بنت إعداد:أميرة ممدوح
الباشا تصميم :هيثم حامد
رحلة هالة السعيد من «بيت الوزراء»
لقيادة «التخطيط»
أطلق عليها الكثيرون لقب «سليلة الوزراء» ،فهى وزيرة ،ابنة
وزير ،حفيدة وزير ،شغل جدها منص ًبا وزار ًيا فى إحدى الحكومات
الوفدية خلال الحقبة الملكية ،بينما كان والدها هو المهندس
حلمى السعيد ،وزير الكهرباء والسد العالى فى سبعينيات القرن
الماضى.
إنها الدكتورة هالة السعيد ،التى ولدت فى 19مايو عام 1957
فى القاهرة ،وأثرت نشأتها داخل «بيت وزراء» إلى حد كبير
فى تكوين شخصيتها وبلورة توجهاتها إزاء مختلف القضايا،
بداية من انضمامها إلى مصاف كبار أساتذة جامعة القاهرة ،ثم
انتخابها عمي ًدا لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،فى سابقة
هى الأولى من نوعها ،وأخي ًرا تعيينها وزي ًرا للتخطيط والمتابعة
والإصلاح الإدارى قبل عام ونصف العام.
حصلت على بكالوريوس الاقتصاد
من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
جامعة القاهرة
تولت منصب عميد كلية الاقتصاد
والعلوم السياسية جامعة القاهرة
حتى عام 2016
شغلت منصب مساعد رئيس
جامعة القاهرة لشئون البحث
العلمى والعلاقات الخارجية
تعمل 14ساعة يوم ًيا دون إجازات ..انتصرت على
«الإخوان» فى ..2013وتواجه شائعات «كتائب الجماعة»
تقضى الدكتورة هالة السعيد نحو ١٤ساعة يوم ًيا داخل أروقة
ديوان عام وزارة التخطيط ،إذ تصل مكتبها الموجود بمنطقة
مدينة نصر فى الثامنة صبا ًحا ،لتشرع مباشرة فى عملها
اليومى المعتاد ،عن طريق عقد سلسلة من الاجتماعات ،تارة
مع مساعديها وقيادات الوزارة ،وأخرى مع وفود خارجية ،لتبادل
النقاش حول الملفات المطروحة ،إضافة إلى اجتماعات وزيارات
أخرى خارجية ،قد تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل ،لتغادر
بعدها إلى منزلها الموجود بمنطقة مصر الجديدة فى العاشرة
مسا ًء.
أما عن الإجازات ،ف ُعرف عنها نشاطها اللافت لنظر جميع موظفى
الوزارة ،بعدما تنازلت عن إجازتيها الأسبوعية ،مصرة على
وجودها يوم ًيا داخل مكتبها ،بما فى ذلك يومى الجمعة والسبت،
إذ تكتفى بقضاء النصف الأول من يوم الجمعة مع أسرتها ،قبل
مواصلة عملها داخل ديوان عام الوزارة ،عقب انتهاء صلاة الجمعة
وحتى العاشرة مسا ًء.
هذه الطريقة فى العمل لم تكن وليدة الصدفة ،بل نتاج مشوار
طويل ،إذ لم يكن طريق «الوزيرة الحديدية» يسي ًرا وممه ًدا على
الإطلاق ،خاصة بعدما خاضت معارك كثيرة على عدة جبهات،
بداية من صعودها اللافت كأول سيدة تشغل منصب عميد
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بالانتخاب،
فى أعقاب ثورة يناير ،2011وخلال فترة حكم جماعة الإخوان،
واجهت العديد من التهديدات الإرهابية ،إلا أنها اجتازتها بقوة
فى النهاية ،حتى تركت منصبها قبل عامين.
وفى ،٢٠١٣قررت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،تكريم أحد
رموزها ،أثناء تولى «السعيد» عمادتها ،ووجهت دعوة للدكتور
بطرس بطرس غالى ،الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة ،وبمجرد
علم طلاب «الإخوان» بذلك رتبوا وقفات احتجاجية وقرروا اقتحام
مكتب العميدة لإفساد الحفل ،وحاول أعضاء اتحاد الطلاب
التصدى لهؤلاء ،لكنهم فشلوا ،ولولا وجود أقفال على الأبواب
لوقعت كارثة -حسب رواية أحد المقربين منها.
أي ًضا امتدت معاركها بعد تصعيدها وزيرة للتخطيط ،إذ لم يكن
من اليسير التعامل ضمن فريق عمل واحد مع الوزارات والأجهزة
ذات الصلة ،وهو ما أحدث صرا ًعا خف ًيا بين الوزيرة ورئيس جهاز
التنظيم والإدارة السابق محمد جميل ،ما تسبب فى قطيعة بين
الوزارة والجهاز ،رغم كونهما كيا ًنا واح ًدا ،ما ترتب عليه الإطاحة
بـ«جميل» وتعيين صالح الشيخ خل ًفا له .كذلك لم تكن علاقتها
مع اللواء أبوبكر الجندى ،وزير التنمية المحلية السابق ،على ما
يرام ،وأكبر دليل على ذلك رفضه التام تواصلها مع المحافظين
مباشرة ،دون الرجوع إليه ،واعتبار ذلك تجاو ًزا فى حقه وتعد ًيا
على اختصاصاته .ومؤخ ًرا تعرضت هالة السعيد إلى العديد من
الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى ،وأرجعها البعض
إلى لجان «الإخوان» الإلكترونية ،التى نشطت خلال الأيام القليلة
الماضية بشكل كبير ،وتنوعت تلك الشائعات بين إصدار قرار
بحظر تعيين أبناء العاملين داخل مؤسسات الدولة ،فيما عدا
الشرطة والقضاء والجيش ،وهو ما نفته الوزارة بعد ذلك ،وبين
تصريحات مفبركة تم نسبها إلى الوزيرة .أبرز تلك التصريحات
المفبركة ،ما تم تداوله من نشطاء «السوشيال ميديا» على لسان
الوزيرة ،والتى تقول فيها« :اللى يلاقى السلع غالية ميشتريش»،
وكأنها تطالب المواطنين بعدم شراء السلع الغالية ،وكأن هذا
هو الحل المناسب لمواجهة موجة الغلاء وارتفاع الأسعار ،ما أثار
استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعى ،وعلى الفور أصدرت وزارة
التخطيط بيانا صحفيا ،نفت خلاله ما تم نسبه إلى الوزيرة من
تصريحات.
متزوجة من رجل أعمال ..لديها 3أبناء وحفيدان..
وتشجع الزمالك
أمام ما تفرضه مهام المنصب الوزارى من أعباء ،لم تتح الفرصة
للوزيرة هالة السعيد للسفر إلى مسقط رأسها بمحافظة الدقهلية،
ورغم ذلك ُيعرف عنها حرصها الشديد على قضاء أطول وقت
ممكن مع عائلتها فى المناسبات الخاصة ،مثل شهر رمضان
والأعياد ،لتعويض انشغالها الدائم عنهم منذ تولت الحقيبة
الوزارية.
هذه العائلة الصغيرة مكونة من زوجها ،رجل الأعمال المهندس
معتز رسلان ،رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى ،خريج كلية
الهندسة جامعة عين شمس ،وأبنائها الثلاثة ،منة وخالد ونور،
بالإضافة إلى حفيديها.
ولعب الزوج دو ًرا كبي ًرا فى دعم زوجته على تحمل مهام المنصب،
لثقته اللا متناهية فى ذكائها وقدراتها على توظيف ما لديها
من خبرات فى النهوض بالعمل الحكومى داخل وزارة التخطيط،
ورسم السياسات الاقتصادية للدولة فى مرحلة حرجة.
ويبدو أن الوزيرة تتبع روتي ًنا قاس ًيا ،تحرص من خلاله على الفصل
بين حياتها الشخصية والعملية ،إذ لا يشاركها أى من أفراد أسرتها
حضور المحافل الرسمية أو غير الرسمية على هامش لقاءاتها
المستمرة طوال الأشهر الماضية ،ودائ ًما ما تظهر بمفردها فى
الصور بصحبة نظرائها من المسئولين ،إلا مرة واحدة ،التقطت لها
صورة وهى بصحبة ابنتها الصغرى ذات الـ 23عا ًما ،أثناء الإدلاء
بصوتها فى الانتخابات الرئاسية الماضية فى إحدى لجان مصر
الجديدة.
ورغم ذلك ،طالت الشائعات زوجها ،بعدما روج البعض اتهامه
بالتربح بشكل غير قانونى من صفقة شراء أرا ٍض من وزير الإسكان
الأسبق إبراهيم سليمان.
ولا تخفى الدكتورة هالة السعيد نزعتها الناصرية ،التى تتجلى
بشدة فى صورها أثناء طفولتها ،إذ تقف فى إحدى صورها
إلى جوار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ،أثناء حضوره حفل
زفاف إحدى عماتها ،بحكم العلاقة القوية التى جمعت والدها
بالزعيم الراحل .وهى أي ًضا متابعة جيدة لمباريات كرة القدم
وأداء اللاعبين ،وتحدي ًدا المنتخب الوطنى ونادى الزمالك ،تفخر
بانتمائها للفريق الأبيض ،ولا تتردد فى إظهار فرحتها بفوزه
على صفحتها الشخصية فى مواقع التواصل الاجتماعى.
تعشق الأغانى والأفلام القديمة ..وتستمتع بتمثيل نور
الشريف وأحمد زكى ومحمود عبدالعزيز
الوزيرة لديها حنين جارف إلى زمن الفن الجميل ،الذى تجد فيه
تعبي ًرا راق ًيا عما كان يدور فى المجتمع قدي ًما وما يشغل أفراده
آنذاك دون ابتذال أو إسفاف ،لذا تشارك متابعيها على مواقع
التواصل الاجتماعى دائ ًما بأفلام مثل «جرى الوحوش» و«العار»،
وتستمتع بتمثيل نور الشريف وأحمد زكى ومحمود عبدالعزيز.
وبالإضافة إلى ذلك ،هى ليست من هواة التردد على قاعات
السينمات حتى قبل انشغالها بمهام منصبها الوزارى ،ولكنها
تفضل مشاهدة الأفلام القديمة داخل منزلها وسط أجواء عائلية،
بصحبة زوجها والأبناء وقتما تسنح لهم الفرصة بقضاء وقت
أطول م ًعا فى المنزل.
ويقول الدكتور فخرى الفقى ،أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد
والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ،إن الدكتورة هالة السعيد
تتمتع بإيقاع هادئ ومتزن فى إدارة ملفات وزارة التخطيط،
استطاعت من خلاله أن تنجز وتحل المشاكل بسلاسة ،خاصة
فى ضوء علاقاتها السابقة بالمؤسسات الدولية ،إضافة إلى
استعانتها بالكوادر المؤهلة مثل الدكتور صالح الشيخ.
وأشار إلى أنها إحدى العقليات رفيعة المستوى ،التى نبغت
فى الاقتصاد وعينت فى سلك أعضاء التدريس ،وحصلت على
الدكتوراه خلال فترة وجيزة ،ثم تقلدت العديد من المناصب،
أهمها المدير التنفيذى للمعهد المصرفى ،حيث تمرست على
حسن الإدارة لمدة 10سنوات هناك ،أثبتت خلالها قدرات رفيعة
المستوى ،وفى الوقت نفسه كانت عضو مجلس إدارة البنك
المركزى ،وهو منصب يشترط التمتع بقدرات تضيف وتسهم فى
القرارات الصادرة عن البنك ،خاصة فيما يتعلق بالسياسة النقدية
وسعر الصرف.
وأضاف «الفقى» أن الوزيرة أسهمت فى إعداد رؤية مصر للتنمية
المستدامة ،2030التى قدمت للأمم المتحدة ،وترجمت الجهد
السابق فى إصلاح منظومة الأصول المملوكة للدولة ،من خلال
تفعيل فكرة تأسيس صندوق مصر السيادى ،بإقراره نهائيا،
وعلاوة على ذلك ،هى تتواصل باستمرار مع أساتذة الكلية،
للوقوف على آرائهم بشأن العديد من القضايا الاقتصادية
الشائكة.
وحرصت الوزيرة منذ تعيينها على أن تحيط نفسها بعدد من
القيادات ذوى الخلفية الأكاديمية ،بالإضافة إلى دعمها الشباب
وتصعيدهم إلى مناصب قيادية كمساعدين ومستشارين لها،
أمثال الدكتور جميل حلمى ،مساعدها لشئون الخطة والمتابعة،
والمهندس أشرف عبدالحفيظ ،مساعدها لقواعد البيانات.