The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

البرنامج النووي الايراني د عبدالكاظم العبودي تموز 2018

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search

البرنامج النووي الايراني د عبدالكاظم العبودي تموز 2018

البرنامج النووي الايراني د عبدالكاظم العبودي تموز 2018

‫البرنامج النووي الإيراني‬

‫من مرحلة الاحتواء والتحجيم إلى‬
‫حالة النزع بالقوة وفرض العقوبات‬

‫الأمريكية‬
‫إبعاده وأخطاره الإستراتيجية على‬

‫الأمن القومي العربي‬
‫دراسة في خمسة حلقات أعدها‬

‫الاستاذ الدكتور‬
‫عبد الكاظم العبودي‬

‫‪1‬‬

‫الحلقة الأولى‬

‫الميكافيلية النووية والتقية الفارسية‬

‫مكر التاريخ الفارسي قديما وحديثا‪:‬‬

‫استفادت الدولة الفارسية في إيران من الدروس والتجارب‬
‫الصهيونية في فلسطين‪ ،‬سواء بتجارب الاستيطان والقضم التدريجي‬
‫للأراضي العربية وتوسيع مسارات وخطط التدخل في الشؤون‬
‫العربية فهي تكاد أن تكون متماثلة في الحالتين وكذلك في إدارة‬

‫التخفي والتستر على واقع المشروع النووي الإيراني‪.‬‬

‫المدرستان الصهيو‪ -‬فارسية تنهلان من مصدر واحد وتستفيدان‬
‫من مكر التاريخ‪ ،‬فالنفوذ والاحتلال الفارسي للأراضي العربية سبق‬
‫الظهور والإعلان الرسمي للكيان الاستيطاني الصهيوني على ارض‬
‫فلسطين بربع قرن‪ ،‬حيث سلمت سلطات الاحتلال البريطاني الاحواز‬
‫العربية لإيران‪ ،‬وتم ضمها إلى مقاطعات الدولة الفارسية؛ مما فتح‬
‫شهية الأنظمة والحكومات الإيرانية المتعاقبة إلى التطلع نحو ضم‬
‫المزيد من الأراضي العربية الأخرى‪ ،‬وخاصة تلك الواقعة على طرق‬
‫الإمداد والنقل البحري في الخليج العربي‪ ،‬فتكرس ذلك الأمر مع‬
‫صعود قوة النظام الشاهنشاهي في سبعينيات القرن الماضي ودفعه‬
‫إلى احتلال النظام الشاهنشاهي للجزر العربية الثلاث طنب الصغرى‬
‫وطنب الكبرى وأبو موسى وبدأت محاولات جس النبض لإحكام‬
‫السيطرة الفارسية على مضيق هرمز والتوجه نحو مضيق باب‬
‫المندب والبحر الأحمر وبعدها تكملة التدخل الإيراني المباشر‪ ،‬وعلى‬
‫نطاق واسع في لبنان والعراق وسوريا واليمن وغيرها من البلدان‬

‫‪2‬‬

‫العربية وحتى الى دول الإقليم الجغرافي العربي في شمال إفريقيا‬
‫والسودان وباقي العمق الإفريقي ‪.‬‬

‫وقد توغل التدخل الفارسي بعيدا في القارة الإفريقية‪ ،‬وفي‬
‫جبهات وبلدان عربية وافريقية أخرى‪ .‬كان وضع الصومال المقسم‬
‫والغارق في أتون الحرب الأهلية وسيادة الفوضى قد سهل وصول‬
‫الإسرائيليين وبعدهم الإيرانيين إلى بلدان اريتريا ودول الساحل‬
‫والقرن الإفريقي وجنوب وغرب السودان‪ ،‬وخاصة بعد إتمام‬
‫السيطرة الحوثية على اليمن والتحكم بمضيق باب المندب وقبلها‬
‫مضيق هرمز‪ ،‬كلها أقطار ومحطات تقع ضمن صفقات الصراع على‬
‫مصادر الطاقة والوصول إلى الموارد النووية كخامات اليورانيوم‬
‫وحتى المغامرة في صفقات مشبوهة أخرى كالمتاجرة بنقل ودفن‬
‫للنفايات النووية وتسهيل وصولها إلى مواقع وأراضي بعيدة تستغل‬
‫غفلة عن عيون الرصد الدولي في عمليات وصفقات لدفن النفايات‬
‫النووية الإسرائيلية والإيرانية وغيرها ودفنها سرا في بلدان عربية‬
‫عديدة يسودها الاضطراب وعدم الاستقرار والمتاجرة بها عن طريق‬

‫وسطاء وسماسرة غالبيتهم من الإيرانيين ووكلاء لهم من لبنان‪.‬‬

‫والحوادث والشواهد على ذلك كثيرة‪ ،‬ومنها ورطة حزب الكتائب‬
‫اللبناني في تسهيل مرور الحاويات المشبوهة نحو البر اللبناني‬
‫والسوري عبر ميناء جونيه اللبناني خلال سنوات الحرب الأهلية في‬
‫لبنان‪ ،‬ومغامرات رفعت الأسد في ميناء طرطوس حيث جرى دفن‬
‫النفايات الكيماوية والنووية الضارة في أراضي سوريا وشمال لبنان‬
‫وحتى تسهيل وصولها إلى موريتانيا البعيدة التي أضحت محطة‬

‫‪3‬‬

‫لعبور ودفن النفايات النووية القادمة من مفاعلات إسرائيل النووية‬
‫وخاصة مفاعل ديمونه في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة‪.‬‬

‫مرت مراحل تحقيق المشروع النووي الإيراني عبر محطات‬
‫عديدة‪ ،‬وبمراحل متعددة منذ قرابة ستة عقود؛ بدءا من مرحلة‬
‫التخفي والإعداد السري والبناء الفعلي بالتعاون مع الولايات المتحدة‬
‫منذ بداية الخمسينيات‪ ،‬وصولا إلى فرض حالة الأمر الواقع اليوم من‬
‫خلال إصرار الحكومة الإيرانية باعتماد سياسة الابتزاز والتلويح‬
‫بامتلاك السلاح النووي‪ ،‬رغم أن إيران قد قطعت شوطا بعيدا في‬
‫استكمال مشروعها النووي العسكري‪ ،‬حتى من دون الإعلان الرسمي‬
‫عن امتلاكها للقنبلة النووية‪ ،‬أو الإعلان عن حقيقة تجاربها‬
‫ونجاحاتها ومدى مستويات تطور المشروع النووي الفارسي‪،‬‬
‫وحقيقة قدراته الحقيقية والتسليحية واللوجستية في المجال النووي‬

‫العسكري‪.‬‬

‫وفي المجال النووي تعلمت إيران أيضا كيفية بناء مشروعها‬
‫النووي تدريجيا وفي الخفاء‪ .‬واعتمدت طرق شتى في تنفيذه معتمدة‬
‫سياسة التخفي الكامل والتكتم على تفاصيله ومواقعه وقدراته‪ ،‬حتى‬
‫تسنى لها إجراء بعض التجارب والتفجيرات النووية على أراضي‬
‫الغير للخروج عن حصار " الدول المنبوذة" التي تسعى للحصول‬
‫على التقنيات والخبرات النووية خارج إرادة المجتمع الدولي‪ ،‬رغم‬
‫المنع الدولي المتكرر لها‪ ،‬فقد سعت إيران‪ ،‬بداية إلى بناء المفاعلات‬
‫النووية منذ عهد الشاه‪ ،‬مستفيدة من مشروع إيزنهاور المعروف "‬
‫الذرة في خدمة السلام"‪ ،‬حيث قدمت الحكومة الأمريكية في بداية‬
‫سنوات الخمسينيات من القرن الماضي فرصا عديدة لدول من‬

‫‪4‬‬

‫حليفاتها‪ ،‬للتدريب والمساعدة وتقديم الخبرات النووية؛ حيث وافقت‬
‫الولايات المتحدة على منح عدد من الدول القريبة منها وتقع ضمن‬
‫دائرة حلفائها من الأعضاء في حلف المعاهدة المركزية "السنتو"‬

‫وما يسمى دول " حلف بغداد"‪.‬‬

‫وكذلك دعمت إمكانية بناء المفاعلات والمراكز النووية التدريبية‬
‫والتجريبية في عدد من البلدان وأولها الكيان الصهيوني منذ بداية‬
‫الخمسينيات من القرن الماضي‪ ،‬فاستفادت حينها حكومة الشاه محمد‬
‫رضا بهلوي من تلك الفرصة للشروع في الانطلاق بمشروع نووي‬
‫إيراني كان طموحا منذ بداياته لكنه تعطل مؤقتا خلال فترات‬
‫الاضطرابات الإيرانية التي تعرض لها النظام الملكي الإيراني في‬
‫منتصف الخمسينيات خلال فترة حكم مصدق وبعدها في السبعينيات‬
‫خلال أحداث وصول خميني إلى السلطة بطهران وبعدها سقوط‬

‫حكومة الشاه وهربه إلى خارج البلاد‪.‬‬

‫ظل هدف بناء المفاعلات النووية الإيرانية هدفا ثابتا بقصد‬
‫الحصول على البلوتونيوم المستخلص من نفايات المفاعلات النووية‬
‫كناتج عرضي يمكن فصله في المراحل الأولى من تفكيرها‬
‫الاستراتيجي البعيد ‪ ،‬ثم عملت إيران في عهد خامنئي وسلطة نظام‬
‫الملالي بطهران على اختراق دول عدة من الشرق والغرب بصيغ‬
‫التعاون الثنائي العلني والسري والتجسس عبر الوكلاء والأعوان‪،‬‬
‫وقد وصلت الى تعاون مع الأرجنتين والبرازيل التي سبق لهما تزويد‬
‫بلدان أخرى بحلقات معينة من التقنيات النووية‪ ،‬واستفادت إيران من‬
‫توظيف شبكات حزب الله اللبناني في تجنيد أبناء الجاليات اللبنانية في‬
‫دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا في إتمام الصفقات السرية وعمليات‬

‫‪5‬‬

‫التهريب‪ ،‬وبتجنيد أعضاء من حركة أمل وحزب الله التابعين كليا‬
‫لسلطات وتوجيه الحرس الثوري الإيراني ودوائر مخابرات النظام‬
‫الإيراني " اطلاعات" فسعت الى التوغل بسرية تامة في عمق دول‬
‫إفريقيا والمهاجر البعيدة‪ ،‬خاصة في دول أمريكا اللاتينية كالبرازيل‬
‫والأرجنتين‪ ،‬ومتعاونة من جهة أخرى أيضا مع فرنسا وشبكات من‬

‫اللوبي الصهيوني الأمريكي نفسه‪.‬‬

‫وفي ذات الوقت استفادت إيران من تعاون دول الشرق كروسيا‬
‫والصين وكوريا الشمالية‪ ،‬مستفيدة من استغلال الضجيج الإسرائيلي‬
‫الفارغ حول محاولات مزعومة لإسرائيل لمنع إيران من امتلاك‬
‫الأسلحة النووية والتهديد الإسرائيلي المتكرر بقصف المنشئات‬
‫الإيرانية‪ ،‬وكلها كانت فرص لإيران لكسب الوقت لقاء تقديم خدماتها‬
‫اللوجستية لمن يتعاون معها سرا أو علانية‪ ،‬خاصة في دعم وتسهيل‬
‫غزو واحتلال العراق وحماية ظهر انسحاب القوات الأمريكية من‬
‫العراق خلال فترة الرئيس الأمريكي باراك اوباما‪ ،‬واستفادت إيران‬
‫من وجود محمد ألبرادعي على رأس منظمة الطاقة الذرية الدولية‬
‫ودوره في محاولات التستر والتخفي على حقيقة مستويات المشروع‬
‫النووي الإيراني وما حققه من تقدم في المجالين المدني والعسكري ‪.‬‬

‫التهديد بمنع امتلاك إيران للسلاح النووي جرى استغلاله بشكل‬
‫براغماتي بارع من قبل حكومات الولايات المتحدة في توظيف‬
‫الترهيب الإيراني لدول الخليج وتقديم أمريكا نفسها حامية لأمن دول‬
‫الخليج من الإخطار التسلحية الإيرانية‪ ،‬لكي يتم دفع دول الخليج‬
‫العربي أن تكون عمليا عبارة عن محميات أمريكية وبريطانية خليجية‬
‫ومكانا مفتوحا لقواعدها البحرية والجوية داخل الخليج العربي‬

‫‪6‬‬

‫والجزيرة العربية ولكي تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى‬
‫الاحتماء الدائم تحت المظلة الأمريكية‪ ،‬وهكذا توفرت للأمريكيين‬
‫قواعد عسكرية وتسهيلات مفتوحة وموانئ بحرية وتواجد عسكري‬
‫فعلي في الخليج العربي وكذلك تم تمكين الولايات الأمريكية من‬
‫استنزاف الموارد المالية الخليجية وفائض عائدات النفط لدفعها في‬
‫استيراد الأسلحة لتلك الدول بحجة وجود وتصاعد الخطر الإيراني‬

‫المحتمل‪.‬‬

‫وهكذا تمت طريقة الاختفاء الإيراني بطريقة ممارسة التقية‬
‫النووية الفارسية لكي تغطي وضعها النووي الحقيقي‪ ،‬بعيدا عن ذلك‬
‫الظهور النووي العلني لها كدولة نووية ثامنة أو تاسعة في النادي‬
‫الدولي النووي؛ ولكنها في الواقع إن إيران باتت مدركة ومقتنعة في‬
‫أخذها الموقع التاسع نوويا بعد إسرائيل في حين تراجعت الإبصار‬
‫والرصد عن متابعة إسرائيل المستمرة في تطوير برامجها النووية‬
‫وقدراتها التسليحية الأخرى فتوجه الانشغال الدولي والإقليمي نحو‬

‫مراقبة ومتابعة إيران‪.‬‬

‫محطات وإشارات أخرى لا بد من الإشارة إليها‪:‬‬

‫استغلت إيران كثيرا من مؤسساتها المخابراتية وواجهاتها‬
‫الطائفية في المنطقة العربية‪ ،‬وقد نجحت بتحويل لبنان كرأس رمح‬
‫ومحطة انطلاق وتنسيق وتمرير العديد من الصفقات‪ ،‬حيث تم تجنيد‬
‫حركة أمل وبعدها حزب الله في عملية التسلل إلى محيط وعمق الكثير‬
‫من البلدان العربية والإفريقية ضمن واجهات وشركات وبنوك‬
‫وتجارة بينية فوصلت لمرات عديدة الى بطانة النظام الليبي السابق‪،‬‬
‫حيث وصل المتطوعون اللبنانيون وغيرهم وشاركوا في مختلف‬

‫‪7‬‬

‫مغامرات النظام الليبي لكسب ثقته والاستفادة منه ماديا‪ ،‬وخاصة‬
‫خلال تورطه في التدخل والحرب في تشاد التي وصلت الى حالة غزو‬
‫ليبي للأراضي التشادية تطورت بعدها إلى حرب إقليمية متداخلة‬
‫الأطراف الدولية في تخوم الصحراء الإفريقية‪ ،‬حيث تدخلت بها دول‬
‫كبرى كفرنسا عسكريا لكبح طموحات الزعيم الليبي ومنعه من‬
‫التدخل في شؤون أنظمة ودول إفريقيا الوسطى ودول جنوب‬
‫الصحراء والساحل‪ ،‬التي لا زالت تحتمي بفرنسا وتتحالف معها‪،‬‬
‫ولكن الاهتمام الرئيسي لفرنسا هو ضمان عدم الهيمنة على مناجم‬
‫اليورانيوم والذهب المنتشرة في جنوب الصحراء الكبرى الشاسعة‬

‫ودولها المتاخمة‪.‬‬

‫وهكذا تمكنت مجموعات من حزب الله وحركة أمل من إمكانيات‬
‫التدريب والتسلح وتمكنت تحت حجة الدعم المباشر للنظام الليبي إلى‬
‫جر ليبيا ألقذافي وتورطه الأهوج في دعم إيران خلال الحرب العراقية‬
‫الإيرانية من خلال الحصول على عدد من الصواريخ الباليستية‬
‫وإيصالها الى حكومة إيران خلال فترة حكم الخميني وقد تم استعمالها‬
‫فعلا في قصف المدن العراقية‪ ،‬ومنها العاصمة بغداد خلال فترة‬

‫الحرب الإيرانية على العراق‪.‬‬

‫كان التدخل الإيراني في ليبيا إحدى محطات إيران اللوجستية‬
‫وإتباعها؛ وبحجة التدخل في حرب تشاد ضمت القوات الليبية عددا‬
‫من المتطوعين اللبنانيين‪ ،‬وتسربت أخبار عن إبادة قوات من وحدات‬
‫إيرانية ومعها مليشيات ومرتزقة إيرانيين وعرب أرسلهم حزب الله‬
‫وحركة أمل للحرب جنوب الصحراء حيث هوجمت بشراسة من قبل‬

‫‪8‬‬

‫القوات الجوية الفرنسية التي دعمت النظام التشادي وطردت القوات‬
‫الليبية من هناك ‪.‬‬

‫ولا احد يعرف الأسباب الحقيقية للتورط الليبي في حرب تشاد ‪.‬‬
‫وربما كان التطلع الليبي للوصول الى مكامن ومناجم اليورانيوم في‬

‫تشاد والنيجر هو الجزء الخفي من قضية تلك الحرب ‪.‬‬

‫ولا يستبعد إن تصفيات القتيل الإمام موسى الصدر مؤسس‬
‫حركة أمل وتدبير عملية اختفائه في ليبيا وبعدها بسنوات جرت‬
‫عملية اغتيال فتحي ألشقاقي زعيم حركة الجهاد الإسلامي في مالطا‬
‫ليست بعيدة عن حالة حرب خفية كانت تدور رحاها بين المخابرات‬
‫الفرنسية الإسرائيلية والإيرانية في تلك المنطقة الغنية بمصادر‬
‫البترول ومناجم خامات اليورانيوم والخامات المعدنية النادرة‬

‫الأخرى‪.‬‬

‫وهكذا جرى العمل على خلق الاضطرابات في الشمال الإفريقي‬
‫العربي واستزراع منظمات الإرهاب والتهريب للأسلحة في أوساط‬
‫الطوارق وتخليق منظمات الازواد واختراق حدود دول المنطقة في‬
‫تخوم الصحراء مما خلق حالات من التمرد والعصيان وفقدان الأمن‬
‫والاستقرار باستغلال بدو وساكنة الصحراء العربية الإفريقية في‬
‫عمليات التهريب وحتى التحريض على التمرد على أنظمتها بغية‬
‫توسع نشاط القاعدة انطلاقا من الشمال الإفريقي‪ ،‬وصولا إلى دول‬
‫جنوب الصحراء المالي والنيجر وتشاد ووصولا الى دارفور والى‬

‫السودان وجنوبه‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫تلكم حلقات متكاملة من حرب خفية حول الموارد والخامات‬
‫النووية وخاصة اليورانيوم ربما نالت القليل من المتابعة والدراسة‬

‫والرصد‪.‬‬

‫وفي الشرق الأوسط العربي‪ ،‬وعبر مسارات تشكيل ما سمي‬
‫بالهلال الشيعي كانت هناك حرب داعش في دير الزور والرقة في‬
‫سوريا وامتداداتها في محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل ومن‬
‫خلالها جرت محاولات السيطرة التامة على مناطق ومناجم الكبريت‬
‫في حمام العليل بما يتوفر عليه من اليورانيوم" كما يشاع" ‪ ،‬وكذلك‬
‫مناجم عكاشات وخيرات أخرى كامنة في منطقة الجزيرة الغنية‬
‫بمصادرها النفطية وبما تتوفر فيها من مناجم الكبريت والفوسفات‬
‫في غرب العراق والشرق السوري ‪ ،‬كلها كانت حلقات ضمن صراع‬
‫دولي كبير على الموارد‪ ،‬جرى فيه توظيف الدور الإيراني وتورطه‬

‫فيها على نحو عسكري ولوجيستي كبير كما نشهده اليوم‪.‬‬

‫وعلى المستوى الدولي كان هناك دور كبير لحرب خفية أخرى‪،‬‬
‫تم فيها توظيف الجواسيس والتقنيين وأصحاب الخبرات التقنية‬
‫والنووية‪ ،‬سواء تم ذلك مباشرة أو بالوكالة منها دور عملاء لإيران‬
‫عملوا بالوكالة لخدمة المشروع النووي الإيراني وحمايته والتستر‬
‫عليه مثل دور محمد ألبرادعي وحسين الشهرستاني وعدد من العلماء‬
‫العراقيين الذين كانوا من المحسوبين على حلقات من المشروع‬
‫النووي العراقي خاصة بعد احتلال العراق حيث تم تهريب البعض‬

‫منهم أو تمت تصفيتهم بشكل مريب‪.‬‬

‫وما كلفت به منظومات وشبكات التجسس الصهيوني على‬
‫الأراضي الفرنسية وخارجها بما عرف بفضيحة ليفني الجاسوسة‬

‫‪10‬‬

‫الإسرائيلية ( راجع مقالنا كيف تم تجنيد حسين الشهرستاني عميلا‬
‫للموساد الإسرائيلي) إلا أمثلة واضحة لمساهمة إيران وأياديها‬
‫الخفية في المساهمة في تدمير المشروع النووي العراقي ونهب‬
‫مؤسساته بعد الغزو والاحتلال الأمريكي ‪ 3002‬وبذلك فتح الطريق‬
‫أمام المشروع النووي الإيراني للتقدم وفرض حالة من فرض أمر‬
‫الواقع النووي في المنطقة لصالح إيران ونظام الملالي من خلال‬
‫المساهمة في تنفيذ مخططات الفوضى الخلاقة في المنطقة والاستفادة‬

‫من تداعياتها ‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫الحلقة الثانية‬

‫تضليل إعلامي وشعوذة سياسية ودبلوماسية‬

‫المشروع النووي الإيراني وادعاءاته ظل غامضا أمام الكثير من‬
‫المراقبين ومثار جدل كبير بين حقيقة محاولات إيران بالاكتفاء‬
‫بالتخصيب أو طموحها الخفي الوصول الى حالة الإعلان العسكري‬
‫لأهدافها النووية وفي مراميها تنفيذ التفجير النووي الذي تنشده على‬

‫مسمع وأمام أنظار العالم للاعتراف بها كدولة نووية‪.‬‬

‫تبقى قضية المشروع النووي في مضمار لعبة مزدوجة تلعبها‬
‫أطراف عديدة من دون أن تفصح تلك الأطراف عن الحقائق المغيبة‬

‫عن حقيقة التسلح النووي الإيراني‪.‬‬

‫تدعي إيران إن أقصى ما تسعاه إليه هو الوصول الى إمكانية‬
‫تخصيب اليورانيوم بنسب معينة تساعدها توفير الوقود النووي‬
‫لتشغيل مفاعلاتها النووية وضمان استمرار تجارب مراكزها النووية‬

‫لا غير؟‪.‬‬

‫هذه الأسئلة المملوءة بالغموض والمفارقات العجيبة يتهرب‬
‫الكثيرون من الإجابات عليها لأسباب تتعلق بمواقفهم وطبيعة تورط‬
‫مصالحهم وتقاطعات ارتباطاتهم بهذا الملف الشائك وبكثير من‬
‫الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المتورطة فيه تنفيذا أو تكتما أو‬

‫خوفا من افتضاح أدوارهم‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫ومن زاوية أخرى فان إيران لا ترعوي في إظهار عدائها اللفظي‬
‫لأمريكا وإسرائيل و"للغرب الكافر" رغم تعاونها العلني والخفي مع‬

‫جميع تلك الإطراف التي تعلن مناصبتها العداء لهم إعلاميا‪.‬‬

‫الثابت في مشتركات هذا الموضوع هو ظاهرة هامة جدا حيث‬
‫تتمسك إيران بحالة نكرانها للسعي لامتلاك سلاح نووي وتظهر دائما‬
‫بحالة التباكي على حظوظها كدولة باتت مظلومة في عصر الكبار و"‬
‫الطاغوت الأمريكي " " عدوها اللدود" وهي دولة محاصرة‬
‫ومعاقبة دوليا من خلال جفاء المجتمع الدولي لها والتنكر لحقها‬
‫كدولة طبيعية تسعى لامتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية‪ ،‬وإنها‬
‫تفتح دائما أبواب مفاعلاتها ومراكز التخصيب والمراكز النووية لديها‬

‫أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪.‬‬

‫إن حكاية التخصيب اليورانيوم باتت نكتة سمجة يتندر بها‬
‫خبراء الطاقة النووية بكل مستوياتهم في العالم طالما أن المعطيات‬
‫المتوفرة عن هذا الموضوع لدى مراكز الأبحاث النووية والدوائر‬
‫السياسية والإستراتيجية التي تشير الى أن إيران قد وصلت الى‬
‫الحصول على مرادها النووي وعلى ما تريده من كميات الوقود‬
‫النووي اللازم لتشغيل مفاعلاتها وحتى ما تختزنه ترسانتها النووية‬
‫من الوقود النووي بما وفرته من شراءه من مختلف هذه المواد‬
‫بطرق عدة‪ ،‬وهي لا تحتاج كما تدعي الى بضعة كيلوغرامات من‬

‫اليورانيوم المخصب لكفاية تشغيل مفاعلاتها‪.‬‬

‫من مقابلة تلفزية مثيرة للانتباه سبق أن أجرتها محطة روسيا‬
‫اليوم عبر حوار الصحفي سلام المسافر مع الدكتور العراقي عماد‬
‫خدوري‪ ،‬وهو احد المختصين بالقضايا النووية‪ ،‬منشور عنها ملخصا‬

‫‪13‬‬

‫على صفحة " قصارى القول" للإعلامي العراقي الأستاذ سلام‬
‫مسافر في قناة روسيا اليوم بتاريخ ‪ .2014/11 /32‬جاء على موقع‬

‫"قصارى القول" ملخصا عن تلك المقابلة جاء فيه ‪:‬‬

‫(‪ ...‬قال العالم النووي العراقي الدكتور عماد خدوري إنه على مدى‬
‫أكثر من ثلاثة عقود يتابع برنامج إيران النووي وإنه على قناعة‬
‫بطابعه السلمي‪ ....‬ويورد د‪ .‬عماد خدوري معطيات وأدلة يسعى من‬
‫خلالها التأكيد على سلمية البرنامج النووي الإيراني‪ ،‬الذي وصل‬

‫وفق رأيه إلى كل ما تطمح إليه إيران)‪.‬‬

‫‪http://ar.rt.com/gf0b‬‬

‫‪arabic.rt.com/prg/telecast/765947‬‬

‫وقد لمسنا في حينها‪ ،‬ومن خلال قراءتنا الأولى لأجوبة‬
‫الدكتور عماد خدوري‪ ،‬وهو خبير وعالم نووي عراقي‪ ،‬إن تلك‬
‫الإجابات يُفهم منها أنها تسعى بمحاولة واضحة إلى تبرئة البرنامج‬
‫الإيراني من التوجه نحو امتلاك السلاح النووي‪ ،‬وان البرنامج‬
‫النووي الإيراني‪ ،‬حسب إجابات د‪ .‬عماد خدوري‪ ،‬من خلال تلك‬
‫المقابلة التلفزيونية يكون بعيد كل البعد عن هدف الوصول إلى‬
‫إمكانية التسلح النووي‪ ،‬وهذا النظام لا يرمي الى امتلاك إيران لسلاح‬

‫وقنابل نووية‪.‬‬

‫مثل تلك الإجابات وغيرها‪ ،‬سمعناها مرارا خاصة بما ينسب‬
‫الى أصدقاء إيران واللوبي الفارسي عبر العالم‪ ،‬ومثلها عبارات‬
‫نسمعها ونقرأ عنها ونلاحظها عبر التسرب الإعلامي والسياسي في‬

‫‪14‬‬

‫عديد المحافل الدولية‪ ،‬ويجري ذلك بشكل محلوك عبر تسريبات‬
‫الإعلام الإيراني خاصة‪ ،‬وفي ذلك الكثير من اللغط والأكاذيب‪ ،‬ومنه‬
‫ما يوحي أيضا وكأن النظام الإيراني ملتزم بما سبق له عندما أعلن‬
‫تخليه وبقناعة دينية وعبر فتاوى شرعية تنهي عن إنتاج الأسلحة‬
‫النووية‪ .‬إن القيادات الدينية في إيران سبق لها أن أعلنت مرارا ‪:‬منذ‬
‫عهد خميني وبعده خليفته خامنئي‪ ،‬التخلي عن المشروع النووي‬
‫الإيراني‪ ،‬وأفتت بحرمانه شرعيا ونفت نيتها السعي الى امتلاك مثل‬
‫هذا السلاح لمخاطره وإبعاد أذاه على حياة البشر ودمار البيئة‬

‫والطبيعة‪.‬‬

‫وان القول بأن "إمكانيات إيران باتت بعيدة عن إنتاج قنبلة‬
‫نووية"‪ ،‬هو قول يجافي الحقائق على الأرض‪ ،‬وفيه الكثير من‬
‫التقديرات الخاطئة‪ ،‬ويصب في الاحتمال المعاكس تماما‪ ،‬لما هو فيه‬
‫من تشويش على حقيقة وضع التوجه النووي الإيراني وطموحاته‬
‫التسليحية الهائلة‪ ،‬فهو برنامج ومشروع لم يتخل يوما عن طموحاته‬

‫العسكرية المرسومة والموضوعة تحت التنفيذ منذ سنوات طويلة ‪.‬‬

‫وقد مر انجاز المشروع النووي الإيراني عبر درجات ومحطات‬
‫متفاوتة‪ ،‬من حالة الإعلان عنه أو التغاضي عن الاعتراف بحقيقة‬
‫امتلاك إيران لسلاحها النووي‪ .‬وفي حالات التصعيد الإعلامي‬
‫والأزمات الدولية والإقليمية مع النظام الإيراني‪ ،‬غالبا ما تكشر‬
‫حكومة إيران عن أنيابها ومخالبها النووية‪ ،‬مهددة بتصريحات‬
‫ناطقيها الإعلاميين والحكوميين إنها دولة باتت قادرة على رفع نسب‬
‫التخصيب اليورانيوم الى أية درجة تريدها‪ ،‬وهي تصرح علانية في‬
‫تحديها للضغوطات الأمريكية ‪ :‬انه ما لم تتوقف الإدارة الأمريكية‬

‫‪15‬‬

‫وحلفائها عن الضغط الاقتصادي عليها لمنعها من اكتساب وامتلاك‬
‫الأسلحة الإستراتيجية‪ ،‬بما فيها منظومات الصواريخ الباليستية بكل‬
‫أنواعها‪ ،‬فإنها مستعدة في أية لحظة مواصلة برنامجها النووي‬
‫بزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي وإنتاجها وبرفع نسبة وكمية‬
‫التخصيب بما تريده؛ وبذلك تلعب إيران لعبتها السياسية والإعلامية‬
‫في التلويح بالذهاب الى إنتاج السلاح النووي مضطرة؛ إن جرى‬
‫الضغط عليها أو منعها من تحقيق حلم إمبراطوريتها الفارسية‬

‫وامتدادها على أراضي بلدان عربية مجاورة‪.‬‬

‫إن تلك المقابلة التلفزية مع الدكتور عماد خدوري وغيرها‬
‫وكثير من مثيلاتها المتداولة في عديد التعليقات والتصريحات‬
‫الإيرانية كلها تتظاهر بإنكار إمكانية إيران في الحصول والوصول الى‬
‫امتلاك سلاحها النووي المنشود‪ .‬وهذه سياسة إيرانية إعلامية‬
‫مقصودة تخدم إغراض وأهداف ما يسمى "التقية النووية الإيرانية"‬
‫بشكل مباشر؛ كون القيادة الإيرانية تعلن شيئا ‪ ،‬ولكنها تبطن شيئا‬
‫آخر‪ ،‬وهي تمارس مثل هذه التقية في التمسك في الإنكار التام‬
‫لطموحها ألتسلحي النووي حتى تحين الفرصة لها لإعلانه على الملأ‬

‫وقت ما تريد وتقرر به القيادة الإيرانية‪.‬‬

‫ولكن واقع الحال وما يصل الى العالم من تقارير متخصصة‬
‫ودقيقة ترى العكس تماما بأن إمكانيات إيران التسلحية النووية فاقت‬
‫تلك الحدود المعلن عنها ‪ ،‬وإمكانيات إيران النووية باتت تشكل في‬
‫محصلتها مشروعا نوويا‪ ،‬حربيا وعسكريا‪ ،‬طموحا بات يقترب نحو‬
‫امتلاك القنبلة النووية‪ ،‬حتى وان قبل البعض جدلا على ضوء ووفق‬
‫ما يعلن ويسرب إعلاميا عن برنامج إيران النووي الطموح بجانبيه‬

‫‪16‬‬

‫السري والعلني‪ ،‬فهو برنامج يتكامل ويتطور بسرعة يوما بعد يوم‪،‬‬
‫ويتكامل مع مستوى إنتاج الصواريخ الباليستية وإبعادها وإمكانية‬
‫حملها رؤوسا تسلحية نووية أو كيمياوية حتى بات الأمر كله يقلق‬

‫أوساط دول الغرب نفسه وخاصة الولايات المتحدة وأوربا كثيرا‪.‬‬

‫وعلى الجانب الآخر من معادلات التسلح يلاحظ بوضوح ومنذ‬
‫سنوات والعالم يراقب حرص إيران على تطوير وإنتاج المنظومات‬
‫الصاروخية البرية والبحرية والجوية‪ ،‬القريبة والبعيدة المدى‪ ،‬فقد‬
‫أجرت إيران مئات التجارب الصاروخية في الجو والبر والبحر‪،‬‬
‫وانتقلت من الجانب التجريبي الحربي لصواريخها الى التهديد‬
‫والقصف الفعلي لأسلحتها انطلاقا من ساحات اليمن وغيرها‪ ،‬مركزة‬
‫حول مسألتين لتحقيق الغرض المطلوب‪ ،‬هما بعد المسافات‬
‫المتوسطة والقريبة لتلك الصواريخ الباليستية ودقة تصويبها‪ ،‬وكذلك‬
‫تطوير إمكانيات تزويدها برؤوس متفجرة غير تقليدية‪ ،‬فجرى العمل‬
‫على تزويدها بإمكانيات حمل تلك الصواريخ لرؤوس تقليدية وأخرى‬
‫غير تقليدية‪ ،‬في الوقت الذي ظلت به القيادة الإيرانية تدعي أنها لا‬
‫تتطلع أبدا الى صناعة القنبلة النووية‪ ،‬مستفيدة من درس العراق‪،‬‬
‫وما آل إليه وضعه بعد أن شنت الحرب على العراق من قبل الولايات‬
‫المتحدة الأمريكية مع تحالف دولي واسع احتل العراق بحجة التحقق‬
‫من امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل فتعرض العراق الى تفكيك‬
‫كل منشئاته العلمية والتكنولوجية وخراب وتدمير العراق كليا‪ ،‬رغم‬
‫عدم تمكن الولايات المتحدة وحلفائها وفرق الأمم المتحدة التفتيشية‬

‫وخبرائها من العثور على أية أسلحة عراقية للدمار الشامل ‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫وهكذا بدأت تسرب إيران تصريحات لقادتها فيها الكثير من‬
‫المغالطات وردت مرارا على لسان قادتها ودوائر خارجيتها‬
‫وإعلامها‪ ،‬بدءا ً من قيادة خميني السابقة إلى مرحلة خامنئي الحالية‪،‬‬
‫حيث ظل القادة الإيرانيون يمارسون مبدأ التقية النووية بعينها‪،‬‬
‫لتغليط الرأي العام والمجتمع الدولي‪ ،‬خاصة عندما أفتوا وحرموا‬
‫جهارا صناعة مثل هذا السلاح وحتى تحريم امتلاكه‪ .‬لكن وفي‬
‫الجانب الآخر‪ ،‬نرى في ذات الوقت‪ ،‬إن إيران سعت ولا زالت تسعى‬
‫إلى بناء منظومة نووية وصاروخية متكاملة من خلال عديد‬
‫المؤسسات والمحطات والمصانع النووية والصناعية وهي تتكامل‬
‫جميعها في الجهد نحو الوصول إلى الأهداف البعيدة للقيادة الإيرانية‪،‬‬
‫ألا وهو إنتاج السلاح النووي وضمان وسائل نقله الصاروخي‬

‫والتهديد باستعماله‪.‬‬

‫ويمكن الرجوع إلى ما كتبناه سابقا ومنذ سنوات من مقالات‬
‫ودراسات ومتابعات‪ ،‬بناء على معطيات كثيرة حول جوانب من‬

‫المشروع النووي الإيراني‪.‬‬

‫‪http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art‬‬
‫‪&lapage=../ar_articles_2008/1108/3abdkadem2_01‬‬

‫‪1108.htm‬‬

‫لقد أكدت كثير من المعطيات والوقائع والأحداث الأخيرة في‬
‫المنطقة‪ :‬إن الايرانيين قد اجروا تجارب على كيفية وطرق التفجير‬
‫النووي تحت الأرض في أكثر من مرة‪ ،‬حتى لو تم ذلك بتجارب نووية‬
‫تكتيكية محدودة وبطاقات محدودة جدا‪ ،‬كما تمت محاولات التستر‬

‫‪18‬‬

‫على تلك التجارب أو إجرائها على أراضي دول أخرى ومنها مناطق‬
‫التفجيرات النووية في كوريا الشمالية حيث جرت الإشارة إليها في‬
‫مواقع ومقالات عدة‪ .‬ومنها مقالتنا في شبكة البصرة [ الخميس ‪4‬‬

‫صفر ‪ 32 / 1421‬تشرين الثاني ‪.]3014‬‬

‫مرت عشرة سنوات منذ أن نشرنا في أسبوعية القادسية‬
‫الجزائرية العدد ‪ 40‬الصادر نهاية تموز ‪ 3002‬جملة من التساؤلات‬
‫عن البرنامج النووي الإيراني وغموضه حيث لم يثر برنامج نووي‬
‫لأية دولة قبله في التاريخ العلمي والعسكري في العالم صراعا وجدلا‬
‫مثل البرنامج النووي الإيراني؛ ذلك يعود لأسباب عدة‪ :‬أهمها سرية‬
‫وغموض أهدافه من جهة‪ ،‬وغياب شفافية الإعلان عن تقدمه‬

‫وخطوات تنفيذه ومراحل اكتماله كما يبدو ظاهريا‪.‬‬

‫وربما كان مثل هذا البرنامج بعيدا عن اهتمامات الإعلام‬
‫والمراقبين لولا ارتباطه إعلاميا بالرفض الإسرائيلي والأمريكي‬
‫المعلن منه‪ ،‬وخوف بلدان الخليج العربي والعراق وأفغانستان‬
‫وروسيا أيضا من تطوراته المستقبلية‪ .‬ولانه قد يضع إيران على‬
‫عتبة هامة من أن تكون دولة عظمى يحسب لها ألف حساب نظرا‬
‫لتحكمها بمواقع مرور الطاقة النفطية من مضيق هرمز وإمكانياتها‬
‫الإستراتيجية بخلق قوى من الحلفاء لها بدء من حكام العراق‬
‫المحتل‪ ،‬مرورا بلبنان"حزب الله"‪ ،‬وسوريا وفلسطين" احتواءها‬
‫لمنظمات الرفض الفلسطيني" وحتى ارتباطه بالحالة في أفغانستان‬
‫وما تكشف من تورط إيران الواضح والصريح بما تقدمه من دعم‬
‫لمنظمات القاعدة وبعدها داعش والمليشيات الطائفية المرتبطة نحت‬

‫‪19‬‬

‫قيادة الحرس الثوري الإيراني والتي باتت تشكل في تسلطها ونفوذها‬
‫حالة دولة داخل دولة في كل من العراق ولبنان واليمن ‪.‬‬

‫لقد لعبت المناورة والدبلوماسية والتحالفات الإيرانية دورا هاما‬
‫وذكيا لحماية المشروع الصاروخي والنووي الإيراني لتأمين وصوله‬
‫إلى أهدافه المرسومة‪ .‬إن أكثر من سؤال يطرح اليوم بعد إعلان‬
‫الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية‬
‫من الاتفاق النووي مع إيران وبقاء بقية الدول الحليفة له بالتمسك‬

‫بهذا الاتفاق رغم انسحاب الولايات المتحدة منه ‪.‬‬

‫ما الذي تغير حول حقيقة وآفاق ومستقبل هذا المشروع؟ وما‬
‫هي العوائق التي تمنع الإدارة الأمريكية وحليفتها إسرائيل من قصفه‬
‫وتدميره؟ ‪ ،‬رغم كل ذلك التهديد والوعيد الذي سمعه العالم منذ أكثر‬
‫من عقدين وخاصة تلك التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بقصف‬
‫المفاعلات النووية الإيرانية وغيرها ؟ وأخيرها ندوة نتنياهو رئيس‬
‫وزراء الكيان الصهيوني الذي بدا واثقا من نفسه بكل ما عرضه من‬
‫خلاصة معلومات وصور ووثائق مأخوذة من عشرات الألوف من‬

‫التقارير والمعلومات الخاصة بالمشروع النووي الإيراني ‪.‬‬

‫هل فعلا أن القضية تتعلق بوقف تخصيب اليورانيوم ؟ أم أن‬
‫المشروع قد تجاوز مراحل توقيفه ليعلن الرئيس الإيراني منذ سنوات‬
‫احمدي نجاد في أكثر من مرة‪ " :‬إن إيران قد انضمت الى دول‬
‫النادي النووي العالمي ألثمان"؟ ‪ ...‬رغم معارضة الولايات المتحدة‬
‫وإسرائيل‪ ،‬وكذلك ما ورد من عبارات التهكم والسخرية التي أطلقها‬
‫خامنئي وروحاني بحق الرئيس الأمريكي ترامب بعد إعلان الأخير في‬

‫‪20‬‬

‫‪ 13‬مايس ‪ /‬أيار ‪ 3012‬قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي مع‬
‫إيران معلنا تصعيد آليات الحصار الاقتصادي على نظام طهران‪.‬‬

‫وفي رأينا قطعا إن القضية لا تكمن في إمكانيات تخصيب‬
‫اليورانيوم من قبل إيران التي أعلنت منذ سنوات إنها وضعت أكثر‬
‫من ‪ 1000‬من أجهزة الطرد المركزي بهدف تخصيب وقودها النووي‬
‫الذي تحتاجه لبرنامجها النووي الموصوف إيرانيا بـ "السلمي"‪.‬‬
‫وفي خلال السنوات العشر الأخيرة ضاعفت إيران من تعداد أجهزة‬
‫الطرد المركزي في أكثر من منشئة إيرانية وكأنها تمارس لعبة‬
‫التخصيب والتحكم بنسبه تبعا مع حالة التصعيد والتضييق الأمريكي‬

‫على إيران‪.‬‬

‫وإذا كان السلاح النووي يعتمد أساسا على قدرة الدولة من توفير‬
‫اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم فان إيران وفق الملاحظات‬
‫وتقارير المراقبين وبعض خبراء وكالة الطاقة الذرية لازالت بعيدة‬
‫عن إمكانية إنتاج السلاح النووي في القريب العاجل فما الذي يدفع‬

‫ترام بالى التهويل والترهيب من مخاطر إيران؟‪.‬‬

‫وبرأينا إن تلك التقديرات التي تسرب الى الإعلام تكون ساذجة‪،‬‬
‫حتى وان سربتها بقصد مصادر سياسية وإعلامية من الولايات‬
‫المتحدة أو حتى بعض مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬لكي‬
‫تربح كل تلك الجهات عامل الوقت واستمرار التفاوض مع إيران‪،‬‬
‫ويبدو أن الجميع قد استهوتهم لعبة المفاوضات وكسب المواقف على‬
‫الأرض بسبب مشاكل دول الشرق الأوسط لتقسيم حصص الاستثمار‬
‫والتواجد في هذه الدول التي نالها الخراب خلال الفترة الداعشية حيث‬
‫تلعب إيران في المحور المركزي في الصفقات أينما قيل عن تواجد‬

‫‪21‬‬

‫داع شاو الحاجة لمسك الأرض بعد قصف التحالف الدولي لمناطق‬
‫ومدن داعش ‪.‬‬

‫الحديث عن إلزام إيران بوقف برنامج التخصيب أو تحديده‪ ،‬كما‬
‫يشاع إعلاميا‪ ،‬هو الظاهر كما يبدو ولكن ما يدور برأس الرئيس‬
‫الأمريكي دونالد ترامب في حقبة جديدة توزيع المصالح الدولية في‬
‫المنطقة استدعت القرار الأمريكي أن يغير وجهته تجاه بعض الدول‬
‫الثانوية التي يعتقد أنها يمكن أن تنزع أسلحتها النووية طواعية‬
‫طالما أن العالم يذهب نحو عقلانية استحالة استخدام مثل هذه‬
‫الأسلحة النووية ولكلفة صيانتها والمحافظة عليها وحراستها فان‬
‫دولا معينة باتت مقتنعة بنزع أسلحتها النووية مثل كوريا الشمالية‬
‫وباكستان وحتى إيران أن حصلت على مكاسب في الشرق الأوسط‬

‫ويكون لها دور ‪.‬‬

‫وسواء كانت الإدارة الأمريكية مقتنعة بحصول إيران على سلاح‬
‫نووي أو أنها قريبة منه فان الإرادة الدولية‪ ،‬بما فيها الصين‬
‫وروسيا‪ ،‬مقتنعان اليوم أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬التعاون مع الولايات‬
‫المتحدة بشكل أو آخر نحو تصفية حقيقية لسلاح إيران النووي‬
‫الموجود فعلا‪ ،‬والاكتفاء بمراقبة مفاعلاتها لإنتاج الطاقة‬
‫الكهرونووية بإشراف ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة النووية مع‬
‫تعهد وقناعة الأمريكيين بقبول إيران شريكا استراتيجيا مقبولا في‬
‫المنطقة سواء في العراق أو الخليج العربي أو أفغانستان وعليها أن‬
‫تعود الى حجمها في عهد الشاه أن لم يكن اقل لان الشاه كان عضوا‬
‫في حلف بغداد وحلف المعاهدة المركزية‪ ،‬أما إيران الخمينية فهي‬

‫‪22‬‬

‫خارج مثل تلك الأحلاف العسكرية والسياسية ظاهريا رغم تعاونها في‬
‫تنفيذ العديد من المخططات والأدوار في المنطقة‪.‬‬

‫إن إيران تملك فعلا منشئات نووية متكاملة تمكنها من ان تكون‬
‫دولة نووية لتحقيق طموحاتها القومية الفارسية‪ .‬والمشروع النووي‬
‫الإيراني الذي بدأ منذ بداية ستينيات القرن الماضي في عهد الشاه‬
‫محمد رضا بهلوي‪ ،‬ورغم بعض توقفاته أو تأخره لكن الإيرانيين‬
‫واصلوا تطويره واستثمروا به عشرات المليارات من الدولارات منذ‬
‫عام ‪ 1612‬بوضع خطة على أساس بناء ‪ 32‬مفاعل نووي تغطي‬
‫عموم مساحة البلاد الإيرانية ولكلفة تبلغ ‪ 20‬مليار دولار آنذاك ‪،‬‬
‫وهي مفاعلات كانت تستهدف أصلا إنتاج البلوتونيوم أكثر منها‬
‫الحصول على الطاقة الكهرونووية التي يمكن توفيرها باستخدام‬
‫البترول والغاز الإيراني وبكلف اقل وأقل مخاطر من احتمالات‬

‫التلويث بسبب الأحداث والمخاطر النووية المحتملة ‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫الحلقة الثالثة‬

‫تاريخ المشروع النووي الإيراني‬

‫في عام ‪ 1624‬أنشأت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية والتي‬
‫تعرف اختصارا ‪ AEOI‬التي أخذت على عاتقها تنفيذ خطة البرنامج‬
‫النووي الإيراني وتعاقدت من اجل تنفيذ مفردات حلقاته مع شركات‬
‫ألمانية وأمريكية وفرنسية وكانت أهداف الشاه تتجه نحو بناء‬
‫محطات طاقة نووية وتوفير إمكانيات الحصول على السلاح النووي‪.‬‬
‫وفي سنوات (‪ 1624‬ـ ‪ )1622‬تمكن الإيرانيون من إجراء تجارب‬
‫على البلوتونيوم المنتزع من الوقود المستهلك باستخدام الطرق‬
‫الكيميائية‪ .‬وهذه الحقيقة صرح بها الدكتور أكبر اعتماد وهو‬
‫المؤسس والرئيس الأول لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية خلال تلك‬

‫الفترة‪.‬‬

‫ومن المعروف هنا إن الاستخدام الوحيد البلوتونيوم هو صنع‬
‫القنابل النووية‪ .‬وفي المرحلة الثانية للبرنامج الإيراني التي سميت‬
‫"مرحلة التوقف" بعد أن عاد الخميني وألغى صفقات البرنامج‬
‫النووي والأسلحة مع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان‬
‫وازدرى الخميني علانية علوم الغرب مما أوقف المشروع النووي‬
‫مع الغرب‪ .‬منها مشاريع مدنية كبرى بقيمة ‪ 24‬مليار دولار من‬

‫ضمنها بناء أربعة مفاعلات للطاقة النووية‪.‬‬

‫وفي السنوات الأولى من الحكم الجمهوري الإسلامي " حكم‬
‫ولاية الفقيه" استغنت إيران عن برنامجها النووي الذي بدأه الشاه‪،‬‬
‫ورغم الإعلان عن التوقف ظل هناك أكثر من ‪ 400‬خبير وفني نووي‬

‫‪24‬‬

‫إيراني في ممارسة أعمالهم وإبقاء ‪ 12‬خبير نووي في محطة بو‬
‫شهر النووية ؛ بمعنى أن إيران لم تسرح خبرائها عن العمل‪،‬‬
‫واستمرت بمطالبة الشركات ومنها شركة "سيمنس" الألمانية‬
‫بتسليم الأجهزة والمعدات التي احتجزت خارج إيران‪ .‬ولم تزل هذه‬
‫القضية معلقة حتى ألان وظلت إيران تطالب تعويضا قدره ‪ 2،4‬مليار‬
‫دولار كتعويض‪ .‬حتى الأسبوعين الماضيين وعند اجتماع بقية الدول‬
‫الخمس في فينا لتدارس التفاوض مع إيران والتمسك بالاتفاق‬
‫النووي مع إيران حتى بعد خروج الولايات المتحدة صرح مسئول‬
‫إيراني إن إيران نفسها تهدد بالخروج عن الاتفاق النووي مع هذه‬
‫الدول بشرط تعويضها ماليا عن ما لحقها من خسائر مالية ضخمة في‬

‫مشروعها النووي الذي يطالب الغرب بتصفيته‪.‬‬

‫كل المؤشرات تبين أن الإيرانيين توجهوا بجد خلال الفترة‬
‫الخامنئية لاستعادة بعث مشروعهم النووي وخاصة في عهد الرئيس‬
‫الإيراني هاشمي رافسنجاني حيث افتتحت إيران مركز أصفهان‬
‫للبحوث النووية بمساعدة فرنسية واتجهت إيران إلى تنويع تعاونها‬
‫النووي مع عدة دول غير غربية كالصين وباكستان ومنذ أسبوعين‬
‫فقط أعلنت قناة الحرة الأمريكية خبرا بوصول مستوردات لأجهزة‬
‫ومعدات نووية اسرائيلية الصنع عن طريق تركيا كانت متوجهة الى‬

‫إيران‪.‬‬

‫وفي ‪ 1622‬وافقت الأرجنتين على تدريب الفنيين الإيرانيين كما‬
‫حصلت إيران على يورانيوم بقيمة ‪ 2،2‬مليون دولار وأعادت علاقتها‬
‫مع عدد من الشركات والخبرات الألمانية‪ .‬ولم تتوقف عن نشاطها‬
‫حتى بعد تعرض وتخريب منشئاتها النووية بواسطة القصف الجوي‬

‫‪25‬‬

‫العراقي لها لأكثر من ستة مرات ما بين سنوات (‪ 1624‬ـ ‪)1622‬‬
‫ألحقت بها أضرارا جسيمة والتي قدرت ما بين (‪ ) 4،1 - 3،6‬مليار‬

‫دولار حسب معاينة وتقدير الخبراء الألمان‪.‬‬

‫في سنة ‪ 1622‬أجرت إيران مفاوضات مع شركات أرجنتينية‬
‫واسبانية لإكمال بناء محطة بوشهر النووية وبعد انتهاء الحرب في‬
‫‪ 1622‬استفادت إيران من دروسها وحسمت موقفها ألتسلحي نحو‬

‫إعطاء‬
‫الأولوية للسلاح النووي مع تطوير قدراتها الصاروخية فكان لها ما‬

‫أرادت اليوم‪.‬‬

‫ما بين (‪ 1661‬ـ ‪ )3001‬استكملت بنيتها التحتية وتنويع‬
‫مصادر التكنولوجيا ومنها التوجه الى الصين التي حصلت منها عام‬
‫‪ 3001‬على ‪ 1000‬كغ من غاز هكسافلوريد اليورانيوم‪ ،‬مع ‪ 400‬كغ‬
‫من مادة تترافلوريد اليورانيوم فضلا عن ‪ 400‬كغ من مادة ديوكسيد‬

‫اليورانيوم من دون أن تبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪.‬‬

‫ان التوقعات الأمريكية منذ أكثر من عشر سنوات خلت ترى ان‬
‫إيران حصلت من الصين على الكثير من المعامل والخبرات عن‬
‫طريق اتفاقيات سرية ‪ ،‬ومنها علنية‪ ،‬وتسارعت الإحداث حتى‬
‫وصلت إيران الى حالة الإعلان عن نجاحها في تجارب تخصيب‬
‫اليورانيوم وبناء منظومات الطرد المركزي في جامعة الشريف‬
‫وسعت الى الحصول على اسطوانات الفلورين والمغانط اللتين‬
‫تستخدمان في أجهزة الطرد المركزي‪ ،‬وظلت إيران جاهدة على رفع‬

‫مستويات التخصيب وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫ولكن واقع الحال كان يشير الى وصول أكثر من ‪ 100‬خبير‬
‫نووي روسي الى موقع بوشهر في أوت‪/‬آب من عام ‪ .1663‬فضلا‬
‫عن تخرج مئات التقنيين الإيرانيين من المعاهد الإيرانية ومن الذين‬

‫استكملوا تدريبهم في الخارج‪.‬‬

‫وتصاعدت أخبار الاتفاقيات والكشف عن المفاعلات وبرامجها‬
‫وطاقاتها المرحلية والمستقبلية‪ .‬ثم تتالت الإخبار عن الحملة‬
‫الأمريكية على إيران لوقف مشروعها النووي وخاصة الموقف من‬
‫تخصيب اليورانيوم منذ قرابة عقدين لكنها في واقع الحال لم تفعل‬
‫شيئا ملموسا سوى التلويح بالعقوبات الاقتصادية على إيران حتى‬
‫جاء الرئيس باراك اوباما ليعيد الكثير من المليارات من الدولارات‬
‫المحتجزة الى أيادي حكام طهران في وقت كانت إيران تتسع في‬
‫تحقيق طموحاتها التوسعية في المنطقة وتنتقل بصناعاتها العسكرية‬
‫نقلات نوعية في تطوير وإنتاج وتجريب منظوماتها من الصواريخ‬
‫الباليستية التي بلغت مدياتها أكثر من ‪ 2000‬كم وتطال دول أوربية‬

‫والبحر المتوسط ‪.‬‬

‫ورغم التمسك الإيراني المتصلب بالمطالبة في رفع نسب‬
‫التخصيب وزيادة كميات اليورانيوم المخصب إلا أن إيران في واقع‬
‫الحال ليست بتلك الحاجة الملحة لتخصيب عدد من الكيلوغرامات من‬
‫اليورانيوم‪ ،‬فقد كانت إيران‪ ،‬إضافة الى طموحها وفطنتها‪ ،‬محظية‬
‫باستغلال الفرص النادرة وهي التي تمتلك حدودا مع جمهوريات‬
‫الاتحاد السوفيتي الذي انهار فجأة بشكل دراماتيكي‪ ،‬ومن دون توقع‬
‫مسبق‪ ،‬في لحظة تاريخية ليضع إقدام إيران على بوابة النادي‬

‫النووي كدولة قادمة بإصرار الى مبتغاها على الشكل التالي‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫ظلت الدول النووية الكبرى تعتبر إن الأسرار النووية لديها‬
‫قضية حساسة وهامة مرتبطة بأمنها القومي ولعل حماية وصيانة‬
‫منشئاتها النووية في مقدمة الأولويات وخصوصا الحزم في عدم‬
‫تسيب وتسرب وتهريب المواد النووية الصالحة للاستخدام العسكري‬
‫من مخازنها المحروسة بشدة كبيرة لكون ذلك الأمر يعد تهديدا خطرا‬

‫على أمنها القومي وحتى على بقية دول العالم‪.‬‬

‫أضحى هذا الخطر محتملا جدا بعد سقوط وتفكك الاتحاد‬
‫السوفيتي وانفراط عقد الدول التي كانت منظمة إلى جمهوريات‬
‫الاتحاد السوفيتي السابق‪ .‬لذا سارعت الولايات المتحدة وجمهورية‬
‫روسيا الاتحادية" خليفة الاتحاد السوفيتي" في عهد الرئيس‬
‫الأسبق يلتسين إلى توقيع معاهدات لخفض التسلح النووي‪ ،‬وتشديد‬
‫مراقبة ومنع تسرب وانتقال المواد والأجهزة النووية إلى آخرين‬
‫والشروع في تفكيك الكثير من الرؤوس النووية والصواريخ الحاملة‬
‫لمثل هذه الرؤوس والحرص على نقل اليورانيوم المخصب‬
‫والبلوتونيوم الى مواقع آمنة خشية تهريبه ووقوعه في أيدي دول‬

‫أخرى وعصابات الجريمة المنظمة والتهريب‪.‬‬

‫ومن الطبع أن استغلت الإدارة الأمريكية تلك المصاعب‬
‫الاقتصادية لروسيا الاتحادية لتملي عليها الكثير من شروط الإذلال‬
‫والحط حتى من كبريائها الوطني وقوتها كدولة عظمى‪ .‬وهكذا تم‬
‫التوصل إلى اتفاق يقضي أن تتخلص كل من الدولتين من ‪ 20‬طن من‬
‫البلوتونيوم الموجود في الترسانات النووية للدولتين وبتفكيك عدد‬
‫من الرؤوس في الأسلحة النووية كالصواريخ النووية العابرة‬

‫للقارات‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫المعروف إن فائضا من ‪ 20‬طن من البلوتونيوم عند‬
‫روسيا كان كافيا لإنتاج حوالي ‪ 10000‬سلاح نووي جديد‪ .‬وان أسوأ‬
‫سيناريو قد يكون فيه الطن الواحد من البلوتونيوم يكفي لصنع ‪300‬‬
‫قنبلة نووية بمقاس تفجير وطاقة قنبلة هيروشيما التي أسقطتها‬

‫الولايات المتحدة فوق هيروشيما ونياغازاكي‪.‬‬

‫وإذا ما سقطت كمية من هذا البلوتونيوم في الأيدي الخطأ أو‬
‫الجهات المترصدة لها فإنها تكفي لإنتاج قنابل نووية‪ ،‬حيث يتطلب‬
‫الأمر فقط إلى أقل من ‪ 1‬كيلوغرام من البلوتونيوم الصالح لصنع‬
‫قنبلة نووية بدائية كتلك القنبلة النووية الأمريكية التي أسقطت فوق‬
‫نياغازاكي في أوت من عام ‪ 1642‬بعد نهاية الحرب وإعلان اليابان‬

‫وألمانيا نيتهما على الاستسلام الكامل غير المشروط‪.‬‬

‫وهكذا رافق سقوط الاتحاد السوفيتي وحل الجيش السوفيتي‬
‫الأحمر إعادة الكثير من الوحدات العسكرية النووية السوفياتية‬
‫بأسلحتها إلى وطنها في روسيا والى بعض من جمهوريات الاتحاد‬
‫السوفيتي السابق‪ ،‬وسادت الانسحابات فوضى كبيرة وردود فعل‬
‫كانت غاضبة من قبل العلماء والضباط وكبار جنرالات الجيش‬
‫الأحمر‪ .‬وكانت أسوأ الأحوال النفسية هو مشهد حالة تفكيك الوحدات‬
‫النووية وإحالة مئات الألوف من العسكريين والخبراء والعلماء إلى‬
‫البطالة أو إلى التقاعد المبكر دون ضمانات وامتيازات كانوا قد‬

‫عاشوها أيام الاتحاد السوفيتي‪.‬‬

‫لقد وصلت الاهانة والمجاعة بعدد كبير من العلماء والخبراء‬
‫النوويين السوفيت أن طلبوا مرتبات متواضعة تكفل لهم مجرد العيش‬
‫البسيط لعوائلهم وحمايتهم من العوز والفقر والتشرد‪ .‬وعندما‬

‫‪29‬‬

‫تصدقت الهيئات الأمريكية على بعضهم بحفنة من الدولارات لأجل‬
‫دوام البقاء على الحياة كان ذلك المشهد الدرامي لا يوصف بمثل هذه‬
‫الحالة المضطربة لهم‪ .‬وعندما جاءت قرارات تفكيك الأسلحة النووية‬
‫فعلا‪ ،‬تواصلت وتكاثرت المافيات الروسية القديمة منها والجديدة‬
‫كالإعشاب البرية وبرزت كالطفيليات الضارة حيث ظهرت هنا وهناك‬
‫سواء في روسيا أو في مختلف الأقطار والقوميات الأخرى في رواق‬
‫الدولة السوفيتية ومنها انتهزت الفرصة السانحة لها عندما حاولت‬
‫الوصول إلى أهم كنوز البلاد المنهوبة ومنها "اليورانيوم المخصب"‬
‫وكذلك الوصول الى مخازن البلوتونيوم الذي يمكن تهريبه وبيعه إلى‬
‫الخارج‪ .‬وفي أثناء عمليات التفكيك والنقل والخزن‪ ،‬تم إخفاء كميات‬
‫معتبرة من هذه المواد النووية الانشطارية‪ .‬واستعد ضباط كبار‬
‫وتقنيون نوويون للمغامرة حتى بأرواحهم لأجل سرقة وبيع ونقل هذه‬

‫المواد وتهريبها‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫الحلقة الرابعة‬

‫حبل الكذب النووي أقصر من غيره‬

‫نعتقد إن احتمالات امتلاك إيران للأسلحة النووية قضية تظل‬
‫قائمة‪ ،‬وهي قضية باتت تشكل واقعا مقلقا في نظر دول الغرب‪ ،‬سواء‬
‫أفصحت دول الغرب عن ذلك أو اعترفت بالأمر الواقع في كواليس‬
‫محادثاتها مع النظام الإيراني في تلك المحادثات الماروتونية في‬
‫كواليس المؤتمرات والمحادثات السرية أو العلنية حيث عاملتها‬
‫بعض الدول ولو على استحياء ووجل من أنها باتت الدولة النووية‬

‫الثامنة او التاسعة بعد إسرائيل في النادي النووي العالمي‪.‬‬

‫وسواء كان مثل ذلك الأمر مقرا ومعترفا به في السر أو العلن‬
‫بين الأطراف التي تتفاوض مع إيران منذ سنوات‪ ،‬إلا أن القيادة‬
‫الإيرانية ظلت متمسكة ومتعلمة من الدرس الصهيوني وهي مستمرة‬
‫بإنكار نيتها صنع السلاح النووي وقد تمسكت بمبدأ "التقية النووية‬
‫الإيرانية"‪ ،‬وهي مستمرة بدهاء سياسي ودبلوماسي في محاولات‬
‫إخفاء تلك الحقائق عن العالم وعن أنظار ومتابعات عدة دول ومنها‬
‫الولايات المتحدة وروسيا وأخيرا ما سمي باتفاقيات (‪ ، )1+ 2‬حيث‬
‫جرت وتجري المفاوضات بأمل أمريكي وأوربي الى إيقاف المشروع‬
‫النووي الإيراني ظاهريا عند حدود معينة أو بذل محاولات احتواء‬
‫النظام الإيراني والتعاون معه بصيغ عدة والعمل على منحه دورا‬
‫إقليميا كدولة ذات نفوذ‪ ،‬لها بعض من امتيازات دول النادي النووي‬

‫وان تكن بأقل من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫لكن استمرار طموحات إيران في التوسع والنفوذ والوصول الى‬
‫امتداد جغرافي وإقليمي لها عبر هيمنها على العراق وسوريا ولبنان‬
‫واليمن والوصول الى البحر الأبيض المتوسط ومداخل البحر الأحمر‬
‫والبحر العربي تكون قد تجاوزت عتبة المنع والاحتواء المرسوم لها‬
‫دوليا‪ ،‬وهي دولة ساعية لفرض أمر واقع الى الوصول نحو تحقيق‬
‫أهدافها النووية‪ ،‬من هنا لا نتفق مع من يقول عن دراية أو تضليل‬
‫مقصود من أن البرنامج النووي الإيراني لازال سلمي التوجه وهو‬

‫برنامج ومشروع محدود الإمكانيات والأهداف‪ ...‬الخ‪. .‬‬

‫كما أن أكذوبة إن إيران تكون قد تخلت عن مشروعها النووي‬
‫العسكري لصنع قنبلة نووية نهائيا في التزامها ضمن بنود الاتفاق‬
‫النووي بينها وبين الدول الخمسة زائد واحد لم تعد تقنع أحدا حتى‬
‫أكثر المتعاطفين معها من دول الغرب الاوربي التي تسعى للاستفادة‬

‫من عائدات استثماراتها وصناعاتها وتجارتها مع إيران ‪.‬‬

‫عودة الى تاريخ إيران النووي منتصف الخمسينيات كما تبين مراحله‬
‫الحلقة الرابعة من هذه الحلقات ولكن سنركز هنا على فترة منتصف‬
‫السبعينيات‪ ،‬التي شهدت تصاعدا عسكريا وسياسيا لإيران خلال فترة‬
‫الشاه وبرزت طموحاته لبناء قوى عسكرية إستراتيجية في منطقة‬
‫الخليج العربي حتى أطلقت عليه الصحافة والأوساط الدولية بدركي‬

‫الخليج‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫وعندما بدأ شاه إيران ‪،‬محمد رضا بهلوي‪ ،‬برنامجا طموحا للطاقة‬
‫النووية‪ ،‬يتجاوز الاستخدام السلمي نحو التفكير بالتسلح النووي‪،‬‬

‫حينها تسربت تقارير أمنية وسرية تشير الى ‪:‬‬
‫(‪ ...‬بأن إيران بدأت برنامج أبحاث مصغرا للأسلحة النووية) ‪ .‬كانت‬
‫الإدارات الأمريكية ترصد تطورات هذا المشروع وخصوصا بعد‬
‫سقوط نظام الشاه ووصول نظام خميني وحكمت إيران سلطة‬
‫ثيوقراطية جديدة كشفت عن تطلعات لها بالانتقال من حال تصدير‬
‫الثورة الى التمدد والنفوذ شرقا وغربا ‪ ،‬في أفغانستان تارة وتارة‬

‫نحو العراق والشرق الأدنى والأوسط ‪.‬‬

‫وفيما يلي توثيق لأهم المحطات للرصد وصولا الى حال تفجر‬
‫أزمة " البرنامج النووي الإيراني" الذي بات يشغل الكثير من دول‬
‫العالم وخاصة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تحول‬
‫موقفه الأمريكي من حال الاحتواء للمشروع وتحديد تطلعات قادة‬
‫إيران الى المجاهرة بتدميره وحتى التوجه نحو تفكيكه وإلغاءه سواء‬
‫بطريقة سلمية من خلال اتفاقيات ملزمة لحكومة إيران او اللجوء الى‬
‫الحرب والتلويح بالعقوبات الاقتصادية لإجبار النظام الإيراني على‬
‫القبول بالشروط الأمريكية الجديدة‪ .‬وكان إعلان الرئيس الأمريكي‬
‫الانسحاب منفردا من الاتفاقية النووية مع إيران قد شكل وضعا‬

‫‪33‬‬

‫محرجا لكل الأطراف الدولية المرتبطة بإيران وبالمشروع النووي‬
‫الإيراني‪..‬‬

‫اتسع طموح إيران النووي اتسع بعد وصول خميني الى‬
‫السلطة عام ‪ ،1626‬حيث مارست ايران التقية النووية بنكرانها‬
‫التفكير بالتسلح العسكري النووي ولكنها عملت على الحصول على‬
‫التقنيات النووية وعبر أكثر من طريق ‪ ،‬خاصة عبر السوق السوداء‪.‬‬
‫وكان من بين النتائج التي سعت اليها حكومة ايران الخمينية حصول‬
‫طهران على اليورانيوم الخام من جنوب أفريقيا عام ‪ ،1984‬وفي‬
‫نهاية هذا العقد أيضا حصلت على أجهزة الطرد المركزي من‬
‫باكستان‪ ..‬وفي سنوات سقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي كانت شبكات‬
‫التهريب الخاصة تنقل اليورانيوم والبلوتونيوم الجاهز المسروق من‬
‫معسكرات الجيش السوفيتي المنحل‪ .‬ولتغطية طريقة حصولها على‬
‫اليورانيوم او البلوتونيوم كان عليها السعي وبكل الوسائل والصفقات‬
‫المعلنة أو السرية لاستئناف بناء محطة بوشهر عام ‪ 1662‬وتشغيلها‬
‫تحت إشراف خبراء روس ‪ .‬طموح استمر في البناء والتشييد حتى‬
‫أقامت مفاعلات نووية في أصفهان وأراك لتخصيب اليورانيوم‪.‬‬
‫وكانت إيران تحاول إخفاء الحقيقية رغم التقارير التي كشفتها‬

‫‪34‬‬

‫وكالات الاستخبارات الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية عن‬
‫عمليات تخصيب اليورانيوم‪.‬‬

‫منذ عام ‪ ،3003‬علمت الاستخبارات الأميركية وكشفت عن‬
‫وجود اثنتين من المنشآت النووية السرية‪ ،‬وهما منشأة لتخصيب‬
‫اليورانيوم في نتانز ومحطة لإنتاج الماء الثقيل بالقرب من آراك‪.‬وهو‬
‫ما يشير إلى نقلة نوعية بطبيعة الانتقال بالمشروع إلى أفاق عسكرية‬
‫واضحة الملامح عندما يتوفر الماء الثقيل والوقود النووي المطلوب‬

‫للتسلح ولتشغيل المفاعلات النووية‪.‬‬

‫في آذار‪/‬مارس ‪ ،2003‬ظهرت تقارير أخرى تفيد بأن إيران قد‬
‫تكون أدخلت مواد نووية إلى منشأة التخصيب في نتانز لاختبارها‬
‫دون إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬وهو ما يعد انتهاكا لإحدى‬
‫فقرات المعاهدات الدولية التي تلزم الحكومة الإيرانية بالكشف عنها‬

‫لخبراء ومفتشي اللجنة الدولية للطاقة الذرية‪.‬‬

‫أول اتفاق توصلت إليه إيران بشأن برنامجها النووي كان مع‬
‫الاتحاد الأوروبي عام ‪ ،3002‬لكنه لم يصمد طويلا بسبب مراوغات‬
‫النظام في طهران‪ ،‬ومحاولات الالتفاف على صلب الاتفاق الذي قضى‬

‫بوقف تخصيب اليورانيوم وفتح المفاعلات أمام المفتشين‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫وفي شباط‪ /‬فبراير ‪ ،3004‬تم الكشف عن آثار اليورانيوم عالي‬
‫التخصيب اكتشفه مفتشوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل ‪13‬‬
‫شهرا‪ ،‬في موقعين مختلفين على الأقل‪ ،‬وأن درجة نقاء ما تم‬
‫اكتشافه يشكل إشارة كافية لخبراء التسلح النووي من إمكانية إيران‬

‫مستقبلا لإنتاج أسلحة نووية‪.‬‬

‫وفي آب‪/‬أغسطس ‪ ،3002‬رفضت إيران عرض الاتحاد‬
‫الأوروبي بتقديم حوافز مقابل ضمانات بأنها لن تسعى لامتلاك أسلحة‬
‫نووية‪ ،‬مما جعل القيادة الإيرانية في حالة تناقض في ما بين ما تعلنه‬
‫وفي ما كانت تضمره وإصرارها على السير بمخططاتها باستغفال‬

‫الزيارات التفتيشية لخبراء لجنة الطاقة الدولية‪..‬‬

‫وفي عام ‪ 3001‬أعلن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي‬
‫نجاد نجاح بلاده في تخصيب اليورانيوم‪ .‬وتسربت معلومات أخرى‬
‫عن تمكن إيران استخلاص وفصل البلوتونيوم مما أثار حفيظة‬
‫الشكوك الغربية والدولية بتجاوز المشروع النووي الإيراني الحدود‬

‫المرسومة له‪.‬‬

‫في حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2006‬انضمت الولايات المتحدة وروسيا‬
‫والصين إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا لتشكيل ما سمي بــ مجموعة‬

‫‪36‬‬

‫الدول الخمس زائد واحد‪ )1+2(،‬التي حاولت إقناع إيران بالحد من‬
‫برنامجها النووي وقبولها الشروط الدولية التي تبقيها ضمن التوجه‬

‫السلمي لاستخدامات الطاقة الذرية‪.‬‬

‫في كانون أول‪ /‬ديسمبر ‪ ،3001‬أقر مجلس الأمن الجولة الأولى‬
‫من العقوبات ضد إيران‪ .‬وتم تمديد وفرض العقوبات عليها لعدة‬
‫مرات ‪ ،‬مع فرض حظر شامل على الأسلحة في حزيران‪ /‬يونيو‬

‫‪.3010‬‬

‫وفي تشرين أول‪ /‬نوفمبر ‪ ،3002‬بلغ عدد أجهزة الطرد المركزي‬
‫التي تعمل على تخصيب اليورانيوم‪ ،‬والتي تم تجميعها في إيران‬
‫حوالي ‪ 2000‬جهاز بعد أن كانت بضع مئات فقط في عام ‪3003‬‬
‫حسب مشاهدات وتقارير خبراء الأمم المتحدة وبانتقال إيران إلى‬
‫تجميع وصنع أجهزة الطرد المركزي هو إيذان عن حالة تنمية‬
‫قدراتها الذاتية التي تخدم حلقات من مفاصل مشروع التطوير السري‬

‫‪.‬‬

‫في تموز‪ /‬يوليو ‪ ،2008‬انضمت الولايات المتحدة إلى المحادثات‬
‫النووية لأول مرة‪ ،‬وتوقفت المفاوضات بين إيران والقوى الدولية‬

‫الست في نوفمبر ‪.3011‬‬

‫‪37‬‬

‫وفي كانون الثاني ‪ /‬يناير ‪ ،2012‬كشفت الوكالة الدولية للطاقة‬
‫الذرية ‪ :‬إن إيران تعمل على زيادة خصوبة اليورانيوم ووصلت‬
‫نسبة تخصيب تتجاوز الاتفاقات المعلنة حيث بلغت إلى ‪ 30‬في منشأة‬

‫جبلية بالقرب من فوردو‪.‬‬

‫وفي تموز‪ /‬يوليو ‪ ،2015‬وبعد ‪ 12‬يوما من المفاوضات المكثفة‬
‫والمتصلبة بين الأطراف وخاصة الموقف الأمريكي والإيراني‬
‫استخدمت فيها كافة أساليب المناورات السياسية والدبلوماسية وحتى‬
‫الضغوط والتلويح بالحصار‪ ،‬في كثير من الأحيان‪ ،‬وقعت القوى‬
‫النووية الدولية الخمس الممثلة في مجلس الأمن كأعضاء دائميين‬
‫مع إيران اتفاقا تاريخيا يسعى الى الحد من برنامج إيران النووي‬
‫التسلحي مقابل حصول إيران على إعفاءات مالية وحصولها على‬
‫عدد من مليارات الدولارات التي كانت محتجزة وتخفيف قيود‬
‫العقوبات الدولية عليها‪ .‬وكان للرئيس الأمريكي باراك اوباما دورا‬
‫كبيرا في انجاز ذلك الاتفاق الذي كان يعتبره واحدا من أهم انجازاته‬
‫السياسية بعد قرار الانسحاب من العراق بأقل الخسائر‪ ،‬خصوصا أن‬
‫النظام الإيراني كان حليفا للولايات المتحدة خلال عهد الرئيس‬
‫الأمريكي بوش عند غزو العراق واحتلاله ‪ ، 3002‬وكذلك المساهمة‬

‫‪38‬‬

‫في في حماية ظهر القوات الأمريكية المنسحبة من العراق في عهد‬
‫الرئيس باراك اوباما‪.‬‬

‫وفي كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ 3012‬أعلن رئيس الولايات المتحدة‬
‫آنذاك‪ ،‬باراك اوباما‪ ،‬أن إيران "أوفت بالتزامات رئيسية" في الاتفاق‬
‫وهكذا كان اوباما عراب الاتفاق والمتعاون السري والعلني مع النظام‬
‫الإيراني مسلما له تقاليد الأمور في حكم العراق والتدخل في فرض‬
‫سلطة أعوانه وحكومة طائفية مزدوجة الولاء لإيران وأمريكا في‬

‫عهدي حكومات نوري المالكي وحيدر العبادي‪.‬‬

‫يعرف الاتفاق النووي الإيراني بـ"اتفاق لوزان النووي"‪ ،‬وتم‬
‫التوصل إليه بعدما عقدت إيران والدول الـ‪( 1‬الصين وروسيا وأمريكا‬
‫وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) مفاوضات طويلة في الفترة من ‪31‬‬
‫مارس وحتى ‪ 3‬أبريل ‪ ،3012‬في مدينة لوزان السويسرية‪ ،‬من أجل‬
‫التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمى للبرنامج النووي‬
‫الإيراني‪ ،‬وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام‪ ،‬وانتهت تلك‬
‫المفاوضات بالتوصل إلى بيان مشترك يتضمن تفاه ًما وحلولًا بما‬

‫يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني‪ ،‬يتم انجازها نهاية يونيو ‪.3012‬‬

‫‪39‬‬

‫ورغم الاحتفاء العالمي بالاتفاق النووي مع إيران‪ ،‬والذي وصفته‬
‫عدة دول من بينها أمريكا بأنه "تاريخي"‪ ،‬إلا أن الرئيس الأمريكي‬
‫دونالد ترامب‪ ،‬عبر عن معارضته للاتفاق النووي الإيراني المبرم‬
‫عام ‪ 3012‬في عهد سلفه الديمقراطي باراك اوباما‪ ،‬ووصفه بأنه‬
‫"عار"‪ ،‬والإدارة الأمريكية الحالية توجه انتقادات عديدة لهذا‬

‫الاتفاق‪.‬‬

‫في آب‪/‬أغسطس ‪ ،3011‬اتهم الرئيس الإيراني‪ ،‬حسن روحاني‪،‬‬
‫دول الغرب بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق نظرا لاستمرار‬
‫المراقبة الأمريكية على محاولات التسلح الإيراني الطموح وخاصة‬
‫في المجال الصاروخي والتوسع الملموس لإيران في ظروف العراق‬

‫وسوريا واليمن‪.‬‬

‫إن جملة الانتقادات الأمريكية للاتفاق النووي مع إيران من قبل‬
‫معارضيه تتجلى في‪:‬‬

‫أولا‪ :‬والانتقاد الأمريكي الأول للاتفاق النووي الإيراني‪ ،‬موجه إلى ما‬
‫سمي "بند الغروب"‪ ،‬حيث يعتبر هذا البند "الخلل الأكثر وضو ًحا" ‪-‬‬
‫بحسب وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون ‪ -‬فالاتفاق‬
‫الموقع لضمان أن البرنامج النووي الإيراني لا يهدف إلى صنع‬

‫‪40‬‬

‫القنبلة الذرية يتضمن عبارة بالإنجليزية هي "بند الغروب"‬
‫(سانسيت كلوز)‪ ،‬وتنص على أن بعض القيود التقنية المفروضة‬
‫على الأنشطة النووية تسقط تدريج ًيا اعتبا ًرا من ‪ .3032‬واعتبر‬
‫تيلرسون أن "هذا الأمر لا يؤدى سوى إلى إرجاء المشكلة إلى وقت‬
‫لاحق"‪ ،‬مضيفًا "يمكننا تقريبا البدء بالعد العكسي للحظة التي‬
‫سيتمكنون فيها من استئناف قدراتهم النووية"‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن‬

‫واشنطن تطالب بإطالة أمد القيود بشكل دائم"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فيما‪ ،‬ركزت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكى‬
‫هايلى ‪ -‬في الانتقاد الأمريكي الثاني ‪ -‬حملتها على عمليات التفتيش‬
‫المقيدة جدًا‪ ،‬مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة‬
‫تطبيق الاتفاق‪ ،‬بالقيام بعمليات تفتيش أوسع نطاقًا وأقوى في مواقع‬
‫عسكرية عدة‪ ،‬معتبره أن إيران قد تكون محتفظة ببرنامج نووي‬
‫عسكري سرى رغم التقارير الجيدة الصادرة عن الوكالة الدولية‬
‫للطاقة الذرية‪ ،‬إلا أن طهران رفضت فرضية عمليات تفتيش مواقع‬

‫عسكرية‪ ،‬متهمة واشنطن "بالبحث عن أعذار" لتمزيق النص"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬والانتقاد الثالث برز في استخدام نيكى هالى‪ ،‬عبارة "اتفاق‬
‫فضفاض"‪ ،‬حيث ركزت على إبراز الثغرات المفترضة في الاتفاق‪،‬‬
‫وحجتها هي أنه على غرار المصارف التي يتعين على الدولة‬

‫‪41‬‬

‫تعويمها خلال الأزمة الاقتصادية لأنها كبيرة جدًا‪ ،‬ولأن انهيارها‬
‫يمكن أن يسقط النظام المالي بأسره‪ ،‬فإن المجموعة الدولية أعدت‬
‫الاتفاق بشكل يجعل من المتعذر انتقاد طهران حتى بسبب أنشطتها‬

‫غير النووية‪ ،‬وإلا فإنه ينهار‪.‬‬

‫وقالت الدبلوماسية‪" ،‬بنظر المدافعين عن الاتفاق‪ ،‬فإن كل شئ في‬
‫علاقتنا مع النظام الإيراني أصبح مرتهنا بمسألة الحفاظ على‬
‫الاتفاق"‪ ،‬كما شككت في مشكلة أخرى في النص الذي تم التفاوض‬
‫عليه لفترة طويلة‪ ،‬وقالت "سواء ارتكبت إيران انتها ًكا كبي ًرا أو‬
‫صغي ًرا‪ ،‬فإن الاتفاق لا ينص سوى على عقاب واحد وهو إعادة‬
‫فرض العقوبات"‪ ،‬وأضافت "وفى حال إعادة فرض العقوبات‪ ،‬فإن‬

‫إيران تصبح معفية من كل التزاماتها"‪.‬‬

‫في تشرين أول‪ /‬أكتوبر‪ ،3012‬أعلن الرئيس الأميركي الجديد ‪،‬‬
‫دونالد ترامب‪ ،‬عن إستراتيجية جديدة بشأن إيران تتضمن فرض‬
‫عقوبات إضافية وتصاعد الخطاب الأمريكي الى الإعلان عن القلق‬
‫الأمريكي حول مخاطر المشروع النووي في المنطقة وتجاوزه حدود‬

‫المحظور منه‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫وفي نهاية ابريل‪ /‬نيسان ‪ 3012‬أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي‬
‫بنيامين نتانياهو ببيان مفصل عن البرنامج النووي الإيراني‪.‬‬

‫وكان نتنياهو قال في مؤتمر صحفي عقده في ‪ 20‬أبريل‪/‬نيسان‬
‫‪ 3012‬بمقر وزارة الدفاع الإسرائيلية إن عشرات آلاف الوثائق التي‬
‫حصلت عليها إسرائيل قبل بضعة أسابيع في "عملية مذهلة"‬
‫للمخابرات تشكل "دليلا قاطعا على برنامج الأسلحة النووية الذي‬
‫تخفيه إيران منذ سنوات"‪ ،‬مشيرا إلى أن تلك الوثائق تزن نصف‬

‫طن‪.‬‬

‫البيان الذي ألقاه نتانياهو من مقر وزارة الدفاع بعد اجتماع مع‬
‫المجلس الأمني‪ ،‬لم يكشف فقط عن استمرار طهران؛ بل اعترف‪:‬‬
‫(لدينا ‪ 100‬ألف وثيقة تثبت تصنيع إيران للنووي)‪ .‬وعرض خلال‬

‫عرضه المثير نسخا من كل وثائق البرنامج وتفاصيله‪.‬‬

‫في ‪ 8‬أيار‪ /‬مايو ‪ ،3012‬أعلن دونالد ترامب الخطوة التي كانت‬
‫متوقعة بشكل كبير‪ ،‬وقال‪" :‬أعلن اليوم أن الولايات المتحدة‬
‫ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني"‪ .‬كما تتالت الشروط الأمريكية‬
‫مباشرة اثر إعلان ترامب على إيران من خلال تصريحات هيذر‬
‫نويرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالتأكيد على‬

‫‪43‬‬

‫وجوب وقف إيران بالكامل أنشطتها النووية وذلك بعد إعلان طهران‬
‫عن خطة لزيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم‪ .‬وشددت المتحدثة‬
‫باسم وزارة الخارجية على أن طهران لا يجب أن تكون "قادرة على‬

‫إنتاج سلاح نووي‪.".‬‬

‫كما إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو "كان واضحا"‬
‫في الخطاب الذي ألقاه بشأن إيران في أيار‪/‬مايو‪ ،‬الماضي بعيد قرار‬
‫الرئيس دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي‬
‫الإيراني‪" ،‬بقوله إنه على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم وأن لا‬

‫تسعى أبدا إلى معالجة البلوتونيوم"‪.‬‬

‫ونقلت وكالة أنباء فارس عن نائب الرئيس الإيراني علي أكبر‬
‫صالحي قوله إن بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في رسالة‬
‫"البدء ببعض الأنشطة"‪ .‬وفيها إشارة إلى إعلان زيادة عدد أجهزة‬
‫الطرد ما سيسمح بزيادة القدرة على تخصيب اليورانيوم‪ ،‬وبطبيعة‬
‫الحال أن ذلك سيزيد الضغوط على الأوروبيين لأن هذه المسألة هي‬
‫في صلب المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني‪ .‬ومن جانب آخر‬

‫اعتبر دبلوماسيون أن احتمالات إنقاذ الاتفاق النووي تبدو ضعيفة‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫كانت واشنطن قد طلبت إثر انسحابها في أيار‪/‬مايو ‪2018‬من‬
‫الاتفاق الموقع في ‪ ،2015‬من كافة الدول" تنفيذ ما أسمته " أقوى‬
‫عقوبات في التاريخ!" تتجلى في الوقف التام لوارداتها من النفط‬
‫الإيراني بحلول الرابع من تشرين الثاني‪/‬نوفمبر إذا رغبت في تفادي‬

‫العقوبات الأمريكية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬وإضافة إلى الاتفاق الذي أقرت الولايات المتحدة حتى الآن بأن‬
‫إيران تحترمه "تقنيا‪ ،‬ترغب واشنطن في التطرق إلى أنشطة غير‬
‫نووية تقوم بها إيران وتعتبرها "مسيئة"‪ ،‬حيث قال تيلرسون‪،‬‬
‫"الاتفاق لا يشكل سوى جزء من قضايا عدة يجب أن نعالجها في‬

‫علاقتنا مع إيران"‪.‬‬

‫واعتبرت الإدارة مرا ًرا أن الإيرانيين ينتهكون "روحية" الاتفاق‬
‫الموقع عام ‪ 3012‬لأن الاتفاق كان هدفه تشجيع الاستقرار والأمن‬
‫فى المنطقة‪ ،‬والانتقاد الرابع يستهدف البرنامج البالستى الإيراني‬
‫غير المحظور بموجب الاتفاق رغم أن القرار ‪ 3321‬الصادر عن‬
‫مجلس الأمن الدولى الذى صادق بموجبه على الاتفاق‪ ،‬يطالب‬

‫طهران بعدم تطوير صواريخ أعدت لتحمل رؤوسا نووية‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫لقد انطلقت الهواجس التي ترددت في إسرائيل عقب تجربة‬
‫الصاروخ الإيراني الأخير "خورم شهر" من أنها تشكل خطوة نوعية‬
‫متقدمة في سياق تطور يفاقم مستوى الخطورة على التفوق‬
‫التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي‪ .‬أضف إلى ذلك فإن الصاروخ‬
‫الإيراني الذي يحمل ثلاثة رؤوس؛ بات يشكل تحد ًيا جد ًيا لمنظومة‬
‫الاعتراض الصاروخي الإسرائيلي‪ ،‬والتي ما تزال في مرحلة التطوير‬
‫من نظام "القبة الحديدية" إلى نظام "العصا السحرية" و"السماء‬

‫الحمراء" قيد الاختبار في الوقت الراهن‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬وأخي ًرا‪ ،‬عبر الرئيس الأمريكي ترامب‪ ،‬وإدارته عن الأسف‬
‫لأن التقدم الذي تحقق عبر اتفاق العام ‪ 3012‬لم يجعل من إيران‬
‫"جارة" أفضل في الشرق الأوسط‪ ،‬كما أن لائحة الاعتراضات طويلة‬
‫كما تعددها وزارة الخارجية الأمريكية وهى" ‪:‬الدعم المادي والمالي‬
‫للإرهاب"‪ ،‬و"التطرف"‪ ،‬و"مساعدة نظام الرئيس السوري بشار‬
‫الأسد"‪ ،‬و"فظاعات ضد الشعب السوري"‪ ،‬و"الدور المزعزع‬
‫للاستقرار فى دول أخرى (دعم حزب الله في لبنان والمتمردين‬
‫الحوثيين في اليمن)‪ ،‬و"العداء القوى لإسرائيل"‪ ،‬و"التهديدات‬
‫المتكررة لحرية الملاحة"‪ ،‬و"القرصنة المعلوماتية"‪ ،‬و"انتهاكات‬

‫حقوق الإنسان"‪ ،‬و"الاعتقال العشوائي لرعايا أجانب‪.".‬‬

‫‪46‬‬

‫لا زالت إيران تسعى للحصول فعليًا على المواد اللازمة لامتلاك‬
‫السلاح النووي‪ ،‬والعمل على إنتاج الأجهزة الكافية لذلك‪ ،‬والسعي‬
‫لحيازة السلاح النووي المطلوب‪ ،‬فضلًا عن تطوير قدراتها‬
‫الصاروخية كجزء من تطوير منظومة السلاح النووي‪ ،‬حيث تصبح‬
‫التجارب الصاروخية الأخيرة‪ ،‬ومنها الصاروخ "خورمشهر"الذي‬
‫يمكنه الوصول إلى ‪ 3000‬كم متر مما يغطي مساحة إسرائيل بأكملها‬
‫ومسافات كبيرة من أوروبا والشرق الأوسط‪ ،‬خطوات أساسية‬

‫للوصول إلى هذا الهدف‪.‬‬

‫نظريًا‪ ،‬حافظت إيران على حقها في امتلاك برنامجها النووي‪ ،‬وبذلك‬
‫تستطيع أن تستمر في الإعلان للرأي العام الإيراني بأن منشآتها‬
‫النووية لن تغلق‪ ،‬وأن تخصيب اليورانيوم سيستمر‪ ،‬وأن العقوبات‬
‫الاقتصادية سوف تُرفع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تظهر إيران بمظهر المنتصر أمام‬
‫الشعب الإيراني ‪ ،‬وستبشرهم بنمو اقتصادي سيحسن من مستوى‬
‫معيشتهم‪ .‬لكن من الناحية العملية‪ ،‬فإن بنود الاتفاق فرضت قيودًا‬
‫كثيرة على البرنامج النووي الإيراني لسنوات كثيرة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن‬
‫ادعاءات إسرائيل حول أن إيران ستحظى بتطبيع كامل لبرنامجها‬
‫النووي مع العالم خلال عشر سنوات من الاتفاق‪ ،‬وأنها ستتمكن من‬

‫تنفيذ كل ما تخطط له هو ادعاء غير صحيح‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫‪ -3‬فرض الاتفاق نظام رقابة مشددة على إيران‪ ،‬فبحسب الاتفاق ظل‬
‫من حق مراقبي الأمم المتحدة الوصول إلى جميع المنشآت النووية‬
‫الإيرانية‪ ،‬ولحقول اليورانيوم‪ ،‬وللمستودعات النووية‪ ،‬لمدة تتراوح‬
‫بين ‪ 32-30‬سنة‪ .‬وهنا نقطة إيجابية أخرى؛ وهي أن إيران وافقت‬
‫على التصديق وتطبيق البروتوكول الإضافي لميثاق منع انتشار‬
‫الأسلحة النووية‪ ،‬وهو ملحق يسمح لمراقبي الأمم المتحدة بالقيام‬
‫بزيارات مفاجئة لجميع المنشآت المشكوك أنها تُستخدم لأغراض‬
‫نووية غير مشروعة‪ .‬كما ستواجه إيران صعوبات كبيرة أمام تطوير‬
‫برنامج نووي سري‪ ،‬وإذا حاولت القيام بذلك فإن فرص الكشف عنه‬

‫ستكون كبيرة‪.‬‬

‫في عديد المرات ندد ترامب بالاتفاق المبرم في عهد سلفه باراك‬
‫اوباما لأنه بحسبه لا يشمل برنامج إيران للصواريخ الباليستية أو‬
‫دورها في الحروب والنزاعات الدامية في عدة دول بمنطقة الشرق‬
‫الأوسط‪ ،‬وهو متشائم أيضا مما قد يحدث عند انتهاء أجل العمل‬

‫بالاتفاق النووي في ‪.2025.‬‬

‫لكن خامنئي رفض تماما الدخول في أي مفاوضات جديدة حول‬
‫برنامج إيران الصاروخي أو أنشطتها في المنطقة ولكنه في نهاية‬

‫‪48‬‬

‫الأمر سيخضع بسبب ثقل العقوبات التي وصفت بأنها" أقوى‬
‫عقوبات في التاريخ!"‪.‬‬

‫من جهتها تحاور الدول الأوروبية التي أكدت تمسكها بالاتفاق‪،‬‬
‫إيران لتستمر في التزامها بالاتفاق الذي تعهدت بموجبه بعدم حيازة‬
‫سلاح نووي‪ .‬وفي مسارين تتصارع به الإرادات الدولية بين إنكار‬
‫إيران تسلحها النووي وبين دول لا زالت تأمل في إبقاء الاتفاق‬
‫النووي مع إيران مع إدخال تعديلات جذرية عليه يبدو أن إرادة‬
‫ترامب ذاهبة الى نزع المشروع النووي الإيراني من يد قادة طهران‬
‫ووضعه تحت الرقابة الدولية التامة يرى الكثير من المراقبين انه‬
‫إعلان بمثابة نزع اية إمكانية لإيران من أن تمتلك سلاحا نوويا‬
‫مستقبلا‪ .‬وإذا كانت المفاوضات السرية السابقة وكما يقر قادة إيران‬
‫من أنهم قاب قوسين أو ادني من امتلاك السلاح النووي فان طريق‬
‫الولايات المتحدة يشير الى تكرار حالة نزع الأسلحة الكيماوية الليبية‬
‫في زمن ألقذافي بان تجري إيران بنفسها وبضغط الدول الكبرى على‬
‫تفكيك الحلقات التسليحية النووية الهامة وتسليم ما تمتلكه من‬

‫اليورانيوم وخضوعها بشكل كامل الى التفتيش الدولي‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫الحلقة الخامسة والاخيرة‬

‫كيف امتلكت إيران قنبلتها النووية‪...‬وكيف يتم نزعها‬

‫كان البعض يعتقد إن البلوتونيوم الخام يعتبر مادة غير جذابة‬
‫للصوص أو المغامرين لصعوبة وخطورة نقلها؛ لكن الدول والمافيات‬
‫العاملة في حقل تهريب الأسلحة النووية‪ ،‬ومنها أيادي إسرائيلية‬
‫كانت ترصد وتدفع مستحقات الشراء نقدا ومن دون ضوابط أو حتى‬
‫مساومة طالما أن الأسعار كانت تافهة قياسا لحجم تكاليف استخلاص‬
‫وفصل وتنقية وتخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم‪ .‬لكن هذا المعدن‬
‫كان للمهربين سهل النقل والتهريب‪ ،‬وقد تم نقله بطرق بدائية‪ ،‬منها‬
‫تعبئته في حقائب عادية وحتى في أكياس الدقيق‪ ،‬رغم كل المخاطر‬
‫المترتبة على حياة مهربيه وناقليه من ناحية التعريض الإشعاعي‬

‫والمخاطر الصحية‪.‬‬

‫وكما هو الحال مع البلوتونيوم‪ ،‬كان فائض اليورانيوم المخصب‬
‫والمستودع في الرؤوس النووية الحربية الروسية المفككة أصبح‬
‫هدفا لإثراء بعض الضباط وعصابات المافيا الروسية‪ ،‬وخاصة‬
‫المافيات الشيشانية التي أحكمت نشاطها حتى على حياة العاصمة‬
‫موسكو لما كان عندها من نفوذ إجرامي ومالي‪ .‬كان اليورانيوم‬
‫الروسي ضمن أهداف التهريب‪ ،‬كونه المادة المستهدفة والغالية‬
‫للحصول للدول الطامحة لاستخدامه للأغراض النووية العسكرية‬

‫ومنها إيران وإسرائيل‪.‬‬

‫‪50‬‬


Click to View FlipBook Version