التفسير المي َّسر gسrوoر.ة xاeلlناpسwww.Qurancom
1
التفسير المي َّسر سسووررةة الالفنااِتحسة
سورة الفاتحة
بِ ْسِم اللِه الَّرْْحَ ِن الَّرِحيِم ( )1
سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة; لأنه يفتتح بها القرآن
العظيم ,وتسمى المثاني; لأنها تقرأ في كل ركعة ,ولها أسماء أخر.
أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به ,علم على الرب
-تبارك وتعالى -المعبود بحق دون سواه ,وهو أخص أسماء الله
تعالى ,ولا يسمى به غيره سبحانه .ذي الرْحة العامة
الذي وسعت رْحته جميع الخلق ,بالمؤمنين ,وهما
اسمان من أسمائه تعالى ،يتضمنان إثبات صفة الرْحة لله تعالى كما
يليق بجلاله.
2
التفسير المي َّسر سورسةوراةلفااِتلحناةس
اْْلَْم ُد ِّلَِِّل َر ِب الَْعالَِميَن ( )2
الثناء على الله بصفاته التي
كُلّها أوصاف كمال ,وبنعمه الظاهرة والباطنة ،الدينية والدنيوية،
وفي ضمنه أَْمٌر لعباده أن يحمدوه ,فهو المستحق له وحده ,وهو
سبحانه المنشئ للخلق ,القائم بأمورهم ,المربي لجميع خلقه بنعمه,
ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.
الَّرْْحَ ِن الَّرِحيِم ( )3
الذي وسعت رْحته جميع الخلق,
, بالمؤمنين ,وهما اسمان من أسماء الله تعالى.
3
التفسير المي َّسر سوسروةرةالفاالِتناحةس
َ مالِ ِك يَْوِم ال ِدي ِن ( )4
وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة ,وهو يوم الجزاء على
الأعمال .وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته
تذكير له باليوم الآخر ,وح ٌّث له على الاستعداد بالعمل الصالح,
والكف عن المعاصي والسيئات.
إَِّي َك نَ ْعبُ ُد َوإَِّي َك نَ ْستَِعيُن ( )5
إن نخصك وحدك بالعبادة ,ونستعين بك وحدك في جميع
أمورن ,فالأمر كله بيدك ,لا يملك منه أحد مثقال ذرة .وفي هذه
الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع
العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده ,وفيها
شفاء القلوب من داء التعلق بغير اله ,ومن أمراض الرَّيء
والعجب ,والكبرَّيء.
4
التفسير المي َّسر سسوورةرةالافلانِتاحةس
ا ْه ِدَن ال ِصَرا َط الْ ُم ْستَِقي َم ( )6
ُدَلّنا ,وأرشدن ,ووفقنا إلى الطريق المستقيم ,وثبتنا عليه حتى
نلقاك ,وهو الإسلام ،الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى
رضوان الله وإلى جنته ,الذي دل عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد
فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.
ِ صَرا َط اَلّ ِذي َن أَنْ َع ْم َت َعلَْيِه ْم غَيِْر الْ َمغْ ُضو ِب َعلَْيِه ْم َولا
ال َّضالِيَن ( )7
طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والص ِديقين والشهداء
والصاْلين ,فهم أهل الهداية والاستقامة ,ولا تجعلنا ممن سلك
طريق المغضوب عليهم ,الذين عرفوا اْلق ولم يعملوا به ,وهم
اليهود ,ومن كان على شاكلتهم ,والضالين ,وهم الذين لم يهتدوا,
5
التفسير المي َّسر سوسرةوراةلفاالِتنحاةس
فضلوا الطريق ,وهم النصارى ,ومن اتبع سنتهم .وفي هذا الدعاء
شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال ,ودلالة
على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام ,فمن كان
أعرف للحق وأتبع له ,كان أولى بالصراط المستقيم ,ولا ريب أن
أصحاب رسول الله هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم
السلام ,فدلت الآية على فضلهم ,وعظيم منزلتهم ,رضي الله
عنهم .ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة:
(آمين) ,ومعناها :اللهم استجب ,وليست آية من سورة الفاتحة
باتفاق العلماء; ولهذا أجمعوا على عدمكتابتها في المصاحف.
6
التفسير المي َّسر سسوروةرة االلنباقرسة
سورة البقرة
فَلَ َّما فَ َص َل طَالُو ُت ِابْجلُنُواد قَا َل إا َّن اََّّللَ ُمجبتَالي ُك جم بانَ َه ٍر فََم جن
َش ار َب امجنهُ فَلَجي َس اماِّن َوَم جن َلج يَطجَع جمهُ فَاإَنّهُ اماِّن إالا َم ان ا جغَََت َف غُجرفَةً
بايَ اداه فَ َش اربُوا امجنهُ إالا قَاليلا امجن ُه جم فَلَ َّما َجاَوَزهُ ُهَو َواَلّ اذي َن آَمنُوا َمَعهُ
قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الجيَ جوَم اِبَالُو َت َو ُجنُواداه قَا َل اَلّ اذي َن يَظُُنّو َن أََّنُجم
ُملاقُو اََّّلال َك جم ام جن افئٍَة قَلايلٍَة غَلَبَ جت فائَةً َكثايَرًة ِابا جذ ان اََّّلال َواََّّللُ َم َع
ال َّصابااري َن ( )249
فلما خرج طالوت ِبنوده لقتال العمالقة قال لهم :إن الله
ممتحنكم على الصبر بنهر أمامكم تعبرونه; ليتمَيّز المؤمن من
المنافق ,فمن شرب منكم من ماء النهر فليس مّن ,ولا يصلح
للجهاد معي ,ومن َل يذق الماء فإنه مّن; لأنه مطيع لأمري
1
التفسير المي َّسر سوسرةورةالباقلنراةس
وصالح للجهاد ,إلا َمن ترَّخص واغَتف غُجرفة واحدة بيده فلا لوم
عليه .فلما وصلوا إلى النهر انكبوا على الماء ,وأفرطوا في الشرب
منه ,إلا عد ًدا قليلا منهم صبروا على العطش والحر ,واكتفوا
بغُجرفة اليد ,وحينئذ تخلف العصاة .ولما عبر طالوت النهر هو
والقلة المؤمنة معه -وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا لملاقاة العدو,
ورأوا كثرة عدوهم وع َّدتهم ,قالوا :لا قدرة لنا اليوم ِبالوت
وجنوده الأشداء ,فأجاب الذين يوقنون بلقاء الله ,يَُذِكارون
إخواَّنم ِبلله وقدرته قائلين :كم من جماعة قليلة مؤمنة صابرة,
غلبت ِبذن الله وأمره جماعة كثيرة كافرة ِبغية .والله مع الصابرين
بتوفيقه ونصره ,وحسن مثوبته.
َ ولََّما بََرُزوا ْالَالُو َت َو ُجنُواداه قَالُوا َرَبّنَا أَفج ار جغ َعلَجينَا َصبجًرا َوثَباِ جت
أَقج َداَمنَا َوانج ُصجرََن َعلَى الجَقجوام الج َكااف اري َن ( )250
2
التفسير المي َّسر سسوورةرة النباقرسة
ولما ظهروا ْلالوت وجنوده ,ورأوا الخطر رأي العين ,فزعوا إلى
الله ِبلدعاء والضراعة قائلين :ربنا أنزل على قلوبنا صبًرا عظي ًما,
وثبت أقدامنا ,واجعلها راسخة في قتال العدو ,لا تفر امن هول
الحرب ,وانصرَن بعونك وتأييدك على القوم الكافرين.
فَ َهَزُموُه جم ِابا جذ ان اََّّلال َوقَتَ َل َداُوُد َجالُو َت َوآََتهُ اََّّللُ الج ُمجل َك
َوالجحا جك َمةَ َو َعَلّ َمهُ امَمّا يَ َشاءُ َولَجولا َدفج ُع اََّّلال الَنّا َس بَ جع َض ُه جم بابَ جع ٍض
لََف َس َد ات الأ جر ُض َولَ اك َّن اََّّللَ ذُو فَ جض ٍل َعلَى الجَعالَاميَن ( )251
فهزموهم ِبذن الله ,وقتل داود -عليه السلام -جالو َت قائ َد
اْلبابرة ,وأعطى الله داود بعد ذلك الملك والنبوة في بّن
إسرائيل ,و َعَلّمه مما يشاء من العلوم .ولولا أن يدفع الله ببعض
الناس -وهم أهل الطاعة له والإيمان به -بع ًضا ,وهم أهل
المعصية لله والشرك به ,لفسدت الأرض بغلبة الكفر ,وتم ُّكن
3
التفسير المي َّسر سسوورة الابلنقارةس
الطغيان ,وأهل المعاصي ,ولكن الله ذو فضل على المخلوقين
جمي ًعا.
تاجل َك آََي ُت اََّّلال نَجتلُوَها َعلَجي َك ِابلجحَاِق َوإاَنّ َك لَام َن الج ُمجر َساليَن
( )252
تلك حجج الله وبراهينه ,نق ُّصها عليك -أيها النبيِ -بلصدق,
وإنك لمن المرسلين الصادقين.
4
التفسير المي َّسر سسوروةرة النباقرسة
سورة البقرة
اََّّللُ لا إِلَهَ إِلا ُهَو اْحلَ ُّي الحَقُيّوُم لا ََتح ُخ ُذهُ ِسنَة َولا نَحوم لَهُ َما ِف
ال َّس َماَوا ِت َوَما ِف الأ حر ِض َم حن ذَا اَلّ ِذي يَ حشَف ُع ِعحن َدهُ إِلا ِبِ حذنِِه يَ حعلَ ُم
َما بَحَْي أَيح ِديِه حم َوَما َخحلَف ُه حم َولا ُِييطُو َن بِ َش حيٍء ِم حن ِعحل ِمِه إِلا ِبَا َشا َء
َوِس َع ُكحرِسُيّهُ ال َّس َماَوا ِت َوالأ حر َض َولا يَئُوُدهُ ِححفظُُه َما َوُهَو الحَعلِ ُّي
الحَع ِظي ُم ( )255
الله الذي لا يستحق الألوهية والعبودية إلا هو ,اْل ُّي الذي له
جميع معاني اْلياة الكاملة كما يليق بجلاله ,القائم على كل شيء,
لا َتخذه ِسنَة أي :نعاس ,ولا نوم ,كل ما ِف السموات وما ِف
الأرض ملك له ,ولا يتجاسر أحد أن يشفع عنده إلا ِبذنه ,محيط
علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها ,يعلم ما بْي
1
التفسير المي َّسر سورة االلبناقرةس
أيدي الخلائق من الأمور المستقبلة ,وما خلفهم من الأمور
الماضية ,ولا يَ َطّل ُع أحد من الخلق على شيء من علمه إلا ِبا
أعلمه الله وأطلعه عليه .وسع كرسيه السموات والأرض,
والكرسي :هو موضع قدمي الرب -جل جلاله -ولا يعلم كيفيته
إلا الله سبحانه ,ولا يثقله سبحانه حفظهما ,وهو العلي بذاته
وصفاته على جميع مخلوقاته ,الجامع لجميع صفات العظمة
والكبرياء .وهذه الآية أعظم آية ِف القرآن ,وتسمى( :آية
الكرسي).
2
التفسير المي َّسر سسورة االلبنقارةس
سورة البقرة
لا إِ ْكَراَه ِف ال ِدي ِن قَ ْد تَبَََّّي الُّر ْش ُد ِم َن الْغَ ِي فََم ْن يَ ْكُفْر
ِبل َطّاغُو ِت َويُْؤِم ْن ِبََّّلِل فََق ِد ا ْستَ ْم َس َك ِبلْعُْرَوِة الُْوثَْقى لا انِْف َصاَم
ََلَا َواََّّللُ ََِسي ٌع َعِلي ٌم ( )256
لكمال هذا الدين واتضاح آياته لا ُيتاج إلى الإكراه عليه لمن
تُقبل منهم الجزية ,فالدلائل بينة يتضح بها الحق من الباطل,
واَلدى من الضلال .فََمن يكفر بكل ما عُبِد من دون الله ويؤمن
ِبلله ,فقد ثبت واستقام على الطريقة المثلى ,واستمسك من الدين
بأقوى سبب لا انقطاع له .والله َسيع لأقوال عباده ,عليم بأفعاَلم
ونياتهم ,وسيجازيهم على ذلك.
1
التفسير المي َّسر سورة الناس
اََّّللُ َوُِِّل اَلّ ِذي َن آَمنُوا ُيِْر ُج ُه ْم ِم َن ال ُظّلَُما ِت إِلَى الُنّوِر َواَلّ ِذي َن
َكَفُروا أَْولِيَاُؤُه ُم ال َطّاغُو ُت ُيِْر ُجوَنُْم ِم َن الُنّوِر إِلَى ال ُظّلَُما ِت أُولَئِ َك
أَ ْص َحا ُب الَنّاِر ُه ْم فِيَها َخالِ ُدو َن ( )257
الله يتولى المؤمنَّي بنصره وتوفيقه وحفظهُ ,يرجهم من ظلمات
الكفر ,إلى نور الإيمان .والذين كفروا أنصارهم وأولياؤهم الأنداد
والأوثان الذين يعبدوَنم من دون اللهُ ,يرجوَنم من نور الإيمان إلى
ظلمات الكفر ,أولئك أصحاب النار الملازمون َلا ,هم فيها
ِبقون بقاء أبدياا لا ُيرجون منها.
أََلْ تََر إِلَى اَلّ ِذي َحا َّج إِبَْرا ِهي َم ِف َربِِه أَ ْن آََتهُ اََّّللُ الْ ُمْل َك إِ ْذ
قَا َل إِبَْرا ِهي ُم َرَِّب اَلّ ِذي ُْييِي َويُمِي ُت قَا َل أَََن أُ ْحيِي َوأُِمي ُت قَا َل
2
التفسير المي َّسر سورة االلبناقرةس
إِبْ َرا ِهي ُم فَِإ َّن اََّّللَ ََيِِْت ِبل َّش ْم ِس ِم َن الْ َم ْش ِرِق فَأْ ِت بِهَا ِم َن الْ َمغْ ِر ِب
فَبُِه َت اَلّ ِذي َكَفَر َواََّّللُ لا يَ ْه ِدي الَْقْوَم ال َظّالِِمََّي ( )258
هل رأيت -أيها الرسول -أعجب ِمن حال هذا الذي جادل
إبراهيم عليه السلام ِف توحيد الله تعالى وربوبيته; لأن الله أعطاه
المُْلك فتجَّب وسأل إبراهي َمَ :من رُبّك؟ فقال عليه السلام :رّب
الذي ُييي الخلائق فتحيا ,ويسلبها الحياة فتموت ,فهو المتفرد
ِبلإحياء والإماتة ,قال :أَن أحيي وأميت ,أي أقتل َمن أرد ُت
قَْتلَه ,وأستبقي َمن أردت استبقاءه ,فقال له إبراهيم :إن الله الذي
أعبده َيِت ِبلشمس من المشرق ,فهل تستطيع تغيير هذه ال ُّسَنّة
الإَلية بأن تجعلها تأِت من المغرب; فتحَيّر هذا الكافر وانقطعت
حجته ,شأنه شأن الظالمَّي لا يهديهم الله إلى الحق والصواب.
3
التفسير المي َّسر سسوورةرة اآلنالسعمران
سورة آل عمران
َ وا ْعتَ ِص ُموا ِِبَْب ِل اََّّلِل ََِجيًعا َولا تََفَّرقُوا َواذُْكُروا نِْع َمةَ اََّّلِل
َعلَْي ُك ْم إِ ْذ ُكْنتُ ْم أَ ْع َدا ًء فَأََلّ َف بََْْي قُلُوبِ ُك ْم فَأَ ْصبَ ْحتُ ْم بِنِْع َمتِِه إِ ْخَواًًن
َوُكْنتُ ْم َعلَى َشَفا ُحْفَرٍة ِم َن الَنّاِر فَأَنَْق َذُك ْم ِمْن َها َك َذلِ َك يُبَُِِْي اََّّللُ لَ ُك ْم
آََيتِِه لََعَلّ ُك ْم َتْتَ ُدو َن ( )103
وتم َّسكوا َجيًعا بكتاب ربكم وهدي نبيكم ,ولا تفعلوا ما يؤدي
إلى فرقتكم .واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم :إذ كنتم -
أيها المؤمنون -قبل الإسلام أعداء ,فجمع الله قلوبكم على محبته
ومحبة رسوله ,وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض ,فأصبحتم -
بفضله -إخواًن متحابْي ,وكنتم على حافة ًنر جهنم ,فهداكم الله
بالإسلام ونَجّاكم من النار .وكما بَّْي الله لكم معالم الإيمان
1
التفسير المي َّسر سسوورةرة اآلنالسعمران
الصحيح فكذلك يبِِْي لكم كل ما فيه صلاحكم; لتهتدوا إلى
سبيل الرشاد ,وتسلكوها ,فلا تضلوا عنها.
َ ولْتَ ُك ْن ِمْن ُك ْم أَُّمةٌ يَ ْدعُو َن إِلَى اْْلَيِْر َوََيُْمُرو َن بِالْ َم ْعُرو ِف
َويَْن َهْو َن َع ِن الْ ُمْن َك ِر َوأُولَئِ َك ُه ُم الْ ُمْفلِ ُحو َن ( )104
ولتكن منكم -أيها المؤمنونَ -جاعة تدعو إلى اْلير وتأمر
بالمعروف ,وهو ما ُعرف حسنه شرًعا وعقلا وتنهى عن المنكر,
وهو ما عُرف قبحه شرًعا وعقلا وأولئك هم الفائزون بجنات
النعيم.
َ ولا تَ ُكونُ وا َكاَلّ ِذي َن تََفَّرقُ وا َوا ْختَلَُف وا ِم ْن بَ ْع ِد َم ا َج ا َء ُه ُم
الْبَيِِنَا ُت َوأُولَئِ َك ََلُْم َع َذا ٌب َع ِظي ٌم ( )105
2
التفسير المي َّسر سورةة اآلنلا عسمران
ولا تكونوا -أيها المؤمنون -كأهل الكتاب الذين وقعت بينهم
العداوة والبغضاء فتفَّرقوا شيًعا وأحزابًا ,واختلفوا في أصول دينهم
من بعد أن اتضح َلم الحق ,وأولئك مستحقون لعذا ٍب عظيم
موجع.
يَْوَم تَْبيَ ُّض ُو ُجوهٌ َوتَ ْسَوُّد ُو ُجوهٌ فَأََّما اَلّ ِذي َن ا ْسَوَّد ْت ُو ُجوُه ُه ْم
أَ َكَفْرُْت بَ ْع َد إِيمَانِ ُك ْم فَ ُذوقُوا الَْع َذا َب ِبَا ُكْنتُ ْم تَ ْكُفُرو َن ( )106
يوم القيامة تَْبيَ ُّض وجوه أهل السعادة الذين آمنوا بالله
ورسوله ,وامتثلوا أمره ,وتَ ْسَوُّد وجوه أهل الشقاوة ممن كذبوا
رسوله ,وعصوا أمره .فأما الذين اسوَّدت وجوههم ,فيقال َلم
توبي ًخا :أكفرُت بعد إيمانكم ,فاخترُت الكفر على الإيمان؟ فذوقوا
العذاب بسبب كفركم.
3
التفسير المي َّسر سسوورة آاللناعسمران
َ وأََّما اَلّ ِذي َن ابْيَ َّض ْت ُو ُجوُه ُه ْم فَِفي َرْْحَِة اََّّلِل ُه ْم فِيَها َخالِ ُدو َن
( )107
وأما الذين ابي َّض ْت وجوهم بنضرة النعيم ,وما بُ ِِشروا به من
اْلير ,فهم في جنة الله ونعيمها ,وهم باقون فيها ,لا يخرجون منها
أب ًدا.
تِْل َك آََي ُت اََّّلِل نَْتلُوَها َعلَْي َك بِالْحَِِق َوَما اََّّللُ يُِري ُد ظُْل ًما
لِْلَعالَِمَْي ( )108
هذه آَيت الله وبراهينه الساطعة ,نتلوها ونق ُّصها عليك -أيها
الرسول -بالصدق واليقْي .وما الله بظالم أح ًدا من خلقه ,ولا
ِبنقص شيئًا من أعماَلم; لأنه الحاكم العدل الذي لا يجور.
4
التفسير المي َّسر سسووررةة آاللناعسمران
َ وََِّّلِل َما ِفي ال َّس َماَوا ِت َوَما ِفي الأ ْر ِض َوإِلَى اََّّلِل تُْرَج ُع الأُموُر
( )109
ولله ما في السموات وما في الأرض ,مل ٌك له وحده خلًقا
وتدبيًرا ,ومصير َجيع اْللائق إليه وحده ,فيجازي كلا على قدر
استحقاقه.
ُ كْنتُ ْم َخيَْر أَُّمٍة أُ ْخ ِرَج ْت لِلَنّا ِس تَأُْمُرو َن بِالْ َم ْعُرو ِف َوتَْن َهْو َن َع ِن
الْ ُمْن َك ِر َوتُْؤِمنُو َن بِاََّّلِل َولَْو آَم َن أَ ْه ُل الْ ِكتَا ِب لَ َكا َن َخيًْرا ََلُْم ِمْن ُه ُم
الْ ُمْؤِمنُو َن َوأَ ْكثَُرُه ُم الَْفا ِسُقو َن ( )110
أنتم َ -ي أمة محمد -خير الأمم وأنفع الناس للناس ,تأمرون
بالمعروف ,وهو ما عُرف حسنه شرًعا وعقلا وتنهون عن المنكر,
وهو ما عُرف قبحه شرًعا وعقلا وتصدقون بالله تصديًقا جازًما
5
التفسير المي َّسر سسووررةة اآلنلا عسمران
يؤيده العمل .ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ِبحمد
وما جاءهم به من عند اللهكما آمنتم ,لكان خيرا َلم في الدنيا
والآخرة ,منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد العاملون بها,
وهم قليل ,وأكثرهم اْلارجون عن دين الله وطاعته.
6
التفسير المي َّسر سسوورةرة الهناودس
سورة هود
َ وأُوِح َي إَِل نُوٍح أََنّهُ لَ ْن يُْؤِم َن ِم ْن قَ ْوِم َك إِلا َم ْن قَ ْد آَم َن فَلا
تَْبتَئِ ْس ِبَا َكانُوا يَْفَعلُو َن ( )36
وأوحى الله سبحانه وتعاَل إَل نوح -عليه السلام -ل َّما حق
على قومه العذاب ,أنه لن يؤمن بالله إلا َمن قد آمن ِمن قبل ,فلا
تحزن يا نوح على ماكانوا يفعلون.
َ وا ْصنَ ِع الُْفْل َك ِبَ ْعيُنِنَا َوَو ْحيِنَا َولا ُتَا ِطْبِن ِف اَلّ ِذي َن ظَلَ ُموا
إَِّنُْم ُمغَْرقُو َن ( )37
واصنع السفينة ِبرأى مَنّا وِبمرنا لك ومعونتنا ،وأنت ِف حفظنا
وكلاءتنا ,ولا تطلب مِن إمهال هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم من
1
التفسير المي َّسر سورة اهلنوادس
قومك بكفرهم ,فإَّنم مغرقون بالطوفان .وِف الآية إثبات صفة
العين لله تعاَل على ما يليق به سبحانه.
َ ويَ ْصنَ ُع الُْفْل َك َوُكَلّ َما َمَّر َعلَْيِه َملأ ِم ْن قَ ْوِمِه َس ِخُروا ِمْنهُ قَا َل
إِ ْن تَ ْس َخُروا ِمَنّا فَِإَنّا نَ ْس َخُر ِمْن ُك ْم َك َما تَ ْس َخُرو َن ( )38
ويصنع نوح السفينة ,وكَلّما مر عليه جماعة من كبراء قومه
سخروا منه ,قال لهم نوح :إن تسخروا منا اليوم لجهلكم بصدق
وعد الله ,فإنا نسخر منكم غ ًدا عند الغرق كما تسخرون منا.
فَ َسْو َف تَ ْعلَ ُمو َن َم ْن ََيْتِيِه َع َذا ٌب ُيِْزيِه َوَِي ُّل َعلَْيِه َع َذا ٌب
ُمِقي ٌم ( )39
2
التفسير المي َّسر سسووررةة هالونادس
فسوف تعلمون إذا جاء أمر الله بذلك :من الذي َيتيه ِف
الدنيا عذاب الله الذي يُهينه ,وينزل به ِف الآخرة عذاب دائم لا
انقطاع له؟
َ حََّت إِ َذا َجا َء أَْمُرنَا َوفَاَر الَتُّنّوُر قُْلنَا اِْْح ْل فِيَها ِم ْن ُك ٍل َزْو َجْيِن
اثْنَْيِن َوأَْهلَ َك إِلا َم ْن َسبَ َق َعلَْيِه الَْقْوُل َوَم ْن آَم َن َوَما آَم َن َمَعهُ إِلا
قَِلي ٌل ( )40
حَّت إذا جاء أمرنا بإهلاكهم كما َوع ْدنا نو ًحا بذلك ,ونبع الماء
بقوة من التنور -وهو المكان الذي ُيبز فيه -علامة على مجيء
العذاب ,قلنا لنوح :اْحل ِف السفينة من كل نوع من أنواع
الحيوانات ذكًرا وأنثى ,واْحل فيها أهل بيتك ,إلا َمن سبق عليهم
القول ممن لم يؤمن بالله كابنه وامرأته ,واْحل فيها من آمن معك
من قومك ,وما آمن معه إلا قليل مع طول المدة والمقام فيهم.
3
التفسير المي َّسر سسوورةرةهالونداس
َ وقَا َل ا ْرَكبُوا ِفيَها بِ ْسِم اََّّلِل مَْجَرا َها َوُمْر َسا َها إِ َّن َرِّب لَغَُفوٌر
َرِحي ٌم ( )41
وقال نوح لمن آمن معه :اركبوا ِف السفينة ,باسم الله يكون
جريها على وجه الماء ,وباسم الله يكون منتهى سيرها وُرسُّوها .إن
رّب لَغفور ذنوب من تاب وأناب إليه من عباده ,رحيم بهم أن
يعذبهم بعد التوبة.
َ وِه َي َتْ ِري بِهِ ْم ِف َمْوٍج َكالْجِبَا ِل َونَا َدى نُو ٌح ابْنَهُ َوَكا َن ِف
َم ْع ِزٍل يَا بََُِّن ا ْرَك ْب َمَعنَا َولا تَ ُك ْن َم َع الْ َكاِف ِري َن ( )42
وهي َتري بهم ِف موج يعلو ويرتفع حَّت يصير كالجبال ِف
علوها ,ونادى نوح ابنه -وكان ِف مكا ٍن َعَزل فيه نفسه عن
4
التفسير المي َّسر سسووررةة هالونادس
المؤمنين -فقال له :يا بِن اركب معنا ِف السفينة ,ولا تكن مع
الكافرين بالله فتغرق.
قَا َل َسآ ِوي إَِل َجبَ ٍل يَ ْع ِص ُمِن ِم َن الْ َماِء قَا َل لا َعا ِص َم الْيَ ْوَم
ِم ْن أَْم ِر اََّّلِل إِلا َم ْن َرِح َم َو َحا َل بَْينَ ُه َما الْ َمْو ُج فَ َكا َن ِم َن الْ ُم ْغَرِقيَن
( )43
قال ابن نوح :سألجأ إَل جبل أتح َّصن به من الماء ,فيمنعِن من
الغرق ,فأجابه نوح :لا مانع اليوم من أمر الله وقضائه الذي قد
نزل بالخلق من الغرق والهلاك إلا َمن رْحه الله تعاَل ,فآِم ْن واركب
ِف السفينة معنا ,وحال الموج المرتفع بين نوح وابنه ,فكان من
المغرقين الهالكين.
5
التفسير المي َّسر سسوورة اهلنوادس
َ وقِي َل يَا أَْر ُض ابْلَِعي َما َء ِك َويَا ََسَاءُ أَقِْلِعي َوِغي َض الْ َماءُ
َوقُ ِض َي الأْمُر َوا ْستَ َو ْت َعلَى الْجُوِد ِي َوِقي َل بُ ْع ًدا لِْلَقْوِم ال َظّالِِميَن
( )44
وقال الله للأرض -بعد هلاك قوم نوح :-يا أرض اشرّب
ماءك ,ويا َساء أمسكي عن المطر ,ونقص الماء ونضب ,وقُضي
أمر الله بهلاك قوم نوح ,ورست السفينة على جبل الجود ِي ,وقيل:
هلا ًكا وبع ًدا للقوم الظالمين الذين َتاوزوا حدود الله ,ولم يؤمنوا به.
َ ونَا َدى نُ و ٌح َرَبّ هُ فََق ا َل َر ِب إِ َّن ابْ ِن ِم ْن أَْهلِ ي َوإِ َّن
َو ْع َد َك الْحَ ُّق َوأَنْ َت أَ ْح َك ُم الْحَاكِ ِميَن ( )45
6
التفسير المي َّسر سسوورةرةهالونداس
ونادى نوح ربه فقال :رب إنك و َع ْدتِن أن تنجيِن وأهلي من
الغرق والهلاك ,وإن ابِن هذا من أهلي ,وإن وعدك الحق الذي لا
ُخْلف فيه ,وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم.
قَا َل يَا نُو ُح إَِنّهُ لَْي َس ِم ْن أَْهِل َك إَِنّهُ َع َم ٌل غَيْرُ َصالِ ٍح فَلا
تَ ْسأَلِْن َما لَْي َس لَ َك بِِه ِعْل ٌم إِِّن أَ ِعظُ َك أَ ْن تَ ُكو َن ِم َن الْجَا ِهِليَن
( )46
قال الله :يا نوح إن ابنك الذي هلك ليس من أهلك الذين
وعدتك أن أنجيهم; وذلك بسبب كفره ,وعمله عملا غير صالح,
وإّن أَّناك أن تسألِن أمًرا لا علم لك به ,إّن أعظك لئلا تكون
من الجاهلين ِف مسألتك إياي عن ذلك.
7
التفسير المي َّسر سورة اهلنوادس
قَا َل َر ِب إِِّن أَعُوذُ بِ َك أَ ْن أَ ْسأَلَ َك َما لَْي َس ِِل بِِه ِعْل ٌم َوإِلا
تَغِْفْر ِِل َوتَ ْرَْحِْن أَ ُك ْن ِم َن الْخَا ِس ِري َن ( )47
قال نوح :يا رب إّن أعتصم وأستجير بك أن أسألك ما ليس
ِل به علم ,وإن لم تغفر ِل ذنبي ,وترْحِن برْحتك ,أكن من الذين
غَبَنوا أنفسهم حظوظها وهلكوا.
قِي َل يَا نُو ُح ا ْهبِ ْط بِ َسلاٍم ِمَنّا َوبََرَكا ٍت َعلَْي َك َو َعلَى أَُمٍم ِمَمّ ْن
َمَع َك َوأَُم ٌم َسنَُمتِعُُه ْم َُُثّ َيَ ُّس ُه ْم ِمَنّا َع َذا ٌب أَلِي ٌم ( )48
قال الله :يا نوح اهبط من السفينة إَل الأرض ِبمن وسلامة مَنّا
وبركات عليك وعلى أمم ممن معك .وهناك أمم وجماعات من
أهل الشقاء سنمتعهم ِف الحياة الدنيا ,إَل أن يبلغوا آجالهمُ ,ث
ينالهم منا العذاب الموجع يوم القيامة.
8
التفسير المي َّسر سسوورةرةهالونداس
تِْل َك ِم ْن أَنْبَاِء الْغَْي ِب نُوِحيَها إِلَْي َك َما ُكْن َت تَ ْعلَ ُمَها أَنْ َت َولا
قَ ْوُم َك ِم ْن قَْب ِل َه َذا فَا ْصِبْر إِ َّن الَْعاِقبَةَ لِْل ُمَتِّقيَن ( )49
تلك القصة التي قصصناها عليك -أيها الرسول -عن نوح
وقومه هي من أخبار الغيب السالفة ,نوحيها إليك ,ما كنت
تعلمها أنت ولا قومك ِمن قبل هذا البيان ,فاصبر على تكذيب
قومك وإيذائهم لك ,كما صبر الأنبياء من قبل ,إن العاقبة الطيبة
ِف الدنيا والآخرة للمتقين الذين ُيشون الله.
9
التفسير المي َّسر سسوورةرة النراومس
سورة الروم
فَ ُسْب َحا َن اََّّلِل ِحيَن ُتْ ُسو َن َوِحيَن تُ ْصبِ ُحو َن (َ )17ولَهُ اْْلَْم ُد ِف
ال َّس َماَوا ِت َوالأ ْر ِض َو َع ِشًيّا َوِحيَن تُظِْهُرو َن ( )18
فيا أيها المؤمنون سبِحوا الله ونـ ِزهوه عن الشريك والصاحبة
والولدَ ,و ِصفوه بصفات الكمال بألسنتكم ,وحِققوا ذلك
بجوارحكم كلها حين ُتسون ,وحين تصبحون ,ووقت العشي,
ووقت الظهيرة .وله -سبحانه -اْلمد والثناء ِف السموات
والأرض وِف الليل والنهار.
ُ يْــ ِرُْل اْْلَــ َّي ِمــ َن الْ َميِــ ِت َوُيْــ ِرُْل الْ َميِــ َت ِمــ َن اْْلَــ ِي َوُْيِــي
الأ ْر َض بَـ ْع َد َمْوِِتَا َوَك َذلِ َك ُتَْر ُجو َن ( )19
1
التفسير المي َّسر سسووررةة االلنراومس
ُيرْل الله اْلي من الميت كالإنسان من النطفة والطير من
البيضة ,وُيرْل الميت من اْلي ,كالنطفة من الإنسان والبيضة من
الطير .و يي الأرض بالنبات بعد يـُْبسها وجفافها ,ومثل هذا
الإحياء ُترجون -أيها الناس -من قبوركم أحياء للحساب
والجزاء.
َ وِم ْن آََيتِِه أَ ْن َخلََق ُك ْم ِم ْن تُـَرا ٍب َُُثّ إِ َذا أَنْـتُ ْم بَ َشٌر تَـْنـتَ ِشُرو َن
( )20
ومن آَيت الله الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق أباكم
آدم من ترابُ ,ث أنتم بشر تتناسلون منتشرين ِف الأرض ,تبتغون
من فضل الله.
2
التفسير المي َّسر سسووررةة النراومس
َ وِم ْن آََيتِِه أَ ْن َخلَ َق لَ ُك ْم ِم ْن أَنْـُف ِس ُك ْم أَْزَوا ًجا لِتَ ْس ُكنُوا إِلَْيـَها
َو َجَع َل بَـْيـنَ ُك ْم َمَوَّدةً َوَرْْحَةً إِ َّن ِف َذلِ َك لآََي ٍت لَِقْوٍم يَـتَـَف َّكُرو َن ()21
ومن آَيته الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق لأجلكم
من جنسكم -أيها الرجال -أزوا ًجا; لتطمئن نفوسكم إليها
وتسكن ,وجعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة ,إن ِف خلق الله
ذلك لآَيت دالة على قدرة الله ووحدانيته لقوم يتفكرون,
ويتدبرون.
َ وِم ْن آََيتِِه َخْل ُق ال َّس َماَوا ِت َوالأ ْر ِض َوا ْختِلا ُف أَلْ ِسنَتِ ُك ْم
َوأَلَْوانِ ُك ْم إِ َّن ِف ذَلِ َك لآََي ٍت لِْلَعالِِميَن ( )22
3
التفسير المي َّسر سورة االلنراومس
ومن دلائل القدرة الربانيةَ :خْل ُق السموات وارتفاعها بغير
عمد ,و َخْل ُق الأرض مع اتساعها وامتدادها ,واختلا ُف لغاتكم
وتباي ُن ألوانكم ,إن ِف هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة.
َ وِمــ ْن آََيتِــِه َمنَــاُم ُك ْم بِالَلّْيــ ِل َوالَنّـَهــاِر َوابْتِغَــاُمُك ْم ِمــ ْن فَ ْضــلِِه
إِ َّن ِف ذَلِ َك لآََي ٍت لَِقْوٍم يَ ْس َمعُو َن ( )23
ومن دلائل هذه القدرة أن جعل الله النوم راحة لكم ِف الليل
أو النهار; إذ ِف النوم حصول الراحة وذهاب التعب ,وجعل لكم
النهار تنتشرون فيه لطلب الرزق ,إن ِف ذلك لدلائل على كمال
قدرة الله ونفوذ مشيئته لقوم يسمعون المواعظ سماع تأمل وتفكر
واعتبار.
4
التفسير المي َّسر سورة الالرناومس
َ وِم ْن آََيتِِه يُِري ُك ُم الْبَْر َق َخْوفًا َوطََمًعا َويـُنَـ ِزُل ِم َن ال َّس َماِء َما ًء
فَـيُ ْحيِي بِِه الأ ْر َض بَـ ْع َد َمْوِِتَا إِ َّن ِف ذَلِ َك لآََي ٍت لَِقْوٍم يَـ ْعِقلُو َن ()24
ومن دلائل قدرته سبحانه أن يريكم البرق ,فتخافون من
الصواعق ,وتطمعون ِف الغيث ,وينـزل من السحاب مطًرا فيحيي
به الأرض بعد جدبها وجفافها ,إن ِف هذا لدليلا على كمال قدرة
الله وعظيم حكمته وإحسانه لكل َمن لديه عقل يهتدي به.
َ وِمـــــ ْن آََيتِـــــِه أَ ْن تَـُقـــــوَم ال َّســـــ َماءُ َوالأ ْر ُض بِأَْمـــــ ِرِه َُُثّ إِذَا
َد َعا ُك ْم َد ْعَوًة ِم َن الأ ْر ِض إِ َذا أَنْـتُ ْم َُتُْر ُجو َن ( )25
ومن آَيته الدالة على قدرته قيام السماء والأرض واستقرارهما
وثباِتما بأمره ,فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرضُ ,ث إذا
5
التفسير المي َّسر سسووررةة الالرنوامس
دعاكم الله إلى البعث يوم القيامة ,إذا أنتم ُترجون من القبور
مسرعين.
َ ولَهُ َم ْن ِف ال َّس َماَوا ِت َوالأ ْر ِض ُك ٌلّ لَهُ قَانِتُو َن ( )26
ولله وحده كل َمن ِف السموات والأرض من الملائكة والإنس
والجن واْليوان والنبات والجماد ,كل هؤلاء منقادون لأمره
خاضعون لكماله.
َ وُهَو اَلّ ِذي يَـْب َدأُ اْْلَْل َق َُُثّ يُِعي ُدهُ َوُهَو أَْهَو ُن َعلَْيِه َولَهُ الْ َمثَ ُل
الأ ْعلَى ِف ال َّس َماَوا ِت َوالأ ْر ِض َوُهَو الَْع ِزيُز اْْلَ ِكي ُم ( )27
والله وحده الذي يبدأ اْللق من العدم ُث يعيده حيًا بعد الموت,
وإعادة اْللق حيًا بعد الموت أهون على الله من ابتداء خلقهم,
وكلاهما عليه هِين .وله سبحانه الوصف الأعلى ِف كل ما يوصف
به ,ليس كمثله شيء ,وهو السميع البصير .وهو العزيز الذي لا
يغالَب ,اْلكيم ِف أقواله وأفعاله ,وتدبير أمور خلقه.
6
التفسير المي َّسر سسوورةرة العنباسس
سورة عبس
فَ ْليَْنظُِر الإنْ َسا ُن إَِل طََعاِمِه ( )24أََّن َصبَْبنَا الْ َماءَ َصًبّا ()25
َُُثّ َشَقْقنَا الأ ْر َض َشًّقا ( )26فَأَنْبَْتنَا ِفيَها َحًبّا (َ )27وِعنَبًا َوقَ ْضبًا
(َ )28وَزيْتُوًَّن َوَنْلا (َ )29و َح َدائِ َق غُْلبًا (َ )30وفَاكَِهةً َوأًَّب ()31
َمتَا ًعا لَ ُك ْم َولأنْ َعاِم ُك ْم ( )32
فليتدبر الإنسان :كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته؟
أَّن صببنا الماء على الأرض َصًبّاُ ,ث شققناها بما أخرجنا منها من
نبات شتى ,فأنبتنا فيها حبًا ,وعنبًا وعلًفا للدواب ,وزيتوًَّن وَنلا
وحدائق عظيمة الأشجار ,وثماًرا وكلأ تَْن َعمون بها أنتم وأنعامكم.
1
التفسير المي َّسر سورة اعلبناسس
فَِإ َذا َجا َء ِت ال َّصا َّخةُ ( )33يَْوَم يَِفُّر الْ َمْرءُ ِم ْن أَ ِخيِه ()34
َوأُِمِه َوأَبِيِه (َ )35و َصا ِحبَتِِه َوبَنِيِه ( )36لِ ُك ِل اْم ِر ٍئ ِمْن ُه ْم يَْوَمئِ ٍذ
َشأْ ٌن يُغْنِيِه ( )37
فإذا جاءت صيحة يوم القيامة التي تص ُّم ِمن هولها الأسماع ,يوم
يفُّر المرء لهول ذلك اليوم من أخيه ,وأمه وأبيه ,وزوجه وبنيه .لكل
واحد منهم يومئ ٍذ أمر يشغله ويمنعه من الانشغال بغيره.
ُ و ُجوهٌ يَْوَمئِ ٍذ ُم ْسِفَرةٌ (َ )38ضا ِح َكةٌ ُم ْستَْب ِشَرةٌ (َ )39وُو ُجوهٌ
يَْوَمئِ ٍذ َعلَْي َها غََََبةٌ ( )40تَ ْرَهُقَها قََََتةٌ ( )41أُولَئِ َك ُه ُم الْ َكَفَرةُ
الَْف َجَرةُ ( )42
وجوه أهل النعيم في ذلك اليوم مستنيرة ،مسرورة فرحة ,ووجوه
أهل الجحيم مظلمة مسوَّدة ,تغشاها ذَلّة .أولئك الموصوفون بهذا
الوصف هم الذينكفروا بنعم الله وك َّذبوا بآياته ,وتجرؤوا على
محارمه ًّبلفجور والطغيان.
2
التفسير المي َّسر سوررةة البنلادس
سورة البلد
لا أُقْ ِس ُم ِِبََذا الْبَلَ ِد (َ )1وأَنْ َت ِح ٌلّ ِِبََذا الْبَلَ ِد (َ )2وَوالِ ٍد َوَما
َولَ َد ( )3لََق ْد َخلَْقنَا الإنْ َسا َن ِف َكبَ ٍد ( )4
أقسم الله ِبذا البلد الحرام ,وهو "مكة" ,وأنت -أيها النبي-
مقيم ِف هذا "البلد الحرام" ,وأقسم بوالد البشرية -وهو آدم عليه
السلام -وما تناسل منه من ولد ,لقد خلقنا الإنسان ِف شدة
وعناء من مكابدة الدنيا.
أََْي َس ُب أَ ْن لَ ْن يَْق ِدَر َعلَْيِه أَ َح ٌد ( )5
أيظ ُّن بما جمعه من مال أن الله لن يقدر عليه؟
يَُقوُل أَْهلَ ْك ُت َمالا لُبَ ًدا ( )6أََْي َس ُب أَ ْن َلْ يََرهُ أَ َح ٌد ( )7
1
التفسير المي َّسر سوررةة البنلادس
يقول متباهيًا :أنفقت مالا كثيًرا .أيظ ُّن ِف فعله هذا أن الله
لا يراه ,ولا َياسبه على الصغير والكبير؟
أََلْ َْنَع ْل لَهُ َعْينَِْْي (َ )8ولِ َساًًن َو َشَفتَِْْي (َ )9وَه َديْنَاهُ الَنّ ْج َديْ ِن
( )10
أَل َنعل له عينْي يبصر ِبما ,ولساًًن وشفتْي ينطق ِبا ,وبيَنّا له
سبيلَي الخير والشر؟
فَلا اقْتَ َح َم الَْعَقبَةَ ( )11
فهلا تجاوز مشقة الآخرة بإنفاق ماله ,فيأمن.
َ وَما أَ ْدَرا َك َما الَْعَقبَةُ ( )12
2
التفسير المي َّسر سسورة الابلنلادس
وأ ُّي شيء أعلمك :ما مشقة الآخرة ,وما يعْي على تجاوزها؟
فَ ُّك َرقَبٍَة ( )13
إنه عتق رقبة مؤمنة من أسر ال ِرق.
أَْو إِطَْعاٌم ِف يَْوٍم ِذي َم ْسغَبٍَة ( )14يَتِي ًما َذا َمْقَربٍَة ( )15أَْو
ِم ْس ِكينًا َذا َمَْْتبٍَة ( )16
أو إطعام ِف يوم ذي مجاعة شديدة ,يتي ًما من ذوي القرابة
يجتمع فيه فضل الصدقة وصلة الرحم ,أو فقيًرا معدًما لا شيء
عنده.
َُُ ثّ َكا َن ِم َن اَلّ ِذي َن آَمنُوا َوتََوا َصْوا ِبل َّصِْْب َوتََوا َصْوا ِبلْ َمْرََحَِة
( )17
3
التفسير المي َّسر سسووررةة الابللنادس
ُث كان مع ِف ْعل ما ذُكر من أعمال الخير من الذين أخلصوا
الإيمان لله ,وأوصى بعضهم بع ًضا ِبلصْب على طاعة الله وعن
معاصيه ,وتواصوا ِبلرَحة ِبلخلق.
أُولَئِ َك أَ ْص َحا ُب الْ َمْي َمنَِة ( )18
الذين فعلوا هذه الأفعال ,هم أصحاب اليمْي ,الذين يؤخذ
ِبم يوم القيامة ذات اليمْي إلى الجنة.
َ واَلّ ِذي َن َكَفُروا ِِبََيتِنَا ُه ْم أَ ْص َحا ُب الْ َم ْشأََمِة ( )19
والذين كفروا ِبلقرآن هم الذين يؤخذ ِبم يوم القيامة ذات
الشمال إلى النار.
َ علَْيِه ْم ًَنٌر ُمْؤ َص َدةٌ ( )20
جزاؤهم جهنم مطبَقةٌ مغلقة عليهم.
4