The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.
Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by thoriqul, 2022-07-09 05:11:43

syarah hadits Jibril

syarah hadits Jibril

1

‫ٓتابٔ تٓ ٓياىِ الإِيوٓ اى‪ٍٓ ،‬ال ِإ ٕس َل ام‪ٍٓ ،‬الإِ ٕح ٓس اى‪ٍٍٔٓ،‬جٔ َبِالإِي ٓو اىِ‬
‫تِ ِئْح ٓثاتِ َق ٓذسِ اللهِ ‪ٔ -‬سثٕحٓاًَهٔ ٍٓتَ ٓعا َلى ‪ٍ ،-‬تٓ ٓياىِ ال ّذٓلِيلِعٓ َل ى ال َّت ٓث ّشِي‬

‫ِه ّوٓيْ لَا ئ ْؤهِيُ تِا ْلقَذٓس‪ِ ٍٓ ،‬إغْلَ اظِالْقَ َٕلِ ِفي حٓ ِّقهِ‬

‫ال ت وهيذ‬
‫ىذا ابغديث عظيم القدر ‪ ،‬كبير الشأف ‪ ،‬جامع لأبواب الدين‬
‫كلو ‪ ،‬بأبسط أسلوب ‪ ،‬وأوضح عبارة ‪ ،‬وقد تناوؿ ابغديث الذي‬
‫بين أيدينا حقائق الدين الثلاث ‪ :‬الإسلاـ والإبياف والإحساف ‪،‬‬
‫وىذه ابؼراتب الثلاث عظيمة جدا ؛ لأف ا﵁ سبحانو وتعالذ علق‬
‫عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة ‪ ،‬وبين ىذه ابؼراتب‬
‫ارتباط وثيق ‪ ،‬فدائرة الإسلاـ أوسع ىذه الدوائر ‪ ،‬تليها دائرة‬

‫‪2‬‬

‫الإبياف فالإحساف ‪ ،‬وبالتالر فإف كل بؿسن مؤمن ‪ ،‬وكل مؤمن‬
‫مسلم ‪ ،‬ولكن الإبياف أخ ّص وأضيق يقوؿ ا﵁ في كتابو ‪ { :‬قالت‬
‫الأعراب آمنا قل لد تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا وبؼا يدخل الإبياف في‬
‫قلوبكم } ( ابغجرات ‪ ، ) 14 :‬فدؿ ىذا على أف الإبياف أخ ّص‬

‫وأضيق دائرًة من الإسلاـ‪.‬‬
‫و قبل نشرح ىذا ابغديث نبين عن معنى الإسلاـ و الإبياف و‬

‫الإحساف بعوف ا﵁ و توفيقو‬

‫الوسألةالأٍل ى‪ :‬في هعٌى الإسلاملغة‪ٍ ،‬شش ٖعا‪.‬‬

‫الإسلاـ لغة‪ :‬ىو الانقياد وابػضوع والذؿ؛ يقاؿ‪ :‬أسلم واستسلم؛‬
‫أي‪ :‬انقاد‪1‬‬

‫‪1‬انظر‪" :‬بـتار الصحاح" (‪ ،)1952 /5‬و"لساف العرب" (‪.)293 /12‬‬

‫‪3‬‬

‫ومنو قوؿ ا﵁ تعالذ‪ ﴿ :‬فَػلََّما أَ ْسلَ َما َوتَػَلّوُ لِلْ َجبِيِن ﴾ [ الصافات‪:‬‬
‫‪]103‬؛ أي‪ :‬فلما استسلما لأمر ا﵁ وانقادا لو‪.‬‬

‫والإسلاـ في الشرع يأتي على معنيين‪:‬‬

‫ابؼعنى الأوؿ‪ :‬الإسلاـ الكوني‪ :‬ومعناه استسلاـ بصيع ابػلائق‬
‫لأوامر ا﵁ تعالذ الكونية القدرية‪.‬‬

‫ومنو قوؿ ا﵁ تعالذ‪ ﴿ :‬أَفَػغَْيػَر ِدي ِن الَلِّو يػَْبػغُو َف َولَوُ أَ ْسلَ َم َم ْن ِفي‬
‫ال َّس َمَوا ِت َواْلأَْر ِض طَْوًعا َوَكْرًىا َوإِلَيِْو يػُْرَجعُو َف ﴾ [ آؿ عمراف‪:‬‬

‫‪.]83‬‬

‫فكل بـلوؽ فهو مستسلم ﵁ عز وجل ومنقاد لأوامره تعالذ‬
‫الكونية القدرية سواء رضي أـ لد يرض؛ فلا مشيئة للمخلوؽ في‬

‫صحة أو مرض‪ ،‬أو حياة أو موت‪ ،‬أو غنى أو فقر‪ ،‬وبكو ذلك‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫والإسلاـ ّٔذا ابؼعنى لا ميزة فيو لأحد على أحد؛ بل يشترؾ فيو‬
‫ابؼؤمن والكافر والطائع والعاصي‪ ،‬بل وابغيوانات وبصيع ابؼخلوقات؛‬

‫﴿ َولَوُ أَ ْسلَ َم َم ْن ِفي ال َّس َمَوا ِت َواْلأَْر ِض ﴾‪.‬‬
‫والإسلاـ ّٔذا ابؼعنى لا يترتب عليو ثواب ولا عقاب؛ إلا إذا صبر‬
‫على مرض مثلًا أو على فقر‪ ،‬أو شكر على صحة أو على مرض؛‬

‫فهذا من الإسلاـ الشرعي الآتي بيانو‪.‬‬
‫ابؼعنى الثاني‪ :‬الإسلاـ الشرعي‪ :‬ومعناه الاستسلاـ والانقياد لأوامر‬

‫ا﵁ تعالذ الشرعية‪.‬‬
‫والإسلاـ ّٔذا ابؼعنى ينقسم إلذ عاٍّـ وخاص‪:‬‬
‫فالإسلاـ العاُّـ‪ :‬ىو الدين الذي جاء بو الأنبياء بصيًعا‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫قاؿ تعالذ‪ ﴿ :‬إَِنّا أَنْػَزلْنَا الَتّػْوَراَة فِيَها ُى ًدى َونُوٌر بَوْ ُك ُم َِّٔا الَنّبُِيّو َف‬
‫اَلّ ِذي َن أَ ْسلَ ُموا لَِلّ ِذي َن َىاُدوا َوالَّرَبّانُِيّو َف َواْلأَ ْحبَاُر ِبدَا ا ْستُ ْحِفظُوا ِم ْن‬
‫كِتَا ِب الَلِّو َوَكانُوا َعلَْيِو ُشَه َداءَ فَلَا بَزْ َشُوا الَنّا َس َوا ْخ َشْوِف َوَلا‬
‫تَ ْشتَػُروا بِآيَاِتي بَشَنًا قَلِيلًا َوَم ْن لَدْ بَْو ُك ْم ِبدَا أَنْػَزَؿ الَلّوُ فَأُولَئِ َك ُى ُم‬

‫الْ َكافُِرو َف ﴾ [ابؼائدة‪.]44 :‬‬
‫وكما قاؿ تعالذ حاكيًا عن نوح عليو السلاـ‪ ﴿ :‬فَِإ ْف تَػَوَلّيْتُ ْم فََما‬
‫َسأَلْتُ ُك ْم ِم ْن أَ ْجٍر إِ ْف أَ ْجِر َي إِلَاّ َعلَى الَلِّو َوأُِمْر ُت أَ ْف أَ ُكو َف ِم َن‬

‫الْ ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [يونس‪.]72 :‬‬
‫وكما قاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬ما َكا َف إِبْػَرا ِىي ُم يػَُهوِدِيّا َوَلا نَ ْصَرانِِيّا َولَ ِك ْن َكا َف‬

‫َحنِيًفا ُم ْسلِ ًما ﴾ [آؿ عمراف‪.]67 :‬‬

‫‪6‬‬

‫وقاؿ تعالذ حاكيًا عن إبراىيم وإبظاعيل عليهما السلاـ‪َ ﴿ :‬رَبػّنَا‬
‫َوا ْجَعْلنَا ُم ْسلِ َمْيِن لَ َك َوِم ْن ذُّْرَيّتِنَا أَُّمةً ُم ْسلِ َمةً لَ َك َوأَِرنَا َمنَا ِس َكنَا‬

‫َوتُ ْب َعلَْيػنَا إَِنّ َك أَنْ َت الَتّػَّوا ُب الَّرِحيِم ﴾ [البقرة‪.]128 :‬‬
‫وقاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬وَم ْن يرغ ُب َع ْن ِمَلِّة إِبْػَرا ِىي َم إَِّلا َم ْن َسِفوَ نػَْف َسوُ‬
‫َولََق ِد ا ْصطََفْيػنَاهُ ِفي الُّدنْػيَا َوإَِنّوُ ِفي اْلآ ِخَرةِ لَِم َن ال َّصابِغِيَن * إِْذ قَا َؿ‬
‫لَوُ َرُبّوُ أَ ْسلِ ْم قَا َؿ أَ ْسلَ ْم ُت لَِر ّْب الَْعالَِميَن ﴾ [ البقرة‪،130 :‬‬

‫‪.]131‬‬

‫وقاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬و َجاَوْزنَا بِبَِن إِ ْسَرائِي َل الْبَ ْحَر فَأَتْػبَػَعُه ْم فِْرَعْو ُف َو ُجنُوُدهُ‬
‫بػَغْيًا َوَع ْدًوا َحَّت إِذَا أَْدَرَكوُ الْغََرُؽ قَا َؿ آَمنْ ُت أََنّوُ لَا إِلَوَ إَِّلا اَلّ ِذي‬

‫آَمنَ ْت بِِو بػَنُو إِ ْسَرائِي َل َوأَنَا ِم َن الْ ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [يونس‪.]90 :‬‬

‫‪7‬‬

‫وقاؿ تعالذ حاكيًا عن سحرة فرعوف‪ ﴿ :‬قَالُوا إَِنّا إِلَذ َرْبػّنَا ُمنْػَقلِبُو َف‬
‫َوَما تَنِق ُم ِمَنّا إَِّلا أَ ْف آَمَنّا بِآيَا ِت َرْبػّنَا لََّما َجاءَتْػنَا َرَبػّنَا أَفِْرْغ َعلَْيػنَا‬

‫َصْبػًرا َوتَػَوَفّػنَا ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [الأعراؼ‪]126 :‬‬
‫وقاؿ تعالذ‪ ﴿ :‬فَػلََّما أَ َح َّس ِعي َسى ِمنْػُه ُم الْ ُكْفَر قَا َؿ َم ْن أَنْ َصا ِري‬
‫إِلَذ الَلِّو قَا َؿ ابْغََوا ِرُيّو َف بَكْ ُن أَنْ َصاُر الَلِّو آَمَنّا بِالَلِّو َوا ْشَه ْد بِأََنّا‬

‫ُم ْسلِ ُمو َف ﴾ [آؿ عمراف‪.]52 :‬‬
‫وقاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬وإِْذ أَْو َحيْ ُت إِلَذ ابْغََوا ِرْيّيَن أَ ْف آِمنُوا ِب َوبَِر ُسوِلر قَالَُوا‬

‫آَمَنّا َوا ْشَه ْد بِأََنػّنَا ُم ْسلِ ُمو َف ﴾ [ابؼائدة‪.]111 :‬‬
‫والإسلاـ ابػاص‪ :‬ىو الدين الذي جاء بو نبينا بؿمد صلى ا﵁‬

‫عليو وسلم‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫الوسألةالخاًية‪ :‬في تعشيف الإي واىلغة‪ٍ ،‬شش ٖعا‪.‬‬
‫وقد عرؼ الإبياف بعدة تعريفات‪ :‬فقيل‪ :‬ىو التصديق‪ ،‬وقيل‪ :‬ىو‬

‫الثقة‪ ،‬وقيل‪ :‬ىو الطمأنينة‪ ،‬وقيل‪ :‬ىو الإقرار‪2‬‬
‫وقاؿ شيخ الإسلاـ‪ ( :‬فإف اشتقاقو من الأمن الذي ىو القرار‬
‫والطمأنينة‪ ،‬وذلك إبما بوصل إذا استقر في القلب التصديق‬

‫والانقياد)‪3‬‬
‫قاؿ العلامة بؿمد بن علي بن آدـ الإثيوِب في كتابو البحر ا﵀يط‬

‫الثجاج في شرح صحيح مسلم بن ابغجاج ص ٕٔ‪:‬‬

‫‪2‬زيادة الإبياف ونقصانو وحكم الاستثناء فيو لعبد الرزاؽ البدر‪7 -‬ص‪1‬‬
‫‪3‬الصارـ ابؼسلوؿ ص‪519‬‬

‫‪9‬‬

‫قاؿ في "الفتح" ٔ‪ :ٙٛ - ٙٚ /‬الإبياف لغة التصديق ‪ ،4‬وشرًعا‬
‫تصديق الرسوؿ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬فيما جاء بو عن ربّو‬

‫عز وجل‪.‬‬

‫وقاؿ في " القاموس"‪ :‬وآمن بو إبيانًا‪ :‬ص ّدقو‪ ،‬والإبياف‪ :‬الثقة‪،‬‬
‫وإظهار ابػضوع‪ ،‬وقبوؿ الشريعة‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وقاؿ شيخ الإسلاـ‪ :‬إنو ‪ -‬أي الإبياف‪ -‬ليس مرادفاً للتصديق في‬
‫ابؼعنى؛‪5‬‬

‫وقاؿ الشيخ العلامة بؿمد بن صالح العثيمين ربضو ا﵁‪( :‬أكثر أىل‬
‫العلم يقولوف‪ :‬إف الإبياف في اللغة‪ :‬التصديق‪ ،‬ولكن في ىذا نظر!‬
‫لأف الكلمة إذا كانت بدعنى الكلمة؛ فإنها تتعدى بتعديها‪ ،‬ومعلوـ‬

‫‪4‬ىذا ىو ابغق في تفسير الإبياف لغةً‪ ،‬وأما تفسيره بالتصديق فقط فإنه مذهب المبتدعة‪ ،‬فتنبو‪.‬‬
‫‪5‬بؾموع الفتاوى لشيخ الإسلاـ ابن تيمية (‪291/7‬‬

‫‪10‬‬

‫أف التصديق يتعدى بنفسو‪ ،‬والإبياف لا يتعدى بنفسو؛ فنقوؿ‬
‫مثلاً‪ :‬صدقتو‪ ،‬ولا تقوؿ آمنتو! بل تقوؿ‪ :‬آمنت بو‪ ،‬أو آمنت لو‪.‬‬
‫فلا بيكن أف نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرؼ ابعر بفعل متعد‬
‫ينصب ابؼفعوؿ بو بنفسو‪ ،‬ثم إف كلمة (صدقت) لا تعطي معنى‬
‫كلمة ( آمنت) فإف ( آمنت) تدؿ على طمأنينة بخبره أكثر من‬

‫(صدقت)‪.‬‬

‫وبؽذا؛ لو فسر (الإبياف) بػ(الإقرار) لكاف أجود؛ فنقوؿ‪ :‬الإبياف‪:‬‬
‫الإقرار‪ ،‬ولا إقرار إلا بتصديق‪ ،‬فتقوؿ أقر بو‪ ،‬كما تقوؿ‪ :‬آمن بو‪،‬‬

‫وأقر لو كما تقوؿ‪ :‬آمن لو‪6‬‬

‫قاؿ العلامة بؿمد بن علي بن آدـ الإثيوِب ‪ :‬وقاؿ ابن منظور ربضو‬
‫ا﵁ تعالذ‪ :‬و َح ّد الَّزّجاج الإبيا َف‪ ،‬فقاؿ‪ :‬الإبياف‪ :‬إظهار ابػضوع‪،‬‬

‫‪6‬شرح العقيدة الواسطية (‪)229/2‬‬

‫‪11‬‬

‫والقبوؿ للشريعة‪ ،‬وبؼا أتى بو النبّي ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪،7 -‬‬
‫واعتقاده‪ ،‬وتصديقو بالقلب ‪ ،8‬فمن كاف على ىذه الصفة‪ ،‬فهو‬

‫مؤم ٌن مسل ٌم‪ ،‬غير ُمرتاب‪ ،‬ولا شا ّؾ‪ ،‬وىو الذي يرى أف أداء‬
‫الفرائض واجب عليو‪ ،‬لا يدخلو في ذلك ري ٌب‪ ،‬وفي التنزيل العزيز‪:‬‬

‫{َوَما أَنْ َت ِبدُْؤِم ٍن لَنَا} [يوسف‪ :]ٔٚ :‬أي بدص ّدؽ‪.9‬‬

‫فابؼعنى ابؼختار للإبياف لغة‪ :‬ىو الإقرار القلبي‪ :‬ويكوف الإقرار‪:‬‬

‫باعتقاد القلب‪ :‬أي تصديقو بالأخبار‪ .‬عمل القلب‪ :‬أي إذعانو‬
‫وانقياده للأوامر‪10.‬‬

‫‪7‬الصواب في تفسير الإبياف لغةً ما سيأتي عن "القاموس" من أنو الثقة‪ ،‬وإظهار ابػضوع‪ ،‬وقبوؿ الشريعة‪ ،‬وأما‬
‫تفسيره بالتصديق آّّرد‪ ،‬فإنو مذىب ابؼبتدعة‪ ،‬فتنبو‪.‬‬
‫‪8‬أي مع العمل‪ ،‬فتنبو‪.‬‬

‫بالنظر إلذ ما عند ا﵁ تعالذ‪ ،‬فالسلف قالوا‪ :‬ىو اعتقاد بالقلب‪ ،‬ونطق باللساف‪ ،‬وعمل بالأركاف‪ ،‬وأرادوا بذلك أف‬
‫الأعماؿ شرط في كمالو‬

‫‪9‬البحر ا﵀يط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن ابغجاج ص ٕٕ‬
‫‪10‬الإبياف حقيقتو خوارمو نواقضو عند أىل السنة عبدا﵁ بن عبدابغميد الأثري ‪8 -‬ص‬

‫‪12‬‬

‫قاؿ العلامة بؿمد بن علي بن آدـ الإثيوِب ‪ :‬أما بالنظر إلذ ما‬
‫عندنا‪ ،‬فالإبياف ىو الإقرار فقط‪ ،‬فمن أقّر أُجريت عليو الأحكاـ‬
‫في الدنيا‪ ،‬ولد بوكم عليو بكفر‪ ،‬إلا إف اقترف بو فع ٌل يدؿ على‬
‫كفره‪ ،‬كالسجود للصنم‪ ،‬فإف كاف الفعل لا يدؿ على الكفر‪،‬‬
‫كالفسق‪ ،‬فمن أطلق عليو الإبياف‪ ،‬فبالنظر إلذ إقراره‪ ،‬ومن نػََفى‬
‫عنو الإبياف‪ ،‬فبالنظر إلذ كمالو‪ ،‬ومن أطلق عليو الكفر‪ ،‬فبالنظر‬
‫إلذ أنو فَػَعل فعل الكافر‪ ،‬ومن نػََفى عنو‪ ،‬فبالنظر إلذ حقيقتو‪،‬‬

‫وأثبتت ابؼعتزلة الواسطة‪ ،‬فقالوا‪ :‬الفاسق لا مؤمن‪ ،‬ولا كافر‪11.‬‬

‫فمعنى الإيمان شرًعا – ىو التصديق ابعازـ‪ ،‬والإقرار الكامل‪،‬‬
‫والاعتراؼ التاـ؛ بوجود ا﵁ تعالذ وربوبيتو وألوىيتو وأبظائو وصفاتو‪،‬‬
‫واستحقاقو وحده العبادة‪ ،‬واطمئناف القلب بذلك اطمئناناً تُرى‬

‫‪11‬البحر ا﵀يط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن ابغجاج ص ٖٕ‬

‫‪13‬‬

‫آثاره في سلوؾ الإنساف‪ ،‬والتزامو بأوامر ا﵁ تعالذ‪ ،‬واجتناب‬
‫نواىيو‪.‬وأف بؿمد بن عبد ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم رسوؿ ا﵁‪،‬‬
‫وخاتم النبيين‪ ،‬وقبوؿ بصيع ما أخبر بو صلى ا﵁ عليو وسلم عن‬
‫ربو جل وعلا وعن دين الإسلاـ؛ من الأمور الغيبية‪ ،‬والأحكاـ‬
‫الشرعية‪ ،‬وبجميع مفردات الدين‪ ،‬والانقياد لو صلى ا﵁ عليو وسلم‬
‫بالطاعة ابؼطلقة فيما أمر بو‪ ،‬والكف عما نهى عنو صلى ا﵁ عليو‬
‫وسلم وزجر؛ ظاىراً وباطناً‪ ،‬وإظهار ابػضوع والطمأنينة لكل‬

‫ذلك‪.‬‬

‫فمسمى الإبياف عند أىل السنة وابعماعة؛ كما أبصع عليو أئمتهم‬
‫وعلماؤىم‪ ،‬ىو‪( :‬تصديق بابعناف‪ ،‬وقوؿ باللساف‪ ،‬وعمل بابعوارح‬
‫والأركاف؛ يزيد بالطاعة‪ ،‬وينقص بابؼعصية)؛ قاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬ويَِزي ُد‬
‫الَلّوُ اَلّ ِذي َن ا ْىتََدْوا ُى ًدى َوالْبَاقِيَا ُت ال َّصابِغَا ُت َخْيػٌر ِعْن َد َرْبّ َك ثػََوابًا‬

‫‪14‬‬

‫َو َخْيػٌر َمَرِّدا ﴾ [ مرًن‪ ،]76 :‬وقاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬وَما َجَعلْنَا أَ ْص َحا َب‬
‫الَنّا ِر إَِّلا َملَائِ َكةً َوَما َجَعْلنَا ِعَّدتَػُه ْم إَِّلا فِْتػنَةً لَِلّ ِذي َن َكَفُروا لِيَ ْستَػيِْق َن‬
‫اَلّ ِذي َن أُوتُوا الْ ِكتَا َب َويػَْزَدادَ اَلّ ِذي َن آَمنُوا إِبيَانًا َوَلا يػَْرتَا َب اَلّ ِذي َن أُوتُوا‬
‫الْ ِكتَا َب َوالْ ُمْؤِمنُو َف َولِيَػُقوَؿ اَلّ ِذي َن ِفي قُػلُؤِِّ ْم َمَر ٌض َوالْ َكافُِرو َف َماذَا‬
‫أََراَد الَلّوُ ََِّٔذا َمثَلًا َك َذلِ َك يُ ِض ُّل الَلّوُ َم ْن يَ َشاءُ َويػَْه ِدي َم ْن يَ َشاءُ‬
‫َوَما يػَْعلَ ُم ُجنُوَد َرْبّ َك إَِّلا ُىَو َوَما ِى َي إَِّلا ِذ ْكَرى لِلْبَ َشِر ﴾ (ابؼدثر‪:‬‬

‫‪12) 31‬‬

‫الفصل الأٍ ل‪ :‬أى الإي واىقَل ٍع ول‬

‫ومذىب أىل السنة وابعماعة يقضي بأف الّْدين الذي لا ينجو‬
‫أحد إلا بو‪ :‬قوٌؿ وعمل‪ ،‬وىذا معنى الإبياف الذي قصده السلف؛‬

‫‪https://www.alukah.net/sharia/0/102420/#ixzz6QBIED6YO 12‬‬
‫‪/ https://www.dorar.net/aqadia/3162‬‬

‫‪15‬‬

‫قاؿ الإماـ بؿمد بن إبظاعيل بن بؿمد بن الفضل التيمي‬
‫الأصبهاني‪ ( :‬والإبياف في لساف الشرع ىو التصديق بالقلب‪،‬‬

‫والعمل بالأركاف)‪.‬‬
‫وقاؿ الإماـ البغوي‪( :‬اتفقت الصحابة والتابعوف فمن بعدىم من‬
‫علماء السنة على أف الأعماؿ من الإبياف‪ ..‬وقالوا‪ :‬إف الإبياف قوؿ‬

‫وعمل وعقيدة)‪.‬‬
‫وقاؿ ابغافظ ابن عبد البر‪( :‬أبصع أىل الفقو وابغديث على أف‬
‫الإبياف قوؿ وعمل ولا عمل إلا بنية‪ ...‬إلا ما ذكر عن أِب حنيفة‬

‫وأصحابو فإنهم ذىبوا إلذ أف الطاعات لا تسمى إبياناً‪.)...‬‬

‫‪16‬‬

‫(قاؿ الإماـ الشافعي في ( كتاب الأـ)‪ ..‬وكاف الإبصاع من‬
‫الصحابة‪ ،‬والتابعين من بعدىم بفن أدركنا‪ :‬أف الإبياف قوؿ وعمل‬

‫ونية لا بهزئ واحد من الثلاثة عن الآخر)‪.‬‬

‫وروى الإماـ اللالكائي عن الإماـ البخاري قولو‪ :‬لقيت أكثر من‬
‫ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً منهم بىتلف في‬

‫أف الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد وينقص‪13‬‬

‫فالإبياف قوؿ بالقلب واللساف‪ ،‬وعمل بالقلب واللساف وابعوارح‪:‬‬
‫فقوؿ القلب‪ :‬ىو تصديقو وإيقانو‪َ ﴿ ،‬واَلّ ِذي َجاءَ بِال ّْص ْد ِؽ‬
‫َو َصَّد َؽ بِِو أُولَئِ َك ُى ُم الْ ُمَتّػُقو َف ﴾ [ الزمر‪ ،]33 :‬وقولو تعالذ‪﴿ :‬‬
‫إَِبّمَا الْ ُمْؤِمنُو َف اَلّ ِذي َن آَمنُوا بِالَلِّو َوَر ُسولِِو ثَُمّ لَدْ يػَْرتَابُوا َو َجا َى ُدوا‬

‫‪ 13‬شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة وابعماعة)) (‪.)174-173 /1‬‬

‫‪17‬‬

‫بِأَْمَوابِؽِ ْم َوأَنْػُف ِسِه ْم ِفي َسبِيِل الَلِّو أُولَئِ َك ُى ُم ال َّصاِدقُو َف ﴾‬
‫[ابغجرات‪]15 :‬؛ أي‪ :‬صَّدقوا ثم لد يش ُّكوا‪.‬‬

‫وقوؿ اللساف‪ :‬وىو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما؛ قاؿ‬
‫تعالذ‪ ﴿ :‬إِ َّف اَلّ ِذي َن قَالُوا َرُبػّنَا الَلّوُ ثَُمّ ا ْستَػَقاُموا فَلَا َخْو ٌؼ َعلَْيِه ْم َوَلا‬

‫ُى ْم بَْوَزنُو َف ﴾ [الأحقاؼ‪.]13 :‬‬
‫وعمل القلب‪ :‬وىو النية‪ ،‬والإخلاص‪ ،‬وا﵀بة‪ ،‬والانقياد‪ ،‬والإقباؿ‬
‫على ا﵁ عز وجل‪ ،‬والتوكل عليو‪ ،‬ولوازـ ذلك وتوابعو؛ قاؿ تعالذ‪:‬‬
‫﴿ َوَلا تَطُْرِد اَلّ ِذي َن يَْد ُعو َف َرَبػُّه ْم بِالْغََداِة َوالَْع ِش ّْي يُِري ُدو َف َو ْجَهوُ ﴾‬

‫[الأنعاـ‪.]52 :‬‬

‫وقاؿ تعالذ‪ ﴿ :‬إَِبّمَا الْ ُمْؤِمنُو َف اَلّ ِذي َن إِذَا ذُكَِر الَلّوُ َوِجلَ ْت قػُلُوبػُُه ْم‬
‫َوإَِذا تُلِيَ ْت َعلَْيِه ْم آيَاتُوُ َزاَدتْػُه ْم إِبيَانًا َوَعلَى َرِّّْٔ ْم يػَتَػَوَّكلُو َف ﴾‬

‫‪18‬‬

‫[الأنفاؿ‪ ،]2 :‬وقولو صلى ا﵁ عليو وسلم‪ (( :‬لا يؤمن أحُدكم‬
‫حَّت أكو َف أح َّب إليو من ول ِده‪ ،‬ووالده‪ ،‬والناس أبصعين))[‪.]4‬‬

‫وعمل اللساف وابعوارح‪:‬‬

‫فعمل اللساف ما لا يُؤَّدى إلا بو؛ كتلاوة القرآف‪ ،‬وسائر الأذكار؛‬
‫من التسبيح والتحميد والتهليل‪ ،‬والتكبير والدعاء والاستغفار‪،‬‬

‫وغير ذلك‪.‬‬

‫وعمل ابعوارح ما لا يُؤَّدى إلا ّٔا؛ كالصياـ‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجود‪،‬‬
‫وابؼشي في مرضاة ا﵁‪ ،‬والأمر بابؼعروؼ‪ ،‬والنهي عن ابؼنكر‪ ،‬وغير‬
‫ذلك بفا في ُشعب الإبياف؛ قاؿ تعالذ‪ ﴿ :‬إِ َّف اَلّ ِذي َن يػَْتػلُو َف كِتَا َب‬
‫الَلِّو َوأَقَاُموا ال َّصلَاةَ َوأَنْػَفُقوا ِبَفّا َرَزقْػنَا ُى ْم ِسِّرا َوَعلَانِيَةً يػَْرُجو َف بِذَاَرةً لَ ْن‬
‫تَػبُوَر ﴾ [ فاطر‪ ،]29 :‬وقاؿ‪ ﴿ :‬إِ َّف الَلّوَ ا ْشتَػَرى ِم َن الْ ُمْؤِمنِيَن‬

‫‪19‬‬

‫أَنْػُف َسُه ْم َوأَْمَوابَؽُْم بِأَ َّف بَؽُُم ابْعََنّةَ يػَُقاتِلُو َف ِفي َسبِيِل الَلِّو فَػيَػْقتُػلُو َف‬
‫َويػُْقتَػلُو َف َو ْع ًدا َعلَيِْو َحِّقا ِفي الَتّػْوَراِة َواْلِإبِْقيِل َوالُْقْرآ ِف َوَم ْن أَوفي‬
‫بَِع ْه ِدهِ ِم َن الَلِّو فَا ْستَبْ ِشُروا بِبَػْيعِ ُك ُم اَلّ ِذي بَايػَْعتُ ْم بِِو َوذَلِ َك ُىَو الَْفْوُز‬

‫الَْع ِظي ُم ﴾ [التوبة‪]111 :‬‬

‫الفصل الخاًي‪ :‬أى الإي واىيضيذ ٍ يٌقص‬

‫أىل السنة وابعماعة بؽم طريق وبؽم صراط مستقيم ليست كطريق‬
‫أىل البدع كابػوارج وابؼعتزلة وغيرىم ‪ .‬وابػوارج و ابؼعتزلة يقولوف‬
‫أف مرتكب الكبيرة كافر ( كما تقوؿ ابػوارج ) أو ىو في منزلة‬
‫بين الإبياف والكفر ( كما تقوؿ ابؼعتزلة ) فالإبياف عندىم واحد‬
‫وكل لا يتجزأ وإذا ذىب فإنو يذىب بصلة واحدة ‪.‬وفي ابعهة‬
‫ابؼقابلة ابؼرجئة وىم طوائف شَّت قالوا أف العبد إذا قاؿ لا الو إلا‬
‫ا﵁ وشهد ﵁ بالوحدانية واقر ﵀مد صلى ا﵁ عليو وسلم بالرسالة‬

‫‪20‬‬

‫فانو مؤمن كامل الإبياف واف عمل ما عمل وأنكروا أف الإبياف يزيد‬
‫وينقص ‪ .‬وكل من الطرفين خرج عن ابؼنهج الصحيح وعن‬
‫الوسطية والصحيح ما عليو أىل السنة وابعماعة أف الإبياف يزيد‬

‫وينقص ‪ ،‬يزيد بالطاعات وينقص بابؼعاصي‪.‬‬
‫فإذا عمل الإنساف وكثر عملو زاد إبيانو‪ ،‬والزيادة ليست في العمل‬
‫فقط؛ فقد تكوف الزيادة في اليقين‪ ،‬فقد يكوف الإنساف في وقت‬
‫أكثر يقينًا منو في وقت آخر‪ ،‬وكذلك القوؿ‪ ،‬قد يكوف القوؿ‬
‫مطابًقا بؼا في القلب‪ ،‬ومطابًقا بؼا في الواقع‪ ،‬وقد يكوف بؾرد قوؿ‬
‫قالو ولد يعرؼ معناه‪ ،‬ومعلوـ أف مثل ىذا يتفاوت‪ ،‬وكذلك‬
‫الأعماؿ تتفاوت؛ فالزيادة والنقص في ابعميع‪ ،‬في العلم وفي القوؿ‬

‫وفي العمل ‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫الأدلة على زيادة الإبياف ونقصانو عند أىل السنة ‪ :‬من الكتاب‬
‫والسنة وإبصاع السلف‬

‫الأدلة من القراف الكرًن ‪:‬‬
‫قاؿ تعالذ { إبما ابؼؤمنوف الذين إذا ذكر ا﵁ وجلت قلؤّم وإذا‬
‫تليت عليهم آياتو زادتهم إبيانا وعلى رّٔم يتوكلوف}( سورة الأنفاؿ‬

‫الآية ٕ)‬
‫وقولو تعالذ{الذين قاؿ بؽم الناس إف الناس قد بصعوا لكم‬
‫فاخشوىم فزادىم إبيانا وقالوا حسبنا ا﵁ ونعم الوكيل }( سورة آؿ‬

‫عمراف الآية ٖ‪)ٔٚ‬‬
‫وقولو تعالذ { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقوؿ أيكم زادتو‬
‫ىذه إبيانآ فأما الذين آمنوا فزادتهم إبيانآ وىم يستبشروف وأما‬

‫‪22‬‬

‫الذين في قلؤّم مرض فزادتهم رجسا إلذ رجسهم وماتوا وىم‬
‫كافروف } )سورة التوبة الآية ٕ٘ٔ)‬

‫(وقاؿ تعالذ {وبؼا رأي ابؼؤمنوف الأحزاب قالوا ىذا ما وعدنا ا﵁‬
‫ورسولو وصدؽ ا﵁ ورسولو وما زادىم إلا إبيانآ وتسلميا } (سورة‬

‫الأحزاب الآية ٕٕ)‬
‫وقولو تعالذ { وىو الذي أنزؿ السكينة في قلوب ابؼؤمنين ليزدادوا‬

‫إبيانا مع إبيانهم } (سورة الفتح الآية ٗ)‬
‫وقولو تعالذ { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إبيانا‬

‫} (سورة ابؼدثر الآية ٖٔ)‬
‫اﻷدلة من السنة ‪:‬‬

‫‪23‬‬

‫جاء في الصحيحين من حديث أِب ىريرة رضي ا﵁ عنو أف النبي‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم قاؿ [ لا يزني الزاني حين يزني وىو مؤمن ولا‬
‫يسرؽ السارؽ حين يسرؽ وىو مؤمن ولا يشرب ابػمر حين‬
‫يشرّٔا وىو مؤمن ولا ينهب نُهبة ذات شرؼ يرفع الناس إليو فيها‬
‫بأبصارىم حين ينتهبها وىو مؤمن ] ‪ (.‬متفق عليو "" البخاري‬

‫٘‪ ٕٗٚ‬ومسلم ‪)""٘ٚ‬‬
‫فنفى عنو كماؿ الإبياف الواجب بفعل ىذه الكبائر بفا دؿ على‬
‫نقص الإبياف بفعلها وىكذا كل ما ورد من نفي كماؿ الإبياف‬

‫الواجب أو ابؼستحب تدؿ على زيادتو ومن ثَمّ نقصانو‪.‬‬
‫و من الأدلة حديث ابن مسعود رضي ا﵁ عنو وفيو [ فمن‬
‫جاىدىم بيده فهو مؤمن ومن جاىدىم بلسانو فهو مؤمن ومن‬

‫‪24‬‬

‫جاىدىم بقلبو فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإبياف حبة خردؿ‬
‫] (رواه مسلم جٔ ص ‪)ٜٙ‬‬

‫وما رواه أِب سعيد ابػدري رضي ا﵁ عنو عن النبي صلى ا﵁ عليو‬
‫وسلم قاؿ [ من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإف لد يستطع‬
‫فبلسانو فإف لد يستطع فبقلبو وذلك أضعف الإبياف ] (رواه مسلم‬

‫من حديث أِب سعيد ابػدري رضي ا﵁ عنو رقم ‪)ٜٗ‬‬
‫فدؿ ما سبق على أف الإبياف لا يزاؿ يضعف بتخلف تلك ابؼراتب‬

‫وىو النقصاف وبرصيلها ىو زيادتو والأدلة في ذلك كثيرة‪.‬‬
‫أقوال السلف في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص‪:‬‬

‫‪25‬‬

‫فذىب السلف إلذ أف الإبياف يزيد وينقص‪ ,‬أذكر بصلة من النقوؿ‬
‫عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدىم بفن نقل عنو ذلك‪،‬‬

‫ذاكراً أقواؿ الصحابة أولاً‪ ،‬فالتابعين‪ ،‬فمن بعدىم‪،‬‬
‫‪ -1‬كاف عمر بن ابػطاب رضي ا﵁ عنو يقوؿ لأصحابو‪( :‬ىلموا‬

‫نزداد إبيانا) و في لفظ‪( :‬تعالوا نزداد إبيانا)‬
‫رواه ابن أِب شيبة ( ‪ )26/11‬وفي (( الإبياف)) ( ص‪،)36 :‬‬
‫والبيهقي في (( شعب الإبياف)) ( ‪ ،)37 ( )69/1‬والآجري في‬
‫((الشريعة)) ( ص‪ )108 :‬وابن بطة في الإبانة ( ‪)847/2‬‬
‫(‪ )1134‬واللالكائي في (( شرح الاعتقاد)) ( ‪)941/5‬‬

‫(‪.)1700‬‬

‫‪26‬‬

‫‪ -2‬وقاؿ عبدا﵁ بن مسعود رضي ا﵁ عنو‪( :‬اجلسوا بنا نزداد‬
‫إبيانا) ‪ .‬وكاف يقوؿ في دعائو‪( :‬اللهم زدني إبيانا ويقينا وفقها) ‪.‬‬
‫‪ -3‬وعن معاذ بن جبل رضي ا﵁ عنو أنو كاف يقوؿ‪( :‬اجلسوا‬

‫بنا نؤمن ساعة)‬
‫قاؿ ابن حجر مبينا وجو دلالتو على زيادة الإبياف ونقصانو‪( :‬ووجو‬
‫الدلالة منو ظاىرة‪ ،‬لأنو لا بومل على أصل الإبياف لكونو كاف‬
‫مؤمناً وأي مؤمن‪ ،‬وإبما بومل على إرادة أنو يزداد إبيانا بذكر ا﵁‬

‫تعالذ) ‪.‬‬
‫أما قوؿ ابن العرِب عنو‪( :‬لا تعلق فيو للزيادة معللاً ذلك‪ :‬أف معاذاً‬
‫إبما أراد بذديد الإبياف‪ ،‬لأف العبد يؤمن في أوؿ مرة فرضاً‪ ،‬ثم يكوف‬

‫أبدا بؾددا كلما نظر أو فكر) ‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫فغير صحيح‪ ،‬لأف الإبياف الذي ينجم عن النظر والتفكر بعد برقق‬
‫أصل الإبياف‪ ،‬يعد في ابغقيقة زيادة إبياف‪ ،‬فما بظاه ابن العرِب ىنا‬

‫بذدد إبياف ىو في واقع أمره زيادة إبياف وإف بظي بغير ابظو‪.‬‬
‫ولذا تعقبو ابغافظ بقولو‪ ( :‬وما نفاه أولاً أثبتو آخرا‪ ،‬لأف بذدد‬

‫الإبياف إبياف) ‪.‬‬
‫‪( -4‬وكاف عبدا﵁ بن رواحة رضي ا﵁ عنو يأخذ بيد النفر من‬
‫أصحابو فيقوؿ‪ :‬تعالوا نؤمن ساعة‪ ،‬تعالوا فلنذكر ا﵁ ونزدد إبيانا‬

‫بطاعتو‪ ،‬لعلو يذكرنا بدغفرتو) ‪.‬‬
‫‪ -5‬وعن أِب الدرداء عوبير الأنصاري رضي ا﵁ عنو أنو قاؿ‪:‬‬

‫(الإبياف يزداد وينقص) ‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫وروي عنو رضي ا﵁ عنو أنو قاؿ‪( :‬من فقو العبد أف يعلم أمزداد‬
‫ىو أو منتقص‪ ،‬وإف من فقو العبد أف يعلم نزغات الشيطاف أنى‬

‫تأتيو) ‪.‬‬
‫‪ -6‬وعن أِب ىريرة رضي ا﵁ عنو قاؿ‪( :‬الإبياف يزداد وينقص) ‪.‬‬
‫وروي عنو وعن ابن عباس رضي ا﵁ عنهما أنهما قالا‪( :‬الإبياف‬

‫يزيد وينقص) ‪.‬‬
‫‪ -7‬وعن جندب بن عبدا﵁ البجلي رضي ا﵁ عنو قاؿ‪( :‬كنا مع‬
‫رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم فتيانا حزاورة فتعلمنا الإبياف‪ ،‬ثم‬

‫تعلمنا القرآف فازددنا بو إبيانا) ‪.‬‬
‫‪ -8‬وعن عمير بن حبيب ابػطمي رضي ا﵁ عنو قاؿ‪( :‬الإبياف‬
‫يزيد وينقص‪ ،‬فقيل‪ :‬وما زيادتو ونقصانو؟ قاؿ‪ :‬إذا ذكرنا ا﵁ عز‬

‫‪29‬‬

‫وجل وبضدناه وسبحناه فذلك زيادتو‪ ،‬وإذا غفلنا وضيعنا ونسينا‪،‬‬
‫فذلك نقصانو) ‪.‬‬

‫قاؿ ابن القيم ربضو ا﵁‪( :‬وأقدـ من روي عنو زيادة الإبياف ونقصانو‬
‫من الصحابة عمير بن حبيب ابػطمي) ‪.‬‬

‫ولد يتبين لر وجو ىذه الأقدمية‪ ،‬ولد أقف على تاريخ وفاة عمير‬
‫رضي ا﵁ عنو‪ ،‬وإبما عد بفن أسلم قبل الفتح‪ ،‬وفي الذين نقل عنهم‬
‫من الصحابة ذلك عبدا﵁ بن رواحة وكاف قد استشهد في غزوة‬

‫مؤتة في حياة رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم ‪.‬‬
‫وعن عقبة بن عامر ابعهِن رضي ا﵁ عنو قاؿ‪( :‬إف الرجل ليتفضل‬

‫بالإبياف كما يتفضل ثوب ابؼرأة) ‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫ولعل التشبيو بثوب ابؼرأة ىو لكونو ضافيا وافيا‪ ،‬وقد تقدـ معنا‬
‫الرؤيا التي رآىا رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم حيث قاؿ‪(( :‬بينا‬
‫أنا نائم رأيت الناس يعرضوه عل َّي وعليهم قمص‪ ))..‬ابغديث‪،‬‬

‫ثم فسر القمص بالدين‪.‬‬
‫‪ -10‬وعن عمار بن ياسر رضي ا﵁ عنو قاؿ‪( :‬ثلاث من بصعهن‬
‫فقد بصع الإبياف‪ :‬الإنفاؽ من الإقتار‪ ،‬والإنصاؼ من النفس‪،‬‬

‫وبذؿ السلاـ للعالد) ‪.‬‬
‫‪ -11‬وعن علقمة بن قيس النخعي ربضو ا﵁ أنو كاف يقوؿ‬

‫لأصحابو‪( :‬امشوا بنا نزدد إبيانا) ‪.‬‬
‫‪ -12‬وكتب عمر بن عبدالعزيز إلذ عدي بن عدي أحد عمالو‬
‫على ابعزيرة‪( :‬أما بعد‪ :‬فإف للإبياف حدودا وشرائع وفرائض‪ ،‬من‬

‫‪31‬‬

‫استكملها استكمل الإبياف‪ ،‬ومن لد يستكملها لد يستكمل‬
‫الإبياف)‪.‬‬

‫علقو البخاري في كتاب الإبياف من صحيحو (‪ ، )21‬وقاؿ ابن‬
‫حجر مبينا سبب ذكر البخاري لو‪( :‬والغرض من ىذا الأثر أف‬
‫عمر بن عبدالعزيز كاف بفن يقوؿ بأف الإبياف يزيد وينقص‪ ،‬حيث‬

‫قاؿ‪ :‬استكمل ولد يستكمل) ‪.‬‬
‫‪ -13‬وعن بؾاىد بن جبر قاؿ‪ ( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد‬

‫وينقص) ‪.‬‬
‫‪ -14‬وقاؿ عبدالربضن بن عمرو الأوزاعي‪( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪،‬‬
‫يزيد وينقص فمن زعم أف الإبياف يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنو‬

‫مبتدع) ‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫(وسئل ربضو ا﵁ عن الإبياف أيزيد؟ قاؿ‪ :‬نعم حَّت يكوف كابعباؿ‬
‫قيل‪ :‬فينقص؟ قاؿ‪ :‬نعم حَّت لا يبقى منو شيء) ‪.‬‬
‫‪ -15‬وقاؿ سفياف الثوري‪( :‬الإبياف يزيد وينقص) ‪.‬‬

‫‪ -16‬وكتب بضاد بن زيد إلذ جرير بن عبدابغميد‪( :‬بلغِن أنك‬
‫تقوؿ في الإبياف بالزيادة‪ ،‬وأىل الكوفة يقولوف بغير ذلك‪ ،‬أثبت‬

‫على ذلك ثبتك ا﵁) ‪.‬‬
‫‪ -17‬وثبت عن الإماـ مالك ربضو ا﵁ القوؿ بزيادة الإبياف‬

‫ونقصانو من طرؽ متعددة يأتي ذكرىا في مبحث مستقل‪.‬‬
‫‪ -18‬وقاؿ عبدا﵁ بن ابؼبارؾ‪ ( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬والإبياف‬

‫يتفاضل) ‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫قاؿ شيخ الإسلاـ ابن تيمية‪ ( :‬وبعضهم أي‪ :‬السلف عدؿ عن‬
‫لفظ الزيادة والنقصاف إلذ لفظ التفاضل‪ .‬فقاؿ أقوؿ‪ :‬الإبياف‬
‫يتفاضل ويتفاوت‪ ،‬ويروى ىذا عن ابن ابؼبارؾ‪ ،‬وكاف مقصوده‬

‫الإعراض عن لفظ وقع فيو النزاع إلذ معنى لا ريب في ثبوتو) ‪.‬‬

‫ولا ريب كذلك في ثبوت لفظ الزيادة والنقصاف عند السلف؛‬
‫فالزيادة مصرح ّٔا في القرآف‪ ،‬والنقصاف مصرح بو في السنة كما‬
‫تقدـ بيانو‪ ،‬ولعل سبب عدوؿ ابن ابؼبارؾ ربضو ا﵁ عن لفظ الزيادة‬
‫والنقصاف ىو استحسانو لكلمة (التفاضل) لا لسبب آخر‪ ،‬كما‬
‫أنو روي ذلك عن بعض السلف‪ ،‬فقد ساؽ ابػلاؿ بسنده إلذ‬
‫بؿمد بن أباف قاؿ قلت لعبدالربضن بن مهدي‪ :‬الإبياف قوؿ‬
‫وعمل؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬قلت‪ :‬يزيد وينقص؟ قاؿ يتفاضل كلمة أحسن‬

‫من كلمة ‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫فهذا ىو وجو عدوؿ ابن مهدي عن كلمة الزيادة والنقصاف كما‬
‫ىو منصوصو على ذلك‪ ،‬فلعل ذلك أيضاً ىو سبب عدوؿ ابن‬

‫ابؼبارؾ عن ىذه الكلمة‪ ،‬وا﵁ أعلم‪.‬‬
‫وقد كاف من السلف من ينكر على من عدؿ عن لفظة الزيادة‬
‫والنقصاف لثبوتها كما قد روى ذلك عبدالربضن بن مهدي نفسو‬
‫ربضو ا﵁ قاؿ‪ ( :‬أنا أقوؿ الإبياف يتفاضل‪ ،‬وكاف الأوزاعي يقوؿ‪:‬‬

‫ليس ىذا زماف تعلم‪ ،‬ىذا زماف بسسك) ‪.‬‬
‫ثم وقفت على أثر عن الإماـ أبضد ربضو ا﵁ قد يفهم منو سبب‬
‫اختيار ابن ابؼبارؾ للفظة (يتفاضل) فقد قاؿ ابن ىانئ في مسائلو‪:‬‬
‫(بظعت أبا عبدا﵁ ابن أِب رزمة ما كاف أبوؾ يقوؿ عن عبدا﵁ بن‬

‫ابؼبارؾ في الإبياف؟ قاؿ‪ :‬كاف يقوؿ‪ :‬الإبياف يتفاضل‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫قاؿ أبو عبدا﵁‪ :‬يا عجباه‪ ،‬إف قاؿ لكم يزيد وينقص ربصتموه‪،‬‬
‫وإف قاؿ يتفاضل تركتموه‪ ،‬وىل شيء يتفاضل إلا وفيو الزيادة‬

‫والنقصاف) ‪.‬‬
‫وعلى ك ٍّل فابن ابؼبارؾ عدؿ عن ذلك‪ ،‬وصار يصرح بزيادة‬
‫الإبياف‪ ،‬لكونها منصوصاً عليها في القرآف‪ ،‬قاؿ ربضو ا﵁‪( :‬لد أجد‬

‫بدا من الإقرار بزيادة الإبياف إزاء كتاب ا﵁)‪.‬‬
‫ذكر ذلك بؼا قاؿ لو ابؼستملي‪ :‬يا أبا عبدالربضن‪ :‬إف ىا ىنا قوماً‬
‫يقولوف‪ :‬الإبياف لا يزيد‪ ،‬فسكت عبدا﵁‪ ،‬حَّت سألو ثلاثا‪.‬‬
‫فأجابو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬لا تعجبِن ىذه الكلمة منكم أف ىا ىنا قوما‪،‬‬
‫ينبغي أف يكوف أمركم بصعا‪ ،‬ثم ساؽ ابن ابؼبارؾ بسنده قوؿ عمر‬
‫بن ابػطاب‪( :‬لو وزف إبياف أِب بكر بإبياف أىل الأرض لرجحهم)‬

‫‪36‬‬

‫ثم قاؿ‪ :‬بلى إف الإبياف يزيد‪ ،‬بلى إف الإبياف يزيد ثلاثا‪ ،‬وقاؿ‪( :‬لد‬
‫أجد بدا من الإقرار بزيادة الإبياف إزاء كتاب ا﵁) ‪.‬‬

‫(وقاؿ لو شيباف بن فروخ‪ :‬ما تقوؿ فيمن يزني ويشرب ابػمر ونو‬
‫ىذا أمؤمن ىو؟ قاؿ ابن ابؼبارؾ‪ :‬لا أخرجو من الإبياف‪ :‬فقاؿ‬
‫شيباف‪ :‬على كبر السن صرت مرجئا؟ فقاؿ لو ابن ابؼبارؾ‪ :‬يا أبا‬
‫عبدا﵁ إف ابؼرجئة لا تقبلِن أنا أقوؿ الإبياف يزيد وابؼرجئة لا تقوؿ‬
‫بذلك‪ ،‬وابؼرجئة تقوؿ‪ :‬حسناتنا متقبلة‪ ،‬وأنا لا أعلم تقبلت مِن‬

‫حسنة) ‪.‬‬
‫بل قد وجد في كلامو ربضو ا﵁ التصريح بنقصاف الإبياف‪ .‬كما‬
‫روى ذلك النجاد عن علي بن ابغسن بن شقيق قاؿ بظعت‬

‫عبدا﵁ بن ابؼبارؾ يقوؿ‪( :‬الإبياف قوؿ وعمل يزيد وينقص) ‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫وروى إسحاؽ بن راىويو في مسنده بؿمد بن أعين قاؿ‪( :‬قاؿ ابن‬
‫ابؼبارؾ وذكر لو الإبياف فقاؿ‪ :‬قوـ يقولوف إبيانا مثل جبريل‬
‫وميكائيل‪ .‬أما فيو زيادة أما فيو نقصاف‪ ،‬ىو مثلو سواء‪ ،‬وجبريل‬

‫ربدا صار مثل الوضع من خوؼ ا﵁ تعالذ‪ .‬وذكر أشباه ذلك) ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أي ذكر أشباه ذلك من أساليب الإنكار على ابؼرجئة‬
‫القائلين بعدـ زيادة الإبياف ونقصانو‪ ،‬وأف أىلو فيو سواء‪ ،‬ؤّذا‬
‫يعلم أف ابن ابؼبارؾ ربضو ا﵁ كاف يقوؿ بزيادة الإبياف ونقصانو‬

‫كغيره من أئمة أىل السنة وابعماعة‪ ،‬رحم ا﵁ ابعميع‪.‬‬
‫‪ – 19‬وقاؿ خالد بن ابغارث‪( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد وينقص)‬
‫‪ -20‬وقاؿ جرير بن عبدابغميد‪ ( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد‬

‫وينقص) ‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫‪ -21‬وقاؿ وكيع بن ابعراح‪( :‬الإبياف يزيد وينقص) ‪.‬‬
‫‪ -22‬وح ّسن بويى بن سعيد القطاف‪( :‬الزيادة والنقصاف ورآه) قالو‬

‫الإماـ أبضد ‪.‬‬
‫ونقدـ في صدر ىذا ابؼبحث قوؿ بويى‪ ( :‬ما أدركت أحدا من‬
‫أصحابنا إلا على سنتنا في الإبياف ويقولوف‪ :‬الإبياف يزيد وينقص)‬
‫‪ -23‬وقاؿ ابن عيينة‪( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد وينقص‪ ،‬فقاؿ‬
‫لو أخوه إبراىيم بن عيينة‪ :‬يا أبا بؿمد لا تقولن يزيد وينقص؛‬
‫فغضب وقاؿ‪ :‬اسكت يا صبي بل ينقص حَّت لا يبقى منو شيء)‬

‫(وقيل لو‪ :‬ىل الإبياف يزيد وينقص؟ قاؿ‪ :‬فأي شيء إذف) ‪.‬‬
‫وسئل أيضاً عن الإبياف فقاؿ‪( :‬قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد وينقص‪ ،‬يزيد ما‬

‫شاء ا﵁‪ ،‬وينقص حَّت ما يبقى منو يعِن مثل ىذه وأشار بيده)‬

‫‪39‬‬

‫‪ -24‬وقاؿ النضر بن شميل‪ ( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬والإبياف‬
‫يتفاضل) ‪.‬‬

‫‪ -25‬وقاؿ الإماـ بؿمد بن إدريس الشافعي (الإبياف قوؿ وعمل‬
‫يزيد وينقص)‬

‫وروي أف اثنين تناظرا عند الشافعي في ىذه ابؼسألة فذىب أحدبنا‬
‫إلذ القوؿ بعدـ زيادة الإبياف ونقصانو‪ ،‬فحمي الشافعي وتقلد‬

‫ابؼسألة على أف الإبياف قوؿ وعمل يزيد وينقص‬
‫‪ -26‬وقاؿ عبدالرزاؽ الصنعاني‪ ( :‬بظعت معمرا وسفياف الثوري‬
‫ومالك بن أنس‪ ،‬وابن جريج‪ ،‬وسفياف بن عيينة يقولوف‪ :‬الإبياف‬
‫قوؿ وعمل يزيد وينقص) وفي رواية أف عبدالرزاؽ قاؿ‪( :‬وأنا أقوؿ‬

‫‪40‬‬

‫ذلك‪ ،‬الإبياف قوؿ وعمل والإبياف يزيد وينقص‪ ،‬فإف خالفتهم فقد‬
‫ضللت إذف وما أنا من ابؼهتدين)‪.‬‬

‫‪ -27‬وقاؿ عبدا﵁ بن الزبير ابغميدي‪( :‬الإبياف قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد‬
‫وينقص‪ ،‬لا ينفع قوؿ إلا بعمل‪ ،‬ولا عمل ولا قوؿ إلا بنية‪ ،‬ولا‬

‫قوؿ وعمل بنية إلا بسنة) ‪.‬‬
‫‪ – 28‬وقاؿ إسحاؽ بن راىويو‪( :‬الإبياف يزيد وينقص حَّت لا‬

‫يبقى منو شيء) ‪.‬‬
‫‪ -29‬وأما قوؿ إماـ أىل السنة أبضد بن حنبل في زيادة الإبياف‬

‫ونقصانو فكثيرة جدا‪.‬‬
‫قاؿ ربضو ا﵁‪ ( :‬الإبياف بعضو أفضل من بعض‪ ،‬يزيد وينقص‪،‬‬
‫وزيادتو في العمل‪ ،‬ونقصانو في ترؾ العمل‪ ،‬لأف القوؿ ىو مقر بو)‬

‫‪41‬‬

‫وقاؿ‪( :‬الإبياف قوؿ وعمل يزيد وينقص‪ ،‬إذا عملت ابػير زاد‪ ،‬وإذا‬
‫ضيعت نقص) ‪.‬‬

‫و ُسئل ربضو ا﵁ عن زيادة الإبياف ونقصانو فقاؿ‪( :‬يزيد حَّت يبلغ‬
‫أعلى السموات السبع‪ ،‬وينقص حَّت يصير إلذ أسفل السافلين‬

‫السبع)‬
‫وأقوالو غير ما ذكرت كثيرة يطوؿ ذكرىا ‪.‬‬
‫‪ -30‬وقاؿ أبو زرعة الرازي‪ ( :‬الإبياف عندنا قوؿ وعمل‪ ،‬يزيد‬
‫وينقص‪ ،‬ومن قاؿ غير ذلك فهو مبتدع مرجئ) ‪.‬‬
‫‪ -31‬وقاؿ أبو حاتم الرازي‪( :‬مذىبنا واختيارنا وما نعتقده وندين‬
‫ا﵁ بو ونسألو السلامة في الدين والدنيا‪ :‬أف الإبياف قوؿ وعمل‪..‬‬

‫يزيد وينقص) ‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫ىذه بعض أقواؿ السلف الصالح أىل السنة وابعماعة في زيادة‬
‫الإبياف ونقصانو‪ ،‬والأمر كما قاؿ شيخ الإسلاـ‪( :‬والآثار في ىذا‬
‫كثيرة‪ ،‬رواىا ابؼصنفوف في ىذا الباب عن الصحابة والتابعين في‬

‫كتب كثيرة معروفة)‪14‬‬

‫الفصل الخالج‪ :‬أسثاب صيادة الإيواى‬

‫فمما يزيد الإبياف عشرة أسباب أسوقها لك مع أدلتها‪-:‬‬
‫أولاً ‪ :‬معرفة ا﵁ جل وعلا بأبظائو وابغسنى وصفاتو العلى ‪.‬‬
‫وبفا يدؿ على ذلك ‪ :‬قوؿ ا﵁ عز وجل ‪ { :‬إَِبّمَا بَىْ َشى الَلّوَ ِم ْن‬

‫ِعبَاِدهِ الْعُلَ َماءُ} فاطر‪ٕٛ :‬‬

‫‪14‬زيادة الإبياف ونقصانو وحكم الاستثناء فيو لعبد الرزاؽ البدر‪0 -‬ص‪11‬‬

‫‪43‬‬

‫ووجو ذلك أف العلماء أعرؼ الناس بأبظاء ا﵁ تعالذ وصفاتو ‪،‬‬
‫فاستحضروىا في دعائهم وفي بصيع شؤوف حياتهم حَّت كانوا‬

‫أخشى الناس ‪ ،‬وابػشية أثر لقوة الإبياف في قلؤّم ‪.‬‬

‫قاؿ ابن رجب ‪ " :‬العلم النافع يدؿ على أمرين ‪ :‬أحدبنا ‪ :‬على‬
‫معرفة ا﵁ وما يستحقو من الأبظاء ابغسنى والصفات العلى‬
‫والأفعاؿ الباىرة ‪ ،‬وذلك يستلزـ إجلالو وإعظامو وخشيتو ومهابتو‬
‫‪ ،‬وبؿبتو ‪ ،‬ورجاءه والتوكل عليو والرضاء بقضائو والصبر على بلائو‬
‫‪ ،‬والأمر الثاني ‪ :‬ابؼعرفة بدا بوبو ويرضاه ‪ ،‬وما يكرىو وما يسخطو‬
‫من الاعتقادات والأعماؿ الظاىرة والباطنة والأقواؿ ‪ ،‬فيوجب‬
‫ذلك بؼن علمو ابؼسارعة إلذ ما فيو بؿبة ا﵁ ورضاه والتباعد عما‬
‫يكرىو ويسخطو فإذا أبشر العلم لصاحبو ىذا فهو علم نافع ‪ ،‬فمَّت‬
‫كاف العلم نافعاً ووقر في القلب فقد خشع القلب ﵁ وانكسر لو ‪،‬‬

‫‪44‬‬

‫وذؿ ىيبة وإجلالا وخشية وبؿبة وتعظيما " [ انظر فضل علم‬
‫السلف على فضل ابػلف في ص ( ‪] ) 65-64‬‬

‫ثانياً ‪ :‬طلب العلم الشرعي‬
‫ويدؿ عليو ما تقدـ ‪ :‬قوؿ ا﵁ عز وجل ‪ { :‬إَِبّمَا بَىْ َشى الَلّوَ ِم ْن‬
‫ِعبَاِدِه الُْعلَ َماءُ}فالعلم طريق للخشية التي ىي علامة بؼا وقر في‬
‫القلب من إبياف وذلك يأتي بالعلم النافع كما تقدـ ‪ ،‬ولذا يقوؿ‬

‫الأماـ أبضد ‪ " :‬أصل العلم ابػشية "‬

‫وأيضاً بؼا تكلم أحد الناس عن الإماـ الزاىد العابد " معروؼ‬
‫الكرخي " ربضو ا﵁ في بؾلس الإماـ أبضد وقاؿ عنو ‪ " :‬إنو قصير‬
‫العلم " نهره الإماـ أبضد وقاؿ ‪ " :‬أمسك عافاؾ ا﵁ وىل يراد من‬
‫العلم إلا ما وصل إليو معروؼ " ولذا جعلو النبي طريقاً إلذ ابعنة‬

‫‪45‬‬

‫فقاؿ ‪ " :‬من سلك طريقاً يلتمس فيو علماً سهل ا﵁ لو بو طريقاً‬
‫إلذ ابعنة " رواه مسلم ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬التأمل في آيات ا﵁ الكونية وبـلوقاتو جل وعلا‬
‫ويدؿ على ذلك ‪ :‬قوؿ ا﵁ تعالذ‪ { :‬إِ َّف ِفي َخلِْق ال َّس َمَوا ِت‬
‫َواْلأَْر ِض َوا ْختِلا ِؼ الَلّْيِل َوالَنّػَها ِر َلآيَا ٍت ِلأُوِلر اْلأَلْبَا ِب} عمراف‪:‬‬
‫ٓ‪ ٜٔ‬وقولو تعالذ ‪َ { :‬وِفي أَنْػُف ِس ُك ْم أَفَلا تػُْب ِصُرو َف}الذاريات‪ٕٔ :‬‬
‫وقولو { قُِل انْظُُروا َما َذا ِفي ال َّس َمَوا ِت َواْلأَْر ِض َوَما تػُ ْغِن اْلآيَا ُت‬

‫َوالُنُّذُر َع ْن قَػْوٍـ لا يػُْؤِمنُو َف} يونس‪ٔٓٔ :‬‬
‫فإف العبد إذا تفكر في آيات ا﵁ تعالذ في ىذا الكوف عرؼ عظمة‬

‫ا﵁ تعالذ فازداد إبيانو ‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫قاؿ عامر بن عبد قيس ‪ " :‬بظعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة‬
‫من أصحاب بؿمد صلى ا﵁ عليو وسلم يقولوف ‪ " :‬إف ضياء‬
‫الإبياف أو نور الإبياف التفكر " [ انظر الدرر ابؼنثور ( ‪] )409/2‬‬

‫رابعاً ‪ :‬قراءة القرآف وتدبره‬
‫ففي قراءتو وتلاوتو يزداد الإبياف ويدؿ على ذلك ‪ :‬قوؿ ا﵁ عز‬
‫وجل في وصف ابؼؤمنين الصادقين ‪َ { :‬وإِذَا تُلِيَ ْت َعلَيِْه ْم آيَاتُوُ‬
‫َزاَدتْػُه ْم إِبيَانًا}[الأنفاؿ‪ ٕ :‬وكذلك تدبره ففيو أعظم النفع لزيادة‬
‫الإبياف وأما القلوب الغافلة فلا تتدبره ‪ ،‬ويدؿ على ذلك قوؿ ا﵁‬
‫تعالذ ‪{ :‬أَفَلا يػَتََدَبػُّرو َف الُْقْرآ َف أَْـ َعلَى قُػلُو ٍب أَقْػَفابُؽَا} بؿمد‪ٕٗ :‬‬

‫‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫‪ -‬قاؿ ابن القيم ربضو ا﵁ ‪ " :‬قراءة آية بتفكر وتفهم خير من‬
‫قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى في حصوؿ‬

‫الإبياف وذوؽ حلاوة القرآف "‬
‫وقاؿ أيضاً ‪ " :‬فليس شيء أنفع للعبد في معاشو ومعاده ‪ ،‬وأقرب‬
‫إلذ بقاتو من تدبر القرآف ‪ ،‬وإطالة التأمل ‪ ،‬وبصع الفكر على‬
‫معاني آياتو ‪ ،‬فإنها تطلع العبد على معالد ابػير والشر بحذافيرىا‬
‫‪ ...‬وتثبت قواعد الإبياف في قلبو وتشْيّد بنيانو وتو ْطّد أركانو " [‬

‫انظر مدارج السالكين ‪] 485/1‬‬
‫فإذا تدبر العبد آيات ا﵁ تعالذ وما فيها من وعد ووعيد وجنة ونار‬

‫والأعماؿ التي تسوؽ إليهما زاد إبيانو ويقينو بوعد ربو ووعيده ‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫خامساً ‪ :‬الإكثار من ذكر ا﵁ تعالذ‬

‫ويدؿ على ذلك ‪ :‬قوؿ ا﵁ تعالذ ‪{ :‬اَلّ ِذي َن آَمنُوا َوتَطْ َمئِ ُّن قػُلُوبػُُه ْم‬
‫بِِذْكِر الَلِّو أََلا بِِذْكِر الَلِّو تَطْ َمئِ ُّن الُْقلُو ُب}الرعد‪ ٕٛ :‬وقوؿ النبي‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم كما في حديث أِب موسى ‪ " :‬مثل الذي‬

‫يذكر ربو والذي لا يذكر ربو مثل ابغي وابؼيت " رواه البخاري ‪،‬‬

‫فذكر ا﵁ عز وجل فيو حياة للقلب فيزداد إبياف العبد كلما أكثر‬

‫من ذكر ربو ‪ ،‬وبيوت القلب وينقص إبياف العبد كلما كاف بعيداً‬

‫عن ذكر ربو وفي ىذا علامة على الغفلة قاؿ تعالذ‪ { :‬يَا أَُيػَّها‬
‫اَلّ ِذي َن آَمنُوا إَِذا نُوِد َي لِل َّصلاِة ِم ْن يػَْوِـ ابْعُُمَعِة فَا ْسَعْوا إِلَذ ِذ ْك ِر الَلِّو‬
‫َوَذُروا الْبَػيْ َع ذَلِ ُك ْم َخيْػٌر لَ ُك ْم إِ ْف ُكْنتُ ْم تَػْعلَ ُمو َف}ابؼنافقوف‪ ٜ :‬وقاؿ‬
‫في وصف ابؼنافقين الذين ملئت قلؤّم كفراً وبعداً عن ا﵁ تعالذ ‪:‬‬
‫{َولا يَْذُكُرو َف الَلّوَ إَِّلا قَلِيلاً} النساء‪ ٕٔٗ :‬قاؿ أبو الدرداء رضي‬

‫‪49‬‬

‫ا﵁ عنو " ‪ :‬لكل شيء جلاء ‪،‬وإف جلاء القلوب ذكر ا﵁ عز‬
‫وجل " [ انظر شعب الإبياف (‪ )396/1‬والوابل الصيب (‪] )60‬‬
‫قاؿ عمير بن حبيب ‪ " :‬الإبياف يزيد وينقص ‪ .‬فقيل فما زيادتو‬
‫وما نقصانو ؟ قاؿ ‪ :‬إذا ذكرنا ربنا وخشيناه فذلك زيادتو ‪ ،‬وإذا‬
‫غفلنا ونسيناه وضيعنا فذلك نقصانو " [ انظر الإبياف لابن أِب‬
‫شيبة (‪ ] )7‬وقاؿ شيخ الإسلاـ ابن تيمية ‪ " :‬الذكر للقلب مثل‬
‫ابؼاء للسمك ‪ ،‬فكيف يكوف حاؿ السمك إذا فارؽ ابؼاء " [ انظر‬

‫الوابل الصيب (‪] )63‬‬
‫سادساً ‪ :‬تقدًن ما بوبو ا﵁ ورسولو على ىوى النفس‬
‫ويدؿ على ذلك ‪ :‬حديث أنس قاؿ صلى ا﵁ عليو وسلم ‪" :‬‬
‫ثلاث من ك َّن فيو وجد حلاوة الإبياف ‪ :‬أف يكوف ا﵁ ورسولو‬

‫‪50‬‬


Click to View FlipBook Version