1
الحسين قيسامي
مرآة تبحث عن هوية
قصص
2
مرآة تبحث عن هوية
تأليف :الحسين قيسامي
الطبعة الأولى2015 :
لوحة الغلاف :يعقوب أحمد يعقوب – فلسطين
جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
Copyright © 2015
Copyright provider: VLD Interactive © 2005-2015
Copyright number: OAJD-DMQN-BOPV-ZHI8
ISBN-13: 978-1519160003
مطبعة
3
الإهداء
إلى
الأمل الذي دوما أنشده
إلى من ساندني وشد من أزري
إلى نقاد وكتاب الأدب الساخر الذين زرعوا فتنة السرد
4
''إذا ما تخيلنا نارسيس أمام المرآة ،فمقاومة الزجاج
والمعدن ستضع حاج ًزا أمام مشروعاته .وسوف تصطدم
جبهته وكفاه بها؛ ولن يجد شي ًئا إذا دار حولها .فالمرآة
تس ِّمم فيه عال ًما باط ًنا يخفى عليه ،حيث يرى نفسه من
دون أن يستطيع استحواذ ذاته ،حيث تفصله عن ذاته
مسافة زائفة بإمكانه تقصيرها ،لكنه لن يتمكن من
مجاوزتها .وعلى العكس ،الينبوع طريق مفتوحة أمامه''...
الفيلسوف الفرنسي المعاصر لويس لافيل
5
قيسامي في مواجهة المرايا
الكاتب والناقد الفلسطيني الدكتور يوسف
حطيني
في إزاء مواجهة نصوص "مرآة تبحث عن هوية"
ينهض سؤال أولي ذو شقين ،يتع ّلق بالعنوان :الش ّق
الأول يتساءل عن مدى انسحاب التركيب الاستعاري
الذي ينبني عليه العنوان على لغة القصص عموم ًا،
والثاني عن مدى تغلغل النظرة المرآتية في جوهر
الأشياء والمخلوقات التي تنفتح عليها هذه القصص.
وإذا كانت إجابة الشق الأول تثير بعض اللبس والحيرة،
ذلك أن السمة الإبلاغية للغة النصوص جاءت على
نقيض عتبتها العنوانية المجازية ،فإ ّن الشق الثاني
يقترح علاقات مشروعة بين المرآة والسرد ،وبينها
6
وبين السارد الذي يحاول اجتراح علاقة بين الزمن
الحاضر ومرآته الماضية.
ينظر السارد إلى دخيلة نفسه ،فلا يجد إلا مرآة قد
سرقت وجهه؛ إذ يقرأ عجز ًا عن رد ظلم يحيق
بالفلسطينيين ،يرفده عجز عن مجابهة فساد مستفحل
في النفوس ،حتى من خلال ربيع عربي سرعان ما سال
الاخضرار المزيف عن أوراقه ،وها هنا بالضبط يكون
عليه أن ي ّتكئ على الماضي؛ ليجعل العلاقة بين زمنه
وزمن من سبقه الأساس الذي تقوم عليه معظم
مفارقاته القصصية ،ولا يني يستحضر الخنساء وعنترة
وقيس بن الملوح والجاحظ وابن المقفع ،بالطريقة
ذاتها؛ ليق ّدم للقارئ تقابلات حبكة عمادها تقابلات
زمنية تتكرر في أكثر من نص قصصي.
ومثلما يستحضر السارد هذه الشخصيات التراثية ،فإنه
يلجأ كذلك إلى استحضار شخصيات ذات أثر بالغ في
الثقافة الغربية ،قديمها وحديثها ،نقرأ إلماحات إلى
شكسبير وكافكا وغيرهما ،ونلمح تمازج ًا بين الأساطير
7
اليونانية والرومانية والشرقية ،فثمة مكان لنرسيس
وسيزيف ،وثمة مكان لسندريلا وشهرزاد ،وثمة أيض ًا
مكان لمرآة كبيرة جد ًا يظهر فيها الماضي ،وقد تمت
إعادة إنتاجه ليع ّبر عن وجهة نظر السارد ،ومن ورائه
المؤلف ،في الزمن الذي يحاصرنا بمنجزات الحضارة
والقتل.
ويبقى للقارئ الكريم أن يح ّدد مدى نجاح الأستاذ
قيسامي في إعادة إنتاج الشخصيات الحاضرة من
التاريخ في حكايات جديدة..
للحسين قيسامي أن يقترح علاقات إبداعية لحكاية
الماضي في الحاضر ..وللقارئ أن يبدي رأيه في
التجربة.
8
تقديم
بقلم الكاتب المغربي :مصطفى لغتيري
يتميز الفن القصصي عموما بقدرته الفائقة على هضم
كل التجارب الإبداعية والتقنيات الكتابية المختلفة،
فهو جنس هجين ،كما يشر إلى ذلك كثير من المبدعين
والنقاد ،تجد فيه من كل فن طرف ،لهذا كلما ظهر مبدع
جديد حاول أن يضع بصمته الفريدة على هذا الفن
الجميل ،من خلال اجتراح طرق جديد ومتنوعة في
التعاطي مع الفعل القصصي ،أو على الأقل البحث عن
توليفة جديدة مما سبق وتكرس إبداعيا.
وفي المجموعة القصصية "مرآة تبحث عن هوية"
للقاص الحسين قيسامي ،نلمس هذا التنوع في أساليب
9
الكتابة ،من خلال الاغتراف من مرجعيات عدة قصد
تحبير قصص ،سرعان ما يتعلق بها الذهن والقلب..
هنا نجد توظيف بعض الشخصيات من التراث العربي
كقيس بن الملوح وعنترة بن شداد وغيرهما ،حاول
القاص أن يبعثهما من جديد ليحيوا بيننا لحظات من
الزمن قصيرة في عمرها لكنها طويلة وعميقة في
دلالتها ،وذلك من أجل طرح بعض قضيانا الثقافية
والاجتماعية والسياسة ،بنوع من الكوميديا السوداء
التي تستند على المفارقة ،ضالة المبدع القصصي ،التي
تحقق لنصوصه كثيرا من الدرامية في الكتابة.
كما أن المبدع الحسين قيسامي ولى وجهه قبل التراث
الإنساني ليقتبس منه بعضا من آثاره الخالدة لتوظيفها
من أجل تحقيق نوع من عمق الدلالة وتعددها ،كما فعل
مع أسطورة نرسيس ،التي تحيل مباشرة على العنوان
الذي ارتضاه الكاتب لمجموعته ،إنها لعبة المرآة التي
تجعل الآخر مضاعفا للذات ،تنظر من خلاله إلى عيوبها
وحسناتها.
10
في هذه المجموعة التي كتبت بلغة بسيطة وتبليغية
في عمومها بعيدا عن الافتتان بالمجاز والمعسنات
البلاغية ،مراهنا على التواصل ،لامس القاص مجموعة
من الثيمات الاجتماعية التي يعاني منه مجتمعنا
المغربي ،بل وبعض من الهموم التي ترزح تحتها
الشعوب العربية عامة ،كما لم يفته كمبدع منشغل
بقضايا أمته أن يقارب بعض القضايا القومية الملحة،
من قبيل القضية الفلسطينية التي كلما طال أمدها
استعصت على الحال ،كاشفة الوجه البشع والمنافق
للمجتمع الدولي ،الذي لا ينفك يكيل بمكيالين تجاه
قضايا الشعوب المقهورة.
لكل ذلك ولغيره ،تتيح المجموعة القصصية" مرآة
تبحث عن هوية" للقارئ العادي المتعة المرتجاة،
وللقارئ المتخصص فرصة للاطلاع على تجربة جديدة
تحكمها الرغبة في التواصل مع المتلقي دون التضحية
بالعمق المفترض في النص الأدبي عموما.
11
حين سرقت المرآة وجهي
استرسلت في تفكي ٍر عمي ٍق ،حدقت طويل ًا في المرآة
ورأيت نرجسةَ .ق َررت في ذلك اليوم أن أبحث عن
وجهي في المرآة .أبحث عن وجهي الضائع الملامح،
حتى ملامحي على المرآة تنكرني .أبحث عن وجهي
المفقود فلا أجد ما يشبهني .أ ِي َن أدفن رماد وجهي.
نظرت مرة أخرى في المرآة فعجزت عن رؤية انعكاس
صورتي .تذكرت نارسيس المسكين والابتسامة تملأ
وجهي .مرآة ذات وجهين سرقت وجهي وارتكبت
جريمة "التنكر العمد" مع سبق الإصرار والترصد.
أصبحت في دوامة من التفكير والسرحان وتساءلت:
هل أكون نفسي أم أرتدي قناع الزيف؟ فجأة كسر
هاملت المرآة وقفز أمامي وهو يناجي نفسه
12
قائل ًا :أكون أو لا أكون هذا هو السؤال .أردت الهروب
إلى عالم أظنه الملاذ .نظرت في المرآة المنكسرة
وتساءلت :متى أذهب إلى أين؟
13
الخنساء في باريس
فــي محطة مونبارناس للقطارات في باريس فور
نزولها من قطار التيجيفي القادم من قرية بني سليم،
وقعت عينا الخنساء على شاب فرنسي وسيم ذكرها
بأخيها صخر .انهارت الخنساء ،بعد ما تمالكت نفسها
وبدأت تبكي وتنوح:
أعين َّي ُجودا ولا تج ُمدا ...ألا تبكيان لصخ ِر ال َّندى؟
ألا تبكيا ِن الجري َء الجمي َل ...ألا تبكيا ِن الفتى ال َّسيدا
استرجعت أنفاسها ،وخرجت من فضاء محطة القطار
الأنيقة عبر بوابتها الواسعة ،لتتجه إلى رصيف الشارع
حيث استقلت أول سيارة أجرة توقفت لها لتتحدث إلى
14
سائقها ،وتملي عليه وجهتها " :سوق عكاظ من فضلك".
وتوجه بها إلى القرب من سوق كارفور الكبير ،حيث
المكان الذي ينزل به عادة السياح المتوجهون إلى
الساحة القريبة من حي مونبارناس .أدت واجب
الركوب ،ونزلت من السيارة وهي تبحث عن عكاظ
أعظم أسواق العرب في الجاهلية.
15
صخرة
على قمة أحد الجبال بالقرب من مدينة كورينثة (مملكة
إفيرا) تنتصب أطلال تلال ،تبعث شعورا بالوحشة في
قلب من يراها لأنها غارقة في الظلام .صخرة تتدحرج
فجأة وسط الظلام ليثب خلفها رجل يرتدي سروالا
قصيرا .كان يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه،
مثل طفل صغير يلتقط كرته ثم يرميها مرة أخرى
ويهرول خلفها من دون أن يأبه لتلك الممرات المظلمة
والموحشة من حوله .التقط أنفاسه الثقيلة وهو يعارك
عذابه الأبدي حاملا لافتة مكتوب عليها" :ارحموا
سيزيف المظلوم".
16
في انتظار زيارة الحاكم
بدأ العد العكسي للمسؤولين بالمدينة لاستقبال حاكم
البلاد في زيارته الميمونة .دأبت مصالح الجماعة على
تزيين مجموعة من الشوارع الرئيسية التي سيمر منها
موكب فخامته.
فقد شهدت المدينة حركة غير عادية ،حيث تم بدء
تزفيت الطرق بعد وقف الاشغال لمدة طويلة .إضافة
الى غرس الاشجار التي يبلغ طولها أزيد من أربعة أمتار
على جنبات الطرق لإضفاء رونق وجمالية أكثر على
المدينة .تتكثف أشغال التزيين بمدخل المدينة دون
مراقبة ،وتعتمد فيها معايير السرعة في الانتهاء من
الاشغال قبل حلول السلطان .باغتت هذه الزيارة
المسؤولين الذين كانوا في سبات عميق وخالدين في
17
نعيم "الراحة" بمكاتبهم المكيفة ،غير مكترثين
بمسؤوليات أنيطت بهم لإخراج هذه المدينة وسكانها
من واقع التهميش والإقصاء واللاأمن .لم يبق غير قائد
البلاد لإنقاذ المدينة من الموت البطيء .ارتفعت وتيرة
تزيين المدينة على غير عادتها خلال سائر الأيام
العادية ،إلى درجة تمني سكان المدينة ،زيارات متتالية
كي يروا مدينتهم في أبهى صورها وكامل أناقتها.
سكان المدينة حائرون يتهامسون لسرعة إنبات
الأشجار وإعداد الأرصفة وتزيين الشوارع والنافورات
بالأضواء ،مشبهين إياها بالعروس المتزينة في ليلة
دخلتها ،عكس ما يكون عليه الأمر في باقي الأيام،
معتبرين ذلك تضليلا لحاكم البلاد ،وحتى المختلون
والمتشردون ت ّم إجلاؤهم من شوارع المدينة .حل
عاهل البلاد بالمدينة وتجول بشوارعها ،فاستطاع أن
يتعرف عليه الناس فحيوه ورد عليهم بالمثل .وتوجه
في إحدى المرات صوب مجموعة من الأشخاص كانوا
18
تحت شجرة وتجاذب أطراف الحديث معهم .ولكن
نظرا لأشعة الشمس والحرارة الشديدة تس ّبب ذلك في
بهتان ألوان الأشجار ،وسالت أمام الحاكم الصباغة
الخضراء التي كانت تزين الأغراس والمساحات
الخضراء.
19
عنترة بن شداد والثلج
حطت الطائرة على أرض المطار وهي تقل عنترة بن
شداد الذي سيشارك في المهرجان الدولي للتزلج على
الثلج تلبية لدعوة عمدة أوسلو .وما أن حطت الطائرة
على أرض المطار حتى علت هتافات المستقبلين
للترحيب بأشهر فرسان العرب .كان عنترة مرعب
الملامح أسود البشرة مشقوق الشفاه ،طويل القامة،
سمين الجسم ،عريض المنكبين .كانت حالة الجو يوم
وصوله تسودها عواصف ترابية شديدة ،وعندما تتحرك
رمال الكتيب تصدر صفيرا .وهي فرصة للقيام برحلات
التخييم بالبر وممارسة الرياضات المختلفة كرياضة
التطعيس بسيارات الدفع الرباعي والتزلج على جبال
الرمال .فور وصول عنترة إلى مقر إقامته ،في قلب
20
القرية الأولمبية الشتوية ،اشترى أحذية الزلاجات
وبزات التزحلق وهو يعبر عن سعادته الكبيرة للمشاركة
لأول مرة في هذه التظاهرة .وفي يوم المسابقة حضر
جمع غفير من مختلف البلدان لتشجيع أبطالهم بما
فيهم أنصار عنترة من بني عبس .تجمع المشاركون في
منتجع التزلج ،وهناك تم توزيعهم الى مجموعات بعد
تناولهم وجبة الإفطار وتعارفهم .انطلقت كل مجموعة
لتأخذ لوازم التزلج وتبدأ في ممارسة هذه الرياضة
الممتعة .بالتأكيد لم يسلم الكثيرون من السقوط عدة
مرات وخاصة أولئك الذين لم يمارسوا هذه الرياضة من
قبل مثل عنترة .ورغم تعثره المتكرر قضى عنترة وقتا
ممتعا في التزلج واللعب على الثلج والتقاط الصور
التذكارية وهو ينشد:
أنا الهجين عنترة كل امرئ يحمي ح َره
21
بعد ذلك ،فوجئ عنترة بضربات متتالية من قبل
شخص كان يتربص به .ولم يمهل المعتدي عنترة
طويلا ،بل هاجمه بآلة حادة موجها إليه ضربات متتالية
للحيلولة دون دفاعه عن نفسه .قتل الفارس الذي يقهر
من طرف الليث الرهيص من قبيلة ذوبيان في حلبة ''
داعش والغبراء".
22
المهرج الحزين
خرج من خشبة المسرح عائد ًا إلى غرفته حزين ًا وهو ما
زال مرتديا الأزياء المبهجة ومساحيق الألوان على
وجهه .فنظر إلى ذاته المبرجة وتقابلت عيناه عينيه في
المرآة لتسألهما عن الخيبة والفشل .توقف عن الإضحاك
وتعثرت قدرته على إثارة هرج ومرج الناس .وقف
بصمت أمام المرآة ،وركّز النظر إلى العينين ليجسد
ُحزنه برؤية الدموع تنهمر منهما .دفعه فضوله مرة
أخرى لرؤية نفسه في المرآة .حدق في وجهه الذي
تشوبه تجاعيد غائرة وفم مترهل بسبب الألوان .أدرك
كذلك أن الصورة المنعكسة ليست صورة مطابقة تمام ًا
له ،وإنما هي صورة مثالية للتهريج واتحاد ًا يسعى
للتماهي معها .خلف قناع المهرج ...يسكن حزن كبير! بدأ
يرسم صورته المنعكسة في المرآة على لوحة لعله
يتعرف على صورته ،التي تشكل له وحدة جسدية
23
متكاملة ينتحلها لنفسه مما يمنحه ح ّس ًا بالكمال
والوحدة ،كما يمنحه وعي ًا بفكرة الاختلاف والانفصام
عن الغير.
24
سيغموند فرويد في ضيافة هارون
الرشيد
حاول سيغموند فرويد نسيان فلسفته المرتكزة على
علم التحليل النفسي المتشبعة بنظريات العقل
واللاوعي خاصة في تفسير الأحلام كمصادر للنظرة
الثاقبة عن رغبات اللاوعي .أول ما قام به هو زيارة
إحدى العرافات لمعرفة دقة التنبؤات التي ذهبت إلى
أن أطباء الأعصاب لن يعمروا طويلا .حضر فرويد أمام
العرافة ،وقرأت عليه مستقبله المهني من خلال
الفنجان .جربت العرافة وصفة سحرية تطبق لأول مرة
في تاريخ عالم الشعوذة والسحر ،لكن حصل ما لم يكن
في الحسبان بعدما أخطأت الشوافة في الوصفة ،ونتج
عن هذه العملية اختفاء فرويد أمام أعينها ،مما أثار
اندهاشها معترفة بالخطأ .وبعد قراءة متأنية في
25
الفنجان ،اتضح للعرافة أن فرويد قد رجعت به عقارب
الساعة إلى زمن ماض يضرب اطنابه في العصر
العباسي (بمدينة بغداد) ،وبالضبط إبان حكم هارون
الرشيد .استفاق فرويد في هذه المدينة الغريبة ،وانتابه
شعور الدهشة والحيرة وهو يطأ هذه البلدة ،فكان أشبه
بالأعمى الذي تفتحت عيناه أمام النور ،غير مصدق ما
يرى وكأنه يريد احتواء العالم كله ببصره .تسمر الطبيب
النفسي في مكانه والألم يعتصر قلبه من جراء هول
الصدمة ،خاصة بعدما فهم بأنه ضحية الوصفة
السحرية للعرافة .فتمالك نفسه ،وتبين له أنه من خلال
لباس سكان أهل البلدة ،أن العصر الذي حط به لا يمكن
أن يكون إلا عصر ينتمي إلى القرون الوسطى .اعترت
الدهشة صاحبنا ،فاكتشف أنه أصبح خنفسا تتقاذفه
الأرجل وأعين المارة من أهل بغداد نظرا للباس
التقليدي النمساوي ،كأن فرويد قد أتى من المريخ.
تناسلت عدة أسئلة عند سكان بغداد حول حقيقة هذا
"الشخص الغريب" بعدما تجمع البغداديون في حيرة
26
حوله .أمام هذا المشهد ،أتت فرقة من الحراس وكبلت
أيدي فرويد ،وتم نقله إلى قصر الخليفة العباسي هارون
الرشيد .وبمجرد أن علم وزير الرشيد ،جعفر بن يحيى
البرمكي ،بهوية وجنسية فرويد ،صرخ في وجه هذا
الأخير مهددا بقتله ،علما أنه تسربت أخبار مفادها أن
فرويد ينتمي إلى الطائفة اليهودية التي تشجع التمييز
العنصري ،الشيء الذي يهدد مستقبل البرامكة
باعتبارهم يمثلون أقلية فارسية في ظل حكم الرشيد٠
إن أهم شيء ميز الظرفية التي كان يتواجد فيها فرويد
في قصر هارون ،هي أحداث نكبة البرامكة نتيجة
ميول الوزير جعفر بن يحيى البرمكي إلى الطالبيين،
وما أشيع عن العلاقة غير الشرعية بين العباسة أخت
الرشيد ووزيره جعفر ،الشيء الذي أدى بهارون إلى قتل
جعفر وصلب جثته على جسر بغداد وإحراقها أمام
أعين فرويد .وفي احدى المناسبات ،أراد فرويد مقابلة
الرشيد في قصره ،وقال للحاجب :قل للخليفة انني
أريد مقابلته .فذهب الحاجب للخليفة الذي كان وقتها
27
عند جاريته المفضلة "خالصة" وأخبره بذلك ،ولم
يخرج الخليفة لمقابلة فرويد .وفي نفس الوقت كان
الشاعر أبو نواس ينتظر دوره لمقابلة الخليفة ،ولكن
هارون الرشيد لم يخرج ،فتألم أبو نواس وخرج مع
فرويد وكتبا على التوالي كل منهما على سور القصر:
لقد ضاع شعري على بابكم ....كما ضاع عقد
على خالصة
''إن الحياة النفسية للإنسان ليست حيوانية
فحسب ،ولكنها كلها تنبع من جانب واحد من
جوانب الحيوان ،هو الجنس المسيطر على كل
أفعال الإنسان''.
وحينما علم الخليفة بهذا ،أمر الحرس أن يحضروا أبا
نواس وفرويد معتقدا أنها مؤامر حاكها فرود للهروب
من القصر .طلب الرشيد منهما استفسارا حول ما تمت
28
كتابته على سور القصر ،فكان الجواب من فرويد شديد
اللهجة :أكّد فرويد على أثر الأنا الأعلى البالغ في
الاضطرابات السلوكية والعاطفية عند هارون الرشيد.
كان نتيجة لهذه النظرية الفرودية في مجال التحليل
النفسي هو صلب جثة فرود على جسر بغداد وإحراقها.
29
إعادة وقائع قصة قيس وليلى
كان قيس بن الملوح الوسيم يختال بسيارته الجديدة
الفارهة ولمح فتاة جميلة .أحست الفتاة بالخجل لأن
نظرات ذلك الشاب كانت مصوبة اليها .فقام قيس
بكتابة رقم هاتفه في ورقة ووضعها في جيب ليلى
العامرية .لما وصلت ليلى إلى البيت لم تمتلك نفسها
فذهبت إلى غرفتها واتصلت به .بعد مدة من تعارفهما
أظهر لها نيته بالزواج منها وأنه سيحضر قريبا لزيارة
أهلها .تقدم قيس للزواج بليلى فرفض أبواها .منع
قيس من الزواج من ليلى حتى جن وهام على وجهه
في الصحراء مع الوحوش .قامت المحكمة بالتدخل
لـ"تزويج" ليلى من "فارس أحلامها" قيس وفسخ عقد
زواجها بورد بن مح ّمد العقيلي .وزوجت المحكمة
30
العامة ليلى ،بعد أن رفعت دعوى قضائية ضد والدها
بتهمة منعه تزويجها من قيس.
وأصدر القاضي حكمه أن يكون عقد النكاح من قبل
المحكمة مباشرة ،استنادا إلى رأي شرعي يؤكد أنه إذا
"عضلها الولي الأقرب انتقلت الولاية إلى السلطان" .
وقد استدعى القاضي قيس بعد عقد عدة جلسات بين
الأب وابنته ،وأقر بأنه ما زال يرغب في الزواج منها
ومنحها حقوقها التي يكفلها القانون.
31
مسخ
يتملكه شغف كبير بالجمال الأخاذ والجذاب رغم أنه
يكره النساء .نحت تمثالا من العاج وصاغه أكثر جمالا
من نساء الأرض .كان مغرم ًا بتمثاله ،سعيد ًا به .يحتضنه
ويلاعبه ،ويحمله ويغني له حتى هام به .وفي أعياد
الحب والخصب ،جاء يق ّدم قربانه ويصلي في خشوع
بجوار المذبح ويضرع لفينوس أن تمنحه زوجة شبيهة
بالعذراء العاج ّية.
ما إن أفاق من أحلامه المزعجة حتى وجد التمثال قد
تح ّول إلى حشرة ضخمة.
32
ظل الكوفية
رسمت أشعة الشمس ملامحه الحزينة .حرك رأسه ،رأى
ظله يتحرك ويلازمه .طارد ظله ،وشعر وسط الحركة
الدائبة بفراغ يغزو أعماقه .يمثل جيلا بلا قضية ،تائه،
يقتات السراب ،ويلتحف المجهول .بدأ يتخوف حتى
من ظله .أزاح عن الأنا أقنعة الظاهر واعترف بأنا
مشوهة الروح أفسدها الذل وبين آخر مشوه العقل
واغتصب أرضه .ترك المنطق ولازمه الشيطان ملازمة
ظله .صرح الشيطان بكل روح رياضية :إذا أشهرت
سيفك في وجه الذئاب لقتلهم فإنك لن تستطيع إلا إذا
قتلت الذئب فيك.
33
34
محاكمة السلمون
يهاجر في ملحمة رائعة من الأنهار ليقطع رحلة آلاف
الكيلومترات حتى المحيط .ينتقل من المياه المالحة
إلى العذبة .يريد أن يتحرر كلية من المياه وصعوبات
العيش فيها .يقفز ويحلق ،يتمتع ويتأمل ولا يعود الى
عالمه إلا ليلبي حاجة جسده ...دائم الارتفاع نحو الأعلى
حيث الشمس والهواء الطلق .يعاكس التيار ،يهوى
الصعاب ومواجهة الأخطار .فرآه ،إله البحر ،بوسيدون،
فقلب عليه البحر .حكم عليه بأن لا يصل إلى المياه
العذبة أبدا ،وأن يبقى تائها في البحر .أعطى تعليماته
السامية لهديس "إله الموتى" ،لإرسال صاعقة محرقة
لن يسلم من لهيبها السلمون.
35
راكب الأمواج
بدأت مغامرة تحدي الموت في البحر عبر قارب
مطاطي .خاضوا الأهوال من أجل الوصول الى جنة
"الفردوس" .يتأملون خطو موج البحر ،أخذتهم
الأمواج طويلا وبعيدا قبل أن تلفظهم على الشاطئ.
يرتفع الموج عاليا وأصبحت الجثث المتناثرة على
الشواطئ مشهدا يوميا يراه السكان وتجمعها السلطات
كما تجمع النفايات .تهوي الطيور بأجنحتها على الماء
لالتقاط طعامها بمناقيرها ،كلما كشف لها المد والجزر
عن أغوار وأسرار البحر ،في سحابة صاخبة تلامس
سطح الماء بسرعة عالية ثم تطير في السماء .تراقب
الجثث التي تظهر فوق سطح الماء بين لحظة وأخرى.
انكسر المو ُج على ال َّشاطئ ،ونجحت الطيور في الهبوط
36
بشكل صحيح على المياه .في نبرة حزينة مصحوبة
بنفس عميق قال قائل :الطيــور على أشكالهــــا تقــــع.
37
حذاء سندريلا المفقود
تروي الأسطورة الشعبية المعروفة كيف أ ّن الأمير عثر
على "سندريلا" بفضل الحذاء الزجاجي الذي أفلت من
إحدى قدميها .حاولت البلطجية في بلاد عربستان
استحضار عشرات الفتيات ينتعلن المقاس نفسه من
الحذاء "السندريلي" لقطع الطريق أمام ساندريلا التي
آمنت بأن تتزوج بأمير وتعيش في قصر جميل منذ
صغرها.
38
وجوه وأقنعة
رفعت الستارة وابتدأت المسرحية .حاول المخرج كسر
الجدار الرابع بإدخال ممثلين بين الحضور موزعا على
الجمهور أقنعة بلا ملامح.
صار الحضور أقنعة ذواتهم ،واكتشف الممثل لعبة
التمسرح .لا شيء يتح ّرك ،الممثلون في متاهة ُمعتمة
و ُمقفلة .هم يتكلمون لكنهم لا يقولون شيئ ًا .عالم
يسوده الحزن والملل والرتابة .الجمهور يختفي خلف
أقنعه مزيفه .ولكن هل الوجوه أصبحت رخيصة جد ًا
كي نضيف لها القناع...؟!!!
39
تحكي شهرزاد ربيع عربستان
قال الراوي :يا سادة يا كرام صلوا على خير الأنام .في
الليلة الخمسين بعد الألفين من ليالي شهرزاد قال
شهريار :حدثيني يا شهرزاد بحديث لم يسبق أن
تحدثت به..
فقالت شهرزاد :أمر مولاي السلطان ،سأقص عليك قصة
من بلاد عربستان.
أيها السلطان......
كان يا مكان ..في قديم الزمان ..في بلاد عربستان..
حاكم اسمه سيف بن ذي يزن ..أصبح اسمه يتردد على
كل شفه ولسان نعم يا مولاي .......وفي أحد الأيام..
والناس في غليان ..حاول سيف بن ذي يزن إجهاض
الثورة بإتقان ..فأمسك ببلد عربستان ..وفجأة قالت
40
شهرزاد للملك :بلغني أ ُيها الملك ال َسعيد ،ذو الرأي
ال َرشيد أنه ولظروف طارئة سأوقف الحكاية ...سأوقف
جنوني الآن ..وسأكتفي بالكتابة عنك.
41
الجاحظ في البرلمان
كنت من بين الصحفيين المحظوظين لتغطية جلسة
من الجلسات البرلمانية بمجلس النواب .كانت الشمس
تسلط أشعتها على العاصمة في يوم هادئ ،والإرهاق
يجعلني عاجزا عن الحركة من جراء السفر الطويل.
وبينما كنت أتوجه نحو المقهى المقابل لقبة البرلمان ،إذا
برجل فوق بعير ،قصير القامة ،صغير الرأس ،جاحظ
العينين ،أسمر اللون ،كأنه منحدر من أصل زنجي،
مشرق الجبين تضفي عليه لحيته البيضاء وقارا ،مرتديا
طيلسانا ومسلحا بسيف ،نادى علي وسألني عن مكان
وجود مجلس الشورى .اندهشت لذلك المشهد الذي
أعاد بي الذاكرة لعصور مضت ،ووضحت له أن مجلس
الشورى يدعى عندنا مجلس النواب .لقد لمست في
42
الرجل حزنا دفينا وهما مستحكما يتطاير من عينيه
ومن جوارحه كأنه جاء ليصفي حسابا مع جهة معينة.
نزل الرجل من البعير وربطه بشجرة النخيل في قلب
الشارع .ووقف قليلا ورفع عينيه ،فإذا الأرض كأنما
انشقت عنه وهو يرعى مجموعة من الأشخاص
يدورون حوله في حيرة .جررت خطاي متمهلا ،وعلى
شفتي ابتسامة سقيمة ،وأقنعته بأن يضع البعير في
المرأب .وبعد لحظات شعرت بدبيب خطوات عنيفة
على مقربة منا ،وتراقى إلى سمعي صوت شرطي وهو
يفاجئنا بسؤاله" :التعريف من فضلكم؟" .بعدما قدمت
نفسي للشرطي ،رفع الضيف صوته على رجل الأمن
قائلا " :كيف أعرف نفسي وأنا الذي له علاقة ببلاط
الدولة العباسية وكبار الوزراء وأعيان الدولة كمحمد بن
عبد الملك بن الزيات ،وزير الخليفة المعتصم ثم
الخليفة الواثق" ،فاستسمح الشرطي بعد إعطاء التحية
للرجل معتقدا أن المتحدث إليه عنده معارف في
43
الدولة .جلسنا بعد ذلك بالمقهى المقابل للبرلمان
لأستطلع الأمر ،وكنت متيقنا أن أمر صاحبنا له علاقة
بنائب من نواب الأمة ...ربما هذا الأخير قد قصر في
عمله ولم يف بوعوده الانتخابية .كانت الصدمة كبيرة
عندما قدم الرجل نفسه بأنه الجاحظ ،إذ لم أكن أتوقع
ولو لحظة في حياتي أن أقابل في يوم من الأيام هرما
من أهرام الأدب العباسي العربي .كنت خائفا أن يتطاير
هذا الخبر إلى المخابرات ويتهمونني بالمؤامرة مع
المجتمع العباسي .كان الجاحظ يتكلم معي بلغة تجمع
بين قوة الصنعة وجزالة الأسلوب وطلاقته ...واسع
الثقافة ،عميق الفكرة ،خطيب بليغ يتقن الفصاحة
ويهوى البيان .كان سعيدا بتواجده في القرن 21قادما
من القرون الوسطى ليحضر جلسة بالبرلمان .بينما كنا
نتجاذب أطراف الحديث ،مر أمامنا شبان حاملين
أعلاما خضراء ويهتفون باسم الرجاء " ديما ،ديما
رجاء" ،وانبهر الجاحظ لذلك المشهد وسألني عن سر
44
هؤلاء الشبان ،بعدما سرحت على شفتيه ابتسامة
عريضة لم يملك إخفاءها .فأجبته قائلا :إن الأمر يتعلق
بجماهير الرجاء ،إذ سينازل فريق الشياطين الخضر
فريق الفتح برسم نهاية كأس العرش .فأخد الجاحظ
سيفه وهتف " الله أكبر ،ينصر الإسلام والمسلمين،
وبارك الله الفتح الاسلامي" معتقدا أنه يتعلق الأمر
بحرب بين الكفار والمسلمين ،وأن الجيوش الغازية قد
اكتسحت العاصمة ،وأن القتال يحمى وطيسه في
شوارعها .وبعد ذلك شققنا طريقنا في اتجاه قبة
البرلمان ،وبدأ الجاحظ يرمي ببصره يمنة ويسرة
مستمتعا بالناس كأنه يتجول في سوق بغداد .كان
يسير مطرق الرأس ،ثقيل المشي وتوقف عند كشك
وبدأ يتصفح الكتب وتفاجأ أمام الأحرف الصغيرة،
والأسطر الكثيرة ،بعدما فسرت له أنه يرجع الفضل في
ذلك لاختراع الورق والطباعة ،وكانت سعادته غامرة
حينما علم أن آلة الطباعة قادرة على طبع الآلاف من
45
النسخ في وقت وجيز .وبينما أتصفح بعض الكتب ،أثار
انتباهي كتاب يحمل عنوانا "النزعة الكلامية في
أسلوب الجاحظ" ،وابتسمت قليلا وأنا أقدم له ذلك
الكتاب قائلا :هذا كتاب عنك ،واندهش مؤكدا إلى أي
حد هو معروف في وقتنا الحاضر ،وشرحت له أن عددا
من الكتب وبحوث قد أنجزت حوله .مررنا بعد ذلك أمام
البنك المركزي ،ووقف الجاحظ متأملا في البناية
مستفسرا عن سبب استبدال اسم بيت المال بالبنك
المركزي .ولما بلغنا الباب الخارجي للبرلمان ،استرعى
انتباه الجاحظ مجموعة من الشباب حاملين لافتة
مكتوب عليها "عليك الأمان ،عليك الأمان ...لا حكومة
لا برلمان" ،ومثل الجاحظ أمام الباب يتفرس في
المشهد ،وعلى الفور أقبل علي قائلا" :ماذا يفعل هؤلاء
الشباب أمام البرلمان؟" فأجبت قائلا بأنهم دكاترة
معطلون يطالبون بحقهم في الشغل .فثار الجاحظ
واستشاط غضبا موجها لطمة إهانة للحكومة
46
والمسؤولين عن هذه المهزلة .دخلنا إلى قبة البرلمان،
وبعد افتتاح الجلسة من طرف رئيس مجلس النواب،
تدخل وزير المالية للدفاع عن مشروع الميزانية .لم
يفهم الجاحظ شيئا عن المصطلحات الحديثة
المستعملة كضريبة النظافة ...ووجه اللوم للحكومة في
ما يخص ثقل هذه الضرائب على المواطن ،وأضاف أنه
رغم الظروف الجيدة في المجتمع العباسي ،فالضرائب
كانت قليلة واقتصرت على ضريبة الجزية ،ضريبة
الخراج ،ضريبة المكوس وضريبة المواريث .وبعد
مداخلة وزير المالية ،جاء دور تدخلات النواب
المحترمين .فتدخل أحد البرلمانيين ،موجها سؤالا مليئا
بالأخطاء اللغوية ،وأصبح الجاحظ في حيرة للمستوى
الهزيل لنواب الأمة ،وأكدت له أن حال نوابنا هو حتمية
تاريخية ،وأغلبيتهم أميون يتطاولون على تدبير الشأن
العام .فثار الجاحظ مرة أخرى وتعجب للمفارقة
العجيبة والغريبة :دكاترة معطلون خارج التماس،
47
ومسؤولون أميون يتطفلون على شؤون الأمة .وبعد
خروجنا من قبة البرلمان ،عاهدني الجاحظ بأنه سوف
يكتب الجزء الثاني من كتاب "البخلاء" حول الحكومة
ونواب الأمة .توجهنا بعد ذلك في اتجاه المرأب لنتوادع
ولكن الجاحظ اندهش لحالة البعير وهو مقيد الأرجل
بحداء دنفر المخزني .إن صورة البعير القاتمة الحزينة
تتراءى للجاحظ مع عشرات الصور المؤلمة التي
شاهدها في بلدنا العزيز .وبعد دقائق أتت شاحنة
"الديباناج" لجر البعير إلى المحجز البلدي بسبب عدم
تأدية الجاحظ واجبات الحراسة...
48
ابن المقفع في المجلس الحكومي
جمع حاكم بلاد عربستان مساعديه وأخبرهم :عبد الله
ابن المقفع ُب ِع َث وعاد وأنتم نيام ،اذهبوا وآتوني به في
الحين وإلا أتاكم مني عذاب شديد .
لقد راجت أخبار تفيد أن ابن المقفع أتى برسالة لحاكم
عربستان تتعلق ببطانة هذا الأخير وأصحابه منتقدا
السياسية القائمة في البلاد .استغرب الجميع لهذا الخبر،
وانخرطت عدة قنوات تلفزية في عملية البحث عن ابن
المقفع ،في الوقت الذي تم فيه تجنيد المخابرات
والشيوخ والمقدمين لتتبع أثر الضيف العباسي دار دار
زنكة زنكة ،وحتى في المساجد والحانات والمقاهي
والبرلمان والفنادق والمدارس .ولما تبين للجميع اختفاء
ابن المقفعُ ،اعطيت الأوامر للتجسس على الحيوانات
49