دليــل مب ّسـط فـي
تقنيـات الحـوار و بناء ال ّتوافق
الحـوار كوسيلة لتفادي العنف ودعم الحلول السلمية
2015
دليــل مب ّسـط فـي
تقنيـات الحـوار و بناء ال ّتوافق
الحـوار كوسيلة لتفادي العنف ودعم الحلول السلمية
2015
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق المحتوى
التخطيط .1ال ّتخطيط
.2المضمون
04 تقديم .3الملاحق
.1الإطار المفاهيمي لل ّنا ع .4معجم المصطلحات
06 .5بيبليوغرافيا
.1.1ماه ّية ال ّناع
07 .2.1سياق النزا ع 2
08 .3.1مصادر النزاع
09 .4.1موضوعات النزاع
10 . .5.1أطراف النزاع
11 .6.1اتجاهات أطراف النزاع
13 .7.1تط ّور /ديناميكية النزاع
14 .8.1أساليب النزاع
15
16 .9.1العنف
17 .10.1النزاع البناء و النزاع الهدام
19 .2تحليل النزاع
20
21 .1.2المفهوم
22 .2.2لماذا نحلل النزا ع
.3.2أدوات تحليل النزا ع
الفهرس
.2.3التدخل لتسوية النزاع 48 الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.1.2.3متى يتم التعامل مع النزاع؟ 48
.2.2.3أساليب التدخل لتسوية النزاع 49 .1.3.2مراحل النزا ع 22
.3.2.3طرق مختلفة لحل النزاع 54 .2.3.2خريطة النزا ع 24
.1.3.2.3الوساط ة 56 .3.3.2المثلث ت.س.س28 " ACC«.
.2.3.2.3التحكيم 65 .4.3.2أداة البصلة 30
.3.3.2.3التفاوض 66 .5.3.2شجرة النزاع 30
.4.3.2.3الحوار 77 .6.3.2أداة تقدير درجة النزاع 33
.4.2مداخل أساسي ة 36
.4ال ّتيسي ر 84 .1.4.2السلط ة 36
.2.4.2الثقاف ة 36
.1.4ماهية عملية التيسي ر 85 .3.4.2الهوي ة 37
. 2.4مهارات وتقنيات التيسي ر 87 .4.4.2النوع 38
.3.4مهارات طرح الأسئلة أثناء التيسير 91 .5.4.2الحقوق 38
.4.4مراحل الوصول الى اتفاق 93 .6.4.2الطبقة 38
.5.4المهارات الأساسية والمهارات الخاصة في التيسير 96
.6.4كيفية إدارة المواقف الصعبة 102 .3التعامل مع النزا ع 40
خاتم ة 105 .1.3حل النزاعات البناء 41
.1.1.3وضع استراتيجيا لمعالجة النزا ع 41
.2.1.3متاهة النزاع الذي لا تتم إدارته 41
.3.1.3تطوير برنامج فعال لإدارة النزاع :عشرة مبادئ 42
.4.1.3الإنذار المبكر 42
.5.1.3ملخص حل الصراعات الب ّناء 46
3
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
تقديم
لـم يعـد الاهتمـام بالنزاعـات مقتصـرا عـى الدراسـات الأكاديميـة أو عـى تدخـل الخـراء بـل أصبـح كذلـك مجـال اهتمـام منظمـات المجتمـع المـدني دوليـة كانـت
أم محليـة .وذلـك انطلاقـا مـن الاهتمـام الرئيـي لهـذه المنظمـات بالتنميـة والـي تب ّيـن ارتباطهـا بالـزاع بحيـث أصبـح تجاهلـه يشـكل إحـدى معوقـات التنميـة
عـى الصعيـد الاقتصـادي ،الاجتماعـي أو السياسـي...
وبنـاء عليـه أصبـح الحفـاظ عـى التماسـك الاجتماعـي للمجتمعـات المحليـة إحـدى الغايـات الـي يشـتغل مـن أجلهـا الفاعلـون في المجتمـع المـدني و مـا
ينفذونـه مـن مشـاريع وبرامـج .أمـا نجـاح هـذه الجهـود فيفـرض شـرطا أساسـيا يتمثـل في تعزيـز قـدرات هـؤلاء الفاعليـن في عديـد المجـالات مثـل التعامـل مـع
الـزاع واسـتباقه وتدعيـم ثقافـة وتقنيـات الحـوار .وهـو مـا يسـتوجب إدراج اسـتباق الـزاع كإحـدى المقاربـات الأساسـية في شـى برامـج و مشـاريع منظمـات
المجتمـع المـدني مـن أجـل إقنـاع السـلط الرسـمية بضـرورة مشـاركتها في تفعيـل هـذه المقاربـة .وفي هـذا الإطـار أدرج برنامـج الأمـم المتحـدة الإنمـائي هـذه
المقاربـة في برامجـه انطلاقـا مـن قناعتـه بـأن السـلم والتنميـة وجهـان لعملـة واحـدة.
ينـدرج وضـع هـذا الدليـل في إطـار هـذه الرؤيـة الإسـراتيجية وهـو موجـه إلى نشـطاء المجتمـع المـدني في تونـس وغيرهـم مـن المهتميـن سـعيا لتحقيـق جملـة
مـن الأهـداف أهمهـا:
▪ توفير مدخل مب ّسط لموضوع ال ّناع وتقنيات الحوار وبناء ال ّتوافق.
▪ تقديم جملة من الوسائل المنهجية التي وضعها المختصون في هذا المجال.
▪ تبسيط المفاهيم و المقاربات يمثل إحدى أولويات هذا الدليل.
▪ تعزيز قدرات الفاعلين من المجتمع المدني وتنمية وعيهم بمقاربة استباق النزاعات.
▪ التأكيد على أهمية الوسائل الغير رسمية و فعاليتها في استباق و معالجة النزاعات و تعزيز التماسك الاجتماعي من أجل التنمية المستدامة.
▪ جلب اهتمام منظمات المجتمع المدني من أجل إدراج مقاربة استباق النزاعات في برامجها و مجالات اهتمامها.
▪ نشر ثقافة الحوار و ال ّتعايش ال ّسلمي في معالجة ما يطرأ على المجتمعات المحلية من تحديات.
تحقيق هذه الأهداف يفترض جملة من الخيارات المنهجية أهمها:
▪ لا يطرح هذا الدليل نفسه كمرجع أكاديمي في مجال معالجة و استباق النزاعات بل يقدم تأليفا لأهم الأعمال الأكاديمية.
تقديم 4
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
يحتـوي هـذا الدليـل عـى أربعـة أقسـام .يقـرح القسـم الأول تقديمـا لـإ طـار المفاهيمـي للـزاع .أمـا القسـم الثـاني فنتنـاول فيـه مختلـف مقاربـات تحليـل الـزاع.
ثـم نقـدم مختلـف آليـات التعامـل السـلمي مـع الـزاع فيمـا ٌي َخ ّصـص الجـزء الأخـر مـن هـذا الدليـل للتيسـر كآليـة نموذجيـة للتعامـل مـع الـزاع مـن و جهـة نظـر
مبدئيـة و تقنيـة إيمانـا بـدوره الفعـال والقيمـة المضافـة الـي مـن شـأنه أن يقدمهـا للمحافظـة عـى ال ّتماسـك الاجتماعـي.
وقـد تـم اختيـار مـادة الدليـل مـن عـ ّدة مصـادر في نفـس الموضـوع منهـا أد ّلـة لبعـض المن ّظمـات ال ّدول ّيـة ،ومـوارد تدريب ّيـة لمد ّربيـن في مجـال ال ّتعامـل مـع ال ّناعات
إضافـة إلى مراجـع أكاديم ّيـة في الاختصاص.
نقدم هذا الدليل لإثراء مكتبة منظمات المجتمع المدني أملا في دعم جهودها من أجل السلم والتنمية.
لماذا هذا الدليل ؟
يندرج ضمن جهود برنامج الأمم المتحدة الانمائي لدعم الحوار الوطني .و يهدف إلى توفير مرجع مب ّسط حول تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق.
لمن يتو ّجه ؟
نشطاء المجتمع المدني و ك ّل من يهت ّم بهذا المجال.
كيف نستعمله ؟
الانطلاق من المقاربات النظر ّية و التقن ّية المقترحة و تعديلها حسب معطيات الحالة.
الأهداف البيداغوج ّية
▪ الا ّطلاع على أه ّم آليات فهم و تحليل ال ّناع.
▪ فهم أساليب التسوية ال ّسلم ّية للنزاعات.
▪ التمكن من تقنيات الحوار و ال ّتوافق.
5
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
1
الإطار المفاهيمي لل ّناع
6
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.1.1ماه ّية ال ّناع
الـ ّزاع ليـس بالضـرورة عنيفـا أو سـلب ّيا ،ولكـن بالأحـرى متأصـل في جميـع المجتمعـات .وهـو بالتـالي وجود علاقة بين طرفيـن على الأق ّل (أفـراد أو مجموعات) لديهم
أو يعتقدون أ ّن لديهم أهداف واحتياجات ومصالح متضاربة.
الـ ّزاع ليـس سـلبيا بطبيعتـه .بـل هـو أمـر موجـود ،لا مفـر منـه في حياةالإنسـان .ويمكـن أن يكـون الـ ّزاع إيجابيـا ويشـجع عـى الإبـداع كمـا يمكـن يمكـن أن يـؤدي
في بعـض الحـالات إلى صراعـات .المهـم هـو كيفيـة إدارة الـ ّزاع لتج ّنـب تطـ ّوره وانزلاقـه إلى العنف.
كمـا أ ّن الـ ّزاع يتم ّثـل في عجـز شـخص أو أكـر عـن الاتفـاق عـى أمـر معيـن ،ويمكـن توصيفـه أيضـا عـى أنـه انعـدام الاتفـاق أو الإجمـاع عـى الأهـداف بيـن
طرفيـن أو أكـر وتحولهـم مـن حالـة التوافـق إلى حالـة مـن التصـادم .وقـد يكـون شـكل هـذا التصـادم ظاهـرا مـن خـال الأفعـال أو السـلوك ،كمـا أنـه قـد يكـون
خفيـا لبعـض الوقـت بسـبب عـدم التعبـر عنـه مـن قبـل أطـراف الـزاع ،قبـل أن يظهـر للعيـان بسـبب موقـف أو حـادث يكشـف مـا كان مخفيـا.
قـد يبـدو للبعـض أن الـزاع هـو مـرادف للصـراع ،ولكـن في الحقيقـة فـإن الـزاع مفهـوم يختلـف عـن الصـراع .يمثـل الـزاع مرحلـة سـابقة مباشـرة للصـراع ويعـر
عنـه «المناوشـات حـول موضـوع دون الحديـث فيـه مباشـرة أو الدخـول في احتـكاك مباشـر» ،فهـو نـزاع مـن خـال تصرفـات مسـتقلة لفـرد مـا ،أو جماعـة مـا ،ضـد
فـرد آخـر أو جماعـة أخـرى ،ويـؤدي ذلـك إلى حالـة مـن التوتـر وعـدم الرضـا بيـن الطرفيـن المتنازعيـن ،وإذا اسـتمرت حالـة الـزاع فإنهـا تـؤدي إلى ال ّصـراع.
هناك العديد من التعريفات المختلفة لمصطلح النزاع ،يمكن تقديم بعضها كما يلي :
▪ «الـزاع هـو تصـارع فعـي بيـن طرفيـن أو أكـر يتصـور كل منهـم عـدم توافـق أهدافـه مـع الآخـر أو عـدم كفايـة المـوارد لكلاهـم وتعويـق تحقيـق أهدافهـم»
(ويلمـورت و هوكـر.)1991 ،
▪ «النزاع هو التصور أو الاعتقاد باختلاف المصالح ،وأن تطلعات كل أطراف النزاع لا يمكن تحقيقها تزامنيا معا» (روبريت و برويت.)2004،
▪ «النزاع هو أي حالة يوجد فيها طرفان اجتماعيان يتصوران أن أهدافهما غير متوافقة» (ميتشيل.)1981 ،
▪ «النزاع هو عبارة عن مجموعة من الإدراكات لجملة من الأهداف غير المتوافقة» (ديفيز.)2009 ،
ك ّل هـذه المحـاولات لتعريـف الـ ّزاع ت ّتفـق ضمنيـا عـى أ ّنـه جـزء مـن حياتنـا اليوميـة ،بـل هـو شـكل مـن أشـكال التفاعـل البشـري .وغالبـا مـا يكـون إشـارة تدعـو
إلى النظـر فيمـا يـي:
▫ التعبير عن حاجة.
▫ التعبير عن قناعة.
▫ مظهر من مظاهر مشكلة تحتاج إلى حل.
7
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
فالـ ّزاع مـن سـمات العلاقـات البشـرية ،وللأمـر مسـتويات عـدة بـدءا مـن العلاقـات الشـخصية مـرورا بالعلاقـات الاجتماعيـة وصـولا إلى العلاقـات مـع الآخريـن.
وهـذه التعقيـدات منتشـرة في كل مـكان في العالـم .فمـن المفيـد اذن تحليـل الـزاع ،والبحـث عـن حلـول ،فالـزاع إذا مـا تفاقـم و ّلـد صدامـا أو مواجهـة خطـرة.
والـزاع قـد يكـون إيجابيـا لأنـه يشـر إلى مشـكلة يجـب فهمهـا و معالجتهـا بـدءا بتحليـل المفاهيـم الأساسـ ّية.
.2.1سياق النزاع
السـياق هـو الإطـار السياسـي والاقتصـادي والاجتماعـي الـذي يحـدث فيـه الـ ّزاع .مـن المهـم القـول أن معرفـة الـ ّزاع تمكـن المتدخـل مـن فهـم وتو ّقـع المواقف
والسـلوكيات واتجاهـات هـذا الـ ّزاع ،كمـا أن فهـم ال ّسـياق الـذي يحـدث فيـه الـزاع يمنـع المتد ّخـل مـن اتخـاذ قـرار غـر مناسـب قـد يع ّقـد الـ ّزاع بـدلا مـن حلـه.
و نذكر من أه ّم العوامل السياقية التي قد تؤثر على ال ّناعات :التاريخ والجغرافيا والانتماء العرقي وال ّدين والجنس وأجهزة الإعلام ...،إلخ.
عنـد تحليـل هـذه العوامـل نجـد مثـا أن التاريـخ يشـكل عامـا مهمـا في حـدوث أو اسـتمرار حالـة الـ ّزاع بيـن طرفيـن أو أكـر ،فاسـتمرار نـزاع معيـن لفـرة طويلـة
يشـر إلى وجـود أسـباب ذات جـذور عميقـة تحتـاج إلى بحـث وتمحيـص لمعالجـة آثارهـا الواضحـة في حالـة الـزاع ،لهـذا ال ّسـبب مـن المهـم تحليـل ودراسـة تاريـخ
الـ ّزاع وإدراك التأثـر الـذي يملكـه التاريـخ عـى الوضـع الحـالي للـ ّزاع .وفي هـذا ال ّصـدد ينبغـي فهـم أطـراف الـ ّزاع والقضايـا المتنـازع عليهـا في ال ّزمـن الماضي،
كمـا تشـكل كيفيـة حـل الـزاع في الماضـي عنصـرا أساسـ ّيا قـد يلعـب دورا محور ّيـا في حـ ّل الـزاع في الوقـت الحاضـر.
كما أن حوادث الماضي غالبا ما تلقي بظلالها على سلوك ّيات أطراف ال ّناع في الحاضر من حيث الش ّك وال ّريبة وفقدان ال ّثقة في العلاقة فيما بينهم.
أمـا فيمـا يخـ ّص الجغرافيـا وتأثيرهـا عـى حـدوث الـ ّزاع ،فإننـا هنـا نتحـدث عـن عوامـل القـرب الجغـرافي ومـا يتركـه مـن أثـر عـى تشـكيل العلاقـة بيـن الأطـراف
المعن ّيـة ،فقـد يكـون هـذا القـرب أحيانـا مصلحـة حيويـة لكليهمـا وفي أحيـان أخـرى قـد يكـون أحـد عوامـل حـدوث الـ ّزاع خا ّصـة إذا مـا اقـرن ذلـك بالخـاف عـى
ترسـيم الحـدود أو التنـازع حـول منطقـة جغرافيـة معينـة.
و يم ّثـل الـ ّزاع بيـن قبيلـة المسـر ّية و قبيلـة دينـكا أنقـوك السـودان ّيتين حـول منطـق ابـي مثـالا يعـ ّر عـن البعـد الجغـرافي للـ ّزاع نظـرا لارتبـاط القبيلتيـن بهـذه
المنطقـة الغن ّيـة بالمـوارد الطبيع ّيـة.1
ويشـكل الانتمـاء العرقـي أحـد أهـم المح ّفـزات لنشـوء الـ ّزاع خاصـة في ظـ ّل وجـود مجتمـع معيـن متعـدد العرق ّيـات والإثنيـات .ومـن المعـروف أن ال ّشـعور
بالهو ّيـة والانتمـاء لعـرق أو مجموعـة معينـة يعتـر أحـد الحاجـات الأساسـية للإنسـان ذلـك فـإن طمـس هـذه الهو ّيـة يـؤدي في أغلـب الأحيـان لحـدوث صراعـات
عنيفـة كالصـراع بيـن الهوتـو والتوتـي في روانـدا عـام ،1994والحـرب الأهليـة ال ّلبنانيـة والـي امتـدت لسـنوات طويلـة وخلفـت آلافـا مـن القتـى والجرحـى.
وتشـكل المعتقـدات الدينيـة عامـل مهـم آخـر ضمـن العوامـل السـياقية السـابقة الـي تحيـط بحالـة الـزاع ،والمهـم ذكـره هنـا بـأن القيـم والتعاليـم الدينيـة قـد
1الملحق 3
. 1الإطار المفاهيمي لل ّنزاع 8
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
تلعـب عـدة أدوار في موقـف الصـراع سـواء في التخفيـف مـن حـدة هـذا الصـراع أو في تأجيجـه وزيـادة التوتـر بيـن الأطـراف المتصارعـة .ومـن الأمثلـة عـى ذلـك
الصراع في كوسـوفو عام 1998بين الصرب الكاثوليك والألبان المسـلمين .أو ال ّصراع بين ال ّسـ ّنة وال ّشـيعة في العراق في مرحلة ما بعد نظام ص ّدام حسـين.
.3.1مصادر النزاع
يقصـد بمصـدر الـ ّزاع السـبب الكامـن وراء ظهـور الـ ّزاع ،وسيسـاعد فهـم وتنظيـم مصـادر الـ ّزاع في إمكانيـة التو ّصـل لح ّلـه .كمـا أ ّن فهـم ال ّسـلوك البشـري
يسـاعد في الكشـف عـن دوافـع الأفـراد المنخرطيـن في الـ ّزاع .وتو ّضـح عمل ّيـة تحديـد مصـادر الـ ّزاع ملامـح العلاقـة بيـن المشـاركين في الـ ّزاع ومـن يسـعون
لتفاقمـه واسـتمراره .ممـا يسـاعدنا عـى تحديـد أنمـاط ال ّناعـات وتصنيفهـا.
هناك أنواع مختلفة من المصادر والأسباب التي تحدث ال ّناعات بسببها كما أشار لذلك " 2"Mooreفي دراسته ،يمكن إجمالها كما يلي :
الصراعات التي تحدث بسبب العلاقات وتتسبب فيها :
▪ العواطف الفياضة
▪ سوء الفهم أو الأنماط العامة
▪ ضعف التواصل أو سوء التواصل
▪ السلوكيات السلبية المتكررة
الصراعات الخاصة بالقيم وتتسبب فيها :
▪ اختلاف معايير تقييم الأفكار أو السلوك.
▪ وضع أهداف يعتبرها طرف ذات أهمية كبرى.
▪ اختلاف أسلوب الحياة أو العقيدة أو الدين.
الصراعات الهيكلية وتتسبب فيها :
▪ أنماط السلوك أو التفاعل التدميرية.
▪ التحكم غير المتكافئ في الموارد وحيازتها وتوزيعها وعدم التكافؤ في السلطة والنفوذ.
▪ عوامل بيئية أو طبيعية أو جغرافية تعيق التعاون.
▪ قيود زمنية.
Moore, C. W. (2003). The mediation process: Practical strategies for resolving conflict (3rd ed.) [Kindle]. San Francisco, CA: Jossey-Bass. 2
9
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
مصادر ال ّناع الصراعات المتعلقة بالمصالح وتتسبب فيها :
▪ المنافسة الفعلية على مصالح ذات أهمية قصوى.
▪ المصالح الإجرائية.
▪ المصالح الفسيولوجية.
الصراعات الناتجة عن البيانات و تتسبب فيها :
▪ قلة المعلومات
▪ التضليل
▪ اختلاف وجهات النظر حول مدى أهمية الأمور
▪ الاختلاف في تفسير البيانات
▪ الاختلاف في تقييم الإجراءات
.4.1موضوعات النزاع
تعتـر المسـائل الـي تتخـذ الأطـراف منهـا مواقـف متباينـة بسـبب أهدافهـم المسـبقة مـن أهـم موضوعـات ال ّناع.كمثـال عـى ذلـك يمكـن أن تعتـر مجموعـة
مـا إنجـاز طريـق سـ ّيارة حـ ّا لعديـد المشـاكل في حيـن تعتبرهـا مجموعـة أخـرى تخريبـا للأراضـي الفلاح ّيـة الخصبـة.
أنواع موضوعات ال ّناع:
▪ موضوعات ال ّناع الناشئة عن محدودية الموارد (ال ّناع على الموارد /الموارد المادية).
▪ موضوعات ال ّناع من أجل البقاء /ال ّناع على السلع الاستراتيجية.
▪ موضوعات ال ّناع التي تنشؤ حول آليات العلاقات (الآليات السلبية و موضوعات ال ّناع المتعلقة بالسلطة).
▪ موضوعات ال ّناع الناشئة عن القيم (المعتقدات والقيم الدينية).
.1الإطار المفاهيمي لل ّنزاع 10
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.5.1أطراف النزاع
تنقسم العلاقات المتبادلة بين البشر الى صنفين:
أ /التفاعل المتكامل (العلاقات المتكاملة):
هـو التفاعـل الـذي يكـون فيـه اتجـاه السـهم في الفعـل والإسـتجابة متوازيـا .فعندمـا يطلـب شـخص طلبـا يكـون لديـه توقـع معيـن ،فـإذا جـاء الـرد متوافقـا مـع
التوقـع تصبـح العلاقـة متكاملـة ويرتـاح الطرفـان .والتعامـل بهـذه الطريقـة مريـح للطرفيـن ،لأن كل طـرف يحصـل عـى مـا يريـد مـن التفاعـل دون مفاجـآت.
ونصفهـا بالمتكاملـة ،حيـث أنهـا علاقـات متجانسـة منسـجمة مـع بعضهـا ،ولا تسـبب مشـاكل ،لـذا يجـب دائمـا أن يهـدف الفـرد إلى أن تكـون علاقاتـه متكافئـة
مـع الأشـخاص الذيـن يتعامـل معهـم.
ب /التفاعل المقطوع (العلاقات المتقاطعة) :
تختلـف عـن العلاقـات المتكاملـة في طبيعتهـا والآثـار المترتبـة عليهـا ،عندمـا يطلـب شـخص طلبـا يكـون لديـه توقـع معيـن ،فيـأتي الـ ّر ّد مخالفـا لتو ّقعـه ،فـا
يرتـاح ال ّطرفـان ،وهنـا ينقطـع ال ّتواصـل عندمـا تكـون الأسـهم متقاطعـة ،ويحـدث الخـاف الـذي يتحـول بـدوره إلى نـزاع ثـ ّم إلى صـراع.
ويقصد بالأطراف الجهات المشاركة في ال ّناع .ويمكن أن تكون الأطراف أفرادا أو جماعات أو منظمات أو مجتمعات أو أمم.
ويمكن تقسيم الأطراف المشاركة في ال ّناع على مستويات مختلفة إلى ثلاث مجموعات :
▪ المجموعة الرئيسية :أولئك الذين لهم مصلحة مباشرة في ال ّناع.
▪ المجموعة الثانوية :أولئك الذين لهم مصالح غير مباشرة في ال ّناع.
▪ المجموعة الجانبية :أولئك الذين لهم مصالح بعيدة في ال ّناع.
فيالعادة،يبدأتحليلال ّناعبتعريفاللاعبينفيه.المصطلح"لاعب"يشملأيطرفيمكنأنيكونلهتأثيرعلىنتيجةال ّناع،أوأيطرفيمكنأنيتأثربتلكالنتيجة.
- 1ضمن اللاعبين ،في العادة يم ّي المحللون بين اللاعبين الرئيسسين ،الثانويين ،والأطراف الثالثة.
مثال :في ال ّسودان ال ّناع جمع بين قبيلة المسير ّية
وقبيلة دينكا أنقوك كلاعبين رئيسيين.
11
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
- 2اللاعبـون الثانويـون ليسـوا هـم الأطـراف الفعليـون في الـ ّزاع لكـن لديهـم مصالـح وتأثـر بدرجـة عاليـة عليـه يكـون مـر ّده في أغلـب الأحيـان
تقاربه ـم.
مثال :في ذات ال ّناع بال ّسودان تأتي الحكومة وحركة التم ّرد كلاعبين ثانويين.
- 3اللاعبون من الأطراف الثالثة هي الأطراف الأخرى المهتمة بالنزاع والتي لديها مصالح وتأثير في أحداث معينة وهم موجودون في بيئة النزاع مثل
أجهزة الدولة والاعلام والمنظمات والوجهاء ...يمكن لهذه الأطراف أن تساعد في ح ّل النزاع أو أن تزيد في ح ّدته.
مثال :الاطراف الثالثة في النزاع السوداني تتمثل في الولايات المتحدة الامريكية
. 1الإطار المفاهيمي لل ّنزاع 12
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
الأسئلة التي نوجهها عادة عندما نحلل اللاعبين المشاركين في ال ّناع:
- 1هل هو نزاع بين طرفين أو أكثر؟ ما هو عدد هذه الأطراف؟
- 2هل الأطراف تتكون من أفراد ،مجموعات ،مؤسسات ،تحالفات ،مجتمعات محلية ،شعوب ...إلخ؟
- 3هل بالإمكان التمييز بين اللاعبين الرئيسيين والثانويين والأطراف الثالثة في ال ّناع؟
.6.1اتجاهات أطراف النزاع
يمكـن تعريـف اتجاهـات ومشـاعر أطـراف الـ ّزاع بأنهـا تلـك الأمـور المتعلقـة بالحالـة النفسـية للأفـراد والـي تشـمل عـادة التوجهـات والمشـاعر والتقييـم
بالإضافـة إلى أنمـاط مختلفـة مـن الفهـم وسـوء الفهـم والـي تنشـؤ أو تصاحـب المشـاركة في الـ ّزاع.
المشاعر وردود الفعل التي تظهر في مواقف النزاعات
◄ القلق
◄ الغض ـب
◄ الأناني ـة
◄ التعمي ـم
◄ الخ ـوف
السلوكيات والاتجاهات السلبية التي تقع أثناء حدوث النزاعات
◄ الصراع
◄ العدواني ـة
◄ العن ـف
◄ الـ ـرف ـض
◄ عدم احترام الآخر
◄ الإنسحـ ـ ـ ـاب
◄ السلبيـة
13
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.7.1تط ّور /ديناميكية النزاع
من المهم تحديد مراحل النزاع لاستخدامها مع أدوات أخرى لتحليل الديناميكية .ويتألف التحليل الأساسي من خمس مراحل مختلفة هي :
/1مرحلة ما قبل النزاع:
• ظهور الاختلافات في الأهداف بين الأطراف.
• النزاع فيها يكون كامنا وتتسم هذه المرحلة بالتوتر.
/2المواجهـة:
• الخلاف أكثر وضوحا.
• سلوك تصادمي.
• يسعى كل طرف لجمع موارده وربما حلفائه.
/3الأزمـة:
• وصول النزاع إلى الذروة (حالة حرب – عنف يؤدي إلى إزهاق أرواح).
• انقطاع الاتصالات نهائيا بين الأطراف.
• توجيه الاتهامات المتبادلة.
/4النتيجة :
• انتصار أو غلبة طرف على طرف آخر أواستسلام أحد الأطراف
• طريق مسدود تراجع النزاع مع الوقت أو استمرار النزاع بشدة
• ح ّل رضائي
إذا لم يتم حل مسببات النزاع بشكل مناسب ،فقد تقود هذه المرحلة إلى حالة ما قبل نزاع جديد.
يجـب أن نؤكـد عـى أحـد معطيـات تحليـل الـزاع بـل أحـد مبادئـه الثابتـة وهـو أن في الغالبيـة السـاحقة مـن النزاعـات يعتقـد كل طـرف أنـه عـى صـواب وأن
الطـرف الآخـر هـو المخطـئ أو المخالـف.
. 1الإطار المفاهيمي لل ّنزاع 14
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.8.1أساليب النزاع
تم ّثل أساليب ال ّناع إحدى الأطر الأساس ّية لتحليل ال ّناع وتدبيره .وتتو ّفر عديد النظر ّيات لفهم أساليب ال ّناع.
/1نظرية الإحتياجات الأساسية
هـذه النظريـة تقـوم عـى إفـراض أن جميـع البشـر لديهـم إحتياجـات أساسـية يسـعون لإشـباعها وأن النزاعـات تحـدث وتتفاقـم عندمـا يجـد الإنسـان أن احتياجاتـه
الأساسـية لا يمكـن إشـباعها أو أن هنـاك آخريـن يعوقـون إشـباعها.
من أهم الباحثين في هذه النظرية نذكر John Burtonو .Johan Galtung
/2نظرية النوع
الإفـراض الأساسـي في نظريـات النـوع الإجتماعـي والنظريـات النسـوية بصفـة عامـة هـو أن حركـة الإنسـانية قـد شـهدت ظلمـ ًا شـديد ًا تجـاه النسـاء وهـن
نصـف البشـرية .المفاهيـم الإجتماعيـة لـدور ووضـع المـرأة والرجـل تلعـب دور ًا هامـ ًا في مصـادر الـزاع وفعاليتـه.
/3نظرية الحرمان النسبي
تهـدف هـذه النظريـة إلى فهـم الدوافـع والأسـباب الـي تـؤدي إلى التمـرد الإجتماعـي والسياسـي والـي قـد تصـل إلى درجـة الثـورة .ومؤسـس هـذه النظريـة
( )Ted Gurrفي كتابـه (? .)Why Men Rebel
/4نظرية التعلم الإجتماعي
تمثـل هـذه النظريـة أحـد نظريـات علـم النفـس الـي تسـاعد بشـكل كبـر في فهـم مـا يـدور داخـل الإنسـان في حالـة الـزاع وكيفيـة التعامـل معـه مـن أجـل إيجـاد
وسـائل سـلمية لتسـوية الـزاع .و مـن مؤسـي هـذه النظريـة الباحثيـن )Dollard(.و ( .)Millerو يعتـر ( )Banadoraأحـد المنظريـن الأساسـين في هـذا الإتجـاه.
ناقـش العديـد مـن الباحثيـن موضـوع أسـاليب الـ ّزاع مـن بينهـم ( ،)Kim Rubin)، (Pruittوأيضـا ( .)Herbert Kilmanوهـذا الأخـر هـو أكـر الباحثيـن شـهرة في
هـذا الأمـر إذ صمـم ( 3)Thomasاختبـارا شـخصيا لتحديـد أسـلوب الـزاع السـائد لـدى الأشـخاص .فتـم تصميـم أداة لتقييـم سـلوك الفـرد في حـالات الصـراع ،وهـي
حـالات لا تتفـق فيهـا آراء المعنييـن ،في هـذه الحـالات مـن الممكـن أن نشـرح سـلوك الفـرد مـن خـال حالتيـن :
الحالة الأولى :يكون فيها إصرار ،أو مدى اهتمام الفرد بتحقيق أهدافه هو الأولوية الأولى له.
الحالة الثانية :يسود فيها التعاون ،أو يركز الفرد على مدى اهتمامه بإرضاء الآخر.
3الملحق 3مع تفسير لخصائص كل نمط
15
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
ويقـع تحـت هاتيـن الحالتيـن خمـس طـرق أو أنمـاط للتعامـل مـع النزاعـات أو حـالات الـزاع :التنافـس -التكيـف /المسـايرة /التنـازل– التفادي/التجنـب -التعــاون
-الحـل الوسـط/ال ّتوافق
يخضع سلوك أطراف ال ّناع لتأثير معطيين ها ّمين هما
أه ّم ّية العلاقة التي تربط الأطراف من ناحية
وأه ّمية موضوع ال ّناع بالنسبة للأطراف من ناحية اخرى.
.9.1العنف
حسـب سـيمون فيشـر ، 4يتكـ ّون العنـف من":الإجـراءات ،والكلمـات والمواقـف والهيـاكل أو النظـم الـي تسـبب الأذى الجسـدي والنفـي والاجتماعـي أو
البيـي و/أو منـع ال ّنـاس مـن تحقيـق كامـل إمكاناتهـم البشـرية." ،
ويمكن تصنيف التعريفات المختلفة لمفهوم العنف في اتجاهين أساسيين:
الإتجاه الأول :ينظر إلى العنف باعتباره الاستخدام الفعلي للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص وإتلاف الممتلكات.
الإتجـاه الثـاني :ينظـر إلى العنـف باعتبـاره تعبـر ًا عـن أوضـاع هيكليـة بنيويـة أي مجموعـة مـن المعوقـات في البنيـة الإقتصاديـة والإجتماعيـة ولذلـك
يطلقـون عليـه إسـم العنـف الهيـكلي أو البنيـوي.
Fisher, Simon; Ludin, Jawad; Williams, Steve; Abdi, Dekha Ibrahim; Smith, Richard; Williams, Sue: Working with Conflict. Skills and Strategies for Action. Birmingham/U.K. 2000 4
(manual of Responding to Conflict), www.respond.org
.1الإطار المفاهيمي لل ّنزاع 16
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
والعنـف هـو كافـة الأعمـال الـي تتمثـل في اسـتخدام القـوة أو الإكـراه بوجـه عـام مثـل أعمـال الهـدم والإتـاف والتدمـر والتخريـب ،وكذلـك أعمـال القتـل
والفتـك والتعذيـب ومـا يشـابه ذلـك.
ويمكن القول أيض ًا في تعريف العنف بأنه " استخدام القوة المادية أو التهديد باستخدامها" .كما أن العنف هو الاستخدام غير
الشرعي للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الآذى والضرر بالآخرين.الظروف التي تدفع بال ّناعات إلى العنف هي نفسها في كل مكان تقريبا:
▪ ق ّلة أو انعدام الاتصال بين الأطراف المتنازعة.
▪ يستند كل طرف على المفاهيم الخاطئة والأحكام المسبقة فيما يتعلق بال ّطرف الآخر،
▪ المظالم التاريخية أو "طويلة الأمد" بين ال ّطرفين المتنازعين.
▪ عدم تو ّزع ال ّسلطة و الموارد بشكل عادل.
.10.1ال ّناع الب ّناء و ال ّناع اله ّدام
يكـون الـ ّزاع في بعـض الأوقـات ب ّنـاء وفي أوقـات أخـرى ه ّدامـا .وعمومـا ،فـإن مـن الطـرق الجيـدة للتفريـق بيـن هذيـن النوعيـن مـن النزاعـات ،هـو أن يتـم
تعريفهمـا تعريفـا دقيقـا .ويفـرق لويـس كرايزبـرغ 5بيـن الـزاع الب ّنـاء والـزاع الهـ ّدام اسـتنادا لسـمات نشـوب الـزاع .وفي الوقـت ذاتـه ،يشـر إلى أن الـزاع لا يكـون
إمـا ب ّنـاء وإمـا ه ّدامـا بصـورة محضـة وإنمـا يكـون كذلـك بدرجـات متفاوتـة.
Kriesberg, Louis. 2004. Constructive Conflict ,From Escalation to Resolution. Lanham .Maryland: Rowman and Littlefield. 5
17
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
▪ النزاع البناء ينشب بين أولئك الذين يشنون النزاع بطريقة بناءة "مع الآخرين" باعتبارهم كيانات مشروعة وهم لا يهددون وجودهم.
▪ الـزاع الهـ ّدام هـو "الـزاع المفـروض مـن جانـب واحـد دون أن يـولي أي اعتبـار يذكـر لمصالـح الطـرف المفـروض عليـه الـزاع واحتياجاتـه ،ويعتـر طـرف واحـد
أو أكـر النتيجـة بأنهـا جائـرة وتقتضـي الإنصـاف أو مهينـة وتقتضـي الانتقـام" .الـزاع الهـ ّدام مثلـه مثـل الـزاع البنـاء يميـل إلى إعـادة إنتـاج نفسـه :فالنزاعـات
اله ّدامـة تفضـي إلى نشـوء علاقـة بيـن الأطـراف تنشـب في إطارهـا النزاعـات المسـتقبلية بطريقـة ه ّدامـة أيضـا.
النزاع "البناء" يم ّثل:
▪ مناسبة لتطور ونمو أطراف النزاع.
▪ مناسبة لحل المشكلات بطريقة إبداعية ،من خلال النظر والعمل المشترك على العديد من الخيارات المطروحة.
▪ فرصة لتقييم الأداء بشكل موضوعي.
▪ مناسبة لزيادة التعارف بين أطراف النزاع.
▪ فرصة لاكتشاف طرقنا الخاصة بالتفكير ،العمل والشعور.
▪ فرصة لإظهار الفهم والاحترام والقبول للطرق الخاصة بتفكير عمل وشعور الآخرين.
▪ فرصة لتوضيح الأدوار التي نمارسها في مواقف معينة.
▪ فرصة لتوضيح وتحديد الأدوار التفاعلية في محاولة لتمتين العلاقة بيننا.
▪ عملية يتم فيها إطلاق المشاعر بحرية وبشكل مفتوح.
▪ تحد للنمو والتطور.
▪ فرصة "لحل المشكلات" لخلق بيئة أكثر إنتاجية.
▪ مناسبة للاتصال والتواصل بشكل مفتوح وصادق وبما يقلل من العداء ،الغضب ،سوء الفهم في العلاقة.
. 1الإطار المفاهيمي لل ّنزاع 18
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
2
تحليل ال ّناع
19
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.1.2المفهوم
تعـرف عمليـة تحليـل النزاعـات بأنهـا :عمليـة تطبيقيـة لفهـم حقيقـة الـزاع وفحصـه عـر وجهـات نظـر متباينـة ،وعليـه يشـكل هـذا الفهـم حجـر الأسـاس الـذي
يبـى عليـه تطويـر الاسـراتيجيات والتخطيـط للمعالجـات والحلـول.
و تسعى هذه العمل ّية الى:
▪ تحليـل الأسـباب و ال ّدوافـع الكامنـة خلـف حـالات العنـف و الـ ّزاع للوصـول الى فهـم عميـق يسـاعد في تحديـد الآليـات الممكـن اسـتخدامها في الوقايـة
مـن هـذه الأسـباب مسـتقبلا.
▪ فهم العوامل التي تؤ ّدي الى تصعيد العنف و ال ّنزاع و زيادة ح ّدته ومن ث ّم انتقاله من مستوى العنف الكامن الى العنف ال ّظاهر.
▪ فهم أساليب ح ّل ال ّنزاعات خا ّصة السلم ّية منها و التي لا تلجأ الى العنف.
و تم ّكن من:
- 1الحصول على تحديد واضع للقضية محل النزاع.
- 2تحديد العناصر الأساسية لقضية النزاع.
- 3تحديد مصادر النزاع و مسبباته.
- 4تحديد درجة تعقد النزاع.
- 5رصد اهتمامات و احتياجات أطراف النزاع.
- 6تحديد أرضية مشتركة لأطراف النزاع تمثل نواة للبدء في وضع حلول.
- 7رصد بدائل للحلول.
بعـض التعريفـات تركـز عـى عنصريـن همـا :تحديـد أطـراف الـزاع وعـدم التوافـق في الأهـداف والمصالـح فيمـا بينهـم .وبنـاء عـى هذيـن العنصريـن نسـتطيع
القـول بـأن تحليـل الـزاع يتطلـب معرفـة مـن هـم الأطـراف المشـركة فيـه وماهـي طبيعـة أهدافهـم وأسـباب اختلافهـم أيضـا.
.2تحليل ال ّنزاع 20
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.2.2لماذا نحلل النزاع
الغايـة الرئيسـية لتحليـل الـ ّزاع هـي كسـب فهـم شـامل ومشـرك للصراعـات المحتملـة أو المتواصلـة .إنهـا في العـادة تنطـوي عـى تقييـم العوامـل الرئيسـية
للـ ّزاع (مصـادر التوتـر والأسـباب الجذريـة للـ ّزاع) ،والل ّاعبيـن (اهتماماتهـم ،المخربيـن المحتمليـن ،طاقـات العنـف والسـلم) ،والديناميكيـات (مسـببات العنـف،
تطويـر المسـار ،التصـورات المسـتقبلية المحتملـة) .يمكـن إجـراء التحليـل عـى المسـتويات المحليـة والوطنيـة والإقليميـة والعالميـة.
يمكـن تحليـل الـ ّزاع عـى أنـه عمليـة متواصلـة غـر سـاكنة أو تتـم مـرة واحـدة .كمـا يمكننـا القـول إن الإطـار التحليـي للـ ّزاع يوفـر لنـا لمحـة عامـة عـن حيثيـات
الـ ّزاع عنـد نقطـة معينـة مـن الزمـن .في العـادة يتكـون الإطـار مـن مجموعـة مـن الأسـئلة المر ّتبـة حـول هـذه الحيثيـات:
/ 1من هم اللاعبون /الأطراف المتورطون في ال ّناع ؟
(طرفان أم نزاع متعدد الأطراف)
- 2كيف تتوزع الق ّوة في موقف ال ّناع هذا ؟
(من الذي يملك صلاحية صنع القرار ،وق ّوة المعلومات .... ،هل هناك اختلال في ميزان القوى قد يؤثر على طبيعة ال ّناع).
- 3ماهو حجم ال ّناع ؟
(عدد الأشخاص المعنيين ومستوى ال ّناع – الأفراد ،المجموعات... ،المجتمع المحلي).
- 4ماهي أهم الأسباب لل ّناع ؟
(البيانات المفقودة ،الأمور الهيكلية ،القيم)....
- 5ماهو مسار ال ّناع ؟
(إلى أي فترة سوف يستمر ال ّناع ؟ الأيام ،الأشهر ،السنوات ...في أي مرحلة من ال ّناع نحن الآن؟ )....
- 6ما الذي تم فعله حتى الآن لح ّله ؟
(تاريخ النجاحات والإخفاقات التي شهدتها محاولات الحل).
- 7ماهو دورنا بالنسبة لل ّناع ؟
(ضحية ،قامع ،مدافع عن أحد الأطراف ،خبير مستقل ومكتشف الحقائق ،متدخل عادي /رسمي مثل واسطة المصالحة ،الوسيط ،المح ّكم ؟)
21
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
و تهدف عمل ّية تحليل ال ّنزاع الى:
▪ التعرف على أسباب النزاع (الأسباب المباشرة والعميقة للنزاع).
▪ التعرف على أطراف النزاع الداخلية والخارجية ودرجة تأثير كل منها.
▪ التعرف على طبيعة العلاقات القائمة بين أطراف النزاع.
▪ فهم سياق وبيئة النزاع ،وكذلك توجهات أطراف النزاع ،والطرق والوسائل التي استخدمت من قبل كل منها في هذا النزاع.
▪ الوعي بنتائج وآثار النزاع.
▪ مراقبة تطور النزاع وتصاعده.
▪ التعرف على قيم وثقافة أطراف النزاع.
▪ التعرف على مواقف ،مصالح واحتياجات أطراف النزاع.
▪ التعرف على موضوع النزاع (القضية /القضايا المتنازع عليها).
▪ امتلاك النظرة الكلية والشاملة للنزاع.
▪ نقطة انطلاق و بداية للتدخل السليم والفعال في النزاع.
.3.2أدوات تحليل النزاع
هنـاك أدوات متعـددة لتحليـل الـزاع ،وكل أداة لهـا خصائصهـا وخطواتهـا ،وعنـد التحليـل كمـا سـرى لاحقـا قـد نكتفـي بـأداة واحـدة وقـد تحتـاج بعـض
النزاعـات إلى تطبيـق عـدة أدوات ،واختيـار أداة التحليـل (أو أكـر مـن أداة) يعـود إلى نوعيـة الـزاع وطبيعتـه وتشـعبه وحجمـه ،ومـن خـال الأدوات الـي
سـنتناولها هنـا سنكتشـف كيـف نحـ ّدد الأداة المناسـبة لأي نـزاع ندرسـه.
سنتناول خمس أدوات هامة وهي :أداة مراحل ال ّناع ،أداة خريطة النزاع ،أداة المثلث ،أداة البصلة ،أداة شجرة النزاع ،وأداة قياس درجة تعقد النزاع
1 .3.2مراحل ال ّناع:
تر ّكـز هـذه الأداة عـى إبـراز مسـار الـ ّزاع و مراحـل تطـ ّوره .فمـن المهـم تحديـد مراحـل الـزاع لاسـتخدامها مـع أدوات أخـرى وتحليـل ديناميكيـة ك ّل مرحلـة مـن
مراحلـه .واذا مـا اعتمدنـا تقسـيما أكـر تفصيـا لمراحـل الـ ّزاع يمكـن اعتبـار المراحـل ال ّتاليـة:
الاختـاف :الاختـاف يرجـع إلى فـروق طبيعيـة بيـن شـخص وآخـر ،عـى سـبيل المثـال :الاختـاف الناتـج عـن الانتمـاءات الجغرافيـة كفـرد مـن ال ّريـف و آخـر مـن
المدينـة ،أيضـا الاختـاف البيولوجـي بيـن الرجـل والمـرأة.
.2تحليل ال ّنزاع 22
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
الخـاف :الخـاف لا يرجـع إلى الفـروق الطبيعيـة بيـن الأفـراد أو الجماعـات ،وإنمـا يرجـع إلى التمسـك الشـديد بالـرأي أو المواقـف ورفـض التنـازل عنهـا .وهـو
مفهـوم يعـ ّر عـن المعارضـة ،والتضـاد ،وعـدم التطابـق.
المشـكلة :هـي حالـة مـن التوتـر وعـدم الرضـا الناجميـن عـن بعـض الصعوبـات ،الـي تعـوق تحقيـق الأهـداف أو الوصـول إليهـا .يعـر عنهـا البعـض اختصـارا
بأنهـا " :فجـوة بيـن الواقـع والمأمـول" وإذا اتخـذت المشـكلة مسـارا معقـدا ،فإنهـا تكـون السـبب الأساسـي لحـدوث نـزاع.
الـزاع :هـو عجـز شـخص أو أكـر عـن الاتفـاق عـى أمـر معيـن ،ويمكـن توصيفـه أيضـا أنـه انعـدام الاتفـاق أو الإجمـاع عـى الأهـداف بيـن طرفيـن أو أكـر
وتحولهـم مـن حالـة التوافـق إلى حالـة مـن التصـادم .وقـد يكـون شـكل هـذا التصـادم ظاهـرا مـن خـال الأفعـال أو السـلوك ،كمـا أنـه قـد يكـون خفيـا لبعـض
الوقـت بسـبب عـدم التعبـر عنـه مـن قبـل أطـراف الـزاع ،قبـل أن يظهـر للعيـان بسـبب موقـف أو حـادث يكشـف مـا كان مخفيـا.
الصراع :بداية احتكاك مباشر من الطرفين.
الأزمــة :تعـي تهديـدا وخطـرا متوقعـا أو غـر متوقـع لأهـداف وقيـم ومعتقـدات وممتلـكات الأفـراد والـي تحـد مـن عمليـة اتخـاذ القـرار ،بمعـى آخـر فـإن الأزمـة
تعتـر نتيجـة نهائيـة لتراكـم العديـد مـن التأثـرات ،وتنتـج عـن حـدوث خلـل مفاجـئ يؤثـر في المقومـات الرئيسـية للنظـام ،وتشـكل تهديـدا صريحـا واضحـا لبقـاء
الفـرد أو المنظمـة او النظـام نفسـه.
العنــف :سـلوك يتسـم بالعدوانيـة يصـدر مـن طـرف (فـرد أو جماعـة) بهـدف اسـتغلال وإخضـاع طـرف آخـر ،ممـا يتسـبب في إحـداث أضـرار ماديـة أو معنويـة أو
نفسـية (للفـرد أو الجماعـة) .وهـو انتهـاك للشـخصية الإنسـانية (ماديـا أو معنويـا) ،وتعـد عـى الآخـر أو إنـكاره أو إقصـاؤه وتهميشـه ،وهـو اسـتخدام للقـوة
اسـتخداما مفرطـا أو غـر مشـروع ،وهـو مباشـر وغـر مباشـر.
فالعنـف مرحلـة متقدمـة مـن النزاعـات ،وفيـه يبـدأ ظهـور أضـرار التصـادم ،أو يتطـور فيهـا الـزاع والأزمـة إلى ممارسـات عنيفـة تهـدد السـامة الشـخصية أو الاجتماعيـة.
متى يصبح النزاع عنيفا ؟:
-1عندما تنقطع قنوات الحوار.
-2عندما تكون المظالم عميقة ولا يسمح بالتعبير عنها.
-3عند تصاعد واحتدام الآراء المتعارضة والمتناقضة.
والسؤال المطروح هنا :متى يكون العنف مشروعا ؟ ولمن ؟
يكون العنف مشروعا في التعامل مع المجرمين والخارجين عن القانون ،وتمارسه فقط الدولة ذات الشرعية الشعبية.
المواجهة :وهي الحالة الأوسع لممارسة العنف بشتى أنواعه ،وهي حالة عنف جماعية أضرارها أوسع وأكبر.
23
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
والتساؤل الأول هنا هو :ماذا نستفيد من معرفة هذا الترتيب وهذه المراحل للنزاع ؟
والتساؤل الثاني هو :هل نحتاج إلى مواجهة الخلاف مبكرا قبل أن يتفاقم وينتقل إلى مرحلة المشكلة ثم النزاع وتكوين الصراع ؟
2 .3.2خريطة النزاع:
تسـمح خريطـة الـزاع بتحليـل واضـح وشـامل للـ ّزاع مـن خـال تسـليط الضـوء عـى مختلـف أبعـاد الـ ّزاع :التاريخيـة والسـياق والقضيـة والأطـراف والديناميكيـة
أو ال ّتطـ ّور.
المفهوم :
إن رسـم وتصميـم خرائـط الـزاع يمنحنـا الفرصـة لكـي نـرى الـزاع بـكل عناصـره ،ويعطينـا نفـس النظـرة الـي يسـتطيع الطائـر أن يحصـل عليهـا لمنطقـة
جغرافيـة وهـو في الأعـى ،حيـث يمكـن التعـرف عـى جميـع جوانـب قضيـة الـزاع ،وتحديـد وجهـات نظـر جميـع أطـراف الـزاع تجـاه القضيـة المتنـازع عليهـا،
وكذلـك رصـد أي جوانـب أو قضايـا فرعيـة للـزاع غـر ملحوظـة للبعـض أو للجميـع ،إن ذلـك يعـي أنـك تقـف في الأعـى وتنظـر أدنى منـك لـرى قضيـة الـزاع
بأطرافهـا وكافـة متعلقاتهـا.
من خلال الخريطة يمكن :
▪ التعرف على جميع جوانب قضية النزاع ،ورؤية النزاع بجميع عناصره.
▪ تحديد وجهة نظر جميع أطراف النزاع تجاه القضية المتنازع عليها ،وتحديد الرغبات والتخوفات.
▪ التعرف على (قوة و تأثير) أطراف النزاع على قضية النزاع.
▪ التعرف على العلاقات المتبادلة بين الأطراف الداخلية والخارجية في قضية النزاع.
▪ رصد أي جوانب أو قضايا فرعية للنزاع غير ملحوظة للبعض أو للجميع.
يمكن رسم خرائط النزاع بشكل فردي أو جماعي وإن كان يفضل أن يتم رسمها بشكل جماعي.
خطوات رسم خرائط النزاع :
الخطوة الأولى :تحديد القضية
ويعـي ذلـك تحديـد الأمـور المتنـازع عليهـا في صيغـة مختصـرة وواضحـة (قضيـة الـزاع) ،بشـكل مبسـط يمكنـك اسـتخدام ورقـة كبـرة (فليـب شـارت) ورسـم
دائـرة في منتصـف الورقـة وكتابـة اسـم القضيـة المتنـازع عليهـا ،مـع تفـادي ذكـر أسـماء الأشـخاص،
.2تحليل ال ّنزاع 24
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
وهنا يجب أن تتحلى بأحد المبادئ الأساسية لتحليل النزاع وهي الحيادية ،وهو ما يقتضي منك
ألا تتهم الأشخاص بل توجيه اتهامك للأفكار أو الأفعال موضوع النزاع ،على سبيل المثال :
لا تقل (قبيلة (س) منعت بناء المركز الصحي) ولكن قل (تعثر بناء المركز الصحي في منطقة كذا).
متى يكون من الصعب تحديد قضية النزاع؟
- 1عندما تكون قضية النزاع الحقيقية مختفية (تذوب) ضمن عدة مشكلات وقضايا فرعية ومتعددة.
- 2عندما تبدو قضية النزاع معقدة تتشابك فيها أطراف عديدة.
- 3عندما يكون أطراف النزاع لديهم تصورات مختلفة ووجهات نظر مختلفة في وصف نفس القضية وتحديد أسبابها.
- 4عندما يكون بعض أو كل أطراف النزاع مترددين والبعض الآخر ليس لديه الدافع أو الرغبة في حل قضية النزاع.
خريطة التحليل المقطعي :
عندمـا يكـون مـن الصعـب تحديـد قضيـة الـزاع فإنـه يجـب أن يتـم اسـتخدام تحليـل أكـر عمقـا للـزاع وهـو التحليـل المقطعـي الخماسـي والـذي يسـتخدم خمـس
نمـاذج مـن الأسـئلة (مـاذا ،مـن ،وكيـف ،ومـى ،وأيـن).
▪ فكـر في قضيـة الـزاع الحاليـة وحـاول ان تلخصهـا بكلمـة أو جملـة تعتقـد أنهـا معـرة عـن قضيـة الـزاع ،اكتبهـا في منتصـف (مركـز) ورقـة كبـرة ،وارسـم
حولهـا دائـرة.
▪ ارسم خمسة دوائر محيطة بدائرة المركز واكتب داخلها إجابات للخمسة أسئلة التالية :
- 1من :من الأفراد أو المجموعات كان طرفا آخر في القضية محل النزاع ؟
- 2ماذا :ماذا حدث على وجه الدقة ؟
- 3كيف :كيف ظهرت (حدثت) القضية ؟
- 4متى :متى حدث ذلك ؟
- 5أين :أين حدث ذلك ؟
▪ بالنظـر إلى العبـارة الـي في الوسـط والتفكـر في العبـارات الـي حولهـا سـتكون قـادرا عـى تحديـد قضيـة الـزاع بشـكل أوضـح ،أو قـد تظهـر لـك قضايـا
نـزاع أخـرى مصاحبـة.
▪ تحتاج هذه الطريقة فقط في حال صعب عليك تحديد قضية النزاع بشكل واضح.
25
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
الخطوة الثانية :حدد الأطراف المعنية بالنزاع
حـدد مـن هـم الأطـراف الرئيسـية في الـزاع( ،أفـرادا أو مجموعـات) ،ثـم قـم بوضـع أطـراف الـزاع في الخريطـة حـول الدائـرة الرئيسـية الـي يقـع بهـا اسـم قضيـة
النزاع.
الخطوة الثالثة :حدد (رغبات /طلبات كل طرف)( ،تخوفات كل طرف من أطراف النزاع).
الاحتياجات :إن الحاجة قد تعني الشيء الذي يهم كل طرف تجاه القضية المتنازع عليها ،فيجب بحث ورصد الاحتياجات الملموسة
التخوفـات ( :التحفظـات) إن نوعيـة تخوفـات الأطـراف المتنازعـة قـد تكـون تخوفـات وقـد تكـون دوافـع أو تحفظات أو ضغوط نفسـية داخلية نتيجـة الوضع القائم،
وكمـا هـو الوضـع في الاحتياجـات فإنـه كذلـك في التحفظـات فقـد تكون تلك التحفظات ملموسـة أو غير ملموسـة.
الخطوة الرابعة :قراءة خريطة النزاع
الغـرض مـن قـراءة الخريطـة هـو تنظيـم المعلومـات الـي تـم جمعهـا مـن خـال الخريطـة و ترتيبهـا و النظـر في الصياغـة و العبـارات ،وهـو مـا يهيـئ لنـا ملاحظـة
النقـاط و الجوانب المشـركة.
.2تحليل ال ّنزاع 26
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
الخطوة الخامسة :الأرضية المشتركة
و نعني بالأرضية المشتركة جوانب الاحتياجات والاهتمامات التي اتفق عليها كل أو غالبية أو بعض أطراف النزاع.
من المهم بناء إطار عام للشراكة بين المتنازعين (بث شعور بالاتفاق بين الأطراف المتنازعة).
من المهم استكشاف الاحتياجات غير الظاهرة (الخفية) ،وكذلك الأسباب الخفية.
من المهم أيضا رصد احتياجات الفئات الخاصة.
و في نهايـة هـذه الخطـوة يتـم تحديـد القواسـم المشـركة (المسـتخلصة) سـواء الـي بيـن (الأطـراف) أو الـي تتعلـق بـ (المطالـب أو المخـاوف) ،و نقـوم
بكتابتهـا في أسـفل قاعـدة الخريطـة ،أو في مـكان مناسـب.
الخطوة السادسة :حدد عناصر أخرى للنزاع
وهي :
▪ تاريخ نشأة النزاع.
▪ مكان النزاع.
▪ الوضع الحالي للنزاع :ما الذي يحدث الآن ؟
▪ الوقت الملائم للتدخل أو محاولة الحل.
▪ مستوى قوة أطراف النزاع (هيكل القوى).
▪ الأسباب الرئيسية للنزاع.
وبعد الانتهاء من المناقشات دع كل الأطراف يقرأون الخريطة ويعلقون عليها.
متى يمكن استخدام الخريطة :
• يتم استخدام الخريطة عندما نحتاج الوصول إلى توضيح كافي عن القضايا والمشكلات.
• يمكن أن تستخدم في القضايا البسيطة والمعقدة.
• يمكن أن تستخدم بشكل فردي أو ثنائي أو جماعي.
• يمكن أن تستخدم في التخطيط لتناول قضايا معينة ويكون من المهم التعرف على اهتمامات واحتياجات الأطراف المختلفة.
27
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
• يمكن أن تفيد في هيكلة خطوات التعامل مع قضية النزاع بشكل سريع.
• يمكن ان تستخدم عندما تكون القضية معقدة وعندما يشعر أطراف النزاع أنهم غير قادرين على حل قضية النزاع (لا يملكون مفتاح الحل)
رموز يمكن استخدامها في خريطة النزاع
.3.3.2المثلث ت.س.سACC .
مثلـث الـزاع أداة لتحليـل النزاعـات يقـوم عـى فرضيـة أن للنزاعـات ثلاثـة عناصـر أساسـية وهـي السـياق ( )Contextويقصـد بـه الخلفيـة السياسـية والاقتصاديـة
والاجتماعيـة والثقافيـة والتاريخيـة ،ال ّتوجهـات ( )Attitudesويقصـد بهـا التصـ ّورات الخاطئـة و المواقـف الـي يحملهـا كل طـرف عـن الآخـر ،والسـلوك
( )Behaviourوهـو الـيء الظاهـر والمـرئي والـذي يكـون عـى شـكل أقـوال أو أفعـال .وبينمـا يكـون السـلوك شـيئا ظاهـرا يكـون السـياق والتوجهـات غـر
ظاهريـن ،وفقـا ليوهـان جالتونـج . 6وتؤثـر هـذه العوامـل عـى بعضهـا البعـض ولذلـك وجـب معرفـة كافـة الجوانـب الـي أدت إلى نشـوب هـذا الـزاع.
Galtung Johan: Transcendance et tranformation des conflits: une introduction au métier de médiateur. Traduit par CélestinTagou, PUPA/AIPCD, Yaoundé 2010. 6
.2تحليل ال ّنزاع 28
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
أهداف أداة المثلث :
تعتـر هـذه الأداة مـن أهـم الأدوات المسـتعملة في تحليـل الـزاع .إذ تمكننـا مـن تحليـل كل مـن السـلوك ،والسـياق ،والمواقـف للأطـراف المتنازعـة وتمكننـا
مـن إدراك أثـر السـياق والمواقـف في تصعيـد أو خفـض الـزاع ،والمقصـود هنـا بالسـلوك هـو الآثـار الناتجـة عـن الـزاع كالقتـل – الخطـف – التدمـر – السـب
– الاعتـداء .... ،إلـخ ،أمـا السـياق فهـو وصـف وتحليـل للأنظمـة والبـى السـائدة والمطبقـة الـي تعيشـها الأطـراف المتنازعـة ،أمـا التوجهـات فتشـمل وصفـا
وتحليـا للمشـاعر والقيـم والمعتقـدات .ومـن المهـم لإحـداث التغيـر في أي حالـة مـن حـالات الـزاع أن لا يتـم حصـره بتغيـر السـلوك فقـط ،لأنـه إذا لـم يتـم
أحـداث التغيـر في المواقـف والسـياق فـإن السـلوك السـلبي سـرعان مـا يعـود للتفجـر .إن بنـاء تغيـر مسـتقر ودائـم يحتـاج إلى التغيـر في الأبعـاد الثلاثـة للمثلـث.
كمـا أن مـن أهـداف هـذه الأداة أن تبيـن للطـرف الثالـث أبعـاد الـزاع ،وهـو مـا يسـاعده بـأن يوجـه التسـاؤلات إلى أطـراف الـزاع وبمـا يمكـن هـذه الأطـراف مـن
الوعـي بموقـف الـزاع وفي ذات الوقـت تمكينهـا في أن تضـع أطـراف الـزاع نفسـها مـكان الطـرف الآخـر.
29
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.4.3.2أداة البصلة
هـي وسـيلة لتحليـل مـا يقولـه كل طـرف مـن أطـراف الـزاع وتصنيـف تلـك الأقـوال إلى مسـتويات ثلاثـة هـي :المواقـف والمصالـح والاحتياجـات .ترسـم الأداة
في شـكل شـبه دائـري (بصـي) مكـون مـن ثـاث مسـتويات يعـروا عـن التـالي :
المستوى الخارجي "المواقف" :وتمثل الأشياء المعلنة من قبل الشخص أو المجموعة وتتمثل في السؤال ماذا تريد؟
المستوى الوسطي "المصالح" :هي ما يختفي وراء المواقف وتتمثل في السؤال لماذا ؟
المستوى الداخلي "الاحتياجات" :وهي القضايا الأساسية والأمور التي لا يمكن الاستغناء عنها.
استخدامات الأداة :
تسـاعد في تحليـل أسـباب الـزاع ومواضيعـه ،وتحديـد الاحتياجـات والمصالـح الحقيقيـة لأطـراف الـزاع كخطـوة أولى بهـدف معرفـة مـدى وجـود نقـاط توافـق
والتقـاء في الاحتياجـات والمصالـح لـدى الأطـراف ،كنقطـة انطـاق لتحديـد كيفيـة التدخـل لحـل الـزاع.
.5.3.2شجرة النزاع:
عادة ما يش ّبه النزاع بشجرة بمختلف أجزائها .تمثل الفروع الآثار أو أعراض المشكلة .الجذع هو القضية الرئيسية ،والجذور هي الأسباب.
هـي إحـدى الأدوات الهامـة في تحليـل النزاعـات وهـي توضـح العلاقـة مـا بيـن الأسـباب والـي تمثـل الجـذور ،وموضـوع الخـاف والـذي يمثـل السـاق ،والنتائـج
المترتبـة عـن الخـاف والـي تمثـل الأوراق ،ويفضـل اسـتخدام هـذه الأداة داخـل المجموعـات أكـر مـن الأفـراد.
يتضح مما سبق أن كل جزء في الشجرة الطبيعية يقابله جزء في شجرة النزاع ،وعلى النحو التالي:
▪ جذور رئيسية :اسباب رئيسية.
▪ جذور فرعية :أسباب فرعية.
▪ ساق :قضية النزاع الرئيسية.
▪ غصون وأوراق وثمار :الأثار المباشرة والغير مباشرة.
تمثل شجرة النزاع منهجية لتبين العلاقة بين الأسباب والنتائج الخاصة بالنزاع.
وبعد الانتهاء من رسم شجرة النزاع ،لا بد من الحصول على عناصر أخرى :
▪ الأمور المتنازع عليها.
▪ أطراف النزاع الأساسية.
.2تحليل ال ّنزاع 30
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
▪ المعنيون بالنزاع الذين لهم مصلحة في حل النزاع أو في إذكائه.
▪ تاريخ النشأة ،ومكان النزاع.
▪ التوقيت الملائم لحل النزاع.
أهـداف هذه الأداة :
• ربط أسباب النزاع وآثاره ببعضها البعض.
• مساعدة المجموعة للاتفاق على جوهر المشكلة.
• مساعدة المجموعة على اتخاذ قرارات حول الأولويات لمعالجة قضايا النزاع.
31
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
مثال لأداة التحليل باستخدام الشجرة
.2تحليل ال ّنزاع 32
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.6.3.2أداة تقدير درجة النزاع:
متى نستخدم أداة تقدير درجة النزاع ؟
عندمـا تكـون قضيـة الـزاع معقـدة ولا تسـتطيع الخريطـة بمفردهـا تحديـد الحلـول ،لذلـك فيجـب أن تتبـع عمليـة التحليـل باسـتخدام الخريطـة عمليـة أخـرى وهـي
تقييـم مسـتوى الـزاع.
ولهذا يتم تقييم النزاع من خلال المؤشرات التالية :
• عدد أطراف النزاع بأنواعهم المختلفة.
• عدد القضايا الرئيسية والفرعية لموضوع النزاع.
• تاريخ نشأة النزاع.
• حجم المصالح لأطراف النزاع.
• درجة الوضوح في قضايا النزاع.
• العلاقات بين الأطراف المتنازعة.
• مدى تأ ّصل الخلافات أو النزاعات يعني جذور النزاع.
• تأثيرات الأقارب في زيادة ح ّدة النزاع.
33
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
جدول تحليل النزاعات (لقياس درجة تعقد النزاع)7
درجات التحليل القيمة العناصر م
النسبية عدد الأطراف بأنواعهم المختلفة 1
2 عدد القضايا الرئيسية والفرعية 2
5-3 1 3
10-6 2 تاريخ نشأة النزاع 4
الأطراف متعددة أو لا يمكن حصرها 3 حجم المصالح
4
1
2 1
4-3 2
أكثر من 4 3
4
جديد :نشأ خلال الشهور الثلاثة الماضية
معاصر :من 4شهور إلى سنتين. 1
2
قديم :من سنتين إلى خمس سنوات. 3
مزمن :منذ خمس سنوات فأكثر 4
قليلة للجميع 1
قليلة لمعظم الأطراف ،هامة لأقلية 2
هامة لمعظم الأطراف ،غير هامة لأقلية 3
4
هامة لكل الأطراف
.2تحليل ال ّنزاع 7مرجعية الأداة (د على إسماعيل – جامعة الأزهر – القاهرة)،نقلا عن الخبير الأستاذ /محمد قطب
34
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
القضايا يمكن تميزها بوضوح 1 درجة الوضوح 5
القضايا يشوبها بعض الغموض ولكن يمكن تصنيفها بشكل عام. 2 6
3 7
يوجد تداخل وعدم وضوح بين القضايا. 4 8
القضايا متشابكة ومعقدة ويصعب فصلها بأي صورة كما إنها متغيرة باستمرار.
كانت جيدة وهناك رغبة في تحسينها ويتوقع أن تكون جيدة أيضا في المستقبل. 1 العلاقات بين الأطراف
معقولة في الماضي – إيجابية في المستقبل. 2
3
ضعيفة في الماضي – والتوقعات المستقبلية سلبية. 4
سيئة في الماضي ومن المتوقع استمرار ترديها.
ليست عميقة الجذور. 1 مدى تأصل الخلافات أو النزاعات
لها جذور بسيطة. 2
3
جذورها عميقة نسبيا. 4
جذورها متأصلة وقوية.
الأقارب بعيدة تماما عن النزاع. 1 في زيادة النزاع
بعض الأقارب لهم دور محدود في النزاع. 2
3
الأقارب لهم دور في النزاع. 4
الأقارب لهم دور عالي في اشتعال النزاع.
بعد تحديد القيمة النسبية لكل عنصر ...اجمع إجمالي الدرجات كي تتعرف على درجة تعقد النزاع الجاري دراسته
12-8لا يتطلب مجهودا كبيرا للتعامل معه. القيمة الإجمالية
21-13يحتاج إلى مجهود واستعداد للتعامل معه يفرض بعض التحدي لمواجهته
27-22عنيف ومعقد ويتطلب استعدادا خاصا لإدارته
32-28معقد للغاية ويحتاج مهارات خاصة للتعامل معه
35
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.4.2مداخل أساسية
مـن المفيـد في نهايـة هـذا الجـزء الخـا ّص بتحليـل الـ ّزاع الانتبـاه لبعـض الأبعـاد المؤ ّثـرة في تشـ ّكل و تطـ ّور الـ ّزاع ألا و هـي :ال ّسـلطة و ال ّثقافـة و الهو ّيـة و
ال ّنـوع و الحقـوق و ال ّطبقـة.
.1.4.2السلطة
السلطة ليست في حد ذاتها سيئة ،ولكن غالبا ما تؤدي إلى سوء استخدام السلطة بوصفها وقودا في النزاع .وهناك عدة أنواع من ال ّسلطة:
• سلطة الاستغلال :تمارس على شخص لفظيا أو عن طريق التهديد والقوة والضغط
• السلطة التنافسية :تسعى للحد من قوة الآخر للقضاء عليه
• سلطة التعاون :عندما يدرك أحد أنه لا يمكنه الفوز بمفرده .فيستخدم قوة المجموعة.
• سلطة الخبرة و المعرفة :عندما تكون لدينا المعرفة/المعلومة تكون لنا السلطة
• سلطة المنصب :عندما يكون لدينا منصب
• سلطة الموارد :عندما يكون لدينا المال/الثروات تكون لنا السلطة.
كمـا يمكـن الإشـارة في هـذا ال ّصـدد إلى مفهـوم القـ ّوة .إن القـوة في الـزاع لهـا مصـادر عديـدة ،حيـث قـد تسـتمد مـن التركيـب الثقـافي والاجتماعـي أو مـن
النـوع أو الطبقـة .كمـا أنهـا تسـتمد أيضـا مـن الوضـع الوظيفـي أو مـن القـدرة الماليـة أو مـن وضـع الفـرد في الأسـرة أو الجماعـة .وعـى المسـتوى الـدولي قـد
تسـتمد مـن الوضـع الاقتصـادي أو القـوة العسـكرية .كمـا أن القـوة يمكـن أن تقـوم عـى أسـاس أخلاقـي مثـل تجربـة غانـدي ومارتـن لوثـر كينـج.
تلعب القوة أدوارا عديدة في النزاعات ،حيث أن حسابات القوة عادة هي التي تؤدي إلى قرار أطراف النزاع تصعيد الصراع أو التمادي فيه من عدمه.
.2.4.2الثقافة
تعـر الثقافـة عـن عـادات وقيـم محـددة يشـرك فيهـا مجموعـة مـن النـاس يقيمـون في منطقـة معينـة ،إن الثقافـة ليسـت شـيئا تمتلكـه عنـد الـولادة ،بـل إننـا
نتعلمـه خـال طفولتنـا وشـبابنا مـن الوالديـن والعائلـة والأسـاتذة ومـن رجـال الديـن ووسـائل الإعـام أيضـا.
في الثقافـة ،هنـاك معايـر و قواعـد .عندمـا نتواصـل فـا ّن هـذه المعايـر والقواعـد تكـون غـر مرئيـة .إذا كنـا لا نعـرف هـذه القواعـد والمعايـر ،وخاصـة في مجتمـع
متعـدد الثقافـات ،فإنـه يمكـن أن يتسـبب في نزاعـات .الثقافـة هـي قضيـة حساسـة بالنسـبة للبعـض كمـا أنـه يمكـن أن تـؤدي بسـهولة إلى نـزاع.
مـن بديهيـات دراسـات الـزاع والسـام أن الثقافـة والهويـة المحيطيـن بالـزاع لهمـا تاثـر كبـر عـى حـدوث الـزاع .وهنـا مثـال بسـيط :مـاذا قـد يحـدث لـو أن
.2تحليل ال ّنزاع 36
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
شـخصا مـن أحـد الأريـاف في العالـم العـربي أخـر آخـر أنـه شـاهد أخـت الثـاني بصحبـة رجـل غريـب في الليـل ؟ ومـاذا يحـدث لـو أن نفـس الواقعـة حدثـت بيـن
أمريكييـن مقيميـن في نيويـورك ؟ مـن السـهل هنـا أن نتصـور احتمـال أن تحتـوي القصـة الأولى عـى نـزاع عنيـف بسـبب مفاهيـم ثقافيـة محـددة بشـأن علاقـات
الرجـل والمـرأة بينمـا لا تـؤدي إلى أي نـزاع عـى الإطـاق في الحالـة الثانيـة .هـذا المثـال يوضـح أن الثقافـة هـي مفهـوم وإطـار فضفـاض تنـدرج تحتـه كل
مقومـات تكويـن الشـخصية في كل مجتمـع مهمـا صغـر او كـر.
وتدخل في تركيبة الثقافة عناصر تكاد لا تحصى من تاريخ وجغرافيا وتراث وما تحويه من تقاليد وأديان.
مـن المهـم القـول هنـا بـأن الثقافـة تؤثـر بالكامـل عـى مفهـوم الهويـة سـواء لـدى الأفـراد أو الجماعـة .كمـا أن تأثـر الثقافـة عـى الأفـراد والمجتمعـات ليـس
موحـدا في حـدود كل منطقـة داخـل الدولـة أو حـى داخـل الأسـرة الواحـدة.
عندمـا نتعامـل مـع الـزاع السياسـي والاجتماعـي ،الثقافـة غالبـا مـا تطـرح كعامـل مهـم ينبغـي إدراكـه ومعالجتـه ،يتـم النقـاش دائمـا بـأن الثقافـة تحـدد
الطريقـة الـي تتصـرف مـن خلالهـا ،كمـا تحـدد أيضـا الأسـلوب والطريقـة الـي نتعامـل مـن خلالهـا مـع الآخريـن ،لذلـك يتوجـب عـى أي شـخص مهتـم بمجـال
حـل وإدارة الـزاع فهـم السـياق الثقـافي المحيـط بأطـراف الـزاع خاصـة في حالـة وجـود أطـراف تنتمـي لثقافـات مختلفـة.
.3.4.2الهوية
من المهم هنا توضيح أن للهوية العديد من الأبعاد المختلفة التي تدخل في تشكيلها وتحديدها ،ومن بين هذه الأبعاد :
▪ الثقافة :وتشمل اللغة ،الانتماء العرقي ،طريقة الحياة ،عادات وقيم المجتمع ...إلخ.
▪ القرابة :وتشمل العلاقات والأدوار داخل العائلة ،هوية العشيرة أو القبيلة ،القيم المتوارثة من الآباء إلى الأبناء ...إلخ.
▪ التعليم :ويشمل مستوى التدريس ،الدرجة أو المؤهلات ،تطوير المهارات ،التجربة ،التعليم غير الأكاديمي ...إلخ.
▪ الخلفية :وتشمل من أين أنت ؟ ما هي الهوية التي ورثتها (مسلم ،مسيحي ،كردي ،إفريقي ،ألماني ...إلخ) ؟
▪ الأدوار :ماهي الأدوار أو المواقع التي تمتلك ؟ ما هو مجالك المهني ؟
مـن خـال مـا سـبق نجـد أن للهويـة أبعـاد مهمـة جـدا تكمـن في تكويـن شـخصية الفـرد والمجتمعـات عـى حـد سـواء .فعندمـا يشـعر الفـرد بـأن حاجتـه للشـعور
بالهويـة قـد تـم تجاهلهـا أو حـى طمسـها فـإن ذلـك قـد يدفعـه للبحـث عـن وسـائل تضمـن لـه تلبيتهـا ،وقـد يكـون العنـف أحـد هـذه الوسـائل.
37
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.4.4.2النوع
إن دراسـات النـوع تعتـر مـن أسـس دراسـات السـام والـزاع وكان لهـا أثـر كبـر في توعيـة الباحثيـن في هـذا المجـال بأهميـة العوامـل الاجتماعيـة والشـخصية
المرتبطـة بموضـوع الـزاع .وتتلخـص مقولـة النـوع في أن تاريـخ الإنسـانية قـد شـهد إجحافـا للمـرأة وحقوقهـا لمصلحـة الرجـل .وهـذا الظلـم قـد أصبـح عضويـا
في تركيبـة المجتمعـات وسـلوك أفرادهـا إلى درجـة يسـتحيل معهـا تفهـم النزاعـات وكيفيـة إصلاحهـا بـدون فهـم تفاعـات النـوع.
وتفاعـات النـوع ليسـت قاصـرة فقـط عـى نزاعـات فرديـة وأسـرية وإنمـا هـي تتعلـق بـكل مسـتويات الـزاع .عـى سـبيل المثـال فـإن أمـور النـوع يكـون لهـا تفاعـل
هـام في النزاعـات الوظيفيـة وفي حصـول المـرأة عـى حقـوق متسـاوية مـع الرجـل.
ومـن الأمثلـة المحزنـة عـى تأثـر النـوع في النزاعـات مـا يحـدث مثـا في كثـر مـن الحـروب والصراعـات في إفريقيـا ،حيـث يقـوم المقاتلـون هنـاك بخطـف النسـاء
وإجبارهـم عـى الإقامـة معهـم بغـرض إشـباع رغباتهـم .وأحيانـا يسـتخدم الإغتصـاب كنـوع مـن الأسـلحة المقصـود بهـا إهانـة العـدو.
.5.4.2الحقوق
أي تحليـل للـ ّزاع يجـب أن يلقـي نظـرة عـى العنـف الهيـكلي ويستكشـف موقـف وتصـ ّور الأطـراف المتنازعـة فيـم يتعلـق بالحقـوق و الح ّر ّيـات .ا ّن نضـال الفئـات
المهمشـة ،مـن أجـل حقوقهـم ،يمكـن أن يـؤدي لا محالـة إلى الـ ّزاع .ترتبـط نظرتنـا لهـذا النضـال و الـ ّزاع بزوايـا نظـر مختلـف الأطـراف المعنيـة.
انتهـاك الحقـوق منتشـر وهـو أصـل الكثـر مـن النزاعـات .والحرمـان مـن الحقـوق ينتهـي دائمـا الى مواجهـة ،والـي تبـدأ عـادة باحتجـاج سـلمي لكـن في ظـ ّل
ال ّرفـض و القمـع العنيـف يمكـن أن ن ّتجـه الى المواجهـة العنيفـة.
.6.4.2الطبقة
إن الطبقـة الاجتماعيـة والماليـة والوظيفيـة هـي نتـاج تركيـب ثقـافي معقـد يفـرض عـى الأفـراد والجماعـات أنماطـا سـلوكية محـددة .وتلعـب الطبقـة دورا
خطـرا في النزاعـات عـى جميـع المسـتويات .حيـث أن تأجـج الإحسـاس بالظلـم هـو أحـد العناصـر الأساسـية في معظـم الثـورات الـي أدت إلى تغيـر أنظمـة
اجتماعيـة وسياسـية .والمنظومـات الطبقيـة أيضـا تؤثـر في سـلوكيات الـزاع عـى المسـتوى الشـخصي وعـى المسـتوى الاجتماعـي أيضـا .فعـى سـبيل
المثـال قـد نجـد في بعـض المجتمعـات العربيـة أن الأفـراد المنتميـن للطبقـات الأقـل حظـا اجتماعيـا يشـعرون برهبـة شـديدة مـن الذهـاب إلى أقسـام الشـرطة
لأن لديهـم اعتقـاد عميـق بأنهـم قـد يتعرضـون للإهانـة أو لـأذى .كمـا أ ّن نفـس هـذه ال ّطبقـات هـي الأكـر تح ّمسـا و تأ ّهبـا للمشـاركة في أفعـال احتجاج ّيـة
في علاقـة بالحقـوق الاقتصاد ّيـة والاجتماع ّيـة و غيرهـا.
فإدراك الخصوص ّيات الطبق ّية مه ّم ج ّدا لإدراك حجم ال ّناع و مدى تط ّوره.
.2تحليل ال ّنزاع 38
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
خلاصة
هناك العديد من الأهداف التي يسعى تحليل ال ّناع الى تحقيقها ،منها :
▪ تحليـل الأسـباب والدوافـع الكامنـة خلـف حـالات العنـف والـزاع للوصـول إلى فهـم عميـق يسـاعد في تحديـد الآليـات الممكـن اسـتخدامها في الوقايـة مـن
هـذه الأسـباب مسـتقبلا.
▪ فهم العوامل التي تؤدي إلى تصعيد العنف والنزاع وزيادة حدته ومن ثم انتقاله من مستوى العنف الكامن إلى العنف الظاهر.
▪ تحديـد العناصـر الـي يمكـن أن تسـاهم في تخفيـف حـدة العنـف أو تهدئتـه تمهيـدا لإيجـاد القنـوات المناسـبة لإيقافـه نهائيـا والعمـل عـى تـافي حدوثـه
مستقبلا .
▪ فهم أساليب حل النزاعات خاصة السلمية منها والتي لا تلجأ إلى العنف.
39
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
3
التعامل مع النزاع
40
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
.1.3حل النزاعات البناء
.1.1.3وضع استراتيجيا لمعالجة النزاع
منازعـات المجتمـع هـي تلـك الـي لا يكـون الفـرد هـو الطـرف الأساسـي فيهـا وإنمـا تكـون مجموعـة مـا هـي الطـرف الأساسـي .وبالطبـع فـإن الأفـراد يلعبـون
أدوارا هامـة في هـذه النزاعـات ولكـن بوصفهـم أعضـاء في المجموعـة .وفي مجـال دراسـات السـام والـزاع نفـرق بيـن هـذا النـوع مـن النزاعـات وبيـن النزاعـات
الدوليـة .هـذا النـوع الأخـر تكـون أطرافـه الأساسـية هـي الـدول أو المنظمـات الدوليـة بينمـا تقـع نزاعـات المجتمـع بيـن مجموعـات تمثـل مصالـح معينـة أو
هويـات أو معتقـدات محـددة.
وأهـم مـا تتصـف بـه نزاعـات المجتمـع هـو أنهـا تخضـع بصـورة كبـرة لفعاليـات تتعلـق بسـلوك الجماعـة في الـزاع .وهـذه الفعاليـات ذات أثـر سـيئ عـى سـر
الـزاع إذ أن هنـاك تسـرع لسـوء الفهـم والتشـدد في الموقـف ممـا يسـاعد الزعمـاء المتطرفيـن في أن يلعبـوا دورا هامـا في إشـعال تلـك النزاعـات.
.2.1.3متاهة النزاع الذي لا تتم إدارته
◦ ظهور المشكلة
◦ تكون الانحيازات
◦ تصلب المواقف
◦ انقطاع الاتصال
◦ الموارد تصبح ملزمة
◦ ال ّناع يخرج من محيط الجماعة
◦ تشوه القدرة على الفهم
◦ ظهور الإحساس بالأزمة
◦ اختلاف النتائج
41
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.3.1.3تطوير برنامج فعال لإدارة النزاع :عشرة مبادئ
◦ النزاعات هي خليط من الوسائل و العلاقات و المضمون
◦ لكي تجد حلا جيدا ،عليك أن تفهم المشكلة
◦ تريث في التخطيط لاستراتيجيتك و تابعها للنهاية
◦ يتطلب التقدم تجاه إدارة النزاع علاقة عملية إيجابية
◦ التفاوض يبدأ بتعريف بناء للمشكلة
◦ يجب على الأطراف أن تشترك في تصميم الأسلوب و الحل
◦ الحلول الدائمة تبنى على المصالح لا على المواقف
◦ يجب أن يكون الأسلوب مرنا
◦ عليك التفكير في الخطأ الذي قد يحدث
◦ لا تؤذي الآخرين
.4.1.3الإنذار المبكر
الإنذار المبكر هو جمع وتحليل المعلومات عن الحالات الفعلية أو المحتملة لل ّناع من أجل اتخاذ الترتيبات اللازمة لكي لا ينزلق ال ّناع إلى العنف.
أه ّم ّية الإنذار المبكر:
◦ التقييم والتنبؤ بالاتجاهات والسيناريوهات المحتملة
◦ المساهمة في تحليل متوازن للوضع
◦ تفسير نتائج ال ّتحليل من أجل رسم الخيارات والاستراتيجيات
◦ تحديد استراتيجيات وفرص السلام و ال ّتماسك الجتماعي
◦ تعبئة الموارد وتطوير قدرات الفاعلين المحليين في رفع مستوى الوعي بال ّناعات و الضغط على الأطراف السياسية الفاعلة في تطوير استجابات بناءة
.3التعامل مع ال ّنزاع 42
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
و من الضروري الانتباه الى:
♦ قادة الرأي (المحلي)
♦ الأشخاص الذين هم ممثلين في مجتمعاتهم (رؤساء الاتحادات والجماعات وغيرها)
♦ السلطات (رئيس البلدية ،الوالي ،المعتمد ،النائب ،رؤساء المجالس الجهوية و المح ّلية ،الخ)
♦ المنظمات
كما يعمل نظام الإنذار المب ّكر على تطوير قدرات المشاركين في كيفية كتابة تقرير الإنذار المبكر.
بعض من الأمثلة الإيجابية لنزاعات المجتمع
مسلمو رواندا و بوروندي
في عـام 1994اشـتعلت الحـرب الأهليـة بيـن جماعـي الهوتـو و التوتـي في روانـدا ثـم في بورونـدي .وهاتـان الجماعتـان تمثـان تقريبـا
كل سـكان البلديـن ،وقـد مـرت العلاقـات التاريخيـة بينهـم بمراحـل مـن التعايـش السـلمي وأخـرى شـهدت توتـرا وحروبـا .وقـد كان للتواجـد
الاسـتعماري البلجيكـي أسـوء الأثـر عـى تـوازن العلاقـات بيـن الجماعتيـن إذ أصبحـت جماعـة التوتـي وهـي أقليـة تقـارب 20%هـي جماعـة
النخبـة بينمـا تهـاوى وضـع جماعـة الهوتـو إلى القـاع .وكانـت حـرب 1994هـي الأخـرة في سلسـلة نزاعـات عنيفـة منـذ الخمسـينيات .ومعظـم
التوتـي و الهوتـو يعتنقـون الديانـة المسـيحية أو ديانـات إفريقيـة .وهنـاك أقليـة مـن الجماعتيـن تعتنـق الإسـام .وقـد اثبتـت إحـدى الدراسـات
الميدانيـة الـي قـام بهـا الباحـث عمـرو عبـد الله 8في الفـرة بيـن عـامي 1999إلى 2002أن مسـلمي البلديـن رغـم انتمائهـم لجماعـات الهوتـو و
التوتـي كانـوا قـد رفضـوا الاشـراك في الحـرب الأهليـة لإيمانهـم أن الاقتتـال لأسـباب عرقيـة يتنـافى مـع مبـادئ الإسـام .بـل أن الكثـر منهـم
قـام بـأدوار فعالـة وشـهد لهـا الكثـرون لحفـظ السـام وحمايـة الأرواح وحـى الآن يكـن لهـم المجتمـع والدولـة في البلديـن الكثـر مـن العرفـان
لدورهـم السـلمي الـذي يعتـر لديهـم نموذجـا للتعايـش السـلمي بيـن الهوتـو و التوتـي.
8عبدالله ،عمرو خيري .200 .حل النزاعات .معهد درسات السلام -الإسكندرية ،مصر وجامعة السلام التابعة للأمم المتحدة -كوستاريكا.
43
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
حل صراع قبلي في ليبريا
شـهدت ليبريـا حربـا أهليـة طـوال التسـعينات مـن القـرن الماضـي وفي إحـدى مراحـل الـزاع وبعـد أن اسـتتب الأمـن لفـرة عـاد العنـف الدمـوي
في الشـمال بيـن قبيلـي اللورمـا و الماندينجـو ممـا أدى إلى مقتـل عـدد مـن الأفـراد وإصابـة آخريـن وتدمـر ممتلـكات في عـام .1998ولذلـك
أوفـدت الحكومـة وفـدا يشـمل وزيـر الدولـة وكبـار المسـؤولين .وقـد أوضـح الوزيـر لممثـي الجماعتيـن المتحاربتيـن أنـه وأعضـاء الوفـد قـد قدمـوا
بوصفهـم أعضـاء في المجتمـع وليـس كوفـد حكـومي رسـمي .ثـم اتبعـوا أسـلوبا تقليديـا لحـل الـزاع بـدأ بحضـور عـدد معيـن مـن ممثـي كل
جماعـة .وحيـث أن الجماعتـان تشـارك أحدهمـا الأخـرى في تاريـخ طويـل مـيء بالتعايـش السـلمي والإيجـابي وعلاقـات الـزاوج فـإن الوزيـر طلـب
مـن ممثـي الجماعتيـن أن يسـردوا تاريخهـم المشـرك عـر 300سـنة وأن يـرزوا المواقـف الـي تكاثفـت فيها الجماعتان والـي لا يزالوا يحكونها
جيـا بعـد جيـل ،وعندمـا قـام قـادة الجماعتيـن بسـرد وتذكـر هـذا التاريـخ واجههـم الوزيـر بالسـؤال "فهـل أنتـم مسـتعدون لتكونـوا الجيـل الـذي
دمـر تاريخـا مـن التعـاون والـود عـى مـدار 300سـنة؟" هـذا السـؤال أضـاف عنصـر المسـؤولية التاريخيـة للـزاع ووضـع قـادة الجماعتيـن أمـام هـذه
المسـؤولية .بالطبـع أدرك القـادة مسـؤوليتهم وكانـت هـذه بدايـة نقـاش موضوعـي لأسـباب التوتـر الـذي حـدث مؤجـرا وتحديـد مسـؤوليات عـن
القتـل والإصابـة والدمـار .ثـم اتفـق الطـراف عـى تعويضـات مناسـبة وأنهـوا الجلسـة باحتفـال حضـره الجميـع لتكريـس المصالحـة.
الأسلوب العشائري (الجاهات والعطوات) لحل النزاعات في المجتمع الأردني
تشـكل العشـرة أو القبيلـة في المجتمـع الأردني وحـدة البنـاء الأساسـية الـي يرتكـز عليهـا الأفـراد في تعريفهـم لهوياتهـم حيـث يعتـر
الانتمـاء إلى العشـرة مـن الأمـور الأساسـية الـي يعـز ويفتخـر بهـا الكثـرون لا سـيما أنهـا تشـكل وحـدة الترابـط والتماسـك الاجتماعـي لهـم.
وتلعـب العشـائر في المجتمـع الأردني أدوارا مهمـة خاصـة فيمـا يتعلـق بتنظيـم علاقـات الأفـراد ببعضهـم بعضـا أو في المناسـبات الاجتماعيـة
المختلفـة كالـزواج والوفـاة وغيرهـا ...كمـا تـؤدي العشـرة دورا رئيسـيا في حـل الكثـر مـن المنازعـات الـي تنشـأ بيـن الأفـراد وهـي بذلـك تعتـر
عنصـرا فاعـا لتحقيـق الأمـن الاجتماعـي بيـن النـاس.
.3التعامل مع ال ّنزاع 44
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
وعندمـا نتحـدث عـن أسـلوب الجاهـات والعطـوات في حـل المنازعـات الحاصلـة بيـن أفـراد المجتمـع مـن المهـم التأكيـد عـى أن الارتبـاط
الاجتماعـي بالجاهـات والعطـوات يعتـر أمـرا تاريخيـا يـكاد ينتشـر في بـاد الشـام عامـة لكنـه يـرز أكـر شـيوعا وانتشـارا في كل مـن الأردن
وفلسـطين ويمتـد حـى يصـل إلى الامتـداد العشـائري لبـدو صحـراء سـيناء وباديـة الشـام عـى العمـوم ،ولكنـه متواجـد بقـوة أيضـا في
الأريـاف والمـدن في هـذه المناطـق.
وقـد بـرزت أهميـة الجهـات العشـائرية في ظـل غيـاب القانـون الـذي ينظـم العلاقـة بيـن الأفـراد قبـل نشـوء المجتمـع المـدني والنظـام القضائي
بشـكله الموجـود حاليـا رغـم أنـه لـم يكـن مكتوبـا أو منصوصـا عليـه بشـكل واضـح ولكنـه كان متـداولا ومحفوظـا ولـه رجالـه الذيـن يقومـون
بالعمـل بـه وهـم مـن كانـوا يعرفـون في ذلـك الوقـت بالشـيوخ أو القضـاة العشـائريين .وكانـت النـاس ترتحـل إليهـم لمسـافات طويلـة تتعـدى
حـدود الجغرافيـا القبليـة بسـبب سـمعتهم الطيبـة ونزاهتهـم وصـواب أحكامهـم.
إذا فقـد كانـت الجهـات جـزءا مـن النسـيج والعقـد الاجتماعـي للمجتمـع لسـنوات طويلـة لعبـت خلالهـا دور رجـال الأمـن والقضـاة وأحيانـا
السـجانين حيـث كانـت مهمتهـم الرئيسـة تقـوم عـى أسـاس إصـاح ذات البيـن بيـن النـاس ورد المظالـم إلى أصحابهـا وتنظيـم العلاقـات
الاجتماعيـة والعشـائرية والحفـاظ عـى المجتمـع سـليما معـافى.
"ويتمتـع الرجـال الذيـن يقومـون عـى هـذا العمـل بالسـمعة الطيبـة والتقديـر الكبـر مـن المجتمـع حيـث نجـد أنهـم يمثلـون مناطـق الأردن
جميع ـا وينتش ـرون في البادي ـة والأري ـاف والمخيم ـات والأحي ـاء والح ـارات والعش ـائر بنطاقه ـا الع ـام ،والأس ـر بمكوناته ـا الأصغ ـر وأفراده ـا الأق ـل.
ويتواصـل هـؤلاء الأشـخاص فيمـا بينهـم بطريقتهـم الخاصـة ويتداخلـون مـع بعضهـم البعـض بطـرق ووسـائل خاصـة وكأنهـم تنظيـم قائـم
عـى أسـس مكتوبـة تحكمهـا نصـوص محكمـة الترابـط هـي مـا نسـميه العـرف الاجتماعـي أو العـادات والتقاليـد والـذي عملـت الدولـة عـى
تشـجيعه لعلمهـا بقدرتـه عـى رفـد القانـون بقـوة إلـزام يفتقـد إليهـا القانـون نفسـه في الأمـور الاجتماعيـة .حيـث يؤطـر العـرف الاجتماعـي
العلاقـات بيـن الأفـراد وينظمهـا ويحافـظ عليهـا لمـا يتمتـع بـه القائمـون عليـه مـن تأثـر واضـح في نطاقهـم الجغـرافي والاجتماعـي.
45
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.5.1.3ملخص حل ال ّناعات الب ّناء
- 1تشكل ال ّناعات جزءا طبيعيا من حياة الأشخاص.
- 2يمكن أن يكون ال ّناع عاملا ب ّناء (إيجابيا) أو مد ّمرا (سلبيا) بالنسبة للأشخاص المشاركين والمعنيين به.
- 3مـن الممكـن أن يكـون الـ ّزاع مصـدرا للتغيـر ،إنـه يعيـق الركـود ،ويح ّفـز عـى الاهتمـام بالمشـاكل وحلهـا ،إنـه يتحقـق مـن العلاقـات ويعيـد التأكيـد عليهـا،
كمـا يشـ ّكل النظـام الاجتماعـي ،ويخفـف مـن التوتـر ...إلخ.
- 4التواصل شرط حيوي ولكنه ليس الوحيد لحل ال ّناع.
- 5قد تشمل العوامل التي لها تأثيرها على عملية حل ال ّناع:
أ -شخصية الأطراف المعنية بال ّناع بالإضافة إلى قيمهم.
ب -العلاقات المتبادلة السابقة للأطراف المعنية.
ت -نوع ال ّناع.
ث -البيئة الاجتماعية.
ج -وجود أشخاص مهتمين يحسنون الإصغاء.
ح -استراتيجيات كلا الطرفين.
خ -النتائج المتوقعة لحل ال ّناع (التعويض الإيجابي أو العقاب السلبي).
د -الخشية من المخاطرة.
- 6يستند الحل الناجح لل ّناع إلى تعظيم المنافع المشتركة.
- 7تستند مواقف ال ّناع إلى المحتويات الواقعية (العناصر الموضوعية) بالإضافة إلى المدخلات الذاتية والعاطفية من الأطراف المعنية.
- 8الخوف ،الإحباط ،الخسارة ،والتصور المك ّثف لل ّناع ليس بالأمور التي يمكن تجنبها عند حل نزاع فعلي ،على العكس – إنها تدعم العنصر الذاتي لل ّناع.
- 9كلما كانت العلاقات بين الأطراف المعنية في ال ّناع أكثر قربا من بعضها البعض ،يمكن لل ّناع أن يصبح أكثر ش ّدة.
- 10ال ّناعات لا بد وأن تكون حاضرة في العلاقات القائمة على العواطف.
.3التعامل مع ال ّنزاع 46
الحوار كوسيلة لتفادي العنف و دعم الحلول السلمية
- 11غياب ال ّناع المفتوح ليس بالبرهان الصادق على القوة واستقرار العلاقة.
- 12ال ّناع مع "المجموعات الخارجية" يميل لأن يدعم وحدة المجموعة الداخلية.
- 13ال ّناعات القائمة على الأفكار المجردة تصبح أكثر صعوبة للحل مقارنة بالنزاعات بناء على مشاكل محددة.
- 14ال ّناعات المو ّجهة ضد قيم مجموعة ما وأخلاقياتها تميل لأن تصبح أكثر راديكالية وصعوبة على الحل.
- 15نزاع الأطراف المتساوية أصعب من حيث الحل مقارنة بال ّناعات بين الأطراف التي تمتلك مرتبة مختلفة من القوة.
- 16ال ّناع الذي يستثيره الخوف (أو الترهيب) أصعب من حيث الحل مقارنة بال ّناع الناشئ عن الرغبات والمطالب.
- 17كلما كان ال ّناع أكثر كثافة ،ق ّلت احتمالات تعاون الأطراف في التوصل إلى حل له.
- 18ال ّناعات التي تشكل خطرا على احترام الذات أكثر صعوبة من حيث الحل مقارنة بتلك التي لا تشكل مثل هذا الخطر.
- 19ال ّناع الذي يحل باستخدام الق ّوة وعدم احترام الاحتياجات المح ّفزة سوف يواصل تطويره بشكل تحولي أو يعود إلى الظهور من جديد عندما تق ّل القوة.
- 20من أجل حل رابح – رابح لل ّناع ،يجب على كل طرف أن يثق بالآخر وبأنه يسعى إلى تحقيق المصالح المتبادلة.
- 21الاتجـاه الـذي يتطـور فيـه الـ ّزاع (إيجابيـا أو سـلبيا) لا يتأثـر بالعوامـل الخارجيـة لكـن بالأطـراف ذاتهـا وبقيمهـم .حـى أن أحـد الأطـراف يمكنـه أن يؤثـر
في الاتجـاه الـذي يتطـور بـه الـ ّزاع.
مـن المهـم القـول بـأن فهـم أسـباب الـزاع ومحيطـه وتفهـم العوامـل الـي تـؤدي إلى تصعيـد أو توتـر الـزاع يقصـد منهـا أن نحـدد كيفيـة التدخـل لتسـوية الـزاع،
عـى سـبيل المثـال لـو أن نزاعـا يشـهد حالـة توتـر شـديدة يسـود فيهـا العنـف المتبـادل الناتـج عـن تاريـخ يشـوبه عـدم الثقـة بيـن جماعتيـن عرقيتيـن ،ومن المعـروف أن
الطرفيـن يدينـان بالاحـرام للرمـوز الدينيـة في المجتمـع ،فـإن التدخـل المناسـب في هـذه المرحلـة قـد يتـم عـن طريـق الرمـوز الدينيـة بغـرض تهدئـة الـزاع أو تخفيـض
درجـة العنـف .ويتلـو ذلـك اتخـاذ خطـوات مرحليـة لبنـاء الثقـة بيـن الطرفيـن حـى يمكـن لهـم مناقشـة أسـباب اشـتعال الـزاع وكيفيـة إيجـاد وسـائل فعالـة لحلـه.
وقـد يتبـع ذلـك اتخـاذ خطـوات طويلـة الأجـل عـى سـبيل المثـال مـن خـال برامـج تعليميـة واسـتخدام وسـائل الإعـام لمسـاعدة جماهـر الجماعتيـن العرقيتيـن
للتغلـب عـى المفاهيـم العدوانيـة الـي سـادت بينهمـا عـر التاريـخ بغـرض إصـاح الـزاع.
إن المثل السـابق يشـر إلى أن التدخل في النزاع يختلف تبعا للغرض المراد تحقيقه .كما أن نوعية التدخل في النزاع تختلف تبعا للوضع الذي يكون النزاع عليه في
مرحلـة محـددة .بالإضافـة إلى ذلـك فـإن مصداقيـة وشـرعية الطـرف الثالـث الـذي يتدخل لتسـوية النزاع هي بدورها من العناصر الأساسـية في فهم التدخـل في النزاع.
47
دليل مب ّسط في تقنيات الحوار و بناء ال ّتوافق
.2.3التدخل لتسوية النزاع
.1.2.3متى يتم التعامل مع النزاع؟
هل من الجيد الانتظار حتى يتفاقم النزاع ليتم التعامل معه أم أنه يجب التحرك قبل أن يتفاقم إلى مراحل أكثر تعقيدا للتعامل معه ؟
يفضل أن يتم التعامل مع النزاع مهما كان بسيطا في مرحلة مبكرة ،فمن عيوب عدم التعامل مع النزاع مبكرا أنه قد يؤدي إلى :
• تفاقمه وانتشاره بين آخرين.
• تشتيت قدرات المجتمع الأفراد.
• انخفاض الانتاجية نتيجة لسوء توجيه الطاقات والقدرات.
لذا فإنه يمكن توجيه بعض النصائح المتعلقة بحل مواقف الخلاف وهي :
- 1عالج الخلاف مبكرا لتجنب تفاقمه.
- 2افهم أبعاده وخطط للتعامل معه.
- 3تجنب طرح وجهة نظرك قبل فهم الصورة كاملة.
- 4حاول تجنب ردود الأفعال الفطرية الخالية من التفكير.
- 5احتفظ بجرأتك وحزمك.
- 6لا تأخذ الأمر بشكل شخصي.
- 7لا تتجاهل الخلاف.
- 8لا تقابل الغضب بالغضب.
- 9لا تتخذ إجراءات دون تقدير وفهم الخلاف.
- 10لا تهرب.
- 11لا تعالج الخلاف على الملأ.
.3التعامل مع ال ّنزاع 48