وأما قول ابن خطار عن هذا الحديث في الحاشية( :وحكم الحافظ في
الفتح على الإسناد بأنه جيد) فهذا دليل يضاف إلى الأدلة التي مرت
معي في كتاب ابن خطار والتي تدل على جهله وقلة بضاعته في علم
الحديث والمصطلح لأن ابن حجر في الفتح ( )77/66قال(( :وقد جمع
الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءاً في تقبيل اليد سمعناه ,أورد فيه
أحاديث كثيرة وآثاراً ,فمن جيدها حديث الزارع العبدي وكان في وفد
عبد القيس ))...هذا هو نص كلام الحافظ نقلته لك من نفس الموضع
الذي أحال إليه ابن خطار ,فالحافظ لم يقل( :إسناده جيد) وإنما قال:
(فمن جيدها) وهذه العبارة لا تعتبر تصحيحاً أو تجويداً للإسناد وإنما
يحتمل أنه أراد الحكم النسبي لهذا الحديث بالنسبة للأحاديث التي ذكرها
الحافظ أبو بكر بن المقرئ ,قال السيوطي في تدريب الراوي (:)17/6
(( وقال المصنف 1في الأذكار :لا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث
فإنهم يقولون :هذا أصح ما جاء في الباب وإن كان ضعيفاً ومرادهم
أرجحه وأقله ضعفاً ))...ولهذا لا نستطيع الجزم بتجويد الحافظ للإسناد
,وممايؤيد هذا الاحتمال أن الحافظ في نفس الموضع السابق قال:
((فمن جيدها حديث الزارع العبدي وكان في وفد عبد القيس ...ومن
حديث جابر أن عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده )) ,
وحديث جابر الذي ذكره ابن حجر أنه من جيدها فيه عبيد الله بن سعيد
قائد الأعمش قال عنه ابن حجر في التقريب (ص(( :)376ضعيف)) ,
وهذا يدل على أنه أراد أنها أجود ما ذكره ابن المقرئ أي أنها أقل
ضعفاً من غيرها .
1المراد به هو النووي قال ذلك في كتابه الأذكار (ص. )412
100
ومع هذا فليس في هذا الحديث ـ على ما فيه من مقال ـ إلا أنهم قبلوا يد
النبي صلى الله عليه وسلم ورجله فهو كالأحاديث السابقة .
استدلاله بتقبيل ثابت ليد أنس :
ثم قال ابن خطار " :وعن ابن جدعان ،قال ثابت لأنس :أمسست
النبي صلى الله عليه وسلم بيدك ؟ قال :نعم ,فقبلها " .
نقول :هذا الأثر قد مر معنا (ص )76وذكرنا هناك أنه ضعيف .
استدلاله بتقبيل سواد بن غزية لبطن النبي صلى الله عليه
وسلم :
ثم قال ابن خطار " :وعن سيدنا حبان بن واسع عن أشياخ من
قومه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ع ّدل الصفوف يوم بدر
وفي يده قدح ،فمر بسواد بن غز َّية فطعن في بطنه ،فقال :أوجعتني
فأقدني ،فكشف صلى الله عليه وسلم فاعتنقه وقبل بطنه ،فدعا له
بخير " .
نقول :هذا الحديث رواه محمد بن إسحاق عن حبان بن واسع بن حبان
ولم يذكر أحد ـ فيما أعلم ـ ممن ترجم لابن إسحاق أنه سمع من حبان بن
واسع ,قال الذهبي في الكاشف ( )671/4عن ابن إسحاق (( :كان
صدوقاً من بحور العلم وله غرائب في سعة ما روى ُتستنكر ,واخ ُتلِف
في الاحتجاج به وحديثه حسن وقد صححه جماعة )) .
101
ولم يذكر أحد ـ فيما أعلم ـ ممن ترجم لحبان بن واسع أن ابن إسحاق
ممن أخذ عنه .ولهذا فلا أرى أن هذه القصة تثبت بهذا السند .
ولو ثبتت هذه القصة ففيها التبرك بملامسة جلد النبي صلى الله عليه
وسلم وتقبيله وليس فيها ذكر لتقبيل اليد .
تـنـبـيـه :هذا الحديث سبق أن ذكره ابن خطار عند كلامه على
التبرك وقال عنه في الحاشية(( :أخرجه ابن إسحاق كذا في البداية
(. )) )408/0
وأما في هذا المـوضع فقال عنه في الحـاشـية (( :أخرجه الإمام
أحمد ( 640/4ـ )) 1)699وليس هذا الحديث في مسند أحمد ولم
يخرجه أحد من أهل السنن ,والموضع المشار إليه في مسند أحمد فيه
تقبيل أبي هريرة لبطن الحسن بن علي رضي الله عنهما وقد ذكره
الإمام أحمد في موضعين وإسناده ضعيف ,فإن كان ابن خطار يعلم
ذلك فهو غش وخداع لأنه يوهم القارئ غير ما هو صواب ,وإن كان
نقلها عن غيره فهذا يؤيد ما ذكرته عنه سابقاً أنه حاطب ليل يجمع من
هنا ومن هنا ما يؤيد رأيه دون علم بالمصدر وبالتالي فهو لا يعلم صحة
ما نقله من ضعفه .
1وضع ابن خطار لهذه الإشارة ( ـ ) بين الرقمين يفهم منه القارئ أن الحديث يوجد من صفحة 420إلى صفحة , 411
وابن خطار لا يريد هذا وإنما يريد أنه موجود في موضعين الأول في ص 420والثاني في ص , 411فكان الأولى به أن
يضع فاصلة بين الرقمين هكذا (. )420 , 411
102
استدلاله بتقبيل عمر ليد النبي صلى الله عليه وسلم :
ثم قال ابن خطار " :وعن سيدنا جابر : أن سيدنا عمر قبل يد
النبي " .
نقول :هذا الحديث أخرجه ابن القرئ في تقبيل اليد ( )66كما ذكر
ابن خطار وفي سنده عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش قال عنه ابن حجر
في التقريب (ص(( :)376ضعيف)) .وأخرجه أيضاً ابن مردويه في
جزء أحاديث ابن حيان ( )77وفيه عبيد الله بن سعيد أيضاً .
فهذا الأثر ضعيف وليس فيه مع ضعفه إلا تقبيل يد النبي صلى الله عليه
وسلم وليس على سبيل الدوام والاستمرار وإنما ُيفعل أحياناً .
استدلاله بتقبيل زيد ليد ابن عباس :
ثم قال ابن خطار " :وعن الشعبي :أن زيد بن ثابت صلى على
جنازة ,فقربت إليه بغلته ليركبها فجاء سيدنا عبد الله بن عباس رضي
الله عنهما ،فأخذ بركابها فقال زيد بن ثابت : خل عنك يا ابن عم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سيدنا ابن عباس : هكذا
ُأمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء فق َّبل زي ُد بن ثابت ي َد عبد الله وقال :
هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
نقول :قال ابن خطار في الحاشية ( :أخرجه الحاكم ( , )7101وابن
المقرئ في تقبيل اليد )وبالرجوع إلى الحاكم في المستدرك وجد أنه
أخرج القصة في نفس الموضع لكن بدون ذكر التقبيل وإليك نص ما
103
أخرجه بسنده :قال ...(( :أن ابن عباس وزيد بن ثابت شهدا جنازة ,
فلما أراد زيد أن يركب أخذ ابن عباس بركابه ,فقال :تنح يا ابن أخي ,
فقال :هكذا يصنع بالعلماء)) ,وكذلك أخرجه في مواضعين آخرين في
مستدركه إليك أرقامهما , )7671( , )7717( :لم يذكر فيهما التقبيل
.
والحديث قد أخرجه أيضاً البيهقي في السنن الكبرى ( )66671وليس
فيه ذكر التقبيل .
فكان من الأمانة العلمية ألا يحيل ابن خطار إلى الحاكم لأن موضع
الشاهد وهو التقبيل لم يذكره .
فأضف أيها القارئ هذا إلى ما سبق لتعلم كيف يفعل اتباع الهوى بأهله ,
يحملهم على الكذب والتدليس والغش والخداع ,نسأل الله
تعالى العافية.
وبالرجوع إلى المصدر الثاني الذي ذكره ابن خطار وجد أنه قد أورد
هذه الزيادة في الحديث رقم ( )30عن عمار بن أبي عمار وليست عن
الشعبي وفي آخر القصة(( :فقال زيد :أرني يدك ,فأخرج يده ,فقبلها
فقال :هكذا أُمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم )) ,وهذه
الزيادة قد ذكرها ابن حجر في الإصابة ( )621/2عن الشعبي .
قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن هذه الزيادة بعد ذكره
لهذا الحديث ((( :)107وهذه الزيادة من أهل العلم من ُينكرها)) ولعله
104
لذلك ـ والله أعلم ـ لم يذكره ابن حجر عندما قال(( :فمن جيدها 1)) ...
وذكر أحاديث ولم يذكر تقبيل زيد لابن عباس .
ومع هذا نقول :قول زيد (( : هكذا أمرنا أن نفعل)) إما أن يكون
نقل لشرع شرعه النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر بتقبيل أيدي أهل
البيت ,أو يكون فعله هذا فهم منه لما ورد عن النبي صلى الله عليه
وسلم من احترام أهل البيت ومعرفة حقهم لقربهم من نبينا صلى الله
عليه وسلم .
وبالنظر في كتب الأحاديث والسنن لا نجد فيها الحث على تقبيل أيدي
أهل البيت ,وبتأمل واقع الصحابة وسيرهم لا نجد أنهم كانوا يقبلون
أيدي أهل البيت فلم ينقل عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا غيرهم
من العشرة المبشرين أنهم قبلوا يد علي وهو أفضل أهل البيت مما
يدل على أن هذا فهم من زيد لما ورد في فضل أهل البيت ,وهذا
الفهم يخالفه فيه من هو أفضل منه من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم .
ويمكن أن ُيقال :إن زيد بن ثابت إنما فعل ذلك مكافأة لابن عباس
لأنه تواضع له فأمسك بركابه وعلل فعله هذا بقوله (( :هكذا يصنع
بالعلماء )) ,فكافأه زيد فتواضع له وقبل يده وعلل فعله بقوله(( :هكذا
أُمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم )) فكان هذا التوضع
مكافأة على التوضع والقول مكافأة على القول ويدل على ذلك أنه لم يرد
عن زيد أنه فعل مثل ذلك قبل هذه الحادثة لا مع ابن عباس ولا مع
غيره من أهل البيت .
1انظر (ص )100من هذا الكتاب .
105
وعلى هذا فلو ثبتت هذه الزيادة فهي دليل على جواز تقبيل اليد لمن هم
أهل للتعظيم والاحترام ولا تدل على أن هذا سنة مستحبة دوماً معهم
بدليل أن كبار الصحابة لم يكونوا يقبلون يد النبي صلى الله عليه وسلم
كلما رأوه وهو من هو صلى الله عليه وسلم .
ولأن زيداً لم يكن يفعل ذلك دوماً معهم بل لم يرد عنه ذلك إلا في هذه
الحادثة على القول بثبوتها .
استدلاله بتقبيل ثابت ليد أنس كلما دخل عليه :
ثم قال ابن خطار " :وعن ثابت قال :كنت إذا أتيت أنساً ُُ خبر
بمكاني فأدخل عليه ،فآخذ بيديه فأقبلها فأقول :بأبي هاتين اليدين
اللتين م َّستا رسول الله صلى الله عليه وسلم و ُأق ِّبل عينيه وأقول :بأبي
هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله " .
نقول :قد سبق ذكر هذا الأثر (ص )13وبينا هناك أنه ضعيف لا
يصح .
وليس فيه على ضعفه إلا تقبيل يد وعين من رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم محبة وتعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ,وليس
فيه أن أنساً أمره بذلك ولا أنه يمد يده إليه ليقبلها بل ثابت هو الذي يبادر
إلى تقبيلها فيدل ذلك على جواز التقبيل لكنه لا يدل على استحبابه .
106
استدلاله بتقبيل أبو مالك الأشجعي ليد ابن أبي أوفى :
ثم قال ابن خطار " :وعن أبي مالك الأشجعي قال :قلت لابن أبي
أوفى : ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
،فناولنيها ،فقبلتها " .
نقول :هذا الأثر أخرجه ابن المقرئ ,كما ذكر ابن خطار .
أبو مالك الأشجعي هو سعد بن طارق بن أشيم الراوي عنه هو خالد بن
يزيد ,ولم أر عند من ترجم لأبي مالك الأشجعي ذكر لخالد هذا .
والراوي عن خالد بن يزيد هو يوسف بن سعيد بن مسلم ,وفي تهذيب
الكمال ( )230/34ذكر أن يوسف بن سعيد روى عن خالد بن يزيد
البجلي القسري .
وهذا الراوي وهو خالد بن يزيد قال عنه ابن حجر في لسان الميزان
( ..(( :)366/4ثم ساق ابن عدي له جملة وقال :أحاديثه كلها لا يتابع
عليها لا إسناداً ولا متناً ,ولم أر لهم فيه قول ًا بل غفلوا عنه ,وهو
عندي ضعيف. ))..
فهذا الأثر ضعيف السند لضعف خالد هذا .
وهو مع ضعفه ليس فيه إلا ما في الحديث السابق عن ثابت البناني مع
أنس .
100
وهم ابن خطار أو تدليسه :
ثم قال ابن خطار " :وعن سيدنا الوزاع بن عامر قال :قدمنا
فقيل :ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بيديه ورجليه نقبلها
".
نقول :أيها القارئ لست أدري هل أقول لك :اضحك عجباً ,أم أقول
لك :ابك حزناً ؟
لا شك أنك ستسألني لماذا ؟
أقول :لأن هذا الحديث قد ذكره ابن خطار وتكلمنا عنه (ص )66فلماذا
يذكره مرة أخرى ؟ هل يريد أن يوهم القارئ لكتابه أن أدلته كثيرة ؟ أم
أنه لا يدري أن هذا الحديث هو نفس الحديث السابق ؟
أيها القارئ ستعرف الجواب إذا علمت أنه قال هناك في الحاشية:
((أخرجه البخاري في الأدب المفرد ( , ))...)677وهذا الحديث الذي
ذكره هنا أيضاً أحال إلى نفس المرجع ونفس الرقم .
وقد سبق الكلام عليه وأن سنده ضعيف .
استدلاله بتقبيل علي ليد عمه العباس ورجله :
ثم قال ابن خطار " :وعن صهيب قال :رأيت علياً يقبل يد العباس
ورجليه " .
نقول :سبق في (ص )10بيان ضعف إسناده .وتكلمنا عليه هناك .
101
استدلاله بتقبيل يزيد بن الأسود ليد واثلة :
ثم قال ابن خطار " :وقال حيان أبو النصر : 1قال لي واثلة بن الأسقع
:قدني إلى يزيد بن الأسود فإنه بلغني أنه ألـ َّم به ـ أي مرض ـ فقدته ،
فلما دخل عليه قلت :إنه ثقيل ،قد وجه إلى القبلة وذهب عقله ـ غاب
من سكرات الموت ـ فقال :نادوه ،فقلت :هذا أخوك واثلة فجعلتها
في يده فجعل يقبل كفه ويضعها مرة على فؤاده ومرة على وجهه
وعلى فيه " .
نقول :سبق أن ذكر ابن خطار هذا الحديث وتكلمنا عنه في (ص)14
فمن أخرج هذا الحديث ممن ذكرناهم هناك وكذلك من لم نذكرهم مثل
أبو تمام في الفوائد ( , )10/6وحسن الظن لابن أبي الدنيا (ص)67
وغيرهما ,كلهم لم يذكروا تقبيل الكف وإنما الذي فيه هو وضع اليد
على الوجه والصدر والفم وليس فيها مطلقاً ذكر للتقبيل .
ولذلك لم يذكر ابن خطار المصدر الذي أخذ منه هذه الرواية وهوإنما
أوردها من أجل قوله(( :فجعل يقبل كفه)) هذا هو الشاهد له في هذا
الموضع وهو لا يعلم مصدره ,فهل هو الذي كذب فوضع هذه اللفظة أم
أنه نقلها من غيره ولم يذكر هذا الغير كعادته ؟
كلاهما مر ومصيبة عظيمة أن يكذب من يدعي نصر السنة ومحبتها
ومحبة صاحبها ,يكذب لينصر رأيه ومذهبه ,لماذا تفعل ذلك ؟!
كان يكفيك أن تنقل ما صح وثبت ففيه كفاية إن كنت تريد الحق .
1هكذا في كتاب ابن خطار وهو خطأ والصواب (أبو النضر) .
101
أيها المسلم احذر من مثل هذا المسلك فإنه مسلك خطير مهلك عفانا الله
وإياكم من كل سوء ,ونسأل الله تعالى الهداية للجميع .
استدلاله بتقبيل يد سلمة بن الأكوع :
ثم قال ابن خطار " :وعن عبدالرحمن بن رزين قال :مررنا بالربذة
،فقيل لنا ههنا سلمة بن الأكوع فأتيته فسلمنا عليه ،فأخرج يده
فقال :بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخرج كفاً له
ضخمة كأنها كف بعير ،فقمنا إليها فقبلناها " .
نقول :هذا الحديث قد مر معنا سابقاً (ص )71وذكرنا أنه حديث حسن
.
وما فيه مثل ما في الأحاديث التي مرت معنا قريباً .
استدلاله بتقبيل أبولبابة وكعب وصاحبيه ليد النبي × :
ثم قال ابن خطار " :وجاء في (فتح الباري) للعسقلاني :أن أبا
لبابة وكعب بن مالك وصاحبيه قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم
حين تاب الله عليهم " .
نقول :من الذي أخرج هذا الخبر ؟ وأين جاء ؟
كان الواجب على ابن خطار أن يتثبت من صحة هذا الخبر قبل أن يحتج
به إن كان فعلاً باحث عن الحقيقة مريد للحق ـ كما يزعم ـ ,لكن
تصرفه يؤيد ما ذكرناه عنه أنه ينقل كل ما يرى أنه يوافق أهواءهم ولو
110
كان ضعيفاً بل ولو كانوا لا يعلمون قائله ولا مصدره ,عاملهم الله بما
يستحقون .
أقول :قصة الثلاثة الذين خلفوا قصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما
وهذا لا شك فيه ,أما هذه الزيادة التي نقلها ابن حجر وهي تقبيلهم يد
النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق
( , )401/70بل جاء أنهم قبلوا ركبتيه أيضاً كما في كتاب الرخصة
في تقبيل اليد ( , )6فهذه الزيادة مدارها على إسحاق بن عبد الله بن أبي
فروة وهو متروك 1كما قال ابن حجر في التقريب (ص , )604ولهذا
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ( )617/4عن هذه الزيادة:
((أخرجه أبو بكر ابن المقرئ في كتاب الرخصة في تقبيل اليد بسند
ضعيف)) .
وهذا الحديث على ضعفه ليس فيه إلا تقبيل يد النبي صلى الله عليه
وسلم وقدمه عندما نزلت توبتهم ,وليس فيه أنهم يفعلون ذلك دوماً .
استدلاله بتقبيل أبو عبيدة ليد عمر :
ثم قال ابن خطار " :وقال ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) في
فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب .. : فلما وصل عمر بن
الخطاب إلى الشام تلقاه أبو عبيدة ورؤوس الأمراء .كخالد بن الوليد
،ويزيد بن أبي سفيان ،فترجل أبو عبيدة وترجل عمر ،فأشار أبو
1انظر كلام العلماء فيه في تهذيب التهذيب (. )210/1
111
عبيدة ليقبل يد عمر ،فهم عمر بتقبيل رجل أبي عبيدة ،فكف أبو
عبيدة فكف عمر " .
نقول :وهذا من الغرائب أيضاً ,ابن خطار يحتج بلفظة في قصة
وهو لايعرف صحتها من ضعفها ,ولم أجد من أخرج هذه اللفظة
بسندها ليمكن دراستها ,فقد أخرج الحاكم في مستدركه قصة خروج
عمر إلى الشام ( )407وليس فيها ذكر للتقبيل ,وأخرجه المنذري في
الترغيب والترهيب ( )2363من طريق الحاكم وليس فيها ذكر للتقبيل.
فهذه اللفظة وهي الشاهد في القصة على موضوع التقـبـيـل إن ثـبـتـت ,
فهي محتملة ,وذلك أنه يمكن أن ُيستدل بها على مشروعية التقبيل ,
وعلى هذا فيكون مثلها مثل ما سبق ذكره .
ويمكن أن يستدل بها على عدم مشروعية التقبيل وذلك أن أمير المؤمنين
لم يسمح لأبي عبيدة أن يقبل يده بل عمد ليقبل رجل أبي عبيده ,فكف
أبو عبيدة فكف عمر .بل قد نقل ابن مفلح في الآداب الشرعية هذه
القصة على غير ما نقلها ابن خطار فقال ابن مفلح ( )421/4وهو يذكر
من كره تقبيل اليد(( :وتناول أبو عبيدة يد عمر رضي الله عنهما ليقبلها
فقبضها ,فتناول رجله ,فقال :ما رضيت منك بتلك فكيف بهذه ؟ )) .
وعلى هذا فلا دليل له في القصة وإنما هي عليه .
استدلاله بقول للنووي والباجوري :
ثم قال ابن خطار " :من أقوال فقهاء المذاهب الأربعة :المذهب
الشافعي :قال العلامة العسقلاني في كتابه (فتح الباري) ( :قال الإمام
112
النووي :تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه وعلمه أوشرفه أو نحو ذلك
من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب ,فإن كان لغناه ،أو شوكته أو
جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة) .
وقال العلامة الباجوري في حاشيته ..( :ويسن تقبيل اليد لصلاح
ونحوه من الأمور الدينية كعلم وزهد ،ويكره ذلك لغنى ونحوه من
الأمور الدنيوية كشوكة ووجاهة ) " .
نقول :كان من حسن الترتيب أن يبدأ بالمذهب الحنفي لأن إمامه أول
الأئمة الأربعة ,لكنه بدأ بمذهبه أول ًا وأخر ذكر المذهب المالكي مع أنه
قبل المذهب الشافعي والحنبلي .
ثم كان الأولى أن يذكر الرأي الآخر الذي يرى عدم مشروعية تقبيل اليد
وأنه خلاف الأولى والأفضل .
فنبدأ بالمذهب الشافعي لأن ابن خطار بدأ به فنقول:
قال النووي في روضة الطالبين ((( :)62/1قال البغوي :وتكره المعانقة
والتقبيل ,إلا تقبيل الولد شفقة .
وقال أبو عبد الله الزبيري :لا بأس أن يقبل الرجل رأس الرجل وما بين
عينيه ,عند قدومه من سفره أو تباعد لقائه .
قلت :المختار أن تقبيل يد غيره إن كان لزهده وصلاحه أو علمه أو
شرفه وصيانته ,ونحو ذلك من الأمور الدينية ,فهو مستحب .وإن كان
لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا ونحو ذلك فمكروه))
113
أرأيت أيها القارئ أن من الشافعية من يرى كراهة التقبيل إلا تقبيل الولد
شفقة .
ومنهم من يرى كراهته إلا لمن قدم من سفر أو من تباعد اللقاء بينك
وبينه فلا بأس من تقبيل رأسه وما بين عينيه .
ومنهم من يرى كراهته لدنيا واستحبابه من أجل الدين .
فبينهم خلاف ,فبرأي ًمن نأخذ ؟
الجواب :نأخذ برأي من دل الدليل على صحة قوله ,لقوله تبارك تعالى
َ :فإِن َت َنا َزع ُتم فِي َشيء َف ُر ُّدوهُ إِلَى ال َّلهِ َوال َّر ُسو ِل إِن ُكن ُتم ُتؤ ِم ُنو َن ِبال َّل ِه
َوال َيو ِم الآ ِخ ِر ,1وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك .
استدلاله بقول لابن عابدين والطحطاوي والزيلعي :
ثم قال ابن خطار " :المذهب الحنفي :قال العلامة ابن عابدين في
حاشيته ( :ولا بأس بتقبيل يد الرجل العالم المتورع على سبيل التبرك
،وقيل :سنة ،قال الشرنبلاني :وعلمت أن مفاد الأحاديث سنيته أو
ندبه كما أشار إليه العيني ) .
وقال العلامة الطحطاوي في حاشيته ...( :وفي غاية البيان عن
الواقعات :تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز وورد في أحاديث
ذكرها البدر العيني ...ثم قال :فعلم من مجموع ما ذكرناه إباحة تقبيل
اليد )...
1سورة النساء آية . 51
114
وقال العلامة الزيلعي في كتابه (تبيين الحقائق) ...( :وفي الجامع
الصغير :ورخص الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي وبعض
المتأخرين تقبيل يد العالم أو المتورع على سبيل التبرك ...وقال
سفيان الثوري :تقبيل يد العالم أو يد السلطان العادل سنة) " .
نقول :قد تصرف ابن خطار في كلام ابن عابدين وخلط الأصل
بالحاشية دون أن يشير إلى أنه لم ينقل العبارة بنصها وإنما تصرف فيها
.
وأما عبارة الطحطاوي فقد حذف أولها وهو قوله (( :وفي الهداية ,
ويكره أن يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئاً منه ,أو يعانقه في إزار
واحد ,وقال أبو يوسف :لا بأس بذلك كله ))...وهذا يدل على وقوع
خلاف في هذه المسألة في المذهب الحنفي ,وهذا يفهم أيضاً من كلام
الزيلعي الذي نقله ابن خطار ,فالخلاف إذاً واقع في المذهب الحنفي كما
هو واقع في المذهب الشافعي .
فـبأي الـرأيـين نـأخـــــذ ؟
استدلاله بما نقله السفاريني عن بعض الحنابلة :
ثم قال ابن خطار " :المذهب الحنبلي :قال العلامة السفاريني في
كتابه (غذاء الألباب) ( :قال المروزي :سألت أبا عبدالله ـ الإمام أحمد
بن حنبل ـ رحمه الله عن قبلة اليد ،فقال :إن كان على طريق التدين
فلا بأس ،وإن كان على طريق الدنيا فلا) .
115
وقال أيضاً ( :وفي الآداب الكبرى :وتباح المعانقة وتقبيل اليد
والرأس تديناً وتكرماً واحتراماً مع أمن الشهوة ) .
وقال أيضاً ( :وقال الحافظ ابن الجوزي في مناقب أصحاب الحديث :
ينبغي للطالب أن يبالغ في التواضع للعالم ويذل له ،قال :
ومن التواضع تقبيل يده ،وق ّبل سفيان بن عيينة والفضل بن عياض
أحدهما يد الحسين بن علي الجعفي والآخر رجله ) .
وقال أيضاً ( :وقال أبو المعالي في شرح الهداية :أما تقبيل يد العالم
والكريم لرفده فجائز ،وقد علمت أن الصحابة قبلوا يد المصطفى صلى
الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر عند قدومهم من غزوة مؤتة
)".
نقول :قال ابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية ((( :)427/4وتباح
المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديناً وإكراماً واحتراماً مع أمن الشهوة .
وظـاهر هذا عـدم إباحته لأمر الدنيا .واختاره بعض الشافعية ,
والكراهة أولى )) فقوله(( :والكراهة أولى )) هذه العبارة تعود لقوله:
((وتباح المعانقة وتقبيل اليد ))..هذا هو الظاهر لمن تأمل العبارة جيد ًا
,وعلى هذا فهذا ابن مفلح من علماء الحنابلة يميل إلى كراهة تقبيل اليد
.
فـبأي الـرأيـين نـأخـــــذ ؟
116
تلاعب ابن خطار بكلام ابن حجر في الفتح :
ثم قال ابن خطار " :المذهب المالكي :قال العلامة العسقلاني في
كتابه (فتح الباري) (:قال الإمام مالك :إن كانت على وجه التكبر
والتعظيم فمكروهة ،وإن كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه
أو لشرفه فإن ذلك جائز ) " .
نقول :تأمل أيها القارئ ماذا فعل ابن خطار هنا ؛ عندما ذكر ابن
خطار مذهب الشافعية نقل كلام ابن حجر في الفتح وقال في الحاشية:
((فتح الباري )) 21/66وهنا نقل كلام ابن حجر وقال في الحاشية:
((فتح الباري ))12/66قد تقول :وماذا في ذلك ؛ حصل خطأ في
كتابة رقم الصفحة وهذا يحصل كثير ًا بدون تعمد من الكاتب .
أقول :ليس الاعتراض على خطأ في كتابة رقم إنما الذي سأريك
إياه هو شاهد يضاف إلى الشواهد التي مرت معي في موسوعته ـ
وذكرت لكم بعضها في كتاب التوسل وفي كتاب المدد والنظرة ـ التي
تدل على عدم أمانته وغشه وخداعه للقراء .
وبيان ما فعله هنا :أن قول ابن حجر هو في نفس الصفحة لكنه لما
تصرف في كلام ابن حجر وتلاعب به غ َّير رقم الصفحة وسأنقل لك ما
قاله ابن حجر بنصه كما في الفتح(( :قال الأبهري :وإنما كرهها مالك
إذا كانت على وجه التكبر والتعظم ,وأما إذا كانت على وجه القربة إلى
الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز )) أرأيت أيها القارئ أن هذا
القول هو قول الأبهري فسر به رأي الإمام مالك في كراهة التقبيل ,
110
فتلاعب ابن خطار بالكلام وجعله من قول الإمام مالك ,فلماذا يفعل ابن
خطار ذلك ؟!
أين الأمانة العلمية ؟ أين الصدق في الحديث ؟ أين التجرد عن الهوى
من أجل طلب الحق ؟ أين النصح للأمة ؟ أين
........................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وأما رأي مالك فقد ذكره ابن حجر في الصفحة التي قبلها حيث قال:
((وإنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه وأجازه
آخرون . ))...
وذكر هذا أيضاً ابن مفلح في الآداب الشرعية ( )421/4ناقلاً عن تقي
الدين ابن تيمية حيث قال(( :تقبيل اليد لم يكونوا يعتادونه إلا قليل ًا ... ,
,ورخص فيه أكثر العلماء كأحمد وغيره على وجه الدين ,وكرهه
آخرون كمالك وغيره)) .
وقال شهاب الدين البغدادي وهو من علماء المالكية في كتابه أشرف
المسالك (ص(( :)367وتكره المعانقة وبوس اليد)) .
يتبين لك أيها القارئ مما سبق أن مسألة تقبيل اليد هي مسألة اختلف
فيها العلماء وسأذكر الراجح فيها ـ إن شاء الله تعالى ـ بعد إكمال كلام
ابن خطار .
ذكر ابن خطار أحاديث تدل على النهي عن تقبيل اليد :
ثم قال ابن خطار " :الأحاديث المعارضة للتقبيل والجواب عليها "
111
نقول :ذكر ابن خطار هذه الأحاديث ثم بعد ذلك أجاب عليها وسوف
أذكر كل وأنقل كلامه عليه ليمكن تأمله في موضع واحد .
حديث أنس :
قال ابن خطار " :هناك أحاديث تدل بظاهرها على النهي عن
التقبيل وهي (:عن سيدنا أنس قال :قال رجل :يا رسول الله ،
الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال :لا ,قال :أفيلتزمه
ويقبله ؟ قال :لا ،قال :أفيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال :نعم ) .
فالجواب على هذه الأحاديث أنها ضعيفة لا تصلح للمعارضة :أما
الحديث الأول منها فقد نقل الحافظ العراقي تضعيفه في المغني عن
أحمد والبيهقي " .
نقول :هذا الحديث قال عنه ابن خطار في الحاشية (( :أخرجه
الترمذي (. )) )4741
وقد أخرجه أيضاً أحمد ( , )63017وابن ماجه ( , )3704والبيهقي
( , )63376وأبو يعلى ( , )2417وغيرهم ومداره على حنظلة
السدوسي وهو ضعيف كما قال ابن حجر في التقريب (ص)612
فالحديث إسناده ضعيف .
لكن قد حسنه بعض العلماء لوجود متابعات له فالترمذي بعد أن أخرجه
قال :هذا حديث حسن .
111
وابن حجر ذكر في التلخيص ( )67/2تحسين الترمذي له وأقره على
ذلك .
وقد حسنه الألباني في الصحيحة (. )610
فهو حديث أقل أحواله أنه محتمل للتحسين .لكن كثير من الأحاديث
التي احتج بها ابن خطار لا مجال لتحسينها والاحتجاج بها ومع هذا
احتج بها ,فلماذا في هذا الحديث يظهر الاهتمام بكلام علماء الحديث
وفي مواضع أخرى لا يبالي بكلامهم ؟ .
أردت بهذا أن أبين أن ابن خطار لا يبالي ولا يهتم بمن صحح أو
ضعف إنما المهم عنده هل الحديث يؤيده أم لا ,فإن كان الحديث يؤيده
احتج به وأغفل كل كلام قيل في ضعفه ,وإن كان ما في الحديث يدل
على خلاف ما يرى ابن خطار ضعفه وإن كان أقل ضعفاً بكثير من
الأحاديث التي احتج بها .
لماذا ضعف ابن خطار هذا الحديث ؟
الجواب :لأن العراقي نقل عن أحمد والبيهقي تضعيفه .
سأنقل لك أيها القارئ هذا المثال من موضوع التوسل:
قال ابن خطار (( :ومنها حديث سيدنا أبي أمامة عندما مر به سعيد
الأودي ،أو الأزدي ،وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة فقال له :يا سعيد إذا
م ُت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (( :
إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم
ليقل :يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ـ أي لا يستطيع الجواب ـ
120
ثم ليقل :يا فلان بن فلانة المرة الثانية فإنه يستوي قاع ًدا ،ثم ليقل يا
فلان بن فلانة المرة الثالثة فإنه يقول :أرشدنا يرحمك الله ولكن لا
تشعرون )) ..وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ما نصه (( :
قوله :ويستحب أن يلقن الميت بعد الــدفن ،وحديث التلقــين إسناده
صالح وقد قـواه الضياء في أحكامه )) )) .
نقول :قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ( (( : )613/3رواه
الطبراني في الكبير وفي إسناده جماعة لم أعرفهم )) ،وقال النووي في
المجموع ( (( : )302/7إسناده ضعيف )) ،وضعفه الحافظ العراقي
في تخريج الإحياء ( ، )461/2وقال ابن القيم في زاد المعاد ()704/6
(( :لا يصح رفعه )) ،وقال الصنعاني في سبل السلام ((( : )74/6
ويتحصل من كلام أئمة التحقيق أنه حديث ضعيف والعمل به بدعة ولا
يغتر بكثرة من يفعله )) .وقال العجلوني في (كشف الخفاء ) ()377/4
(( :وضعفه ابن الصلاح ثم النووي وابن القيم والعراقي والحافظ ابن
حجر في بعض تصانيفه وآخرون )) فالحديث ضعيف لا يحتج به ولا
يجوز العمل به فهو بدعـة كما قال الصنعاني ـ رحمه الله تعالى ـ ،وأما
قول الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ (( :إسناده صالح )) فهو مردود
فالراوي عن أبي أمامة :سعيد بن عبد الله الأودي أو الأزدي لم يترجم
له الحافظ بجرح ولا تعديل و كذلك الذهبي فهو رجل مجهول ،ولاحظ
أيها القارئ الكريم قول الهيثمي (( :وفي إسناده جماعة لم أعرفهم ))
فكيف يكون إسناده صالح وفيه رواة لا ُيعرفون ؟ .ثم إن الحافظ ابن
حجر نفسه قد ضعفه في بعض كتبه كما قال العجلوني ،وقول ابن
الحجر بتضعيف الحديث هو الموافق للصواب .
121
أرأيت أيها القارئ كل هؤلاء ضعفوا الحديث وتعامى ابن خطار عن
ذلك لأن الحديث يوافق هواه فيجب أن يكون صحيحاً .
حديث أبي هريرة :
ثم قال ابن خطار " :وأخرج الطبراني وأبو يعلى وابن عدي عن
سيدنا أبي هريرة قال ( :دخلت يوماً السوق مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجلس إلى الب َّزاز فاشترى سراويل بأربعة دراهم وكان
لأهل السوق و ّزان ،فقال له صلى الله عليه وسلم (:زن وأرجح ؟)
فقال الوزان :إن هذه الكلمة ما سمعتها من أحد قال أبو هريرة :
فقلت له :كفى بك من الوهن والجفاء ،ألا تعرف نبيك ،فطرح
الميزان ووثب إلى يد النبي صلى الله عليه وسلم يريد تقبيلها فجذب
يده منه ,وقال :هذا إنما تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك ،إنما أنا
رجل منكم) وأما الحديث الثاني :فقد أورده ابن الجوزي في
الموضوعات ،وعن الدارقطني أنه قال :في الإفراد :الحمل فيه على
يوسف بن زياد ،لأنه مشهور بالأباطيل ،ولم يروه عن الإفريقي
غيره ،وعن ابن حبان أنه قال في الإفريقي :يروي الموضوعات عن
الأثبات " .
نقول :نقل ابن خطار هذا الكلام عن غيره ولم يذكر مصدر هذا
الحديث بأرقامه ولا أحال إلى المصدر الذي نقل عنه قوله هذا .
أيها المسلم اقرأ الآن هذه الأمثلة من كلام ابن خطار لتعلم حاله:
122
قال ابن خطار (( :وعن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم (( :من خرج من بيته إلى الصلاة فقال :اللهم
إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا .فإني لم
أخرج أش ًرا ولا بط ًرا ولا ريا ًء ولا سمع ًة ،وخرجت اتقاء سخطك
وابتغاء مرضاتك ،فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه
لا يغفر الذنوب إلا أنت ،اقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف
ملك)) هذا حث ظاهر منه للصحابة على التوسل إلى الله تعالى بجاه
ومنزلة السائلين عنده والسائلين جمع يشمل الأموات والأحياء ومن
كان حاضر ًا ومن كان غائباً )) .
أيها المسلم هذا الحديث أورده ابن خطار محتجاً به في موضوع التوسل
،وهذا الحديث مداره على عطية بن سعد العوفي هو الذي رواه عن
أبي سعيد الخدري .
وهذا الراوي قال عنه الإمام أحمد (( :ضعيف الحديث)) .وقال أبو
زرعة الرازي (( :لين)) .وقال أبو حاتم الرازي (( :ضعيف ،يكتب
حديثه)) .وقال أبو داود السجستاني (( :ليس بالذي يعتمد عليه)) .
ولخص الحافظ ابن حجر كلام علماء الجرح والتعديل فيه فقال في
التقريب ( (( : )171/6صدوق يخطئ كثي ًرا وكان شيع ًيا مدل ًسا )) .
فراو هذا حاله كيف يصحح حديثه ؟ فالحديث ضعيف ,قال عنه
البوصيرى صاحب مصباح الزجاجة ( (( : )471/6هذا إسناد مسلسل
بالضعفاء ؛ عطية هو العوفي ،وفضيل بن مرزوق والفضل كلهم
ضعفاء ،لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق فضيل بن
مرزوق فهو صحيح عنده )) .وقال النووي في كتابه الأذكار
123
(ص (( :)34وروينا في كتاب ابن السني عن بلال قال :كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ثم ذكر نحو الحديث السابق ـ ثم قال :
حديث ضعيف أحد رواته الوازع بن نافع العقيلي وهو متفق على ضعفه
وأنه منكر الحديث .وروينا في كتاب ابن السني معناه من رواية عطية
العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعطية أي ًضا ضعيف )) .
فإذا كان ابن خطار ضعف الحديث بسبب ضعف راو فيه فلماذا لا
يضعف هذا الحديث بسبب ضعف راويه ؟
الجواب :لأنه لا ينضبط بضوابط أهل الحديث وقواعدهم وإنما يحركه
الهوى والتعصب ولذلك يصحح ما وافقه ويضعف ما خالفه بدون نظر
إلى كلام علماء الحديث .
حديث آخر عن أنس :
ثم قال ابن خطار " :وعن سيدنا أنس مرفوع ًا ( :قبلة المسلم أخاه
المصافحة) .
وأما الحديث الثالث :فقد قال ابن عدي عنه أنه غير محفوظ ،وأعله
بأن عمر ًا روى عن عمه مناكير " .
نقول :اقرأ هذا الحديث الذي احتج به ابن خطار في موضوع التوسل:
قال ابن خطار (( :ومنها حديث سيدنا أنس أنه صلى الله عليه
وسلم قال (( :إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم فإن كان
124
خي ًرا استبشروا وإن كان غير ذلك قالوا :اللهم لا تمتهم حتى تهديهم
كما هديتنا )) وفي رواية عن جابر (( : إن أعمالكم تعرض على
أقاربكم وعشائركم في قبورهم فإن كان خي ًرا استبشروا به وإن كان
غير ذلك قالوا :اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك )) وهذا دليل نفع
الأموات من غير الأنبياء )) .
نقول :هذا الحديث ضعيف أخرجه الإمام أحمد في مسنده ()612/3
من طريق سفيان عمن سمع أنس بن مالك يقول .. :الحديث .
وهذا كما تلاحظ سند منقطع لأن الراوي عن أنس مجهول لا ُيعرف
ورواه الطبراني في الكبير قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (: )76/3
(( رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف
)) .
وقال الحاكم عن مسلمة هذا كما في تهذيب التهذيب (: )633/60
((روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات )) .
فهذا حديث كحال الحديث الذي ضعفه هنا ابن خطار بل هو أشد منه
ضعفاً ومع هذا احتج ابن خطار به لأنه يوافق هواه ,وأما هذا الحديث
فقد بحث أو بعبارة أدق نقل عن غيره تضعيفه دون أن يكلف نفسه حتى
التأكد مما ينقل .
وهذا مثال آخر من موضوع المولد:
قال (ابن خطار) (( :وعـن أنـس ( : أن النبي صلى الله عليه وسلم
عق عن نفسه بعد النبوة ) ،مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق
عنه في سابع ولادته والعقيـقة لا تعـاد مرة ثانية فيحمل ذلك على أن
125
الذي فعله النبـي صلى الله عليه وسلم إظـهار ًا للشكر على إيجاده
للعالمين ،وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه كذلك )) .
أيـها القـارئ الكريم اعلم أن هذا الخبر باطل لا يصح عن نبينا صلى
الله عليه وسلم .
فقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ( ,)300/6والطبراني في الأوسط
( ,)461/6وابن أبي الدنيا في كتاب النفقة على العيال ( )401/6من
طريق عبد الله بن محرر وهذا الراوي قد ضعفـه الإمام أحمـد ,وابن
المبارك ,وابن معــين ,وأبو نعيــم ,والدارقطني ,وغيرهم ,وقال عنه
ابن حبان (( :كان يكذب ولا يعلم ويقلب الأسانيد ولا يفهم )). 1
وقد ضعف هذا الحديث جمع من العلماء منهم :
الـبـيــهـقـي في السنن الكبرى ( . )300/6والـنــووي في المجـمـوع
( . )343/1وابـن حــجـر في الـفـتــح( . )767/6وابن القـيــم في زاد
المـعــاد(. )303/4
والصـنعـاني في سبل السلام( . )464/6والشـوكاني في نيل
الأوطـار(. )661/7
والمـباركفوري في تحفة الأحوذي(. )67/7
1انظر تهذيب الكمال ( , )32/16الكامل في الضعفاء ( , )133/4المجروحين (. )22/2
126
فـالحـديـث ضـعـيـف لا ُيـحـتـج بــه .وقد روي من طريق آخـر حـسـنه
بعض العلماء. 1
والصواب هو ضعف هذا الحديث كما ذكر ذلك النووي وابن حجر .
خـاتمـة ابن خطار :
ثم ختم ابن خطار كلامه فقال " :وبما أن الأحاديث السابقة لم يثبت
منها حتى حديث واحد فلا حاجة للعناء في تأويلها .
وفيما ذكرناه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " .
نقول :ليت هذا الميزان يزن به ابن خطار وعصابته دوماً ,فالحديث
الضعيف لا نحتج به ونستخرج منه أحكاماً نلزم الأمة بها ونعادي من
أجلها ونوالي من أجلها ,لكن للأسف يزنون بميزانين فإن كان الحديث
يوافقهم تعاموا عن كلام أهل العلم في تضعيفه ,فيصححوه ثم يبنوا عليه
أحكاماً ثم يشنعون على من ضعفه ,وإن كان الحديث لا يوافقهم تعاموا
عمن صححه فضعفوه أو أولوه أو تغافلوا عنه بالكلية ,وهذا الفعل ليس
فعل طالب الحق المتجرد في البحث والنظر ,وإنما هو فعل المتعصبة
للهوى والرأي ,عافانا الله وإياكم من كل سوء .
1انظر المحلى لابن حزم ( , )521/0السلسلة الصحيحة للألباني (. )2620
120
الخاتمة :
أيها المسلم الحبيب إلى قلبي أنت تعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال :
(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) فانطلاقاً من هذا
الحديث سطرت ما قرأ َته رغبة في معرفة الحق والدعوة إليه والعمل به
فلم أجد مع القائلين بمشروعية التبرك بالصالحين وبقبورهم حجة
يستطيع المسلم أن يقابل بها ربه يوم القيمة .
أخي الكريم لنتفق على أن أضع يدي في يدك ونتعاون سوياً ونتناصح
للعمل بهدي نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد ـ والله الذي لا
إله إلا هو ـ بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق
جهاده حتى أتاه اليقين ,وتركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ,
ولنحرص على وصية ابن مسعود (( : اقتصاد في سنة خير من
اجتهاد في بدعة )) ,فلماذا التنازع والتناحر على أمر لم يرد في القرآن
ولا في السنة ولم يعمله الصحابة .
وقد اتضح لك من خلال ما تقدم أن التبرك ينقسم إلى قسمين:
الأول :تبرك مشروع وهو الذي جاء الدليل الشرعي بمشروعيته .
فالدليل الشرعي هو الذي يبين لنا أنه يجوز التبرك بهذا الشيء المخلوق
سواء كان مكاناً أو زماناً ,ويبين لنا وسيلة التبرك بهذا الشيء .
121
والثاني :تبرك ممنوع وهو التبرك بشيء لم يأت الدليل الشرعي بجواز
التبرك به أو التبرك به بوسيلة غير شرعية .
فالنوع الأول لا نقول بتحريمه ومنعه لأن الدليل جاء به .
وأما النوع الثاني فإنه ممنوع لأنه إحداث عبادة لم يرد بها الشرع ,ومن
تأمل واقع المسلمين في كثير من البلاد ,هاله ما يراه ويسمعه من
التوسع في باب التبرك إلى درجة الوقوع في الفاحشة بدعوى طلب
البركة ,بل والوقوع في الشرك بهذه الدعوى .
فإذا كان عمر يقطع الشجرة خوفاً على عقائد الناس في ذلك الزمن ,
ونحن نشاهد ما تفعله الأضرحة والمشاهد في عقائد الناس في هذا
الزمن ,ألا يكون إغلاق هذا الباب فيه خير عظيم وهو سد الذريعة إلى
الشرك ,لكن للأسف :
ولكـن لا حـياة لمـن تـنادي لقد أسمعت لو ناديت حياً
لاحظ أيها المسلم لو كان هناك أمر مباح ويؤدي إلى مفاسد نغلقه در ًء
لتلك المفاسد ,فكيف إذا كان هذا الأمر لا ُيشرع أصلاً ويؤدي إلى
مفاسد عظيمة فهذا لا شك يجب إغلاقه من جهتين ,كما هو الحال في
ما يدعو إليه ابن خطار ومن معه .
ثم اعلم أيها المسلم أن أعظم ما يتبرك به المسلم هو كلام ربه تبارك
وتعالى وهو القرآن الذي بين أيدينا قال تعالىَ :ه ٰـ َذا ِك َتاب أَن َزل َنا ُه
ُم َبا َرك َفا َّتبِ ُعوهُ َوا َّتقُوا لَ َعلَّ ُكم ُتر َح ُمو َن ﴿ , 1 ﴾١٤٤وقال تعالىِ :ك َتاب
1سورة الأنعام آية . 115
121
أَن َزل َناهُ إِ َلي َك ُم َبا َرك لِّ َي َّد َّب ُروا آ َيا ِت ِه َولِ َي َت َذ َّك َر أُولُو الأَل َبا ِب ﴿, 1﴾٩٢
فاحرص على تلاوته وتدبره والعمل به فيحصل لك من بركته وخيره ما
سوف تراه في دنياك وآخرتك.
ولذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك به في خطبته
العظيمة في ذلك الجمع العظيم في ذلك المكان العظيم في ذلك الزمان
العظيم في حجة الوداع في يوم عرفة كان مما قال صلى الله عليه وسلم
في خطبته تلك (( :وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به :
كتاب الله )).2
وأمر آخر يتبرك به المسلم وهو التمسك بسنة النبي محمد صلى الله عليه
وسلم ,وهذا أيضاً من أعظم ما يتبرك به المسلم وقد نبهك النبي صلى
الله عليه وسلم على ذلك وأوصاك به وهو الحريص عليك الرحيم بك
قال صلى الله عليه وسلم (( :عليكم بسنتي )).3
فعليك أيها المسلم أن تعلم أن البركة كل البركة في اتباع الكتاب والسنة
وهو الصراط المستقيم الذي وصاك الله تعالى وأمرك بهَ :وأَ َّن َه ٰـ َذا
ال ُّس ُب َل َف َت َف َّر َق ِب ُكم َعن َو َلا َت َّتبِ ُعوا ٰ َذلِِصُك َمرا َِوطي َّصا ُمُكمس َت ِِبقي ِه ًماَل َع َفلَّا َُّكت ِبم ُع َتوَّت ُهقُوَِن
َسبِيلِ ِه ِ ,فحافظ على وصية ﴿4﴾١٤١
ربك
وحافظ على وصية النبي الكريم الرحيم صلى الله عليه وسلم تكن من
الفائزين المفلحين .
1سورة ص آية . 21
2مسلم (. )1211
3أبو داود ( ، )4600والترمذي (. )2606
4سورة الأنعام آية . 153
130
وأمـا مـسـألـة تـقـبـيـل الـيـد
فنقول فيه ما قاله الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات (:)36/4
((وكذلك تقبيل اليد إن فرضنا أو سلمنا صحة ما روي فيه فإنه لم يقع
تقبيل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نادراً ثم لم يستمر فيه عمل
إلا الترك من الصحابة والتابعين فدل على مرجوحيته)) فمن تأمل
أحوال كبار الصحابة الذين عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في
المدينة لا يجد أنهم يقبلون يد النبي صلى الله عليه وسلم كلما دخلوا عليه
,ومن المعلوم أنه لا يوجد في الأمة أعظم بركة وخيراً من نبيها صلى
الله عليه وسلم ومع ذلك لم يفعلوا ذلك معه ,وما ثبت في بعض
الأحاديث التي مرت معنا أو في غيرها يدل على جواز تقبيل اليد لا
على استحبابه والحث عليه على أن يكون الدافع لهذا التقبيل هو الدين لا
الدنيا ,وأما ما يفعله بعض الناس ممن ينتسب إليهم ابن خطار من مد
أيديهم للناس لتقبيلها وغضبهم ممن لم يقبل يد الشيخ ,وعدهم ذلك من
سوء الأدب فهذا أمر خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته
وسنة الخلفاء الراشدين من بعده قال ابن مفلح في الآداب ()421/4
ناقل ًا قول تقي الدين (( :وأما ابتداء الإنسان بمد يده للناس ل ُيقبلوها
وقصده لذلك ,فهذا ُينهى عنه بلا نزاع كائناً من كان ,بخلاف ما إذا
كان المقبل هو المبتدئ بذلك)) هذا هو خلاصة القول في تقبيل اليد الذي
يستميت ابن خطار وعصابته لإثباته على الوجه الذي لا يدل الدليل عليه
فهم يثبتونه عند كل لقاء وقد رأيت بنفسي رجل ًا في أحد المساجد بعد
صلاة الجمعة جلس على الأرض ومد قدميه فيأتي الناس ينزلون كهيئة
الساجد ليقبلوا أطراف قدم ذلك الرجل وركبته ويده .
131
هل هذا الفعل الذي تحثون الناس عليه فعله رسول الله صلى الله عليه
وسلم ؟ هل فعله الصحابة ؟ .
الجواب :لم يفعلوه ,وأما حديث ثابت البناني وأنه كلما دخل قبل يد
أنس فقد بينا ضعفه ,وهو على ضعفه ليس فيه أن أنساً يمد يده له
ويطالبه بتقبيلها وإنما هو الذي يبادر إلى يد أنس ليقبلها ,وإذا لم يكن
هذا من فعل الصحابة فلا ينبغي لغيرهم أن يفعله .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يصلح نياتنا وذرياتنا وأن يغفر
زلاتنا
اللهم أرنا الحق حقاً ,وارزقنا اتباعه ,وأرنا الباطل باطلاً ,وارزقنا
اجتنابه
والـحـمـد للـه أول ًا وآخـراً
132
الفهرس :
المقدمة 5 .................................................................................
معاني التبرك 9 ..........................................................................
مواضع البركة 9 .........................................................................
معنى التبرك بآثار الصالحين 01 .......................................................
حقيقة التبرك 01 .........................................................................
التبرك بسور القرآن الكريم 01 .........................................................
التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم 01 ............................................
تبرك أبي أيوب الأنصاري بقبر النبي صلى الله عليه وسلم 01 .......................
تبرك ابن عمر بمنبر النبي صلى الله عليه وسلم 10 ..............................
تبرك الصحابة برمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم 11 ........................
قصة طلب عمر أن يدفن بجوار صاحبيه 41 ......................................
نقل ابن خطار لقول بعض من يرى استحباب تقبيل حجرة النبي صلى الله عليه وسلم
ولمس قبره41 ............................................................................
تمرغ بلال بقبر النبي صلى الله عليه وسلم 46 ....................................
133
زعم ابن خطار أن ابن عمر وضع يده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم
32 ........................................................................................
استدلال ابن خطار بقول لابن حجر 37 ...............................................
استدلاله بقول للإمام أحمد 31 ..........................................................
استدلاله بقول ابن أبي الصيف 20 .....................................................
استدلاله بقول للمحب الطبري 26 ......................................................
التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم 23 .................................................
التبرك بعرقه صلى الله عليه وسلم 70 ................................................
التبرك بجلده صلى الله عليه وسلم 74 ..................................................
التبرك بلباسه صلى الله عليه وسلم 71 .................................................
التبرك بموضع فمه صلى الله عليه وسلم 10 ..........................................
التبرك بيده صلى الله عليه وسلم وبموضعها 14 .......................................
تحري ابن عمر لآثار النبي صلى الله عليه وسلم 12 .................................
تمسح يزيد بن الأسود بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم 11 ....................
تبرك الصحابة بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم 17 ...............................
التبرك بموضع قدمه صلى الله عليه وسلم 11 .........................................
التبرك بالأمكنة 16 .....................................................................
قطع عمر لشجرة البيعة وتبرك ابنه بها 76 ...................................
134
التبرك بدار مباركة 77 ..................................................................
التبرك بفضل وضوئه صلى الله عليه وسلم 77 .......................................
التبرك بتقبيل يد من مس رسول صلى الله عليه وسلم 71 ............................
تبرك ثابت البناني بيد أنس 76 .....................................................
تقبيل علي يد العباس ورجله 10 ...............................................
تقبيل يد واثلة 16 ....................................................................
تقبيل ثابت ليد أنس وعينه 13 ......................................................
تبرك الخلفاء الراشدين بحربة استعملها النبي صلى الله عليه وسلم 12 ..............
تبرك الخلفاء الراشدين بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم 17 ..........................
التبرك بآثار الأنبياء السابقين 11 ......................................................
التبرك بآثار الصالحين 11 .............................................................
تبرك الإمام الشافعي بثياب الإمام أحمد 16 ............................................
تبرك الإمام أحمد بثياب الإمام الشافعي 64 ............................................
تبرك المقدسي بقبر الإمام أحمد 63 ....................................................
خـــاتمـــة ابن خطار في موضوع التبرك 62 .........................................
تقبيل اليد 61 ............................................................................
استدلال ابن خطار بقصة اليهوديين 61 ...............................................
135
استدلاله بتقبيل ابن عمر ومن معه ليد رسول الله صلى الله عليه وسلم
61 ........................................................................................
استدلاله بتقبيل وفد عبد القيس ليد النبي صلى الله عليه وسلم 66 .....................
استدلاله بتقبيل ثابت ليد أنس 606 .................................................
استدلاله بتقبيل سواد بن غزية لبطن النبي صلى الله عليه وسلم 606 ................
استدلاله بتقبيل عمر ليد النبي صلى الله عليه وسلم 603 .........................
استدلاله بتقبيل زيد ليد ابن عباس 603 ............................................
استدلاله بتقبيل ثابت ليد أنس كلما دخل عليه 601 ................................
استدلاله بتقبيل أبو مالك الأشجعي ليد ابن أبي أوفى 607 ........................
وهم ابن خطار أو تدليسه 601 .........................................................
استدلاله بتقبيل علي ليد عمه العباس ورجله 601 ............................
استدلاله بتقبيل يزيد بن الأسود ليد واثلة 606 .....................................
استدلاله بتقبيل يد سلمة بن الأكوع 660 ...........................................
استدلاله بتقبيل أبولبابة وكعب وصاحبيه ليد النبي صلى الله عليه وسلم
660 ......................................................................................
استدلاله بتقبيل أبو عبيدة ليد عمر 666 ........................................
استدلاله بقول للنووي والباجوري 664 ................................................
استدلاله بقول لابن عابدين والطحطاوي والزيلعي 662 ..............................
136
استدلاله بما نقله السفاريني عن بعض الحنابلة 667 ..................................
تلاعب ابن خطار بكلام ابن حجر في الفتح 667 .....................................
ذكر ابن خطار أحاديث تدل على النهي عن تقبيل اليد 661 ..........................
حديث أنس 666 .....................................................................
حديث أبي هريرة 644 .............................................................
حديث آخر عن أنس 642 ..........................................................
خـاتمـة ابن خطار 647 .................................................................
الخــاتـمة 641 ...........................................................................
الفهرس 633 ............................................................................
130
ردمك 809-8856-69-008-6 :
131