باآلتي )النفير العام، استراتيجية الردع، نقل المعركة الى ارض الخصم، الثبات في القتال، ونظام البدالء(. الفكر العسكري االستراتيجي في صدر الرسالة ودولة الخالفة الراشدة: على الرغم من جسامة المسؤولية التي تحمل أعباءها الرسول القائد صلى اهلل عليه وسلم في نشر الرسالة، إال أنه كان في الوقت نفسه قائداً للمجتمع في أمور السلم والحرب، العدل والقضاء، وكان مثالً للقائد الذي لم يجعل لنفسه مستوى خاصاً من العيش والرفاه، فترفَّع عن مظاهر الحياة ومغريات السلطة، وأمسى كثيراً وهو جائع، وأضحى نموذجا للنزاهة والبساطة على الرغم من تيسر كافة أسباب الحكم والسلطان. وقبل كل شيء كان قائداً بخصاله األساسية الممثلة بالتواضع والنبل والعدل والحكمة والثقة من أجل القيادة السديدة، وكان القائد الذي يصغي ألصغر الناس من أصحابه ويناقشه في رأيه، ويساعد أصحابه في مجابهة كافة الصعاب، ويحكم بينهم بالحق والعدل والمساواة . أما األسس التي اعتمدها بوصفه قائداً أعلى للجيش، فتمثلت في : تهيئة الجيش من حيث اإلعداد والتنظيم وأساليب القتال بشكل مغاير لما اعتاد عليه العرب قبل اإلسالم، حيث كانوا يقاتلون بشكل بدائي، وهو أسلوب الكر والفر. فتم التخلي عن هذا األسلوب القتالي، وتبني اتجاهًا عسكريًّا جديدًا هو نظام الكر فقط . والكر، هنا يعني اعتماد العمليات التعرضية )الهجومية( . وفي مجال التنظيم ادخل نظام الصفوف . وفي تنظيم المسير، أو ما يسمى اليوم بصفحة التقدم في عصرنا الراهن، اعتمد نظام الخميس، ويعني تقسيم القوات إلى خمسة أقسام هي مقدمة وقلب وجناحين )ميمنة وميسره( وساقه )المؤخرة(. وحقق هذا التنظيم إمكانية الرصد واالستطالع والقتال إلى جميع الجهات ودعم الروح المعنوية من خالل التماسك بين المقاتلين والقوات، وسهولة الحصول على المعلومات عن العدو. الردع المزدوج اما في دولة الخالفة الراشدية فمن فكره االستراتيجي العسكري اعتمد الخليفة االول أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه اسلوب الردع المزدوج حين اصر على إرسال جيش أسامة بن زيد إلى الشام، في ذات المنطقة التي وقعت فيها معركة مؤتة، والذي سبق وان أمر به الرسول صلى اهلل عليه وسلم إال ان وفاته حالت دون ذلك. وبالرغم من ظهور بدايات الردة التي تتطلب المعالجة العسكرية السريعة فضال عن ان خروج جيش أسامة من المدينة المنورة وترك النساء واألطفال والشيوخ فيما يعرضها الحتماالت الغزو، إال أنه حقق ردعاً لكل من المرتدين وقوات الروم في آن واحد بحركة أسامة، كنوع من المناورة االستراتيجية، ليتصوروا ان حجم القوات العربية اإلسالمية كبيرة وتشكل قوات أسامة جزءاً يسيراً منها. الصبر الصبر أما الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه فقد أصدر ثالث توجيهات الى سعد بن ابي وقاص قبل خوض معركة القادسية. أشار في التوجيه األول )إني قد وليتك حرب العراق فاحفظ وصيتي، فإنك مقدم على امر شديد كريه ال يخلص منه اال الحق، فعود نفسك ومن معك الخير واستفتح به واعلم ان لكل عادة عتادا، فعتاد الخير الصبر(. االستطالع ودراسة االرض وفي التوجيه الثاني )صف لي منازل المسلمين والبلد الذي بينكم وبين المدائن. صفه لي كأني أنظر اليه، واجعلني من امركم على الجلية( . في هذا التوجيه التأكيد على االستطالع والمعلومات ودراسة األرض وطبيعتها لكي يكون القائد العام على بينة من كافة االمور المتعلقة بإدارة الصراع المسلح بالرغم من عدم توفر وسائل االستطالع واالستخبارات الحديثة في ذلك الوقت. توخي الهدف االستراتيجي وفي التوجيه الثالث )أقم بمكانك حتى ينقض اهلل لك عدوك، واعلم ان لها ما بعدها، فإن منحك اهلل ادبارهم فال تنزع عنهم حتى تقتحم عليهم المدائن فإنه خرابها إن شاء اهلل( . يتضمن هذا التوجيه ان يتحشد في المنطقة التي وصل اليها، ثم مراقبة سلوك العدو حتى اذا ما توفرت الظروف المالئمة فعليك مهاجمتهم ومطاردتهم وال تتوقف حتى تحرر )المدائن( وهي مقر اإلمبراطورية الفارسية آنذاك.. اعادة االقاليم المتمردة : وكان لعثمان بن عفان رضي اهلل عنه له دوراّ مهماً في فتوحات جبهة المشرق وجبهة الشام وجبهة أفريقيا، وكانت توجيهاته ومواقفه حاسمة من مسالة إعادة األقاليم والمدن التي تمردت في المشرق إلى نفوذ الدولة العربية اإلسالمية وتحقيق االنتصارات الكبيرة والمتتالية في حركات التحرير في جبهة الشام وأرمينية وفي جبهة أفريقية. الروح التعرضية ومن الفكر العسكري االستراتيجي لعلي بن ابي طالب رضي اهلل عنه انه كان يدعو المقاتلين إلى الروح التعرضية في القتال محفزاً فيهم الروح المعنوية وفي ذلك يقول: الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه اهلل لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع اهلل وجنته الوثيقة، فمن تركه ألبسه اهلل ثوب الذل وشمله البالء.
مبادئ الحرب في المنظور العربي: تبنت العقيدة العسكرية العربية اإلسالمية عدد من مبادئ الحرب ومنها: تحديد الهدف وهي اختيار وتوخي الهدف ونذكر هنا توجيه القوات التي تحركت الى الشام والتي تضمنت تحديد الهدف النهائي في خوض معركة اليرموك، وكذلك التوجيهات الى سعد بن ابي وقاص القتحام المدائن كهدف استراتيجي كما اشرنا اليه سابقاً. المباغتة ففيها قال الرسول القائد اهلل صلى اهلل عليه وسلم: الحرب خدعة. وهي واحدة من مبادئ الحرب التي تبناها ومن صورها ما جرى في معركة الخندق. الكتمان في ضمان عدم تسرب قرار الغزوة الى الطابور الخامس. المناورة : كما تم تبني مبادئ المناورة والروح المعنوية والحرب النفسية واالستخبارات والتعاون وغلق الثغرات واالستشارة . الفصل الثالث: مفهوم القوة يف اإلسالم القوة لغة هي ضد الضعف والهوان، أما اصطالحاً فهي االمكانية أو الطاقة المتاحة التي يمتلكها البعض افراداً او شخوص معنوية، وقد تكون مادية أو معنوية. والقوة بمفهومها الشامل تتفرع الى قوى سياسية واقتصادية واجتماعية وامنية وعسكرية. فالقوة السياسية هي التي تمتلكها الدولة من خالل قدراتها الدبلوماسية واإلعالمية وفن التفاوض لفرض ارادتها على الطرف اآلخر او لتحقيق مصالحها في ظرف معين. وفي اآلونة األخيرة وبعد احتالل العراق من قبل أمريكا وما تكبدته من خسائر بشرية ومالية وتسليحية ونفسية ومعنوية من قبل المقاومة العراقية، فقد برز مفهوم جديد للقوة السياسية واإلعالمية سمي بالقوة الناعمة، والتي انتقد صاحب نظريتها الفيلسوف األمريكي جوزيف ناي قيام الواليات المتحدة االمريكية باستخدام القوة العسكرية الحتالل العراق بدال من استخدام القوة الناعمة التي تمتلكها. وقد اعتمد العرب على كال النمطين من القوة المعنوية والمادية، فنجد أن اهلل تعالى يحث المسلمين على اتخاذ التدابير المادية لتعزيز القدرة على تحقيق الردع ومنع الخصم من تنفيذ نواياه كما جاء في اآلية الكريمة )وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة(، واآلية )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً(. بينما نجد تعزيز القوة المعنوية في اآلية )وما النصر إال من عند اهلل(، وفي كافة المعارك التي خاضها العرب المسلمون كان النصر حليفهم عندما كانوا يتمسكون بكال النمطين من القوة المعنوية والمادية. الفصل الرابع: الفكر العسكري االسرتاتيجي للقادة األعالم يف امليدان في هذا الفصل تم التطرق الى العديد من أعالم العرب، القادة العظام، الذين غيروا مجرى التأريخ بفكرهم االستراتيجي المرن، وبفعلهم االنعكاسي التأثيري العسكري الميداني في سوح الوغى. وتم التطرق للقادة األعالم بتسلسل مبني على وفق عاملي الجغرافية والتأريخ، أي وفقاً لساحات القتال التي خاضوا فيها فعلهم الميداني، ووفقا لتأريخ هذا الفعل، علما ان بعضهم شارك في عدد من ساحات القتال، وكانت ساحة العراق بعد معركة مؤته أول ساحات القتال ضد الفرس، ثم تلتها ساحة الشام لتبدأ أول معركة فاصلة في تأريخ فتوحات الدولة العربية، معركة اليرموك والتي حطمت بها امبراطورية الروم، وبعدها جاءت ساحة العراق مجددا لتبدأ المعركة الفاصلة الكبرى للعرب، القادسية، التي هدمت فيها امبراطورية الفرس. ثم نهاوند وغيرها من الفتوحات. ثم توالت الفتوحات في العصر االموي في ساحات افريقيا وأوربا، والعصر العباسي في آسيا، ثم العصور األخرى حتى فتح القسطنطينية.. هم القادة العرب الذين تمتعوا بالعقلية العسكرية االستراتيجية وفنون القتال وتمسكوا بمبادئ وآداب الحرب فرفعوا راية الدولة العربية في ربوع المعمورة. كالمثنى بن حارثة وابا عبيد الثقفي في مقاتلة الفرس بالعراق قبل دخول خالد بن الوليد في مناورته الكبرى وسلسلة المعارك الناجحة التي خاضها في العراق من الجنوب حتى الحيرة ضد الفرس ليلتقي في الحيرة بالرتل الذي قاده عياض بن غنم الذي دخل العراق من الشمال الغربي وحتى عبور خالد الصحراء ليقود معركة اليرموك في الشام. وتم القاء الضوء على فنون القتال في معركة اليرموك للقادة الذين شاركوا فيها تحت امرة خالد بن الوليد وهم )أبو عبيدة الجراح، عمرو بن العاص، شرحبيل بن حسنة، عكرمة بن أبي جهل، يزيد بن أبي سفيان، القعقاع( رضي اهلل عنهم وتحرير بلدان الشام واألردن وفلسطين. أما معركة القادسية التي قادها سعد بن ابي وقاص رضي اهلل عنه ضد الفرس فقد شهدت تخطيط متقن وعمليات قتالية ناجحة، وبرز فيها عاصم بن عمرو والقعقاع بمقاتلة الفيلة التي لم يكن يألفها العرب، وبعدها نهاوند التي قادها النعمان بن مقرن، وبأمرته حذيفة بن اليمان والمغيرة بن شعبة رضي اهلل عنهم. وفي تلك المعركة تقدم النعمان بجيشه الى منظقة ماذران وتحشد فيها، وأرسل عنصرين الستطالع العدو في نهاوند، هما بكير بن شداخ الليثي
وطليحة بن خويلد األسدي، فمضيا كالً باتجاه محدد، فأما بكير فإنه عاد مبكرا، وأما طليحة فقد تأخر حيث جمع معلومات دقيقة عن العدو الفارسي، حتى ان المسلمين ساورهم الشك، وتصوروا ان طليحة قد التحق بجيش الفرس، فلما عاد بدأوا يكبرون اهلل، فاستغرب، فأشاروا له بأنهم ظنوا به سوءا، فغضب طليحة وقال: سبحان اهلل العظيم، واهلل، لو لم يكن لي دين أعتمد عليه إال أني عربي فقط لما كنت بالذي اختار هؤالء األعاجم على العرب، فكيف وقد هداني اهلل عز وجل إلى دين اإلسالم وعرفني فضله! وينتقل بنا المؤلف الى جبهة آسيا الوسطى ليتحدث عن اهم القادة الذين فتحوا البلدان بمعارك وفنون قتال قل نظيرها، كالمهلب بن أبي صفرة في خراسان وطبرستان، وقتيبة بن مسلم في دخوله الى الصين، ومحمد بن القاسم في تحرير الباكستان. أما في جبهة افريقيا واالندلس فيلقى الضوء على مبادى الحرب وفنون القتال التي قادها عمرو بن العاص في تحرير مصر وعبد اهلل بن ابي سرح في معركة ذات الصواري، وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد وعبوره الى االندلس، والسمح بن مالك وعبد الرحمن الغافقي في معركة بالط الشهداء، وأسد بن فرات بتحرير جزيرة صقلية. وينتقل الكاتب الى الفكر العسكري االستراتيجي للمعتصم ومعركة عمورية وصالح الدين االيوبي وتحرير القدس وسيف الدين قطز في عين جالوت ضد التتار، لينتهي في تحرير القسطنطينية على يد محمد الفاتح. الفصل اخلامس :مقارنة العبقرية العسكرية االسرتاتيجية العربية والفكر العسكري املعاصر في مقارنة موجزة بموضوع االستراتيجية والعمليات والتكتيك )التعبئة( فان المنطق العلمي والحدث التاريخي يؤكدان أن أفكار القادة المعاصرين كانت معتمدة قبل مئات السنين من قبل قادة العرب، ومثلنا في ذلك القائد العسكري التاريخي العربي خالد بن الوليد رضي اهلل عنه الذي لم تعرف معاركه معنى للفشل طيلة خدمته العسكرية في الجزيرة العربية والعراق والشام. فالجنرال الفرنسي أندريه بوفر مثال يصف إستراتيجية المعركة في كتابه )مدخل إلى اإلستراتيجية العسكرية( بالقول: )إن التطويق والخرق ال يتمان إال بعد سلسلة من عمليات الخداع واإلنهاك المتبادلة، وغاية هذه العمليات تثبيت قوات العدو وهز روحها المعنوية بالخوف والتعب وتتابع الخسائر، وتركيز الجهد بعد ذلك على نقطة حساسة قابلة للتأثر في الجناح أو القلب(. وبنظرة سريعة إلى الفكر العسكري الثاقب لخالد بن الوليد، نرى أن إستراتيجية المعركة التي اعتمدها أندريه بوفر، كان قد طبقها ابن الوليد رضي اهلل عنه في معركة اليرموك، فقد كان تصميمه للمعركة يستند على ما يأتي: تثبيت العدو أوال وتطويقه بقوات عمرو بن العاص )الرتل األيمن( وحصره في سهل الواقوصة بعد غلق منفذه الوحيد. لم يتم تنفيذ عمليات الخرق إال بعد تطويق قطعات خيالة العدو وعزلها عن المشاة وإنهاكها وتكبدها خسائر كبيرة. إن عملية الخداع قد تمت بكفاءة بارعة عندما اندفع جناحا قوة الضربة الرئيسة بقيادة كل من القعقاع وعكرمة للهجوم على العدو ثم خداعه في التظاهر باالنسحاب والتقهقر لدفعه إلى اتجاهات غير مجدية بغية مقاتلته فيها. ويؤكد المؤرخ والمنظر االنجليزي )ليدل هارت( على أهمية المخادعة لدى القائد عندما يخاطبه بالقول )عليك أن تعلم إن جميع أنواع الحروب تستند إلى الخدعة(. ولم تكن اليرموك المعركة األولى التي شهدت عبقرية خالد بن الوليد في تنفيذ خطط الخداع، فقد شهدت ذات السالسل صورة أخرى لها عندما اعتمد االستراتيجية التالية: استدراج القوات الفارسية باإليحاء لها بانسحاب القوات العربية، بعد أن قسم قواته إلى ثالثة فرق وحدد ثالثة اتجاهات مختلفة النسحابها إلى أرض قتال محددة في ربوع الصحراء تجتمع فيها الفرق الثالث في وقت واحد. وما أن عقبت القوات الفارسية الفرق العربية لمسافات شاسعة في رمال الصحراء حتى أصيبت باإلنهاك والتعب، فأصدر أوامره بالهجوم على القوات المعادية فتحقق له النصر الحاسم بعد أن قتل قائدهم وتبددت قواتهم. استدراج قوات العدو المدافعة يؤكد الجنرال االنكليزي ج.ف. فولر في فكره العسكري بأن )الهجوم على الجبهات ال يعطي النتيجة األخيرة للحروب واألفضل إجبار العدو على تغيير موقعه وفصله بعد ذلك عن خطوط تموينه ومحاولة استدراجه إلى منطقة ال يتمكن الخروج منها(. وبنظرة فاحصة إلى خطة ابن الوليد في معركة اليرموك يتجلى لنا هذا الفكر بشكل منسجم تفصيلياً، حيث أن خالداً لم يهاجم على الجبهات بل استدرج قوات العدو المدافعة أوالً إلى تغيير مواقعها واستدراجها إلى منطقة قتل مالئمة، ثم فصل قطعات الخيالة عن المشاة وخطوط تموينها بعد أن دفع عكرمة بن أبي جهل إلسناد قوات عمرو بن العاص وإحكام تطويق الخيالة وعزلها عن المشاة. كما أن دفعه لقوات عمرو بن العاص حال نشوب القتال للمناورة من الجناح األيمن وغلق منفذ الواقوصة يؤكد لنا ابتعاد خالد بن الوليد عن انتهاج سبيل الهجوم على الجبهات .
عمليات الخداع واستدراج العدو في نهاوند وكان النعمان بن مقرن قد طبق عمليات الخداع واستدراج العدو الى ارض منتخبة في معركة نهاوند، فقد كانت القوات الفارسية تتخندق في مواضعها الدفاعية الحصينة، فأراد النعمان إخراج تلك القوات من مواضعها بغية مقاتلتها في العراء وتدميرها فأوعز إلى القعقاع بن عمرو شن هجوم بلوائه على القوات الفارسية، ثم يتظاهر بالتقهقر واالنسحاب، وما أن نفذت خطة المخادعة هذه حتى خرج الفرس من خنادقهم ليطاردوا قوات القعقاع، فأصدر النعمان رضي اهلل عنه أوامره بشن هجوماً عزوماً في أرض القتل المنتخبة التي ساق القعقاع القوات الفارسية لها فهزمت بعد تكبدها خسائر جسيمة. استدراج العدو في معركة فحل وكذلك فقد نفذ هذا النمط من التكتيك شرحبيل بن حسنة في معركة فحل عندما استدرج العدو للخروج من مواقعه الدفاعية، ثم شن الهجوم عليه ليوقعه في المستنقعات فكان من السهل تدميره. الحصار والتطويق في معركة حطين أما البطل صالح الدين االيوبي ضمن عمليات الحصار والتطويق في معركة حطين فقد ارتكزت خطته على استدراج االعداء بعيداً عن حصونهم، فقامَ بحرقِ طبرية، وتنفيذِ خطته حتى جاءوه االعداء مجتمعينَ وعلى رأسهم ملكُ بيتِ المقدس، وكانوا خمسين ألف مقاتل، فساروا إليه في أرضٍ جرداء وعرة، فعانوا من التعب، والحرِ، والعطش، كما وكان قد خصص فصائل من المقاتلين تقوم بعمليات االغارة على جيوش العدو إلعاقة تقدمهم وانهاكهم قبل التحامهم بالجيش العربي. وكان معسكرُ العرب على هضاب حطِِّين في انتظار وصول جيش العدو، ولما وصلوا الهضبة، طوَِّقهم صالح الدِِّين بجيشه، ومنع عنهم الماء، وأحرقَ المقاتلون األراضي المكسوة باألشواكِ، وكانت الريح باتجاه العدو، فحملت إليهم النار والدخان. القيادة والسيطرة رغم ضعف االتصاالت وال يتسع المجال لإلشارة الى ما نفذه القادة العرب في مجال القيادة والسيطرة ودراسة األرض والحصول على المعلومات ورد الفعل السريع والمعنويات التي تفوقت على مثيالتها في الحروب المعاصرة بالرغم من عدم توفر الحد األدنى من االتصاالت والمواصالت والتسليح والتسهيالت التي تتمتع بها الجيوش المعاصرة وقادتها. آداب الحرب والقيم االنسانية أما في مجال المقارنة في آداب الحرب فإن رسالة العرب وقيمهم أقرت آداب وأخالقيات محددة في ميادين القتال، فاعتبرت القواعد واالسس التي اعتمدها كافة القادة العرب في الفتوحات. ولعل أهمها تمثل في الحفاظ على البشر الذين ال عالقة لهم بالحرب، بل ذهب أكثر من ذلك في ضمان الحفاظ على الحيوان والشجر، فالرسالة التي يحملها العرب هي رسالة الرحمة واإلنسانية، التي تحرم قتل النساء واألطفال والشيوخ الذين ال يقاتلون في الحرب. أما في القانون الدولي، فآداب الحرب تعني مجموعة القواعد اإلنسانية التي تستهدف حماية األشخاص المدنيين والمصابين، ويتمثل ذلك في مجموعتين معروفتين من االتفاقيات الدولية المنظمة للحرب، المجموعة األولى تبنتها مؤتمرات الهاي للسالم التي عقدت في عام 1899م، وعام 1917م، وأما الثانية فتتضمن 4 اتفاقيات أبرمت في جنيف سنة 1949م لحماية ضحايا الحرب وهي مستمدة من تعاليم وقوانين الفتوحات العربية اإلسالمية. وأن الفارق الواضح عن القواعد العربية تلك إن هذه القواعد القانونية الوضعية اآلن غير ملزمة للدول، ولذلك تفتح الباب على مصراعيه كي يعتدي القوي على الضعيف، حيث تتضمن القوانين الوضعية العديد من الثغرات التي كثيراً ما تستغلها الدول القوية االن. في حين ان القيم العربية تنشد العدل والخير والسالم وتساعد على ذلك من خالل تعاليم رسالتها السامية. فحتى القتال كان وفق منظومة متكاملة من األخالق واآلداب دون استكبار وال ظلم وال عدوان، فحدد العرب سبل معاملة الفئات غير المقاتلة أو غير المشتركة في الحرب، والذين أطلق عليهم وصف "أهل الممانعة والمقاتلة" كالنساء والصبيان والشيوخ والمسنين والرهبان والفالحين والتجَّار والصنَّاع وأصحاب العاهات والمرضى ونحوهم، كما حرموا االعتداء على األشجار والحيوانات وعدم تخريب البنى التحتية.
أوالً: تمهيد في توصيف وقائع اللحظة الراهنة 1-على الصعيد األميركي: مع االخذ بنظر االعتبار أن كل اإلدارات األميركية، التي تعاقبت منذ تأسيس أميركا، كانت استراتيجياتها تُبنى على قاعدة )أميركا أوالً(، ترقَّب العالم من المحيط إلى المحيط نتائج االنتخابات األميركية التي كان موعدها في أوائل تشرين الثاني من العام 2124 ،والسبب يعود إلى أن رئيس الواليات المتحدة األميركية يشكِّل النقطة المركزية في رسم خرائط مصالح الدول االقتصادية، بما للثقل االقتصادي والسياسي والعسكري الذي تحتله أميركا من بين دول العالم قاطبة. 2- الصعيد العربي: ويأتي االهتمام العربي بنتائج االنتخابات األميركية بشكل استثنائي - في هذه الدورة - لما حملته المرحلة في السنوات األخيرة إلى المنطقة العربية من أزمات معقَّدة ظهرت من خالل صراعات عسكرية دموية فاقت بفظاعتها التدميرية كل ما حصل في التاريخ الحديث من جرائم عجز الكالم عن وصف حجمها البربري. وباختصار وُسمت إدارة الرئيس جو بايدن - سلف الرئيس ترامب - بأنها كانت والية الحروب المتتالية، التي دفع بها الوطن العربي أثماناً باهظة من البشر والحجر في كل من فلسطين - غزة منها بشكل خاص- ولبنان في معظم محافظاته - ومنطقة الجنوب منه بشكل أخص. ثانياً: تمهيد في توصيف المواقف المتغيرة 1-على الصعيد األميركي، إبراز لمظاهر القوة في العلن، وخالف ذلك في أوراق القوة في الخفاء وقد اظهرت المرحلة ما يلي : خالفاً الستراتيجية إدارة بايدن القائمة على حل قضايا الوطن العربي وقضية الحرب الروسية األوكرانية، بواسطة الحروب، أعلن الرئيس ترامب - قبل نجاحه في االنتخابات وما بعده - أنه سيعمل على وضع حدِّ لها. وظهرت جدية استراتيجيته في ثالث قضايا في الوطن العربي، هي وقف إطالق النار في لبنان بتاريخ 27 /12 /2128 ، ومتغيرات متسارعة على الساحة السورية تمَّ تتويجها بهروب بشار األسد - رئيس النظام األسدي- في 8 / 12 /2124 ،ووقف إطالق النار في غزة .2125 /1 /15 في ب - وعد بوضع حدِّ للحرب الروسية - األوكرانية، التي بدأت خطواتها األولى بالدعوة إلى اجتماع سيعقده الرئيسان ترامب وبوتن في السعودية. وربما كان سبب ما حصل، من تغيير في سورية، يعود إلى اتفاق مسبق بين ترامب وبوتن، وكأنه كان ثمناً قدمه الرئيس الروسي من أجل إيقاف الحرب مع أوكرانيا. وعلى الرغم من أن ترامب، بعد استقراره على كرسي الرئاسة األميركية، دعا إلى تنفيذ استراتيجية )صفر حروب عسكرية(، إالَّ أنه أطلق شعارات عن رؤيته للحل في غزة تتناقض كلياً مع استراتيجيته المعلنة. ففي مبادئ دعوته للحل في غزة تأسيس جديد لـ)حروب جديدة(، وهو األمر الذي أثار انتقادات واسعة ضد دعوته بدءًا من البيت األميركي نفسه خاصة من أوساط الحزب الجمهوري الحاكم، مروراً بالمنظومة الرأسمالية الغربية، وصوالً إلى كل الدول األجنبية -شرقية وغربية - ناهيك عن االنتقادات العربية الشاملة - رسمية وشعبية. وفي تقديرنا، أنها في ظاهرها وغرابتها كانت تمثل تعبيراً عن المنهج التجاري الرأسمالي المتوحش الذي ال يُلزمه وازع إنساني، ألنه يرى حلول المسألة الفلسطينية بمنظار المصلحة التجارية البحتة، الخالية من وازع أخالق أو ضمير، والتي ال ترى شيئاً خارج منهج تراكم رأس المال. ولكن ربما على صعيد اخر تمثل رفعاً عالياً وغير منطقي لسقوف التوقعات التي قد تخفي وراءها اهدافاً اخرى سوف تتكشف الحقاً، ولسوف يشطب الرئيس ترامب تلك الدعوات المعلَنة ويتجاهلها بنفسه. ومن المعروف ان الخطورة في تلك التصريحات كان في عرض ترامب تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر واألردن وإلى أية دولة أخرى تقبل باستقبالهم، وجاءت دعوته تحت غطاء توفير مالذات آمنة ألولئك السكان من جهة، وإلى تحويل القطاع إلى منتجع سياحي آمن من جهة أخرى. ورغم علمنا أن األهداف االقتصادية لتحقيق المصالح العالمية ومنها األميركية تقف وراء ما يجري من مظاهر العرض والطلب، فهذا يعني أن العوامل االقتصادية هي التي تحرك االدارة االمريكية الجديدة التي هي في امس الحاجة الى الثروات العربية المتعددة األصناف واألنواع إلنعاش االقتصاد االمريكي وتمكينه من مواجهة المنافسة العالمية الشرسة مع الصين وغيرها من مصانع وبنى اقتصادية اخرى من جهة، وأسواق األقطار العربية الستهالك السلع األميركية من جهة أخرى. إننا بمثل هذا العرض للوقائع كما هي، واالستنتاجات المفترضة، يمكن أن نضع تصوراتنا لما ينبغي ان يُبنى عليه ي.. ب وطن العر ل يا ف ح ا المه ل ط مصا رائ م خ س ر ه يورش ف م ه وت دام اوراقق خ باشت مهارة ل العر ب وا حسن خليل غريب
الموقف العربي أثناء الجلوس إلى طاوالت المفاوضات بين الطرف الرسمي العربي من جهة، واالطراف الدولية الكبرى ومنها الطرف األميركي من جهة اخرى، لضمان حق االمة العربية في هذه الحقبة التاريخية الخطيرة وعدم التفريط به. 2-على الصعيد العربي، المزيد من حصار حركات اإلسالم السياسي من يتابع ويرصد المتغيرات التي طرأت منذ العام 2115 ،على أداء بعض األنظمة الرسمية العربية في العالقات مع الخارج الدولي واإلقليمي، يمكنه تلمّس مساعيها للخروج خطوة بعد خطوة من سياسة االلتحاق والتبعية واالتجاه نحو استقاللية القرار وسيادته قدر االمكان. وهذا المتغير يمثِّل قياساً للسابق بداية الخروج من جلباب الماضي الذي جرَّ على الوطن العربي الكثير من المآسي واآلالم. ومسار المتغيرات، السابقة والالحقة، يدلُّ على أنه ثابت حتى اآلن، وفيما يلي بعض من أهم مظاهره: تجلّت البداية واضحة في رفض دول الخليج العربي سياسة أوباما باحتضان النظام اإليراني وتسليمه إدارة احتالل العراق في العام 2111 ،لالستفادة من دوره في مشروع برنارد لويس -المفكر الصهيوني- الذي يؤدي إلى تفتيت أقطار الوطن العربي إلى كيانات طائفية. ومروراً في رفض إمالءات جو بايدن في أكثر من محطة ومن أهمها زيادة إنتاج النفط لتعويض ما حجبته روسيا عن أوروبا، وكذلك رفض مصر واالردن الصارم لمساعيه في اسناد نتنياهو الفراغ غزة والضفة من الفلسطينيين ابان عدوانه الوحشي على غزة، وانتهاءا بالوقوف بالضد من مشروع دونالد ترامب حول تفريغ قطاع غزة من سكانه بحجة إعادة إعماره أوالً، وتوفير سكن آمن للمهجرين منه ثانياً. ولعبت مصر دوراً مكمالً للدور السعودي في مواجهة مشروع برنارد لويس، عندما أسقطت، في 31 حزيران من العام 2113 ،نظام اإلخوان المسلمين الذي ترأسه محمد مرسي إثر ثورة 25 كانون الثاني من العام 2111 رغم انه حظي بتأييد ادارة الحزب الديمقراطي األميركي المطلق حينها. بعد احداث ليبيا في العام 2111 ، وسيطرة مجموعات اإلسالم السياسي عليها، وفي العام 2114 قاد اللواء الليبي خليفة حفتر ثورة ضد تلك المجموعات في بنغازي، وقام بتطهيرها من تلك المجموعات في العام 2117؛ حيث انحسرت سيطرتها إلى ما دون الحد األدنى، الذي منعها من االنتشار وتعميق تلك السيطرة. وفي السودان سقط نظام اإلخوان - بقيادة عمر البشير- في العام 2119 ، ولكن هذه المرة بعد اندالع الثورة الشعبية العارمة في كانون األول من العام 2118 .ذلك السقوط وإن التفَّت عليه مجموعات اإلسالم السياسي في 15 نيسان من العام 2123 ،تحت خيمة الصراع العسكري الدامي بين قوات الدعم السريع التي أنشئت في العام 2113 ،والجيش السوداني. ورغم ان كالهما كانا يشكالن فريقين داعمين لسلطة اإلخوان، ورغم بشاعة الحرب وخسائرها الفادحة على كل االصعدة ، اال اننا نعتقد بأنها لن تُعيد إنجازات الثورة الشعبية في السودان إلى الوراء خاصة إذا ما استطاعت الدول العربية أن تضع حداً لهذه الحرب و تشدد حصارها حول فلول جماعات اإلسالم السياسي. وربما كان من تبعات تلك المتغيرات وخاصة وضع حد لنفوذ اإلخوان المسلمين في مصر، وليبيا، والسودان، على بدء خلخلة النظام اإلخواني في تونس - بقيادة راشد الغنوشي- منذ العام 2115 ،والذي سقط بشكل كامل في العام 2123 ،حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً في 2125. 3- موازين القوى على طاولة المفاوضات ما حصل من متغيرات على الصعيد العربي بعضها ايجابي او شكل معالم صمود بوجه تحديات وجود هائلة، كان بفعل الدور الذي لعبته عدد من الدول العربية في مساعيها للتوجه نحو اكثر من قوة عالمية عظمى كروسيا والصين، وإلجهاض مفاعيل تسونامي الشرق األوسط الجديد )مشروع برنارد لويس( التفتيتي؛ اإلجهاض الذي لم يكن ليحصل لو ظلَّت تلك األنظمة تنوء تحت أثقال مراحل التبعية التاريخية السابقة، والذي أكَّد أن اإلرادة األميركية ليست قدراً يستحيل الفكاك منه من جهة، ومن جهة أخرى أكَّد على أن للعرب ولألنظمة الرسمية العربية أوراق قوة كبيرة وحاسمة فيما لو أحسنوا استخدامها وعمّقوا الفعل الوحدوي والتعاون التكاملي وصوالً الى بلورة مشروع قومي واضح في المواجهة. وفي المقابل، نستخلص أن الغرب الرأسمالي وفي المقدمة منه الواليات المتحدة األميركية، لم يكن قوياً في السابق، على العرب، ولن يكون قوياً في المستقبل، إذا عرف العرب كيف يستثمروا أوراق القوة التي يمتلكونها وهي كثيرة. ان اختيار الرئيس ترامب األرض السعودية لعقد اجتماع مع الرئيس بوتن لالتفاق على حل للحرب الروسية - األوكرانية في اللحظة الراهنة له دالالت هامة ينبغي التوقف عندها. هذا باإلضافة إلى ما أعلنه في واليته األولى أن من أهم أهدافه كان ينص على تقوية العالقة مع الدول العربية الرسمية التي هددها أوباما بقراراته الخاطئة، وخاصة عندما عزز االخيرعالقة أميركا االستراتيجة مع المشروع اإليراني وتفعيل جراثيم التفتيت الطائفي التي يحملها. 4 -رؤى للقوى العربية تسهم في تفعيل ورشة المتغيرات القادمة سوف تشهد المتغيرات القادمة العديد من القضايا وعلى االمة العربية الضغط لمعالجة اهم التحديات التي تمر بها والتي تمثل أهم قضاياها الساخنة، وهي تشكل تباعاً بالنسبة لدرجة سخونتها واهميتها ما يلي: العمل على وضع حلول واقعية وعادلة للقضية الفلسطينية . بـ -تحرير العراق من االحتالل اإليراني نيابة عن االحتالل األميركي،
وتهديد امنه القومي فهدد دول الخليج العربي واالقطار العربية االخرى وتأثيراته على أمنها الوطني العسكري واالجتماعي والسياسي. جـ-العمل على استعادة الوحدة الوطنية لألقطار العربية التي فكَّكها مشروع برنار لويس تحت المسمى الشائع الخادع )الربيع العربي(. ونذكر األقطار، التي ال تزال مفككة، وخاصة كالَّ من اليمن وليبيا بالذات، بعد ان دخل القطر السوري في مرحلة إعادة التوحيد في 8 كانون األول من العام 2124 ،رغم ان نجاح المتغير ال يزال قيد المتابعة واالختبار. في حل القضية الفلسطينية خالص للعالم من مخاطر الحروب: وأما حول الحلول المطروحة للقضية الفلسطينية، فلقد كشفت عملية طوفان األقصى في 7 تشرين األول 2123 ،أولوية الحاجة الى وضع حلول لتلك القضية، والتي يمكنها أن تتجدد ولو بعد عشرات السنين حتى يتم الوصول إلى حل عادل لها. وألن العملية كادت أن تهدد األمن واالقتصاد الدوليين، وفي مقدمتها االقتصاد األميركي في المنطقة العربية؛ أعلن الرئيس ترامب استراتيجية )صفر حروب( في العالم بشكل عام، وفي الوطن العربي بشكل خاص . وفي مخطط ترامب تأكيد على أن استراتيجته في المستقبل هي توفير مناخ آمن للرأسمال في المنطقة العربية. وألن الوطن العربي خزان واسع وكبير من الثروات الطبيعية، وألن االهتمام بها جدياً يعني أن العرب يمتلكون أوراق قوة كثيرة ورابحة. لذا فعليهم أن يحسنوا استخدامها من أجل الوصول إلى حلول تكون في مصلحة االمة برمتها. وألن معظم القضايا العربية الساخنة، وخاصة القضية الفلسطينية، لن تجد لها حلوالً عادلة مضمونة التنفيذ من دون المشاركة الدولية واإلقليمية والموافقة على القرارات ذات العالقة، وألن الدول العربية وانظمتها الرسمية التي تملك قوة القرار واإلمكانيات، يُوحِّدها سقف واحد وهو انتزاع حق ابناء االمة في فلسطين الحبيبة كاملة غير منقوصة، فقد دلَّت التجارب السابقة أنها لن توافق على النزول دونه مهما تعالت وتيرة التهديدات من هنا أو هناك . لذلك، آخذين بعين االعتبار الزخم الشعبي والدولي الذي تناله القضية الفلسطينية العادلة عالمياً، وأن أي حل للقضية الفلسطينة لن يمر من دون حيازته على عامل العدالة التي تتمثل بوضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني التي بلغت من العمر ثالثة أرباع القرن وهي مفتوحة األبواب إلى أمد غير منظور إذا لم تنفتح األبواب أمام حقوقه العادلة والمشروعة. وايضاً توفر عامل الواقعية التي تحتم استثمار التأييد العالمي للقضية الفلسطينية وتوحيد قوى الشعب الفلسطيني وفصائله ومنع االستثمار والمتاجرة االقليمية بها. في تحرير العراق خالص للعالم من مخاطر المشاريع الغيبية: ويشكِّل تحرير العراق من االحتالل االيراني ضماناً إلقفال بوابات التدخل اإلقليمي في شؤونه، والتي بدون إقفالها لن يستقر األمن العسكري والسياسي واالجتماعي لألقطار العربية األكثر قرباً جغرافياً منه، فاألبعد، ثم األبعد . وفي الوقت الذي تراجع الدور التركي الذي أُعطي له في مشروع برنارد لويس التقسيمي إلى حدود االنضباط النسبي، وتوقَّف عند حدود تبادل المصالح المتكافئة مع الجوار العربي، اال ان النظام اإليراني بقي مصراً على تنفيذ أحالمه الغيبية. كان للغرب، وفي المقدمة منه أميركا، مصلحة في المشروع اإليراني منذ االحتالل االمريكي، وتكرس اكثر بانسحاب قوات االحتالل األميركي من العراق في العام 2111 .ولكن عندما تعرقل تنفيذ مشروع الشرق األوسط الجديد من جهة، وتغيرت االهداف في المنطقة كان البد من تغيير استراتيجية التخادم االيراني االمريكي. نتيجة هذا الوضع، ال بُدَّ من وضع حل للقضية العراقية لتحرير العراق وشعبه من ابشع احتالل مر عليه عبر العصور واعادة دولته الوطنية واسترداد سيادته واستقالله وذلك إلنهاء بؤر التوتر والصراعات العسكرية . نعتقد انسجاماً، مع كل المقدمات التي قمنا بتحليلها في هذا المقال المكثَّف، يقتضي من العرب وفي مقدمتهم النظام العربي الرسمي أن يستخدموا أوراق قوتهم من أجل الحصول على نتائج ثابتة على االصعدة العديدة التالية: -فرض تعريب القضية العراقية، ومنع إعادة تدويلها، وهذا يقضي على أميركا وغيرها إنهاء واقع االحتالل االيراني بكل أشكاله وألوانه، أي أن ال تخرج إيران من شباك العراق لتدخل القوى الدولية او االقليمية اليه من األبواب الواسعة. - اعتراف المجتمع الدولي بأن ثروات العراق هي ملك للشعب العراقي فقط، ووضع الضوابط الالزمة لمنع نهبها من قبل ايران او غيرها تحت شتى السبل والوسائل الملتوية وعلى مرأى ومسمع من اميركا والمجتمع الدولي. وإن كان هناك مصلحة في استثمار تلك الثروات، فلتكن على قاعدة تبادل المصالح بين شعب العراق مع االخرين كما تنص عليه االتفاقات الدولية . -اعتبار األمن القومي العربي وحدة ال تتجزّأ، وهي من مسؤولية العرب، وممنوع على القوى الدولية واإلقليمية أن تتدخَّل فيها بأكثر مما تسمح به االتفاقيات والتشريعات األممية. ونختم مقالنا، بأن على العرب، خاصة من امتلك منهم أوراق القوة أن يستخدموا تلك األوراق إلستعادة القرار القومي المستقل وبلورة مشروع قومي واعد لما فيه ضمان أمن االمة العربية ومستقبل أجيالها.
لماذا البحث عن اإلشكالية في الوقت الراهن؟ تاريخ الشعوب المتطورة هو سلسلة مترابطة من التجارب، عليها أن تقوم بدراستها لالستفادة من معرفة ثغراتها بقصد تقويمها، أو االستفادة من إيجابياتها للبناء عليها، في الوقت الذي تتفاعل به مع تطورات العالم واالنفتاح على المستقبل لتحقق التقدم المأمول. وألن اللبنانيين مرُّوا بتجربة االستقواء بالخارج في أكثر من محطة في تاريخهم القديم والحديث، ولكنهم لم يتعرَّضوا لها بالنقد، ليتعلموا منها. لذلك، أصبح من واجبنا أن نقوم بهذه المهمة ليس لنكء الجراح، بل لإلضاءة على تجربة جرَّت على اللبانيين المآسي؛ ولعلَّ محاولتنا تفي بالغرض. عرفت الحياة السياسية في لبنان – بعد االنتداب الفرنسي- إرباكاً شديداً أثَّر بشكل سلبي على بناء دولة حديثة، تعتمد المعايير الدولية بعد انهيار اإلمبراطورية العثمانية، كآخر إمبراطورية دينية في التاريخ الحديث. على معايير األعراف التي وضعتها تجربة المتصرفية في العام 1861 ، والتي كان من أهمها حماية روسيا لألرثوذكس، وبريطانيا للدروز والبروتستانت، وفرنسا للموارنة، ابتدأت حالة اإلرباك بمحاوالت استفادة الموارنة من سيطرة فرنسا المباشرة على لبنان للحصول على امتيازات في المؤسسات الدستورية الرسمية. وعلى الرغم من أن االنتداب الفرنسي أخذ ينأى بنفسه عن الدخول في متاهات التصنيفات الطائفية ألنه كان يريد لبنان بكامله وليس طائفة واحدة منه، كرَّست الطبقة السياسية اللبنانية أعرافاً جديداً في أول تجربة للحكم بعد إعالن االستقالل في الثاني والعشرين من تشرين الثاني من العام 1943؛ وذلك بتقاسم المؤسسات الرأسية الدستورية على قواعد محاصصات فيما بينهم. تلك التجربة كانت أول محاولة الستقواء المارونية السياسية بالخارج، ولكن نتائجها كانت مخيِّبة آلمالهم بعد أن خضعت للتجربة في الحرب األهلية اللبنانية في العام 1975 . حينذاك لم تجد أية حماية لها - فرنسية أكانت أم غير فرنسية- ألن القوى الغربية التي كانت تراهن عليها المارونية السياسية حصرت اهتمامها بكل ما يضمن مصالح تلك القوى االجنبية، وليس مصالح طائفة لبنانية من هنا، أو طائفة من هناك. وهذا يؤكِّد أن قوى اإلسناد من الخارج ال تفرض حماية على أية شريحة في لبنان سوى بالقدر الذي تخدم مصالحها الخاصة. لم تتعلَّم الطوائف اللبنانية األخرى من الدرس، بل علقت بعض قوى الطائفة الشيعية بالفخ، عندما التحقت حركة أمل "الشيعية" في مصيدة االستقواء بالنظام السوري في أواخر السبعينيات من القرن العشرين، ومن بعده -متمثِّلة بحزب اهلل- وقع الحزب في مصيدة وسيطرة النظام اإليراني منذ بداية الثمانينيات من القرن العشرين. وبهذا ابتدأت المرحلة الثانية من مراحل االستقواء بالخارج استمرت حتى العام 2124 ،وفيها كانت تجربة االستقواء بالخارج في مرحلتها الثانية أشدَّ مرارة على جزء من االحزاب التي ادَّعت احتكار تمثيل الطائفة الشيعية، خاصة بعد أن تركهم النظام اإليراني وتخلى عنهم من جهة، وسقط النظام السوري من جهة أخرى. وألن دراسة تجربة الطائفة المارونية باالستقواء بالخارج، بما فيها من صراعات دموية حصلت بين تياراتها السياسية، أخذت مساحات واسعة من الدراسات. ة َّ مِي ْ و َ ة و الق َّ ني َ ط َ الو ِ ة َ ل ْ و َّ ى الد َ ل َ خاطِرها ع َ م َ ِ و ِج ار َ خ ْ ال ِ اء ب َ و ْ ق ِ ت ْ ِالس ة ا َّ كالي ْ ِش إ ) ً جا َ موذ ْ ن ُ ة أ َّ ناني ْ ب ُ ة الل َ ب ِ ر ْ ج َّ )الت حسن خليل غريب 1-لماذا البحث عن اإلشكالية في الوقت الراهن؟ 2-تجربة استقواء الطائفية السياسية بالخارج. 3 -التحالفات بين بعض الحركات الشيعية في لبـنـان مـع النظامين السوري واإليراني. 4-ما يفرِّق بين حركة أمل وحزب اهلل أكثر بكثير مما يجمـع بينهما. 5-تاريخية أسباب لجوء التنظيمين إلى االستقواء بالخارج. 6-االقتتال الطائفي "الشيعي – الشيـعـي " حـول احـتـواء واحتكار قرار الطائفــة. 7-كان الخضوع للخارج ثمـنـاً لـحـصـول بـعـض االحـزاب الطائفية على قوة التأثير في لبنان. 8 -الخالصة واالستنتاج.
وألن الطائفية السياسية السنية بعد سقوط الخالفة العثمانية لم تلجأ إلى االستقواء بأية دولة من خارج الوطن العربي. لذا سنلقي الضوء على التجارب االخرى. لقد كان عامل االستقواء بالخارج مشكلة مزمنة، استفاد منها أمراء الطوائف لضمان مصالح نخبهم الحاكمة حصرياً وليس المصالح الحقيقية للقاعدة الشعبية التي يدّعون تمثيلها، مستغلين كون حركاتهم مدعومة بتأييد شعبي شبه عارم نتيجة لمخاطبتها في الغالب الوتر العاطفي المعهود للجماهير، والتي بسبب استغاللها لتلك القواعد لمصلحتها، عمَّقت تلك النخب ثقافة االستقواء بالخارج في ثقافة اللبنانيين الشعبية. لقد حصد اللبنانيون الويالت من تلك الثقافة عبر تاريخهم الطويل، والتي كانت تُنتج حروباً ودماراً كلما خّيِّل لتلك النخب أن نفوذها على ابناء طائفتها الدينية أو العرقية، يتعرَّض للخطر، حينذاك تلجأ إلى التفتيش عن جهة خارجية تستقوي بها. وتمهيداً لهذا المقال، ولربط النتائج باألسباب، نختصر أهم تجربتين حصلتا في لبنان، وهما: األولى: التجربة المارونية ابتدأت منذ الفاتح من االنتداب، وانتهت بعد العام 1982 .وكانت خالصتها أن الغرب األوروبي واألميركي، لم يساعدا المارونية السياسية على حماية نفسها عندما تتعرَّض للخطر. الثانية: تجربة االحزاب التي ادعت احتكار تمثيل الطائفة الشيعية ابتدأت حيث انتهت تجربة المارونية السياسية، ولم تدرسها وتتعلَّم منها. لهذا فقد لجأت إلى االستقواء بحماية سورية وإيرانية في كل مراحلها وصوالً إلى العام 2124 ،ولما اشتدَّ الضغط العسكري والسياسي عليها، غابت الحمايتان معاً. وباختصار شديد، سقط االستقواء بالسوري بسقوط النظام السياسي من جهة، وغياب الحماية اإليرانية التي كانت أصالً حماية لفظية من جهة أخرى. لكل ذلك، سنولي اهتمامنا لدراسة التجربة الثانية اعاله في هذا المقال. تجربة استقواء االحزاب التي ادعت احتكار تمثيل الطائفة الشيعية السياسية بالخارج: لم يكن عصر استقواء بعض االحزاب التي ادعت احتكار تمثيل الشيعة في لبنان مع الخارج هو األول في تاريخ لبنان الحديث، بل سبقه عصر الموارنة كما ذكرنا. ويروي البعض أهزوجة شعبية تدلُّ على ترسيخ الثقافة الشعبية بأهمية عامل االستقواء بالخارج، حيث تقول األهزوجة ما يلي: يم الفستان األحمر كشكش مبروم صار الحكم فرنساوي طقُّوا يا روم والقصد من االستشهاد بتلك األهزوجة هو أن الخالفات الطائفية في لبنان لم تكن ذات عالقة بعمق الخالف المسيحي – اإلسالمي فحسب، بل كانت ذات عالقة بالخالف بين الطوائف التي تنتسب لدين واحد أيضاً. التحالفات بين االحزاب التي ادعت احتكار تمثيل شيعة لبنان مع النظامين السوري واإليراني: إن تحالف بعض االحزاب "الشيعية" مع النظامين السوري واإليراني، كانت تمثِّله حركة أمل منذ بداية العام 1979 ،والتحق بها حزب اهلل في العام 1985 .وكالهما تنظيم طائفي سياسي وإن اتَّفقا على بعض المنطلقات العقائدية للطائفة، إالَّ أنهما اختلفا بالمواقف السياسية بالنسبة لهوية النظام السياسي في لبنان. ما يفرِّق بين حركة أمل وحزب اهلل أكثر بكثير مما يجمع بينهما: لم تفكر حركة أمل -كما يقول أحد قادتها في تلك المرحلة- »بإقامة دولة إسالمية على غرار ما هو قائم في إيران.« ألن لبنان »يضم عدة طوائف لها الحق في أن تمارس شعائرها على النحو الذي تريده... وإذا كانت قوى بعض الطوائف... تعتبر لبنان وطناً لطائفتهم، فإن ]حركة أمل تعتبر[ لبنان وطناً لجميع أهله وطوائفه بالتساوي.« كما ترفض حركة أمل األفكار واالتجاهات، التي يقوم عليها البناء الفكري والتنظيمي لحزب اهلل، جملة وتفصيالً. ألن قياديّي الحزب -كما ترى حركة أمل- يدَّعون أنهم حماة اإلسالم. أما اآلخرون، أي الشيعة من غير حزب اهلل، »من الذين ال يريدون أن ينقادوا انقياداً أعمى، ]يرى حزب اهلل أنهم من[ الكَفَرة وهم الخاسرون«، كما يعمل حزب اهلل على «تعطيل العقل... والوالء األعمى، واالنصياع غير المشروط لبعض من نصَّبوا أنفسهم قادة على المسلمين.« وهكذا تعتبر حركة أمل النظام السياسي في لبنان وطناً نهائياً لجميع اللبنانيين على شرط المحافظة عليه كنظام طائفي سياسي من جهة، ومع رفض قيام نظام سياسي إسالمي قبل ظهور اإلمام المهدي المنتظر من جهة أخرى. بينما حزب اهلل يجيز قيام نظام سياسي قبل ظهوره باعتماد نظرية )والية الفقيه(، بحيث يكون الولي الفقيه نائباً لإلمام المهدي. وهذه النظرية العقيدية تجيز قيام نظام إسالمي في لبنان على أن يكون لبنان -كما يزعم الحزب- جزءًا من الجمهورية اإلسالمية في إيران. وفي هذا تناقض صارخ مع المفهوم االساسي والجوهري للوطنية من جهة، ولالستقالل السياسي للدولة الوطنية من جهة اخرى. علماً أن العامل التنظيمي كان العامل المباشر الذي أنتج صراعاً حاداً بين الطرفين العدوين اللدودين، هو أن حزب اهلل وُلِدَ من رحم حركة أمل، وذلك بعد أن استقطب الحزب العشرات
من المتقدمين في الحركة واآلالف من قواعدها. وباإلضافة إليها جاءت األسباب العقيدية والسياسية لتثير العديد من التناقضات والصراعات بين التنظيمين، وصلت إلى حدود اقتتالهما الشرس والدامي الذي سقط نتيجته مئات القتلى بين الطرفين، واستمرت تلك المرحلة إلى أن النظامين السوري واإليراني -اللذين تجمعهما مصالح مشتركة في لبنان- أدركا أنه آن األوان لوضع حدِّ لتلك الصراعات، وفرضا على التنظيمين عقد )اتفاق إذعان(، وقد استمرت مفاعيله حتى العام 2125. الخلفية التاريخية ألسباب لجوء التنظيمين إلى االستقواء بالخارج: تعود أسباب لجوء حركة أمل لالستقواء بالنظام السوري إلى بدايات الحرب األهلية. حينذاك كان النظام السوري بحاجة إلى حاضنة شعبية لبنانية بعد أن انقطعت األواصر بينه وبين الحركة الوطنية اللبنانية وفصائل المقاومة الفلسطينية، وعدم استجابتهم ألوامره وإمالءاته. فوجد تلك الحاضنة في حركة أمل. ومن بعدها استفادت الحركة كثيراً من االمتيازات السياسية واألمنية بعد انتهاء مفاعيل العدوان الصهيوني الذي حصل على لبنان في السادس من حزيران من العام 1982 ،وبعد أن ضعفت تلك المفاعيل في العام 1985 . اعتمد النظام السوري على التحالف الثالثي: أمل واالشتراكي والقوات اللبنانية )تيار حبيقة(، وألن حركة أمل كانت الحصان الذي عبر عليه، وشكَّل الحاضنة الشعبية له، فقد تمَّ تلزيمه القرار اللبناني بغطاء وأوامر من النظام السوري حينها. وأما أسباب التحاق حزب اهلل بالنظام اإليراني فتعود إلى أن النظام المذكور -منذ العام 1979 -وتحقيقاً لمشروعه االستعماري في الوطن العربي، كان بحاجة إلى غطاء لذلك المشروع تمثل في حواضن طائفية في شتى أقطار الوطن العربي وخاصة تلك التي يحتل فيها الشيعة أعداداً كبيرة، وكان من أهمها العراق ولبنان. ولما فشل بالتسلل الواضح إلى العراق بعد حرب طاحنة دامت لثماني سنوات، فقد أولى اهتمامه بلبنان، فوجد فيه من انبهر بانتصار ما يسمى )بالثورة اإلسالمية في إيران(. لذلك بدأ النظام اإليراني باإلعداد لتأسيس حزب اهلل منذ تلك اللحظة، والتي أُعلن عن تأسيسه في العام 1985. االقتتال الطائفي حول احتواء واحتكار قرار الطائفــة: كان العام 1988م، عام االنشطار الطائفي السياسي المصحوب بمواجهات دموية بين حركة أمل وحزب اهلل، بحيث شهد انفجارات واسعة بينهما، وتوزعت على ثالث جوالت عسكرية: بدأت الجولة األولى في جنوب لبنان، وفيها تمكنت حركة أمل من إخراج حزب اهلل منه بشكل شبه كامل. وأدت الجولة الثانية إلى سيطرة حزب اهلل على ضاحية بيروت الجنوبية، وانكفأت حركة أمل عنها بشكل شبه كامل. أما في الجولة الثالثة، فقد كانت بيروت الغربية ساحتها الرئيسية، لكنها لم تكتمل بسبب الموانع السورية. كان من أهم ذرائع المعارك التي حصلت بين حركة أمل وبعض القوى اليسارية هو أن يتوحَّد القرار األمني – السياسي بيدٍ واحدة، هي يد الحركة؛ وتتضمن منع أي تنظيم لبناني يساري من مساعدة منظمة التحرير الفلسطينية في المخيمات. أما أهداف الصراع بينها وبين حزب اهلل، فكانت تدور حول مشروعين ومرجعيتين وقوتين متنافستين على األرض الواحدة، وهما يختلفان على كل شيء تقريباً: حزب اهلل يُشهِر الوالء الصارخ والصريح للمرجعية اإليرانية، ويعمل لالرتباط العضوي مع إيران، في حين ال ترى حركة أمل العالقة مع إيران بأكثر من صلة روحية، على أن تكون سورية المرجع ومركز القرار الوحيد. كانت هناك خالفات حول السلطة والنفوذ بين "الشقيقين – الخصمين". فحزب اهلل قد أخذ يحرز تقدماً في غزو القاعدة الشعبية للطائفة بفعل المساعدات اإليرانية المالية الضخمة، وفي اختراق مراكز القوى في داخل حركة أمل. ولكن أخيراً، فرض النظامان السوري واإليراني عقد اتفاق تهدئة بينهما، استفاد النظامان والتنظيمان منه. واستمر التحالف منذ أواخر الثمانينيات من القرن العشرين إلى مرحلة ما بعد اتفاق وقف إطالق النار بين لبنان والكيان الصهيوني في 27 تشرين الثاني من العام 2124 . وإذا كانت مرحلة التحالف فرضت عصراً مميزاً للتنظيمين اللذين يحاوالن احتكار التمثيل الشيعي في لبنان، وألنهما كانا يسيران بالعكس من كل مبادئ بناء دولة وطنية حديثة على أن تكون ذات عمق قومي عربي، وإساءة عالقالتهما مع أحزاب الحركة الوطنية وقمعها وإقصائها في لبنان من جهة، واستخدام القوة العسكرية في ترهيب التيارات الطائفية األخرى من جهة ثانية، وإساءة العالقة مع األقطار العربية وإثارة مخاوفها من جهة ثالثة، رفعنا منذ العام 2111 ، السؤال الذي مفاده: عصر ادعاء تمثيل طائفة " الشيعة" في لبنان: ولكن إلى أين؟. وعلى الرغم من االدعاءات الكثيرة بأنه كان عصر الطائفة، لكنهم لم يستطيعوا حتى العام 2111 ،أن يتفقوا حول شتى القضايا العقيدية والسياسية، فوجود تيارات مختلفة ومتناقضة بينهم ال يقود إلى االستنتاج أن مراكب احتكار التمثيل السياسي للطائفة الشيعية في لبنان قد رست إلى شاطئ أمين. وألنهما ال يزاالن
منقسمين، فهما لم يتفقا، إذاً، على هوية تجمعهما. فبأي اتجاه سوف يواصل هذان الحزبان الطائفيان طريقهما للوصول إلى هوية واحدة للطائفة، يتوحَّدون بها وتستطيع هي أن توحَّدهما؟ ولماذا اصال ينبغي المضي في هذا الدور الذي يتناقض جوهريا مع المبدأ االساسي للوطنية الجامعة وللمواطنة؟؟ الخضوع للخارج ثمن لحصول بعض االحزاب الطائفية على قوة التأثير في لبنان: سنترك االجابة على التساؤل المشروع: )هل يصح وطنياً ودستورياً ان يجاز االستقواء بالخارج، مع تقاطعه الصارخ مع مفهوم السيادة ؟؟( الى مقال الحق. لذا هنا نشير الى ان الصراع بدأ، قبل الستينيات، بين اتجاهين احدهما يحاول ان يمثل ويحتكر الزعامة السياسية للطائفة الشيعية، واالخر هو الزعامة الدينية لها، فكانت الغَلَبة فيه للزعامة السياسية. واستمر هذا الواقع، بعد الستينات، حتى وصول السيد موسى الصدر إلى لبنان. ومن بعد وصوله بدأت الوقائع تتغير من حال إلى حال. وتسبب بروز شخصيته الى شد انتباه بعض النخب المثقفة واالجتماعية من ابناء الطائفة، فصنع بذلك موقعاً جديداً لرجل الدين فيها. وفي عهده بدأت مرحلة التوازن، بين السياسيين ورجال الدين من الطائفة، خاصة بعد أن أسبغ، بمفرادته، خطاباً سياسياً اخذ يطرق فيه على وتر ادعاء ما سماه "بالمصاعب والحرمان" الطائفي المزمن للطائفة. ثم قيامه ومنذ العهد الشهابي في أواسط الستينيات، ببناء مؤسسات طائفية خاصة، والترويج الى انها طريق سليم لوحدة الموقف والصوت، التي تساعد على رفع "الغبن التاريخي" المزعوم عن كواهلهم. أما بعد سقوط الشاه ومجئ نظام والية الفقيه في إيران، عام 1979م، شهدت الساحة الشيعية في لبنان إقباالً واسعاً على االنتماء إلى التيار الطائفي اإليراني، ومنذ تلك اللحظة دخلت عوامل جديدة تضرم نار الخالفات الداخلية بين التيارات المحسوبة على الشيعة في لبنان. فبعد الصراع الذي كان دائراً حول من سيقود المرحلة، رجال السياسة أم رجال الدين، جاء التيار اإليراني ليزاحم التيارين بقوة وزخم شديديْن، ألنه أدخل لهذه الساحة أفكاراً دينية وسياسية كانت تراهن على أنها البديل اإللهي، كما تتوهم، لكل ما عداها من المشاريع األخرى. ويُعزِّز تلك العوامل واألفكار دعم مادي غير محدود للجماعات التي تتجاوب مع أفكاره الجديدة. علماً بان هناك تيار من رجال الدين الشيعة - تساندهم نخب مدنية أخرى تعتقد بقيام نظام سياسي مدني في لبنان- من الذين وقفوا ضد االصطفاف باالستقواء بالخارج وامتنعوا عنه. هذا باإلضافة إلى مواقف تيار اللبنانيين من ابناء الطائفة الشيعية الذين لم يؤمنوا بالعمل الطائفي وانما بالعمل الوطني والقومي والتحقوا بأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية، فشكلوا جميعاً التيار العام الذي حسم خياراته إلى جانب نظام وطني في لبنان. كل ذلك يشكل أسباباً تدفع لطرح السؤال التالي: كيف يمكن تبرير ومعالجة إشكالية استقواء بعض الجماعات بالخارج؟ وهل يمكن أن تكون األممية الدينية حالًّ مبرراً لمشاكل تلك الجماعات؟ من أجل معالجة ظاهرة االستقواء بالخارج، وكإسهام في ورشة فكرية مُفْتَرَضَة، يمكننا اقتراح األسس التالية: ال يمكن لتلك االحزاب المشار اليها أن تصحح أخطاءها الكارثية على الوطن وعلى ابناء الطائفة نفسها عندما قررت االستقواء بالخارج، سوى بإعادة النظر في عاملين أساسيين، وهما: العامل األول: باستثناء التيار العام الذي حسم خياراته إلى جانب نظام وطني مدني في لبنان- على حركة أمل وحزب اهلل، ما يلي: 1-أن يغادر حزب اهلل عقيدته في األممية المذهبية إلى عقيدة بناء نظام وطني مدني. 2-على حركة أمل أن تقطع موقفها مع النظام الطائفي السياسي واالنتقال إلى سياسة بناء نظام وطني. وألنه بانتقال الحزب والحركة، كما ورد في الفقرة 1 و2 ،يكونا قد اقتربا من المصالحة مع التيار الثالث، ويكون جميعهم في لبنان قد سلكوا مرحلة الفرز والفصل الواضح والحاسم بين الموقف الطائفي العقيدي وبين العمل والموقف السياسي. وإذا كان الجانب العقيدي مسألة خاصة بابناء الطائفة نفسها، كما هي بالنسبة للطوائف األخرى، لها الحرية باالعتقاد الروحي من دون مشروع سياسي خارج مفاهيم الدولة الوطنية. يصبح من واجب الجميع أن يقوموا باالرتقاء بالظاهرة الدينية من سطحيتها الشعبية إلى مستوى العمق الروحي لتلك الظاهرة. العامل الثاني: االعتراف بدور وحق القوى الوطنية والقومي لماذا وقفت التيارات الطائفية التي تزعم احتكار تمثيل ابناء الطائفة الشيعية في الخندق المناهض للفكرين الوطني والقومي؟ إن القوى التي تعمل على حماية النظام الطائفي السياسي -على شتى انتماءاتهم الطائفية- وقفت بالضد من الفكر الوطني والقومي، وكانت قواه الحزبية والسياسية تتعرَّض للقمع والمالحقة واالجتثاث من الجميع من دون استثناء
وكان زعماء الطوائف: سياسيون ودينيون، من السبّاقين إلى معاداة الفكر الوطني ومحاربته. فكان العداء للفكر الوطني والقومي هو الجامع المشترك بين شتى األديان والطوائف ذات المشاريع السياسية من جهة، وبين شتى الزعامات السياسية التقليدية من جهة أخرى. من أهم االتهامات التي تدّعيها وتتوجَّه بها الحركات الطائفية – السياسية إلى الحركات واألحزاب الوطنية القومية هي ما يلي : - تزعم ان فكرها العلماني الوضعي يتعارض، بأجزاء منه، مع التعاليم التي تزعم الحركات الطائفية السياسية أنها ذات أصول إلهية. -إن في الدعوة إلى أن يكون للرابط القومي أو الوطني أولوية في العالقات بين أبناء المجتمع الواحد، الذي يعيش على بقعة جغرافية واحدة، ما يتناقض مع ما تؤمن به حركات الطائفية السياسية باستنكار أن تحل رابطة أخرى بين أبناء المجتمع الواحد غير الرابطة الدينية الطائفية. وفي كال الزعمين الكثير من اإلفتقار الى الدقة والموضوعية اضافة الى التناقض المنطقي، فإذا كان الذين يزعمون انهم حراس المذاهب واألديان يحسبون أن النص الديني هو الجامع الوحيد بين أبناء المذهب الواحد أو الدين الواحد، فإنهم يدفعون بنا إلى التساؤل: ولماذا يتقاتل اذن أبناء الدين الواحد أو أبناء المذهب الواحد؟ الخالصة واالستنتاج: نختتم بحثنا بدعوة القوى الطائفية السياسية التي استقوت بالخارج إلى العودة لما قال به كثير من فقهاء الدين والمذاهب اإلصالحيين بمن فيهم الشيعة، بأن الهدف األساس من أي نظام سياسي هو خدمة مصالح الناس. وألن تطبيق الشرائع الدينية )اإللهية( -بالطريقة التي يزعمونها- تؤدي، كما نعتقد نحن، إلى اثارة النعرات وتفتيت أبناء الدولة الحديثة الواحدة؛ فانه لن توحدهم سوى التشريعات الوضعية المستندة الى المواطنة، وذلك بإجماعهم على صياغة قانون عادل ومُوَحَّد، وتطبيق هذا القانون بصدق وعدالة. وأخيراً، واستفادة من تجارب االستقواء المريرة، نحذِّر جميع الطوائف اللبنانية من الوقوع في شراكها، ألن االختالل في موازين القوى، لصالح هذه الطائفة أو تلك، لن تبقى بمنأى عن التغيير في األنظمة الخارجية التي يتم االستقواء بها. فهي قد تتغير من مرحلة إلى أخرى في ظل اختالل موازين القوى، الداخلية واإلقليمية والدولية، والتي سوف تقتضي اختالالً بموازين القوى للطوائف اللبنانية فحسب وانما باالمن الوطني اللبناني كله ومن ثم باالمن القومي برمته. العدوان على سوريا بزعم محاية الدروز ومنع املساعدات االنسانية لغزة استمرار للنهج الوحشي للكاتب امحد ابو داود . ان الوضع الكارثي لالخوة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية قد تفاقم بمقترح ويتكوف القاضي باستمرار تمديد وقفة إطالق النار 22 يوما، اي لما بعد شهر رمضان المبارك وما بعد عيد الفصح اليهودي، وبما ينسجم مع تصريحات رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني بدون وجود أي مبرر، مما يعني: تعطيل تبادل االسرى والمحتجزين بين الكيان وحماس. ان تفاقم الوضع االنساني للسكان الصامدين في غزة البطلة يحتم ضرورة االستمرار بوقف اطالق النار وتبادل االسرى بين الطرفين، ويحتم ضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة من اجل االنتهاء من هذا الملف، للذهاب إلى ملف جوهري آخر يتعلق بإعادة أعمار غزة لعودة الحياة الطبيعية واالجتماعية تدريجيا للقطاع ولكي يتمتع شعبنا العربي في فلسطين الحبيبة ولو بجزء من حقوقه المشروعة التي يفترض ان يتمتع بها كاملة في إطار مبادئ حقوق اإلنسان وحقه في تقرير المصير. لهذا السبب يجب مواجهة مختلف العقبات التي توضع أمام الهدنة واإلجراءات الخاصة بتبادل األسرى والعمل على تقديم الدعم االنساني لشعبنا الفلسطيني الصامد، لمعالجة المشاكل الكبرى على صعيد النقص الحاد في الغذاء واألدوية ولقاحات األطفال وغيرها كما على صعيد المدارس والمستشفيات وامدادات المياه والكهرباء والبنية التحتية االقتصادية في غزة. ان كل هذه المشاكل والتحديات الكبرى التي تواجهها القضية الفلسطينية وخاصة في غزة قد تضاعفت بصورة خطيرة بوجود اكثر من 222,612 ضحية من القتلى والمفقودين الذين ما زالوا تحت األنقاض اضافة الى المعوقين. مع وجود 22- % 22 %من الدمار الشامل للبنية التحتية المدنية في غزة، كل هذا يشكل تحديات خطيرة تتطلب التدخل اإلقليمي والدولي إليجاد حلول جذرية تضمن حقوق شعبنا الصامد في غزة والضفة الغربية. إن استمرار موقف حكومة الكيان الصهيوني بالضغط والتصعيد وبإصدار قرارات تعسفية لوقف إدخال
المساعدات اإلنسانية والغذائية بشكل نهائي إلى قطاع غزة حتى توافق حماس على تمديد المرحلة األولى من الهدنة، يشكل تهديداً خطيراً للحياة ولكل القيم اإلنسانية، مما يتطلب بذل جهود استثنائية لدعم صمود وثبات اإلنسان الفلسطيني الذي تعرض لدمار وحشي فاق كل التصورات، كما لو ان غزة قد قصفت بقنبلة نووية تكتيكية . إن ما حصل من دمار في غزة يشكل كارثة اجتماعية على صعيد البنية التحتية للقطاع مما يعني: ان الكيان الصهيوني ال يفكر بالجوانب اإلنسانية لشعب غزة كما يدّعي ويزعم، وال باحترام القضايا والطقوس الدينية للمسلمين في غزة، وبالتالي لن تؤدي هذه الضغوط إلى إيجاد حلول جدية للمشكالت الكبرى، اذ البد من العودة الى قرارات األمم المتحدة والقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان وغيرها من المواثق واالتفاقيات الدولية لوضع حلول حاسمة لمعالجة الوضع االنساني في فلسطين . لكن وكما هو متوقع تستمر حكومة الكيان الصهيوني باتباع منهج قانون القوة بعد كل ما احدثته من دمار وكوارث. إذ نواجه اليوم استمرار منطق قانون القوة وليس منطق قوة القانون واألخالق واحترام مبادئ حقوق اإلنسان الفلسطيني، وال وضع اي اعتبار إلرادة المجتمع الدولي الرسمي والشعبي الذي يقف مع حقوق شعبنا في فلسطين في جميع انحاء العالم . وكما هو معلن ومتوقع فان سيطرة اليمين المتطرف على سياسات الكيان الصهيوني في هذه المرحلة و تبنيه المطلق الستراتيجية قانون القوة المفرطة )الحرب( هو ابعد ما يكون عن تبني منهج قوة القانون، بمعنى قوة النظام في العالقات بين الدول والشعوب وضمان العالقات الدولية المبنية على مبادئ أخالقية وليس مبادئ الحرب والموت والعنف والدمار. ولقد بلغ تمادي التيارات المتطرفة في الحركة الصهيونية انها بدأت تعلن عن مخططاتها الصريحة والعلنية ورغبتها بطرد السكان الفلسطينيين األصليين من غزة ومن الضفة الغربية ومن القدس ) وهذا كجزء من تحقيق ما يسمى باسرائيل الكبرى( . وليس هذا وحسب فاليوم تهدد التصريحات "االسرائيلية" سيادة سوريا والحكومة الجديدة فيها وتقوم بالتوسع في داخل األراضي السورية، وهذا ما يمثل انتهاكاً خطيراً لميثاق األمم المتحدة ولمعاهدة عدم االعتداء الموقعة بين سوريا و الكيان الصهيوني عام 6214م. ومن المعروف ان الحركة الصهيونية تضم العديد من التيارات واالحزاب كالتيارات االشتراكية والتيارات اليمينية واليمينية الدينية المتطرفة الموجودة اليوم في قمة السلطة في حكومة الكيان. وهذه االخيرة تُعد األكثر تطرفا في تاريخ "إسرائيل" منذ عام 6242 لليوم. والمعروف ان هذه التيارات المتطرفة ال تؤمن بالقواعد المرعية في العالقات الدولية ، ألنها تتبنى منهجاً مختلفاً تماماً يتمثل بالمنهج الديني التوراتي، و تلجأ لتحريف النصوص أو التمسك بتأويالت مُحَّرَفة للنصوص التوراتية، بما يتيح تبني استراتيجية استمرار احتالل فلسطين، والتوسع في محور داود في جنوب سورية، وحتى نهر الفرات، وباتجاه الجنوب اللبناني، والجوالن. كما كشفت مؤخراً التصريحات "اإلسرائيلية" التي تتعلق بحماية الدروز )اللذين هم جزء ال يتجزأ من المواطنين السوريين(، عن انتهاكٍ صارخٍ للسيادة السورية. ومن حيث المبدأ ال يجوز لدولة ان تذهب لحماية قومية أخرى أو دين آخر أو مذهب آخر في بلد ذو سيادة تحت أية ذريعة كانت . وفي الواقع يشكل الدروز جزءاً حيوياً من الخارطة السياسية والجغرافية للجمهورية السورية، وال يحق للكيان الصهيوني التدخل لتغييرها تحت اية ذريعة كانت كما ال يحق له القيام بتغير الخرائط السياسية واالجتماعية في الضفة الغربية والتدخل في شؤون المواطنين الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة في غزة. بناء على ماتقدم، ال يحق إلسرائيل أن تفرض تأويالت توراتية على الدول العربية في الوطن العربي، ألنها بذلك واضافة الى النهج العدواني المتوحش الذي تنهجه، فانها ترتكب خطأ أخالقياً فادحاً بتطبيق مناهج متطرفة توراتية على مجتمعات اسالمية، وان كان ذلك ليس غريباً عن ممارساتها منذ اغتصاب فلسطين الى اليوم. فنشر الكيان الصهيوني لثقافة التطرف الديني انما يشجع التيارات المتطرفة الدينية االخرى كالقاعدة ودولة الخالفة االسالمية ووالية الفقيه وغيرها من التيارات المتشددة. ألن التطرف الصهيوني الديني يؤسس النتشار التطرف الديني بكل انواعه ، مما يبرر استخدام التأويالت الدينية لشرعنة القتل وارتكاب جرائم ضد االنسانية من شأنها ان تشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق األمم المتحدة و يؤدي إلى تعميق التوتر واألزمات والحروب في العالقات الدولية وتهديد األمن واالستقرار مما يعني استمرار العنف وحروب اإلبادة الجماعية سواء تجاه شعبنا في فلسطين اوالتوسع اإلسرائيلي الخطير في األراضي العربية، او تهديد الوحدة الوطنية داخل االقطار العربية ذاتها وتعريضها الى الحروب الداخلية والتناحر والتفتيت المجتمعي والذي لن يكون في مصلحة بناء األمن واالستقرار الوطني والقومي .
كلمتان تترددان في الثقافة والقول المأثور للتونسيين: تَرِّكْنِي وفَرَسْنِي... وعندما كبرت تفهمت مدلولهما ومعناهما، وانحنيت إجالالً أمام حكمة الشعب التونسي وقدرته على صياغة المعادالت لما يمكن أن ال نشرحه بعشرات الصفحات و ال حتى بالكتب والمجلدات. فكلمة "تركني" معناها صيرني م لْكا تركيا ، او تابعاً لتركية . وتعني جردني من هويتي ومن كل ما أملك ، فصرت مملوكاً، خادماً مطيعاً بأجر ليس انا من يحدده وال يتفاوض حوله. انا هنا مجرد من هوية وإرادة وكرامة وشرف. تركني معناها باللهجة الدارجة، ما خلّى لي شيء. أما كلمة "فرسني" فمعناها أصابني بمرض مميت قاتل في حينه عبر تَوْتير كل حواسي إلى حد الشلل والموت ، مما يحدث اضطراب كبير في عمل القلب وفي الدورة الدموية، يليه ارتفاع الضغط والموت الفجائي. وفرسني بالمعني الدارج قتلني واإلشارة هنا للفرس والتفريس. وهو ما ينتح عن هذا اإلنكار الحضاري والثقافي وحتى الديني الذي يمارسه الفرس تجاه العرب من ضغينة وغصة وقهر . ونحن أصحاب الرسالة والحضارة فينقلبون علينا ويصبحون هم حضر وبناة حضارة ونحن بدو ورعاع، بل يصبحون هم اصحاب الرسالة السماوية واهل الرسول صل اهلل عليه وسلم ونحن الغرباء. كان التونسيون على مر تاريخهم المعاصر يرفضون التتريك والتفريس معاً. ولكن جاءت النهضة فكادت أن تتركهم . ثم ال نعرف من جاء اليوم في مسار 82 جويلية؟ هل هو في وزارة الثقافة إم هو في رأس النظام ويريد أن يفرِّسنا. نحن نرفض ونهيب بالقائمين على أمر البالد ان ينتبهوا لذلك. فإيران الماللي دولة أيديولوجية تستخدم مشروع الولي الفقيه كغطاء لمشروعها الفارسي االستعماري لالندفاع في الوطن العربي . وكل حركاتها وسكناتها هي لخدمة ذلك المشروع الخطير الذي ال عالقة له بالدين وال بالمذهب الكريم. وهؤالء ال فرق بينهم وبين المبشرين في األسلوب وفي الخطر المحدق، بل هم أشد خطراً على النسيج المجتمعي وعلى السلم األهلي لما يتسمون به من حذلقة وسخاء مادي مع بعض " النخب " التي تبيع نفسها ألول مشتر . على وزارة الثقافة وعلى رأس النظام أن ينتبهوا إلى تداعيات مرور نظام الماللي ومشروعهم الفارسي االستعماري واغطيته وأساليبه التي تتلفح باسم المذهب والمذهب منها براء، في التغلغل والتوسع في األقطار التي مروا بها وخاصة العراق وسورية . انتبهوا واستفيقوا قبل فوات األوان. هذا باإلضافة إلى ان خطر ذلك ليس على بالدنا فحسب، وإنما على كامل المغرب العربي . فتونس بالنسبة لنظام الماللي االستعماري الفارسي ولحرسه الثوري ليست إال منصة لإلنقضاض عل كامل المغرب العربي وشمال أفريقيا. ال للرتيك.. ال للتفريس للكاتب عثمان الحاج عمر ان َ ر ْ ون يف اي ّ ِي اق َ ِر ى الع َ ر ْ س َ األ مكتب الثقافة واالعالم القومي يمثّل االنسان العربي قيمة عليا نحرص على حمايته والحفاظ عليه وعلى ارثه الحضاري ودوره االنساني والنضالي في بناء الوطن والدفاع عنه والذود عن حدوده . ونؤكد اليوم مثلما كنا نؤكد مرارا على ان االسرى العرب وفي مقدمتهم االبطال الفلسطينيين والعراقيين ما زالوا يعانون الويل في سجون االحتالل الصهيوني وااليراني بعد ان اعطوا وقدموا ارواحهم للدفاع عن تراب الوطن ، والذود عن كيانه ووجوده وحدوده، ومجابهة االعداء والرد على التآمر اإلقليمي والدولي على االمة العربية. وكان العراق برجاله وابنائه من الذين تصدوا لهذا العدوان، الذي كان من أهدافه انهاء العراق وحكمه الوطني القومي، فقد تحالفت قوى الشر المتمثلة بامريكا والكيان الصهيوني وإيران، لالتيان بسلطة عميلة يقودها مجموعة من السراق والخونة لتراب الوطن المعروفين بمحاربة العراق والعروبة وعدم االنتماء لهما، وسجلهم األسود الحافل بكل ما يسئ الى الوطن واالنسان فيه وبما يخالف كل االعراف السماوية والقيم الحضارية االنسانية. فال زال يقبع في سجون إيران الشر أكثر من 68 ألف اسير عراقي منذ الحرب العراقية االيرانية التي انتهت عام 6222 فضال عن وجود رفاة عدد ال يقل عن عدد االسرى من الذين وافاهم االجل في غياهب السجون والمعتقالت االيرانية من جراء التعذيب وسوء المعاملة. يؤكد نظام الولي الفقيه في إيران بعده عن الدين اإلسالمي وشريعته السمحاء واالعراف الدولية واالجتماعية و حقوق االنسان التي تنص عليها وتحكمها القوانين الدولية بموجب معاهدة جنيف لالسرى. ومن هنا ندعو الى اعتبار كل القابعين في زنازين االسر واالعتقال االيراني هم مقاتلون عراقيون أسرى لهم كافة الحقوق اسوة بأقرانهم، واعتبار المتوفين والمفقودين منهم شهداء يتمتعون بكل حقوق الشهداء الذين دافعوا عن حياض الوطن، وعلى السلطة في بغداد العمل على اطالق سراح االسرى وحسم موضوع المفقودين واستالم رفاة الشهداء منهم، وندعو كل الهيئات الوطنية العراقية والوطنيين االحرار والجمعيات والمنظمات االنسانية بالضغط على السلطة في بغداد لتحريك هذا الملف. كما وندعو ونناشد الهيئات العربية المعنية بحقوق االنسان وكذلك المجتمع الدولي وهيئة االمم المتحدة والمنظمات االنسانية في كافة انحاء العالم العمل والتعبئة لمعرفة مصير الشهداء والمفقودين واالسرى العراقيين في ايران . واذ نعرض ذلك البد ان نخاطب اسر الشهداء والمفقودين واالسرى ونقول لهم صبرا جميالً فبارك اهلل فيكم على كل ما بذلتموه وان صبركم وجلدكم وتحملكم اآلالم واالحزان بفقدان ابنائكم واعزائكم لهو ملهم لكل المناضلين االحرار للمضي الى امام رافعين راية النضال التحرري في كل مكان من ارض الوطن العربي الطاهرة، .
م خي ن الز حم ماللة الز باس ُ ن َّ س ْ خ َّ ا ْ م ُ ك ُ ب َّ ا ْ م ُ ك َّ و ُ ل ْ ي َّ ِلي َّ اة َّ ي َّ ح ْ ل ا َّ و َّ ب ْ و َّ م ْ ل ا َّ ق َّ ل َّ ِ ىخ د َّ ﴿ ال ﴾ ُ ور ُ ق َّ غ ْ ال ُ ِ يز ز َّ ع ْ ال َّ و ُ ه َّ ا ۚ و ً ل َّ م َّ ع م ي لعظ صدقاللة ا بقلوب مؤمنة بقضاء اهلل وقدره، ينعى العراق وشعبه واألمة العربية رجل العراق الوطني بعلمه وعمله واخالقه وقيمه. وبمشاعر يملؤها الحزن واألسى، تلقينا نبأ وفاة العالم الجليل األستاذ د. عصام الجلبي ، وزير النفط االسبق في العهد الوطني الذي وافته المنية اليوم السبت 2125/2/8 في عمان . وبرحيله فقدت األمة العربية اليوم علمًا من أعالمها ورجل دولة واقتصاد من طراز رفيع، ومربي فاضل بذل حياته في خدمة الوطن، وتعليم األجيال . ولد المغفور له في بغداد وتعلم فيها وكان من المتفوقين في دراسته اذ تخرج الرابع على عموم العراق، فمُنح بعثة دراسية على نفقة وزارة النفط العراقية للدراسة في المملكة المتحدة فحصل على بكالوريوس شرف في الهندسة من جامعة لندن. كانت أول محطة له بعد عودته إلى العراق هي التدريس في كلية الهندسة - جامعة البصرة. ثم تدرج في اختصاصه وعمل رئيساً لشركة النفط الوطنية العراقية ثم وزيراً للنفط خالل .1991-1987 االعوام كما ساهم بنشر البحوث والدراسات الخاصة واالستشارات العلمية والمهنية حتى أصبح واحدًا من المراجع المهمة في شؤون النفط والغاز والطاقة في العراق والوطن العربي. ولألستاذ د. عصام الجلبي كتاب صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية حول النفط كما له الكثير من البحوث واإلسهامات في المؤتمرات الدولية الخاصة بذلك. ولغزارة علمه كان من الشخصيات المتميزة الحضور في المؤتمرات الدولية، حيث استضافته دول عدة، وأجريت معه العديد من اللقاءات في البرلمانات والجامعات العالمية، اضافة الى تغطية لقاءاته في وسائل اعالمية هامة . وبهذه المناسبة األليمة، نتقدم بأصدق مشاعر التعزية والمواساة بوفاة علم وطني وقومي مخلص من اعالم العراق واالمة العربية، الذي كرّس حياته لخدمة وطنه وأبناء امته بكل تفانٍ وإخالص كان خاللها رمزًا للعطاء والنزاهة، فترك بصمة ال تُنسى في مسيرة البناء والتنمية بعلمه النافع وعمله النزيه المخلص. إننا في الوقت الذي نعزي فيه أنفسنا واألمة العربية بأسرها في هذا المصاب الجلل برحيل قامة عربية عالية من ابنائها المخلصين، فاننا على ثقة بان سيرته وما بذله من عطاءٍ علميٍّ ومهنيٍّ غزير سيبقيان مثاالً جليالً تحذوه األجيال الصاعدة في النزاهة والعلم الرفيع وخدمة األوطان. نسأل اهلل عز وجل أن يجعل كل ما قدمه من عمل وعلم نافع في ميزان حسناته. وأن يتغمده بواسع رحمته، و يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. إنا هلل وإنا إليه راجعون. مكتب الثقافة واإلعالم القومي 9/2/2125 نعي العالم الجليل األستاذ د. عصام الجلبي وزير النفط االسبق في العهد الوطني الدكتور عصام الجلبي كان شخصية بارزة في مجال النفط والطاقة، وترك إرثًا غنيًا من اإلنجازات خالل مسيرته المهنية. إليك بعض أبرز إنجازاته: 1** .وزير النفط العراقي**: شغل منصب وزير النفط في العراق بين عامي 1987 و1991 ،حيث قاد الوزارة خالل فترة حساسة من تاريخ العراق. 2** .تطوير قطاع النفط**: ساهم في تطوير البنية التحتية لقطاع النفط العراقي، بما في ذلك مشاريع خطوط األنابيب وإدارة اإلنتاج والتصدير. 3** .خبير نفطي عالمي**: بعد مغادرته العمل الرسمي، أصبح مرجعًا مهمًا في الشؤون النفطية، وقدم استشارات لشركات ودول في مجال الطاقة. 4** .مؤلف وباحث**: أصدر كتابًا بعنوان "51 عامًا في عالم النفط"، الذي يُعتبر مصدرًا مهمًا لتاريخ النفط في العراق. 5** .مساهمات دولية**: شارك في العديد من المؤتمرات الدولية المتعلقة بالنفط والطاقة، وكان له دور بارز في منظمة أوبك. السيرة الذاتية
في ظروف سوريا الراهنة بعد انتصار الثورة وهروب بشار األسد الرئيس الفاسد ذبّاح شعبه وبعد تنظيف الخزينة السورية من النقد األجنبي وخلو البنك المركزي من االحتياطي النقدي االجنبي والمعدن االصفر. وبعد العبث في االقتصاد السوري من اوساط األسد والطبقة الطفيلية الفاسدة يجري االن البحث في مستوى الطلب األمثل لالحتياطيات االجنبية التي ينبغي أن يحتفظ بها البنك المركزي السوري نيابة عن الدولة ألن سوريا االن ليست في وضع اقتصادي مريح يسمح لها المجال او يسمح لخيارات متاحة تلجأ اليها حتى تبحث التكلفة التي يتحملها االقتصاد الوطني من زاوية تحديد االحتياطي المطلوب أو األمثل أو الممكن منعاً لئال يطيح ذلك باالستخدامات األخرى البديلة لهذه الموارد والتضحية بها، ألن البنك المركزي السوري يفتقد اصال لالحتياطيات النقدية الخارجية بسبب السرقة والعبث فيها سابقاً وال تتوفر االن شروط وظروف توفرها . لكن من وجهة النظر االقتصادية أو نظرية النقد فإن المستوى األمثل لالحتياطيات النقدية الخارجية الي بنك مركزي يتطلب عملياً المعادلة بين التكلفة والعائد االجتماعي الطبيعي لهذه الموارد .بعبارة أخرى المطلوب جعل التكلفة الحدية لالحتفاظ باالحتياطيات النقدية مساوية للمنافع الحدية اإلنتاجية المتحققة منها. تاريخياً وصلت احتياطيات البنك المركزي السوري عتبة االحدى وثالثين مليار دوالر في أعوام األلفية قبل ٢٢٤٢ إذ أدت عوائد اسعار الصادرات السلعية وموارد السياحة إلى تحقيق عوائد مكنت البنك المركزي من الوصول إلى مستوى هذا الرقم التاريخي من االحتياطيات النقدية الخارجية. و لكن هذه االحتياطيات تقلصت تدريجياً نتيجة توقف عجلة االقتصاد السوري وتراجع صناعة السياحة عدا عن دخول سوريا في حالة من عدم االستقرار السياسي واالمني بدءاً من العام ٢٢٤٤ وما تاله. ولكن ماينبغي التأكيد عليه ان عوائد انتاج وتصدير القطاع الخاص مع السياحة هما فقط من شكّال رافداً للموازنة العامة وقاطرةً للعجلة االقتصادية حتى الى بعض السنوات األولى من تدهور الوضع الداخلي وتطور االحداث وبداية الحرب المعلنة من نظام األسد على شعبه وتفريغ البالد من قوة العمل وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري إلى خارج البالد وبالد المهاجر المجاورة واالبعد . حركة النَقْد واليوم فإن ما تحتاجه سوريا بوضعها الصعب الحالي من احتياطيات نقدية خارجية او صعبة لدى البنك المركزي بافتراض تحقق السالم الداخلي الكامل واالمان، هو ذلك الحجم الذي يسمح للبنك المركزي من سحب فائض السيولة المحلية من االسواق ويعزز ثقة القطاع المصرفي والمالي بالسياسات النقدية وسياسة سعر الصرف التي يتبعها البنك المركزي السوري. عدا عن إشاعة قدر من اليقين لدى الخارج من أن سوريا قادرة على الوفاء بالتزاماتها امام احتياجات شعبها الداخلية بعد سنوات الجوع والفقر والفاقة والحاجة . كما ان ذلك المستوى من االحتياطيات الذي يلبي حاجة الدولة لالستيراد وااللتزام بدفع ديونها الخارجية واعباء هذه الديون إضافة إلى مواجهة الصدمات الخارجية والداخلية وهذا هو وضع سوريا المستقر في ظل تحقق االستقرار وفق ما هو مطلوب للناس والمجتمع . نظرياً وتجريبياً فان نظام سعر الصرف الذي تتبعه الدولة في أي بلد يؤثر بحدود معينه وان كان بشكل غير مباشر على الموارد المتاحة للتنمية االقتصادية وعبر ما يتركه من اثر على االحتياطيات النقدية الخارجية، وبالتالي على بدائل استخداماتة المقررة سلفا . وهنا ينبغي أن نفهم أن أنظمة سعر الصرف الثابتة بأنواعها تلتهم قدراً كبيراً من االحتياطيات النقدية لدى الدولة فيما أنظمة اسعار الصرف المعوّمة والمدارة تحتاج إلى استخدام قدر اقل لالحتياطيات النقدية. ألن البنك المركزي السوري في وضع السعر المرن يستخدم مزيج من األدوات للحفاظ على استقرار سعر الصرف إذ أن األسواق الحرة هي من تحدد سعر الصرف العادل والذي يتحقق عبر ٱليات السوق الداخلية والخارجية . ولكن هذا يحدث حصرياً في الدول عندما تكون األسواق ناضجة والهيكل االقتصادي متنوع ومنفتح على الخارج . وهنا على المؤسسات المالية والمصرفية ان تتميز باالنضباط وتنفذ معايير معروفة ونظم الشفافية والحوكمة في نشاطها وعملياتها المصرفية الداخلية والخارجية ايضا . أسعار الصَرف لكن في سوق الصرف في بالدنا التتوفر مثل هذه الشروط وهذه المعايير خاصة مع تحول جزء كبير من عمليات البنوك إلى شركات الصرافة ومع تراجع االقتصاد الحقيقي فقد أصبح االقتصاد النقدي هو من يمثل سمة الوضع الراهن خاصة مع غياب الشمول والرقمنة في النشاط المالي واالقراضي للبنوك المحلية المنتشرة . د ْ ق َّ ة الن َ ك َ ر َ ح َ و ِّ ع املايل ْ ض َ م .. الو ْ و َ ا الي َ ي ْ ور ُ س جسام أمني - سوريا
وقد يتساءل بعض العامة من الناس كيف أن نظام سعر الصرف الثابت الذي تتبعة الدولة السورية الى حد ما مقبول في الوقت الحالي ويشهد استقراراً نسبياً في سعر الصرف، فيما نظام سعر الصرف المعوم في مناطق سلطة الشرعية الحالي أدى إلى تدهور مستمر في سعر الصرف قبل الثورة في النظام السابق وقبل اإلنتصار واسقاط عصابات التسلط االسدية ووصل سعر الصرف في دمشق عتبة ال ٤٢ ألف ليرة سورية للدوالر ..؟؟ اإلجابة على هذا التساؤل واضحة ومعروفة وتفيد أن ماهو متبَع في سعر صرف السلطة في دمشق حينها اليمكن وصفه بأنه نظام سعر صرف ثابت النه غير مرتبط بعملة دولية أو بسلة عمالت دولية ولكنه سعر موجه من قبل السلطات الفوقية للنظام السابق وبالحديد والنار وال تستطيع السوق المقيدة اصال باالجراءات والمخاوف تجاوزه ابدا. ولذلك فان هذا السعر مرة أخرى وثانية وثالثة هو سعر صوري وغير حقيقي ومخرجاته ال تنعكس على اسعار السلع والخدمات وال على أصحاب معامل اإلنتاج . عدا أن المعروض هناك من العملة المحلية هو أقل بواقع 42 في المائة تقريبا عن حاجة المعامالت االقتصادية في مناطق سلطة دمشق ولذلك يرتفع المعروض من العمالت األجنبية بالمقارنة مع المعروض من العملة المحلية وسرعة تداولها عبر عمليات البيع والشراء المحلية وعبر ضخ العمالت كاجور ورواتب والتزامات انفاقية أخرى . ولكن في الوضع الحالي بعد سقوط نظام األسد هناك أزمة سيولة محلية قوية وهناك عامل مهم يدعم االقتصاد دمشق بقوة يتمثل بحجم التحويالت المالية الخارجية بالعمالت األجنبية التي تذهب الى سوريا والتي تشكل قيمة واردات مناطق اخرى أيضا خارج سيطرة الدولة من السلع والمحاصيل حيث يحول يوميا ماقيمتة بين 02-42 مليار ليرة سورية تقريبا. كما فرضت السلطة الجديدة المؤقتة منذ فترة نظاماً صارماً لتقنين واستخدام وتحويل العمالت األجنبية ومنع تحويلها إلى مناطق خارج سيطرتها فيما العكس يحدث في المحافظات السورية الشرقية حيث تتسرب العمالت إلى مناطق سلطة العاصمة دمشق بسهولة ويسر والكثير من مكاتب وشركات الصرافة تستلم يومياً توجيهاتها من هناك . ولذلك مايحدث من مضاربات في سعر الصرف موجهة عدا أن األزمة االقتصادية التي تواجهها سوريا هي نتاج لسياسة سلطة النظام السابق الفاسد وجزء من أدوات عصابات االسد فهم من فرضوا الظرف القاهر الخراج مادتي النفط والغاز عن سيطرة الدولة، وعلى النظام الجديد العمل على وضع اليد على هذه الثروة الوطنية . مضاربات الفساد من جانب اخر وبسبب الظرف الحالي الذي يتسبب في غياب وضعف الدور المساند للبنك المركزي السوري من قبل الجهات الحكومية الجديدة ومؤسساتها، والفراغ الناجم عن غياب الحكومة الحالية فى هذه المرحلة االنتقالية فقد استفحلت عمليات المضاربة بسعر الصرف وبدوافع اإلثراء وتحويل األموال خارج سلطة البنك المركزي وهو ناتج عن مخرجات بقايا الفساد العام الذي استفحل بشكل وحشي بزمن الحاكم القاتل بشار األسد . مبدئيا كان يفترض أن يؤدي نظام سعر الصرف الحر المتبع االن إلى الوصول إلى تحقيق سعر الصرف الحقيقي والعادل أو المقبول لكن عوامل كثيرة لعبت دوراً سلبياً وألحقت ضرراً بالغاً بمعيشة الناس ومن بينها عدم كفاءة السوق وتشوهاته وعدم تفعل النظام الجديد وإنفاذ القانون وتعدد السلطات ومراكز النفوذ وغياب الدور الداعم واإلسناد للبنك المركزي . فجميع هذه العوامل وفرت بيئة مثلى لألنشطة الطفيلية وتوسع عمليات المضاربة بسعر الصرف. ومع ذلك يعمل البنك المركزي االن على مالحقة األنشطة ويأمل تعزيز دور الدولة ومؤسساتها األمنية والقانونية في هذا المجال. واخيرا نود أن نشير الى أن تحقيق اختراق يؤدي إلى عودة سعر الصرف إلى وضعة الطبيعي النسبي يتطلب تعزيز احتياطيات البنك المركزي بعدد من المليارات من الدوالر تمكنة من سحب فائض السيولة وتوفير حاجة االستيراد الضرورية .ولكن مثل هذه الحلول ستكون مؤقتة إن لم يتم تحسين كفاءة تحصيل الموارد والحد من اإلنفاق ومواجهة ظاهرة الفساد بحزم وبنية صادقة ومخلصة واعتبار ذلك مطلباً وطنياً قبل أن يكون مطلب إقليمي ودولي . كما أن من المهم والضورة القصوى العمل على توفير مدخالت الطاقة الكهربائية وخدماتها وموارد شراء الطاقة باالعتماد على الموارد المحلية ومن بينها موارد انتاج وتصدير النفط والغاز ونعتقد أن المتغيرات الدولية والمحلية المتسارعة ستخلق الظروف والشروط المالئمة لتحقيق هذه التوجهات على أرض الواقع وعلى المدى القصير والمدى المتوسط على ابعد تقدير .
فــي الثــامن مــن آذار اليــوم العالمي للمرأة، نتوقف لتسليط الــضوء علــى مــسيرة النــساء وتــضحياتهن فــي شــتى بقــاع األرض. اليـــوم هـــو فرصـــة لنتوقف عند نـضال النـساء فـي مواجهة القهـر والظلـم، ولفـت األنظار إلى التحديات المـستمرة التي تعيشها المرأة في الوطـن العربي بشكل عام، وفـي لبنـان وفلــسطين وســوريا والعــراق واليمن والسودان بشكل خاصّ. إن المرأة اللبنانية على الرغـم مــن الحــروب والتحــديات التــي يواجههــا لبنــان مــن أزمــات اقتــصادية واجتماعيــة، تظــل مصدرقوة وعزيمة، فقـد أثبتـت المــرأة اللبنانيــة عــبر تاريخهــا قوتهـا وصـالبتها فـي مواجهـة الــصعاب، ســواء علــى مــستوى المجتمــــع أو فــــي الــــساحة السياسية. هذه المرأة التي تعد صانعة التغيير، كانت دومـاً فـي مقدمة الصفوف في الدفاع عـن حقوق اإلنسان والديمقراطية. أمّا المـرأة الفلـسطينية التـي تواجه يوميـاً االحتـالل والظلـم، فإنها ما زالت تقدم تـضحيات ال حــصر لهــا مــن أجــل وطنهــا وابناءهـا. هـي األم الـتي تقـدم أبناءهـا شـهداء، هــي الجريحـة الــتي تقــاوم الــصمت، وهــي الـــصامدة فـــي وجـــه القهـــر والتعـسف، وتـستحق كـل تحيـة وتقدير أسـيرة ومعتقلـة تقـارع اإلحتالل بصمودها األسطوري. أمّا النساء السودنيات اللواتـي يعشن في قلب الحـرب األهليـة، يقـــدمن مثـــاالً عميقـــاً فـــي الــشجاعة والتــضحية. فــالمرأة الــسودانية، الــتي شــاركت فــي الثورة ضد النظـام الـدكتاتوري، تواصــل نــضالها فــي مواجهــة تحديات الحـرب والـدمار. ورغـم كــل المعانــاة، تظــل صــامدة وتطمــح إلــى مــستقبل أفــضل ألبنائها. تقف النساء فـي سـوريا وجـه الحـرب والتــدمير، يحملـن هــمّ العائلة والـوطن فـي قلـوبهن. مــن داخــل المخيمــات أو فــي مجتمعـاتهن، يواصـلن الكفـاح مـن أجـل الحفـاظ علـى الحيـاة والعطـــاء فـــي وجـــه األزمـــات المتعددة. أمّـا فـي اليمـن حيـث الحـرب تفرض على المـرأة المزيـد مـن المعانـاة، فـإن المـرأة اليمنيـة تظل رمـزاً للقـوة والـصبر. هـي التي تربـي األجيـال فـي ظـروف قاسية، والـتي رغـم مـا تعيـشه مـــن جـــراح، تظـــل متمـــسكة بمبادئهــا أمــالً فــي مــستقبل افضل. وعلــى الــرغم مــن التحــديات العديدة التي فرضـتها الحـروب والنزاعــــات، تظهــــر المــــرأة العراقيـة بمثابرتهـا وصـالبتها، حيــث تــسهم فــي إعــادة بنــاء المجتمــــع، وتعلــــم األجيــــال الجديدة بأن الحق ال يموت. في هذا اليـوم، نحيّـي المـرأة اللبنانيـــة ونثمّــــن نــــضالها وتــضحياتها مــن أجــل الحريــة والكرامة، كما نقدم تحية تقدير واعتزاز لجميع النساء، سواء فـي أوضاعهن الصعبة أو في مسيرة تحسين أوضاعهن، فـي مـسعى لبناء مجتمع عادل ومنصف . كل عـام والمـرأة بخـير، وكـل عام ونضالها مـستمر مـن أجـل عــالم أفــضل تــسوده العدالــة والحرية. بيان مبناسبة اليوم العاملي للمرأة ع املرأة اللبنانية ّ جتم
لقاءات على القنوات الفضائية عضو اللجنة املركزية جلبهة التحرير العربية الرفيق حممود الصيفي، العدو الصهيونى يستهدف تفكيك المقاومة وعزلها عن عمقها الشعبي في الضفة والقطاع #خاص_قناة األقصى #الهدف_شؤون عربية اعتبر المهندس محمود الصيفي المتحدث الرسمي باسم جبهة التحرير العربية، أن ما يجري في مدينة ومخيم جنين يأتي ضمن مخطط صuهيوني يستهدف تفكيك المقاومة وضرب حاضنتها الشعبية، عبر استهداف كل منطقة على حدة. هذا التصعيد يمثل تنفيذًا لتهديدات قادة اليمين الصuهيوني الذين طالبوا بتحويل جنين إلى نموذج مشابه لما حدث في جباليا وبيت الهيا ورفح. مؤكدا أن التطورات تشير إلى أن الضفة الغربية قد تكون الساحة المقبلة لعمليات القتل والتدمير. االحتالل الصuهيوني يواصل فرض حصار مشدد على مدن وبلدات وقرى الضفة، مع تقطيع أوصالها وفصلها عن بعضها البعض، مما يزيد من معاناة السكان ويعيق تواصلهم. #قناة_األقصى #عينك_على_الوطن #غزة التغلغل اإليراني داخل العراق يواجه حمك الرئيس االمريكي ترمب : مشاركتي في تقرير الباحث والكاتب صباح ناهي، االندبندنت العربية، 82 يناير 8282 ملخص ثالثة سيناريوهات أميركية محتملة للتغيير في بالد الرافدين، فهل تطال عصا واشنطن الغليظة العراق؟ وهل تنجو الحكومة العراقية من عقوبات زمن ترمب(؟ أزمة عميقة لكن مدير المركز العراقي للدراسات اإلستراتيجية الباحث غازي فيصل يلمس جفوة باكرة من الرئيس ترمب تجاه الزعامة العراقية بقوله "إن عدم دعوة أي ممثل عن السلطة التنفيذية أو التشريعية والقضائية من العراق للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس ترمب قدم لنا مؤشراً واضحاً على وجود أزمة عميقة في طبيعة التعامل بين بغداد وواشنطن، على رغم وجود "اتفاق اإلطار االستراتيجي" المهم جداً لكال البلدين منذ عام 8002 والذي صادق عليها البرلمان العراقي عام 8002 ،وكان من األطر الدكتور غازي فيصل حسني استاذ العالقات الدولية رئيس املركز العراقي للدراسات االسرتاتيجية
الحيوية لتقديم الدعم الواسع للعراق عام 8002 في حربه على تنظيم "داعش" اإلرهابي واحتالله ثلث مساحة العراق ثم تحريره، والسبب في هذه االزمة العميقة بين البلدين هو المتغير والعامل اإليراني، فإيران بعد عام 8002 حولت العراق إلى مسرح للعمليات العسكرية لمواجهة الواليات المتحدة وفرض أمر واقع جديد على الشرق األوسط بالتمدد نحو سوريا ولبنان إضافة الى اليمن، وفي الوقت نفسه أضافت إيران عامالً آخر خطراً جداً في مواجهة العقوبات االقتصادية األميركية المستمرة عليها منذ عام 0292 وحتى يومنا هذا، وحولت العراق إلى سوق اقتصادية موازية للسلع والبضائع اإليرانية وتصدير النفط اإليراني إلى دول العالم المختلفة عبر تزوير وثائق الشحن للتمويه بوصفها وثائق شحن عراقية، إضافة إلى قيام إيران بتزوير الدينار العراقي بصورة واسعة بلغت أكثر من 00 مليار دينار وتسريبها إلى السوق العراقية وتحويلها إلى دوالرات أميركية تُرسل من العراق إلى إيران عبر المقايضة بالسلع، إضافة الى شبكات ومافيات الجريمة المنظمة للمخدرات، ومع كل هذا لعب الحرس الثوري اإليراني دوراً في تصعيد المواجهة مع الواليات المتحدة، خصوصاً في مرحلة قيادة الجنرال قاسم سليماني لفيلق القدس، مما أدى إلى اغتياله خالل والية الرئيس ترمب األولى على األراضي العراقية، مما أثار أزمة مضافة بين بغداد وواشنطن. رفض للتهجري القسري لشعب غزة حنو االردن ومصر واالميان حبق تقرير املصري لدولة فلسطينية مستقلة : مداخلتي خالل نشرة االخبار على قناة دجلة الفضائية )بغداد(، برفقة سفيان أحمد و مروة السوادي، الساعة التاسعة مساء الثالثاء 82 ك الثاني 8080م، للتعليق حول مقترحات دونالد ترامب لترحيل شعب غزة نحو األردن ومصر، والذي جوبه برفض عربي رسمي وشعبي النتهاكه حقوق شعب فلسطين في تقرير المصير واختيار نظامه السياسي واالقتصادي واالجتماعي في دولة مستقلة ذات سيادة طبقا لميثاق األمم المتحدة والقانون الدولي، ووفق قرارات األمم المتحدة خصوصا القرار 828 لعام 02٩9م وقرار مؤتمر مدريد الذي عقد عام 0228م برعاية األمين العام لألمم المتحدة والرئيس األمريكي جورج بوش والرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف والذي اقر احترام وتطبيق القرار 282 .لكن إسرائيل تستمر في التوسع وترفض تطبيق اكثر من 20 قرار لمجلس االمن بخصوص قضية شعب فلسطين منطلقة من نصوص توراتية إلعطاء الشرعية في االستمرار باحتالل أراضي شعب فلسطين وشن حروب اإلبادة الجماعية. بعد عام 2002 ، توقفت 00 ألف مصنع عن العمل : مداخلتي خالل برنامج: ستوديو العاصمة على قناة سامراء الفضائية )بغداد(، برفقة االعالمي علي المهنا، الساعة العاشرة مساء الخميس 20 ك الثاني 8080م، وشارك من بغداد الخبير االقتصادي أحمد عبد ربه بجانب الخبير االقتصادي قاسم السلطاني، للتعليق حول استمرار االزمات االقتصادية واهمال القيادات واألحزاب بمشكالت الفقر والبطالة والمدن العشاوئية وانتشار شبكات ومافيات الجريمة المنظمة التي تستنزف الموارد والثروات، إضافة إلهمال الحكومات المتعاقبة للزراعة والصناعة والخدمات وتحويل العراق الى سوق استهالكي واقتصاد ريعي يعتمد على عائدات النفط.