التفسير المي َّسر gسrوoر.ة xاeلlناpسwww.Qurancom
1
التفسير المي َّسر سسوورةرة ايلنواسسف
سورة يوسف
الر تِْل َك آََي ُت الْ ِكتَا ِب الْ ُمبِيِن ( )1
(الر) سبق الكلام على الحروف المق َطّعة في أول سورة البقرة.
هذه آَيت الكتاب البِِين الواضح في معانيه وحلاله وحرامه
وهداه.
إَِّن أَنَْزلْنَاهُ قُْرآَّان َعَربًِيّا لََعَلّ ُك ْم تَ ْعِقلُو َن ( )2
إَّن أنزلنا هذا القرآن بلغة العرب ,لعلكم -أيها العرب-
تعقلون معانيه وتفهمونها ,وتعملون بهديه.
2
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
َْ ن ُن نَُق ُّص َعلَْي َك أَ ْح َس َن الَْق َص ِص ِبَا أَْو َحْينَا إِلَْي َك َه َذا
الُْقْرآ َن َوإِ ْن ُكْن َت ِم ْن قَْبِلِه لَِم َن الْغَافِِليَن ( )3
َنن نق ُّص عليك -أيها الرسول -أحسن القصص بوحينا إليك
هذا القرآن ,وإن كنت قبل إنزاله عليك لمن الغافلين عن هذه
الأخبار ,لا تدري عنها شيئاا.
إِ ْذ قَ ا َل يُو ُس ُف لأبِي ِه ََي أَبَ ِت إِِِ َرأَيْ ُت أَ َح َد َع َ َر
َكْوَكباا َوال َّ ْم َس َوالَْق َمَر َرأَيْتُ ُه ْم ِِل َسا ِج ِدي َن ( )4
اذكر -أيها الرسول -لقومك قول يوسف لأبيه :إ رأيت في
المنام أحد ع ر كوكباا ,وال مس والقمر رأيتهم ِل ساجدين.
فكانت هذه الرؤَي ب رى لَِما وصل إليه يوسف عليه السلام من
علِِو المنزلة في الدنيا والآخرة.
3
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
قَ ا َل ََي بُ ََّص لا تَ ْق ُص ْص ُرْؤََي َك َعلَ ى إِ ْخَوتِ َك فَيَ ِكي ُدوا
لَ َك َكْي ادا إِ َّن ال َّْيطَا َن لِلإنْ َسا ِن َع ُدٌّو ُمبِيٌن ( )5
قال يعقوب لابنه يوسفَ :ي بص لا تذكر لإخوتك هذه الرؤَي
فيحسدوك ,ويعادوك ,ويحتالوا في إهلاكك ,إن ال يطان للإنسان
عدو ظاهر العداوة.
َ وَك َذلِ َك َْيتَبِي َك َرُبّ َك َويَُعلِِ ُم َك ِم ْن ََتْ ِوي ِل الأ َحا ِدي ِث َويُتِ ُّم
نِْع َمتَهُ َعلَْي َك َو َعلَى آ ِل يَ ْعُقو َب َك َما أَََتَّها َعلَى أَبََويْ َك ِم ْن قَْب ُل
إِبَْرا ِهي َم َوإِ ْس َحا َق إِ َّن َرَبّ َك َعِلي ٌم َح ِكي ٌم ( )6
وكما أراك ربك هذه الرؤَي فكذلك يصطفيك ويعلمك تفسير
ما يراه الناس في منامهم من الرؤى مما تؤول إليه واقاعا ,ويتم نعمته
عليك وعلى آل يعقوب بالنبوة والرسالة ,كما أَتها من قبل على
4
التفسير المي َّسر سسوورة ياولنساسف
أبويك إبراهيم وإسحاق بالنبوة والرسالة .إن ربك عليم ِبن
يصطفيه من عباده ,حكيم في تدبير أمور خلقه.
لََق ْد َكا َن ِفي يُو ُس َف َوإِ ْخَوتِِه آََي ٌت لِل َّسائِِليَن ( )7
لقد كان في قصة يوسف وإخوته عبر وأدلة تدل على قدرة الله
وحكمته لمن يسأل عن أخبارهم ,ويرغب في معرفتها.
إِ ْذ قَالُوا لَيُو ُس ُف َوأَ ُخوهُ أَ َح ُّب إَِل أَبِينَا ِمَنّا َوَْن ُن عُ ْصبَةٌ إِ َّن
أَبَاََّن لَِفي َضلا ٍل ُمبِيٍن ( )8
إذ قال إخوة يوسف من أبيه فيما بينهم :إن يوسف وأخاه
ال قيق أحب إَل أبينا منا ,يف ِِضلهما علينا ,وَنن جماعة ذوو
عدد ,إن أباَّن لفي خطأ بِِين حيث ف َّضلهما علينا من غير موجب
نراه.
5
التفسير المي َّسر سسووررةة ي اولنساسف
اقْتُلُوا يُو ُس َف أَِو اطَْر ُحوهُ أَْر اضا َيْ ُل لَ ُك ْم َو ْجهُ أَبِي ُك ْم َوتَ ُكونُوا
ِم ْن بَ ْع ِدِه قَ ْواما َصالِحِيَن ( )9
اقتلوا يوسف أو ألقوا به في أرض مجهولة بعيدة عن العُمران
َيلُص لكم حب أبيكم وإقباله عليكم ,ولا يلتفت عنكم إَل
غيركم ,وتكونوا ِم ْن بعد قَْتل يوسف أو إبعاده تائبين إَل الله,
مستغفرين له من بعد ذنبكم.
قَ ا َل قَائِ ٌل ِم ْن ُه ْم لا تَ ْقتُلُ وا يُو ُس َف َوأَلُْق وهُ ِفي غَيَابَ ِة
اْْلُ ِِب يَْلتَِقطْهُ بَ ْع ُض ال َّسَيّاَرِة إِ ْن ُكْنتُ ْم فَا ِعِليَن ( )10
قال قائل من إخوة يوسف :لا تقتلوا يوسف وألقوه في جوف
البئر يلتقطه بعض الماَّرة من المسافرين فتستريحوا منه ,ولا حاجة
إَل قتله ,إنكنتم عازمين على فعل ما تقولون.
6
التفسير المي َّسر سوسروةرةيوالسنافس
قَالُوا ََي أَبَاََّن َما لَ َك لا ََتَْمَنّا َعلَى يُو ُس َف َوإَِّن لَهُ لَنَا ِص ُحو َن
( )11
قال إخوة يوسف -بعد اتفاقهم على إبعادهَ :-ي أباَّن ما لك
لا تجعلنا أمناء على يوسف مع أنه أخوَّن ,وَنن نريد له الخير
ون فق عليه ونرعاه ,ونخصه بخالص النصح؟
أَْرِسْلهُ َمَعنَا غَ ادا يَْرتَ ْع َويَْلَع ْب َوإَِّن لَهُ لَحَافِظُو َن ( )12
أرسله معنا غ ادا عندما نخرج إَل مراعينا يَ ْس َع وين ط ويفرح,
ويلعب بالاستباق وَنوه من اللعب المباح ,وإَّن لحافظون له من
كل ما تخاف عليه.
7
التفسير المي َّسر سوسرةورةاليناوسسف
قَا َل إِِِ لَيَ ْحُزنُِص أَ ْن تَ ْذ َهبُوا بِِه َوأَ َخا ُف أَ ْن ََيْ ُكلَهُ ال ِِذئْ ُب
َوأَنْتُ ْم َعْنهُ غَافِلُو َن ( )13
قال يعقوب :إ لَيؤلم نفسي مفارقته ِل إذا ذهبتم به إَل
المراعي ,وأخ ى أن َيكله الذئب ,وأنتم عنه غافلون من غلون.
قَالُوا لَئِ ْن أَ َكلَهُ ال ِِذئْ ُب َوَْن ُن عُ ْصبَةٌ إَِّن إِ اذا لَخَا ِسُرو َن ( )14
قال إخوة يوسف لوالدهم :لئن أكله الذئب ,وَنن جماعة قوية
إَّن إ اذا لخاسرون ,لا خير فينا ,ولا نفع يُْرَجى منا.
فَلَ َّما ذَ َهبُوا بِِه َوأَجْمَعُوا أَ ْن َْيَعلُوهُ ِفي غَيَابَِة اْْلُ ِِب َوأَْو َحْينَا إِلَْيِه
لَتُنَبِِئََنّ ُه ْم ِبَْم ِرِه ْم َه َذا َوُه ْم لا يَ ْعُُرو َن ( )15
8
التفسير المي َّسر سسووررةةي اولنسافس
فأ ْر َسلَهُ معهم .فلما ذهبوا به وأجمعوا على إلقائه في جوف
البئر ,وأوحينا إَل يوسف لتخبر َّن إخوتك مستقبلا بفعلهم هذا
الذي فعلوه بك ,وهم لا يُِح ُّسون بذلك الأمر ولا ي عرون به.
َ و َجاءُوا أَبَا ُه ْم ِع َاءا يَْب ُكو َن ( )16
وجاء إخوة يوسف إَل أبيهم في وقت الِع اء من أول الليل,
يبكون ويظهرون الأسف واْلزع.
قَالُوا ََي أَبَاََّن إَِّن َذ َهْبنَا نَ ْستَبِ ُق َوتََرْكنَا يُو ُس َف ِعْن َد َمتَا ِعنَا
فَأَ َكلَهُ ال ِِذئْ ُب َوَما أَنْ َت ِبُْؤِم ٍن لَنَا َولَْو ُكَنّا َصا ِدقِيَن ( )17
قالواَ :ي أباَّن إَّن ذهبنا نتسابق في ال َجْري والرمي بالسهام,
وتركنا يوسف عند زادَّن وثيابنا ,فلم نق ِِصر في حفظه ,بل تركناه في
9
التفسير المي َّسر سورة يالوناسسف
مأمننا ,وما فارقناه إلا وقتاا يسيارا ,فأكله الذئب ,وما أنت ِبص ِِدق
لنا ولوكنا موصوفين بالصدق; ل دة حبك ليوسف.
َ و َجاءُوا َعلَى قَِمي ِصِه بِ َدٍم َك ِذ ٍب قَا َل بَ ْل َسَّولَ ْت لَ ُك ْم أَنْ ُف ُس ُك ْم
أَْمارا فَ َصبْرٌ جَِمي ٌل َواََّّللُ الْ ُم ْستَ َعا ُن َعلَى َما تَ ِصُفو َن ( )18
وجاؤوا بقميصه ملط اخا بدم غير دم يوسف; لي هد على
صدقهم ,فكان دليلا على كذبهم; لأن القميص لم ُيََّز ْق .فقال لهم
أبوهم يعقوب عليه السلام :ما الأمر كما تقولون ,بل زَيّنت لكم
أنفسكم الأَّمارة بالسوء أمارا قبي احا في يوسف ,فرأيتموه حسناا
وفعلتموه ,فصبري صبر جميل لا شكوى معه لأحد من الخلق,
وأستعين بالله على احتمال ما تصفون من الكذب ,لا على حوِل
وقوتي.
10
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
َ و َجا َء ْت َسَيّاَرةٌ فَأَْر َسلُوا َواِرَد ُه ْم فَأَ ْدَل َدلَْوهُ قَا َل ََي بُ ْ َرى
َه َذا غُلاٌم َوأَ َسُّروهُ بِ َضا َعةا َواََّّللُ َعِلي ٌم ِبَا يَ ْع َملُو َن ( )19
وجاءت جماعة من المسافرين ,فأرسلوا َمن يطلب لهم الماء,
فلما أرسل دلوه في البئر تعَلّق بها يوسف ,فقال واردهمَ :ي
ب راي هذا غلام نفيس ,وأخفى الوارُد وأصحابه يوس َف من بقية
المسافرين فلم يظهروه لهم ,وقالوا :إن هذه بضاعة استبضعناها,
والله عليم ِبا يعملونه بيوسف.
َ و َشَرْوهُ بِثََم ٍن بَخْ ٍس َدَرا ِه َم َم ْع ُدوَدٍة َوَكانُوا فِيِه ِم َن الَّزا ِه ِدي َن
( )20
وباعه إخوته للواردين من المسافرين بثمن قليل من الدراهم,
وكانوا زاهدين فيه راغبين في التخلص منه; وذلك أنهم لا يعلمون
منزلته عند الله.
11
التفسير المي َّسر سورة يالوناسسف
َ وقَ ا َل اَلّ ِذي ا ْش تََراهُ ِم ْن ِم ْص َر لاْمَرأَتِ ِه أَ ْك ِرِم ي َمثْ َواهُ
َع َس ى أَ ْن يَْن َفَعنَ ا أَْو نََتّ ِخ َذهُ َولَ ادا َوَك َذلِ َك َم َّكَنّ ا لِيُو ُس َف ِفي
الأ ْر ِض َولِنُ َعِلِ َم هُ ِم ْن ََتْ ِوي ِل الأ َحا ِدي ِث َواََّّللُ غَالِ ٌب َعلَ ى أَْم ِرِه
َولَ ِك َّن أَ ْكثََر الَنّا ِس لا يَ ْعلَ ُمو َن ( )21
ولما ذهب المسافرون بيوسف إَل "مصر" اشتراه منهم عزيزها,
وهو الوزير ,وقال لامرأته :أحسص معاملته ,واجعلي مقامه عندَّن
كرُياا ,لعلنا نستفيد من خدمته ,أو نقيمه عندَّن مقام الولد ,وكما
أنجينا يوسف وجعلنا عزيز "مصر" يَ ْع ِطف عليه ,فكذلك مكَنّا له
في أرض "مصر" ,وجعلناه على خزائنها ,ولنعِلِمه تفسير الرؤى
فيعرف منها ما سيقع مستقبلاا .والله غالب على أمره ,فحكمه
َّنفذ لا يبطله مبطل ,ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الأمر كله
بيد الله.
12
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
َ ولََّما بَلَ َغ أَ ُش َّدهُ آتَْينَاهُ ُح ْك اما َوِعْل اما َوَك َذلِ َك نَْج ِزي
الْ ُم ْح ِسنِيَن ( )22
ولما بلغ يوسف منتهى قوته في شبابه أعطيناه فه اما وعل اما,
ومثل هذا اْلزاء الذي جزينا به يوسف على إحسانه نجزي
المحسنين على إحسانهم .وفي هذا تسلية للرسول .
َ وَراَوَدتْهُ اَلِّت ُهَو ِفي بَْيتَِها َع ْن نَْف ِسِه َوغََلَّق ِت الأبْ َوا َب َوقَالَ ْت
َهْي َت لَ َك قَا َل َمَعا َذ اََّّلِل إَِنّهُ َرِِّب أَ ْح َس َن َمثْ َوا َي إَِنّهُ لا يُْفِل ُح
ال َظّالِ ُمو َن ( )23
ودعت امرأة العزيز -برفق ولين -يوسف الذي هو في بيتها إَل
نفسها; لحبها ال ديد له وحسن بهائه ,وغَلّقت الأبواب عليها
وعلى يوسف ,وقالت :هل َّم إَِّل ,فقال :معاذ الله أعتصم به,
13
التفسير المي َّسر سسووررةة ي اولنساسف
وأستجير ِمن الذي تدعينص إليه ,من خيانة سيدي الذي أحسن
منزلِت وأكرمص فلا أخونه في أهله ,إنه لا يفلح َمن ظَلَم فََفعل ما
ليس له فعله.
َ ولََق ْد َََهّ ْت بِِه َوَه َّم بِهَا لَْولا أَ ْن َرأَى بُْرَها َن َربِِِه َك َذلِ َك
لِنَ ْص ِر َف َعْنهُ ال ُّسوَء َوالَْف ْح َا َء إَِنّهُ ِم ْن ِعبَا ِدََّن الْ ُم ْخلَ ِصيَن ( )24
ولقد مالت نفسها لفعل الفاح ة ,وح َّدثت يوس َف نف ُسه
حديث خطرات للاستجابة ,لولا أن رأى آية من آَيت ربه تزجره
ع َّما حدثته به نفسه ,وإنما أريناه ذلك; لندفع عنه السوء
والفاح ة في جميع أموره ,إنه من عبادَّن المطهرين المصطَفين
للرسالة الذين أخلصوا في عبادتهم لله وتوحيده.
14
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
َ وا ْستَبَ َقا الْبَا َب َوقَ َّد ْت قَِمي َصهُ ِم ْن ُدبٍُر َوأَلَْفيَا َسيِِ َد َها لَ َدى
الْبَا ِب قَالَ ْت َما َجَزاءُ َم ْن أََرا َد ِبَْهِل َك ُسوءاا إِلا أَ ْن يُ ْس َج َن أَْو
َع َذا ٌب أَلِي ٌم ( )25
وأسرع يوسف إَل الباب يريد الخروج ,وأسرعت تحاول
الإمساك به ,وجذبت قميصه من خلفه; لتحول بينه وبين الخروج
ف َّقته ,ووجدا زوجها عند الباب فقالت :ما جزاء َمن أراد
بامرأتك فاح ة إلا أن يسجن أو يعذب العذاب الموجع.
قَا َل ِه َي َراَوَدتِْص َع ْن نَْف ِسي َو َشِه َد َشا ِه ٌد ِم ْن أَْهِلَها إِ ْن َكا َن
قَِمي ُصهُ قَُّد ِم ْن قُبٍُل فَ َص َدقَ ْت َوُهَو ِم َن الْ َكا ِذبِيَن ( )26
15
التفسير المي َّسر سسوورةرةيوالنسافس
قال يوسف :هي الِت طلبت مص ذلك ,ف هد صبي في المهد
ِمن أهلها فقال :إن كان قميصه ُش َّق من الأمام فصدقت في
اتِِهامها له ,وهو من الكاذبين.
َ وإِ ْن َكا َن قَِمي ُصهُ قَُّد ِم ْن ُدبٍُر فَ َك َذبَ ْت َوُهَو ِم َن ال َّصا ِدِقيَن
( )27
وإن كان قميصه ُش َّق من الخلف فكذبت في قولها ,وهو من
الصادقين.
فَلَ َّما َرأَى قَِمي َصهُ قَُّد ِم ْن ُدبٍُر قَا َل إَِنّهُ ِم ْن َكْي ِدُك َّن إِ َّن َكْي َدُك َّن
َع ِظي ٌم ( )28
16
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
فلما رأى الزوج قميص يوسف ُش َّق من خلفه علم براءة
يوسف ,وقال لزوجته :إن هذا الكذب الذي اتهم ِت به هذا
ال اب هو ِمن جملة مكركن -أيتها النساء ,-إ َّن مكركن عظيم.
يُو ُس ُف أَ ْع ِر ْض َع ْن َه َذا َوا ْستَغِْف ِري لِ َذنْبِ ِك إَِنّ ِك ُكْن ِت ِم َن
الْخَا ِطئِيَن ( )29
قال عزيز "مصر"َ :ي يوسف اترك ِذ ْكر ما كان منها فلا تذكره
لأحد ,واطلبي -أيتها المرأة -المغفرة لذنبك؛ إنك كن ِت من الآثمين
في مراودة يوسف عن نفسه ,وفي افترائك عليه.
َ وقَا َل نِ ْسَوةٌ ِفي الْ َم ِدينَِة اْمَرأَةُ الَْع ِزي ِز تَُرا ِوُد فَتَا َها َع ْن نَْف ِسِه
قَ ْد َشغََفَها ُحًبّا إَِّن لَنَ َرا َها ِفي َضلا ٍل ُمبِيٍن ( )30
17
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
ووصل الخبر إَل نسوة في المدينة فتحدثن به ,وقلن منكرات
على امرأة العزيز :امرأة العزيز تحاول غلامها عن نفسه ,وتدعوه
إَل نفسها ,وقد بلغ حبها له َشغَاف قلبها (وهو غلافه) ,إَّن لَنراها
في هذا الفعل لفي ضلال واضح.
فَلَ َّما ََِسَع ْت ِبَ ْك ِرِه َّن أَْر َسلَ ْت إِلَْيِه َّن َوأَ ْعتَ َد ْت لَهَُّن ُمَتّ َكأا َوآتَ ْت
ُك َّل َوا ِح َدٍة ِمْن ُه َّن ِس ِِكيناا َوقَالَ ِت ا ْخُر ْج َعلَْيِه َّن فَلَ َّما َرأَيْنَهُ أَ ْكبَْرنَهُ
َوقَ َطّْع َن أَيْ ِديَ ُه َّن َوقُْل َن َحا َش ََِّّلِل َما َه َذا بَ َ ارا إِ ْن َه َذا إِلا َملَ ٌك َك ِريمٌ
( )31
فلما َسعت امرأة العزيز بِغْيبتهن إَيها واحتيالهن في ذِِمها,
أرسلت إليهن تدعوهن لزَيرتها ,وهَيّأت لهن ما يتكئن عليه من
الوسائد ,وما َيكلنه من الطعام ,وأعطت كل واحدة منهن سكيناا
ليَُق ِطِعن الطعام ,ثم قالت ليوسف :اخرج عليهن ,فلما رأينه
أعظمنه وأجللنه ,وأ َخ َذهن حسنه وجماله ,فجرحن أيديهن وهن
18
التفسير المي َّسر سورة يالوناسسف
يَُق ِطِعن الطعام من فرط الده ة والذهول ,وقلن متعجبات :معاذ
الله ,ما هذا من جنس الب ر; لأن جماله غير معهود في الب ر ,ما
هو إلا َملَككريم من الملائكة.
قَالَ ْت فَ َذلِ ُك َّن اَلّ ِذي لُْمتَُنِّص فِيِه َولََق ْد َراَوْدتُهُ َع ْن نَْف ِسِه
فَا ْستَ ْع َص َم َولَئِ ْن لَمْ يَْفَع ْل َما آُمُرهُ لَيُ ْس َجنَ َّن َولَيَ ُكوَّان ِم َن ال َّصا ِغ ِري َن
( )32
قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي ق َطّعن أيديهن :فهذا الذي
أصابكن في رؤيتكن إَيه ما أصابكن هو الفتى الذي لُمتَُنّص في
الافتتان به ,ولقد طلبته وحاولت إغراءه; ليستجيب ِل فامتنع
وأبى ,ولئن لم يفعل ما آمره به مستقبلا لَيعاقََََّب بدخول السجن,
ولَيكونن من الأذلاء.
19
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
قَا َل َر ِِب ال ِِس ْج ُن أَ َح ُّب إََِِّل ِمَمّا يَ ْدعُونَِص إِلَْيِه َوإِلا تَ ْص ِر ْف َعِِص
َكْي َد ُه َّن أَ ْص ُب إِلَْيِه َّن َوأَ ُك ْن ِم َن اْْلَا ِهِليَن ( )33
قال يوسف مستعي اذا ِمن شرهن ومكرهنَ :ي ر ِِب السج ُن أحب
إَِّل مما يدعونص إليه من عمل الفاح ة ,وإن لم تدفع عص مكرهن
أَِم ْل إليهن ,وأكن من السفهاء الذين يرتكبون الإثم ْلهلهم.
فَا ْستَ َجا َب لَهُ َرُبّهُ فَ َصَر َف َعْنهُ َكْي َد ُه َّن إَِنّهُ ُهَو ال َّس ِمي ُع الَْعِلي ُم
( )34
فاستجاب الله ليوسف دعاءه فصرف عنه ما أرادت منه امرأة
العزيز وصواحباتها من معصية الله .إن الله هو السميع لدعاء
يوسف ,ودعاء كل داع ِمن خلقه ,العليم ِبطلبه وحاجته وما
يصلحه ,وبحاجة جميع خلقه وما يصلحهم.
20
التفسير المي َّسر سسوورةرةيوالنسافس
ثَُمّ بََدا لَهُْم ِم ْن بَ ْع ِد َما َرأَُوا الآََي ِت لَيَ ْس ُجنَُنّهُ َح َتّى ِحيٍن ()35
ثم ظهر للعزيز وأصحابه -من بعد ما رأوا الأدلة على براءة
يوسف وعفته -أن يسجنوه إَل زمن يطول أو يقصر; مناعا
للفضيحة.
َ وَد َخ َل َمَعهُ ال ِِس ْج َن فَتَيَا ِن قَا َل أَ َح ُدَُهَا إِِِ أََراِ أَ ْع ِصُر ََخْارا
َوقَا َل الآ َخُر إِِِ أََراِ أَِْْح ُل فَ ْو َق َرأْ ِسي ُخْب ازا ََتْ ُك ُل ال َطّيْرُ ِمْنهُ نَبِِْئنَا
بِتَأْ ِويِلِه إَِّن نََرا َك ِم َن الْ ُم ْح ِسنِيَن ( )36
ودخل السجن مع يوسف فَتَيان ,قال أحدَها :إ رأيت في
المنام أ أعصر عنباا ليصير َخارا ,وقال الآخر :إ رأيت أ أْحل
21
التفسير المي َّسر سسوورةرةيوالنسافس
فوق رأسي خبازا َتكل الطير منه ,أخبرَّن َ-ي يوسف -بتفسير ما
رأينا ,إَّن نراك من الذين يحسنون في عبادتهم لله ,ومعاملتهم لخلقه.
قَا َل لا ََيْتِي ُك َما طََعاٌم تُْرَزقَانِِه إِلا نََبّأْتُ ُك َما بِتَأْ ِويلِِه قَْب َل أَ ْن
ََيْتِيَ ُك َما ذَلِ ُك َما ِمَمّا َعَلّ َمِص َرِِّب إِِِ تََرْك ُت ِمَلّةَ قَ ْوٍم لا يُْؤِمنُو َن بِاََّّلِل
َوُه ْم بِالآ ِخَرِة ُه ْم َكاِفُرو َن ( )37
قال لهما يوسف :لا َيتيكما طعام ترزقانه في حال من الأحوال
إلا أخبرتكما بتفسيره قبل أن َيتيكما ,ذلكما التعبير الذي سأعِبِره
لكما مما عَلّمص رّب; إ آمنت به ,وأخلصت له العبادة,
وابتعدت عن دين قوم لا يؤمنون بالله ,وهم بالبعث والحساب
جاحدون.
22
التفسير المي َّسر سسووررةةي اولنسافس
َ واَتّبَ ْع ُت ِمَلّةَ آبَائِي إِبَْرا ِهي َم َوإِ ْس َحا َق َويَ ْعُقو َب َما َكا َن لَنَا أَ ْن
نُ ْ ِرَك بِاََّّلِل ِم ْن َش ْيٍء َذلِ َك ِم ْن فَ ْض ِل اََّّلِل َعلَْينَا َو َعلَى الَنّا ِس َولَ ِك َّن
أَ ْكثََر الَنّا ِس لا يَ ْ ُكُرو َن ( )38
واتبعت دين آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب فعبدت الله
وحده ,ما كان لنا أن نجعل لله شري اكا في عبادته ,ذلك التوحيد
بإفراد الله بالعبادة ,مما تفضل الله به علينا وعلى الناس ,ولكن
أكثر الناس لا ي كرون الله على نعمة التوحيد والإُيان.
ََ ي َصا ِحبَِي ال ِِس ْج ِن أَأَْربَا ٌب ُمتَ َفِِرقُو َن َخيْرٌ أَِم اََّّللُ الَْوا ِح ُد
الَْقَّها ُر ( )39
وقال يوسف للَفتَيين اللذين معه في السجن :أعبادةُ آلهٍة مخلوقة
شتى خير أم عبادة الله الواحد القهار؟
23
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
َ ما تَ ْعبُ ُدو َن ِم ْن ُدونِِه إِلا أََْسَا اء َََسّْيتُ ُموَها أَنْتُ ْم َوآبَاُؤُك ْم َما أَنَْزَل
اََّّللُ بِهَا ِم ْن ُسْلطَا ٍن إِ ِن الْحُ ْك ُم إِلا ََِّّلِل أََمَر أَلا تَ ْعبُ ُدوا إِلا إَِّيهُ َذلِ َك
ال ِِدي ُن الَْقيِِ ُم َولَ ِك َّن أَ ْكثََر الَنّا ِس لا يَ ْعلَ ُمو َن ( )40
ما تعبدون من دون الله إلا أَسا اء لا معا وراءها ,جعلتموها
أنتم وآباؤكم أرباباا جهلا منكم وضلالا ،ما أنزل الله من حجة أو
برهان على صحتها ,ما الحكم الحق إلا لله تعاَل وحده ,لا شريك
له ,أمر ألا تنقادوا ولا تخضعوا لغيره ,وأن تعبدوه وحده ,وهذا هو
الدين القيم الذي لا عوج فيه ,ولكن أكثر الناس يهلون ذلك,
فلا يعلمون حقيقته.
24
التفسير المي َّسر سسوورةرةيوالنسافس
ََ ي َصا ِحبَِي ال ِِس ْج ِن أََّما أَ َح ُدُك َما فَيَ ْسِقي َرَبّهُ ََخْارا َوأََّما الآ َخُر
فَيُ ْصلَ ُب فَتَأْ ُك ُل ال َطّيْرُ ِم ْن َرأْ ِسِه قُ ِض َي الأْمُر اَلّ ِذي ِفيِه تَ ْستَ ْفتِيَا ِن
( )41
َي صاحبَّي في السجن ,إليكما تفسيَر رؤَيكما :أما الذي رأى
أنه يعصر العنب في رؤَيه فإنه َيرج من السجن ويكون ساقي
الخمر للملك ,وأما الآخر الذي رأى أنه يحمل على رأسه خبازا
فإنه يُ ْصلب ويُتْرك ,وَتكل الطير من رأسه ,قُضي الأمر الذي فيه
تستفتيان وفُرغ منه.
َ وقَا َل لَِلّ ِذي ظَ َّن أََنّهُ ََّن ٍج ِمْن ُه َما اذُْكْرِ ِعْن َد َربِِ َك فَأَنْ َساهُ
ال َّْيطَا ُن ِذ ْكَر َربِِِه فَلَبِ َث ِفي ال ِِس ْج ِن بِ ْض َع ِسنِيَن ( )42
25
التفسير المي َّسر سسوروةرة ايلنواسسف
وقال يوسف للذي علم أنه َّن ٍج من صاحبيه :اذكر عند
سيِِدك الملك وأخبره ِب مظلوم محبوس بلا ذنب ,فأنسى
ال يطان ذلك الرجل أن يذكر للملك حال يوسف ,فمكث
يوسف بعد ذلك في السجن عدة سنوات.
َ وقَا َل الْ َمِل ُك إِِِ أََرى َسْب َع بََقَرا ٍت َِسَا ٍن ََيْ ُكلُُه َّن َسْب ٌع
ِع َجا ٌف َو َسْب َع ُسْنبُلا ٍت ُخ ْض ٍر َوأُ َخَر ََيبِ َسا ٍت ََي أَُيّ َها الْ َملأ أَفْتُوِ
ِفي ُرْؤََي َي إِ ْن ُكْنتُ ْم لِلُّرْؤََي تَ ْعبُرُو َن ( )43
وقال الملك :إ رأيت في منامي سبع بقرات َسانَ ,يكلهن
سبع بقرات َنيلات من ال ُهزال ,ورأيت سبع سنبلات خضر,
وسبع سنبلات َيبساتَ ,ي أيها السادة والكبراء أخبرو عن هذه
الرؤَي ,إنكنتم للرؤَي تَُف ِِسرون.
26
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
قَالُوا أَ ْضغَا ُث أَ ْحلاٍم َوَما َْن ُن بِتَأْ ِوي ِل الأ ْحلاِم بَِعالِِميَن ()44
قالوا :رؤَيك هذه أخلاط أحلام لا َتويل لها ,وما َنن بتفسير
الأحلام بعالمين.
َ وقَا َل اَلّ ِذي نَجَا ِمْن ُه َما َوا َّدَكَر بَ ْع َد أَُّمٍة أَََّن أُنَبِِئُ ُك ْم بِتَأْ ِويِلِه
فَأَْرِسلُوِن ( )45
وقال الذي نجا من القتل من صاحبَي يوسف في السجن وتذكر
بعد مدة ما نسي من أمر يوسف :أَّن أخبركم بتأويل هذه الرؤَي,
فابعثو إَل يوسف لآتيكم بتفسيرها.
27
التفسير المي َّسر سسووررةةي اولنسافس
يُو ُس ُف أَُيّ َها ال ِِص ِِدي ُق أَفْتِنَا ِفي َسْب ِع بََقَرا ٍت َِسَا ٍن ََيْ ُكلُُه َّن َسْب ٌع
ِع َجا ٌف َو َسْب ِع ُسْنبُلا ٍت ُخ ْض ٍر َوأُ َخَر ََيبِ َسا ٍت لََعِلِي أَْرِج ُع إَِل الَنّا ِس
لََعَلُّه ْم يَ ْعلَ ُمو َن ( )46
وعندما وصل الرجل إَل يوسف قال له :يوسف أيها الصديق
ف ِِسر لنا رؤَي َمن رأى سبع بقرات َسان َيكلهن سبع بقرات
هزيلات ,ورأى سبع سنبلات خضر وأخر َيبسات; لعلي أرجع
إَل الملك وأصحابه فأخبرهم; ليعلموا َتويل ما سألتك عنه,
وليعلموا مكانتك وفضلك.
قَا َل تَ ْزَرعُو َن َسْب َع ِسنِيَن َدأَباا فََما َح َص ْدُْت فَ َذ ُروهُ ِفي ُسْنبُلِِه إِلا
قَِليلا ِمَمّا ََتْ ُكلُو َن ( )47
28
التفسير المي َّسر سسوورةرة ايلنواسسف
قال يوسف لسائله عن رؤَي الملك :تفسير هذه الرؤَي أنكم
تزرعون سبع سنين متتابعة جا ِِدين ليَ ْكثُر العطاء ,فما حصدُت منه
في كل مرة فا َّد ِخروه ,واتركوه في سنبله; ليت َّم حفظه من التسُّوس,
وليكون أبقى ,إلا قليلا مما َتكلونه من الحبوب.
ثَُمّ ََيِْتي ِم ْن بَ ْع ِد ذَلِ َك َسْب ٌع ِش َدا ٌد ََيْ ُكْل َن َما قَ َّدْمتُ ْم لَهَُّن إِلا
قَِليلا ِمَمّا تُحْ ِصنُو َن ( )48
ثم َيتي بعد هذه السنين الخِ ْصبة سبع سنين شديدة اْلَْدب,
َيكل أهلها كل ما ا َّدخرُت لهن من قبل ,إلا قليلا مما تحفظونه
وت َّدخرونه ليكون بذوارا للزراعة.
29
التفسير المي َّسر سسووررةةي اولنسافس
ثَُمّ ََيِْتي ِم ْن بَ ْع ِد ذَلِ َك َعاٌم فِيِه يُغَا ُث الَنّا ُس َوفِيِه يَ ْع ِصُرو َن
( )49
ثم َيتي من بعد هذه السنين المجدبة عام يغاث فيه الناس بالمطر,
فيرفع الله تعاَل عنهم ال دة ,ويعصرون فيه الثمار من كثرة
الخِ ْصب والنماء.
َ وقَا َل الْ َمِل ُك ائْتُوِ بِِه فَلَ َّما َجاءَهُ الَّر ُسوُل قَا َل ا ْرِج ْع إَِل
َربِِ َك فَا ْسأَلْهُ َما بَا ُل النِِ ْسَوِة اللاِتي قَ َطّْع َن أَيْ ِديَ ُه َّن إِ َّن َرِِّب بِ َكْي ِد ِه َّن
َعِلي ٌم ( )50
وقال الملك لأعوانه :أخرجوا الرجل المعِبِر للرؤَي من السجن
وأحضروه ِل ,فلما جاءه رسول الملك يدعوه قال يوسف
للرسول :ارجع إَل سيدك الملك ,واطلب منه أن يسأل النسوة
30
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
اللاتي جرحن أيديهن عن حقيقة أمرهن وشأنهن معي; لتظهر
الحقيقة للجميع ,وتتضح براءتي ,إن رّب عليم بصنيعهن وأفعالهن
لا َيفى عليه شيء من ذلك.
قَا َل َما َخطْبُ ُك َّن إِ ْذ َراَوْدتُ َّن يُو ُس َف َع ْن نَْف ِسِه قُْل َن َحا َش ََِّّلِل
َما َعِل ْمنَا َعلَْيِه ِم ْن ُسوٍء قَالَ ِت اْمَرأَةُ الَْع ِزي ِز الآ َن َح ْص َح َص الْحَ ُّق أَََّن
َراَوْدتُهُ َع ْن نَْف ِسِه َوإَِنّهُ لَِم َن ال َّصا ِدقِيَن ( )51
قال الملك للنسوة اللاتي جرحن أيديهن :ما شأنكن حين
راودت َّن يوسف عن نفسه يوم الضيافة؟ فهل رأيتن منه ما يريب؟
قلن :معاذ الله ما علمنا عليه أدنى شيء يَ ينه ,عند ذلك قالت
امراة العزيز :الآن ظهر الحق بعد خفائه ,فأَّن الِت حاولت فتنته
بإغرائه فامتنع ,وإنه لمن الصادقين فيكل ما قاله.
31
التفسير المي َّسر سسووررةةي اولنسافس
َ ذلِ َك لِيَ ْعلَ َم أَِِ لَمْ أَ ُخْنهُ بِالْغَْي ِب َوأَ َّن اََّّللَ لا يَ ْه ِدي َكْي َد
الْخَائِنِيَن ( )52
ذلك القول الذي قلته في تنزيهه والإقرار على نفسي ليعلم
زوجي أ لم أخنه بالكذب عليه ,ولم تقع مص الفاح ة ,وأنص
راودته ,واعترفت بذلك لإظهار براءتي وبراءته ,وأن الله لا يوفق
أهل الخيانة ,ولا يرشدهم في خيانتهم.
َ وَما أُبَِِر ُئ نَْف ِسي إِ َّن الَنّ ْف َس لأَّماَرةٌ بِال ُّسوِء إِلا َما َرِح َم َرِِّب إِ َّن
َرِِّب غَُفوٌر َرِحي ٌم ( )53
قالت امرأة العزيز :وما أزكي نفسي ولا أبرئها ,إن النفس
لكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي طلبا لملذاتها ,إلا َمن عصمه
الله .إن الله غفور لذنوب َمن تاب ِمن عباده ,رحيم بهم.
32
التفسير المي َّسر سوسروةرةيوالسنافس
َ وقَا َل الْ َملِ ُك ائْتُوِ بِِه أَ ْستَ ْخِل ْصهُ لِنَ ْف ِسي فَلَ َّما َكَلّ َمهُ قَا َل
إَِنّ َك الْيَ ْوَم لَ َديْنَا َم ِكيٌن أَِميٌن ( )54
وقال الملك الحاكم ل "مصر" حين بلغته براءة يوسف :جيئو
به أجعله من خلصائي وأهل م ورتي ,فلما جاء يوسف وكَلّمه
الملك ,وعرف براءته ,وعظيم أمانته ,وحسن خلقه ,قال له :إنك
اليوم عندَّن عظيم المكانة ,ومؤَتن علىكل شيء.
قَا َل ا ْجَعْلِص َعلَى َخَزائِ ِن الأ ْر ِض إِِِ َحِفي ٌظ َعلِي ٌم ( )55
وأراد يوسف أن ينفع العباد ,ويقيم العدل بينهم ,فقال للملك:
اجعلص والياا على خزائن "مصر" ,فإ خازن أمين ,ذو علم
وبصيرة ِبا أتولاه.
33
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
َ وَك َذلِ َك َم َّكَنّا لِيُو ُس َف ِفي الأ ْر ِض يَتَبَ َّوأُ ِمْن َها َحْي ُث يَ َاءُ
نُ ِصي ُب بَِرْْحَتِنَا َم ْن نَ َاءُ َولا نُ ِضي ُع أَ ْجَر الْ ُم ْح ِسنِيَن ( )56
وكما أنعم الله على يوسف بالخلاص من السجن م َّكن له في
أرض "مصر" ينزل منها أي منزل شاءه .يصيب الله برْحته من
ي اء من عباده المتقين ,ولا يضيع أجر َمن أحسن شيئاا ِمن العمل
الصالح.
َ ولأ ْجُر الآ ِخَرِة َخيْرٌ لَِلّ ِذي َن آَمنُوا َوَكانُوا يََتّ ُقو َن ( )57
ولَثواب الآخرة عند الله أعظم من ثواب الدنيا لأهل الإُيان
والتقوى الذين َيافون عقاب الله ,ويطيعونه في أمره ونهيه.
34
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
َ و َجا َء إِ ْخَوةُ يُو ُس َف فَ َد َخلُوا َعلَْيِه فَ َعَرفَ ُه ْم َوُه ْم لَهُ ُمْن ِكُرو َن
( )58
وق ِدَم إخوة يوسف إَل "مصر" -بعد أن ح َّل بهم اْلدب في
أرضهم ;-ليجلبوا منها الطعام ,فدخلوا عليه فعرفهم ,ولم يعرفوه
لطول المدة وتغُيّر هيئته.
َ ولََّما َجَّهَزُه ْم ِِبََهاِزِه ْم قَا َل ائْتُوِ ِبَ ٍخ لَ ُك ْم ِم ْن أَبِي ُك ْم أَلا
تََرْو َن أَِِ أُوِفي الْ َكْي َل َوأَََّن َخيْرُ الْ ُمْن ِزلِيَن ( )59
وقد أمر يوسف بإكرامهم وحسن ضيافتهم ,ثم أعطاهم من
الطعام ما طلبوا ,وكانوا قد أخبروه أن لهم أ اخا من أبيهم لم يُحضروه
معهم -يريدون شقيقه -فقال :ائتو ِبخيكم من أبيكم ,ألم تروا
35
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
أ أوفي ُت لكم الكيل وأكرمتكم في الضيافة ,وأَّن خير المضيفين
لكم؟
فَِإ ْن لَمْ ََتْتُوِ بِِه فَلا َكْي َل لَ ُك ْم ِعْن ِدي َولا تَ ْقَربُوِن ( )60
فإن لم َتتو به فليس لكم عندي طعام أكيله لكم ,ولا َتتوا
إَِّل.
قَالُوا َسنَُرا ِوُد َعْنهُ أَبَاهُ َوإَِّن لََفا ِعلُو َن ( )61
قالوا :سنبذل جهدَّن لإقناع أبيه أن يرسله معنا ,ولن نق ِِصر في
ذلك.
َ وقَا َل لِِفْتيَانِِه ا ْجَعلُوا بِ َضا َعتَ ُه ْم ِفي ِرَحالِهِ ْم لََعَلُّه ْم يَ ْع ِرفُونَهَا إِ َذا
انَْقلَبُوا إَِل أَْهِلِه ْم لََعَلُّه ْم يَْرِجعُو َن ( )62
36
التفسير المي َّسر سسووررةة ي اولنساسف
وقال يوسف لغلمانه :اجعلوا ثمن ما أخذوه في أمتعتهم سارا;
رجاء أن يعرفوه إذا رجعوا إَل أهلهم ,ويق ِِدروا إكرامنا لهم؛ ليرجعوا
طماعا في عطائنا.
فَلَ َّم ا َرَجعُ وا إَِل أَبِ يِه ْم قَ الُوا ََي أَبَاََّن ُمنِ َع ِمَنّ ا الْ َكْي ُل
فَأَْرِس ْل َمَعنَا أَ َخاََّن نَ ْكتَ ْل َوإَِّن لَهُ لَحَافِظُو َن ( )63
فلما رجعوا إَل أبيهم ق ُّصوا عليه ما كان من إكرام العزيز لهم,
وقالوا :إنه لن يعطينا مستقبَلا إلا إذا كان معنا أخوَّن الذي أخبرَّنه
به ,فأرسْله معنا َنضر الطعام وافياا ,ونتعهد لك بحفظه.
قَ ا َل َه ْل آَم نُ ُك ْم َعلَْي ِه إِلا َك َم ا أَِمْن تُ ُك ْم َعلَ ى أَ ِخي ِه ِم ْن
قَْب ُل فَاََّّللُ َخيْرٌ َحاِفظاا َوُهَو أَْرَح ُم الَّراِِْحيَن ( )64
37
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
قال لهم أبوهم :كيف آمنكم على "بنيامين" وقد أمنتكم على
أخيه يوسف من قبل ,والتزمتم بحفظه فلم تفوا بذلك؟ فلا أثق
بالتزامكم وحفظكم ,ولكص أثق بحفظ الله ,خير الحافظين وأرحم
الراْحين ,أرجو أن يرْحص فيحفظه ويرده عل َّي.
َ ولََّما فَتَ ُحوا َمتَا َع ُه ْم َو َج ُدوا بِ َضا َعتَ ُه ْم ُرَّد ْت إِلَْيِه ْم قَالُوا ََي
أَبَاََّن َما نَْبِغي َه ِذِه بِ َضا َعتُنَا ُرَّد ْت إِلَْينَا َونَمِيرُ أَْهلَنَا َوَْنَف ُظ أَ َخاََّن
َونَْزَدا ُد َكْي َل بَِعيٍر ذَلِ َك َكْي ٌل يَ ِسيرٌ ( )65
ولما فتحوا أوعيتهم وجدوا ثمن بضاعتهم الذي دفعوه قد ُرَّد
إليهم قالواَ :ي أباَّن ماذا نطلب أكثر من هذا؟ هذا ثمن بضاعتنا
رَّده العزيز إلينا ,فكن مطمئناا على أخينا ,وأرسله معنا; لنجلب
طعااما وفيارا لأهلنا ,وَنفظ أخاَّن ,ونزداد ِْحْ َل بعير له; فإن العزيز
يكيل لكل واحد ِْحْ َل بعير ,وذلككيل يسير عليه.
38
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
قَا َل لَ ْن أُْرِسلَهُ َمَع ُك ْم َح َتّى تُْؤتُوِن َمْوثِاقا ِم َن اََّّلِل لَتَأْتَُنِّص بِِه إِلا
أَ ْن يُحَا َط بِ ُك ْم فَلَ َّما آتَ ْوهُ َمْوثَِق ُه ْم قَا َل اََّّللُ َعلَى َما نَُقوُل َوكِي ٌل
( )66
قال لهم يعقوب :لن أتركه يذهب معكم حتى تتعهدوا وتحلفوا
ِل بالله أن تردوه إَِّل ,إلا أن تُغْلبوا عليه فلا تستطيعوا تخليصه,
فلما أعطَْوه عهد الله على ما طلب ,قال يعقوب :الله على ما
نقول وكيل ,أي تكفينا شهادته علينا وحفظه لنا.
َ وقَا َل ََي بَِ َّص لا تَ ْد ُخلُوا ِم ْن بَا ٍب َوا ِح ٍد َوا ْد ُخلُوا ِم ْن أَبْ َوا ٍب
ُمتَ َفِِرقٍَة َوَما أُ ْغِص َعْن ُك ْم ِم َن اََّّلِل ِم ْن َش ْيٍء إِ ِن الْحُ ْك ُم إِلا ََِّّلِل َعلَْيِه
تََوَّكْل ُت َو َعلَْيِه فَ ْليَتَ َوَّك ِل الْ ُمتَ َوِكِلُو َن ( )67
39
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
وقال لهم أبوهمَ :ي أبنائي إذا دخلتم أرض "مصر" فلا تدخلوا
ِمن باب واحد ,ولكن ادخلوها من أبواب متفرقة ,حتى لا
تصيبكم العين ,وإ إذ أوصيكم بهذا لا أدفع عنكم شيئاا قضاه
الله عليكم ,فما الحكم إلا لله وحده ,عليه اعتمدت ووثقت,
وعليه وحده يعتمد المؤمنون.
َ ولََّما َد َخلُوا ِم ْن َحْي ُث أََمَرُه ْم أَبُوُه ْم َما َكا َن يُغِْص َعْن ُه ْم ِم َن
اََّّلِل ِم ْن َش ْيٍء إِلا َحا َجةا ِفي نَْف ِس يَ ْعُقو َب قَ َضا َها َوإَِنّهُ لَ ُذو ِعْلٍم لَِما
َعَلّ ْمنَاهُ َولَ ِك َّن أَ ْكثََر الَنّا ِس لا يَ ْعلَ ُمو َن ( )68
ولما دخلوا من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم ,ما كان ذلك
ليدفع قضاء الله عنهم ,ولكن كان شفقة في نفس يعقوب عليهم
أن تصيبهم العين ,وإن يعقوب لصاحب علٍم عظيم ِبمر دينه
عَلّمه الله له و ْحياا ,ولكن أكثر الناس لا يعلمون عواقب الأمور
ودقائق الأشياء ,وما يعلمه يعقوب -عليه السلامِ -من أمر دينه.
40
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
َ ولََّم ا َد َخلُ وا َعلَ ى يُو ُس َف آَوى إِلَْي ِه أَ َخ اهُ قَ ا َل إِِِ أَََّن
أَ ُخوَك فَلا تَْبتَئِ ْس ِبَا َكانُوا يَ ْع َملُو َن ( )69
ولما دخل إخوة يوسف عليه في منزل ضيافته ومعهم شقيقه,
ضم يوسف إليه شقيقه ,وقال له سارا :إ أَّن أخوك فلا تحزن ,ولا
تغت َّم ِبا صنعوه ّب فيما مضى .وأمره بكتمان ذلك عنهم.
فَلَ َّم ا َجَّه َزُه ْم ِِبََه اِزِه ْم َجَع َل ال ِِس َقايَةَ ِفي َر ْح ِل أَ ِخي ِه ثَُمّ
أَ َذّ َن ُمَؤِذِ ٌن أََيّتُ َها الِْعيرُ إَِنّ ُك ْم لَ َساِرقُو َن ( )70
فلما جهَّزهم يوسف ,وْ َحّل إبلهم بالطعام ,أمر عماله ,فوضعوا
الإَّنء الذي كان يكيل للناس به في متاع أخيه "بنيامين" من حيث
41
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
لا ي عر أحد ,ولما ركبوا ليسيروا َّندى منا ٍد قائلا َي أصحاب هذه
العير المح َّملة بالطعام ,إنكم لسارقون.
قَالُوا َوأَقْبَلُوا َعلَْيِه ْم َما َذا تَ ْفِق ُدو َن ( )71
قال أولاد يعقوب مقبلين على المنادي :ما الذي تفقدونه؟
قَالُوا نَْفِق ُد ُصَوا َع الْ َملِ ِك َولَِم ْن َجا َء بِِه ِْحْ ُل بَِعيٍر َوأَََّن بِِه
َزِعي ٌم ( )72
قال المنادي وَمن بحضرته :نفقد المكيال الذي يكيل الملك به,
ومكافأة من يحضره مقدار ِْحْل بعير من الطعام ,وقال المنادي:
وأَّن بِح ْمل البعير من الطعام ضامن وكفيل.
42
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
قَالُوا تَاََّّلِل لََق ْد َعِل ْمتُ ْم َما ِجْئنَا لِنُ ْف ِس َد ِفي الأ ْر ِض َوَما ُكَنّا
َساِرِقيَن ( )73
قال إخوة يوسف :والله لقد تحققتم مما شاهدَتوه منا أننا ما
جئنا أرض "مصر" من أجل الإفساد فيها ,وليس من صفاتنا أن
نكون سارقين.
قَالُوا فََما َجَزاُؤهُ إِ ْن ُكْنتُ ْم َكا ِذبِيَن ( )74
قال المكَلّفون بالبحث عن المكيال لإخوة يوسف :فما عقوبة
السارق عندكم إنكنتمكاذبين في قولكم :لسنا بسارقين؟
قَالُوا َجَزاُؤهُ َم ْن ُوِج َد ِفي َر ْحلِِه فَ ُهَو َجَزاُؤهُ َك َذلِ َك نَْج ِزي
ال َظّالِِميَن ( )75
43
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
قال إخوة يوسف :جزاء السارق َمن ُوِجد المسروق في رحله
فهو جزاؤه .أي يسَلّم بسرقته إَل َمن سرق منه حتى يكون عب ادا
عنده ,مثل هذا اْلزاء -وهو الاسترقاق -نجزي الظالمين بالسرقة,
وهذا ديننا وسنتنا في أهل السرقة.
فَبَ َدأَ ِبَْوِعيَ تِِه ْم قَْب َل ِو َع اِء أَ ِخي ِه ثَُمّ ا ْس تَ ْخَرَجَها ِم ْن ِو َع اِء
أَ ِخي ِه َك َذلِ َككِ ْدََّن لِيُو ُس َف َم ا َك ا َن لِيَأْ ُخ َذ أَ َخ اهُ ِفي ِدي ِن
الْ َمِل ِك إِلا أَ ْن يَ َ ا َء اََّّللُ نَْرفَ ُع َدَرَج ا ٍت َم ْن نَ َ اءُ َوفَ ْو َق ُك ِِل
ِذي ِعْلٍم َعلِي ٌم ( )76
ورجعوا بإخوة يوسف إليه ,فقام بنفسه يفتش أمتعتهم ,فبدأ
ِبمتعتهم قبل متاع شقيقه; إحكااما لما دَبّره لاستبقاء أخيه معه ,ثم
انتهى بوعاء أخيه ,فاستخرج الإَّنء منه ,كذلك ي َّسرَّن ليوسف
هذا التدبير الذي تو َّصل به لأخذ أخيه ,وما كان له أن َيخذ أخاه
في حكم َملِك "مصر"; لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق ,إلا
أن م يئة الله اقتضت هذا التدبير والاحتكام إَل شريعة إخوة
44
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
يوسف القاضية ب ِرِِق السارق .نرفع منازل َمن ن اء في الدنيا على
غيره كما رفعنا منزلة يوسف .وفوق كل ذي علٍم من هو أعلم
منه ,حتى ينتهي العلم إَل الله تعاَل عالم الغيب وال هادة.
قَالُوا إِ ْن يَ ْس ِر ْق فََق ْد َسَر َق أَ ٌخ لَهُ ِم ْن قَْب ُل فَأَ َسَّرَها يُو ُس ُف ِفي
نَْف ِسِه َولَمْ يُْب ِد َها لَهُْم قَا َل أَنْتُ ْم َشٌّر َم َكاَّان َواََّّللُ أَ ْعلَ ُم ِبَا تَ ِصُفو َن
( )77
قال إخوة يوسف :إ ْن سرق هذا فقد سرق أخ شقيق له من
قبل (يقصدون يوسف عليه السلام) فأخفى يوسف في نفسه ما
َسعه ,وح َّدث نفسه قائلا أنتم أسوأ منزلة ممن ذكرُت ,حيث دَبّرُت
ِل ماكان منكم ,والله أعلم ِبا تصفون من الكذب والافتراء.
45
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
قَالُوا ََي أَُيّ َها الَْع ِزيُز إِ َّن لَهُ أَباا َشْي اخا َكبِيارا فَ ُخ ْذ أَ َح َدََّن َم َكانَهُ
إَِّن نََرا َك ِم َن الْ ُم ْح ِسنِيَن ( )78
قالوا مستعطفين ليوفوا بعهد أبيهمَ :ي أيها العزيز إن له وال ادا
كبيارا في السن يحبه ولا يطيق بُعده ,ف ُخ ْذ أحدَّن بدلا من
"بنيامين" ,إَّن نراك من المحسنين في معاملتك لنا ولغيرَّن.
قَا َل َمَعا َذ اََّّلِل أَ ْن ََنْ ُخ َذ إِلا َم ْن َو َج ْدََّن َمتَا َعنَا ِعْن َدهُ إَِّن إِ اذا
لَظَالِ ُمو َن ( )79
قال يوسف :نعتصم بالله ونستجير به أن َنخذ أح ادا غير الذي
وجدَّن المكيال عنده -كما حكمتم أنتم ,-فإننا إن فعلنا ما
تطلبون نكون في عداد الظالمين.
46
التفسير المي َّسر سسوروةرة ايلنواسسف
فَلَ َّما ا ْستَْيأَ ُسوا ِمْنهُ َخلَ ُصوا نَِجًيّا قَا َل َكبِيرُُه ْم أَلَمْ تَ ْعلَ ُموا أَ َّن
أَبَا ُك ْم قَ ْد أَ َخ َذ َعلَْي ُك ْم َمْوثِاقا ِم َن اََّّلِل َوِم ْن قَْب ُل َما فََّرطْتُ ْم ِفي يُو ُس َف
فَلَ ْن أَبَْر َح الأ ْر َض َح َتّى ََيْ َذ َن ِِل أَِّب أَْو يَْح ُك َم اََّّللُ ِِل َوُهَو َخيْرُ
الْحَاكِ ِميَن ( )80
فلما يئسوا من إجابته إَيهم لَِما طلبوه انفردوا عن الناس,
وأخذوا يت اورون فيما بينهم ,قال كبيرهم في السن :ألم تعلموا أن
أباكم قد أخذ عليكم العهد المؤكد لترُّد َّن أخاكم إلا أن تُغلبوا,
ومن قبل هذا كان تقصيركم في يوسف وغدركم به; لذلك لن
أفارق أرض "مصر" حتى َيذن ِل أّب في مفارقتها ,أو يقضي ِل
رّب بالخروج منها ,وأَتكن ِمن أَ ْخ ِذ أخي ,والله خيرُ َمن َح َك َم,
وأعدل َمن فَ َص َل بين الناس.
47
التفسير المي َّسر سسوروةرةيوالسنافس
ا ْرِجعُوا إَِل أَبِي ُك ْم فَ ُقولُوا ََي أَبَاََّن إِ َّن ابْنَ َك َسَر َق َوَما َشِه ْدََّن
إِلا ِبَا َعلِ ْمنَا َوَما ُكَنّا لِْلغَْي ِب َحاِف ِظيَن ( )81
ارجعوا أنتم إَل أبيكم ,وأخبروه ِبا جرى ,وقولوا له :إن ابنك
"بنيامين" قد سرق ,وما شهدَّن بذلك إلا بعد أن تَيَ َّقَنّا ,فقد رأينا
المكيال في رحله ,وما كان عندَّن علم الغيب أنه سيسرق حين
عاهدَّنك على رِِده.
َ وا ْسأَِل الَْقْريَةَ اَلِّت ُكَنّا فِيَها َوالِْعيَر اَلِّت أَقْبَ ْلنَا فِيَها َوإَِّن
لَ َصا ِدقُو َن ( )82
واسأل َ-ي أباَّن -أهل "مصر" ,وَمن كان معنا في القافلة الِت
كنا فيها ,وإننا صادقون فيما أخبرَّنك به.
48
التفسير المي َّسر سسووررةة يالوناسسف
قَا َل بَ ْل َسَّولَ ْت لَ ُك ْم أَنْ ُف ُس ُك ْم أَْمارا فَ َصبْرٌ جَِمي ٌل َع َسى اََّّللُ أَ ْن
ََيْتِيَِص بِهِ ْم جَِمياعا إَِنّهُ ُهَو الَْعلِي ُم الْحَ ِكي ُم ( )83
ولما رجعوا وأخبروا أباهم قال لهم :بل َزَيّنَت لكم أنفسكم
الأَّمارة بالسوء مكيدة دَبّرَتوها كما فعلتم ِمن قبل مع يوسف,
فصبري صبر جميل لا جزع فيه ولا شكوى معه ,عسى الله أن يرَّد
إَِّل أبنائي الثلاثة -وهم يوسف وشقيقه وأخوهم الكبير المتخلف
من أجل أخيه -إنه هو العليم بحاِل ,الحكيم في تدبيره.
َ وتََوَّل َعْن ُه ْم َوقَا َل ََي أَ َسَفى َعلَى يُو ُس َف َوابْيَ َّض ْت َعْينَاهُ ِم َن
الْحُْزِن فَ ُهَو َك ِظي ٌم ( )84
49