19
نيمفو ...
ربما كانت عاهرة ،ربما إادعت البؤس وتصنعت المسكنة لشريف في محاولة أخيرة منها
لتقنع نفسها أنها ضحية مجتمع وضحية ذكورة.
ربما هي كل هذا واكثر ،وربما فعل ًا هي مجرد فتاة حلمت يوم ًا بفارس يركب حصان ًا
أبيض يخطفها ويهرب بها ويعيشان معا في سعادة إالى البد! وصدقت حلمها ولكنها
سرعان ما إاكتشفت أن الفارس جاءها بلا فرس ،كانت هي الفرس الذي إامتطاه
ليصل إالى هدفه ثم تركها تواجه مصيرها.
صدقت حلمها الذي ما لبث أن تحول إالى كابوس ،إالى ثقب أسود إابتلعها وابتلع أيامها
إالى أن وصلت إالى هذا السن ،سن اليأس ،سن تنظر فيه المرأة إالى نفسها ول
تعرفها ،ل تعرف نفسها ،فهيي مازالت تظن أنها تلك الطفلة التي هربت للتو من بيت
أهلها مع حبيبها ،هي تلك الطفلة التي ما زالت تفكر في حجة تخبرها لهلها حين
يسألوها " :أين كن ِت؟" .
ولكنها لم تعد طفلة ،حتى وإان كانت روحها كذلك ،حتى وإان كانت مازالت نفسها
تحتفظ ببراءة الاطفال ،إال أن جسدها لم يعرف معنى البراءة ،هي عاهرة ،هي من لم
تجد لها صديقة سوى تلك الصديقة التي رأتها لول مرة في ذلك البنسيون عندما
هاجمها صاحبه وضاجعها بالقوة قاتل ًا بذلك أخر أمل لها في النجاة.
قضى حينها على أخر عزم لديها في العودة ،علمت حينها انه حكم عليها بالسجن إالى
البد في ذلك السجن ،سجن القذارة كصديقتها الوسادة.
رأت نفسها في تلك الوسادة القذرة الملقاة على الرض في خنوع ،تلك الوسادة التي
تأففت من رائحتها عندما جاءت إالى تلك الغرفة لم تستطع أن تنام عليها بسبب نتانتها،
101
ولكنها الن تنظر إاليها بينما يعتليها هذا القذر بكل جسمه ،يرطمها بقوة بجسده محاو ًل
أن يجعلها تتأوه ليشعر بفحولته ولكن كيف لميتة أن تتأوه؟؟
هل يطلق الموتى صيحات النشوة أو اللم؟؟
كيف تتأوه وهي ماتت بدل المرة مرتين ،مرة حين خانها حبيبها وهرب والثانية تلك
حين دخل إاليها هذا الرجل الذي توسمت فيه للحظة أنه قد يكون لها عوض ًا عن
والدها الذي خانته ،ولكنه ها هو الن يجثم فوقها ،ينتهك جسدها ،يحاول بكل عنف
أن ينتزع منها أهة حتى وإان كانت أهة ألم ،ولكن لشيء! ،ولهذا بصق عليها تمام ًا
كتلك الوسادة الملقاة على الرض في كل بؤس وخزي وهوان.
وسادة لم تكن تختلف في شكلها أو تكوينها عن وسادتها التي كانت تعتز بها في بيتها
وكانت تحتضنها أثناء نومها ،ولكن لنه حكم عليها أن توضع هنا في هذا البنسيون
الرخيص أصبح هذا هو حالها ،مكانها الرض بدل الحضان والبصق بدل الكسوة
المزينة بالورود ،.وسادة رأت فيها مستقبلها الذي حدث بعد تلك الليلة بعدة ليالي،
شيء يستقبل المتعبين فقط ،يحتضنهنم ويحتضن احلامهم واوجاعهم حين يضيق عليهم
العالم .فهذا الفندق كان مقصد البسطاء الغرباء الذين اتوا إالى القاهرة لقضاء بعض
الاشغال سواء للكشف عند أحد الاطباء المشهورين أو ربما لزيارة قريب لم يكن
لديه مكان إلستضافتهم أو لتخليص معاملة في مصلحة حكومية أو من هؤلء الطلبة
الذين أتوا للدراسة أو من أهل القاهرة الذين طردهم اهلهم وذويهم.
أناس ضاقت بهم الحياة والدنيا بما رحبت ولم يجدوا سوى هذا البنسيون ليرضى
بإاستقبالهم بأقل مبلغ ،أتوا إالى هنا خائفين ،خائفين من كل شيء ،خائفين من أن
يكون البنسيون غالي ومن أل يكون فيه غرف فارغة.
أتوا إالى غرف مثل تلك الغرفة والشعور الول لديهم هوا إلمتنان الشديد لنهم وجدوا
اربعة جدران تأويهم وتحفظهم من المهانة وذل نوم الرصفة أو التعرض للمضايقات
والسرقة من الشقياء ،ا إلمتنان لن القليل الذي يملكونه كان كافي ًا لشيء ما غالي جد ًا
وهو السكن والمان في ظل جدران تستر ،ولكن كعادة البشر ،سرعان ما يتحول
102
هذا ا إلمتنان إالى شيء من ا إلمتعاص يتزايد شيئ ًا فشيئ مع كل لحظة حتى يتحول
إالى شعور مرير بالخديعة.
إامتعاص بسبب رائحة عطن السجائرالتي تثير السعال لدى الغير مدخنين ،إامتعاص
حين يكتشفون أنه ل يوجد حمام بالغرفة وإانما يوجد حمامات مشتركة للممر كله،
ومثلها مثل أي حمامات عامة تنبعث الرائحة العفنة منها ،رائحة نشادر البول وعفن
البراز ،وكن سكان البنسيون حديثوا العهد بركب ا إلنسانية أو بما يسمى بالحمامات
والمراحيض ،ففي هذه الحمامات رأت نيمفو العجب الذي كان يجعلها تتقيأ مرارًا وتكرارًا
طوال اليوم ،وما زالت حتى الن تتقيأ حين تتذكر المنظر.
كان الناس يتبرزون ويتبولون في الرض وكنهم تعمدوا قضاء حاجتهم في كل مكان إال
المرحاض نفسه ،كنهم وجدوا متعة في التبول على الرض والحرص الشديد على عدم
تسرب البول إالى البالوعات ليبقى بولهم وبرازهم علامة لهم ،مثلما تترك الكلاب
والحيوانات أثرًا على مناطقها الخاصة ،أو ربما ليخبروا من يدخل بعدهم أن فلان قد
مر من هنا ،قد قضى أحدهم حاجته في هذا الحمام وهذا حجم فضلاته فتفوق عليه إان
إاس تطعت!.
ربما كانوا يفعلون ذلك بسبب ظنهم أن قاعدة المرحاض ملوثة بالجراثيم وربما لن أحدهم
قد سقط منه بعض البول على الرض فأثار اشمئزاز من دخل بعده فتبول من بعيد
فزاد البول بحرًا وهكذا ،أو ربما فعلوا ذلك عند ًا في صاحب البنسيون الذي اعطاهم
غرفة قذرة ،المصابيح ضعيفة والجدران قذرة ،والرضية الوساخ عليها طبقات ،مرتبة
السرير قاسية كالحجر بلا ملاءة ،والوسادة ،يا للوسادة! ،سوداء ،عفنة الرائحة
بسبب كثرة الرؤس التي نامت عليها وبسبب الكثير من اللعاب الذي سال من
النائمين ،وربما مسح فيها أحد يديه أو قدميه ،وربما ثارت شهوة أحدهم وهو يقضي
ليلته وحيدا متذكرا حبيبته فلم يجد حوله سوى تلك الوسادة فضاجعها! ،وربما تبول
عليها أحدهم .الكثير من السيناريوهات القذرة المثيرة للغثيان قد تكون حدثت مع تلك
الوسادة الجميلة وحولتها من وسادة تحتضن الحلام إالى شيء قذر نتن يمسك بأطراف
103
الصابع ويلقى في أبعد ركن في الغرفة ،ولكن ليس بعد الن ،على القل ليس لتلك
الوسادة على القل ،فهذه الوسادة قد وجدت لها صديقة ،صديقة حقيقية ،صديقة لم
تجد لها من البشر حضن سوى تلك الوسادة القذرة ،إانسانة عاملها البشر كما عاملوا
تلك الوسادة ،إانها نيمفو ،والصديقة الوفية العزيزة على قلبها هي الوسادة القذرة!.
*************
104
20
لم يكن شريف يعير كل ذلك اهتمام ًا حقيقي ًا بينما هو في القرية ،النت ضعيف والحياة
تخنقه بإاخراجها المتكرر للسانها له لتخبره في كل مرة وفي كل لحظة كم هو فاشل!.
فاشل ..
فاشل ..
فاشل ..
يشعر بالفشل حين ينظر إالى بيته من الخارج واذ به الوحيد في الشارع الذي لم تلون
واجهته ،يرى الفشل حين يضطر إالى التسحب إالى شقته العليا ليشرب سيجارة
حيت انه لم يستطع أن يدخن الشيشة بحرية في البلد رغم أنها أرخص من السجائر
إاحترام ًا لسمعة والده.
كان عليه أن يذهب إالى المركز ليستطيع أن يشيش دون أن ينتقده أحد ودون أن
يكون مضطرا إالى سرد تاريخ بدايته مع الشيشة.
الفشل حينما يرى الثمانون مترًا مربعا ،شقته على الطوب الحمر ،تحتاج إالى تمديدات
كهربائية وصحية وتركيب البواب قبل البدء في أعمال المحارة والسقف ووجهين
معجون فوجهين دهان ،تركيب الرضيات ثم الوجه الخير من الدهان ،وبعدها تحتاج
إالى فرش غرفة النوم والنتريه والمطبخ وغرفة الطفال..
ل ..
لنؤجل غرفة الاطفال لما بعد الزواج وطقم القيشاني للحمام " ،تب ًا كلكلمة من هذه
الكلمات تساوي الكثير من المال وانا الن اعول هم ثمن سجائري ،لبد أن أجد عمل
بسرعة".
أي عمل لطباخ في قرية أو مركز؟؟
نعم طباخ ،فهذا هو ا إلسم المعروف به امثال شريف في ذلك المكان ،مجرد طباخ،
ذات يوم أخبرته والدته أنها كلمت فرجاني صاحب المطعم القريب من بيتهم واخبرته
105
انه بلا عمل وان كان يستطيع توفير عمل له لحين استقرار الامور ،ووافق فرجاني
مرغما أو ربما بسبب استعطاف والدته الكثير له ،هذا ما لم يعرفه شريف وقتها ،المهم
أنها اتفقت معه على مرتب ألف جنيه شهري ًا على أن يبدأ العمل من الغد في الثالثة
فجرًا.
لم يكذب شريف الخبر رغم أن اللف جنيه التي اتفقت عليها والدته كانت ل تساوي
واحد من عشرة من المرتب الذي كان يتقاضاه في الكويت ولكنه قال في نفسه أن
الظروف تحكم ،أو ًل هذا مطعم صغير في قرية صغيرة ولن يبيع هذا القدر من
المبيعات التي تتيح لهم دفع مرتب أكثر من هذا لن مبيعاتهم عبارة عن ساندوتشات
الفول والطعمية على اربع دجاجات مشوية على اقصى تقدير ،الظروف حكمت
وسيجني ألف جنيه بمجهود مضاعف خير من أن يبقى عالة على والده في هذا السن.
وذهب إالى المطعم وعامله فرجاني كنه تلميذ مبتديء ،لم يناديه بالستاذ شريف كما
كان يفعل سابق ًا ،فهو الن عامل لديه بعد أن كان الزبون الهم لنه كان يعزم اصحابه
هنا على الطعام ،ولهذا كان فرجاني يتقبل انتقاده على طريقة التتبيل والتحضير
والتقديم بصدر رحب أما الن حان وقت القصاص من هذا المتعجرف الذي يظن
نفسه شيف ًا.
"جاي برجله تحت يدي سأعلمه الن أصول الصنعة وأن الطبخ فن وسأعلم عليه
أيض ًا "!
في أول اليوم كان يناديه بشريف فقط ومع توافد الزبائن والزحام بدا يناديه بالولد..
هات الطعمية يا ولد ..
امسح الطاولت يا ولد ..
إاملا الدورق يا ولد ..
لماذا لم تمسح الخضار المسكوب على الرض؟؟
ما هذه الكركبة يا حيوان ؟!!!!!!
106
في أقل من ثمانية ساعات تحول شريف من الشيف شريف اشهر شيف في سلسلة
مطاعم السلطان من شيف إالى حيوان وِمن َمن؟؟؟ من فرجاني .فرجاني صاحب
مطعم السعادة الذي هو عبارة عن قاعة مترين ونصف في اربعة امتار وضع امامها
طاسة كبيرة مله بالزيت يقلي فيها البطاطس والطعمية والباذنجان من الساعة الرابعة
فجرا وهو موعد استيقاظ الفلاحين وذهابهم للحقل إالى الساعة العاشرة صباح ًا ومن
بعدها يضع مكانها مشواة الفراخ حيث يعلق دجاجتين تدوران ببطء داخلها ويسويهما
على نار هادئة إالى أن ياتي أحد المطرودين أو المبدزرين ويشتري ربع دجاجة أو
نصف دجاجة ،وبعده يقوم بوضع دجاجة ثالثة وهكذا ،وكان أقصى طموحه أن يبيع
اربعة دجاجات في اليوم.
هذا هومطعم السعادة..
مطعم السعادة الذي ل حاجة لوصف شكل مطبخه لن أصغر واغبى طفل له القدرة
على تخيله من منظر المعلم فرجاني ،فهو إاعتاد أن يلبس نفس الطقم كل يوم صيف ًا
وشتاء ًا ،تيشرت بكم خفيف لونه بني وبنطلون جينز واسع وكبير الجيوب ويلبس
فوقهما صدارة مطبخ بيضاء ،أو هكذا كانت ،ولكنها الن سوداء كالطين من كثرة
مسح فرجاني يديه فيها وانتشر الوسخ منها إالى بنطلونه وتيشرته ،يفعل كل شيء بيديه
وكنه لم يسمع أو يعرف معنى النظافة ل الشخصية ول العامة ول فائدة غسل
اليدي!.
لك أن تتخيل أن هذا منظر فرجاني ولك أن تتخيل قناعته الشخصية بأنه يجب
غسل المريلة اسبوعيا حتى ل تعفن ،هذا هو واجهة المطعم ولهذا فأنتم لستم بحاجة
إالى تخيل أرتال الصراصير التي تعيث فساد ًا في مطبخه ول إالى انه يطحن الخبز
البائت مع عجينة الطعمية ول إالى انه ليؤمن بغسل الخضار قبل تقطيعها لعملها سلطه
ولن أخبركم أن فرخاته الاربع التي يبيعها ما هي إال نوافق مزرعة أخيه!.
هذا الفرجاني جعل من شريف مسخ ًا ،هذا الفرجاني قال لشريف يا حيوان...
107
إاهانة وقف شريف عندها كثيرًا ،هل يجب أن يرد عليه ا إلهانة با إلهانة أم انه يجب
أن يتغاضى عنها ويتحمل لجل لقمة العيش؟.
هل يجب أن ينصرف الن أم يكمل لخر اليوم؟.
وقف شريف أمام تلك ا إلهانة وعلم تمام العلم انه اذا سكت عنها ف إانها لن تكون
الخيرة ،علم أن فرجاني عاجل ًا أم أجل ًا كان سيقولها له ،ولكنه لم يكن يظن انه
سيقولها في اليوم الول ولهذا ظن انه ربما نسي أن شريف هو من يعمل معه اليوم في
المطبخ ،ربما نسي فرجاني انه وظف شريف اليوم بسبب ضغط الزبائن ،ربما ظن انه
مازال يتعامل مع ابنه الصغير حيث أن شريف جاء بديل ًا عن ابن فرجاني ،ولهذا
اعطى شريف العذر لفرجاني ولم يرد عليه ،قال في نفسه انه ربما نسي انني أنا الذي
هنا وظن انه يشتم ابنه وأن كانت تلك طريقته مع ابنه فما بالك بالغريب.
لم يأخذ شريف أي موقف تجاة الاهانة ولكنه قرر أن يقف وقفة مع فرجاني مع انتهاء
اليوم ويضع معه اسس التعامل ،وهذا ما حدث في أخر اليوم بالفعل بعد انتهاء
الدجاجات الاربع وشعور فرجاني بأن كل شيء على ما يرام فقال لشريف إانتهيى وقت
العمل ،يمكنك الذهاب إالى بيتك ،ولكن شريف سأله إان كان يريد شيء قبل أن
يذهب ،فقال ل ،وهنا قال له شريف " :أنا أريد ،ل أريد شيء أكثر من بعض
ا إلحترام في التعامل".
"أنا لست صغيرًا لتناديني بالحيوان وبخاصة انه حينما فعلت ذلك كان المطعم مزدحم
بالناس ،وانا ل أقبل أن تمس كرامتي حتى وان كان ذلك بسبب لقمة العيش ،أنا ل
أملك سوى كرامتي وعزة نفسي تقريب ًا في هذه الدنيا ،ربما أنت معتاد على هذا
السلوب مع ابنك بحكم انه صغير في السن ولنه ابنك ولكنن لست ابنك ولست
صغيرًا لمثل تلك الاهانة ".
فكان رد فرجاني" :أنا ل أشتم إابني أبد ًا " !.
لقد قصدها...
رأها شريف في عينيه واضحة وفهمها بجملة " أنا ل اشتم ابني أبد ًا "..
108
تب ًا ،لقد قصد أن يهينني منذ البداية!.
و ثار غضب شريف ،أراد أن يضربه ولكنه لم يكن ل اليوم ول امس فتى
المشاجرات ،خاف شريف..
" يالي من جبان خنوع "!.
لم يجد شريف أي شيء يفعله ليثبت له غضبه وغيظه سوى أن قال له " وانا ل
يشرفني العمل مع حيوان مثلك " ،ثم بصق على الرض حيث يقف فرجاني امامه
وذهب.
قبل أن يبصق وقعت عينيه على تلك السكين الكبيرة الموضوعة بجوار الباب لتقطيع
الفراخ وحينما هم فرجاني با إلمساك به وهو يسبه ،فأسرع شريف وامسك السكين
ووجهها إالى عنق فرجاني المندفع إاليه!.
************
109
صعق شريف عندما كان يتصفح أسماء مرسلي الرسائل على صفحته عندما وجد
رسالة من أخر شخص على وجه الرض يتوقع أن يراسله.
فتح بخوف وقلق الرسالة وقرأها وكان نصها:
" أه ًلا شريف ،ل أعلم إاذا ما كان يجب أن أشكرك أم يجب أن أسبك بأقذر
اللفاظ أم أنني يجب أن أقاضيك على فعلتك القذرة هذه؟.
"لن تستطيعي مقاضاتي وأنا في مصر" ،قال في نفسه..
ولكن للاسف ل أستطيع أن أفعل أي من هذا ،لن أشكرك على إاهانتي وجعل
حياتي مشاع للناس وخاصة أنك جعلتني أبدو كحقيرة وعاهرة ،ولن أقاضيك لنك
بالطبع اتخذت كل ا إلحتياطات وأمنت نفسك وقمت بتغيير إاسمي وأي فعل أفعله
سيكون سببه الشهرة لك ،وفضيحة لي ،ولن أسبك رغم أنني أريد ذلك . ،أريد أن
أنعتك بأقذر اللفاظ التي طالما نعتك بها في عقلي وبيني وبين نفسي ،ولكني ل أقوى
على كتابتها لك ،أتعلم لماذا؟؟
لنك بكل بساطة كنت على حق أيها الحمق ،لقد أصبت أيها الغبي ،أنا لم أعد
إامرأة ،لقد تحولت إالى مسخ ،أتعلم كم اللم والبؤس الذي أشعر به الن وأنا أكتب
لك؟ ،أنت أخر شخص في العالم أريد أن أتكلم معه ،أنت أخر شخص قد يريد
الشخص أن يخبره بأنه كان على صواب في كل حرف كتبه ولكن للسف أنت
الشخص الوحيد الذي قد يفهم معاناتي رغم أنني أمقتك بشدة حد إاثارة الغثيان.
بعدما قرأت مقالك الذي رأيته بمحض الصدفة ،علمت أنك كنت تقصدني ،ل أعلم
صراحة إان كانت صدفة أم أنه ترتيب من الله!،
" ياه ..يا الله ،لم أعد اذكرك منذ زمن والن اذكرك بسبب هذا الحيوان"!.
أعذرني يا شريف ،فكل ما في المر هو إانني لم أعد من هواة الفيس بوك هذه اليام،
أنا من مرتادي تويتر ،هناك وجدت ما أريده ،وجدت نفسي ،وجدت السعادة
110
المفقودة والخالصة ،وجدت الهل والصدقاء ،أناس لم ألتقي بهم من قبل ولم أعرفهم،
ولكن بفضل هذا البرنامج العجيب تلاقينا وتلاقت افكارنا وأهواءنا ،ل مجال
للخلاف أو التصادم ،وكنك في يوتوبيا ،عالم مثالي ،كل شيء كما يجب أن يكون،
ولكن كان ينقصني شيء واحد يا شريف وهو أن أكون أنا ،أن أكون سمر ،بشخصيتي
الحقيقية ،سمر الموظفة ا إلدارية التي تعمل براتب يفوق خيال أصدقائي ا إلفتراضيين،
أريد أن أقول انني إامرأة وأم لجمل طفلين في الدنيا ،أريد أن يعرفوني كما أنا ،ولكن
هذا العالم المثالي لم يكن مثالي ًا جد ًا فكان ما يعيبه شيء واحد وهو إاننا جميعا بأسماء
وهمية ،حقيقيون بمشاعرنا بمشكلاتنا ولكن أسماءنا وأشكالنا مجرد أقنعة ،إال قلة قليلة
هي التي كسرت هذه القاعدة ،من الصغار الهواة الذين ليس لديهم شيء يخسرونه ومن
الرجال الذين ل يهمهم شيء أو بعض النساء اللاتي فقدن برقع الحياء ولم يعدن يخشين
شيء في الحياة ،هن من إاعتدنا على تسميتهن بالقوارح ،ل يهمهن شيء ،فما بالك
بواقع افتراضي لن يصل إاليهن أحد من خلاله.
كنت أتوق أن أفعل مثلهم ،أن اظهر بشكلي الحقيقي حتى اثبت لك انك على خطأ،
والهم أن أثبت لنفسي أنني مازلت أنى ولست مجرد إامرأة خالية من أي إاغراء أو
قدرة على جذب نظر رجل مهما كان عمره ،أردت فعل ذلك كثيرًا ،وكثيرًا ما ذهبت
إالى إاعدادات البرنامج لتغيير صورتي واختار الصورة ولكني أجبن عند الضغط على
زر حفظ التغييرات!.
" ما أجبنني ،ما أغباني ،ضيعت حياة حقيقية بغبائي والن ألهث لجذب أنظار وهمية
لي عبر عالم وهمي " .
لم ُتحل عقدتي إال عندما اكتشفت فلاتر السناب شات ،ذلك البرنامج الجميل الذي
لم أفهم ماهيته أكثر من أنه يقوم بالتعديل على الكاميرا لعمل بعض التغييرات على
الصورة وبذلك يستحيل التعرف عليك ،وقد أفادني هذا من ناحيتين ،الولى هي
انني إاستطعت تغيير ملامحي بعض الشيء والثانية أن تلك الفلاتر تقوم بعمل بعض
111
التحسينات على تفاصيل الوجه ،كزيادة درجة إاحمرار الشفتين وتوسيع العينين بعض
الشيء مع زيادة سوادهما وتنعيم شكل البشرة . ،الخلاصة انني أصبحت أصغر
عشرين سنة بفضل تلك الفلاتر ووضعت على رأسي طوق ورد بفضلها . ،لول مرة
الن منذ دخولي هذا العالم ،منذ سنة أستطيع وضع صورتي.
ووضعت صورتي المعدلة ،ولول مرة منذ ثلاث سنوات أشعر بمثل تلك النشوة
العارمة ،عشرات ا إلعجابات...
" بسم الله ماشاء الله " ...
" سبحان من أبدع وصور " ...
" ماشاء الله قمر " ...
" يانجف " ...
" يابخت جوزك بيكي " ...
" دلوقت عرفنا أنت ليه كنتي متخفية " ...
إاعجابات ومعاكسات ،بل حتى أن بعضهم تطرق إالى التحرش المسيء والمزعج ،وامتل
صندوق رسائلي الخاصة بالكثير والكثير من كلمات المدح والثناء . ،نصف ساعة من
السعادة الخالصة . ،نصف ساعة من المدح المتواصل ،نصف ساعة من حب الذات
الذي لم أشعر به منذ سنوات..
نصف ساعة وانطفأ هاتفي ..
لقد نفذت بطاريته ،في غمر نشوتي نسيت أن أوصله بالشاحن قبل أن تنفذ
البطارية ،نهضت مسرعة ،انتفضت من على سريري حيث كنت أجلس ،سقطت
المنشفة التي تحيط بشعري حيث أنني كنت قد خرجت قبلها من ا إلستحمام ،كان
شعري قد بدأ يجف خلال تيهيي وهيامي في جو المعاكسات الجميل ،إانفك رباط
الروب الذي ألبسه على عريي ،ذهبت إالى غرفة المعيشة حيث يوجد الشاحن في
حقيبتي الموضوعة بجوار التليفزيون ،أخذته وذهبت مسرعة لضعه في القابس بجوار
سريري ..
112
ولكن ما أن رأيت ذلك الشبح حتى صرخت فزعة وسقط الشاحن والتليفون من
يدي!.
قطع على شريف خلوته صوت أخرجه من عالمه الخيالي قبل أن يعرف عن ماذا
تتحدث سمر!.
أي شبح؟ ،وماذا حدث؟ ،فقد صرخت أمه من أسفل لنه كان يجلس في شقته
الخاوية حيث إارسال الشبكة أقوى من الدور الرضي ونادته " :يا شريف ،يا
شريف تعالى وِّلد البقرة مع أبوك يا ولدي ،البقرة هتولد يا شريف!.
أغلق هاتفه ونزل مهرو ًل لمساعدة والده وفي عقله سؤال ،ما هو تويتر؟ ،وماذا حدث
لسمر بعد رؤية الشبح؟.
***********
113
21
لم يكن أندرياس معتاد ًا أن يزوره أحد وخاصة مبكرًا هكذا..
مل وعاء ماكينة ا إلسبريسو بالماء ووضع فيها كبسولة القهوة تاركاً الذي على الباب
ينتظر ،فهو ل يهتم به لنه يسكن في هذه الشقة بمفرده ،ل أصدقاء له ول اقرباء
يزورونه ،ولهذا ظن أن الطارق مخطيء في العنوان ،وكان إاعداد كوب قهوته أهم من
معرفة شخصية الطارق الغريب في هذا الوقت المبكر.
" تب ًا ،ل َم ل يرحل؟ ،أريد أن أفطر جيد ًا قبل الذهاب إالى عملي؟!!"
ومضى إالى الباب على مضض وعلى وجهه تكشيرة غيظ وغضب زاد من حدتهما أنه
كان قد إاستيقظ لتوه وأنه لم يغسل وجهه بعد أو يهذب شعره ،وإاذ به يُفاجأ بها...
سلام!
كان حجابها البيض يظهر جمال عيناها الزرقاوان حتى أنه لم يلمح سترتها الزرقاء
المصنوعة من الجينز ول بنطلونها الحينز البيض ،كانت تقف أمامه في دلل وفي
عينيها إابتسامة ذات معنى..
" يااااه ..كم تمنيت أن أرى هذه ا إلبتسامة وسعيت إاليها دوم ًا" ..
تاه في ملامح ذلك الوجه الجميل الذي يخلب كل عقل لدرجة أنه لم يلاحظ ما تحمله
أيض ًا ولم يلاحظ أنها كانت تقوم بفك أزرار سترتها من أسفل إالى أعلىى إال عندما
وصلت إالى الزر الخير ،كانت السترة قد انفتحت إال من أخر عرواتها لتكشف ذلك
البطن الرخامي البيض المشدود..
"تب ًا! ،إانها ل ترتدي شيئ ًا تحت سترتها !!!"
تعلق بصره بالزرار الخير وبلع ريقه بصعوبة بالغة وجحظت عيناه في إانتظار فك ذلك
الختم الخير..
فكته ولم تكن ترتدي سوى صدرية شفافة ل تفعل شيء سوى الحفاظ على قوام
صدرها المشدود أصل ًا ،كانت تظهر كل شيء ،لم يتمالك نفسه أمامها فمد يده وامسكها
114
من كتفها وجذبها بكل قوة إالى الداخل ولكنها مدت يدها وأمسكت الباب وتملصت
منه وظلت واقفة على الباب وقالت:
"مهل ًا يا عزيزي ،لي عدة شروط "!
"كل شروطك مجابة ،المهم أن تدخلي "
مدت يدها إالى جيبها وأخرجت عشرين جنيه ًا استرليني ًا وقالت سأقرضك ما ًل بالربا،
ستأخذ هذه العشرون جنيها وسأخذها منك قبل أن أذهب ثلاثون!.
" ما الفكرة ؟!"
" لن الربا حرام ،وأنا أريد أن أفعل كل ما هو حرام اليوم "!.
" موافق "!.
"وسنشرب هذا النبيذ سوي ًا لنسكر " ..
واشارت إالى زجاجة كانت معها في كيس ورقي لم يكن قد لحظ اندرياس وجودها
وسط تيهه في عالم النشوة ذلك.
"موافق على كل ما تريدين ،المهم أدخلي"
وجذبها من معصمها الممسك بالعشرين يورو حتى كادت الزجاجة تسقط من يسراها
ولكنه تداركها ،وجذبها إالى السرير الذي كان يقع على بعد خطوات من الباب وهم
بإالتهامها ،ولكنها تمرغت وتفادته وقالت " :مهل ًا عزيزي أندرياس ،أنا بحاجة أل أكون
في وعيي لفعل كل تلك المحرمات "!.
قفز من على السرير واتجه إالى المطبخ الذي كان أيض ًا يقع في ح ّيز الغرفة ،حيث كانت
الشقة عبارة عن فسحة كبيرة فيها سرير وبجواره خزانة عليها اباجورة وأمامه طاولة
يستعملها للاكل وحمام ومطبخ ما هو إال جزء من هذه الفسحة معزول بكاونتر
رخامي عليه كرسيان بار عاليان.
وهو في عجلته تعثرت يداه بماكينة الاسبريسو فسقط كوب القهوة على ملابسه وعلى
الرض فلم يهتم به رغم انه موسوس بالنظافة ،أخذ كوبين من على حامل الطباق
المعلق فوق الحوض واتجه إالى سلام التي كانت تجلس على السرير بسترتها الزرقاء
115
المفتوحة وتكشف صدرها الجميل النافر وكانت تعالج سدادة زجاجة النبيذ لتفتحها،
استغل هو كونه أن ملابسه تلطخت بالقهوة وتصنع أنها لسعته ليخلع ملابسه ،خلع
قميص بيجامته والبنطلون ليبقى بملابسه الداخلية فقط!.
مجنون هذا! ،يظن انه سيغريني بعريه؟؟ أي اغراء في هذا الهيكل العظمي؟؟ نعم أنا
لم اضاجع رجل ًا منذ ثلاثة سنوات ولكن هذا ليس برجل ،يجب أن اثمل تمام ًا
لستطيع فعل ذلك!.
جلس اندرياس بجوارها شبه عاري وعيناه ل تفارقان صدرها وحاول نزع دبابيس
حجابها ليمتع نظره بشعرها الشقر الناعم ،ولكنها اشاحت برأسها قائلة" :أتركني أركز في
هذا الزجاجة اللعينة "
وجاءت اشاحتها كما إاشتهيى ،فقد انخلع الحجاب في يده ،وضعه على الطاولة وجلس
على السرير خلفها محتضنا إاياها بين ساقيه محاو ًل نزع سترتها في اللحظة التي دوت
فيها فرقعة نزع غطاء زجاجة النبيذ.
ساعات مرت فقدت خلالها سلام وعيها بفعل ما شربته من خمر أو على القل
تظاهرت بذلك لتسلم جسدها لندرياس ليفعل به ما حلم به منذ بداية صداقتهما،
لينتهك حرمة جسدها الذي راودها عنه في الخس مرات التي تقابلا فيها في هذه
الغرفة وعلى هذا السرير ولكن كان أقصى ما يناله منها هو قبلة طويلة تلهب قلبها
الذي ُدفن تحت تلال جليد الهجر والذل والهوان ممن كان زوجها ،لم ينل منها
اندرياس إال تلك القبلة ومداعباته المسروقة لنهديها ا إلسفنجيان من فوق ملابسها في
غمرة نشوتها بقبلته ولكنها نهرته بشدة إلنتهاكه لجسدها. ،
" ل لن نفعل ذلك وإاياك أن تحاول "!.
حاول اندرياس مرارًا أن يقنعها بتسليمه جسدها وانه سيكون ماهرًا في التعامل معه
وانه قادر على تبديد ظلال الخوف من الرجال الذي خيم عليها بسبب تجربتها المريرة
في الزواج ولكنها رفضت ذلك رفض ًا تام ًا ،ولكنها الن سلمت نفسها لهذا الكافر الذي
ولجها مرات ل تعرف عددها وغطاها بقذارته ولم يكتفي بهذا بل صرخ في وجهها:
116
" كفاكي إازعاجا "!.
"تب ًا لك يا ابن العاهرة ،هل أصبحت أنا الن مزعجة؟؟"
قالتها في نفسها ..
وتكورت على نفسها عارية على كرسي منجد كان خلف الباب وهي تغني تلك الغنية
التي نهرها بسببها واتهمها با إلزعاج ،أغنية تردد صداها في رأسها وخرجت من بين
شفتيها بلا وعي بفعل الخر ول تعلم إان كان صوتها مزعج فعلا أم أنه خاف من أن
يعرف أحد انه بصحبة إامرأة وعربية بوجه الخصوص.
" ل يهم أي شيء ،فهذا الخنزير قد ضاجعني وما كان ليحلم بذلك والن قبل أن
يجف منيه على جسدي ينهرني؟؟ تب ًا له إابن العاهرة "!.
لم تعلم حقيقة لماذا كانت تصر على دندنتها رغم انه لم يحتملها ،أهو ِعند منها لنه
نهرها؟؟ ربما ذلك صحيح ًا لنها أبدا لم تخضع بسهولة لوامر الرجال الذين كسروها
وسجنوها في سجونهم كل تلك السنوات ،أم أن تلك الغنية هي أغنية نصر تغنيها
إلنتصارها على كسر كل القيود والعادات والتقاليد ،قيود الدين تحررت منها وعاداتها
الشرقية البالية التي تبعتها إالى هنا وحبستها في قمقم العيب والحرام وختمت عليه وهي
في داخله ووضعوا عليها رقيب هو نفسها الخائفة والمذعورة رعبا منهم ومن ردود
افعالهم ،نعم هو النصر ،لقد انتصرت ،تحرر المارد الذي سجنوه ،تحررت سلام،
تحررت ولم يعد يهمها أن يعلموا ،ل يهم إان قتلوها أو حرقوها ،لقد ضربت بكل
مخاوفها عرض الحائط ،لقد ضاجعت لتوها ملحدا أعجمي ًا بلا زواج.
نعم لقد نزيت بمحض إارادتي ،وسأزني ثانية وثالثة ،عاهرة؟؟
وماذا يعني؟ ،ألم تعلموا أن لجسدي حق يطلبه؟؟ هل تظنون انني لست من لحم
ودم؟؟
بعتوني لحط انسان على الرض ،عذبني وعاملني ككلبة لتسعة سنوات وأنتم لم
تحركوا ساكن ًا ،كان يضاجعني كعاهرة ل شيء لها إال أن تظل بلا إارادة حتى يستمتع
هذا المدعو زوجها بها ،وأنا؟؟
117
أليس لي الحق في المتعة؟؟
تب ًا لكم ولمتعتكم ،لقد كرهتها وكرهت الجنس ،ل أريد الجنس ،لكن من حقي أن اسمع
كلمة طيبة ،ثناء ومعاملة حسنة ،ولكن هذا لم يحدث.
وها أنا أرد لكم الصاع صاعين وعشرة الن ،أصبحت إابنتكم عاهرة ،كذبت عليكم
وأخبرتكم أنني في شقتي وها أنا هنا مع ذلك الغلف احتسي الخر واتصرف كعاهرة
محترفة بين احضانه ،هنيئا لكم كس الذل والمر الذي سقيتموني إاياه لسنوات ،والن
حان دوركم للشرب!.
ولكنها تذكرت أولدها..
***********
118
22
فريدة ...
" أل تلاحظين أن محمد الله يرحمه يشبهني كثيرًا ؟!"
كان ذلك السؤال المفاجيء الذي سأله شريف لفريدة كهزة غير متوقعة ،توقفت قليل ًا
عن الكتابة وردت بالنفي بعد لحظات.
"ل ،إانك ل تشبهه أبد ًا ،ل شكل ًا ول جسماً "
لم يصدق كذبتها الواهية لن الصورة الخيرة التي ارسلتها له رغم بعد محمد عن
المصور ،إال أن ملامحه الباهتة تبدو جلية وكنه هو نفسه ،أنحف وأطول ،ولكن
نفس ملامح الوجه والرأس تقريب ًا..
"لقد علمت الن كيف أنك أحببتني من قبل أن نتكلم ".
محمد حبيبها القديم ،حب أفلاطوني جميل ،حب مات قبل أن ينطق أي منهما
بحروف الحاء والباء ،حب حاولت طوال عشرون عاما دفنه والتغلب عليه لتستطيع
ا إلستمرار في حياتها ،لتستطيع أن تنظر في وجه زوجها ،ولكنه كان يطفو على
السطح كلما خلت إالى نفسها ،كان يطفو كجبل جليدي ،يتبادر إالى عقلها صور محمد
وذكرياته ومواقفه معها ،وأما في الباطن الذي لم تكن تجروء على النظر إاليه حتى
أصبح غير مرئي ًا بالنسبة لها رغم وجوده الحقيقي هو أنها تحبه ،أنها تعشقه ،وتعشق
كل تفاصيله.
عشرون عاما مضت يا محمد وابتسامتك مازالت في عينيها ،ابتسامتها الجميلة الحقيقية
الصافية كانت ل تظهر إال عندما تتذكره.
محمد هو ابن خالها ،ترعرعا سويا ،يكبرها بسنتين ،بينما كانت هي أصغر اخواتها كان
هو اكبرهم ،وكعادة أهل الارياف يكون الابن الكبر هو الكبير ،صورة مصغرة من
119
والده منذ أن تبدأ قدماه في حمله ،كلمته نافذه على أمه واخواته صحيحة كانت أم
خاطئة ،ل يحق لي أحد تكسيرها لنه الكبير وراجل البيت إال والده ،كلمته ُتحترم
أمام الغريب ،تحترمها أمه ل ترده لنها قد خرجت من رجل رغم انه قد ل يتعدى
سنه حينها العوام الخس ،حتى والده ل يرده علانية أمام الغرباء ،لن ابنه رجل،
وهي منذ أن وعت على الدنيا وهي ترى محمد الرجل ،رجل لكلمته وزن ،رجل
كلمته سارية ،رجل يعي ويفهم أكثر منها في أمور الحياة رغم انه ل يكبرها كثيرًا ،أما
هي؟!
هي أخر العنقود دلوعة والدها ومدللته ،ابنته الخيرة التي خطفها من الموت ،ولدت
ضعيفة في الشهر السابع ،منذ أن رأها تقاتل وهي في الحضانة محاولة التشبث بالحياة
وهو قد عشقها ،تلك الانفاس الضعيفة العالية والصرخات الطفولية الرضيعة التي ل
تمتلك قوة صراخها جعلت قلبه يتعذب من رؤيتها ،والدها رجل قوي ليس من
السهل اثارة مشاعره واستدرار دموعه ،رجل لديه من البنات ثلاثة غيرها ،رجل لم
يبكي كثيرًا في حياته ولكنه بكى عندما رأى ضعفها وقلة حيلتها ،بكى والدها وهو يراها
تتعذب ،بكى ولكنه لم يتمنى لها الموت رحمة لها على غرار والدتها ،بكى ودعى ربه أن
يستبدل روحه بروحها ،فهيي تستحق أن تعيش ،هي تقاتل للحصول على كل نفس،
تقاتل لتحرك أطرافها الصغيرة ،تقاتل لتصرخ رغم أن صرخاتها ل تعدو أن تكون أكثر
من خرخشات أنينية ضعيفة يطغي عليها صوت تنفسها المحموم،
وها هي الن فريدة ،نجت وكبرت ولكن والدها لم ينسى ابدا تلك اللحظات الصعبة
التي عاشتها رغم أنها لم تعي عنها شيء إال انه وعيها ،ولم تفارقه لحظة ولهذا عمد على
التعويض عنها ،دللها ليعوضها عن اللم الذي عانته.
كان محمد كثيرًا ما يضربها ويعنفها بلا سبب ل لشيء سوى لممارسة رجولته الصغيرة
عليها والتمرن عليها ،كان يأمرها بعدم اللعب مع فلان أو فلانة ،هذا الفستان ممنوع،
ارجعي قصة شعرك إالى الوراء ،ل داعي لتلوين اظافرك..
120
الكثير من الوامر كان يأمرها بها بكل حزم وما كان منها إال أن تنصاع لها سواء
بإارادتها أو رغماً عنها لنها كانت تُضرب اذا ما رفضت أو جادلت!.
محمد إابن خالها ،الرجل الذي كان في عينيها كبيرًا جد ًا ،أكبر من الشمس ،رجل له
سطوته وهيبته ،ولهذا ل تعلم تحديد ًا متى أحبته ،سألها شريف ذلك السؤال مرارًا
وتكرارًا ولكنها فعل ًا لم تعرف متى أحبته أو لماذا؟؟
أهو حب القطة لخناقها أم انه حب السطوة ونفاذ الكلمة الذي أرادت أن يكونا لها
يوم ًا ولكنها لنها أخر العنقود وبسبب دلل والدها الزائد لها فقدت كل فرصة أن
يكون لها رأي أو صوت أو كلمة فاستعاضت عن ذلك بحب هذا المتسلط السائد
الكلمة ؟!!!
ل أحد يعلم..
كانت تحبه ،تبحث عنه دائم ًا اذا ما غاب عن نظرها ،تذهب إالى بيت خالها لتراه،
كانت وأحيان ًا تلبس ما يستفزه أو تضحك أو تتكلم بطريقة تجعله يعنفها ،كل هذا
لتخبره بأنني هنا أيها البله ،اعرني انتباهك حتى لو بالتعنيف ،أحبك.
ولكنها لم تعلم أبد ًا إان كان يحبها أو إان كانت بالنسبة له مجرد ابنة عمة ،مجرد أنى
يمارس عليها سطوته ،حتى ذلك اليوم الذي حدثت فيه الفاجعة.
**************
121
بلا عنوان ..
هنا حيث يتوقف كل شيء وحيث يقبع عالمي خلف هذه الجدران الاربعة ،هنا
اعيش أنا ( بلا عنوان ) ،وهنا حيث وضعت كرسيا امامي وانا أكتب هذه الكلمات
لك عزيزي القاريء ..
وضعت كرسيا حتى اتخيل انك تجلس أمامي وانني احادثك وجه ًا لوجه ،أعلم أن هذا
يعتبر جنون ًا ولكنها الطريقة الوحيدة التي تشعرني بأنني لست وحيدة.
اتخيل اشخاص كثر يجلسون على هذا الكرسي يومي ًا ،اشخاص بعضهم انتم قراء
صفحة شريف ،أنتقي أصدقائي الوهميين من التعليقات.
أناس اتوسم فيهم الانسانية ،يحكمون على ا إلنسان بقلبه وبمعدنه ل بأفعاله الظاهرية
وشكله.
أناس ليسوا كصديقتي السابقة.
حبيبتي " اه يا حبيبتي يا من اشتاق إاليها واشتاق إالى صوتها وضحكتها الملائكية،
حبيبتي التي اشتاق إالى رائحهتا ،وإالى ملمسها وإالى حضنها ولكنها غبية متخلفة!.
لن أنسى أبد ًا ذلك اللم التي سببته لي ذلك اليوم ،رغم أنها كثيرًا ما هونت على ايامي
وكثيرا ما طيبت خاطري المجروح من الناس والدنيا ولكن أحد ًا لم يجرحني مثلها.
حقا ما يقال أن اصعب الجراح واكثرها ألم ًا والمستعصي شفاؤها هي جراح المقربون،
وأنا لم يكن عندي أقرب منها.
هي كانت صديقتي واختي..
زوجتي وزوجي ،هي كانت لي نفسي التي كنت أتمنى أن اكونها ،هي حلمي وما
اصعب أن يخونك حلمك.
لقد مررني العالم والجينات يا صديقي القاريء ،لقد مسخت بلعنة ليس لي يد أو
دخل فيها ،اعيش حبيسة تلك الجدران الاربعة في محاولة بائسة للهروب من مواجهة
العالم ،العالم الذي لم ينظر لي أبد ًا على انني طبيعية منذ أن بلغت ،ينظر لي الن
122
كنني إامرأة خمسينية ،أعلم أنهم معذورون ،وربما هم على حق بسبب وزني الكبير
الذي خنق وجهيي وأصبحت كنني أكبر سن ًا وبسبب مشيتي العجائزية ،حيث أنني
أمشي جارة لرجلاي ،هما ثقيلتان وليس من السهل رفعهما عن الرض وخاصة إاذا
مشيت لمسافات طويلة.
هل تعرف ويزو يا صديقي القاريء؟.
تلك الممثلة الجميلة التي تمثل في مسرح مصر؟؟
هل تعلم أن ويزو التي ربما تراها بدينة جد ًا هي مثلي العلى!.
كم أتمنى أن اصير في رشاقتها!.
نعم رشاقتها ،فهيي رشيقة جد ًا وخفيفة كالريشة مقا نرة بي!.
صديقتي التي خانتي كانت خيانتها لي بسبب خوفها على ابنتها مني!
أنا؟؟؟
هل صدقت تلك المجنونة نني قد اؤذي ابنتها؟؟؟
ابنتها التي اعتبرتها ك إابنتي وكنت أنا عرابتها..
أنا من علمتها الكلام والمشي ،أنا من كنت اشتري لها الحلوى والبسكويت ،أنا من
كنت اخذها إالى الحضانة في كل صباح حتى ذلك الصباح الذي انتهيى فيه كل شيء.
ذلك الصباح الذي أتمنى لو انه ما جاء ،الذي اعاتب الله كثيرًا لنه لم يأخذني قبل
ذلك الصباح.
ذلك النهار وطلعة الشمس تلك حيث ماتت نفسي أو على القل...
" ل ..
لن اقولها...
لن انجرف في الحديث معك واعترف بذنبي ،ل ،لن أخبركم بأنها كانت على حق!،
سأذهب الن ،دمتم سالمين "!.
123
إاعتادت من اسمت نفسها بالعادية أن تكتب وتتكلم في صفحة شريف بعد أن حازت
على ثقته ودعمه المعنوي لها ،أراد حينما قرر أن ينزل إاجازة إالى مصر بجعلها أدمن،
تكون مسؤولة عن ادارة الصفحة معه وخصوصا انه خشي انه قد ل يستطيع أن
يكون متواجد ًا على ا إلنت نرت بكثرة مثلما هو الن ،ولكنها رفضت أن تكتب بإاسمها.
هي فقط أسمت نفسها بالعادية لنها ترى نفسها عادية ،عندما تنظر إالى تلك المرأة
السحرية كما تقول ،وإان رأها الناس مختلفة في شكلها فهيي على القل عادية جد ًا من
الداخل ،لديها نفس العقلية والسيكولوجية الانثوية العادية.
هي انسان عادي وعاقل لديه مشكلات مثلما لدى الجميع ،ولكنها مع ايمانها بذلك إال
أن تلك الندوب العميقة التي حفرها في نفسها المجتمع بنظراته العقيمة وتعليقاته الخادشة
لغشاء الروح جعلها تخشى وترتعب من فكرة التلاحم مع افراده في أي علاقة واي
تعامل حتى وان كان من خلف شاشة حاسوب أو هاتف ذكي .
العادية ،التي افضت وباحت بمكنونات صدرها وقلبها لشريف بأسلوبها الذي يجعل
كل من يقرأه يبكي حالها ويرثي حظها ،وبدوره كان شريف يقوم بنشر رسائلها كما هي
بالنص بدون أي تعديل ،هي كاتبة اساسية في صفحته ولكن ل يعرف أحد إاسمها أو
إاسم صفحتها.
وعرفها الجميع ...
شعروا بها ..
تعاطف معها الكثير ..
والبعض إاشمئز من مجرد تخيلها ..
ولكن في الحقيقة لم يعرف أحد أبد ًا من زوار صفحة شريف من هي .فقط شريف من
عرفها ،شريف كان ا إلستثناء...
ا إلستثناء لشياء كثيرة!.
كان شريف ا إلستثناء حتى في البؤس ،بدأ هذه الصفحة كصرخة يصرخ فيها من ألمه،
مكان يصرخ فيه ويبكي عله يجد في ذلك راحة ،عله يجد يد القدر تمتد إاليه بالمساعدة
124
أو أحد هؤلء الخيرين الذين ضجت بهم وامتلات صفحات التواصل ا إلجتماعي ،تبرع
فلان بكليته إلنقاذ فقير وتبرعت فلانة بشقتها لزواج فلانة ،وتبرع رجل الخير
وا إلحسان رجل العمال الشمهور فلان الفلاني ابن علان العلاني ببناء مصنع في
القرية الفلانية بعد تصحر اراضيها وعطل فلاحيها الذين كانوا يعملون في الزراعة
والن اصبحوا بلا أرض يزرعونها ،ومن هنا جاءت فكرة هذا الفلان بمساعدة
الفلانيون في تحويل مسار حياتهم بهذا المصنع ،حيث أنهم سيكونوا أول من يعبؤون
الوهم في بلاليص ويبيعونها للناس ،ذلك الوهم الذي أنشا شريف بسببه هذه الصفحة
وإان كان لم يكن يدرك ذلك حينها ولكن عقله الباطن أدركه.
الوهم!
الوهم بالنجدة ..
بالمساعدة ..
بأن هناك يد عليا ستساعده ..
ربما هي يد الله أو يد مسخرة من جلاله لمساعدته...
ولكن شريف اكتشف انه ما هوإال ل شيء ،مجرد نكرة ،ل مساعدة ول أي شيء،
مجرد كلمات شفقة من بؤساء مثله يريدون من يساعدهم!.
لم يجد سوى الكثيرين والكثيرين من اصحاب الهموم التي بثوها في صندوق رسائله
كنها تهمة يريدون التخلص منها لول من يقابلهم حتى وإان كان غريب.
فهم قد تعبوا من حمل أحزانهم وألمهم بمفردهم ،هم يريدون التخلص منها وإان كان من
سيحملها ذلك البائس شريف الذي جاء إالى هنا ليصرخ.
" ل يهم إان كان سيصرخ ،ليصرخ لنا أيض ًا ".
ربما ظنوا أن شريف عتيا أو كما يقول المصريون فاقد برقع الحياء ،أي انه ل يخجل
وصاحب جرأة كبيرة ولكنهم لم يعرفوا أبد ًا أن شريف مثله مثلهم ،وقد يكون أكثر منهم
خجل ًا ،ربما ظنوا أو توسموا فيه الجرأة بسبب شجاعته في نشر قصص بعض الناس
التي ما كان يجرؤ الكثير على نشرها على صفحته وخاصة لو كان فيها هذا القدر من
125
المتابعين لنه بهذا سيعرض نفسه لل إانتقاد الشديد والسب والقذف من مدعي المثالية
الذين يظنون أنهم يوتوبيون ،يعيشون في يوتوبيا ،وكن هذا العالم وقبحه ومشاكله غير
موجودة ،أو أنه يجب غض البصر عنها من باب من ستره ربه ل يفضح نفسه.
ولكن الطب اثبت أن ذلك ليس صحيحا في المراض ،ليس من الجيد أن تخيط
جرحا قبل أن تنظفه ،ليس من الجيد أن تضمد دمل ًا قبل أن تنظفه من قيحه لن
هذا التلوث لن يقبله الجسم وربما ينتشر داخله ويسبب الكثير والكثير من الذى
وما المجتمع إال جسم كبير ،كيان مجتمعي واحد ،وحدة واحدة إان عطب جزء فيه يجب
معالجته ومعالجة مشاكله وإال سقط كله ،ولكن سكان يوتوبيا المثاليون لم تعجبهم هذه
الحجة وظنوا أنه تهجماً وتهكماً على الدين وثوابت مجتمعية أقوى من الدين ،وأحيان ًا
وهذا ما لم يقصده أو يفكر فيه شريف ،هاجموه وهاجموا ابطال قصصه فرد عليهم
بإاستكمالها وتركهم للعقلاء يردون عليهم.
لم يتراجع أو يتواني عن نشر صرخة وصلت إالى صندوق رسائله ولكن مع كل
صرخة كان يصرخها نيابة عنهم كانت تنزف نفسه ،كانت تلك الصرخات كحد سكين
يعيد فتح جرحه ويذكره دائم ًا بأنه مجرد فاشل.
فاشل لنه ل يستطيع مساعدة هؤلء الناس ..
فاشل لنه ل يستطيع أن يقول للعاهرة أنها عاهرة ..
فاشل لنه كان يتحمل ذلك السب ،ل لجلهم ولكن لزيادة التفاعل في الصفحة،
رغبة في إازدياد أعداد المتابعين ،فربما تدخل صفحته ضمن البرنامج ا إلعلاني للفيس
بوك وحينها سيستطيع الربح منها.
" فاشل يا شريف أنت ،وبائس وقد ألبسك الناس عباءة ليست لك ،ألبسوك
عباءة المناضل المجالد وما أنت إال صعلوك حقير استغل سذاجتهم لمصلحته
الشخصية ،أه لوعرفوا حقيقتك لبصقوا عليك وداسوك بأرجلهم بعد أن يبولوا عليك".
ولكن أي خيار أخر كان أمام شريف؟؟؟
126
نعم هو يعرف أنه ليس مثالي ًا وأبد ًا لم يدعي المثالية ،وهذا كان يبيح له من وجهة نظره
أن يفعل ما يشاء من الخطايا دون أن يحاسبه أحد لن ل أحد عانى معاناته ،ل أحد
يعيش حياته ،يعيش بائس تخلى عن كل الحلام التي عرفها بسبب الفقر.
لم يرد شريف أن يشعر الناس بالسى تجاهه...
كان يصرخ ولكن ليس إلستدار العطف والشفقة ،كان يريد المساعدة ل ا إلحسان،
يريد أن يتعلم الصيد ،ل أن يتصدق عليه أحد بسمكة ،كان مقتنع تمام ا إلقتناع أن
الحياة لبد وأن تضحك له حتى تقع على قفاها من كثرة الضحك ،وإان كانت تضحك
عليه الن.
كان يثق أن بعد ظلام الليل الحالك لبد من فجر يشق عتمة ذلك الظلام بنوره البهيي
الجميل ،كان يعرف أن تلك المحن والصعوبات ستكون قصة جميلة يرويها لبنائه
وأحفاده عندما يكبر ،كان يعلم انه سيكون مثل ًا لغيره في التحمل والصبر ،ولكن هل
فعل ًا سيكون كذلك؟؟
هل سينصفه القدر والزمان؟؟
هل ستتاح فرصة لشريف أن ينجح ويحكي يوم ًا ما كيف صبر ووثق أن الغد
أجمل؟؟
هل سيحكي أحدهم عنه كمثل أعلى في الصبر والكفاح ويبدأ قصته بـ " شريف راجل
مجابتوش ولدة " وينهيها بـ " سبحان العاطي الوهاب مين كان يصدق "!.
خمسون ألف جنيه كانت قد عرضتها عليه فريدة كسلفة لمساعدته في المرور من تلك
الزمة...
"فريدة ،أه يا فريدة " ..
كان يظن انه مجنون ًا حتى ذلك اليوم الذي حاولت فيه إاستفزازه ،ذلك اليوم على
حسابه الشخصي في تويتر ،فهو كان قد عرف طريق تويتر من سلام ،أخبرته أن
الحياة في ذلك العالم ا إلفتراضي أجمل كثيرًا من عالم الفيس بوك.
127
هناك في عالم تويتر الجميل ،العالم الرمادي تستطيع متابعة من تريد دون أن تأخذ إاذنه
مثلما يحدث في الفيس بوك ،حيث أنك ترسل طلب صداقة وبعدها تصبح رهن
رغبة الشخص الذي أرسلتها له إاذا أراد السماح لك بذلك قبل الطلب ،وإان لم يسمح
تركك معلق ًا هكذا سنوات مثلما علقتك إايفو ،تلك الجميلة ،صديقته من أيام الكلية.
ثماني سنوات وطلب الصداقة معلق ،لم يلغي الطلب ولكنه كان يجدده كلما تذكرها
كل شهر أو سنة.
" تب ًا لتلك الفتاة أو المرأة إان كانت قد تزوجت ،أنا علم أنها تعلم أني أحبها ،فأنا كنت
أضحوكة الكلية بسبب حبي لها وخجلي الشديد ورهبتي من الحديث معها ،سنتان
قضيتهما في حبها ،هي ترفض قبول طلب صداقتي؟؟ ما أقصى ما قد أفعله لها إان
قبلت؟؟ هل سأغتصبها؟
تلك الحيوانة الغبية المتعجرفة ،أقصى ماقد افعله هو اخبارها كم إانني أحببتها!
" ولكنه الن لم يعد يحبها ،طلبات الصداقة الحديثة ما هي إال رغبة في إاغاظتها أو
إاستفزازها ل أكثر ،لقد مات قلبه ،أو هكذا ظن إالى أن عرف تلك المجنونة ،أقصد
فريدة في تويتر .
أخبرته سلام أن " كل ما عليك هو أن تختار متابعة الشخص الذي يعجبك وحينها
سيظهر لك على صفحتك كل ما يفعله على صفحته من تغريدات وردود واعادة
تغريد.
"ليس بالضرورة أن يقوم بعمل متابعة لك ،فالمتابعة والمتابعة بالمثل ليست إاجبارًا
هنا ،ولهذا فهو عالم أفضل وأسهل في التعامل.
هنا في الفيس بوك أنت إاسمك شريف من المنيا ،من ملوي ،ولكن هناك تستطيع أن
تسمي نفسك أي إاسم حتى وإان كان الزعلوط ،لن يهم الناس من أنت وما هو
شكلك ،المهم ما تكتب وعلى حسب ما تكتب ،سواء عن الحب أو الدين أو
السياسة أو الموضة أو الفن أو حتى الجنس ،ستصنع دائرة أشخاص لها نفس
إاهتماماتك ،ربما تتعرض للانتقاد والهجوم من دوائر أخرى ليس لها نفس إاهتماماتك
128
لن هذه هي طبيعة البشر ،مهاجمة كل ما هو مختلف وخاصة أن الدنيا هناك مفتوحة
أكثر ،ولهذا المعارك ا إللكترونية أكثر حدة ولكنه يظل دائم ًا عالم ًا إافتراضي ًا يجمع اشخاص ًا
حقيقيين ،فلا تنسى ذلك أبد ًا ! ".
وإانتقل شريف إالى عالم تويتر ،وكانت سلام هي مرشدته فيه...
سلام ..
إان كانت الملائكة تتجلى في صور البشر فالكيد أن سلام واحدة منهم ،إان كان
المذبوح يمكن أن يعود إالى الحياة أجمل وأحلى فلن يكون أبد ًا أجمل من سلام التي
ذبحها الزمن وعصرتها الظروف ،ومع هذا ف إان ابتسامتها مازالت قادرة على شفاء ألم
شريف وجراحه التي لم يخبرها بها.
سلام ..
الحلم الجديد والمل المستحيل لشريف ،هي الحب ..
خلق الحب للبوح به ،ولكن حب شريف أصعب من أن يباح به ،حبه أكبر من أن
يخبر به ،حبه لسلام أقوى من أن يعلقها به فيصبح شوكة جديدة في جسدها بد ًل
من أن يكون بلسماً لروحها.
إان أحبته هي واصطدما بالواقع لن يكون امامها إال الفراق ،وهو كان يعلم أنها
لصديق أخر لها سواه ،هو الحضن الذي يحتويها من عواصف هذا العالم ،فكيف
يضحي بأنانية بهذا لجل الحب؟؟
كيف يسمح لنفسه أن يخبرها بأنه يحبها وحينها ربما تبادله المشاعر نفسها بسبب
التوافق الشديد بينهما ولكن من سيقنع العالم بهذا؟؟
من سيحنن قلبه أن يدع لهما فرصة للقاء؟.
من سيجثو أمام العالم والقدر ويذرف دمع العطف ليسمح لهما بأن يكون هناك مكان
في هذه الدنيا يجتمعان مع ًا فيه ويعيشان سوي ًا يستمتعان بذلك لحب؟؟؟
ل يوجد!
129
ولهذا كتم شريف حبه في قلبه ،كتمه وكان كمن يحاول أن يكبت ثورة بركان بيده إالى
أن ظهرت فريدة.
*************
130
عاهرة..
عاهرة..
أنا عاهرة..
أنت عاهرة!
تكررت تلك الكلمات في عقل وعلى لسان سلام بعدما عادت إالى شقتها وهرولت
إالى الحمام لتغتسل ،كررت تلك الكلمات بهستيريا ،كررتها وعيونها تسيل بالدمع الحار
تحت تدفق الماء ،كررتها وهي تلطم صدرها ووجهها ،كررتها وهي تضرب على فخذيها
بكل ما أوتيت من قوة حتى أن يديها ألمتها...
عاهرة..
أنا عاهرة..
كررتها وهي تحك جلدها بأظافرها محاولة تقشيره ،كانت تريد أن تتخلص من تلك
القشرة التي تغلف جسدها التي كانت تشعر بنتانتها ،تلك القشرة التي لمست جسد
أندرياس ،جلدها الذي انهال عليه بالقبلات واللمس ،جسدها الذي كان مرتع ًا لذلك
الحيوان ،كانت ُمساقة بنشوة التمرد وا إلنتقام ،ولكن تلك النشوة تبددت كعادتها كما
يحدث بعد كل الخطايا ويحل محلها الندم البدي القاسي ،ندم كيف فعلت هذا ولماذا
فعلت هذا ؟
ندم لساعات وأيام وشهور وأحيان ًا لسنين من أجل خطيئة واحدة لم تستمر أكثر من
نصف ساعة...
ولكنك عاهرة ،قالتها وهي تضرب صدرها الذي استحال لونه للون الحمر من كثرة
لطمها عليه وتورم من كثرة الضرب ،ولكن ألم روحها كان أكبر من ألم جسدها،
أرادت أن تؤلم جسدها عَ َّل روحها تهدأ ،علها تحصل على الغفران النفسي لما فعلته،
أن ظنت أنها عاقبت نفسها بما يكفي ،فربما إارتاح ضميرها وخف تأنيبه لها ،ولكن أي
من هذا لم يحدث.
131
تذكرت كيف كان يناديها زوجها بالعاهرة ويضربها الضرب المبرح الذي كان يترك أثاره
على جسدها ،كل هذا ل لشيء إال لشكه بها ،كان ينعتها بالعاهرة اذا ما سلمت على
أي ذكر غيره باليد حتى وإان كان من اقربائهما ،حتى وان كان أكبر أو اصغر منها في
السن كثيرًا ،كان ينعتها بالعاهرة ويعاقبها إاذا ما لحظ أن انظار الناس متوجهة لها
بسبب جمالها الملائكي وكنه يعاقبها على منحة الله لها ،يعاقبها على الشيء الذي جعله
يرغب فيها منذ أن رأها ،يعاقبها على جمالها!.
حبسها وحجبها وقمعها وجعل والدته حارسة لها تراقبها ليل نهار ومع هذا كان الشك
يمل قلبه ،إالى أن اكتشف ذلك التليفون السري الذي كانت تخبئه منه ،تليفون
حديث كانت قد اشترته بدون علمه ،اشترته لتستطيع الولوج إالى ا إلنت نرت منه دون
أن يعرف أحد ،حيث انه كان قد منع عنها ا إلنت نرت والتليفونات الحديثة ،كانت كنها
في سجن وكان ذلك التليفون هو طاقتها الوحيدة لضوء الشمس ،طاقة حفرتها
بأظافرها العارية ،طاقة ظلت تبعث الشمس والدفء إالى روحها المعذبة من ذلك
المدعو زوجها ،ذلك الرجل الذي يعيش في القرن الحادي والعشرين ويحمل جنسية
دولة تصنف من الدول العلمانية حيث الحرية الدينية والجنسية فيها مباحة إال أن
عقليته مازالت عقلية سكان خيام الصحراء من القرن الول الهجري!.
تحملته وتحملت عذابه لها بلا سبب ،ربما كان ذلك بسبب ظنه انه ضعيف جنسي ًا
وغير كفء لها ،أو ربما لنها فعلا كانت أجمل من أن تكون له ،كانت جميلة جد ًا وكان
يرى ذلك في عيون الناس ولهذا صب جام غضبه عليها ،لنه رأى الحسد في عيون
كل من رأهم سوي ًا ،حسد له لنه يمتلك تلك النى الكاملة وكره له لنه أقبح من أن
يقبل قدميها.
ولهذا أراد كسرها ،وفعلا كسرها ،ولكنها أنى ،أبت أن تنكسر ،تمردت ،أرادت أن
تناضل " ،ل لن أموت صامتة ،سأترك صرختي تتردد في أرجاء واديكم الغبي المتخلف
العفن ،صرخة أنى وأدتها سطوة رجل وغبائه ،رجل ظن أن احتواء زوجته انتقاص ًا
132
من رجولته .ظن أن مداعبة أذنيها بكلمات الحب وا إلهتمام يجعل منه ناقص ًا في عيون
أمه ولهذا عمد إالى السطوة ليثبت أنه رجل!.
رجل على من؟؟
على إامرأة؟؟
المرأة عظيمة الكيد؟؟
هيهات يا رجل!.
" صرخة أنى "...
كان ذلك هو ا إلسم الذي اختارته ك إاسم لصفحتها على موقع تويتر ،برنامج من برامج
التواصل ا إلجتماعي ،هناك عاشت الحلم الجميل ،حلم بأنها أنى ،حلم بأنها مازالت
أدمية ،لها إاعتبار ورأي وصوت وحق في الكلام ،حقوق كانت قد نسيت أنها
موجودة منذ زمن ،أو ربما ما علمت بوجودها.
عرفت بوجود البرنامج صدفة من إاحدى صديقاتها التي كانت تحكي بعفوية عن
البرنامج وتقول أن تغريدة فلان أثارت جد ًل وترد عليها صديقتها الخرى بل أن
تغريدة فلان قد تعدت اللف إاعادة تغريد ،كانت مصطلحات جديدة عليها تمام ًا ولهذا
استفسرت عن ما هو تويتر وماهي التغريدة وما هي اعادة التغريد؟ ،أسئلة نهمة
كثيرة سألتها سلام لصديقاتها غير عابئة بسخريتهم منها بسبب جهلها بذلك التطبيق
الذي أصبح من أشهر تطبيقات ا إلنت نرت " ،ليهمني سخريتهم طالما سيدلونني على
طريق خلاص من هذا اللم والحزن الذي يخيم علي ".
أنهت حمامها وأمسكت تليفونها باحثة عن ما يلهيها ،لم تجد أمامها إال شريف ،أرادت
أن تحكي له ما حدث ولكنها خافت..
"سيتهمني بالعهر".
ولكنها بدأت معه أحاديث عادية حول الدنيا والحياة وأخباره وأخبارها حتى سالها عما
بها ،أخبرها أنه يشعر أن هناك ما يثقل صدرها ،هناك ما يحزنها ،فباحت له.
133
باحت له كيف أنها مارست الجنس مع مديرها السابق ،مديرها الذي كان يطاردها
بنظراته في كل مكان ولكنه خاف أن يفاتحها بأنه يريد أن يصادقها خوف ًا منها لنها
محجبة ،أرادها ولكنه خاف ،أرادها وعلمت أنه يريدها ولكنها مثلت اللامبالة حتى
اليوم...
" اليوم مارست الجنس معه"!...
************
134
23
علياء ..
لم تعرف علياء أنها بين فكي شرك كبير ،لم تعرف أن نعومة الرض تحت قدميها الحالمة
ما هي إال وحل تدوسه..
علياء التي وقعت في براثن عُمر ،ذلك المراهق الصغير الذي أراد أن يثبت رجولته
وهو مازال غض صغير ،لم يحاول أن يثبتها مثلما اثبتها والده قديما عندما كان يعيش في
القرية بمضاجعة زوجة الخفير ،تلك المراة التي كانت مقصد كل الباحثين عن المتعة.
مكان بيتها الموجود بعيدا عن القرية وسط الحقول بحكم عمل زوجها كخفير لرقعة من
الرض يملكها اهل القرية مقابل بضعة جنيهات كل سنة على كل قيراط ومقابل سرقة
بعض المزروعات لبيته وبهائمه ،ولكن كما كان يأخذ اجرة الخفرة كتاوة وبعدها يسرق
الحقول التي يحرسها رزق بإامراة بين فخذيها هوة سحيقة ل يشبعها أشد الرجال.
هوة لم يستطع اشباعها ففتحت فخذيها لكل عابر...
كانت مقصد كل من أراد اعتلاء إامرأة ولم يعرف إالى ذلك سبيل أو يملك مال لذلك،
وكان والده أحد هؤلء ،وطئها وهوفي الرابعة عشرة من عمره ،ذهب إاليها هو وابن
عمه الذي يكبره بأربعة أعوام ،سأله ابن عمه إان كان قد بلغ فأجابه با إليجاب! ،سأله إان
كان يعرف ا إلستمناء وبالطبع كان يعرف ،لن تلك العادة يتعلمها ابناء القرية في سن
مبكرة رغم أنهم لم يكونوا يملكون ل شرائط اباحية أو حتى تليفزيونات في أغلب
الحيان في ذلك الوقت.
حينها رأى إابن عم والده انه قد حان الموعد ليصبح رجل ًا .،حان الموعد ليعتلي إامرأة !.
لم تكن هناك إامرأة سترضى أن تضاجع طفلا حتى ولو مقابل المال ،وحتى المال لم
يكن يملكه ،ل أبيه ول ابن عمه ولكن هي تفعل ذلك بلا مقابل ،تفعل ذلك بالحب،
135
تفعل ذلك لنها شبقة وتبحث عن الراحة وا إلشباع ،تفعل ذلك لنها انتقام الله من
ظالم!
ولكن كانت المشكلة هي انهم يجب أن يختاروا وقت ًا ل يكون فيه زوجها في المنزل لفعل
ذلك حتى ل يقتلهما إاذا ما رأهم!.
وبالفعل ذهبا إالى بيتها ليتفقا معها ،تولى ابن عمه الحديث لنه كان معتاد ًا أن يزورها،
أخبرها أنه يريد أن يعلم ابن عمه كيف يصبح رجل ًا وأشار إالى والده ،إابتسمت هي
بكل غنج ،فهيي تعشق مثل تك اللحظات ،تحب أن تكون أول أنى يطئها كل بالغ
جديد ،كانت تقول أن الشياء الولى ل تنسى أبد ًا وتظل محفورة في العقل مهما مر
عليها من زمن!.
أول قبلة ،أول حضن ،أول نفس سيجارة ،أول جرعة مخدر ،وأول مرة تمارس فيها
الجنس ،الرعشة الولى لجسدك وأنت بداخل إامرأة ،وحضن ما بعد الجنس!.
ولهذا كانت فتحية " هو إاسمها" ،تولي إاهتمام ًا خاص ًا لهؤلء الذين تكون تلك هي
مرتهم الولى ،كانت تريد أن تظل خالدة في عقولهم ،ل يهم إان كانت ذكراها ستكون
كعاهرة أم تجربة!.
كانت ل ترتدي قمصان النوم الملونة إال لهؤلء ،أما الرجال العاديين المعتادين على
مضاجعتها كانت في أغلب الوقات تأخذهم إالى الحظيرة خلف المنزل حيث ترفع
جلبابها الذي ل ترتدي تحته شيء تسهيل ًا وتوفيرًا للوقت اذا ما طرق بابها راغب،
كانت ل تدخل أحد المعتادين إالى فراشها لنها كانت تعلم أنه سينتهيي سريع ًا قبل أن
تشعر به ،لم تكن تعلم إان كان ذلك بسبب حظها العاثر أو لن الذين يأتون إاليها
مرضى أم هو خوفهم ورعبهم الشديد من زوجها ،ولهذا يكون همهم ا إلنتهاء سريع ًا
والخروج من ذلك المكان في أسرع وقت ممكن! ،لم يكن أحد تقريب ًا يولي اهتماما لتلك
المرأة التي تضع حياتها بين كفيها لمتعتهم ،لم يفكر أحد في إاحتضانها أو تقبيلها.
كان مكان عشاقها الزريبة وسط البهائم حتى ل يراها زوجها أو ابنائها ،كانت تفعل
ذلك حتى في أثناء وجوده في البيت لنها هي المسؤولة الوحيدة عن إاطعام البهائم،
136
فلم يكن يدخل الحظيرة غيرها وعشاقها ،ولهذا كان لبد من ابعاد زوجها من المنزل
لتستفرد بهذا الرجل الصغير ،ولم يكن يوجد أفضل من يوم الثلاثاء...
" السوق ،بعد غد هو يوم الثلاثاء ،سأرسل زوجي إالى السوق ليتسوق لنا والساعة
العاشرة أحضره وتعال "!.
لكن عُمر الن من سكان القاهرة حيث ل توجد فتحية ول ابن عم أكبر يساعده لن
يصبح رجل ًا ،ل يوجد لديه سوى ا إلنت نرت وصفحات التواصل ا إلجتماعي والكثير من
الصدقاء الوهميين في كل حساب من حسابات التواصل ا إلجتماعي.
وهنا في ذلك العالم ا إلفتراضي القوانين مختلفة ،هنا البلوغ والرجولة ليست بممارسة
الجنس _ رغم أن الممارسة حتمية في النهاية إلستكمال مراحل الرجولة الحديثة _،
ولكن كبداية ،كانت الرجولة والفحولة هي اغواء أكبر عدد من الفتيات بإاسم الحب
ومن ثم جعلهم يرسلون صور ًا عارية بإاسم الحب ،فب إاسم الحب ا إلفتراضي الوهمي
عاشت الكثير من البنات أجمل المشاعر واطهرها وبإاسمه تحولت الكثير منهن إالى
عاهرات حتى وإان لم يطأهن رجل ،وكانت علياء إاحداهن.
كانت علياء مجرد أنى في طابور طفل أراد أن يثبت لنفسه أنه كبر ،طفل أراد أن
يقول لقد أحبتني إاحداهن حد العشق ،لقد أحبتني حتى أنها لم تبخل علي بأعز ما
تملك" ،جسدها ".
وها هي صور جسدها تتدفق علي كشلال أسبح فيه ،بحر من المتعة الخالصة ،صور
جنسية بكل الوضاع التي أريدها ،ل يهم شكلها أو سنها أو تناسق جسدها ،المهم
أنها مشهورة ،أنى من مشاهير عالم السوشيال ميديا ،وهنا يكون التحدي الكبر
لنه كلما كانت النى اشهر كلما حسب الكثير من نقاط الرجولة ِلموقعها.
هذا كان هدف ُعمر في البداية إالى أن عرف كيف يحول تلك المعرفة والخبرة إالى
مال!.
" كم اكره أن يشيخ الطفال قبل أوانهم ،أن يتركوا اللعب ويبحثوا عن طرق جني
المال "....
137
فكر عُمر في كيفية إاستغلال ذلك لمصلحته ،لم يخترع العجلة ولكنه فقط طوعها بما
يخدم هدفه ،لم يكن أول من جرب النصب وا إلحتيال ا إللكتروني ولكنه فعل ذلك
بحرفية وبطريقة أكثر امان ًا له ،قام بتبادل المعلومات مقابل المال!.
كانت المعضلة الولى بالنسبة له هي كيف يقبض المال؟ ،بالطبع لن يقبضه كاش لنه
بذلك سيعرض نفسه للخطر ووجد بعد بحث مطول أن افضل طريقة هي
البيتكوين ،وهي عملات إالكترونية إافتراضية تساوي ثمن ًا حقيقي ًا ،ولكن المشكلة هي
أن المصريين لم يألفوا البيتكوين بعد! .ولهذا لم يجد أمامه سوى محفظة فودافوون
كاش ،ذلك ا إلختراع الجميل الذي غير حياته إالى البد ،ذلك ا إلختراع الذي يتيح له
أن يرسل ويستقبل المال من خلال رقم تليفونه ويستطيع أيض ًا تداول ذلك المال
بشراء ما يحتاجه من ا إلنت نرت .ولكن المعضلة التي واجهته هي أنه قاصر وغير مسموح
له بإانشاء حساب ،ولهذا فكر في إانشاء حساب بإاسم والده وقام بسرقة بطاقة والده
وذهب إالى صديقه الذي يعمل في محل التليفونات لينشيء له حساب ،وهناك أتته
تلك الفكرة ،لماذا ينشيء حساب بإاسم والده إان كان يستطيع أن يفعل ذلك بأي
إاسم؟؟
وفعل ًا عرض على صديقه خمسون جنيها مقابل اعطاؤه خط مسجل وإانشاء حساب
بإاسم شخص أخر ،وبالفعل قام بتسجيل الخط بإاسم شخص كان قد إاشترى خط من
عندهم منذ عدة أيام وكان عندهم صورة بطاقته كما هي العادة.
ومن هنا بدأت رحلة الربعون ألف جنيه التي في رصيده الن!.
************
138
فريدة ...
حين يقف الموت بين الموتى والحياء يكون وقوفه كلعنة أبدية يستحيل كسرها بأي
قوة ول حتى بقوة السحر ،وهذا هو ما حدث مع فريدة ،تلك المرأة الية في الجمال،
إامرأة أقل ما يقال عنها أنها كما وصفها الكتاب حورية من حوريات الجنة في جمالها
وحسبها وأصلها الطيب وفوق كل هذا هي من بيت عريق تمتد جذوره إالى البشوات
الصليين الذين كسرهم الزمن حتى كاد أن يفنى أثرهم ،إال أن عائلتها كانت من
العائلات التي استطاعت أن تنجو من هذا المصير وكن قوة أصلها أقوى من قوة
الزمان.
فريدة الجميلة ،الم ،شعلة الجمال المشتعلة ولكنها ميتة القلب ،قلب جاف كشجرة في
عمق الصحراء جف نبع ريها منذ عصور فأصبحت أغصانها العارية أجف من صخور
الوعر ،قلب حاول زوجها أن يدب فيه الحياة بكل طريقة ممكنة ولكن الفشل كان
حليفه.
لم يفلح كل ما فعله من أجلها ،ل مفاجأت ول تلك الفيلا الجميلة في الساحل ول
الهدايا ول المجوهرات ،حتى أبناءهما الذين كانوا أعز ما في الدنيا على قلبها لم
يستطيعوا أن يبعثوا ولو نبضة حياة في هذا القلب الميت.
لم يعرف سعيد ما السبب في ذلك الجفاء الذي تظهره له زوجته ،التي كان الزواج بها
حلم حياته وإانتصار يضاف إالى تاريخه أنه إاستطاع أن يتزوج بفتاة كانت حلم كل من
وقعت عيناه عليها ،ولكن كان هيهات أن يفكر أحد من ا إلقتراب منها ،فهيي كانت
أكبر من طموح أي كان .فهيي بنت الحسب والنسب ،ولكنه إاستطاع أن يقترب،
فهو ل يقل عنها حسب ًا ول نسب ًا ول جما ًل.
تزوجها صغيرة قبل أن تنهيي عامها الجامعي الثاني ظن ًا منه أن التعجيل بالزواج منها
سيجنبه الكثير من المتاعب المستقبلية ،وأهمها الحب .ظن أنه اذا ما أسرع في
خطبتها والزواج منها أنه سينجو من إامكانية أن يتعلق قلبها بأحد.
139
وتزوجها سعيد وأنجب منها ..
عشرون عام ًا مرت على زواجهما ولكنه يعلم جيد ًا انه ربما امتلك معظم جسدها ولكن
قلبها لم يستطع أن يطرق بابه ولو لوهلة ،يعلم جيد ًا أن ذلك الجسد الذي تلوى بين
احضانه كثيرًا إانما تلوى بفعل الشوق والشهوة الطبيعية ،ولكن أكثر ما كان يؤلمه هو
كلمات الحب التي كان يسمعها في تلك اللحظات وكان يعلم جيد ًا أنها كانت كاذبة.
حاول سعيد كثيرًا أن يبتعد عن فريدة ولكنه لم يستطع ،فهيي حب حياته ،هي حلمه
الذي تحول إالى حقيقة ،هي المل والحياة وهو بدونها ل قيمة لحياته.
رغم حرب الفكار التي خاضها كل يوم مع كل حضن احتضنه لها ،تلك الحرب التي
كانت كثورة بركان يحرق كل أركان جسده عندما كانت تصده مرة بعد مرة من
تقبيل شفتيها ،إال أنه لم يستطع ا إلنفصال عنها.
إامرأته لثلاثة عشرة سنة لم يستطع أن ينهل من رحيق شفتيها ،ثلاثة عشرة سنة هي
مدة زواجهما الفعلية قبل ا إلنفصال الذي وقع بينهما منذ سبعة سنوات.
ثلاثة عشرة سنة على فراش واحد ولم يستطع تقبيلها ،هزمته أفكار الشك وخاف
من مواجهتها ،فهزم افكاره بين احضان نساء اخريات واحدة تلو الخرى ،عصر
شفاههن ،ولجهن بلا تمنع ،سمع منهن كلمات الحب الكاذبة ما أن طلبها ،ولم ل؟،
فهوصاحب سلطة ومال يستطيع أن يملك ما أراد ومن أراد ،إال فريدة زوجته التي
هرب من مواجهتها وهو الذي لم يهرب في حياته هرب إالى هنا ،إالى احضان النساء
عاهرات كن أو نساء عاديات ،وحتى سيدات مجتمع ،إالى أن عرفت فتم ا إلنفصال،
إانفصال فقط بلا طلاق لنه لم يتحمل فكرة أن ل تكون في حياته ،فكرة أن تكون
لرجل ًا أخر غيره ،فهو كان قد امتلك جسدها كله ،إال قلبها وشفتيها.
قلبها لنه أغلق على رجل قد مات وشفتيها التي نذرت بكارتها لرجل يكون هو من
يفضها ولكنه مات قبل ذلك ،مات محمد قبل أن يقبلها كما تمنت وحلمت دائم ًا.
***********
140
24
شريف ...
أنا شريف ،وأنتم تعرفوني جيد ًا!.
أنا ذلك الشاب " ،شاب في الثلاثين!"
ل ،بل أنا ذلك الرجل!.
" تب ًا ،متى أصبحت رجل يا شريف؟ ،أنت مازلت ذلك الطفل الذي كان يسرع في
ركضه من أمام ديوان العمدة ظن ًا منه أن العمدة هو السلطة العليا في الدنيا ،ولهذا
كنت تعمد على أن يكون إانطلاقك من أمامه كالصاروخ عله يضمك إالى قوات خفره
لحفظ المن في القرية ،ولن يجد أكفا ول أسرع منك في ملاحقة المجرمين والحرامية!.
ربما فقدت سرعتك عندما كبرت وأصبحت شاب ًا ،فأنت مازلت ذلك المراهق الذي
يبستم كلما تذكر صوت كوكا ،تلك الفتاة التي مازال صوتها الجميل عالق ًا في جدران
عقلك.
ضحكتها المجلجلة التي مازال صداها يتردد في أذنك وذاكرتك.
كوكا التي ظننت يوم ًا أن كلمات حبها لك حقيقية...
أنت ياشريف مازلت تحلم ببنت الجيران وضحكاتها لك وتوقف الزمن بالنسبة لك عند
هذه المرحلة " ،ل ،ولكني أصبحت رجل ًا ،أنا لست بطفل أو شاب.
هي مجرد أحلام لم تتحقق في خلال نشأتي فظلت عالقة في ذاكرتي وكنها خطأ تقني
كالذي يصيب أجهزة الحاسوب فيجعلها تجن.
هذا بالضبط ما يحدث معي ،أجن ولكن جنوني هو موجة سعاده عميقة ،جنوني هو
إابتسامة عريضة من الذن للذن عندما أتذكر أحلامي التي لم تتحق رغم بساطتها.
ولكني الن كبرت وأصبحت رجل ًا ،رجل يعلم أن الحلام ل تهدى ول تتحقق
للبسطاء مثلي ،وليست كما قال الشاعر " ليس نيل المطالب بالتمني وإانما تؤخذ الدنيا
141
غلابا " ،ولكننا غلابة ومثل تلك الناشيد ل تنطبق علينا ،لن أستطيع تحقيق
أحلامي ل بالتمني ول بالكد ،كد والدي ووالده وجده ،وكديت أنا ،وها أنا ذا "
محلك سر"!.
رجل يعرف أن سلام ليست لي ،وفريدة ربما تكون ل تحبني ،أو ربما هي حبي
الوحيد كما تزعم أنني حبها.
رجل غير ذلك العتي الذي يظنه الناس في السوشيال ميديا أنه أنا ،أنا فاشل،
فشلت في تحقيق أي من أحلامي ،فاشل ولم أجلب سوى الفشل لكل من أعرفهم
حين ظننت أنني سأستطيع تحقيق أحلامي بالمال ودفنت قلبي وسافرت لمقايضة زهرة
أيامي بالمال وفشلت.
"سبعة أعوام" ..
مرت سبعة أعوام من الحشو والتتبيل ،من الحشو والتحمير ،من الخلطات السرية
والتزيين ،وعدت خالي الوفاض ،عدت من جديد إالى بيتي ،إالى شقتي التي تم صب
سقفها ببيع البقرة.
فعل والداي ذلك ظن ًا منهم أن في ذلك سعادتي ،ولكنهم ل يعلمون أن ذلك يح نزني
ويدمي قلبي لنني أعلم أن تلك البقرة هي أهم مني ،هي تلد ويبيعوا صغارها ،هي تدر
اللبن الذي يصنعون منه الجبن الذي يعتبر الوجبة الساسية والطبق الوحيد في كثير
من اليام.
قطعة جبن ورغيف عيش شمسي وربطة فجل أو جرجير ،هذا هو طعامهم الذي
خرجوا به من الدنيا ،هذا زاهم وقوت أيامهم في إانتظار الخرة ،ولكن البقرة بيعت
لصب السقف ،وكن عقلهم البسيط قد صور لهم أن ذلك الفعل هو خطوة اساسية
في طريق زواجي وكنهم نسوا أن أن الشقة تحتاج إالى الكثير والكثير من التشطيب،
والعروسة مهما كانت دميمة لن ترضى بأقل من خمسة وستون جراما من الذهب!.
من أين يا أبي وامي سأتي بكل هذا؟
ألم تعلما بأن إابنكما فاشل؟؟
142
ألم تظنا انه كان من الفضل ابقاء البقرة وعدم بيعها ،على القل هي أنفع مني ،هي
تدر خيرًا وأنا مجرد خطأ تقني في هذه الدنيا...
أنا محلك سر!.
رجل حين إابتسمت لي الدنيا ،إابتسمت لي عن طريق الفيسبوك ثم ما لبثت إال
وإابتسمت لي إابتسامة التعالي لتخبرني بأنني أنا مجرد ل شيء..
أنا ل شيء مقا نرة بعمرو ،ذلك المراهق الذي إاستطاع أن يفعل ما لم أفلعه!.
نعم السحر إانقلب معه على الساحر ،وها هو الن يعاني جزاء أفعاله ،ولكن حتى لو
لم يكن يعاني ما كنت لفعل مثله لن أخلاقي ل تسمح لي بفعل ما فعله ،فأنا من
الممكن أن أمارس الجنس الكتابي مع إامرأة ،وربما أطلب منها صور ًا خليعة ولكنني
أبد ًا لن أبتزها بها ،أبد ًا لن أخذ المال من إامرأة ،وأنا ل شيء ،حتى إانني لم أستطع أن
أصارح سلام بحقيقة مشاعري تجاهها.
كنت أمثل بكل بلاهة دور الصديق بحرفية ،كنت أعطيها النصائح لتخرج من حزنها
الذي سببه لها طليقها على مدار سنوات زواجهما.
ذلك الحزن والندب الذي تركه في روحها تجاه كل الرجال ،ذلك الجرح الذي لم تكن
قد شفيت منه حين عرفتها رغم مرور ثلاث سنوات عن طلاقهما.
كنت كالبله أعطيها نصائح تعيد إاليها روحها المسلوبة ،كغبي نصحتها أن تحب من
جديد ،أنا من شجعتها على ممارسة الجنس مع ذلك الرجل الذي نسيت ما هو إاسمه،
ولكنه مجرد أبله ،أتذكر شكله جيد ًا لنها كانت قد أرسلت لي صورته ،رجل ل
يستحق أن يعمل خادم ًا في بيتها ولكن يا لحظه ،فقد نظف بؤس السنين وأطلال
الحزن من على جسدها ،وكنس خيوط العنكبوت التي سكنت سنوات جسدها
وبقيت أنا من أحبها وأستحقها كغبي ،تحكي لي عن تفاصيل لقاءاتهما.
سلام التي ضاقت روحي منها لني كعاجز قدت من أحب إالى حضن رجل أخر،
رجل لم يرى منها إال رغبة فيما رأيت أنا فيها حلم بعيد المنال.
143
رأيت فيها النوثة الكاملة والنقاء رغم أنني قد وجدتها مكسورة ،علمت بعدما أحببتها
إانني لن أستطيع أبد ًا أن أكون إال مجرد حبيب وهمي .حبيب يفصلها عنه بحر واثنتا
عشر محافظة ،حبيب مصري لن يستطيع أبد ًا أن يحصل على فيزا إالى لندن ليذهب
ليقابلها ويركع أمامها على ركبتيه ويخبرها أنه يحبها وأنه فعل المستحيل لكي يأتي إالى هنا
وأنه مستعد أن يواجه كل الدنيا لجلها وأن يذهب إالى ما خلف الشمس إلرضائها!.
هنا أدركت أنني فاشل ،والفاشل ليس له الحق أن يحب ولهذا نصحتها أن تبحث
لنفسها عن رجل يعيد إاليها ثقتها في نفسها ،حتى عندما اعترفت لي بحبها سخرت منها،
أخبرتها أنني ل أحبها ،أخبرتها أنها بالنسبة لي صيد!.
أنا أراها قطعة لحم فقط ل غير!.
قلت لها الكثير من الكلام الذي أوجعها ،كذبت فصدقتني ،ظننت أننا لن نستطيع
أن نكون سويا لنني لن أستطيع الذهاب إاليها ونسيت أن الحب يكون بين طرفين،
فكرت أن أحمل العلاقة كلها على كتفي فلم أتحمل ثقلها وتركتها ،نسيت أنها شريكتي
في ذلك الحب وانه يجب أن اخبرها بأفكاري علها كانت تأتي من أجلي مثلما أتت من
أجله ،هو من تعرف إاليها بعدما نفرت منها ،بعد أن علمت انني لم أعد أستطيع تقديم
المزيد من النصائح لمن أحب لمضاجعهة رجل أخر غيري ،لم أستطع أن أراها حبيبة،
وبعد ذلك رأيتها عاهرة.
حولت حبيبتي إالى عاهرة بيدي وما أن ظهرت فريدة في حياتي حتى تجاهلت سلام
وصبيت إاهتمامي على فريدة ،تلك المرأة التي احبتني قبل أن نتكلم وظلت سلام بيت ًا
جاهزًا معد ًا لمن يطرق بابه ،وكان صلاح ذلك الرجل ،صلاح المدير المالي في إاحدى
الشركات الكبرى ،وضاعت سلام من يدي بيدي..
يالي من فاشل!.
************
144
25
الزوجة ..
هل تعلم يا شريف متى تغيرت من ناحية زوجي؟؟ هل تعلم متى توقفت عن
حبه؟؟ عندما رأيت تلك المحادثات بينه وبين تلك المرأة على الفيس بوك ،رغم أنني
كنت أعلم كلمة سر تليفونه ورغم أنه كان يترك التطبيقات مفتوحة إال أنني لم أفكر أبد ًا
طوال تلك السنوات أن أراقبه أو أن أدخل لرى ماذا يفعل.
سمها الثقة أو الغباء الخام ،سمها كما تشاء!.
لم أكن أنوي أن أدخل ولكنها الصدفة البحتة أو ربما هي ساعة شيطان ،عندما سقط
مني هاتفي في الغسالة وحلف برأس صانعه أنه لن يعمل ثانية وحيث أنني كنت
معتادة على تصفح الفيس بوك ليل ًا وكنت معتادة على متابعة جروب الدفعة وبعض
الجروبات الرومانسية ،ل لنني أعيش حالة رومانسية ول لنني أبحث عن الحب،
ولكن لنني أنى ،والنى تجذبها الرومانسيات حتى وإان لم تكن تعيشها.
المهم إاني إاستعملت تليفونه واذ برسالة تصله منها ،رأيتها ترسل له تخبره بأنها في حالة
ملل وأنها تريد أن تتكلم معه!.
فتحت المحادثة لرى ما لم أتوقعه ،رأيت الصدمة وعشتها ،عشت الخيانة مع كل
حرف قرأته ،لم أشعر أبد ًا في حياتي بمثل تلك القوة والضعف مع ًا ،كنت أبكي من
كل حرف وكل كلمة ومع هذا استمريت في القراءة ،إانهارت أعصاب جسدي
وأصبحت أشعر بالبرد الشديد ،ضاق نفسي ولم يعد بمقدوري أن أحرك جسدي،
فقط ما كان يتحرك في هو إاصبعي على شاشة التليفون وعيناي التي تقرأ تلك
الخيانة.
" إانه يعرف الرومانسية ،إانه يغازلها ،إانه يقول كلمات حب".
145
كان ذلك هو أكثر ما ألمني ،زوجي الذي عشت معه كل تلك السنوات بقلة
المشاعر والعلاقة ورضيت بها وقلت أن ذلك نصيبي وحظي في الدنيا اكتشف الن
أنه كان يبخل علي بمشاعره ،بكلماته ،ويوزعها ببذخ على تلك العاهرة التي لم يراها في
الواقع!.
يتغزل فيها ليل ًا ونهارًا ويتحايل عليها ويرجوها أن تقابله ولكنها ترفض.
" ينفق مشاعره ببذخ من أجل لقاء قد ل يحدث ويتركني أنا بلا كلمة طيبة ول
حضن ول قبلة وحتى تلك المرات القليلة التي كان يضاجعني فيها لم يعطني حضن
شكر ".
العاهرة تستحق أجرتها ،ولكنه لم يعتبرني كعاهرة!.
الخادمة تستحق قيمة خدمتها ولكنه لم يعطيني أي من هذا!.
ل قبلات ول احضان ول كلمات غزل ول أي شيء ،أنا التي كنت أظن أن شهادة
الدبلوم التي حصلت عليها غير كافية وقليلة وتجعله ل يشعر بالفخر بي رغم أنه من
حملة الدبلومات أيض ًا ولكن الغربة اضافت إاليه خبرات حياتية ولباقة سعيت أنا إالى
اكتساب بعضها بإاستكمال تعليمي ،دخلت جامعة مفتوحة لقول له أنني مثقفة تعال
وغازلني ،أنني مازلت جميلة والن اقترن الجمال بالثقافة والعقل ضاجعني كمثقفة أو على
القل عاملني مثلهن ،مثل اللاتي تلهث خلفهن!.
ولكن بلا جدوى ،وراح مجهودي سدى!.
هل تعلم يا شريف ما الشيء الذي فعلته حينها وندمت؟
أنني واجهته ،أنني عنفته وشتمته لني علمت أن ما من أحد عاب على أحد بشيء إال
وابتلي به.
ربما لو لم أواجهه لما وصلت إالى ما أنا عليه الن ،لما وصلت إالى ما أنا فيه الن من
الندم وا إلشمئزاز من نفسي ،لو لم أعاتبه ربما لما إانتقمت منه ،وربما كنت فعلت أكثر
كثيرًا مما فعلت الن.
الحقيقة يا شريف بعدما شعرت بالخيانة وبعدما واجهته ولم أجد منه رد مقنع لسبب
146
فعله ولنه لم يجروء على القول بأنني السبب أو أنه لم يعد يحبني بعد سنوات الزواج
تلك أو أنه كسائرالرجال يملون من إامرأة واحدة.
لم يحاججني كما حاجج أدم الله ،ولم يخبرني أن المرأة المحرمة ابهيى وأشهيى من المرأة
الحلال ،لم يفعل أي من هذا ،فقط سقطت عينيه من الخزي وبعدما انفجرت فيه
أسئلة ودموع وصراخ قال " :أنا أسف "!.
بعدما انهلت عليه باللكمات الضعيفة حيث أن جسدي كان اضعف من أن يوجع
ف إاحتضنني.
"يااااه ...أخيرًا حضن؟؟
ولكن كيف تحضن الصخر بعدما تهشم وأصبح رمل؟
"الرمال ل تحتضن يا زوجي"!.
وقررت ا إلنتقام...
قررت أن أسقيه من الكس الذي سقاني منه ،قررت أن أخذ حقي ونصيبي في
كلمات الغزل وا إلستلطاف التي تستحقها كل إامرأة خلقت وإان لم يكن منه فليكن من
غيره ،وحتى ل يؤنبني ضميري لن أبد ًا أبد ًا علاقة بل سأنتظر أن تاتي إالي ،وكن
الشيطان هو الذي يدير حياتنا ويخططها ،أو ربما هو يجلس على ذلك الكرسي الفارغ
في بيوتنا يراقبنا في صمت ،فلم تكد تمر أربعة وعشرون ساعة إال ووجدته يرسل لي
رسالة!.
هو من لم أكن اتخيل يوم ًا أن يكون محور حياتي وتفكيري ،هو من لم أظنني يوم ًا
قادرة على فعل ما فعلت مع أحد أبد ًا ،والن ل أتخيلني مع أحد سواه.
هو من ظننته المطرقة وإاذا بي أنا المطروق وليس الطارق ،هو من أبكي الن بسببه
وأنا أكتب إاليك هذه الكلمات بكل خزي وعار لنني أعلم انك ستقول عني "عاهرة"!.
************
147
26
عمر ..
لم أظن يوم ًا أن المور ستنقلب علي بهذا الشكل أبد ًا ،لم أظن أنني كطباخ السم
سأذوقه ،لم أظن أن القصاص من عدل الله ،كنت أظنه يتنافى مع رحمته حتى
انتشلني شريف.
أذنبت وأذيت وحفرت الحفر للخرين وسقطت في تلك الحفرة بنفسي!.
بدأ المر حينما عرفت معنى كلمة قواد لول مرة..
كنت أمارس الفعل لكني لم اكن أظن يوم ًا أن هذا هو معناه ،لم أظن يوم ًا أنني
سأكون بهذه الصفات.
بحثت عن صفات القواد فوجدته هو شخص عديم النخوة والرجولة ،شخص بارد الدم،
ل يثور على انتهاك الحرمات ،بل هو شخص يبيح إانتهاكها.
" ل! ،أنا لست هذا الشخص أبد ًا ،لم اكن كذلك يوم ًا ولن أكون "!.
كل ما كنت افعله هو استغلال سذاجة البنات والنساء وجوعهم العاطفي وإايهامهن
بالحب ،الحب الذي ما هو إال نار ،والنار تنطفئ إان لم تجد ما تأكله.
اخبرتهم أن نار حبي لهن تتغذى على الصور الجنسية والفيديوهات .كان عليهن أن
يزودوني يومي ًا بصور حديثة لهن ولقطات فيديو.
كنت أبيع هذه الصور في حسابات أخرى كنت أملكها.
نعم أعلم أن هذا صعب تخيله ولكن بالفعل هناك تجارة إالكترونية واسعة في هذا المجال
اليوم " ،بيع ألبومات جنسية لشخاص حقيقيين ".
لم أتوقف عند هذا الحد ،بل أنني كنت أدبر مواعيد للرجال مع هؤلء الفتيات
والسيدات ،وأحيان ًا كنت اخبرهن أنه أنا الذي سأقابلهن وانني ذلك الرجل الذي
148
سيجدونه ،وأحيان ًا كنت أصارحهن" :ستذهبين لمقابلة فلان وإال ف إانني سأقوم بنشر
صورك ورقم تليفونك وعنوان بيتك وكل ما اعرفه عنك"!.
هذا كنت افعله مع العاديات مع الطبقة العظمى العادية من البنات الطبقة المعدومة،
أما تلك الطبقة المرفهة وسيدات البيوت فأنا أعلم انهم يستطيعون الحصول على أي
مبلغ من المال يريدونه ،وهؤلء كنت أبتزهم مباشرة " :ارسلي لي هذا المبلغ وإال ف إانني
سأنشر صورك"!.
هؤلء كنت اكلمهم من حساب جديد أصنعه خصوص ًا إلبتزازهن حتى ل يتم تعقبي
وحتى ل يعرفون أنه أنا من يبتزهم ،وعندما يأتون إالي باكيات أخبرهن أن حسابي ربما
تم قرصنته وسرقة ما عليه من صور!.
والبركة في محفظة فودافون ،إاستطعت أن أحصل على المال الذي يجعلني أستغني
عن أبي وأمي ،لدي الن تليفونين إاشتريتهم من مالي الخاص أونلاين ،منهم واحد
لل إابتزاز فقط حتى ل يتم تعقبه ،أستخدمه لل إابتزاز واغلقه بعدها ،هذا غير المبلغ
الذي ما زال موجود ًا في محفظتي.
كان كل هذا قبل أن أنشر قصتي ،قبل أن ينعتني الناس بأنني قواد ،كنت أظن أنني
بطل ،أسطورة ،متمرد ،ولكني اكتشفت أنني ما أنا إال قواد!.
وبدأت رحلة الهروب من ذلك القفص والتخلص من ذلك الطوق ،لبد أن أتعرف
على نفسي جنسي ًا ،لبد أن اثبت رجولتي كما اثبتها أبي من قبلي بمضاجعة إامرأة تكبره
بخمسة وعشرون عام ًا ،نعم هو لم يخبرني بذلك ولكنني علمت القصة مثلما علمت
قصص واسرار أخرى قديمة .علمتها مثلما علمت أن سببب لعنتي هي دعوة ظلم من
خالتي ،عرفت القصة بتجميع جمل من قصص كثيرة وحكايات كثيرة من اشخاص
كثيرين من عائلتي.
في يوم تطرق ابن عم أبي مع أبي بالحديث الساخر عن فتحية ،وقال أنها صاحبة
جميل وانها لتنسى ،وفي مرة أخرى تحدث جدي عن خروج الخفير من السجن
بعدما قتل فتحية زوجته ،وانه الن يفتعل المشاكل وأجزاء أخرى كثيرة من القصة
149
اجمعها من هنا وهناك أعرف من خلالها الحقيقة ،ولكن كل هذا ل يهم ،فما يهمني
الن هو أن اثبت رجولتي ،وسأثبتها بممارسة الجنس مع أي أحد أراه ،سأبحث عنه في
الواقع وإان لم أجد سأبحث عنه في ا إلنت نرت!.
عزمت على ممارسة الجنس حتى مع الولد ،ل يهم إان ضاجعت رجل ًا أو إامرأة ،فتى
أو فتاة أو حتى حيوان ،المهم أن أكون أنا السيد ،أنا الذكر!.
ولكن الخطط تختلف كثيرًا عن الواقع ،ربما البالغون منكم يعرفون ذلك ،يعرفون معنى
أن تضع خطة محكمة وسهلة وبسيطة ،وعندما تشرع في تنفيذها تجد أنها شبه
مستحيلة ،اذ أن الواقع مختلف تمام ًا كذلك اليوم الذي قررت فيه صنع طائرة ورقية
من البوص والورق وبعض الخيوط ،قضيت يومين ابحث عن شكلها وكيفية تركيبها
وربط القطع مع بعضها ومن ثم لصق البلاستيك الملون عليها وربطه وأهم شيء في
تعليق الخيوط هو أن تكون الخيوط الخلفية اقصر بعض الشيء من الامامية حتى
يكون وجه الطائرة مرتفعا في وجه الهواء فتحملها للعلى ،كل هذا فهمته ورسمت
خطة محكمة له في رأسي ثم قضيت يوم ًا أخر في تصميم شكل طائرتي وألوانها ،جمعت
الكياس الملونة ،لم أجد البوص ولكني وجدت بعض العصي البلاستيكية الخفيفة
وعندما شرعت في تكوينها لم أجد الخيوط ،كل ما وجدته هو خيوط الخياطة
العادية ،لم أجد ذلك النوع المتين سواء كان مصنوعا من القطن أو البلاستيك ،بحثت
عنه كثيرًا ولم اجده ،وضاعت فكرة صنع طائرتي الورقية بنفسي .ضاعت فكرة أن
أكون أول من يطير طائرة ورقية في منطقتي ،فكرة أن اركب مصابيح صغيرة في ذيل
طائرتي لترعب الناس ليل ًا مثلما فعل ذلك العالم المجنون ،ضاعت فكرة جني المال من
بيع كل طائرة اصنعها لي طفل راغب في امتلاك طائرة كطائرتي بخمسة عشرة
جنيها ،ضاع حلمي مثلما ضاعت رجولتي قبل أن تبدأ!.
وبدأت في محاولة التحرش بمن اعرفهم ،تشجعت وحاولت أن اتعرف على تلك الفتاة،
بسنت التي كانت تعجبني ،التي طالما رأيتها ايقونة للجمال ،ولهذا كنت أخاف من
فكرة ا إلقتراب منها حتى ل افسد براءتها بقذارتي..
150