The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

حزب البعث العربي الاشتراك1

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search

حزب البعث العربي الاشتراك1

حزب البعث العربي الاشتراك1

‫الدكتور فالح حسن شمخي‬

‫سلسلة دراسات‬

‫‪1‬‬

‫المحتويات‬

‫‪ 1‬ـ المقدمة‬
‫‪2‬ـ الفصل الأول‬
‫أ ـ لماذا حزب البعث العربي الاشتراكي‬
‫ب ـ مقررات المؤتمر التأسيسي الأول‬
‫ج ـ المؤتمرات القومية‬
‫‪ 3‬ـ الفصل الثاني‬
‫أ ـ انتشار الحزب في الوطن العربي‬
‫ب ـ تاريخ الحزب في الأردن‬
‫ج ـ تاريخ الحزب في العراق‬
‫ح ـ تاريخ الحزب في لبنان‬
‫د ـ تاريخ الحزب في اليمن‬
‫ذ ـ تاريخ الحزب في الجزيرة العربية‬
‫ر ـ تاريخ الحزب في المغرب العربي‬
‫ز ـ تاريخ الحزب في السودان‬

‫‪ 4‬ـ الخاتمة‬
‫‪ 5‬ـ المصادر‬

‫‪2‬‬

‫المقدمة‬

‫بعد مرور أربعة عشر عاما على الاحتلال الأمريكي لأرض العراق وما حل بأمتنا‬
‫العربية من ويلات وما تعرض له حزبنا من اجتثاث أمريكي صهيوني فارسي نجد‬
‫إن حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حمل البندقية المقاومة منذ اليوم الأول‬
‫لاحتلال بغداد بحاجة إلى العمل على إعداد منهاج ثقافي مركزي الكتروني يهدف‬
‫إلى إسناد البندقية المقاتلة من جانب ومن جانب أخر منع الشطط الفكري أو عدم‬
‫قدرة البعض من رفاقنا البعثيين على الدفاع عن الفكر بالشكل المطلوب لاسيما في‬
‫هذه الأيام والبعث يتعرض إلى حملة تشويه من قبل الدوائر الاستعمارية وأبواقها‬
‫التي تنعق من الأرض العربية وارض العراق‪ ،‬فبعد أن عجز المحتل الأمريكي عن‬
‫اجتثاث البعث معتمدا على قوانين جائرة وبعد أن عجز عن إسكات البندقية‬
‫والأصوات والأقلام البعثية المقاومة عبر كل الوسائل‪ ،‬لجاء إلى العمل على تشويه‬
‫مسيرة البعث النضالية منذ التأسيس وحتى يومنا هذا‪ ،‬والمسيرة هنا مسيرة البعث‬
‫الفكرية التي مرت بتطورات ومتغيرات عبر المؤتمرات القومية والقطرية للحزب‬
‫ومن أهمها المؤتمر القومي الأول و السادس والمؤتمر القطري الثامن للحزب‪،‬‬
‫ومسيرة البعث وهو يقود الحكم في القطر العراق لمرتين وفي القطر السوري قبل‬
‫عملية الانقلاب على القيادة القومية التي تمثل الشرعية البعثية‪ ،‬من خلال رمزها‬
‫التاريخي المرحوم احمد ميشيل عفلق ‪ ،‬و رأينا كيف حاول المحتل وأعوانه تشويه‬

‫مسيرة البعث خلال السنوات العجاف ‪.‬‬

‫لم يفلح المحتل بتشويه مسيرة البعث بسبب صلابة وشجاعة المقاومة البعثية‬
‫تحت قيادة الأمين العام للحزب الرفيق عزة إبراهيم الدوري التي قاومت وستقاوم‬
‫المشروع الأمريكي الصهيوني الفارسي في العراق وفي الوطن العربي الكبير ‪ ،‬فقد‬
‫واجه البعث الاحتلال بكل ما يملك من تكنولوجيا متطورة بمقاومة عنيفة منظمة‬
‫استخدمت أسلحة بدائية الصنع ابتكرها العقل العراقي المجرب‪ ،‬و نتيجة لتطور هذه‬
‫المقاومة جاء الإعلان عن انبثاق القيادة العليا للجهاد والتحرير التي تمثل أكثر من‬
‫‪ 22‬فصيل مقاومة‪ ،‬وفي الوقت نفسه فشل المحتل وأعوانه في تشويه صورة القيادة‬
‫البعثية ومسيرتها النضالية وذلك من خلال الموقف البطولي‪ ،‬الأسطوري الذي‬
‫شاهده أبناء العراق والأمة العربية المجيدة و العالم عبر الإعلام المرئي لقيادة البعث‬
‫وعلى رأسها الشهيد القائد صدام حسين ورفاقه الشهداء اليوم التاريخي الذي أكد‬
‫شجاعة وإقدام البعث وقادة مسيرة البعث خلال ‪ 35‬سنة الذين حكموا العراق‬
‫برجولة وشجاعة قل مثيلها في وطننا العربي‪ ،‬إن استشهادهم قد منح البعث و‬
‫أعضاءه في العراق والوطن العربي فخرا ومجدا وكبرياء‪ ،‬أما موقف الرفاق‬
‫الأسرى قادة المسيرة من عسكريين ومدنيين في المحكمة المعدة لاغتيالهم‪ ،‬فهو دليل‬

‫‪3‬‬

‫على سلامة المسيرة وعلى إن المحتل الأمريكي اعجز من أن يشوه هذه المسيرة‪.‬‬
‫هذا من جانب أما من الجانب الأخر فان شعب العراق اليوم يبكي ندما على مسيرة‬
‫البعث في الحكم التي لم تستمر بسبب الاحتلال وأعوانه‪ ،‬فمع شحه الكهرباء والماء‬
‫والغذاء بسبب سرقة الاحتلال وحكوماته المتعاقبة العراق نجد إن الأمان قد فقد وهو‬
‫ابسط متطلبات العيش الإنساني وان السيادة قد أزالها الأنجاس من قاموس عراق‬
‫المنطقة الخضراء وان ظاهرة الاعتقال والقتل على الهوية والاغتصاب أصبحت من‬

‫بديهيات العصر الأمريكي والفارسي الجديد في العراق‪.‬‬

‫إن وسائل الاتصال الحديثة ومنها البرامج التلفزيونية الكثيرة التي تبث عبر مئات‬
‫القنوات تتعرض لمسيرة البعث وقيادته في محاولة لشق صفوف الحزب معتمدين‬
‫على أطروحات مشوهه فكريا‪ ،‬لذا يتوجب علينا العودة إلى دراسة الفكر البعثي‬
‫بتبصر لكي نفوت الفرصة على أعداء العراق والأمة العربية المجيدة والبعث ‪،‬‬
‫فالثقافة سلاح لا يقل أهمية عن سلاح المقاومة‪ ،‬وسفر البعث الثقافي حافل‬
‫بالمنجزات الفكرية القيمة لقادته‪ ،‬فبالإضافة إلى المؤتمرات القومية والقطرية‬
‫للحزب‪ ،‬والسلسلة الزرقاء و الحمراء هناك سلسلة نضال البعث ‪ 12‬جزء وهنالك‬

‫كتابات خالدة للمؤسس ومن أهمها في سبيل البعث والبعث والتراث‬

‫إن دراسة أي فكر بحاجة إلى خطة ومنهج وتدرج ومن غير ذلك فان الدراسة‬
‫تكون مشوشة ولا تؤدي الهدف المراد منها ‪ ،‬لذا فان المنهاج الثقافي المركزي‬
‫مطلوب بإلحاح ‪ ،‬بالرغم من الظرف الذاتي والموضوعي الذي يعيشه الحزب والذي‬
‫يتطلب التعامل مع البندقية والفعل النضالي أولا‪ ،‬كلنا يعرف إن للبعث وخلال‬
‫سنوات حكمه للعراق منهاج ثقافي للمؤيدين والأنصار والأعضاء وهناك جريدة‬
‫الحزب الداخلية‪ ،‬وكان ذلك المنهاج معبرا عن المرحلة التي كان يعيشها الحزب‬
‫وبما اصطلح على تسميته بالنضال الايجابي‪ ،‬أما اليوم والحزب يعيش النضال‬
‫السري فالمنهاج الثقافي المركزي الذي نتطلع إليه لابد له من أن يعبر عن المرحلة‬
‫الحالية مع الأخذ بنظر الاعتبار الظروف الذاتية الموضوعية التي تحيط بالحزب‬
‫جراء الاحتلال‪ ،‬لكن المنهاج الثقافي ضرورة ملحة لابد منها لاسيما وان هناك‬
‫الكثير من الشباب المؤمن بعروبته وحقه في الحرية والكرامة قد انضم إلى صفوف‬
‫الحزب خلال فترة الاحتلال في العراق وخارج العراق وهذا الجمع المؤمن يتطلع‬

‫إلى أن يقدم له رفاقه زاد ثقافي يستخدمه كسلاح مضاف إلى البندقية‪.‬‬

‫تأتي دراستي التاريخية هذا انسجاما مع ما ذكرته أعلاه وتأتي هذه كما نعتقد‬
‫والواقع العربي يمر بصراع وجودي مع قوى الشر مجتمعة من جانب والجماهير‬
‫العربية التي يمثلها حزب البعث العربي الاشتراكي من جانب أخرى ‪ ،‬والصراع‬
‫هذا يستهدف كل مقدرات الأمة التي تساهم في نهوضها الحضاري ومن هذه‬
‫المقدرات التاريخ والثقافة التاريخية ‪ ،‬لذا وجدنا إن الواجب يحتم علينا أن نتناول‬

‫‪4‬‬

‫تاريخ الحزب بأسلوب مبسط لكي ينهل منه رفاقنا الشباب والذين التحقوا في لركب‬
‫المسيرة النضالية للحزب بعد احتلال العراق عام ‪ 2003‬م ولأننا ندرك جيدا ما‬
‫تعرض له السفر الخالد للحزب من كتب وكراريس ونشرات جراء هذا الاحتلال ‪،‬‬
‫وان صعوبة الوصول إلى ثقافة حزبية مطلوبة تدعونا إلى اللجوء إلى كتابه الكتب‬
‫الالكترونية لسهولة تداولها بين رفاقنا في الحزب والهدف في النهاية هو الحفاظ‬

‫على تاريخنا الثقافي ‪.‬‬
‫أتمنى أن أكون قد وفقت في ذلك واعتذر عن السهو وعدم المرور ببعض الأقطار‬
‫العربية أو التي لم أعطيها حقها في الدراسة كما ينبغي وعذري في ذلك هو قلة‬

‫المصادر جراء الظروف الذاتية والموضوعية التي نمر بها‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫لماذا حزب البعث العربي الاشتراكي ؟‬

‫من يريد الاطلاع على التاريخ قديمه والحديث يجد أن الوطن العربي وعبر تاريخيه‬
‫كان ولازال مسرحا للكثير من الحركات التيارات والأحزاب السياسية باختلاف‬
‫منطلقاتها النظرية ومنشأ أفكارها ومبررات نشؤها‪ ،‬ويلاحظ أيضا أن هذه الحركات‬
‫والأحزاب بدل من أن تتوسع بين صفوف الجماهير من خلال طرح أفكارها والعمل‬
‫على الكسب الجماهيري ‪ ،‬انحسرت دائرة نشاطها بل والأكثر من ذلك فان البعض‬
‫منها قد تلاشى واضمحل وتحول إلى شيء من التاريخ ‪ ،‬والبعض الأخر منها قد‬

‫تنازل وساوم على منطلقاته الفكرية ‪.‬‬

‫والسؤال هو ‪ ،‬لماذا فشلت هذه الحركات والأحزاب الأممية منها والقومية‬
‫أللاشتراكية والاشتراكية اللاقومية والأحزاب الاسلاموية؟‬

‫الجواب باختصار شديد هو إن تلك الأحزاب والحركات لم تلد حقيقة من رحم‬
‫الأمة العربية المجيدة وأنها دخيلة على الواقع العربي وهي بالتالي لم تكن تحمل‬
‫مبررات لوجودها ‪ ،‬بالإضافة إلى أنها كانت تعبير عن رد فعل لموقف معين أو‬
‫لأنها أحزاب وحركات سطحية تعالج مصلحة فئة معينة من المجتمع ومرتبطة بشكل‬

‫وأخر بالدوائر المعادية للأمة‪.‬‬

‫جاءت الولادة الحقيقية التاريخية لحزب يحمل سر قوته المتمثلة بواقعية الأفكار ‪،‬‬
‫وبالدراسة العلمية الجدلية للواقع العربي بكل ما يحمله من متناقضات ‪ ،‬مكتشفا بذلك‬
‫القوانين المحركة لهذا الواقع ‪ ،‬ومقدما قوانين بديلة يهدف من خلالها إلى النهوض‬
‫الحضاري الذي تستحقه امة العرب الحية ‪ ،‬لم يكن حزبا مصطنعا أو سطحيا أو‬
‫معبرا عن موقف سياسي عابر ووقتي ‪ ،‬انه حزب البعث العربي الاشتراكي ‪ ،‬نبع‬

‫من الأرض العربية ‪ ،‬حمل أفكار وتطلعات الأمة‪.‬‬

‫اعتبر تجزئة الأمة العربية حالة طارئة فرضها الاستعمار للسيطرة على مقدرات‬
‫الأمة كي يحول بينها وبين دورها ومكانتها بين الأمم وفي العطاء الإنساني ‪ ،‬لذا‬
‫كان هدف الوحدة العربية هو الهدف الأول للحزب ولان هذا الهدف هو البديل لواقع‬
‫التجزئة وقد أعطى الحزب للوحدة مضمونها العلمي والثوري والاشتراكي ‪ ،‬وجاء‬
‫هدف الحرية كحالة من حالات الانطلاق لا إرادة وقدرة الإنسان العربي للتعبير عن‬
‫نفسه ‪ ،‬وهدف الاشتراكية والتي تعني حق الجماهير العربية في ثرواتها وحياتها‬
‫وكما يقول القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمة الله عليه ( لو سئلت عن أسباب‬
‫ميلي للاشتراكية لأجبت إن ما اطمع به منها ليس زيادة في ثروة المعامل بل زيادة‬

‫في ثروة الحياة ) ‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫بهذه الأهداف وهذا الأسلوب العلمي لبلوغها وبواقعيتها وحاجة الجماهير العربية‬
‫إليها استطاع حزب البعث العربي الاشتراكي إن يصبح حركة تاريخية ثورية شعبية‬
‫أخلاقية معبرة عن الأمة وجماهيرها التي سحقها الجهل والمرض والفقر ‪ ،‬والتي‬
‫هي صاحبة المصلحة الحقيقية في التغير الحقيقي للقوانين القديمة المحركة للواقع‬

‫البالي‪.‬‬

‫ويقول الرفيق المؤسس المرحوم احمد ميشيل عفلق في ‪ 16‬أيلول عام ‪ 1945‬إجابة‬
‫على سؤال لجريدة النضال‪:‬‬

‫السؤال ـ ما لذي دفعكم لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي؟‬

‫الجواب ـ (الدافع هو شعورنا بالضرورة التاريخية‪ ،‬فالمجتمع العربي يقف اليوم‬
‫على مفترق طرق‪ .‬وهو أما أن يستمر في الطريق الذي يسيره فيه قادة السياسة‬
‫الحاضرة‪ ،‬الذين يرضون بالواقع الفاسد فيستنكرون على البلاد هذا التقدم الضئيل‬
‫وهذه النتائج الطفيفة التي انتهت إليها سياستهم في أربعين سنه‪ ،‬ويحكمون هكذا على‬
‫الأمة بان تبقى متأخرة مهملة الوزن في العالم‪ ،‬وأما أن يوقف العرب هذا التدهور‬
‫بنتيجة تحول عنيف‪ ،‬واستجماع للإرادة‪ ،‬ووعي الإمكانيات الحقيقية الكافية‪ ،‬فيسيروا‬
‫في طريق جديد صاعد‪ ،‬يستمد قيمه وأحكامه وغايته من خصال العربي الأصيل‪،‬‬
‫ومبادئ الرسالة العربية المتعالية على الواقع ونسبية أحكامه‪ .‬هذا الطريق الجديد‬
‫يقتضي ظهور قيادة جديدة تمثل جوهر الشعب لا ظاهره‪ ،‬ومستقبله لا حاضره‪،‬‬
‫وبهذا المعنى يكون حزبنا حزب الجيل العربي الجديد‪ ،‬الزاخر بالأمل والنشاط‪،‬‬
‫والمتطلع إلى مستقبل يليق بماضي أمته المجيد‪ ،‬وبحاضر الأمم القوية الراقية‪،‬‬

‫والذي يريد أن تكون السياسة العربية رسالة لا حرفة(‪.‬‬

‫لقد ساهم الحزب مساهمة جادة ومنذ تأسيسه في التعبير عن منطلقاته الفكرية والتي‬
‫جسدها عمليا ومن خلال قاعدته الجماهيرية بالمواقف التي وقفها تاريخيا من‬
‫الإحداث التي تعرض لها العراق أيام الحكم الملكي وتطوع أعضاء الحزب في ما‬
‫أطلق عليه آنذاك (نصرت فلسطين) وشارك في العمل الفدائي عام ‪ 1948‬م وكان‬
‫القائد المؤسس في المقدمة ‪ ،‬وكان للحزب موقفه المعروف أيام تأميم قناة السويس‬
‫في مصر والعدوان الثلاثي عليها عام ‪1956‬م وللحزب مواقفه الشجاعة من كل‬

‫القضايا التي مرت بها ألأقطار العربية ‪.‬‬

‫مرحلة ما قبل التأسيس وتسمية الحزب‬
‫(حزب البعث العربي الاشتراكي)‬

‫بعد عودة المرحوم احمد ميشيل عفلق والمرحوم صلاح البيطار من الدراسة في‬
‫باريس في الثلاثينيات عملوا كمدرسين في جامعة دمشق ومن هناك بدأت المرحلة‬

‫‪7‬‬

‫التبشيرية بمبادئ وأفكار وأهداف وشعار البعث والتي امتدت منذ ‪1935‬م حتى عام‬
‫‪1943‬م ثم بدأت تتداخل خطوطها مع مرحلة التبشير التنظيمي والتي تعتبر مرحلة‬

‫التأسيس والتي اتسعت ساحتها في أوساط الطلبة والمعلمين والمثقفين ‪.‬‬

‫في بداية ‪1941‬م كان البعثيون قد أصدروا بياناً سياسياً باسم (حركة الإحياء‬
‫العربي) ‪ ،‬وقد شهدت سنة ‪1945‬م لقاء المرحوم أحمد ميشيل عفلق القائد المؤسس‬
‫والمرحوم صلاح الدين البيطار ومدحت البيطار لإخراج الحركة إلى حيز العمل‬
‫المنظم فصدرت عن الحزب في سنة ‪1946‬م نشرة أولى تحت عنوان (البعث ) مما‬
‫أكد أن الفعالية الفكرية والسياسية كانت مواكبة بعضها لبعض فشكلت مسيرة‬
‫متكاملة حتى السابع من نيسان عام ‪1947‬م وهو تاريخ أول مؤتمر تأسيسي عقده‬
‫حزب البعث العربي على طريق إنشاء وتكوين حركة سياسية شعبية عقائدية ثورية‬
‫تعبر عن منهج ثوري قومي بأداة تنظيمية قومية واحدة تعبر عن حاجات حركة‬
‫التحرير الحقيقية‪ .‬ومن هذا المؤتمر انطلقت ملامح المسيرة التنظيمية وتحركت‬
‫طلائع البعث داخل مختلف الساحات وأنشأت منظمات الحزب في لبنان وفلسطين‬
‫والأردن والعراق واليمن وغيرها من أقطار الأمة‪ .‬في سنة ‪ ،1953‬اندمج حزب‬
‫البعث مع الحزب العربي الاشتراكي الذي كان يرأسه أكرم الحوراني في حزب‬
‫واحد هو (حزب البعث العربي الاشتراكي) كحزب قومي علماني يسعى لخلق جيل‬
‫عربي جديد مؤمن بوحدة أمته وكان للقائد المؤسس احمد ميشيل عفلق الدور الأول‬
‫والأساسي في وضع الأسس الفكرية والمبادئ الأساسية لحزب البعث العربي‬
‫الاشتراكي وشعاره وثوابته المبدئية ونظرية القومية والاشتراكية‪ ،‬ومجمل فلسفته‬
‫ونظرته للإنسانية‪ .‬أما نشر أفكار الحزب والنواحي التطبيقية فهذا كان يتطلب هيئة‬
‫إدارية تحقق ذلك على صعيد الواقع‪ ،‬فكان هناك العمل التنظيمي والاحتكاك على‬
‫صعيد واسع بمختلف فئات الشعب إضافة إلى عمل إداري لا بد منه أو تنظيم‬
‫التظاهرات والمناشير أو غيرها‪ ،‬وهنا كان عمل رفاقه الأوائل ملازماً لعمله‪ .‬وكان‬
‫مع المؤسس في الحلقة الأولى مجموعة من الأعضاء في مقدمتهم صلاح البيطار‬
‫وجلال السيد ومدحت البيطار (الذي لا تربطه علاقة قربى بصلاح البيطار)‪ ،‬واهم‬

‫الذين شكلوا القيادة الأولى للحزب‪.‬‬

‫يعتبر القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق وضع الأسس الفكرية والمبادئ الأساسية‬
‫لحزب البعث وشعاره وثوابته المبدئية ونظرية القومية والاشتراكية‪ ،‬ومجمل فلسفته‬
‫ونظرته للإنسانية‪ .‬أما نشر أفكار الحزب والنواحي التطبيقية فهذا كان يتطلب هيئة‬
‫إدارية تحقق ذلك على صعيد الواقع‪ ،‬فكان هناك العمل التنظيمي والاحتكاك على‬
‫صعيد واسع بمختلف فئات الشعب إضافة إلى عمل إداري لا بد منه أو تنظيم‬
‫التظاهرات والمناشير أو غيرها‪ ،‬وهنا كان عمل رفاقه الأوائل ملازماً لعمله‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫المؤتمر التأسيسي الأول للحزب ‪ 4‬ـ ‪ 6‬نيسان ‪1947‬م‬

‫توج حزب البعث نضاله القومي عبر انعقاد مؤتمراته القومية التي كان من أهمها‬
‫المؤتمر التأسيسي الأول الذي تضمن بيانه السياسي العام أهم المقررات‪ .‬قامت‬
‫عقيدة البعث القومية على أسس ثلاث وهي إن الحزب عربيا‪ ،‬انقلابيا‪ ،‬شعبيا‪ ،‬عربي‬
‫بمعنى انه لم يكتفي بإقرار الفكرة القومية بل جسدها في واقعه من خلال قيادة قومية‬
‫تمثل اعلي سلطة في الحزب وتمثل تنظيمات الحزب المنتشرة في كل الأقطار‬
‫العربية‪ ،‬والحزب يتعامل مع مشكلات الأمة العربية ككل لا يتجزأ‪ ،‬فهو لا يعالج‬
‫المشاكل القطرية إلا على ضوء مصلحة الأمة العربية الواحدة‪ ،‬وقد ترجم الحزب‬
‫ذلك عبر مسيرته في القطر العراقي قبل الاحتلال الذي جاء ليسقط تجربة البعث‬
‫القومية لأنه وجد فيها التهديد الحقيقي لمصالحة في المنطقة العربية‪ ،‬والدليل على‬

‫ذلك هوان القرار الأول الذي أصدره المحتل هو قرار (اجتثاث البعث)‪.‬‬

‫أما الركن الثاني في عقيدة البعث فهي إن الحزب لا ينظر إلى الأمور السطحية‬
‫والعارضة في السياسة العربية وإنما يسعى إلى قلب أسس هذه السياسة‪ ،‬ويعتقد إن‬
‫الإصلاحات الثانوية التي تنادي بها الحكومات العربية الحاضرة وتعتبرها رئيسية‬
‫تتبع حتما ذلك الانقلاب‪ ،‬والانقلابية قد جسدها البعث في ظل حكمه للعراق عبر‬
‫خمسة وثلاثين سنة فهو الذي أمم النفط وهو الذي قضى على الأمية وهو الذي‬
‫اصدر بيان آذار وأعطى حقوق الأقليات في العراق وهو الذي قاد تنمية شاملة في‬
‫كل الميادين وكان بحق انقلابا شامل على كل ما هو مألوف في حياتنا العربية‬
‫المعاصرة الأمر الذي قاد إلى أن تتعرض تجربته إلى هجمة امبريالية وصهيونية‬

‫وصفوية ورجعية‪.‬‬

‫إن الأهداف والغايات التي حددها البعث والتي نشرها في العام ‪ 1946‬في العدد‬
‫الأول والثاني من جريدة البعث والتي نلخصها في النقاط التالية والتي نجد إن‬
‫الضرورة تقتضي التعريف فيها بعد أن تعرض البعث إلى ما تعرض إليه عبر‬

‫الماكينة الإعلامية الامبريالية والصهيونية والصفوية هي‪:‬‬
‫‪1‬ـ حزب البعث حزب عربي ليس في اسمه وفي غايته فحسب‪ ،‬بل أيضا في واقعه‬
‫وتنظيمه وأسلوب عمله فتنظيمه في سائر الأقطار العربية وهو لا يعالج السياسة‬

‫القطرية إلا من وجهة نظر المصلحة العربية العليا‪.‬‬

‫‪2‬ـ هدفه تحرير العرب في جميع أقطارهم من كل أنواع الاستعمار الأجنبي‪ ،‬وتنظيم‬
‫الأمة العربية في دولة مستقلة واحدة قائمة على فكرة القومية العربية في سبيل‬

‫تحقيق النهضة الحديثة الشاملة وبعث الرسالة العربية الخالدة‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫‪3‬ـ الفكرة القومية العربية هي الإيمان العميق بأن الشعب العربي عريق بين الشعوب‬
‫في نبله وتعشقه للحرية وان له عبقرية خاصة وحيوية متجددة تحفزه باستمرار إلى‬
‫إظهار نشاطه وكفاءته في أعمال الفكر والعمران وميادين البطولة ليكشف عن‬

‫عبقريته ويثبت شخصيته على أكمل صورة تتمثل فيها الإنسانية الصحيحة‪.‬‬

‫‪4‬ـ العربي هو من كانت لغته العربية وعاش في الأرض العربية أو تطلع إلى الحياة‬
‫فيها وتشبعت روحه بالقومية العربية والولاء الخالص للغة العرب وتاريخهم المجيد‬
‫في الماضي‪ ،‬وكان في إيمانه بوحدة مصيره معهم يتشوق إلى مستقبل خليق بهذا‬
‫الماضي‪ ،‬ولم يشرك في ولائه أمة أو فكرة أخرى ثم كانت أفعاله منسجمة مع‬

‫عقيدته‪.‬‬

‫‪5‬ـ غير العرب من الأقليات القومية التي لا يمكن أن تندمج في المجموع العربي‬
‫وتستعرب بصورة تامة تخضع لقوانين خاصة تحدد حقوقها وواجباتها بصورة‬

‫تمنعها من الإضرار بمصالح العرب‪.‬‬

‫‪6‬ـ الشعب العربي مصدر كل سلطة لذلك وجب إلغاء كل ما عقدته الحكومات من‬
‫معاهدات واتفاقات وصكوك تخل بسيادة العرب التامة‪.‬‬

‫‪7‬ـ الشعب العربي مصدر كل قيادة‪ ،‬وقادة الشعب العربي هم الذين فيهم تتمثل‬
‫عبقريته وفضائله يخرجون من صميمه لا من الطبقة المستغلة التي اختلطت‬

‫بالأجانب وطغت عليها المصالح الشخصية‪.‬‬

‫‪8‬ـ الدولة العربية دولة اشتراكية بمعنى إن مصلحة المجموع هي فوق مصلحة‬
‫الفرد والطبقة‪ ،‬وان غاية الدولة إسعاد اكبر عدد من أفراد الشعب العربي وتزويدهم‬

‫بكل الوسائل والفرص ليستطيعوا تحقيق عروبتهم على أكمل صورة‪ ،‬وهذه‬
‫الاشتراكية تستمد من روح الأمة العربية وحاجاتها العميقة وأخلاقها الأصيلة ولا‬

‫تستند إلى إي نظرية أجنبية‪.‬‬

‫‪9‬ـ إن حق التملك يجب أن يبرره الجهد والعمل وان لا يتعارض مع المصلحة‬
‫العامة وان لا يخل بالانسجام القومي والعدل الاجتماعي‪.‬‬

‫‪10‬ـ جعل المؤسسات والموارد والمرافق ذات النفع العام ملكا للدولة‪ ،‬وإخضاع‬
‫جميع الصناعات والمشروعات الاقتصادية لرقابة الدولة تبعا للسياسة الاقتصادية‬
‫العربية العليا من جهة‪ ،‬ووفق مبدأ الانسجام القومي من جهة أخرى‪ ،‬ولمنع استغلال‬

‫رأس المال لحق العمل‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬ـ على الدولة أن تضمن لكل فرد من أفراد الشعب العربي عملا يعيش من ثماره‬
‫عيشا كريما‪ .‬ولا يجوز أن تستخدم الأجانب في المشروعات الاقتصادية العامة‬

‫والخاصة أذا كان بين المواطنين العرب من يمكنه أن يحل محلهم‪.‬‬

‫‪12‬ـ على كل مواطن عربي أن يمتهن عملا فكريا أو يدويا شريطة أن يخدم عمله‬
‫مصلحة المجموع وينسجم معها‪.‬‬

‫‪13‬ـ سن تشريع اجتماعي يحدد حقوق وواجبات رأس المال والعمل‪ ،‬والعلاقة‬
‫بينهما على أساس مبدأ الانسجام القومي‪ ،‬ويكفل إنشاء مؤسسات غايتها حماية‬

‫المواطنين العرب من البطالة والمرض والعجز وطوارئ العمل‪.‬‬

‫‪14‬ـ التعليم في البلاد العربية موحد في الفكر والأسلوب يقوم على أساس الفكرة‬
‫العربية التي تعتبر الأمة العربية وحدة حية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها ويوجه‬

‫وفقا لأهداف النهضة القومية المنشودة‪.‬‬

‫‪15‬ـ التعليم الابتدائي إلزامي‪ ،‬وعلى الدولة ان تمكن كل عربي من نيل النصيب‬
‫الكافي من العلم والمعرفة والوصول الى المراكز التي يؤهله لها عمله وإخلاصه‪.‬‬

‫‪16‬ـ أيجاد كليات ومعاهد في جميع نواحي النشاط العلمي وتطبيقاته تسمح لا‬
‫صحاب المواهب بمتابعة بحوثهم المختلفة‪.‬‬

‫‪17‬ـ إخضاع المدارس والمعاهد الأجنبية لكل فوانيين الدولة العربية‪.‬‬

‫‪18‬ـ حصر مهنة التعليم وكل ما له مساس بالتربية الوطنية بالمواطنين العرب‪،‬‬
‫يستثنى من ذلك التعليم العالي‪.‬‬

‫‪19‬ـ توجيه كل وسائل النشر نحو كل ما يتفق ومصلحة القومية والأخلاق العربية‪.‬‬

‫‪20‬ـ جعل الحالة الصحية في مستوى راق بين كل الطبقات وفي جميع مناطق‬
‫البلاد العربية وتربية النشء الجديد تربية بدنية سليمة‪.‬‬

‫المؤتمرات القومية الأخرى‬

‫‪ 1‬ـ المؤتمر القومي الثاني ‪ ،‬حزيران ‪1954‬م‬

‫في تشرين الأول ‪ ، 1953‬صدرت نشرة سرية بعنوان ( مؤتمر قومي حزبي ) ‪،‬‬
‫عبرت عن ضرورة تجسيد وحدة النضال العربي في خطط سياسية موحدة‬
‫ومنسجمة‪ ،‬يسيرها منطق واحد ‪ ،‬وفي حزيران ‪1954‬م انعقد أول اجتماع لممثلي‬
‫قيادات الحزب في سوريا والأردن والعراق ولبنان ‪ ،‬انتخبت فيه أول قيادة قومية ‪،‬‬

‫‪11‬‬

‫واقر فيه نظام داخلي قومي ‪ ،‬وبهذا الاعتبار ‪ ،‬اخذ الاجتماع المذكور طابع (مؤتمر‬
‫قومي ثاني)‪.‬‬

‫لذلك فأم المؤتمرات التي انعقدت خلال الخمسينيات كانت ترسيخا للمعنى القومي‬
‫لنضال الحركة العربية الثورية ‪ ،‬ودفعا للنضال القومي في اتجاه التركيز على‬
‫الصيغ التنظيمية والإستراتيجية والفكرية التي تنقل الثورة العربية إلى مرحلة‬

‫انطلاقة جديدة‪.‬‬

‫وقد غطت هذه المرحلة السنوات ‪1954‬ـ‪ ، 1959‬التي شهدت أروع انجاز لنضال‬
‫الحركة العربية الثورية بقيام وحدة عام ‪ 1958‬بين سورية ومصر ‪ .‬إلا أن هذه‬
‫المرحلة لم تنج في الأخير من أعراض الأزمة‪ ،‬فقد انتكست الحركة الوطنية في‬
‫الأردن وانحرفت ثورة ‪ 14‬تموز في العراق عن مسارها‪ ،‬وبدأت تجربة الوحدة في‬
‫الجمهورية العربية المتحدة تتعثر ‪ ،‬لذلك كان لابد أن يأتي المؤتمر القومي الثالث‬
‫في أيلول عام ‪ ، 1959‬لمعالجة الوضع القومي ورسم إستراتيجية الحركة العربية‬
‫الثورية على ضوء المعطيات الجديدة‪ .‬فقد اكتسبت الطليعة الثورية العقائدية لحزب‬
‫البعث العربي الاشتراكي قدرة جبارة على تحديد أخطاء ونواقص المسيرة العربية‬

‫الثورية ‪ ،‬والتغلب عليها في انطلاقات دائمة متزايدة العمق والفعالية‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ المؤتمر القومي الثالث ‪ ،‬آب ـ أيلول ‪1959‬م‬

‫وعلى هذا الأساس جاءت قرارات المؤتمر القومي الثالث الذي انعقد بين ‪27‬اب ـ ‪1‬‬
‫أيلول من عام ‪ ، 1959‬ليحدد الإستراتيجية الجديدة للعمل الحزبي وللسياسة العربية‬

‫والدولية ‪.‬‬

‫فعلى الصعيد الحزبي ‪ ،‬انتهى المؤتمر إلى تحديد شروط الانطلاقة الجديدة ‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الالتزام بالديمقراطية المركزية كصيغة ثورية ناضجة في تبيت العلاقات‬
‫الموضوعية في التنظيم الثوري ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ العمل بحزم على تحقيق مبدأ القيادة الجماعية في مختلف مستويات الحزب‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تمتين وحدة الحزب القومية وفعاليتها النضالية‪.‬‬

‫أما على صعيد سياسة الحزب القومية ‪ ،‬فقد انطلقت مقررات المؤتمر القومي‬
‫الثالث من تقرير ( حاجة المعركة الأساسية ضد الاستعمار إلى حشد جميع إمكانيات‬
‫شعبنا وتوفير جميع الضمانات لهذه المعركة )‪ ،‬إلى اعتبار (توحيد قوى وخطط‬
‫النضال في كل الأقطار العربية وتنظيم وحدة النضال ) الشرط الأساسي للانتصار‬

‫‪12‬‬

‫على العدو وبالتالي إلى إقرار التوصية القائلة بضرورة ( التعاون مع جميع القوى‬
‫الثورية في المشرق والمغرب العربيين وتكوين جبهة شعبية صلبة مع هذه القوى)‪.‬‬

‫وقد حدد المؤتمر المجالات الرئيسية لعمل هذه الجبهة في (ترسيخ الوحدة بين‬
‫سورية ومصر والدفاع عنها) ‪ ،‬وفي ( تنظيم التضامن العربي مع الثورة العربية‬
‫في الجزائر ‪ ،‬لضمان ديمومة الدعم ) ‪ ،‬وفي ( النضال لإحباط مشاريع تصفية‬
‫القضية الفلسطينية وقضية الأجزاء المحتلة والمغتصبة من الأرض العربية ) ‪ ،‬وفي‬
‫( الكفاح الحازم ضد الرجعية المتآمرة ) ‪ ،‬وفي ( مضاعفة الصراع ضد الاستعمار‬

‫الغربي وعملائه)‪.‬‬

‫وحدد المؤتمر السياسة العالمية التي ينتهجها نضال الحركة العربية الثورية كطليعة‬
‫للنضال التحرري العربي على ضوء المبدأ الذي ينطلق من الحزب والقائل ‪( :‬‬
‫بوحدة معركة التحرر في العالم ووحدة ارتباط نضال الشعب العربي بنضال‬
‫الشعوب المستعمرة والمستغلة) وعلى ضوء الظروف الدولية التي تحيط بتجارب‬
‫التحرر ‪ ،‬وحاجة الثورة العربية إلى دعم الشعوب المكافحة من اجل الحرية ‪،‬‬

‫وحاجتها إلى أن تتفتح في جو النضال الإنساني ‪.‬‬

‫لذلك أكد المؤتمر على (الإصرار على موقف الحياد الايجابي وتدعيمه) ‪ ،‬وحدد‬
‫المضمون التحرري لهذا الموقف ‪ .‬كما أكد على (توسيع وتقوية التضامن الأسيوي ـ‬
‫الإفريقي في سائر المجالات الدولية وتدعيم التعاون بين الشعب العربي والشعوب‬
‫المناضلة والقوى التقدمية في العالم)‪ .‬وعلى تصعيد سياسة (تصفية الاستعمار‬
‫ومقاومة سياسية الحرب والتسلط على الشعوب وفضح التحالف الصهيوني ـ‬
‫الاستعماري وزيف اشتراكية إسرائيل في الأوساط الاشتراكية العالمية والمناطق‬

‫التي استقلت أخيرا أو تناضل لنيل استقلالها)‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ المؤتمر القومي الرابع ‪ ،‬آب ‪1960‬م‬

‫بعد عام كامل ‪ ،‬أي في أواخر أب ‪ ، 1960‬انعقد المؤتمر القومي الرابع ‪،‬ويأتي‬
‫هذا المؤتمر بالمرتبة الثانية بعد المؤتمر التأسيسي الأول من حيث جدية التحضير‬
‫وشمولية التقارير ‪ ،‬وفيه انتهت اللجان الأربعة التي ناقشت التقارير السياسية‬
‫والمالية والتنظيمية وأسلوب العمل الحزبي ‪ ،‬إلى وضع التوصيات في صياغتها‬
‫النهائية ‪ .‬وقد اعتبرت تلك التوصيات ( الأساس في نظرة الحزب إلى الواقع العربي‬
‫) لأنها جاءت شاملة في تحليلها للظروف الذاتية والموضوعية لذلك الواقع في مطلع‬
‫الستينات ‪ ،‬كما إن تلك النظرة قد صدرت عن إحاطة نقدية بأزمة النضال العربي ‪،‬‬

‫وعن ممارسة صادقة وجديدة للنقد الذاتي ‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫لقد دعت تلك التوصيات إلى (بناء الحزب بناء ثوريا يجعله في مستوى رسالته‬
‫ومسؤولياته القومية) وإعطاء العمل الفكري (أولوية في العمل الحزبي ) ورفض‬
‫الأساليب ( غير الشعبية في النضال والعمل السياسي الذي يجمد دور الشعب‬
‫والحزب في النضال) واعتبار النضال (الأسلوب الوحيد لتحقيق مهام الحزب‬

‫المرحلية ‪ ،‬وللتحضير للثورة الشعبية)‪.‬‬

‫هذا على صعيد العمل الحزبي ‪ .‬أما التوصيات السياسية ‪ ،‬فقد تناولت ضرورة‬
‫(طرح مطلب الديمقراطية على نطاق الجمهورية العربية المتحدة بإقليميها) ونقد (‬
‫الأسلوب القائم على عدم الأيمان بدور الشعب الذي يجعل من سيطرة أجهزت‬
‫المخابرات بديلا لكل تحرك شعبي ولحرية كل تنظيم شعبي ) ‪ ،‬وضرورة إقامة (‬
‫جبهة شعبية تقدمية على الصعيد العربي مستقلة عن أسلوب الحكم) والعمل على (‬
‫تحقيق أوضاع ديمقراطية في الجمهورية العربية المتحدة لتفسح المجال للمشاركة‬
‫الشعبية عن طريق المنظمات التقدمية لحماية الوحدة وتنمية التفاعل الشعبي داخلها)‬
‫وعلى (توضيح فردية النظام القائم وتكوين رأي عام عربي للضغط على الجمهورية‬
‫العربية المتحدة لتصحيح أوضاعها وأساليبها في العمل القومي )‪ .‬وكذلك العمل على‬

‫(فضح المؤامرات الاستعمارية والرجعية التي تسعى إلى تفكيك الوحدة)‪.‬‬

‫أما بصدد القضية الفلسطينية ‪ ،‬فالمؤتمر الرابع يرى ( إن حل قضية فلسطين‬
‫والقضاء على كيان إسرائيل ‪ ،‬وإعادة الأراضي المغتصبة إلى أهلها ‪ ،‬منوط بإحداث‬
‫انقلاب أساسي في حياة الشعب العربي على الصعيد القومي)‪ .‬أما المهام المرحلية ‪،‬‬
‫فتفرض على الصعيد الفلسطيني ( تأليف جبهة شعبية تضم كافة التنظيمات‬

‫الفلسطينية في الأقطار العربية ‪ ،‬مستقلة عن الحكومات )‪.‬‬

‫كما تناولت التوصيات السياسية تحديد إستراتيجية العمل الحزبي في المغرب‬
‫العربي ولبنان والعراق وإزاء الجمهورية العربية ‪ .‬أما على الصعيد الدولي ‪ ،‬فقد‬
‫اكتفت توصيات المؤتمر بالتأكيد على التزام موقف الحياد الايجابي في الصراع‬

‫الدولي‪.‬‬

‫ولأول مرة يتوقف مؤتمر للحزب على أزمة الحزب ويحدد أسبابها ‪ ،‬ويتناول‬
‫بالتحليل قرار حل الحزب في الجمهورية العربية ‪ ،‬ويحدد دور الحزب في حياة‬
‫العرب كحركة تاريخية يتعدى دورها تحقيق الوحدة السياسية بين الأقطار القائمة‬
‫إلى تحقيق المجتمع الاشتراكي وتحقيق إنسانية الإنسان العربي ‪ .‬وأخيرا يحدد‬
‫أسلوب العمل الحزبي ‪ ،‬وموقف الحزب من الحكم وتحديد الشروط الثورية لاستلام‬

‫الحكم‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫‪ 4‬ـ المؤتمر القومي الخامس ‪ ،‬أيار ‪ 1962‬م‬

‫جاء المؤتمر الخامس بعد نكسة الانفصال ‪ ،‬فكان من الطبيعي أن يكون أمامه أن‬
‫يواجه نوعين من الأزمات ‪ :‬الأزمة العامة التي دخلت فيها التجربة الوحدوية ‪،‬‬

‫والأزمة الخاصة المتعلقة بردود الفعل داخل الحزب على ملابسات تلك التجربة‪.‬‬

‫وقد انطلق المؤتمر القومي الخامس ‪ ،‬الذي انعقد في مدينة (حمص ) السورية ‪ ،‬من‬
‫تقرير جملة حقائق أولية ‪ :‬وهي إن ( الوحدة العربية هي اقوي وأعمق دافع لوجود‬
‫حزب البعث ‪ ،‬وان الوحدة مرادفة لوجود العرب كأمة ذات شخصية حضارية ‪،‬‬
‫وإنها لا يمكن أن تتم من نفسها ‪ ،‬وإنها تحتاج إلى ثورة شعبية) ‪ ،‬وان هذا الهدف‬
‫القومي (عرضة لأكبر تأمر في هذا العصر) وان تاريخ الانفصال ‪ 28‬أيلول‬

‫‪( 1961‬هو تاريخ اكبر مؤامرة رجعية استعمارية)‪.‬‬

‫وعلى هذه الحقائق الأولية يبني المؤتمر القومي الخامس النتائج التي ينتهي إليها‬
‫تحليله لأسباب فشل تجربة الوحدة ولا سباب النكسة التي أوقعها الانفصال بالثورة‬
‫العربية ‪( :‬حزب البعث يجب أن يكون حزب الوحدة ‪ ،‬وهو المسؤول عن النهوض‬
‫بالوحدة من نكستها ‪ ،‬وان يعود بالوحدة إلى مجال التحقيق والتطبيق الناجح ‪ ،‬وان لا‬
‫يمكن القوى الانفصالية من ترسيخ منطق الانفصال كعقيدة بديلة لعقيدة الوحدة ‪ ،‬وان‬
‫يناضل من اجل محو اثأر فشل التجربة الماضية ‪ ،‬حتى تكون الوحدة وحدة شعب ‪،‬‬
‫ووحدة قوى شعبية ووحدة نضال شعبي ‪ ،‬بعيدة عن أي تسلط فردي أو بوليسي أو‬

‫إقليمي)‪.‬‬

‫وهكذا فان الموضوع الرئيسي الذي كان محور جدول أعمال المؤتمر القومي‬
‫الخامس الذي انعقد في شهر أيار من عام ‪ ،1962‬هو تحديد مفهوم الوحدة‬
‫وإستراتيجية العمل الوحدوي على ضوء تحليل أسباب فشل تجربة الوحدة وقيام‬
‫الانفصال ‪ ،‬واتخاذ المواقف العملية من بعض العناصر القيادية التي وقفت مواقف‬
‫مناقضة لعقيدة الحزب ‪ ،‬وتحديد الموقف المعبر عن وحدوية الحزب الذي يشكل‬

‫الرد الثوري على الاتجاهين الخاطئين التاليين ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الانزلاق التدريجي من انتقاد أخطاء الحكم إلى التشكيك بفكرة الوحدة مع الشعب‬
‫العربي في مصر‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الاتجاه العاطفي اللاواعي الذي يدعو للوحدة ‪ ،‬دون الاهتمام بالأسس التي تبنى‬
‫عليها ‪ ،‬وبالشروط والضمانات التي تحميها وتنميها‪.‬‬

‫وعلى هذا الأساس دعا المؤتمر القومي الخامس إلى الوحدة بين سورية ومصر‬
‫على أساس المفهوم الثوري المبدئي القائم على وحدة العلاقة بين مفاهيم الوحدة‬

‫‪15‬‬

‫والحرية والاشتراكية ‪ .‬وقرر إعادة تنظيم الحزب في القطر السوري على أساس‬
‫النضال من اجل تحقيق هذا الهدف‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ المؤتمر القومي السادس ‪ ،‬تشرين أول ‪1963‬م‬

‫سبق المؤتمر القومي السادس الذي انعقد في تشرين الأول ‪ ، 1963‬وصول الحزب‬
‫إلى الحكم في كل من سورية والعراق وتوقيع ميثاق الوحدة الثلاثية في ‪ 17‬نيسان‬
‫‪ ، 1963‬ثم انسحبت القاهرة منه ‪ ،‬وقد انعقد المؤتمر في ظروف قومية تداخلت‬
‫فيها التأثيرات الايجابية والسلبية ‪ ،‬وعوامل التطوير والتزوير والدوافع الموضوعية‬
‫والذاتية ‪ .‬وكان ذلك تعبيرا عن أزمة مزدوجة في الثورة العربية بوجه عام وفي‬
‫القوى الثورية التي تفاوتت في درجة انتسابها إليها من جهة أخرى ‪ .‬وقد كان‬
‫المؤتمر القومي السادس مساهمة جدية على الصعيد الفكري في توضيح وتحديد‬

‫بعض النقاط التي كان يكتنفها الغموض والتردد في الإيديولوجية العربية الثورية‪.‬‬

‫كما كانت معالجة المؤتمر الشاملة للأوضاع التنظيمية ولعلاقة الحزب بالجماهير‬
‫والسلطة وتأكيده على صحة مبدأ المركزية الديمقراطية كأساس لنظرية الحزب‬
‫التنظيمية وعلى مبدأ القيادة الجماعية وعلى التركيب الاجتماعي للحزب المجسد لا‬
‫هداف الثورة الاشتراكية ‪ ،‬وعلى ضرورة تنبه الحزب للظواهر الانتهازية‬
‫واللامبدئية خلال تجربة الحكم ‪ ،‬وعلى أهمية الرقابة الجماهيرية ‪ ...‬تعبيرا عن‬
‫نظرته إلى العلاقة بين الحزب والسلطة وعن تصوره لدور الحزب وعلاقته‬

‫بالجماهير ‪.‬‬

‫كما إن بحث المؤتمر في قضايا التحويل الاشتراكي في القطرين السوري والعراقي‬
‫‪ ،‬وفي قضايا النضال العربي كقضية الوحدة بين سورية والعراق والموقف من‬
‫عدوان الرجعية المغربية على الجزائر ومن تحويل نهر الأردن ومن ثورة اليمن‬
‫ومن نظام عبد الناصر ومن فكرة إنشاء جبهة لتحرير فلسطين وجبهة عربية تقدمية‬
‫على مستوى الوطن العربي ‪...‬قد جاءت كلها ضمن المنطق العلمي الثوري للحركة‬
‫العربية الثورية ‪ .‬وكذلك قضايا السياسة الدولية ‪ ،‬كمشكلة الاستعمار وسياسة عدم‬
‫الالتزام بالمعسكرات الدولية والعلاقة مع شعوب العالم الاشتراكي وبلدان العالم‬

‫الثالث ومحاربة أنواع التمييز العنصري في العالم‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ المؤتمر القومي السابع ‪ ،‬شباط‬

‫بعد اقل من اربعة اشهر ‪ ،‬أي في شباط ‪ ، 1964‬كان لا بد من ان ينعقد مؤتمر‬
‫قومي موسع ‪ ،‬في ظروف مختلفة عن ظروف المؤتمر القومي السادس ‪ .‬فقد وقعت‬
‫نكسة ‪ 18‬تشرين في العراق بعد اقل من شهر على نهاية المؤتمر القومي السادس ‪،‬‬
‫ودخلت الازمة الى واقع القيادة القومية ذاتها ‪ ،‬فكان لابد من انعقاد مؤتمر قومي‬

‫‪16‬‬

‫للحزب لتدارك الوضع وتطويق النتائج الخطيرة التي اخذت تنعكس على تجربة‬
‫الحزب في القطر السوري ايضا ‪ ،‬ومعالجة الازمة وتحديد اطارها وعواملها‬
‫وانتخاب قيادة جديدة تتولى معالجة الاوضاع والظروف الجديدة التي دخلت فيها‬
‫تجربة الحزب ‪ .‬لقد كانت نكسة ‪ 18‬تشرين صدمة مذهلة ‪ ،‬وخاصة بالنسبة الى‬
‫القواعد المناضلة الشديدة المراس في القطر العراقي ‪ ،‬وللجماهير الواسعة المتفاعلة‬

‫معها‪ ،‬كما كانت بالنسبة لقواعد الحزب في كل مكان ‪.‬‬

‫قاطع علي صالح السعدي ومؤيدوه المؤتمر ‪ ،‬لذا فقد عقد المؤتمر في جو متوتر‬
‫‪ ،‬ساهمت بعض العناصر ‪ ،‬التي كان لها دور في نكسة ‪ 18‬تشرين في العراق ‪،‬‬
‫حاولت العناصر التخريبية العمل لعرقلة عقد المؤتمر من خلال الاتصالات الجانبية‬
‫وترويج الشائعات والأكاذيب ‪ ،‬ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل ‪ ،‬وخاصة بعد‬
‫أن اقر مندوبو منظمات الحزب ضرورة عقد المؤتمر بأغلبية ‪ 12‬صوت مقابل ‪6‬‬

‫أصوات وامتناع ‪ 2‬عن التصويت‪. .‬‬

‫‪ 7‬ـ المؤتمر القومي الثامن ‪ ،‬كانون الثاني ‪1974‬م‬

‫انعقد في دمشق في نيسان ‪1965‬المؤتمر القومي الثامن للحزب ‪ ،‬والذي تم ّيز‬
‫بالخلاف العميق الدائر بين القيادة التاريخية للبعث ممثلة بأمينه العام المؤسس احمد‬
‫ميشيل عفلق وبين القيادة القطرية في سوريا التي كانت تضم عدداً كبيراً من‬
‫العسكريين البعثيين أبرزهم رئيس الدولة الفريق أمين الحافظ‪ ،‬اللواء صلاح جديد‪،‬‬
‫واللواء حافظ الأسد‪ . ،‬نجم عن هذا الصراع انتخاب الدكتور منيف الرزاز‬

‫(الأردن) أميناً عاماً للحزب ‪ ،‬فيما اعتبر الرفيق احمد ميشيل عفلق قائداً مؤسساً‪.‬‬

‫جرى في هذا المؤتمر تعديل النظام الداخلي للحزب وإقرار تقرير اقتصادي هام‬
‫ورفض تقرير عقائدي قدم للمؤتمر ‪ ،‬كما جرى الاتفاق على صيغة محددة لعلاقة‬
‫الحزب بالجيش والسلطة ‪ .‬وانتهى المؤتمر إلى تحديد أسباب النكسة في حكم الحزب‬

‫في العراق ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ المؤتمر القومي التاسع (فبراير ‪)1968‬‬
‫‪ 9‬ـ المؤتمر القومي العاشر (مارس ‪)1970‬‬
‫‪ 10‬ـ المؤتمر القومي الحادي عشر (‪)1977‬‬
‫‪ 11‬ـ المؤتمر القومي الثاني عشر (‪)1992‬‬

‫المؤتمر القومي الثاني عشر في “بغداد” في عام ‪1992‬م ‪ ،‬هو ماخر مؤتمر وقد‬
‫وثقت هذه المؤتمرات في كتب مطبوعة من السهولة بمكان الرجوع إليها‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫إن هذا العرض لمؤتمرات الحزب القومية يأخذ معنى الإشارة الدائمة إلى المبررات‬
‫العميقة لنشوء حزب البعث العربي الاشتراكي وللدور الكبير الذي ينتظره في حياة‬

‫الأمة العربية المجيدة لتحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية‪.‬‬

‫تاريخ الحزب في الأردن‬

‫يعتبر حزب البعث العربي الاشتراكي في الأردن هو أول فرع لحزب البعث‬
‫العربي الاشتراكي في الأقطار العربية حيث إن الخلايا الحزبية بدأت تتشكل في‬
‫القطر الأردني بعد المؤتمر التأسيسي للحزب في مقهى الرشيد الصيفي في دمشق‬
‫من ‪ 4‬ـ‪ 6‬نيسان عام ‪1947‬م مباشرة عن طريق الرفاق الذين حضروا المؤتمر‬
‫التأسيسي للحزب وهم (امين شقير‪ ،‬وحمدي الساكت‪ ،‬ومحمد البشير‪ ،‬وأحمد‬
‫المساعدة) وأبرزهم حمدي الساكت الذي احضر معه مجموعة من مطبوعات‬
‫الحزب عندما قدم من دمشق حيث كان أول منتسب إلى الحزب من مدينة (السلط)‬
‫الأردنية‪ ،‬ثم سليمان الحديدي وخالد الساكت ومن عمان امين شقير ومحمد نزال‬
‫العرموطي والدكتور عبد الرحمن شقير وراضي الشخشير ومن فلسطين عبد الله‬
‫الريماوي وبهجة أبو غربية واحمد السبع وعبدالله نعواس وكمال ناصر ‪،‬وبذلك‬

‫يكون حزب البعث في الأردن هو أول تنظيم للحزب خارج سورية بعد المؤتمر‪.‬‬

‫ففي العام ‪1946‬م أصبح الأمير عبد الله ملك على الأردن بصلاحيات واسعة‬
‫بموجب دستور جديد وعقدت المعاهدة البريطانية الأردنية ثم جددت بعد عامين مع‬

‫إبقاء القواعد العسكرية والتسهيلات للقوات البريطانية مقابل المساعدات المالية ‪.‬‬

‫وقد حدثت نكبة فلسطين التي ساهمت بازدياد نقمة الجماهير العربية في الأردن ‪،‬‬
‫وفي نيسان من عام ‪ 1950‬م صادق البرلمان المنتخب من الضفتين على انضمام‬
‫الضفة الغربية إلى الأردن مع استمرار الطبقة الحاكمة في الإمعان في سياسة التبعية‬
‫للغرب الأمر الذي خلق مناخا لنمو الحركة الوطنية والقومية وكان حزب البعث‬
‫العربي الاشتراكي حاضرا في هذا الحراك ‪ ،‬حيث توسع قي نشر مبادئه وتنظيمه ‪.‬‬

‫بدأ حزب البعث الاشتراكي العربي الأردني في ‪1947‬م من مجموعة صغيرة‬
‫تعرفوا على أهداف الحزب وقادته من خلال وجودهم طلابا في دمشق واستطاعوا‬
‫أن يكونوا الخلايا العاملة في الأردن ثم ما لبثت أن نمت وتوسعت بسرعة بين‬
‫مجموعة من الشباب الوطني في الضفة الشرقية ‪ ،‬والتي عبرت عن نفسها من خلال‬
‫مجلة أسبوعية تحمل اسم (اليقظة) ‪ ،‬وكان يرأس تحريرها السيد سلمان الحديدي‬
‫والذي انتسب للحزب عام ‪1948‬م وكان للمجلة دور بارز في استقطاب الشباب‬

‫والعمل على فضح الحكومة وممارساتها ‪ ،‬أغلقت لفترة ثم عادت العام ‪ 1954‬م ‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫نمت مجموعة أخرى من الخلايا الحزبية في الضفة الغربية وعبرت عن نفسها من‬
‫خلال مجلة اسمها (البعث) وكانت هي الناطق الرسمي باسم الحزب واشرف عليها‬
‫عبد الله الريماوي الذي أصبح أمينا عام للحزب وأقصي في المؤتمر القومي الثالث‬
‫لانشقاقه عن الحزب وتحالفه مع جمال عبد الناصر ‪ ،‬واشرف على المجلة أيضا‬

‫الشهيد كمال ناصر‪.‬‬

‫لقد انتمى البعض من الشباب الأردني للحزب خلال وجودهم طلابا في القاهرة‬
‫وبغداد وكانوا يمارسون نشاطا ملحوظا في النصف الأول من الخمسينيات‬
‫واستطاعوا أن يعملوا على نمو الحزب بسرعة حيث أصبح له وزنه الشعبي الكبير‬
‫والمؤثر في مجرى الإحداث السياسية على الساحة الأردنية وكان متميزا في اللواء‬
‫الشمالي حيث نمت قدرته على تحريك التظاهرات الطلابية والشعبية واستطاع أن‬
‫يوصل اثنين من أعضائه إلى مجلس النواب الأردني كما أصبح احد قادته وزيرا‬

‫للخارجية بعد انتخابات عام ‪ 1956‬م ‪.‬‬

‫وقد بقي الحزب من أكبر الأحزاب تأثيراً في الأردن وقد تقلبت على هذا الحزب‬
‫أمناء عامون منهم المرحوم أمين شقير وعبد الله الريماوي والدكتور منيف الرزاز‬
‫ووليد عبد الهادي والدكتور مصطفى البرماوي والمرحوم شاهر الطالب وآخرون تم‬
‫تعيينهم من قبل القيادات القومية المتعاقبة نظرا للظروف التي مر بها الحزب‪،‬‬
‫وكانت الفترة الذهبية تلك التي تم دعم الحزب بها ما بين ‪ 1977‬و ‪ 1982‬من‬
‫الرفيق الشهيد صدام حسين وكانت القيادة تتألف من‪ :‬د‪ .‬مصطفى البرماوي أمين‬
‫سر التنظيم وكل من شاهر الطالب ود‪ .‬أنور حدادين‪ ،‬عمر أبو الراغب‪ ،‬إسماعيل‬
‫المحادين‪ ،‬أحمد القبلاني وتيسير الحمصي‪ ،‬ثم بعد ذلك قدم د‪ .‬مصطفى البرماوي‬
‫استقالته من الحزب وخلفه المرحوم المحامي شاهر الطالب الذي توفي نتيجة حادث‬
‫مؤسف‪ ،‬وبعد ذلك تسلم الرفيق المرحوم حسن العمر العمور من سحم الكفارات‬
‫أمين سر التنظيم‪ ،‬وبعد ذلك صدر قانون الأحزاب الأردنية ولم يعد هناك أحزاب‬
‫تعمل تحت الأرض‪ ،‬وتم إشهار حزب البعث الأردني وأصبح الأستاذ تيسير‬
‫الحمصي أمينا عاما للحزب إلى أن خلفه الرفيق اكرم الحمصي امينا عاما للحزب‬

‫في المؤتمر القطري السادس في ‪.2010/01/19‬‬

‫تاريخ الحزب في العراق‬

‫بعد انقلاب بكر صدقي عام ‪ 1936‬م وثورة مايس عام ‪ 1941‬ازداد تأثير الجيش‬
‫والأحزاب في الإحداث السياسية في للعراق في حين اخذ دور الزعامات الاقتصادية‬
‫والإقطاعية والعشائرية وتمردها على السلطة يتقلص بالتدريج وعمل الحكام‬
‫المندفعين بالتعاون مع الاستعمار البريطاني وعلى رأسهم الوصي عبد الإله ورئيس‬

‫‪19‬‬

‫الوزراء نوري السعيد على اتهام معارضيهم بالعمل ضد الديمقراطية وبالتعاون مع‬
‫النازية والفاشية ومن ثم ضربهم بقسوة وفرض السيطرة الشديدة على الحكم‪.‬‬

‫في هذه الفترة ولد حزب البعث العربي الاشتراكي وما هي إلا بضع سنوات حتى‬
‫امتدت خلايا البعث إلى مختلف الألوية (المحافظات) في العراق وأصبحت أهدافها‬
‫وشعاراتها الجيدة معروفة ولفتت انتباه المواطنين واهتماماتهم ‪ ،‬فقد عاد إلى العراق‬
‫البعض من الطلبة الذين كانوا يدرسون في الأربعينيات في جامعة دمشق والجامعة‬
‫الأمريكية في بيروت والذين قد تعرفوا على البعثيين الأوائل وتعرفوا من خلالهم‬
‫على مبادئ الحزب وأهدافه وقد أسهم هؤلاء في نقل هذه المبادئ إلى العراق وكان‬
‫في المقدمة منهم الدكتور سعدون حمادي الذي درس في بيروت وعاد وشكل خلايا‬
‫حزبية في كربلاء في أواخر الأربعينيات والدكتور عبد الخالق الخضيري الذي كان‬
‫قد حضر المؤتمر التأسيسي الأول في دمشق حينما كان طالبا في كلية الطب غير‬

‫إن نشاطه لم يكن بارزا عندما عاد إلى العراق‪.‬‬

‫كان هناك دور بارز في نشر أفكار الحزب في العراق اضطلع فيه الطلبة السوريين‬
‫وبخاصة أبناء (لواء الاسكندرونة) ‪،‬الذين كانوا يتلقون تعليمهم في المدارس العراقية‬
‫ودار المعلمين الابتدائية والعليا وممن كانوا مرتبطين بأفكار الحزب وحملوا معهم‬
‫بعض المنشورات كدستور الحزب وأحاديث البعث العربي وذكرى الرسول العربي‬

‫للقائد المؤسس ‪.‬‬

‫ترجع بدايات الحزب المثبت رسميا لأوائل الخمسينات وفي عام ‪1953‬م حيث‬
‫شكلت أول قيادة قطرية ضمت كل من فؤاد الركابي (كأمين السر) وفخري ياسين‬

‫قدروي وجعفر قاسم حمودي وشمس الدين كاظم ومحمد سعيد الأسود‪.‬‬

‫بعد ثورة ‪ 1958‬أسندت للحزب حقيبة وزارة الأعمار إلى ممثل الحزب على أساس‬
‫العمل الجبهوي الذي اشترك فيه الحزب لإسقاط النظام الملكي التي تولاها فؤاد‬
‫ألركابي‪ ،‬وهذا لا يمنع أن يكون أول بعثي عراقي على الإطلاق هو الدكتور‬
‫سعدون حمادي فكان من الأوائل الذين أسهموا في إدخال حزب البعث العربي‬

‫الاشتراكي إلى العراق ‪.‬‬

‫وفي ‪ 24‬تموز ‪ 1958‬بعد عشرة أيام من قيام ثورة ‪ 14‬تموز عام ‪1958‬م وصل‬
‫القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق إلى بغداد محاولا إقناع النظام الجديد بالانضمام‬
‫إلى الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) ‪ ،‬ولكن الحزب الشيوعي العراقي‬

‫أحبط مساعيه ونادى بعبد الكريم قاسم كزعيم أوحد للعراق‪.‬‬

‫وفي ‪ 8‬شباط ‪ 1963‬قام حزب البعث العربي الاشتراكي بالثورة التي اطلق عليها‬
‫( عروس الثورات ) لإسقاط نظام عبد الكريم قاسم بعد فترة من الهجوم المسلح في‬

‫‪20‬‬

‫شارع الرشيد في وسط بغداد لاغتيال عبد الكريم قاسم نفذها الحزب ومن بين‬
‫المنفذين الشهيد عبد الوهاب الغريري والشهيد صدام حسين ‪.‬‬

‫تشكلت أول وزارة برئاسة الاب القائد احمد جسن البكر في حين ع ّين علي صالح‬
‫السعدي‪ ،‬نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للداخلية ‪ ،‬طفت على الساحة خلافات داخلية‬
‫بين جناحين‪ ،‬الأول يقوده السعدي والثاني يمثله طالب شبيب وحازم جواد‪ .‬وأمام‬
‫ازدياد حدة الخلاف بين الجناحين وظهر توجه بين الجناحين بقيادة الأب القائد احمد‬
‫حسن البكر والشهيد صدام حسين ‪ ،‬وما يمثله هذا التوجه من ثقل عسكري وسياسي‪،‬‬
‫وحذّر من مخاطر الصراع بين الجناحين على مستقبل الحزب والسلطة في العراق‪،‬‬
‫وهو تحذير أثبتت الأحداث صحته بعد أسابيع على انعقاد المؤتمر‪ ،‬حيث حدثت‬
‫تطورات أدت إلى فقدان حزب البعث السلطة في ‪ ،1963/11/18‬وهو لم يحكم‬
‫سوى تسعة أشهر وعشرة أيام‪ ،‬ويقال أن تحذير صدام حسين المبكر لفت الانتباه إليه‬
‫ودفع القيادة القومية إلى تكليفه بإعادة بناء تنظيم البعث في العراق بعد ذلك المؤتمر‬
‫أوصى القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق بتعيين الرفيق صدام حسين عضواً في‬
‫القيادة القطرية للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ‪ ،‬الجدير بالذكر إن‬
‫فؤاد الركابي قد أقصي من الحزب في المؤتمر القومي الرابع لنفس الأسباب التي‬

‫أقصي فيها عبد الله الريماوي من القطر الأردني في المؤتمر القطري الثالث ‪.‬‬

‫في ‪17‬ـ ‪ 30‬تموز ‪ 1968‬قام حزب البعث العربي الاشتراكي بالثورة التي سميت‬
‫(الثورة البيضاء) ‪ ،‬لأنها تجنبت إراقة الدماء أسقطت نظام عبد الرحمن عارف‬
‫وعـُيـّن الأب القائد أحمد حسن البكر رئيسا لمجلس قيادة الثورة ورئيساً للجمهورية‬
‫وقائداً عاماً للجيش وأصبح الرفيق صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1972‬أصبح نائب الرئيس‪.‬‬

‫وفي حزيران من عام ‪ 1979‬أصبح الرفيق القائد صدام حسين رئيساً للجمهورية‬
‫العراقية‪ .‬ولقد شهدت البلاد في عهده الكثير من الإنجازات السياسية والعمرانية ‪.‬‬
‫فمن الإنجازات التي قام بها نظام البعث في العراق اتفاقية الحكم الذاتي للأكراد عام‬
‫‪ 1970‬وتأميم النفط العراقي عام ‪ 1972‬ومشاركة الجيش العراقي في حرب‬

‫أكتوبر‪/‬تشرين الأول ‪1973‬حيث حمى دمشق من السقوط‪.‬‬

‫وفي عام ‪ ،1980‬تصدت القوات العراقية في حكومة البعث للتحرشات والهجمات‬
‫الإيرانية المتكرر ولقنت الفرس الدروس والعبر وتجرع الخميني الخرف السم‬

‫عندما استسلم للمناشدة الدولية في إيقاف الحرب التي استمرت ثماني سنوات‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1990‬حدثت حرب الخليج الأول التي خططت لها الإدارة الأمريكية‬
‫بالتعاون مع الحكام الخونة من العرب بعد أن تجاوزت ثورة البعث في العراق‬

‫‪21‬‬

‫الخطوط المسموح فيها امبرياليا وهو ما انتهى بتدخل عسكري أمريكي أدى إلى‬
‫تدمير العراق‪.‬‬

‫وفي العام ‪ 2003‬أقدم الأمريكان وتابعيهم والفرس وتابعيهم على احتلال العراق‬
‫وإنهاء التجربة الوطنية والقومية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وتدمير كل‬
‫ما أنتجه البعث وقيادته خلال فترة ‪ 35‬سنة من تنمية شاملة في كل مجالات الحياة‬
‫وتم اغتيال القيادات البعثية وفي المقدم منهم شهيد الحج الأكبر وكانت الحصيلة كما‬
‫أشار إليها الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي عزة إبراهيم الدوري‬
‫حماه الله في شباط ‪ 2018‬وفي حديث خاص له مع الكادر المتقدم للحزب ‪ (،‬وفي‬
‫قطر العراق العربي العريق الذي مثل ولا زال وسيبقى يمثل روح الحزب وعموده‬
‫الفقري تعتقل إيران وعملائها أكثر من (‪ )63‬ألف بعثي ومن كل مستويات الحزب‬
‫من عضو قاعدة صعوداً إلى أعضاء القيادة ‪ ،‬قتلت إيران وعملائها أكثر من‬
‫مليونين وربع المليون عراقي ‪ ،‬قتلت ايران وعملائها اكثر من (‪ )160‬إلف بعثي‬
‫على رأسهم الأمين العام للحزب أمين سر قيادة قطر العراق وأثنين من أعضاء‬
‫القيادة القومية وخمسة عشر عضو من أعضاء قيادة قطر العراق والمئات من‬
‫الكادر المتقدم والى هذا اليوم لا يمر يوم واحد على شعب العراق وعلى حزب‬
‫البعث العربي الاشتراكي إلا وفيه مئات من القتلى والسجناء والموقوفين‬
‫والمخطوفين‪ ، ،‬هذا هو المثال الصارخ على ما فعل الاجتثاث في حزبنا في وطننا‬

‫الكبير ولد ّي أمثلة كثيرة)‪. .‬‬

‫تاريخ الحزب في لبنان‬

‫أن الخلايا الأولى لحزب البعث في لبنان قد تشكلت مع وجود بعثيين شاركوا في‬
‫المؤتمر التأسيسي للحزب في دمشق في ‪ 7‬نيسان ‪ ،1947‬وكلهم كانوا طلاباً في‬
‫جامعة دمشق أو في مدرسة التجهيز الأولى حيث كان مؤسسا البعث ميشيل عفلق‬
‫وصلاح البيطار مدرسين فيها ومن من هؤلاء الدكتور علي جابر (النبطية)‪ ،‬ود‪.‬‬
‫زيد حيدر (بعلبك)‪ ،‬وقد وصل الاثنان في فترات متباعدة إلى عضوية القيادة القومية‬
‫لحزب البعث‪ ،‬كما نذكر عبد الله سكرية (الفاكهة – البقاع الشمالي)‪ ،‬وحسين دلول‬

‫(شمسطار ‪ -‬بعلبك)‪.‬‬

‫تشير المعلومات إن خلايا الحزب الأولى الذين كان لهم إلى دور في تكوين الحزب‬
‫في لبنان هم طلبة الجامعة الأمريكية في بيروت والذين ارتبطوا في الحزب على يد‬
‫طلاب عرب كالدكتور سعدون حمادي (العراق)‪ ،‬وعلي فخرو (البحرين) وجمال‬
‫الشاعر (الأردن)‪ ،‬والدكتور محمد عطا الله‪ .‬ومن الخلايا الأولى أيضاً تلك التي‬
‫أشرف على إعدادها وتثقيف أعضائها المد ّرس السوري القادم من السلمية إنعام‬
‫الجندي الذي ترافق عمله التأسيسي مع تنام واضح في دور حزب البعث في سوريا‬

‫‪22‬‬

‫في مناهضة حكم أديب الشيشكلي (‪ ،)1954 – 1951‬ومع لجوء مؤسسي الحزب‬
‫احمد ميشيل عفلق وصلاح البيطار‪ ،‬ومعهما مؤسس الحزب العربي الاشتراكي‬
‫أكرم الحوراني إلى لبنان‪ ،‬حيث تكونت بوادر الوحدة بين الحزبين (البعث العربي‬

‫والعربي الاشتراكي) في حزب البعث العربي الاشتراكي‪.‬‬

‫تظاهر الرفيق المرحوم الدكتور عبد المجيد الرافعي للمرة الأولى تأييداً لثورة‬
‫الضباط الوطن ّيين في العراق في وجه الإنكليز العام ‪ .1941‬بعدها بسنتين شارك‬
‫في تظاهرة الاستقلال في طرابلس‪ ،‬وقتل الفرنسيون أمامه أحد أصدقائه وأصابوا‬
‫صديقه أمين هاجر في ذراعه الأيسر و انتمى إلى حزب البعث العربي الاشتراكي‬

‫وحضر أول اجتماع بعثي العام ‪.1957‬‬

‫تحول الحزب في لبنان سريعاً إلى عدة تنظيمات بسبب الانشقاقات المتتالية التي‬
‫عرفها الحزب على المستوى القومي بعد مؤتمره القومي الثالث (‪ ،)1959‬والرابع‬
‫(‪ ،)1961‬والخامس (‪ ،)1963‬والسابع (‪ ،)1964‬وصولاً إلى الانشقاق الأكبر‬
‫الذي رافق حركة ‪ 23‬شباط (‪ )1964‬في دمشق والذي أدى إلى وجود حزبين‬
‫أحدهما تقوده قيادة قومية استق ّرت بعد ذلك في بغداد منذ عام ‪ 1968‬حتى عام‬
‫‪( 2003‬احتلال العراق)‪ ،‬والآخر تقوده قيادة قومية منشقة ما زالت مستقرة في‬
‫دمشق والتي تطرح تساؤلات حول مصيرها إذا جرى العمل بقانون السوري‬
‫للأحزاب الجديد الذي يمنع على أي حزب في سوريا أن يكون فرعاً لحزب خارج‬
‫القطر‪ ،‬أو أن يك ّون له فروعاً خارج القطر وبالتالي إلغاء ما يسمى بالقيادة القومية‬

‫وبالمعنى الأصح لم يعد هناك حزب اسمه البعث في سوريا ألان‪.‬‬

‫وفي هذه الفترة كان المرحوم احمد ميشيل عفلق في البرازيل‪ ،‬وكان الحزب في‬
‫لبنان وبعض القياديين الذين تمكنوا من الخروج من سورية كاليأس فرح والسوداني‬
‫محمد سليمان خليفة والدكتور مسعود الشابي التونسي وشبلي العيسمي ‪ ،‬عقد‬
‫المؤتمر القومي التاسع في بيروت المناهض لحركة ‪ 23‬شباط‪ ،‬وجاء وفد عراقي‬

‫وانتخبت قيادة قومية ‪.‬‬

‫إن هذه الانقسامات التي شهدها حزب البعث على المستوى القومي لم تترك آثاراً‬
‫تنظيمية على فرع الحزب في لبنان فقط بل كان لها انعكاساتها السياسية أيضاً حيث‬
‫كان لكل تنظيم بعثي سياساته وتحالفاته وبرامجه التي كثيراً ما كانت تتعارض مع‬
‫التنظيم الآخر‪ ،‬مع ضرورة الإقرار هنا أن حجم هذه التناقضات رغم ح ّدتها أحياناً‪،‬‬
‫لم تدفع التنظيمين المتعارضين إلى حدود الصراع الدموي‪ ،‬كما جرت العادة في‬
‫الحالة اللبنانية‪ ،‬بل بقي كل تنظيم يعلن تمايزه الواضح عن التنظيم الآخر في‬
‫مجالات السياسة والإعلام والتحالفات دون أي اشتباك أو صدام يكاد يكون مشهداً‬
‫يومياً في لبنان‪ .‬يدين حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان للرفيق عبد المجيد‬

‫‪23‬‬

‫الرافعي ورفاقه على تمسكهم بالشرعية الحزبية بعد أن توزع البعثيون في سوريا‬
‫ولبنان إلى ثلاث تيارات في تعاطيها مع الانفصال بين مصر وسوريا فكان التيار‬
‫الثالث والذي كان على رأسه المرحوم احمد ميشيل عفلق مؤسس الحزب ويسانده‬
‫القياديين البارزين في تنظيم لبنان كجبران مجدلاني وعبد المجيد الرافعي‪ ،‬وخالد‬
‫البشرطي ود‪ .‬علي جابر‪ ،‬فقد رأى الانفصال مؤامرة استعمارية رجعية لا بد من‬
‫إسقاطها وإعادة الوحدة بين مصر وسوريا على أسس تستفيد من ثغرات التجربة‬

‫السابقة‪.‬‬

‫وكان دوره بارزا في دفع حزب البعث العربي الاشتراكي إلى مق ّدمة العمل البعثي‬
‫في لبنان بعد أن عجز المنشقين ‪ .‬التابعين للنظام السوري من الوصول الى الشعبية‬
‫التي تم بموجبها جذب معظم المثقّفين والطلاب والكادحين على ح ّد سواء‪ ،‬فقد كان‬
‫المرحوم الرفيق عبد المجيد الرافعي كان ظاهرة فريدة في العمل السياسي في لبنان‪.‬‬
‫ُعرف في طرابلس بأنه طبيب الفقراء ‪ ،‬كما إن دماثة خلقه جذبت إليه جيلاً أو أكثر‬
‫من التقدم ّيين‪ .‬لم تكن له مواكب طويلة‪ ،‬ولم يكن يحب الظهور والبروز‪ ،‬في مرحلة‬
‫كان يُع ّد واحداً من أبرز قادتها وقد عزا البعض تلك الشعبية أيضا إلى الصلابة‬
‫الوطنية والقومية التي كان يتمتع بها الرفيق الرافعي منذ كان شابا يافعا يواجه‬
‫دبابات الاستعمار الفرنسي في شوارع طرابلس ‪،‬ويرى بأم عينيه شباب المدينة‬
‫وفتيتها تسحقهم الدبابات الفرنسية‪ ،‬وصولا إلى وقفته الشهيرة ضد الانفصال بين‬
‫مصر وسوريا عام ‪ 1961‬منحازا لموقف القيادة الشرعية للحزب والتي يمثلها‬
‫الرفيق احمد ميشل عفلق القائد المؤسس ضد قياديين آخرين راهنوا على الانفصال‬

‫كطريق لتحقيق ما سموه (الديمقراطية)‪.‬‬

‫بعد حركة صلاح جديد العسكرية في ‪ 23‬شباط ‪ 1966‬والتي تمرد فيها على‬
‫القيادة القومية للحزب تمكن الرفيق المؤسس من الوصول إلى طرطوس بعد شهرين‬
‫ومنها تمكن من الخروج بواسطة قارب صغير إلى طرابلس ومنها إلى بيروت حيث‬
‫مكث في لبنان ومعه بعض قادة الحزب في ضيافة قيادة قطر لبنان والرفيق الرافعي‬

‫في مقدمة الذين قدموا الدعم والرعاية للحزب وقادته ‪.‬‬

‫كان الرفيق الرافعي من رموز قادة الأحزاب والقوى التقدم ّية في لبنان في الستين ّيات‬
‫والسبعين ّيات‪ .‬لكنه‪ ،‬بخلاف كثيرين‪ ،‬لم يستغل منصبه ونفوذه يوماً‪ ،‬ولم يستغ ّل حتى‬
‫قربه من الشهيد ص ّدام حسين كي يدخل في الـمزايدات كما فعل كثيرون أدنى منه‬

‫مرتبة في الحزب‪.‬‬
‫وكان الرفيق الرافعي واحداً من الق ّلة الذي ُيس ّجل لهم انهم حافظ على ولائهم‬
‫للشرعية وللنظام الوطني في العراق حتى بعد العام ‪ ، 2003‬ولم يما ِش القوى‬
‫المتن ّفذة في كل مرحلة‪ ،‬كما فعل كثيرون من قادة الحركة الوطن ّية‪ .‬إذ تح ّول بعض‬

‫‪24‬‬

‫هؤلاء من ولاء للنظام الليبي أو السوري إلى ولاء للنظام السعودي فالرفيق الرافعي‬
‫كان مختلفاً‪ .‬عاش بعث ّياً ومات بعث ّياً‪ ،‬ولكن عن قناعة وفد سلم الراية إلى الرفيق‬

‫المحامي حسن بيان‪.‬‬

‫المحطات الهامة في دور الحزب في لبنان ومواقفه القومية وكما يذكرها الأستاذ‬
‫معن بشور في مقالة له ‪:‬‬

‫‪ .1‬دور البعثيين اللبنانيين في الدعم السياسي والإعلامي لنضال رفاقهم ضد حكم‬
‫أديب الشيشكلي في سوريا حتى سقوطه في ‪.1954/2/24‬‬

‫‪ .2‬دور لافت في مقاومة حلف بغداد‪ ،‬لاس ّيما في التظاهرة الشهيرة أمام الجامعة‬
‫الأمريكية في بيروت حيث استشهد حسان أبو إسماعيل‪ ،‬وأصيب مصطفى نصر الله‬
‫بجراح أقعدته طيلة حياته‪ ،‬وحيث أقدمت الجامعة الأمريكية على طرد عدد من‬

‫طلابها آنذاك بينهم طلاب بعثيون‪.‬‬

‫‪ .3‬دور لافت في تجنيد المتطوعون للمشاركة في الدفاع عن مصر بوجه العدوان‬
‫الثلاثي (البريطاني – الفرنسي ‪ -‬الإسرائيلي) في ‪ ،1956/10/29‬حيث توجه‬
‫المتطوعين البعثيون مع غيرهم من المتطوعين إلى معسكرات للتدريب في حمص‬

‫في سوريا‪.‬‬

‫‪ .4‬المشاركة في كل التحركات الشعبية للمعارضة اللبنانية لحكم كميل شمعون الذي‬
‫انحاز إلى ما اعتبره معارضون صف حلف بغداد ومشروع ايزنهاور وصولاً إلى‬

‫المشاركة في جبهة الاتحاد الوطني التي ضمت آنذاك ابرز رموز المعارضة‪.‬‬

‫‪ .5‬خوض معركة انتخابية تأسيسية في مدينة طرابلس عبر طبيب قومي شاب‬
‫محبوب من أبناء مدينته‪ ،‬وله خدمات مق ّدره عبر مؤسسات أهلية فاعلة هو الدكتور‬
‫عبد المجيد الرافعي الذي بات فيما بعد من أبرز قياديين البعث‪ ،‬وأول نائب بعثي‬
‫يدخل البرلمان اللبناني عام ‪ ،1972‬بعد أن أحرز أعلى الأصوات في عاصمة‬

‫الشمال آنذاك‪.‬‬

‫‪ .6‬دور في تعبئة الأوساط الشعبية اللبنانية لدعم قيام الوحدة العربية بين مصر‬
‫وسوريا‪ ،‬خصوصاً أن أول من أطلق فكرة الاتحاد بين البلدين كان مؤسس البعث‬
‫وأمينه العام ميشيل عفلق في ‪ 17‬نيسان ‪( ،1956‬خطاب في ذكرى الجلاء)‪،‬‬
‫واشترط أن يكون العمل للاتحاد شرطاً لمشاركة الحزب في أي حكومة سورية‪،‬‬
‫ولقد لعب البعث مع حركات وشخصيات قومية أخرى في لبنان‪ ،‬دوراً بارزا في‬
‫حشد مسيرات التأييد للوحدة التي انطلقت بإعداد غفيرة من كل لبنان إلى دمشق‪،‬‬

‫لاس ّيما لدى زيارة الرئيس عبد الناصر إلى سوريا‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫‪ .7‬إن اتساع الحضور الشعبي للحزب ساهم في مشاركة ف ّعاله في الانتفاضة‬
‫الشعبية المسلحة (أيار‪/‬مايو ‪ )1958‬ضد حكم شمعون‪ ،‬لاس ّيما في طرابلس‬
‫وبيروت ومناطق واسعة من الجنوب والبقاع‪ ،‬مما أدى إلى سقوط أول شهداء‬

‫الحزب في لبنان خلال تلك الثورة هو جلال نشوئي في طرابلس‪.‬‬

‫‪ .8‬رغم انشغال البعثيين في لبنان بالنضال القومي والتحريري إلى م ّد كبير‪،‬‬
‫ونموهم التنظيمي الواسع في أجواء الم ّد القومي في أواخر الخمسينات‪ ،‬غير أنهم لم‬
‫يغفلوا الجانب الاجتماعي من النضال‪ ،‬فبدأت تصدر بيانات تتناول الشأن المعيشي‬
‫والاجتماعي وأخذ البعث يشكل مكاتبه العمالية والمهنية‪ ،‬وأخذ يحتل ح ّيزاً معقولاً‬
‫في التركيبة النقابية اللبنانية‪ ،‬سواء من خلال علاقته ببعض الاتحادات في العاصمة‪،‬‬
‫أو من خلال دور بارز في صيدا من خلال المجموعة المؤسسة لاتحاد ونقابات‬

‫عمال الجنوب ‪.‬‬

‫ونؤشر إلى إن الحزب كان له دور كبير في تثبيت القيادة القطرية في العراق في‬
‫المؤتمر القطري الخامس في العراق من خلال زيارة الرفيق نيقولا الفرزلي من‬
‫القطر اللبناني بصحبة الرفيق القائد المؤسس والمرحوم امين الحافظ لبغداد عام‬

‫‪.1964‬‬

‫في بداية عام ‪ 1969‬وقبل توقيع اتفاق القاهرة ‪ 1969‬بين لبنان ومنظمة التحرير‬
‫الفلسطينية‪ ،‬نشأت علاقة بين الرفيق الرافعي وبين أبو علي إياد وسعيد السبع في‬
‫طرابلس‪ ،‬محورها تنظيم العمل المقاوم ورفده بكوادر بعثية‪ ،‬وفى أيار من عام‬

‫‪ 1972‬خاض الانتخابات النياب ّية متق ّدماً على الرئيس رشيد كرامي‪.‬‬

‫هاجر الرفيق عبد المجيد الرافعي من لبنان قسرا عام ‪ 1983‬اثر معركة إخراج‬
‫ياسر عرفات من طرابلس التي قادتها القيادة السورية بالتنسيق مع الأحزاب اللبنانية‬

‫الموالية لسوريا والتنظيمات الفلسطينية الموالية لسوريا‪.‬‬

‫وقد ذكرت رزأن احمد ميشيل عفلق بان الرفيق الرافعي كان من المسؤولين البعثيين‬
‫الذين كانوا يزورون والدها بشكل منتظم في بغداد وباريس وقبلها في بيروت‪.‬‬

‫استقر في العراق كعضو قيادة قومية وكأمين سر قيادة قطر لبنان وبقى في العراق‬
‫إلى أن احتل العراق عام ‪. 2003‬‬

‫سجل حزب البعث العربي الاشتراكي باسم حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي‬
‫مع ارتباطه تنظيميا بالقيادة القومية الشرعية بعد الوصاية السورية على لبنان حيث‬
‫كانت رخصة الحزب باسم حزب البعث العربي الاشتراكي ولكن سحبت الرخصة‬
‫ومنح الاسم لما يسمى البعث السوري ورافق حل الحزب الكثير من الاضطهاد‬

‫‪26‬‬

‫للحزبيين من قبل المخابرات السورية كما امتدت الاضطهاد ليشمل مناطق الجنوب‬
‫اللبناني حيث نفوذ الأحزاب الطائفية ولان أغلب البعثيين من أبناء الطائفة ‪.‬‬

‫تاريخ الحزب في السودان‬

‫بالعودة إلى أدبيات الحزب لم أجد تاريخا محددا لانتشار الحزب في السودان وكل ما‬
‫وجدته بان الطلبة الدارسين في جامعة القاهرة في الخرطوم شكلوا الخلايا الأولى‬
‫لحزب البعث العربي الاشتراكي وأصدروا مجلة أسبوعية جداريه باسم (الزحف‬

‫المقدس ) وما لبثوا أن توسعوا في المدارس الثانوية‪.‬‬

‫لكن الرفيق علي الريح أسعفني بدراستي من خلال لقاءه مجلة (الأهرام اليوم) ‪ ،‬لذا‬
‫سأنسخ ما ذكره الرفيق حماه الله لا نجز مهمتي في الحديث عن الحزب في السودان‬

‫ليكون وثيقة يطلع عليها رفاقنا في الحزب ‪.‬‬

‫وفي نهاية هذا الفصل سأذكر الأسباب العوامل التي جعلت نمو الحزب في مصر‬
‫والسودان وأقطار المغرب الجزيرة العربية اضعف منه في أقطار المشرق العربي ‪.‬‬

‫يقول الرفيق على الريح عضو القيادة القومية للحزب وفي رده على سؤال مجلة‬
‫(أهرام اليوم) المصرية‪:‬‬

‫(في عام ‪1962‬م بدأنا نشكل مجموعات قومية عربية من طلاب مدرسة (خور‬
‫طقت) الثانوية وانتقلنا إلى المحيط الخارجي وقمنا بتشكيل وحدات شعبية ثم التقيت‬
‫بعدها بالمرحوم بدر الدين مدثر‪ ،‬وكان حينها مطروحاً تنظيم الاشتراكيين العرب‬
‫كتنظيم يضم كل التيارات القومية في الساحة السودانية من “ناصريين وبعثيين‬
‫وقوميين وغير منتمين”‪ ،‬واعتمد هذا التنظيم على نظرية الخط التقدمي العربي العام‬
‫أي التفاعل الإيجابي مع كل الحركات القومية في الوطن العربي‪ ،‬واتفقنا على عقد‬
‫مؤتمر للاشتراكيين العرب في الأبيض وتم عقد هذا المؤتمر عام ‪ ،65‬ومن خلال‬
‫التفاعل داخل تنظيم الاشتراكيين العرب بدأ التطور نحو حزب البعث العربي‬
‫الاشتراكي باعتباره حركة شعبية ثورية‪ ،‬ونضج هذا الأمر إثر العدوان الصهيوني‬
‫في عام ‪1967‬م على “مصر والأردن وسوريا” وفي المؤتمر الثاني للاشتراكيين‬
‫العرب في يونيو ‪1968‬م طرح هذا الأمر في المؤتمر وخرج ذلك المؤتمر بما‬
‫يسمى بالتقرير العقائدي الذي جعل الاشتراكيين العرب أقرب إلى حزب البعث‬
‫لاعتبار أن الاتفاق نص على عدم الاستقطاب داخل الاشتراكيين العرب لتنظيم‬
‫حزب البعث‪ ،‬وفي عام ‪1970‬م تم تشكيل قيادة فرع حزب البعث في إطار‬
‫الاشتراكيين العرب وكنت أحد أعضاء فرع حزب البعث في القطر‪ ،‬وتولى قيادة‬
‫هذا الفرع قيادة تنظيم الاشتراكيين العرب‪ ،‬وإذا أردت الحديث عن علي الريح‬

‫‪27‬‬

‫السنهوري أو أي من الشخصيات البعثية من الصعب أن تفصل بين العضو والحزب‬
‫فدور الفرد لا ينفصل عن دور المؤسسة الحزبية‪.‬‬

‫السودانيون في القيادة القومية كان أولهم الشهيد “محمد سليمان الخليفة” وكان عضواً‬
‫فاعلاً في الحزب على المستوى القومي‪ ،‬وحينما حدثت ردة ‪ /23‬شباط ‪ -‬فبراير‬
‫‪1966‬م حيث قام انقلاب ضد الحزب في سوريا وانتحل اسم الحزب كان “محمد‬
‫سليمان” من المقاومين الأشداء لهذا النظام ولاعتبار أن النظام الانقلابي في ‪1966‬م‬
‫قد استهدف قيادات الحزب وكوادره المتقدمة مما أدى إلى شلل القيادة القومية‪ ،‬بادر‬
‫وقتها “محمد سليمان” مع بعض الرفاق إلى تشكيل مكتب الاتصال القومي وإلى عقد‬
‫مؤتمر قومي وانتخاب قيادة قومية‪ ،‬وانتخب هو أحد أعضائها وظل كذلك إلى عام‬
‫‪1971‬م حيث استشهد في الأراضي السعودية‪ ،‬ثم من بعد ذلك وفي المؤتمر الحادي‬
‫عشر ‪1977‬م تم انتخاب المرحوم “بدر الدين مدثر” عضواً في القيادة القومية‪،‬‬
‫وكان موجوداً في “بغداد” وهو الذي كان على صلة حميمة إلى جانب رفاقه‬
‫الآخرين في القيادة القومية بالرفيق القائد الشهيد صدام حسين وبالقائد المؤسس‬
‫ميشيل عفلق‪ ،‬واستمر عضواً في القيادة القومية حيث أعيد انتخابه في عام ‪1992‬م‬
‫عضواً بالقيادة القومية‪ ،‬ولم أكن متميزاً عليه في العلاقة مع القائد الشهيد صدام بل‬
‫هو كان أقرب إليه بحكم مشاركته في العمل القومي منذ عام ‪1973‬م حيث خرج‬
‫من السودان في ذلك العام وظل مشاركاً في العمل القومي وفي بناء كثير من‬

‫تنظيمات الحزب على امتداد الوطن العربي‪.‬‬

‫تاريخ الحزب في مصر‬

‫كان البعض من العرب الدارسين في الجامعات المصرية وخاصة من القطريين‬
‫الأردني والسوري منتمين إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ‪ ،‬فكان لهم دورهم‬
‫في نقل أفكار الحزب بين زملائهم ‪ ،‬ففي العام ‪ 1953‬بداء البعض من الطلبة‬
‫المصرين بالانتساب إلى الحزب ومعظمهم من كلية الطب والهندسة واستمر التنظيم‬
‫في تلك الفترة يمارس نشاطه في الوسط الطلابي مع ملاحظة إن أكثرهم من خارج‬

‫القطر المصري ‪.‬‬

‫وعند تأميم قناة السويس ووقوع العدوان الثلاثي على مصر نشط الطلبة العرب‬
‫وفي مقدمتهم البعثيون في تحريك تظاهرات مؤيدة إلى حكومة الرئيس جمال عبد‬
‫الناصر وتعدى الأمر إلى إن البعض تطوع في حمل السلاح والقتال مع رفاقهم‬
‫المصريين ‪ ،‬فكان لهذه الأجواء اثر كبير في زيادة الانفتاح على الحزب والإقبال‬

‫على الانتساب إليه‪.‬‬

‫فقد نما التنظيم بشكل ملحوظ في هذا العام وارتفع إلى مستوى شعبة حزبية كبيرة‬
‫تكونت من ستة فرق حزبية ثلاثة منها في القاهرة ‪ ،‬وقبل قيام الوحدة بين مصر‬

‫‪28‬‬

‫وسورية عام ‪ 1958‬تضاعف العدد ووصل التنظيم إلى مستوى فرع ‪ ،‬فقد انتى‬
‫للحزب الموظفين والعمال وخاصة في منطقتي (إمبابة ) ومدينة العمال في طريق‬

‫حلون وكان انتماء العنصر النسائي ملحوظ ‪.‬‬

‫في العام ‪ 1958‬أصبح للبعثين سيطرة ملحوظ في الجامعات المصرية فخلال‬
‫حديث أرد الرئيس عبد الناصر إلقاءه في جامعة القاهرة ‪ ،‬اتصل احد المسؤولين في‬
‫الحكومة المصرية بمسؤول منظمة الحزب طالبا منه أن يضع البعثيون كل قواهم‬

‫لمنع الفئات المعادية من تعكير الأجواء إثناء حديث الرئيس ‪.‬‬

‫ملاحظة‪:‬‬

‫اعتقد إن حل الحزب في سوريا قد شمل التنظيم في مصر بعد اتفاق الوحدة بين‬
‫القطرين عام ‪.1958‬‬

‫تاريخ الحزب في المغرب العربي‬

‫في النصف الثاني من الخمسينيات تكونت خلايا لحزب البعث العربي الاشتراكي في‬
‫أقطار المغرب العربي عن طريق الطلبة الذين كانوا يدرسون في الخارج وبخاصة‬

‫في القاهرة ودمشق وبغداد ‪.‬‬

‫كان للحزب دائما دور رائد في المغرب العربي وللحزب علاقات مع إفراد بناها‬
‫القائد المؤسس ميشيل عفلق بحكم تواجده في باريس وهناك الكثير من الإطارات‬
‫تعتبر نفسها حليفا طبيعيا للحزب‪ .‬وشهدنا بعد احتلال العراق نهوضا بعثيا في‬

‫الجزائر وأيضا حركة متميزة للرفاق في تونس‪.‬‬

‫ففي ليبيا لم يكن النشاط الحزبي ملحوظا إلا في مرحلة الستينات ‪ .‬فقد انتشرت‬
‫أفكار الحزب بين المثقفين والعمال وكانت العمل الواجهي يحمل اسم ( الشباب‬
‫العربي ) أو (الشباب العربي التقدمي في ليبيا) ‪ ،‬غير إن التنظيم هناك كشف عام‬
‫‪ 1961‬بمساعدة وتحريض من أجهزة المخابرات المصرية الأمر الذي أدى إلى‬

‫اعتقالات واسعة ومحاكمات لأعضاء الحزب بتهمة الإعداد لقلب نظام الحكم‪.‬‬

‫أما في الجزائر فقد انضم البعض من الطلبة الجزائريين إلى الحزب بالرغم من إن‬
‫قيادة الحزب كانت تتبنى ثورة لجزائر وكفاحه ضد الاستعمار الفرنسي بحماسة‬
‫شديدة ولم تكن تعنى بالكسب الحزبي استبعادا لأي حساسية قد تنجم عن ذلك ‪،‬‬
‫فضلا عن اعتقادها بان انتصار الثورة الجزائرية سيخلق أرضا خصبة وطبيعية‬

‫لانتشار الحزب أو أن الثورة ستلتقي حتما مع الحزب بصورة أو بأخرى‪.‬‬

‫انتسب الدكتور أحمد شوتري عضور القيادة القومية للحزب إلى حزب البعث‬
‫العربي الاشتراكي وهو تلميذ في السنوات الأخيرة من مرحلة دراسته الثانوية عام‬

‫‪29‬‬

‫‪ ،1972‬ليصبح فيما بعد عضوا بصفة رسمية بالحزب بعد سنتين من ذلك‪ ،‬في العام‬
‫‪.1974‬‬

‫ويعتبر الرفيق أحمد شوتري من المؤسسين القلائل لحزب البعث العربي‬
‫الاشتراكي بالجزائر في بداية السبعينات‪ ،‬حيث ساهم بشكل كبير في نشر أفكار‬
‫الحزب في وسط الشباب ونظم العديد منهم‪ ،‬وتدرج في السلم الحزبي حتى أصبح‬

‫أمينا عاما للحزب وعضوا قياديا على المستوى القومي‪.‬‬

‫نشط عدد من التونسيين من أجيال مختلفة في حزب البعث خلال فترة دراستهم‬
‫بالمشرق العربي حيث درس عدد منهم بجامعات بغداد ودمشق وبيروت‪ .‬ومن‬
‫أبرزهم أبو القاسم محمد كرو والميداني بن صالح ومحمد المسعود الشابي الذي كان‬
‫عضو القيادة القومية لحزب البعث بالعراق حتى العام ‪ .1973‬ويعتبر هذا الحزب‬
‫من أقدم الأحزاب السياسية في تونس فجلسته التأسيسية الفعلية عقدت سنة(‪)1955‬‬
‫وقد ساهم أعضائه في النضال الوطني قبل وبعد الاستقلال‪.‬و كذلك النضال القومي‬
‫بالقتال لجانب العراق في حربه ضد إيران ومشروعها الصفوي الفارسي‪ .‬وبرز في‬
‫أجيال لاحقة السيدان فوزي السنوسي الذي أسس حركة البعث سنة ‪ 1988‬وعفيف‬

‫البوني الذي خلفه على رأسها بعد وفاته‪...‬‬

‫وفي السنوات الأخيرة تخلى البعثيون التونسيون عن اسم حركة البعث‪ ،‬وتعاملوا‬
‫باسم حزب البعث العربي الاشتراكي‪-‬تونس‪ .‬ويتولى المسؤولية الأولى فيه الهادي‬

‫المثلوثي وهو أستاذ جامعي‪.‬‬

‫رغم المضايقات البوليسية للناشطين فيه وممارسات عهد بورقيبة وبن علي وتعذيب‬
‫قياداته بقي البعث التونسي صامدا‪ .‬وتبقى المقولة الشهيرة للحبيب بورقيبة راسخة‬

‫في الأذهان "ألف شيوعي ولا بعثي واحد في تونس "‪.‬‬

‫نال الحزب الاعتراف في ‪ 2011‬بعد نجاح الثورة التونسية وزوال الديكتاتورية‬
‫وانفتاح الأفق السياسي والحريات تحت تسمية حركة البعث‪.‬‬

‫وقد عقدت حركة البعث القطر التونسي مؤتمرها التأسيسي الأول ‪ :‬مؤتمر الكرامة‬
‫‪ 2011‬وأفرز المؤتمر انتخاب قيادة جديدة على رأسها الأمين العام عثمان بلحاج‬
‫عمر وقد وقع التوافق على تكليف الأستاذ عزالدين القوطالي أحد رموز منظمة‬

‫الطليعة العربية في تونس بمه ّمة الناطق الرسمي باسم الحركة‪.‬‬

‫وفي المغرب تكونت خلايا حزبية في منتصف الخمسينيات ونمت بسرعة في‬
‫الستينيات ولكنها تعثرت بعد انكشاف أمرها لأنها كانت سرية ولم تستطيع‬

‫‪30‬‬

‫الاستمرار والنمو بالشكل المطلوب‪ ،‬لقد تعرف أبناء المغرب على أفكار الحزب في‬
‫تلك المرحلة من خلال الطلبة الدارسين في الأقطار العربية والأوربية ‪.‬‬

‫تاريخ الحزب في الجزيرة والخليج‬

‫انتشرت أفكار الحزب في السعودية منتصف الخمسينيات حيث قام البعض من‬
‫البعثين من سوريا وفلسطين العاملين في شركة الارامكو بالاتصال مع الطلبة في‬

‫المدرسة الصناعية بالمنطقة الشرقية من السعودية فارتبط البعض منم بالحزب ‪.‬‬

‫نشط الحزب في أثناء فترة انتفاضة عمال الظهران في الأوساط العمالية‪ .‬وكان من‬
‫أبرز الناشطين المناضل محمد الربيع الذي يعد من بين البعثيين السعوديين الأوائل‬
‫الذين آمنوا بأفكار حزب البعث العربي الاشتراكي قبيل مرحلة التأسيس الفعلي فكان‬

‫من المبشرين الأوائل والمناضلين الصادقين لتلك الأفكار‪.‬‬

‫كذلك لعب المناضل علي غنام دوراً هاماً في تأسيس الحزب وتم إعلان منظمة‬
‫أحرار الجزيرة العربية كواجهة لعملهم التنظيمي تذيل بها منشورات المنظمة حول‬

‫مختلف القضايا القومية‪ ،‬وذلك قبل الإعلان عن تشكيل حزب البعث السعودي‪.‬‬

‫وفي عام ‪ ، 1956‬عقد أول مؤتمر حزبي وتم انتخاب قيادة للحزب وممثل عنه‬
‫لحضور المؤتمر القومي الرابع للحزب في بيروت حيث انتخب عبد الرحمن منيف‬

‫عضواً في القيادة القومية للحزب‪.‬‬

‫وبما إن الحكومة السعودية كانت تنتهج سياسة الحياد وعدم الانحياز ويظهرون‬
‫التقارب والتنسيق مع مصر وسورية ‪ ،‬فقد كانت أحداث قناة السويس والعدوان‬
‫الثلاثي على مصر مناسبة لتحرك القوى الوطنية والقومية من اجل التعبير عن‬
‫دعمها لحركة التحرر العربي وذلك من خلال جمع التبرعات للجيش العربي كما‬
‫أرسلت برقية ضد تجديد اتفاقية الظهران مع أمريكا موقعة من حوالي ثلاثة ألاف‬
‫شخص ‪ ،‬فما كان من السلطة إلا اعتقال ستين منهم واعتبروا محرضين ودعاة‬
‫لحزب البعث ‪ ،‬لكن الحزب استمر بالتوسع حيث بلغ حجم التنظيم مستوى شعبة في‬
‫الستينيات ‪ ،‬وكان عدد غير قليل من الطلبة ارتبطوا في الحزب عندما كانوا طلابا‬

‫في القاهرة وبغداد‪.‬‬

‫أيد الحزب الدعوات الإصلاحية الداعية لإصلاح النظام السياسي‪ ،‬فأعلن عن‬
‫استعداده لممارسة المعارضة من المنبر البرلماني فيما لو تحقق ذلك‪ ،‬وبعد تولي‬
‫الملك خالد بن عبد العزيز الحكم‪ ،‬اصدر عفواً عاماً‪ ،‬وعلى أثره عادت كوادر‬

‫الحزب وقياداته إلى السعودية‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫أما بالنسبة إلى أقطار الخليج العربي الأخرى فقد انتشر الحزب هناك عن طريق‬
‫الوافدين من العمال العرب وبخاصة من أبناء فلسطين والأردن وسورية وكانوا‬
‫يشكلون الأكثرية في المنظمات التي عملت في الكويت والبحرين وقطر وكان ذلك‬
‫في منتصف الخمسينات حيث أصبح مستوى التنظيم في الكويت عام ‪1959‬‬

‫مستوى فرع ‪.‬‬

‫لقد كان من أبرز البعثيين العرب الذين هاجروا إلى دوله الكويت للعمل في‬
‫القطاعات و المؤسسات التعليمية و الصحية ‪ ،‬التشييد و البناء أثناء تدفقات الثروة‬
‫النفطية في الكويت كل من ناجي علوش و زهير محسن و عبدالوهاب الكيالي ‪ ،‬فقد‬
‫استطاع هؤلاء المساهمة في بناء تنظيم بعثي غير رسمي في الكويت تركزت‬
‫نشاطاته على أيدي وافدين عرب في الكويت ‪ ،‬ويعود الفضل كذلك إلى عودة‬
‫الطلاب الكويتيين الذين درسوا في جامعات مختلفة في عدة دول عربية ‪ ،‬وقد أتوا‬
‫محملين بمبادئ حزب البعث و أفكاره و ساهموا في نشره من خلال منتديات و أندية‬
‫ثقافيه و قومية و اجتماعية و نذكر منهم ‪ :‬السيد حمد العيسى الذي استطاع تأسيس‬
‫نادي (الاتحاد العربي) كواجهة اجتماعية لحزب البعث و بعدها تحول إلى مركز‬
‫استقطابي و توجيهي للبعثيين في الكويت ‪ ،‬حيث كان له دور قومي فعال في دعم و‬

‫تشجيع نضال الشعب المصري أثناء تأميم قناة السويس‪.‬‬

‫وفي البحرين تأسس الحزب مع عودة الطلبة البحرينيين من الخارج بعد منتصف‬
‫الخمسينات ‪ ،‬حيث أسهمت العناصر البعثية في حركة الاتحاد الوطني المجيدة خلال‬

‫الأعوام ‪. 1956 – 1954‬‬

‫كان النضال الوطني للبعث في البحرين مع نهاية الخمسينيات منصباً على‬
‫الأوضاع المعيشية والعمالية‪ ،‬علاوة على التهديدات الإيرانية ومطالباتها بالبحرين‬
‫وانعكس ذلك على احتكاكات مع العناصر الإيرانية في البحرين‪ ،‬والشعارات التي‬

‫كانت تعلن باسم البعث آنذاك‪.‬‬

‫أن تنظيم البعث في البحرين تنامي بصورة مؤثرة وواضحة مع نهاية الخمسينيات‬
‫ومطلع الستينيات‪ .‬وتؤكد هذه الحقيقة مشاركة تنظيم البعث في البحرين بصورة‬
‫فاعلة في انتفاضة مارس ‪ 1965‬المجيدة في البحرين التي اندلعت على خلفية قيام‬

‫شركة النفط (بابكو) بتسريح العشرات من العمال البحرينيين‪.‬‬

‫وكان تنظيم البعث في البحرين في تلك الفترة نشطا للغاية وله وجود في صفوف‬
‫العمال والمدرسين والنسوة خاصة في القرى‪ ،‬وصدرت عنه بيانات حول الانتفاضة‬
‫وغيرها من الأمور الخاصة بأوضاع البحرين حيث كانت تلك البيانات تصدر تحت‬

‫‪32‬‬

‫اسم منظمة الطليعة‪ ،‬وسقط شهداء البعث آنذاك‪ ،‬كما تعرضت أعضاءه للملاحقات‬
‫والاعتقالات‪.‬‬

‫وظلت أوضاع الحزب في البحرين في مرحلة مراوحة وسكون على خلفية هذه‬
‫التطورات‪ ،‬حتى قيام ثورة الحزب في العراق في تموز ‪ /‬يوليو ‪ ، 1968‬حيث‬
‫باشرت القيادة القومية بعد الثورة بإعادة بناء تنظيم الحزب في البحرين‪ ،‬حيث تولت‬
‫قيادة جديدة مشهود لها بالنضال الوطني والقومي مسئولية التنظيم‪ ،‬وراح ينشط من‬

‫جديد في صفوف فئات الشعب كافة‪.‬‬

‫وكانت من أبرز نضال البعث في تلك الفترة هي تصديه للدعاوي والمطالبات‬
‫الإيرانية بالبحرين بعد إعلان بريطانيا الانسحاب من مستعمراتها في الخليج‪ ،‬حيث‬
‫كان لحركة البعث في البحرين دور مؤثر في توجيه الرأي العام الشعبي نحو رفض‬
‫كافة الدعاوي الإيرانية والتأكيد على عروبة البحرين‪ ،‬حيث حظي هذا النضال بدعم‬
‫الحزب في العراق ‪ ،‬وتوجت بإعلان استقلال البحرين عام ‪ 1971‬أثر الاستفتاء‬

‫الذي أجرته الأمم المتحدة‪.‬‬

‫وعلى أثر نجاح ثورة الحزب في العراق‪ ،‬بدأت حركة نشطة وواسعة للتنظيم البعث‬
‫في البحرين لتوجيه الطلبة خريجي الثانوية لتكملة درا ستهم الجامعية في العراق‬
‫خاصة أن البحرين لم يكن يوجد بها جامعات آنذاك‪ .‬وتدفق على الدراسة في العراق‬

‫مئات الطلبة في بغداد والبصرة والموصل والسليمانية‪.‬‬
‫لقد أحدثت هذه الخطوة نقلة نوعية في عمل تنظيم البعث في البحرين‪ ،‬حيث بد أ‬
‫العشرات من الرفاق بالتخرج حاملين معهم شهادات في مختلف التخصصات‪،‬‬
‫وانخرطوا في صفوف الحزب في البحرين‪ ،‬مما وفر شريان دافق بالحياة لانتشار‬

‫وتصلب عود الحزب في البحرين‪.‬‬

‫أسباب وعوامل عدم انتشار الحزب في مصر والمغرب العربي‬

‫والجزيرة والخليج العربي؟‬

‫‪ 1‬ـ إن الوعي القومي العربي في المشرق كان لظروف تاريخية وسياسية اقوى مما‬
‫كان عليه في مصر والمغرب العربي‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ كانت وسائل الحزب وإمكاناته المادية والدعائية محدودة في الخمسينيات ‪،‬‬
‫الأمر الذي جعله تعثر إرسال الوفود والنشرات الحزبية إلى تلك الأقطار البعيدة عن‬

‫مركز القيادة‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫‪ 3‬ـ عندما بدأت حكومة جمال عبد الناصر تحقق منجزات كبيرة كتأميم قناة السويس‬
‫والتصدي للعدوان الثلاثي على مصر واشتراك مصر بدول عدم الانحياز ووحدة‬
‫مصر وسورية عام ‪ ، 1958‬وصل ناصر الذروة في شعبيته ‪ ،‬فاستمعت الجماهير‬
‫العربية اليه وهو يهاجم الحزب والحياة الحزبية ‪ ،‬فشكل ذلك عقبة كبيرة في طريق‬

‫الكسب الحزبي في معظم الأقطار العربية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ اعتماد الحزب على النمو والانتشار في الوسط الطلابي في الأساس من جهة‬
‫والطبيعة البوليسية التي لاحقت نشاط الحزب في بعض الأقطار العربية ومنها‬
‫السعودية والخليج من جهة أخرى حالت دون انتشار الحزب ‪ ،‬بالشكل الذي انتشر‬
‫في الدول التي عرفت الحياة البرلمانية والأحزاب السياسية كالعراق وسورية‬

‫والأردن ولبنان‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ النكسات والأزمات الداخلية التي تعرض لها الحزب تنظيميا وسياسيا في تلك‬
‫المرحلة ‪ ،‬أسهمت في إضعاف قدرة الحزب على الانتشار ‪.‬‬

‫الملحق ‪:‬‬
‫مقالات ذات علاقة مع الموضوع‬

‫البعث الابن الشرعي للأمة العربية المجيدة‬

‫حزب البعث العربي الاشتراكي ولد ولادة شرعية جراء معاناة وألم امة حية‬
‫‪ ،‬ولد البعث من رحمة الأمة وكان معبرا تعبيرا حقيقيا عن أحلامها‬
‫وتطلعاتها وأمالها بمستقبل أفضل‪ ،‬تكون قادرة فيه على العطاء والإبداع‬
‫كما كانت أيام الدولة العربية الإسلامية في ظل الخلافة الراشدة والدولتين‬

‫العربيتين الإسلاميتين الأموية والعباسية‪.‬‬

‫الأمة العربية من الأمم الحية التي لا تموت‪ ،‬قد تمر في مراحل انحطاط‬
‫وتخلف وانكسار جراء الهيمنة الأجنبية عليها لكنها لا تموت فهي تنهض‬
‫من بين الركام ‪ ،‬نهضت بعد الاحتلال ألصفوي والعثماني بخروفيهم الأسود‬
‫والأبيض وغيرها من المسميات منتفضة لكن انتفاضتها أجهضت على يد‬
‫الاستعمار الأوربي بعد الحرب العالمية الأولى وللأسباب المعروفة ‪،‬ثارت‬
‫وطردت المحتل بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬لكن ثوراتها أجهضت من جديد‬
‫وللأسباب المعروفة أيضا ‪ ،‬قدمت الشهيد تلو الأخر في ثورتها ووثبتها‬
‫وانتفاضاتها على طريق التحرر لتحقيق أهدفها في امتلاك الإرادة الحرة‬

‫‪34‬‬

‫الواعية للشروع في مشروعها الحضاري والإنساني‪.‬‬

‫ولد حزب البعث العربي الاشتراكي كمنظمة سياسية قومية شعبية اشتراكية‬
‫انقلابية شعارها )امة عربية واحدة ـ ذات رسالة خالدة)‪ ،‬وأهدافها‬
‫الإستراتيجية‪(،‬وحدة ـ حرية ـ اشتراكية)‪ ،‬يقول الرفيق المرحوم ميشيل‬

‫عفلق في ‪ 16‬أيلول عام ‪ 1945‬إجابة على سؤال لجريدة النضال‪:‬‬

‫السؤال ـ ما لذي دفعكم لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي؟‬

‫الجواب ـ (الدافع هو شعورنا بالضرورة التاريخية‪ ،‬فالمجتمع العربي يقف‬
‫اليوم على مفترق طرق‪ .‬وهو أما أن يستمر في الطريق الذي يسيره فيه‬
‫قادة السياسة الحاضرة‪ ،‬الذين يرضون بالواقع الفاسد فيستنكرون على البلاد‬
‫هذا التقدم الضئيل وهذه النتائج الطفيفة التي انتهت إليها سياستهم في أربعين‬
‫سنه‪ ،‬ويحكمون هكذا على الأمة بان تبقى متأخرة مهملة الوزن في العالم‪،‬‬
‫وأما أن يوقف العرب هذا التدهور بنتيجة تحول عنيف‪ ،‬واستجماع للإرادة‪،‬‬
‫ووعي الإمكانيات الحقيقية الكافية‪ ،‬فيسيروا في طريق جديد صاعد‪ ،‬يستمد‬
‫قيمه وأحكامه وغايته من خصال العربي الأصيل‪ ،‬ومبادئ الرسالة العربية‬
‫المتعالية على الواقع ونسبية أحكامه‪ .‬هذا الطريق الجديد يقتضي ظهور‬
‫قيادة جديدة تمثل جوهر الشعب لا ظاهره‪ ،‬ومستقبله لا حاضره‪ ،‬وبهذا‬
‫المعنى يكون حزبنا حزب الجيل العربي الجديد‪ ،‬الزاخر بالأمل والنشاط‪،‬‬
‫والمتطلع إلى مستقبل يليق بماضي أمته المجيد‪ ،‬وبحاضر الأمم القوية‬

‫الراقية‪ ،‬والذي يريد أن تكون السياسة العربية رسالة لا حرفة )‬

‫قامت عقيدة البعث القومية على أسس ثلاث وهي إن الحزب عربيا‪،‬‬
‫انقلابيا‪ ،‬شعبيا‪ ،‬عربي بمعنى انه لم يكتفي بإقرار الفكرة القومية بل جسدها‬
‫في واقعه من خلال قيادة قومية تمثل اعلي سلطة في الحزب وتمثل‬
‫تنظيمات الحزب المنتشرة في كل الأقطار العربية‪ ،‬والحزب يتعامل مع‬
‫مشكلات الأمة العربية ككل لا يتجزأ‪ ،‬فهو لا يعالج المشاكل القطرية إلا‬
‫على ضوء مصلحة الأمة العربية الواحدة‪ ،‬وقد ترجم الحزب ذلك عبر‬
‫مسيرته في القطر العراقي قبل الاحتلال الذي جاء ليسقط تجربة البعث‬
‫القومية لأنه وجد فيها التهديد الحقيقي لمصالحة في المنطقة العربية‪ ،‬والدليل‬
‫على ذلك هوان القرار الأول الذي أصدره المحتل هو قرار (اجتثاث‬

‫البعث)‪.‬‬

‫أما الركن الثاني في عقيدة البعث فهي إن الحزب لا ينظر إلى الأمور‬

‫‪35‬‬

‫السطحية والعارضة في السياسة العربية وإنما يسعى إلى قلب أسس هذه‬
‫السياسة‪ ،‬ويعتقد إن الإصلاحات الثانوية التي تنادي بها الحكومات العربية‬
‫الحاضرة وتعتبرها رئيسية تتبع حتما ذلك الانقلاب‪ ،‬والانقلابية قد جسدها‬
‫البعث في ظل حكمه للعراق عبر خمسة وثلاثين سنة فهو الذي أمم النفط‬
‫وهو الذي قضى على الأمية وهو الذي اصدر بيان آذار وأعطى حقوق‬
‫الأقليات في العراق وهو الذي قاد تنمية شاملة في كل الميادين وكان بحق‬
‫انقلابا شامل على كل ما هو مألوف في حياتنا العربية المعاصرة الأمر‬
‫الذي قاد إلى أن تتعرض تجربته إلى هجمة امبريالية وصهيونية وصفوية‬

‫ورجعية‪.‬‬
‫إن الأهداف والغايات التي حددها البعث والتي نشرها في العام ‪ 1946‬في‬
‫العدد الأول والثاني من جريدة البعث والتي نلخصها في النقاط التالية والتي‬
‫نجد إن الضرورة تقتضي التعريف فيها بعد أن تعرض البعث إلى ما‬

‫تعرض إليه عبر الماكينة الإعلامية الامبريالية والصهيونية والصفوية هي‬

‫‪1‬ـ حزب البعث حزب عربي ليس في اسمه وفي غايته فحسب‪ ،‬بل أيضا‬
‫في واقعه وتنظيمه وأسلوب عمله فتنظيمه في سائر الأقطار العربية وهو لا‬

‫يعالج السياسة القطرية إلا من وجهة نظر المصلحة العربية العليا‪.‬‬

‫‪2‬ـ هدفه تحرير العرب في جميع أقطارهم من كل أنواع الاستعمار‬
‫الأجنبي‪ ،‬وتنظيم الأمة العربية في دولة مستقلة واحدة قائمة على فكرة‬
‫القومية العربية في سبيل تحقيق النهضة الحديثة الشاملة وبعث الرسالة‬

‫العربية الخالدة‪.‬‬

‫‪3‬ـ الفكرة القومية العربية هي الإيمان العميق بأن الشعب العربي عريق‬
‫بين الشعوب في نبله وتعشقه للحرية وان له عبقرية خاصة وحيوية متجددة‬
‫تحفزه باستمرار إلى إظهار نشاطه وكفاءته في أعمال الفكر والعمران‬
‫وميادين البطولة ليكشف عن عبقريته ويثبت شخصيته على أكمل صورة‬

‫تتمثل فيها الإنسانية الصحيحة‪.‬‬

‫‪4‬ـ العربي هو من كانت لغته العربية وعاش في الأرض العربية أو تطلع‬
‫إلى الحياة فيها وتشبعت روحه بالقومية العربية والولاء الخالص للغة‬
‫العرب وتاريخهم المجيد في الماضي‪ ،‬وكان في إيمانه بوحدة مصيره معهم‬
‫يتشوق إلى مستقبل خليق بهذا الماضي‪ ،‬ولم يشرك في ولائه أمة أو فكرة‬

‫أخرى ثم كانت أفعاله منسجمة مع عقيدته‪.‬‬

‫‪5‬ـ غير العرب من الأقليات القومية التي لا يمكن أن تندمج في المجموع‬

‫‪36‬‬

‫العربي وتستعرب بصورة تامة تخضع لقوانين خاصة تحدد حقوقها‬
‫وواجباتها بصورة تمنعها من الإضرار بمصالح العرب‪.‬‬

‫‪6‬ـ الشعب العربي مصدر كل سلطة لذلك وجب إلغاء كل ما عقدته‬
‫الحكومات من معاهدات واتفاقات وصكوك تخل بسيادة العرب التامة‪.‬‬

‫‪7‬ـ الشعب العربي مصدر كل قيادة‪ ،‬وقادة الشعب العربي هم الذين فيهم‬
‫تتمثل عبقريته وفضائله يخرجون من صميمه لا من الطبقة المستغلة التي‬

‫اختلطت بالأجانب وطغت عليها المصالح الشخصية‪.‬‬

‫‪8‬ـ الدولة العربية دولة اشتراكية بمعنى إن مصلحة المجموع هي فوق‬
‫مصلحة الفرد والطبقة‪ ،‬وان غاية الدولة إسعاد اكبر عدد من أفراد الشعب‬
‫العربي وتزويدهم بكل الوسائل والفرص ليستطيعوا تحقيق عروبتهم على‬
‫أكمل صورة‪ ،‬وهذه الاشتراكية تستمد من روح الأمة العربية وحاجاتها‬

‫العميقة وأخلاقها الأصيلة ولا تستند إلى إي نظرية أجنبية‪.‬‬

‫‪9‬ـ إن حق التملك يجب أن يبرره الجهد والعمل وان لا يتعارض مع‬
‫المصلحة العامة وان لا يخل بالانسجام القومي والعدل الاجتماعي‪.‬‬

‫‪10‬ـ جعل المؤسسات والموارد والمرافق ذات النفع العام ملكا للدولة‪،‬‬
‫وإخضاع جميع الصناعات والمشروعات الاقتصادية لرقابة الدولة تبعا‬
‫للسياسة الاقتصادية العربية العليا من جهة‪ ،‬ووفق مبدأ الانسجام القومي من‬

‫جهة أخرى‪ ،‬ولمنع استغلال رأس المال لحق العمل‪.‬‬

‫‪11‬ـ على الدولة أن تضمن لكل فرد من أفراد الشعب العربي عملا يعيش‬
‫من ثماره عيشا كريما‪ .‬ولا يجوز أن تستخدم الأجانب في المشروعات‬
‫الاقتصادية العامة والخاصة أذا كان بين المواطنين العرب من يمكنه أن‬

‫يحل محلهم‪.‬‬

‫‪12‬ـ على كل مواطن عربي أن يمتهن عملا فكريا أو يدويا شريطة أن‬
‫يخدم عمله مصلحة المجموع وينسجم معها‪.‬‬

‫‪13‬ـ سن تشريع اجتماعي يحدد حقوق وواجبات رأس المال والعمل‪،‬‬
‫والعلاقة بينهما على أساس مبدأ الانسجام القومي‪ ،‬ويكفل إنشاء مؤسسات‬
‫غايتها حماية المواطنين العرب من البطالة والمرض والعجز وطوارئ‬

‫العمل‪.‬‬

‫‪14‬ـ التعليم في البلاد العربية موحد في الفكر والأسلوب يقوم على أساس‬

‫‪37‬‬

‫الفكرة العربية التي تعتبر الأمة العربية وحدة حية في ماضيها وحاضرها‬
‫ومستقبلها ويوجه وفقا لأهداف النهضة القومية المنشودة‪.‬‬

‫‪15‬ـ التعليم الابتدائي إلزامي‪ ،‬وعلى الدولة ان تمكن كل عربي من نيل‬
‫النصيب الكافي من العلم والمعرفة والوصول الى المراكز التي يؤهله لها‬

‫عمله وإخلاصه‪.‬‬

‫‪16‬ـ أيجاد كليات ومعاهد في جميع نواحي النشاط العلمي وتطبيقاته تسمح‬
‫لا صحاب المواهب بمتابعة بحوثهم المختلفة‪.‬‬

‫‪17‬ـ إخضاع المدارس والمعاهد الأجنبية لكل فوانيين الدولة العربية‪.‬‬

‫‪18‬ـ حصر مهنة التعليم وكل ما له مساس بالتربية الوطنية بالمواطنين‬
‫العرب‪ ،‬يستثنى من ذلك التعليم العالي‪.‬‬

‫‪19‬ـ توجيه كل وسائل النشر نحو كل ما يتفق ومصلحة القومية والأخلاق‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪20‬ـ جعل الحالة الصحية في مستوى راق بين كل الطبقات وفي جميع‬
‫مناطق البلاد العربية وتربية النشء الجديد تربية بدنية سليمة‪.‬‬

‫السؤال ‪:‬‬

‫هل انسجمت هذه التجربة العملية للحزب في العراق مع الأفكار النظرية‬
‫لحزب البعث العربي الاشتراكي بعنى هل استطاعت الحزب أن يحول‬

‫النظرية إلى ممارسة عملية (نظرية عمل)؟‬

‫إن أي عاقل منصف يتمتع بضمير حي يستطيع أن يرى ان الغايات‬
‫والأهداف التي أرادها البعث والمنشورة عام ‪ 1946‬والمكتوبة أعلاه‪،‬‬
‫طبقت في دولة البعث ‪ ،‬وزاد عليها ما هو جديد‪ ،‬إن من عاش في ظل‬
‫التجربة يعرف جيدا ما معنى قرار التأميم ومحو الأمية وبيان آذار‪ ،‬اما‬
‫الأجيال التي ولدت بعد الاحتلال فحقها أن تعرف حقيقة التجربة عبر من‬
‫واكب المسيرة من العرب والعراقيين والذين يتمتعون بضمير حي منصف‪.‬‬

‫سيبقى البعث كما عرفناه حيا‪ ،‬صامدا‪ ،‬مجاهدا معبرا عن ضمير الأمة‪.‬‬

‫ستبقى تجربة البعث في العراق شامخة ‪ ،‬ستبقى المقاومة البعثية على امتداد‬
‫الساحة العربية خير مترجم لمواقف البعث وشعاراته ونظريته الممتدة من‬
‫مرحلة التأسيس حيث جاهد الرفاق الأوائل في فلسطين إلى يومنا هذا‪،‬‬

‫‪38‬‬

‫فالبعث امن بان العمل الشعبي المسلح هو طريق التحرير‪.‬‬

‫سيبقى قادة البعث نبراس فخر واعتزاز لأبناء البعث والأمة العربية المجيدة‬
‫والشرفاء في العالم وهم يعانقون السماء عبر المشانق وعبر النضال الدائم‪.‬‬

‫البعث ليس حزبا ملحدا ولا حزبا دينيا‬

‫كثرت في الآونة الأخيرة البعض من المفردات التي يستخدمها البعض من‬
‫أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي والتي تتماها مع المفردات التي‬
‫يستخدمها الإسلام السياسي الأمر الذي يدعو المتابع إلى التوقف طويلا أمام‬

‫السؤال الآتي ‪:‬‬

‫هل أصبح حزب البعث العربي الاشتراكي حزبا دينيا وهل إن هناك تغيرا‬
‫معينا قد شمل منهجه المعروف؟؟؟‬

‫وإذا ما أصبح حزبا دينيا كغيره من الأحزاب الدينية السياسية فعليه ان‬
‫ينحاز إلى اتجاه فقهي معين وبهذا يسقط في ما سقطت فيه الأحزاب‬
‫السياسية الإسلاموية ( الاحتراب الطائفي (‪ ،‬فبدل من شعار الوحدة الذي‬
‫يدعو إلى انصهار الأمة العربية في بودقة واحده ستكون الفرقة والتناحر‬
‫والدعوة إلى تقسيم القطر الواحد إلى أقاليم وتقسيم المحافظات إلى شرقية‬
‫وغربية من ابرز النتائج المترتبة على هذا التحول‪ ،‬أما هدف الحرية فسوف‬
‫يطلق بالثلاث ‪ ،‬وهذا ما أفرزته تجربة الأحزاب الاسلاموية في العراق‬

‫المحتل على سبيل المثال ‪.‬‬

‫إن تحول الحزب إذا ما حدث فانه سيتحول من رقم صعب في المعادلة‬
‫القومية والقطرية إلى رقم يضاف إلى العديد من الأرقام التي لا تقدم ولا‬
‫تؤخر ‪ ،‬فحزب البعث العربي الاشتراكي ليس حزبا دينيا لكنه ليس حزبا‬
‫ملحدا كما يحلو للبعض من الحاقدين والشعوبيين تسميته انه حزب الأيمان‬

‫ضد الإلحاد ‪ ،‬حزب الرسالة الخالدة وراية الله اكبر‪.‬‬

‫إن حزب البعث العربي الاشتراكي ومنذ تأسيسه قد استند إلى الفكر‬
‫الاشتراكي التحرري الديمقراطي فكان حزبا عقائديا‪ ،‬انطلق من الأيمان‬
‫العميق بالفكرة القومية و القومية العربية ‪ ،‬وقد الحزب تعامل مع الدين‬
‫الإسلامي الحنيف استنادا إلى الأصول والمصادر الأساسية ‪ ،‬وليس من‬
‫خلال الاجتهادات والأحكام الفرعية اللاحقة وقد قاده هذا التعامل إلى حالة‬
‫من حالات التوازن الكاملة في فهم الدين عموما ‪ ،‬وعلاقة الإسلام بالعروبة‬
‫خصوصا ‪ ،‬فالإسلام والعروبة وجهين لحقيقة واحدة ‪ ،‬إن نظرة الحزب إلى‬

‫‪39‬‬

‫الدين هذه تختلف عن التيارات والحركات السياسية الدينية التي أخذت من‬
‫الفرعيات والمصادر الاجتهادية اللاحقة ‪ ،‬بصرف النظر عن ادعاءاتها ‪.‬‬

‫وإن نظرة البعث إلى الإسلام السياسي لم تكن ردة فعل لما يجري اليوم في‬
‫العراق والوطن العربي بل هي ابعد من ذلك ففي ‪ 16‬تموز ‪ 1954‬اصدر‬
‫حزب البعث العربي الاشتراكي بيان موجه إلى الشيخ (مكي الكتاني) ردا‬
‫على بيان أصدره متجنيا فيه على الحزب في (المعرة السورية) اقتطف منه‬
‫ما يسلط الضوء على موقف الحزب من الإسلام السياسي ‪ ،‬يقول البيان (‬
‫فهل تعرف المعرة أيها الأستاذ وتعلم شيئا عن أحوالها الاجتماعية‬
‫والمعايشة وعن تسخير فلاحيها من قبل ملوك تلك البلدة الإقطاعيين؟ إذن‬
‫لعرفت إن العداء المستحكم فيها يتعلق بالظلم الاجتماعي والتحكم السياسي ‪،‬‬
‫ولئن كان هنالك من يدافعون عن الدين ‪ ،‬فثق أنهم ليسوا أولئك المستثمرين‬
‫‪ ،‬بل هم المحرومون والمظلومون من أبناء الشعب ‪ ،‬الفلاحين ‪ ،‬فعند بزوغ‬
‫فجر الإسلام ‪ ،‬منذ اربعة عشر قرنا ‪ ،‬لم يعتمد رسول الله عليه الصلاة‬
‫والسلام على أبى جهل وأبى سفيان وتجار قريش وأغنيائها وسفهائها ‪ ،‬بل‬
‫اعتمد على الذين تخلوا عن أموالهم وجاهدوا بأنفسهم وحاربوا الطغيان‬
‫كأبي بكر الصديق وعلي بن أبى طالب رضي الله عنهما وعلى جماهير‬
‫الفقراء المتألمين ‪ ،‬بلال ‪ ،‬وسلمان و أمثالهما من المؤمنين ‪ .‬ثم ذكرت في‬
‫بيانك عن حزبنا *انه لم يقصر عمله على السياسة ‪ ،‬و إنما اخذ يحارب‬
‫الدين ويتبع غير سبيل المؤمنين ‪ ،‬واخذ أنصاره يحاربون الله ورسوله‬
‫ويعيثون في الأرض فسادا* ‪ .‬فكيف تجيز ‪ ،‬وأنت الذي اخترت لنفسك اسم‬
‫نائب رئيس رابطة العلماء وتحملت بذلك مسؤولية خطيرة أمام الله وعباده ‪،‬‬
‫لان العلماء ورثة الأنبياء ‪ ،‬فكيف تجيز لنفسك أن تقذف هذا الحزب ورجاله‬
‫بهذه التهم الطائشة الآثمة ‪ ،‬دون أن تتثبت وتتبين؟ وما هو مقصدك من‬
‫إشاعة التهم بحق الحزب ؟ فأنت تعرف بأنها تلفق في دوائر الاستخبارات‬
‫الأجنبية وفي معامل الشركات الرأسمالية وعلى موائد الخمر والميسر ‪،‬‬
‫وفي مكاتب دعاية بعض الأحزاب المأجورة مع العلم إن رجال الدين‬
‫الصادقين قد أبوا على أنفسهم أن يكونوا أداة للدعايات الاستعمارية الأجنبية ‪.‬‬

‫ثم هل اتصلت بأحد من قادة الحزب وشبابه وأنصاره ‪ ،‬لتستفهم قبل أن تتهم‬
‫‪ ،‬وتتبين قبل أن تجزم كما أمر الله تعالى ‪ .‬ولم لم تتصل بهم ‪ ،‬وأنت تعرف‬
‫إن أكثرهم ينتمون إلى عائلات مسلمة صادقة الأيمان ؟ وهب انه بلغ سمعك‬
‫وشايات الكاذبين و أخذت بها ‪ ،‬فهل حاولت الدعوة بالكلمة الطيبة‬
‫والموعظة الحسنة ‪ ،‬كما نأمر تعاليم الإسلام؟ كلا انك لم تفعل شيئا من هذا‬
‫بل حملت وزر تكفير المؤمنين ‪ ،‬ومن كفر مؤمن فقد كفر‪ ،‬تعلم إن حزبنا‬

‫‪40‬‬

‫حزب سياسي ‪ ،‬وان له دستورا مكتوبا ومنهاجا سياسيا واضحا ‪ .‬فهل قرأت‬
‫دستور ه وتتبعت منهاجه ‪ ،‬وهل وجدت فيهما إلا ما يسمو بالنفس ‪ ،‬يدعو‬
‫إلي مكارم الأخلاق ‪ ،‬وينظم الصفوف ضد الطغيان والاستعباد والاستعمار ‪.‬‬
‫ولم لم تفعل ذلك و أخذت بالإشاعات المغرضة التي يروجها الاستعمار‬

‫وحلفاؤه في الداخل؟‬

‫أيها الأستاذ ‪ ،‬ليس للاستعمار بعد الآن من حيلة للتفريق بين الشعب وقادته‬
‫المؤمنين المخلصين ‪ ،‬غير إيهام الشعب بأن المبادئ التقدمية والعمل‬
‫القومي الصادق والأيمان بمستقبل الوطن ‪ ،‬أمور تخرج عن الدين ‪ ،‬غير إن‬
‫الدين في جوهره ليس إلا العمل لزيادة التآخي بين الناس ‪ ،‬وشد عرى‬
‫التضامن بينهم ‪ ،‬ورفع الحيف عن فيقرهم ‪ ،‬والضرب على يد الظالمين‬
‫والمستثمرين ‪ ،‬وليس الدين هو الدعوة إلي الفتنة والتحريض على القتل‬
‫والعمل لتفرقة الصفوف ‪ .‬وأننا لنعلم علم اليقين إن كل دعوة حق تقابلها فتنة‬

‫باطل ‪ ،‬وان للباطل جولة ثم يضمحل)‪.‬‬

‫إن أي محاولة بسيطة لإسقاط ما في هذا البيان على واقعتا الحالي كفيلة‬
‫لتبين الحق من الباطل لكل إنسان عاقل حياه الله ببصر و بصيرة ‪ ،‬فكم فرد‬
‫من الذين سيسوء الدين اليوم يشعر بما يعانيه الشعب الجائع في العراق‬
‫والوطن العربي وكم فتوى طائفية بهدف القتل والدمار يطلقها معمم في‬
‫مساجد الله ‪ ،‬وكم هو عدد المعممين وغير المعممين من انساق وراء الدعاية‬
‫الإمبريالية الأمريكية واتهم حزب البعث العربي الاشتراكي بالكفر وكفره ‪،‬‬
‫وكم من هؤلاء عرف شيء عن دستور البعث ومنهاجه ؟ لا اعتقد إن أحد‬
‫من هؤلاء يستطيع الإجابة ‪ ،‬فالحقد الأسود يملأ قلوبهم إلى جانب الحقد‬
‫الشعوبي الذي يكره كل ما هو عربي وبالتالي البعث الذي ينادي بنهوض‬

‫الأمة العربية من جديد لحمل رسالتها الخالدة إلى الإنسانية‪.‬‬

‫إن حزب البعث العربي الاشتراكي ‪ ،‬هو الحزب الاشتراكي والثوري‬
‫الوحيد الذي أعطى المسألة الدينية اهتماما بارزا في عقيدته ‪ ،‬وفي سلوكه‬
‫السياسي والاجتماعي‪ .‬فموقف البعث قد عبر عنه القائد الشهيد حينما قال (‬
‫أننا لسنا حياديين بين الأيمان والإلحاد ‪ ،‬إننا مؤمنون) ‪ ،‬فالحزب يعتبر‬
‫الإسلام ثورة عظمى في التاريخ الإنساني ‪ ،‬كان للأمة العربية الفضل‬
‫التاريخي في نشرها على البشرية ‪ ،‬وقد دعا الحزب إلى استلهام الرسالة‬
‫الإسلامية في عملية الانبعاث المعاصر للأمة العربية فالمرحوم القائد‬
‫المؤسس احمد ميشيل عفلق وتحت عنوان ذكرى الرسول العربي عام‬

‫‪ 1943‬قال‪ ( :‬إذا كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم محمدا(‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫حكم حزب البعث العربي الاشتراكي العراق ‪ 35‬عام دون مشكلة بينه وبين‬
‫الدين كما هو حاصل اليوم في ظل الاحتلال والأحزاب الاسلاموية التي‬
‫تتستر بالدين ‪ ،‬لم يدعو الحزب إلي بناء دولة على الطراز الديني و إنما دعا‬
‫إلى بناء دولة على أساس الرابطة الوطنية في إطار القطر الواحد وعلى‬
‫أساس الرابطة القومية في إطار الوطن العربي الكبير‪ ...‬تستلهم الإسلام‬
‫كرسالة‪ ...‬وثورة ‪ ،‬واعتبر الإسلام جوهرا أساسيا في القومية العربية ‪،‬‬
‫فحزب البعث العربي الاشتراكي لم يأت بعقيدته عبر خليط هجين وحلول‬
‫وسط بين الاتجاهات المتناقضة التي تعج بها المنطقة العربية ‪ ،‬و إنما عبر‬
‫عن موقف قومي عربي أصيل نابع من تراث الأمة القومي والديني ‪،‬‬
‫وتعامل مع إفرازات العصر الحديث في إطار النظرة القومية الشاملة ‪،‬‬
‫فالحزب وعبر مسيرته النضالية التي امتدت سنين وقف موقفا صلبا أصيلا‬
‫متماسكا من كافة القضايا الجوهرية كالقضية الوطنية والقومية ‪ ،‬والدين ‪،‬‬

‫والاشتراكية‪.‬‬

‫البعث ينطلق من جديد‬

‫بدأ قطار البعث يعانق الشمس لتحقيق أهداف الأمة العربية المجيدة في الوحدة‬
‫والحرية والاشتراكية حاملا شعار امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ‪ ،‬منطلقا من‬
‫مقهى الرشيد الصيفي في دمشق العاصمة السورية في ‪ 7‬نيسان ‪ 1947‬وكان عدد‬
‫من استقل هذا القطار يعدون بعدد الأصابع لكنهم كانوا يحملون أحلام امة حية وكان‬
‫حادي المسيرة الرفيق المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمة الله عليه وكان صلاح‬

‫الدين البيطار وغيرهم رحمة الله عليهم ‪.‬‬

‫توقف هذا القطار في لبنان والعراق والأردن ليأخذ الشباب المؤمن بالأمة ورسالتها‬
‫الخالدة مقاعدهم فيه ‪ ،‬وكان أول انجازاتهم الوحدة العربية بين سوريا ومصر بعد‬
‫‪ 11‬سنة من الانطلاق وثورتي عام ‪ 1963‬في العراق وسوريا ‪ ،‬أنها فترة قياسية‬
‫وقصير من عمر الشعوب لكن الفكر العملاق والحب البعثى والسمات التي اتسم بها‬
‫البعث كان وراء هذه الانجازات ‪ ،‬وكان شاعر البعث الرفيق صالح مهدي عماش‬

‫رحمة الله عليه يقوم‪:‬‬

‫أمنت بالبعث ثالوثا أقدسه وبالرسالة فان البعث جبار‬

‫وقول ‪:‬‬

‫نحن الشباب على المشانق نصعد وفي سبيل البعث لا نتردد‬

‫‪42‬‬

‫واستمرت المسيرة وانطلق قطار البعث من المشرق العربي إلى مغربه ‪ ،‬ازدادت‬
‫المحطات وكان الشباب يصدحون بالأناشيد التي تعرب عن أحلامهم الكبيرة وكان‬

‫أبو القاسم ألشابي‬

‫فلابد إن يستجيب القدر‬ ‫إذا الشعب يوما أرد الحياة‬

‫إلى قوله‪:‬‬

‫ومن يتهيب صعود الخبال يظل ابد الدهر بين الحفر‬

‫وكان سليمان العيسى‬

‫سمراء صحرائي ونسر اسمر ورسالتي علم الخلود الأخضر‬

‫وكان أنشودة البعثيين الخالدة‬

‫بلاد العرب أوطاني‬

‫من الشام لتطوان‬

‫ون نجد إلى يمني‬

‫الى مصر فتطواني‬

‫ترجل من هذا القطار الريماوي والركابي والسعدي وتامر الاسد بهدف حرف‬
‫القطار عن سكته لكن القطار استمر وبقوة واندفاع وكان صمام الأمان القائد‬

‫المؤسس ‪.‬‬

‫وكان من شابا من اجمل الشباب وأقواهم ينتظر القطار في محطته في العراق استقل‬
‫القطار واخذ مقعده في صدارته مع الأب القائد احمد حسن البكر‪.‬‬

‫وكانت ثورة ‪ 17‬ـ ‪ 30‬تموز الثورة البيضاء التي كانت ردا على ردة تشرين في‬
‫العراق وانحراف آذار في سوريا ونكسة العرب في عام ‪ ، 1967‬وكان الشاب‬
‫صدام حسن والأب القائد والأمين العام للحزب عزة إبراهيم الدوري والرفيق طه‬

‫الجزراوي والرفيق طارق عزيزوالرفيق سعدون شاكر من بين ركب القطار‪.‬‬

‫أثارت سرعة وحركة قطار البعث القوى الكبرى والصغرى وثعالب الكروم فكان‬
‫العام ‪ 3003‬الأسود ‪ ،‬وكان الرد البعثي المقاوم وكان الرفاق يصعدون على‬
‫المشانق كما قال الرفيق صالح مهدي عماش بلا تردد ‪ ،‬وكانوا يعانقون المشانق من‬

‫اجل حزبهم وشعبهم وأمتهم ‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫حينما اعتقد المحتلين أمريكان وفرس وتابعيهم والبعض من العرب إن القطار قد‬
‫توقف وان المحطات قد أغلقت رغم الجهد المقاوم الذي جعل المحتل الأمريكي يلعق‬

‫دمه ‪.‬‬

‫كانت البداية‬

‫هذه السنة ولمناسبة ذكرى اغتيال شهيد الحج الأكبر ينطلق أكثر من قطار يحمل‬
‫شباب البعث بنفس الأحلام وهمة اكبر مصممين على تحقيق أهداف الأمة العربية‬
‫ورافعين شعار البعث ‪ ،‬ومنطلقين من أكثر من محطة فمن طرابلس في لبنان ومن‬
‫عمان والكرك في الأردن ومن موريتانيا والجزائر والسودان ومن النمسا وبرلين‬

‫ومحطات أخرى ‪.‬‬

‫والسؤال هو ‪:‬‬

‫إذا انطلق القطار من محطة واحد وبعدد قليل من انطلاقته حقق ما حقق ‪ ،‬فما لذي‬
‫تكون عليه الحال مستقبلا والقطار ينطلق من عدت محطات وبهذا النوع والعدد من‬
‫الرجال المؤمنين بقضيتهم والذين يحملون أكفانهم على أيديهم ليلحقوا برفاقهم‬

‫الشهداء وحادي المسيرة هذه المرة القائد عزة إبراهيم الدوري حماه الله؟؟؟‬

‫يقال إن قطار الثورة يحمل الثوار ويتسلقه البعض من الذين في نفوسهم مرض أو‬
‫من الذين إصابتهم حمى النرجسية أو الذين أتعبهم السفر أو ‪...‬الخ ‪ ،‬فندعوهم دعوة‬
‫صادقة إلى الترجل وشكرا لهم ‪ ،‬وواجب علينا أخر ان نذكر من يصر على البقاء‬

‫مختفيا في القطار بهدف التخريب بمصير الريماوي والركابي والسعدي ‪.‬‬

‫المركزية على حساب الديمقراطية‬

‫إن ما تعرض له حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق من قوانين( قرقوشية‬
‫)‪ ،‬ومن شتى صنوف الاغتيالات والتعذيب والسجن والتشريد بحق أعضاءه‬
‫وغوائلهم معروفة‪ ،‬والمعروف أيضا كيف استطاع الحزب امتصاص زخم الهجوم‬
‫المعادي والشروع بالهجوم المقابل بعد أن تخلص من النباتات الضارة والمتسلقة‪.‬‬
‫فقد عمل الحزب وبسرية تامة ليبقى وأعضاءه بمأمن من الضربات الحاقدة‬
‫وبالوقت نفسه استطاع بهذه السرية أن يثير هلع ورعب الاحتلال الأمريكي‬

‫والإيراني‪.‬‬

‫إن صيانة الحزب لتشكيلاته هو الإجراء الحيوي الذي يأتي عبر تفعيل مبدأ‬
‫الديمقراطية المركزية‪ ،‬فبالوقت الذي تسعى فيه قوى الشر لكشف الحزب وضربه‬

‫فان الحزب يقدم المركزية على الديمقراطية من اجل المحافظة ما يلي ‪:‬‬

‫‪44‬‬

‫‪ 1‬ـ الأسلحة والمعدات الفنية وغير الفنية العسكرية التي يستعملها الحزب والتي‬
‫تضمن للحزب إدامة زخم المعركة المفتوحة مع العدو‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ دور الطبع ومراكز التوزيع وأجهزة المراسلة والممتلكات والنقود وغيرها من‬
‫المستلزمات‪ .‬إن بقاء هذه في مأمن من رصد القوى المعادية يوفر للحزب إمكانات‬

‫العمل المنتج بحرية ومقدرة فائقة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ العناصر المناضلة الهامة وما يتعلق بها من معلومات ‪( :‬الأسماء‪ ،‬العناوين‪،‬‬
‫الأوصاف‪ ،‬الارتباطات العائلية‪ ،‬الخصائص السلبية والايجابية‪ ،‬درجة الانتماء‬

‫الحزبي‪ ،‬محلات السكن‪ ،‬أماكن التردد والسفر والتنقل‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ مواقع المنظمات السرية‪ ،‬قوتها وسعتها‪ ،‬حتى لا يستطيع العدو أن يمتلك أي‬
‫فهم أو انطباع لطبيعة المنظمات الحزبية‪ ،‬لان معرفة قوة الحزب تدفع العدو إلى‬
‫وضع خطة للهجوم الانتقامي‪ ،‬إن ما يؤرق العدو هو جهله بنوعية وحجم منظمات‬

‫الحزب السرية‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ روابط التنظيم السري الخارجية وعناصر الاتصال حيث من الضروري جدا‬
‫إخفاء روابط التنظيم السري بالقوى والحركات الأخرى وبذل اكبر ما يمكن من‬
‫الجهود لتغطية عناصر الاتصال وذلك لان كشفها يوقعها في حالة من حالات‬

‫الانعزال عن القوى السياسية والاجتماعية الأخرى‪.‬‬

‫إن سرية التنظيم تتقرر بالدرجة الأولى حسب طبيعة العدو ولا يمكن التخلي عن‬
‫الصيغة السرية للتنظيم تبعا لاعتبارات وقتية كأن يقدم العدو مثلا تسهيلات معينة‪،‬‬
‫يجب على الحزب إن يقوم على تنظيم سريته وبشكل دقيق وحذر في الأيام التي‬
‫يسلك فيها العدو سلوكا ماكرا في ابدأ مرونة وتسهيلات معينة وتحت إي ظرف‪،‬‬
‫على أن ذلك لا يعني عدم الاستفادة من هذه المرونة‪ ،‬بشرط أن تتم الاستفادة تكتيكيا‬

‫ضمن شروط سرية التنظيم وسرية التحرك والمجابهة‪.‬‬

‫من المعروف أن حزب البعث العربي الاشتراكي يعمل وفق مبدأ معروف‬
‫وهو(الديمقراطية المركزية)‪ ،‬فالمبدأ هذا يأخذ سياقات اهرى غير السياقات المعمول‬
‫فيها أيام النضال الايجابي‪ ،‬فزيادة المركزية على حساب الديمقراطية أيام العمل‬
‫السري ضرورة لا بد منها‪ ،‬بمعنى إن الديمقراطية المتمثلة في الانتخابات العامة‬
‫الشاملة لا يمكن الوصول إليها في فترة تعرض الحزب للقمع والإرهاب والمطاردة‬
‫بهدف الاجتثاث‪ ،‬غير إن تقلص حدود الديمقراطية الاضطراري يقود إلى ممارسات‬
‫ديمقراطية هامة تستطيع التعويض إلى حد كبير عن نقصان الديمقراطية وزيادة‬
‫المركزية‪ ،‬ومن هذه الممارسات تثبيت مبدأ القيادة الجماعية مع ما يحمله هذا التثبيت‬
‫أحيانا من مواقف تؤدي إلى مبادرة الكادر المسؤول في حالات انقطاع الصلات‬

‫‪45‬‬

‫بفعل ظروف طارئة أو اعتقال أعضاء التنظيم‪ ...‬الخ‪ ،‬وبسبب القسوة والبطش تلجأ‬
‫القيادة إلى الاتصال بقواعد الحزب بطريقة الاتصالات الفردية والثنائية فلا مجال‬

‫في هذه الظروف لعقد اجتماعات منظمة لخلايا الحزب‪.‬‬

‫إن أساس الديمقراطية أيام العمل السري هو الثقة الحزبية الناجمة عن صواب‬
‫الموقف السياسي للقيادة والاحترام المتبادل بين القواعد والقيادة وتوافر الكادر‬
‫القيادي الموثوق فيه‪ ،‬لذلك لا ينبغي لنا الخوف على الديمقراطية داخل التنظيم في‬
‫ظل ظروف العمل السري‪ ،‬مادام خط الحزب العام سليما فالضرورة الكبرى التي‬
‫تدعو الحزب الى الحفاظ على أقصى السرية فوق بقية الضرورات التنظيمية‬
‫الأخرى‪ ،‬فهدف السرية هو حماية الحزب لاسيما وهو يتعرض لا بشع هجمة‬
‫امبريالية صهيونية عرفها التاريخ المعاصر‪ ،‬لنأخذ مثل حي على ذلك‪ :‬إن عقد‬
‫مؤتمر قطري للحزب بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ضرورة ملحة لكن القيادة لم‬
‫تعقد هذا المؤتمر والسبب في ذلك هو حماية الحزب‪ ،‬فلا الوقت مناسب ولا الظرف‬
‫الموضوعي مناسب ولا الأرض تسمح لانعقاد مثل هذا المؤتمر وبالطريقة التي‬
‫يريدها الحزب‪ ،‬فانعقاد مثل هذا المؤتمر بنجاح يتطلب حضور مندوبين من الداخل‬
‫والخارج ويتطلب مكان امن ويتطلب أمور كثير أخرى فهل تتوفر مثل هذه‬
‫الظروف في ظل الاحتلال؟ اعتقد إن الجواب كلا‪ ،‬إن إي دعوة لانعقاد مؤتمر تعني‬

‫تصفية للمؤتمرين‪.‬‬

‫إن أدبيات حزبنا العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي تشير إن هناك الكثير من‬
‫المخاطر الناجمة عن سرية التنظيم علينا توخيها وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إن تقلص الديمقراطية في الحزب قد تقود إلى البيروقراطية التي تؤدي إلى‬
‫إشكالا متباينة في السلوك‪ ،‬كالفردية والغرور والامرية ونزعة عدم الاكتراث لرأي‬
‫القواعد‪ ،‬فالبعض يعتقد إن البيروقراطية هي جزء من العمل السري وهذا من‬

‫الأخطاء الفادحة‪ ،‬فالبيروقراطية تضعف إرادة الحزب وتهمل أراء القواعد‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ نشوء عزلة مزدوجة تشكل خطر كبير على الكادر‪ ،‬فالعزلة عن القواعد‬
‫الحزبية والعزلة عن الجماهير تقود إلى انحراف البعض من الكادر الحزبي‬
‫وبالمقابل فإنها تقود إلى عدم ثقة القواعد والجماهير بالكادر المحترف‪ ،‬لذلك فان‬
‫قيادة الحزب تعمل على إلزام الكوادر الحزبية بضرورة العودة بين الحين والأخر‬
‫إلى القواعد وتطوير العلاقة مع الجماهير بما يتناسب مع المرحلة المعاشة وكذلك‬
‫تعمل القيادة على اصدرا عقوبات مختلفة بحق العضو الحزبي الذي لا يستجيب للنقد‬

‫وتكون هذه العقوبات متناسبة مع الخطأ الذي اقترفه‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫‪ 3‬ـ عدم اشتراك القواعد مع القيادة في القضايا المهمة التي قد تتطلب اشتراك‬
‫القواعد بها أو فهمها على الأقل‪ ،‬وهذا خطر يؤول بالأخير إلى عدم الثقة بالقيادة‬

‫تركيبا ونهجا‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ إن المغالاة في استخدام حجة سرية التنظيم تقود في الكثير من الأحيان إلى خطأ‬
‫في انتقاء العناصر القيادية وتقيمها‪ ،‬الأمر الذي يقود إلى صعود عناصر غير مؤهلة‬
‫وإهمال عناصر تتصف بصفات القيادة مما يوصل إلى نتائج تؤثر على بناء الحزب‬

‫وتطوير عمله‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ إن سرية التنظيم قد تدفع بنا إلى عدم الالتفات إلى التثقيف الحزبي والبرامج‬
‫المعدة لهذا الغرض الأمر الذي يقود إلى التخلف الثقافي الحزبي والعام بالنسبة‬
‫للبعض‪ ،‬علينا أن نعمل بالممكن في معالجة مثل هذا الأمر المهم بالاستفادة من‬
‫مواقع الانترنيت ووسائل الاتصال الحديثة وضمن سرية العمل‪ ،‬فالتوعية المستمرة‬
‫ضرورية من اجل الحد والقضاء على الميول الارتزاقية والتسلق الوصولي الذي قد‬
‫يتعرض له البعض من الأعضاء خلال العمل السري‪ ،‬إن النقد والممارسة العملية‬
‫كفيلان بتهيئة فرصة جيدة لمعالجة الأخطاء‪ ،‬أما الأعضاء الذين يثبت تلونهم فيجب‬

‫إقصاؤهم عن الحزب مهما كانت دوافع الموافقة على وجودهم في الحزب‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ قد يتولد من ظاهرة الانكماش بفعل العمل السري نوع من اللامبالاة في الحفاظ‬
‫على السرية‪ ،‬وكرد فعل إزاء ذلك فكثير ما تقع النفوس الغير منصهرة بالعمل‬
‫الجهادي في نزعة عدم تحمل تبعات النضال السري فتكون ميالة للاجتماع في‬
‫المحلات العامة والثرثرة بما يؤثر على سرية العمل‪ .‬إن النضال ضد ذلك من‬

‫شروط العمل السري الحقيقي‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ هناك مخاطر الاندساس وتسرب العناصر التخريبية إلى التنظيم الحزبي‪،‬‬
‫فالمجالات المتوفر في العمل العلني لانتقائها قد لا تتوفر إثناء العمل السري‪ ،‬لذلك‬

‫يجب أن يكون الحزب أكثر حذرا في اختيار عناصره وكوادره‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ إن أجهزة العدو توجه ضربات للحزب من خلال الثغرات الداخلية كثغرات‬
‫الانهيار والعناصر المشترات ‪ ،‬لذلك فأن قطع الطريق إمام العدو يحصل بمكافحة‬

‫تلك الثغرات‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ إن الضربات التي وجهها العدو للحزب بعد الاحتلال قد أفقدته خيرة مجاهديه‪،‬‬
‫فقيادات وكوادر الحزب التي استشهدت وعلى رأسها شهيد الحج الأكبر والتي وقعت‬
‫في الأسر وضعت التنظيم أمام صعوبات جمة‪ ،‬لذلك قام الحزب على انتقاء كادر‬
‫احتياطي للقيادات المختلفة تلافيا لعواقب ضربات العدو المتوقعة دائما‪ ،‬وهذا من‬

‫ضروريات العمل السري‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫الخاتمة‬

‫الحزب هو كائن حي ينمو ويتطور وعندما يبلغ أشده ينبغي أن تنقلب فيه العفوية‬
‫إلى وعي والبراءة إلى ذكاء ‪ ،‬إن المرحلة التاريخية التي تمر بها امتنا العربية في‬
‫الوقت الحاضر مرحلة خطيرة وان صراعها مع أعدائها هو صراع وجود وان‬
‫الفساد والانحلال والتخلف قد بلغ ذروته ‪ ،‬لذا يتوجب على القوى الحية وفي المقدمة‬
‫منا حزب البعث العربي الاشتراكي ‪ ،‬النضال الثقافي والتنظيمي والسياسي بلا كلل‬

‫أو ملل ‪ ،‬النضال الواعي المنظم الذي يعي خطورة المرحلة ‪.‬‬
‫إن المرحلة التاريخية التي نعيشها تفرض علينا كطليعة لهذه الأمة أن نفكر بأول ما‬
‫نفعله هو الانقلاب على الذات والتعامل مع معطيات الواقع بإرادة حرة واعية نقابل‬
‫فيها الفوضى التي وضع الامبريالية والصهيونية والفرس امتنا فيها ‪ ،‬علينا أن‬
‫نتحرك وفق تنظيم محكم نستطيع من خلاله تحقيق إرادة الحياة ‪ ،‬لزاما علينا كبعثين‬
‫أن نترك المجال واسعا في نفوسنا لحب التنظيم الذي هو قدرنا لنواجه من خلاله‬
‫الواقع الفاسد الذي يقودنا إلى الفوضى والعبث ‪ ،‬علينا أن نعرف إن الثقافة الحزبية‬
‫والالتزام بالتنظيم الحزبي هو سبيلنا الوحيد لانتشال أنفسنا وامتنا من هذا اللامعقول‬

‫الذي يحدث ‪ ،‬فالثقافة والتنظيم جزء لا يتجزءا من عقيدة البعث ‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫المصادر‬

‫‪ ، 1‬نضال حزب البعث العربي الاشتراكي عبر مؤتمراته القومية ‪ ،‬ط‪ 2‬كانون‬
‫الثاني عام ‪ 1972‬ـ دار الطليعة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ نضال البعث ـ القطر العراقي ‪ 1953 ،‬ـ ‪ ، 958‬الجزء الخامس ‪ :‬ط‪ 1‬كانون‬
‫الثاني ‪ ، 1965‬ط‪ 1‬أب ‪ ، 1971‬دار الطليعة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الأبعاد الفكرية والنضالية لتأسيس البعث ‪ ،‬الدكتور اليأس فرح ‪ :‬ط‪ 1‬آذار‬
‫‪ ، 1975‬دار الطليعة ـ بيروت‬

‫‪ 4‬ـ نضال البعث القطر العراقي ‪ 1958 ،‬ـ ‪ ، 1963‬الجزء السابع ‪ :‬ط‪ 1‬كانون‬
‫الثاني ‪ 1965‬ـ ط‪ 2‬شباط ‪ ، 1972‬در الطليعة ـ بيروت‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ في سبيل البعث ‪ ،‬الرفيق ميشيل عفلق ‪ :‬ط‪ 1‬تشرين الأول ‪ 1959‬ـ ط‪10‬‬
‫تموز ‪ 1975‬ـ دار الطليعة ـ بيروت‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ حزب البعث العربي الاشتراكي ـ الرفيق شبلي العيسمي ـ الجزء الثاني ‪،‬‬
‫مرحلة النمو والتوسع ‪ 1949 ،‬ـ ‪ 1958‬ط‪ 1‬حزيران ‪ 1978‬ـ دار الطليعة ـ‬

‫بيروت‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ المنهاج الثقافي المركزي ـ الكتاب الأول للمؤيدين ‪ ،‬دار الحرية ‪,‬‬
‫‪ 8‬ـ الثورة العربية العدد الرابع السنة الثالثة عشر ‪ /‬نيسان ‪.1981‬‬
‫‪ 9‬ـ المنهاج الثقافي المركزي للأنصار الكتاب الثاني ‪ ،‬درا الحرية ـ بغداد ‪.1987‬‬
‫‪10‬ـ الانترنيت ‪ ،‬موقع ذي قار الإخباري ‪ ،‬موقع البصرة ‪ ،‬الكوكل ‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------‬‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫‪-------------------------------------‬‬

‫‪49‬‬

50


Click to View FlipBook Version