The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.
Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by thoriqul, 2022-07-09 05:11:43

syarah hadits Jibril

syarah hadits Jibril

‫التوبة‪ ،‬لا بىلد في النار؛ كما جاء بو ابغديث؛ بل ىو إلذ ا﵁‪ ،‬إف‬
‫شاء عفا عنو‪ ،‬وإف شاء عاقبو بقدر ذنوبو‪ ،‬ثم أدخلو ابعنة بربضتو‪.‬‬

‫وقاؿ شيخ الإسلاـ ابن تيمية‪ -‬ربضو ا﵁ تعالذ‪ -‬في الواسطية‪ :‬من‬
‫أصوؿ أىل السنة وابعماعة‪ :‬أف الدين والإبياف قوؿ وعمل‪ :‬قوؿ‬
‫القلب‪ ،‬واللساف‪ .‬وعمل القلب‪ ،‬واللساف‪ ،‬وابعوارح‪ .‬وأف الإبياف‬
‫يزيد بالطاعة وينقص بابؼعصية‪ .‬وىم مع ذلك لا يكفروف أىل‬
‫القبلة بدطلق ابؼعاصي والكبائر‪ ،‬كما يفعلو ابػوارج؛ بل الأخوة‬
‫الإبيانية ثابتة مع ابؼعاصي؛ كما قاؿ سبحانو في آية القصاص‪{ :‬‬
‫فمن عفي لو من أخيو شيء فاتباع بابؼعروؼ }‪ .‬وقاؿ ‪ :‬وإف‬
‫طائفتاف من ابؼؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإف بغت إحدابنا‬
‫على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حَّت تفيء إلذ أمر ا﵁ فإف فاءت‬
‫فأصلحوا بينهما بالعدؿ وأقسطوا إف ا﵁ بوب ابؼقسطين‬

‫‪151‬‬

‫[ابغجرات‪ ,]9:‬إبما ابؼؤمنوف إخوة فأصلحوا بين أخويكم‬
‫[ابغجرات‪ ]10:‬اىػ‪.‬‬

‫وقاؿ الإماـ ابن أِب العز‪ -‬ربضو ا﵁ تعالذ‪ -‬في شرح الطحاوية‪ :‬إف‬
‫أىل السنة متفقوف كلهم على أف مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرا‬
‫ينقل عن ابؼلة بالكلية‪ ،‬كما قالت ابػوارج؛ إذ لو كفر كفرا ينقل‬
‫عن ابؼلة؛ لكاف مرتدا يقتل على كل حاؿ‪ ،‬ولا يقبل عفو ولر‬
‫القصاص‪ ،‬ولا بذري ابغدود في الزنى‪ ،‬والسرقة‪ ،‬وشرب ابػمر‪ .‬وىذا‬
‫القوؿ معلوـ بطلانو وفساده بالضرورة من دين الإسلاـ‪ .‬ومتفقوف‬
‫على أنو لا بىرج من الإبياف والإسلاـ‪ ،‬ولا يدخل في الكفر‪ ،‬ولا‬

‫يستحق ابػلود في النار مع الكافرين‪ .‬اىػ‬

‫فالنفي العاـ قد يفهم منو عدـ تكفير ابؼعين مطلقا مهما عمل من‬
‫الذنوب‪ ،‬ولو عمل النواقض‪ .‬أما نفي العموـ‪ ،‬فيفهم منو أنهم‬

‫‪152‬‬

‫يكفروف ببعض الذنوب‪ ،‬ولا يكفروف ببعضها فمن الذنوب التي‬
‫يكفر مرتكبها نواقض الإسلاـ الكبرى ابؼعلومة‪ ،‬ومن ذلك – أيضا‬
‫– ابػلاؼ ابؼشهور عند أىل السنة في التكفير بترؾ الأركاف‬
‫وخاصة الصلاة‪ ،‬أما الذنوب التي لا يكفروف ّٔا ففعل الكبائر‬

‫وترؾ الواجبات ما لد يستحل الكبائر‪ ،‬أو ينكر الواجبات ‪33.‬‬
‫قاؿ الشيخ خليل ابؽراس‪-‬ربضو ا﵁‪ -‬في شرح كلاـ شيخ الإسلاـ‬
‫ابؼتقدـ‪ :‬ومع أف الإبياف ابؼطلق مركب من الأقواؿ والأعماؿ‬
‫والاعتقادات؛ فهي ليست كلها بدرجة واحدة؛ بل العقائد أصل‬
‫في الإبياف‪ ،‬فمن أنكر شيئا بفا بهب اعتقاده في ا﵁ أو ملائكتو أو‬
‫كتبو أو رسلو أو اليوـ الآخر أو بفا ىو معلوـ من الدين بالضرورة؛‬

‫‪33‬نواقض الإبياف الاعتقاديةوضوابط التكفير عند السلف ﵀مد بن عبدا﵁ بن علي الوىيبي – ‪221/1‬‬

‫‪153‬‬

‫كوجوب الصلاة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وحرمة الزنا والقتل… إلخ؛ فهو كافر‪،‬‬
‫قد خرج من الإبياف ّٔذا الإنكار‪34.‬‬

‫وقاؿ الشيخ ابن عثيمين –ربضو ا﵁‪-‬في شرحو لكلاـ ابن تيمية‬
‫ابؼتقدـ‪ :‬فابؼسلم عند أىل السنة وابعماعة لا يكفر بدطلق ابؼعاصي‬

‫والكبائر ‪.‬‬
‫والفرؽ بين الشيء ابؼطلق ومطلق الشيء‪ :‬أف الشيء ابؼطلق يعِن‬

‫الكماؿ‪ ،‬ومطلق الشيء؛ يعِن‪ :‬أصل الشيء‪.‬‬
‫فابؼؤمن الفاعل للكبيرة عنده مطلق الإبياف؛ فأصل الإبياف موجود‬

‫عنده لكن كمالو مفقود‪.‬‬
‫فكلاـ ابؼؤلف ربضو ا﵁ دقيق جدا‪.‬‬

‫‪34‬شرح العقيدة الواسطية للهراس – ص‪233 :‬‬

‫‪154‬‬

‫آية القصاص ىي قولو تعالذ‪ :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم‬
‫القصاص في القتلى ابغر بابغر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن‬
‫عفي لو من أخيو شيء فاتباع بابؼعروؼ وأداء إليو بإحساف ذلك‬
‫بزفيف من ربكم وربضة فمن اعتدى بعد ذلك فلو عذاب أليم‬

‫[البقرة‪]178:‬وابؼراد ب (أخيو) ىو ابؼقتوؿ‪.‬‬
‫ووجو الدلالة من ىذه الآية على أف فاعل الكبيرة لا يكفر أف ا﵁‬
‫بظى ابؼقتوؿ أخا للقاتل‪ ،‬مع أف قتل ابؼؤمن كبيرة من كبائر‬

‫الذنوب‪.‬‬
‫وقاؿ‪ :‬وإف طائفتاف من ابؼؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإف بغت‬
‫إحدابنا على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حَّت تفيء إلذ أمر ا﵁ فإف‬
‫فاءت فأصلحوا بينهما بالعدؿ وأقسطوا إف ا﵁ بوب ابؼقسطين‬

‫‪155‬‬

‫[ابغجرات‪ ,]9 :‬إبما ابؼؤمنوف إخوة فأصلحوا بين أخويكم [‬
‫ابغجرات‪]10:‬‬

‫[ ( اقتتلوا) بصع‪ ،‬و ( بينهما) مثنى‪ ،‬و ( طائفتاف) مثنى؛ فكيف‬
‫يكوف مثنى وبصع ومثنى آخر وابؼرجع واحد؟!]‬

‫نقوؿ‪ :‬لأف قولو‪( :‬طائفتاف)‪ :‬الطائفة عدد كبير من الناس‪ ،‬فيصح‬
‫أف أقوؿ‪ :‬اقتتلوا‪ ،‬وشاىد ىذا قولو تعالذ‪:‬ولتأت طائفة أخرى لد‬
‫يصلوا فليصلوا معك [ النساء‪ ،]102 :‬ولد يقل‪ :‬لد تصل‪.‬‬
‫فالطائفة أمة وبصاعة‪ ،‬وبؽذا عاد الضمير إليها بصعا فيكوف الضمير‬
‫في قولو (اقتتلوا) عائدا على ابؼعنى‪ ،‬وفي يقولو‪( :‬بينهما) عائدا على‬

‫اللفظ‪.‬‬

‫‪156‬‬

‫فهاتاف الطائفتاف من ابؼؤمنين اقتتلوا‪ ،‬وبضل السلاح بعضهم على‬
‫بعض‪ ،‬وقتاؿ ابؼؤمن للمؤمن كفر‪ ،‬ومع ىذا قاؿ ا﵁ تعالذ بعد أف‬
‫أمر بالصلح بينهما للطائفة الثالثة التي لد تدخل القتاؿ‪ :‬وإف‬
‫طائفتاف من ابؼؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإف بغت إحدابنا‬
‫على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حَّت تفيء إلذ أمر ا﵁ فإف فاءت‬
‫فأصلحوا بينهما بالعدؿ وأقسطوا إف ا﵁ بوب ابؼقسطين‬
‫[ابغجرات‪ ,]9 :‬إبما ابؼؤمنوف إخوة [ابغجرات ‪ ،]10‬فجعل ا﵁‬

‫تعالذ الطائفة ابؼصلحة إخوة للطائفتين ابؼقتتلتين‪.‬‬

‫وعلى ىذا؛ ففي الآية دليل على أف الكبائر لا بزرج من الإبياف‪.‬‬

‫وعلى ىذا؛ لو مررت بصاحب كبيرة؛ فإني أسلم عليو؛ لأف النبي‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم ذكر من حقوؽ ابؼسلم على ابؼسلم((إذا لقيتو‬
‫فسلم عليو)) ‪ ،‬وىذا الرجل ما زاؿ مسلما‪ ،‬فأسلم عليو؛ إلا إذا‬

‫‪157‬‬

‫كاف في ىجره مصلحة؛ فحينئذ أىجره للمصلحة؛ كما جرى‬
‫لكعب بن مالك وصاحبيو الذين بزلفوا عن غزوة تبوؾ‪ ،‬فهجرىم‬

‫ابؼسلموف بطسين ليلة حَّت تاب ا﵁ عليهم ‪.‬‬
‫وىل بكبو على سبيل الإطلاؽ أو نكرىو على سبيل الإطلاؽ؟‬
‫نقوؿ‪ :‬لا ىذا ولا ىذا؛ بكبو بدا معو من الإبياف‪ ،‬ونكرىو بدا معو‬

‫من ابؼعاصي‪ ،‬وىذا ىو العدؿ‪35:: .‬‬

‫الوسألة الخالخة‪ :‬في الإح ساى‬

‫الفصل الأٍ ل‪ :‬هعٌى الإ ٕح ٓس اى لغةً ٍاصطلاحٖا‬
‫الإ ْح َساف لغةً ِضُّد الإساءة‪ .‬مصدر أحسن أي جاء بفعل‬

‫حسن‪.36‬‬

‫‪35‬شرح العقيدة الواسطية ﵀مد بن صالح بن عثيمين– ‪237/2‬‬

‫‪158‬‬

‫معنى الإ ْح َساف اصطلا ًحا‪:‬‬
‫(الإ ْح َساف نوعاف‪:‬‬

‫‪ -‬إحساف في عبادة ابػالق‪ :‬بأف يعبد ا﵁ كأَنّو يراه فإف لد يكن‬
‫يراه فإ َّف ا﵁ يراه‪ .‬وىو ابعُِّد في القياـ بحقوؽ ا﵁ على وجو الُنّصح‪،‬‬

‫والَتّكميل بؽا‪.‬‬

‫‪ -‬وإحسا ٌف في حقوؽ ابػَلْق‪ ...‬ىو بذؿ بصيع ابؼنافع ِمن أي نوٍع‬
‫كاف‪ ،‬لأي بـلوؽ يكوف‪ ،‬ولكَنّو يتفاوت بتفاوت ا ْ﵀ َسن إليهم‪،‬‬
‫وحّْقهم ومقامهم‪ ،‬وبحسب الإ ْح َساف‪ ،‬وعظم موقعو‪ ،‬وعظيم نفعو‪،‬‬
‫وبحسب إبياف ا ْ﵀ ِسن وإخلاصو‪ ،‬وال َّسبب الَّداعي لو إلذ‬

‫ذلك)‪37]121‬‬

‫‪36‬الفروؽ اللغوية)) للعسكري (‪.)193/1‬‬
‫‪ّٔ((37‬جة قلوب الأبرار)) للسعدي (‪206 -204‬‬

‫‪159‬‬

‫وقاؿ الراغب‪ ( :‬الإحساف على وجهين‪ :‬أحدبنا‪ :‬الإنعاـ على‬
‫الغير‪ ،‬والثاني‪ :‬إحساف في فعلو‪ ،‬وذلك إذا علم عل ًما حسنًا أو‬

‫عمل عملًا حسنًا‪38 .‬‬
‫الفصل الخاًي ‪:‬هكاًة الإحساى ٍفضله‬

‫مقاـ الإحساف مقاـ رفيع؛ فهو غاية مراد الطالبين‪ ،‬ومنتهى قصد‬
‫السالكين؛ أف تعبد ا﵁كأنك تراه فإف لد تكن تراه فإنو يراؾ‪.‬‬

‫الإحساف خلق بصيل؛ ىو دليل على النبل‪ ،‬واعتراؼ بالفضل‪،‬‬
‫وعرفاف للجميل‪ ،‬وقياـ بالواجب‪ ،‬واحتراـ للمنعم‪.‬‬

‫ف َمن أحسن مع ا﵁ أحسن مع الناس‪ ،‬ووجد في قلبو سهولة‬
‫الإحساف إليهم‪،‬كما قاؿ تعالذ‪َ ﴿ :‬ولا تَ ْستَِوي ابْغَ َسنَةُ َولا ال َّسْيّئَةُ‬

‫‪((38‬ابؼفردات)) (ص ‪236‬‬

‫‪160‬‬

‫ا ْدفَ ْع بِاَلِّتي ِى َي أَ ْح َس ُن فَِإ َذا اَلّ ِذي بػَيْػنَ َك َوبػَْيػنَوُ َع َداَوةٌ َكأََنّوُ َوِلّرّ بَِضي ٌم‬
‫* َوَما يػُلََّقا َىا إَِّلا اَلّ ِذي َن َصبَػُروا َوَما يػُلََّقا َىا إَِّلا ذُو َح ٍّظ َع ِظيٍم ﴾‬
‫[فصلت‪]34،35 :‬‬

‫الإحساف من أفضل منازؿ العبودية؛ بل ىو حقيقتها ولبها وروحها‬
‫وأساسها‪ ،‬وىو أف تعبد ا﵁كأنك تراه فإف لد تكن تراه فإنو يراؾ‪.‬‬

‫يقوؿ ابن القيم ربضو ا﵁ فيكتابو "مدارج السالكين"‪( :‬منزلة‬
‫الإحساف ىي لب الإبياف وروحو وكمالو)‪.‬‬

‫ففي صحيح مسلم َع ْن َشَّداِد بْ ِن أَْو ٍس قَا َؿ‪ :‬ثِنْتَا ِف َحِفظْتُػُه َما َع ْن‬
‫َر ُسوِؿ الَلِّو صلى ا﵁ عليو وسلم؛ قَا َؿ‪ « :‬إِ َّف الَلّوَ َكتَ َب الِإ ْح َسا َف‬
‫َعلَى ُك ّْل َش ْيٍء‪ ،‬فَِإ َذا قَػتَػْلتُ ْم فَأَ ْح ِسنُوا الِْقْتػلَةَ‪َ ،‬وإِذَا ذَبَْحتُ ْم فَأَ ْح ِسنُوا‬

‫الَّذبْ َح‪َ ،‬ولْيُ ِحَّد أَ َحُدُك ْم َشْفَرتَوُ‪ ،‬فَػْليُِر ْح ذَبِي َحتَوُ »‪.‬‬

‫‪161‬‬

‫صور بػُلق الإحساف؛‬

‫‪ )1‬الإحساف في العبادة‪:‬‬

‫الإحساف في العبادة؛ أف تؤديهاكما أمرؾ ا﵁ وكما بينها لك‬

‫رسوؿ ا﵁‪ ،‬أف بذعلها خالصة لوجو ا﵁‪ ،‬أف تؤديها تامةكاملة‬

‫بأركانها وواجباتها وسننها ومستحباتها‪ ،‬أف تؤديها في أوقاتها إفكاف‬

‫بؽا وقت بؿدد‪ ،‬أف بذعلها عبادة تطهر ّٔا قلبك وتزكي ّٔا نفسك‪،‬‬

‫وتغير ّٔا سلوكك وتنَّْمي ّٔا أخلاقك‪ .‬ف َمن لد يتغير سلوُكو ولد‬
‫تت َح ّسن أخلاقُو بعبادتو فليعلم أف عبادتو ناقصة‪ ،‬فقد قاؿ سبحانو‬

‫عن الصلاة‪ ﴿ :‬إِ َّف ال َّصلَاةَ تَػنْػَهى َع ِن الَْف ْح َشاِء َوالْ ُمنْ َكِر ﴾‬
‫[العنكبوت‪ .]45 :‬وقاؿ عن الصدقة والزكاة‪ُ ﴿ :‬خ ْذ ِم ْن أَْمَوابِؽِ ْم‬
‫َص َدقَةً تُطَّْهُرُى ْم َوتػَُْزّكيِه ْم َِّٔا ﴾ [التوبة‪ .]103 :‬وقاؿ عن ابغج‪:‬‬
‫﴿ فََم ْن فَػَر َض فِيِه َّن ابْغَ َّج فَلَا َرفَ َث َوَلا فُ ُسو َؽ َوَلا ِج َدا َؿ ِفي ابْغَ ّْج‬

‫‪162‬‬

‫﴾ [البقرة‪ .]197 :‬وقاؿ نبينا صلى ا﵁ عليو وسلم عن الصوـ‪:‬‬
‫" إَِذا َكا َف يػَْوُـ َصْوِـ أَ َح ِدُك ْم فَلَا يػَْرفُ ْث َوَلا يَ ْص َخ ْب‪ ،‬فَِإ ْف َساَبّوُ أَ َحٌد‬

‫أَْو قَاتَػلَوُ فَػلْيَػُق ْل إِ ْنّي اْمُرٌؤ َصائٌِم‪."...‬‬
‫و أف يأتي ّٔا على الوجو ابؼشروع دوف زيادة ولا نقصاف‪ .‬أف يتقن‬

‫صلاتو وزكاتو وحجو وصيامو‪ ،‬أف بوسن فيكل قوؿ أو عمل‬
‫يتقرب بو إلذ ربو سبحانو‪.‬‬

‫والطريق إلذ ذلك ىو ما بينو النبي صلى ا﵁ عليو وسلم في جوابو‬
‫عن سؤاؿ جبريل عليو السلاـ‪ ،‬حين سألو‪َ :‬ما الِإ ْح َسا ُف؟ قَا َؿ‪:‬‬

‫« أَ ْف تَػْعبَُد الَلّوَ َكأََنّ َك تَػَراهُ‪ ،‬فَِإ ْف لَدْ تَ ُك ْن تَػَراهُ فَِإَنّوُ يػََرا َؾ»‪.‬‬
‫"أف تعبد ا﵁كأنك تراه" أف برسن عملك الذي أمرؾ بو ربك‬
‫سبحانو‪،‬كأنك تراه وىو ينظر إليك؛ فتكوف حاضر الذىن‪ ،‬فارَغ‬

‫‪163‬‬

‫النفس‪ ،‬مستجمع القلب‪،‬كما لوكنت تشاىد ربك سبحانو‪،‬‬
‫فتستحضر عظمتو‪ ،‬وجلالو‪ ،‬وكمالو‪ ،‬وبصالو‪ .‬وتستحضر أنك في‬

‫حاجة إلذ ربضتو ومغفرتو ورضوانو‪.‬‬

‫"فإف لد تكن تراه فإنو يراؾ" أي فإف لد تستطع أف تبلغ بعبادتك‬
‫إلذ مستوى َمن يعبد ا﵁كأنو يراه؛ فاعبد ا﵁ وأنت على يقين أنو‬
‫مطلع عليك ناظر إليك‪ ،‬فاستحضر مراقبة ربك فيكل ما تقوؿ‬

‫وتعمل‪ ،‬وتَذّكْر دائما أنو يراؾ‪.‬‬
‫﴿ يػَْعلَ ُم َما يَلِ ُج ِفي اْلأَْر ِض َوَما بَىُْرُج ِمنْػَها َوَما يػَْنِزُؿ ِم َن ال َّس َماِء َوَما‬

‫يػَْعُرُج فِيَها َوُىَو َمَع ُك ْم أَيْ َن َما ُكنْتُ ْم َوالَلّوُ ِبدَا تَػْع َملُوَف بَ ِصيرٌ ﴾‬
‫[ابغديد‪َ ﴿ ..]4 :‬وَما تَ ُكوُف ِفي َشأْ ٍف َوَما تَػْتػلُو ِمْنوُ ِم ْن قػُْرآ ٍف َوَلا‬
‫تَػْع َملُوَف ِم ْن َع َمٍل إَِّلا ُكَنّا َعلَيْ ُك ْم ُشُهوًدا إِْذ تُِفي ُضوَف فِيِو َوَما يػَْعُز ُب‬

‫‪164‬‬

‫َع ْن َرْبّ َك ِم ْن ِمثْػَقاِؿ ذََّرٍة ِفي اْلأَْر ِض َوَلا ِفي ال َّس َماِء َوَلا أَ ْصغََر ِم ْن‬
‫َذلِ َك َوَلا أَ ْكبَػَر إَِّلا ِفيكِتَا ٍب ُمبِيٍن ﴾ [يونس‪.]61 :‬‬

‫أخرج الطبراني والبيهقي عن زيد بن أسلم قاؿ‪ :‬مَّر ابن عمر براعي‬
‫غنم فقاؿ‪ :‬يا راعي الغنم! ىل من َجَزرة ‪ -‬أي من شاة تصلح‬
‫للذبح ‪-‬؟ قاؿ الراعي‪ :‬ليس ىهنا رُّّٔا‪ ،‬فقاؿ ابن عمر‪ :‬تقوؿ‪:‬‬
‫أكلها الذئب! فرفع الراعي رأسو إلذ السماء ثم قاؿ‪ :‬فأين ا﵁؟!‬

‫قاؿ ابن عمر‪ :‬فأنا وا﵁ أحق أف أقوؿ أين ا﵁؟ فاشترى ابن عمر‬
‫الراعي واشترى الغنم فأعتقو وأعطاه الغنم‪.‬‬

‫‪ )2‬الإحساف في القوؿ والعمل؛‬

‫مرة أخرى مع خلق الإحساف والِإتَقاف؛ ذلكم ابػلق العظيم الذي‬
‫أوجبو رب العابؼين‪ ،‬وأمر بو سيد ابؼرسلين‪ .‬فما من قوؿ أو عمل‬

‫‪165‬‬

‫يقوـ بو ابؼسلم إلا وبهب عليو أف بوسنو ويتقنو‪ ،‬سواء كاف ذلك‬

‫في العبادات والطاعات‪ ،‬أو في أمور ابغياة‪ .‬لقولو عليو الصلاة‬

‫والسلاـ‪" :‬إف ا﵁كتب الإحساف علىكل شيء"‪ .‬إذ ما من أمر‬
‫في حياة العباد إلا و﵁ فيو حكم وشرع‪ .‬قاؿ سبحانو‪ ﴿ :‬قُ ْل إِ َّف‬
‫َصلَاِتي َونُ ُس ِكي َوبَؿْيَا َي َوبَفَاِتي لَِلِّو َر ّْب الَْعالَِميَن * َلا َشِري َك لَوُ‬
‫َوبَِذلِ َك أُِمْر ُت َوأَنَا أََّوُؿ الْ ُم ْسلِ ِميَن ﴾ [الأنعاـ‪.]163 ،162 :‬‬

‫فالإحساف واجب فيكل شيء؛ في الأقواؿ والأفعاؿ والأخلاؽ‪،‬‬

‫وابؼعاملات‪ ...‬والفساد منهي عنو فيكل شيء‪ .‬قاؿ سبحانو‪﴿ :‬‬
‫إِ َّف الَلّوَ يَأُْمُر بِالَْع ْدِؿ َواْلِإ ْح َسا ِف َوإِيتَاِء ِذي الُْقْرََب َويػَنْػَهى َع ِن‬
‫الَْف ْح َشاِء َوالْ ُمنْ َكِر َوالْبَػ ْغ ِي يَعِظُ ُك ْم لََعَلّ ُك ْم تََذَّكُروَف ﴾ [النحل‪:‬‬
‫‪.]90‬‬

‫الإحساف في القوؿ‪:‬‬

‫‪166‬‬

‫فمما أمر ا﵁ سبحانو بالإحساف فيو‪ :‬القوُؿ‪ ،‬فما منكلاـ إلا‬
‫وينبغي أف يكوف طيبا حسنا مفيدا‪ .‬قاؿ سبحانو‪َ ﴿ :‬وقُل ْلّعِبَاِدي‬
‫يػَُقولُواْ اَلِّتي ِى َي أَ ْح َس ُن ﴾ [الإسراء‪ ]53 :‬وقاؿ عز وجل‪﴿ :‬‬
‫َوقُولُوا لِلَنّا ِس ُح ْسناً ﴾‪ .‬فواجب على ابؼسلم أف يُعّود لسانو على‬
‫الكلاـ الطيب والقوؿ ابغسن‪ ،‬أف يستعملو فيما ينفعو في دنياه وفي‬

‫أخراه‪ .‬وأف بيسكو عنكل قوؿ سيئ وقبيح‪ .‬فقد قاؿ عليو الصلاة‬
‫والسلاـ‪َ « :‬م ْن َكا َف يػُْؤِم ُن بِالَلِّو‪َ ،‬والْيَػْوِـ اْلآ ِخِر فَػلْيَػُق ْل َخيْػًرا أَْو‬
‫لِيَ ْص ُم ْت»‪ .‬متفق عليو من حديث أِب ىريرة‪.‬‬

‫الإحساف في العمل‪:‬‬

‫وبفا أمر ا﵁ سبحانو بالإحساف فيو‪ :‬العمل؛ سواء كاف في أمور‬
‫الدين أو في أمور ابغياة‪ .‬قاؿ سبحانو‪َ ﴿ :‬وا ْع َملُوا َصابِغًا إِ ْنّي ِبدَا‬

‫تَػْع َملُوَف بَ ِصيرٌ ﴾‪.‬‬

‫‪167‬‬

‫الفصل الخالخة‪ :‬هوا يعيي على الإحساى في العول‬
‫وبَفّا يُعِين على الإحساف في العمل‪:‬‬

‫‪ -1‬استشعار العبد بؼراقبة ا﵁ عز وجل؛‬

‫أف يعلم العبد أف ا﵁ عز وجل معو‪ ،‬رقيب عليو‪ ،‬مطلع عليو في‬
‫كل زماف وفيكل مكاف‪.‬‬

‫قاؿ سبحانو‪َ ﴿ :‬وَكا َف الَلّوُ َعلَى ُك ّْل َش ْيٍء َرقِيبًا ﴾‪ .‬وقاؿ عز‬
‫وجل‪ ﴿ :‬أَلَدْ تَػَر أََّف الَلّوَ يػَْعلَ ُم َما ِفي ال َّس َماَوا ِت َوَما ِفي اْلأَْر ِض َما‬
‫يَ ُكوُف ِم ْن بَْقَوى ثَلَاثٍَة إَِّلا ُىَو َرابِعُُه ْم َوَلا بَطْ َسٍة إَِّلا ُىَو َساِد ُسُه ْم‬
‫َوَلا أَْدنَى ِم ْن َذلِ َك َوَلا أَ ْكثَػَر إَِّلا ُىَو َمَعُه ْم أَيْ َن َما َكانُوا ثَُمّ يػُنَْبّئُػُه ْم ِبدَا‬

‫َع ِملُوا يػَْوَـ الِْقيَاَمِة إِ َّف الَلّوَ بِ ُك ّْل َش ْيٍء َعلِي ٌم ﴾ [آّادلة‪.]7 :‬‬

‫‪168‬‬

‫‪ -2‬تذكر العبد ليوـ ابغساب؛‬

‫فمن أيقن بابغساب‪ ،‬والوقوؼ بين يدي ربو سبحانو فليحسن في‬

‫عملو‪ ،‬ليسعد بو عند لقاء ربو‪.‬‬

‫قاؿ سبحانو‪َ ﴿ :‬وُك َّل َش ْيٍء فَ َّصْلنَاهُ تَػْف ِصيلًا * َوُك َّل إِنْ َسا ٍف أَلَْزْمنَاهُ‬
‫طَائَِرهُ ِفي عُنُِقِو َوبُلِْرُج لَوُ يػَْوَـ الِْقيَاَمِةكِتَابًا يػَلَْقاهُ َمنْ ُشوًرا * اقْػَرأْ‬
‫كِتَابَ َك َكَفى بِنَػْف ِس َك الْيَػْوَـ َعلَْي َك َح ِسيبًا * َم ِن ا ْىتََدى فَِإَبّمَا‬

‫يػَْهتَ ِدي لِنَػْف ِسِو َوَم ْن َض َّل فَِإَبّمَا يَ ِض ُّل َعلَيْػَها ﴾ [الإسراء‪- 12 :‬‬
‫‪ .]15‬وقاؿ عز وجل‪ ﴿ :‬فََم ْن يػَْع َم ْل ِمثْػَقا َؿ ذََّرٍة َخْيػًرا يػََرهُ * َوَم ْن‬

‫يػَْع َم ْل ِمثْػَقا َؿ َذَّرةٍ َشِّرا يػََرهُ ﴾ [الزلزلة‪.]8 ،7 :‬‬

‫‪169‬‬

‫‪ -3‬العلم بأف العمل أمانة ومسؤولية؛‬
‫فواجب على ابؼسلم أف بوافظ على أمانتو التي برملها‪ ،‬وأف يؤدي‬
‫واجبو الذي أنيط بو‪ ،‬بحسن رعايتو لعملو‪ ،‬وتطويره‪ ،‬والإسراع في‬
‫إبقازه‪ ،‬وب ْذؿ الوسع والطاقة في اجتِناب الوقوع في الأخطاء في أداء‬
‫العمل وإنتاجو‪ ،‬وألَاّ يفّْرؽ بين عملو في قطاع حكومي أو مؤ َّسسة‬

‫خا َّصة وعملو بػا َّصة نفسو‪ ،‬فهو ُمطالَب بإتقاف العمل وإجادتو‬
‫وإحسانو سواء كاف لو أو لغيره‪.‬‬

‫وىذا بوتّم على ابؼرء أ ْف بىتار العمل الذي يُنا ِسبو ويستطيع أداءَه‬
‫بكفاءة ومقدرة‪ ،‬فمن غير ابؼناسب أ ْف بىتار عملاً لد يػَُؤَّىل لو ولا‬

‫يستطيع أداءَه‪.‬‬

‫‪170‬‬

‫روى ُمسلِم في َص ِحي ِحو َعن أَِب ذٍَّر َر ِض َي ا﵁ُ َعنوُ قَا َؿ‪ :‬قُل ُت‪ :‬يَا‬
‫َر ُسوَؿ ا ِ﵁‪ ،‬أَلا تَستَع ِملُِن؟ قَا َؿ‪ :‬فَ َضَر َب بِيَ ِدهِ َعلَى َمن ِكِبي‪ ،‬ثم قَا َؿ‪:‬‬

‫« يَا أَبَا ذٍَّر‪ ،‬إَِنّ َك َضعِي ٌف‪َ ،‬وإَِنػَّها أََمانَةٌ‪َ ،‬وإَِنػَّها يػَْوَـ الِْقيَاَمِة ِخْز ٌي‬
‫َونََداَمةٌ‪ ،‬إِلَاّ َم ْن أَ َخ َذ َىا ِبحَّْقَها َوأََّدى اَلّ ِذي َعلَْيِو فِيَها»‪ .‬فواجب‬
‫على ابؼسلم أف يأخذ أمانتو بحقها‪ ،‬وأف يؤدي الذي بهب عليو‬

‫فيها‪.‬‬

‫‪ -4‬الإخلاص في العمل‪ ،‬وعدـ التهاُوف فيو‪ ،‬وعدـ الاستهانة بو؛‬
‫فلا بيكن الِقياـ بالعمل على أكمل وجٍو وأحسنو إلَاّ إذا برَّقق فيو‬
‫الإخلاص من العامل نفسو؛ فالإخلاص ىو الباعث الذي بوّْفز‬
‫العامل على إتقاف العمل‪ ،‬ويدفعو إلذ إجاَدتِو‪ ،‬ويُعِينو على برُّمل‬

‫ابؼتاعب فيو‪ ،‬وب ْذؿكثيٍر من ابعهد في إبقازه‪ ،‬وتفادي وقوع‬

‫‪171‬‬

‫الأخطاء فيو‪ ،‬فهو بدثابة صماـ الأماف ضَّد الفساد بك ّْل صوره‬
‫وأشكالو‪.‬‬

‫‪ -5‬التعاوف في أداء العمل وإبقازه؛‬

‫فالتعاوف بين عموـ ابؼسلمين على البر والتقوى خل ٌق رفيع دعا إليو‬
‫الإسلاـ وَرَّغب فيو؛ حيث قاؿ ربنا عَّز وج َّل‪َ ﴿ :‬وتَػَعاَونُوا َعلَى‬

‫الِْبْرّ َوالَتّػْقَوى َوَلا تَػَعاَونُوا َعلَى اْلِإثِْم َوالْعُ ْدَوا ِف ﴾‪ ،‬ويقوؿ نبينا صَلّى‬
‫ا﵁ عليو وسَلّم‪َ« :‬وا﵁ُ ِفي َعْوِف الَْعبْ ِد‪َ ،‬ما َكا َف الَْعْب ُد ِفي َعْوِف‬
‫أَ ِخيِو»‪.‬‬

‫ومن ُصَوِر ىذا التعاوف‪ :‬تعاوُف العاملين فيما بينهم في أداء العمل‬
‫فيما بُوَّْقق النفع وابػير للعاِملين‪ ،‬ويُفّْعل أنظمةَ العمل وقوانينو‪،‬‬
‫وبوّْقق الفائدة والتطوير بؽذا العمل‪.‬‬

‫‪172‬‬

‫‪ -6‬اجتناب الغش وابػداع؛‬

‫﴿ يَا أَُيػَّها اَلّ ِذي َن آَمنُوا لا بَزُونُوا الَلّوَ َوالَّر ُسوَؿ َوبَزُونُوا أََمانَاتِ ُك ْم َوأَنْػتُ ْم‬

‫تَػْعلَ ُموَف ﴾ [الأنفاؿ‪ .]27 :‬كما توّعد سبحانو من يغش الناس‬
‫أشد الوعيد‪ ،‬فقاؿ عز وجل‪َ ﴿ :‬ويْ ٌل لِلْ ُمطَّْفِفيَن * اَلّ ِذي َن إِذَا ا ْكتَالُوا‬
‫َعلَى الَنّا ِس يَ ْستَػْوفُوَف * َوإِذَا َكالُوُى ْم أَْو َوَزنُوُى ْم بُىْ ِسُروَف * أََلا يَظُ ُّن‬

‫أُولَئِ َك أََنػُّه ْم َمبْػُعوثُوَف * لِيَػْوٍـ َع ِظيٍم * يػَْوَـ يػَُقوُـ الَنّا ُس لَِر ّْب‬
‫الَْعالَِميَن ﴾ [ابؼطففين‪.]6 - 1 :‬‬

‫وفي صحيح مسلم َع ْن َع ِد ّْي بْ ِن َع ِميرََة الْ ِكنْ ِد ّْي قَا َؿ‪ :‬بَِظْع ُت‬
‫َر ُسوَؿ الَلِّو صلى ا﵁ عليو وسلم يػَُقوُؿ‪َ« :‬م ِن ا ْستَػْع َملْنَاهُ ِمنْ ُك ْم َعلَى‬

‫َع َمٍل فَ َكتَ َمنَا بِـْيَطًا فََما فَػْوقَوُ‪َ ،‬كا َف غُلُولاً يَأِْتي بِِو يػَْوَـ الِْقيَاَمِة» ‪-‬‬
‫أي خيانة وسرقة ‪ -‬قَا َؿ‪ :‬فَػَقاَـ إِلَْيِو َرُج ٌل أَ ْسَوُد ِم َن الأَنْ َصا ِر‪َ ،‬كأَ ْنّي‬

‫أَنْظُُر إِلَيِْو‪ ،‬فَػَقا َؿ‪ :‬يَا َر ُسوَؿ الَلِّو؛ اقْػبَ ْل َعِّْن َع َملَ َك‪ .‬قَا َؿ‪َ« :‬وَما‬

‫‪173‬‬

‫لَ َك؟» قَا َؿ‪ :‬بَِظْعتُ َك تَػُقوُؿ َك َذا َوَك َذا‪ .‬قَا َؿ‪َ« :‬وأَنَا أَقُولُوُ الآ َف‪َ :‬م ِن‬
‫ا ْستَػْع َمْلنَاهُ ِمْن ُك ْم َعلَى َع َمٍل فَػلْيَ ِج ْئ بَِقلِيلِِو َوَكثِيِرِه‪ ،‬فََما أُوِتيَ ِمْنوُ‬

‫أَ َخ َذ‪َ ،‬وَما نُهِ َي َعْنوُ انْػتَػَهى»‪.‬‬

‫وروى مسلم في صحيحو َع ْن أََِب ُىَريْػَرَة رضي ا﵁ عنو أََّف َر ُسوَؿ‬
‫الَلِّو صلى ا﵁ عليو وسلم َمَّر َعلَى ُصبْػَرِة طََعاٍـ ‪ -‬أيكومة بؾموعة‬

‫من الطعاـ بلاكيل ولا وزف ‪ -‬فَأَْد َخ َل يََدهُ فِيَها‪ ،‬فَػنَالَ ْت أَ َصابُِعوُ‬
‫بػَلَلاً‪ ،‬فَػَقا َؿ‪َ« :‬ما َى َذا يَا َصا ِح َب ال َطَّعاِـ؟»‪ .‬قَا َؿ‪ :‬أَ َصابػَتْوُ ال َّس َماءُ‬
‫يَا َر ُسوَؿ الَلِّو‪ .‬قَا َؿ‪« :‬أَفَلاَ َجَعْلتَوُ فَػْو َؽ ال َطَّعاِـ َك ْي يػََراهُ الَنّا ُس؟ َم ْن‬

‫َغ َّش فَػلَْي َس ِمِّْن»‪.‬‬

‫وفي الصحيحين َع ْن أَِب ُىَريْػَرةَ رضي ا﵁ عنو قَا َؿ‪ :‬قَا َؿ َر ُسوُؿ الَلِّو‬
‫َصَلّى ا﵁ُ َعلَْيِو َو َسَلّ َم‪« :‬ثَلاَثَةٌ لاَ يُ َكْلّ ُمُه ُم الَلّوُ يػَْوَـ الِقيَاَمِة َولاَ‬

‫يػَُْزّكيِه ْم َوبَؽُْم َع َذا ٌب أَلِي ٌم‪َ :‬رُج ٌل َعلَى فَ ْضِل َماٍء بِال َطِّريِق بَيْنَ ُع ِمْنوُ‬

‫‪174‬‬

‫ابْ َن ال َّسبِيِل‪َ ،‬وَرُج ٌل بَايََع إَِماًما لاَ يػُبَايِعُوُ إَِّلا لُِدنْػيَاهُ‪ ،‬إِ ْف أَ ْعطَاهُ َما‬
‫يُِري ُد َوفَى لَوُ َوإَِّلا لَدْ يَ ِف لَوُ‪َ ،‬وَرُج ٌل يػُبَايِ ُع َرُجلًا بِ ِسلَْعٍة بػَْع َد الَع ْصِر‪،‬‬
‫فَ َحلَ َف بِالَلِّو لََق ْد أُ ْع ِط َي َِّٔا َك َذا َوَك َذا فَ َصَّدقَوُ‪ ،‬فَأَ َخ َذ َىا‪َ ،‬ولَدْ يػُْع َط‬

‫َِّٔا»‪.‬‬

‫ًص الحذيج‬

‫عن ُع َمُر أيضا‪ ،‬قَا َؿ‪ :‬بػَيْػنَ َما بَكْ ُن ِعْن َد َر ُسوِؿ ا﵁ِ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو‬
‫وسلم ‪ -‬ذَا َت يػَْوٍـ‪ ،‬إِْذ طَلَ َع َعلَيْػنَا َرُج ٌل َش ِدي ُد بػَيَا ِض الْثّػيَاب‪،‬‬
‫َش ِدي ُد َسَوا ِد ال َّشْعر‪ ،‬لَا يػَُرى َعلَْيِو أَثػَُر ال َّسَفر‪َ ،‬وَلا يػَْعِرفُوُ ِمَنّا أَ َحٌد‪،‬‬
‫َحَّت َجلَ َس إِلَذ الَنِّبّْي ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ ،-‬فَأَ ْسنََد ُرْكبَتَػيْوِ إِلَذ‬
‫ُرْكبَتَػْيو‪َ ،‬وَو َض َع َكَّفيِْو َعلَى فَ ِخ َذيْو‪َ ،‬وقَا َؿ‪ :‬يَا بُؿََّم ُد أَ ْخِبْرِني َع ِن‬
‫الِإ ْسلَاـ‪ ،‬فَػَقا َؿ َر ُسوُؿ ا﵁ِ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪" :-‬الِإ ْسلَاـُ أَ ْف‬
‫تَ ْشَه َد أَ ْف لَا إِلَوَ إَِّلا ا﵁ُ‪َ ،‬وأََّف بُؿََّم ًدا َر ُسوُؿ ا﵁ِ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو‬

‫‪175‬‬

‫وسلم ‪َ ، -‬وتُِقي َم ال َّصلَاةَ‪َ ،‬وتػُْؤِتيَ الَّزَكاَة‪َ ،‬وتَ ُصوَـ َرَم َضا َف‪َ ،‬وبَرُ ُّج‬
‫الْبَػْي َت إِ ِف ا ْستَطَْع َت إِلَْيِو َسبِيلًا"‪ ،‬قَا َؿ‪َ :‬ص َدقْ َت‪ ،‬قَا َؿ‪ :‬فَػَع ِجبْػنَا لَوُ‬
‫يَ ْسأَلٌوُ َويُ َصّْدقُوُ‪ ،‬قَا َؿ‪ :‬فَأَ ْخِبْرِني َع ِن الِإبيَاف‪ ،‬قَا َؿ‪" :‬أَ ْف تُػْؤِم َن بِا﵁‪،‬‬
‫َوَملَائِ َكتِو‪َ ،‬وكتُبِو‪َ ،‬وُر ُسلِو‪َ ،‬والْيَػْوِـ اْلآ ِخر‪َ ،‬وتُػْؤِم َن بِالَْق َد ِر َخْيِرِه‬
‫َو َشّْرهِ"‪ ،‬قَا َؿ‪َ :‬ص َدقْ َت‪ ،‬قَا َؿ‪ :‬فَأَ ْخِبْرِني َع ِن الِإ ْح َساف‪ ،‬قَا َؿ‪ " :‬أَ ْف‬
‫تَػْعبَُد ا﵁َ َكأََنّ َك تَػَراهُ‪ ،‬فَِإ ْف لَدْ تَ ُك ْن تَػَراهُ فَِإَنّوُ يػََرا َؾ"‪ ،‬قَا َؿ‪ :‬فَأَ ْخِبْرِني‬
‫َع ِن ال َّسا َعة‪ ،‬قَا َؿ‪َ " :‬ما الْ َم ْسئُوُؿ َعْنػَها بِأَ ْعلَ َم ِم َن ال َّسائِِل"‪ ،‬قَا َؿ‪:‬‬
‫"فَأَ ْخِبْرِني َع ْن أََماَرتهَا‪ ،‬قَا َؿ‪" :‬أَ ْف تَلَِد اْلأََمةُ َرَبػّتَػَها‪َ ،‬وأَ ْف تَػَرى ابْغَُفاةَ‬
‫الُْعَراَة الَْعالَةَ‪ِ ،‬رَعاءَ ال َّشاء‪ ،‬يػَتَطَاَولُو َف ِفي الْبُػنْػيَا ِف"‪ ،‬قَا َؿ‪ :‬ثَمّ انْطَلَ َق‪،‬‬
‫فَػلَبِثْ ُت َملِِيّا‪ ،‬ثَُمّ قَا َؿ ِلر‪" :‬يَا ُع َمُر أَتَْد ِري َم ِن ال َّسائِ ُل؟ " قػُلْ ُت‪ :‬ا﵁ُ‬
‫َوَر ُسولُوُ أَ ْعلَ ُم‪ ،‬قَا َؿ‪ ( :‬فَِإَنّوُ ِجْبِري ُل أَتَا ُك ْم يػَُعْلّ ُم ُك ْم ِديْػنَ ُك ْم")‪ .‬رواه‬

‫مسلم‬

‫‪176‬‬

‫تخشيج الحذيج‬
‫قاؿ الشيخ بؿمد بن آدـ الإثيوِب‪:‬‬

‫أخرجو ( ابؼصنّف‪/‬مسلم) ربضو ا﵁ تعالذ ىنا في " الإبياف" ( ٔ‪/‬‬
‫ٔٓٔ) عن أِب خيثمة زىير بن حرب‪ ،‬عن وكيع ‪ ( -‬ح) وعن‬
‫عبيد ا﵁ بن معاذ العنبر ّي‪ ،‬عن أبيو ‪ -‬كلابنا عن كهمس بن‬
‫ابغسن‪ ،‬عن عبد ا﵁ بن بريدة‪ ،‬عن بويى بن يعمر‪ ،‬عن ابن عمر‪،‬‬

‫حدثِن أِب عمر بن ابػطاب‪ ،‬فذكره‪.‬‬

‫و(ٔ‪ )ٕٔٓ /‬عن بؿمد بن ُعبيد الْغُبَر ّي‪ ،‬وأِب كامل ابْعَ ْحدر ّي‪،‬‬
‫وأبضد بن عبدة ‪ -‬ثلاثتهم عن بضاد بن زيد‪ ،‬عن مطر الوّراؽ‪،‬‬
‫عبد ا﵁ بن بُريدة بو‪ ،‬و (ٔ‪ )ٖٔٓ /‬عن حجاج بن الشاعر‪ ،‬عن‬
‫يونس بن بؿمد‪ ،‬عن ابؼعتمر بن سليماف‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن بويى بن‬

‫يعمر بو‪.‬‬

‫‪177‬‬

‫و(ٔ‪ )ٔٓٗ /‬عن بؿمد بن حاتم‪ ،‬عن بويى بن سعيد القطّاف‪ ،‬عن‬
‫عثماف بن غياث‪ ،‬عن عبد ا﵁ بن بريدة‪ ،‬عن بويى بن يعمر‪،‬‬

‫وبُضيد بن عبد الربضن كلابنا عن ابن عمر بو‪.‬‬

‫وأخرجو ( أبضد) في " مسنده" (ٔ‪ )ٕٚ /‬عن وكيع ‪ -‬وفي ( ٔ‪/‬‬

‫ٔ٘) (‪ )ٖٙٚ‬عن بؿمد بن جعفر‪ ،‬ويزيد بن ىاروف ‪ -‬و (ٔ‪/‬‬
‫ٕ٘) (‪ )ٖٙٛ‬عن عبد ا﵁ بن يزيد ‪ -‬و (أبو داود) في "سننو"‬

‫(٘‪ )ٜٗٙ‬عن عُبيد ا﵁ بن معاذ‪ ،‬عن أبيو ‪ -‬و (ابن ماجو) (ٖ‪)ٙ‬‬
‫عن عل ّي بن بؿمد‪ ،‬عن وكيع ‪ -‬و ( الترمذ ّي) في " جامعو"‬
‫(ٓٔ‪ )ٕٙ‬عن أِب ع ّمار ابغسين بن ُحريث ابْػُزاع ّي‪ ،‬عن وكيع ‪-‬‬
‫(ح) وعن أبضد بن بؿمد‪ ،‬عن ابن ابؼبارؾ ‪( -‬ح) وعن بؿمد بن‬

‫ابؼثنّى‪ ،‬عن معاذ بن معاذ ‪ -‬و (النسائ ّي) في "سننو" (‪ )ٜٚ /ٛ‬عن‬
‫إسحاؽ بن إبراىيم‪ ،‬عن النضر بن شُميل ‪ -‬و ( ابن خزبية) في‬

‫‪178‬‬

‫"صحيحو" (ٕٗٓ٘) عن أِب موسى بؿمد بن ابؼثنّى‪ ،‬عن حسين‬
‫بن ابغسن ‪ -‬بشانيتهم (وكيع‪ ،‬وبؿمد بن جعفر‪ ،‬ويزيد‪ ،‬وعبد ا﵁‬
‫بن يزيد‪ ،‬ومعاذ‪ ،‬وعبد ا﵁ بن ابؼبارؾ‪ ،‬والنضر‪ ،‬وحسين) عن‬

‫كهمس بن ابغسن ‪.-‬‬

‫و(البخار ّي) في "خلق أفعاؿ العباد" (‪ )ٕٙ‬عن أِب النعماف‪ ،‬عن‬
‫بضّاد بن زيد‪ ،‬عن مطر الوّراؽ ‪ -‬كلابنا (كهمس‪ ،‬ومطر) عن‬

‫عبد ا﵁ بن بريدة بو‪.‬‬

‫و(أبو نعيم) في "مستخرجو" (ٗ‪ ٚ‬و ٘‪ ٚ‬و ‪ ٚٙ‬و ‪ ٚٚ‬و ‪ ٚٛ‬و‬
‫‪ ٜٚ‬و ٓ‪ ٛ‬و ٔ‪ ٛ‬و ٕ‪ ٛ‬و ٖ‪ ٛ‬و ٗ‪.)ٛ‬‬

‫و(ابن خزبية) (٘‪ )ٖٓٙ‬قاؿ‪ :‬عن أِب يعقوب يوسف بن واضح‬
‫ابؽاشم ّي‪ ،‬عن ابؼعتمر بن سليماف‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن بويى بن يعمر بو‪،‬‬

‫‪179‬‬

‫وفيو‪ ... :‬قاؿ‪ :‬الإسلاـ أف تشهد أف لا إلو إلا ا﵁‪ ،‬وأف بؿم ًدا‬
‫رسوؿ ا﵁‪ ،‬وأف تقيم الصلاة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وبر ّج البيت‪ ،‬وتعتمر‪،‬‬
‫وتغتسل من ابعنابة‪ ،‬وأف تُت ّم الوضوء‪ ،‬وتصوـ رمضاف‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإذا‬
‫فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬صدقت ‪ " ...‬ابغديث‪.‬‬

‫وأخرجو (أبضد) (ٔ‪ )ٔٛٗ( )ٕٚ /‬و (ابؼصنّف) (ٔ‪ )ٖٔٓ /‬عن‬
‫بؿمد بن حاتم ‪ -‬و ( أبو داود) (‪ )ٜٗٙٙ‬عن مس ّدد‪ ،‬ثلاثهم‬
‫(أبضد‪ ،‬وبؿمد‪ ،‬ومس ّدد) عن بويى بن سعيد القطّاف‪ ،‬عن عثماف‬
‫بن غياث‪ ،‬قاؿ‪ :‬ح ّدثِن عبد ا﵁ بن بُريدة‪ ،‬عن بويى بن يعمر‪،‬‬

‫وبضيد بن عبد الربضن‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬فذكره‪.‬‬

‫وزاد فيو‪" :‬سأؿ رجلٌ من جهينة‪ ،‬أو مزينة‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁‪،‬‬
‫فيم نعمل‪ ،‬أفي شيء قد خلا أو مضى‪ ،‬أو في شيء يُستأنف‬
‫الآف؟ قاؿ‪ :‬في شيء قد خلا‪ ،‬أو مضى‪ ،‬فقاؿ رجل‪ ،‬أو بعض‬

‫‪180‬‬

‫القوـ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁‪ ،‬فيم نعمل؟ قاؿ‪ :‬أىل ابعنّة يي ّسروف لعمل‬
‫أىل ابعنّة‪ ،‬وأىل النار يي ّسروف لعمل أىل النار"‪ .39‬وا﵁ تعالذ‬

‫أعلم‪40.‬‬

‫‪39‬وأخرجو أبو داود (‪ )ٜٗٙٚ‬عن بؿمود بن خالد‪ ،‬عن الِفْرياِّب‪ ،‬عن سفياف‪ ،‬عن علقمة بن مرثد‪ ،‬عن سليماف‬
‫بن بُريد‪ ،‬عن ابن يعمر‪ّٔ ،‬ذا ابغديث يزيد وينقص‪ ،‬فذكره بعضهم في مسند عمر ‪ -‬رضي ا﵁ عنو ‪ ،-‬وليس‬

‫كذلك فإف رواية سليماف بن بريدة من مسند ابن عمر‪ ،‬لا من مسند عمر ‪ -‬رضي ا﵁ عنهما ‪ ،-‬ودون ك ن ّصو‬
‫في "مسند الإماـ أبضد" ربضو ا﵁ تعالذ‪:‬‬

‫حدثنا أبو نعيم‪ ،‬حدثنا سفياف‪ ،‬عن علقمة بن مرثد‪ ،‬عن سليماف بن بريدة‪ ،‬عن ابن يعمر قاؿ‪ :‬قلت لابن عمر‬
‫‪ -‬رضي ا﵁ عنهما ‪ :-‬إنا نسافر في الآفاؽ‪ ،‬فنَػلَْقى قوًما يقولوف‪ :‬لا قدر‪ ،‬فقاؿ ابن عمر‪ :‬إذا لقيتموىم فأخبروىم‬
‫أف عبد ا﵁ بن عمر منهم بريء‪ ،‬وأنهم منو برآء‪ ،‬ثلاثًا‪ ،‬ثم أنشأ بودث بينما بكن عند رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو‬

‫وسلم ‪ -‬فجاء رجل‪ ،‬فذكر من ىيئتو‪ ،‬فقاؿ رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪" :-‬ادنو"‪ ،‬فدنا‪ ،‬فقاؿ‪" :‬ادنو"‪،‬‬
‫فدنا‪ ،‬فقاؿ‪" :‬ادنو"‪ ،‬فدنا حَّت كاد ركبتاه بسساف ركبتيو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁ أخبرني ما الإبياف؟ أو عن الإبياف؟‬
‫قاؿ‪" :‬تؤمن با﵁‪ ،‬وملائكتو‪ ،‬وكتبو‪ ،‬ورسلو‪ ،‬واليوـ الآخر‪ ،‬وتؤمن بالقدر"‪ ،‬قاؿ سفياف‪ :‬أراه قاؿ‪" :‬خيره وشره"‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬فما الإسلاـ؟ قاؿ‪" :‬إقاـ الصلاة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصياـ شهر رمضاف‪ ،‬وغسل من ابعنابة"‪،‬كل‬
‫ذلك قاؿ‪ :‬صدقت صدقت‪ ،‬قاؿ القوـ‪ :‬ما رأينا رجلًا أشد توقيًرا لرسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬من ىذا‪،‬‬
‫كأنو يعلم رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ ،-‬ثم قاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁ أخبرني عن الإحساف؟ قاؿ‪" :‬أف تعبد ا﵁‪،‬‬
‫أو تعبده كأنك تراه‪ ،‬فإف لا تراه فإنو يراؾ"‪،‬كل ذلك نقوؿ‪ :‬ما رأينا رجلًا أشد توقيرًا لرسوؿ ا﵁ من ىذا‪ ،‬فيقوؿ‪:‬‬
‫صدقت صدقت‪ ،‬قاؿ‪ :‬أخبرني عن الساعة‪ ،‬قاؿ‪" :‬ما ابؼسؤوؿ عنها بأعلم ّٔا من السائل"‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ‪ :‬صدقت‪،‬‬
‫قاؿ ذلك مراًرا‪ ،‬ما رأينا رجلًا أشد توقيًرا لرسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬من ىذا‪ ،‬ثم وَلّذ‪ ،‬قاؿ سفياف‪:‬‬
‫فبلغِن أف رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬قاؿ‪" :‬التمسوه"‪ ،‬فلم بهدوه‪ ،‬قاؿ‪" :‬ىذا جبريل جاءكم يعلمكم‬

‫دينكم‪ ،‬ما أتاني في صورة إلا عرفتو‪ ،‬غير ىذه الصورة"‪.‬‬
‫حدثنا أبو أبضد‪ ،‬حدثنا سفياف‪ ،‬عن علقمة بن مرثد‪ ،‬عن سليماف بن بريدة‪ ،‬عن ابن يعمر قاؿ‪ :‬سألت ابن عمر‪،‬‬

‫أو سألو رجل‪ ،‬إنا نسير في ىذه الأرض‪ ،‬فنلقى قوًما يقولوف‪ :‬لا قدر‪ ،‬فقاؿ ابن عمر‪ :‬إذا لقيت أولئك فأخبرىم‬
‫أف عبد ا﵁ بن عمر منهم بريء‪ ،‬وىم منو برآء‪ ،‬قابؽا ثلاث مرات‪ ،‬ثم أنشأ بودثنا‪ ،‬قاؿ‪ :‬بينا بكن عند رسوؿ ا﵁‬
‫‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ ،-‬فجاء رجل‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁ أدنو؟ فقاؿ‪" :‬ادنو"‪ ،‬فدنا َرتْػَوةً‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁‬

‫‪181‬‬

‫شرح ابغديث‪:‬‬

‫(بػَيْػنَ َما) ىي "بين" الظرفيّة زيدت عليها "ما"‪ ،‬لتكّفها عن عملها‬
‫ابػف َض لَِما دخلت عليو‪ ،‬ومثلها "بينا" زيدت عليها الألف‪ ،‬في‬

‫بعدبنا مرفوع بالابتداء في اللغة ابؼشهورة‪،‬‬
‫(ذَا َت يػَْوٍـ) أي يوًما من الأياـ‪ ،‬فػ "ذات" مقحمة‪ ،‬وقيل‪ :‬ىي من‬

‫إضافة الشيء لنفسو‪ ،‬على رأي من بُهيز ذلك‪.‬‬

‫وقاؿ السنوس ّي ربضو ا﵁ تعالذ‪" :‬ذات" صلة للتوكيد‪ ،‬ترفع احتماؿ‬
‫أف يراد باليوـ مطلق الزماف‪ ،‬فهي مع اليوـ بدنزلة رأيت عين زيد‪،‬‬

‫أدنو؟ فقاؿ‪" :‬ادنو"‪ ،‬فدنا َرتْػَوة‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁ أدنو؟ فقاؿ‪" :‬ادنو"‪ ،‬فدنا رتوة‪ ،‬حَّت كادت أف بسس ركبتاه‬
‫ركبة رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ ،-‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁‪ ،‬ما الإبياف؟ ‪ ، ...‬فذكر معناه‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫فهذا صريح‪ ،‬بأف رواية سفياف من مسند ابن عمر‪ ،‬لا من مسند عمر ‪ -‬رضي ا﵁ عنهما ‪ ،-‬ىذا ىو الصواب في‬
‫ىذه الرواية‪.‬‬

‫لكن الذي يظهر لر أفكونو من مسند عمر ‪ -‬رضي ا﵁ عنو ‪ ،-‬ىو الأرجح؛ لأَ َّف رواتو أوثق‪ ،‬وأكثر‪ ،‬فليُتأّمل‪.‬‬
‫وا﵁ تعالذ أعلم بالصواب‪.‬‬

‫‪40‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٕٔٔ-ٕٔٓ/‬‬

‫‪182‬‬

‫وىو ظرؼ‪ ،‬والعامل فيو معنى الاستقرار الذي في ابػبر‪ .‬انتهى‬
‫شرح الأِّب" ٔ‪41 .ٜ٘ /‬‬

‫((إذ طلع علينا))؛ أي‪ :‬ظهر لنا (( رج ٌل)) ىو جبريل ‪ -‬عليو‬
‫السلاـ ‪ -‬أتى النبي صلى ا﵁ عليو وسلم في صورة رجل لا‬
‫يعرفونو‪ ،‬وكاف في الغالب يأتيو في صورة دحية الكلبي الصحاِب‪،‬‬

‫وكاف أبصل أىل زمانو‪ ،‬وأحسنهم صورة‪.‬‬

‫((شديد بياض الثياب‪ ،‬شديد سواد الشعر))؛ أي‪ :‬شعر اللحية‪،‬‬
‫كما وقع مصرًحا بو في رواية لابن حباف‪.42‬‬

‫((لا يرى عليو أثر السفر))؛ أي‪ :‬علامة سفر أو ىيئة سفر من‬
‫غبرةٍ أو شعوثة‪.‬‬

‫‪41‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٛٗ-ٕٛ/‬‬
‫‪42‬الإحساف في ترتيب ابن حباف (‪ 390 /1‬ح ‪.)168‬‬

‫‪183‬‬

‫ببناء الفعل للمفعوؿ‪ ،‬وفي "مستخرج أِب نعيم"‪" :‬لا نػََرى عليو أثَر‬
‫سفر‪ ،‬ولا يعرفو منا أحد"‪.‬‬

‫قاؿ النوو ّي ‪َ -‬ربِضَوُ ا﵁ُ ‪ -‬في "شرحو" بؽذا الكتاب‪ :‬ضبطناه بالياء‬
‫ابؼثَنّاة‪ ،‬من بر ُت ابؼضمومة‪ ،‬وكذلك ضبطناه في " ابعمع بين‬
‫الصحيحين"‪ ،‬وغيره‪ ،‬وضبطو ابغافظ أبو حازـ العُ ْذر ّي بالنوف‬
‫ابؼفتوحة‪ ،‬وكذا ىو في " مسند أِب يعلى ابؼوصلى"‪ ،‬وكلابنا‬

‫صحيح‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وقاؿ القرطبّي ‪َ -‬ربِضَوُ ا﵁ُ ‪ :-‬ىكذا مشهور رواية ىذا اللفظ‬
‫"يُرى" مبنِيّا بؼا لَدْ يُس ّم فاعلو بالياء باثنتين من برتها‪" ،‬ولا يعرفو"‬
‫بالياء أي ًضا‪ ،‬وقد رواه أيو حازـ العذر ّي‪" :‬لا نَرى عليو أثر السفر‪،‬‬
‫ولا نعرفو" بالنوف فيهما‪ ،‬مبنِيّا للفاعل‪ ،‬ونوف ابعماعة‪ ،‬وكلابنا‬

‫واض ُح ابؼعنى‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫‪184‬‬

‫ووقع في حديث أِب ىريرة ‪ -‬رضي ا﵁ عنو ‪ -‬عند البخار ّي في‬
‫"التفسير"‪" :‬إذ أتاه رجل بيشي"‪ ،‬وفي حديث أِب ىريرة‪ ،‬وأِب ذز‬
‫عند النسائ ّي‪" :‬وإنا بعلوس‪ ،‬ورسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪-‬‬
‫في بؾلسو‪ ،‬إذ أقبل رجل‪ ،‬أحسن الناس وجًها‪ ،‬وأطيب الناس ربوًا‪،‬‬
‫كأف ثيابو لَدْ بيسها دنس‪ ،‬حَّت سلّم في طَرؼ البساط‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬

‫السلاـ عليكم يا بؿمد"‪43.‬‬

‫((ولا يعرفو منا أحٌد))؛ أي‪ :‬معشر الصحابة‪.‬‬

‫((فأسند))؛ أي‪ :‬ألصق ((ركبتيو إلذ ركبتيو))؛ أي‪ :‬وضع الَّرجل‬
‫ركبتيو متصلتين بركبتي رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم‪.‬‬

‫((ووضع كفيو على فخذيو))؛ أي‪ :‬فخ َذ ْي نفسو جال ًسا على‬
‫ىيئة ابؼتعلم‪ ،‬كذا ذكره النووي‪،‬‬

‫‪43‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٛٙ-ٛ٘/‬‬

‫‪185‬‬

‫الصحيح أف معناه أنو وضع كفيو على فخذي النبّي ‪ -‬صلى ا﵁‬
‫عليو وسلم ‪-‬؛ بؼا وقع من التصريح بو في رواية ابن حباف وابن‬

‫منده ابؼذكورة‪ ،‬وكذا وقع التصريح بو في حديث أِب ىريرة‪ ،‬وأِب ذّر‬
‫رضي ا﵁ تعالذ عنهما عند النسائ ّي‪ :‬قالا‪ :‬كاف رسوؿ ا﵁ ‪-‬‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬بهلس بين ظهراني أصحابو‪ ،‬فيجيء‬
‫الغريب فلا يَد ِري أيهم ىو؟ حَّت يسأؿ‪ ،‬فطلبنا إلذ رسوؿ ا﵁ ‪-‬‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬أف بقعل لو بؾل ًسا يعرفو الغريب إذا أتاه‪،‬‬
‫فبنينا لو ُدّكانًا من طين‪ ،‬كاف بهلس عليو‪ ،‬وإنا بعلوس‪ ،‬ورسوؿ ا﵁‬
‫‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬في بؾلسو‪ ،‬إذ أقبل رجل أحسن الناس‬

‫وجًها‪ ،‬وأطيب الناس ربوًا‪ ،‬كأف ثيابو لَدْ بَيَ َّسها َدنَ ٌس‪ ،‬حَّت سلم‬
‫في طرؼ البساط‪ ،‬فقاؿ‪ :‬السلاـ عليك يا بؿمد‪ ،‬فرد عليو السلاـ‪،‬‬

‫قاؿ‪ :‬أَْدنُو يا بؿمد؟ قاؿ‪ :‬ا ْدنُْو‪ ،‬فما زاؿ يقوؿ‪ :‬أدنو؟ مراًرا ويقوؿ‬

‫‪186‬‬

‫لو‪ :‬ادف‪ ،‬حَّت وضع يده على ركبتي رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو‬
‫وسلم ‪.-‬‬

‫وكذا في حديث ابن عبّاس‪ ،‬وأِب عامر الأشعري ‪ -‬رضي ا﵁ عنهم‬
‫‪" :-‬ثم وضع يده على ركبتي النبي ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ .-‬قاؿ‬
‫في " الفتح"‪ :‬فأفادت ىذه الرواية أف الضمير في قولو‪ " :‬على‬
‫فخذيو" يعود على النبي ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ ، -‬وبو جزـ‬
‫البغوي‪ ،‬وإبظاعيل التيمي؟ بؽذه الرواية‪ ،‬ورجحو الطيبي بحثًا؛ لأنو‬
‫نَ َس ُق الكلاـ‪ ،‬خلافًا بؼا جزـ بو النووي‪ ،‬ووافقو التوربشتي؛ لأنو‬
‫بضلو على أنو جلس كهيئة ابؼتعلم‪ ،‬بين يدي من يتعلم منو‪ ،‬وىذا‬
‫وإف كاف ظاىًرا من السياؽ‪ ،‬لكن وضعو يديو على فخذ النبي ‪-‬‬

‫صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬منَْبّو للإصغاء إليو‪ .‬انتهى‪44.‬‬

‫‪44‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٛٛ/‬‬

‫‪187‬‬

‫((وقاؿ‪ :‬يا بؿمد‪ ،‬أخبرني عن الإسلاـ))؛ أي‪ :‬عن حقيقتو‪ ،‬وناداه‬
‫بابظو‪ ،‬قيل‪ :‬لأف ذلك قبل التحرًن‪ ،‬أو لأف ابغرمة بـتصة بالآدميين‬

‫دوف ابؼلائكة‪.‬‬
‫فإف قيل‪ :‬كيف بدأ بالسؤاؿ قبل السلاـ‪ ،‬أجيب بأنو بوتمل أف‬
‫يكوف ذلك مبالغة في التعمية لأمره‪ ،‬أو ليبين أف ذلك غير واجب‪،‬‬

‫أو سلم فلم ينقلو الراوي‪.45‬‬
‫ىذا الثالث ىو الصواب‪ ،‬فقد ثبت في رواية حديث أِب ىريرة‪،‬‬
‫وأِب ذّر ابؼتق ّدـ عند النسائ ّي قولو‪" :‬حَّت سلم من طرؼ البساط‪،‬‬
‫فقاؿ‪ :‬السلاـ عليك يا بؿمد‪ ،‬فرد عليو السلاـ ‪ ، " ...‬قاؿ في‬
‫"الفتح"‪ :‬وبكوه في رواية عطاء‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬لكن قاؿ‪" :‬السلاـ‬

‫‪45‬برفة الأحوذي (‪ 289 /7‬ح ‪.)2738‬‬

‫‪188‬‬

‫عليك يا رسوؿ ا﵁"‪ ،‬وفي رواية مطر الوراؽ‪" :‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁‬
‫أدنو منك؟ قاؿ‪ :‬ادف"‪ ،‬ولد يذكر السلاـ‪.‬‬

‫ووقع عند القرطبي‪ :‬أنو قاؿ‪" :‬السلاـ عليكم يا بؿمد"‪ ،‬فاستنبط‬
‫منو أنو يستحب للداخل أف يعمم بالسلاـ‪ ،‬ثم بىصص من يريد‬

‫بزصيصو‪ .‬انتهى‪46.‬‬
‫أَ ْخِبْرِني َع ِن الِإ ْسلَاِـ) قاؿ الطيبّي ‪َ -‬ربِضَوُ ا﵁ُ ‪ :-‬الإسلاـ‪:‬‬
‫الانقياد‪ ،‬والطاعة عن الطوع والرغبة من غير اعتراض‪ ،‬يقاؿ‪ :‬سلّم‪،‬‬
‫وأسلم‪ ،‬واستسلم‪ :‬إذا خضع‪ ،‬وأذعن‪ ،‬ولذلك أجاب عنو بالأركاف‬

‫ابػمسة‪ .‬انتهى (ٔ)‪.‬‬

‫وقاؿ القرطبّي‪ :‬الإسلاـ في اللغة‪ :‬ىو الاستسلاـ‪ ،‬والانقياد‪ ،‬ومنو‬
‫قولو تعالذ‪{ :‬قُ ْل لَدْ تُػْؤِمنُوا َولَ ِك ْن قُولُوا أَ ْسلَ ْمنَا} الآية [ابغجرات‪:‬‬

‫‪46‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٜٓ/‬‬

‫‪189‬‬

‫ٗٔ]‪ :‬أي انقدنا‪ ،‬وىو في الشرع‪ :‬الانقياد بالأفعاؿ الظاىرة‬

‫الشرعيّة‪ ،‬ولذلك قاؿ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬فيما رواه أنس ‪-‬‬
‫رضي ا﵁ عنو ‪ -‬عنو‪" :‬الإسلاـ علانية‪ ،‬والإبياف في القلب"‪ ،‬ذكره‬
‫ابن أِب شيبة في " مصنّفو" ٔٔ‪ .47ٔٔ /‬انتهى (" ابؼفهم" ٔ‪/‬‬

‫‪48.)ٖٜٔ‬‬

‫وإبما بدأ بالإسلاـ؛ لأنو يتعلّق بالأمر الظاىر‪ ،‬وثػَنّى بالإبياف؛ لأنو‬
‫يتعلّق بالأمر الباطن‪ ،‬وفي حديث أِب ىريرة ‪ -‬رضي ا﵁ عنو ‪-‬‬
‫الآتي بعد ىذا‪" :‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ ا﵁‪ ،‬ما الإبياف"‪ ،‬فبدأ بالإبياف؛‬
‫لأنو الأصل‪ ،‬وثػََنّى بالإسلاـ؛ لأنو يُظهر ِم ْص َدا َؽ الدعوى‪ ،‬وثػَلّث‬

‫بالإحساف؛ لأنو ُمتَػَعْلّق ّٔما‪.‬‬

‫‪47‬رواه ابن أِب شيبة في "مصنفو"‪ ،‬وزاد‪" :‬ثم يشير إلذ صدره‪ ،‬ويقوؿ‪ :‬التقوى ىهنا‪ ،‬التقوى ىهنا"‪ .‬وفي سنده علي‬
‫بن مسعدة‪ ،‬ضعفو البخار ّي وغيره‪ ،‬ووثقو آخروف‪ ،‬وضعف بعضهم ىذا ابغديث بسببو‪ ،‬وعندي أنو حسن‬
‫ابغديث‪ .‬انظر تربصتو في‪" :‬تهذيب التهذيب"ٖ‪ .. ٜٕٔ /‬وا﵁ تعالذ أعلم‪.‬‬
‫‪48‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٜٔ/‬‬

‫‪190‬‬

‫((فقاؿ رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم)) بؾيبًا لو‪(( :‬الإسلاـ أف‬
‫تشهد))؛ أي‪ :‬تعلم وتصدؽ وتسلم ((أف لا إلو إلا ا﵁))؛ أي‪ :‬لا‬
‫معبود بح ٍّق إلا ا﵁‪ (( ،‬وأف بؿم ًدا))؛ أي‪ :‬وتشهد أف بؿم ًدا‬
‫((رسوؿ ا﵁)) بذلك‪(( ،‬و)) أف ((تقيم الصلاة))؛ أي‪ :‬تأتي ّٔا‬
‫بأركانها وشروطها‪ ،‬وتواظب عليها في أوقاتها‪ ،‬زاد في حديث أِب‬
‫ىريرة الآتي‪ " :‬ابؼكتوبة"‪.‬وقاؿ القرطبّي ربضو ا﵁ تعالذ‪ :‬والصلاة في‬
‫اللغة‪ :‬الدعاء‪ ،‬ومنو قولو تعالذ‪َ{ :‬و َص ّْل َعلَيِْه ْم} [التوبة‪:]ٖٔٓ :‬‬
‫أي ادع ‪,‬و في الشرع‪ :‬أفعاؿ بـصوصةٌ‪ ،‬بشروط بـصوصة‪ ،‬الدعاء‬

‫جزء منها‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وقاؿ الطيبّي ربضو ا﵁ تعالذ‪ :‬إقامة الصلاة‪ :‬تعديل أركانها وإدامتها‪،‬‬
‫والصلاة فَػَعلَةٌ‪ ،‬من َصلّى‪ :‬بدعنى دعا‪ ،‬أو حّرؾ ال ّصلَوين ‪49‬؛ لأف‬

‫‪ 49‬الصلوين‪ :‬مثنى َصلا‪ ،‬وبنا ما يكوف عن بيين الّذنَب وشمالو‪.‬‬

‫‪191‬‬

‫ابؼصلّي بُوّركهما في ركوعو وسجوده‪ ،‬كالزكاة من َزَكى‪ :‬بدعنى بما‪ ،‬أو‬
‫طهر‪ ،‬فإف ابؼاؿ يزيد بأداء الزكاة‪ ،‬ويطهر بو‪ ،‬وكالصوـ‪ ،‬من صاـ‪:‬‬
‫إذا أمسك‪ ،‬وابغ ّج‪ ،‬من ح ّج‪ :‬إذا قصد البيت‪" .‬الكاشف" ٕ‪/‬‬

‫ٕٗٗ‪50.‬‬

‫((و)) أف ((تؤتي الزكاة))؛ أي‪ :‬تؤديها على وجهها الشرعي؛ بأف‬
‫تعطيها بؼستحقيها‪ ،‬أو للإماـ ليدفعها بؽم‪ ،‬والزكاة لغةً‪ :‬النمو‬
‫والزيادة‪ ،‬يقاؿ‪ :‬زكا ابؼاؿ إذا بما وطاب؛ لأنها تنمي ابؼاؿ بالبركة‪ ،‬أو‬

‫سبب في بموه وزيادتو‪،‬‬

‫((و)) أف ((تصوـ)) شهر ((رمضاف))‪ ،‬والصوـ في اللغة‪ :‬الإمساؾ‬
‫والكف عن الشيء‪ ،‬ومنو قولو تعالذ‪ ﴿ :‬إِ ْنّي نََذْر ُت لِلَّربْضَ ِن َصْوًما‬

‫‪50‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٜٖ-ٜٕ/‬‬

‫‪192‬‬

‫﴾ [مرًن‪]26 :‬؛ أي صمتًا‪ ،‬كذا قاؿ ابن عباس رضي ا﵁ عنو‬
‫والضحاؾ‪.51‬‬

‫فائدة‪:‬‬

‫الصياـ عن الكلاـ ليس من شريعة الإسلاـ‪ ،‬قاؿ ابن قدامة في‬
‫ابؼغِن‪ :‬وظاىر الأخبار برربيو‪ ،‬فإف نذر لا يلزمو الوفاء بو‪ ،‬ولا‬
‫خلاؼ فيو بين الشافعية وابغنفية‪ ،‬وبو قاؿ ابن ابؼنذر‪ ،‬ولا نعلم فيو‬

‫خلافًا‪.52‬‬

‫فقد روى البخاري في كتاب مناقب الأنصار‪ ،‬باب أياـ ابعاىلية‪،‬‬
‫عن قيس بن أِب حازـ قاؿ‪ :‬دخل أبو بكٍر رضي ا﵁ عنو على‬
‫امرأٍة من أبضس يقاؿ بؽا‪ :‬زينب‪ ،‬فرآىا لا تكلم‪ ،‬فقاؿ‪( :‬ما بؽا لا‬

‫َص ْوًما}‬ ‫لِلَّربْضَ ِن‬ ‫نََذْر ُت‬ ‫{إِ ْنّي‬ ‫تعالذ‪:‬‬ ‫قولو‬ ‫عند‬ ‫‪)539‬‬ ‫(‪/16‬‬ ‫للألوسي‬ ‫ابؼعاني‬ ‫روح‬ ‫‪51‬تفسٍز ابن كثٍز (‪.)124 / 3‬‬

‫‪52‬ابؼغِن مع الشرح (‪،)149 /3‬‬
‫[مرًن‪ ،]26 :‬وانظر فتح الباري (‪ 185 /7‬ح ‪.)3834‬‬

‫‪193‬‬

‫تكلم؟)‪ ،‬قالوا‪ :‬حجت مصمتةً‪ ،‬قاؿ بؽا‪( :‬تكلمي؛ فإف ىذا لا‬
‫بول؛ ىذا من عمل ابعاىلية)‪ ،‬فتكلمت‪.53‬‬

‫وىو في الشرع‪ :‬إمساؾ بصيع أجزاء اليوـ عن أشياء بـصوصة‪،‬‬
‫بشرط بـصوص‪.‬‬

‫وقولو‪" :‬رمضاف" أي الشهر ابؼس ّمى ّٔذا الاسم‪ ،‬وىو من َرِم َض‪:‬‬
‫إذا احترؽ من الرمضاء‪ ،‬وبظّي بو لاربساضهم من حّر ابعوع‪ ،‬أو من‬
‫حرارة الزماف الذي وقع فيو‪ ،‬أو لأنو برترؽ بو الذنوب‪ ،‬وبسحى بو‬

‫العيوب‪ ،‬أو لأنو تزوؿ معو حرارة الشهوات‪.‬‬

‫وجائز قوؿ رمضاف دوف أف يضاؼ إلذ شهر؛ كما قاؿ القرطبي‬
‫ربضو ا﵁‪ :‬فيو جواز استعمالو غير مضاؼ إلذ شهر‪ ،‬وىو مذىب‬
‫البخاري وا﵀ققين؛ بػبر‪ (( :‬إذا دخل رمضاف‪ ،‬فتحت أبواب‬

‫‪53‬فتح الباري‪ (3/ 51‬ح ‪.)3834‬‬

‫‪194‬‬

‫ابعنة))‪ ،‬وقيل‪ :‬يكره استعمالو بلا إضافة شهر‪ ،‬نقلو عياض وغيره‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بهوز بقرينة؛ كصمنا رمضاف‪ ،‬ويكره بدونها؛ كجاء رمضاف‪،‬‬
‫والصحيح جواز إطلاؽ رمضاف من غير إضافة‪ ،‬كما ثبت في‬

‫الصحاح وغيرىا‪.54‬‬

‫روى البخاري عن أِب ىريرة‪ :‬أف رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم‬
‫قاؿ‪(( :‬إذا جاء رمضاف‪ ،‬فتحت أبواب الربضة))‬

‫((و)) أف (( برج البيت))؛ أي‪ :‬تقصد بيت ا﵁ ابغراـ في زمن‬
‫بـصوص بنية لأداء ابؼناسك من طواؼ وسعي ووقوؼ بعرفة‬
‫وغيرىا‪(( ،55‬إف استطعت إليو سبيلًا))؛ أي‪ :‬قدرت على الوصوؿ‬
‫إليو بدوف مشقة عظيمة‪ ،‬مع الأمن على النفس وابؼاؿ‪ ،‬ووجود‬

‫مؤف السفر‪.‬‬

‫‪54‬تفسير القرطبي (‪ ،)195 /2‬شرح الزرقاني على موطأ الإماـ مالك (‪ 205 /2‬ح ‪.)638‬‬
‫‪55‬الروض ابؼربع (‪ ،)500 /3‬حاشية ابن عابدين (‪.)400 /2‬‬

‫‪195‬‬

‫((قاؿ))؛ أي‪ :‬الرجل ((صدقت))؛ أي‪ :‬فيما أجبت بو‪ ،‬زاد في‬
‫رواية ابن حباف قبلو‪" :‬قاؿ‪ :‬فإذا فعلت ىذا فأنا مسلم؟ " قاؿ‪:‬‬
‫"نعم"‪( ،‬قَا َؿ) أي عمر ‪ -‬رضي ا﵁ عنو ‪ ،-‬ففي رواية أِب عوانة‬
‫في "ابؼستخرج"‪ :‬فقاؿ عمر ‪ ( " ...‬فَػَع ِجْبػنَا لَوُ) وفي رواية النسائي‬
‫بلفظ " إليو" بدؿ " لو" ( يَ ْسأَلُوُ َويُ َصّْدقُوُ) وفي حديث أِب ىريرة‪،‬‬
‫وأِب ذّر عند النسائي‪" :‬فلما بظعنا قوؿ الرجل‪ :‬صدقت أنكرناه"‪،‬‬
‫وفي رواية مطر الوراؽ‪" :‬انظروا إليو كيف يسألو‪ ،‬وانظروا إليو كيف‬
‫يصدقو"‪ ،‬وفي حديث أنس‪ " :‬انظروا وىو يسألو‪ ،‬وىو يصدقو‪،‬‬
‫كأنو أعلم منو"‪ ،‬وفي رواية سليماف بن بريدة قاؿ القوـ‪" :‬ما رأينا‬
‫رجلًا مثل ىذا‪ ،‬كأنو يػَُعْلّم رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁ عليو وسلم ‪،-‬‬

‫يقوؿ لو‪ :‬صدقت صدقت"‪56.‬‬

‫‪ 56‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٜٙ /‬‬

‫‪196‬‬

‫قاؿ ابن دقيق العيد‪ :‬إبما تعجبوا من ذلك؛ لأف ما جاء بو النبي‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم لا يعرؼ إلا من جهتو‪ ،‬وليس ىذا السائل‬
‫بفن ُعرؼ بلقاء النبي صلى ا﵁ عليو وسلم ولا السماع منو‪ ،‬ثم ىو‬

‫قد سأؿ سؤاؿ عارؼ بؿقق مصدؽ‪ ،‬فتعجبوا من ذلك‪.57‬‬

‫((قاؿ))؛ أي‪ :‬الرجل ((فأخبرني عن الإبياف‪ ،‬قاؿ))؛ أي‪ :‬النبي‬
‫صلى ا﵁ عليو وسلم بؾيبًا عن ذلك‪(( :‬أف تؤمن با﵁))؛ أي‪ :‬ىو‬
‫التصديق بوجوده‪ ،‬وأنو لا بهوز عليو العدـ‪ ،‬وأنو تعالذ موصو ٌؼ‬
‫بصفات ابعلاؿ والكماؿ‪ ،‬من العلم‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والإرادة‪ ،‬والكلاـ‪،‬‬
‫والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬وابغياة‪ ،‬والرضا‪ ،‬وا﵀بّة‪ ،‬وغيرىا‪ ،‬وأنو منّزه عن‬
‫صفات النقص التي ىي أضداد تلك الصفات‪ ،‬وعن صفات‬
‫الأجساـ‪ ،‬وابؼتحيّزات‪ ،‬وأنو واحد‪ ،‬صمد‪ ،‬فرٌد‪ ،‬خالق بصيع‬

‫‪57‬شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد‪.)(9‬‬

‫‪197‬‬

‫ابؼخلوقات‪ ،‬متصّرؼ فيها بدا يشاء من التصّرفات‪ ،‬يفعل في ملكو‬
‫ما يريد‪ ،‬وبوكم في خلقو ما يشاء‪.‬‬

‫وقاؿ شيخ الإسلاـ ابن تيميّة ربضو ا﵁ تعالذ في "العقيدة الواسطيّة"‬
‫حينما يصف اعتقاد الفرقة الناجية ابؼنصورة‪ :‬ومن الإبياف با﵁‬

‫الإبياف بدا وصف بو نفسو في كتابو‪ ،‬وبدا وصفو رسولو ‪ -‬صلى‬

‫ا﵁ عليو وسلم ‪ -‬من غير برريف‪ ،‬ولا تعطيل ومن غير تكييف‪،‬‬
‫ولا بسثيل‪ ،‬بل يؤمنوف بأف ا﵁ ‪ُ -‬سْب َحانَوُ َوتَػَعالَذ ‪{ :-‬لَيْ َس َك ِمثْلِِو‬
‫َش ْيءٌ َوُىَو ال َّس ِمي ُع الْبَ ِصيرُ} [الشورى‪ ،]ٔٔ :‬فلا ينفوف عنو ما‬
‫وصف بو نفسو‪ ،‬ولا بُوّرفوف الكلم عن مواضعو‪ ،‬ولا يُلحدوف في‬
‫أبظائو‪ ،‬وآياتو‪ ،‬ولا يكيّفوف‪ ،‬ولا بيثّلوف صفاتو بصفات خلقو؛ لأنو‬
‫‪ُ -‬سبْ َحانَوُ َوتَػَعالَذ ‪ -‬لا بظ ّي لو‪ ،‬ولا كفء لو‪ ،‬ولا ن ّد لو‪ ،‬ولا‬
‫يقاس بخلقو ‪ُ -‬سبْ َحانَوُ َوتَػَعالَذ ‪ ، -‬فإنو أعلم بنفسو‪ ،‬وبغيره‪،‬‬

‫‪198‬‬

‫وأصدؽ قيلًا‪ ،‬وأحسن حديثًا من خلقو‪ ،‬ثم رسلو صادقوف‪،‬‬
‫مص ّدقوف‪ ،‬بخلاؼ الذين يقولوف عليو ما لا يعلموف‪ ،‬وبؽذا قاؿ‬
‫تعالذ‪ُ { :‬سْب َحا َف َرْبّ َك َر ّْب الْعَِّزةِ َعَّما يَ ِصُفو َف (ٓ‪َ )ٔٛ‬و َسلَاٌـ َعلَى‬
‫الْ ُمْر َسلِيَن (ٔ‪َ )ٔٛ‬وابْغَْم ُد لَِلِّو َر ّْب الَْعالَِميَن (ٕ‪[ })ٔٛ‬الصافات‪:‬‬
‫ٓ‪ ،]ٕٔٛ - ٔٛ‬فسبّح نفسو عما وصفو بو ابؼخالفوف للرسل‪،‬‬
‫وسلّم على ابؼرسلين؛ لسلامة ما قالوه من النقص والعيب‪ ،‬وىو قد‬
‫بصع فيما وصف‪ ،‬وب َظّى بو نفسو بين النفي والإثبات‪ ،‬فلا عدوؿ‬
‫لأىل السنّة وابعماعة ع ّما جاء بو ابؼرسلوف‪ ،‬فإنّو الصراط ابؼستقيم‪،‬‬
‫صراط الذين أنعم ا﵁ عليهم من النبيين والصديقين‪ ،‬والشهداء‪،‬‬

‫والصابغين‪ .‬انتهى كلامو بـتصًرا‪58.‬‬

‫‪58‬البحر ا﵀يط ٔ‪ٜٚ/‬‬

‫‪199‬‬

‫((وملائكتو))؛ (َوَملَائِ َكتِِو) قاؿ ابن الأثير‪ :‬بصع َملأَ ٍؾ في الأصل‪،‬‬
‫ثم ُحذفت بنزتو؛ لكثرة الاستعماؿ‪ ،‬فقيل‪َ :‬ملَ ٌك‪ ،‬وقد برذؼ‬
‫ابؽاء‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬ملائك‪ ،‬وقيل‪ :‬أصلو َمأْلَ ٌك بتقدًن ابؽمزة‪ ،‬من‬

‫الألوكة‪ ،‬وىي الرسالة‪ ،‬ثم ق ّدمت ابؽمزة‪ ،‬وبُصع‪ .‬انتهى‪.59‬‬

‫وقاؿ الفيّوم ّي‪ :‬أَلَ َك بين القوـ أَلْ ًكا‪ ،‬من باب َضَر َب‪ ،‬وأُلُوًكا أي ًضا‪:‬‬
‫تَػَر َّسل‪ ،‬واسم الرسالة َمأْلُ ٌك بضم اللاـ‪ ،‬وَمأْلُكةٌ أي ًضا بابؽاء‪،‬‬
‫ولامها تُض ّم وتُفتح‪ ،‬وابؼلائكة مشتّقة من لفظ الأُلُوكة‪ ،‬وقيل‪ :‬من‬
‫الْ َمأْلَك‪ ،‬الواحد َملَ ٌك‪ ،‬وأصلو َملأٌَؾ‪ ،‬ووزنو َمْفَع ٌل‪ ،‬فنُقلت حركة‬
‫ابؽمزة إلذ اللاـ‪ ،‬و َسَقطت‪ ،‬فوزنو َمَع ٌل‪ ،‬فإف الفاء ىي ابؽمزة‪ ،‬وقد‬
‫سقطت‪ ،‬وقيل‪ :‬مأخوذ من لأَ َؾ‪ :‬إذا أرسل‪ ،‬فملأٌَؾ َمْفَعل‪ ،‬فنُقلت‬

‫‪"59‬النهاية" ٗ‪ٖٜ٘ /‬‬

‫‪200‬‬


Click to View FlipBook Version