البعث بين التمرد والانشقاق
دراسة تاريخية لمحاولات التمرد والانشقاق عن الشرعية الحزبية
سلسلة دراسات
العدد الثالث
1
إهداء
إلى قائدنا ورمزمسيرتنا ورفيقنا الأمين العام
لحزب البعث العربي الاشتراكي
القائدالاعلى للجهاد والتحرير
عزة إبراهيم الدوري
اهديكم جهدا متواضعا عبارة عن سلسلة ثقافية تستلهم
سفرالبعث الخالد ،تقدمه بحلة جديدة لشباب البعث
واجيالنا القادمة،باستخدام التقنية الحديثة في الطبع
والتوزيع ،جهدا يعاضد جهد رفاق العقيدة الحاملين أكفانهم
على أيديهم دفاعا عن العراق والعروبة وبعثنا الخالد ،جهدا
اقول فيه ها هنا نحن باقون ،ها هنا نحن شامخون ،ها هنا
نحن بعثيون ،يامحلى النصربعون الله
القلم والبندقية سلاحنا في معركة الجهاد والتحرير ،الموت
لأعداء العراق والأمة العربية المجيدة الموت لأمريكا والصهاينة
والفرس الصفويين والنصرلنا ،إنها الحتمية التاريخية ،العدو
يعرفها قبل الصديق ودمتم لنا رفيق وقائد
2
المقدمة
إن الخروج على الحزب ونظامه الداخلي من قبل البعض لا يعني نهاية الحزب
والسبب هو إن حزب البعث حزبا إيديولوجيا له منظومة فكرية مدونة بمنهجية
وهي كفيلة باستمرار حياة الحزب وديمومته ،فحزب البعث العربي الاشتراكي قد
تعرض إلى الانشقاق عبر مسيرته النضالية و منذ تأسيسه ،ولكنه استمر بفاعلية
ولا يزال قوي في حواضنه الاجتماعية ،بالرغم من أن متوسط عمره هو سبعين
عاماً ،واللافت أن أعضاء الحزب هم أكثر شعوراً بالمسؤولية تجاه حزبهم قياساً
بأعضاء الأحزاب الليبرالية والنفعية ،وأكثر تضحية من أجله ومن أجل أهدافه.
إن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الانشقاق هي:
1ـ نمو الميول الشخصية وبروز مرض التكتلات والمناورات واستعمال الأساليب
الغير حزبية في العمل الحزبي ،فالميول الشخصية تقود إلى عدم تقدير منزلة كل
عضو ومسؤوليته حسب كفاءته وعمله المخلص لخدمة الحزب بل تعتمد الولاء
الشخصي للقيادي في الحزب والتأييد له بكل آراءه ومواقفه وخططه ،بدلا من أن
تكون المناقشة الموضوعية داخل الجهاز الحزبي هي وسيلة الإقناع.
2ـ الإغراء والإرهاب لحمل العضو على التسليم بمواقف القيادي وآرائه ،فالإغراء
والضغط والدس والوشاية بين الأعضاء وضرب بعضهم ببعض ولصق التهم
الكاذبة هي الطريق للسيطرة وبالتالي الانقياد الأعمى الذي قد يؤدي إلى الانشقاق .
3ـ طبيعة القيادة الجماعية ونوعية هيكلية التنظيمية ،وعدم وجود قيادة كاريزمية
ضاغطة مهيمنة ،في ظل منظومة نفسية اجتماعية عراقية عربية شرقية ،تعيش
رواسب البداوة ،ظلت ثغرة تنفد من خلالها عوامل الانشقاق والتصدع ،بينما تقل
هذه الظاهرة في ظل وجود قيادة ضاغطة مهيمنة تستمد قوتها من طبيعة البيئة
المجتمعية التي تَتَماها مع هكذا قيادة وتذعن لها.
2ـ عدم وجود مرجعية عليا للحزب وقيادته ،تعمل على حل الخلافات وتردع
المخطئين.
3ـ الاختلاف في المصالح الشخصية وفي أساليب إدارة المواقع الحزبية ،ويلعب
اختلاف الأمزجة وعدم القدرة على تطويعها دوراً مهماً في هذا المجال.
3
4ـ التفســـــيرات والــــــــقراءات المــخـــتلـــــــفة والمتعارضة للأفكار والأحداث
والوقائع المستجدة ،وتبني بعض الأعضاء أفكار جديدة تتعارض مع الفكر التاريخي
للحزب أو ما نستطيع أن نسميه بالثوابت ،بصورة إفراط وتفريط وعدم توازن،
ومن هذه الأفكار المتعارضة.
وهذه العوامل تتحول بسرعة من القوة إلى الفعل بسبب عدم تحمل الخلاف في
الرأي والموقف والقراءة داخل الحزب .بل يؤدي الخلاف غالباً إلى صراع داخلي
وتراشق متبادل بالتقصير ،ثم انشقاق أو خروج فردي أو جماعي.
وهناك ثلاثة أنواع من الانشقاقات الحزبية؛ الفردية والجماعية وهي:
الأول :خروج على القيادة والتنظيم.
الثاني :خروج على النظرية والفكر.
الثالث :خروج على التنظيم والفكر والمنهج معاً.
4
( الانشقاق الحزبي قبل ثورة 11ـ 33تموز ) 1691
كانت سنة 1696فاصلة في حياة الحزب ،فتنظيم الحززب فزي سزوريا قزد حزل بقيزام
الوحزدة بزن سزوريا ومصزر وفزي الأردن حزدث انقزلاب علزى حكومزة النابلسزي وفزي
العراق انحرفت ثورة تموز 1691عن أهدافها القومية والتحررية وتعرض الحززب
في العراق إلى إرهاب منظم واسع النطاق .
وداخليزا بزرز إلزى السزطح اتجزاه انتهزازي إقليمزي فزي داخزل الحززب يقزوده عبزد
الريماوي (الأردن) ،ويؤيده فيما ظهر في ما بعد فؤاد ألركزابي ،فكزان هزذا الاتجزاه
يحزاول أن يثبزت إقدامزه فزي الحززب ويسزتولى علزى القيزادة القوميزة مسزتغلا غيزاب
القيادة الشرعية بحكم حل الحزب في سوريا ،واتضح إن هذا الاتجاه يهدف إلى ان
يحول الحزب إلى تنظيمات قطرية وقد لجأ إلى أسلوب المناورة والتزأمر بعيزدا عزن
أخلاقية الحزب ونظامه الداخلي ،الأمر الذي احدث وضعا مرتبكا في قواعد الحزب
وتنظيماتزه ،ممزا دعزا الأمزين العزام لزدعوة لجنزة تحضزيرية مزن تنظيمزات الحززب
للتحضير لمؤتمر قومي.
إن الميل الواضح لفؤاد ألركابي إلى جمال عبد الناصر وبالتنسيق مع عبد
الريماوي بخلاف الشرعية الحزبية التي يمثلها احمد ميشيل عفلق والذي حضر
المؤتمر القومي الثالث متحديا حل الحزب في سوريا ،فكان من نتائج المؤتمر
الثالث للحزب هو فصل عبد وكان هو أمين سر القيادة القطرية الأردنية عام
1696وعدد من الذين شكلوا معه ما سمي بالقيادة الثورية لحزب البعث العربي
الاشتراكي ،الذي اتهم بالتستر وراء أعضاء قيادات آخرين ،ومحاولته ان يعطي
لتحركه صيغة الاجتهاد وذلك بالابتعاد عن الحزب لصالح جمال عبد الناصر.
وفي العام 1693انعقد المؤتمر القومي الرابع والذي حضرته وفود من المنظمات
الحزبية في العراق علي السعدي وحازم جواد وعبد الستار الدوري وغيرهم ومن
بريطانيا عبد الجبار الشطب ومن لبنان جبران مجدلاني وخالد بشرطي ومن الاردن
سليمان حديدي وبهجت ابو غربية وكمال ناصر وغيرهم كثيرون ،وكان المؤتمر
على درجة كبيرة من النجاح ،والذي جمد فيه فؤاد الركابي أمين سر تنظيم الحزب
عن العمل الحزبي ،والذي كان متعاطفاً مع الريماوي وأكثر قرباً إلى الرئيس عبد
الناصر في خلافه مع الحزب ،وان من أهم التوصيات التي نسجلها في هذا البحث
هي التوصية الثانية الفقرة ( )3والتي نصها ( تطهير الحزب من العناصر الغريبة
الوافدة إليه نتيجة ضعف التنظيم القومي وضعف إستراتيجية العمل وغموض
الأسلوب في النضال السياسي مما خلق جوا مناسبا ،لبروز اتجاهات إقليمية ضارة
وإحلال المغامرات في العمل السياسي محل العمل الشعبي المنظم وإفساح المجال
5
لبعض القيادات الحزبية على إتباع أساليب مخالفة للأسلوب الشعبي الثوري ) ،
ملاحظ إن استخدام كلمة إقليمية المعني بها القطرية.
جاء الانشقاق الثالث عام ، 1692على إثر الانفصال بين مصر وسوريا التي
وصفها القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق بأن أخطر ما فيها هو "إنها تحقيق
للتجزئة أي جعلها حقيقة وحقاً".
لقد توزع أعضاء الحزب إلى ثلاث تيارات في تعاطيها مع الانفصال ،كان أبرز
أركان هذه التيارات هو التيار الثالث والذي كان على رأسه ميشيل عفلق مؤسس
البعث ويسانده تنظيم الحزب في العراق بقيادة علي صالح السعدي وحازم جواد
وطالب شبيب وتنظيم الحزب في الأردن وعلى رأسه منيف الرزاز وأمين شقير ،و
القياديين البارزين في لبنان كجبران مجدلاني وعبد المجيد الرافعي ،وخالد
البشرطي ود .علي جابر ،فقد رأى الانفصال مؤامرة استعمارية رجعية لا بد من
إسقاطها وإعادة الوحدة بين مصر وسوريا على أسس تستفيد من ثغرات التجربة
السابقة.
حسم المؤتمر القومي الخامس للحزب الذي انعقد في حمص في أيار/مايو ،1692
خيار الحزب حين انحاز إلى التيار الثالث والذي عبر عن موقفه بالنقاط التالية :
1ـ الوحدة العربية قضية شعبية ثورية ،وحزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب
للوحدة واداة للثورة.
2ـ لابد من محو عار الانفصال ،فتجديد وحدة مصر وسورية ،هو الهدف المباشر
لنضال الشعب العربي في جميع أقطاره.
3ـ لقد ارتكب الحكم الفردي أخطاء فادحة في التجربة الأولى للوحدة ،شوهت
العقيدة القومية وفككت القوى الشعبية الثورية ومهدت الجو لضربة الانفصال.
4ـ لا بد من وعي عميق لأخطاء التجربة الماضية ،لتقوم الوحدة من جديد على
أسس راسخة متينة .
9ـ الوحدة ليست إلحاق قطر بأخر ،بل هي انطلاق في طريق وحدة عربية شاملة
فلا بد من تعزيز دور الشعب العربي في سورية في القيادة والتوجيه.
9ـ تجديد الوحدة يوجب إطلاق حرية الشعب وتعزيز التنظيم الحزبي والنقابي
والمهني .
1ـ الحزب يطالب حكومة سورية ومصر بمباشرة الاتصال ورسم الخطوات لوضع
الوحدة موضع التنفيذ.
وعلى اثر قيام ثورة 14رمضان عام 1693قي العراق وثورة 1آذار في سوريا
انعقد المؤتمر القومي السادس في دمشق ما بين 9و 23تشرين الأول ، 1693كان
هذا المؤتمر عاصفا على المستوى النظري (المنطلقات النظرية للحزب ) وعلى
6
المستوى التنظيمي افرز تيارات تتجاذب الحزب والسلطة في العراق وسوريا والتي
تنعكس على واقع الحزب في كل الأقطار.
كان أعضاء الحزب في العراق موزعين على ثلاث تيارات:
أولها بقيادة علي صالح السعدي ،هو تيار الأغلبية من المدنيين ،وكان متحمساً
لتبني "الاشتراكية العلمية" هازئاً من فكر البعث وحديثه عن "اشتراكية عربية".
وثانيها بقيادة الثنائي حازم جواد وطالب شبيب والذي كان مدعوماً من مدنيين
وعسكريين معارضين لمسار السعدي ورفاقه ونهجه وأعمال الحرس القومي.
وثالثها :تيار بقيادة احمد حسن البكر وصدام حسين ،وما يمثله من ثقل عسكري
وسياسي ،وحذّر من مخاطر الصراع بين الجناحين على مستقبل الحزب والسلطة
في العراق ،وهو تحذير أثبتت الأحداث صحته بعد أسابيع على انعقاد المؤتمر ،حيث
تتالت تطورات أدت إلى فقدان حزب البعث السلطة في ،1693/11/11وهو لم
يحكم سوى تسعة أشهر وعشرة أيام ،ويقال أن تحذير صدام حسين المبكر لفت
الانتباه إليه ودفع القيادة القومية إلى تكليفه بإعادة بناء تنظيم البعث في العراق بعد
ذلك المؤتمر.
أما في سوريا فقد كان هناك أيضاً تيارات ثلاث:
أولهما يتمثل بعدد من أعضاء قيادة الحزب في سوريا ممن تحالفوا مع تيار
السعدي في العراق وعلى رأس هؤلاء كان السيد حمود الشوفي الذي كانت تربطه
علاقة وثيقة بحمدي عبد المجيد القيادي العراقي الذي كلفته القيادة القومية بعد
المؤتمر القومي الخامس في حمص عام 1694بإعادة بناء تنظيم الحزب في
سوريا.
ثانيهما يتمثل بما كان معروفاً باللجنة العسكرية البعثية التي تم تشكيلها من ضباط
بعثيين سوريين خدموا في مصر أيام الوحدة ،وكان من أبرزهم حافظ أسد ،صلاح
جديد ،محمد عمران.
التيار الثالث كان على رأسه القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق ومعه عدد من
البعثيين السوريين والعراقيين والعرب وخصوصاً من البعثيين اللبنانيين البارزين
من أعضاء القيادة القومية بالإضافة إلى بعثيين برزت أسماؤهم فيما بعد كليلى
بقسماطي ونقولا الفرزلي وجهاد كرم ود .حسن الشريف وآخرين.
وبعد ردة تشرين في العراق في 1693/11/1انفرط التحالف المعقود بين اللجنة
العسكرية البعثية في سوريا وبين تيار الذي سمي "اليسار" الذي كان يقوده علي
صالح السعدي ،وانعكس هذا الأمر مباشرة في انتخاب قيادة قطرية جديدة للحزب
في سوريا خرج منها عدد من أنصار السعدي في القيادة السابقة (الشوفي ،أبو
صالح ،نوفل) ،أصيب الحزب لقيادة لا في العراق فحسب بل في جميع أنحاء الوطن
العربي بنكسة ،الأمر الذي جعل من الصعوبة بمكان استمرار القيادة القومية في
أداء واجباتها إذ إن اثنان من أعضائها العراقيين جمدوا عمليا بسبب وجودهم في
7
العراق ،واثنان من الأعضاء الاردنين لم يشتركا بسبب الظروف القطرية ،ولان
الأعضاء العراقيين الثلاثة الآخرين ابعدوا عن سوريا والعراق ،تعطل دور القيادة
القومية بحكم تركيبتها مما ادى الى :
1ـ اختفاء التوجيه المركزي .
2ـ انعدام الاتصال بمنظمات الحزب .
3ـ عدم الانضباط الحزبي ،وقد تجلى ذلك في الاتصالات الجانبية وافشاء اسرار
حزبية وانعدام العلاقات الحبية الموضوعية .
4ـ حلول الاجتهادات الفردية محل الرأي الحزبي ،لعدم وجود من يعطي ذلك
الراي.
9ـ ارتباك الحكم والحزب في سوريا وخاصة إن بعض أعضاء القيادة القطرية
السورية قد تبنوا مسببي النكسة في العراق (الشوفي وجماعته) ،حيث كانوا
متكتلين معهم .
ومن هنا جاءت الضرورة الملحة لعقد المؤتمر القومي السابع ،وتمت الدعوة إلى
المؤتمر القومي السابع للحزب في شباط 1694الذي قاطعه السعدي ومؤيدوه ،
وعقد المؤتمر في دمشق ( 14ـ 11شباط )1694في جو متوتر ،ساهمت بعض
العناصر ،التي كان لها دور في نكسة العراق ،حاولت العناصر التخريبية العمل
لعرقلة عقد المؤتمر من خلال الاتصالات الجانبية وترويج الشائعات والأكاذيب ،
ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل ،وخاصة بعد أن اقر مندوبو منظمات الحزب
ضرورة عقد المؤتمر بأغلبية 12صوت مقابل 9أصوات وامتناع 2عن التصويت.
انعقد في دمشق في نيسان 1699المؤتمر القومي الثامن للحزب ،والذي تميّز
بالخلاف العميق الدائر بين القيادة التاريخية للبعث ممثلة بأمينه العام المؤسس
احمد ميشيل عفلق وبين القيادة القطرية في سوريا التي كانت تضم عدداً كبيراً من
العسكريين البعثيين أبرزهم رئيس الدولة الفريق أمين الحافظ ،اللواء صلاح جديد،
واللواء حافظ الأسد . ،نجم عن هذا الصراع انتخاب الدكتور منيف الرزاز (الأردن)
أميناً عاماً للحزب ،فيما اعتبر عفلق قائداً مؤسساً ،وقد اعتبر ذلك التغيير تسوية
بين الجناحية المتعارضين ،وهي تسوية لم تدم سوى 1أشهر أصدرت في نهايته
القيادة القومية قراراً بحل القيادة القطرية وتشكيل لجنة حزبية عليا للإشراف على
الحزب في سوريا ضمت الراحل صلاح البيطار ،وعمران والدكتور الياس فرح
والراحل فهمي العاشوري (وزير سابق) ،ود .عبد القادر النيال (اقتصادي شاب من
حلب) ،وت ّم تكليف البيطار بتشكيل حكومة كان اللواء عمران وزير الدفاع فيها.
بعد شهرين ويومين ( 23شباط )1699وبحركة عسكرية أطيح بالقيادة القومية
واللجنة الحزبية والحكومة ،وانشق الحزب داخل سوريا وخارجها إلى جناحين
أحدهما يعتبر نفسه متمسكاً بالشرعية الحزبية ورافضاً استخدام السلاح في ح ّل
الخلافات الحزبية ،وآخر مؤيد للحركة الجديدة باعتبارها تجديداً للحزب وتأكيداً
8
على خطه لذى سمي زورا "اليساري" بوجه خط اسموه "يميني" وأثبتت التجربة
انه اليسار الحقيق وتمثله القيادة القومية التي سجن معظم أعضائها بمن فيهم غير
السوريين ،جبران مجدلاني (لبناني) ،علي غنام (سعودي) ،بالإضافة إلى مسعود
الشابي (تونسي) ،كمال ناصر (فلسطيني) ،وآخرين ،وقد أيّد الحركة الانقلابية
اثنان من أعضاء القيادة القومية اللواء حافظ أسد الذي بات وزيراً للدفاع في
المرحلة الجديدة ،والطبيب الدكتور إبراهيم ماخوس الذي عيّن وزيراً للخارجية.
القيادة القطرية للبعث في لبنان أعلنت منذ اللحظة الأولى لحركة 23شباط التزامها
الشرعية الحزبية ورفضها استخدام السلاح ،وعقدت مؤتمراً قطرياً استثنائياً أ ّيد
موقفها ،فاغتنمت السلطة اللبنانية هذا الخلاف وقامت باعتقال عدد من أعضاء
قيادة الحزب وأصدقائه أبرزهم الخليل والرافعي والأمين والمهندس نقولا الفرزلي،
والسيد جو فارس.
أما حزب البعث في لبنان فقد لعب دوراً بارزاً في تح ّمل أعباء الحزب القومية بعد
سقوط حكم البعث في سوريا ،فاستقبل عدداً من قادة الحزب في سوريا المتوارين
عن الأنظار بينهم عفلق والياس فرح ،ثم البيطار والأمين والعيسمي ،ود .مسعود
الشابي (تونس) ،والراحل محمد سليمان ،خليفة ألتعايشي (السودان) ،كما شكلت
قيادته مع قيادة الحزب في العراق (قبل تسلّمه السلطة ومنظمات حزبية أخرى لجنة
تحضيرية للمؤتمر القومي التاسع الذي انعقد فيما بعد في شباط/فبراير .1691
9
(الانشقاق والتمرد بعد )2333
في أوائل عام ،2331حضرت باصات نقل الركاب من سعة 43راكب مظللة إلى
محلة السيدة زينب ومخيم اليرموك في سوريا لتدعو البعض من أعضاء الحزب من
الذين تركوا العراق بعد احتلاله عام 2333والذين فقدوا الاتصال بمرجعيتهم
الحزبية إلى حضور اجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي يحضره
الرفيق الأمين العام للحزب ،بدأ البعض منهم بالتساؤل عن من الذي يقود الباصات
ومن الذي يحرسها ؟ لكنهم لم يتوصلوا إلى جواب لان الخوف من أن تسلمهم
المخابرات السورية إلى العراق وارد ،ترجل الرفاق ليدخلوا قاعة وكان عددهم
يناهز 193عضو في الحزب ،التفت البعض منهم إلى الأبواب التي اغلقت وإذ
بحشد من المخابرات السورية واقف للحراسة ،نظر الحضور إلى من يجلس على
المنصة فلم يجدوا الرفيق عزة الدوري بل وجدوا محمد يونس الأحمد جالسا ،سال
احدهم أين الرفيق الأمين العام ،جاء الجواب ( هذا مؤتمر قطري استثنائي لحزب
البعث العربي الاشتراكي يتزعمه عضو القيادة القطرية للحزب الرفيق محمد يونس
الأحمد ،الرفيق الأمين العام لم يحضر ) ،اعترض البعض بقوة استنادا للنظام
الداخلي للحزب قائلين (يجب حضور ثلثي أعضاء القيادة القطرية) واعترض
البعض الأخر بهدوء خوفا من المخابرات السورية الذين منعوهم من الخروج هذا
ما ذكره لي شخصيا عضو فرع في الحزب كان من الحاضرين .
كان هذا الانشقاق ألمخابراتي السوري بامتياز والذي تم الإعلان عنه في
فبراير/شباط ،2331أي بعد عدة أسابيع من إعدام الرفيق صدام حسين .وروجت
أجهزت الإعلام المعادية أن المئات من البعثيين القياديين عقدوا مؤتمرا استمر
لثلاثة أيام في سوريا ،وأعلنوا تشكيل قيادة قطرية بزعامة محمد يونس الأحمد .
اتخذت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي قرارا فوريا بفصل 193
عضواً بينهم محمد يونس الأحمد ومزهر مطني عواد ,وغزوان الكبيسي ،وعزت
القيادة القومية القرار إلى عقد اجتماع في سوريا لهذه المجموعة تحت اسم مؤتمر
القيادة القطرية دون موافقة القيادة القومية.
وذكرالناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي آنذاك الدكتور خضير
المرشدي للجزيرة نت إن (عودة الغالبية في جناح يونس الأحمد إلى حضن القيادة
الشرعية بقيادة الرفيق عزة الدوري تؤكد صحة موقف الحزب من انشقاق الأحمد،
وقد تأكد لدينا أن %63من الذين التحقوا مع يونس الأحمد قرروا العودة للقيادة
الشرعية ،وخصوصاً الخط الأول ،حيث عاد ثمانية من أعضاء ما أطلق عليهم
تسمية أعضاء القيادة القطرية في جناح يونس الأحمد من مجموع 11عضوا ).
11
ومن الذين عادوا إلى الشرعية غزوان الكبيسي والذي تحدث عن قرار عودته إلى
الجزيرة نيت قائلا (اتخذنا قرارنا هذا بالعودة إلى القيادة الحقيقية والشرعية
للحزب ،لأننا وصلنا إلى حالة يرثى لها وواجهنا الكثير من التضليل والأكاذيب) ،
وأضاف:
(أعلن انسحابي الكامل والنهائي والقطعي من ما يُسمى تنظيم المؤتمر القطري
الاستثنائي للحزب ،فهو غير شرعي وغير نظامي ،وأعلن تبرئي من ذلك وبمعيتي
الأكثرية من قيادات وكوادر هذا التنظيم لإيماننا الراسخ بأن وجود واستمرار هذا
الهيكل التنظيمي يشكل ردة وانتكاسة في العمل النضالي وشرخا في العمل الوطني).
وأكد على أنه أجرى لقاءات واتصالات مع الرفاق في حزب البعث العربي
الاشتراكي قبل أن يتخذ قراره هذا مع بقية العائدين إلى شرعية الحزب ،الذين
وصف عددهم بالكبير من القيادات والكوادر .وعن موقف وردود أفعال الأحمد يقول
إنه (لم يكن تفاجئا من قرارنا هذا).
وجه غزوان الكبيسي رسالة إلى الرفيق الأمين العام للحزب عزة الدوري حال
حصول موافقة قيادة الحزب الشرعية على عودتهم يقول فيها :
(التنظيم الذي انضممنا إليه يشكل خروجا على شروط الانضباط الحزبي وتقاليد
الحزب ونظامه ودستوره ،لكن الذي حصل إنما كان بسبب تلك الفترة الضبابية
والمعقدة والمظلمة التي أفرزها الاحتلال الأميركي للعراق منذ عام 2333وكانت
لها تداعياتها في نفوس الكثيرين والتشويش على عقولهم ورؤيتهم.
و أن تلك الفترة تزامنت مع حالة استشهاد الرفيق القائد الرئيس الشهيد صدام
حسين رحمه ،الذي تم اغتياله على أيدي الاحتلال وأقطاب عمليته السياسية يوم
31ديسمبر/كانون الأول ،2339والخطابات المبهمة والرنانة والمضللة التي
رافقت ذلك الحدث الجلل من قبل البعض ممن هيأ لعقد ذلك المؤتمر غير الشرعي،
وحدث الذي حدث ).
في شباط 2314ظهر شريط مسجل بث من خلال شبكة التواصل الاجتماعي عازفا
على وتر الطائفية المقيتة والمناطقية ،يلاحظ المراقب المحايد أن الذي يتكلم فيه
قد فقد التوازن وان هناك تناقض حاد في أطروحاته وقد نسب هذا الشريط إلى عبد
الباقي السعدون والذي قال فيه إن :
(اجتماعين لقيادة القطر عقدا ،وتم خلالهما انتخابه أميناً عاماً للحزب في تسع
محافظات في جنوب العراق ومنطقة الفرات بدلاً من عزة الدوري) ،واتّهم الأمين
العام للحزب بأنه (كان السبب في الويلات التي م ّر بها العراق إبان تولّي البعث
السلطة ،وكان المح ّرض الرئيسي للحرب على الكويت ،ثم عاد بعد ذلك ليعلن
ندمه).
11
وقال أن (الدوري بعث برسالة إلى رئيس الوزراء (السابق) نوري المالكي ،يطلب
فيها إجراء حوار مع الحكومة ،غير أن الأخير رفض طلبه ،فضل ًا عن محاباته
بعض البعثيين في صلاح الدين على حساب غيرهم).
وأعلن أن (تنظيمات الحزب بعدما انتخبته قائداً جديداً بدلاً من الدوري ،ستعيد
تشكيلاتها الحزبية مرة أخرى ،وستدعم المجالس العسكرية والفصائل الجهادية
والإسلامية في الأنبار) .وأنهى خطابه بصفته الجديدة (قائد فصائل الجهاد لتحرير
العراق).
وبالإضافة إلى عدم التوازن والتناقض في هذا التسجيل فان هذا التصرف خروجا
على شروط الانضباط الحزبي وتقاليد الحزب ونظامه ودستوره ،وانه تزيف
وتحريف للحقائق والتصيد في الماء العكر وتشويه لانبل ظاهرة ثورية بعد الاحتلال
الأمريكي وهي قيادة الرفيق الأمين العام للحزب عزة الدوري القائد الاعلى للجهاد
والتحرير والحامي لوحدة الحزب التنظيمية.
ويقال انه وبعد أقل من شهرين ،انض ّم محمد يونس الأحمد المنش ّق ،إلى قيادة
السعدون ،ودمج التنظيمان معاً في مواجهة الشرعية الحزبية المتمثلة بالأمين العام
والقيادة القومية للحزب .وفي خطوة تنم عن الإفلاس ومحاولة التمسح بالشرعية
،نعى السعدون نائب رئيس الوزراء الرفيق طارق عزيز ،بتوقيع (الرفيق المقاتل
عبدالباقي عبدالكريم السعدون ،أمين سر قيادة العراق الشرعية لحزب البعث
العربي الاشتراكي ،قائد الفصائل الجهادية لتحرير العراق(.
ومن المفارقات إن السعدون وفي برنامج بثته قناة العراقية الإخبارية يقول ،أن
(حزب البعث العربي الاشتراكي يضم 92فصيلا مقاوما تحت مسميات مختلفة
تتواجد في محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى وكركوك ،تحت قيادة
الرفيق الأمين العام عزة الدوري ،فإذا كان الأمر كذلك فهل يستحق القائد انشقاقك
عليه وبهذه الطريقة الفجة ؟
وكان السعدون قد بعث برسالة إلى الرفيق عبد المجيد الرافعي عضو القيادة
القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي نهاية عام ، 2313يكيل فيها الاتهامات
إلى الأمين العام ،ونشر أجزاء من هذه الرسالة بكل ما حفلت بالمئات من الأخطاء
الإملائية والتعبيرية على وسائل التواصل الاجتماعي وهي دليل أخر على الإفلاس
و تشكل خروجا على شروط الانضباط الحزبي وتقاليد الحزب ونظامه ودستوره.
إن ظاهرة الأحمد المخابراتية والسعدون الخيانية لا تعدو أن تكون أكثر من زوبعة
في فنجان مرت ومن الممكن أن تمر في مسيرة الحزب النضالية والثورية وعلينا
التوقف عندها من اجل دراسة الدروس المستنبطة منها وان يطلع عليها رفاقنا في
الحزب ،إنها اقل أهمية من انشقاق الريماوي والركابي والسعدي والانشقاقات في
سوريا لكنها تبقى انشقاق وعلينا واجب دراسته والوقوف عنده.
12
مقالات منشورة لها علاقة بالتمرد والانشقاق
التدرج في العمل الوظيفي والعسكري و الحزبي
بسم رلا هللا
( إِ َّن َر َّب ُك ُم اََّّللُ ا َلّ ِذي َخ َل َق ال َّس َما َوا ِت َواْألَ أر َض فِي ِستَّ ِة أَ َيّا ٍم ثُ َّم ا أستَ َو ٰى َعلَى ا أل َع أر ِش
يُ أغ ِشي اللَّ أي َل ال َنّ َها َر يَ أطلُبُهُ َح ِثيثًا َوال َّش أم َس َوا أل َق َم َر َوالنُّ ُجو َم ُم َس َّخ َرا ٍت ِبأَ أم ِر ِه ۗ أَ َل َلهُ
ا أل َخ أل ُق َوا أْلَ أم ُر ۗ تَبَا َر َك اََّّللُ َر ُّب ا ألعَالَ ِمي َن)سورة اْلعراف ،اية45
صدق الله العظيم
أن لدى بعض اْلشخاص القدرة على تولي القيادة فطرياً وبصورة تلقائية ،إل أن
للقيادة القوية مهارات وصفات يحتاج من يريد أن يكون من أهلها مزيدا من بذل
الجهد والمران والعمل الشاق المستديم .أن هذه القدرات والسلوكيات هي ما تبحث
عنه اْلمة بعمومها والمنظمات واْلحزاب بخصوصها ،ولن تفرط فيمن ُوجدت
فيه ،وسيكون موضع رغبة ومطلبا للجميع ،وهذه رسالة واضحة للجميع ،
فعليهم أن يتأملوها ،ولتكن نصب أعينهم ،وليحاولوا تطبيقها والتصاف بها
والتدرب عليها ..فما أحوجنا إلى القائد الناجح.
الإبداع في أي عمل يأتي عبر الموهبة الفطرية يضاف لها الحرفة والحرفة
تكتسب بالتعلم والنضال والزمن ،ل يمكنها أن تأتي بطريقة القفز على المراحل ،
الآية الكريمة واضحة مع علمنا إن الله جلت قدرته أذا أراد شي يقل له كن فيكون
،لكنه يعطي حكمة للبشر ،فالطبيب والمهندس والمحامي والميكانيكي والنجار
وكل الإعمال ل تأتي من فراغ بل جاءت نتيجة عمل مضني في التعلم والتدريب
وهذا اْلمر ينطبق على العمل في المجال السياسي والحزبي ،تولي القيادة فطريا
شيء وان تكون قائد مبدع و ناجح شيء أخر ،أن يأتي ص من الناس ليوزع
الدرجات الحزبية في سلم القيادة وحسب أهوائه الشخصية أو لبناء هيكلية معينة
وْلهداف ل يعلم بها إل الله ستكون لها انعكاسات كارثية على الحزب الذي ينتمي
إليه.
13
كلنا يعرف إن التدرج في العمل الوظيفي يخضع لضوابط وشروط قاسية لذلك
نسمع بدورات تطوير العمل الوظيفي وفي المجال العسكري هناك دورات للضباط
ومنها ما تعطى في كلية القيادة وكلية اْلركان وجامعة البكر وجامعة ناصر
ودراسة السانتيرز في بريطانية للضباط العرب ومن يجتاز هذه الدورات يمنح
استحقاقه ،اْلمر نفسه في حياتنا الحزبية قبل الحتلال منهاج المؤيدين واْلنصار
ودورات اْلعضاء ومدرسة الإعداد الحزبي معروفة للجميع .لذا بودي أن أدون
البعض من المعاييرعلى المستوى الشخصي الفردي والقيادي والتي أتمنى
مراعاتها في التدرج الحزبي ولن البتعاد عن هذه المعايير سيقود مع الزمن إلى
ما ل يحمد عقباه كما يقولون .
النجاح والتقدم في العمل السياسي والحزبي على وجه الخصوص من أكثر اْلشياء
التي يطمح لها أي إنسان ،لكن هناك شروط لذلك ،فإما الشروط فتنقسم إلى
قسمين ،القسم اْلول هو عمل الإنسان مع نفسه والقسم الثاني ما يراه الناس في
هذا الإنسان.
القسم اْلول هو :
1ـ الثقة في النفس ،كن دائما على ثقة تامة بما تقوم به .لكن ل تكن مغرورا
وتعلم من الآخرين.
2ـ تحرك وتعرف كل ما يجري لكن ل تشغل نفسك بأمور ل تهمك.
3ـ كن جزء من الحل في أي مشكلة أو أزمة ولتكن جزء من المشكلة .
5ـ كن عضوا أكثر إنتاجا في فريق العمل.
4ـ فرق بين العلاقات الشخصية وعلاقات العمل ول تجعلهما يتداخلان.
6ـ فكر جيدا في ما تريد تحقيقه في حياتك العملية ،وفي كيفية بلوغك الهدف
بالتدريج ،تحت شعار :خطوة وخطوة.
7ـ اجمع الخبرات وخض التجارب وتعلم أشياء جديدة وطور نفسك على الدوام.
فبذلك ثقة الناس وتقديرهم بسرعة.
8ـ من المهم وجود مرشد خبير إلى جانبك يساندك بالمشورة ويرافقك بالمساعدة
في طريقك ،شخص ناجح يتمتع بقدر كبير من الخبرة والتجربة.
9ـ التطور المستمر بثبات يتطلب منك النقد الذاتي والستماع دائما إلى انتقادات
الآخرين وتقبلها والتفكير فيها وأخذها في عين العتبار.
14
القسم الثاني هو :
1ـ خلق جو من الثقة والأمانة وحسن الخلق والقدرة على التعامل مع الآخرين،
وعدم توجيه النقد في غياب المنتقد ! والاعتراف بالخطأ بصراحة ،والحرص
الدائم على أن تكون الكلمات والتصرفات متوافقة طوال الوقت.
2ـ مستمع جيد ومناضل من اجل الوصول إلى درجة الكمال .
3ـ تقدير قيمة الآخرين وآراءهم واشعاهم بأنهم مهمون ،من خلال الثناء على
الآخرين عندما يكون الثناء مطلوباً وفي محله ،والاهتمام بإعطاء الوقت الكافي
عند القيام بمدح شخص ما ،والحرص على أن تكون الانتقادات مختصرة ومحددة،
بل وتقديم بعض الاقتراحات القوية حول كيفية التحسين.
9ـ الاستعداد التام لخدمة الآخرين ،فالإنسان الجيد يجب أن يكون في خدمة
الآخرين ،بل ويكثر من اعتناق واستخدام كلمات التعاون ،والمساعدة ،والعمل
الجماعي ،وغيرها من الكلمات التي تعكس بدقة أكثر طبيعته نحو الآخرين.
1ـ معلم ومتحدث بارع ،ولذلك يتفق كثير من الناس على أن الإنسان الجيد يجب
أن يكون قادراً على أن يعلم ويدرب ،وأن يكون ناصحاً لزملائه .فالبشر ذوو
الفعالية لا يقومون باختزان المعلومات ،لأنهم يعلمون تمام العلم أن المعرفة لا
تصبح قوة إلا إذا تم تقاسمها مع الأشخاص الآخرين الذين يمكنهم أن يقوموا بتنفيذ
الرؤية التي تمثلها هذه المعرفة.
1ـ بناء علاقات اجتماعية قوية..القدرة على كيفية بناء هذه العلاقات بين أفراد
الفريق ،مع الحفاظ عليها في الوقت نفسه ،والتفهم الجيد لأهمية ذلك ،لذلك فمن
المصطلحات المهمة اليوم هو مصطلح ''العمل الجماعي'' الذي يتطلب جهداً خارقاً
في بناء علاقات اجتماعية قوية بين أفراد الفريق.
6ـ المرونة ..بينما يناضل الإنسان يتعرض إلى كبوة هنا أو هناك فلا يجد اليأس
طريقاً إلى قلب الإنسان المرن أبداً ،فهو ينهض من عثراته ويستعيد توازنه إذا
فشل ،ولا يتردد في إعادة المحاولة حتى ينجح.
15
مؤهلات القائد الحزبي
-1أن يملك قابلية إعطاء القرارات الصحيحة .القرار الصائب الذكي
والسريع المتخذ في وقته المناسب تماماً هو ما يميزه عن الآخرين في مثل
هذه الأوقات بقابليته على اتخاذ القرار السريع الذكي والصائب.
-2على أن يملك شجاعة فطرية ..من لم يكن شجاعاً لا يمكن أن يكون قائدا
،فعلى القائد أن يكون شجاعاً رابط الجأش قوي القلب.
-3القائد رجل الإرادة التي لا تلين ،فليس من الممكن له الرجوع عن قراره
ولا تبديل إيمانه وعقيدته ولا إعطاء أي تنازل عنها ،فالأمل صديقه الذي لا
يفارقه ،أما اليأس فعدوه الكبير الذي لا يقربه حتى في الأحلام ،فالعراقيل
الموجودة أمامه مهما كانت كبيرة لا تثنيه عن عزمه ولا تضعف من إرادته،
فهو يملك قوة معنوية وروحية يغلب بها اليأس ،وإلا فكيف يكون
باستطاعته جذب الجماهير خلفه؟
-4القائد شخص يدرك مسؤولياته إدراكاً جيداً ،وشعور المسؤولية هذا
جزء لا يتجزأ من كيانه ،فلو تفرق عنه جميع من حوله واحداً إثر واحد فهو
يبقى مستعداً لتحمل التبعات الثقيلة لدعوته حتى النهاية وإن أصبح وحيداً.
أجل ،هذا هو مقدار شعوره بالمسؤولية ،وليس هناك أمر أو عائق يستطيع
إضعاف هذا الشعور الذي يتحول عنده إلى قناعة فكرية ثابتة.
-9على القائد أن يكون بعيد النظرة يتجاوز زمنه ،ويكتشف مسار الحوادث
المستقبلية بحدسه وبفكره الثاقب ويراها مثلما رأى الأحداث الماضية
ويعطي أحكامه وقراراته على هذا الأساس.
-9على القائد أن يكون إنساناً مستقراً من الناحية النفسية لا يتأثر ولا يغير
وضعه تحت تأثير أي حادثة ،فلا يغره أروع النجاحات ولا يغيره أكبر
الانتصارات ،وعندما يواجهه الفشل يقوم بحماسية نفسه.
16
-1القائد شخص يعرف التقييم الجيد للأفراد ،ويعرف أكثر من غيره نوعية
الأفراد الموجودين تحت قيادته ،ويعرف أين يستعمل ومن يستعمل منهم
وفي تحقيق أي هدف .والشخص الذي لا يعرف توزيع الأعمال حسب
القابليات ،ولا يسجل نجاحاً في هذا الأمر لا يستطيع أن يكون ليس فقط قائداً
بل حتى إدارياً جيداً.
-1القائد هو الشخص الذي يحب رفاق مسيرته بحيث أن كل فرد منهم
يشعر أنه أقرب إلى قلبه من الآخرين ،وهو الشخص الذي تقابله رعيته
أيضا بالحب ..ثقته بالرعية وثقة رعيته به تامة.
-6القائد شخص له جوانب عديدة وميزات كثيرة ،واستطاع التميز في
مجتمعه في كل جانب من هذه الجوانب ،ولا يمكن لأحد أن يجد أي عيب في
تصرفاته وسلوكه ،وكلما دققت جوانبه المختلفة تبين هذا الأمر أكثر فأكثر.
17
إنا ربكم اْلعلى
د ـ فالح حسن شمخي
الحديث ليس عن اْلنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام ول عن السلف
الصالح رضوان الله عليهم ول عن البشر الذين عاشوا ويعيشون في العصر
الحديث والذين وهبهم الله جلت قدرته موهبة القيادة والحب والتسامح والتسامي
والتطلع إلى القيم العليا ووهبهم الكاريزمية التي توحد وتلم الشمل ،فهؤلء
منزهين عن الإغراض التي يتهافت عليها غيرهم من البشر وخاصة في العمل
السياسي ،وهؤلء يبقون رموزا حية حتى وان أدركهم ويدركهم الموت ْلنهم
يبقون رموزا أحياء في القلوب جراء مقدموه وفعلوه وهم أسوة حسنة .
السؤال ليس افتراءا أو (جلدا للذات) أو إساءة لمن يعمل في المجال السياسي ،
بل هو رصد لحالة التسلط والتمسك بالمواقع في أحزابنا السياسية وحركاتنا حتى
الثورية منها .حيث اتصفت حالة اْلحزاب في عالمنا الثالث بحالتين من النادر أن
تجدها لها مثيلا في أوربا ،هاتان الحالتان ينتجان حالة واحدة وهي التمسك
بالموقع القيادي من (المهد إلى اللحد) ،غير عابئين بان الحياة فانية وان العمر
قصير وان الإنسان فسيولوجيا محتاج لفسح المجال أمام غيره من اللذين
يصغرونه عمرا.
يأتي البعض للموقع القيادي صدفة بالتعيين ونتيجة لظرف موضوعي أو ذاتي
يمر فيه الحزب والحركة ثم التمسك بموقعه وهذا التمسك عادة ما يترافق مع
الكذب والمبالغة المناكفة والتأمر والتزوير والسلوك الوصولي ...الخ في حين أ ّن
غالبية اْلحزاب والحركات السياسية في الدول اْلوربية تحتكم إلى نظامها الداخلي
وديمقراطيتها في انتخاب قياداتها.
والسؤال المنطقي هو :هل حقيقة أ ّن التمسك بالموقع وما يصاحب ذلك من سلوك
مشين مسألة مغروسة في جينات البعض من البشر ،خاصة أ ّن الحالت التي
نعرفها ول يريد البعض من الخيرين الحديث عنها و فتح ملفاتها ويطلقون عليها
في التأريخ العربي (المسكوت عليه)..أي اسكت ل تكتب ول تشير إلى الخطأ ابتعد
عن نشر غسيل وسخ!!!
18
صراع القديم و الجديد وتهمة اْلجندة (الميتافيزيقية)
د ـ فالح حسن شمخي
يعتبر الصراع جوهر العمل السياسي ،وبدون الصراع تتحجر العقول وتتقوقع
وبالتالي تتحول اْلحزاب والحركات إلى أسماء ل معنى لها ،والصراع غالبا ما
يكون بين العادات والسلوكيات البالية والتطلعات لما هو جديد لم يألفه القديم،
والصراع داخل اْلحزاب والحركات السياسية هو تعبير عن الرغبات والغرائز ,
فهي المحرك اْلول للأفراد الذين دخلوا لهذه اْلحزاب لغرض في نفس يعقوب كما
يقولون ،وهي المحفز الرئيسي لبلوغ اْلماني واْلحلام المرتقبة ومن الطبيعي
جدا أن يكون بطل هذه الرغبات والغرائز لديهم هو السلطة والمال وهذه حقيقة
يقرها المتمسك بالقديم بداخلة قبل أن يقرها العلم.
ولن الإنسان مخلوق نمطي يكون للتكرار دور كبير في حياته فهو دائما في حالة
من الترقب للقادم الجديد ليدخل معه في صراع جديد ,يبدأ بسيطا ثم يأخذ
بالشتداد شيئا فشيئا حتى يتمكن هذا القديم من السيطرة ويبدأ من جديد هو
بالترقب وهكذا فلا اْلفراد يستطيعون أن يتركون أنماطهم وسلوكياتهم ول الجديد
يتخلى عن رغبته بكل ما هو جديد ومثمر ومجدي وبالنتيجة حراك وصراع مستمر
،مع الختلاف باْلسلحة المستخدمة فالجديد سلاحه الحق والحقيقة والقديم العاجز
عن الرد بالحجة والقرينة والبرهان سلاحه الباطل في توجيه التهم جزافا وهي
اسطوانة مشروخة عرفتها البشرية منذ القدم (أجندة خارجية) ،وسلاحه الثاني
خلط اْلوراق وطمس الحقيقة واتهام الجديد والمجدد بالغباء والمثل العربي يقول
(الإناء ينضح ما فيه).
فبالرغم من التحولت السياسية والجتماعية والفكرية التي حدثت بعد احتلال
العراق وما شهده الوطن العربي من تداعيات ،لم يحدث تطور في سلوكيات
وعادات البعض من الذي يحارب كل ما هو جيد بما يتناسب مع هذه التحولت ،
فهل هم بحاجة إلى انقضاء وقت طويل ليدركوا الواقع ويتخلوا عن أبراجهم
العاجية والتخلص من النظرة الفوقية؟؟؟
21
إن ما يحدث ألن وبكل شفافية وصدق هو صراع بين أفكار جديدة للتطوير بما
يتناسب مع الواقع المعاش وأخرى تقليدية تعيش أحلام اليقظة ،ومن يريد أن
يبقى قديما وتقليديا ويعتمد حياتا داخلية تعتمد المحسوبية والمنسوبية والتزوير
والكذب وانأ ربكم اْلعلى ،ومن يريد حياة داخلية تعتمد المبادئ والقيم والمثل
العليا التي نادى بها سلفنا الصالح في العصر الحديث ،حياة يتساوى فيها
أصحاب المعتقدات دون أن يؤثر أي منها على الحياة الداخلية للحزب أو الحركة .
إن هذا الجديد في الواقع لم ينتج عبثا أو فجأة ،وإنما نتيجة تجربة وصراع بعد
الحتلال والتهجير ألقسري والقتل والتشريد ،أما القديم فيتشبث أكثر بالحياة
الداخلية المحافظة ،كلما أعلن الجديد عن نفسه ،ينذرهم أصحاب النفوس
المريضة بأن مخالفة القديم انتهاك للتقاليد الموروثة .وشاء القديم أو ل فإن
الجديد ل بد أن يعاود الظهور حتى يشتد شيئا فشيئا مع حركة التاريخ وتطوراته
الواقعية المادية والفكرية ويبقى القديم شيئا في مخيلة التاريخ .وهؤلء
المحافظون على القديم ونتيجة فراغهم الفكري والنفسي يجدون في اتهام
الآخرين (بالغباء واْلجندة الخارجية) خاسئين سلاحاً مخيفا يسلطونه على رؤوس
أنصار الجديدْ .لن أصحاب هذه القديم ظلوا فترة طويلة هم المرجع في الحكم
على الآخرين استنادا إلى ما تمليه عليهم نوازعهم وغرائزهم المريضة.
22
25