The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

حزب البعث العربي الاشتراكي - مكتب الثقافة والاعلام القومي - ماذا لو جف ضرع السفارات في لبنان ونبع السرقات في العراق

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search

حزب البعث العربي الاشتراكي - مكتب الثقافة والاعلام القومي - ماذا لو جف ضرع السفارات

حزب البعث العربي الاشتراكي - مكتب الثقافة والاعلام القومي - ماذا لو جف ضرع السفارات في لبنان ونبع السرقات في العراق

‫أمة عربية واحدة‬ ‫وحـــدة‬
‫ذات رسالة خالدة‬ ‫حـريـة اشـتراكـيـة‬

‫ماذا لو جف ضرع السفارات في لبنان‬
‫ونبع السرقات في العراق ؟‬

‫حسن خليل غريب‬

‫استنادا إلى واقع الانتفاضات في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ العراق ولبنان‪ ،‬وبما بدأ‬
‫يظهر على السطح من متغيرات‪ ،‬وبما تحمله من تأثيرات على مسارات المستقبل العربي‪ ،‬وبما‬

‫يتمنى الشعب العربي الحصول عليه من آمال يبنيها على نتائجها‪.‬‬
‫وحيث إن استغلال وضع القطرين من قبل القوى الخارجية‪ ،‬دولية أكانت أم إقليمية‪ ،‬واضحة‬

‫تماما‪ ،‬تدعونا الحاجة إلى التساؤل‪:‬‬

‫‪ -‬ماذا لوجف ضرع السفارات في لبنان؟‬
‫‪ -‬وماذا لو جف نبع السرقات في العراق؟‬

‫من المفيد إعادة التذكير بأن نظام الطائفية السياسية معبر أساسي للتدخلات الأجنبية‪ .‬وعادة ما‬
‫يكون ثمن العبور مساعدات مالية وغيرها‪ ،‬تدفعها القوى الخارجية للأحزاب الطائفية‪ ،‬لتوظيفها‬
‫في حشد الأنصار لحراسة هذه النخبة أو تلك من نخب الطوائف السياسية‪ ،‬وتقوية مواقعها على‬
‫الصعيد السياسي‪ ،‬وهذا ما يضمن لتلك النخب الاستمرار في احتلال مواقع في السلطة الحاكمة‪.‬‬
‫وبدورها تقوم القوى الطائفية السياسية بتقديم الخدمات للقوى الخارجية التي تخدم مصالحها‬

‫وأجنداتها‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه المعادلة تصح في لبنان بشكل كبير فلأنه بلد لا ثروات يملكها‪ ،‬ولا مصادر إنتاج‬
‫رعتها الأحزاب الحاكمة وعملت على تنفيذها‪ ،‬ولا مال غير مال الخارج تتكئ عليه أحزاب‬

‫الطوائف ‪.‬‬

‫ولأن البعض منهم يتسابقون على امتلاك أوراق القوة ضد البعض الآخر‪ ،‬فقد دب الضعف في‬
‫أوصال لبنان كله‪ ،‬وهو الأمر الذي أوصل الجميع إلى مزالق الاستقواء بالخارج‪ .‬فكانت النتائج‬
‫خطيرة عندما تنازلت تلك الأحزاب عن قرارها المستقل‪ ،‬فأصبح قرار لبنان رهينة لمساعدات‬
‫الخارج‪ .‬وباع الجميع ذلك القرار بـ (ثلاثين من الفضة)‪ .‬وأصبح وقوف الأحزاب الطائفية أمام‬
‫أبواب السفارات شهادة حسن سلوك‪ ،‬بدلا من أن تخضع لمحاسبات دستورية وقانونية وأخلاقية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫أمة عربية واحدة‬ ‫وحـــدة‬
‫ذات رسالة خالدة‬ ‫حـريـة اشـتراكـيـة‬

‫ويمكننا قول ذلك استنادا إلى المثل المأثور‪( :‬من يأكل من خبز السلطان عليه أن يضرب بسيفه)؛‬
‫لأنه ليس هناك دولة خارجية تقدم مساعدة مالية لهذا الطرف أو ذاك‪ ،‬لواجب ديني أو أخلاقي أو‬

‫وطني‪ ،‬لذا فاننا نعتبر أن المساعدات التي تُغدق الآن‪ ،‬لا تخدم لبنان‪ ،‬ولا الشعب اللبناني‪.‬‬

‫إن لبنان في هذه المرحلة لا يشكل هدفا بذاته عند سفارات الدول الأجنبية‪ ،‬دولية أكانت أم‬
‫إقليمية‪ ،‬بل أهميته الآن تعود إلى أنه يشكل محطة للخدمات اللوجستية المخابراتية والعسكرية‬
‫والسياسية تجاه أكثر من قطر من أقطار الوطن العربي‪ .‬فلكل مرجعية دولية أو إقليمية قاعدة‬

‫حزبية طائفية تستند إليها للعبور إلى قضايا الوطن العربي ‪.‬‬

‫هذا عن موقع لبنان في هذه المرحلة‪ ،‬فماذا عن العراق الذي فصل له الاحتلال الأميركي‪ ،‬ومن‬
‫بعده الاحتلال الإيراني‪ ،‬ثوب نظام طائفي سياسي؟‬

‫لقد أصبح واضحا‪ ،‬ومن دون أي لبس‪ ،‬أن الأنظمة الطائفية السياسية تشكل السبب الأساسي‬
‫لإبقاء تجمعاته الطائفية في حالة احتراب دائم‪ ،‬الأمر الذي يجعل من التدخل الخارجي ميسورا ولا‬

‫تعيقه أية عوائق ‪.‬‬

‫ولأن العراق يشكل هدفا لكل الطامعين بثرواته‪ ،‬من قوى دولية وإقليمية‪ ،‬خاصة أنه خزان كبير‬
‫للثروات الطبيعية‪ ،‬وضعوا نظاما طائفيا سياسيا يقوم على المحاصصة بين قواه الداخلية‪ ،‬لتبقى‬
‫مشدودة إلى الاتكاء على الخارج‪ ،‬مما يمنع العراق من أن استعادة قراره المستقل‪ ،‬كما كان في‬

‫عهد النظام الوطني الذي أسقطه الاحتلال الأميركي‪ ،‬والذي غدا بديلا عنه الاحتلال الإيراني‪.‬‬

‫وإذا كانت القوى الطائفية في لبنان ترتبط مع الخارج بواسطة الحصول على الدعم المالي‪ ،‬وهو‬
‫ما يُعرف بالمال السياسي؛ فإن تلك القوى في العراق تقوم بنهب بعض ثرواته بالمحاصصة‪،‬‬
‫وتساعد القوى الخارجية على نهب القسم الأكبر الباقي منها؛ وهذا ما يُعرف بتبادل المصالح‪ ،‬أي‬
‫(مبادلة سرقة ثروات العراق مقابل حماية تقدمها القوى الخارجية لأطراف القوى السياسية‬

‫الحاكمة)‪.‬‬

‫و يتساوى لبنان مع العراق المحتل اليوم في مسألة الانتساب إلى نادي أنظمة الطائفية‬
‫السياسية‪ ،‬الأنظمة التي تعتمد على قواعد المحاصصة بين الطوائف‪ ،‬في التمثيل السياسي‪،‬‬
‫والإداري ‪ ،‬والتفتيت الاجتماعي‪ ،‬ولهذا هانت على أجنحة النظام في كل منهما الكرامة الوطنية‪،‬‬
‫ولم يبق لديها سوى حس الوقوف أمام السفارات طلبا لحمايتها مما أوهموا المواطنين بأنه حماية‬

‫للطائفة من خطر الطوائف الأخرى‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫أمة عربية واحدة‬ ‫وحـــدة‬
‫ذات رسالة خالدة‬ ‫حـريـة اشـتراكـيـة‬

‫إن الانتفاضات التي تجري الآن على الساحتين العراقية واللبنانية‪ ،‬أخذت تقلب كل حسابات‬
‫الخارج التي اطمأنت في لحظة من اللحظات إلى متانة إمساكها بقرار القطرين العربيين ‪،‬‬
‫وبالأخص من تلك الحسابات تأتي الإيرانية في المقدمة منها‪ ،‬لأنها تعتبر أن بغداد وبيروت‬
‫عاصمتين تابعتين لنظام ولاية الفقيه‪ .‬إلا أن الأمر لا يقتصر عليها وحدها اذ لا يمكن تبرئة أي من‬

‫حسابات الدول الأخرى الخارجية‪ ،‬حيث إن كلا منها متورط بنسبة أو بأخرى‪.‬‬

‫وهنا‪ ،‬نعود للتساؤلين أعلاه‪ :‬ماذا لو جف ضرع السفارات في لبنان؟ وانحبست هطول أمطار‬
‫المساعدات الخارجية؟ أليست النتيجة بأقل من قطع أرزاق عشرات الآلاف من الشباب الذين‬
‫يتلقون الرواتب والمساعدات (في ظل ما يعرف بالبطالة المقنعة) نتيجة لفشل الحكومات في‬
‫تحقيق النمو الاقتصادي الطبيعي و السليم ؟ أليست شوارع لبنان ستمتلئ بالمتظاهرين من كل‬

‫الطوائف المتضررة من انقطاع أموال السفارات؟‪....‬‬

‫إن استجداء مساعدات المال السياسي‪ ،‬قد تتخم جيوب الخاصة‪ ،‬وتدعم نفوذها السياسي‪،‬‬
‫ولكنها وإن لبت حاجة العامة بشكل مؤقت‪ ،‬فإنها لا تحل تلك الحاجة بشكل جذري‪ .‬أليس من‬
‫الأجدى لو قامت الدولة باستقطاب الاستثمارات وتشجيع أصحاب الموارد الخارجية للاستثمار في‬
‫لبنان بمشاريع التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية وتحقيق نمو اقتصادي فعلي‬

‫وعمالة حقيقية وليست مقنعة ؟‬

‫وباختصار فإن أزمة لبنان الحقيقية ستظهر بشكل أقوى وأشد حينما يجف ضرع السفارات‪.‬‬
‫حينذاك ستنعم النخب الطائفية بما جنته من أرباح‪ ،‬بينما الطبقات الفقيرة هي التي ستكون قد ذاقت‬
‫طعم المحرقة من البطالة والتشرد والجوع والمرض‪ .‬فهل من يعي خطورة ظاهرة (البطالة‬

‫المقنعة) التي يُغ ِرق فيها أمراء الطوائف شباب لبنان بشكل خاص؟‬

‫وأما عن العراق‪ ،‬وعن التساؤل‪ :‬ماذا لو جف ضرع السرقات والنهب التي تمارسها القوى‬
‫المحلية والدولية والإقليمية منذ ستة عشر عاما؟‬

‫من الواضح أن العراق منذئذ ‪ ،‬يتعرض إلى أبشع ظاهرة من السرقة والنهب والفساد المنظم‪.‬‬
‫تمارسها دول الإقليم ودول الغرب الرأسمالي‪ ،‬وكذلك الصهيونية العالمية‪ ،‬بحيث شكلت تلك القوى‬
‫تحالفا اعتبر كل أركانه‪ ،‬وبالأخص منهم اليوم نظام الملالي في طهران‪ ،‬أن العراق نبع اقتصادي‬

‫هائل يغذي جيوب جميع المسؤولين فيه‪ .‬ويمولون حروبهم الأخرى من سرقاتهم‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫أمة عربية واحدة‬ ‫وحـــدة‬
‫ذات رسالة خالدة‬ ‫حـريـة اشـتراكـيـة‬

‫لقد كانت ومازالت مداخيل سرقات النظام الإيراني من العراق خيالية تصل إلى مئات المليارات‬
‫من الدولارات‪ .‬فلنتصور ما فعله وما يمكن ان يفعله في المستقبل النظام المذكور بمثل تلك‬
‫المبالغ؟ ‪ ،‬فبواسطة سرقاته الهائلة‪ ،‬التي لم يترك فيها شئ للشعب العراقي والتي استخدم جزء‬
‫منها كرواتب للاغداق على ما يسميه " حشدا شعبيا " ‪ ،‬وكذلك رواتب لعشرات الميليشات‬
‫الأخرى التي بواسطتها يمارس قمع الشعب العراقي‪ ،‬وإرهابه‪ .‬اضافة الى توظيف سرقاته الهائلة‬

‫الاخرى في توسيع مشروعه الاستعماري التوسعي في اليمن ولبنان وسورية ‪.‬‬

‫وهنا نتساءل‪ :‬إذا جف ضرع النبع العراقي‪ ،‬ماذا سيكون مصير المشروع الإيراني الاستيطاني‬
‫التوسعي؟ وماذا سيكون مصير من ارتبط معه من العراقيين وغير العراقيين؟ وماذا سيكون مصير‬
‫من ارتبط معه من القوى العربية الأخرى‪ ،‬والتي كانت تقتات بمساعداته وأمواله التي كان‬
‫يسرقها‪ ،‬ويوزع قسما منها على من والاه وحاباه ووقف صاغرا أمام سفاراته مستجديا مستقويا‬

‫بها‪ .‬بل ما هو مصير هذا النظام ذاته‪ ،‬إذا جف ضرع النبع الذي يسرقه‪ ،‬أو انقطع؟‬

‫وختاما‪،‬‬

‫ولأن المرحلة القريبة القادمة قد تكون حبلى بالمفاجآت‪ ،‬نقول‪:‬‬
‫أنقذوا لبنان والعراق من آفات النظام الطائفي السياسي‪ ،‬والشعب كفيل باقتلاع الطائفية من‬

‫النفوس‪ ،‬ولديه الأهلية في حماية الاعتقاد الديني‪.‬‬

‫أكفونا أذى من تعتبرونه صديقا‪ ،‬أيها الغيارى‪ .‬وأما أعداؤنا من إمبرياليين وصهاينة فاتركوا‬
‫واجب صدهم وقتالهم على من أثبت كفاءة وصدقا وإخلاصا في مواجهة حقيقية ضدهما طوال أكثر‬

‫من سبعين عاما مضت‪.‬‬

‫‪4‬‬


Click to View FlipBook Version