أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
لماذا حزب البعث؟
حزب البعث ضرورة فكريت ونضاليت
وحاجت وطنيت وقوميت وحدويت
(دراست في تحليل الأسباب والمراحل)
مكتة الثقافت والاعلام القومي
اصداراث العام 8102
1
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
لماذا حزب انبعث؟
حزب انبعث ضرورة فكريت ونضانيت
وحاجت وطنيت وقىميت وحدويت
(وجهت نظر في تحهيم الأسباب والمراحم)
الحهقت انسابعت
دور فكر ونضال انبعث في مىاجهت انتحدياث انراهنت
كنا قد استعرضنا في الحمقات الأولى من ىذه الد ارسة بعض الجوانب التي تمثل فكر ونضال البعث والتي
تبين كيف انو يمثل ضرورة لحياة ومستقبل الامة العربية .وقد عَّرجنا عمى أىم التحديات الداخمية
والخارجية التي تعيق تطور الأمة العربية ،ومواصمة مسيرة نيضتيا الحضارية .وفي ىذه الحمقة نبين
بعض الجوانب النظرية والعممية ،التي تميز فكر ونضال حزب البعث العربي الاشت اركي واست ارتيجياتو ،طوال
أكثر من سبعين عاماً وما ت ازل ،وبما يبرىن عمى أنو العقيدة الامثل لمواجية ىذه التحديات في عالمنا
المعاصر ،وبالتالي فإنو يمثل ضرورة فكرية ونضالية وتنظيمية في حياة الأمة العربية.
2
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
وانتظا ارً لمبحث بالتفصيل في كل جانب من جوانب تجربة البعث الفكرية والسياسية والنضالية ،وبما ارفقيا
من تطبيقات عممية ،تم اعداد ىذه الحمقة لتشكل إطلالة مك َثّفة وموجزة تتعَمّق بالإجابة عمى السؤال (لماذا
حزب البعث في مواجية التحديات ال ارىنة؟).
ولأن أمام الحزب ميمات تتعمق بالتغيير من الداخل ،وأخرى تتعمق بمواجية العوائق الخارجية المتعمقة
بالأىداف الصييونية والاستعمارية والإقميمية وعمى أرسيا الإي ارنية ،سنوجز كيف تساىم سمات فكر
ونضال حزب البعث في مواجية التحديات ،عمى صعيد أىداف الحزب الداخمية ،وأىدافو الخارجية.
أولاً :فكر ونضال الحزب عمى صعيد التغيير من الداخل
-1عمى صعيد التطوير الفكري:
يكفي حزب البعث أنو كان التجربة ال ارئدة في تحويل الفكر العربي القومي من طابعو النخبوي ،الذي كان
يسم المنيج الأساسي عند المنظرين الافاضل الأوائل ،إلى متناول أوسع القطاعات من الجماىير الشعبية.
وقد كان ذلك بعد إعلان تأسيس الحزب في العام .1947
-2عمى صعيد التطور التنظيمي من أجل التغيير:
لا شك في أن الفكر يعد عاملاً أساسياً لمتغيير في المجتمع العربي ،إلا أن التغيير بحاجة الى أداة تقوم
بو ،وتضبط إيقاعو ،وتضمن سلامة مسيرتو نحو تحقيق الاىداف المرجوة .وفي القرن الماضي نشأت
فكرة الأح ازب في الوطن العربي ،التي كانت تعد تطو ارً حديثاً ميماً يعمل عمى جمع أكبر حشد من الناس
حول فكرة واحدة ،ويعمل عمى توحيد جيودىم ،لكي تأخذ طريقيا نحو التنفيذ العممي .لذا فقد بادر الرفاق
3
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
المؤسسون الأوائل ،إلى حمل ىذه الأمانة الى آفاق عممية عمى أرض الواقع ،من أجل ضمان تطبيق
أفكار البعث ومبادئو ،فانطمقوا نحو العمل التنظيمي مبتدئين بالاعلان عن تأسيس الحزب.
-3تنظيمو القومي ترجمة عممية لفكره الداعي لموحدة العربية
واذا كان الحزب ذو الاتجاىات القطرية ،بحاجة إلى جمع كل المؤمنين بسياستو ومواقفو من أجل تجميع
جيودىم ،فإن حزباً ،كحزب البعث ،يؤمن بأىداف قومية شاممة تحقق نيضة الامة العربية ،لا بَُّد من أن
يكون ىيكمو التنظيمي قومي البنيان والطابع .ولذلك ُوضع لمحزب نظام داخمي تتشكل ىيئاتو القيادية
بشكل ىرمي ،بحيث تبدأ من أدنى خمية في القطر الواحد ،لتصل إلى أعمى قيادة لو والتي تتمثل بالقيادة
القومية ،والتي يكون من بين أىم واجباتيا نشر فكر وعقيدة الحزب ،ووضع است ارتيجيات نضالو ،ومواقفو
السياسية ،واتخاذ ومتابعة الق ار ارت التنظيمية ،وعقد المؤتم ارت التنظيمية لمتابعة وتقييم م ارحل المسيرة،
عمى أن تمتزم بيا كل التنظيمات القطرية من القيادات الأعمى فييا فالأدنى وصولاً الى الخلايا القاعدية.
-4عمى صعيد القضايا الفكرية الاست ارتيجية :
عندما أقَّر المؤتمر التأسيسي الأول دستور الحزب ،فقد أعمن ثوابت اىدافو الاست ارتيجية الفكرية بثلاثة:
-الوحدة :وىي التعبير السياسي لممضمون القومي العربي ،والتي بتحقيقيا تجسد الأمة ىويتيا ،وتحقق
تكامل مواردىا كشرط اساسي لنيضتيا في العصر ال ارىن ،ومواصمة مسيرتيا الحضارية الإنسانية بين
الأمم الأخرى.
4
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
-الحرية :وىي التعبير الأساسي عن أنو لا تغيير في المجتمع العربي من دون ضمان الحريات الاساسية
عمى صعيد الفرد او الش ارئح المجتمعية ومشاركتيم في عمميات التغيير من جية ،وتحرر الأمة واستقلاليا
من أي شكل من أشكال الييمنة الأجنبية من جية أخرى.
-الاشت اركية :وىي التعبير عن حق كل مكونات المجتمع بالعيش بك ارمة من خلال تحقيق العدالة
الاجتماعية في كل جوانب الحياة ،باعتبارىا النظام المتكامل لتحقيق التنمية النيضوية الشاممة للأمة.
-5فكر البعث في بناء دولة مدنية ضمان لوحدة المجتمع:
ولأن فكر البعث القومي ،يعتمد أساساً عمى العمل من أجل حق الشعب بالسيادة عمى نفسو ،وحقو في
المشاركة ببناء نظام سياسي يضمن المساواة في الحقوق والواجبات ،واعتبار العمل لمصمحة الأمة
العربية ىو المقياس الذي عمى أساسو تُكال قيمة المواطن ،فقد شَّدد الحزب عمى بناء دولة مدنية ،التي
ىي الضمانة الأساسية لإ ازلة الفروقات بين المواطنين دون الأخذ بعين الاعتبار الانتماء الطائفي والعرقي.
وفي نفس الوقت تكون الركيزة الأساسية التي تضمن وحدة النسيج المجتمعي ،وحماية الوطن من مؤام ارت
التفتيت والتقسيم واشعال الحروب الأىمية التي تواجييا الأمة العربية الآن عن طريق إثارة النع ارت
والانتماءات الطائفية والعرقية بين أبنائيا ،وذلك تحقيقاً لأىداف استعمارية صييونية واي ارنية.
-6فكر البعث التنموي ىو الطريق إلى نيضة الأمة الاقتصادية والاجتماعية :
تنص مبادئ البعث عمى تحقيق العدالة والمساواة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ،والعمل من أجل
تطبيقيما ليس عمى قاعدة التوزيع العادل لمثروات وحسب ،بل عمى قاعدة أن عمى الدولة أن تضمن لكل
مواطن منتج ،فرص العمل التي تتناسب مع إمكانيتو وقد ارتو وطاقتو .وان عممية الإنتاج التي تقودىا
وتوججيا الدولة بقطاعيا العام وما تتيحو من فرص ومرونة لمساىمة القطاع الخاص في تنمية المجتمع،
5
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
ىي التي ترفد الدخل الوطني بإمكانيات تو ِظّفيا الدولة لمصمحة عموم الشعب في شتى الحقول الاجتماعية
والخدمية ،وبما يحفظ حقو في العيش الكريم من جية ،ويحقق النيضة الاقتصادية والبشرية الشاممة
للأمة من جية أخرى.
لقد طبق الحزب في نضالو الميداني تمك الأىداف في الع ارق ،بعد ثورة 17تموز .1968ومن أىم معالم
ذلك الإرث النضالي ،والخطوات التنموية العملاقة التي قادىا ،كانت في كيفية توجيو الثروات والموارد
الطبيعية والبشرية في ميادين التنمية الشاممة ،وتوظيفيا لمصمحة الشعب الع ارقي كمو ،ولمصمحة الشعب
العربي في اكثر من قطر عربي واحد ،وعمى قاعدة تفعيل التكامل العربي في ىذا المجال .وما إتاحة
الفرصة لأكثر من خمسة ملايين مواطن من القطر المصري لمعمل في شتى المجالات في الع ارق ،من دون
شروط ،أي توفر تأشيرة الدخول أو عقد عمل مسبق ،إضافة إلى فتح التحويلات المصرفية ليم عمى
مص ارعييا ،حتى شكمت المبالغ اليائمة ليا أحد أىم دعامات الاقتصاد المصري ،إلا أحد النماذج الواقعية
ال ارئعة عمى التكامل الاقتصادي العربي الذي حققو البعث.
ولأن نتائج التجارب التنموية في الع ارق كبيرة ،فقد ُوضع الع ارق ليس عمى لوائح الدول النامية فحسب ،بل
ُوضع عمى لوائح الدول المتقدمة في مجالات التعميم ومحو الأمية والرعاية الصحية .لقد كان ذلك من أىم
العوامل التي زرعت الخوف عند ال أرسمالية الغربية ،والصييونية العالمية ،من أن قط ارً عربياً قد تجاوز
الخطوط الحمر في مجالات التنمية الشاممة ،البشرية والاقتصادية والصناعية والز ارعية والعسكرية .وىذا
ما يفسر السعي الاستعماري الحثيث (لإعادة الع ارق إلى العصر ما قبل الصناعي) كما جاء في تيديد
جيمس بيكر ،وزير الخارجية الأميركية عام 1991م.
6
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
ان توثيق تفاصيل التنمية الانفجارية في الع ارق ،تحت قيادة البعث ،تحتاج إلى مجمدات كثيرة ،وان إعادة
د ارستيا يتطمب جيوداً استثنائية ،لذا سوف يتم الاكتفاء باستع ارض بعض عناوينيا الرئيسية في ما يمي :
-كان مبدأ (ثروة العرب لمعرب) ،و(بترول العرب لمعرب) ،من المبادئ التي آمن البعث بيا .لذا قامت ثورة
تموز في الع ارق بتأميم النفط ،وكذلك الفوسفات في السنوات الأولى لوصول الحزب إلى سدة الحكم ،وذلك
تحقيقا ليذا المبدأ .بالإضافة إلى قيام البعث بتطبيق المشروعات التنموية الكبرى وبأبعاد قومية عربية
شاممة ،وذلك تحقيقا لمتكامل العربي في الموارد وكما أسمفنا.
-لم تعمل الثورة عمى إطلاق منيج المشروعات التنموية من ازوية اقتصادية ومادية بحتة ،بل استندت
إلى تطبيقيا بمفيوميا الشامل الذي يعتمد عمى التنمية البشرية ،كيدف انساني وعصب رئيسي لا يمكن
لمفيوم التنمية الشامل أن يكتمل من دونو .ولذلك قررت الدولة إل ازمية التعميم وشَّيدت المؤسسات
التعميمية ،ووضعت أسساً لتطبيق التعميم المجاني ،ابتداء من دور الحضانة وانتياءاً بالم ارحل الجامعية
بما فييا الشيادات العميا وعمى أعمى مستوياتيا .وىكذا تضافر عاملان أساسيان وىما :الثروة الوطنية
المادية ،والثروة البشرية المؤىمة لاستثمار الثروات المادية ،ليشكلا نقطة ارتكاز أساسية ،في انطلاقة
قطار التنمية في شتى الحقول الأخرى.
واذ نكتفي بتمك الخلاصات والعناوين القميمة ،فإننا نؤكد من جديد عمى أن حزب البعث العربي الاشت اركي،
بتجربتو تمك ،خصوصاً في عقد السبعينيات من القرن الماضي ،الذي شيد تحولات جوىرية وعملاقة،
ش َّكل إحدى الخطوات العربية ال ارئدة التي يمكن ان تُعد نمطاً جديداً يحتذى بو فيما ينبغي أن تقوم بو
الدولة العربية .ولذلك ُيعتبر الحزب ضرورة وحاجة قومية في ىذا المجال ،يمكن لمعرب د ارستيا والاقتداء
7
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
بيا وتطويرىا عمى طريق ترسيخ دولة المؤسسات وضمان الممارسات الديمق ارطية العصرية من أجل بناء
الدولة العربية القطرية الأنموذج كمرحمة عمى طريق بناء الدولة القومية المرتجاة.
ثانياً :ميمات الحزب في مواجية التحديات الخارجية
لما كان الوطن العربي ىدفاً رئيسياً لمشاريع الاستعمار والصييونية والاطماع الاي ارنية التوسعية ،وغيرىا
من التحديات الجسيمة الأخرى التي يواجييا العرب اليوم ،فقد اعتبر الحزب مسألة مواجيتيا أولوية
مطمقة ،فقام بتشخيصيا منذ تأسيسو ،وتصدى ليا في خنادق النضال الفكري والسياسي والعسكري .وبيذا
تميز البعث في الجمع بين النضال الفكري والسياسي في الحقل العمالي والز ارعي والجماىيري والخندق
العسكري بشقيو النظامي والشعبي ،وبين التصدي لمتحديات الخارجية التي تواجييا الامة ،فأثبت البعث
أنو في مقدمة القوى الفكرية والنضالية الميدانية في مسيرة العرب التي تجمع بين السعي الى التحرر من
التخمف والجيل في الداخل ،ومواجية شتى المؤام ارت من الخارج.
واذا كان حجم ىذه الد ارسة قاص ارً عن الإلمام بشتى جوانب الميام النضالية التي تصدى ليا البعث ،والتي
لن تفييا حقيا عش ارت المجمدات ،فإن العناوين السريعة التالية سوف تشكل مدخلاً أساسياً لمتعريف بأكثر
تمك الوجوه التي من شأنيا أن تبرىن عمى أىمية حزب البعث في حياة الأمة وص ارعيا من أجل إثبات
وجودىا كأمة تمعب دورىا عمى صعيد الأمم الحية ،ولتواصل مسيرتيا الحضارية التي كان ليا تأثي ارت ذات
شأن عظيم في تقدم البشرية منذ بدايات تكوينيا .ولذلك سنولي الاىتمام ببعض الجوانب وىي :
-1ضرورة البعث عمى صعيد النضال ضد الاستعمار والصييونية والأطماع التوسعية الإي ارنية:
8
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
كان حزب البعث ،منذ العام ،1948أول حزب عربي يشارك في القتال من أجل القضية الفمسطينية ،قيادة
وقواعد .وىو من أعمن مؤسسو الرفيق احمد ميشيل عفمق أن (فمسطين لن تحررىا الحكومات بل العمل
الشعبي المسَمّح) ،وذلك في الوقت الذي كانت فيو أح ازب عربية عريقة تساند احتلال الصييونية لأرض
فمسطين .وىو أول حزب عربي يشارك في العمل الفدائي الفمسطيني منذ انطلاقة رصاصتو الأولى ،في
الوقت الذي كانت فيو أح ازب عربية تعتبر أن المقاومة الفمسطينية ىي عمل مغامر .وىو أول حزب يشكل
منظمة فدائية بتشكيلات عربية وليست فمسطينية فقط ،وىو أول حزب أعَّد لمقاومة العدو الصييوني في
جنوب لبنان منذ العام ،1971من خلال تجربتو ال ارئدة في بناء القرية الجنوبية المقاومة .وىو الحزب
الذي استشيد فيو ،صدام حسين ،أمينو العام ،وىو يعمن (فمسطين حرة عربية من النير إلى البحر) .وىو
الحزب الذي افتقدتو القضية الفمسطينية ،بعد احتلال الع ارق في العام ،2113لأنو كان الداعم
الاسترتيجي ليا ،ومن بعد الاحتلال غابت القضية الفمسطينية عن الاىتمام الرسمي والشعبي العربي،
واتجيت باتجاىات التقسيم والشرذمة ،وُوضعت عمى طاولات المساومات والابت ازز خاصة من قبل الأنظمة
الإقميمية التي ارحت تستغميا لب ارمجيا واست ارتيجياتيا الخبيثة ،واستخدمتيا بوابة أخرى لمتسمل إلى الوطن
العربي ،والاستيلاء عميو.
وىو الحزب الذي نجح تحت قيادة امينو العام الرفيق المجاىد عزة اب ارىيم من خوض اشرف واقدس
مقاومة وطنية في العصر الحديث ضد احتلال اكبر قوة عالمية لمع ارق تكممت بطرد القوات الغازية بعد
ىزيمتيا شر ىزيمة .وىو الذي يتصدى اليوم ببسالة ضد التمدد الاستعماري الاي ارني في الع ارق وسوريا
ولبنان واليمن .ذلك التمدد الذي يسعى حثيثاً لاستغلال القضية الفمسطينية من أجل إجياض تحرير
فمسطين ،وقبل ذلك شل الأقطار التي تتوفر فييا قيادة مناضمة خططت لتحرير فمسطين عن طريق
إشغاليا بأزمات وص ارعات خارجية وداخمية وفتن طائفية وعرقية .وىو الحزب القومي التحرري الذي لم
9
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
تبق حركة من حركات التحرر العالمي إلا وقدم ليا الدعم والاسناد من أجل التحرر ومواجية الاستعمار في
انحاء كثيرة من العالم.
-2ضرورة البعث عمى الصعيد الوحدوي العربي:
في مواجية العوائق التي كانت بعض الأح ازب العربية ،التي تناىض الفكر القومي العربي ،باتيامو بـ(أنو
فكر شوفيني) ،وتعتمدىا في محاربة قيام أي وحدة عربية ،فقد أثبت الحزب إنسانية القومية العربية فكرياً
وعممياً .وىو بالإضافة إلى نضالو الفكري في إثبات تقدمية القومية العربية وانسانيتيا ،فقد سجل إحدى
أىم مآثره التاريخية وىي الدعوة والمساىمة الرسمية والشعبية في قيام أول وحدة عربية بين سورية
ومصر في العام .1958واستأنف نضالو السياسي في التمييد لإعلان الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية
والع ارق التي اعمن ميثاقيا في 17نيسان من العام ،1963ثم توحيد الجيشين الع ارقي والسوري تحت
قيادة واحدة في خريف العام نفسو ،فكان ذلك من أكثر العوامل إثارة وتخويفاً لكل أعداء الأمة العربية،
التي وضعت كل إمكانياتيا ليس في سبيل الحؤول دون قيام وحدة سياسية وعسكرية عربية وحسب ،بل
من أجل اجتثاث الفكر القومي بأسسو الفكرية والعممية ايضاً .ولعَمّيا كانت المحرك الأول لصياغة مبادئ
ما يسمى بمشروع " الشرق الأوسط الجديد" التي تقضي بتفتيت القطر الواحد عمى أسس عرقية وطائفية.
وىو المشروع الذي كان ينتظر تنفيذه حصول متغي ارت عمى الصعيد الدولي والعربي.
لقد ظل النظام الوطني في الع ارق ،الذي كان يقوده حزب البعث العربي الاشت اركي ،المرجعية القومية التي
يتظَمّل تحت خيمتيا كل القوميين العرب ،بعد انحسار الناصرية بوفاة الرئيس جمال عبد الناصر ،وغياب
دور مصر القومي ،ودخوليا في دائرة التبعية للاستعمار والصييونية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد .وبذلك
أصبح النظام الوطني في الع ارق الحمقة القومية الوحيدة التي تحمل ارية العمل الوحدوي القومي .حتى غدا
10
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
حصاره واسقاطو أكثر الأىداف الاست ارتيجية إلحاحاً أمام قوى الاستعمار والصييونية وشريكتيما
الست ارتيجية في ىذا اليدف اي ارن .ولم يتم الاكتفاء باسقاط النظام الوطني الذي يقوده البعث في الع ارق،
وانما جرى تنفيذ أشرس حملات اجتثاث لفكره العروبي الوحدوي ،والإبادة والمطاردة لمناضميو وكوادره
والعمل عمى إسقاطو بقوانين الاجتثاث المتواصمة ،التي لم تيدأ يوماً واحداً ،والتي ىي في حقيقتيا جزء
من است ارتيجية اجتثاث جوىر وطاقات ومعالم الفكر القومي العربي .ورغم غياب ذلك النظام بعد الاحتلال
الأمريكي لمع ارق ،في محاولة لتغييب المرجعية القومية عمى مستوى الدولة ،إلا أن البعث كحزب قومي
وكما كان قوة تغيير أساسية قبل استلامو الحكم في الع ارق ،بقي كذلك بعد خروجو من الحكم ،مرجعية
فكرية وعقائدية وسياسية وتنظيمية قومية .ومما لاشك فيو أن تحرير الع ارق ،واعادة بناء قاعدتو المحررة
سوف يعظم القد ارت النضالية لمحزب في الوطن العربي ،ليواصل مسيرتو و ميامو القومية المطموبة
لتحقيق نيضة الأمة وتحررىا وانتصارىا.
-3ضرورة البعث في مواجية تفتيت الأمة عمى أسس طائفية باستخدام بعض الحركات الدينية السياسية:
لقد جاءت متغي ارت مرحمة ما بعد إسقاط عيد الشاه ،ووصول خميني لاستلام السمطة السياسية في إي ارن،
واعلان رجالو قيام نظام ديني سياسي ترسم تشريعات (نظرية ولاية الفقيو) أسسو الدستورية والفقيية،
إلى التأثير عمى أىداف الص ارع الذي كان يخوضو النظام الوطني في الع ارق مع الشاه لمحد من تدخل
الأخير وزعزعة أمن الع ارق والخميج العربي ،بحيث انفتحت أنظار نظام (ولاية الفقيو) عمى (تصدير ثورتو)
إلى الوطن العربي بدءاً من الع ارق .واستخدم النظام الجديد كل وسائل التحريض الطائفي والتخريب
الأمني ،والاعتداءات العسكرية عمى حدوده التي أَّدت إلى حرب استمرت ثماني سنوات ،من أجل إسقاط
النظام الوطني في الع ارق .وكانت النتائج العامة أن حصدت تمك الاعتداءات صفراً من النتائج رضخ من
بعدىا النظام الإي ارني للأمر الواقع ،ضام ارً إعادة الكَّرة عندما تسمح لو الفرصة والظروف المناسبة.
11
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
حانت فرصة النظام الإي ارني ،مرة أخرى ،بعد أن بدأت الولايات المتحدة الأميركية الإعداد لاحتلال الع ارق،
وقامت بتنفيذه في العام ،2113وقد كان من الواضح أن النظام المذكور كان لو دور كبير في نجاح
العدوان العسكري ،وقد اعترف أكثر من مسؤول فيو أنو لم يكن بوسع أميركا أن تحتل الع ارق من دون
مساعدة ومشاركة إي ارنية.
بعد احتلال الع ارق ،كان من الواضح أن لبعض التيا ارت التي تستند الى تسييس الدين ،ممثمة بالأح ازب
التابعة لنظام ولاية الفقيو وحركة الإخوان المسممين في الع ارق ،الدور الأبرز في مساعدة الولايات المتحدة
الامريكية ،وبذلك انتعشت أدوارىم بالتنسيق التام فيما بينيا .وعمى الرغم من أن تحالفيما كان مندرجاً
تحت مسمى (التحالفات الشاذة) إلَاّ أن ماجمعيما كان ىدف إسقاط ما يطمقون عمييا (الأنظمة الكافرة).
وأصبح من الواضح أن الاستعمار الأميركي والصييونية وجدا في التحالف معيما فرصة ذىبية ،لأنو من
دون ىذا التحالف لا يمكن تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم عمى مبدأ إعادة تفتيت الوطن
العربي عمى أسس طائفية وعرقية.
واذا كان دور بعض الحركات التي تعتمد عمى تسييس الدين يستند إلى تمك الأىداف التفتيتية ،فقد كان
حصادىا التخريبي وفي ارً في كل من الع ارق ،وليبيا وسورية واليمن والج ازئر ،كما كان واعداً في تونس
ومصر لو لم تسقط تجربتيا بعد فترة قصيرة من وصوليا إلى الحكم .ولأن الأنظمة الرسمية العربية،
والكثير من الحركات الشعبية العربية الأخرى ،لا تمتمك الإمكانيات الفكرية أو التنظيمية أو إ اردة الاستم ارر
في مواجية تمك الحركات ،لذا فإن الجواب عمى السؤال الذي يفتش عن طرق الخلاص ،لن يكون سوى
بإعادة إنعاش القوى والحركات الوطنية والقومية اولا ًً .ولأن ىذه القوى ستبقى عاجزة عن القيام بتوحيد
جيودىا من دون استنادىا إلى حركة قومية محورية ،ليا امتدادات عمى كل ساحات الوطن العربي،
والإمكانيات الفكرية ،والإ اردة والتجربة في مواجية حركات التكفير التفتيتية ،لذا فمن تجد تمك القوى
12
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
الوطنية والقومية غير حزب البعث العربي الاشت اركي الذي يمتمك القيم وأدوات الفكر والتنظيم والنضال
الجامعة.
-4ضرورة البعث في مواجية أثر العولمة الاقتصادية عمى الوطن العربي
إذا كانت الأسواق الاستيلاكية تشكل عاملاً أساسياً لترويج السمع التي تنتجيا المصانع الغربية منذ بدأت
الثورة الصناعية في أوروبا منذ اكثر من قرنين من الزمان ،فإنيا أصبحت من أىم ميمات ال أرسمالية
العالمية في الوقت ال ارىن .وليذا انتعشت أيديولوجيا (اقتصاد السوق) اكثر من أي وقت مضى وحَّولتيا
الدول الكبرى إلى ثقافة عالمية ،وذلك كواحدة من عوامل العولمة الاقتصادية الاخرى .وىي تيدف فيما
تيدف اضافة لذلك الى تقميص الحاجة الى الطاقة النفطية العربية التي يعتمد عمييا الاقتصاد الغربي
بشكل كبير ،والبحث عن مواطن الايدي العاممة الرخيصة ،والى التخمص من مشاكل التموث البيئي في
الغرب عن طريق تصدير الصناعات التقميدية المنتجة ليذا التموث الى الشرق وغير ذلك .
ولقد افرزت العولمة الاقتصادية ىذه قوى اقتصادية لعل من ابرزىا ىي الشركات العابرة لمحدود او
المتعددة الجنسيات .ومن أجل تنفيذ ميام الاخيرة دون معوقات او قيود اصبح إلغاء دور الدولة في قيادة
الاقتصاد المحمي ،وتسميم تنظيمو إلى طبقة التجار والصناعيين ،تحت أقنعة حرية التجارة في داخل الدول،
أو في تعميم ثقافة (حرية التجارة العالمية) مطمباً ممحاً ليذه الشركات ولمعولمة الاقتصادية .ووعياً بكل
ىذه المتغي ارت الجديدة عمى الوطن العربي ولخطورة أيديولوجيا (عولمة الاقتصاد) وآلياتيا الخطرة ،فقد
لعب البعث دو ارً ميماً في رفض ىذه العولمة نظرياً ،وفي رفض تنفيذىا والتصدي لذلك عمى أرض الواقع.
و من الموضوعية في ىذا المجال أن نمِّيز بين عولمة الأفكار كأداة لمتواصل الإنساني ،وبين العولمة
الثقافية والاقتصادية بالمفيوم ال أرسمالي الاستغلالي التي تشكل أحد أبرز المتغي ارت العالمية في عصرنا
13
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
ال ارىن والتي تمقى بظلاليا عمى الوطن العربي ،وتفرز تحديات بحاجة الى مواجيتيا وايجاد الحمول لكل
منيا وبما يواكب العصر ال ارىن ومتطمباتو.
إن التلاقح بين الثقافات العالمية ،ىو ظاىرة انسانية حضارية ساىم فييا العرب أخذاً وعطاءاً عمى مر
العصور ،وىذا ما تؤكده حالة التواصل المعرفي في كل م ارحل التكوين الحضاري القومي العربي ،وما تؤكده
حقيقة استفادة الغرب من الفكر العربي منذ قرون عديدة.
وبالنسبة الى العولمة المعاصرة بأبعادىا الاقتصادية وغير الاقتصادية ،فلا بد من الإشارة إلى أن مشروعية
التبادل الاقتصادي بين الدول والأمم والشعوب ،تكون صحية عندما تقوم عمى مبادئ تبادل المنافع
والتكامل والندية والمعاممة بالمثل .إلا أن نظام العولمة الاقتصادية السائد في عصرنا ال ارىن قائم عمى
أساس الاستغلال والتبعية ،واطلاق العنان لمبادئ (اقتصاد السوق) الذي يس ِّخر الثقافة والإعلام،
والعلاقات السياسية ،واستخدام شتى وسائل الضغط العسكرية وغيرىا مما يسمى بقوى الضغط الناعمة،
في سبيل منفعة أرس المال العالمي وأصحابو ودولو ،ضارباً عرض الحائط كل مبادي الاستقلال والسيادة
والتوزيع العادل لمثروة وأبسط قيم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وفي ىذا الجانب ،يشكل فكر البعث الجواب الأنسب إلى ما تواجيو الأمة من تحديات في ىذا المجال.
إضافة إلى أن الدور الذي لعبو عممياً ،قد شكل ريادة في النظرية والتطبيق من شأنو ان يغني التجربة
العربية .ففكر ونضال البعث الذي جمع بين المبادئ الاشت اركية ،كوسيمة لتحقيق العدالة الاجتماعية،
واستنياض قد ارت الأمة ومواردىا ،وبين إبقاء الفرصة مفتوحة لمقطاع الخاص لممساىمة في بناء
المجتمع في حدود مدروسة وتحت تخطيط وتوجيو الدولة ،يشكل الموازنة العممية بين المركزية والمرونة
المطموبة التي من شأنيا توفير أفضل الحمول للأمة العربية لمواكبة متطمبات عمميات التنمية المستدامة،
14
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
والتنافس العالمي في الانتاج ،وصعود القوى الجديدة في الصين وجنوب شرق آسيا واليند والب ارزيل ،
ومتغي ارت العصر ال ارىن الأخرى وما تجمبو من تحديات.
ولقد كان البعث ارئداً في تشخيص تمك المتطمبات والحمول منذ البداية .فقد تضمنت عقيدتو ذلك منذ أن
ُوضع دستور الحزب ،حيث أ َّكد الدستور ،وكل الكتابات النظرية التي عالجت ىذا الجانب ،كما أكدتو
التجربة العممية لثورة تموز لمعام 1968في الع ارق .ونجد تجسيد ذلك في المبادئ الموثقة التالية :
-المبدأ الأول :تأكيد بناء الاقتصاد عمى أسس قومية
لقد جاء في المادة ،26من الدستور :إن الحزب (يؤمن بأن الثروة الاقتصادية في الوطن العربي ممك
للأمة).
-المبدأ الثاني :دور الدولة في تنظيم الاقتصاد
لقد جاء في المادة ،29إن (المؤسسات ذات النفع العام وموارد الطبيعية الكبرى ووسائل الإنتاج الكبير
ووسائط النقل ذات الاستثمار الكبير ممك الأمة تديرىا الدولة مباشرة وتمغى الشركات والامتيا ازت الأجنبية).
-المبدأ الثالث :حماية الإنتاج الوطني وحماية المستيمك
لقد تضمنت المادة 37أن (تتخذ الدولة الإج ارءات التنظيمية في مجال التجارتين الداخمية والخارجية
لإلغاء الاستغلال بين المنتج أو المستورد وبين المستيمك ،ولحماية الإنتاج الوطني ضمن البرنامج
الاقتصادي العام ،وبحدود المصمحة العامة للاقتصاد القومي).
-المبدأ ال اربع :أولوية التنمية الاقتصادية
15
أمة عربية واحدة وحـــدة
ذات رسالة خالدة حـريـة اشـتراكـيـة
جاء في المادة 38من دستور البعث ( :يوضع برنامج شامل عمى ضوء أحدث التجارب والنظريات
الاقتصادية لتصنيع الوطن العربي وتنمية الإنتاج القومي وفتح آفاق جديدة لو وتوجيو الاقتصاد الصناعي
في كل قطر بحسب إمكانياتو وبحسب توفر المواد الأولية فيو).
-المبدأ الخامس :التنمية البشرية
لقد اعتمدت ثورة 17تموز 1968في الع ارق بشكل واسع است ارتيجية تنمية بشرية عملاقة حققت
انجا ازت مشيود ليا عمى صعيد بناء الانسان وتنميتو في كافة المجالات ولاسيما في القطاعين التربوي
والصحي ،حتى خرج الع ارق من فئة دول العالم الثالث في ىذين المجالين بموجب معايير الامم المتحدة
واصدا ارتيا الرسمية .
ويكفي ىنا ،وانتظا ارً لمقيام بد ارسات مو َّسعة عن تمك التجربة ،أن نؤكد عمى العمل الريادي في الجانب
النظري من المباد ارت الاقتصادية الثورية لتجربة البعث الاشت اركية ،وكذلك دوره الريادي في العديد من
جوانب التطبيق العممي ليا .
إن أىداف العولمة الاقتصادية في المفيوم ال أرسمالي وما تتضمنو من آليات وما تفرضو من تحديات
عمى حاضر ومستقبل الأمة العربية ،لا يمكن أن تتم مواجيتيا بالانغلاق والتقوقع عمى الذات ،وانما
بالانفتاح عمى العصر ،ومواكبة متغي ارتو ،والتفاعل مع تجارب الامم الحية من حولنا .وتشكل تجربة البعث
الغنية المستندة الى التطبيقات الاشت اركية ذات الأبعاد الوطنية والقومية والإنسانية ،بصفتيا النظام
الاقتصادي – الاجتماعي المناسب ،إضافة إلى فكره المنفتح عمى العصر ،يشكل كل ذلك ينبوعاً تنيل منو
الأمة الاجابات الكفوءة ،والكثير من الحمول الناجعة ،التي من شأنيا تمبية حاجات أمتنا العربية وضمان
حفاظيا عمى ثرواتيا وتنميتيا لأجياليا القادمة.
16