أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
ﻓﻲ ذﻛرى رﺣﯾل اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس
اﻟﻌودة إﻟﻰ ﺟذور اﻟﻔﻛر اﻟﺑﻌﺛﻲ ﺿرورة ﻣﻠ ّﺣﺔ
ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ ﻣؤاﻣرات اﻟﺷﯾطﻧﺔ واﻻﺟﺗﺛﺎث
ﻏﺎﻟب ﻓﮭد اﻟﻣوﻟﻰ
1
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
ﻣن أھم ﺳﻣﺎت اﻟﮭﺟﻣﺔ اﻟﺷرﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌرض ﻟﮭﺎ اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟراھﻧﺔ
ھو اﻹ ّﻣﻌﺎن ﻓﻲ ﻓﻲ ﺗﺟزﺋﺗﮭﺎ ،ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ أھداف اﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺷﺗﻰ ﺑﺑﻌدﯾﮭﺎ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﯾن
اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟﻌﺎﻟﻣﻲ .وﯾﺄﺗﻲ اﺳﺗﮭداف اﻟﻌروﺑﺔ وﻣﻘوﻣﺎت اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻟﺗﺷﻛﯾك ﺑﮭﺎ
وﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻔﻛر اﻟوﺣدوي اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻓﻲ طﻠﯾﻌﺔ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ﺗﻠك اﻻھداف
اﻟﺷرﯾرة ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ان اﻟﻣرﺣﻠﺔ ھﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﻘ ﱠﺳم وﺗﻔﺗﯾت ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﮫ ﺑﺷﺗﻰ
اﻟطرق وﺗﺣت ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣﺟﺞ واﻟذراﺋﻊ .
وﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ذﻟك ﺗﻧﺷط ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺳﺗﮭداف وﺗﺷوﯾﮫ ﻓﻛراﻻﻣﺔ اﻟﻘوﻣﻲ ،واﻟﺑﻌﺛﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻘدﻣﺔ
ﻣﻧﮫ ﻓﺗﺳﺗ ِﻌر ﺣﻣﻼت ﺷﯾطﻧﺔ ﺣزب اﻟﺑﻌث اﻟﻌرﺑﻲ اﻻﺷﺗراﻛﻲ واﺟﺗﺛﺎث وﺗزﯾﯾف ﻓﻛره
اﻟﻣو ِّﺣد ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻓﻛراً ﺟﺎﻣﻌﺎً ﻟﻸﻣﺔ ،اذ ﻗ ّدم ﻗﺿﯾﺔ وﺣدﺗﮭﺎ ﻓﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﺗﺑوأ أوﻟوﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ
ﺑﯾن أھداﻓﮫ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻋﺑّر ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﻌﺎره اﻟﻣرﻛزي.
وﻷن اﻟﺑﻌث ﻛﺎن ﻣن اﻟرواد اﻻواﺋل ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺧﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻓﻲ اﻟرﺑط ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ
واﻻﺳﻼم ﺳواء ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﻔﻛر وﺑﻠورة اﻟﮭوﯾﺔ ،او ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد ﺣﺷد ﻗوى اﻻﻣﺔ
وﺗوﺣﯾدھﺎ ﺿد اﻋداﺋﮭﺎ ،ﻓﻼ ﻏراﺑﺔ ان ﯾﻛﺛر اﻟﺣدﯾث ﺑﯾن اﻟﺣﯾن واﻻﺧر ﻋن ﺗﻠك
اﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻓﻧﺟد اﻟﺑﻌض ﯾﻘوم ﺑﺷن ﺣﻣﻼت ﺷﻌواء ﺗﺳﺗﮭدف ﻓﻛر اﻟﺑﻌث اﻟذي ﻋﺑر ﻋﻧﮫ
ﻗﺎدﺗﮫ وﻓﻲ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣﻧﮭم ﻗﺎﺋده اﻟﻣؤﺳس اﻟﻣرﺣوم أﺣﻣد ﻣﯾﺷﯾل ﻋﻔﻠﻖ.
واﻟﯾوم وﻓﻲ ذﻛرى رﺣﯾل اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﻧﺳﺗﻠﮭم ﻣن ﺗﻠك اﻟﯾﻧﺎﺑﯾﻊ وﻧﺳﺗرﺷد ﺑﺗﻠك
اﻻﻧﺎرات اﻟﺗﻲ اﺿﺎءت طرﯾﻖ اﻟﻧﮭﺿﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻟﻼﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺗﻧﺎ ﻟﻠﺗﺣدﯾﺎت
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرض ﻧزوﻋﮭﺎ اﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻣن اﺟل ﻧﯾل ﺣرﯾﺗﮭﺎ وﺗﺣﻘﯾﻖ ﺗﻘدﻣﮭﺎ.
ﻓﻣﺎ ھﻲ ﻣﻧطﻠﻘﺎت ﺗﻠك اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ واﻻﺳﻼم وﻛﯾف ﺳﺎھﻣت ﻓﻲ ﻧﮭﺿﺔ اﻻﻣﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة؟
ﺑﺎﻟﻌودة اﻟﻰ اﻟﯾﻧﺎﺑﯾﻊ اﻻوﻟﻰ ﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت ذﻟك اﻟﻔﻛر ﺑﮭدف إﻟﻘﺎء اﻟﺿوء ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺗﺣﻠﯾﻠﮭﺎ
ﻧﺟد أن اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﻗد ﻋﺎش طﯾﻠﺔ ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻣؤﻣﻧﺎً ﺑﺎﻟرﺑط اﻟﻌﺿوي ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ
2
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
واﻹﺳﻼم ،وﻗد ﻋﺑر ﻋن ذﻟك ﻓﻲ ﻣواﻗﻔﮫ وﺳﻠوﻛﮫ وﻓﻲ اﻏﻠب اﺣﺎدﯾﺛﮫ وطروﺣﺎﺗﮫ
اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .واﻟﻣﺗﺗﺑﻊ ﻟذﻟك اﻟﻌطﺎء اﻟﻔﻛري واﻹرث اﻟﻧﺿﺎﻟﻲ ﯾﺳﺗﺧﻠص ان
اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﻛﺎن ﯾﻧطﻠﻖ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن وﻋﯾﮫ اﻟﺗﺎم ﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻣﺔ اﻟﻣﺟﯾد وﻋﻧﺎﺻره،
اﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إدراﻛﮫ اﻟﻌﻣﯾﻖ ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻔﺎھﯾم وﻣﻧﮭﺎ ﻣﻌﻧﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﺑد ﺑرﺑﮫ ،ووﻋﯾﮫ
اﻟﺗﺎم ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺑﻌض اﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣوﻗف ﻣن اﻟدﯾن ،واﻟﺛﺄﺛﯾر اﻟذي ﻣن ﻣﻣﻛن ان
ﯾﺣدﺛﮫ ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺟﻣﺎھﯾر اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ.
وﻣن ﺟﮭﺔ اﺧرى ﻓﺎن ﺗﻠك اﻟطروﺣﺎت اﻧﺳﺟﻣت ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ اﻟﺻرﯾﺣﺔ
واﻟﺟرﯾﺋﺔ ،ﻓﻘد ﻋرﻓﺗﮫ اﻣﺗﮫ ﻋﺑر ﻣﺳﯾرﺗﮫ اﻟﻧﺿﺎﻟﯾﺔ اﻟطوﯾﻠﺔ ،رﺟل اﻓﻌﺎل ﻻ اﻗوال ،ﺣﯾث
ﺗﺳﺎﻣﻲ ﺧﻠﻘﮫ و َﻧﺑُ َﻠ ْت ﻣﻘﺎﺻده ،وﺗرﻓﱠﻊ ﻋن اﻟﻣﻐرﯾﺎت واﻟﻣطﺎﻣﺢ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ اﻟﻔﺎﻧﯾﺔ ،
وﺗﺣدى اﻟظروف اﻟﺻﻌﺑﺔ اﻟﺗﻲ واﺟﮭﺗﮫ ﻓﻠم ﯾرﻛﻊ ﯾوﻣﺎً وﻟم ﯾﮭﺎدن .وﻛﺎن ﺟرﯾﺋﺎ ﻓﻲ
اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟﻌروﺑﺔ وﻋن ﺟوھر اﻟدﯾن وﺣﻘﯾﻘﺗﮫ .ﻓﻛﺎن اﻻﯾﻣﺎن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ
اﻟﻣظﺎھر ﺑل ﯾﺗﺟﺳد ﺑﺎﻟﻔﻌل واﻟﻌطﺎء واﻻﺑداع واﻻﯾﻣﺎن ﺑﻘدرات اﻻﻣﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺟﺑت
اﻟرﺳول ﻣﺣﻣد ،ﺻﻠّﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠّم .ﻟذا ﻓﻘد اﻛﺳﺑﮫ ﻛل ذﻟك ﻣﺻداﻗﯾﺔ ﺟﻌﻠﺗﮫ ﻗدوة
ﻟﺟﯾﻠﮫ وﻟﻼﺟﯾﺎل اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﺑﻌده.
وﻗد ﻋﺑر ﻋن ذﻟك ﺧﯾر ﺗﻌﺑﯾر ﻓﻲ ﻣواﻗﻔﮫ وﻓﻲ اﺣﺎدﯾﺛﮫ وﺧطﺑﮫ.
ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎﻟﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﺣﻣﻠت ﻋﻧوان " ذﻛرى اﻟرﺳول اﻟﻌرﺑﻲ" اﻟﺗﻲ ﻛﺗﺑت ﻋﺎم 1943
ﯾﻘول :
" إن اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻌرب ﻟﯾس ﻋﻘﯾدة أﺧروﯾﺔ ﻓﺣﺳب ،وﻻ ھو أﺧﻼق ﻣﺟردة،
ﺑل ھو أﺟﻠﻰ ﻣﻔﺻﺢ ﻋن ﺷﻌورھم اﻟﻛوﻧﻲ وﻧظرﺗﮭم إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة ،وأﻗوى ﺗﻌﺑﯾر ﻋن
وﺣدة ﺷﺧﺻﯾﺗﮭم اﻟﺗﻲ ﯾﻧدﻣﺞ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻠﻔظ ﺑﺎﻟﺷﻌور واﻟﻔﻛر ،واﻟﺗﺄﻣل ﺑﺎﻟﻌﻣل ،واﻟﻧﻔس
ﺑﺎﻟﻘدر .وھو ﻓوق ذﻟك ﻛﻠﮫ أروع ﺻورة ﻟﻠﻐﺗﮭم وآداﺑﮭم ،وأﺿﺧم ﻗطﻌﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺧﮭم
اﻟﻘوﻣﻲ ،ﻓﻼ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺗﻐﻧﻰ ﺑﺑطل ﻣن أﺑطﺎﻟﻧﺎ اﻟﺧﺎﻟدﯾن ﺑﺻﻔﺗﮫ ﻋرﺑﯾﺎً وﻧﮭﻣﻠﮫ أو
ﻧﻧﻔر ﻣﻧﮫ ﺑﺻﻔﺗﮫ ﻣﺳﻠﻣﺎ".
ﺛم ﯾﺿﯾف ﻗﺎﺋﻼً:
3
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
"ﻗوﻣﺗﯾﻧﺎ ﻛﺎﺋن ﺣﻲ ﻣﺗﺷﺎﺑك اﻷﻋﺿﺎء ،وﻛل ﺗﺷرﯾﺢ ﻟﺟﺳﻣﮭﺎ وﻓﺻل ﺑﯾن أﻋﺿﺎﺋﮭﺎ
ﯾﮭددھﺎ ﺑﺎﻟﻘﺗل ﻓﻌﻼﻗﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﻌروﺑﺔ ﻟﯾﺳت إذن ﻛﻌﻼﻗﺔ أي دﯾن ﺑﺄﯾﺔ ﻗوﻣﯾﺔ.
وﺳوف ﯾﻌرف اﻟﻣﺳﯾﺣﯾون اﻟﻌرب ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗﯾﻘظ ﻓﯾﮭم ﻗوﻣﺗﯾﮭم ﯾﻘظﺗﮭﺎ اﻟﺗﺎﻣﺔ
وﯾﺳﺗرﺟﻌون طﺑﻌﮭم اﻷﺻﯾل ،أن اﻹﺳﻼم ھو ﻟﮭم ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻗوﻣﯾﺔ ﯾﺟب أن ﯾﺗﺷﺑﻌوا ﺑﮭﺎ
ﺣﺗﻰ ﯾﻔﮭﻣوھﺎ وﯾﺣﺑوھﺎ ﻓﯾﺣرﺻوا ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﺣرﺻﮭم ﻋﻠﻰ أﺛﻣن ﺷﻲء ﻓﻲ
ﻋروﺑﺗﮭم".
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ان اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ ﻟﺣزب اﻟﺑﻌث اﻟﻌرﺑﻲ اﻻﺷﺗراﻛﻲ واﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺗﮫ
ﻟﯾﺳت دﯾﻧﯾﺔ ،وﺗﺄﻛﯾده اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت
اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،وﻧﺿﺎﻟﮫ ﻣن اﺟل ﺗرﺳﯾﺦ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،اﻻ اﻧﮫ ﯾؤﻛد داﺋﻣﺎً وﻋﺑر ﻣراﺣل
ﻧﺷﺄﺗﮫ وﻧﺿﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻧﮫ ﺣزب ﻣؤﻣن ،ﻓﮭو )ﻣﻊ اﻻﯾﻣﺎن ﺿد اﻻﻟﺣﺎد( ،ﻛﻣﺎ اﻧﮫ ﯾرﺑط
رﺑطﺎً ﻋﺿوﯾﺎً ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ واﻹﺳﻼم .وﻗد ﻋﺑر ﻋن ذﻟك ﻗﺎﺋده اﻟﻣؤﺳس ﺑﺎﻟﻘول )ﻟوﻻ
اﻟﻌرب ﻟﻣﺎ اﻧﺗﺷر اﻻﺳﻼم وﻟوﻻ اﻻﺳﻼم ﻟﻣﺎ ُو ِﺟ َد اﻟﻌرب( ﻣﻌﺗﺑراً ان اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻻﺛﻧﯾن
ھﻲ ﻋﻼﻗﺔ وﺟود وﺗﻛﺎﻣل ﻻ ﺗﻧﺎﻓر وﺗﻧﺎﻗض .
وﻟم ﯾﻘﺗﺻر ذﻟك اﻟرﺑط ﻋﻠﻰ ﺗرﺳﯾﺦ اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﺣﺳب ،واﻧﻣﺎ ﺗﻌ ّداھﺎ ﻟﺗﺷﻣل
ﺻﻌﯾداً اﺧراً وھو ﺷﻣوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﻣﻧﺷود وﻋﻣﻘﮫ.
ﻓﺎﯾﻣﺎﻧﺎً ﻣن اﻟﺑﻌث ﺑﺛورﯾﺔ رﺳﺎﻟﺔ اﻻﺳﻼم اﻟﺗﻲ ﺣﻣﻠﮭﺎ اﻟﻌرب إﻟﻰ أﻣم اﻻرض وﺷﻌوﺑﮭﺎ،
ﻓﻘد ﻋﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻠﮭﺎﻣﮭﺎ وﺑﻌﺛﮭﺎ ﻣن ﺟدﯾد ﻣﻌﺗﻣداً اﻟﻧﮭﺞ اﻟﺛوري وﻣﻌﺗﺑرا اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ
ﺗﺣﻘﯾﻖ ھذا اﻻﻧﺑﻌﺎث اﻟﺟدﯾد ﻟﻼﻣﺔ وﺗﺣﻘﯾﻖ ﻧﮭﺿﺗﮭﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ھو اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﺧﺎﻟدة
ﻷﺟﯾﺎﻟﮭﺎ اﻟﺻﺎﻋدة .وﺟﺳد ﻛل ذﻟك ﻓﻲ ﺷﻌﺎره
) اﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة ،ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة (.
وﻗد اﻛد ﻣؤﺳس اﻟﺑﻌث داﺋﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻟﻼﻣﺔ ،ﻣوﺿﺣﺎً ان ھذا اﻟﻔﮭم
اﻟﻘوﻣﻲ اﻟﻌروﺑﻲ ﻟﻺﺳﻼم ﻻ ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻣﯾﺗﮫ وإﻧﺳﺎﻧﯾﺗﮫ ،ﻓﯾﻘول:
4
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
" ﻛل اﻣﺔ ﻋظﯾﻣﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ اﻻﺗﺻﺎل ﺑﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻛون اﻷزﻟﯾﺔ ﺗﻧزع ﻓﻲ اﺻل ﺗﻛوﯾﻧﮭﺎ اﻟﻰ
اﻟﻘﯾم اﻟﺧﺎﻟدة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ .واﻹﺳﻼم ﺧﯾر ﻣﻔﺻﺢ ﻋن ﻧزوع اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻰ اﻟﺧﻠود
واﻟﺷﻣول ،ﻓﮭو اذاً ﻓﻲ واﻗﻌﮫ ﻋرﺑﻲ وﻓﻲ ﻣراﻣﯾﮫ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ إﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﻓرﺳﺎﻟﺔ اﻹﺳﻼم
اﻧﻣﺎ ھﻲ ﺧﻠﻖ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ".
ﺑل ﯾﺿﯾف ﺑﺄن اﻟطﺎﺑﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻺﺳﻼم ،اﻟﻣﻘﺗرن ﺑروح اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ھو
ﻣﺎ ﯾﺷﻛل ﺧﺻوﺻﯾﺔ ھذه اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻓﯾﻘول:
"اﻟﻌرب ﯾﻧﻔردون دون ﺳﺎﺋر اﻷﻣم ﺑﮭذه اﻟﺧﺎﺻﺔ وھﻲ :ان ﯾﻘظﺗﮭم اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻗﺗرﻧت
ﺑرﺳﺎﻟﺔ دﯾﻧﯾﺔ ،او ﺑﺎﻷﺣرى ﻛﺎﻧت ھذه اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻣﻔﺻﺣﺔ ﻋن ﺗﻠك اﻟﯾﻘظﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ،ﻓﻠم
ﯾﺗوﺳﻌوا ﺑﻐﯾﺔ اﻟﺗوﺳﻊ وﻻ ﺣﻛﻣوا اﻟﺑﻼد اﺳﺗﻧﺎداً اﻟﻰ ﺣﺎﺟﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺟردة ،او ذرﯾﻌﺔ
ﻋﻧﺻرﯾﺔ ،او ﺷﮭوة ﻟﻠﺳﯾطرة واﻻﺳﺗﻌﺑﺎد ...ﺑل ﻟﯾؤدوا واﺟﺑﺎً دﯾﻧﯾﺎً ﻛﻠﮫ ﺣﻖ وھداﯾﺔ
ورﺣﻣﺔ وﻋدل وﺑذل .
ھﻛذا ،وﺑﻣﺛل ھذا اﻻرﺗﺑﺎط اﻟوﺛﯾﻖ ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ واﻹﺳﻼم اﺻﺑﺣت اﻟﻌروﺑﺔ ﺟﺳﻣﺎً روﺣﮫ
اﻹﺳﻼم ﻟذا ﻓﻠم ﯾﺷﺗط اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻗوﻣﯾﺗﮭم ،وﺗﻣﯾزوا ﻋن ﻏﯾرھم ﻓﻠم ﯾﻧزﻟﻘوا اﻟﻰ ھوة
اﻟﻌﻧﺻرﯾﺔ او اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ".
وﻻ ﺷك ﻣن أن إﯾﻣﺎن اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ورﺑطﮫ ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﻗد اﻧطﻠﻖ ﻣن
اﺳﺗﻠﮭﺎﻣﮫ ﻟﺳﯾرة اﻟرﺳول اﻻﻋظم ،ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،اﺳﺗﻠﮭﺎﻣﺎً ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻻ ﻏﺑﺎر
ﻋﻠﯾﮫ وﻗد ﻋﺑر ﻋن ذﻟك ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﮫ اﻟﻣﻌﻧون )ذﻛرى اﻟرﺳول اﻟﻌرﺑﻲ( ﺑﻘوﻟﮫ:
"ﯾﺟب أن ﺗﺗﺣد اﻟﺻﻼة ﻣﻊ اﻟﻌﻘل اﻟﻧﯾر ﻣﻊ اﻟﺳﺎﻋد اﻟﻣﻔﺗول ،ﻟﺗؤدي ﻛﻠﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻣل
اﻟﻌﻔوي اﻟطﻠﻖ اﻟﻐﻧﻲ اﻟﻘوى اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎﺋب ".
ﻛﻣﺎ ﯾﻌ ِﺑّر ﻗول اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس أﻋﻼه ﻋﻠﻰ ﻣدى ﺗﺄﺛره ﺑﺳﯾرة اﻟﺳﻠف اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻣن اﻟﻘﺎدة
اﻟﻌرب اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻻواﺋل اﻟذﯾن ﺣﻣﻠوا راﯾﺔ اﻟﺳﻣﺎء ﺑﺳواﻋدھم واوﺻﻠوا اﻟﻔﺗوﺣﺎت
5
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
ﻋﻠﻰ ظﮭور ﺧﯾوﻟﮭم ،ﺗﻘودھﺎ ﻗﺑل ﻛل ذﻟك ﻋﻘوﻟﮭم اﻟﻧﯾرة وﺗﻔﻛﯾرھم اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ
وﻣﻌﺎﻟﺟﺎﺗﮭم اﻟواﻗﻌﯾﺔ وﺗﻔﺎﻋﻠﮭم اﻟﺣ ّﻲ ﻣﻊ ﻣﺗﻐﯾرات زﻣﻧﮭم وﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻋﺻرھم.
ﻛﻣﺎ ان ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ھذا ﺗﺷﺧﯾص ﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻧﮭوض اﻟﺛﻼﺛﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﻛر اﻟﻧﯾِّر وﺣده ﻻ ﯾﻛﻔﻲ
ﺑل ﻻﺑد أن ﯾﺗﱠ ِﺣد ﻣﻊ اﻻﯾﻣﺎن وﻣﻊ اﻟﻔﻌل اﻟﺷﺟﺎع ﻣن اﺟل اﻟوﺻول اﻟﻰ اﻻھداف .
وﻓﻲ ﻣﻌرض ﺗﺷﺧﯾﺻﮫ ﻷھم اﺳﺑﺎب اﻧﺗﺻﺎر اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﺗﻘدم دورھﺎ اﻟﺣﺿﺎري
ﯾﻘول:
" ﻛﺎﻧت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻛﻼً ﻣوﺣداً ،ﻻ ﻓرق ﺑﯾن روﺣﮭﺎ وﻓﻛرھﺎ ﺑﯾن ﻋﻣﻠﮭﺎ وﻗوﻟﮭﺎ
ﺑﯾن أﺧﻼﻗﮭﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ وأﺧﻼﻗﮭﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻛﺎﻧت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ ،رﯾﺎﻧﺔ ،ﻣﺗرﻋﺔ
ﯾﺗظﺎﻓر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻔﻛر واﻟروح واﻟﻌﻣل وﻛل اﻟﻐراﺋز اﻟﻘوﯾﺔ".
واﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﺑﮭذا اﻟﻘول ﯾﺣدد ﺑذﻟك اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻻﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻧﮭوض ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
.1اﺳﺗﻠﮭﺎم اﻟﻣﺎﺿﻲ اﻟﻣﺟﯾد ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺿﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻟﻼﻣﺔ ،اي ان ﻻ ﺗﻧﺷﺄ ھذه
اﻟﻧﮭﺿﺔ ﺑﻣﻌزل ﻋن ذﻟك اﻟﺗراث اﻟﻣﺟﯾد او ﺗﻛون ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻣﻌﮫ .
.2ﺿرورة اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟروح واﻟﻔﻛر ،ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺎﻋر واﻟﻌﻘل.
.3ﻻ ﺗﻛﻔﻲ اﻟدﻋوة ﺑﺎﻟﻛﻼم ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺗﻐﯾﯾر واﻧﻣﺎ ﯾﺟب ان ﯾﻘﺗرن اﻟﻘول ﺑﺎﻟﻌﻣل .
.4ان ﺗﺗوﺣد اﻻﺧﻼق اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ اﻻﺧﻼق اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾﺟﺳد اﻟﻔرد ﺳﻣﺎت اﻻﻣﺔ
اﻟﻧﺎھﺿﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ،وﺗﻧﺳﺟم اھداف ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ طﻣوﺣﺎت اﻣﺗﮫ ﻓﻲ
اﻟﺗطور واﻟﺗﻘدم.
.5أن ﺗﺗﺳم اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﻘوي ﻣﻊ روح ﻋﺻرھﺎ وﺳﻣﺎﺗﮫ ،ﻓﻼ
ﺗﻛون ﺑﻌﯾدة ﻋﻧﮫ او ﻣﻌزوﻟﺔ ﻋﻣﺎ ﯾﺟري ﻓﯾﮫ.
6
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
وﺑﻘدر ﻣﺎ ﺣدد اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻧﮭوض ھذه ﻓﺎﻧﮫ ﺷ ﱠﺧ َص ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل اﻣراض
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻔﺗﺎﻛﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﮭدد وﺣدﺗﮫ وﺗﻘدﻣﮫ .ﻟذا ﻓﻘد اﻛد ﻋﻠﻰ ان اﻻﻧﺑﻌﺎث
اﻟﺟدﯾد ﻛﻣﺎ ﯾراه ﻻﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﺳس طﺎﺋﻔﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺑﻧﺎھﺎ ﺣرﻛﺎت اﻻﺳﻼم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ
وطﻧﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ زﻣﻧﻧﺎ اﻟراھن وﻛﻣﺎ أﻓرزﺗﮫ ﺑﺷﻛل واﺿﺢ وﺟﻠ ّﻲ ﺗﺟرﺑﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻌراق
ﺑﻌد اﻻﺣﺗﻼل اﻷﻣﯾرﻛﻲ اﻟﻐﺎﺷم ﻋﺎم .2003
ﻛﻣﺎ ﺷﺧص اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس اﻷﻣراض اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﺗﻲ
ﺗﺗﺳم ﺑﺎزدواﺟﯾﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر ،واﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟﻘول واﻟﻌﻣل ،واﻧﻔﺻﺎل اﻟﻌﺎطﻔﺔ واﻻﯾﻣﺎن
ﻋن اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﻧﯾِّر .ﺗﻠك اﻻزدواﺟﯾﺔ وذﻟك اﻟﺗﻧﺎﻗض اﻟذي ﻧﺟده ﻓﻲ اﻟﺑﻌض ﻣﻣن
ﯾﺗﺳﺗرون ﺑﺎﻟدﯾن ﻟﻛﻧﮭم ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻻ ﯾﺟﺳدون اﻻﺳﻼم ﺣﻖ ﺗﺟﺳﯾد ،ﻻ ﻓﻲ روﺣﮫ وﻻ
ﻓﻲ ﻗﯾﻣﮫ وﻻ ﻓﻲ ﻣﺑﺎدﺋﮫ.
وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﻧﺟد ان اﻟﻛﺛﯾرﯾن ،ورﺑﻣﺎ اﻻﻏﻠﺑﯾﺔ ﻣن اﻟﻌرب اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﻏﯾر
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﯾﻌﺗزون ﺑﺎﻧﺗﻣﺎﺋﮭم اﻟﻘوﻣﻲ وﯾﺟﺳدون اﻻﺳﻼم اﻟﺣ ّﻖ ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﮭم وﺗﻌﺎﻣﻠﮭم
ﺑﻌﯾداً ﻋن اﻟﺗﺑﺟﺢ واﻟﺗظﺎھر واﻟﺗﻌﺻب اﻻﻋﻣﻰ .ﻓﯾﻘول ﻓﻲ ذﻟك:
" أﻣﺎ ﻧﺣن ،ﻓﻼ ﻧﻌرف ﻏﯾر اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻧﻘﺳﻣﺔ اﻟﻣﺟزأة ،وﻻ ﻧﻌرف إﻻ ﺣﯾﺎة ﻓﻘﯾرة
ﺟزﺋﯾﺔ ،إذا أھﻠﮭﺎ اﻟﻌﻘل ﻓﺈن اﻟروح ﺗﺟﻔوھﺎ ،وإن داﺧﻠﺗﮭﺎ اﻟﻌﺎطﻔﺔ ﻓﺎﻟﻔﻛر ﯾﻧﺑو ﻋﻧﮭﺎ:
إﻣﺎ ﻓﻛرﯾﺔ ﺟدﯾﺑﺔ ،أو ﻋﻣﻠﯾﺔ ھوﺟﺎء ،ﻓﮭﻲ أﺑدا ﻣﺣروﻣﺔ ﻣن ﺑﻌض اﻟﻘوى اﻟﺟوھرﯾﺔ،
وﻗد آن ﻟﻧﺎ أن ﻧزﯾل ھذا اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻓﻧﻌﯾد ﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﺣدﺗﮭﺎ ،وﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟﻌرﺑﯾﺔ
ﺗﻣﺎﻣﮫ".
7
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
وﻟﻘد اﻏﺎظ ھذا اﻟرﺑط اﻟﻣﻌﺎﺻر أﻋداء اﻟﻌروﺑﺔ واﻻﺳﻼم ﻣﻌﺎً ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺑﻌث وﻗﺎدﺗﮫ
ﯾواﺟﮭون ھﺟﻣﺔ ﺷرﺳﺔ ﺗﺗﺳم ﺑﻛوﻧﮭﺎ ﻣرﻛﺑﺔ وﻣﺿﺎﻋﻔﺔ ،ﻣن ﻗوى ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ
ﺗرﯾد اﺟﺗﺛﺎث اﻟﻔﻛر اﻟﻌروﺑﻲ ،وذﻟك إﻣﻌﺎﻧﺎً ﺑﺎﻟﺗﻔﺗﯾت واﻟﺗﻘﺳﯾم ،ﺣﯾث ﺗﻠﺗﻘﻲ ﻣﺻﺎﻟﺢ
ﺗﻠك اﻟﻘوى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﺗﺗﻛﺎﻣل ﻣﻊ ﻗوى اﻗﻠﯾﻣﯾﺔ طﺎﺋﻔﯾﺔ ﺗﮭدف اﻟﻰ اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘدرات
اﻻﻣﺔ .وﻗد ﻋزز ﻛل ذﻟك وﺟود ﻗوى ﺷﻌوﺑﯾﺔ وﻏﯾر ﺷﻌوﺑﯾﺔ ،ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﺿﻼﻣﯾﺔ
واﻟﺗﺣﺟر ،ﻣﻣن ﺣﻣﻠت وﺗﺣﻣل ﺣﻘداً دﻓﯾﻧﻧﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌث وﻣؤﺳﺳﯾﮫ.
ﻟذا ﻓﺎن اﻧﺗﺻﺎر اﻻﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣؤاﻣرات ﺗﻔﺗﯾﺗﮭﺎ ﻻ ﯾﺗم اﻻ ﺑدﯾﻣوﻣﺔ اﻟﻔﻛر اﻟﻌروﺑﻲ اﻟﻣو ِّﺣد
اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻟﻘدراﺗﮭﺎ واﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﮭﺎ ،وھو اﻟذي ﯾﻣﺛﻠﮫ اﻟﺑﻌث وﻓﻛره اﻟﻘوﻣﻲ واﻧﺗﺻﺎره ﻓﻲ
ﻣﻌرﻛﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﯾﺧوﺿﮭﺎ ﺿد اﻟﺷﯾطﻧﺔ واﻻﺟﺗﺛﺎث .
ﻛﻣﺎ ان اﻧﺗﺻﺎر اﻷﻣﺔ ﻻ ﯾﺄﺗﻲ اﻻ ﻋﺑر ﺗﻣﺳﻛﮭﺎ ﺑﻣﺎ دﻋﺎ اﻟﯾﮫ اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﺣﯾن ﻗﺎل :
" ﻟﻘد ﻛﺎن ﻣﺣﻣد ﻛل اﻟﻌرب ﻓﻠﯾﻛن ﻛل اﻟﻌرب اﻟﯾوم ﻣﺣﻣدا".
ﻟﻘد ﺣﻘﻖ اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣؤﺳس ﺑﮭذا اﻟرﺑط اﻟﻌﺿوي ﺑﯾن اﻟﻌروﺑﺔ واﻹﺳﻼم رﯾﺎدة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻻ
ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﺗﺣﻠﯾل واﻟوﺻف ﻓﻘط واﻧﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﺗﺷﺧﯾص اﻟدﻗﯾﻖ ﻟﻠطرﯾﻖ اﻟﺳﻠﯾم
ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ﻧﮭﺿﺔ اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ،وھذا ﻣﺎ ﺟﻌل ﺟﻣﺎھﯾر اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
وﻣﻔﻛرﯾﮭﺎ وﻣﺛﻘﻔﯾﮭﺎ ﯾﺣﺗﻔون ﺑﮫ ﻛﺄﺣد أھم رواد اﻟﻔﻛر اﻟﻘوﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻر.
واﻟﯾوم وﻓﻲ ظل ﻣﺎ ﺗواﺟﮭﮫ اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣن ھﺟﻣﺎت ﺷرﺳﺔ ﺗﺳﺗﮭدف ھوﯾﺗﮭﺎ
ووﺟودھﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﻣﯾم ،ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﺗﺻدي ﻟﻛل ﺣﻣﻼت اﺟﺗﺛﺎث وﺷﯾطﻧﺔ اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ
اﻟﻣو ِّﺣد ﻟﮭذه اﻻﻣﺔ واﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻛر "اﻟﺑﻌث" ﻓﻲ طﻠﯾﻌﺗﮫ ،ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻠﮭﺎم أﺣﺎدﯾث
وأﻗوال ﻗﺎﺋده اﻟﻣؤﺳس ورﻓﺎﻗﮫ اﻟرواد واﻟﻘﺎدة ﻋﺑر ﻣﺳﯾرة اﻟﺣزب اﻟﻧﺿﺎﻟﯾﺔ ،
8
أﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة وﺣـــدة
ذات رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟدة ﺣـرﯾـﺔ اﺷـﺗراﻛـﯾـﺔ
وإﻏﻧﺎءات اﻟرﻓﯾﻖ اﻟﺷﮭﯾد ﺻدام ﺣﺳﯾن ،وﺗوﺟﯾﮭﺎت اﻟرﻓﯾﻖ اﻻﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻋزة اﺑراھﯾم
ﺣﻔظﮫ ﷲ ورﻋﺎه ،وﺗﺣوﯾﻠﮭﺎ اﻟﻰ واﻗﻊ ﺣﻲ وﺻوﻻ اﻟﻰ اﻧﺗﺻﺎر اﻻﻣﺔ اﻟﺣﺗﻣﻲ ﻋﻠﻰ
اﻋداﺋﮭﺎ .
ﻣﻛﺗب اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻻﻋﻼم اﻟﻘوﻣﻲ
/ 23ﺣزﯾران 2019/
9