وحـــدة حـريـة اشـتراكـيـة أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة 1 نح و استراتيجّية ل تعزيز ال وعي القو ِمي الوح دوي لدى األجيا ِل الصا ِعدة ة( ي ة وال خارجي روب ة واالستهدافات الداخل )راهنية الع * تواجه األمة العربية في كافة مناحي الحياة، استهدافا متوحشا، عّبر عن نف ِسه بفرض تحديات غير مسبوقة، تهدف كلها الى ضرب ومحو األمة من الوجود وطمس هويتها وحضارتها. لذا تواجه حركة النضال القومي العربي عقبات ومصاعب وتحديات متزايدة منذ أكثر من ربع قرن، منها تحدي الديمقراطية واالنفتاح السياسي، واالستهداف األمريكي والدول اإلقليمية المجاورة للوطن العربي، وتحدي وجود القواعد األجنبية فيه. وفيما يلي موجزا للمحور الثاني من هذه التحديات. المحور الثاني األ م العروبة في االستهداف األمريكي – الصهيوني: محو هوية ة الدكتور أحمد الحسيني يدور هذا البحث حول مبحثين اثنين وكلمة للمستقبل : األول، العروبة هي حاصل األمة وهويتها . الثاني، االستهداف الخارجي الراهن لأل ّمة – العروبة. المبحث األول أوال، العروبة هي حاصل األ ّمة وهويتها 1 -التالزم بين األ ّمة العربية كوجود تاريخي والعروبة كهوية تنفرد بعالماتها الفارقة. 2 -العروبة هي البصمة التي انفردت بها األ ّمة العربية عن باقي األمم. * من وقائع الندوة الحوارية لمكتب الدراسات والنشر في حزب طليعة لبنان العربي االشتراكي، .2022
2 ثانيا، العوامل الحاملة لأل ّمة – العروبة، هي أربعة عوامل اساسية : 1 -جغرافية األ ّمة – العروبة )شخصية المكان(. 2 -التفاعل الح ّي بين جماعات األ ّمة البشرية . 3 -االسالم مفصل استثنائي في مسار األ ّمة – العروبة . 4 -النظرية الفكرية المعاصرة لتجديد الحياة باأل ّمة – العروبة )عقيدة البعث العربي االشتراكي(. الحامل األول، عبقرية الجغرافية العربية : ثل الجغرافية العربية بوقوعها على خط التقسيم التاريخي بين الشرق تتمّ والغرب، وهي تتو ّسط قارات العالم الثالث آسيا وأفريقيا وأوروبا . هي المحور المركزي للعالم أي قلب العالم . ، وهناك من العلماء من جاء في القرآن الكريم " وجعلناكم أ ّمة وسطا " ، وهو يعني نقطة االرتكاز ال مثل ى في معادالت قالوا " بالوسط الذهبي " التوازن بين األشياء والمكّونات على اختالفها ومنها األماكن والمواقع الجغرافية. التوازن بين اليابسة والماء أي بين البر والنهر والبحر . التفاعل بين مثلّث ثالثي األبعاد: اآلسيوي واألفريقي والمتوسطي. حيث تتوف في سواه وهي : ّ انفرد هذا المثلث بأربع ميزات لم ر أ - مهد النبوءات في ظهورها التاريخي . ب- أرض الحضارات والسبق الحضاري. ج- نزوع ابناء المجال الى التو ّحد والمركزة بهدف تحشيد قوى المواجهة الذاتية لصيانة المجال من تغّوالت الخارج من ناحية، وتمكين الجماعات المنتمية إليه من مواصلة تفاعلها وارتقائها الحضاري وعطائها االنساني من ناحية أخرى .
3 الحامل الثاني، التفاعل الح ّي بين الجماعات البشرية لأل ّمة : عرفت الجماعات البشرية في المجال العربي تفاعالت حّية في مساراتها التطورية عبر مراحل التاريخ المتعاقبة، األمر الذي نسج بينها روابط روحية مشتركة أه ّمها وأعالها رابطة الثقافة، ووحدة الهوية واالنتماء القومي فيما بعد . الحامل الثالث، اإلسالم والعروبة: تجربة ثورية ورسالة خالدة جاء ظهور اإلسالم، كما و ّصفه مفّكر البعث " احمد ميشيل عفلق " ليكون الحادث " الخطير" في حياة العرب واأل ّمة والعروبة على السواء، " حادث قومي انساني وعالمي فيه عظة بالغة، فيه تجربة هائلة ." هو اإلسالم الذي أحدث ه ّزة روحية عنيفة ح ّركت وجدان األ ّمة الداخلي، فكانت انقالبا ثوريا في المعادالت القائمة، فاتحا لمرحلة جديدة حافلة بالمتغّيرات النوعية العميقة، التي من شأنها أن تمّد األ ّمة بعوام ل حاملة ليس فقط للنهوض بذاتِها وحسب، وإّنما لتعميم رسالتِها ال س محاء الزاخرة بالمبادئ ِ القيمّية واإلنسانية على البشرية جمعاء . ولقد أفادت األ ّمة العربية من ثالثةِ مرتكزات بنائية جديدة في ظلّ التجربة اإلسالمية العميقة وهي: المرتكز األول، بناء المجتمع العربي –اإلسالمي الجديد في مرحلة البعثة النبوية . المرتكز الثاني، بناء نواة الدولة العربية – اإلسالمية في مرحلة الخالفة الراشدية . المرتكز الثالث، تحقيق جغرافية األ ّمة السياسية في مرحلة دولتي الخالفة األموية والعّباسية .
4 ثالثا ، االستهداف والعودة الى الركود: بين أواسط القرنين العاشر والعشرين عادت هجمات الخارج لتس ّجل اختراقات بليغة في واقع األ ّمة مانعة عليها مواصلة نهوضها الحضاري، وأدخلتها في عصور من الركود واالنحطاط. وأبرز هذه االختراقات كانت خمسة هي األعمق تأثيرا : األول، تغلغل عناصر حاقدة على العروبة من غير أهل األ ّمة، ومن غير بيئتها )وخاصة البويهية الفارسية والسلجوقية( الى مواقع متنفذة في بعض مراحل دولة الخالفة العّباسية . الثاني، الزحف الفرنجي الغربي عبر سلسلة من الحمالت الصليبية التي تواصلت ألكثر من قرنين من الزمن . الثالث، غزوات وفدت من وراء الحدود الشرقية للمجال العربي بهدف السيطرة وتوظيف هذا المجال بثنائيته العربية – االسالمية في "خدمة العهود السلطانية المملوكية والعثمانية، وكذلك الصفوية الشعوبية" . الرابع، االستعمار الغربي الذي مارس التفكيك السياسي لجغرافية األ ّمة العربية عبر اصطناع كيانات سياسية )دول حديثة( تبقى متغايرة من حيث التركيب االجتماعي، والنظم السياسية، ومشدودة برهاناتها الى الخارج . الخامس، االغتصاب الصهيوني لفلسطين – قلب المجال العربي – للحيلولة دون تحقيق األ ّمة وحدتها القومية . رابعا، النظرية القومية المعاصرة كان القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق سّباقا في إعطائه النظرية القومية )البعث العربي(، بعدها الثوري االنقالبي التغييري، عندما وضع األسس والمنطلقات الفكرية لهذه النظرية في ثالثيتها التكاملية بين الوحدة والحرية واالشتراكية. فإذا كان االسالم في اللحظة التاريخية لظهوره قد أحدث ه ّزة عنيفة في الوجدان العربي والروح العربية، فإ ّن النظرية الثورية للقومية العربية المعاصرة التي أطلقها احمد ميشيل عفلق، هي في حجمها التأثيري
5 تمث ه ّزة عنيفة ثانية في الواقع الفكري والسياسي والنضالي من أجل ّ البالغ ل هدف أسمى ومركزي يقود األ ّمة نحو تحقيق وحدتها القومية، وتح ّررها من التخلف واالستعمار، وتوفير العدالة االجتماعية ألبنائها . المبحث الثاني راهنيه العروبة في مشاريع االستهداف الخارجي الدولي واإلقليمي: اإللغاء، االجتثاث والمحو تعّددت، في المرحلة الراهنة، مشاريع االستهداف الخارجي الدولي واإلقليمي، ثف منذ مطلع القرن الحالي، وهي ماتزال تعمل تفكيكا وتفتيتا وراحت تتكّ وإلغا ء ومحوا لأل ّمة والعروبة وجودا وهوية ومصيرا. تسلّط هذه الورقة ِه الضوء على مشروعين هما األخطر في استهدافات ما العروبة: األول أميركي، واآلخر صهيوني واللذان يلعب نظام الولي الفقيه في إيران دورا اساسيا فيهما. 1 -المشروع األميركي: المرتكزات االستراتيجية لهذا المشروع: أ – توظيف المجال العربي بكل خصوصياته الجيوسياسية في خدمة التراكمات الرأسمالية للشركات األمريكية المعولمة، والتخطيط لقيام "شرق اوسط" أميركي يخدم أحادية أميركا القطبية على رأس العالم من غير منافس . ب – مشروع نظام والية الفقيه في إيران لالندفاع في الوطن العربي واإلمعان في اضعافه ونهب موارده وتغييره ديموغرافيا وتقسيمه طائفيا وتحقيق االهداف المبينة ادناه ثل مفتاح الترجمة ج - تدمير العراق واحتالله واسقاط نظامه الوطني يمّ لمشروع اميركا في قيام "شرق أوسط" يكون بديال لمشروع التو ّحد القومي . د – التخطيط لحروب مفتوحة في غير قطر عربي، وكذلك ألزمات مفتوحة تبقى عصية على الحلول، األمر الذي ينتهي بسقوط الدول الوطنية العربية،
6 وتقوم سلسلة من الفدراليات الطائفية والعرقية والجهوية بديال عن الدولة الوطنية من جهة، وخارج االنتماء القومي لأل ّمة وللعروبة كهوية لها من جهة أخرى . أ ّما الدوافع األمريكية الكامنة وراء استهداف العروبة فهي ثالثة اساسية : األول: عدائي أيديولوجي )جاء في كتاب فوكوياما: العراق حلّ محل المنافس السوفياتي في مواجهة أميركا ... فقد شهدت نهاية الحرب الباردة في اوروبا تحديا سافرا من قبل العراق الذي يشكل الدين االسالمي عامال هاما في تكوينه األيديولوجي(. اضافة الى العداء الفارسي التاريخي الدفين والغطرسة والتعالي على كل ما هو عربي. الثاني: عدائي حضاري )التي عبرت عنها نظرية صدام الحضارات لهنتنغتون(. الثالث: يهودية الدولة الصهيونية الكبرى . أ – استهداف عروبة القدس. ب – عدة مشاريع اخرها صفقة القرن وخارطة طريق ليهودية الدولة . ج – رعاية التطبيع والدعم األميركي السياسي والدبلوماسي لتسويق الدولة اليهودية الكبرى من الفرات الى النيل. 2 -المشروع الصهيوني: وهذه أبرز مرتكزاته الراهنة أ – تصنيع دولة فلسطينية بقياسات ومعايير صهيونية . ب – دعم تمكين إيران وإبرازها كتهديد حتمي لالمة العربية وذلك تسهيال للتطبيع، على الرغم من العداء اللفظي والشعارات اإلعالمية الزائفة. ج - التطبيع: ترسيم توراتي لجغرافية الدولة اليهودية الكبرى . ّم االّ بعد تدمير دول الهيكل )وهي11 دولة د – سالم الدولة اليهودية لن يت عربية(.
7 ه – قيام كونفدرالية "شرق أوسطية" جديدة تحت اسم: الواليات المتحدة يمث الضربة القاضية للوحدة القومية العربية، ّ اإلبراهيمية، إذ أ ّن قيامها ل ويلغي العروبة ويمحوها كهوية تاريخية وجودية وحضارية لأل ّمة العربية . كلمة للمستقبل إ ّن األ ّمة العربية م ّرت في تاريخها المديد بظروف قاسية من االستهدافات الخارجية، صحيح أّنها استهدافات أضعفت األ ّمة وج ّمدت نشاطها الحضاري ونهضتها، لكّنها لم تستطع ان تعلن موتها وفناءها، فهي أ ّمة ظلّت حّية ولم تمت، وبقيت العروبة هويتها الحافظة، ولم يستطع أحد على محوها او اجتثاثها. فاأل ّمة العربية تختزن من القّوة الداخلية قدرة فائقة على استيعاب الصدمات واالختراقات واالحتالالت، ال بل قدرة على تحويل هذه الصدمات واالختراقات واالستهدافات الى اندفاعات مّدية ومعاودة االنطالق من جديد، فهي أ ّمة مخصوصة بالصبر والتح ّمل وإنتاج القدرات الكافية على المواجهة وتجديد ذاتها، أ ّمة الرسالة العربية الخالدة، الرسالة الع ّصية على المحو واالجتثاث، وعلى الموت والفناء والعدمية.