هنالك آية في القرآن الكريم يقول الله فيها (و أَ َنّهُ هُ َو أَ ْض َح َك و أَ ْب َكى) ،أخذتني هذه الآيه
دوماً إلى نوع من الدهشة و التفكر و منحتني الكثير من مشاعر لا أستطيع تحديدها و
لكنها كثيراً ما تعود إلي و تعصف بي ربما لأن فيها شي ٌء يُعلمني عن الله و هي تخصه
بصورة مباشرة ،هل يمكن أن تكون السعادة في الأساس شيء ينبع من النفس غير متعلق
بالتأثيرات الأخرى المادية و الظروف المحيطة؟ أم أنها مزيج من العام َلين؟ نعم فالكثير
من الفقراء تراهم بدت عليهم السعادة و الراحة يضحكون و يلعبون و يمرحون ،راضون
بما لديهم و لا يعبأون بما لا يملكون ،في نفس الوقت ترى ممن يملكون الأموال الطائلة
يشكون من أمور شتى و ينتحر بعضهم من يأسه ،و هنالك ممن يملكون الأموال سعداء و
ممن هم فقراء و تعساء ،هذا يثبت على الأقل أن الظروف المادية ليست وحدها التي تحدد
السعادة ،أو هل السعادة مرتبطة بوجود هدف يدفعنا للمضي قُ ُدماً و الخطوات التي
نخطوها نحو أهدافنا تمنحنا رضى و سعادة ،إن كان ذلك أحد العوامل فمن الذكاء و
الحكمة أن نرسم دائماً لأنفسنا أهدافاً نسعى لتحقيقها فتكون دافعاً لنا للاستمرار و السعادة.
أنتقل الآن للسؤال الذي لا بد منه و هو هل أنا سعيد ،سؤال لا بد من توجيهه ،إن كنت
سعيداً فلماذا و ما السبب و إن كنت تعيساً ما الذي يتوجب علي فعله لأصبح سعيداً.
إذا أردت أن تكون إنساناً ناجحاً و متميزاً عليك أن تساهم في إسعاد غيرك و تستكشف
الطرق لتكون سعيداً و تتخذ خطوات عملية إيجابية نحو تحقيق هذه الأهداف.
كيف تكون زوجاً متميزاً
على الرجل تقع مسئولية القيادة الواعية للأسرة ،إبدأ حياتك الزوجية بالوعي التام لهذا
الدور المناط إليك ،أنت قد اعتدت معظم حياتك السابقة أن تكون فردآ في عائلة ،الآن
ستقع عليك مسئولية القيادة.
من الممكن أن يتم التحول بين يوم و ليلة من تابع إلى من هو في مقدمة المسئولية ،تذكر
أن لديك بعض المهارات التي تؤهلك للبدء بدورك الجديد كقائد و مدير للعائلة الناشئة ،مع
تطور عائلتك و نمو مسئولياتك التدريجي لا بد أن تتطور مهاراتك.
مثل أي مهارة تكون الإدارة لحياتك في أسرتك قابلة للتطوير و التحسين ،لا بد من
حضور تدريب منهجي و مسبق عن تكوين الأسرة و القيادة للعلاقات الأسرية و الزوجية،
كما أن وضوح الرؤيا و التصور عن ما ترغب أن تكون عليه حياتك و علاقاتك ضمن
أسرتك و وجود منهج مدروس يتم اتباعه سيسهم بلا شك بتجنب العقبات التي تحدث في
البدايات و تحمل الأسرة إلى شواطيء الإستقرار و الرفاه و الحياة المبنية على أسس
متينة من التعاون و وضوح الرؤية و الأهداف.
أخطر مرحلة في الحياة الزوجية هي العلاقة الجديدة الناشئة بين الزوجين ،كن واقعيآ في
تصوراتك لحياتك مع زوجتك ،لا ترفع سقف توقعاتك ظانآ أن كل لحظة من حياتك
ستكون مثل أول لحظة ،إن الحياة كما نحن و أمزجتنا و نفسياتنا متفاوته ،قد تكون هنالك
أوقات من الصمت ،فمن غير المتوقع أن يكون هنالك دائمآ ما يقال ،إبحث هذه التوقعات
معها ،استمرا في ممارسة الهوايات و الأشياء الفردية التي كنتما تمارسانها ،لا تحاول أن
تقطع نهج حياتها و اهتماماتها ،و لا اهتماماتك ،إجعل العلاقة بينكما متجددة و غير مملة،
فزيادة التركيز على العلاقة و قطع الإهتمامات الأخرى يجعل علاقتكما مملة و فيها
استحواذ ضار له نتائج عكسية ،تفاعلا مع بعضكما كما أنتما و لا تطلبا من بعضكما
التغير بالضغط و الإكراه ،إفهما أن علاقتكما بأسرتيكما مستمرة و لا تدعا الغيرة تدمر و
تقطع العلاقات الأسرية و استثمرا الكثير من الصبر و التفهم ،هذه مرحلة انتقالية في
حياتكما تحتاج نصحآ مستمرآ من مستشار أو مستشارة لديهم الحكمة والخبرة و السرية
التامة لتقديم النصح و الإرشاد و إنارة الطريق كلما تطلب الأمر ،حتى تصلا إلى الخبرة
المطلوبة دون المرور بما قد يدمر العلاقة من بدايتها ،و هذا إما أن يسبب الطلاق أو
يستمر الزواج و لكن على أساس خاطيء و تعاسة لبقية الحياة ،فبدل أن تكون أسرة
ناجحة ،تكون أسرة مشوهة خالية من مقومات السعادة رغم وجود فرص قوية لكل الأسر
للوصول إلى السعادة لو تم التعامل مع هذه المرحلة بحكمة و دراية و إدارة سليمة ،هذه
العلاقة هي أهم مشروع في حياتك و ليسى من الحكمة أن لا يتم الإستعداد لها بما يناسب
أهميتها و لا يتوجب أخذها كمسلمات.
لا تتخلى عن دورك القيادي في الأسرة ،لا تختر القعود و الركون إلى الراحة و تسلم
الدفة لزوجتك فتثقل كاهلها ،عليك أن تدرك أن دورك في هذه الأسرة هو ما أنت موجود
لأجله في هذا العالم ،عش يومآ بيوم و ابدأ يومك بنشاط و همة و تفاؤل ،بدايتك قوية فقد
أعددت العدة ،ركز في عملك و مصدر رزقك و تعامل مع تفاصيل حياتك اليومية
باستخدام البوصلة التي ستختارها لنفسك ،مسئوليتك في أسرتك لا تعني التسلط و الأمر و
النهي بل الحب و توفير الأمان و الرحمة لأسرتك ،لا ترى و تفرض نفسك كسيد مطاع
بل كقائد ملهم و مسئول محب و مضحي.
لديك كل القدرة على مجاملة رئيسك في العمل و الناس في الشارع ،لديك صبر عجيب
على المصاعب و القدرة على الإبتسام و الرحمة و التؤدة والمجاملة ،لا تمنح هذه المهارة
للغرباء و تحرم أسرتك منها ،إجعل ظاهرك كباطنك ،كن نفسك أينما كنت ،غير ما ترى
أنه سلبي ولا تستسلم لعاداتك السيئة ،طور مهارة الصبر لديك ،لا تجعل لسانك يسبق
تفكيرك ،لا تسبب الإمتعاض غير الضروري لدى زوجتك فهي أكبر داعم لك و أكبر
مصدر للمساعدة ،اكسب ودها و ولاءها الكامل بذكاء و إدارة ،زوجتك هي الداعم
الأساسي لك فقم بتحفيزها و تقديرها و قدم لها ما تستحق من اهتمام ،إستمع لها و كن
صريحآ و صادقآ معها ،تعرف عليها و اتفق معها على الصدق و فتح قنوات التواصل
بينكما ،ضع أسسآ مسبقة للتعامل معها في ساعات الرضى و ليسى في ساعات الغضب،
إتفق معها مثلآ انك ستخبرها عن ما يضايقك بصراحة ،قل لها مثلآ (اتدرين يا زوجتي
العزيزة أنني اليوم بالذات أشعر بالضيق وأشعر أنني بحاجة للراحة فلا أرغب اليوم في
الثرثرة و الإستماع للكثير من هموم الحياة ،هل يمكننا أن نؤجل حديثنا ليوم العطلة
الأسبوعية) ،إنك بهذا تقوم بتنظيم علاقاتك و توزيع مسئولياتك على النحو الذي يرضيك
و لا يسبب لك و لأسرتك المزيد من الضيق ،إنه نفس المطلب الذي قد تصيح به في
وجهها قائلآ (اسكتي ،لقد سئمت من سماع الثرثرة التي بلا طائل ،و أنا متعب من العمل،
وفري لي الجو الهاديء! ،نفس الرسالة و لكن الأسلوب الأول يحبب زوجتك و يجعلها
تبذل كل الوسع في توفير الجو المناسب لك و الآخر يسبب الإمتعاض و البغضاء ،و قس
على ذلك كل الأمور.
ضع لنفسك معايير معينة و مدروسة للتعامل مع حالاتك المزاجية ،ففي كثير من الأحيان
لا يكون الخطأ بالظروف المحيطة بنا و لكن بكيفية تعاملنا معها ،أدرس ردود أفعالك و
ضع منهجآ لتصرفاتك في الحالات التي قد تفقد فيها توازنك فتغضب أو تقول أشياء تندم
عليها لاحقآ ،كن أنت العاقل المتسامح الذي يقول و يفعل أفضل ما يمكن في الملمات و
المواقف الصعبة التي قد يفقد فيها الآخرون توازنهم ،و المكافآت من وراء هذا كبيرة و
متعددة و الرضا عن النفس الذي يتبعها كبير.
ضع برنامجآ شاملآ لكل مسئولياتك و لا تغفل عن شيء منها فإن مكانتك تتحدد بمدى
التزامك بما عليك من واجبات ،لم لا و أنت قد حباك الله بما حباك من قدرات ،لماذا تختار
التخلي عن ما وجدت لأجله بسبب الكسل و العجز و قلة المروءة ،أنت قادر بعون الله
على الحفاظ على مكانتك و القيام بدورك على أكمل وجه ،ستجد لذة و سعادة في تحقيق
ما يفترض بك القيام به و ستجد أن هنالك متعة كبيرة في كل خطوة و ستكون الثمار التي
تجنيها من وراء ذلك كبيرة.
ستكتشف عالمآ واسعآ من المكافآت ،و كلما زاد عطاؤك زادت هذه المكافآت الحسية و
المادية و الروحية و المعنوية.
كيف تكونين زوجة متميزة
لا زالت الحياة في بداياتها و لا زالت أمام البنت أمور كثيرة لا بد أن تتعلمها و تستكشفها
في بداية الحياة الزوجية.
كم هو جميل أن تكون هنالك مساحة بيضاء كبيرة على ورقتك كبنت لتكتبي عليها قصة
نجاح أسرة تبدأ صغيرة و تكبر بالصدق و الحب و العطاء و الإيمان.
تقع على عاتقك أنت بنسبة كبيرة مسئولية نجاح العلاقة الناشئة بينك و بين زوجك ،أنت
مدللة عند عائلتك و لك مكانة عند والدك و والدتك ،فأنت طفلتهم الصغيرة المحبوبة ،لكنك
بالنسبة لزوجك الحبيبة التي ستملأ حياته بالحب و العطف و الإيجابية ،أنت حلمه الذي
طالما انتظره بشوق ،ولكن كأي حلم لدى البشر متى ما تحقق أصبح شيئآ روتينيآ طبيعيآ.
لست أحاول أن أكسر أحلامك الوردية على شواطيء الواقع ،لكن أحاول أن أنبهك أن
علاقتك الزوجية ستمر بمراحل و تغيرات كثيرة ،الرومانسية و الدلال الزوجي لا ينتهي
إن عرفت كيف تديرين دفة الحياة الزوجية لصالحك و استطعت بذكاء أن تتعرفي على
مراحل تطورها و تمحورها ،لا تنسي أن جرعة الدلال تكون في أوجها في أثناء الخطبة
و المرحلة الأولى من الزواج ،ثم تمر بمراحل مختلفة من الصعود و الهبوط كما أي شيء
في الحياة.
بداية علاقتك بزوجك يجب أن تكون في معظمها دراسة و اكتشاف لإنسان لم تري منه إلا
المثالية حتى هذه اللحظة ،تقبلك لبشريته و نواقصه أهم عمل لك الآن ،اكتشفي أخطاءه
بحب و تقبل و اخترعي ميكانيكية خاصة للتعامل معها ،أبذلي جهدآ واعيآ و مخلصآ
لتعدلي عاداتك بما يتناسب مع مسئولياتك الجديدة ،إن كنت كسولة ،جدي طريقة لتصبحي
أنشط ،إن كنت لم تعتادي على العمل في البيت ،عودي نفسك ،تبني كل الصفات التي
تشكل الزوجة الناجحة.
على عتبات بيتك الجديد اخلعي الأنا و الأنانية ،أنت الآن اخترتي أن تأخذي دورآ مختلفآ
في الحياة ،لم تعودي فردآ ،أنت زوجة مسئولة و واعية و أنت مشروع أم.
حافظي على سرك و بيتك ،إن توفر لك من ينصحك و يرشدك من خارج نطاق العائلة
ممن تثقين بإرشادها و دينها فافعلي ،أو اعرضي استشارتك بطريقة ذكية بدون إفشاء
أسرار أسرتك ،تعلمي من كل شيء ،اقرأي ،دربي نفسك و اعملي جاهدة على إنجاح
تجربتك ،كوني صادقة و سيشعر زوجك بصدقك و تفانبك ،كوني معطاءة و كبيرة و
ترفعي عن الصغائر ،لا تؤذي زوجك بذكر أي من أفراد عائلته بالسوء ،احبيهم و
أكرميهم لأجله ،لا تجبريه على الإختيار بين رضاهم و رضاك فهذه معركة خاسرة
خصوصآ الآن.
اعلمي أن والدة زوجك هي من أنجبته و ربته و أحبته فلا تنافسيها عليه فيومآ ما ستفهمين
شعور الأم ،أسعديه بوجودك و وجودها في حياته و تذكري أن لك أنت أيضآ أم ،لقد كان
ولدآ عند أمه ،و لكنه في حياتك رجل ،الأم تربي ولدآ و الزوجة تصنع رجلآ.
مهما اعتقدت أنك الأذكى فلست كذلك ،مهما ظننت أنك الأقوى لست كذلك ،و حتى لو
كان ..تظاهري بعكس ذلك ،لا تأخذي مقعد القيادة من زوجك ،فتحرمي نفسك من فرصة
نضوجه كقائد و متحمل لأعباء القيادة في الأسرة ،شاركي بطريقة خفية و ذكية في صنع
القرار في الأسرة بدون إثارة امتعاضه ،إن زوجك هو أكبر هدية و أعظم رزق رزقك
إياه الله بعد معرفة الله ،لا تفسدي هذا الكنز بسوء إدارتك ،إبقي دائمآ في الظل خلف
زوجك تنعمي ،إن كنت تبحثين عن دورك في أسرتك فلا تقلقي ،دورك كبير و ثقيل و
أعباءه ستكون كثيرة ،ولكن الجوائز أيضآ كثيرة ،لا تتقمصي دور زوجك و مسئولياته فلا
تستطيعين القيام بما يفترض أن تقومي به و في نفس الوقت تحرمي زوجك من ممارسة
دوره و تأخذي منه فرصته للتدريب ليصبح قادرآ على حمل المسئوليات لاحقآ ،و انتبهي
أن بعض الرجال إذا اعتادو الراحة و لم يشعرو بالحاجة للقيام بأدوارهم و مسئولياتهم و
وجدو من يقوم بها بدلآ عنهم ،تنحو جانبآ و استسلمو للكسل و الراحة و الفشل.
داعمك الأساسي زوجك ،أبقيه سعيدآ راضيآ و دعيه يشعر بحاجتك إليه و إلى دعمه ،لا
تقطعي أمرآ بدون استشارته و لو لم يعجبك قراره .لا تجادليه إلا بالتي هي أحسن و
أحسني إليه بصدق و حب ،كوني له أمة يكن لك خادمآ ،يمكنك أن تحاولي تغيير رأيه في
أمر ما بالحسنى و في الوقت المناسب ،و إلا فليكن ما أراد إلا إذا كان في معصية الخالق.
حياتك مع زوجك ممتدة لباقي العمر فلا تثيري امتعاضه و كراهيته ،كوني الزوجة و
الحبيبة و الصديقة و الحضن الدافيء الحنون ما استطعت ،و لا تتواني بالتضحية بدون
انتظار مقابل ،و صدقيني ستتم مكافأتك بشتى الطرق( ،لا يذهب العرف بين الله و
الناس).
لا يجوز أن تطلبي أجرك مرتين ،لقد ضمنت أجرك من الله عن عملك و تضحيتك
لأسرتك ،فارتاحي و لا تكوني كالأجير الذي ينتظر أن يدفعو له لقاء عمله و لا تشكي و
تتبرمي ،هذه أسرتك و نجاحها منوط بك و فشلها معلق برقبتك و هو فشل لك ،كوني
خادمة في بيتك تصبحي ملكة متوجة و تذكري لا يؤتي الأجر مرتين إلا الله ،تعلقي بالله و
اطلبي الأجر و المثوبة منه وحده.
وزعي مسئولياتك على يومك و أسبوعك و سنتك ،حاولي أن لا تقصري في أي منها،
قاومي غضبك و تقلبات مزاجك و لا تقولي إلا طيبآ ،نظمي وقتك و جهدك و كوني جميلة
و ذكية بتواضع و محبة ،كوني اقتصادية ناجحة قادرة على عمل ميزانية و لا تكن
حاجاتك أكثر من دخلك ،امنحي زوجك الرومانسية و اجعليه يرى فراشة تحوم في بيته
تنبض بالحياة و النشاط و المتعة ،إعرفي متى تتكلمي و كم ،إعرفي متى تصمتي و كيف،
لا تقابليه و تبادريه بالأخبار فور وصوله إلى البيت حتى لو كانت مفرحة ،اجعليه يشعر
أن دخوله بيته بعد غياب النهار هو أهم حدث في يومك بكل هدوء و دعة ،تكلمي بصوت
خفيض يسمعه هو وحده.
كلما زاد عطاؤك زادت مكافآتك ،فاستعيني بالله و عيشي يومآ بيوم ،بعقل و قلب منفتحين
و معطاءين و محبين و تقبلي الصعوبات و التحديات اليومية بصدر رحب و إيمان بالله و
اعتماد كامل و توكل عليه وحده.
كيف تكون والداً متميزا
أغلب الآباء في عالمنا اليوم لا يجدون مساعدة ممنهجة لوضع أرجلهم على بداية الطريق
كآباء ،فهم فقط يجدون أنفسهم ملزمين بهذا الدور الذي أُنيط إليهم بطريقة طبيعية تلقائية،
كما أن أغلب الشباب لا يفكرون بهذا الدور مسبقآ ،بل يتعاملون معه يومآ بيوم بدون
تخطيط و بدون إرادة واعية لتحقيق أهداف مدروسة لهم في هذه المهمة.
إن هذا خلل كبير في أنظمتنا الإجتماعية و الأسرية ،ذلك أن للأب دور كبير و فاعل في
حياة أبنائه ،و قد يُسهم بصورة كبيرة في تشكيل شخصياتهم و اتجاهاتهم على جميع
الأصعدة.
معظم الآباء في عالمنا اليوم ،حتى في الدول المتقدمة ،لا يعرفون طبيعة دورهم في حياة
الأسرة ،و يأتي دورهم متأخرآ جدآ بالنسبة لدور الأم ،و قد لا يأتي إلا بصورة مشوهة و
غير فاعلة ،يتم فيها إسقاط التجارب الشخصية سلبية كانت أم إيجابية ،و لا تكون هنالك
أي منهجية في التعامل مع هذا الدور الجديد الهام و المحوري في حياة أي أسرة و
مجتمع.
و السؤال الهام هنا ،متى يبدأ دور الأب في حياة أبناءه؟!
إن دور الأب يبدأ قبل أن يتزوج باختيار الزوجة المناسبة التي يرى فيها القيم و العقل
الراجح ،و حين يتم اختيار الزوجة وفق المعايير الأخلاقية العالية ،يتوسم فيها الرجل أن
تكون أمآ صالحة قادرة على القيام بدور الأم التي تُسهم في تربية أبناء أسوياء و أسرة
قائمة على القيم و المباديء ،أسرة فيها رعاية جسدية و روحية لأبنائها ،واعية لدورها
في هذه الحياة كإنسانة صاحبة مباديء و تربية سليمة و صحية.
ثم إن الزوج في بداية حياته الزوجية يتوجب أن يكون مدركآ لدوره في التخطيط للحمل و
المساهمة مع زوجته بإعداد البيئة المناسبة لاستقبال طفلهما الأول ،فهو لا بد أن يحرص
مهما كانت مشاغله على الذهاب مع زوجته عند متابعتها للحمل و يرى تطورات الجنين
في الصور فوق الصوتية ،بهذا تتشكل رابطة مبكرة ،و مشاعر نحو هذا الجنين الذي
سيكون عما قريب إبنه.
إن تفكير الإنسان و التأمل و تصور ما سيكون عليه كأب قبل أن يكون كذلك ،يساعده
بالاستعداد ،و يفتح له مجالآ للتذكر كيف كانت طفولته ،ما الذي أعجبه في معاملة والده
له ،ما الذي يحب أن يتميز به و يختلف عن والده ،ما هو مفهوم الأبوة و البنوة عنده ،هل
له منظور صحي و تصور صحيح لما يجب عليه فعله ،هل يحتاج إلى جلسات أو دروس
أو هل يحتاج أن يثقف نفسه في هذه المواضيع ،و غيرها كثير من الإستعدادات لهذا الدور
المهم.
على الأب أن يفهم أن دوره أساسي و محوري في بيته و مع عائلته ،لا يتوجب عليه أن
يعتقد أن هذه المرحلة ( أعني الحمل و الولادة ) هي شأن المرأة وحدها ،عليه أن يُنشيء
حوارآ مع زوجته و نقاشات توسع دائرة المعرفة لكليهما ،يأخذ بيد زوجته في هذه
اللحظات المهمة من حياة أسرتهما ،يقرآن معآ ،يتناقشان و يتصارحان ،يبكيان و
يضحكان ،قد يحضرا بعض المحاضرات معآ عن دورهما الجديد ،فيكون داعمآ رئيسيآ
لها في أهم لحظات تكوين الأسرة.
عند الولادة يكون معها ،يساعدها ،يهدئها ،و ينتظر بشوق إطلالة ابنته أو ابنه ،يسجل هذه
اللحظات الغالية بالتصوير و غيره ،فيضفي جو الفرح و الألفة على َمقدم هدية الله لهما.
هذه لحظات غالية في تاريخ الأسرة و إذا ذهبت لا تُ َع َوض ،لذا لا يجب التضحية بها من
أجل عمل آخر ،يجب أن يفرغ نفسه في مثل هذا اليوم ،و كل الناس تتفهم كم هذه لحظات
مهمة فيعذروه ،لا يوجد أي عذر للتخلي عن أسرته في هذه اللحظات.
ثم بعد ولادة الطفل يعتقد كثير من الآباء أن الأم هي التي يجب أن تعتني بالمولود وحدها،
كلا ،يجب أن يكون للأب حضورآ واضحآ في حياة الطفل منذ اللحظة الأولى للولادة،
يحمله ،يضمه ،يقبله ،يقوم بالطقوس الدينية و العادات المتبعة حسب ثقافته ،يساهم بالعناية
اليومية بالطفل ،فيعطي ذلك رض ًى داخليآ كبيرآ ،و دفئآ لا يتوفر في أي مكان غير
أسرتهم.
تنشأ الروابط الأسرية بهذا على أساس متين من الدعم من كلا الزوجين و المشاركة
الرائعة بينهما ،هذا الجو المليء بالحب و الغني بالعناية و الدفء الأسري ،يشكل حضنآ
صحيآ و أساسآ متينآ لتنشئة الطفل القادم ،إن الحب و الدفء و الرعاية الصحية و النفسية
لهذا الناشيء تسهم بشكل كبير منذ نعومة أظفاره بتشكيل إنسان صحيح الجسم و الروح،
يخرج لهذا العالم بأفكار إيجابية و محبة و تقبل للآخرين ،لأنه َخ َبر و اختبر المعاملة
الإيجابية من وال َديه فأصبح قادرآ على منحها للآخرين.
كم من الأمراض النفسية سببه عدم التربية السليمة في البيت ،على الأب أن تكون له خطة
للمثال الذي يريد أن يكونه لطفله ،عليه أن يحرص في كل الأوقات على ضبط أقواله و
أفعاله أمام هذا الطفل ،فالطفل ذكي و يرصد التناقضات التي تصدر عن والده و يتأثر أيما
تأثر فيها ،على الأب أن يكون مثالآ يُحتذى لهذا الطفل ،لا يكذب و لا يتناقض و يراقب
ألفاظة فلا يتفوه بالكلام النابي ،ففي مرحلة الطفولة المبكرة ،يتعلم الطفل من خلال تقليد
َمن حوله ،فلا يفرق بين الغث و السمين ،و على الوالدين أن يحرصا أن تكون مدخلات
الطفل صحيحة لينشأ طفلهما بالطريقة التي يتمنيان أن يرياها.
لا بأس بأن يتم إعطاء الطفل جرعة من الدلال ،و لكن لا بد أن يتعلم التمييز بين الصح و
الخطأ فلا يتم إعطاءه الحق بأذية الأطفال الآخرين ،الطفل ذكي و يفهم الكلام جيدآ و يتعلم
القيَم منذ الصغر ،يجب أن يتعلم الصدق و الأمانة و الرحمة و العدل و كل المثل العليا من
أول يوم ،فلا يتم إعطاؤه ما ليسى حقآ له من باب الدلال ،و لا يتم تشجيعه على الأفعال
السلبية بالضحك عليها و تقبلها ،بل لا بد من إيضاح كل شيء و شرح كل شيء له.
يجب أن يتعلم الإيثار ،فإذا اصطحبه والده للعب مثلآ فلا يجب تعليمه أن يستأثر بالأشياء
لنفسه ،يجب أن يتعلم المشاركة و التضحية و العطاء ،فيقوم مثلآ بترك لعبة يلعبها ليدع
مجالآ و دورآ لغيره ،فإن لم يتعلم هذه الأخلاق في صغره ،لن يمارسها في كبره.
إذن أيها الأب الفاضل ،عليك القيام بدور فاعل في تشكيل أبناءك ،و هذه مسئولية كبيرة،
لا بد من تحسين النشء القادم ،للقيام بدور أفضل من جيلنا و بعض الأجيال التي سبقتنا،
فمن الواضح أن البشرية تمر بأزمة أخلاق و أزمة قيم و مباديء ،و الطريقة الوحيدة لحل
هذه المشكلات هي بأن يكون هنالك أجيا ٌل يتم تربيتها على المباديء و الأخلاق التي قد
تنتشل البشرية من الحروب و الويلات التي تعانيها.
كيف تكونين أماً متميزة
تبدأ الفتاة مبكرآ في حياتها معظم الأحيان بلعب دور الأم ،سوا ًء باللعب أو حين تساعد
أمها ،فالمرأة في أغلب الأحيان تغلب عليها العاطفة و الحس المرهف ،و هنالك الكثير من
العاطفة و الحس المرهف في الأمومة.
إذن ،كانت هنالك خبرات بسيطة و بعض الأفكار المسبقة عما قد يكون عليه دورها حين
تصبح أُمآ ،لكن هذا الدور في بداية الزواج يكون غير واضح المعالم و غير متبلور
بالكامل ،فكيف يتوجب إعداد المرأة لنفسها لتكون أمآ مميزة تصنع فرقآ ،و يكون لها دور
إيجابي في حياة أطفالها و دور فاعل في تنشئة جيل يقوم بدور إيجابي في مستقبل
البشرية؟!
على عاتقك أيتها المرأة تقع مسئولية المساهمة بنسبة لا يُستهان بها تشكيل شخصية النشء
القادم الذي سيقود البشرية و يستلم زمام الأمور في الحياة في الحقبة القادمة ،فكبار
العظماء و العلماء و القادة و المفكرين و المصلحين كانت خلفهم أمهات ر َبينَ ُهم ليكونو ما
كانو عليه ،و تقع على أعتاق أمهات بعضآ ممن تسببو بالمآسي للجنس البشري جز ٌء من
المسئولية ،ذلك أن الأم لها دور كبير في تعليم أبنائها و تشكيل شخصياتهم و إيماناتهم و
مبادئهم ،و لا أنكر أن بعض الأمهات يبذلن مجهودآ لا بأس به في التربية ،و مع ذلك لا
تستطيع أن تتحكم بمسار حياة أبنائها و اتجاهاتهم ،و لكني هنا لا أتحدث عن الحالات
النادرة ،فعلى الأغلب ،إذا تلقى الإنسان تربية صحيحة مدروسة و تم إعطاؤه بجرعات
مناسبة حسب مراحل حياته و عمره منظومة قيَم مدروسة ،و تمت تربيته بعمق و معرفة
و التزام و مسئولية ،فإن ذلك على الأغلب سيكون له كبير الأثر في حياته و كيفية تعاطيه
مع شئون حياته كلها.
لتحقيق التربية السليمة للأبناء لا بد من توافر و تضافر عدة أشياء ،فالإنسان يتعرض لعدة
ُمدخلات ،و تتلخص بالبيت ،ثم البيئة المحيطة به بما فيها كل وسائل التواصل المباشرة و
غير المباشرة ،و المدخلات المباشرة ،أعني بها التماس المباشر مع الناس المحيطين به
من العائلة ،الأقارب ،المدرسة ،الشارع ،و غير المباشرة ،من مثل التلفاز و الشبكة
العنكبوتية و الكتب ،و غيرها...
هنا يأتي دور الأم في التواصل الواعي المسئول و الحوار مع أبنائها لتقوم بدور الفلتر
لكل ما يرونه و يسمعونه ،ويتفاوت دور الأم في كيفية هذه (ال َفلترة) بحسب عمر الطفل،
فطفلها الصغير صاحب السنين التي تعدها على أصابع اليد الواحدة ،تستطيع السيطرة
بنسبة شبه كاملة على المؤثرات و ال ُمد َخلات بالنسبة له ،و كلما كبر الطفل عدلت الأم من
أساليبها و خططها للتعامل معه بما يناسب قدراته العقلية ،واستيعابه ،و مقدار الحرية التي
لا بد من رفع سقفها كلما َكبُر في العمر.
و عودآ على بدء أقول :إن الأمومة سر إلهي ،إنها من أسمى العلاقات التي أوجدها الله
بين البشر ،فالأم يجب أن تتمثل بها كل المعاني السامية ،من الرحمة و العطف و
التضحية ،الحب ،الدفء ،الحنان ،و الأمان ،و غيرها كثير ،إنها التي تُقدم بلا انتظار
مقابل ،كل همها أن ترى أبناءها سُعداء ،ناجحين ،حتى ولو كان ذلك على حساب راحتها،
لا بد أن يصل هذا الشعور للأبناء ،لأن صحتهم النفسية تبدأ من خلال هذا الشعور ،فالأم
ليست شخصآ عاديآ بالنسبة للأبناء ،إنها أيضآ معنى و قيمة ،ستصاحبهم بقية حياتهم،
حتى بعد مماتها ،و رحم الله شوقي حين وصفها بأنها مدرسة لا بد من إعدادها و فهم أنك
بإعدادها تُعد شعبآ و أُمة( ،الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبآ طيب الأعراق).
هذا الدعم النفسي و المعنوي للأبناء ،هو ما يبني الثقة في نفوسهم ،إنه الأساس المتين و
القاعدة الثابتة التي ينطلقون منها لمواجهة الحياة بصعوباتها و تقلباتها ،إنها الحائط المتين
الذي يستظلون به كلما َح َزبهم أمر ،هم من خلال أمهم يؤمنون بوجود الحب و العطاء و
التسامح في هذا العالم ،إنه ما نشئو عليه ،و ستكون لديهم القدرة على منحه لمن حولهم
لأنهم تعلموه و رضعوه ،لذا لا بد أن يكون ثابتآ و دائمآ و مستمرآ طوال حياتهم.
نأتي الآن على جانب آخر في غاية الأهمية و هو زرع القيم و منظومتها في نفوس
الأبناء ،هذا هو الجانب الرئيسي الذي نسعى لتحقيقه لخير هذه البشرية ،إن زرع منظومة
القيم الصحيحة في نفوس أفراد المجتمع ،تشكل في المحصلة المجتمع السليم الذي نطمح
إليه ،و لو قام كل مجتمع بتأسيس إعداد الأمهات ليقمن بهذا الدور الحساس ،فإن البشرية
جمعاء ستنتقل إلى الإزدهار و السلام ،قد يظن البعض أن هذا كلام نظري ،و لكنه ليسى
كذلك ،أنا أؤمن بأن العالم اليوم ،عبارة عن قرية صغيرة ،فوسائل التواصل متاحة و قد
قربت الأفكار و المسافات ،و لو تم اتباع مناهج سليمة ،لأمكن الإصلاح ،و كل هذا يتحقق
بتضافر الجهود و محاولات الإصلاح و التواصل الإيجابي و الواعي بين كل مجتمع على
حدة ،ثم المجتمعات المختلفة.
أطرح هنا دعوة لكل أم و لكل زوجة ،تخطط لتصبح أمآ ،أن تقوم بتحضير نفسها لهذا
الدور ،بحيث تتشكل لديها قدرات لتكون مثالآ ُيحتذى ،و تتحضر نفسيآ و معرفيآ للقيام
بأهم دور في حياتها ،و يكون لديها وعي بأهمية ،بل بخطورة هذا الدور.
لا أحد يعرف كل شيء ،و فوق كل ذي علم عليم ،فاستشارة أمهات سبقنها بالأمومة و
رأت نجاحآ في تربية أبنائها يمكن أن تكون من مصادر تدريبها ،بالإضافة للقراءة و
الاضطلاع على أساليب التربية و استخدام ما ينفعها منها ،و ما يتناسب معها ،كما أنها
تستطيع حضور محاضرات و برامج تدريب لإعداد الأمهات ،هذا بالإضافة لمحاولة
تفريغ نفسها لهذا الدور إن أمكنها ذلك.
إن إبقاء قنوات التواصل و الحوار مع الأبناء من أفضل ما يمكن أن تقوم به الأم ،فهي
متواجدة بنشاط في حياة أبنائها ،هي أقرب صديقة صدوقة لأبنائها ،تدعمهم و تعطيهم
حرية مسئولة ،تراقب تطورهم الفكري و القيمي و ال َع َقدي ،تدخل معهم في نقاشات َبناءة
تتشكل من خلالها القيم الإنسانية و الفكرية ،تكون داعية لهم للإصلاح و الصلاح ،تحاول
بكل ما أوتيت أن توجه أنظارهم و أفعالهم و أفكارهم إلى ما فيه الخير و الحق و العدل.
الأم ليست غائبة أبدآ عن أي مشهد من حياة أبنائها ،لكن بحكمة و عقل ،ففي المراحل
الأولى من حياتهم لها الحق بالتدخل ،و لكن هذا التدخل يتناقص كلما كبرو ،ليصبح بعدها
بالدعاء لهم بالتوفيق ،و بإسداء النصيحة بالحكمة و الموعظة الحسنة ،و قد تقلل حتى من
النصيحة إذا شعرت أن بعض القرارات لهم الحق الكامل باتخاذها ،فيبقى دورها فاعلآ في
حياتهم ،و تبقى بحكمتها طوال الوقت لها ذلك الحضور الإيجابي و التأثير الصحيح في
حياة أبناءها.
الحديث عن دور الأم لا ينتهي ،وفق الله كل الأمهات لما فيه خير أبنائهن ،و خير البشرية
جمعاء.
كيف نصبح عائلة متميزة
لطالما تمسكنا بإبقاء العلاقات الأسرية ضمن منظومة عاطفية غير محددة المعالم بطريقة
بحتة ،و هذا مفهوم و ُمب َرر لأن الحياة في الأسرة تحتاج أن تكون بسيطة ،سهلة ،سلسة،
فيها أقل ما يمكن من الأنظمة و القوانين التي قد تفرغها من محتواها العاطفي الدافيء ،و
من كونها الملاذ الآمن للإنسان ،حيث الدعة و الراحة و الإسترخاء من أعباء و متطلبات
الحياة.
أنا إذ أدعو هنا إلى مأسسة العلاقات الأسرية ،لا أدعو بأي شكل إلى إفراغها من هذا البعد
الضروري ،فالجانب العاطفي و سلاسة قوانين الأسرة هي حجر بناء أساسي و معنى
رئيسي لإبقاء خصائص الأسرة على حالها من كونها مصدر راحة نفسية و سعادة
لأفرادها.
أريد اليوم أن أضيف البعد المؤسسي للأسرة كعنصر يسهم في نجاحها و جعلها زاخرة
بالعلاقات الإيجابية لأنها حجر الأساس في تكوين المجتمع الناجح الذي يحقق طموحات
الأفراد فيه لحياة أكثر ازدهارآ و سعادة ،و قد كثر حديث العالم عن مؤشر السعادة الذي
يسعى كل مجتمع في العالم لتحقيقه.
من متطلبات نجاح أي مؤسسة برأيي هو أمرين قد يبدوان متناقضين و هما التخصص و
في نفس الوقت الشمولية ،فيتم إعطاء كل فرد عملآ خاصآ به يكون هو تخصصه و
مسئوليته و يكون هنالك البعد الشمولي حيث تتداخل الأدوار و تتعاون لتكوين تناغم بين
أجزاءها المختلفة من خلال التفاعل بين الأدوار فتكون كخلية النحل ،كل فرد يعرف دوره
تمامآ و المحصلة جسم متكامل متناغم يكون نتاجه السعادة و الرخاء لكل أفراد الأسرة.
تحدثنا فيما سبق عن دور الزوج في مرحلة التأسيس و دور الزوجة أيضآ ،ولا بد من
دمج الدورين معآ و بذل جهد واع و موجه لتوفير دعائم قوية للبدء بتكوين النواة للأسرة،
هذه البداية تكون قوية عبر التدريب لكل من الزوجين ،فالزوج هو القائد و الإداري الذي
سيقوم بالمصادقة على القرارات النهائية بعد التشاور و التناصح بينه و بين زوجته ،التي
ستقوم بدورها في المساهمة في اتخاذ القرارات و دعمها و القيام بالتعاون على تنفيذها و
مراجعتها و تقييمها و تقديم المقترحات ،و لتحقيق هذا و ذاك لا بد من نظام للتواصل قائم
على الإحترام المتبادل لدور كل منهما مع وجود الصدق و الوضوح في الرسائل و متابعة
التنفيذ بشكل دائم و منهجي.
يتم وضع أهداف للأسرة بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة و الموارد المتوفرة و يتم
تحديد مصادر التمويل و مجالات الإنفاق ،هل سيعمل كلاهما خارج البيت أم واحد منهما،
ما دور كل منهما في كل من الواجبات ،ما هي الخطة الموضوعة للترفيه ،فالحياة ليست
فقط عمل ،سيكون هنالك مراجعة دورية للخطط و و القرارات ،و هي قابلة للتغيير و فق
الظروف ،فالمرونة و إمكانية إعادة النظر في أي شيء لا بد منها بعد التشاور و التحاور،
للوصول إلى أفضل النتائج ،فلا شيء محفور على الصخر و لا شيء غير قابل للتغيير
حسب ما تقتضيه المصلحة بعد التشاور و التحاور.
تنظيم هذه العملية و تطبيقها لا بد أن يكون بطريقة تناسب التكوين الأسري الفريد و
الخاص ،بذكاء و تدريب مسبق فلا يعقل أن تكون هناك اجتماعات رسمية كما في
الشركات و لكن يتم توظيف أسلوب يناسب كل أسرة حسب خصوصيتها بحيث لا يتم
إفراغها من المعنى العاطفي و الأسري المميز.
لا بد من الأخذ بعين الإعتبار تحقيق الحاجات العاطفية لكل فرد و إشباع الطموحات
الفردية و تبقى قنوات التواصل مفتوحة مع ما يتخللها من الحب و الألفة و التفهم و
الرحمة و المرونة ،فمثلآ رغم أن الزوج هو قائد الأسرة إلا أنه قد يكون في أحيان كثيرة
(في مهنة أهله) ،كما علمنا قدوتنا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ،و ليتذكر كل من يأنف
عن خدمة أهله و زوجته ،أن من هو سيد للخلق صلى الله عليه و سلم كان ذلك و أكثر.
الزوجة هي الرجل الثاني في البيت و أعني بالرجل هنا بُعد المسئولية و ليسى المعنى
الذكوري للكلمة بالطبع! فالمرأة حاضرة دائمآ و لكن لا بد من وجود قائد و ربان للسفينة
يوجهها و يراقب بقاءها على المسار الصحيح ،و يستعين بمن حوله جامعآ لكل ما يحتاج
من معلومات للحفاظ على المسار .كلاهما حريص و له حضور كامل في حياة الآخر
اليومية ،مهما كانت المشاغل لا بد من هذا التواصل المستمر و الدعم لبعضهما و مساندة
الآخر و التغطية لدوره و مساعدته إذا لزم الأمر ،مع وجود التفهم و التماس الأعذار،
فنحن بشر يعترينا الخطأ و النقص و القصور.
كلما زادت مهارات الزوجة و حباها الله بالتميز ،زادت فرص النجاح للأسرة ،لذا لا بد
من العمل على تحضير و تدريب المرأة للقيام بدور أفضل في أسرتها ،فنقلل من عامل
الحظ ،فبعض الناس حباهم الله بالحكمة و القدرات التي تساعدهم على النجاح ابتداءآ
لحكمة يعلمها سبحانه(و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرآ كثيرآ) ،فهي أي الحكمة جزء من
رزق الله ،إلا أن الحكمة و المهارة والحمدلله أيضآ قابلة للنقل و التدريب ،و معروف دور
الأم عبر التاريخ حيث كانت الأم سببآ أساسيآ في تميز أبناءها من مثل أم الإمام الشافعي
رحمه الله و أم العالم توماس أديسون و غيرهم كثير.
إن نضوج الأنثى و استعدادها لتكوين أسرة يكون أحيانآ سابقآ للرجل فيكون لها السبق في
المساهمة بتكوين الأسرة و دعم زوجها ليضع رجله على بداية الطريق لقيادة الأسرة،
فالمرأة المتفهمة الناضجة تعين زوجها على التحول من ولد إلى رجل ،و سعيد من ارتبط
بامرأة ذات عقل راجح لدورها الخطير في المراحل التأسيسية للأسرة ،لقد تنبه العبقري
رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا فأوصى الرجال قائلآ(تخيروا لنطفكم).
قد تغفل بعض الأمهات عن إعداد أولادها كأزواج و لكن المرأة العاقلة هي التي تأخذ
على عاتقها رأب الصدع فتأخذ بيد زوجها و تعينه بدون أن تجعل دورها يطغى على
دوره فتكسب بهذا زوجآ ناجحآ قويآ داعمآ لها ،فكم من النساء كن وراء عظمة و تميز
أزواجهن من وراء الكواليس.
لا يوجد في الأسرة دور صغير و دور كبير فكلا الدورين له أهميته مع تميزه عن الدور
الآخر و هذا طبيعي فكل من الرجل و المرأة يختلف في خصائصه و( كل ميسر لما خلق
له) ،للرجل صفات جسدية و نفسية تؤهله للحركة في المجتمع الخارجي و للمرأة القدرات
النفسية و الجسدية التي تؤهلها لتكون فاعلة في الداخل حيث الحركة الناعمة و العاطفة
الدافئة و غيرها من الصفات التي تلزم للأسرة.
عندما تقوم الأسرة على دعائم قوية تصبح تربة خصبة و بيئة صالحة لتربية أفراد فاعلين
في مجتمع صالح بمجمله ،فيه يتم تحقيق ما أراده الله من إعمار و خلافة في الكون و هو
سبب من أسباب خلق الله للبشر مصداقآ لقوله تعالى ( إني جاعل في الأرض خليفة ).
نماذج من المتميزين عبر التاريخ
محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم
محمد رسول الله صلى الله عليه و سلّم هو سيد المتميزين و قدوة الناجحين ،و لن تفيه حقه
كلماتي في هذا المقام ،لقد ُولد يتيماً و تربى فقيراً ،عانى من فقدان معظم أهله و أحبابه في
حياته ،و لم يذق طعماً للراحة ولا الرفاهية منذ اللحظة التي بُعث بها ،مع ذلك كان أشجع
الناس و أعلاهم همة و أكثرهم تفاؤلاً ،كان أرحم الناس و أكثرهم تواضعاً ،قائداً ُم ْل َهماً و
قدوة في كل شيء ،مثال الصدق و الرحمة و الدفء ،أعظم أب للأمة ،قدوة للأزواج و
معلم للزوجات ،زاهد عابد ،علّم البشرية كلها العفو و المحبة ،نقل العرب من قبائل
متحاربة إلى حضارة من أعظم الحضارات التي عرفتها البشرية ،اعترف بفضله حتى
أعداؤه و مخالفيه فتم ُّيزه لا ينكره عاقل ،و لا يملك َمن يسمع به سوى أن يُع َجب به.
محمد سيد الكون و الناس و شفيعهم ،س ّي ُد ولد آدم صلى الله عليه و سلم.
موسى بن متّى عليه السلام
لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و س ّلم عن تم ُيّز سيدنا موسى عليه السلام ،كان عليه
السلام شجاعاً و ّقافاً مع الحق ،محباً لربه و شعبه ،مثا ٌل للصبر و التحمل و العفو ،باحثاً
عن الحقائق ساعياً لها ،مسافراً و مهاجراً في سبيل الله ،لا تأخذه في الحق لومة لائم عالي
الهمة ،صاحي الضمير ،ملتزماً بالعهد ،قوي الجسد و الروح ،مقتحماً لأصعب المواقف.
موسى عليه السلام أول َمن يفيق من الصعقة يوم القيامة و هذه ميزة لا بد أن لها أسباباً قد
لا نعلمها و لكنها تدل على تم ُّيزه عليه السلام ،ذكر الله قصصاً عديدة في القرآن الكريم
عنه و استأثر بنصيب كبير من الذكر كرسول عظيم و نبي من أنبياء الله في القرآن و هذا
إن د ّل فإنما يدل على أن ربنا ميزه و أراد منا أن نتعلم منه و من تجاربه و قصصه
العظيمة.
آلبرت آنشتاين
نال ألبرت آنشتاين العالم المتميز شهرة واسعة ،و ُح َّق له ذلك ،لقد أضاف الكثير للإرث
المعرفي الإنساني.
لم يكن آنشتاين طفلاً متميزاً أكاديمياً حتى أنه كان يو َصف بالغباء من مدرسيه ،لم يتم
مدحه و تشجيعه على الإنجاز ،لم يلاحظ أحد أنه طفل مميز فلقي رعاية حتى و صل
للإبداع ،بل على العكس ،و هنا يأتي تميز آلبرت ،هو لم يعبأ بما قيل عنه ،لقد تبع فطرته
و ظهرت عبقريته بتلقائية ،عاش أفكاره و لم يسجنها بل ع ّبر عنها ،خرج بأعظم نظريات
العلوم و كان يفعل ذلك لأنه ببساطة تبع ما لديه من مواهب و طورها و اشتغل عليها ،لم
يشغل نفسه بالعالم و لم يعبأ بما يقول الناس أو يفعلون.
أكبر درس نستطيع استنباطه من حياة آنشتاين إلى جانب علمه هو أن الإنسان ليسى ما
يُقال عنه ،بل هو شيء مختلف تماماً ،لا يجب أن نعبأ بما يُقال و لا يجب أن نحكم على
الناس من خلال ما نسمع عنهم.
محمد علي كلاي
لم يغب محمد علي كلاي عن الإعلام رغم غيابه عن الرياضة التي يمارسها و مرضه
الذي عايشه سنين طويلة ،محمد علي كلاي الذي كلما ذُكر اسمه ُوصف بأنه أسطورة في
عالم الملاكمة.
أسطورية محمد كلاي و نجوميته امتدت إلى كونه إنسان أسطوري كان عبارة عن نسيج
متميز بكل أبعاده الإنسانية.
لم يمر علي كلاي على هذه الحياة كأي إنسان ،حضوره في هذا الكون كان له صوت
عالي و قصته لم تكن كأي قصة عابرة لإنسان ُولد و عاش و مات ،أبى علي إلا أن يترك
بصمته الواضحة ليسى في بلده فحسب ،بل للعالم و الإنسانية جمعاء.
مارس الملاكمة ففاجأ العالم بقهر َمن كانو متمكنين و أقوياء و ظل يفاجيء الجمهور
بإنجازات غير متوقعة ،و لو لم يتفوق علي بالملاكمة فإني أعتقد أنه كان سيتألق في شيء
آخر و الصفات التي لديه تؤهله للتألق و النجومية و أنا أزعم هذا بسبب ما شعرت به من
خلال القراءة عن مسيرة حياته المفعمة بالحياة و النابضة بالنشاط و من خلال رؤية
صوره التي تكاد تنطق بالتميز و الإرادة و العزيمة .
كان علي يدعى كاسيوس مرسيليوس كلاي جونيور عاش ما يقارب الأربع و السبعين
سنة َملأَها بالحيوية و الإنجازات ،لم يقهره المرض بل تحداه و تحدى أكثر منه ،بقي هو
علي ،أضعف المرض جسده و لكن روحه كانت أقوى من اليأس.
أزعم أن علي كان على كل الأحوال سيكون أسطورة و يترك بصمته الواضحة في هذا
العالم للأسباب التالية:
أولآ :الطفولة الدائمة.
من خلال متابعتي لمحمد علي كلاي و صوره و حواراته لمست فيه طفولة و براءة
استمرت حتى آخر حياته ،استمتع بالحياة و كان دائم اللعب و احتفظ بروح المغامرة،
حتى لو كان َمن حوله في قمة الجدية لمست فيه عدم انخراطه بالعادة بل بقي يظهر ذلك
الطفل الذي يرغب باللعب محتفظآ بحيوية الطفولة و براءتها.
ثانياً :الروح الوثابة التي تتحدى و لا تستسلم بل تقوم و تنهض و تصنع الأمل و
النجاح ،قال عن نفسه أنه يطير كالفراشة و يلسع كالنحلة.
بعض الملاكمين الذين هزمهم كانوا أبطال ًا أقوياء بل أقوى و أضخم منه
جسديآ إلا أنه كانت له إرادة فولاذية مكنته من تحقيق الفوز و مفاجأة العالم بذلك الفوز
الذي كان يكسر كل التوقعات و المنطق بنظر الجميع فكانت إنجازاته ظاهرة لا يمكن
التغاضي عنها و تجاهلها.
ثالثاً :الوضوح في الرؤيا و التمسك بما يؤمن به
كان يعلن أنه لا يساوم على إسمه أو دينه ،رفض الانضمام للجيش في حرب فيتنام رغم
الضغوط ،تم سحب لقب البطولة منه لهذا السبب لكنه لم يساوم و أعلن أن دينه لا يسمح
له بقتل الأبرياء ،كما أنه كان عصياً على أن تتم برمجته فحتى حين اختلف بالمبدأ مع
بعض الجماعات الإسلامية في أمريكا برغم الهيمنة الفكرية لها في ذلك الوقت إلا أنه
حين شعر بأنهم شذو و شتو عن الطريقة المثلى التي فهمها للدين لم يساوم على إيمانه و
رؤيته و انفصل عنهم فهو لا يُ َعلب و لا يُ َدجن ،علي روح حرة.
برغم ذلك سجل التاريخ الأمريكي علي كرمز من رموزه و اعترف به كواحد من أهم
رجال الوطن فروح الدستور الأمريكي تقدس الحرية و الحق و العدل و الإنجاز فعاد علي
إلى المكانة التي يستحقها و لم يدفن رأسه في الرمال بل فرض حضوره و إنجازاته و
مبادئه على الدنيا كلها و نال ما يستحق من الإحترام و التقدير ،حتى أن زعماء العالم
حرصو على حضور جنازته و تشييعه إلى مثواه الأخير.
رابعاً :صفاء القلب و نقاء السريرة
حيث رويت عنه قصة مع أحد الملاكمين يُدعى إيرني تيريل و كان تيريل يدعوه متعمدآ
في وسائل الإعلام باسمه الأصلي كاسياس كلاي ،و حقق علي فوزاً ساحقاً عليه و قال له
في الحلبة بعد أن هزمه أنا إسمي محمد علي كلاي يتوجب عليك احترام إسمي و سألته
وسائل الإعلام إن كان يكرهه فأجاب أنه لا يكرهه أبداً و هذه رياضة لكن هنالك أمرين لا
يُساوم عليهما و هما إسمه و دينه.
خامساً :روح التحدي و الإنجاز و النشاط
فقد احتفظ بحيويته رغم ما كان يعاني و بقي يحقق الإنجاز تلو الإنجاز ،لا تسقط عزيمته
حتى آخر أيام حياته و كان له حضور في الأحداث الرياضية العالمية و في الإعلام و
مستعد دائماً للتصوير.
سادساً :الحكمة و الرؤيا الثاقبة
فكان علي يتحلى بالقدرة على الحكم على الأمور من خلال ما يؤمن به و لا يساوم على
ذلك مهما كانت النتائج و يتخذ مواقف واضحة لا يخشى فيها لومة لائم ،و حين تم سحب
لقب البطولة منه لرفضه لحرب فيتنام تمسك بمبدئه و تنبأ بأن هذه الحرب خطأ تاريخي و
ستكبد الجيش الأمريكي و الشعب خسائر فادحة و كان بالفعل ما تنبأ به.
سابعاً :عرف قيمته كإنسان مفكر حر
فكان يعيش مرتاح الضمير و لا ينظر وراءه و لا يدع شيئاً يتحكم به و يغير َمن هو
عليه.
عاش علي في هذه الحياة بكل ما أوتي من إنسانية صادقة حقيقية ،عاش بكل أبعاده التي
أتاحتها له هذه الدنيا.
أتخيل علي في موته كما في حياته مبتسمآ مفارقاً هذا العالم قائلاً لنفسه هذه ليست النهاية.
ذكري لما أعتقد أنه من أسباب تميُّز علي بالتفصيل هي بلا شك معايير للتميز و العبقرية
و لذلك فصلت فيها لأنه نموذج من عصرنا عاش بيننا و في ظروفنا و حقق التميز ،فإن
فعلها هو فلم لا نتميز مثله ،ما يحققه إنسان يستطيع غيره تحقيقه فهو بشر مثلنا.
الخاتمة
كما لاحظت عزيزي القاريء جز ٌء كبير من كتابي المتواضع هذا يتحدث عن الأخلاق و
الجزء الآخر يتحدث عن طرق عملية للنجاح.
إذن نجاح الإنسان يعتمد بصورة كبيرة على تطوره الأخلاقي و صدقه في هذه الحياة و
حتى لو نجح الإنسان لفترة من الزمن أو بدا لنا ناجحاً دون أن يتمثل الأخلاق العالية فإن
هذا النجاح أقل ما يُقال عنه هو أنه نجا ٌح مبتور أو ُمصطنع غير كامل ،إنه نوع من الفشل
في حقيقته لأن النجاح لا يُعتبر نجاحاً إلا إذا تحققت فيه الشروط التالية:
أولاً:
أن يكون هذا النجاح مبنياً على أساس أخلاقي سليم و على الحق و العدل ،فالغاية لا تبرر
الوسيلة و لا يجوز لنا أن يكون المعيار هو النجاح بل كيفية تحقيقه هي الأهم.
ثانياً:
أن يكون مستداماً ،بمعنى متابعته و الحفاظ عليه و عدم تركه يفشل و يسقط بالإهمال و
الكسل.
ثالثاً:
أن يكون متطوراً ،أي يتم العمل عل تطويره و تغييره بحيث يتناسب مع الظروف
المحيطة فلا يصبح بالياً عتيقاً ،فيتعرض للفشل.
قال ربنا تبارك و تعالى في القرآن الكريم (اعملوا آ َل داوو َد ُش ْكرا) ،و هذه آية عظيمة
تدل أن الشكر لا يكون بالكلام و بالحمد فقط بل بالعمل و هذا خير ما أختم فيه.