المشتركة لليهود والعرب من البلدات المتجاورة ،التي دون تدخلنا الإستباقي القائم على النموذج المقترح هنا،
ستبقى حالة الانقطاع قائمة بينها .يمكن أن يساعد النموذج الذي قمنا ببنائه في العملية على تأهيل الحكم
المحلي والقطري لمواصلة التنفيذ وأي ًضا التذويت .يجب أن نهتم بالربط بين الثقافات والناس من خلال تعلم
لغة "الآخر" ،الأمر الذي يتطلب إكساب اللغة العبرية العامية للشباب في المجتمع العربي ،واللغة العربية
العامية للشباب في المجتمع اليهودي .
نحتاج إلى الدخول في تجربة مشتركة في الثقافة ،الفنون والإبداع المشترك الذي يتيح التعرف على المجموعات
المختلفة والتواصل معها .أخي ًرا ،تو ّجب علينا إضافة عامل لم نتعامل معه من قبل ،وهو نشاط ف ّعال لإحداث
تغيير في السياسة "من فوق إلى تحت" :ليس فقط مجرد هيئة تربوية أخرى تعالج البنية التحتية الاجتماعية،
ولكن مركز يدمج أي ًضا بين العمل الذي يسعى إلى تغيير السياسات الحكومية وبين السلطات المحلية .
من أجل تحقيق نظرية التغيير الجديدة ،تم بناء خمسة محاور للعمل:
الأول يتعلق بالبنية التحتية البشرية للمستقبل ،وهو التعليم من أجل الحياة المشتركة .على هذا المسار،
تعمل جفعات حبيبة الآن مع ثمانية آلاف طفل وفتى (هذا الرقم يمثل أكثر من خمسين في المئة من مجمل
الأنشطة التعليمية في هذا المجال في إسرائيل ،ميزانية قسم التربية في جفعات حبيبة للتعليم من أجل الحياة
المشتركة اليهود والعرب أعلى من الميزانية التي تستثمرها وزارة التربية في هذا المجال!) .نقوم بإدارة أحد
عشرة برنام ًجا تعليم ًيا تع ّب عن ثلاثة مفاهيم تربوية مختلفة :البرامج التي تعتمد على اللقاء /التعارف ،البرامج
التي تُعنى بالدراسة المشتركة لمواضيع دراسية عامة وبرامج القيادة .قمنا بتطوير برامج من جيل الروضة
وحتى إنهاء المدرسة الثانوية وأسسنا برنام ًجا متميّزا ،لا مثيل له في إسرائيل وفي العالم ،للتعليم الإقليمي
المشترك .أنشأنا في جفعات حبيبة ،المدرسة الدولية للقيادة والحياة المشتركة والسلام ،وبجوارها هناك أول
قرية تعليمية عربية للقيادة الشابة« ،سنديانة» ،حيث نتشارك مع "الجمعية للنهوض بالتربية" التي تقود
هذا المشروع التربوي المتميّز ،والمجلس الإقليمي «مناشيه» ،وهو مجلس مثالي للتربية للحياة المشتركة .وإلى
جانب هذه البرامج ،نقوم بتأهيل وإعداد معلمين ،مرشدين ومدراء مدارس .
المحور الثاني لبناء مجتمع مشترك هو المساواة وتمكين المجتمع العربي :على هذا المحور قمنا بوضع خطة
لإكساب اللغة العبرية العامية من أجل الدمج الإجتماعي والأكاديمي والتشغيلي .هذا البرنامج يعمل على
نطاق واسع ويعمل حاليًا ،في عامه الخامس ،في أوساط أكثر من 30أل ًفا من أبناء الشبيبة في المرحلة الإعدادية.
في غضون بضع سنوات ،سوف نصل إلى جميع المدارس الإعدادية في إسرائيل ،وذلك بفضل التعاون الممتاز
والاستثمارات الضخمة من قبل وزارة التربية والتعليم في البرنامج .بالإضافة إلى ذلك ،فإننا نعمل في المجتمع
العربي على تمكين جيل شاب للعمل في الهايتك ،لتعزيز التعليم غير المنهجي وتمكين المرأة .في المجموع ،فنحن
ندير أكثر من 10برامج في هذا المجال ،تعمل مع 40ألف مشارك تقري ًبا .
المحور الثالث هو التواصل من خلال المهارات والقدرات في اللغة والثقافة والفنون :يعمل في هذا المجال،
مركزان في جفعات حبيبة -معهد لتعليم اللغة العربية ،الذي يضم مئات الطلاب سنويًا ،والمركز المشترك للفنون
الذي يقود العديد من البرامج المتنوعة من خلال الدورات والبرامج والمهرجان السنوي ("تحت المصباح")،
ومدرسة السيراميك وغاليري السلام .يشارك المئات في البرامج ،وينكشف الآلاف ويتواصلون من خلال الفنون
والثقافة .
201
المحور الرابع هو التأثير على السياسة الحكومية ومشاركة الجمهور :على مدار السنوات الست الماضيةُ ،عقد
في جفعات حبيبة المؤتمر السنوي الأكبر والأكثر تأثي ًرا في إسرائيل من أجل مجتمع مشترك .لقد خرج من هذه
المؤتمرات برنامج مهم للغاية لإعداد "خارطة الطريق للمجتمع المشترك" -في هذا البرنامج قمنا بإنشاء تواصل
بين 70شخصية مؤثرة على الرأي العام من القطاعات الثلاثة (المجتمع المدني ،الجماهيري والقطاع الخاص)،
وقمنا م ًعا بإعداد وثيقة توصيات واسعة للحكومة حول التغييرات في السياسات والتشريعات للحياة المشتركة
في إسرائيل في خمسة مجالات :الإقتصاد والحكم والتعليم والأرض والتمثيل الثقافي .تحتوي الوثيقة على 130
توصية تقري ًبا ،وننوي دفع الوزارات في السنوات القادمة للعمل في هذا الاتجاه .
وأخيرًا ،المجال الخامس هو الشراكات بين المجتمعات المجاورة :هذا هو في الواقع برنامجنا الرائد في السنوات
الأخيرة في الانتقال من التعايش إلى المجتمع المشترك .خلال هذه السنوات ،عملنا مع مجتمعات يبلغ عدد
سكانها حوالي 200ألف نسمة ،وأقمنا روابط عميقة بين المجتمعات اليهودية والعربية المجاورة على أساس
المصالح المشتركة .نحن نعتقد أن التغيير على المستوى الإجتماعي يبدأ بأقرب وحدة اجتماعية سياسية للناس،
ولذلك ركزنا أنشطتنا على مستوى المجتمع ،من أجل بناء مجتمعات مشتركة .لقد قمنا بدمج أنشطتنا في
المحاور الخمسة داخل المجتمعات وبين المجتمعات ضمن حيّز إقليمي مشترك ،وذلك باستخدام مجموعة
واسعة من الأدوات لمعالجة جوانب رئيسية في بناء مجتمعات مشتركة ،التي تم إعدادها للوصول إلى جمهور
واسع .في الواقع ،لقد عملنا على إنشاء نموذج "مجتمع مشترك" في منطقة متميزة ،منطقة وادي عارة ،والذي
سوف يمكننا من نقل البرنامج إلى مسؤولية الدولة بحيث يتم تنفيذه عن طريقها ،بما في ذلك في إطار
"العناقيد" (رابطة لعدة سلطات محلية) التي أنشأتها وزارة الداخلية ومن خلال الحكم المحلي .على مدار
الأعوام الثمانية الماضية ،عملنا على إنشاء نموذج واضح وكامل يمكن العمل به في إسرائيل وحول العالم ،في
البلدان التي تسعى إلى إقامة مجتمع مشترك بين الثقافات المختلفة .نسعى اليوم إلى جلب وإتاحة النموذج
الذي أنشأناه لصانعي السياسات والجمهور الواسع ،بحيث يمكن أن يتردد صداه وتوسيع نطاقه ،ويكون بمثابة
الأساس لإقامة المجتمع المشترك على مستوى الدولة ،وليس في منطقة واحدة فقط .
تحقي ًقا لهذه الغاية ،فإننا ندرك أن دورنا يتغير -لا يمكننا التجنيد من الصناديق الداعمة ()Philanthropic
مبالغ كبيرة من الأموال اللازمة ولتشكل بدي ُل لما نحتاجه من الدولة .كمنظمة مجتمع مدني ،قمنا بإنشاء
النموذج ،والآن على الدولة والوزارات ،وخاصة وزارة الداخلية و"العناقيد" والحكم المحلي والمجالس المجاورة،
العمل بموجبه وتوسيعه وملا َءمته لأماكن أخرى وتفعيله .إننا نُع ّد هذا الكتاب من أجل نقل معرفتنا ،وتقديم
ما تعلمناه من نجاحاتنا ،ولا أقل أهمية -من الإخفاقات التي كانت من نصيبنا في هذه العملية .سنبقى
ملتزمين بدفع هذا النموذج ومرافقة من يختارون العمل بموجبه ،لكن هذه المرة سنفعل ذلك كمساعدين
للجهات التي تختار تح ُّمل مسؤولية بناء حياة مشتركة .سننتقل من مقعد السائق ،المسؤول عن تعزيز
الشراكات ،إلى دور المرافقين ،الذين يدعمون وي ّقدمون الاستشارة للمؤسسات التي ستأخذ زمام الأمور بأيديها
وتقود هذا النموذج .
إننا نؤمن أن المستقبل الوحيد الممكن لإسرائيل هو أن تصبح دولة قائمة على أساس مجتمع مشترك ومنصف لجميع
مواطنيها .يسعى هذا البرنامج إلى تقديم مساهمتنا في هذه الرؤية العظيمة لمستقبل دولتنا المشتركة -إسرائيل .
يانيف ساغي -مدير عام جفعات حبيبة
رياض كبها -مدير المركز اليهودي العربي للسلام في جفعات حبيبة
202
برنامج "الشراكة بين المجتمعات" :مقدمة موجزة
ابتدا ًء من عام ،2011تقوم جفعات حبيبة بتطوير وقيادة برنامج "الشراكة بين المجتمعات" ،الذي بموجبه
تَدخل أزواج من المجتمعات المجاورة ،يهودية وعربية ،في عملية بناء شراكة مستدامة بين المجموعات
السكانية ،إلى جانب البرامج الإقليمية المع َّدة للعمل المشترك لممثلين عن جميع السلطات المحلية في المنطقة.
يهدف هذا البرنامج إلى إنشاء شراكات مستدامة بين السلطات المتجاورة ،كأساس لخلق مفهوم إقليمي
مشترك ،وكجزء من تهيئة الظروف لمجتمع مشترك في إسرائيل بشكل عام .يدمج البرنامج مواطنين وقيادات
من مجموعة متنوعة من الخلفيات الاجتماعية ،من خلال خلق آليات تعاون وأطر عمل وآليات عمل تعاون ّية
تم ّكن من العمل سوي ًة لتعزيز القيم والأهداف والمشاريع المشتركة .تتمثل رؤية البرنامج في أنه من خلال
توضيح الأفضليات المتبا َدلة للتعاون من خلال التعامل اليومي بين مجموعة واسعة من السكان في المجتمعات
التي تتميز بالانقسام الإجتماعي ،فإن البرنامج ير ّسخ ويطور الأسس اللازمة لإنشاء مستقبل مشترك ومجتمع
مشترك .من هذه الرؤية يتم اشتقاق أربعة أهداف عليا :
• •إنشاء أطر مستدامة :إنشاء آلياتُ مدمجة ومتكاملة مستدامة للتعاون بين المجتمعات المنقسمة وفي
داخلها.
• •إزالة العوائق بين المجتمعات وتأهيل النفوس لمستقبل من الحياة المشتركة والقدرة على الاحتواء وإدارة
التركيب المتعدد الثقافات للمجتمع الإسرائيلي بطريقة بناءة.
• •القدرة على البناء :تأهيل المجتمعات المشا ِركة على إعداد وتنفيذ برامج محلية داخلية وتفاعلية تلبي
الاحتياجات المشت َركة وتع ّزز المصالح المتبادلة.
• •تفعيل مشروعات مشتركة :تجنيد أشخاص لدفع التغيير ،وتمكينهم للعمل م ًعا على الرغم من الإختلافات
بينهم لتنفيذ مشاريع مجتمعية مشتركة .
"الشراكة بين المجتمعات" عبارة عن برنامج مدته أربع سنوات ترافق فيه جفعات حبيبة السلطات المشاركة،
ويتم خلاله وضع الأسس لمواصلة الشراكة ،الأمر الذي يلغي الحاجة إلى المرافقة والدعم في نهاية السنوات
الأربع (أو دراسة إمكانية استمرار المرافقة حسب الحاجة) .
الافتراضات الأساسية
يعتمد مفهوم جفعات حبيبة لقيادة الشراكة المحليّة على تسعة أسس رئيسية :
• •من خلال تشخيص وتحقيق المصالح بشكل مشترك ،يتم تحقيق إنجازات عملية ملموسة تساعد في تقليص
الفجوات في البنية التحتية والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية وغير ذلك.
• •من خلال العمل على المصالح المشتركة ،يتعرف المشاركون بشكل أفضل على كلا المجتمعين ،يط ّورون
مهارات بين الثقافات وكذلك القدرة على العيش م ًعا في مجتمع متعدد الثقافات (والمشاركة البناءة في
"القضايا الصعبة" التي بغير ذلك لن يتم احتواؤها جيدا) .
203
• •حوار ج ّدي :بالإضافة إلى العمل على المصالح ،هناك أهمية للّقاءات الشخصية ،التعارف والحوار الهادف
الذي يتم بناؤه بين المجموعات ،بصفتهم وكلاء تغيير مركزيين.
• •المسؤولياتية (المسؤولية ،الالتزام وتقديم التقارير) :منح السلطة والاستقلالية يتطلب أي ًضا تنمية وتعزيز
المسؤولياتية عن العمليات ،الإنتاجية والمنتوجات .تذويت المسؤوليات ّية في السلوك التنظيمي في السلطات
هو أمر ضروري ،ويجب على البرنامج تعزيز قدرة السلطات على ترسيخ المسؤولية المطلوبة للقيادة وصيانة
الشراكة في العمل الجاري ،والمبادرة الدائمة لإقامة مشاريع على أساس منتظم في إطارها.
• •التغييرات المستدامة تتطلب إنشاء مؤسسات تواصل النشاط المشترك حتى بعد انتهاء نشاط الشراكة الذي
يمتد على أربع سنوات -على المستوى المحلي وفي أجهزة التربية والتعليم والأطر المجتمعية .أربع سنوات
هي فترة قصيرة حتى متوسطة ،وتهدف إلى بناء البنية التحتية للعمل المتواصل والثابت حتى انتهائها .
• •دوائر تكاملية :يحصل التغيير الثقافي وتذويت الوعي بالشراكة من خلال عمل منفصل ومك ّمل على عدة
مستويات بشكل متوا ٍز :البلدي ،المجتمعي ،التربوي .وذلك مع تشجيع تفكير إقليمي تكاملي بين جميع
المشاركين في العملية .
• •مجالات النشاط :تركز الأنشطة على ثلاثة مجالات مختلفة ،يؤدي العمل عليها إلى تغيير ثقافي مهم :المجال
الداخلي -سلطة محلية (الذي يتطلب إعدا ًدا جذريًا داخل كل سلطة ،لتعزيز القدرات وتطوير مهارات
العمل مع السلطة الثانية) ،الح ِيّز بين السلطتين في برنامج الشراكة ،الح ّيِز الإقليمي ،الذي يضم مختلف
الجهات في منطقة وادي عارة.
• •الاحتواء :دور جفعات حبيبة هو العمل على دمج الأنشطة المختلفة ،من مرحلة التخطيط وإنتاج كتلة
حاسمة تؤثر على المبادرات التي تتواصل وتغذي بعضها البعض .عند القيام بذلك ،تُنشئ جفعات حبيبة
ح ِيّ ًزا ثابتًا يشكل إطا ًرا للعمل المشترك المستمر والفعال.
• •ربط المجتمع بالإطار البلدي :المجتمع بالمعنى الذي نقصده هنا هو جمهور منتظَم في إطار إقليمي محدد.
في هذا البرنامج ،اخترنا السلطة المحلية بصفتها إطا ًرا مكان ّيًا لتعريف المجتمع .المجتمع هو نظام اجتماعي
يحافظ على قنوات التواصل والعلاقات المتبادلة في معظم مجالات الحياة ،ويهدف إلى تلبية احتياجات
الأفراد والجماعات والمنظمات وتحقيق مشاركتهم وشراكتهم في الحيِّز العام.
هذه التأكيدات في بناء الشراكة بين المجتمعات تعتمد على المفهوم الشمولي للمجتمع المشترك وعلى نموذج
عمل مع ّد لتهيئة الظروف التي تم ّكن من تأسيس شراكة مستدامة ،كما سيتم توضيحه في الفصول التالية .
204
الباب الأول
الخلفية النظرية
مقدمة
تتم بلورة برنامج "الشراكة بين المجتمعات" في الوقت الذي يمر فيه خطاب العلاقات اليهودية العربية بتغييرات
من مفهوم "التعايش" إلى مفهوم الحياة المشتركة .ينطوي هذا الأمر على تغيير الأهداف ويتطلب إعادة تحديد
الأهداف والتحديات في البرامج والمسارات التي تسعى إلى دعم بناء المجتمع المشترك وتعزيز الحياة المشتركة .
يتناول القسم النظري في الفصل الأول ،مسألة اغتراب المواطنين العرب في دولة إسرائيل ،التحديات التي تواجه
المجتمع الإسرائيلي بشكل عام وجفعات حبيبة -كجسم مرافق ،بشكل خاص ،من أجل بناء شراكة يهودية
عربية .يتناول الفصل الثاني توضيح تح ّديات الانتقال من التعايش إلى المجتمع المشترك .مفاهيم العمل في
جفعات حبيبة هي بالأساس ،مفاهيم براغماتية ،وتفت ِرض أن العمل م ًعا من أجل تغيير ظروف الواقع ،مع
تشخيص وتنفيذ مصالح مشتركة ومختلفة ،يساعد ويم ّكن من خلق واقع قائم على المساواة بشكل أفضل بين
اليهود والعرب ،الأمر الذي يُؤ ّسس بشكل تدريجي لوعي الشراكة ويم ّكن بالتدريج أي ًضا ،وعلى شكل مسارات،
خلق الظروف لإنشاء خطاب حوار ّي ،الأمر الذي يم ّكن في وقت لاحق من التعامل مع القضايا الصعبة والمركبة
الكامنة في أسس الصراع بين اليهود والعرب في الدولة .يتناول الفصل الثالث توصيف الحوار وخصائصه ،ويُبرز
أي ًضا التوتر بين العمل على المصالح المشتركة وبين الحوار بشأن الهويّات .
إحدى المهام الأساسية التي تضطلع بها جفعات حبيبة في البرنامج ،هي المساعدة على تعزيز الوعي الحواري
وكذلك الوعي للشراكة بالمعنى العميق للكلمة .ومع ذلك ،في بعض الأحيان سنلتقي بشركاء هم على مستويات
مختلفة من الإستعداد لذلك ،الأمر الذي يتطلب الدعم والمساعدة لتهيئة الأرضية لهذا النوع من الشراكة.
لقد اخترنا تحديد هذه المستويات باستخدام مصطلحات "المشاركة"" ،التعاون" و"الشراكة" .يقع على عاتق
المهنيين في جفعات حبيبة الذين يرافقون الشراكة تشخيص درجة استعداد المشاركين في المسار ومساعدتهم
على التقدم بشكل مثابر على المحور نحو الشراكة .ويتناول الفصل الرابع مستويات مختلفة من ال ّنضج
وعملية التنقل بينها.
من أجل تحقيق تأثير جدي وتذويت ثقافة مجتمعية جديدة ،تعمل جفعات حبيبة على إشراك العديد من
المنظمات والجهات الفاعلة -من القطاع العام ،قطاع الأعمال والقطاع الثالث -في عملية بناء شراكة للقيادة
المحلية ،من خلال عملية الدمج ( )integratorفي عملهم لخلق تأثير جماعي .الفصل الخامس مك ّرس لدور
جفعات حبيبة كمنظّمة دا ِمجة .الفصل السادس يتعلق بالإنتقال من الديمقراطية التمثيلية إلى الديمقراطية
التشاركية ،والتي تميّز العمليات التي يمر بها المجتمع ومفهوم الحوكمة ( )governanceفي إسرائيل والعالم.
لهذه العمليات أبعاد على مفهوم العمل في الشراكات،وهي تهدف إلى إيجاد توازنات جديدة بين العمليات
من أعلى إلى أسفل( )top-downوبين عمليات من القاعدة إلى القمة (( bottom-upوبين إشراك الجمهور
وذوي الصلة الذين ليس لديهم بالضرورة مناصب رسمية في بلورة الواقع المتغ ّي في إطار الشراكة .تؤثر هذه
التغييرات أي ًضا على سلوك القادة ،الرسميين وغير الرسميين .ويتناول الفصل السادس أي ًضا التغييرات في مفاهيم
القيادة والنقاط البارزة التي تأتي بها جفعات حبيبة ،في عملها مع القيادة في إطار "الشراكة بين المجتمعات" .
| 206الباب الأول الخلفية النظرية
الفصل الأول
التحدي الذي يواجه "الشراكات بين المجتمعات"
.Iال ّسياق الذي تعمل فيه "الشراكات بين المجتمعات"
تمت بلورة "الشراكة بين المجتمعات" للرد على الحاجة التي نشأت في العقود الأخيرة لبناء العلاقات بين
اليهود والعرب من جديد وبشكل مختلف عن ذلك الذي كان ساريًا في العقود الأولى لدولة إسرائيل .أحداث
أكتوبر ،2000التي قُتل فيها 12مواطناً فلسطينيًا من اسرائيل ومواطن فلسطيني غير إسرائيلي برصاص
أفراد الشرطة الإسرائيلية ،أثارت بشكل صارخ مسألة المواطَنة غير المتساوية والإحساس بالانتماء المنقوص إلى
المجموع ( )Collectiveالإسرائيلي ،لدى المواطنين العرب .وكذلك ارتفع في أوساط المواطنين العرب في إسرائيل
المطلب بالاعتراف بانتمائهم القومي الفلسطيني ،وإلى جانب ذلك ارتفع المطلب بالاندماج الكامل في المواطنة
الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي ،وذلك من خلال التعامل معهم على أساس أنهم مجموعة قومية في إسرائيل.
مختلف المجموعات ،بدرجات متفاوتة ،على هذه الجوانب ،وهناك من يرى بذلك صرا ًعا من المستحيل إدارته
في ظل الظروف القائمة ،وهو صراع من الصعب على المجتمع اليهودي مواجهته أي ًضا .يشعر الكثير من مواطني
الدولة اليهود بالتهديد أمام التوتر الداخلي القائم ،بموجب اعتقادهم ،بين الولاء الوطني الفلسطيني وبين
المواطنة الإسرائيلية ويجدون صعوبة في احتواء هذا التعقيد وإجراء حوار حول الأمر واحتوائه.
كذلك تعيش الأغلبية اليهودية في إسرائيل حالة من التوتر بين تو ّجهين ،بين جانبين من الهوية الصهيونية
المر َّكبَة ،والتي تبدو أحيانًا بالنسبة لكلا المجتمعين ،متناقضتين ولا يمكن التوفيق بينهما ،أو حتى إدارة الأمور
بشكل بناء :اليهودية التي تؤكد على الانتماء للدين اليهودي وتسعى للتأكيد على مفهوم القومية وهوية
دولة إسرائيل ومنح الصدارة للمواطنين اليهود في إسرائيل ،مقابل التوجه الديمقراطي الذي يؤكد على القيم
الديمقراطية ويسعى لتحقيق المساواة المدنية الكاملة بين جميع المجموعات .
هذا التوتر غير قابل للحل ،وقد وجد التعبير عنه في الرؤية المستقبلية للأغلبية اليهودية لدولة إسرائيل بصفتها
"دولة يهودية" مقابل الرؤية المستقبلية لدولة إسرائيل من قبل الأقلية العربية التي تع ّرف إسرائيل بأنها
"دولة جميع مواطنيها" .تنطلق جفعات حبيبة من نقطة أنه لا يمكن حل الخلاف حول "الرؤية المستقبلية"
للدولة ،ولكن يمكن تعزيز نسيج حياة مشترك وعادل من خلال الإدارة البناءة وإيجاد توازنات إيجابية بالنسبة
للجميع .الإشكال هو في السعي لإدارة ب ّناءة ( )Constructiveللتوترات التي تنشأ بين تو ّجهين مختلفين،
لدى التعامل معهما على أن الواحد يأتي على حساب الآخر ،حيث ينشأ وضع من الصراع والإدارة المدمرة
( )Destructiveبشأن التوتر بينهما" .الحل" بهذا المعنى يعني القدرة على إدراك التعقيد واحتوا َءه ،والحفاظ
على حوار مستمر وكذلك إيجاد توازن متكامل ومث ٍر ،انسجام جديد بين التوجهات المختلفة .كما يظهر ،ففي
العقود الأولى من قيام الدولة ،بدا أن إدارة هذا التعقيد ومعالجته كانت جزئية ج ًدا وانطوت على إقصاء بالغ،
من خلال إبراز المركبات المف ّرقة والانعزالية التي تحول دون بلورة رؤية مركبة تأخذ الآخر بعين الاعتبار .كان
يُنظر إلى هذا الأمر المركّب كعامل تهديد ،الأمر الذي أسفر عن تقوقع كل مجموعة أمام الأخرى .في يومنا
هذا ،أي ًضا ،تواجه الأغلبية اليهودية صعوبة بأن تتعامل مع المواطنين العرب في إسرائيل ،كشركاء في بناء الهوية
والحيّز الإسرائيليين ،أو في إتاحة مكانة جدية في الح ّيز القومي والمدني للمواطنين العرب .بالنسبة لمجموعات
207
ف ّعالة في المجتمع العربي ،فإن تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية هو أمر مهم حتى لو جاء على حساب
الهوية المدنية الإسرائيلية .وعمل ًيا من الممكن ملاحظة الاتجاهين أي ًضا في القرارات الحكومية التي ت َسن ،من
جهة ،قانون القومية الذي يث ّبت في التشريع الامتيازات لليهود في الدولة وعدم المساواة للأقلية العربية فيها،
وفي المقابل تخصيص المزيد من الموارد لتعزيز المجتمع العربي وتقليص الفجوات .يواجه المواطنون العرب في
إسرائيل صعوبة في اعتبار "الإسرائيلية" هوية وح ّي ًزا تتمتع فيه الأقلية الفلسطينية بمكانة في معادلات وعمليات
البناء في البلاد .على المستوى السياسي ،بالإمكان تشخيص الاغتراب المتنامي في المجتمع العربي تجاه الدولة
والتوجهات التي لا تدعم الاندماج فيها ،وذلك جنبًا إلى جنب مع عمليات اندماج فعلية في مجموعة واسعة
من مجالات الحياة ،من خلال التعبير عن الطموح لتشكيل وعي ( )consciousnessإسرائيلي يشارك فيه
العرب .كل ذلك ،على خلفية اتجاهات الإقصاء وانعدام المساواة تجاه المواطنين العرب في إسرائيل في قضايا
التعليم ،التشغيل ،التطوير الصناعي ،تخصيص الأراضي لأغراض التطوير والبناء ،الصحة ،الثقافة ،المواصلات،
الاندماج في السلطة وفي عمليات صنع القرار وغير ذلك .
قامت لجنة أور ،وهي لجنة التحقيق الحكومية التي تم تشكيلها بعد أحداث أكتوبر ،2000بالتحقيق بعمق
بشأن العوامل عميقة الجذور الكامنة وراء الأحداث .ويعترف تقرير اللجنة أن مبادئ الدولة القومية ومبادئ
الديمقراطية الليبرالية موجودة في حالة من التوتر ،إن لم يكن حتى في حالة من التناقض الجوهري ،وأنه
يجب بذل جهد خاص لإيجاد انسجام مقبول في علاقات الأغلبية مع الأقلية .يحوي التقرير وص ًفا للسياسات
التمييزية تجاه المواطنين العرب في إسرائيل ،ويدعو إلى الاعتراف بهوية الأقلية العربية كأقلية أصلانية تتماثل
مع الشعب الفلسطيني والأمة العربية ،وكذلك يدعو إلى الاعتراف بأنها واقعة تحت التمييز ،ويجب العمل
على إلغاء التمييز والعمل على إغلاق الفجوات النابعة عن عدم المساواة وف ًقا للالتزامات القانونية لدولة
إسرائيل .وأكّدت اللجنة أن هذه المسألة قد أُهملت وأن تحقيق المساواة الحقيقية يجب أن يكون هدفًا
رئيس ًيا لنشاط الدولة" .يجب على الدولة أن تبادر ،أن تطور وتنفذ البرامج لسد الفجوات" ،يقول التقرير،
"مع التركيز على مجالات الميزانيات ،فيما يتعلق بالتعليم والمساواة والتطوير الصناعي والتشغيل والخدمات".
الحديث يجري هنا عن الجوانب المادية وكذلك الجوانب المتعلقة بتعزيز الإعتراف بالمجتمع العربي ودمجه
كجزء من الهوية المتطورة للدولة ،مع التأكيد على أنه "يتع َّي على السلطات الحكومية إيجاد طرق تسمح
للمواطنين العرب بالتعبير عن ثقافتهم وهويتهم بطريقة مناسبة ومحترمة في الحياة العامة" .منذ تبني تقرير
لجنة أور أقيمت (في عام " )2007السلطة للتطوير الاقتصادي للوسط العربي والدرزي والشركسي" ،التي عملت
في سنواتها الأولى في مكتب رئيس الحكومة ،تم وضع وتنفيذ خطط تطوير متعددة السنوات في البلدات
العربية من أجل مساواة مستوى التطوير مع المستوى القطري العام ،ولكن يبدو أن جميع الحكومات كانت
تفتقد الرؤية والنظرة الشاملة فيما يتعلق بالمجتمع العربي في إسرائيل.
نجد هنا عد ًدا من التوترات :هل يجب على المؤسسة التي تسعى إلى المساعدة من أجل تمكين مجتمع سليم
بما يتعلق بالعلاقات اليهودية العربية أن تعمل على سد الفجوات المادية ،أو أن تعمل للحصول على الإعتراف
من خلال تعزيز العلاقات؟ هل سيتم تحسين وضع المواطنين العرب في إسرائيل من خلال خطاب الحقوق
حيث يطالبون من خلاله بالحقوق بموجب آليات القانون والعدالة لإحداث التغيير ،أو من خلال خطاب
الهوية والإعتراف المتبادل الذي سيؤدي إلى التصحيحات اللازمة؟ هل لدى تشكيل أطر للّقاء اليهودي العربي،
يجب التركيز على إقامة علاقات جيدة بين المجموعات المختلفة ،أو على إسماع الصوت المستض َعف والمطالبة
بسد الفجوات؟
| 208الباب الأول الخلفية النظرية
.IIتوجهات مختلفة للقاء مجموعات في صراع
هناك نماذج مختلفة للعمل بين مجموعات في إطار صراع ،استراتيجيات التدخل قائمة على فرضيات وأهداف
مختلفة يسعى الطرف المتد ِخل إلى تحقيقها .النموذج الذي كان شائ ًعا في الثمانينيات تأسس على أساس
نظرية الاتصال ( ،)Contact Theoryالتي ادعت أنه يمكن تخفيض التوترات بين المجموعات عن طريق
خلق ظروف للإتصال الإيجابي بين المشاركين من كلا المجموعتين .وف ًقا لهذا التو ّجه ،حيث خلقوا بيئة متوازنة
تعمل على بناء علاقات حميمة ،يتقرب المشاركون من بعضهم البعض ويقللون من العدوانية بينهم .مجرد
الإتصال القائم على أساس المكانة المتساوية في الاجتماع ،من المفترض أن يغ ّي الصور النمطية السلبية وأن
يخلق ظروفًا للتعاون بين المشاركين .
في التسعينيات من القرن الماضي ،بدأت تتو ّجه الإنتقادات للقاءات من مثل هذا النوع ،بادعاء أنها تثبّت
اللامساواة وأنها تُبنى بطريقة تتناسب مع احتياجات اليهود للانكشاف على الثقافة الأخرى لا غير .ادعى
المنتقدون أن في هذا النموذج يتم تج ّنب الأسئلة السياسية الصعبة خوفًا من إضعاف الهويات الخاصة
بالمجموعات ،وأنه من الناحية العملية يجب مواجهة المسائل السياسية الجوهرية المتعلقة بعدم المساواة
البنيوية في المجتمع .نظر المنتقدون إلى اللقاءات القائمة على نظرية الاتصال بصفتها مناورة ))Manipulative
من أجل الحفاظ على مبنى السلطة الحالي ،دون دراسة انتقادية أو الاستعداد لإعادة النظر في علاقات القوة
بين الأقلية والأغلبية وكذلك في قضايا عدم المساواة .
في أواخر التسعينيات وأوائل سنوات الألفين ،أصبح نموذج المواجهة ( )confrontation modelشائ ًعا .وف ًقا
لهذا النموذج ،يتو ّجب على الأجواء الدينامية بين المجموعات المشتركة في اللقاء محاكاة مواجهة بين هويتين
اثنتين عالقتين في علاقات من القوة ،مع قدرة غير متساوية في الموارد وفي مكانة غير متساوية .يتم تمكين
المشاركين للتعبير عن هويتهم داخل مجموعتهم ،والتوترات أو المواجهات الناشئة عن مثل هذه اللقاءات
بين اليهود والعرب تساعد المشاركين على فهم الديناميات الاجتماعية لكي يتمكنوا من تطوير موقف انتقادي
تجاهها .يتم لفت انتباه المشاركين إلى انعدام المساواة ويبقى الحيّز السياسي هو محور الحوار ،وذلك عو ًضا
عن التركيز على إقامة علاقات جيدة على المستوى الشخصي ،كما تقضي نظريات التواصل .بموجب نموذج
الصراع هذا ،يتم تعزيز الهويات القوميّة للمشاركين ،ويكون الصراع بين هذين الكيانين الواضحين تما ًما في
مركز الموضوع .تمنح هذه الحالة القوة للعرب للتعبير عن هويتهم ،وتش ّجع اليهود على دراسة انعدام المساواة
الاجتماعية أو العنف الذي يشاركون فيه .
يتم انتقاد هذا التو ّجه بأنه لا يخلق ظروفًا للحوار (وهو بالفعل قد نشأ نتيجة انتقاد الحوار من أجل الحوار،
الذي يمثله تو ّجه الاتصال) ،وبأنه يخلق مواجهة تر ّكز على الانعزال ،يع ّمق الصراع ويؤ ّدي إلى الاستقطاب
وكذلك يع ّزز الميل إلى التخندق في الهوية القومية .صحيح أن صوت الأقلية مسموع وحاضر ،والصراع غير
ُمقصى ،ولكن إدارة الصراع لا تنتقل بالضرورة إلى ديناميات بناءة .ويتم التعبير عن انعدام المساواة وانعدام
الشراكة ،ولكن لا يتم الدخول في مسار التغيير .
نموذج آخر انتشر في السنوات الأخيرة يعتمد على تو ّجه الرواية ( ،)Narrativeالذي نشأ أصلاً كتو ّجه علاجي،
وفي العقود الأخيرة اكتسب زخماً في الأدبيات وفي التطبيق بصفته أي ًضا تو ّج ًها للوساطة والعمل بين مجموعات
موجودة في حالة من الصراع .وف ًقا لهذا النهج ،لا ينبغي فحص الشكل الذي يروي به الشخص أو المجموعة
رواية الواقع في مواجهة الحقائق والواقع الموضوعي ،ولكن ينبغي تركيز الاهتمام على كيفية قيام الشخص أو
209
المجموعة ببناء مفهوم الواقع أو الصراع ،وطريقة سرده وصياغته كرواية ( .)Narrativeبناء روح ()Ethos
الجماعة لا يهدف إلى وصف الحقيقة ولكنه يأتي لأهداف بناء الهوية ،الإعتزاز القومي ،حماية المصالح وما
إلى ذلك ،وهكذا يجب فهمه .الرواية الجماعية في حالات الصراع يتم بناؤها وروايتها بشكل أحادي الجانب
بشكل يهدد شرعية رواية الطرف الآخر ،وهو مشبّع بمشاعر الظلم والإجحاف ،العدالة والتبرير .استخدام
الرواية يهدف إلى تمكين كل مجموعة من المجموعات من فهم رواية المجموعة الأخرى ،والسماح للروايات
المختلفة بالتواجد جنبًا إلى جنب ،دون الحكم عليها أو الحسم بأمرها ،وبالتالي إثارة التساؤلات (بالمعنى
الإيجابي) بصدد تم ّسك كل طرف بروايته بصفتها تمثل الحقيقة المطلقة ولا يوجد غيرها ،وفي مراحل متقدمة
حتى الوصول إلى بناء رواية ثالثة جديدة يتمكن للجميع من العيش بسلام معها.
في كل واحدة من هذه التوجهات توجد جوانب مهمة للتأكيد عليها في اللقاءات بين اليهود والعرب .نموذج
جفعات حبيبة للشراكة بين المجتمعات يفترض أن عملية بناء مجتمع مشترك تتطلب استراتيجية ،تكون نقطة
انطلاقها مختلفة وتؤدي تدريجياً إلى تهيئة الظروف للحوار بين الشركاء .
.IIIالشراكة بين المجتمعات
كجزء من الانتقادات المو َّجهة ضد اللقاءات القائمة على أساس نظرية التواصل ،واستناداً إلى النقد الذي تم
توجيهه لنموذج نظرية التواصل وأي ًضا لنموذج نظرية المواجهة ،أصبحت هناك في السنوات الأخيرة ،تركيبة
جديدة أكثر شعبية لتعزيز مفاهيم "المواطَنة المشتركة" ( )shared citizenshipو"الحياة المشتركة" (shared
.)livingتأتي هذه المفاهيم كر ٍّد على عمليات صد العرب من الح ّيز الاجتماعي واغترابهم ،الأمر الذي حظي
باهتمام خاص في نموذج المواجهة ،وانطلاقًا من الطموح للحفاظ على حوا ٍر قائ ٍم على الجهود الجماعية لإيجاد
طريقة حياة متف ًقا عليها في المجتمع الإسرائيلي تعتمد على الشراكة والمساواة ،من خلال التأكيد ليس فقط
على المكانة المدنيّة للعرب ،ولكن أي ًضا على الاعتماد المتبادل بين اليهود والعرب في إسرائيل ،وعلى أساس
مصالحهم المشتركة ،إلى جانب المصالح المختلفة .
يؤكد "خطاب الأسباط" للرئيس رؤوبين ريفلين وهو المشروع الأساسي لبيت الرئيس" ،الأمل الإسرائيلي"،
على أهمية تدعيم الشراكة والمساواة بين الأسباط الأربعة التي يشخصها في المجتمع الإسرائيلي (العلمانيون
والمتدينون والحرديم والأقليات) ،بينما في الواقع في أيامنا ،حسب أقواله ،لا توجد هناك علاقة واضحة بين
أغلبية -أقلية فيما يتعلق بالمسائل الأساسية الأيديولوجية ،وبالتالي من الضروري الإنتقال من المفهوم التقليدي
لمصطلح أغلبية -أقلية إلى مفهوم جديد للشراكة بين القطاعات التي تشكل المجتمع الإسرائيلي .كذلك هو
الحال في المجتمع العربي ،فإن الذين ينادون بالاندماج في المجتمع الأوسع ،يدعون إلى الاندماج من موقع
المساواة .مفهوم جفعات حبيبة يقضي بأن بناء شراكة بين القطاعات اليهودية والعربية ،من خلال التعبير
بشكل أساسي عن المصالح المشتركة للمجموعات ،إلى جانب ذلك ،وبشكل متوا ٍز ،تعزيز المصالح المختلفة
لكل مجموعة ،سيمكن من توطيد الشراكة بين اليهود والعرب (وبالتالي تقديم الإجابة على المصالح الأساسية
للمواطنين العرب في إسرائيل) وكذلك تعزيز الشعور بالأمن في التعاون اليهودي العربي ،وهو حاجة وكذلك
مصدر قلق للأغلبية اليهودية في إسرائيل .هيكلَة هذا النوع من الديناميكية سيضع الأسس أي ًضا ،كما سيتم
شرح ذلك في الفصل التالي ،وسيم ّكن في مرحلة لاحقة من عملية الشراكة من الشروع ،وبشكل بناء ،في خطاب
أكثر تركيبًا بصدد القضايا التي لم تنضج بعد لإجراء حوار ب ّناء حولها في مراحل مبكرة أكثر من الشراكة .
| 210الباب الأول الخلفية النظرية
"المجتمع المشترك" هو مفهوم تم تطويره على نطاق واسع في السنوات الأخيرة في سياقات سياسية في جميع
أنحاء العالم .على سبيل المثال ،نادي "دي مدريد" ،وهو المجموعة المستقلة الأكبر لقادة سياسيين في العالم
( )www.clubmadrid.orgالتي عملت على وضع رؤية وأهداف لبناء مجتمعات مشتركة في جميع أنحاء العالم
"على أساس تعزيز وحماية حقوق الإنسان ،وكذلك انعدام التمييز والتسامح واحترام التنوع وتكافؤ الفرص
والتضامن والأمن ومشاركة كل شخص فيها (مكارتني ،)2018 ،بما في ذلك الفئات المحرومة والمستض َعفة وكل
فرد فيها" .تشير رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ،تيريزا ماي ( ،)2017إلى رؤية المجتمع المشترك بمصطلحات
تقضي بـ "العمل من أجل الجميع" أو "معالجة عدد من المظالم الصارخة التي تق ِّوض تضامن مجتمعنا" .إن
بناء مجتمع مشترك ،إ ًذن ،يتطلب أي ًضا تغيير ظروف المعيشة بطريقة لا تؤكد عليها اللقاءات القائمة على
نظرية الاتصال .بناء مجتمع مشترك يتطلب أي ًضا التعامل مع التغييرات في السياسة وصياغة سياسات على
المستويات القطرية ،الإقليمية والمحلية ،بطريقة تنتج مجتم ًعا منص ًفا ومتكات ًفا في جميع مجالات الحياة.
يجب أن تنعكس الشراكة أي ًضا في الجهاز الحكومي .مسار التغيير في انعدام المساواة الاجتماعية والاقتصادية
يتم تغييره من خلال إتاحة من ِصفة إلى الموارد والمعرفة ،وذلك بناء على الافتراض أن زيادة مشاركة السكان
ودمجهم في عملية النهوض بالمجتمع والاقتصاد ،انطلاقًا من الشعور المشترك بالمسؤولية ،سيساعد على بناء
مجتمع مزدهر وتعاوني .في كتابها حول بناء مجتمع مشترك ،ركزت الباحثة ماري فيتسداف على المجالات
التالية التي تتطلب إنشاء المساواة والشراكة :ال َحوكَمة ،الاقتصاد ،الشرطة ،الصحة ،التعليم ،البيئة ،الثقافة
والأراضي .يضيف “كلام ماكرتني” ،وهو باحث ومط ّور محتويات في نادي "دي مدريد" ،إتاحة الخدمات،
مواجهة الفقر ،المشاركة العامة ،الأمن الشخصي والاجتماعي ،التطوير وغير ذلك .في مشروع آخر تابع لجفعات
حبيبة" ،خارطة طريق نحو مجتمع مشترك" ،كتبت طواقم العمل توصيات سياسية في مجالات ال َحو َكمة،
الاقتصاد ،التعليم ،الأراضي وعمليات للتجميع /التمثيل الثقافي .إن مصطلح "مشترك" يحمل ،حسب ماكرتني،
الفكرة بأن للناس دو ًرا كامل ًا في المجتمع ،إنهم يشعرون بأنهم منتمون وشركاء في تعزيز مختلف المواضيع،
وكذلك الأمر بالنسبة للمنتوج .إنهم جزء من تشكيلة الواقع ولا يقومون برد الفعل فقط بصفتهم مواطنين
مه ّمشين في عملية صنع القرار أو بصفة المج َحف حقهم في توزيع الموارد وفي القدرة على التأثير .يتم النظر
إلى التباين الثقافي كقيمة وكمورد وليس كتهديد يجب إسكاته ،لا يُنظر إلى التباين في الشراكة كعامل فصل
وتقسيم ،بل كمر َّكب في الكامل ،هو أكبر من مجموع أجزائه والذي يساهم في تطويره .وبالتالي ،يمثل المجتمع
المشترك رؤية للمساواة ويضع أهدافًا لخلق شراكة بين متساوين.
211
الفصل الثاني
من "التعايش" إلى "المجتمع المشترك" :تغيير
النموذج
يسعى هذا الفصل إلى إظهار إتجاه الانتقال من "التعايش" إلى "المجتمع المشترك" والإمكانات الكامنة فيه .إن
التغيير من "التعايش" إلى "المجتمع المشترك" هو تغيير في النموذج ،وليس في الدلالة ،ويطرح تحديات جديدة
على المهنيين المرافقين لبناء الشراكات اليهودية العربية .
مصطلح "التعايش" يعكس طموح اليهود ،بالأساس ،للشروع في حوار مع المجتمع الآخر ،والتعرف على
مجتمعات وثقافات وعادات المجتمعات المجاورة ،وكذلك تخفيض مستوى العداء والقوالب النمطية بين
المجموعتين .نظرية التواصل واللقاء اليهودي العربي التي بُنيت على أساسها ،تخدم جي ًدا هذه الطموحات .
يعبر الإنتقال من التعايش إلى "المواطَنة المشترَكة" و"المجتمع المشترك" عن الانتقال من المفهوم الانعزالي إلى
المفهوم التكاملي للمواطَنة ،على أساس الشراكة بين متسا ِوين .كما ذكرنا ،يؤكد هذا المفهوم أي ًضا على أهمية
الإعتماد المتبادل بين اليهود والعرب .إنه أي ًضا انتقال من مفهوم فرداني إلى مفهوم المرجعية المنظومية ،الذي
يسعى للتعبير عنه في برنامج "الشراكة بين المجتمعات" .
.Iالنهج العلائقي ( )relationalلإدارة الصراع
من المهم أن نفهم النقاش القائم في أدبيات وممارسات تسوية النزاعات بين التو ّجه الدامج ( )Integrative
وبين التوجهات الأخرى التي تسعى إلى تغيير الاغتراب البنيوي ،والتي حسب ادعائها التو ّجه الدامج لا يقوم
بعلاجه.
يساعد النهج الدامج أطراف النزاع على مناقشة الاحتياجات والمصالح – وليس مناقشة المواقف ،يجب على
الأطراف تشخيص المصالح المشت َركة والتفكير الإبداعي سوي ًة – ليس واح ًدا ضد الآخر ،بل سوية ضد المشكلة،
كيفية استنفاد المصالح المشت َركة والمختلفة قدر الإمكان واستخلاص أكثر ما يمكن من المكاسب للجميع .في
هذا النهج فإن المصالح ،على عكس المواقف ،ليست متناقضة ولكنها مختلفة ومتكاملة ،وهناك حاجة إلى
إنشاء خطاب يدعو للتعاون بشأن تعدد المصالح من أجل التوصل إلى ح ٍّل تكاملي.
التو ّجهات التي تقدم بديلاً لل ّنهج التكاملي– على سبيل المثال ،يسعى النهج التحويلي ()Transformative
لإدارة الصراع ،أو نهج الرواية -إلى تقديم نموذج عمل يتخطى ضمان تحقيق المصالح ،ويسعى إلى بناء القدرة
على تحويل أنماط الخطاب المدمرة ،وتغيير أشكال الفهم التناقضي للواقع ،وبناء نوع مختلف من التواصل
والتعامل المختلف مع الآخر.
جميع المناهج البديلة تدعي أنه يجب علينا أن نتبنى مفهو ًما مختل ًفا عن "الأنا" في "الهوية" لذلك الذي
يدفعنا ،مرة بعد أخرى ،إلى الانخراط في التعريف الذاتي ،المختلف ،القائم بذاته ،للفرد ولمجموعته .
| 212الباب الأول الخلفية النظرية
نهج المصالح ،ي ّدعي أصحاب التوجهات "العلائقية" ،ينطلق من وجهة نظر محا ِفظة ،الأمر الذي يفرض علينا
أن نصل إلى جوهر كل فرد على حدة ،وأن نستخرج ونكشف على الملأ َمن هو وما هي هويته ،والتعبير عن
ما هو مهم بالنسبة له أو عن تعريفه الذاتي ،بغ ّض النظر عن الآخر أو ظروفه البيئية،وفيما بعد يجري ما
يشبه المقايضة -الواحد يتقدم نحو الآخر في ،Xوالآخر يتقدم نحو الأول في .Yإن التوجه العلائقي ،في هذا
الشكل أو ذاك ،يأتي من منظو ٍر مختلف ،وهو أن كل محاولة لإشراك "الذات" من خلال الانقطاع عن السياق
ونسيج العلاقات الذي تشارك فيها -هي خطأ جوهري .بدلاً من ذلك ،علينا أن نفهم كيف يتم ضبط مفاهيم
"الذات" بما يتعلق بالعوامل المحيطة والاعتماد عليها .نهج الرواية ( ،)Narrativeعلى سبيل المثال ،يساعد
الأفراد والجماعات على كشف السياقات أو الخطاب الذي نشأت الرواية داخلَه ،والطريقة التي بنى بها شخ ٌص
أو مجموعة روايتهم بصدد الواقع ورواية الهوية خاصتهم .هذه "الهوية" ،وف ًقا للمنهجية العلائقية ،ليست
خالية من السياق وإدراكها بشكل منفصل عن عمليات البناء الخاصة بها في الحيّز .يختبر النهج العلائقي
أنماط المرجعية ،أو أنماط “الوجود -بالنسبة لـ" ،الشركاء ،بمعنى آخر ،كيف يك ّونون َمن هم بما يتعلق بالآخر
وبما يتعلق بالحالة ،من خلال بناء القدرة على خلق "حركة مشتركة" جديدة ،تكون ب ّناءة أكثر من تلك المد ّمرة
بتمسكها المحكم بالذاتية المنفصلة .
يتحدى النهج العلائقي الشركاء بأن يكونوا أكثر انفتا ًحا ،وأن يكونوا مدركين أن الصور التي قاموا ببنائها عن
الآخر وعن أنفسهم أي ًضا على وشك استيضاحها من جديد وإعادة بنائها من جديد ،ولديهم الرغبة في الإصغاء
لما يتم بناؤه في علاقة "هنا -والآن" في اللقاء مع الآخر .
.IIدور المختص في الصراعات العلائقية في بناء مجتمع مشترك
إن الانتقال من التعايش ،من المكان القائم على الانعزال ،إلى "مجتمع مشترك" ،يحمل في طياته القدرة على
الانتقال نحو وع ٍي مختلف ،وعي علائقي الذي يشكل تحديًا ويلقي ضو ًءا جدي ًدا على مفهوم المجتمع المشترك:
في الانتقال هو من "التعايش" " -أنا" و "أنت" ننتج نشاطات آنية من التعاون ،لحياة مختلفة تنتج من حين
لآخر -لقا ًء إلى "مجتمع مشترك" ،إلى مبنى ( )Gestaltلح ِّي ٍز وجود أفرا ٍد مختلفين داخله .
• •وعي العلائقية ،ودينامكيات العلائقية ،يكمن في داخلها الإدراك لأهمية الاعتماد المتبادل ،بأشكا ٍل يكون
فيها "الأنا" أو "نحن" لما نحن عليه ،هو منتج لعمليات متبادلة مع أولئك الذين نش ّخصهم ونع ّرفهم بأنهم
"الآخر"؛
• •المقصود بالوعي العلائقي هو عمليات تعلّم مستمرة ودائمة للأشكال التي يع ّرفها الشخص ويضع نفسه
مقابل وبالنسبة للأشكال التي يع ّرف "الآخر"ويضعه بها؛
• •الديناميات العلائقية تعني تطوير نوع جديد من الإصغاء ،وبتواضع ،ومن خلال تأجيل الأحكام والقوالب
التي أقامها الشخص داخله ،مع اهتمام حقيقي لإعادة استيضاح تعريفاته في الموقع ،in situأي داخل
وضمن السياقات التي يقوم ببنائها؛
• •الوعي الترابطي يعني إيلاء الاهتمام لعمليات التفكير لدينا ،والأشكال التي ُنلي بها الافتراضات المسبقة
على السياقات التي تطلب منا التك ُّيف والتمعن بواسطة نظرة حيوية ،جديدة ،نزيهة وخالية من القوالب،
الأمر الذي لا نستطيع دائمًا القيا َم به .
213
مصطلحات وخصائص مثل البناء المشترك ( ،)co-constructionالتطور المشترك ( ،)co-evolutionالنشاط
المشترك ( ،)joint-actionإنتاج معنى مشترك ( ،)joint meaning-makingمعنى متناسق (coordinated
،)meaningالتغيير التكيّفي ( ،)adaptive changeهذه المصطلحات والخصائص ليست غريبة عن خطاب
تح ّول الصراعات في العالم ،لكنها غريبة للغاية عن مناخ الشرق الأوسط في هذه المرحلة الزمنية ،وهذا ما
يقترحه المفهوم الذي تم إحضاره هنا للتذويت كجز ٍء من بناء ديناميكية المجتمع المشترك .
تشكيل الوعي للمجتمع المشترك يتطلب ش َّق الطريق من وجهة نظر الفرضيات الفردانية الأساسية ،والتبني
التدريجي للمفهوم العلائقي ( )Relationalلما يحدث في الح ّيز (يشرح الفصل الرابع لاح ًقا وبتوسع مسألة
التطور ويعرض محور التطور الذي عليه يسير مفهوم الشراكة) .على المهنيين الذين يسعون لتقديم المساعدة
في إدارة بناءة للصراعات ،أن يعرضوا إمكانية فهم ما يُطلق عليه هنا الوعي العلائقي والمحيط المشترك للحوار-
العلائقي ،وبالتالي خلق البنية التحتية لبناء وعي الشراكة -داخلنا وبيننا .
النظرة العلائقية ليست مجرد نظرية تواصل متطورة ،بل هي نظرية تشير إلى ما هو مطلوب لتهيئة الظروف
لمجتمع مشترك :تطوير آليات للبناء المشترك للواقع ،للمفاهيم والديناميات التي يقوم الشركاء من خلالها
بالبناء المتبادل لواقع حياتهم ،وفي الوقت نفسه ينشأ فيها وعي الشراكة .اعتماد مفاهيم وممارسات علائقية
يعني تنمية الوعي للح ّيز المشترك ،للحصول على رؤية أكثر شمولية ( ،)inclusiveمن أجل حياة مشتركة ،فيها
مجمل الصفات لواقع المجموعة (المنطقة المشتركة ،الدولة وربما المدينة المشتركة) يشارك في عملية حوار للبناء
المشترك لخصائص الح ّيز .بينما يمثل التعايش رؤية ضيقة وغير كافية للتماسك الاجتماعي ويضفي الشرعية
على الانسحاب من الجهود لفهم الواقع المشترك م ًعا ،تعزيز المزاج ينطوي على تطوير القدرة على إنشاء
شعور أكثرَ تعقي ًدا من العلاقة المتبا َدلة ومن الفضاء المشترك ،حيث تتقاسم الأطراف مسؤولية متساوية من
أجل رفاهيتهم البدنية والنفسية والاجتماعية .بدل ًا من مفهوم المسؤولية الجزئية عن جودة الحياة في المنطقة
المحددة لتلك المجموعة فقط ،فإن الحياة المشتركة تشمل البناء والمسؤولية المشتركة عن الحيّز؛ في العمل
المشترك لخلق الظروف الاجتماعية التي تخدم جميع الأعضاء ،إلى جانب الإدراك أن المر َء لا يتمتع برفاهية
تحسين جودة حياته بشكل منفصل وبتجاهل جودة حياة "الآخرين" -ظاهريًا ،أي المجموعة التي يعتقد أنها
موجودة خارج نطاق مسؤوليته .
.IIIبين المصالح والعلائقية
كما ُذكر ،تم ّيز أدبيات حل النزاع بين نماذج الوساطة القائمة على تشخيص المصالح وتقديم الرد عليها ،وبين نماذج
الوساطة التي تع ّرف نفسها على أنها علائقية وتعارض النهج القائم على المصالح .يسعى نهج جفعات حبيبة
إلى الدمج بين النهجين :من ناحية ،مسح المصالح والعمل الاجتماعي المشترك بهدف التعبير عنها وتقديم الرد
عليها ،وإلى جانب ذلك نهج يسعى إلى تذويت وجهة نظر مركبة وشمولية للمصالح ،التي ترى بالتفاعل الحواري
بين المصالح جز ًءا من كامل/ح ّيز أكبر تتشكل فيه المصالح وتتغير أشكالها ،والتي تتشكل بشكل تبادلي وعلائقي
ومن خلال بناء مجموعة أولويات متطورة ومتغ ّية من خلال حوار دائم .يمكن النظر إلى نهج جفعات حبيبة
كنهج تط ّوري ،يتم بموجبه بناء حيز حواري ،علائقي مشترك بشكل تدريجي من خلال خطاب مبكر للمصالح.
يعتمد التركيز على المصالح على نظريات مثبتة وشائعة في علم النفس (،)Realistic group conflict theory
التي ترى أن العداء بين المجموعات هو منتج عن أهدا ٍف وغايا ٍت متصارعة ،تتنافس مع بعضها البعض،
| 214الباب الأول الخلفية النظرية
وبالإمكان تقليصها ،إذا كانت هناك أهدا ٌف وغايا ٌت عالية المستوى ( )superordinate goalsمطلوب ٌة على
أساس متبادل ،وقابلة للتحقيق فقط من خلال التعاون بين المجموعات .نترجم هذه الأهداف والغايات
عمليًا إلى مصالح وف ًقا لهذه النظرية ،تتميز العلاقات بين المجموعات بسمات تتجاوز خصائص كل مجموعة
على حدة .هذه السمات هي ،من بين أمور أخرى ،نتاج تاريخ التفاعلات بين المجموعتين .لذلك ،لا يمكن
تقدير العلاقات بين المجموعات خارج نطاق مميزات العلاقات بين المجموعات ،من خلال المميزات السائدة
في العلاقات بين المجموعات .سنقوم بترجمة هذه السمات فعل ًيا إلى الحيّز العلائقي الذي تتشارك فيه
المجموعات .وهكذا ،فإن فهم تبلور التوجهات ،وفقا لهذه النظرية ،مشابه كذلك لفهم المضامين الناشئة ،ولا
يمكن الحصول عليها من خلال دراسة حالة الأفراد بشكل غير مرتبط بالبيئة التي يتبلورون فيها .
بموجب الافتراضين الأساسيين الأولين عن "الشراكة بين المجتمعات" ،على النحو الوارد في مقدمة هذا الكتاب،
يتبين أنه من خلال تشخيص وتحقيق المصالح بشكل مشترك ،سيتم تحقيق إنجازات عملية محددة على
مستوى الأهداف العليا ،تساعد على تقليص الفجوات في مواضيع البنية التحتية ،التطوير الاقتصادي ،التطوير
البيئي وغير ذلك ،وأنه من خلال العمل على المصالح المشتركة وتحقيق هذه الإنجازات ،سوف يتعرف
المشاركون بشكل أفضل على المجتم َعين ،ويط ّورون مهارات متعددة الثقافات وكذلك القدرات على العيش
م ًعا في مجتمع متعدد الآراء ومتعدد الثقافات.
الإفتراض الضمني لدينا هو أن العمل على المصالح المشتركة يع ّزز الشراكة والمساواة بين اليهود والعرب ويخلق
الظروف والفرص وال ّنضج لدينامية علائقية .المساحة المشتركة ،بمدى قدرتها على تطوير الكفاءات العلائقية
وعلاقات الشراكة ،ستمكن من تحقيق النضج للمشاركة البناءة في "القضايا الصعبة" التي لا يمكن احتواؤها
بشكل جيد .في ظل الظروف الحالية ،النضج لخطاب الهويات غير متوفر ،لا على مستوى الديناميات/
العمليات ولا في مسائل المضامين ،ويتطلب ذلك التمكين ،بالمعنى المحا ِفظ للكلمة ،لكل مجموعة -للتعبير
بوضوح عن مصالحها ومعرفة كيفية العمل سوية مع مجموعة ثقافية ذات خصائص وثقافة عمل مختلفة
في الجوهر .مع ذلك ،من المهم التأكيد على أن الجانب العلائقي ينعكس من خلال أن التمكين ينشأ من
اللقاء وداخل اللقاء نفسه ،من خلال إحضار ما هو مهم إلى الح ّيز المشترك في مسار العمل ،بدل ًا من التقوقع
والانسحاب والتنازل عن التعاون .تهيئة الظروف والوصول إلى النضج بشأن خطاب الهويات المر ّكب هي أمور
هامة ،وفي حالات مختلفة ،كما هو مب ّي لاح ًقا ،حتى أننا منعنا الدخول في قضايا حساسة بدأت تظهر ،عندما
رأينا أن هذا الأمر قد يَخلق أزمة ولا يمتلك الطاقم الأدوات اللازمة لإدارتها بشكل ب ّناء في هذه المرحلة .قد
يستغرق بناء مساحة من الحوار بين مجموعات الصراع سنوا ٍت طويلة ،لذا فإن "الشراكة بين المجتمعات" تضع
أهدافًا أكثر تواض ًعا في السنوات الأولى ،من خلال الإدراك أنه خلال إطار زمني مدته أربع سنوات ،وهو ما
التزمت به السلطات نحو البرنامج ،يمكن وضع الأسس فقط ،لزرع البذور التي نضوجها لحوار علائقي بمفهومه
الكامل أو لخطاب بشأن قضايا الهوية المعقدة ،ربما سيتم في مرحلة لاحقة فقط .علاوة على ذلك ،عندما بدا
وكأن الظروف قد نضجت وأنه من الصواب دعوة طاقم القيادة المشترك من السلطتين بعد ثلاث سنوات من
العمل في إطار الشراكة في خطاب الهوية المر َّكب ،كانت ردود الفعل التي حصلنا عليها تقضي بأنه من الخطأ
البدء في هذا المسار .من الواضح لنا أن خطاب الهوية الذي يتعامل مع القضايا الأساسية المر ّكبة ضرور ّي
لبناء شراكة بمفهومها العميق ولمجتمع مشترك في إسرائيل ،مع ذلك ،فإن التوجه هو أنه يجب إعداد الشروط
والنضوج لذلك من خلال إنشاء ح ّيز حواري مشترك وديناميكية علائقية بحيث يسمح بتحقيقه بشكل بناء.
لذلك ،يجب ملا َءمة موضوعات الخطاب مع نوع الخطاب الممكن ومستوى النضج في الشراكة في كل مرحلة .
215
الفصل الثالث
الحوار :الممارسة العلائقية
مجتمع مشترك هو مجتمع حواري .من منظور علائقي – "مشترك" و"حواري" هما كلمتان مترادفتان تقريبًا،
نظ ًرا للصفات والممارسات العقلية التي تتشاركان فيها .يو ِّضح هذا القسم أن بناء الممارسات والوعي للحوار
هو في نفس الوقت بناء ممارسات ووعي للمجتمع المشترك ،أو بمعنى آخر :بمساعدة الوعي الحواري (على
خلاف "اللقاء الحواري" بروح اجتماعات التعايش) وإدراجه التدريجي في عملية اللقاء اليهودي العربي ،يمكن
إنشاء وتوطيد مجتمع مشترك.
وف ًقا لروح الأسس التي طُرحت في الفصل السابق ،فإن باحثين بارزين في مجال الحوار ،في مجموعة متنوعة من
التخصصات ،يق ّدمون الحوار كممارس ٍة علائقية ،وذلك من خلال تشخيص الفرق بين الحوار وأنواع تفاعل أخرى
(المحادثة ،النقاش) ،وذلك من خلال نقد التصور الذاتي ال َف َرداني الذي يميز تبادل الأشياء بين ذاتين ،بحيث توجد
حدود وكذلك يوجد إطار واضح بينهما .وبينما يسعى الفرد ،بموجب هذا التو ّجه ،إلى تأكيد استقلاله من خلال
التعرف مع جوهره الداخلي المستقل وغير المتغ ِّي ،فإن المفهوم الحواري يرى أن "ذاتي" هي كيان متموضع
ومع ّرف داخل مجموعة العلاقات والسياقات التي تعمل داخله وليست ،أي "ذاتي" ،متميزة ومستقلة عنها.
يقترح مارتن بوبر ،على سبيل المثال ،بديلاً للمفهوم الفرداني الشائع ،وهو في الواقع يقوم بعكس الترتيب:
نقطة الإنطلاق هي أن العلاقة ( )relationفقط تمنح الأشياء وجودها الحقيقي المستقل .إنه يقدم ادعا ًء
راديكاليًا ،بموجبه في الحوار ،يتردد صدى العلاقة باعتبارها تجربة أولية وتأسيسيّة ،يمكن من خلالها فهم
طبيعة الإنسان والعالم .إنه يميّز بين وضعين للمحادثة ،بين نوعين مختلفين من التفاعل الإنساني" :أنا -أنت"
(“ )”I-Thouو"أنا -أنت" (“ ،)”I-Itحيث الأول هو علاقة حوارية .في حين أن العلاقة " "I-Lazتتميز برؤية
"أنت" كما هو مع ّرف من قبل الآخرين ،ككائن يتم التعامل معه بلا مبالاة جافة ،فإن علاقة "أنا -أنت" هي
حوارية ،ويعترفون بأنه فقط من خلال العلاقة الأولية "أنا-أنت" ،يمكن فهم"الذات"بالكامل .في الحوار ،يدرك
الناس أنه فقط من خلال هذه العلاقة ،يصبح ألـ"أنا" إنسانًا بكامل المعنى ،وبذلك يحقق إنسانيته .يتغلب
وعي الـ"أنت" في العلاقة "أنا-أنت" ،على الانفصال البنيوي في العلاقة مع غرض ،ويركز على شيء آخر ،على
الشخص الحي الآخذ في التكون قبله في السياق .على غرار نهج بوبر ،يوضح ديفيد بوهم أن التفسير الحرفي
لكلمة "حوار" هو "نهر المعنى المتدفق في داخلنا ،إلى جانبنا وبيننا" (بوهم .)1996 ،يميّز بوهم بين الوضع
الحواري وبين وضع تبادل المعلومات أو "المناقشة" بين البشر ،حيث يحتفظ كل طرف بالافتراضات الأساسية
التي جاء بها ،ويعمل في المقايضة أو التفاوض ،دون أن يكون منفت ًحا على إثارة الشك في الافتراضات الأساسية
لأصحابها .وفي حين أن الجهود من أجل التعايش يمكن أن تكتفي بتفاعل كهذا ،فإن الجهود المبذولة لبناء
مجتمعٍ مشتر ٍك وحياة مشتركة مو ّجهة من أجل التغيير .وعلى عكس تبادل المعلومات أو حالة المفاوضات،
يتطلب الموقف الحواري ،وف ًقا لبوهم ،إعادة التفكير في الافتراضات والمفاهيم التي يأتي بها كل مشارك بما في
ذلك تصور الطرفين كمنهجين منفصلين .سنضع هنا الافتراض أنه في المراحل المتقدمة لجهود المجتمع المشترك،
يجب أن تتم إعادة تفكير كهذه ،حيث يتم التركيز على العمليات العلائقية على الساحة ،بإنشاء المعنى في
عملية المحادثة الحوارية .يم ّيز تشارلز تايلور (تايلور )1999 ،بين "الأعمال المونولوجية" (أعمال الوكيل الواحد)
وبين "الأعمال الحوارية" التي يمكن للمرء فيها أن يدرك أن "الذات" غير موجودة قبل المحادثة ،كما هو الحال
| 216الباب الأول الخلفية النظرية
في المفهوم الأحادي (المونولوجي) القديم ،وحتى أنه غير مبني على أساس تذويت المُحا ِور الآخر ،لكنه ينبع
من المحادثة ،وهي محادثة بطبيعتها تمثل مكانًا لترسيم الحدود الجديدة لـ"الذات" .مرة أخرى ،هناك تأكيد
على الحالة الحوارية بصفتها مثير ًة للشك في الشعور الذاتي المتعارف عليه وعلى دورها في تعزيز القدرة على
تركيز الانتباه بصدد الطرق التي يستعد بها "الذات" من التفاعل وبداخله .
اثارة الشك مطلوبة ليس فقط على مستوى العلاقات الشخصية ،ولكن أي ًضا على مستوى المجتمع بالكامل
وبين الفئات الاجتماعية لغرض تمكين مجتمع مشترك .يع ّب تايلور ع ّم يمكن اعتباره الرؤية العلائقية لتحويل
المشاحنات والانقسام الاجتماعي إلى حوار :رؤية الانتقال من مفهوم "الأنا" المذ ّوتة والحاجة إلى إيجاد صوته،
نحو وعي آخذ في البلورة للعملية التي يظهر فيها داخل وخارج الخطاب ،في عملية العثور تدريجيًا على
صوته كمشارك في الحوار .هذه العملية -بحكم تعريفها -لا يمكن للأفراد تنفيذها ،لأنها عملية اجتماعية
مشتركة ،تمنح معن ًى جدي ًدا لفكرة المجتمع المشترك ،والاستراتيجيات والمهارات المطلوبة لرعايتها تدريجيًا.
الحوار ،في المفهوم العلائقي للذات المع َّب عنه هنا كبديل عن المفهوم ال َف َرداني ،ينقل التركيز من الفرد إلى مجال
العلاقة والعلائقية ()relatedness؛ في الحوار الذاتي البنيوي ( )constructedداخل التفاعلات ومنها ،في عملية
البناء المتبادل المتواصلة ،داخل تيار اتصال الفرد مع عالَ ِمه ،الذي من خلاله لا يع ّب فقط ،بل يجد التعبير
عن قي ِمه ورؤيته ،وف ًقا للسياق ومن داخله .في العملية الحوارية ،يتم نقل المعنى من رأس الفرد إلى الحيّز
حيث الناس "يعملون سوية" أو يتفاعلون مع بعضهم البعض .عملية البناء الاجتماعي لا يمكن اعتبارها بمثابة
اقتحام الخصوصية الشخصية للآخر ،والتي تشكل ،كما يظهر ،وحدة مطلوبة للتحليل لأولئك الذين يرغبون
في فهم العالَم الاجتماعي ،بل هي إنجاز علائقي حواري يعتمد على ملا َءمة وتنسيق العمليات .إن الوعي
الحواري يدور حول تنسيق المعنى ،من خلال الفهم أن المعنى لا يأتي إلا من خلال التفاعل ،من العلائقية
ومن داخلها .يؤكد هذا المفهوم على أنماط التفاعل والعمليات العلائقية التي من داخلها نبني بها فرديتنا،
على أساس الافتراض أن هذا المعنى ليس ُمل ًكا لفرد أو لأشخاص منفردين ،بل هو ُملكية مشت َركة ناشئة عن
عمل متضافر .يجب أن نكون مدركين للمعنى كما يظهر لدى كشفه وفتحه ،والتأثير على تدفق العمليات
من خلال مشاركتنا الحيّة فيها.
من المهم توضيح التعقيد الذي يجلبه هذا المفهوم لمصطلح التمكين وأهمية مساعدة كل إنسان وكل مجموعة
على التعبير بوضوح وبشجاعة عن أنفسهم ،احتياجاتهم ورغباتهم ،تاريخهم وهويتهم المتميزة ،من خلال
تعزيز الوكالة )agency( للفرد أو المجموعة .لا يشكك هذا النهج في أهمية كل أولئك ،بل يساعد كل فرد
أو مجموعة على تعزيز القدرة على رؤية الطرق التي تتشكل بها الهويات والوكلاء باستمرار ضمن السياقات
والواقع الجديد .هذه ليست محاولة لإلغاء أو التخلي عن الأحمال التي يجلبها الوكلاء (كما فرضت عليهم
التوجهات الإحباطية أو ممارسات اجتماعية سابقة ،على القيام بذلك) ،ولكن من أجل إنتاج منظومة علاقات
حوارية ( ،)Modus-Vivendiوبناء مشترك لواقع الحياة العيني لجميع الشركاء في الحيّز ،حيث في "لحظة
الحوار" كما تسميها مايا كاهانوف ( ،)2010لا تعمل المصالح ضد بعضها البعض أو بجانب بعضها البعض
فقط والتفسيرات قائمة ليس فقط كبدائل متعارضة ،ولكن يتم جلبها إلى الصراع والمشاركة في نفس الوقت.
مفهوم التمكين يخضع للتحول :في حين أن روح ( )Ethosال َفردانية يع ّرف التمكين بشكل أحادي الجانب على
أنه قدرة الفرد أو المجموعة على التعبير بوضوح عن صوتهم المتم ّيِز ،بشكل مستقل عن الضغوط والتأثيرات
الخارجية وترميم القدرة على إدارة حياتهم في ظل ظروفهم (من خلال الارتباك بين الضغوط والآثار السلبية
وبين التأثير والتواصل الحواري) ،يعرض مفهوم التمكين العلائقي توج ًها أكثر تعقي ًدا ،حيث في إطاره باستطاعة
217
الفرد أو المجموعة على تحدي ثبات الرواية (نيراتيف) الذي يبنيه الشخص أو المجموعة بشأن أنفسهم،
التمسك بمفهوم ذاتي صلب ،مس ّيج ،مع تماسك داخلي ،غال ًبا ما يكون "مرب ًعا" وصلبًا ،بحيث يتم المحافظة
على عدم التغيير والتأثير .العمل بموجب منظومة علاقات حوارية ( )Modus-Vivendiوالعمل على التمكين
كما هو مو َّضح هنا ،كل ذلك مطلوب على المستوى بين المجموعات وكذلك على المستوى داخل المجموعة،
بحيث يم ّكن الأمر من إنشاء خطاب ذي طابع مختلف ،حواري في جوهره ،حتى بين مركبات الهوية الموجودة
في حالة توتر بين بعضها البعض ،كما هو مو َّضح في الفصل الأول (الفلسطين ّية والإسرائيل ّية لدى الأقلية العربية
ولدى الأغلبية اليهودية التي تجد صعوبة في الجمع بينهما سوية ،أو اليهودية والديمقراطية من وجهة نظر
الدولة ،بين الأغلبية اليهودية وبين الأقلية العربية التي تجد صعوبة في رؤيتها في رزمة واحدة).
خصائص الحوار التي تم ّيز التفاعل الحواري ،كما هي مشتقة من مفهوم الحوار الموصوف :
• •الانتقال من التركيز على الأطراف إلى التركيز على الح ّيز بينهما.
• •الانتقال من الآراء الصارمة إلى تعليق الأحكام والاهتمام في الاستيضاح والتح ّقق المشترك.
• •الانتقال من تقسيم ثنائي لعادل/غير عادل ،جيد /سيئ ،إلى تعليق أحكام الخير والشر والمحاولة لفهم
القانونية والمنطق الداخلي للمتكلم.
• •الانتقال من التفكير المزد َوج أو /أو إلى تفكير تناقضي يحتوي ،كما يبدو للوهلة الأولى ،على تناقضات.
• •الانتقال من التفكير ال َج َدلي (خلق تركيبة بين الآراء المتعارضة) إلى تفكير حواري (التدفق ،التغيير والتكوين
الخالي من الاستقطاب) .
• •الانتقال من النقاش /المواجهة بين الطرفين ،والدفاع عن الحجج وتجربة الإقناع مع دحض حجج الطرف
الآخر -إلى المناقَشة ،التحقيق والاستيضاح المشت َرك ،من خلال التسامح تجاه المخت ِلف والسير مع خطوط
تفكير مختلفة وآخذة بالتك ُّون.
• •الانتقال من التفكير الخطي ( )Linearالذي يقدس المثابرة والوضوح والتبرير على أساس المنطق المنتظم،
إلى المنطق المتدرج (إفساح المجال للأفكار والانطباعات والتجارب التي تنشأ) وللتناقضات والغموض.
• •الانتقال من الرغبة لتحقيق شيء مح َّدد إلى الرغبة في التعلُّم والرغبة في التركيز على تحسين التفاعل
والمُزا َمنة (.)Synchronization
• •الانتقال من بحث مختلف ،التمسك والعودة إلى ما هو معروف إلى الإدراك بعدم تكرر السياق وبناء
مناطق جديدة .
• •الانتقال من الانشغال بأفكار وقوالب الماضي إلى الانشغال بكل ما هو موجود (الأفكار والمشاعر
والأحاسيس).
• • الانتقال من التفكير في الحيّز الخاص إلى العمل على الملا َءمة مع الخطط البنيوية للتفكير الجماعي والبناء
المشترك للمعرفة.
• •الانتقال من محاولة توجيه الأشياء في اتجاه معين واضح ُمسب ًقا وذلك عن طريق تجزئة اتجاهات التفكير،
إلى بناء المعرفة والاشتقاقات كما تنشأ من داخل السياق .
• •الانتقال من إبراز التبايُن ،إلى البحث في المُعضلات وما يحتاج إلى استيضاح مشترك .
| 218الباب الأول الخلفية النظرية
• •الانتقال من التأكيد على الاستقلالية والانفصال إلى تأكيد الاعتماد المتبا َدل :جهد مشترك ،لا الجهد الفردي.
• •الانتقال من التفسيرات الشخصية للمفاهيم إلى تفسيرات يتم استيضاحها م ًعا وبناء معنى مشترك من
خلال إدراك أهمية السياق .
• •الانتقال من جداول أعمال واضحة وآراء ُمبل َورة إلى إدراك التغيير المستمر والاستعداد للتغيير.
• •الانتقال من الالتزام نحو وجهات نظر وأفكار ومواقف محددة ،إلى وضع علامات استفهام والرغبة في
استيضاح الافتراضات الأساسية والقيم والخبرة الكامنة في أساس وجهة النظر.
• •الانتقال من الشك وعدم اليقين واعتباره تهدي ًدا ،إلى اعتبار الشك وعدم اليقين بصفته مور ًدا عقل ًيا (أي
تفسير مخت ِلف لانعدام الأمن insecurity/وموقف مخت ِلف حيال التغيير).
• •الانتقال من عدم المعرفة كنقص يجب مل ُؤه بمساعدة المعرفة ،إلى عدم المعرفة كمكان للمكوث فيه لغرض
الاستيضاح.
• •الانتقال من الإصغاء لغرض الاتفاق أو عدم الاتفاق إلى إصغاء لغرض التعلُّم ،التفاهم ،التطوير وبناء معنى
مشترك وتطوير الأفكار.
• •الانتقال من المقولات والأفكار المك َّررة ،إلى التفكير سويًا وبناء أفكار ناشئة بشكل متبادل .
• •الانتقال من حدود الخطاب المعياري بصفته المع ِّرف على القضايا والمشاكل ،إلى البحث من أجل تشجيع
المشا ِركين على تح ّدي هذه الحدود والتشكيك بها ،والتعبير عن الاحتياجات والرغبات الأساسية التي لا
تدخل ضمن المدى المعياري .
• •الانتقال من الردود على الواقع ،إلى التركيز على العملية المشتركة ك ّمنتجة للواقع .
• •الانتقال من خطاب الرد ،رد الفعل وبشكل فوري ،الرد المد ّوي ،التفكير العميق ( )Reflectionوالتعامل
مع الأمور من خلال التفكير والبناء المتبادل .
• •الانتقال من علاقات القوة ،السيطرة وعدم المساواة في وضع قواعد الخطاب إلى المساواة والشراكة ،المشاركة
المتبادلة والمسؤولية المشتركة .
• •منح الاعتراف المتبادل والشامل لوضع الآخر في “هنا -الآن” في اللقاء وفي التأثير النابع عن اللقاء .
يتماشى مفهوم الحوار المق َّدم هنا مع المفهوم التطوري للإنسان كما ع ّب عنه أحد أهم مف ّكري علم النفس
التطوري المعاصر ،روبرت كاغان ،من جامعة هارفارد :يصف نموذج كاغان ،المك َّون من خمس مراحل ،المرحلة
التطورية الرابعة بأنها مرحلة تحول نحو علاقة غير صحية للتعلّق الذي يميّز المرحلة الثالثة ،المرحلة التي
يطلق عليها كنية" العلاقات الداخلية في الشخصية" ( ،)interpersonalوالتي يفتقر فيها الشخص "للأتونوميا"
( )Autonomyوبالتالي يكون متأث ًرا ج ًدا بآراء الآخرين .في المرحلة الرابعة ،المرحلة "المؤسساتية" ،ينمو شعور
ج ِّدي بالوكالة ( ،)agencyالهوية ،مفهوم الذات المستقرة والمؤسساتية ،والذي يتضمن إيديولوجية واضحة
بصدد الفرد الماثل أمامنا ،والذي عن طريقه يتم تفسير العالَم الاجتماعي .في هذه المرحلة ،يتم بذل الكثير
من الجهد والحزم في الحفاظ على المؤسسة وعلى هويتها الثابتة .حسب ادعائه ،هذه هي المرحلة المتقدمة
التي يصل إليها معظم الناس ،وهي تدعم الإيثوس الاجتماعي والميثاق ( )The Conventionالفرداني لتحقيق
الذات ،الاستقلالية والتعبير عن الذات .يتماثل الإنسان في هذه المرحلة مع نفسه ،لكنه يفتقر إلى القدرة على
القيام باستبطان ( )Reflectionنفسه ،التمعن من الخارج ،الأمر الذي يحدث في المرحلة الخامسة والمتأخرة
219
من التطور ،المرحلة التي يطلق عليها كاغان العلاقات “داخل الفرد"(.)inter-individualفي هذه المرحلة،
يتق ّوض الافتراض هنا بأن للشخص منظو ًرا واح ًدا ،موح ًدا وثابتًا .يتم استبدال أيديولوجية المؤسسة بمفهوم
النظام الناشئ باستمرار والذي لديه القدرة على الاختبار النقدي لمفهوم الذات الواحدة ومفهوم الأيديولوجية.
يُنظر إلى الترابط على أنه يُنتج وعياً أوسع من الوعي للذات ،وهو وعي سياقي يتم من خلاله تنظيم الهويات
المنفصلة م ًعا .بينما ،أثناء وجوده في المرحلة المؤسساتية ،يعود الفرد إلى الحيّز الخاص به لكي يدرس الحالة
والشكل الذي يؤثر به على الآخر ويتأثر به ،في المرحلة الشخصية يصبح الامتحان غي َر ثنائي ،أي بين اثنين ،بل
هو حوار بين الذات-الآخر في عملية التك ّون .عمل ًيا ،تع ّب المرحلة الخامسة عن حالة الوعي الحواري ،علاقة
"أنا-أنت" ،وتطبيق الإيثوس ( )Ethosالاجتماعي المشترك المقدم هنا .من الواضح لنا ،كما سيظهر في الفصل
التالي ،أن إدارة الصراع أو التوترات بين المجموعات عندما يكون طرف ما قل ًقا بشأن التأثيرات السلبية ،فإن
انعدام التسامح وحتى الاكتئاب حيال صوته وهويته في الح ّيز – إنها حالة تتميّز بالعوائق ،وأن التحديات
الكثيرة لتحقيق الوعي بالشراكة تتطلب نه ًجا عملياتيًا صبو ًرا من أجل تطوير ظروف تسمح ببناء الوعي
وممارسة الشراكة بمعناها العميق .
| 220الباب الأول الخلفية النظرية
الفصل الرابع
مراحل تطوير الشراكة
نجد في الأدبيات ،في إسرائيل والخارج ،عد ًدا من الأنماط لصفات مختلفة للشراكة ودرجات مختلفة من
"التعايش" .يتناول هذا الفصل خصائص المستويات المختلفة كما هو ُمشار اليها في الأدبيات ،ويعرض الشكل
الذي تحدد فيه جفعات حبيبة المستويات المختلفة .إن توصيف الصفات المختلفة للمستويات المختلفة ُي ِّكن
المتخصصين لدينا في العملية من مرافقة الشراكة ،تحديد التحديات ،من حيث المبدأ ،في الانتقال بين المستويات
وتشخيص التحديات الفعلية التي ينبغي التأكيد عليها في كل شراكة وشراكة بغرض تعزيز الحوارات وتعزيز
جودة الشراكة .الادعاء هو أنه إذا كنا نريد مأ َسسة المستوى الأكثر تقدماً ،وهو مستوى "الشراكة" ،أي المستوى
الذي لا يكرر أخطاء الماضي ويعمل أكثر على "التعايش" ،علينا أن نفهم أن مركبات التغيير هي في روح التح ّول
في النموذج ،كما هو مقترَح في الفصل الأول ،والذي يتضمن بناء الوعي العلائقي.
.Iأنواع الشراكات
التمييز بين التغيير طويل الأمد ،المستدام وبين التغييرات الأقل تأثي ًرا ،تتكرر بشكل أو بآخر في الأدبيات .على
سبيل المثال ،يجادل إيناس وبوهر ( ،)1999في مسألة وجود تأثير من النظام الأول والثاني والثالث في تخطيط
فعاليات التعاون:
1.1التأثير ( )impactبفعل النظام الأول هو نتيجة مباشرة وفورية لعملية التعاون .ويشمل رأس المال
الاجتماعي والسياسي والفكري ،وكذلك البرامج الاستراتيجية المشترَكة والاتفاقيات .
2.2التأثير ،بفعل النظام الثاني ،يتم عندما تحدث الشراكات خارج الحدود الشكلية للجهود المبذولة .ويشمل
ذلك الشراكات الجديدة والتنسيق المشترك والتعلّم الجديد والتغيير في الممارسات وتغيير وجهات النظر
(.)Perspectives
3.3يشمل التأثير من النظام الثالث ،الذي يحدث فقط بعد فترة من الوقت ،شراكا ٍت جديدة ،ومزي ًدا من
التطور م ًعا ،تخفيض النزاعات بين المجموعات الشريكة ،تكييف الخدمات والموارد والشركاء ،مؤسسات
جديدة ،معايير جديدة ،طرقًا جديدة لمواجهة المشكلات الاجتماعية وأشكال خطاب جديدة .يضيف
غريي ( :)2000إنشاء رأس مال اجتماعي ،خلق مضمون مشترك ،تعزيز التفاعل وتغيير أنماط توزيع القوة.
ي ّدعي المؤلفون أن التعاون يُنتج قيمة عامة وذلك لأنه قادر على إنشاء تغيير من النظام الأول والثاني والثالث.
في كتاب "الشبكات التي تعمل" ( )Vandeventer, 2011يميّز المؤلف بين ثلاثة أنواع من التعاون:
.cooperation, coordination, collaborationعلى الرغم من أنه بالإمكان الاكتفاء بتحقيق ميزات
المستوى الأول ،إلا أنه من أجل إحداث تغيير ُمستدام هناك حاجة إلى الذهاب أبعد من ذلك.
المستوى الأول ( )cooperationيشمل الم ّيزات التالية :مستويات عالية من الإلحاحية لعقد لقاء بين الأطراف
لحل مشكلة ما ،خلق حيّز يولِّد زخ ًم للعمل ،التوصل إلى اتفاقات بمساعدة منتديات الحوار التي تم الإتفاق
221
عليها مسبقاً ،مفاوضات وبناء اتفاقات؛ الاشتراك في المعلومات ،التعاون للحصول على منظور عام بشأن مشكلة
ما ،خلق ح ّيز عام يؤدي إلى علاقات شخصية ومهنية أفضل .يضيف المستوى الثاني ( )coordinationالميزات
التالية أي ًضا :إيجاد وتطبيق التأكيدات المشت َركة للسياسة التي تمثل أولوية عليا لدى الجميع؛ إدارة مفاوضات
بشأن التزامات الشركاء وتخصيص موارد من الوقت والطاقة؛ دفع الحدود البنيوية للمنظمات وخلق شعور
جدي أكبر بشأن الاعتماد المتبا َدل؛ تعزيز العلاقات من خلال الأنشطة التي تتطلب المزيد من استناد الواحد
على الآخر .يشمل المستوى الثالث ( )collaborationالمزيد من المخاطرة .في إطار ،يجتمع المشاركون في
العملية لبناء نظام أو إصلاح ( )reformمشت َرك وطويل الأمد .يساهم جميع الشركاء في تغيير النظام؛ يغ ّيون
المفاهيم القديمة بصدد كيفية عمل النظام؛ يتفقون على المهام المطلوبة؛ يعملون من الداخل ويأخذون على
عاتقهم المهام لتحقيق الإصلاح والنظام الجديد والمحافظة عليه؛ يبنون أنظمة إنذار للتشخيص ،للمراقبة،
للإدارة وتسوية النزاعات؛ المشا َركة الفعلية في نقل الموارد من مجالات معينة إلى أخرى ،بطريقة لم يكن من
الممكن القيام بها في النظام القديم؛ محادثات للوصول إلى اتفاقات بصدد الطرق التي يمكن من خلالها وبشكل
جذري ومستدام تغيير أنماط العمل القديمة ،إعادة تعريف كيفية القيام بأدوارهم في نظام التو ّسع الجديد.
في كتيّب يلخص عشر سنوات من النشاط بعنوان "مناطق مساواة -تعزيز الشراكة بين سلطات بلدية يهودية
وعربية" ،تف ّرق جمعية “سيكوي” بين التعاون وبين الشراكات ،وتشير إلى أن الشراكة "تصف العلاقة المستمرة
والبنيوية بين منظمتين مستقلتين أو أكثر ،تعمل م ًعا ،انطلاقا من رغبتهما في غرض مشترك .إذن ،هي شراكة
قائمة على الرغبة المتبادلة والعمل المستمر والمنتظم ،بهدف تعزيز تأثير المشاركين ،مع الحفاظ على المرونة
وخلق مساحة مشتركة ولغة مشتركة لتعميق التعارف بينها .وذلك على عكس التعاون ،الذي عادة ما يكون
قد جاء بالصدفة ،وهو محدود أو مق ّي ٌد بالوقت" (ص .)15في مقالها "ممارسات العمل المشترك" (شتيل
שתי"ל) ،تم ّيز تامي روبل ليفشيتس ،بين أربع ممارسات في العمل المشترك :المشا َركة ،المشا َركة والقيادة،
التعاون (المر ّكز أو المتواصل) والشراكة الاستراتيجية .وفي حالتنا ،فإن التمييز بين المستويين الثالث والرابع مهم-
التعاون ( )collaborationوالشراكة الاستراتيجية ،أو الشراكة الأساسية ( :)core partnershipالتعاون الذي
يحوي "عمل ًا -مشرو ًعا" أو تح ّر ًكا تقوم به عدة أطراف م ًعا ،تُتّخذ القرارات م ًعا ،من خلال بحث واستيضاح
متبادل .ينطوي التعاون الجيّد على إدخال قيمة مضافة متميزة لكل طرف ،وذلك إلى جانب القيم ،الأهداف
أو المصلحة المشتركة التي تجمعهم .بالإمكان تحقيق شيء غير ممكن تحقيقه بشكل فردي .يتيح العمل مع
الشريك لقا ًء متعم ًقا مع "الآخر" ومع ثقافته ،إلى جانب إثراء متبادل وفرص تعلم وتجديد وإبداع .الشراكة
الاستراتيجية ()strategic partnershipأو الشراكة الأساسية ( )core partnershipهي علاقة طويلة الأمد،
وعادة ما تُنشئ تواص ًل مع الأهداف الأساسية ،الرؤية والقيم مع المصالح البراغماتية .على خلاف التعاون ،فإن
المشروع المشترك هنا ليس هو الهدف الرئيسي للعلاقة ويُنظر إليه كوسيلة لتحقيق أهداف مشتركة أوسع.
عاد ًة ما ينطوي هذا النوع من الشراكة على التجانس بين الأشخاص الذين يديرونها ،وعلى تواصل عميق وذي
مغزى يسمح بالحلم ،المبادرة والإبداع م ًعا.
في حالة عدم وجود اتصال متين على مستوى العلاقات الشخصية ،يميل العمل المشترك إلى التركيز أكثر على
الجانب البراغماتي .في الحالات التي تكون فيها المهمة العينية ،لا الرؤية الاستراتيجية أو الق َيم الأساسية ،هي
محور العمل المشترك ،فقد تصبح العلاقة بين الطرفين تعاونًا مستم ًرا ،ولكنها ليست شراك ًة.
| 222الباب الأول الخلفية النظرية
.IIنموذج الشراكات لجفعات حبيبة
نموذج التدخل في برنامج "الشراكة بين المجتمعات" الذي تم تطويره في جفعات حبيبة ،يعتمد على تصنيف
( )Typologyمك َّون من ثلاث مراحل ،ويمثل برنام ًجا دراس ًيا مدته أربع سنوات ،تعمل فيه جفعات حبيبة
كمنظومة متكاملة ( )integratorوتوفر مساحة ( )facilitatorلمختلف المبادرات المشت َركة بين المجتمعات،
مع السعي لتعزيز روح الشراكة اعتما ًدا على النموذج العلائقي ،كما هو مو َّضح هنا.
تصنيف جفعات حبيبة مك َّون من المراحل التالية:
"الشراكة" ()partnership "التعاون" ()collaboration "المشاركة" ()participation
المستويات الثلاثة -المشاركة والتعاون والشراكة -تمثل ثلاث مراحل تطورية من منظور علائقي .من المهم
الإشارة هنا أن الإنتقال نحو الشراكة يع ّب عن تفوق المزاج غير العلائقي ،والذي يتميّز بتعبيرات فردانية .
تع ّرف جفعات حبيبة المشاركة على النحو التالي" :المشاركة في إطار شراكة يقودها الآخر ،بحيث يكون العمل
المشترك عشوائ ًيا ،أو محدو ًدا أو مق َيّ ًدا بالوقت المخصص لحل مشكلات آنية .يتوصل المشاركون إلى اتفاقات
بشأن الأهداف التي تم تعريفها سل ًفا باستخدام منتديات الحوار التي تم إقرارها سل ًفا ،والتي تشمل إشراكًا
جزئيًا بالمعرفة ،المعلومات والموارد ،العمل التعاوني للحصول على منظور عام للمشكلة وحلّها وخلق مساحة
عامة تؤدي إلى نُظم أفضل من العلاقات وتسمح بالعودة للّقاء عند الحاجة" .من وجهة نظر علائقية ،تمثل
هذه المنصة ( )platformالإحساس بالاستقلالية لكل مجموعة من المجموعات ،التي تحافظ على أولوياتها،
مصالحها ومنظورها العام في القضايا التي يتع ّي حلها .ينص ّب التركيز في هذه المرحلة على تلبية المصالح
المحددة جي ًدا ،والتركيز بشكل أقل على الدراسة المعمقة ( )reflectionوالتطور المشترك.
التعاون مع ّرف على هذا النحو“ :يقود الشركاء ،سوية مشرو ًعا مشت َركًا أو عد ًدا من المبادرات في وقت واحد،
مع إيجاد وتطبيق التأكيدات والمصالح المنفصلة والمشترَكة التي تندمج فيها أولوياتها .يتم اتخاذ القرارات
المتعلقة بإطار العمل ،أهدافه وخصائصه ،سوية ،مما يؤدي إلى دفع الحدود البنيوية للمنظمات وخلق شعور
قوي بالاعتماد المتبادل لتحقيق المصالح .يؤدي هذا الاعتماد إلى توطيد العلاقات وإنشاء منصة ()platform
للتعاون المستمر ،وهناك كفاءة واهتمام جزئيّين في تطوير شراكات جديدة ،تعلّم جديد ،تغيير في الممارسات
ووجهات النظر" .من وجهة نظر علائقية ،هناك تقدم نحو اتخاذ القرارات المشترَكة وفحص حدود الذات:
هناك مجال للاعتماد المتبادل ،ولكنه لا يزال بهدف معالجة المصالح المحددة بشكل منفصل .هناك أي ًضا تقدم
نحو التعلم المشترك ،الذي هو خطوة نحو التطور المشترك وإنتاج المدلول المشترك .
على سبيل المثال ،من الممكن أن يجد طاقم التطوير الاقتصادي للشراكة بين المجلسين ،اليهودي والعربي،
الحافز والرغبة في الاشتراك في البرنامج في مرحلة التطوير المبكرة ،من خلال تقييم المصالح الذاتية لكل واحد
من المجالس المحلية ،أي "ما الذي يستفيده (المجلس الإقليمي خاصتي) من هذا الأمر من الناحية الاقتصادية"،
أو "كيف يمكن دفع مصالحنا الاقتصادية من خلال خطة تخصصية (ייעודית)" .في مرحلة متقدمة من التعاون،
يمكن صياغة السؤال بشكل مختلف .على سبيل المثال" ،كيف من الممكن تحسين جودة حياة جميع المواطنين
في المنطقة من خلال هذا المشروع" ،مع تبني منظور إقليمي عام للصالح المشترك للناس ،بغض النظر عن
الانتماء إلى مصالح معينة داخل المجموعات.
223
تعريف جفعات حبيبة للشراكة هو كالتالي" :الارتباط العميق بالأهداف الأساسية ،الرؤية والقيَم؛ البناء
المشترك لل ُّنظُم أو إصلاح طويل الأمد ،بحيث يساهم جميع الشركاء في تغيير ال ّنظم والتوصل إلى اتفاقات حول
الطرق التي يمكن التغيير من خلالها – بشكل جذري وطويل الأمد – أنماط العمل ،من خلال الملا َءمة مع
الخدمات ،الموارد ،المؤسسات والمعايير وتطوير طرق جديدة للتعامل مع المشاكل الاجتماعية .يقوم الشركاء
بتح ّمل المهام المطلوبة للتحقيق والحفاظ عليها ومواصلة تطوير الشراكة ،مع خلق دلالات مشتركة ورأس مال
اجتماعي مشترك وبناء أنظمة إنذار لتشخيص النزاعات ،توقّعها ،إدارتها وحلها".
الصلة العميقة تساعد على إعادة فحص الفرضيات الأساسية وخلق شعور بالعيش المشترك .يساعد هذا
الشعور المشاركين في هذه المرحلة المتقدمة على تجنب التراجع إلى مفاهيم الانفرادية والمتخندقة في الهوية
المتميّزة .في الواقع ،من الممكن التعبير عن نقاط مختلفة وتعزيز روايات المجموعة وحتى تعزيز التجربة
المتميزة .وفع ًل ،من الممكن التعبير عن وجهات نظر مختلفة وتمكين روايات المجموعة ،بل وتعزيز تجربة
الهوية المتميزة ،لك ّن تلك تظهر من التفاعل وبداخله ،وتحظى بالتعاطف من داخل الحيّز المشترَك .في هذا
الحيّز ،أي المشاركة في الرؤية ،تلعب الأهداف الرئيسية والقيم الأساسية دو ًرا رئيسيًا في بناء الإحساس بالشراكة
وهي تشكل الحيّز القادر على الاحتواء ،الذي يحافظ على الحوار والذي يتناول أي ًضا مسألة التبايُن .وهكذا
لم يعد ذلك مجرد منطقة لقاء للاحتياجات والمصالح المح َّددة بشكل مستقل .المصالح لم تعد تع ّرف بشكل
آني ،ولم تعد الأجندات الخاصة بكل طرف في الاجتماع تهدف لإنشاء القيمة المثلى للمجتمع الخاص به ،بل
يتم النظر في ذلك والتعامل معه بشكل شمولي بشكل يأخذ في الاعتبار التعقيد في الاعتبارات الإقليمية على
مستوى نُظُ ٍم ( )Systemأعلى.
يعزز البناء المشت َرك لل ُّنظم ( ،)Systemوالإصلاح طويل الأمد ،البناء في المشترك لنظام مستدام ،وهو بناء
قائم بذاته تشارك فيه جميع الأطراف .ومن خلال رؤيتهم إلى أسبقية مجمل الصفات ،هناك اعتراف بنظم
( )Systemوبح ّيز مشترك أولي ،يعمل المشاركون فيه م ًعا ،وبداخله ويرفعون َمن منهم بشكل علائقي .تغيير
أنماط العمل المتجذرة المنتمية للتوجه ال َف َرداني مستمد من القدرة على تفكيك هياكل تفكير وعادات حياتية
هي نتاج مفهوم الأنا الذي يجب تطويره .يتم استبدال مكانة هذه الأنماط بالبناء المشترك إلى الشعور بالعمل
سوية بشكل متبا َدل (على سبيل المثال ،التعامل مع التحدي البيئي كتح ٍد إقليمي وليس كتح ٍد يقع على عاتق
كل سلطة محلية أن تواجهه بقدراتها المحددة سل َفا) .تتطلب القدرة على التكيّف مع الواقع الجديد تطوي ُرا
في المفهوم المعتاد للأنا والآ َخر .مطلوب أيضا تطوير هياكل الواقع التي تبدو وكأنها موضوعية ،والتي فُرضت
على الفرد كجزء من عملية البناء الاجتماعي .ينشأ الشعور بالمسؤولية والتمكين الذاتي نتيجة لبناء المح ِّفز،
الذي يعترف بأهمية الحفاظ على الشراكة والحفاظ عليها في موقفها الحواري الأساسي .يتضمن ذلك إنشاء
المدلول سويًة ،وتج ُّنب التراجع إلى الشعور الذاتي المنفصل ،الذي يقف في مواجهة الجانب الآخر وهو ما يم ّيِز
الإدارة السيئة للصراع .إن تطوير القدرات والمهارات اللازمة لإدارة النزاعات من منظور علائقي يتطلب التفكير
( )Reflectiveفي تحديد هذا التراجع الشائع وشبه الطبيعي والارتقاء به (من الح ّيز الحواري إلى التخندق في
الهويات داخل المجموعات التي تقف الواحدة منها في مواجهة الأخرى) .لدى نُظم إدارة الصراع الجيدة وذات
القدرات العالية ،الإدراك بشأن الميول نحو الاستقطاب ،الانفصال ورؤية العالم بشكل ثنائي (.)Dichotomy
أنظمة كهذه لإدارة الصراع قادرة على تغيير هذا الميل الإنساني باتجاه الوعي العلائقي والحوار الشامل الذي
يسود فيه الاعتماد المتبا َدل.
في هذه المرحلة المتقدمة ،يصبح الحفاظ على الشراكة وتحسينها في مركز الاهتمام ،ومن خلال هذه العمليات
| 224الباب الأول الخلفية النظرية
يتعلم المشاركون اكتشاف طبيعة الشراكة .على سبيل المثال ،في طاقم التطوير الاقتصادي للشراكة ،بين سلطتين
محليتين يهودية وعربية المذكورتين أعلاه ،قد يجد الشركاء في هذه المرحلة الحافز – عندما يعززون تدريجيًا
مزاج الشراكة والشعور المتنامي بالملكية المشترَكة والمسؤولية عن المنطقة التي يتشاركون عليها – من أجل
الدخول في حوا ٍر حيث قد يركز الطاقم على أفكار مثل " َمن نحن كشراكة؟"" ،ما هي رؤيتنا المشتركة لهذه
المنطقة؟"،وعلاوة على ذلك – "كيف يتم فحص هذا الشعور من جديد خلال هذا التفاعل؟" أو "كيف يمكن
إعادة تعريف شراكتنا من خلال الأنشطة المشترَكة التي تدفع حدودنا ،الشعور ب َمن نحن ،بطريقة تساعدنا
على الإزدهار؟" عند طرح الأسئلة الأكثر تقد ًما ،هذا يعني أن المشاركين توقفوا عن تج ُّنب عدم التوازن
الهيكلي ،ويقومون بإعادة بناء علاقات القوة والنظر في عدم المساواة .علاوة على ذلك ،في الوقت الذي نشهد
فيه تغييرات عميقة في الدينامكيّات اليهودية العربية وتعزيز الشعور العلائقي بالبناء المشترك لواقعهم
المشترك ،فهم الآن قادرون على طرح هذه القضايا الصعبة ومعالجتها بشكل ب ّناء ،وهو أمر يصعب في غالبية
الأحيان التطرق إليه في اللقاءات بين اليهود والعرب.
من بين خصائص الشراكة ،التأكيدات التي يجب قرا َءتها على أنها تشير إلى الصفات العلائقية والحوارية التي
يجب توطيدها :التطور المشترك ( ،)co-evolutionملا َءمة الخدمات والشركاء ،أساليب جديدة للحوار ،خلق
معا ٍن مشتركة ،الاجتماع سوية لبناء نظام أو إصلاح مشترَك وطويل الأمد ،تغيير المفاهيم حول الشكل الذي
يجب أن يعمل النظام بموجبه ،إعادة التعريف من جديد لكيفية قيام الجميع بتنفيذ أدوارهم في النظام
الواسع الجديد ،الحفاظ على المرونة وخلق مساحة ولغة مشتركة ،وغير ذلك .كل ذلك يُل ِزم بإجراء لقاءات
بنوعية تتطلب التفكير من جديد بشأن أشكال التعريف الذاتي للأفراد والمجموعة ،ك ٍّل على حدة .يمكن
للمهنيين المعنيين ببناء الوعي للمجتمع المشترك الاستعانة بالأفكار التي تقدمها التوجهات العلائقية ،لفهم
فكرة الشراكة وف ًقا لذلك :يقاس وجود الفرد وجودة حياته في إطار العلاقات ،ومن خلال السياق الاجتماعي
الذي يعيش فيه ،لا باعتباره مستقلاً ،وبأن وضعهم يعتمد على السياق في الح ّيز وفي العلاقات داخله؛ تقع
هذه الافتراضات في صلب المفهوم العلائقي وهذا هو نموذج "المجتمع المشترك" ،وذلك على عكس مجتمع
تعيش فيه المجموعات جنبًا إلى جنب وتبحث عن رفاهيتها ( )well-beingبشكل مستقل ،وليس من خلال
السياق الأوسع وما يتعلق بالمتغيرات المختلفة التي تبلور الح ّيز الناشئ وتتغير دون توقف في "هنا -والآن"
للنشاط المتبا َدل .إذا كنا نريد حضور مفهوم عميق حواري للشراكة -يتوجب علينا تحليل التحديات والعقبات
في المفاهيم العلائقية واستخدام مهارات الارتقاء بالصراعات وف ًقا لذلك ،من أجل بناء الوعي الذي يتيح
الممارسات الحياتية هذه.
.IIIمن المشا َركة إلى الشراكة
أحد الأدوار الرئيسية لـجفعات حبيبة في برنامج "الشراكة بين المجتمعات" هو مساعدة المشاركين في عملية
الانتقال نحو الشراكة بالمعنى العميق للكلمة .ومع ذلك ،سوف نلتقي أحيانًا بشركاء محتملين على مستويات
استعداد مختلفة تتطلب الدعم والمساعدة لإعداد الأرضية من أجل تشكيل هذا النوع من الشراكة .
لدى قيامنا بتطوير شراكة بين أزواج مجتمعات والمساعدة في بناء برنامج عمل ،نحتاج إلى النظر في عدد
من المشكلات التي تم تسليط الضوء على بعضها أعلاه ،حيث سيساعد التركيز عليها في بناء التصور وخطة
العمل بشكل أفضل:
225
1.1ما هي الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها في البرنامج ،وما هو معيار المشاركة الذي يعرضه الشركاء؟
2.2كيف نساعد الشركاء على تحديد أهداف الشراكة والمضي في عملية التغيير وف ًقا لذلك؟
3.3إذا كنا نسعى لإنشاء شراكة جوهرية ،فهل لدينا -أو ما الذي نحتاجه لكي تتوفر لدينا -الموارد والقدرات
اللازمة لإنشاء شراكة جوهرية؟
4.4كيف نضمن طوال العملية ،بأن تكون الرؤية الاستراتيجية أو القيم الأساسية موجودة في مركز العمل
المشترك ،وليست فقط في المهمة العينية؟
فيما يتعلق بتدخل المشاركين وتفاعلهم ،في "المشاركة" يشارك بالأساس عدد من المشاركين في العملية التي
تقودها جفعات حبيبة ،في "التعاون" فإنهم يتشاركون مع بعضهم البعض ومع الهيئة المرا ِفقة ،وفي "الشراكة"،
فإنهم مسؤولون بشكل مشترك عن قيادة العملية وتطويرها وشملها ،مع تقليل الاعتماد على جسم خارجي .
يهدف الجدول التالي إلى مساعدة الهيئة المهنية على تشخيص مستوى الاستعداد للشركاء المحتملين ،معرفة
كيفية استنفاد هذه المرحلة ،وتحديد الهدف وتحديات المرحلة التالية في تطوير الشراكة .من المهم التأكيد
على أن المعايير ليست كلَّها ذات صلة لكل خطة ومشروع .كذلك ،يجب الأخذ في الاعتبار أنه ضمن برنامج
الشراكة ،قد يكون أحد طواقم المشروع أكثر نض ًجا وتقدماً من طاقم آخر يقود المشروع .بالإضافة إلى ذلك ،لا
يمكن أن تكون الشراكة أو المشروع في نفس المرحلة التطورية في كل معيار ومعيار ،أي أنه -بالنسبة لمعيار
معين ،قد تكون الديناميكيات في مكان أكثر تقد ًما ( على سبيل المثال ،في "التعاون") ،بينما في معيار آخر ،قد
نجد أن المشاركين في العملية يحتاجون إلى المزيد من العمل ،لأنهم موجودون في مرحلة "المشاركة" .علاوة
على ذلك ،حتى داخل طاقم المشروع ،قد نجد أشخا ًصا لديهم تصورات مختلفة للشراكة ،ومن المهم مراعاة
الاختلافات بينهم.
| 226الباب الأول الخلفية النظرية
المعيار اشتراك تعاون شراكة
لقاء مصالح حول مشروع لا يشمل الإتجاه العام المشت َرك قيادة رؤية مشتركة وأجندة وحدة
مشت َرك دون رؤية شمولية بالضرورة ،أجندات متماثلة مشتركة :الإرتباط بالأهداف الأهداف
ويختلف التعاون وف ًقا لوحدة الأساسية ،الرؤية ،القيم أو أجندة مشتركة للشركاء في
والمصالح ،من خلال الاستيضاح الأهداف البرنامج
المشترك والمتكرر للأجندة
البناء المشترك للوعي الجماعي تقوم كل مجموعة باتخاذ يتم اتخاذ القرارات سوي ًة، اتخاذ
اتخاذ قرارات نابعة من الح ّيز القرارات على حدة ،حيث من خلال النقاش والاستيضاح القرارات
المشت َرك ومن الأهداف الأساسية تلعب الهيئة الخارجية المتبا َدل؛ التعاون الجيد يدمج
للرؤية الشمولية والتكاملية من دو ًرا رئيسيًا في تكوين قيمة مضافة متميزة لكل
جانب وهو ما يشير للفوارق الأفكار
أجل الصالح العام بينهم ،إلى جانب القيم،
الأهداف أو المصالح المشتركة
الإشراك مشاركة جزئية بالمعلومات المشاركة الكاملة بالمعلومات الإشراك الكامل والمتواصل
بالمعلومات وف ًقا لمدى توافق المصالح لمناقشتها وحل المشكلات في في المعلومات من أجل خلق
إطار ضمن المشاريع المشترَكة معرفة ومدلولات جديدة سوي ًة، بين الشركاء
والحكمة الجماعية
طويل الأمد وغير محدود في متوسط إلى طويل الأمد (أكثر قصير الأمد ومح َّدد زمن ًيا، الإلتزام
الوقت ،متواصل وعلى مستوى من عشر سنوات) ،مستمر براغماتي من أجل حل التنظيمي
المنظومة ،يستجيب للتحديات مشاكل عينية
ومح َّدد (حتى لو كانت هناك
ويبادر للتوسع والمبادرات عدة نقاط) لحل مشاكل
الجديدة ،أيديولوجية -قيمية
ملموسة ،الدمج بين الواقعية
قبل أن تكون براغماتية والقيمية
المسؤولية والإلتزام الشخصي المشاركة المتواصلة ولكن غير يعتمد تجنيد المقتنعين الإلتزام
للشركاء الذين يقودون الشراكة، المؤسساتية للموظفين الذين على قيادة الهيئة المرافَقة الشخصي
يعملون على صيانتها وتطويرها يتعاونون مع الهيئة المرا ِفقة للمشاركين
من خلال بناء متجدد ومتواصل والذين يشاركون في عملية
للاحتياجات بلورة الشراكة
التقييم المنهجي في معايير تقييم عيني لما قد نجح /لم التقدير العيني لما قد التعلُّم
موحدة خلال التنسيق والتعلم ينجح إلى جانب التعلُّم في نجح وما لم ينجح ،أهمية والتجديد
من سياقات أخرى واستيضاح سياق الفعاليات السابقة،
مستمر بهدف تطوير المعرفة محدودة للاستنتاجات
والمبادرات الجديدة؛ استخدام بهدف تحسين المشاريع
المستقبلية ،واستخدام أدوات
أدوات التقييم التطوري
التقييم
227
المعيار اشتراك تعاون شراكة
خارجي ،كما ُيليه النظام خارجي ،مع الإدراك أن ذلك داخلي ،مع القناعة العميقة مصدر
أو المعايير المو ِجهة؛ أو يخدم مصالح المجموعة ويساعد بأهمية الشراكة ،الاعتراف التحريك
القناعة الداخلية بأهمية في حل المشكلة؛ أو القناعة بالاعتماد المتبادل ،الالتزام
تقديم الأجوبة على مصالح الداخلية ،مع الاعتراف بأهمية العميق ورفع مستوى الشراكة
عينية أو مشاكل مح َّددة هذه الخطوة بغ ِّض النظر عن في سلم الأولويات ،إلى جانب
المشاكل العينية وتخصيص جزئي تخصيص موارد كبيرة ومن
خلال تخطي حدود الوظيفة ومحدود للموارد
االلتأفحكاسرينبشوالكتنلجميشعت َرك تدفق المبا َد َرة التركيز على المهمة المح َّددة التفكير في أنشطة ُمك ِّملة ومن
ضمن لنشاط إضافي دون التجاوز والتو ّسع خلال العثور على نقاط بارزة
مشت َركة ومواضيع جديدة المستمر وإعادة تحديد الأدوار
موجودة في أولوية قصوى تب ًعا لذلك
بالنسبة للجميع
التأثير على ترويج السياسات، إينجتشامءعإطحارسمبشاتلرَحكا/جطةالقَممعالجة علاج عيني آني ،أحيانًا مع المؤسسة
بناء مؤسسات اجتماعية جديدة المشاكل في مجال معين إدراك القدرة على اللقاء والتنظيم
تعمل بشكل متواصل وفحص مجد ًدا لدى الحاجة
طرق جديدة لتقديم الأجوبة
بالنسبة لرفاهية السكان
الدمج بين القوى لإحداث تحديد المشاكل والعمل معاً العمل بشكل مشترك الإستعداد
تغييرات أساسية أو إصلاحات لتوسيع مفهوم العمل ،تحديد لمعالجة عينية للمشكلات للتغيير
و /أو المشكلات التي تم
طويلة الأمد على مستوى أولويات المواضيع للعلاج، تحديدها بشكل مستقل
النظام تعريفها ومعالجتها بشكل بمساعدة الميزة الشخصية
عيني ،من خلال تغيير معين في
لكل واحد
المنظور والممارسات
"دفع الحدود التنظيمية" وخلق تغيير الطرق التي تؤدي بها كل الحفاظ إنتاج محاولات مركزة
شعور أقوى من الترابط بين مؤسسة وظائفها ضمن النظام على الهوية و"آمنة" نسبيًا في الالتزام
الشركاء وخلق شعور متين من الأوسع التنظيمية /المتبادل
الاعتماد المتبا َدل بين الشركاء الجماعية
مع تعزيز العلاقات الفردية من
خلال الأنشطة التي تتطلب ثقة
متبادلة آخذة في التعاظم
قبول التعاون مع الاعتراف الإقناع العميق لكتلة حاسمة في بعض الأحيان ،يعتمد نطاق
الجزئي بأهميته من خلال من بين أصحاب الوظائف البرنامج على مشا َركة الاستيعاب
وجود نسبة عالية من أصحاب وممثلي القطاعات الثلاثة،
الوظائف وممثلي القطاعات إشراك مكثف للمواطنين أصحاب الوظائف وعدد ودوائر
المختلفة ،من خلال إشراك واستيعاب الأصوات المتعددة، من المواطنين أصحاب المشا َركة
الشأن
انتقائي من المواطنين ومن بما في ذلك الاعتراضات – لغرض
بناء إرادة عامة والإشراك في المعارضين للخطوة
صلب الشراكة
| 228الباب الأول الخلفية النظرية
المعيار اشتراك تعاون شراكة
سياسة معلنة تتماشى بموجبها ضمان تمويل خارجي لدعم تمويل خارجي مضمون لدعم سياسة
الصناديق والأموال العامة مع محدود للأنشطة المختلفة واسع لأنشطة البرنامج ومن التمويل
أهداف الشراكة ،تمويل داخلي خلال دمج تمويل داخلي من والإلتزام
لعمليات داعمة ،تمويل خارجي قبل الشركاء للمشاريع العينية للإشتراك
بالتمويل
محدود
تخصيص الموارد على نطاق من القوى العاملة الحالية تمكين العاملين الحاليين ،تعيين تخصيص
واسع لبناء المؤسسات والهياكل ومن المتطوعين .تخصيص مدير شراكة للسلطة بوظيفة قوى عاملة
التي هي نتاج الشراكة .توسيع مبا ِن أو ميزانيات محددة جزئية .تمويل جزئي للأنشطة
والمشاريع المح َّددة للمناسبات فقط وموارد
نطاق القوى العاملة كلّما
يتطلب الأمر ( مدير شراكة
بشكل كامل ،مدير المركز
للوساطة ،طاقم مركز الفنون )...
التحدث والمناقشة الحوار نمط الخطاب المفاوضات
مرافق -داعم ،مرافق عملية مستشار موجود في الخلفية درجة تدخل مرافق -قائد
الانتقال للمرحلة التالية الجسم
الخارجي
"التلاؤم" بين الأنشطة المختلفة التبليغ والتواصل بين الأنشطة كل نشاط يحدث بشكل نقل
ونقل المعلومات المستمر بين المختلفة دون متابعة الوحدة المعلومات مستقل لتحقيق أهداف
الأنشطة لخلق وحدة الهدف، في الأهداف أو الإثراء المتبادل بين الأنشطة وغايات مستقلة ،دون
تغذية متبادلة وفهم المشترك في التواصل والتبليغ الجديين
مختلف المشاريع والهيئات بين المبادرات المختلفة
لا يوجد اعتماد على المبادرات الاعتراف بأهمية الشمولية عدم الاكتراث بالمبادرات الموقف من
الأخرى ،أو تبادل المعلومات أو والتعاون بين جميع الجهات الموازية والهيئات الأخرى المبادرات
السعي في بعض الأحيان لإقامة ذات الصلة لتحقيق التأثير المشا ِركة في المجال العيني والهيئات
الأخرى
شراكات آنية مع هيئات أخرى الجماعي
تعمل في المجال
إدارة الصراع يُنظر إلى الصراعات كعائق تعتبر الصراعات مشكلة يمكن يُنظر إلى الصراعات على أنها
التغلب عليها من خلال تقسيم مصدر للتغيير والتصحيح وتتم ويحاولون تجنبها
مختلف للقيمة ،دون إنتاج إدارتها بنهج تعاوني لغرض
إنتاج قيمة أزمة بالضرورة
229
الفصل الخامس
دور جفعات حبيبة كمنظمة "عمود فقري"
الهدف من هذا الفصل هو عرض مفهوم مستم ٍد من نموذج العمل للتأثير الجماعي ( )collective impact
وتوصيف دور جفعات حبيبة بأنها "منظمة عمود فقري" ( )backbone organizationفي قيادة الشراكات بين
المجتمعات .الفكرة الرئيسية في هذا التو ّجه ،الذي ينطبق أي ًضا على الدافع من وراء بناء مجتمع مشترك بين
مجموعات ،هو أنه من أجل إحداث تأثير كبير وغرس ثقافة مجتمعية جديدة ،هناك حاجة للوصول إلى التأثير
الجماعي ،أي جلب العديد من المنظمات والجهات الفاعلة -من القطاع العام وقطاع الأعمال والقطاع الثالث-
التي تشارك في العمليات الاجتماعية للعمل بشكل تعاوني وخلق قوة مؤثرة ج ِّدية .لدى تحليل الأماكن التي
تح ّقق فيها النجاح في خلق التأثير الجماعي وفي تحريك عمليات التغيير الاجتماعي تب ّي أنه كان هناك جسم
َع ِمل من وراء الكواليس .هذا النوع من المؤسسات يُطلق عليها في الأدبيات لقب "منظمات العمود الفقري".
يتطلب إنشاء وإدارة مبادرة للتأثير الجماعي وجود منظمة منفصلة تتمتع بمهارات إدارية وتنسيقية مت ّميزة،
تدعم المبادرة وتكون بمثابة "العمود الفقري" لها .وهذا الأمر يوفّر على المنظمات المشا ِركة وقتًا ثمي ًنا ،وهو
مورد يفتقرون له بشكل دائم .أحد الأسباب الشائعة لفشل مشروع ما هو الاعتقاد الخاطئ أنه يمكن إجراء
التنسيق بين جميع المشاركين في المشروع دون وجود بُنية تحتية داعمة .من الصعب في بعض الأحيان تبرير
أهمية وجود تنظيم "العمود الفقري" ،لكن الأبحاث تُظهر أنه في جميع مشاريع التأثير الجماعي التي نجحت،
أكد المشاركون بحزم أنه دون وجود جدي لمنظمة العمود الفقري ،لكان قد ُحكم على المشروع بالفشل ،وكان
سيحدث”نفس الشيء” في القرارات التي يتم اتخاذها من قبل طاقم مقلص في قمة التسلسل الهرمي ،الأمر
الذي لم يكن من شأنه أن يع ّزز المجتمع في عمليات التغيير لديه.
.Iمجالات مسؤولية منظمة العمود الفقري
تُخ ِّصص منظمة العمود الفقري طاق ًم يعمل فقط في الشراكة ،وطاق ًم آخر منفصل ًا يعمل في المنظمات
المشا ِركة في المباد َرة .منظمة العمود الفقري هي المسؤولة عن كل ما هو مطلوب من أجل تبسيط عمل
المشاركين وجعل العمل يسير بسلاسة .تج ّسد منظمة العمود الفقري ،في ظل الظروف المناسبة ،مبادئ
"القيادة القابلة للتكيف" ( :)adaptive leadershipالقدرة على تركيز انتباه الناس وخلق الشعور بالإلحاحية،
المهارة على ممارسة الضغط على المشاركين دون غمرهم بالطلبات ،القدرة على التعبير عن القضايا بطريقة
تتيح ك ًل من الفرص ومن الصعوبات وكذلك القدرة على حل النزاعات والتوترات التي تنشأ بين المشاركين
(.)Kramer&Kania, 2011
يمكن تمييز عمل منظمات العمود الفقري بستة أهداف مركزية التي تكررت وكانت جز ًءا من الأهداف أينما
عمل هذا النوع من التنظيم (:)Terner et al. 2011
5.5قيادة رؤية واستراتيجية :من خلال الجمع بين العديد من الأشخاص والأجسام وبناء إتجاه جماعي.
6.6دعم الأنشطة ذات الطابع المماثل :التماشي مع الأنشطة المختلفة والنقل المستمر للمعلومات بينها لغرض
| 230الباب الأول الخلفية النظرية
إنشاء وحدة هدف وفهم الأمر المشترك في المشروعات والأجسام المختلفة .
7.7إنشاء معايير مشت َركة في التطبيق.
8.8بناء الإرادة العامة :تشكيل وعي لدى الجمهور مع التركيز على ما هو مهم في المبادرة.
9.9الترويج للسياسات.
1010تجنيد أموال.
• •يمكن أن تضاف إلى مسؤوليات منظمة العمود الفقري :
• •تخطيط المبا َدرة وإدارتها.
• •الدعم في عملية جمع المعطيات وإعداد التقارير .
• •دعم الاتصالات والتكنولوجيا.
• •معالجة التفاصيل اللوجستية والإدارية.
.IIاحتواء الشراكات بين المجتمعات:
للوهلة الأولى تبدو الشراكة بين المجتمعات ،متعلقة بالعمل مع منظمتين -سلطتين محليتين ،يهودية وعربية
-ولكن في الممارسة العملية يمكن اعتبار ممارسة المرافَقة بوصفها ُمد ِم ًجا ( – )integratingبين الطواقم،
الطواقم الفرعية ،المشاريع المختلفة الجارية في إطار برنامج الشراكة ،بين أزواج من السلطات المحلية المختلفة
وبرامج مختلفة في المنطقة ،وغير ذلك.
من الممكن رؤية الدمج المطلوب في ثلاثة مستويات رئيسية :
1.1التعامل مع المبادرات المختلفة التي يمنح المجلس رعايته لها بصفتها مشاريع ليس بإمكانها العمل من
تلقاء نفسها وهي تعمل بطريقتها الخاصة ،لذلك ،فإن تعريف التأثير الجماعي لا ينسحب عليها ،على
الرغم من كون المجلس واللجنة التوجيهية هما مانحا الرعاية لها .لذلك ،يتوجب على الهيئة المُدمجة
تجميعها سويّة ،وتحقيق التوافق بينها ،والمساعدة في التعامل مع مشاريع عينية كجزء من صورة ورؤية
أوسع.
2.2علاوة على ذلك ،يجب أن تقوم هذه الهيئات بتجنيد موظفين وجمهور من قطاعات وأوساط مختلفة
ومتنوعة (أصحاب وظائف إضافية في القطاع الأول (الجهاز الحكومي) ،شخصيات هامة من قطاع
الأعمال ،منظمات غير ربحية ،نشيطين في القطاع الثالث (المنظمات غير الحكومية) ،رؤساء لجان عمال،
مسؤولين في المجالات المختلفة ،مهنيين ذوي صلة ،شخصيات جماهيرية دون مناصب رسمية ،وغير ذلك)
وجلبهم ليشكلوا منظومة جماعية تتمتع بتأثير اجتماعي ملموس.
3.3بالإضافة إلى ذلك ،يجب إحداث تكام ٍل مثرٍ لكل نشاط من الأنشطة التي تتم في إطار الشراكة داخل
جفعات حبيبة.
لذلك ،من الأهمية بمكان إنشاء منظمة "عمود فقري" من أجل نجاح الشراكة ،ومن المناسب أن نرى ،إلى حد
ما ،المنظمة التي ترافق الشراكة بين المجتمعات أنها منظمة "عمود فقري" .
231
.IIIالشروط لنجاح التأثير الجماعي
يستعرض مقال آخر ( )Kramer&Kania, 2011خمسة شروط لنجاح نهج التأثير الجماعي ،ويحدد ويوضح
مهام وأهداف "الاحتواء":
1.1وجود أجندة اجتماعية مشتركة لرؤية التغيير المنشود :تتضمن فه ًم متف ًقا عليه حيال طبيعة المشكلة،
الطريقة الصحيحة لحلها والوسائل اللازمة لتحقيق هذا الغرض .من المهم الاعتراف بالاختلافات في الرأي
بين الهيئات المشاركة ومعالجتها من أجل اختيار إطار الأنشطة والأولويات.
2.2حوار مستمر وروتيني بين المدراء :يستغرق الأمر عدة سنوات من الاجتماعات المنتظَمة بين جميع
المشاركين حتى يتمكنوا من فهم وتقدير الدافع المشترك من وراء القيام بهذا النشاط ،التأكد من عدم
تجاهل مصالحهم ،وأن يتم اتخاذ القرارات على أساس البيّنات من الحقل ولصالح المشروع ،وليس وف ًقا
للأولويات الشخصية لهذه الجهة أو تلك .كذلك فإنهم يحتاجون إلى تطوير مصطلحات مشتركة ،وهو
أمر ضروري لإنشاء نظام قياس مشترك .هذه الاجتماعات مهمة للغاية ويجب أن تُع َقد مرة واحدة على
الأقل وحتى مرتين في الشهر ،على مستوى مديري المنظمات المختلفة .يجب تحديد مواعيد الاجتماعات
وف ًقا لجدول أعمال منظم .
3.3تخطيط وتنفيذ الأنشطة التي تعمل على تمكين جميع الشركاء بشكل متبا َدل :من غير المجدي أن يركّز
جميع المشاركين على نفس الأنشطة .يجب أن يركّز كل مشارك على الأنشطة التي يتفوق فيها وأن يتم
تشجيع الآخرين على ذلك .عدد المشاركين لا يح ِّدد درجة النجاح ولا ِوحدة أنشطتهم .يتم تحديد النجاح
من خلال التنسيق بين أنشطتهم المختلفة وف ًقا لخطة شاملة واحدة .يجب تنسيق الأنشطة ،بحيث يعمل
كل شخص في مجاله ووف ًقا لمقاييس مشتركة.
4.4مبنى هيكلي داعم :وجود مجموعة مستقلة من المهنيين الذين تتمثل مهمتهم في تخطيط وإدارة
ودعم أنشطة في إطار العمليات على جميع المستويات التنظيمية والتكنولوجية واللوجستية .من الخبرة
المكت َسبة في مرافقة الشراكة بين المجتمعات ،هناك ثلاث وظائف على الأقل :مدير المشروع لإطار العمل،
مدير المعلومات وشخص مم ّكن /وسيط /مو ّجه ( .)facilitatorتكمن أهمية أصحاب الوظائف في
قدرتهم على جذب انتباه المدراء العاملين في إطار العمل وخلق فهم لأهمية العمل دون ضغط لا لزوم
له ،إلى جانب القدرة على عرض القضايا بطريقة تشير للفرص وكذلك للتحديات .وبالطبع ،قبل كل شيء،
فإن قدرتهم على الوساطة والتوسط والتجسير ،بين جميع أصحاب المصلحة ،مهمة للغاية .
5.5إنشاء نظام قياس مشت َرك :سيكون جدول الأعمال المشترك عديم القيمة إذا لم يتفق جميع المشاركين على
معايير موحدة لقياس النجاحات وتقييم التقدم الذي تم إحرازه .القياس والتقييم مهمان بشكل خاص،
ليس فقط لأنهما يتيحان معرفة ما الذي ينجح ح ًقا وما الذي لا ينجح ،بل أي ًضا لأن ذلك يزيد من درجة
المسؤولية والالتزام لكل عامل في النظام المشترك ،ولا يُسمح بـ"التهرب" من المسؤولية .تقييم هذه الأنواع
من المشاريع يتم فقط بعد الوصول لل ُنضج المناسب في الخطاب ويتم البدء باتخاذ إجراءات ملموسة
للسير قد ًما بالأجندة التي تم وضعها .يمكن القيام بذلك من خلال الإنترنت الأمر الذي يزيد من الكفاءة
ويقلّل من المصاريف ،فضلاً عن رفع جودة المعطيات وتوثيق التقدم الشامل للمبا َدرة.
| 232الباب الأول الخلفية النظرية
.IVالتحديات في إدارة الشبكات العامة
تشير الأدبيات الأخرى ذات الصلة بصدد إدارة الشبكات العامة ( ،)public networksإلى خمسة تحديات
رئيسية لإدارة الشبكة ،والتي يجب أخذها بالاعتبار من أجل إنشاء نظام فَ ّعال (،)Milward&Provan, 2006
وهي ذات صلة أي ًضا بشأن توضيح دور جفعات حبيبة في مرافقة الشراكة بين المجتمعات .ترتبط هذه
التحديات بك ٍّل من المنظمة المستو ِعبة وبالمؤسسات المشا ِركة في الشبكة:
6.6إدارة المسؤولياتية– كيفية إنتاج المسؤولياتية والتأكد من أن المشاركين في العملية ين ّفذون ما قد التزموا
به .
7.7إدارة الشرعية – كيف يتم ترويج النشاط والمشا َركة في عملية التفاوض المستمرة حول شرعية الشراكة
وأهمية إجراء الأنشطة المختلفة .
8.8إدارة النزاعات – نوعية النظام الذي يَج ُدر العمل به لحل النزاعات التي تنشأ في إطار الشراكة.
9.9إدارة بلورة ال ُّنظم – نموذج الإدارة الذي يناسب الخطة .من الممكن أن تكون بلورة النظام في نموذج
بناء اتفاقات تتشكل عضويًا من خلال النشاط دون وجود هيئة مسؤولة؛ يمكن أن تكون هناك هيئة
معينة مسؤولة داخل ال ّنظم (على سبيل المثال ،تمكين الموظفين لكي يكونوا عاملين مستوعبين في النظام
من الداخل)؛ من الممكن أن تكون هناك هيئة "عمود فقري" خارجية للمنظومة تتمثل مهمتها في إدارة
الهيئة .من الأهمية بمكان أن نح ّدد بأنفسنا ما هو نموذج الإدارة الذي نبنيه في البرنامج ،وفحص فيما
إذا كان النموذج ،في المراحل المُب ِكرة ،هو النموذج الذي نعمل فيه كمنظمة”عمود فقري" خارجية،
وذلك مع الطموح أن يصبحوا في السنة الرابعة أصحاب وظائف من الداخل ،حيث يقومون بذلك أي ًضا،
وأنه يوجد نشاط عضوي يجعل الهيئة المُستو ِعبة متقبّلة للمعلومات ،وجامعة للمعارف أكثر من كونها
مبا ِدرة ودا ِفعة للنشاط .
1010إدارة الالتزام– كيفية الحفاظ على التزام مختلف الجهات الفاعلة نحو العمليات الجارية في الشراكة
بشكل خاص ،والشبكة بشكل عام؛ الالتزام بمنظومة العمل الشاملة وليس فقط بأنشطة عينية تقع
ضمن مسؤولياتهم.
من المهم الإشارة إلى أن مفهوم الإدارة والقيادة المقترح هنا هو مفهوم القيادة التي تم ّكن وتوفر الح ّيز وتق ّدم
الخدمات .مفهوم القيادة التي يتم التوسع به في الفصل التالي ،ومع ذلك ،من المهم أن نتذكر أنه في وضع
مثالي ،تكون الإدارة بمسؤولية طاقم التوجيه /قيادة المشروع ،الذي نود أن نراه يعمل كهيئة مستو ِعبة ،لكن
في الممارسة العملية ،لا تملك هذه الهيئة الموارد (الوقت ،المعرفة المهنية) لكي يكون الأمر كذلك ،إذا لم يتم
تعيين شخص براتب للحفاظ على الجسم المستو ِعب بشكل مستمر .لذلك ،على الأقل في السنوات الأولى ،على
جفعات حبيبة تو ّل الدور الأساسي والفعال في مهام الاستيعاب.
233
الفصل السادس
من الديمقراطية التمثيلية إلى الديمقراطية
التشا ُركية
في العقود الأخيرة ،يتوسع بشكل مستمر فهم الديمقراطية على أنها ممارسة تدا ُولية ،تشارك فيها الأطراف
المعنية وحتى الجمهور الواسع في صياغة السياسات وتنفيذها .تقوم الأطراف المعنية -من المجتمع المدني
و ِقطاع الأعمال وفي الحالات ذات الصلة أي ًضا من هيئات عامة مختلفة -بدور هام في إدارة التغيير أكثر من
الماضي ،وذلك على حساب مفهوم الديمقراطية التمثيلية ،التي من خلالها يُبل ِور الممثلون المنت َخبون السياسة
بشكل َه َرمي .الخلفية لهذا الأمر هي أن المشاكل العامة والاجتماعية أصبحت أكثرَ تعقي ًدا ،الأمر الذي يتطلب
التعامل معها من خلال المشاركة في المعرفة والمسؤولية والمهارات .كذلك تُسهم الإتاحة المتعاظمة للمعلومات
في زيادة رغبة الناس في المشاركة في عمليات صنع القرار ،والاعتماد بدرجة أقل على "المخت ّصين" ،والتقليل من
تنفيذ سياسات يتم إملاؤها "من فوق" .وهكذا ،يتعاظم في السلطات في المجتمعات الديمقراطية ،الاعتراف
بحق المواطنين وقدرتهم والتزامهم بالاضطلاع بالمسؤولية عن وضعهم الاجتماعي والعمل بأنفسهم لتغيير
ظروف الواقع ،بدل ًا من ترك عمليات صنع القرار بيد السلطات وصانعي السياسات فقط .
من المهم الإشارة إلى أن عمليات الحوار ليست جديدة ،وهناك دليل على أن هذه العمليات كانت موجودة
منذ مئات السنين ،كما هو الحال في المثال الكلاسيكي بصدد الديمقراطية في أثينا .في العقود الأخيرة ،تتطور
ممارسات مختلفة ومسارات لإدارة خطاب ذي خصائص مختلفة ويتم ملا َءمته لتلبية الاحتياجات المتميزة
والطابع المتميز للمشاكل والسياق المُعطى .ضمن المعايير الآخذة بالتطور ،يتم دمج فئات سكانية مختلفة في
عمليات الحوار على مستويات مختلفة من المشاركة ،حتى لو بقي اتخاذ القرار ،في نهاية الأمر ،بحوزة صانعي
السياسات .يصبح المجتمع المدني ،الذي يشمل المنظمات والناشطين الاجتماعيين ،لاعباً مهماً ومؤثراً في تطوير
وتنفيذ السياسة العامة؛ يتعاظم الاعتراف أن لدى الجمعيات والجهات الفاعلة المختلفة ،أحيانًا ،معرفة وخبرة
لا تملكها الحكومة ،وكذلك امتلاك القدرة على قيادة العمليات وتنفيذها بفعالية وكفاءة.
مشاركة الجمهور تتناول مختلف المجالات ،وقد تمت دراستها في العديد من التخصصات الأكاديمية ،بما في
ذلك السياسة العامة والإدارة العامة والتخطيط وتسوية النزاعات والقيادة والإعلام .
.Iمن "الحكومة" إلى "حوكمة دامجة"
المفهوم الذي ش ّخص السلطة بأنها "الحكومة" ( ،)governmentوالذي يَعتبر القيادة المنتخبة هي الهيئة
المهيمنة الوحيدة في وضع السياسة وتنفيذها ،يُفسح المجال لنموذج "الحوكمة" ( ،)governanceالذي يؤكد
على مجمل العمليات المرتبطة بالسلطة ،صنع القرار ،توازنات القوى والقيادة السياسية – بيد الحكومة،
ال ّسوق ،الشبكات السياسية ،المنظمات الاجتماعية ،المنظمات غير الرسمية ،الشركات المحلية والدولية – وعلى
العلاقات المتبادلة بينها .يتم وصف ال ُحكم بأنه "فن الحكم على المجتمعات بالطرق التعاونية ،الحوارية
والمقاضاة والدمج" (لاينينجر .)2006 ،بموجب هذا النموذج الجديد ،يُنظر إلى الحوكمة على أنها عملية لوضع
| 234الباب الأول الخلفية النظرية
وتنفيذ سياسات تعتمد على أهداف مشتركة للمواطنين والمنظمات ،والتي لا تتمتع بالضرورة بسلطة رسمية.
ممارسات الحوكمة الجديدة من هذا النوع تُقيم ،على سبيل المثال ،شبكات تتجاوز دوائر الحكومة – في بعض
الأحيان بصفتها عمليات متواصلة وأحيانا عمليات محددة بالوقت – تشارك فيها منظمات عامة ،منظمات
خاصة ومنظمات غير ربحية والجمهور .
كذلك ،يتم في النزاعات العامة في إطار مفهوم الحوكمة المدمجة استخدام عمليات التقاضي المعقدة ،حيث يتم
اجتماع أصحاب الشأن مع ممثلي فئات سكانية مختلفة .وذلك انطلاقًا من الإدراك أنه من خلال عملية الحوار
وبناء الاتفاقات بالإمكان تج ّنب التصعيد والاستقطاب بين المجموعات ذات المصالح المختلفة والمساعدة في
إيجاد حلول إبداعية ،حلول بصيغة win-winالتي تمكن من تقديم الردود المُرضية ،أو ذلك الرد الذي يمكن
التعايش معه على الأقل ،بالنسبة للجميع .هذه العمليات ذات قيمة كبيرة لأنها تسمح للمشاركين بتجاوز
ضيق الأفق بشأن المصلحة ،وتشجيع رؤية منهجية مع َّقدة تأخذ في الاعتبار مستويات مختلفة من احتياجات
ومصالح جميع أصحاب المصالح ،وذلك إلى جانب التدريب على مهارات الحوار والتعاون .تم ّيز الأدبيات
بين الإجراءات الهادفة لحل مشكلة عينية وبين الإجراءات التي يجتمع في إطارها أصحاب المصالح والشركاء
في منظومة معقدة بهدف بناء القدرة على الحوار والتعاون بشكل مستمر وأفضل ،سواء لإنتاج التعاون/
الشراكات لتحقيق أرباح أعلى للجميع (استنفاد أفضل للربح من الموارد القائمة) ،أو إذا كان ينبغي اتخاذ
إجراءات وقائية حيال تصعيد مستقبلي محتمل لنزاعات قبل نشوبها.
يم ّيز نموذج آخر ( )NCDD 2013بين أربعة أنواع رئيسية من عمليات الحوار والخطاب :البحث
( ،)Explorationتحويل الصراع ( ،)Conflict Transformationاتخاذ القرارات ()Decision Making
والعمل بشكل تعاوني ( .)Collaborative Actionعلى مو ّجه العملية أن يساعد في تمييز العملية المطلوبة
وبلورتها وف ًقا لذلك.
تسعى الحوكمة الدامجة إلى الإشراك في عملية صنع القرار ،وتش ّجع استقلالية المواطنين ،وتوفر عمليات تطوير
الجيد المشترَك من خلال مشاركة المواطنين والأطراف المعنيّة .ليس هذا هو المكان المناسب للتوسع في العديد
من الممارسات التي تطورت في السنوات الأخيرة وهي جزء من مجموعة واسعة من الأدوات لإدارة العمليات
في الخطاب وفي المشا َركة .ومع ذلك ،من المهم التوسع في مسألة إشراك الجمهور في عمليات اتخاذ القرارات.
.IIمشاركة الجمهور
مشاركة الجمهور ( )public participationهو مصطلحُ كتبت عنه أدبيات كثيرة وتم تطوير ممارسات
متنوعة لإلتقاء مجموعات سكانية متنوعة مختلفة في عمليات متنوعة من الخطاب .تلعب هذه المفاهيم
والعمليات دو ًرا مه ًم في بناء مجتمع مشترك ،لأنها تشجع على التدخل والمشاركة من قبل فئات سكانية من
كافة ألوان الطيف في العمليات الاجتماعية – بما في ذلك السكان المه ّمشين ،غير المعتادين على هذا النوع من
الفاعليّة -حيث يتعزز الوعي بالقدرة على التأثير في بلورة السياسة وفي ظروف معيشتهم .تعترف عمليات
إشراك الجمهور بحق الجمهور في تلقي المعلومات التي تؤثر على اتخاذ القرار ،وكذلك الحق في التعبير عن
الآراء أمام واضعي السياسات بشكل مباشر ،وبالطبع– الحق في الوصول إلى عملية صنع القرار .يتم تمكين
المواطنين ( )empoweredلاكتساب معلومات ذات صلة ومعالجة معلومات تبدو أحيانًا "معقدة للغاية"،
وإبداء أحكامهم في عمليات اتخاذ القرارات المعقدة .من المهم أن تضمن عمليات إشراك الجمهور والأطراف
235
المعنية مبدأ الإنصاف ( )Equityومبدأ الشمولية ()Inclusiveness؛ ينبغي إشراك جميع المصالح ذات الصلة
وكل شخص يرغب بأن يكون مشا ِركًا في العمل بشأن القضايا الماثلة على جدول البحث.
هناك صلة مباشرة بين عمليات الإشراك وبلورة السياسات المبنية على الاتفاق وبين مبدأ الاستدامة ،وذلك لأن
السياسات التي تخرج لح ّيز التنفيذ والتي شاركت الجهات المعنية في إقرارها وهي تتوافق مع آرائهم ،من
المرجح أن تكون مستدامة ،وأنه ستشارك الجهات المعنية في الجهود المبذولة لتنفيذها بفعالية ،بدافع إحساس
المسا َءلة ( )accountabilityوالملكية ( .)ownershipبالإضافة إلى ذلك ،فإن عمليات المشاركة والاندماج تُع َّمق
الشعور بالثقة لدى الأطراف المعنية والمواطنين حيال المؤسسة ،وتقلل من الشعور بالاغتراب الذي أحيانًا ما
يرافق تجربة اللقاء مع المؤسسة ،وهو اللقاء الذي من الممكن أن يُنظر إليه على أنه يحمل طابع المواجهة
والتهديد وأنه يخدم مصالح ضيقة وليست بالضرورة موضوعية.
لا يزال هناك َمن يعارض هذا التو ّجه الجديد ،سواء في أوساط المسؤولين أو في أوساط الجمهور ،إذا كان ذلك
من أجل الحفاظ على مراكز النفوذ ،أو إذا كان ذلك بسبب الإحباط وصعوبة الانتقال من المفاهيم السائدة،
وهي َه َرمية بطابَ ِعها ،إلى تصورات لامركزية السلطة وتسطيح التسلسل الهرمي .القبول بعمليات التقاضي
والمشاركة كمحرك للتطور والرفاهية يُسهم في التماسك الاجتماعي ،تعميق الاندماج ،المشا َركة الفعالة للجمهور
الذي يأخذ على عاتقه السيطرة والمسؤولية على ظروف حياته -كل ذلك ما زال يشكل تحديًا .أحيانًا ،نجد
حالات وسطية وازدواجية ،يتم خلالها ،على مستوى التصريحات ،اعتماد مفهوم الحوكمة والمشاركة ،وذلك
إلى جانب وجود فجوة كبيرة مقارنة مع مستوى التطبيق على أرض الواقع.
من المهم التأكيد على أن عملية مشاركة الجمهور والجهات المعن ّية ،لا تعني التخلي الكامل عن الصلاحيات
وتسليمها للجهات المعنيّة المختلفة؛ هذا تفسير متطرف وحتى أنه شعبوي لمبدأ المشاركة .من المهم مساعدة
المسؤولين أو القائم على العملية ،على تحديد الهدف من مشاركة الجمهور في العملية ،ولاح ًقا التأكد أي ًضا من
أن الهدف واضح للجمهور المشترك ومقبول عليه .أحد المحاور المتعارف عليها لوصف نطاق العمليات لمشاركة
الجهات المعنية والجمهور هو محور ( ،)IAP2الذي تم تطويره من قبل الرابطة الدولية لإشراك الجمهور
( .)International Association for Public Participationتمثل النقاط على المحور أهداف العملية ،أو
نطاق "الوعود" التي من الممكن ان يعدها القائم أو القائمة على العملية للمشاركين بشأن الطريقة التي سيتم
بها أخذ منتجات المشاركة بالاعتبار في عملية اتخاذ القرارات الرسمية .
للإشراك للتعاون للتمكين للتشاور للتبليغ
Empower Collaborate Engage Consult Inform
• •للتبليغ :منح أو تلقي معلومات من المشاركين بشأن مشاكل ،بدائل ،فرص ،وطرق حلول ممكنة؛
• •للاستشارة :لتلقي ردود ،مشورة أو “فيدباك” ،لمرة واحدة أو بشكل مستمر بشأن المشاكل ،البدائل و/
أو الحلول؛
• •الإشراك :لإشراك المشاركين بنشاط فعال في دراسة المواضيع ،بلورة مقترحات لبدائل ،اختيار الأولويات
وتقديم الردود لضمان أن فهم المصالح ،الاحتياجات والتطلعات بشكل مستمر وأن يتم أخذها بالحسبان;
| 236الباب الأول الخلفية النظرية
• •للتعاون :يعمل المشاركون م ًعا على حل مشترك للمشاكل ويتقاسمون المسؤولية بشأن تطوير البدائل
واتخاذ القرارات بشأن الحلول المفضلة؛
• •للتمكين :لتمكين المشاركين من اتخاذ القرارات بأنفسهم ،من خلال منحهم الصلاحية لحسم الأمور بشكل
مطلق (في أحيان قليلة ما يتم تطبيق هذا الجزء على المحور).
كما ذكرنا ساب ًقا ،تطورت العديد من الممارسات التي تتطلب من المختصين المساعدة في التحريك ،الب ّناء
والمحافظة على مساحات التقاضي والخطاب ،سعياً إلى مساعدتهم على أن يكونوا حواريين قدر الإمكان.
إلى جانب ذلك وفي إطار تطوير مفهوم الديمقراطية التشاركية ،يتعاظم الاعتراف بالدور القيادي لأصحاب
الوظائف ،وأولئك الذين لا يشغلون المواقع ذات الصلاحية الرسمية في الح ّيز العام ،وفي الحال الذي تمر به
تصورات القيادة السائدة أي ًضا بتغييرات في النموذج .
.IIIالتغييرات في نموذج القيادة
إذا اتخذ صاحب الصلاحية ،في عمليات صنع القرارات "التقليدية" ،القرارات بنفسه ،في مسار حواري وإشراك
الجهات المعنية ،فبالإمكان أن يضطلع بدور "ال ّداعي" ( ،)convenerالذي يجلب جميع أصحاب الشأن "إلى
الطاولة" دون فرض قرارات من جانب واحد .
وكما هو الحال في الشكل الذي تُع ّب فيه الحوكمة المُدمجة عن التطلع إلى الابتعاد عن هياكل اتخاذ قرارات
الربح ،فإن روح العصر تؤثر أي ًضا على النظرية والممارسة التي يتطور فيهما مجال القيادة .هناك موضوع
رئيسي عابر للعديد من نظريات القيادة هدفه مساعدة القادة على تحدي مفهوم القيادة التقليدية ،امتلاك
الصلاحيات والهرمية .هناك توقع من القادة أن يقوموا بتحريك أولئك الذين يعملون معهم بأن يأخذوا دو ًرا
مركزيًا أكثر من الدور الذي لعبوه بشكل تقليدي .يُنظر إلى القائد على أنه الداعم ،باعتباره المُنتج للظروف
التي تسمح للآخرين بالازدهار ،وبوصفه مط ّو ًرا للشعور بالملكية والمسؤولية لدى الأشخاص الذين يعمل
معهم ،ويم ّكنهم بأن يأخذوا على عاتقهم أدوا ًرا أساسية أكثر في عمليات البلورة وصنع القرار في الحيّز العام.
الإدراك أن الحيّز العام وبيئة العمل كجزء منها ،مبني على أساس شبكات ،يعمل بها الناس والمنظمات على
أساس الاعتماد المتبادل ،حيث يدركون أنه من أجل مواجهة معظم التحديات ،هناك حاجة إلى التعاون مع
الآخرين ،الأمر الذي يؤدي إلى الإدراك أن مهمة القائد والمدير تكون بالأساس ،احيانًا ،توفير الظروف اللازمة
لبناء وتعزيز هذه الشبكات .وذلك ،من خلال إشراك جهات لا تخضع بالضرورة له .المنظمات والشركات ،كما
هو الحال في الإدارات العامة التي تتبنى مفاهيم وممارسات الحوكمة ،يسطّحون نشاطهم من أشكال الإدارة
الهرمية إلى الشبكات ،والأشكال التي تُتّخذ بها القرارات تمر في طور التغيير من الوضع العمودي إلى الأفقي.
وهذا الأمر يتطلب قد ًرا كبي ًرا من التنسيق واللقاءات والاحتواء ،الأمر الذي يتطلب مهارات من نوع جديد.
في النظام الناشئ للقيادة ،يتم التركيز على تحسين مهارات الاتصال والخطاب :لدى الانتقال من المنظور
الهرمي ،من المهم أن يمتنع القائد عن فرض نفسه ورأيه ،وبدل ًا من ذلك ،عليه أن يعمل على التواصل الصريح
والتعاون بين الشركاء في مجال العمل وعمليات البحث والتعلم .القائد الجيد هو شخص يتمتع بقدرة جيدة
على الإصغاء ،ولديه القدرة على تشخيص احتياجات ومصالح الجهات المعنية المختلفة ،وهو منفتح على التَ َعلُّم
من جديد وعلى تشجيع الآخرين على إسماع صوتهم .تر ّكز أدبيات القيادة وتأهيل القادة ،بشكل بارز ،على
حل المشكلات ،التفاوض ،الحوار ،بناء العلاقات ،تعزيز العمل الجماعي وبناء الاتفاقات ،بحيث أن الموضوعات
237
( )themeالرئيسية التي يتم تأكيدها والتي تشكل تحديًا للأشخاص الذين يشكلون مصد ًرا للصلاحيات هي
تعليق الأحكام والقدرة على العيش مع انعدام اليقين وحالات من عدم الاستقرار ،أي عدم حيازة جميع
الإجابات وتمكين وصول معرفة جديدة قد تؤثر على النتائج التي من الممكن الحصول عليها من التفاعل نفسه .
يستمد الناس سلطتهم ليس فقط من الدور الرسمي الذي يلعبونه .في الواقع ،يشير مجال القيادة الذي يركز
على المجتمع في العقود الأخيرة بشكل متزايد على القيادة التي تنشأ من داخل المجتمع .لا يوجد تشخيص
واضح لدور واحد يلبي تعريف القائد المجتمعي :هل الحديث عن قائد منت َخب ،عن منظمة قائدة للمجتمع،
عن رؤساء لجان ،عن ممثلي هيئات خارجية ،عن ناشطين اجتماعيين أو في الشبكات أو العاملين في المجتمع
أو أي شخص يلعب دو ًرا قياديًا في المجتمع (فوردو وآخرون )2000 ،تم نقل التركيز من القيادة الرسمية إلى
التعاون والحوار من أجل خلق ديناميكيات التغيير في المجتمع" ،شبكات من مسؤوليات مست َمدة من جميع
القطاعات ،تتجمع م ًعا لإنشاء شمولية تحوي التم ّيز" (غراندر ،مقدمة لبيرس وجونسون .)1997التأكيد على
أهمية المبادرين المجتمعيين أو النشطاء المجتمعيين (ليدبتر )1997لتوسيع تعريف القيادة غير المتعلقة بدور
مح َّدد .التركيز بشكل كبير على قدرة قائد المجتمع على تمكين المواطنين ،وكذلك على" تطوير قدرة النظام على
التواصل وخلق حوار حيث لا يتم توزيع النفوذ بالتساوي" (كيرك وشوتيه .)2004 ،حول القيادة المجتمعية،
يكتب ألتمان (ألتمان ،)2000 ،أنه يجب التأكيد على التمكين المجتمعي ،المستند على الإيمان بالديمقراطية
المو ّزعة ،الأمر الذي يعني أقصى مشاركة لغالبية السكان في حياتهم المجتمعية ،والإيمان أنه من الممكن تحسين
قدرة الناس على اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم .يحدث التمكين المجتمعي عندما تشارك مجموعات
ومنظمات من السكان ،أكثر من الخدمات الرسمية أو الهيئات الخارجية ،في اتخاذ القرارات المتعلقة بأهداف
المجتمع ،والعمل على تحقيق هذه الأهداف والاستفادة من هذا النشاط وتقديره.
من المهم بالنسبة لنا في إطار عمليات بناء الشراكات غرس مفهوم الديمقراطية المتقاضية وتعزيز ممارسات
الحوار والمشاركة ،أي ًضا بين الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية رسمية ،وأي ًضا في أوساط القيادة الناشئة
من القاعدة ،ومن بين وكلاء التغيير المؤ َهلين كمخت ّصين لإدارة هذه العمليات في الممارسة ومي ّسين للعملية
(( )facilitatorsانظر المزيد حول تأهيل المهنيين في فصل القيادة الإقليمية للوساطة في بوابة "العمل
الإقليمي") .
| 238الباب الأول الخلفية النظرية
إقرأ المزيد
الفصل الأول
דו"ח ועדת החקירה הממלכתית לבירור ההתנגשויות בין כוחות הביטחון לאזרחים.)2003( . ת,אור
http://elyon1.court.gov.il/heb/veadot/or/inside1.htm דין וחשבון,2000 הישראלים באוקטובר
.141-171 ,21 , עיונים בתקומת ישראל, נרטיבים של סכסוך.)2011( . מ,און-בר
המכון: ירושלים. מאפיינים ואתגרים: השסע היהודי הערבי בישראל.)1999( . ע,ריא- אבו,. ר.גביזון
http://bit.do/standpage ,הישראלי לדמוקרטיה
:אביב- תל.שלום- מפגשי יהודים ערבים בנוה: יהודים וערבים: דיאלוג בין זהויות.)2000( . ר,חלבי
.הקיבוץ המאוחד
עת לשינוי אסטרטגי בתהליכי השילוב:הפלסטינית במדינת ישראל- החברה הערבית.)2016( . א,לביא
. המכון למחקרי ביטחון לאומי:אביב- רמת.והשוויון
https://www.idc. המרכז הבינתחומי: הרצליה. אסופת מאמרים: ישראליות משותפת.)2017( . א,מינץ
ac.il/he/research/ips/Documents/publication/4/4tribes2017.pdf
דו"ח הוועדה הציבורית לגיבוש המדיניות הממלכתית בנושא חינוך.)2009( . מ, עיסאווי,. ג,סלומון
. משרד החינוך: ירושלים.לחיים משותפים בין יהודים לבין ערבים בישראל
.עט- עלו:גן- רמת. לכידות חברתית ועתיד ישראל: מקום לכולנו.)2017( . מ,פרשקר
https://www.youtube.com/watch?v=hmRDrH5VcNY .) נאום ארבעת השבטים2015( . ר,ריבלין
Abu-Nimer, M. (2004). Coexistence and Arab-Jewish encounters in Israel: Potential and
challenges. Journal of social issues, 60(2), 404-422.
Amir, Y. (1969). Contact hypothesis in ethnic relations. Psychological Bulletin 71, 319-343.
Bar-Tal, D., Salomon. (2006). Israeli-Jewish Narratives of the Israeli-Palestinian Conflict:
Evolution, Content, Functions and Consequences, in: R. Rotberg (ed.), Israeli and Palestinian
Narratives of Conflict: History's Double Helix. Bloomington, Indiana: Indiana University Press,
pp. 19-46.
Club de Madrid. (2009). The Shared Society Project: A Call to Action for Leadership to Build
Shared Societies http://www.clubmadrid.org/wp-content/uploads/2017/10/5.-A-call-to-action-
for-leadership.pdf
Fitzduff, M. (2013). Public Policies in Shared Societies: A Comparative Approach. New-York: pelgrave.
Ifat Maoz. (2011). Does contact work in protracted asymmetrical conflict? Appraising 20 years
of reconciliation-aimed encounters between Israeli Jews and Palestinians, Journal of Peace
Research, 48(1), 115-125.
May, T. (2017). I’m determined to build the shared society for everyone. The Telegraph News, Jan. 7,
239
2017, at http://www.telegraph.co.uk/news/2017/01/07/determined-build-sharedsociety-everyone/
McCartney, C. (2018). The Development of the Shared Society Project and Shared Society
Concept (not published).
Nagle, J., Clancy, M. (2010). Shared Society or Benign Apartheid? Understanding Peace-Building
in Divided Societies. London, UK: Palgrave Macmillan.
Pettigrew, T. (1998). Intergroup contact theory, Annual Review of Psychology, 49, 65-85.
Ron, Y., Maoz, I. (2013). Dangerous Stories: Encountering Narratives of the Other in the
Israeli–Palestinian Conflict, Peace and Conflict: Journal of Peace Psychology, 19(3), 281-294.
Salomon, G. (2004). A Narrative‐Based View of Coexistence Education. Social Issues, 60(2),
273-287.
الفصل الثاني
Bush, R.A.B, Folger, J.P., (2005). The Promise of Mediation: The Transformative Approach to
Conflict (New and Revised Edition). San-Francisco, CA: Jossey-Bass.
Gergen, K. J. (2009). Relational being: Beyond self and community. New York: Oxford University
Press.
Kuttner, R. (2010). From Adversity to Relationality: A Buddhist-Oriented Relational View of
Integrative Negotiation and Mediation. Ohio State Journal on Dispute Resolution, 25(4), 931-974.
Winslade, J., Monk, G. (2000). Narrative mediation: a new approach to conflict resolution. San
Francisco, CA: Jossey-Bass.
الفصل الثالث
מוסד ביאליק: ירושלים. אני ואתה.)]1923[2016( . מ,בובר
Bohm, D. (2000[1996]). On dialogue. London & New York: Routledge.
Buber, M. (1987[1923]). I and thou. New York: Macmillan.
Buber, M. (2002[1932]). Dialogue. In Buber, M. Between man and man, New York: Routledge.
Gergen, K. (1999). Dialogic Potentials. In Gergen, K. An Invitation to Social Construction.
Thousand-Oaks, CA: Sage, 142-166.
Kahhanof, M. (2016). Jews and Arabs in Israel encountering their identities. Lanham, MD:
Lexington Books.
Kegan, R. (1982). The Evolving Self: Problem and Process in Human Development. Cambridge,
Massachusetts: Harvard University Press.
Kuttner, R. (2012). Cultivating Dialogue: From Fragmentation to Relationality in Conflict
Interaction. Negotiation Journal, 28(3), 315-335.
| الباب الأول الخلفية النظرية240
Shoter, J., McNamee, S. (2004). Dialogue, creativity and change. In Anderson, R., Baxter, L., Cissna,
K. (Eds.), Dialogue: theorizing difference in communication studies. Thousand Oaks, CA: Sage.
Taylor, C. (1991). The dialogic self. In Hilly, D., Bohman J., Shusterman, R. (Eds.). The
interpretive turn: philosophy, science, culture. Ithaca, NY: Cornell Univ. Press.
الفصل الرابع
/http://www.givathaviva.org/heb ,אתר גבעת חביבה
. מוסד ביאליק: ירושלים. יהודים וערבים במפגש: דיאלוג חשוף.)2010( . מ,כהנוב
קידום שותפויות בין: אזורי שוויון.)2014( . ג, עסאקלה,. ר, גרליץ,. י, מעוז,. ג, כהן,. ח, מרעי,. ר,סבג
. סיכוי: ירושלים.רשויות מוניציפליות יהודיות וערביות
קהילתי בין יהודים- שינוי פרדיגמה בבניית שלום בין:קיום לחברה משותפת- מדו.)2017( . ר,קוטנר
From Co-existence to Shared Society. Negotiation and Conflict ) (תרגום.וערבים בישראל
Management Research, 10(3), 179-198 https://online.anyflip.com/aylq/tnyu/mobile/index.html
www.shatil.org.il/ . שתיל: ירושלים. פרקטיקות של עבודה משותפת.).2006( . ת,ליפשיץ-רובל
download/file/fid/175
Gray, B. (2000). Assessing Inter-Organizational Collaboration: Multiple Conceptions and
Multiple Methods. In Faulkner, D., de Rond, M. (Eds.), Perspectives on Collaboration. New
York: Oxford University Press, Pp. 243-260.
Innes, J.E., Booher, D. (1999). Consensus Building and Complex Adaptive Systems: A
Framework for Evaluating Collaborative Planning. Journal of the American Planning
Association, 65(4), 412-423.
Kuttner, R. (2017). From Co-existence to Shared Society: A Paradigm Shift in Intercommunity
Peacebuilding Among Jews and Arabs in Israel, Negotiation and Conflict Management Research
,10(3), 179-198.
Shotter, J. (2006). Understanding process from within: An argument for ‘withness’-thinking,
Organization Studies, 27(4), 585–604.
Vandeventer, P., Mandell, M. (2011). Networks That Work: A Practitioner’s Guide to managing
Networked Action. Los-Angeles, CA: Hershey.
الفصل الخامس
Bryson, J., Crosby, B., Stone, M. (2006). The Design and Implementation of Cross-Sector
Collaborations: Propositions from the Literature. Public Administration Review, 66(1), 44-55.
Heifetz, R., Grashow, A., and Linsky, M. (2009). The Practice of Adaptive Leadership: Tools and
Tactics for Changing Your Organization and the World. Cambridge, MA: Harvard Business Press.
Kania, J., Kramer. M. (2011). Collective Impact. Stanford Information Review. https://ssir.org/
articles/entry/collective_impact#
241
Kania, J., Kramer, M. (2013). Embracing Emergence: How Collective Impact Addresses
Complexity. Stanford Information Review. https://ssir.org/articles/entry/social_progress_
through_collective_impact
Milward, H., Provan, K. (2006). A Manager’s Guide to Choosing and Using Collaborative
Networks. IBM Center for the Business of Government. http://www.businessofgovernment.
org/sites/default/files/CollaborativeNetworks.pdf
Turner, S., Merchant, K., Kania, J., Martin, E. (2012). Understanding the Value of Backbone
Organizations in Collective Impact. Stanford Information Review.
https://ssir.org/articles/entry/understanding_the_value_of_backbone_organizations_in_
collective_impact_1
الفصل السادس
. החברה למרכזים ולמנהלים קהילתיים בירושלים. מנהיגות קהילתית.)1996( . אבי,אלטמן
.11-31 ,)2015( ' כרך ז, מעשי משפט. משילות משולבת להלכה ולמעשה.)2007( . גש א,. ג,אנסל
. הוצ' הקיבוץ המאוחד:אביב- תל. הדרך שלך להשפיע: השתתפות.)2003( . א, סדן,. א,צ'רצ'מן
: אבן יהודה. סקירה בינלאומית:מגזרי- תהליכי שיח ושיתוף פעולה בין.)2014( . ר, קוטנר,. ע,קבילי
http://bit.do/dialogpro ,שיתופים
בחינה מחודשת של תפקידו של מומחה הקונפליקטים:כמנהיגים-קונפליקטים- מומחי.)2011( . ר,קוטנר
The Conflict Specialist as Leader: Revisiting the Role of the ) (תרגום.מנקודת מבט של מנהיגות
Conflict Specialist from a Leadership Perspective. Conflict Resolution Quarterly, 29(2), 103-126
http://bit.do/conexp
Carlson, C. (1999). “Convening,” in Susskind, L., McKearnan, S., Tomas-Larmer, J., The
Consensus Building Handbook. Thousand Oaks, CA: Sage, pp. 99-136.
Gerzon, M. (2006). Leading Through Conflict. Cambridge, MA: Harvard Business Press.
Kirk, P., Shutte, A. (2004). “Community Leadership Development”, Community Development
Journal, 39(3), 234-252.
Kuttner, R. (2011). The Conflict Specialist as Leader: Revisiting the Role of the Conflict
Specialist from a Leadership Perspective. Conflict Resolution Quarterly, 29(2), 103-126.
Leighninger, M. (2006). The Next Form of Democracy: How Expert Rule Is Giving Way to Shared
Governance – and Why Politics Will Never Be the Same. Nashville: Vanderbilt University Press.
Peirce N., Johnson, C. (1997). Boundary Crossers: Community Leadership for a Global Age.
London, UK: Windows Academy.
The National Coalition for Dialogue & Deliberation (NCDD), core principles for public
engagement, http://ncdd.org/rc/item/3643/.
| الباب الأول الخلفية النظرية242
الباب الثاني
"الشراكة بين المجتمعات"
استهلال
يعرض هذا الجزء نموذج عمل جفعات حبيبة في مرافقة الشراكات .أساس "الشراكة بين المجتمعات" هو إنشاء
شبكة من الشراكات بين المجتمعات المتجاورة في منطقة وادي عارة .تقوم جفعات حبيبة بوصل الأدوات
التربوية والمجتمعية التي تم تطويرها على مدار 50عا ًما في المركز اليهودي العربي للسلام ،مع علاقات العمل
طويلة المدى وعلاقات الثقة مع مختلف السلطات في المنطقة ،لإنشاء برنامج طويل الأمد ،متعددة الأعمار
ومتعدد المجالات ،لتغيير المناخ البيئي والاجتماعي في المجتمع وبين المجتمعات ،والانتقال من هناك إلى
المنطقة وخارجها -نحو تأثير ج ّدي من شأنه تعزيز بناء مجتمع مشترَك في الدولة.
يعمل البرنامج في ثلاث دوائر بشكل متوا ٍز :المحلية ،المجتمعية والتربوية .إن التركيز على الدوائر الثلاث مصدره
الرغبة في الإصغاء للاحتياجات الأساسية المختلفة والأهداف المختلفة التي يعبر عنها غال ًبا الطرفان في العلاقات
بين اليهود والعرب .وبينما يركز اليهود ،عاد ًة ،على بناء العلاقات والحصول على الإعتراف من المجتمعات
العربية بحقهم في وجود قومية يهودية في فلسطين ،وبالتالي تعزيز الشعور بالأمان والسكينة ،فإن هدف
المشاركين العرب هو رؤية أنشطة تم ّكن من توزيع أكثر إنصافًا للموارد والمساواة والعدالة (حلبي2000 ،؛
.)Kahanoff ،2016تم إعداد البرنامج بطريقة تساعد كلا الطرفين :الأنشطة المجتمعية مو َجهة بالأساس إلى
التواصل وإلى مشاريع أُناس -مع -أناس ،مما يعزز بناء العلاقات والتعارف .في المقابل ،فإن الدائرة المحلية
تُعنى بتطوير بنى تحتية مشتركة جديدة ،وخلق الأسس للمساواة والمنال ّية المتكافئة للنفوذ وموارد الدولة.
تركز دائرة التربية ولتعليم على تنمية الموارد البشرية ،من خلال تبني فكرة مجتمع مشترك منذ الطفولة ،على
النحو المذكور أعلاه ،إلى جانب البرامج التربوية الأخرى التي تجمع الطلاب والمربين في مجموعة متنوعة من
الأشكال ،مع مجموعة متنوعة من الأهداف التطويرية.
الفرضية الأساسية لجفعات حبيبة هي أنه من أجل تحقيق تغيير مستدام وعلى مستوى النظام كله ،من
الضروري إقامة شراكات في الدوائر الثلاث ،مع تشجيع التعاون والتغذية المتبا َدلة بهدف ترسيخ الوعي
بالشراكة .ضمن إطار البرنامج تُقام بنية تحتية داخلية في السلطات المحلية تعمل بالتنسيق مع الأطر
المحلية الحالية والجهات المختلفة من المجتمع المدني وقطاع الأعمال ،لتنفيذ الخطة ،وذلك بالتعاون
مع السلطة المجاورة .هذا الأمر ليس تعاونًا مؤسسات ًيا بحتًا ،حيث إن هذه الأُطر المحلية ستعزز نوا ًة
من القيادة المجتمعية والناشطين الذين سيقومون بضم ،من خلال الأنشطة الميدانية ،المزيد والمزيد
من الشركاء .من المهم التغذية بين هذه الدوائر ،من خلال إنشاء الوعي بمعادلة win-winوممارسات
للتعاون بين مختلف أصحاب المراكز من الدوائر المختلفة ،الذين يعملون م ًعا في طاقم القيادة /لجنة
التوجيه .وهكذا ،يجد تو ّجه التأثير الجماعي والتعاون بين القطاعات ،الذين تم الحديث عنهم بتوسع في
القسم النظري ،التعبير عنه أي ًضا في التضمين الداخلي لأعمال الشراكة ،حيث تتواصل القوى العاملة في كل
دائرة من الدوائر وتغذي بعضها البعض وتخلق أنشطة وتأثيرات متعددة الطبقات -داخل المجتمع وبين
المجتمعات .وذلك من خلال مأسسة العمل اليهودي العربي كجزء من خطط عمل الأقسام المختلفة ،ومن
خلال بناء مؤسسات جديدة في المجتمع تدعمها السلطات ،وبالتالي تجذير ممارسات العمل اليهودي العربي
المشترك وبناء واقع مستدام للحياة المشتركة ،كما هو مو ّضح لاح ًقا.
| 244الباب الثاني "الشراكة بين المجتمعات"
في إطار الهدف الرئيسي لإعداد البنية التحتية لإنشاء مجتمع مشترك ،تتمثل الأهداف الرئيسية في :إنشاء أطر
وآليات مستدامة للتعاون بين وداخل المجتمعات المنقسمة على نفسها؛ خلق تعاون واسع بين المجتمعات
المتجاورة وكذلك القدرة على التعاون مع مؤسسات الدولة؛ تأهيل المجتمعات المشاركة لإعداد وتنفيذ برامج
بلدية داخلية وتفاعلية تلبي الاحتياجات المشتركة وتع ّزز المصالح المشتركة؛ تفعيل مشاريع مشتركة مع
إلزام أشخاص من السلطات المشاركة ليدفعوا التغيير وتمكينهم من العمل م ًعا؛ تطوير نموذج لإقامة ودعم
الشراكات بين المجتمعات اليهودية والعربية المتجاورة ،والتي يمكن تنفيذها في البرامج المستقبلية في إسرائيل
وفي مجتمعات أخرى منقسمة على نفسها ،وبالتالي توسيع دائرة التأثير.
برنامج "الشراكة بين المجتمعات" هو برنامج تدخل يتطلب أربع سنوات على الأقل ،حيث يبني تعاونًا مو َّج ًها،
محد ًدا ومفي ًدا للطرفين ،على طريق بناء الوعي وممارسات الشراكة بمعناها العميق ،تمش ًيا مع المبادئ الواردة
في الفصل الرابع في القسم النظري.
في إطار برنامج الشراكة ،رافقت جفعات حبيبة خلال العقد الماضي 5شراكات بين أزواج مجتمعات تقع على
طول وادي عارة وجنوبها:
245
برديس حنا كركور ( 41,000نسمة) وكفر قرع ( 18,000نسمة) ،ابتدا ًء من عام .2010عززت هذه الشراكة
في المقام الأول أنشطة في مجال المجتمع والتربية والتعليم؛ باقة الغربية ( 29,000نسمة) والمجلس الإقليمي
منشيه (20,000نسمة) ،اعتبا ًرا من عام .2014شجعت هذه الشراكة الأنشطة في مجالات البيئة ،الرياضة،
المجتمع والتربية والتعليم؛ المجلس الإقليمي مجيدو ( 11,500نسمة) والمجلس المحلي طلعة عارة (14,500
نسمة) ،ابتدا ًء من عام .2015عززت الشراكة أنشطة في مجالات البيئة ،تطوير البنية التحتية ،التطوير
الاقتصادي ،الفنون ،المجتمع والتربية والتعليم؛ المجلس الإقليمي عيمق حيفر ( 42,000نسمة) والمجلس
المحلي زيمر ( 7,000نسمة) ،اعتبا ًرا من عام .2016عززت الشراكة الأنشطة في مجالات التطوير الاقتصادي،
المجتمع والتربية والتعليم؛ المجلس الإقليمي ليف هشارون ( 24,000نسمة) وقلنسوة ( 22,500نسمة)،
ابتدا ًء من عام .2017واجهت هذه الشراكة صعوبات من المراحل المبكرة وتم بذل الجهود لتعزيز جوانب
مختلفة من الدوائر الثلاث.
طُلب من جفعات حبيبة أي ًضا تفعيل نموذج البرنامج في زوجين آخرين :بين منطقتي المزرعة وعفرون ،وبين
جفعات إيلاه وعيلوط ،الواقعة شمال وادي عارة .في كلتا الحالتين ،بعد مسح دقيق ،تقرر عدم الشروع في
البرنامج بسبب عدم نُضج السلطات لإنجاحه.
تتناول الفصول الثلاثة الأولى دوائر العمل الثلاث التي يركز عليها برنامج "الشراكة بين المجتمعات" -البرامج
المحلية ،المجتمعية والتربوية (سيتم تخصيص باب منفصل للدائرة الإقليمية لاح ًقا) ،وذلك من خلال إيراد
أمثلة عملية ومعضلات من الحقل .يعرض الفصل الرابع المراحل المختلفة في عملية التدخل البلدي ،وهو
نموذج عمل منظّم مع خطة منظمة بنيويةُ ،مست َم َّدة من المبادئ النظرية الواردة في الباب الأول والفصول
الثلاثة الأولى في هذا الباب .من المهم بالنسبة لنا أن نعكس ظروف الواقع الم َر ّكَب ،التي تستدعي إجراء
تغييرات وملا َءمات طوال الوقت ،والتي تطرح تحديات وجدنا أنه من المناسب طرح بعضها كجزء من عملية
تطوير المعرفة ،وذلك حتى عندما لا تتوفر لدينا إجابة واضحة حول كيفية التصرف .انطلاقًا من روح التعلم
الحواري ،ندعو القارئ إلى المشاركة في عمليات التعلم والحوار مع الأسئلة المنبثقة عن التجربة العملية في
الحقل ،حيث نرى فيها فر ًصا ممتازة للفحص والتطوير المهني.
| 246الباب الثاني "الشراكة بين المجتمعات"
الفصل الأول
الدائرة البلدية
.Iالشراكة بين السلطات
تُعتبر الشراكة المحلية ركيزة "الشراكة المجتمعية" .تقضي استراتيج ّية العمل بأن التغيير المستدام الذي يسعى
إلى تأسيس رؤية ومناخ للشراكة يتطلب العمل مع المسؤولين في السلطة البلدية ،بقيادة رئيس المجلس/
البلدية .الافتراض هنا هو أن تغيير الوعي وبناء مؤسسات ثابتة في العمل الجاري للسلطات سيتيحان إنشاء
البنية التحتية التنظيمية لبناء واقع جديد والمحافظة على الشراكة اليهودية العربية على المدى البعيد.
الهدف الرئيسي من "الشراكة بين المجتمعات" هو تعزيز مفهوم التعاون اليهودي العربي في مختلف مجالات
الحياة ،وذلك من خلال الاعتماد على الشراكة في المصالح ،والإدراك أنه من خلال العمل المشترك تنشأ
الإمكانيات لتعزيز المصالح المختلفة المشتركة .من خلال العمل مع السلطات وكبار المسؤولين فيها ،من المتوقع
أن يعود تعزيز الحياة المشتركة بالفائدة أي ًضا على السلطات نفسها ،على صعيد تعزيز النسيج المجتمعي،
ولكن ليس أقل ،وربما أكثر ،في تطوير العلاقات الاقتصادية ،تطوير التجارة والصناعة ،تعزيز الاستدامة والشؤون
البيئية والمعالجة المشت َركة للأضرار البيئية ،تعزيز التربية القيمية والمَ َدنية في المدارس والمجتمع ،وغيرها من
المجالات التي تسعى السلطة لتطويرها في أقسامها المختلفة.
كذلك تولي "الشراكة بين المجتمعات" ،أهمية كبرى لتغيير الوعي في أوساط القيادات العليا في الحكم المحلي:
وفي الوقت الذي يتم التركيز فيه في الكنيست والحكم المركزي على أوجه الخلاف والاستقطاب ،هناك حاجة
إلى تطوير نشيط وف ّعال في مجالات الشراكة التي تشمل الاعتراف ،التفهم والاحترام المتبادل ،حيث تبدأ هذه
الأمور بالقيادة ،ويتم التعبير العملي عنها من خلال العمل الجاري .إننا نرى في الحلقة الوسطىبين القيادة
القطرية والمواطن في المجتمع -أي الحكم المحلي -وكيل تغيير ها ًما يتمتع بصلاحيات وبقدرات كبيرة للتأثير
الملموس ولبناء الواقع على مستوى المدينة /المجلس المحلي /بين المجالس وعلى المستوى الإقليمي.
بهذا المعنى يتمتع الحكم المحلي بأفضلية كبيرة على الهيئات العامة الأخرى ،مثل المكاتب الحكومية أو
المجتمع المدني .أول ًا ،نظ ًرا لأن الحديث هو عن تعزيز الشراكات على مستوى المجالس في المدن المختلطة
والشراكات بين المجتمعات بين السلطات المحلية المتجاورة في مجلس إقليمي واحد ،يجب ألا تؤثر النزعات
السياسية ،من اليمين او اليسار ،على الأنشطة التي بادرت لها السلطات ،لأن تعزيز الشراكة هو لصالح سكان
هذه المجتمعات .ثانياً ،إن الجمعيات المختلفة التي تشارك في تعزيز الشراكة ،مثل جفعات حبيبة ،سيكوي،
ميرحفيم ،أو مبادرات صندوق إبراهيم وغيرها ،تتوجه عمو ًما الى فئات سكانية معينة (مثل طلاب المدارس،
الموظفين في القطاع العام ،إلخ) من خلال أساليب مثل التربية ،المرافَعة ،صياغة السياسات ،إلخ؛ بالمقابل،
يمكن للسلطات الشروع في أنشطة مختلفة ومتنوعة على أساس دعم الشراكة اليهودية العربية لمختلف
المجموعات ،ضمن عمل الأقسام المختلفة ،ابتدا ًء من أطفال المدارس وحتى بيوت المسنين ،ومن خلال الشباب
المعني بالعمل الجماهيري ،وحتى الكبار المعنيين بالنشاط الرياضي ،النشاط البيئي ،الثقافي ،الرفاه ،وحتى
قضايا”كبيرة" ،مثل الخرائط الهيكلية ،وتطوير ال ُبنى التحتية الاقتصادية والتشغيل.
247
من بين الافتراضات الأساسية لـجفعات حبيبة في العمل مع السلطات المحلية:
1.1بناء المجتمع المشترك في إسرائيل يتم "من القاعدة إلى القمة" -من حيّز الحياة اليومي للمواطنين (أي في السلطات
المحلية والإقليمية) يجري تطوير النماذج التي يتم تبنيها لاح ًقا من قبل صانعي السياسة كأسلوب عمل مقبول
من أجل حياة مشتركة بين الأغلبية القومية اليهودية والأقلية القومية العربية في دولتنا المشتركة -اسرائيل.
2.2تعترف السلطات المحلية والإقليمية بضرورة تطوير واقع تسوده الشراكة العادلة.
3.3السلطات مستعدة لتحمل مسؤولية ترجمة المبادرة لممارسة (لكنها تحتاج إلى المساعدة لتحقيق هذا الغرض).
4.4ترى السلطات بأنشطتها التمكينية هذه هدفًا استراتيجيًا وليس مجرد رد فعل قصير المدى.
5.5تعتبر السلطة المحلية نفسها مستقلة في اختيار أساليب عملها في هذا الموضوع ،مع ملا َءمة ذلك
لاحتياجات المكان وطبيعة السكان ،مم ّيزات المجتمع ،إحتياجات السكان ورغباتهم.
6.6تقوم السلطة المحلية ،ومن خلال مكاتبها وموظفيها ،بتطبيق ،بداخلها وتجاه سكانها ،ما تنطوي عليه
المبادرة الحالية :المساواة بين اليهود والعرب ،تق ّبل الآخر والتعاون.
بالنظر إلى كل هذه الأمور ،تضع جفعات حبيبة عد ًدا من المبادئ المو ّجهة التي يجب الأخذ بها ووضعها
كأهداف في العمل مع السلطات المحلية بكل ما يتعلق بالشراكة اليهودية العربية:
1.1هذا الموضوع هو جزء من جدول أعمال المجلس المحلي /البلدية – المعلن ،على مستوى سياسة السلطة،
وهو مض ّمن في مفهوم عملها ،ويتم إيصاله للجمهور على هذا النحو.
2.2ينعكس تنفيذ سياسة الحياة المشتركة في الميزانية البلدية ويتم تجسيدها في خطة العمل التي وافق عليها
مجلس المدينة ،أي أنها مذ ّوتة لدى المسؤولين في السلطة وفي عملهم الجاري.
3.3تشبيك الموضوع بشكل تكاملي وعلى مستوى ال ُّنظُم في مختلف مجالات حياة للمجلس /البلدية.
4.4بلورة خطة للحياة المشترَكة على أساس الحوار والمشاركة بين قطاعات المجتمع الثلاثة (الحكم المحلي،
قطاع الأعمال والمجتمع المدني والسكان) ،بينهم وبين القطاعات الثلاثة في مجتمع البلدة الثانية بقيادة
السلطة المجاورة.
5.5هناك رؤية لحياة مشتركة في مختلف مجالات الحياة بين الشركاء في العمل والحوار.
6.6الأنشطة المتعلقة بالحياة المشتركة هي متعددة السنوات ومتعددة الأعمار ،وعلى خط تواصل منهجي
وغير منهجي ،من الناحية العمرية والديموغرافية.
7.7برنامج لتعزيز الحياة المشتركة يسري على مختلف الفئات السكانية في المجلس /المدينة.
استقلال الافتراضات
السلطة الأساسية
في العمل
مط ّور السلطة في الاعتراف مسؤولية
لانشاء الممارسة بالضرورة المبادرة
أجواء العملية والتنفيذ
تعاونية
| 248الباب الثاني "الشراكة بين المجتمعات"
الخطوط العريضة لسياسة تعزيز الحياة المشتركة من قبل السلطات:
1.1الغرض من الفعاليات :المبادرة ،التخطيط وتنفيذ سلسلة من الفعاليات في نطاق السلطة المحلية ،المُ َع َّدة
لتعزيز حياة الشراكة اليهودية العربية داخل البلدة أو بالتعاون مع البلدة الجارة.
2.2مسؤولية السلطة المحلية :رعاية وتشجيع التعايش المبني على المساواة تقع على عاتق السلطة المحلية
أو سلطتين أو أكثر من السلطات المتعاونة في هذا الموضوع.
3.3خلق أجواء الشراكة المجتمعية :يتم تحقيق هذا الهدف بنجاح أكبر إذا خلقنا أجوا ًء عامة من الشراكة
في المجتمع /المجتمعات .بمعنى آخر ،فإن علاقة الشراكة ليست ناتجة عن " َه َوس" البعض لهذا الأمر،
بل أصبحت هاجس الجميع.
4.4نظام متكامل من الفعاليات :تقوم السلطة بالمبادرة وتنظيم النشاطات بهدف إنشاء نظام متكامل من
الفعاليات المرتبطة ببعضها البعض.
5.5الاختيار من سلة النشاطات :يتم اختيار النشاطات المختلفة بواسطة طاقم قيادي في السلطة المحلية من
سلة نشاطات مناسبة وقابلة للتنفيذ ،سوية مع السلطة المجاورة في الشراكة.
6.6منح الأفضلية للنشاطات المستمرة :لا يجري الحديث عن نشاطات لمرة واحدة وقصيرة الأمد (على الرغم
من أن هناك متس ًعا لهذه النشاطات أي ًضا) ،بل لنشاطات تستمر لوقت طويل ،حيث تكون المشا َركة
فيها مستقرة.
7.7الاستعانة بجهات خارجية :هناك نشاطات تستدعي إشراك هيئات الدولة أو منظمات غير ربحية ذات
خبرة ومتخصصة ،هناك أفضلية بأن تقوم السلطة المحلية بالمساهمة والاستشارة حيث يتطلب الأمر
ذلك .عندما يتعلق الأمر بنشاطات تتطلب مهارات مهنية – على السلطة أن تعمل بالتعاون مع هيئات
وجمعيات ذات الصلة.
الاختيار الخطوط
من سلة العريضة
الفعاليات
الاستمرارية
الأفضل
مسؤولية
السلطة
الاستعانة نظام تحديد
بجهات متكامل الهدف
خارجية
أجواء الشراكة
المجتمعية
249
إن اختيار السلطات المحلية كمحور عم ٍل رئيسي يستدعي النظر في عدد من التحديات ،والتي ظهرت على
مر السنين في مختلف الشراكات:
1.1الفجوات بين السلطات كبيرة وتتضح في المراحل المبكرة من العمل المشترك .تختلف البنى التحتية اختلافًا
جذريًا في عدة جوانب :حجم القوى العاملة في السلطات اليهودية أكبر ،الأمر الذي يؤدي لقدرة أكبر
على تخصيص موارد القوى العاملة للشراكة ،الحيلولة دون إرهاق العاملين فيها؛ الفجوات التأهيلية بين
العاملين في السلطات اليهودية والعربية ،سواء في التأهيل الذي يملكونه عند التحاقهم بالوظيفة أو من
حيث الفرص المتاحة للمسؤولين اليهود للمشاركة في التأهيل والاستكمالات الجارية؛ القرب من مصادر
القوة والمناليّة لمؤسسات الحكم المركزي أقل تطوراً في السلطات العربية؛ القدرات الاقتصادية للسلطات
وتجربتها في العمل مع المصادر المد ّرة للميزانيات (الحكومية وغير الحكومية ،على سبيل المثال ،الصناديق
المختلفة أو المتبرعين) .نضيف إلى ذلك أن "الشراكة المجتمعية" تعتمد على أنماط عمل "غربيّة" ،وبالتالي
قد تزيد الفجوة ،لأنها ملا ِئة أكثر لأنماط العمل الحالية في السلطات اليهودية وأقل في العربية (العمل
حسب أهداف محددة ،خطط عمل طويلة الأمد ،طواقم عمل تجتمع بانتظام طوال الوقت ،أداء المهام
وتحقيق انتاجية قابلة للقياس من لقاء إلى لقاء) .من المهم الإشارة إلى أن هذا التم ّيز الثقافي يتطلب
الاعتراف بالتنوع الثقافي ،الصبر والتأني أينما تكون هذه الثقافة أقل شيو ًعا ،الاستعداد للعمل بطريقة
تتيح المجال لوجود كل واحدة من الثقافات؛ في العديد من الحالات ،هذا الأمر يتطلب عم ًل شاقًا لتطوير
الملا َءمة الثقافية وإعداد المشاركين من السلطات اليهودية ،الذين يجدون صعوبة في العمل ضمن سياق
هذا النوع من تعدد الثقافات ،بما في ذلك تعلُّم العمل مع سلطة ذات وتيرة وثقافة عمل مختلفتين
ع ّم هم معتادون عليه ،وذلك دون الوقوع في اليأس أو إصدار الأحكام عندما لا تتقدم الأمور بالسرعة
المطلوبة .يتضمن هذا التعلّم الاعتراف بوضع السلطة العربية والظروف التي تعمل في ظلها والمعطيات
الأولية غير الجيدة والنابعة عن سنوات طويلة من الإهمال والتمييز في تخصيص الموارد من قبل الدولة.
من المهم أي ًضا أن نذكر هنا ان جفعات حبيبة قد حددت لنفسها بمرور الوقت هدفًا لتكييف أنماط
العمل "الغرب ّية" هذه كجزء من عملية تقليص الفجوات ،وكذلك لمساعدة السلطات العربية على بناء
مهارات تساعد على تلبية طلبات أو توقعات وزارة الداخلية.
2.2تؤدي الفجوات المذكورة أعلاه إلى تباين في التوقعات والآمال من الشراكة ،يجب الفحص بعناية مدى
الملا َءمة بين مظاهر الحماس وبين الحوافز المتعاظمة لعملية بناء شراكة مر َّكبة ،وذلك لسببين :الأول ،من
الممكن أن تكون التوقعات من الشراكة خاطئة ،إذا كان ذلك في السلطة العربية أو اليهودية .نلاحظ في
السلطة العربية في أحيان كثيرة توقعات بأن تلبي الشراكة الاحتياجات الأساسية وخلال وقت قصير ،من
خلال توجيه العمل إلى الاحتياجات النابعة عن النقص .من دون عملية متأنية وأحيانًا مركبة لملا َءمة
التوقعات وإنشاء بنية تحتية واقعية للعمل ضمن الشراكة ،فإن الشراكة محكوم عليها بفقدان السيطرة
وبالتالي فقدت من قوة الدفع في المراحل المبكرة ،وذلك على حساب القدرة على المواصلة لمسافات طويلة
تتطلبها هذه العملية الطويلة والمتأنية .السبب الثاني يتعلق بالقوى العاملة والقدرات في السلطة العربية
للحفاظ على القيام بعملية على المدى البعيد والمشاركة في برنامج يتطلب الموارد من الوقت وتركيز
طاقات غير متوفرة دائمًا .البنية التحتية للقوى العاملة في السلطات العربية محدودة ،وفي العديد من
الحالات يتم توجيه الاهتمام إلى إطفاء الحرائق وتوفير ردود فعل عاجلة لمشاكل آنية ناشئة ،بحيث لا
يتبقى الوقت للعمليات طويلة الأمد وللمهام التي يتطلبها تطوير المشاريع في طواقم العمل المختلفة.
| 250الباب الثاني "الشراكة بين المجتمعات"