غادة
هانم
أسرار من حياة وزيرة التضامن
نشأتها فى بيت منضبط لأب وأم من دارسى القانون ،صبغت حياتها بالنظام
والدقة منذ الصغر ،ودراستها للآداب والإنسانيات سمحت لها بالاطلاع على ثقافات
الشعوب المختلفة ،وعملها فى البرامج الإنمائية بالأمم المتحدة و َّسع مداركها فى
مجال مكافحة الفقر ورعاية محدودى الدخل والاهتمام بالبسطاء.
هى غادة والى ،وزيرة التضامن الاجتماعى ،التى يطلق عليها العاملون فى الوزارة
لقب «الوزيرة التى لا تنام» ،نظ ًرا لنشاطها المستمر وعملها الدءوب داخل الوزارة
وخارجها ،من أجل دعم جهود التنمية والحد من الفقر فى مصر ،منذ توليها
منصبها عام .2014
وإلى جانب حياتها المهنية المميزة ،التى جعلتها من أبرز وجوه الحكومة ،وتستمر
فى موقعها مع 3رؤساء وزراء ،بداية من المهندس إبراهيم محلب ،وصو ًل إلى
المهندس شريف إسماعيل ثم الدكتور مصطفى مدبولى ،يظهر وجه آخر إنسانى
مرتبط بحياتها الشخصية والأسرية ،يلقى «الدستور» الضوء عليه فيما يلى.
1977تخرجت فى كلية الآداب جامعة
القاهرة
1980حصلت على درجة الماجستير فى
الآداب من جامعة القاهرة
2004تولت منصب مساعدة الممثل
المقيم ببرنامج الأمم المتحدة
الإنمائى بالقاهرة
تعشق القراءة ..تحب الست والعندليب ومنير ..و ُتشجع
الزمالك
ولدت غادة والى ،وهى الابنة الكبرى لرجل القانون فتحى والى ،فى
24فبراير عام ،1949ودرست اللغات والآداب فى جامعة القاهرة
التى تخرجت فيها عام ،1977ثم حصلت على درجة الماجستير
فى الآداب والإنسانيات من جامعة كولورادو الأمريكية عام .1990
الأب صاحب المؤلفات القانونية والأستاذ الجامعى الذى كان
يعشق التدريس ،ويعتبره مهمته المقدسة ،أثر كثي ًرا ،بسعة
اطلاعه وهواياته المتعددة ،فى أبنائه الثلاثة خاصة «غادة» ،التى
كانت أكبر إخوتها.
القراءة والثقافة ليستا اختيا ًرا بل كانتا جز ًءا من حياة أسرة الدكتور
فتحى والى ،وهكذا نشأت فى منزل يحترم الكتاب ،ويضم مكتبة
خاصة من كتب الأب الذى درس فى إيطاليا وفرنسا والولايات
المتحدة ،وكان يحب الاطلاع على ثقافات الشعوب وتاريخها
وفنونها.
الأب عاشق القراءة كان أي ًضا متاب ًعا للمسرح والأوبرا ،ويحرص فى
سفرياته مع أبنائه على زيارة المتاحف والمعالم الشهيرة لكل
بلد ،كما كان شديد الاهتمام باللغة العربية ،وحري ًصا على تعليم
أبنائه قواعدها ومخارج ألفاظها الصحيحة.
«كان يذاكر لى اللغة العربية بنفسه ،ويزعجه ج ًدا أن يخطئ أى
من أبنائه فى النحو ،ولما كنت أغلط ..يعاقبنى بإعراب أجزاء من
المقالات بجريدة الأهرام» ..تقول الوزيرة.
وبتأثير من نشأتها ،أحبت القراءة بشكل كبير ،وتعلقت بالشعر
ودواوينه ،وأحبت أشعار إيليا أبوماضى بشكل خاص ،كما قرأت
أعمال شكسبير فى وقت مبكر من حياتها.
تقول« :كنت أحب الرسم ..لكننى أحب القراءة أكثر ،فالكتب فى
كل ركن بالمنزل ولازم كلنا نبدأ يومنا بقراءة الصحف ونتناقش فى
مقالات كبار الكتاب مصطفى أمين وأنيس منصور وأحمد بهاء الدين
وغيرهم».
كما أحبت أي ًضا الاستماع للموسيقى ،خاصة الأغانى القديمة لأم
كلثوموعبدالحليمومحمدعبدالوهاب،بالإضافةإلىمحمدمنيروعلى
الحجار ،مع الحرص على حضور حفلات الأوبرا كلما أتيح لها ذلك.
بالنسبة إليها فإن «الموسيقى والفن والآداب أدوات مهمة ج ًدا
للنهوضبالمجتمعلأكثرمنسبب،خاصةأنلهاتأثي ًراوجدان ًياعلى
سلوكالناس،فمنيتذوقالفنيكونقاد ًراعلىتذوقالأشياءالجميلة
فى كل المجالات من حوله».
لذا لم يكن غري ًبا أن تحرص دائ ًما على متابعة عروض الأوبرا والباليه
العالمىوزيارةالمسارحالعالميةمعأسرتهاكلماسنحتالفرصة.
الرياضةأي ًضالمتغبعنشخصيتها،خاصةأنهاتعدإحدىمشجعات
الزمالك،كماتحرصعلىمتابعةمبارياتالمنتخبالوطنىوتتواجد
كثي ًرافىالملاعبلدعمهوتشجيعه.
وكان جدها والد أمها ،المهندس محمد هلال ،وهو واحد من 3طلاب
أرسلهم الملك إلى سويسرا لدراسة الهندسة الإنشائية ،وهو من
مصممى مبنى الحرمين المكى والنبوى ،أكبر من أثر فى شخصيتها،
فقد كانت حفيدته الأولى والمقربة منه ،وأخذت عنه حب العمل
وجمال الخط .وقد أثرى الانضباط الأسرى ،الذى شهدته فى طفولتها،
تجربتها مع أبنائها الثلاثة الذين درسوا فى كبرى الجامعات ،لكنه
أي ًضاجعلهاحريصةعلىإبعادهمعنالأضواء،وعدمالحديثعنهم
أمام وسائل الإعلام.
وتحرص غادة والى ،المتزوجة من رجل أعمال ،على قضاء الإجازات
والأعياد بالمنزل مع أسرتها ،لمنحهم أكبر وقت ممكن فى ظل
مسئولياتهاالكبيرة،ومشاغلهاالمتعددة.
وكان الحرص على زيارة حماتها قبل أن يتوفاها الله ،أحد طقوسها
أي ًضا فى كل المناسبات ،خاصة عيد الأم الذى كانت تنتقل فيه بين
منزل والدتها ومنزل والدة زوجها التى كانت تكن لها كل الحب
والاحترام،وتجمعهابهاعلاقةخاصة.
١٧سنة خبرة فى مواجهة الفقر ..و«الرقبة الطبية» تكشف
شخصيتها الملتزمة
فى مسيرتها العملية ،التحقت ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائى
بالقاهرة ،وظلت لمدة 17عا ًما تتنقل بين المناصب المختلفة
فى عدة هيئات تعمل فى مجال التنمية والحد من الفقر وخلق
الوظائف وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
فى ،2001مكنها عملها مديرة لبرنامج هيئة «كير» الدولية فى
مصر ،العاملة فى مجال مكافحة الفقر العالمى من التواصل عن
قرب مع عدد من منظمات المجتمع المدنى والوزارات والهيئات
الحكومية من أجل تخفيف حدة الفقر فى المجتمع المصرى ،كما
شغلت قبل توليها منصبها الوزارى فى عام 2014عضوية اللجنة
الاقتصادية بالمجلس القومى للمرأة.
اتسم أداؤها الوزارى بالقدرة على الإنجاز والبحث عن حلول
واقعية لعدد من المشكلات ،التى يعانى منها المواطنون
البسطاء ،ويعد برنامج «تكافل وكرامة» أحد أهم إنجازاتها فى
مجال دعم الأسر الفقيرة ،وحماية محدودى الدخل من تداعيات
برنامج الإصلاح الاقتصادى.
وتحت ضغط عملها الدءوب وجهدها الذى لا ينتهى ،عانت
وزيرة التضامن عام 2016من آلام فى فقرات الرقبة ،لكنها
رفضت نصائح الأطباء بضرورة الحصول على راحة من العمل،
وفضلت الذهاب إلى الوزارة وإدارة عملها رغم ارتدائها جهاز
تثبيت فقرات الرقبة .ورغم الشخصية القوية التى تدير بها
عملها وحرصها على حث العاملين معها على مزيد من الدقة
والإتقان عبر قناع من الصرامة ،فإن طبيعتها الحقيقية تتكشف
عند تعاملها مع الحالات الإنسانية وزيارتها لدور الأيتام ورعاية
الأطفال وحساسيتها الشديدة فى التعامل معهم بكل رأفة
وحنان .وفى أحد المشاهد الكاشفة ،أثناء افتتاحها أحد فروع
بنك ناصر الاجتماعى بالإسكندرية ،تركت الوزيرة عدسات
المصورين وتساؤلات الصحفيين وزحام الموظفين حولها،
واتجهت بنفسها نحو رجل قعيد مسن لتسأله عن أسباب
حضوره وملامح الهم والكآبة البادية على وجهه .وبابتسامة
هادئة سألته« :زعلان ليه؟» ،فأخبرها بأنه يحاول الحصول
على قرض من البنك لإجراء عملية جراحية بقدمه المصابة
بالإضافة إلى رغبته فى تدشين مشروعه الخاص ،لكنه يعانى
من صعوبة الإجراءات .وبتدخلها المباشر ،طلبت الوزيرة من
المسئولين عن البنك تذليل كل العقبات أمام الرجل البسيط
من أجل الحصول على ما يريد ،ما دام مواف ًقا للقانون وتنطبق
عليه الشروط.
البساطة أي ًضا تعد عنوا ًنا لشخصيتها بعي ًدا عن الرسميات،
وليس أدل على ذلك ما حدث فى أحد اجتماعات الجمعية
العامة للأمم المتحدة ،بعدما التقطتها عدسات الكاميرات،
وهى تصور الجلسة التى يحضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى،
ما عرضها لبعض الانتقادات.
الغريب أنها عندما سئلت عن ذلك قالت بكل بساطة« :عملت
لسنوات طويلة فى الأمم المتحدة ،وتواجدت فى هذا المكان
كثي ًرا ،وما فعلته ليس غري ًبا على الإطلاق ،فالوفود كلها تصور
ما يحدث من فعاليات ،وهو ما كنت أفعله ،لكننى لم أكن أصور
سيلفى ،كما قالوا ،لأنى لا أعرف معنى ذلك من الأساس».
وأضافت« :كنت أسجل كلمة الرئيس ،لأننى كنت فخورة
وسعيدة ج ًدا بكلمته ،وكان هناك تصفيق حاد فى القاعة،
وبصرف النظر عن كونى وزيرة أنا أفعل الأشياء التى تسعدنى».