلَ َماءُ}فالعلم طريق للخشية التي ىي علامة بؼا وقر في
القلب من إبياف وذلك يأتي بالعلم النافع كما تقدـ ،ولذا يقوؿ
الأماـ أبضد " :أصل العلم ابػشية "
وأيضاً بؼا تكلم أحد الناس عن الإماـ الزاىد العابد " معروؼ
الكرخي " ربضو ا﵁ في بؾلس الإماـ أبضد وقاؿ عنو " :إنو قصير
العلم " نهره الإماـ أبضد وقاؿ " :أمسك عافاؾ ا﵁ وىل يراد من
العلم إلا ما وصل إليو معروؼ " ولذا جعلو النبي طريقاً إلذ ابعنة
45
فقاؿ " :من سلك طريقاً يلتمس فيو علماً سهل ا﵁ لو بو طريقاً
إلذ ابعنة " رواه مسلم .
ثالثاً :التأمل في آيات ا﵁ الكونية وبـلوقاتو جل وعلا
ويدؿ على ذلك :قوؿ ا﵁ تعالذ { :إِ َّف ِفي َخلِْق ال َّس َمَوا ِت
َواْلأَْر ِض َوا ْختِلا ِؼ الَلّْيِل َوالَنّػَها ِر َلآيَا ٍت ِلأُوِلر اْلأَلْبَا ِب} عمراف:
ٓ ٜٔوقولو تعالذ َ { :وِفي أَنْػُف ِس ُك ْم أَفَلا تػُْب ِصُرو َف}الذارياتٕٔ :
وقولو { قُِل انْظُُروا َما َذا ِفي ال َّس َمَوا ِت َواْلأَْر ِض َوَما تػُ ْغِن اْلآيَا ُت
َوالُنُّذُر َع ْن قَػْوٍـ لا يػُْؤِمنُو َف} يونسٔٓٔ :
فإف العبد إذا تفكر في آيات ا﵁ تعالذ في ىذا الكوف عرؼ عظمة
ا﵁ تعالذ فازداد إبيانو .
46
قاؿ عامر بن عبد قيس " :بظعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة
من أصحاب بؿمد صلى ا﵁ عليو وسلم يقولوف " :إف ضياء
الإبياف أو نور الإبياف التفكر " [ انظر الدرر ابؼنثور ( ] )409/2
رابعاً :قراءة القرآف وتدبره
ففي قراءتو وتلاوتو يزداد الإبياف ويدؿ على ذلك :قوؿ ا﵁ عز
وجل في وصف ابؼؤمنين الصادقين َ { :وإِذَا تُلِيَ ْت َعلَيِْه ْم آيَاتُوُ
َزاَدتْػُه ْم إِبيَانًا}[الأنفاؿ ٕ :وكذلك تدبره ففيو أعظم النفع لزيادة
الإبياف وأما القلوب الغافلة فلا تتدبره ،ويدؿ على ذلك قوؿ ا﵁
تعالذ { :أَفَلا يػَتََدَبػُّرو َف الُْقْرآ َف أَْـ َعلَى قُػلُو ٍب أَقْػَفابُؽَا} بؿمدٕٗ :
.
47
-قاؿ ابن القيم ربضو ا﵁ " :قراءة آية بتفكر وتفهم خير من
قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى في حصوؿ
الإبياف وذوؽ حلاوة القرآف "
وقاؿ أيضاً " :فليس شيء أنفع للعبد في معاشو ومعاده ،وأقرب
إلذ بقاتو من تدبر القرآف ،وإطالة التأمل ،وبصع الفكر على
معاني آياتو ،فإنها تطلع العبد على معالد ابػير والشر بحذافيرىا
...وتثبت قواعد الإبياف في قلبو وتشْيّد بنيانو وتو ْطّد أركانو " [
انظر مدارج السالكين ] 485/1
فإذا تدبر العبد آيات ا﵁ تعالذ وما فيها من وعد ووعيد وجنة ونار
والأعماؿ التي تسوؽ إليهما زاد إبيانو ويقينو بوعد ربو ووعيده .
48
خامساً :الإكثار من ذكر ا﵁ تعالذ
ويدؿ على ذلك :قوؿ ا﵁ تعالذ { :اَلّ ِذي َن آَمنُوا َوتَطْ َمئِ ُّن قػُلُوبػُُه ْم
بِِذْكِر الَلِّو أََلا بِِذْكِر الَلِّو تَطْ َمئِ ُّن الُْقلُو ُب}الرعد ٕٛ :وقوؿ النبي
صلى ا﵁ عليو وسلم كما في حديث أِب موسى " :مثل الذي
يذكر ربو والذي لا يذكر ربو مثل ابغي وابؼيت " رواه البخاري ،
فذكر ا﵁ عز وجل فيو حياة للقلب فيزداد إبياف العبد كلما أكثر
من ذكر ربو ،وبيوت القلب وينقص إبياف العبد كلما كاف بعيداً
عن ذكر ربو وفي ىذا علامة على الغفلة قاؿ تعالذ { :يَا أَُيػَّها
اَلّ ِذي َن آَمنُوا إَِذا نُوِد َي لِل َّصلاِة ِم ْن يػَْوِـ ابْعُُمَعِة فَا ْسَعْوا إِلَذ ِذ ْك ِر الَلِّو
َوَذُروا الْبَػيْ َع ذَلِ ُك ْم َخيْػٌر لَ ُك ْم إِ ْف ُكْنتُ ْم تَػْعلَ ُمو َف}ابؼنافقوف ٜ :وقاؿ
في وصف ابؼنافقين الذين ملئت قلؤّم كفراً وبعداً عن ا﵁ تعالذ :
{َولا يَْذُكُرو َف الَلّوَ إَِّلا قَلِيلاً} النساء ٕٔٗ :قاؿ أبو الدرداء رضي
49
ا﵁ عنو " :لكل شيء جلاء ،وإف جلاء القلوب ذكر ا﵁ عز
وجل " [ انظر شعب الإبياف ( )396/1والوابل الصيب (] )60
قاؿ عمير بن حبيب " :الإبياف يزيد وينقص .فقيل فما زيادتو
وما نقصانو ؟ قاؿ :إذا ذكرنا ربنا وخشيناه فذلك زيادتو ،وإذا
غفلنا ونسيناه وضيعنا فذلك نقصانو " [ انظر الإبياف لابن أِب
شيبة ( ] )7وقاؿ شيخ الإسلاـ ابن تيمية " :الذكر للقلب مثل
ابؼاء للسمك ،فكيف يكوف حاؿ السمك إذا فارؽ ابؼاء " [ انظر
الوابل الصيب (] )63
سادساً :تقدًن ما بوبو ا﵁ ورسولو على ىوى النفس
ويدؿ على ذلك :حديث أنس قاؿ صلى ا﵁ عليو وسلم " :
ثلاث من ك َّن فيو وجد حلاوة الإبياف :أف يكوف ا﵁ ورسولو
50