The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.
Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by irwannadwi, 2015-10-09 03:26:12

Bab 4

Bab 4

‫مسألة ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن‬

‫الحصيلة الدراسية‬
‫بعد دراسة هذه الوحدة يتمكن الطالب‪/‬ة من معرفة‪:‬‬

‫‪ ‬شروط ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن‬
‫‪ ‬العواضد الصالحة لترقية الحديث الضعيف‬
‫‪ ‬العواضد غير الصالحة لترقية الحديث الضعيف‬

‫‪‬‬

‫‪ .4‬مسألة ترقية الحديث الضعيف‬
‫ومسألة ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن من المسائل المختلف فيها عند أهل العلم‪ ،‬ومنهم من رآى بجوازها‪،‬‬
‫ومنهم من لم ير ذلك‪ ،‬ثم إن الذين مالوا إلى جوازها اختلفوا في صور جوازها؛ ما هي العواضد الصالحة‬
‫والعواضد غير الصالحة لها؟ ففي هذا المبحث سنتناول المسألة بالكلام والمناقشة والنظر إلى موقف العلماء فيها‪.‬‬

‫‪ 4.4‬تعريف الترقية‬
‫الترقية لغة مصدر من ر ّقى التي بمعنى رفع‪.1‬‬

‫فترقية الحديث الضعيف هو رفع مرتبته أو درجته من الضعف ‪ -‬التي هي مرتبة دنية ‪ -‬إلى مرتبة أعلى منها وهي‬
‫مرتبة الحسن‪ .‬إذ إ ّن أعلى مرتبة للحديث هو الصحيح ثم الحسن ثم الضعف‪ .‬فترقيته فتكون من الضعيف إلى‬

‫الحسن‪.‬‬

‫‪ 1‬مرتضى ال َّزبيدي‪ ،‬مح ّمد بن مح ّمد بن عبد الر ّزاق الحسيني‪ ،‬أبو الفيض‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬دار الهداية‪ ،‬ج‪ ،83‬ص‪.571‬‬
‫‪48‬‬

‫والضعف حالة تجعل الحديث لا يصلح للاحتجاج والاستدلال‪ ،‬وأحيانا تجعله مردودا‪ .‬فترقيته إلى مرتبة الحسن‬
‫ستجعله صالحا للاحتجاج والاستدلال‪.‬‬

‫وأطلق هذا المبحث كذلك بمسميات مختلفة كمبحث تقوية الحديث الضعيف وكذا مبحث جبر الحديث‬
‫الضعيف إلى الحسن ‪ -‬ويسمى الذي يقويه الجابر أو العاضد‪ ،‬ويجمع على العواضد ‪ ،-‬أي جعل الحديث‬

‫الضعيف قويا منجبرا يحتج ويعمل به‪ ،‬والمراد من كلها واحد‪ .‬وهو رفع مرتبة الحديث الضعيف إلى الحسن‪.‬‬

‫هذا لقد أجاز كثير من العلماء ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن استنادا إلى صنعة العلماء القدامى‪.‬‬

‫‪ 4.4‬أقوال العلماء في جواز ترقية الحديث الضعيف‪:‬‬
‫قال المنذري‪:‬‬

‫"قد علم أن تضافر الرواة على شيء ومتابعة بعضهم لبعض في حديث مما يش ّده ويقويه‪ ،‬وربما التحق بالحسن وما‬
‫يحت ّج به"‪.2‬‬

‫وقال النووي‪:‬‬

‫"إذا روي الحديث الضعيف من وجوه ضعيفة‪ ،‬لا يلزم أن يحصل من مجموعها حسن‪ ،‬بل ما كان ضعفه لضعف‬
‫حفظ راويه الصدوق الأمين زال بمجيئه من وجه آخر‪ ،‬وصار حسنا‪ .‬وكذا إذا كان ضعفه بالإرسال زال بمجيئه‬

‫من وجه آخر‪ ،‬وأما الضعف بفسق الراوي فلا يؤثر فيه موافقة غيره والله أعلم"‪.3‬‬

‫وقال ابن حجر‪:‬‬

‫"ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه‪ ،‬وكذا المختلط الذي لم يتميز‪ ،‬والمستور‪،‬‬
‫والإسناد المرسل‪ ،‬وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه‪ ،‬صار حديثهم حسنا لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار‬

‫‪ 2‬الزركشي‪ ،‬النكت على مقدمة ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،5‬ج‪.827‬‬
‫‪ 3‬النووي‪ ،‬التقريب والتيسير‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬

‫‪49‬‬

‫المجموع من المتابِع والمتا َبع‪ ،‬لأن مع كل واحد منهم احتمال كون روايته صوابا أو غير صواب على حد سواء‪،‬‬
‫فإذا جاء من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين‪ ،‬ودل ذلك على أن‬

‫الحديث محفوظ‪ ،‬فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول"‪.4‬‬
‫وخالفهم في ذلك ابن حزم فمنعه‪ ،‬قال الزركشي‪" :‬وشذ ابن حزم عن الجمهور فقال‪ :‬ولو بلغت طرق الضعيف‬

‫ألفا لا يقوى ولا يزيد انضمام الضعيف إلى الضعيف إلا ضعفا"‪.5‬‬
‫ورد عليه الزركشي قائلا‪" :‬وهذا مردود ؛ لأن الهيئة الاجتماعية لها أثر‪ ،‬ألا ترى أن خبر المتواتر يفيد القطع مع أنا‬
‫لو نظرنا إلى آحاده لم يفد ذلك‪ ،‬فإذا كان ما لا يفيد القطع بانفراده يفيده عند الانضمام‪ ،‬فأولى أن يفيد الانضمام‬
‫الانتقال من درجة الضعف إلى درجة القوة‪ ،‬فهذا سؤال لازم‪ ،‬لا سيما إذا بلغ مبلغ التواتر‪ ،‬فإن المتواتر لا يشترط‬

‫في أخباره العدالة كما تقرر في علم الأصول"‪.6‬‬
‫‪ 4.4‬شروط ترقية الحديث الضعيف‬
‫فالذين جوز الترقية اشترطوا لها شروطا‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ .5‬تعدد الطرق‬
‫‪ .2‬أن لا يكون الضعف شديدا‬

‫‪ .8‬أن تنفى العلة‬

‫‪ 4‬ابن حجر‪ ،‬نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ 5‬الزركشي‪ ،‬النكت على مقدمة ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،5‬ج‪.822‬‬

‫‪ 6‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ 1.3.4‬تعدد الطرق‬
‫والمراد بتعدد الطرق كثرتها‪َ ،‬وال مم َراد بالطرق ا ملأَ َسانِيد‪ ،7‬وتسمى كذلك بالمخارج والأوجه‪..‬‬
‫وتوضيح ذلك أن الأحاديث النوبية ليست كلها وردت من سند واحد أو طريق واحدة‪ ،‬بل بعضها وردت‬
‫بأسانيد أو طرق مختلفة كثيرة‪ .‬فبعضها ورد عن صحابي‪ ،‬ثم ورد نفس الحديث عن صحابي آخر‪ ،‬وبعضها يجيء‬
‫من رواية نفس الصحابي‪ ،‬لكن باختلاف في الرواة‪ .‬والذي ورد عن صحابي‪ ،‬ثم ورد نفس هذا الحديث عن‬

‫صحابي آخر يسمى بالشاهد‪.‬‬
‫والشاهد‪:‬هو الحديث الذي يشارك فيه روايته رواة الحديث الفرد لفظ ًا ومعنى‪ ،‬أو معنى فقط مع الاختلاف في‬

‫الصحابي‪.8‬‬
‫والذي يجيء من رواية نفس الصحابي‪ ،‬لكن باختلاف في الرواة‪ .‬يسمى بالمتابعة‪.‬‬

‫‪ 7‬ابن حجر‪ ،‬نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ .87‬والإسناد‪ِ :‬ح َكا َية َط ِريق ال مَم متن َأي والسند َط ِريق ال َمم متن‪ ،‬المناوي زين‬
‫الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين‪ ،‬اليواقيت والدرر شرح شرح نخبة الفكر‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.282‬‬

‫‪ 8‬طحان‪ ،‬تيسير مصطلح الحديث‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،577‬ومثال الشاهد إذا جاء حديث عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما‪ ،‬ثم ورد‬
‫نفس الحديث عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما‪ ،‬فإننا نطلق على حديث عبد الله بن العباس رضي الله عنهما شاهدا لحديث عبد الله بن‬

‫عمر رضى الله عنهما ‪ ،‬وحديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما شاهدا لحديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫النموذج‪:‬‬
‫والمتابعة‪ :‬هي الحديث الذي يشارك فيه روايتها رواة الحديث الفرد لفظ ًا ومعنى‪ ،‬أو معنى فقط مع الاتحاد في‬

‫الصحابي‪ .‬وهي إما تامة أو قاصرة‪.9‬‬
‫فالمتابعة تختلف عن الشاهد في كون المتابعة الصحابي واحد‪ ،‬أما الشاهد فالصحابي يختلف‪.‬‬
‫وغالبا ليست كل طريقة على درجة واحدة‪ ،‬بل منها صحيح ومنها ضعيف‪ ،‬وإن جاءت كلها من منبع واحد‪،‬‬
‫وهو الصحابة أو الشيوخ‪ ،‬فهل يجوز أن نقوي الحديث الذي جاء من سند ضعيف بالحديث الذي جاء من سند‬
‫صحيح أو حسن؟ لأنهما متفقان في مخرجهما‪ ،‬فاحتمال عدم صحة الحديث الذي جاء من سند ضعيف أو ثبوته‬

‫إلى النبي تنتفي بهذا الوجه‪ .‬فلذلك ذهب كثير من أهل الحديث إلى جوازها كما سبق‪.‬‬
‫‪ 1.3.4‬الضعف غير شديد‬

‫والشرط الثاني هو أن لا يكون الضعف شديدا‪ ،‬والحديث الضعيف كما ذكرنا في الفصول الماضية على مراتب؛‬
‫منها ما كان ضعفه يسيرا‪ ،‬ومنها ما كان ضعفه شديدا‪ ،‬وأما الذي يكون ضعفه يسيرا‪ ،‬وهو الضعف الذي ينشأ‬

‫‪9‬طحان‪ ،‬تيسير مصطلح الحديث‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.571‬‬
‫‪52‬‬

‫عن سبب يحتمل ثبوت الحديث إلى رسول الله ‪ ،‬وذلك كسبب سوء الحفظ أو اختلاط أو تدليس أو انقطاع‬
‫يسير‪ 10،‬فيحتمل بهذه الأسباب ثبوت الحديث إلى رسول الله أو عدم ثبوته‪.‬‬

‫وأما الحديث الضعيف الذي يكون ضعفه شديدا‪ ،‬وهو الضعف الذي ينشأ عن سبب ثقيل‪ ،‬فينشأ الريب الشديد‬
‫في ثبوته إلى رسول الله ‪ ،‬وذلك لوجود سبب الانقطاع الشديد أو الشذوذ أو الاضطراب‪ ،‬أو قدح في عدالة‬

‫الراوي‪ ،‬وكأن يكون الراوي متهما بالكذب أو فاحش الغلط‪ .11‬قال ابن الصلاح‪:‬‬
‫"ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه‪ ،‬بل ذلك يتفاوت فمنه ما يزيله ذلك؛ بأن يكون ضعفه‬
‫ناشئا من ضعف حفظ راويه ولم يختل فيه ضبطه له‪ ،‬وكذلك اذا كان ضعفه من حيث الارسال زال بنحو ذلك‪،‬‬
‫كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ؛ اذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر‪ ،‬ومن ذلك ضعف لا يزول‬
‫بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد الجابر عن جبره ومقاومته ذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما‬

‫بالكذب أو كون الحديث شاذا"‪.12‬‬

‫وقال ابن كثير‪:‬‬
‫"‪..‬لأن الضعف يتفاوت فمنه من لا يزول بالمتابعات –يعني كرواية الكذابين‪ ،‬والمتروكين"‪.13‬‬

‫فتلك أنواع الحديث الضعيف ضعفا شديدا التي لا تتقوي ولا تترقى بوجود جابر‪.‬‬

‫‪ 10‬ماهر ياسين فحل‪ ،‬أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ 11‬السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي‪ ،‬دار طيبة‪ .‬ج‪ ،5‬ص‪.815‬‬

‫‪ 12‬ابن الصلاح‪ ،‬مقدمة ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ 13‬ابن كثير‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي‪ ،‬الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫بيروت – لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ،8.15‬ص‪.24‬‬
‫‪53‬‬

‫‪ 2.8.8‬أن تنفى العلة‬
‫وزاد ابن جماعة اشتراط انتفاء العلة فيها‪ ،‬فقال في تعريفه الحديث الحسن بنوعيه‪" :‬ولو قيل الحسن كل حديث‬
‫خال من العلل‪ ،‬وفي سنده المتصل‪ :‬مستور له به شاهد‪ ،‬أو مشهور قاصر عن درجة الإتقان‪ ،‬لكان أجمع لما‬

‫حددوه‪ ،‬وقريبا مما حاولوه"‪.14‬‬
‫العواضد الصالحة وغير الصالحة لترقية الحديث الضعيف‬
‫وقد أطلق بعض أهل العلم على هذا المبحث بمبحث جوابر الحديث الضعيف‪ ،‬أي ما يجبره ويرفعه‪ .‬والعواضد‬
‫جمع عاضد‪ ،‬والعاضد هو ناصر ومعا ِون ومسعف ومنجد‪ ،‬وجاء في معجم اللغة العربية المعاصرة‪ :‬عاضد‬
‫صدي َقه‪ :‬عضده؛ عاونه وناصره وأسعفه وأنجده‪ .15‬فمعنى عاضد الحديث الضعيف هنا هو الشيء الذي يستطيع‬

‫أن يناصره ويسعفه من مرتبته الضعيفة إلى مرتبة أحسن منها‪.‬‬
‫وعواضد ترقية الحديث الضعيف تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ ‬العواضد الصالحة‬
‫‪ ‬العواضد غير الصالحة‬

‫‪ 14‬ابن جماعة‪ ،‬عبد الله‪ ،‬محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬المنهل الروي في مختصر علوم الحديث‬
‫النبوي‪ ،‬دار الفكر – دمشق‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،8.15 5241 ،‬ص‪.81‬‬

‫‪ 15‬أحمد مختار عبد الحميد عمر وآخرون‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.5155‬‬
‫‪54‬‬

‫‪ 1.1‬العواضد الصالحة‬
‫‪ 1.1.4‬تعدد الطرق‬

‫وقد سبق الكلام عنه قبل قليل‪ ،‬ولم يختلف في ذلك العلماء أن تعدد الطرق من العواضد الصالحة لترقية الحديث‬
‫بشرط أن يكون ضعف الحديث الذي أريد ترقيته غير شديد‪ ،‬وكذا أن تكون الطرق التي ستجبره مساوية له في‬

‫الدرجة أو أعلى منه ‪ .‬فلا يجوز أن تكون أضعف منه‪.‬‬
‫‪ 1.1.4‬تلقي الأمة للحديث بالقبول‬

‫هذه مسألة مما اختلف العلماء فيها ‪ ،‬ومعنى تلقي الأمة بالقبول هو أن تكون الأمة بين عامل بالحديث ومتأول‬
‫له‪ .16‬قال الدكتور عبد الغني مزهر‪" :‬أنه من الأمور التي اشتهرت عند بعض العلماء‪ ،‬وهو أن الحديث الضعيف‬

‫الذي لا يعرف له إسناد ثابت إذا تلقاه العلماء بالقبول فإنه يعمل به‪ ،‬ويقوى من أجل هذا التلقي"‪.17‬‬
‫لقد أستند القائلين بجواز الترقية به بأقوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر ‪:‬‬

‫"وجزم القاضي أبو نصر عبد الوهاب المالكي في كتاب الملخص بالصحة فيما إذا تلقوه بالقبول"‪.18‬‬
‫ونقل كلام أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك أنه قال‪:‬‬

‫‪ 16‬الصنعاني‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني‪ ،‬الكحلاني ثم الصنعاني‪ ،‬أبو إبراهيم‪ ،‬توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار‪،‬‬
‫ج‪ ،5‬ص‪.18‬‬

‫‪ 17‬عبدالغني بن أحمد جبر مزهر‪ ،‬مجلة البحو الإسلامية‪ ،‬العدد ‪ ،25‬ص‪.811-821‬‬
‫‪ 18‬ابن حجر‪ ،‬النكت على كتاب ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.878‬‬
‫‪55‬‬

‫"الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول مقطوع بصحته"‪.19‬‬
‫وقال ابن عبد البر في الاستذكار ‪-‬لما حكى عن الترمذي أن البخاري صحح حديث البحر‪" :‬هو الطهور ماؤه"‪:‬‬
‫"وأهل الحديث لا يصححون مثل إسناده لكن الحديث عندي صحيح لأن العلماء تلقوه بالقبول"‪ .20‬و في‬
‫"التمهيد" روى جابر عن النبي ‪" :‬الدينار أربع و عشرون قيراطا"‪ .‬قال‪" :‬وفي قبول جماعة من العلماء و إجماع‬

‫الناس على معناه غنى عن إسناده"‪.21‬‬
‫و قال الزركشي ‪:‬‬

‫"إن الحديث الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ‬
‫المقطوع"‪.22‬‬

‫و عند الحنفية يعدون الضعيف إذا تلقاه العلماء بالقبول في حيز المتواتر كما ن ّص عليه الجصاص‪ ،‬فقد قال عند‬
‫الكلام على حديث ‪" :‬طلاق الأمة تطليقتان و عدتها حيضتان"‪:23‬‬

‫‪ 19‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 20‬السيوطي‪ ،‬تدريب الراوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.11‬‬

‫‪ 21‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 22‬ابن حجر‪ ،‬النكت على كتاب ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.814‬‬
‫‪ 23‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬كتاب الطلاق‪ ،‬باب في طلاق الأمة وعدتها‪ ،‬دار الرسالة العالمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬الأولى‪ 5284 ،‬هـ ‪2441 -‬‬
‫م‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،172‬رقم الحديث ‪ .2471‬وأبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬دار الرسالة العالمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬الأولى‪ 5284 ،‬هـ ‪ 2441 -‬م‪ ،‬كتاب‬
‫الطلاق‪ ،‬باب في طلاق الأمة وعدتها‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،217‬رقم الحديث ‪.2531‬‬

‫‪56‬‬

‫"وقد تقدم سنده‪ ،‬وقد استعملت الأمة هذين الحديثين في نقصان العدة‪ ،‬وإن كان وروده من طريق الآحاد فصار‬
‫في حيز المتواتر لأن ما تلقاه الناس بالقبول من أخبار الآحاد فهو عندنا في معنى المتواتر لما بيناه في مواقع "‪.24‬‬

‫وقال ابن الوزير ‪:‬‬

‫"و قد احتج العلماء على صحة أحاديث بتلقي الأمة لها بالقبول"‪.25‬‬

‫وقال الحافظ ابن حجر ‪:‬‬

‫"من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا أن يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث‪ ،‬فانه يقبل حتى‬
‫يجب العمل به‪ ،‬وقد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول"‪.26‬وأورد له مثالين‪ ،‬أحدهما قول الشافعي رضي الله‬
‫عنه ‪ :‬و ما قلت من أنه إذا غير طعم الماء و ريحه و لونه يروى عن النبي ‪ ‬من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله‪،‬‬

‫و لكنه قول العامة لا أعلم بينهم خلافا‪.27‬‬

‫والحديث الذي أشار إليه الإمام الشافعي هو ما أخرجه ابن ماجه من طريق راشد بن سعد‪ ،‬عن أبي أمامة الباهلي‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪" :‬إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه"‪.28‬‬

‫‪ 24‬الجصاص‪ ،‬أحمد بن علي أبو بكر الرازي الحنفي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬دار ابن حزم – بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الأولى‪5221 ،‬هـ‪2441 ،‬م ‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪.38‬‬

‫‪ 25‬ابن الوزير‪ ،‬محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسني القاسمي الصنعاني‪ ،‬أبو عبد الله‪ ،‬عز الدين‪ ،‬من آل الوزير‪ ،‬العواصم‬
‫والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 5251 ،‬هـ ‪ 5112 -‬من ج‪،2‬‬

‫ص ‪.217‬‬
‫‪ 26‬ابن حجر‪ ،‬النكت على كتاب ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.814‬‬

‫‪ 27‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.211‬‬
‫‪ 28‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬كتاب الطهارة وسننها‪ ،‬باب الحيضان‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،572‬رقم الحديث ‪.125‬‬

‫‪57‬‬

‫قال الهيثمي‪" :‬فيه رشدين (راشد) بن سعد‪ ،‬وهو ضعيف"‪ .29‬وقال ابن حجر‪ :‬قال ابن يونس‪" :‬كان صالحا في‬
‫دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث"‪ .30‬فالإمام الشافعي رحمه الله تعالى احتج بهذا الحديث مع‬

‫ضعفه‪ ،‬لأن الأمة تلقته بالقبول حيث لاخلاف بين العلماء أن الماء إذا غيرته النجاسة َتنَ َّجس‪.‬‬

‫ويرى الآخرون أن تلقي الأمة بالقبول ليس عاضدا لترقية الحديث الضعيف‪ ،‬وحجتهم في ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬أنه ينبغي التفريق بين الحكم بصحة الحديث وبين قبوله والعمل به؛ وذلك أن التصحيح على مقتضى الصناعة‬
‫الحديثية شيء‪ ،‬وقبول الحديث شيء آخر‪ ،‬فإذا وجد حديث مثل هذا فهو مقبول يعمل به لكنه لا يسمى صحيحا‪.‬‬
‫‪ ‬أن بقاء الحديث على ضعفه أولى من تصحيحه ونسبته لرسول الله ‪ ‬لأجل تلقي الأمة له بالقبول‪ ،‬إذ كيف يحكم‬
‫له بالصحة مع انتفاء شروطها‪ ،‬نعم إن تلقي الأمة لحديث تثبت نسبته لرسول الله ‪ ‬يزيده قوة إلى قوته‪ ،‬أما ما‬

‫لم يثبت نسبته له فلا يرتفع ضعفه بتلقيها له بالقبول‪.31‬‬

‫‪ 1.4.4.4‬تقوية الحديث بموافقة ظاهر القرآن‬

‫قد نسب بعض أهل العلم هذا القول إلى الفقهاء حيث إنهم يتعرفون على صحة الحديث إذا وافقه ظاهر القرآن‪،32‬‬
‫وأما منهج جمهور المحدثين أنهم لا يجعلونها عاضدا ليرتقي به الحديث الضعيف إلى درجة الحسن لغيره‪ ،‬ورأوا‬

‫‪29‬الهيثمي‪ ،‬أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان‪ ،‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسام الدين القدسي‪،‬مكتبة القدسي‪،‬‬
‫القاهرة‪ 5252 ،‬هـ‪ 5112 ،‬م ‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.252‬‬

‫‪ 30‬ابن حجر‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن محمد العسقلاني أبو الفضل‪ ،‬التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير‪ ،‬المكتبة الشاملة‪،‬‬
‫الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،5‬ص‪.584‬‬

‫‪ 31‬المرتضى الزين أحمد‪ ،‬منهج المحدثين‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪32‬قال الزركشي نقلا عن أبو الحسن بن الحصار الأندلسي في "تقريب المدارك على موطأ الامام مالك"‪" :‬إن للمحدثين أغراض ًا في طريقهم‬
‫احتاطوا فيها وبالغوا في الاحتياط‪ ،‬ولا يلزم الفقهاء اتباعهم على ذلك‪ ،‬كتعليلهم الحديث المرفوع بأنه روى موقوف ًا أو مرسل ًا‪ ،‬وكطعنهم في‬
‫الراوي اذا انفرد بالحديث أو بزيادة فيه أو لمخالفته من هو أعدل منه‪ ،‬أو أحفظ‪ .‬قال ‪ :‬وقد يعلم الفقيه صحة الحديث بموافقة الأصول‪ ،‬أو‬
‫آية من كتاب الله تعالى‪ ،‬فيحمله ذلك على قبول الحديث‪ ،‬والعمل به‪ ،‬واعتقاد صحته‪ ،‬واذا لم يكن في سنده كذاب فلا بأس باطلاق القول‬

‫‪58‬‬

‫أن اعتماد هذا المنهج سيقتضي إلى تصحيح الأحاديث التي في أسانيدها الضعفاء والمتروكين لأجل موافقة ظاهر‬
‫القران لها‪.‬‬

‫فمن أمثلة الأحاديث التي رقيت لموافقته ظاهر القرآن حديث "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له‬
‫بالإيمان"‪.‬‬

‫أخرجه ابن ماجه‪ 33‬والترمذي‪ 34‬من طريق رشدين بن سعد‪ ،‬عن عمرو بن الحار ‪ ،‬عن دراج‪ ،‬عن أبي الهيثم‪،‬‬
‫عن أبي سعيد‪ ،‬وأخرجه الترمذي في مكان آخر‪ 35‬والحاكم‪ 36‬من طريق عبد الله بن وهب‪ ،‬عن عمرو بن الحار ‪،‬‬
‫عن دراج‪ ،‬عن أبي الهيثم‪ ،‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬وقال الترمذي في كليهما‪" :‬هذا حديث حسن غريب"‪ .‬وقال‬
‫الحاكم عقب إيراد الحديث ‪" :‬هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها غير أن شيخي الصحيح‬

‫لم يخرجاه"‪.‬‬

‫بصحته اذا وافق كتاب الله عز وجل‪ ،‬فانه وان كان معتل ًا أكتبه لان معه ما يقويه ويذهب علته‪ .‬الزركشي‪ ،‬النكت على مقدمة ابن الصلاح‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،5‬ج‪.541‬‬

‫‪ 33‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬كتاب المساجد والجماعات‪ ،‬باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة ‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪ ،218‬رقم الحديث ‪.342‬‬
‫‪34‬والترمذي‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬أبواب الإيمان ‪ ،‬باب ما جاء في حرمة الصلاة ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،523‬رقم الحديث‬

‫‪.8418‬‬
‫‪ 35‬والترمذي‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ‪ ،‬باب‪ :‬ومن سورة التوبة‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ ،843‬رقم الحديث ‪.2157‬‬
‫‪36‬أخرجه الحاكم‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬كتاب التفسير‪ ،‬تفسير سورة التوبة‪ ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪ ،242‬رقم‬

‫الحديث ‪.8234‬‬
‫‪59‬‬

‫ورشدين بن سعد ضعيف عند العلماء كما تقدم‪ ،‬وأما دراج‪ ،‬فقال الذهبي فيه عقب تصحيح الحاكم‪" :‬كثير‬
‫المناكير"‪ .37‬وقال المناوي‪" :‬قال مغلطاي في "شرح ابن ماجة"‪" :‬حديث ضعيف"‪ .38‬ويدل هذا على أن الإمامين‬

‫ولم يقولا بقبول هذا الحديث وارتقائه إلى مرتبة الحسن بالاعتضاد لأجل موافقة ظاهر القرآن له‪.‬‬

‫وتلقي الأمة بالقبول إن لم يتفق العلماء على جعلها عاضدا صالحا لترقية الحديث الضعيف‪ ،‬فإنها على الأقل تعطي‬
‫قوة ما إلى بعض الأحاديث الضعيفة التي ح ّف ضعفها وهو في جانب آخر أقوى من العواضد الأخرى التي‬

‫يشك في صلاحيتها لأن تكون عواضد‪.‬‬

‫‪ 4.4‬العواضد غير الصالحة‬
‫‪ 2.1.5‬استدلال المجتهد‪39‬‬

‫استدلال المجتهد‪ ،‬وهو أن يتخذ إمام متجهد حديثا أو أحاديث ضعيفة دليلا في المسائل الفقهية‪ .‬ونسب هذا‬
‫القول إلى التهانوي حيث قال‪" :‬المجتهد إذا استدل بحديث كان تصحيحا له كما في التحرير لابن الهمام وغيره‬

‫"‪.‬‬

‫ولكن الأمر ليس على الاتفاق بل على خلافه‪ ،‬قال ابن الصلاح‪:‬‬

‫"إن عمل العالم أو فتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث‪ ،‬وكذلك مخالفته للحديث ليست‬
‫قدحا منه في صحته ولا في راويه‪ ،‬والله أعلم‪.40".‬‬

‫‪ 37‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 38‬المناوي‪ ،‬محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي‪ ،‬فيض القدير‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪،8.15‬‬

‫ج‪ ،5‬ص‪.813‬‬
‫‪ 39‬قال الدكتور مصطفى ال ِخ من وآخرون‪" :‬المجتهد هو من يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام"‪ .‬انظر مصطفى ال ِخ من وآخرين‪،‬‬

‫الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي‪ ، ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،3‬ص‪.535‬‬
‫‪ 40‬ابن الصلاح‪ ،‬مقدمة ابن الصلاح‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.555‬‬

‫‪60‬‬

‫‪ 2.1.2‬الكشف الصوفي‬

‫الكشف لغة‪ :‬رفعك ال َّش ميء َع َّما يواريه ويغطيه‪ .41‬واصطلاحا‪ :‬هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني‬
‫الغيبية‪ ،‬والأمور الحقيقية وجو ًدا وشهو ًدا‪ 42.‬ويطلق أيضا بالعلم اللدني الذي هو الإلهام‪ ،‬وعرفوه بأنه تنبيه النفس‬
‫الكلية للنفس الجزئية الإنسانية على قدر صفائها وقبولها وقوة استعدادها‪ .43‬والصوفي‪ :‬هو من يتبع َطري َقة‬
‫التصوف والعارف بالتصوف‪ .44‬ويرى الصوفيون أنه يحصل الكشف بالخلوة الطويلة‪ ،‬والاحتجاب عن الخلق‪،‬‬

‫مع عدم مشاغلة النفس بأي شي ٍء حتى قراءة القرآن وكتابة الحديث‪. 45‬‬

‫ويقصد بالكشف الصوفي هنا إمكانة ترقية الحديث الضعيف بالإلهام أو الاطلاع الذي يحصله الصوفي‪ .‬وقال‬
‫الشيخ المفكر سفر بن عبد الرحمن الحوالي‪:‬‬

‫"ولقد استخدمت الصوفية الكشف والذوق لا مصد ًرا للتلقي الروحاني ‪ -‬كما يسمونه ‪ -‬فحسب‪ ،‬بل معيا ًرا‬
‫للحكم على نصوص الشرع‪ ،‬فيقبلون ما وافقه‪ ،‬ويؤولون ما خالفه‪ ،‬بل اتخذوه َح َك ًما للحكم بتصحيح الأحاديث‬

‫أو تضعيفها‪ ،‬وهو منهج خطر ردوا به الصحاح وأثبتوا الموضوعات"‪.46‬‬

‫‪ 41‬أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي‪ ،‬المحكم والمحيط الأعظم‪ ،‬ار الكتب العلمية – بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الأولى‪ 5225 ،‬هـ ‪2444 -‬‬
‫م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.131‬‬

‫‪ 42‬الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد بن علي الزين الشريف‪ ،‬التعريفات‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ص ‪.532‬‬
‫‪ 43‬سفر بن عبد الرحمن الحوالي‪ ،‬منهج الأشاعرة في العقيدة‪ ،‬ص ‪.582‬‬

‫‪44‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬إشراف‪ :‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬جـ‪5‬صـ ‪.121‬‬
‫‪ 45‬سفر بن عبد الرحمن الحوالي‪ ،‬منهج الأشاعرة في العقيدة‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ص ‪.587‬‬
‫‪ 46‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.581‬‬
‫‪61‬‬

‫ومن الأحاديث التي زعموا تصحيحها بالكشف حديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"‪ .‬فقد قال‬
‫الشعراني‪" :‬وهذا الحديث وان كان فيه مقال عند المحدثين فهو صحيح عند أهل الكشف"‪.47‬‬

‫وقال العلامة الألباني‪" :‬فباطل وهراء لا يتلفت إليه! ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة‬
‫صوفية مقيتة‪ ،‬والاعتماد عليها يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها‪ ،‬كهذا الحديث لأن الكشف أحسن‬
‫أحواله‪ -‬إن صح‪ -‬أن يكون كالرأي‪ ،‬وهو يخطيء ويصيب‪ ،‬وهذا إن لم يداخله الهوى‪ ،‬نسأل الله السلامة منه‪،‬‬

‫ومن كل ما لا يرضيه"‪.48‬‬

‫وهو كذلك سيؤدي إلى تضعيف الأحاديث الصحيحة فيحل الحرام ويحرم الحلال ‪.‬‬

‫‪ 1.5.3‬رؤية النبي ‪ ‬في المنام‬

‫الرؤيا لغة َما يرى ِفي النّوم‪ ،49‬وهي أنواع‪ ،‬منها رؤية سيدنا رسول الله ‪ ،‬فرؤيته ‪ ‬عند أهل السنة والجماعة من‬
‫الأمور الممكنة‪ ،‬ومن رآه في النوم على صورته المعروفة فقد رآه‪ ،‬لأن الشيطان لا يتمثل في صورته ‪ ،‬لدليل ما‬
‫رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي ‪ ‬يقول‪" :‬من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان‬

‫بي"‪.50‬‬

‫ولكن رؤية النبي ‪ ‬في المنامات لا يؤخذ منها أي حكم شرعي عند العلماء؛ لأن الشريعة الإسلامية قد تمت‬
‫وكملت قبل وفاته ‪ ،‬ومصادر التشريع هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصادر التبعية على خلاف‬

‫‪ 47‬نقلا عن ‪http://www.alsoufia.com/main/936-1-%D8%AB%D8%A8%D9%88%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-‬‬

‫‪%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B4%D9%81.html‬‬
‫‪ 48‬الألباني محمد ناصر الدين‪ ،‬بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم‪ ،‬الأشقودري موسوعة الألباني في العقيدة‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪،8.15‬‬

‫ج‪ ،8‬ص‪.111‬‬
‫‪ 49‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬جـ‪5‬صـ ‪.824‬‬

‫‪ 50‬أخرجه البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.11088.‬‬
‫‪62‬‬

‫بينهم فيها‪ ،‬وليس منها الرؤى ولا المنامات‪ ،‬ولا يحتج بالرؤى في باب الأحكام الشرعية ولا في باب تصحيح‬
‫الأحاديث أو تضعيفها‪.‬‬

‫قال الإمام النووي عند كلامه على رؤى الرواة‪ ،‬قال القاضي عياض رحمه الله‪:‬‬

‫"هذا ومثله استئناس واستظهار على ما تقرر من ضعف أبان لا أنه يقطع بأمر المنام ولا أنه تبطل بسببه سنة ثبتت‬
‫ولا تثبت به سنة لم تثبت وهذا بإجماع العلماء‪ ،‬هذا كلام القاضي وكذا قاله غيره من أصحابنا وغيرهم فنقلوا‬
‫الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع‪ .‬وليس هذا الذي ذكرناه مخالف ًا لقوله ‪" ‬من رآني‬
‫في المنام فقد رآني"‪ .‬فإن معنى الحديث أن رؤيته صحيحة وليست من أضغا الأحلام وتلبيس الشيطان ‪ ،‬ولكن‬
‫لا يجوز إثبات حكم شرعي به؛ لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي‪ ،‬وقد اتفقوا على أن‬
‫من شرط من تقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظ ًا لا مغفل ًا ولا سيئ الحفظ ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط‪،‬‬
‫والنائم ليس بهذه الصفة فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما‬
‫يحكم به الولاة‪ ،‬أما إذا رأى النبي ‪ ‬يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده إلى فعل‬
‫مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لأن ذلك ليس حكم ًا بمجرد المنام بل تقرر من أصل ذلك‬

‫الشيء"‪.51‬‬

‫وقال أيض ًا‪:‬‬

‫"لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان‪ ،‬ولم ير الناس الهلال‪ ،‬فرأى إنسان النبي ‪‬في المنام‪ ،‬فقال له‪ :‬الليلة أول‬
‫رمضان لم يصح الصوم بهذا المنام‪ ،‬لا لصاحب المنام ولا لغيره"‪.52‬‬

‫وقال عند كلامه على خصائص النبي ‪:‬‬

‫‪ 51‬النووي‪ ،‬المنهاج شرح مسلم‪ ،‬المصدر السايق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.551‬‬
‫‪ 52‬النووي‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬المجموع‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.212‬‬

‫‪63‬‬

‫"ومنه أن من رآه في المنام فقد رآه حق ًا فإن الشيطان لا يتمثل في صورته‪ ،‬ولكن لا يعمل بما يسمعه الرائي منه في‬
‫المنام مما يتعلق بالأحكام إن خالف ما استقر في الشرع لعدم ضبط الرائي لا للشك في الرؤيا ؛ لأن الخبر لا يقبل‬

‫إلا من ضابط مكلف والنائم بخلافه"‪.53‬‬

‫وقال ابن حزم الظاهري ‪:‬‬
‫"الشرائع لا ت مؤ َخذ بالمنامات"‪.54‬‬

‫ومن أمثلة الأحاديث التي وردت بتصحيحها في الرؤيا ما ورد في كتاب الطبقات الكبرى للشعراني أن أبا‬
‫المواهب الشاذلي قال‪" :‬قابلت رسول الله ‪ ‬فسألته عن الحديث المشهور"اذكروا الله حتى يقولوا مجنون"‪ .‬وفي‬
‫صحيح ابن حبان "أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون"‪ .55‬فقال عليه الصلاة والسلام‪" :‬صدق ابن حبان في‬

‫روايته وصدق راوي "اذكروا الله" فإني قلتهما مع ًا مرة قلت هذا ومرة قلت هذا"‪.56‬‬

‫‪ 1.5.3‬موافقته الحقائق العلمية الحديثة والواقع‬

‫الحقيقة العلمية هي الظاهرة التي تثبت بالتجربة والدليل والملاحظة‪.‬‬

‫والواقع اسم فاعل من الوقوع‪ ،‬فالمراد بالواقع كل ما وقع‪ ،‬سواء كان وقوعه في الماضي القديم‪ ،‬أم في الماضي‬
‫القريب‪ ،‬أي الحاضر"‪.57‬‬

‫‪ 53‬النووي‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬تهذيب الأسماء واللغات‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج ‪ ،5‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 54‬ابن حزم‪ ،‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري ‪ ،‬المحلى بالآثار‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪،2‬‬

‫ص ‪.822‬‬
‫‪ 55‬أخرجه ابن حبان‪ ،‬صحيح ابن حبان‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،8‬ص‪ ،11‬رقم الحديث ‪.817‬‬

‫‪56‬الطبقات الكبرى‪2( :‬ـ‪.)13‬‬
‫‪ 57‬سعيد بن محمد المري‪ ،‬الواقع والحكم على الحديث‪ :‬تقعيد وتأصيل‪ ،‬بحث لمادة التجديد في علوم السنة‪ ،‬الجامعة الأردنية‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪64‬‬

‫ويقصد به أيضا الشيء الذي تعود معرفته إلى الإحساس‪ ،‬سوا ًء كان إدراكه عن طريق المشاهدة‪ ،‬أو السمع‪ ،‬أو‬
‫أي طريق من طرق الإحساس‪ ،‬ويدخل في ذلك ما كان مر ّده إلى شيء محسوس‪ ،‬مما ص ّح نقله من الوقائع‬
‫التاريخية‪ ،‬أو ثبت علمي ًا‪ .‬ويعتبر من ضمنها أيضا مطابقة أخبار الفتن والملاحم وعلامات الساعة كأحاديث‬
‫ضعف المسلمين وتشتتهم وتداعي الأمم عليهم‪ ،‬وتغلب اليهود والنصارى‪ ،‬وغزو العراق‪ ،‬وتحكم الرويبضة‬

‫وظهور أهل النفاق وبداية الملحمة الكبرى‪.‬‬

‫فهل يصحح الحديث بموافقته الحقائق العلمية الحديثة والواقع؟‬

‫فمسألة ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن بموافقة الحقائق العلمية الحديثة والواقع من المسائل المعاصرة‪ ،‬وممن‬
‫ذهب إلى جوازه الدكتور أبو الليث الخيرآبادي‪ 58‬وعبد الدائم الكحيل والشيخ حمود التويجري‪.‬‬

‫وأما عبد الدائم الكحيل فإنه قال‪" :‬مجال الإعجاز العلمي يشبه مجال الترغيب والترهيب‪ ،‬فهي حقائق علمية‬
‫تزيدنا إيمان ًا بالله تعالى‪ ،‬ولو ثبت أن الحديث الذي استندنا عليه غير صحيح فلا يزعزع ذلك إيماننا"‪.‬‬

‫ويرى الشيخ حمود التويجري أن الحديث الضعيف يمكن ترقيته بموافقته الواقع فقال‪" :‬بعض الأمور التي ورد‬
‫الإخبار بوقوعها لم ترو إلا من طرق ضعيفة‪ ،‬وقد ظهر مصداق كثير منها‪ ،‬ولاسيما في زماننا‪ ،‬وذلك مما يدل على‬

‫صحتها في نفس الأمر‪ ،‬وكفى بالواقع شاهد ًا بثبوتها وخروجها من مشكاة النبوة"‪.59‬‬

‫وقال سعيد بن محمد المري‪" :‬القسم الأول‪ :‬ما كان مترددا بين القبول والرد‪ ،‬سواء كان أقرب إلى القبول أو‬
‫أقرب إلى الرد أو مستوي الطرفين‪ ،‬وهو الحديث الذي يتقوى بالمتابعات والشواهد‪ ،‬فهذا القسم من الحديث‬
‫ينبغي أن تزيده موافقة الواقع قوة‪ ،‬غير أن هذه الزيادة تكون في القوة بحسب قوة الموافقة‪ ،‬فقد يترجح بها جانب‬

‫القبول‪ ،‬وقد لا يترجح‪ ،‬ولا أقل من أن يستأنس بها"‪.60‬‬

‫‪ 58‬الخير آبادي‪ ،‬محمد أبو الليث (‪2441‬م)‪ ،‬علوم الحديث أصيلها ومعاصرها‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬دار الشاكر‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬ص‪.231-238‬‬
‫‪ 59‬عبد الله بن يوسف الجديع‪ ،‬تحرير علوم الحديث‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،2‬ص‪.5418‬‬
‫‪60‬سعيد بن محمد المري‪ ،‬الواقع والحكم على الحديث‪ :‬تقعيد وتأصيل‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪65‬‬

‫ولكن لم يوافق بعض من العلماء على هذا العاضد بحجة أن ظاهرة الاستدلال بالضعيف والواهي وبما لا أصل‬
‫له في تلك الأمور وقد يسبب في تحميل النصوص ما لا تحتمل‪.‬‬

‫ومن أمثلة محاولات ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن بموافقة الحقائق العلمية الحديثة والواقع هي‪:‬‬

‫‪ ‬حديث "إذا رأيتم اللاتي ألقين على رءوسهن مثل أسنمة البقر فأعلموهن أنه لا يقبل لهن صلاة"‪.‬‬

‫أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن أبي شقرة مرفوعا‪ .61‬وقال المناوي‪ :‬قال ابن عبد البر ‪":‬في إسناده نظر"‪.62‬‬

‫وقال الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري‪:‬‬

‫"لا نظر فيه‪ ،‬بل الحديث صحيح يصدقه الواقع بعد زمان التحديث به بأزيد من ألف عام‪ ،‬وذلك أدل دليل على‬
‫صحته‪ ،‬وأنه من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم‪ .‬ففي هذه المائة الرابعة عشر شرع النساء يلبسن البرانيط‬

‫الفرنجية التي هي كأسنمة البعير ولم يكن ذلك قبل هذا‪ ،‬فالحديث صحيح لا شك فيه"‪.63‬‬

‫المثال الثاني‪ :‬حديث‪" :‬إذا أبغض المسلمون علماءهم‪ ،‬وأظهروا عمارة أسواقهم‪ ،‬وتناكحوا على جمع الدراهم‪،‬‬
‫رماهم الله عز وجل بأربع خصال‪ :‬بالقحط من الزمان‪ ،‬والجور من السلطان‪ ،‬والخيانة من ولاة الأحكام‪،‬‬

‫والصولة من العدو"‪ .64‬قال الذهبي‪" :‬بل منكر منقطع"‪.65‬‬

‫وقال الألباني رحمه الله تعالى تعليق ًا‪" :‬كتب بعض الطلاب الحمقى و بالحبر الذي لا يمحى‪ ،‬عقب قول الذهبي‬
‫المتقدم‪ .‬قلت‪" :‬بل صحيح جد ًا"‪ :‬وكأن هذا الأحمق يستلزم من مطابقة معنى الحديث الواقع أنه قاله رسول الله‬

‫‪ 61‬أخرجه الطبراني‪ ،‬سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‪ ،‬المعجم الكبير‪ ،‬مكتبة ابن تيمية – القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ،‬ج‪،22‬‬
‫ص‪ ،874‬رقم الحديث ‪.928‬‬

‫‪ 62‬المناوي‪ ،‬فيض القدير‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.815‬‬
‫‪ 63‬أحمد بن محمد بن الصديق الغماري‪ ،‬المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬ط‪ ،5111 ،5‬ج‪ ،5‬ص‪.871‬‬

‫‪ 64‬أخرجه الحاكم‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،815‬رقم الحديث ‪.7923‬‬
‫‪ 65‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫‪ ‬وهذا جهل فاضح ‪ .‬فكم من مئات الأحاديث ضعفها أئمة الحديث وهي مع ذلك صحيحة المعنى‪ .‬ولا‬
‫حاجة لضرب الأمثلة على ذلك ‪ ،‬ففي هذه السلسلة ما يغني عن ذلك‪ .‬ولو فتح باب تصحيح الأحاديث من‬
‫حيث المعنى‪ ،‬دون التفات إلى الأسانيد‪ ،‬لاندس كثير من الباطل على الشرع‪ ،‬ولقال الناس على النبي ‪ ‬ما لم‬

‫يقل‪ ،‬ثم تبوؤوا مقعدهم من النار‪ ،‬والعياذ بالله تعالى"‪.66‬‬

‫المثال الثالث‪ :‬حديث عن عبد الله بن عمر قال أقبل علينا رسول الله ‪ .‬فقال ‪ " :‬يا معشر المهاجرين خمس إذا‬
‫ابتليتم بهن‪ ،‬وأعوذ بالله أن تدركوهن‪ :‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط‪ ،‬حتى يعلنوا بها‪ ،‬إلا فشا فيهم الطاعون‪،‬‬
‫والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا‪ ،‬ولم ينقصوا المكيال والميزان‪ ،‬إلا أخذوا بالسنين‪ ،‬وشدة‬
‫المئونة‪ ،‬وجور السلطان عليهم‪ ،‬ولم يمنعوا زكاة أموالهم‪ ،‬إلا منعوا القطر من السماء‪ ،‬ولولا البهائم لم يمطروا‪،‬‬
‫ولم ينقضوا عهد الله‪ ،‬وعهد رسوله‪ ،‬إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم‪ ،‬فأخذوا بعض ما في أيديهم‪ ،‬وما لم‬

‫تحكم أئمتهم بكتاب الله‪ ،‬ويتخيروا مما أنزل الله‪ ،‬إلا جعل الله بأسهم بينهم‪67‬‬

‫قال الحافظ ابن حجر‪" :‬في إسناده خالد بن يزيد أبي مالك‪ ،‬وكان من فقهاء الشام‪ ،‬لكنه ضعيف عند أحمد وابن‬
‫معين و غيرهما"‪ .68‬وقال ابن حبان ‪ :‬كان يخطىء كثيرا‪.69‬‬

‫‪ 4.4.4‬التجربة‬
‫ونسب هذا المذهب إلى الصوفية أيضا‪ .‬ومن أمثلة تصحيح الحديث بالتجربة حديث "ماء زمزم لما شرب له"‪.70‬‬

‫‪ 66‬الألباني‪ ،‬سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الرياض ‪ -‬الممكلة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫الأولى‪ 5252 ،‬هـ ‪ 5112 /‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.81‬‬

‫‪ 67‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،521‬رقم الحديث ‪.4019‬‬
‫‪ 68‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،54‬ص‪.518‬‬

‫‪ 69‬ابن حبان‪ ،‬أحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن َم معب َد‪ ،‬التميمي‪ ،‬المجروحين‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،5‬ص‪.232‬‬
‫‪ 70‬أخرجه أحمد‪ ،‬المسند‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،28‬ص‪ ،524‬رقم الحديث ‪ ،14849‬ابن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬

‫‪ ،5453‬رقم الحديث ‪.3062‬‬
‫‪67‬‬

‫وقال السيوطي في حاشية الكتاب‪" :‬هذا الحديث مشهور على الألسنة كثيرا‪ ،‬واختلف الحفاظ فيه‪ ،‬فمنهم من‬
‫صححه‪ ،‬ومنهم من حسنه‪ ،‬ومنهم من ضعفه والمعتمد الأول"‪.71‬‬

‫وقال السخاوي‪ :‬قال شيخنا (يعني ابن حجر)‪" :‬إنه حسن مع كونه موقوف ًا‪ ،‬وأفرد فيه جزء ًا‪ ،‬واستشهد له في‬
‫موضع آخر بحديث أبي ذر رفعه‪ :‬إنها طعام طعم وشفاء سقم‪ ،‬وأصله في مسلم وهذا اللفظ عند الطيالسي قال‪:‬‬
‫ومرتبة هذا الحديث أنه باجتماع هذه الطرق يصلح للاحتجاج به‪ ،‬وقد جربه جماعة من الكبار فذكروا أنه صح‪،‬‬
‫بل صححه من المتقدمين ابن عيينة‪ ،‬ومن المتأخرين الدمياطي في جزء جمعه فيه‪ ،‬والمنذري‪ ،‬وضعفه النووي"‪.72‬‬

‫‪ 4.4.4‬الاستخارة‬
‫صلاة الاستخارة هي من الصلوات المسنونة المشروعة في الإسلام‪ ،‬وهي صلاة يستخير بها العبد ربه فيما يفعل‬
‫من الأمور المباحة‪ ،‬أو المسنونة‪ ،‬أو الواجبة إذا التبس عليه وجه الخير والصلاح فيها‪ 73.‬ولم تكن هذه الطريق من‬
‫الطرق التي يتوص ّل فيها إلى ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن كما صرح بهذا أستاذنا الدكتور أبو الليث‬

‫الخيرآبادي رحمه الله‪.74‬‬

‫‪ 71‬السيوطي‪ ،‬السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬شرح سنن ابن ماجه‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ص ‪.224‬‬
‫‪ 72‬السخاوي‪ ،‬شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة‪ ،‬تحقيق‪:‬‬

‫محمد عثمان الخشت‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيروت‪ ،‬الطبعة الأولى‪ 5241 ،‬هـ ‪5131 -‬م ‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ 73‬محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري‪ ،‬موسوعة الفقه الإسلامي‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬الإصدار ‪ ،8.15‬ج‪ ،2‬ص‪.113‬‬

‫‪ 74‬الخير آبادي‪ ،‬علوم الحديث أصيلها ومعاصرها‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪68‬‬

‫أسئلة وتمارين‪:‬‬
‫‪ ‬ما معنى الجوابر؟‬
‫‪ ‬ما معنى العواضد؟‬
‫‪ ‬اذكر شروط ترقية الحديث الضعيف إلى الحسن؟‬
‫‪ ‬هل تجوز ترقية الحديث الضعيف بطريق أضعف منه؟‬
‫‪ ‬هل تجوز ترقية الحديث الضعيف ضعفا شديدا بطرق متساوية في القوة له؟‬
‫‪ ‬اذكر العوضد الصالحة لترقية الحديث الضعيف؟‬
‫‪ ‬هل التجربة والاستخارة يصلحان لتقوية الضعيف؟‬
‫‪ ‬استنبط من كلام المنذي‪ ،‬والنووي وابن حجر في صفحة ___شروط ترقية الحديث الضعيف‪.‬‬

‫‪69‬‬


Click to View FlipBook Version