المنبر الثقافي العربي الدولي
الهوية الوطنية تسطع في التحرير
فتنير استوكهولم وشيكاغو
د -فالح حسن شمخي
يعاني الشباب العربي في المهجر والعراقيين منهم من فقدان الهوية الثقافية
،ومن خلال الدراسات والابحاث تبين ان الشاب المهاجر والذي يدرس في
المدارس السويدية مثلاا و الذي لايعرف لغته الام وشيء ما عن تاريخ
وجغرافية بلده ،والذي يرفض الاقرار بانه (سويدي لكن من اصل عراقي)
على سبيل المثال ،يعاني حالة من حالات الانفعال والتمرد والفشل الدراسي
مما يعيق تأهيله لمواصلة تعليمه .وعلى العكس من ذلك فقد ثبت ان الشاب
الذي يعرف لغته الام جيداا وتاريخ وجغرافية بلده ،هو شاب متزن السلوك
ومتوازن المشاعر ويحقق نتائج اكاديمية جيدة جدا .لذا فان الحكومة
السويدية اصبحت تنفق الكثير من الأموال لمساعدة الطلبة الشباب على تعلم
لغتهم الام ليكونوا افراداا فاعلين ومنتجين في مجتمعهم الجديد وصولاا الى
تقبل فكرة انهم يحملون الجنسية السويدية لكنهم من أصول اخرى ،بعد ان
1
تأكد ان فقدان الهوية الثقافية يعني الاغتراب وان الشعور بالاغتراب اصبح
يشكل مرضاا خطيراا من الصعب علاجه كما انه يفضي الى تداعيات اخرى .
بعد ان اح ُتل العراق عام ،3002تعرض الانسان العراقي ولاسيما الأطفال
والشباب الى ماهو ابشع من الحرب التقليدية ،فقد واجه المجتمع عمليات
تخريب مجتمعي منظم وبشكل مؤسسي .فالدستور رفع مفردة ان العراق بلد
عربي مما يمثل محو مقصود للهوية الثقافية العربية .وبمحو هذه الهوية تم
إلغاء الهوية الوطنية .وقد تكاملت مع هذا الهدف الخطير ظواهر واجراءات
مشبوهة اخرى ساهمت في تعزيزه .فما معنى ان يتم تهجير الملايين من
العراقيين في الوقت الذي يتجنس فيه الأجنبي بالجنسية العراقية بعد سنة
من إقامته في العراق في خدمة واضحة لمخططات ايران الفارسية في تغيير
الواقع الديموغرافي للبلد .ومامعنى ان يدخل على العراق الملايين من
الايرانيين مع جيش وشرطة وطبابة بحجة الزيارات الدينية .ومامعنى ان
تتحول المدن في جنوب العراق بشوارعها وازقتها كمعرض صور ترفع فيها
صور الرموز والقادة الفرس .ومامعنى ان يتحدث الناس في أسواق كربلاء
والنجف باللغة الفارسية .ومامعنى ان يجلس العسكري العراقي والمدني
لمسح حذاء الفارسي ؟؟ ،والقائمة تطول .باختصار انها وبحدودها الدنيا تعد
اكبر عملية لمسخ الشخصية العراقية وإلغاء تام لهويتها بابعادها الثقافية
الوطنية منها والقومية .
فمالذي حدث في ثورة تشرين الشبابية بعد 71عام من الذل والمهانة
والاغتراب وفقدان الهوية؟ ..بكل بساطة خرج المارد من قمقمه وهذا
المارد هو ليس مارد المعتوه ابراهيم الأشيقر الباكستاني الاصل .انه المارد
العراقي العربي الوطني العملاق الذي انطلق ليؤكد وبما لا يقبل اللبس على
ان :
الشعوب والامم الحية لاتموت ،قد تكبو وتنتكس لكنها تنهض كطائر
العنقاء.
2
ان شباب العراق هم خلف صالح لسلف ق ادم للعالم و من خلال ثماني
حضارات متتالية كل اسس حضارته ومدنيته الحالية من الابجدية الى
التدوين والعجلة والقانون والجبر والفلك والطب وغيرها .
أكد هؤلاء الشباب على تمسكهم بهويتهم الثقافية الوطنية والقومية ،بعد
ان وجدوا فيها كينونتهم الحقيقية التي تجسدت في رفض الطائفية وفي حب
الوطن والتكافل والتعاون والتمسك بالقيم الاخلاقية والشهامة والرجولة .
لقد كان الانطباع الذي أراد الفرس وذيولهم ان نصدقه قبل ثورة تشرين هو
ان شباب العراق هم شباب مريض مدمن على المخدرات وحبوب الهلوسة
الفارسية ،شباب متفسخ اخلاقياا ولايتمسك باي قيم او ُم ُثل.
ولكنهم خسئوا فلقد بان المعدن الأصيل لشباب العراق وحقيقة تركيبته ،
كشباب شرس ذو شكيمة وعزة نفس وإباء .حتى ان كلمات الشعر والنثر
تقف فاغرة فاها إزاء إدائهم ،عاجزة عن وصفهم ووصف ملحمتهم و جبل
اُ ُحدهم وتكتكهم ،خاصة وان تلك الملاحم يطرزونها بدمهم الزكي الطاهر في
ساحات العز والشرف.
ولقد وصلت اصداء كل ذلك الألق للشباب المنتفض في ساحة التحرير
ومدن العراق الاخرى الى الشباب العربي عامة والعراقي خاصة في مدن
العالم واصقاعه كافة .فاذا بشباب المهجر يجد في هذه الهوية الوطنية
علاجهم الامثل من مرض الضياع والاغتراب ،فتجسدت فيهم كل المعاني
والممارسات الوطنية الحقة والكينونة الواضحة الواثقة من ذاتها ومن
مستقبلها .
فتحية لتلك الهوية العراقية الشابة وهي تنفض ما عليها لتبرق ساطعة
متألقة فتنير سماء الشباب في ربوع الوطن كما في ارجاء العالم كافة .
3