The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by qolbi1979, 2018-12-20 02:05:29

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ 23‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،3‬رقم‪ ،3467‬مطولاً؛ والترمذي في السنن‪ ،‬رقم‪.3656‬‬
‫‪ 24‬البخاري‪ ،‬باب بدء الوحي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،3-2‬نقلا عن موقع المجد‪.‬‬

‫‪1 http://www.albayan.ae/opinions/1998-05-31-1.1022512‬‬
‫‪19/12/2017‬‬

‫‪ 26‬مغني المحتاج للخطيب الشرستي‪ ،‬كتاب الجنائز‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،447‬رقم‪.4386‬‬
‫‪ 27‬الطبري‪ ،‬التفسير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ .95‬والحديث موقوف على ابن مسعود‪ ،‬وإسناده صحيح‪.‬‬

‫‪ 28‬صبيحة قاسم هاشم وعلي رزاق جياد العابدي‪" ،‬أثر الثقة التنظيمية في الأداء الاستراتيجي باستخدام‬
‫نموذج بطاقة العلامات المتوازنة‪ :‬دراسة تطبيقية في الشركة العامة للاسمنت الجنوبية في الكوفة"‪ ،‬مجلة‬

‫القادسية للعلوم الادارية والاقتصادية‪ ،‬المجلد‪ ،12‬العدد‪ ،2010 ،1‬ص‪.45‬‬
‫‪ 29‬توني موردن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬

‫‪ 30‬أميرة خضيركاظم‪" ،‬الثقة التنظيمية ودورها في تعزيز الولاء التنظيمي‪ :‬دراسة تطبيقية لعدد من العاملين‬
‫في فروع مصرف الرافدين في محافظة النجف الأشرف"‪ ،‬مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية‪ ،‬المجلد‬

‫الثامن‪ ،‬العدد الحادي والثلاثون‪ ،2014 ،‬ص‪.233‬‬
‫‪ 31‬توني موردن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.753 -738‬‬
‫‪ 32‬أميرة خضيركاظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233‬‬

‫‪ 33‬صبيحة قاسم هاشم وعلي رزاق العابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46 -45‬‬
‫‪ 34‬أميرة خضيركاظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.232‬‬

‫‪ 35‬مجيد الكرخي‪ ،‬مؤش رات الأداء الرئيس ية‪( ،‬عمان‪ :‬دار المناهج للنش ر والتوزيع‪ ،‬ط‪،)2015 ،1‬‬
‫ص‪.38‬‬

‫‪36 http://syria-news.com/dayin/mosah/printpage.php?id=9968,‬‬
‫‪13/12/2017‬‬

‫‪36‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫دور الجمعيات الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‬

‫جمعية النجاة الخيرية الكويتية أنموذ ًجا‬
‫الدكتور بدر محمد العـليوي‪1‬‬

‫الدكتور بدر محمد العازمـي‪2‬‬

‫ملخـص البحـث‬

‫الجمعيات الخيرية الإسلامية أصبح لها دوركبير ومؤثر ج ًّدا في تنمية الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫ولذلك قمنا بإعداد بحث عن دور هذه الجمعيات الخيرية في العمل الخيري‪ ،‬وقد اخترنا‬
‫جمعية النجاة الخيرية الكويتية التي تعتبر رائد من رواد العمل الخيري في الكويت وفي العالم‬

‫أنموذجا‪ ،‬واقتصرنا على أعمالها في جمهورية بنجلادش الشعبية‪.‬‬
‫وقسمنا الخطة في هذا البحث إلى تمهيد ومبحثين‪.‬‬
‫التمهيد‪ :‬وفيه نبذة عن جمعية النجاة الخيرية الكويتية‬
‫المبحث الأول‪ :‬دور الزكاة والصدقة في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‪ ،‬والحاجة‬
‫للجمعيات الخيرية المطلب الأول‪ :‬دور الزكاة والصدقة في تنمية الفرد والمجتمع‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحاجة لوجود الجمعيات الخيرية في الوقت المعاصر‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دور جمعية النجاة الخيرية الكويتية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‬

‫في بنغلاديش‬
‫ثم الخاتمـة وفيه أهم نتائج البحث والتوصيات‬
‫وأتبع ذلك بملحق فيه بيان بالمشارع المنفذة في بنغلاديش في السنوات من‬

‫‪2013‬م‪2017-‬م‪.‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫مقــدمة‬

‫إن الحمد لله‪ ،‬نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فلا مضل له‪ ،‬ومن يضلل فلا هادي له‪ ،‬وأشهد أن لا إله إلا‬
‫الله‪ ،‬وحده لا شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬

‫أما بعـد! فقد جعل الله‪ -‬عز وجل‪ -‬الشريعة الإسلامية عامة للبشرية جمعاء ورحمة‬
‫وناسخة للشرائع‬ ‫االللْهمِكس‪،‬تَاابققِاةب‪،‬لَووُمتمَهعهْيايلِممىننا‪:‬ة َععلَ‪ْ‬يلَيوِهَمها‪‬ا‪،‬أَ[ْاقرلامَسالْئلنَادتةَعك‪:‬الإ‪ِ8‬ىل‪4َ:‬اّ]‪َ،‬رَحْوألَمَنةذَزلْلنَالِْلكإَِعلَاْيلكَاِمنَكيَانتلْ‪ِ‬كهتَا[ذالهَأبنالببيِااشلءْحرَي‪ِ:‬عق‪7‬ةُم‪0‬كاَ‪1‬صم]ِلد‪،‬قةا‬
‫لَِما بَْيَن يََديِْه ِم ْن‬
‫تامة صالحة لكل‬
‫زمان ومكان‪ ،‬ومن التشريعات التي جاءت بها الشريعة الإسلامية‪ :‬الزكاة‪ ،‬التي هي ركن من‬

‫أركان الإسلام‪ ،‬وحق واجب على الأغنياء لأهل الزكاة الذين جاء ذكرهم في قوله تعالى‪:‬‬
‫َوِ‪‬فإَِينّمَا َسابِلي ِلَص َادَقََّّلالِ َُوتاِبْلِِْلنُفاَلقَراَّسِءبِي َِولالْفََمِريَساَضكِةيِِمن ْنَواالََّْعَّللِاِمَلِواَيَّّلَنلُ َعَعللَِْييـٌمَها َحَوالِْكيُمٌمَؤَلّ‪َ‬فِة[اقلُـتلُووببُهةُْ‪:‬م‪َ0‬وِف‪6‬ي]‪.‬الِرقَا ِب َوالْغَا ِرِميَن‬
‫ولهذا كان هذا البحث لبيان دور الزكاة والصدقة في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‪،‬‬
‫وربطا للواقعية فقد اخترنا البحث في دور «جمعية النجاة الخيرية الكويتية» في تنمية الفرد‬

‫والمجتمع المسلم في جمهورية بنغلاديش وذلك في الفترة (‪2013‬م‪2017-‬م)‪.‬‬
‫ويشتمل هذا البحث على تمهيد ومبحثين‪:‬‬

‫التمهـيد‪ :‬وفيه نبذة عن دور جمعية النجاة الخيرية الكويتية‪.‬‬

‫المبحث الأول‪ :‬دور الزكاة والصدقة في تنمية الفرد والمجتمع المسلم والحاجة‬

‫للجمعيات الخيرية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور جمعية النجاة الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم في جمهورية‬

‫بنغلاديش‪.‬‬

‫ثم الخاتمة وفيها أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫تمهـــــيد‪ :‬نبذة عن جمعية النجاة الخيرية‪:‬‬
‫تأسست جمعية النجاة الخيرية بدولة الكويت يوم الثلاثاء الموافق ‪ 6‬ربيع الأول‬
‫لعام ‪1389‬هـ‪ ،‬الموافق ‪ 14‬فبراير لعام ‪1978‬م‪ ،‬وتتميز في الأساس بنشاطها التعليمي الذي‬
‫يعتبر الأصل في تنمية الفرد والمجتمع‪ ،‬حيث أنها شيدت العديد من المدارس الخاصة بهدف‬
‫بناء جيل متميز علميا وقادر على تحمل المسئولية والمساهمة في تنمية الوطن مع الالتزام‬

‫بمبادئ الإسلام السمحة‪.‬‬
‫وتقدم جمعية النجاة المساعدة للطلاب الغير قادرين على سداد مصروفاتهم‬
‫المدرسية لا سيما الموهوبين والمتفوقين‪،‬كما تقدم مساعدات عينية ومعنوية للمحتاجين لأفراد‬
‫المجتمع بما في ذلك المواطنين والمقيمين‪ ،‬وقد أنشأت العديد من المدارس واللجان المتخصصة‬

‫ولجان الزكاة من أجل تحقيق أهدافها‪.‬‬
‫كما أسست معهد «كامز» للتدريب الأهلي في شهر أكتوبر لعام ‪1996‬م‪،‬‬
‫والذي يشرف عليه مجلس إدارة من المتخصصين‪ ،‬ويقدم معهد «كامز» دورات تدريبية‬

‫متميزة وضرورية للمواطنين في القطاعات الخيرية والتطوعية‪.‬‬
‫كما تنتشر لجان الزكاة في كل أنحاء الكويت لمساعدة وحماية الفقراء والمحتاجين‪،‬‬
‫ولا يقتصر دور جمعية النجاة الخيرية على تسهيل تقديم الزكاة من خلال توصيلها إلى‬
‫المستحقين فقط‪ ،‬ولكنها تساهم أيضا في تنفيذ العديد من الأنشطة التي لها دور بارز في‬
‫تنمية الفرد والمجتمع‪ ،‬ومن أهمها‪ :‬الأنشطة الاجتماعية الرامية إلى التواصل مع أفراد المجتمع‬
‫مثل‪ :‬إقامة الدورات الشرعية والمحاضرات والندوات التنفيذية التي تتناول العديد من المواضيع‬
‫الهامة للأفراد والأسرة والمجتمع بالإضافة إلى النشطة المتنوعة التي تسهل التواصل بين المواطنين‬
‫المقيمين من ناحية ولجان الزكاة من ناحية أخرى حتى تعود بالفائدة على كل من الجهات‬

‫المستفيدة والجهات المانحة‪.‬‬
‫وتُولي جمعية النجاة الخيرية اهتماما خاصا بتدريس كتاب الله تعالى للشباب‬
‫والأطفال والرجال والنساء من جميع الفئات العمرية‪ ،‬ولهذا السبب أنشأت جمعية النجاة‬

‫الخيرية العديد من مراكز تحفيظ القرآن في جميع أنحاء الكويت وفي الخارج‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫كما تُولي جمعية النحاة الخيرية اهتماما بتنفيذ بعض المشاريع الخيرية خارج دولة‬
‫الكويت إيمانا منها بأهمية التكامل بين المسلمين بغض النظر عن الحدود الجغرافية أو‬

‫الجنسيات أو لون البشرة‪.‬‬
‫كما تراعي جمعية النحاة الخيرية تنفيذ مبادرات الاستدامة باعتبارها مسئولية‬
‫جماعية ومشتركة‪،‬كما يتم التعامل مع القرارات المتعلقة بدمج الاستدامة من قِبَل قسم التدقيق‬
‫الداخلي‪ ،‬والتي تراقب وتدير وتقوم بدمج أطر الاستدامة في عمليات جمعية النجاة الخيرية‪،‬‬
‫وتقوم جمعية النجاة الخيرية بإعادة هيكلة نفسها لتواكب التوجهات والممارسات الدولية في‬
‫قطاع المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية لتحقق تأثير أكبر ونتائج أفضل بالنسبة‬

‫للمستفيدين بالإضافة إلى المتبرعين لمختلف المشاريع والبرامج الاجتماعية‪.‬‬
‫وتُعد جمعية النجاة الخيرية واحدة من ضمن المنظمات القليلة غير الهادفة للربح‬

‫التي تدعم وتربط أهدافها المؤسسية بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة‪.‬‬
‫التواجـد الجغـرافي‪:‬‬

‫وصلت مشاريع جمعية النجاة الخيرية في عام ‪2016‬م إلى أكثر من ‪ 37‬دولة‪،‬‬
‫واستفاد منها العديد من الفقراء والمحتاجين‪ ،‬وتركزت أغلب هذه المشاريع في عدة دول هي‪:‬‬
‫مصر‪ ،‬والأردن‪ ،‬وألبانيا‪ ،‬والبوسنة والهرسك‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وتركيا‪ ،‬واليمن‪ ،‬وإندونيسيا‪،‬‬
‫وباكستان‪ ،‬وبنغلاديش‪ ،‬وتشاد‪ ،‬وسريلانكا‪ ،‬والفلبين‪.‬كما شملت دولا أخرى مثل إسبانيا‪،‬‬

‫والسودان‪ ،‬وجيبوتي‪ ،‬وكوسوفو‪ ،‬وفلسطين(‪.)3‬‬

‫‪40‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫المبحث الأول‪ :‬دور الزكاة والصدقة في تنمية الفرد والمجتمع المسلم والحاجة للجمعيات‬
‫الخيرية‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬دور الزكاة والصدقة في تنمية الفرد والمجتمع‬
‫قد أْولت الشريعة اهتماماكبيرا في الصدقات والزكوات وبَيّنت لنا مَمّن تؤخذ وإلى‬
‫من ترد فعلمنا مواردها ومصارفها التي حددها لنا الكتاب الكريم وال ُّسَنّة المطهرة‪ ،‬ولا شك‬
‫أنه ينبغي أن تستثمر الصدقات والزكوات في التنمية‪ ،‬ومن الأمور المعلومة في ديننا أنه يحثنا‬
‫على الاهتمام بتقوية وتنمية المجتمع والحرص على توفير سبل العيش والحياة الكريمة لجميع‬
‫أفراد المجتمع المسلم‪ ،‬وذلك من خلال التعاون فيما بينهم والحرص على التكافل الاجتماعي‬
‫وحثهم على الإنفاق في سبيل الله وأن يواسي بعضهم بعضا‪ ،‬ونبذ كل ما يدعو إلى الفرقة‬
‫والشح والبخل وقد دلنا على ذلك القرآن الكريم والسنة النبوية‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪َ :‬وتَـَعاَونُوا عَلَى الِْبِر َوالَتّـْقَوى َولا تَـَعاَونُوا َعلَى الِإثِْم َوالُْع ْدَوا ِن‪‬‬

‫[المائدة‪.]2:‬‬
‫أبََََِوووااْمََلْلممَْبيَُااـواتَلذََْاهاخَمَُْملمَِلَىكَعِرَلَََئوْييََْءَِتوهاْولْكْاقمأتُلََايمَْنّمُمَالاَلَسنْوُواَِسنُعككِْزآميَوَمَملِنانإُِاو َواّنيجآـَُوتاَْؤااللبَِِمَّْا‪:‬جُّهَنلَُالََّّْلمولِِر‪َ‬لناَاَواََّبِّوذلاِالُْعلْيَُبّيََُِـحّليلُِِْمدوُِمّْاوَبانولْلاُاقاََفمَْلَّرّلبآََلَِْناْبضلِْخلَِيَـوَكلِِهرَْوااوِامَلَنتوَُْأاوجَأََلانْْعشُآَِتَرفمِْرتَُِكُْقدخاناولواَِارالاْجبَُِنلُِمِوِهفََْلمَّماَُِْكبخنَشايْوَفِيرَئرَاَِزارويقاَـُك*لَُهَنْونابََْمِّلصّااالِْلَعذَايِواََحَذَّلِّشّالَنلْيبَُدِايْبيطـََاَْبِونُمَكبُِنااَِإِخهليلُلََْنْنجحَهوُاْنَ*نَاسقََِاَِّّلبرنيلََُوانواََالَّيََْبوِاوِذُفمهَبِبِْيُْرمِذَِسنَوناَنيءَايَعُلنلِااقيَِللْفََّنِّسرُقُيقمابِْنايرواََََِ‪‬لسب*ن‬

‫[النساء‪ .]39-36:‬والآيات الدالة على ذلككثيرة‪.‬‬
‫وجاء في ال ُّسَنّة عن النبي ق أحاديث كثيرة تدل لنا على هذا المعنى‪:‬‬
‫‪ -‬منها ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»(‪.)4‬‬

‫‪41‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -‬وأخرج الطيالسي وأحمد عن النعمان بن بشير عن النبي ق أنه قال‪« :‬مثل‬
‫المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر‬

‫الجسد بالسهر والحمى»(‪.)5‬‬
‫وقال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم‪« :‬هذه الأحاديث صريحة في تعظيم‬
‫حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم‬

‫ولا مكروه»(‪.)6‬‬
‫ولا شك أن من خير من يقوم بهذا الدور في وقتنا المعاصر هي الجمعيات والهيئات‬
‫والمؤسسات الخيرية ويقع على عاتقها تحمل وتحقيق هذا الهدف بشتى أنواع السبل‪ ،‬ولتحقيق‬

‫هذا الهدف هناك سبل وصوركثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬العناية بالأسر وتلمس حاجاتهم من ملبس ومأكل ومشرب ومسكن وغيرها‬
‫من مستلزمات الحياة الكريمة لا سيما من ليس لهم معيل مثل الأرامل والمساكين والأيتام‪،‬‬

‫ولأهمية هذا الأمر حَثّنا عليه ديننا‪ ،‬فقد جاء في الكتاب والسنة آيات وأحاديث منها‪:‬‬
‫‪ -‬ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ط قال‪ :‬قال رسول الله ق‪:‬‬
‫«الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار»(‪.)7‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر والإمام العيني في شرحهما على صحيح البخاري أي هذا‬

‫الباب في بيان فضل الساعي على الأرملة في مصالحها والأرملة من لا زوج لها(‪.)8‬‬
‫‪ -‬وأخرج أبو داود والترمذي عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول الله ق‪« :‬أنا‬

‫وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى»(‪.)9‬‬
‫قال السيوطي في شرحه‪« :‬وكافل اليتيم هو القائم بأمره من نفقة وكسوة وتأديب‬

‫وتربية وغير ذلك»(‪.)10‬‬
‫‪ -2‬بناء المساجد وتأتي أهمية بناء المساجد من حيث أنه المكان الذي يتصل فيه‬
‫العبد بربه ويقيم فيها أعظم وأهم شعيرة وهي صلاة الجماعة‪ ،‬حيث إن الصلاة في المسجد‬

‫دليلا على الإيمان‪ ،‬وقد ورد في الكتاب والسنة فضل بناء المساجد‪:‬‬

‫‪42‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫ال َّصلاةَ‬ ‫اََّّللَ‪‬إِفَـَنّمََعا َسيـَْعىُمأُُرولَئَِم ََسكاأَِجنَديَاََُّكّلِلونَُموا ْنِم آَنَمالَْنُمبِْهاَتََّّلِلِديََونالْيَـ‪ْ‬وِ[مالاتلوآبةِخ‪ِ:‬ر‪َ8‬وأ‪َ1‬قَ]ا‪َ.‬م‬ ‫‪ -‬قال تعالى‪:‬‬ ‫َوآتَى‬
‫الَّزَكاةَ َولَمْ َيْ َش إِلَاّ‬
‫‪ -‬وأخرج ابن ماجة في سننه عن عثمان بن عفان قال‪ :‬سمعت رسول الله ق‬
‫يقول‪« :‬من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة»(‪.)11‬‬
‫‪ - 3‬بناء المدارس والمعاهد التعليمية ودور القرآن والمراكز الشرعية‪ ،‬وحيث إن بناء‬

‫الفرد المنتج النافع لمجتمعه هو من أهم الأهداف التي تتمناها جميع الدول لكي ترتقي وتتطور‪،‬‬
‫ولا يكون ذلك إلا بتوفير وبناء أماكن وتوفير المعدات المعينة للطلاب على ذلك‪ ،‬وكفالة‬

‫الطلاب والمعلمين‪ ،‬وشريعتنا قد شجعت وحثت على الاستزادة من العلم والتعليم‪.‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪َ :‬وقُ ْل َر ِب ِزْدِن ِعْلما‪[ ‬طه‪.]114:‬‬

‫‪ -‬وأخرج البخاري في صحيحه عن عثمان ط عن النبي ق قال‪« :‬خيركم من‬
‫تعلم القرآن وعلمه»(‪.)12‬‬
‫‪ -4‬بناء المراكز الصحية والمشافي التي يحتاجها الناس؛ لكي يعالجوا مرضاهم‪،‬‬
‫وتوفير البيئة الصحية المناسبة‪ ،‬وهي من الأمور التي حثت على توفيرها الشريعة‪ ،‬فقد جاء‬

‫في المراسيل لأبي داود عن الحسن البصري قال‪ :‬قال رسول الله ق‪« :‬حصنوا أموالكم بالزكاة‪،‬‬
‫وداووا مرضاكم بالصدقة‪ ،‬واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع»(‪.)13‬‬
‫وقد حكم الشيخ الألباِن على لفظ «داووا مرضاكم بالصدقة» بأنه حسن(‪.)14‬‬
‫فلاشك أن وجود المشافي والمراكز الصحية له دوركبير في التنمية‪ ،‬وأثره بِين على‬
‫الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫‪ -5‬حفر إبار وتوفير المياه‪ ،‬وهذا من أهم سبل الطاقة بل الماء هو الحياة قال‬
‫ُكق َّلعلَشىْيتٍءوفيَحرٍيالمأاَفَءلال يـُكْؤلِمنُوصَنا‪‬ح [ابلأنربوياحء‪:‬وأ‪0‬ن‪3‬ف]ي‪..‬كل‬ ‫الْ َماِء‬ ‫‪َ‬و َجَعْلنَا ِم ْن‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫أجر‪.‬‬ ‫رطبة‬ ‫كبد‬ ‫النبي‬ ‫وقد حث‬

‫‪ -‬أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة ط أن رسول الله ق‬
‫قال‪ :‬حينما سؤل أولنا في البهائم أجرا؟ فقال‪« :‬نعم في كل ذاتكبد رطبة أجر»(‪.)15‬‬

‫‪43‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -‬وأخرج ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه من حديث سعد بن عبادة قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال ق‪« :‬سقيا الماء»(‪.)16‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحاجة لوجود الجمعيات الخيرية في الوقت المعاصر‬
‫إن الناظر لحجم الأعمال التي تقوم بها الجمعيات الخيرية الآن يدرك تماما أن هذه‬

‫الجمعيات أصبحت من الحاجيات‪ ،‬وقد تصل في بعض الأحيان إلى الضروريات‪.‬‬
‫فإذا نظرنا إلى الأموال التي ترد لهذه الجمعيات ندرك تماما أن الآن المجتمع أصبح‬
‫بحاجة لمن يكون لهم علم ومعرفة في كيفية إيصال هذه الزكاة أو الصدقات للمحتاجين‪،‬‬
‫وهذا في الدول الغنية‪ ،‬أما في الدول الفقيرة فهي التي تحدد ما يحتاجه الفرد والمجتمع فيها‪.‬‬
‫وإذا نظرنا إلى دورها في تنمية الفرد والمجتمع نعرف كذلك أنها أصبحت مهمة في‬
‫هذا العصر؛ فالجمعيات الخيرية يكون فيها أصحاب علم وتخصص من جميع الجوانب التي‬
‫يحتاجها هذا العصر‪ ،‬وفيها يكون العمل الجماعي الأكثر إنتاجا وتنظيما من العمل الفردي‪.‬‬
‫فالجمعيات الخيرية المعاصرة رابطة بين أفراد المجتمع الواحد من جانب‪ ،‬ورابطة بين‬

‫المجتمعات المسلمة عموما من جانب آخر‪ ،‬بربطها بين المجتمع الغني والمجتمع الفقير‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دور جمعية النجاة الخيرية الكويتية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‬
‫كما أشرنا في المقدمة فقد اقتصرنا في هذا البحث على جمهورية بنغلاديش ودور‬
‫جمعية النجاة الخيرية الكويتية في هذه التنمية‪ ،‬وحددنا ذلك في الفترة ما بين (‪2013‬م‪-‬‬

‫‪2017‬م)‪ ،‬وفيما يلي أهم المشاريع التنموية للفرد والمجتمع‪:‬‬
‫‪ -1‬مشروع بناء المساجد‪:‬‬

‫أَْولت جمعية النجاة الخيرية مشروع بناء المساجد أهميةكبيرة لما له من أثر في تنمية‬
‫الفرد والمجتمع‪ ،‬حيث إن المسجد يعتبر من أهم الأماكن التي يجتمع فيها المسلمون لإقامة‬
‫فريضة الصلاة‪ ،‬وتعُلّم القرآن وتعليمه‪ ،‬فقامت الجمعية ببناء أكثر من ‪ 1300‬مسجدا في‬

‫‪44‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫جمهورية بنغلاديش الشعبية‪ ،‬وقد استفاد من هذا المشروع ما يقارب ‪ 100‬قرية بمعدل ‪200‬‬
‫ألف نسمة تقريبا‪.‬‬

‫‪ -2‬مشروع بناء المدارس‪:‬‬

‫امتازت جمعية النجاة الخيرية منذ تأسيسها بنشاطها التعليمي‪ ،‬حيث أنها شيدت‬
‫العديد من المدارس داخل الكويت وخارجها‪ ،‬إيمانا منها بأهمية التعليم ودوره الفعال في تنمية‬
‫الفرد والمجتمع‪ ،‬ومن هذا المنطلق قامت الجمعية ببناء ‪ 11‬مدرسة في جمهورية بنغلاديش‬

‫الشعبية‪ ،‬وقد استفاد من هذا المشروع ما يقارب ‪ 1600‬طالب‪.‬‬

‫‪ -3‬مشروع بناء المراكز الإسلامية والتعليمية‪:‬‬

‫ولأن المراكز الإسلامية لها دور بارز في الاهتمام بالعلم والعلماء والطلاب قامت‬
‫الجمعية ببناء ما يقارب ‪ 7‬مراكز إسلامية في بنغلاديش‪ ،‬واستفاد من هذا المشروع ما يقارب‬

‫‪ 2400‬طالبا‪.‬‬

‫‪ -4‬مشروع بناء المعاهد الفنية‪:‬‬
‫قامت جمعية النجاة الخيرية ببناء المعاهد الفنية‪ ،‬يتأهل من خلالها الطلاب لدخول‬

‫سوق العمل‪ ،‬وقد استفاد من هذه المعاهد ما يقارب ‪ 1500‬طالب‪.‬‬

‫‪ -5‬مشروع كفالة الأئمة والمؤذنين والمُحفظين‪:‬‬

‫من‬ ‫استفاد‬ ‫وقد‬ ‫والمُحفظين‪،‬‬ ‫والمؤذنين‬ ‫الأئمة‬ ‫من‬ ‫‪20‬‬ ‫كفلت الجمعية ما يقارب‬
‫المشروع الكثير من المسلمين‪.‬‬
‫هذا‬

‫‪ -6‬مشروع مسابقة حفظ القرآن الكريم‪:‬‬

‫حرصت جمعية النجاة الخيرية على تشجيع حفظة كتاب الله بإقامة المسابقات‬
‫الدورية لحفظ القرآن الكريم بواقع (‪ )4‬مسابقات كل عام‪ ،‬ويشارك فيها سنويا ما يقارب‬

‫‪ 400‬طالبا‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -7‬مشروع طباعة المصاحف‪:‬‬
‫ومن أهم المشاريع التي تحرص عليها جمعية النجاة نشر وتوزيع وطباعة المصاحف‬

‫حيث أنها طبعت ووزعت قرابة ‪ 1600‬مصحف خلال الخمس سنوات الأخيرة‪.‬‬
‫‪ -8‬مشروع مستوصفات صحية‪:‬‬

‫أقامت جمعية النجاة الخيرية ‪ 8‬مستوصفات صحية سنويا يستفيد منها ‪ 4‬آلاف‬
‫مريض خلال الفترة المذكورة‪.‬‬

‫‪ -9‬مشروع حفر الآبار وسقي الماء‪:‬‬
‫قامت جمعية النجاة الخيرية بحفر ما يزيد على ‪ 800‬بئرا خلال الخمس سنوات‬

‫السابقة‪ ،‬ويستفيد منها قرابة ‪ 50‬ألف فردا‪.‬‬
‫‪ -10‬مشروع إقامة مزارع الدواجن‪:‬‬

‫وهذا المشروع من المشاريع الاستثمارية التنموية التي تحرص الجمعية على تطويرها‬
‫والتوسع بها لكي يصل لأعلى درجات الكفاءة في خدمة الفرد والمجتمع‪ ،‬ويكون ريعه لطلاب‬

‫العلم الشرعي‪.‬‬
‫‪ -11‬بناء البيوت للفقراء والمحتاجين‪:‬‬
‫وهذا المشروع يحتاجه كثير من المسلمين الذين لا يجدون مأوى بسبب الحاجة‬
‫والفقر‪ ،‬فأخذت الجمعية على عاتقها أن توفر البيوت والمساكن لمن لا يجد مأوى ولا سكن‪،‬‬
‫وقد استفاد من هذا المشروع الكثير من الأسر الفقيرة والمحتاجة‪.‬‬
‫‪ -12‬المشاريع التنموية لسد حاجة الأسرة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫( أ ) توفير مكائن الخياطة لربات البيوت‪.‬‬
‫(ب) توفير المحاريث الميكانيكية‪.‬‬
‫(ج) توفير عربات نقل الأمتعة‪.‬‬
‫( د ) توفير المحلات والدكاكين الوقفية‪.‬‬
‫واستفاد من هذه المشاريع ما يقارب ‪ 300‬أسرة‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫‪ -13‬مشروعكفالة الأيتام‪:‬‬

‫وهذا المشروع من أهم المشاريع التي تحرص عليها الجمعية‪ ،‬والتي استفاد منها ما‬
‫يقارب ‪ 200‬يتيم‪.‬‬

‫‪ -14‬مشرع إقامة ولائم الإفطار للصائمين‪:‬‬

‫ويستفيد من هذا المشروع ما يقارب ‪ 90‬ألف صائم سنويا‪.‬‬

‫‪ -15‬مشروع ذبح وتوزيع الأضاحي والعقائق والذبائح على الأسر الفقيرة والمحتاجة‪:‬‬

‫ويستفيد من هذه الأضاحي والذبائح العديد من الأسر الفقيرة والمحتاجة‪.‬‬

‫الخاتمــة‬

‫في ختام هذا البحث نذكر أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫أهم النتائج‪:‬‬

‫الدور البارز للجمعيات الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫حاجة الأفراد والمجتمعات والدول لوجود الجمعيات الخيرية فيها‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫ت‪.‬‬
‫حاجة الدول الإسلامية لأموال الزكاة والصدقة‪.‬‬

‫أهم التوصيات‪:‬‬

‫أ‪ .‬مساعدة الدول الإسلامية التي تحتاج إلى دعم مادي أو معنوي‪.‬‬
‫ب‪ .‬الحرص في الدعم المادي أو المعنوي أن يكون له دور في تنمية الفرد الفقير‬

‫أو المحتاج‪ ،‬وكذلك المجتمع‪.‬‬
‫_____________________‬

‫المراجـ ـع‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬طبعة دار إحياء التراث العربي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫مسند أبي داود الطيالسي‪ ،‬طبعة دار هجر‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد التركي‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫مسند أحمد‪ ،‬طبعة مؤسسة الرسالة‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب الأرنؤوط‪.‬‬ ‫ت‪.‬‬
‫المنهاج شرح مسلم للنووي‪ ،‬طبعة دار إحياء التراث‪.‬‬ ‫ث‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫ج‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬طبعة دار طوق النجاة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زهير الناصر‪.‬‬
‫ح‪ .‬فتح الباري لابن حجر‪ ،‬طبعة دار المعرفة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محيي الدين الخطيب‪.‬‬

‫خ‪ .‬عمدة القاري لبدر الدين العيني‪ ،‬طبعة دار إحياء التراث‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫د‪ .‬جامع الترمذي‪ ،‬طبعة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد شاكر وإبراهيم عطوة‪.‬‬

‫ذ‪ .‬سنن أبي داود‪ ،‬طبعة المكتبة العصرية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪.‬‬
‫ر‪ .‬الديباج على صحيح مسلم للسيوطي‪ ،‬طبعة دار ابن عفان‪ ،‬تحقيق‪ :‬الجويني‪.‬‬

‫ز‪ .‬سنن ابن ماجه‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬
‫س‪ .‬المراسيل لأبي داود‪ ،‬طبعة مؤسسة الرسالة‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب الأرنؤوط‪.‬‬

‫ش‪ .‬المعجم الكبير للطبراِن‪ ،‬طبعة مكتبة ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي السلفي‪.‬‬
‫ص‪ .‬صحيح الجامع الصغير وزياداته للألباِن‪ ،‬طبعة المكتب الإسلامي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬

‫ناصر الدين الألباِن‪.‬‬
‫ض‪ .‬صحيح ابن خزيمة‪ ،‬طبعة مكتبة الأعظمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مصطفى الأعظمي‪.‬‬
‫ط‪ .‬الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان‪ ،‬طبعة مؤسسة الرسالة‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب‬

‫الأرنؤوط‪.‬‬

‫ملحــق‬

‫المشاريع المنفذة في جمهورية بنغلاديش من عام ‪2013‬م حتى ‪2017‬م‬

‫عدد المنفذ عدد المستفيدين‬ ‫نوع المشروع‬ ‫م‬

‫‪208800‬‬ ‫بناء مساجد ‪1392‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪1650‬‬ ‫بناء مدارس ‪11‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪2400‬‬ ‫مركز إسلامي ‪ +‬مركز تعليمي ‪8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪48‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫‪1500 733‬‬ ‫معهد فني‬ ‫‪4‬‬
‫كفالة إمام ومحفظ ومؤذن‬ ‫‪5‬‬
‫‪21 21‬‬ ‫‪6‬‬
‫إفطار صائم‬ ‫‪7‬‬
‫‪411722 411722‬‬ ‫مسابقة قرآن‬ ‫‪8‬‬
‫طباعة مصاحف‬ ‫‪9‬‬
‫‪3000 2‬‬ ‫ُميمات العيون‬ ‫‪10‬‬
‫‪11‬‬
‫‪16545 16545‬‬ ‫حفر آبار‬ ‫‪12‬‬
‫مزرعة دواجن‬ ‫‪13‬‬
‫‪20400‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪14‬‬
‫بيوت فقراء‬ ‫‪15‬‬
‫‪488040 8134‬‬ ‫كفالة أيتام‬ ‫‪16‬‬
‫‪17‬‬
‫‪1200 1‬‬ ‫بطانيات‬ ‫‪18‬‬
‫أضاحي‬ ‫‪19‬‬
‫‪290 29‬‬ ‫ذبائح وعقائق‬ ‫‪20‬‬
‫الركشا ‪ +‬المحراث الميكانيكي‬ ‫‪21‬‬
‫‪192 192‬‬ ‫دكان وقفي‬ ‫‪22‬‬
‫عربة أمتعة‬ ‫‪23‬‬
‫‪800 274‬‬ ‫ماكينة خياطة‬ ‫‪24‬‬
‫متوضأ‬
‫‪78615 15723‬‬ ‫أجهزة طبية‬
‫مستوصف‬
‫‪31189 31189‬‬ ‫أجهزة طبية ‪ +‬غسيل الكلى‬

‫‪130 13‬‬

‫‪520 52‬‬

‫‪1050 105‬‬

‫‪750 75‬‬

‫‪17200‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪1500 10‬‬

‫‪4000 8‬‬

‫‪2200 2‬‬

‫‪49‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ 1‬محاضر بقسم الفقه وأصول الفقه‪،‬كلية الشريعة والدراسات الإسلامية‪ ،‬جامعة الكويت‪.‬‬
‫‪ 2‬محاضر بقسم التفسير والحديث‪،‬كلية الشريعة والدراسات الإسلامية‪ ،‬جامعة الكويت‪.‬‬

‫(‪ )3‬تعزيز قيم الإنسانية‪ ،‬تقرير الاستدامة لجمعية النجاة الخيرية لعام ‪2016‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم ‪.1999/4‬‬

‫(‪ )5‬أخرجه الطيالسي في مسنده ‪ ،139/2‬وأحمد في مسنده ‪.323/30‬‬
‫(‪ )6‬المنهاج شرح مسلم ‪.139/16‬‬
‫(‪ )7‬صحيح البخاري ‪.62/7‬‬

‫(‪ )8‬فتح الباري ‪ ،437/10‬عمدة القاري ‪.104/22‬‬
‫(‪ )9‬سنن أبي داود ‪ ،338/4‬جامع الترمذي ‪.321/ 4‬‬

‫(‪ )10‬الديباج ‪.290/6‬‬
‫(‪ )11‬سنن ابن ماجه ‪.243/1‬‬
‫(‪ )12‬صحيح البخاري ‪.192/6‬‬
‫(‪ )13‬المراسيل‪ ،‬ص‪ .127‬وقد أخرجه مرفوعا الطبراِن في الكبير (‪.)128/10‬‬
‫(‪ )14‬الجامع الصغير وزياداته ‪.634/1‬‬
‫(‪ )15‬صحيح البخاري ‪ ،9/8‬صحيح مسلم ‪.1761/4‬‬
‫(‪ )16‬صحيح ابن خزيمة ص ‪ ،575‬صحيح ابن حبان ‪136/8‬‬

‫‪50‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي‬

‫د‪ .‬هشام بن سعيد أزهر‪1‬‬

‫المقدمة‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين‪ ،‬سيدنا ونبينا محمد‬

‫الصادق الأمين‪ ،‬وآله وصحبه أجمعين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد!‬

‫يسعى الإسلام من خلال تشريعاته وقوانينه ومبادئه الكلية إلى تحقيق مصالح‬
‫معتبرة للمجتمعات المسلمة في مجالات الحياة الإنسانية كافة‪ .‬وإذا كان واقع الحياة‬
‫الاجتماعية والسياسية‪ ،‬بتعقيداته وتناقضاته واضطراباته وانعكاساته السلبية‪ ،‬يؤدي في كثير‬
‫من الأحيان إلى فوات العمل بأحكام شرعية مبتغاة‪ ،‬على الوجه الأمثل والأكمل‪ ،‬فإن ثمة‬
‫قواعد ومبادئ منثورة في علم مقاصد الشريعة يلجأ إليها أهل الاختصاص من شأنها أن‬
‫تكون ضمادا يعتمد عليه‪ ،‬أو بديلا يلجأ إليه‪ ،‬أو علاجا يستداوى به‪ ،‬ليتحقق أكثر قدر‬
‫من تلكم المصالح‪ ،‬ويُستدفع بها ما يمكن دفعه من مفاسد‪ ،‬أو ليخفف ‪-‬على الأقل‪ -‬ما‬

‫يسببه الواقع السياسي من سلبيات‪.‬‬
‫وغرضي من هذا البحث هو استعراض وتوظيف أهم جوانب علم مقاصد الشريعة‪،‬‬
‫وبيان كيفية الاستفادة منه‪ ،‬والاستنجاد به وتفعيله في الواقع السياسي‪ .‬وقد حاولت أن‬
‫تكون هذه الورقة البحثية مقتضبة قدر الإمكان؛ نظرا لمحدودية عدد الصفحات المسموح به‬
‫في "المؤتمر الدولي العلمي الثالث للفكر الإسلامي"‪ ،‬تحت عنوان "دور المؤسسات في خدمة‬
‫المجتمع المسلم من منظور القرآن والسنة"‪ ،‬الذي تنظمه أكاديمية الدراسات الإسلامية بجامعة‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫التكنولوجيا بماليزيا‪ ،‬بالتعاون مع الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا‪ ،‬والذي تدور محاوره حول‬
‫القضايا المعاصرة والمؤسسات الإسلامية‪ ،‬لفتح النقاش حول الفكر الإسلامي وإبراز المفهوم‬

‫السلمي للإسلام‪ ،‬وتعزيز الأبعاد الروحية للإيمان وسبل ممارستها‪.‬‬
‫وقد ارتأيت أن يكون منهجي في الدراسة على النحو الآتي‪:‬‬
‫‪ -1‬انتهاج المنهج الوصفي في هذه الدراسة‪ ،‬الذي يعتمد على دراسة الظاهرة‪،‬‬
‫ويهتم بوصفها والتعبير عنها كيفيا‪ ،‬ويحللها ويقيمها‪ ،‬ويُوِجد لها الحلول المناسبة‪ ،‬التي تدخل‬

‫في خطط الإصلاح على أرض الواقع‪.‬‬
‫‪ -2‬استقراء وتتبع الموضوعات والمبادئ والقواعد المقاصدية‪ ،‬وانتقاء منها ما يمكن‬

‫الاستفادة منه وتفعيله في الواقع السياسي‪.‬‬
‫وقد قسمت البحث على النحو الآتي‪:‬‬
‫المقدمة‪ ،‬وهي التي بين يدي القارئ الكريم‪.‬‬

‫تمهيد‪ ،‬وفيه‪:‬‬
‫أولا‪ :‬خصائص مقاصد الشريعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقاصد السياسة الشرعية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سمات الواقع السياسي‪.‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬المقاصد العامة وضبطها للواقع السياسي‪ ،‬وفيه المطالب الآتية‪:‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬مقصد حفظ القيم الإنسانية في الواقع السياسي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مقصد حفظ الضروريات في الواقع السياسي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مقصد حفظ الحاجيات في الواقع السياسي‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مقصد حفظ التحسينيات في الواقع السياسي‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬مقصد حفظ المصالح القائمة في الواقع السياسي‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬مقصد منع النزاع والفرقة في الواقع السياسي‪.‬‬

‫المبحث االثاني‪ :‬قواعد المقاصد وضبطها للواقع السياسي‪ ،‬وفيه المطالب الآتية‪:‬‬

‫‪52‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫المطلب الأول‪ :‬قاعدة "يشترط فيكل تكملة من مكملات الضروريات‬
‫والحاجيات ألا يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال" في‬

‫الواقع السياسي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قواعد اجتماع المصالح مع المفاسد في الواقع السياسي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬قواعد اجتماع المصالح واجتماع المفاسد في الواقع‬

‫السياسي‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬قاعدة اعتبار المآلات في الواقع السياسي‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬قاعدة التدرج في الواقع السياسي‪.‬‬
‫الخاتمة‪ ،‬وفيها أهم نتائج البحث‪.‬‬
‫تمهيد‬
‫أولا‪ :‬خصائص مقاصد الشريعة‪:‬‬

‫بتتبع أحكام وأسرار التشريع‪ ،‬يجد المتأمل والدارس أن للمقاصد الشرعية خصائص وسمات‬
‫كثيرة تتميز بها‪ ،‬ولكني اخترت منها ما يتناسب وموضوع هذا البحث‪ ،‬وهي على النحو‬

‫الآتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أنها كلَيّة‪ ،‬وعامة‪ ،‬ومطلقة‪ ،‬وأبدية‪ ،‬وم َطّردة‪ :‬فالشارع قصد أن تكون‬
‫المقاصد مصالح على الإطلاق‪ ،‬فلابد أن يكون وضعها أبديا‪ ،‬وكليا‪ ،‬وعاما‪ ،‬في جميع أنواع‬
‫التكليف وفي جميع الأحوال‪ ،‬فلا تختص بباب دون باب‪ ،‬ولا بمحل دون محل‪ ،‬وبالجملة‪:‬‬

‫الأمر فيها م َطّرد مطلقا‪ ،‬فيكليات الشريعة وجزئياتها‪.2‬‬
‫‪ -2‬الثبوت من غير زوال‪ :3‬وذلك كونها ربانية المصدر‪ ،‬وكونها مراعية لفطرة‬
‫الإنسان وحاجاته‪ ،‬ومراعية لحاجة كل مكان وزمان وحال‪ ،‬فلا حاجة إلى تغييرها أو‬

‫تبديلها‪.4‬‬

‫‪53‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -3‬التآلف والانسجام والتوافق‪ :‬فكون المقاصد من لدن حكيم خبير‪ ،‬فهي‬
‫منزهة من التناقض والاختلاف فيما بينها‪ ،5‬قال تعالى‪﴿ :‬أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من‬

‫عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ [النساء‪.]82:‬‬
‫‪ -4‬أنها وضعت لتحقيق المصلحة المعتبرة‪ ،‬سواءً وافقت الأهواء أم خالفتها‪:‬‬
‫وعن هذه الخصيصة قال الشاطبي‪" :‬المصالح المجتلبة شرعا والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من‬
‫حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى‪ ،‬لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها‬
‫العادية‪ ،‬أو درء مفاسدها العادية"‪ ،6‬وقال‪ .." :‬وإنما يستتب أمرها بوضعها على وفق المصالح‬
‫مطلقا‪ ،‬وافقت الأغراض أو خالفتها"‪ ،7‬ومما استدل به قوله تعالى‪﴿ :‬ولو اتبع الحق أهواءهم‬

‫لفسدت السموات والأرض ومن فيهن﴾ [المؤمنون‪.]71:‬‬
‫‪ -5‬أنها منضبطة بالتوسط والاعتدال‪ :‬وذلك بوضع الشروط والقيود التي تدفع‬
‫جانبي الإفراط والتفريط‪ ،‬فنتيجة لذلك يقع التوازن والوسطية‪ ،‬ويسهل تطبيقها وتحقيقها‪،‬‬
‫قال الشاطبي‪" :‬فإذا نظرت فيكلية الشريعة تجدها حاملة على التوسط‪ ،‬فإن رأيت ميلا إلى‬
‫طرف من الأطراف‪ ،‬فذلك في مقابلة واقع أو متوقع‪ ،‬في الطرف الآخر‪ .‬فطرف التشديد ‪-‬‬
‫وعامة ما يكون في التخويف والترهيب والزجر‪ -‬يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الانحلال‬
‫في الدين‪ .‬وطرف التخفيف ‪-‬وعامة ما يكون في الترجية والترغيب والترخيص‪ -‬يؤتى به في‬
‫مقابلة من غلب عليه الحرج في التشديد‪ ،‬فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحا‪،‬‬

‫ومسلك الاعتدال واضحا‪ .‬وهو الأصل الذي يرجع إليه‪ ،‬والمعقل الذي يلجأ إليه"‪.8‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقاصد السياسة الشرعية‪:‬‬

‫الأصل في أحكام السياسة الشرعية أنها معقولة المعنى‪ ،‬فهي تتضمن حكم ومقاصد شرعية‪،‬‬
‫بجلب مصالح أو درء مفاسد‪ .‬وهذا وجه أساسي من أوجه العلاقة بين مقاصد الشريعة‬

‫والسياسة الشرعية‪ ،‬فهي علاقة وثيقة‪ ،‬وبينهما عموم وخصوص‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫وتعتبر السياسة الشرعية الطريق والوسيلة لتنزيل مقاصد الشريعة وتحققها على‬
‫أرض الواقع‪ ،‬بمراعاة الظروف والأحوال المتغيرة‪ ،‬والموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة‪،‬‬

‫وتحديد الأولويات‪..‬‬
‫ولنستعرض أهم مقاصد السياسة الشرعية‪ ،‬على النحو الآتي‪:‬‬
‫‪ -1‬حفظ مصالح العباد الدينية‪ ،‬والدنيوية‪ :‬بحفظ المصالح الضرورية‪ ،‬التي تكون‬
‫الأمة بمجموعها وآحادها في ضرورة إلى تحصيلها‪ ،‬بحيث لا يستقيم نظام الأمة باختلالها‪،‬‬
‫ولا تكون على الحالة التي أرادها الشارع منها‪ ،‬وقد يٌفضي بعض ذلك الاختلال إلى‬
‫الاضمحلال الآجل‪ ،‬بتفاني بعضها ببعض‪ ،‬أو بتسلط العدو عليها إذا كانت بمرصد من‬

‫الأمم المعادية لها أو الطامعة في استيلائها عليها‪.9‬‬
‫وبحفظ المصالح الحاجية‪ ،‬وهي ما تحتاج الأمة إليه لاقتناء مصالحها وانتظام أمورها‪،‬‬
‫بحيث لولا مراعاتها تكون على حالة غير منتظمة‪ ،‬وفي حالة من الضيق والحرج وربما الضرر‪،‬‬
‫وإن لم تبلغ مبلغ الضروري‪ .10‬وبحفظ المصالح التحسينية‪ ،‬التي بها كمال حال الأمة في‬
‫نظامها حتى تعيش آمنة مطمئنة‪ ،‬ولها بهجة منظر المجتمع في مرأى بقية الأمم‪ ،‬وحتى تكون‬

‫الأمة مرغوبا في الاندماج فيها أو في التقرب منها‪.11‬‬
‫‪ -2‬حفظ نظام الأمة‪ :‬وهو ما يعبر عنه قانونا بالنظام العام‪ ،‬الذي يجسد أهداف‬
‫الجماعة في ظل القيم والأصول التي يؤمن بها أفراد المجتمع‪ ،‬وهو بلا شك مستمد من مقاصد‬

‫الشريعة وكلياتها ومبادئها‪.12‬‬
‫‪ -3‬حفظ الحوزة‪ ،‬وحماية البيضة‪ :‬أي حفظ حدود بلاد الإسلام‪ ،13‬وحماية‬

‫جماعة المسلمين‪ 14‬من اعتداء عدوها عليها‪ ،‬أو أن تنتزع قطعة منها‪.15‬‬
‫‪ -4‬جمع شمل الأمة على الحق والهدى‪ :‬فقد ورد في كتاب الله ما يدل على‬
‫ذلك‪ ،‬قال سبحانه‪﴿ :‬واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرفوا﴾ [آل عمران‪ ،]103:‬وقال ج ّل‬
‫في علاه‪﴿ :‬ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ [الأنفال‪ ،]46:‬وعن هذا المقصد يقول‬
‫إمام الحرمين الجويني‪" :‬وقد تقرر من دين الأمة قاطبة أن الغرض من الإمامة‪ ،‬جمع الآراء‬

‫‪55‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫المتشتتة‪ ،‬وارتباط الأهواء المتفاوتة‪ ،‬وليس بالخافي على ذوي البصائر أن الدول إنما تضطرب‬
‫بتحزب الأمراء‪ ،‬وتفرق الآراء‪ ،‬وتجاذب الأهواء‪.16"..‬‬

‫‪ -5‬إقامة العدل‪ :‬فالنصوص الشرعية الواردة عن هذا المقصد كثيرة جدا‪،‬كقوله‬
‫تعالى‪﴿ :‬إن الله يأمر بالعدل﴾ [النحل‪ ،]90:‬وقوله سبحانه‪﴿ :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات‬
‫وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾ [الحديد‪ ،]25:‬والعدل قيمة أخلاقية‬
‫قررتها العقول والِفطَر‪ ،‬ترتقي إلى مرتبة الضروري‪ ،‬إذ لا يخفى "ما ينشأ عن الظلم من فساد‬
‫العمران وخرابه‪ ،‬وذلك مؤذن بانقطاع النوع البشري‪ ،‬وهي الحكمة العامة المرعية للشرع في‬

‫جميع مقاصده الضرورية الخمسة‪.17"..‬‬
‫‪ –6‬حماية الحرية‪ :‬الحرية قيمة فطرية شرعية منحنا الله إياها‪ ،‬وحدد ج َّل شأنه‬
‫مداها‪ ،‬في مجالات الحياة الإنسانية كافة‪ ،‬فلا بد من نهج يُنتهج على المستوى السياسي‬
‫يكفل صيانتها وحمايتها وعدم المساس بثوابتها وأركانها‪ ،‬ولا بد لمن يسوس الأمة أن يعي‬

‫خطورة مفسدة الاستبداد المناقضة للمصلحة المترتبة على الحرية‪.‬‬
‫‪ -7‬الدعوة إلى عقيدة الأمة ونشر ثقافتها‪ :‬إن من شأن أي أمة تعتز بعقيدتها‬
‫وقيمها أن تدعوا غيرها إلى ما تؤمن به‪ ،‬والأمة الإسلامية بما معها من قيم الحق والخير‪،‬‬
‫أولى الأمم في نشر ثقافتها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير﴾ [آل‬
‫عمران‪ ،]104:‬وإن أول من يتحمل أداء هذا الواجب هم ساسة هذه الأمة‪ ،‬بما ُم ِّكن لهم‬

‫من سلطة ونفوذ‪ ،‬وقوة اقتصادية وسياسية‪..‬‬
‫ثالثا‪ :‬سمات الواقع السياسي‪:‬‬

‫من الضروري قبل الخوض في الكلام عن المقاصد والواقع السياسي أن نش ِّخص هذا الواقع‪،‬‬
‫وندرك سماته السلبية على وجه الخصوص كي نعرف كيف نوظف المسائل والموضوعات‬
‫المقاصدية في معالجة هذا الواقع‪ .‬ولست أعني بالواقع السياسي النظام السياسي‪ ،‬وإن كان‬
‫ثمة علاقة بين المصطلحين‪ ،‬وإنما أعني بالواقع السياسي الحالة السياسي الفعلية المعاصرة‪،‬‬
‫المبنية على سياسات تنتهجها مختلف الأنظمة السياسية في العالم‪ .‬ومن خلال تتبع‬

‫‪56‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫الأحداث‪ ،‬وبالتأمل والنظر في الحياة السياسية المعاصرة‪ ،‬يمكن توصيف سمات الواقع‬
‫السياسي‪ ،‬على النحو الآتي‪:‬‬

‫‪ -1‬واقع مفتقر للقيم الأخلاقية‪:‬‬
‫يلجأ الكثير من ساسة الدول إلى الوصول إلى مصالح دولهم بكل الطرق و الوسائل‬
‫المتاحة لهم‪ ،‬سواءً المشروعة منها وغير المشروعة‪ ،‬فتجد دولة ما تلجأ إلى وسائل تتنافى مع‬
‫المعايير الأخلاقية‪ ،‬بل إنها قد تخرق المواثيق والقوانين الدولية‪ ،‬كالقتل والإبادة الجماعية‪،‬‬
‫واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً‪ ،‬والتشريد‪ ،‬وحصار المستضعفين‪ ،‬والاحتلال‪ ،‬والإضرار‬
‫باقتصاديات دول أخرى‪ ،‬رافعة شعار "الغاية تبرر الوسيلة"‪ ،‬وهذا يعتبر فصل واضح وتناف‬

‫بين السياسة والقيم الأخلاقية‪.‬‬
‫‪ -2‬واقع مزدوج المعايير‪:‬‬
‫الكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا المتماثلة سمة من سمات سياسات حكومات‬
‫بعض الدول‪ ،‬وهو نوع من الانحراف عن طريق الجادة؛ مرده التخلي عن القيم الأخلاقية‪،‬‬
‫فكثيرا ما تتحيز دول كبرى لحليف أو حلفاء لها‪ ،‬على حساب دول أخرى‪ ،‬ضاربة بالنظم‬
‫والقوانين الدولية عرض الحائط‪ ،‬مستغلة قدراتها العسكرية والاقتصادية والإعلامية‪ ،‬ومستغلة‬
‫نفوذها السياسي‪ ،‬والضحية هي الشعوب المستضعفة‪.‬‬

‫‪ -3‬واقع معقد‪:‬‬
‫إن تعارض المصالح بين الأمم والدول‪ ،‬من شأنه أن يخلق بيئة سياسية معقدة‪ ،‬إذ‬
‫تسعى كل حكومة لتحقيق مصالح وأهداف وسياسات الدولة التي تنتمي إليها‪ ،‬ولو على‬
‫حساب دولة أو دول أخرى‪ ،‬وينطبق هذا الأمر كذلك على المستوى الداخلي للدولة بين‬
‫القوى السياسية المتعددة‪ ،‬إذ تتعدد الأغراض والمصالح‪ ،‬بين مخلص للوطن وبين انتهازي‬

‫يبحث عن مصالحه الشخصية‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -4‬واقع متغير‪:‬‬
‫الواقع السياسي واقع متغير متبدل‪ ،‬فالعلاقات الدولية مثلا بين مد وجزر‪ ،‬فسرعان‬
‫ما تتحول العلاقة من صداقة إلى عداوة‪ ،‬ومن عداوة إلى صداقة‪ ،‬وأحوال الدول تجدها‬
‫متبدلة‪ ،‬حيث تتبدل أحوال الدول من دول غنية إلى دول فقيرة‪ ،‬ومن دول فقيرة إلى دول‬
‫غنية‪ ،‬ومن دول مزدهرة إلى دول متقهقرة‪ ،‬ومن دول متقهقرة إلى دول مزدهرة‪ ،‬وهكذا‪،‬‬
‫وصدق الله العظيم إذ قال في محكم التنزيل‪﴿ :‬وتلك الأيام ندولها بين الناس﴾ [آل‬
‫عمران‪ ،]140:‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾‬

‫[الرعد‪ ،]11:‬وسنن الله لا تتخلف‪.‬‬
‫فواقع هذه سماته‪ ،‬وهذا شأنه‪ ،‬ينبغي أن يستعين سالكه بهدى الإسلام‪ ،‬ونوره‪،‬‬

‫وروحه ومقاصده‪.‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬المقاصد العامة وضبطها للواقع السياسي‪:‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬مقصد حفظ القيم الإنسانية في الواقع السياسي‪:‬‬
‫القيم هي‪" :‬المبادئ والصفات الفضلى التي أقرها أو حث عليها الإسلام‪ ،‬لتكون أساسا في‬
‫التعامل مع النفس ومع الغير‪ ،‬في مجالات الحياة الإنسانيةكافة"‪ ،18‬وهي بهذا المفهوم تشمل‪:‬‬
‫العدل‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والحرية‪ ،‬والكرامة‪ ،‬والفضيلة‪ ،‬ومكارم الأخلاق كافة‪ ،‬وكلها مما قصد‬
‫الإسلام المحافظة عليه دون أدنى شك أو ريب‪ ،‬فقد ح َّسنها الشرع والعقل‪.‬‬
‫إن القيم الإنسانية ينبغي أن تكون أساسا في أسلوب التعامل السياسي‪ ،‬وهذا لا‬
‫يكون بغير وجود ثلة من أهل السياسة قد غرست تلكم المبادئ والقيم الإنسانية العليا في‬

‫نفوسهم وعقولهم‪ ،‬فتأهلوا‪ ،‬وتمرسوا العمل السياسي‪.‬‬
‫ولتفعيل ما ذكرنا‪ ،‬ومن أجل خلق قادة للمستقبل السياسي للأمة‪ ،‬ينبغي "توعية‬
‫الرأي العام وتنشئته على قيم العدل والحرية والمشاورة والمساواة والكرامة‪ ،..‬وإشاعتها عبر‬
‫مختلف الوسائل التربوية والإعلامية المباشرة وغير المباشرة‪ ،‬حتى تصبح لديه من لوازم حياته‬
‫التي لا يستطيع الحياة بدونها‪ ،‬وإقناعه بضرورة القطع مع ما في ذلك التراث من قيم سلبية‬

‫‪58‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫ونسيانها بالمرة‪ ،‬و بهذا يمكن أن نسهم في بناء العقل الجمعي لأمتنا في اتجاه ما نصبوا إليه‬
‫من إصلاح حضاري شامل"‪.19‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مقصد حفظ الضروريات في الواقع السياسي‪:‬‬
‫إن أهم ما ينبغي المحافظة عليه من جانب الوجود والعدم في العمل السياسي هو المصالح‬
‫الضرورية‪ ،‬حيث إن المساس بها أو ببعضها يشكل نكسة للمجتمع أو للأمة‪ ،‬فأي تصرف‬
‫أو تدبير سياسي لتحقيق مصلحة ما ينبغي أن يحسب للضروريات ألف حساب وحساب‪،‬‬
‫فإنه بفواتها أو بفوات بعضها لن تجر مصالح الدنيا على استقامة‪ ،‬بل على فساد وتهارج‬
‫وخراب عميم‪ .‬ولهذا المقصد تطبيقات وأبعاد كثيرة في المجال السياسي‪ ،‬نجدها متناثرة جليِّة‬
‫فيكتب السياسة الشرعية‪ ،‬منها مسألة النهي عن الخروج على الحاكم الجائر‪ ،‬لما يؤدي إليه‬
‫من الهرج والمرج‪ ،‬فقد يرتكب في فوضى ساعة من المظالم والجرائم ما لا يرتكب في جور‬

‫سنين‪.20‬‬
‫وهذا حاصل في زماننا‪ ،‬فكم انتهكت من مصالح ضرورية في كثير من الدول‪،‬‬
‫بسبب فئات من المجتمع لم تصبر على ما تكره‪ ،‬ولم تلتزم بشريعة الإسلام في التعامل مع ظلم‬
‫بعض الح َّكام‪ ،‬وجعلت العنف وسيلتها في ردود أفعالها بدعوى الإصلاح‪ ،‬فضَلّت وأضَلّت‪.‬‬
‫إنكل من يقود أو يمارس العمل السياسي يجب أن تكون المقاصد الضرورية عنده‬
‫هي الميزان لما سيتم‪ ،‬والمرآة العاكسة لما تم‪ ،‬وعليه أن يزن ويراقب خطواته‪ ،‬ويقِّوم مشروعيتها‬
‫ومردوديتها بمدى ما تحققه وما تخدمه من مقاصد الشريعة من الحفظ والتنمية للضروريات‬

‫الخمس‪ :‬الدين والنفس والنسل والعقل والمال‪.21‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مقصد حفظ الحاجيات في الواقع السياسي‪:‬‬
‫عناية الشريعة بالمقاصد الحاجية تقرب من عنايتها بالمقاصد الضرورية‪ ،‬بل إن منها ما يدخل‬
‫في الكليات الخمس السالفة الذكر إلا أنها لا تبلغ مبلغ الضروري‪ ،22‬ولكن إذا فاتت وقع‬
‫الناس في ضيق وحرج‪ ،‬فالمشقة في الحاجيات أقل منها في الضروريات‪.23‬‬
‫وفي واقعنا السياسي كثيرا ما يردد الساسة عبارة "راحة المواطن"‪ ،‬و "تسهيل أمور‬
‫المواطنين"‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬وهي عبارات حسنة تتطابق وهذا المقصد‪ ،‬ولكن الأهم هو‬

‫‪59‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫تفعيلها على أرض الواقع‪ :‬في مرحلة وضع الأنظمة والقوانين واللوائح التنفيذية‪ ..‬في المجالات‬
‫كافة‪ ،‬حيث يتوجب أن تسري فيها روح التيسير ورفع الضيق والحرج عن أبناء الوطن‪،‬‬
‫وكذلك في مرحلة التنفيذ والمتابعة‪ ،‬وأن يكون التقييم لهذه الأنظمة والقوانين واللوائح‪..‬‬
‫خاضعا لمعايير المقاصد الحاجية‪ ،‬فضلا عن الضرورية‪ ،‬وهذا ‪ -‬بلا ريب ‪ -‬له أثره ومردوده‬

‫الإيجابي على استقرار كيان الدولة‪.‬‬
‫المطلب الربع‪ :‬مقصد حفظ التحسينيات في الواقع السياسي‪:‬‬
‫لهذا المقصد بُعد سياسي أشار إليه بنظرته الثاقبة الإمام الطاهر بن عاشور‪ ،‬إذا قال‪" :‬هي‬
‫عندي ما كان بها كمال حال الأمة في نظامها حتى تعيش آمنة مطمئنة‪ ،‬ولها بهجة منظر‬
‫المجتمع في مرأى بقية الأمم‪ ،‬حتى تكون الأمة الإسلامية مرغوبا في الاندماج فيها أو في‬
‫التقرب منها"‪ ،24‬فزاوج ‪-‬رحمه الله‪ -‬بين بيان حقيقتها وتطبيقها على مستوى الأمة‪ ،‬وكشف‬
‫عن أثر هذا المقصد والمصلحة المرجوة منه في المجال السياسي والحضاري‪.‬‬
‫إن البعد الجمالي للمصالح التحسينية على مستوى الأمة له أثره في زرع الثقة‬
‫والاحترام بين الراعي والرعية على الصعيد الداخلي‪ ،‬وبين الدولة وسائر الدول الأخرى على‬
‫الصعيد الخارجي‪ ،‬وهذا من شأنه أن يسهم في التنمية لا سيما في المجال الاقتصادي والثقافي‪،‬‬
‫فإن حسن سمعة الدولة يجذب الدول الأخرى لإقامة علاقات اقتصادية وثقافية‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬مقصد حفظ المصالح القائمة في الواقع السياسي‪:‬‬
‫المحافظة على المكتسبات التي حققتها الدولة مقصد بحد ذاته‪ ،‬مبني على المقصد الأعظم من‬
‫التشريع "جلب المصالح ودرء المفاسد"‪ ،‬فينبغي ألا تؤدي التوجهات السياسية الحديثة أو‬
‫دعوات الإصلاح السياسي إلى خسارة وضياع تلك الإنجازات والمقدرات والمصالح التي‬
‫اكتسبها الوطن خلال ِحَقب من الزمن‪ ،‬سواء المادية منها أو المعنوية‪ ،‬فقد يتعذر أو يمتنع‬

‫إيجادها إذا اندثرت‪.‬‬
‫وهذا الأمر في غاية الخطورة؛ إذ إن الغاية من السياسة الشرعية تحقيق مصالح‬
‫الأمة وتطلعاتها‪ ،‬وإن إضاعة مكتسبات الوطن لتحقيق مصالح عاجلة يمكن إيجادها‬
‫مستقبلا‪ ،‬يصادم هذه الغاية ويناقضها‪ .‬وهذه المسألة خاضعة إلى معايير شرعية‪ :‬كفقه‬

‫‪60‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫الموازنات والأولويات‪ ،‬واعتبار المآلات‪ ،..‬وغير ذلك‪ ،‬فإن البغية هي تحقيق الأصلح للأمة‪،‬‬
‫فإنه كما ينبغي الحرص على المحافظة على المكتسبات المحققة‪ ،‬فقد يكون التخلي عن شيء‬

‫منها نظير كسب منافع أخرى أعظم هو الأصلح والأولى‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬مقصد منع النزاع والفرقة في الواقع السياسي‪:‬‬
‫حرصت الشريعة الإسلامية على منع كل ما من شأنه أن يؤدي إلى النزاع والفرقة بين‬
‫المسلمين‪ ،،‬فقال تعالى‪﴿ :‬واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ [آل عمران‪ ،]103:‬وقال‬
‫سبحانه‪﴿ :‬ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ [الأنفال‪ .]46:‬وبرغم أن الخلاف من‬
‫طبيعة البشر‪ ،‬وسنة الخلق‪ ،‬إلا أنه ينبغي ألا يؤدي هذا الخلاف إلى النزاع والفرقة‪ ،‬وينبغي‬

‫توجيه هذا الخلاف واستيعابه بشكل إيجابي‪.‬‬
‫إن آفة العمل في المجال السياسي ‪-‬أياًكان النظام السياسي للدولة‪ -‬هي الفرقة‬
‫والنزاع والانقسام‪ ،‬وهذا مشاهد ومحسوس في واقعنا المعاصر‪ ،‬ولو أن أصحاب القرار أدركوا‬
‫خطورة الفرقة والنزاع في العاجل والآجل وما ينجم عن ذلك من مفاسد عظيمة تهددكيان‬
‫الأمة ‪ ،‬لجعلوا وحدة الأمة واعتصامها بحبل الله خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه بأي حال من‬

‫الأحوال‪ ،‬وتحت أي ظرف من الظروف‪ ،‬فإن قوة الأمة في وحدتها وتضامنها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد المقاصد وضبطها للواقع السياسي‪:‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬قاعدة "يشترط في كل تكملة من مكملات الضروريات والحاجيات ألا‬
‫يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال"‪:25‬‬

‫إأبوأحمنيادنلاىلثك لمضلورنومفاُرلرمرتهبيذكةاَضّفم‪،‬مأهلنونوه‪،‬ياعاالوفدللُهأِقاضذلدارتصوفرلحيتإاذالسامليتأنذيُيدخوياَّلملىحيباكتححكِّمجَّميكلصايمللةللتبتاغحلمايواشرلهكترجي‪ِّ،‬معحيلاوللسمواإيالنرلتيبىياةضفك‪6‬رتوو‪2‬اور‪.‬نميتو‪،‬كاههلِّمموذوالهلكا َحمّامالمتكلجِّكمأُولِّيمهماملتماِّملبحكمااتاِّمعلتفلب‪9‬تيا ل‪2‬رتل‪.‬رنتابلمضةوضإركمأوذاِّمرإخلأيلفيد‪78‬ها‪22‬ض‪،،.‬ى‬

‫‪61‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫الحفاظ على التحسيني إلى فوات الحاجي أو الضروري أهمل التحسيني‪ ،‬وإذا أدى الحفاظ‬
‫على الحاجي إلى فوات الضروري أُهمل الحاجي‪.‬‬

‫ومن أمثلة ما ذُكر‪ :‬الجهاد ضروري؛ إذ به يُحفظ الدين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ولولا دفع‬
‫الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا﴾‬
‫[الحج‪ ،]40:‬والوالي فيه ضروري‪ ،‬وعدالته مك ِّملة‪ ،‬والمك ِّمل إذا عاد للأصل بالإبطال لم‬

‫يعتبر‪.30‬‬
‫ويذهب الإمام العز بن عبد السلام إلى أبعد من ذلك‪ ،‬إذ عقد في قواعده الكبرى‬
‫فصلا "في تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لما وافق الحق لضرورة العامة"‪ ،31‬وقال ‪" :‬قد ينفذ‬
‫التصرف العام من غير ولاية‪،‬كما في تصرف الأئمة البغاة‪ ،‬فإنه ينفذ مع القطع بأنه لا ولاية‬
‫لهم‪ .‬وإنما نفذت تصرفاتهم وتوليتهم لضرورة الرعايا‪ ،‬وإذا نفذ ذلك مع ندرة البغي‪ ،‬فأولى أن‬

‫ينفذ تصرف الولاية والأئمة مع غلبة الفجور عليهم‪ ،‬وأنه لا انفكا َك الناس عنهم"‪.32‬‬
‫وفي واقعنا السياسي ينبغي أن لا نغفل عن هذه القاعدة‪ ،‬فبرغم ما تعانيه بعض‬
‫الشعوب من استبداد أئمة الجور إلا أن هذا لا يمنع من تأييدهم في أفعالهم الحسنة ومواقفهم‬
‫السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي تحقق مصالح للأمة‪،‬كالدفاع عن الوطن‪ ،‬وإرساء‬

‫دعائم الأمن‪ ،‬والتنمية الاقتصادية والبشرية المشروعة‪ ..‬وغير ذلك‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن المحافظة على التحسينيات بتحسين سمعة الأمة ‪ -‬مثلا ‪-‬‬
‫كما مر معنا‪ ،33‬ينبغي ألا يكون على حساب الحاجيات فضلا عن الضروريات‪ ،‬وكذلك‬
‫بالنسبة للحاجيات برفع أنواع الضيق عن الأمة‪ ،34‬يتوجب ألا يكون على حساب‬
‫الضروريات‪ ،‬وإلا اُنتهكت مصلحة الدين أو النفس أو النسل أو العقل أو المال‪ ،‬وربما‬

‫جميعها‪ ،‬وواقعنا السياسي شاهد على ذلك‪.‬‬
‫إن هذه القاعدة تعتبر الضابط الذي يحدد ترتيب أولويات المصالح السياسية عند‬
‫التعارض‪ ،‬فتقدم الضروريات على ما دونها من الحاجيات والتحسينيات‪ ،‬وتقدم الحاجيات‬

‫على التحسينيات‪ ،‬وتقدمكل مرتبة على مكملاتها‪.35‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قواعد اجتماع المصالح مع المفاسد في الواقع السياسي‪:‬‬

‫‪62‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫القاعدة الأولى‪" :‬إذا اجتمعت مصالح ومفاسد‪ ،‬فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء‬
‫المفاسد فعلنا ذلك"‪.36‬‬

‫القاعدة الثانية‪" :‬وإن تعذر الدرء والتحصيل‪ ،‬فإن كانت المفسدة أعظم من‬
‫المصلحة درأنا المفسدة‪ ،‬ولا نبالي بفوت المصلحة"‪.37‬‬

‫القاعدة الثالثة‪" :‬وإنكانت المصلحة أعظم من المفسدة ح َّصلنا المصلحة مع التزام‬
‫المفسدة"‪.38‬‬

‫القاعدة الرابعة‪" :‬وإن استوت المصالح والمفاسد فقد يتخير بينهما‪ ،‬وقد يتوقف‬
‫فيهما"‪.39‬‬

‫هذه قواعد قيِّمة جلَيّة يُلجأ إليها عند اختلاط المصالح بالمفاسد‪ ،‬ولا شك أن‬
‫الحياة السياسية مشحونة بالمصالح والمفاسد‪ ،‬وهذه القواعد تُعد بمثابة البوصلة التي يُهتدى‬

‫بها‪ ،‬والمعايير الضابطة لعملية اختيار الأصلح عند اجتماع المصالح والمفاسد‪.‬‬
‫فالقاعدة الأولى تتوائم مع المقصد الأعظم من التشريع "جلب المصالح ودرء‬
‫المفاسد"‪ ،‬فإذا ما اجتمعت مصلحة مع مفسدة‪ ،‬ح ًّصلنا المصلحة ودرأنا المفسدة‪ ،‬ما وجدنا‬

‫إلى ذلك سبيلا‪.‬‬
‫وتتطبق هذه القاعدة في المجال السياسي‪ ،‬إذ أن "تصرف الإمام على الرعية منوط‬
‫بالمصلحة"‪ ،40‬والمصلحة عبارة عن جلب منفعة أو دفع مضرة‪ ،‬سواء عند اجتماعهما أو‬

‫انفصالهما‪.‬‬
‫وفي المقابل؛ وفي واقعنا السياسي المعاصر الذي تنوعت فيه أنظمة الحكم‪ ،‬يتوجب‬
‫علىكل مشتغل بالسياسة‪ ،‬الالتزام بهذه القاعدة وعدمكسرها‪ ،‬فالتصرف السياسي من أي‬
‫طرف أو مؤسسة أو جهة سواءً مع الحاكم أو مع الشعب والوطن منوط بالمصلحة كذلك‪.‬‬
‫وأما القاعدة الثانية والثالثة‪ :‬فهي تتعلق بحالة عدم إمكانية الجمع بين جلب‬
‫المصلحة ودرء المفسدة عند اجتماعهما‪ ،‬فثمة تفاوت وتعارض بينهما‪ ،‬فهنا تلزم الموازنة‬
‫بينهما‪ ،‬فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة‪ ،‬فتدفع المفسدة حتى لو أدى هذا الدفع إلى‬
‫فوات المصلحة‪ ،‬وذلك لأن اعتناء الشارع بترك المنهياتكونها متضمنة للمفاسد‪ ،‬أشد من‬

‫‪63‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫اعتناء الشارع بالمأموراتكونها متضمنة للمصالح‪ .41‬وإنكانت المصلحة أعظم من المفسدة‬
‫أبقينا المصلحة مع وجود المفسدة؛ لأن في ترك المصلحة مفسدة‪.‬‬

‫لهاتين القاعدتين أهمية عظمى في واقعنا السياسي المعاصر‪ ،‬فإن أصداء نداءات‬
‫الإصلاح والتغيير لا تكاد تهدأ‪ ،‬ووسائلها متباينة‪ ،‬واختيار الوسيلة الصائبة للإصلاح مرهون‬
‫بإدراك حجم المصلحة وحجم المفسدة‪ ،‬وذلك بالموازنة بينهما‪ ،‬من خلال فهم الواقع ومعرفة‬
‫حقيقته‪ ،‬وتقدير عوامل القوة والضعف في المجالات ذات الصلة‪ ،‬وتقييم مختلف القضايا‬
‫السياسية التقييم الأمثل‪ ،‬فإن كانت المفسدة الموجودة أو المتوقعة أعظم من المصلحة‪ ،‬منعنا‬
‫المفسدة ولو أدى ذلك إلى فوات المصلحة‪ ،‬وإن كانت المصلحة الموجودة أو المتوقعة أعظم‬

‫من المفسدة‪ ،‬أبقينا على المصلحة مع وجود المفسدة‪.‬‬
‫ومما يتفرع من هاتين القاعدتين‪ ،‬مسألة تولي المناصب والولايات العامة المهمة‬
‫المختلطة بالحرام في واقعنا السياسي المعاصر‪ ،‬وذلك أن بعض أهل الاستقامة والنزاهة‪ ،‬قد‬
‫تتاح لهم‪ ،‬أو تسند إليهم‪ ،‬أو تعرض عليهم مناصب سياسية‪ ،‬أو إدارية‪ ،‬أو مالية‪ ،‬مختلطة‬

‫بالحلال والحرام‪ ،‬فهل يتقدمون إليها‪ ،‬أم يحجمون عنها فرارا بدينهم ونظافة ذمتهم ؟‪.42‬‬
‫والجواب‪ :‬إن كان التقدم إلى مثل هذه الوظائف والمناصب لغرض خاص‪ ،‬ففي‬
‫هذه الحالة تنطبق عليها قاعدة "إذا اجتمع الحلال والحرام غُلِّب الحرام"‪ ،‬إلا إذا كان الحرام‬
‫يسيرا‪ ،‬فـ"اليسير مغتفر"‪ ،‬أو كانت هنالك ضرورة فالضرورات تبيح المحظورات‪ ،‬أو كانت‬

‫هنالك حاجة ملحة‪ ،‬فالحاجة الملحة الممتدة تنزل منزلة الضرورة‪.43‬‬
‫وإن كان التقدم لمثل هذه الوظائف والمناصب لغرض إصلاحي مصلحي‪ ،‬أي‬
‫بغرض إصلاحها‪ ،‬أو خدمة للمصلحة العامة من خلالها‪ ،‬أو من أجل تغيير المنكر أو تقليصه‬
‫ما أمكن‪ ،‬وليس من أجل مصلحة خاصة‪ ،‬فهنا تطبق القاعدة الثانية والقاعدة الثالثة‪ ،‬من‬
‫خلال الموازنة بين المصالح والمفاسد‪ ،‬فإنكانت المفسدة ‪ -‬سواء العاجلة أو الآجلة ‪ -‬أعظم‬
‫من المصالح في تولي مثل هذه المناصب والوظائف حكمنا بعدم الجواز‪ ،‬ولو أدى ذلك إلى‬
‫إهمال المصلحة‪ ،‬وإنكانت المصلحة ‪ -‬سواء العاجلة أو الآجلة‪ -‬أعظم من المفاسد حكمنا‬

‫‪64‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫بالمشروعية والجواز ولو بقيت المفسدة‪ ،‬بل ربما يتعدى الحكم إلى الوجوب‪ ،‬لاسيما إذاكانت‬
‫المفسدة المختلطة بالمصلحة يسيرة‪.‬‬

‫أما القاعدة الرابعة‪ :‬فهي تتعلق باستواء المصالح والمفاسد المختلطة المتعارضة‪ ،‬أي‬
‫أن يكون حجم المصلحة مساويا لحجم المفسدة‪ ،‬وهي حالة نادرة‪ ،‬فهنا إما أن يُتخير‬
‫بينهما‪ ،‬أو يُتوقف فيهما‪ ،‬ففي حالة التخيير‪ ،‬فمن العلماء من ذهب إلى اختيار درء المفاسد‬
‫مع فوات المصالح‪ ،‬قال ابن السبكي‪" :‬تقديم درء المفاسد على جلب المصالح عند التعارض‬

‫إنما هو إذا تساويا من حيث المصلحة والمفسدة"‪.44‬‬
‫وهي حالة محيرة للساسة والمشتغلين بالسياسة‪ ،‬وأرى أنه من الصعب في المجال‬
‫السياسي تقعيدها‪ ،‬فالمسألة أوسع من قولبتها في قالب‪ ،‬فطبيعة المجال السياسي‪ ،‬تختلف عن‬
‫طبائع سائر المجالات الأخرى‪ ،‬من حيث المرونة‪ ،‬وإمكانية التعجيل والتأجيل‪ ،‬والتقديم‬
‫والتأخير‪ ..‬وغير ذلك‪ ،‬فلابد من أهل الخبرة والحذاقة من أهل السياسة‪ ،‬وضع الحلول التي‬
‫من شأنها أن تقلل المفاسد قدر الإمكان‪ ،‬حتى يترجح جانب المصلحة على جانب المفسدة‪،‬‬

‫وعلى ضوء ذلك يكون الاختيار‪ ،‬والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬قواعد اجتماع المصالح‪ ،‬و اجتماع المفاسد في الواقع السياسي‪:‬‬
‫القاعدة الأولى‪ :‬الجمع بين المصلحتين أولى من إبطال إحداهما‪ ،45‬ودرء المفسدتين‬

‫أولى من إبقاء إحداهما‪.46‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬تُح َّصل أعلى المصلحتين وإن فات أدناهما‪ ،‬وتدفع أعلى المفسدتين‬

‫وإن وقع أدناهما‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪" :‬كل مصلحتين متساويتين يتعذر الجمع بينهما‪ ،‬يُتخير بينهما‪،‬‬

‫وكل مفسدتين متساويتين‪[ ،‬لا] يمكن درؤهما [معاً]‪ ،‬فإنه يُتخير بينهما"‪.47‬‬
‫هذه القواعد يُرتكز عليها في حال اختلاط المصالح بعضها ببعض‪ ،‬وعند تعذر‬
‫جمع الجميع‪ ،‬وفي حال اختلاط المفاسد بعضها ببعض‪ ،‬وعند تعذر درء الجميع‪ ،‬والحاجة‬
‫إليها ماسة في المجال السياسي‪ ،‬إذ أن فلسفة السياسة الشرعية تقوم تحقيق الأصلح للأمة‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫فالشق الأول من القاعدة الأولى‪ ،‬يقوم على فكرة تحقيق أكبر قدر من المصالح‬
‫المجتمعة بمختلف مراتبها ودرجاتها وأنواعها‪ ،‬متى أمكن التوفيق والتأليف بين الجميع‪ ،‬بحيث‬
‫يعمل بها‪ ،‬ويستفاد منها دون أن تهدر أو تهمل أي مصلحة من تلك المصالح المجتمعة‪.‬‬
‫والشق الثاني من هذه القاعدة يقوم على فكرة إزالة أكبر قدر من المفاسد المختلطة بمختلف‬
‫درجاتها وأنواعها‪ ،‬متى أمكن إطراحها جميعا‪ ،‬بحيث تتلافى الأمة الأضرار المترتبة على تلك‬

‫المفاسد‪.‬‬
‫وفي واقعنا السياسي المعاصر‪ ،‬تجتمع مصالح معتبرة شرعا‪ ،‬بمختلف المراتب‬
‫والأنواع‪ ،‬وفي مختلف المجالات‪ .‬فالجمع بين المصالح الدينية والدنيوية‪ ،‬أولى من إهمال إحداهما‪،‬‬
‫والجمع بين المصالح الضرورية والحاجية والتحسينية أولى من إهمال بعضها‪ ،‬والجمع بين المصالح‬
‫الدنيوية‪ :‬السياسية‪ ،‬والاقتصادية‪ ،‬والاجتماعية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬أولى من إهمال‬
‫بعضها‪ ،‬وهكذا‪ ،..‬والسياسي الماهر الفطن من يعمل على التخطيط المسبق‪ ،‬والتنسيق بين‬

‫مختلف المصالح‪ ،‬كي لا تتزاحم ولا تتعارض‪ ،‬فلا يُهمل بعضها‪.‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬وبمثل ما ذكرنا في اجتماع المصالح‪ ،‬يتوجب درء المفاسد المجتمعة‬
‫كلها‪ ،‬بمختلف درجاتها وأنواعها‪ ،‬بقدر الإمكان‪ ،‬فدرؤها جميعا أولى من إبقاء بعضها‪،‬‬
‫والسياسي الحاذق من يعمل على سد أبواب المفاسد ابتداءً‪،‬كي لا تتنامى وتتراكم‪ ،‬ويتعذر‬

‫حينئذ درء بعضها‪.‬‬
‫أما القاعدة الثانية‪ ،‬فتكشف عن المعيار العام الذي يحتكم إليه عندما تتعارض‬
‫المصالح فيما بينها‪ ،‬وتتعذر إقامتها جميعا‪ ،‬وعندما تتعارض المفاسد فيما بينها‪ ،‬ويتعذر درؤها‬

‫جميعا‪ ،‬فيصار حينئذ إلى المفاضلة والترجيح بينها‪.‬‬
‫فالشق الأول منها يتصل بالموازنة والترجيح بين المصالح المتعارضة‪ ،‬وذلك بتقديم‬
‫المصلحة الأعلى‪ ،‬وإن فاتت المصلحة الأدنى‪ ،‬والشق الثاني يتصل بالموازنة والترجيح بين‬

‫المفاسد المتعارضة‪ ،‬فيقدم في الدرء المفسدة الأعظم‪ ،‬وإن بقيت المصلحة الأخف‪.‬‬
‫ويتفرع عن هذه القاعدة الكثير من القواعد عند التعارض‪ ،‬منها‪ :‬تقديم مصلحة‬
‫الدين على مصلحة الدنيا‪ ،‬و تقديم الضروريات على الحاجيات‪ ،‬وتقديم الحاجيات على‬

‫‪66‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫التحسينيات‪ ،‬وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة‪ ،‬وتقديم المصلحة القطعية على‬
‫المصلحة الظنية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫والحاجة إلى هذه القاعدة بشقيها في الواقع السياسي ضرورية؛ لأن فيما ذكرنا‬
‫يتحقق "أهم مقصد للشريعة من التشريع‪ :‬انتظام أمر الأمة‪ ،‬وجلب الصالح إليها‪ ،‬ودفع‬
‫الضر والفساد عنها"‪ ،48‬فتكون أمة قوية مرهوبة الجانب مطمئنة ‪ ،49‬وإن التفريط في هذه‬
‫القاعدة يوهن الأمة ويضعف مقوماتها‪ ،‬فخذ مثالا على ذلك من الواقع‪ :‬إنفاق الأموال في‬
‫التعليم والصحة والبُنى التحتية للأمة‪ ،‬أولى من إنفاقها وتبديدها في كماليات‪ ،‬منفعتها‬
‫محدودة‪ ،‬واستغلال الأوقات فيكل ما فيه نفع وفائدة للأمة‪ ،‬أولى من إضاعتها في مهاترات‬
‫وجدليات قليلة الجدوى‪ ،‬وبذل الجهود في قضايا الأمة الجوهرية أولى من بذلها في قضايا‬

‫الأمة الثانوية‪.‬‬
‫أما القاعدة الثالثة‪ :‬فهي تتعلق بالمصالح المجتمعة‪ ،‬أو المفاسد المجتمعة‪ ،‬ويتعذر‬
‫الجمع والترجيح؛ لتساوي المصالح‪ ،‬أو المفاسد‪ ،‬وهي حالة نادرة الحدوث‪ ،‬إذ الغالب حدوث‬
‫تفاوت بين المصالح المجتمعة‪ ،‬أو المفاسد المجتمعة‪ ،‬ولكن في مثل هذه الحالة‪ ،‬وفي المجال‬
‫السياسي خصوصا‪ ،‬كإعلان الحرب‪ ،‬أو الهدنة‪ ،‬أو عقد المعاهدات‪ ،‬أو قطع العلاقات‪ ،‬أو‬
‫كل ما يتعلق بمصالح البلاد‪ ،‬وتنميتها‪،‬ونهضتها‪ ،‬فعلى الإمام أن يختار ما تختاره الأمة‬
‫وترتضيه‪ ،‬بالاستعانة بالطرق المعبرة عن إرادتها‪ ،‬والتي من أهمها مبدأ الشورى‪ ،‬فيُبعد الإمام‬

‫عن نفسه التهمة باتباعه الهوى و تحقيق مصالحه الشخصية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬قاعدة اعتبار المآلات في الواقع السياسي‪:‬‬
‫النظر في مآلات الأفعال معتبر ومقصود شرعا‪ ،‬سواء كانت الأفعال موافقة أو مخالفة‪،50‬‬
‫فينبغي مراعاة مآلات أفعال المكلفين‪ ،‬بأن تكون تلك المآلات مما يتفق مع قصد الشارع‬
‫من أصل تشريع تلك الأفعال‪ ،‬بقطع النظر عن قصود المكلفين‪ ،‬فإذا كان مآل الفعل لا‬
‫يتفق مع مقصد الشارع منع ذلك الفعل ابتداءً؛ حتى لا يُتسبب في إحداث مفسدة راجحة‬
‫أو مساوية‪ .‬هذا إذا كان الفعل مشروعا في الأصل وأدى إلى مآل ممنوع‪ ،‬أما إذا كان غير‬

‫‪67‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫مشروع أصلا‪ ،‬وأدى إلى مصلحة راجحة في العمل مآلا‪ ،‬تفوق مفسدة أصله‪ ،‬تغير وصف‬
‫الفعل من عدم المشروعية إلى المشروعية‪.51‬‬

‫إن اعتبار المآل من أهم الآليات المنهجية التي ينبغي لأهل السياسة الاستعانة بها‬
‫في التعامل مع الواقع السياسي الفعلي‪ ،‬فإن اعتبار المآل يقتضي من الناظر فيه أن لا يتخذ‬
‫إجراءً‪ ،‬أو يصدر قرارا‪ ،‬أو ينتهج سياسة‪ ،‬حتى يتأمل فيما قد ينجم عنها من نتائج مصلحية‪،‬‬
‫ليس في عاجلها فحسب‪ ،‬بل في مستقبلها المتوقع على المدى القريب أو البعيد‪ ،‬فإن كان‬
‫ما سيترتب على سياسة ما إيجابيا اتُِخذ ما يلزم لتنفيذها‪ ،‬وإن كان ما ستؤول إليه سلبيا‬
‫فيتحتم الإحجام عنها‪ ،‬أو البحث عن مخرج آخر‪ ،‬أو أن يُتوقف البت فيها لحين يأتي الوقت‬

‫المناسب لتنفيذها‪.‬‬
‫إن وعي الساسة لمقصد اعتبار المآلات وتفعيلهم له يقي الأمة شَّر الأزمات‬
‫والويلات والمهالك‪ ،‬ويعزز فرص المحافظة على المكتسبات‪ ،‬وتحقيق أكبر قدر من المصالح‬

‫والمنافع والإنجازات‪ ،‬التي تتطلع إليها الشعوب ولو على المدى البعيد‪.‬‬
‫وهو مجال ‪-‬كما يقول الشاطبي‪ -‬صعب المورد‪ ،‬لكنه عذب المذاق‪ ،‬محمود‬
‫الغِب‪ ،52‬جار على مقاصد الشريعة‪ ،53‬ولا يوفق للصواب فيه إلا حاذق‪ ،‬فَ ِطن‪ ،‬نزيه‪ ،‬تقي‪،‬‬

‫متمرس للعمل السياسي‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬قاعدة التدرج في الواقع السياسي‪:‬‬
‫من الأسس التي قام عليها التشريع الإسلامي في عهده الأول‪ ،‬أن أحكامه تشكلت بالتدرج‪،‬‬
‫فقد جاء الإسلام والعرب في إباحة مطلقة إلا ما ندر‪ .‬فكانوا يكرهون كل ما يقيد حريتهم‬
‫ويحد من شهواتهم‪ ،‬وقد تمكنت من نفوسهم عادات وغرائز متنوعة لا يستطيعون التحول‬
‫عنها مباشرة‪ ،‬فاقتضت الحكمة الإلهية ألا يفاجئوا بالأحكام جملة واحدة فتثقل بهاكواهلهم‪،‬‬
‫وتنفر منها نفوسهم‪ ،‬فلذلك نزل القرآن الكريم منجما‪ ،‬ووردت الأحكام التكليفية شيئا‬
‫فشيئا ليكون السابق من الأحكام معدا للنفوس‪ ،‬ومهيأً لقبول اللاحق‪ ،‬وكان أغلب هذه‬
‫الأحكام ينزل بعد أسباب تقتضيه‪ ،‬فيكون أوقع في النفس وأقرب إلى الانقياد‪.54‬‬

‫‪68‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫وعند تجدد ظروف مماثلة لظروف قيام المجتمع الأول أو قريبة منها‪ ،‬كواقعنا‬
‫السياسي المعاصر‪ ،‬نستطيع الأخذ بهذه السنة الإلهية‪" ،‬سنة التدرج" إلى أن يأتي الأوان‬

‫المناسب للحسم والقطع‪.‬‬
‫وهو تدرج في "التنفيذ" وليس تدرجا في "التشريع"‪ ،‬فإن التشريع قد تم واكتمل‬
‫باكتمال الدين‪ ،‬وإتمام النعمة‪ ،‬وانقطاع الوحي ‪ ...‬وهذه السنة الإلهية في رعاية التدرج ينبغي‬
‫أن تتبع في سياسة الناس‪ ،‬عندما يراد تطبيق نظام الإسلام في الحياة اليوم‪ ،‬بعد عصر الغزو‬

‫الثقافي والتشريعي والاجتماعي للحياة الإسلامية‪.55‬‬
‫الخاتمة‬

‫في ختام هذا البحث‪ ،‬يجدر بنا أن نذكر أهم النتائج التي توصلنا إليها‪ ،‬وهي على النحو‬
‫الآتي‪:‬‬

‫‪ -1‬بين مقاصد الشريعة والسياسة الشرعية علاقة وثيقة تبادلية‪ ،‬فمقاصد الشريعة تعتبر‬
‫الَنّهج الذي يُنتهج في السياسة الشرعية‪ ،‬والمورد الذي تستقي منه السياسة الشرعية‬
‫أحكامها‪ ،‬والسياسة الشرعية تعتبر طريقا ووسيلة لتنزيل مقاصد الشريعة وتحققها على‬

‫أرض الواقع‪.‬‬
‫‪ -2‬في الواقع السياسي العديد من السمات السلبية‪ ،‬قد بُنيت على فلسفات غربية‬
‫تتناقض مع القيم الأخلاقية‪ ،‬تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار‪ ،‬سواء على المستوي‬
‫الدولي أو المحلي‪ ،‬فلابد أن تُقابل هذه الفلسفات بفلسفات سياسية أخرى مبنية‬

‫على النهج القيمي الإصلاحي‪ ،‬تغرس في نفوس وعقول الأجيال القادمة‪.‬‬
‫‪ -3‬من الضروري أن يتزود المشتغلين بالسياسة بالفقه المصلحي المقاصدي‪ ،‬وذلك‬

‫بالتواصل مع علماء المقاصد والسياسة الشرعية‪.‬‬
‫‪ -4‬أن استخدام وسائل العنف ولو بدافع التغيير والإصلاح‪ ،‬يؤدي إلى نتائج عكسية‪،‬‬

‫وذلك بتعريض الضروريات الخمس أو بعضها للانتهاك‪ ،‬فينتكس حال الأمة‪.‬‬
‫‪ -5‬مراعاة المصالح الحاجية في النظم والقوانين والتصرفات السياسية‪ ،‬من شأنه أن يحقق‬

‫الأمن والاستقرار للمجتمعات‪ ،‬ويغرس التفائل والأمل في نفوس الناس‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -6‬مراعاة المصالح التحسينية على مستوى الأمة الإسلامية‪ ،‬يرفع من مكانتها بين سائر‬
‫الأمم‪.‬‬

‫‪ -7‬تعدد التوجهات السياسية يتوجب إلا يؤدي إلى النزاع والفرقة بين المسلمين‪.‬‬
‫‪ -8‬المحافظة على مكتسبات الأمة مكسب ومغنم بحد ذاته‪ ،‬والتفريط فيه يعد تراجع‬

‫وانتكاسة‪ ،‬ونداءات الإصلاح والتغيير ينبغي أن لا تكون وسيلة هدم‪.‬‬
‫‪ -9‬عدم العناية أو الخطأ في الموازنة بين المصالح والمفاسد في المجال السياسي المعاصر‬

‫يكلف الأمة الشيء الكثير‪.‬‬
‫‪ -10‬إن فقه الموازنات بين المصالح فيما بينها‪ ،‬والمفاسد فيما بينها ‪ ،‬يدخر للأمة مكاسب‬

‫سياسية واقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -11‬اختيار الإمام ما تختاره الرعية عند تساوي المصالح المجتمعة أو المفاسد المجتمعة‪ ،‬أو‬
‫المصالح والمفاسد المجتمعة‪ ،‬يزرع الثقة المتبادلة بين الراعي والرعية‪ ،‬وتحقيق اللحمة‬

‫الوطنية‪.‬‬
‫‪ -12‬مراعاة أصحاب القرار السياسي لقاعدة اعتبار المآلات‪ ،‬يقي الأمة الوقوع في‬

‫المهالك‪ ،‬أو تمكنها من نيل مكتسبات مستقبلية‪.‬‬
‫‪ -13‬قاعدة التدرج طريقة تهيئ أصحاب الرأي المخالف لتقبل السياسات الإصلاحية‬

‫الجديدة‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ -‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -‬أزهر‪ ،‬هشام بن سعيد‪ ،‬مقاصد الشريعة وعلاقتها بالقيم الأخلاقية‪ ،‬كرسي‬
‫الأمير نايف بن عبد العزيز للقيم الأخلاقية‪ ،‬جدة‪ :‬مركز النشر العلمي بجامعة‬
‫الملك عبد العزيز‪ ،‬ط‪1438 ،1‬هـ‪2017/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬بزا‪ ،‬عبد النور‪ ،‬بحث "التداول على السلطة والفصل التكاملي بين السلطات"‪،‬‬
‫من ضمن بحوث ندوة "تفعيل مقاصد الشريعة في المجال السياسي"‪ ،‬تحرير‪ :‬محمد‬

‫‪70‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫سليم العوا‪ ،‬مركز دراسات مقاصد الشريعة‪ ،‬مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي‪،‬‬
‫ط‪1435 ،1‬هـ‪2014/‬م‪.‬‬

‫‪ -‬بوزيان‪ ،‬عليان‪ ،‬بحث "مقاصد الأحكام السلطانية في الشريعة الإسلامية دراسة‬
‫دستورية مقاصدية مقارنة"‪ ،‬موقع مجلة المسلم المعاصر على شبكة الإنترنت‪،‬‬

‫العدد (‪.)139‬‬
‫‪ -‬ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن‬

‫محمد بن قاسم‪ ،‬بمساعدة ابنه محمد‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪ -‬الجويني‪ ،‬عبد الملك بن عبد الله‪ ،‬الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم‪ ،‬تحقيق‪:‬‬

‫عبد العظيم الديب‪ ،‬ط‪1401 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬الحسن‪ ،‬خليفة بابكر‪ ،‬فلسفة مقاصد التشريع في الفقه الإسلامي‪ ،‬مكتبة وهبة‪،‬‬

‫ط‪1421 ،1‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬المقدمة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ط‪1984 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الدميجي‪ ،‬عبد الله بن عمر بن سليمان‪ ،‬الإمامة العظمى عند أهل السنة‬

‫والجماعة‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1408 ،1‬ه‪.‬‬
‫‪ -‬ابن ربيعة‪ ،‬عبد العزيز بن عبد الرحمن‪ ،‬علم مقاصد الشارع‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1423‬هـ‪2002/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الريسوني‪ ،‬أحمد‪ ،‬مقاصد المقاصد‪ :‬الغايات العلمية والعملية لمقاصد الشريعة‪،‬‬
‫الشبكة العربية للأبحاث والنشر‪ ،‬مركز المقاصد للدراسات والبحوث‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪2013 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الريسوني‪ ،‬أحمد‪ ،‬بحث "تولي المناصب المختلطة بالحرام غي ضوء النظر‬
‫المقاصدي"‪ ،‬من ضمن بحوث ندوة "تفعيل مقاصد الشريعة في المجال السياسي"‪،‬‬
‫تحرير‪ :‬محمد سليم العوا‪ ،‬مركز دراسات مقاصد الشريعة‪ ،‬مؤسسة الفرقان للتراث‬

‫الإسلامي‪ ،‬ط‪1435 ،1‬هـ‪2014/‬م‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -‬السايس‪ ،‬محمد علي‪ ،‬تاريخ الفقه الإسلامي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1410‬هـ‪1990 /‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن السبكي‪ ،‬علي بن عبد الكافي‪ ،‬وولده عبد الوهاب‪ ،‬الإبهاج في شرح المنهاج‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1404 ،1‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬السيوطي‪ ،‬جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬الأشباه والنظائر‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪.‬‬

‫‪ -‬الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫الله دراز‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬تحقيق ودراسة الشيخ‬
‫محمد الحبيب بن الخوجة‪ ،‬طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية‪ ،‬دولة قطر‪،‬‬
‫على نفقة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر‪،‬‬

‫ط‪1425 ،1‬هـ‪2004/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ابن عبد السلام‪ ،‬عز الدين عبد العزيز‪ ،‬الفوائد في اختصار القواعد أو القواعد‬
‫الصغرى‪ ،‬تحقيق‪ :‬إياد خالد الطباع‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬

‫دمشق‪ ،‬ط‪1420 ،1‬هـ‪1999 /‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ابن عبد السلام‪ ،‬عز الدين عبد العزيز‪ ،‬قواعد الأحكام في إصلاح الأنام‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬نزيه كمال حماد‪ ،‬عثمان جمعة ضميرية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1421‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ ،‬السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها‪،‬‬

‫مؤسسة الرسالة ناشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1421 ،1‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬كافي‪ ،‬أحمد‪ ،‬الحاجة الشرعية‪ :‬حدودها وقواعدها‪ ،‬منشورات محمد علي‬

‫بيضون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1424 ،1‬هـ‪ 2004/‬م‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬الكيلاني‪ ،‬عبد الرحمن إبراهيم‪ ،‬قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي‪ :‬عرض‬
‫ودراسة‪ ،‬المعهد العالمي للفكر الإسلامي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1421‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الماوردي‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬الأحكام السلطانية والولايات الدينية‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1405 ،1‬هـ‪ 1985/‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ملحم‪ ،‬محمد همام عبد الرحيم‪ ،‬تأصيل فقه الأولويات وتطبيقاته في مجال حفظ‬
‫الدين في السياسة الشرعية‪ ،‬مركز البيان للبحوث والدراسات‪ ،‬الرياض‪،‬‬

‫‪1436‬ه‪.‬‬
‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ -‬اليوبي‪ ،‬محمد سعد بن أحمد مسعود‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها‬
‫بالأدلة الشرعية‪ ،‬دار الهجرة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1418 ،1‬هـ‪1998/‬م‪.‬‬

‫‪ 1‬عضو هيئة التدريس بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية‪،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية‪ ،‬جامعة الملك‬
‫عبد العزيز بجدة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ 2‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.54 ،37‬‬
‫‪ 3‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.78‬‬

‫‪ 4‬عبد العزيز بن ربيعة‪ ،‬علم مقاصد الشارع‪ ،‬ص‪.233‬‬
‫‪ 5‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.237‬‬

‫‪ 6‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.38 – 37‬‬
‫‪ 7‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.40‬‬

‫‪73‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ 8‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.168-167‬‬
‫‪ 9‬ابن عاشور‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.232‬‬

‫‪ 10‬المرجع السابق‪ ،‬بتصرف‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.241‬‬
‫‪ 11‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.243‬‬

‫‪ 12‬بوزيان‪ ،‬علي‪ ،‬مقاصد الأحكام السلطانية في الشريعة الإسلامية دراسة دستورية مقاصدية مقارنة‪،‬‬
‫موقع مجلة المسلم المعاصر بشبكة الإنترنت‪ ،‬العدد (‪.)139‬‬
‫‪ 13‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.342‬‬
‫‪ 14‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.127‬‬
‫‪ 15‬الماوردي‪ ،‬الأحكام السلطانية‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ 16‬الجويني‪ ،‬الغياثي‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫‪ 17‬ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص‪.288‬‬

‫‪ 18‬انظر بحثنا‪ ،‬مقاصد الشريعة وعلاقتها بالقيم الأخلاقية‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ 19‬عبد النور بزا‪ ،‬بحث "التداول على السلطة والفصل التكاملي بين السلطات"‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪ 20‬الدميجي‪ ،‬الإمامة العظمى‪ ،‬ص‪.514‬‬
‫‪ 21‬الريسوني‪ ،‬مقاصد المقاصد‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ 22‬ابن عاشور‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.242‬‬

‫‪23‬كافي‪ ،‬الحاجة الشرعية‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ 24‬ابن عاشور‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.243‬‬

‫‪ 25‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.13‬‬
‫‪ 26‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.12‬‬

‫‪ 27‬الكيلاني‪ ،‬قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪ 28‬اليوبي‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬ص‪.331‬‬

‫‪ 29‬خليفة با بكر الحسن‪ ،‬فلسفة مقاصد التشريع‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ 30‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.15‬‬

‫‪ 31‬العز بن عبد السلام‪ ،‬قواعد الأحكام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.111‬‬
‫‪ 32‬العز بن عبد السلام‪ ،‬قواعد الأحكام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.111‬‬

‫‪ 33‬انظر المطلب الرابع من المبحث الأول‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫‪ 34‬انظر المطلب الثالث من المبحث الأول‪.‬‬
‫‪ 35‬محمد ملحم‪ ،‬تأصيل فقه الأولويات وتطبيقاته‪ ،‬بتصرف يسير‪ ،‬ص‪.156‬‬

‫‪ 36‬العز بن عبد السلام‪ ،‬قواعد الأحكام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.136‬‬
‫‪ 37‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.136‬‬
‫‪ 38‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.136‬‬
‫‪ 39‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.136‬‬

‫‪ 40‬السيوطي‪ ،‬الأشباه والنظائر‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ 41‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.176‬‬

‫‪ 42‬الريسوني‪ ،‬بحث "تولي المناصب المختلطة بالحرام في ضوء النظر المقاصدي"‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪ 43‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.267‬‬

‫‪ 44‬ابن السبكي‪ ،‬الإبهاج‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.65‬‬
‫‪ 45‬العز بن عبد السلام‪ ،‬قواعد الأحكام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪91‬؛ والفوائد في اختصار القواعد‪ ،‬ص‪51‬؛ وابن‬
‫تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،20‬ص‪ ،48‬ج‪ ،284 ،28‬ج‪ ،29‬ص‪228‬؛ وابن القيم‪ ،‬إعلام الموقعين‪،‬‬

‫ج‪ ،3‬ص‪.179‬‬
‫‪ 46‬العز بن عبد السلام‪ ،‬قواعد الأحكام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.174 ،130‬‬

‫‪ 47‬العز بن عبد السلام‪ ،‬الفوائد في اختصار القواعد‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ 48‬ابن عاشور‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.391‬‬

‫‪ 49‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.391‬‬
‫‪ 50‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.194‬‬
‫‪ 51‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪ .195-194‬وانظر‪ :‬عبد الرحمن الكيلاني‪ ،‬قواعد المقاصد عند الإمام‬

‫الشاطبي‪.363-362 ،‬‬
‫‪ 52‬أي محمود العاقبة‪.‬‬

‫‪ 53‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.195‬‬
‫‪ 54‬السايس‪ ،‬تاريخ الفقه الإسلامي‪.33-32 ،‬‬
‫‪ 55‬القرضاوي‪ ،‬السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها‪ ،‬ص‪.305‬‬

‫‪75‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫العلاقة بين الفقه والطب‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬منيرة بنت عواد المريطب‪1‬‬

‫الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين‪.‬‬
‫أما بعد! فقد جاءت الشريعة الإسلامية وافية شاملة لجميع مناحي الحياة‪ ،‬تراعي‬
‫مصالح العباد في الحال والمآل‪ ،‬مبناها وأساسها على الححكم‪ ،‬وتحقيق مصلحة العباد‪ ،‬وهي‬
‫عدل كلها‪ ،‬ورحمةكلها‪ ،‬ومصالحكلها‪ ،‬تسع روح الإنسان وجسده‪ ،‬وتخاطب عقله وقلبه‪.‬‬
‫وقد كان الاهتمام بسائر العلوم الإنسانية‪ ،‬والتطبيقية واضحا جليا من شروق‬
‫الدعوة الإسلامية‪ ،‬وكان الحث على البحث والنظر منهجا أصيلا في التراث الإسلامي‪.‬‬

‫واستلهام ما فيه خير البشرية مقصدا عظيما من مقاصد الشريعة‪.‬‬
‫ولعل من أهم العلوم التي حظيت بسهم وافر من الاهتمام والعناية في الإسلام‬
‫علم الطب‪ ،‬حتى قال عنه الشافعي‪" :‬لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب"‪.2‬‬
‫وقد بدأت العلاقة بين الفقه والطب مبكرة جداً‪ ،‬فمنذ ظهور التشريع الإسلامي‬
‫ظهرت العلاقة بينهما‪ ،‬وتجلت الصلة بينهما‪ .‬والمتتبع للأحاديث النبوية الشريفة يجد أنكثيرا‬
‫من الأحكام الشرعية التي اشتملت عليها تجمع بين الطب البشري والإلهي‪ ،‬وبين طب‬
‫الأبدان‪ ،‬وطب الأرواح؛ فإن الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة والعافية‪ ،‬ولدرء‬

‫مفاسد المعاطب والأسقام‪.3‬‬
‫كما تجلت العلاقة بين الفقه والطب في كون حفظ النفس من مقاصد الشرع‬
‫الضرورية‪ ،‬فقد أثبت رسول الله ‪ ‬الطب‪ ،‬وشرع العلاج والتداوي‪ ،‬وأمر بالمحافظة على‬
‫الجسد وإعطائه حقه‪ ،‬روى زيد بن أسلم‪ ،‬أن رجلا في زمان رسول الله ‪ ‬أصابه جرح‪،‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫فاحتقن الجرح الدم‪ ،‬وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار‪ ،‬فنظرا إليه‪ ،‬فزعما أن رسول الله‬
‫‪ ‬قال لهما‪« :‬أيكما أطب»؟ ‪ -‬أي أعلم بالطب ‪ -‬فقالا‪ :‬أو في الطب خير يا رسول‬

‫الله؟ فزعم زيد أن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء»‪.4‬‬
‫‪ -1‬مشكلة البحث‪:‬‬

‫تتلخص مشكلة البحث في السؤال الرئيس التالي‪:‬‬
‫ما العلاقة بين التخصصات الشرعية‪ ،‬والتخصصات العلمية التطبيقية؟‬

‫ومن هذا السؤال تتفرع الأسئلة الآتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما هو مفهوم الفقه الإسلامي؟‬

‫ج‪ -‬ما الفرق بين العلوم الشرعية‪ ،‬وغيرها؟‬
‫د‪ -‬ما هي العلوم التطبيقية ذات الصلة بالفقه الإسلامي؟‬

‫‪ -2‬أهداف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث إلى التعرف على حكم الشرع في بيان حكم بعض الممارسات الطبية‬

‫في مجال المعاملات التي تعلق بفقه الأسرة‪ .‬والتأصيل الشرعي لهذه الأحكام‪.‬‬
‫‪ -3‬أهمية البحث‪:‬‬

‫تتلخص أهمية البحث في إبراز العلاقة الوثيقة بين الفقه والطب‪ ،‬فكما يحتاج‬
‫الفقيه إلى رأي الطب للوصول إلى الحكم الشرعي للمسائل الطبية‪ ،‬فكذلك يحتاج الطبيب‬

‫إلى الحكم الشرعي لكثير من المستجدات الطبية المعاصرة‪.‬‬
‫‪ -4‬حدود البحث‪ :‬يتناول البحث العلاقة بين الطب‪ ،‬وفقه الأسرة‪.‬‬

‫‪ -5‬مصادر البحث ومعلوماته‪:‬‬
‫أ‪ -‬القران الكريم والسنة النبوية المطهرة‪.‬‬

‫ب‪-‬كتب التراث الإسلامي‪.‬‬
‫ج‪-‬كتب الطب‪.‬‬

‫د‪ -‬الدراسات الحديثة ذات الصلة بالموضوع‪.‬‬
‫‪ -6‬منهج البحث‪ :‬منهج البحث هو المنهج الاستقرائي والاستنباطي‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وقد انتظم هذا البحث في مقدمة وقد تقدمت‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬ومبحثين‪.‬‬
‫أما التمهيد ففي‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريف الفقه والطب‪.‬‬
‫‪ -2‬الفرق بين العلوم الشرعية وغيرها‪.‬‬
‫‪ -3‬العلوم المختلفة ذات الصلة بالعلوم الشرعية‪.‬‬
‫وأما المبحث الأول ففي الصلة بين الفقه والطب‪.‬‬
‫وأما المبحث الثاني ففي التلقيح الصناعي‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تعريف الفقه لغة واصطلاحا‪:‬‬
‫الحفْقهُ في اللغة‪ :‬الفهُم‪ .‬يقال‪ :‬أوتي فلان فقها في الدين أي فهما فيه‪ .5‬قال الله عز وجل‪:‬‬
‫﴿ليتفقهوا في الدين﴾ [التوبة‪ ،]122:‬ودعا النبي ‪ ‬لابن عباس فقال‪« :‬اللهم علمه الدين‬
‫وفقهه في التأويل»‪ :6‬أي فهمه تأويله ومعناه‪ ،‬فاستجاب الله دعاءه‪ ،‬وكان من أعلم الناس‬

‫في زمانه بكتاب الله تعالى‪.‬‬
‫الفقه في الاصطلاح‪ :‬العلم بالأحكام الشرعية العملية‪ ،‬المكتسب من أدلتها‬

‫التفصيلية"‪.7‬‬
‫تعريف الطب لغة واصطلاحا‪:‬‬
‫الطب في اللغة‪ :‬الطاء والباء أصلان صحيحان‪ ،‬أحدهما يدل على علم بالشيء ومهارة فيه‪.‬‬
‫والآخر على امتداد في الشيء واستطالة‪ .‬فالأول الطب‪ ،‬وهو العلم بالشيء‪ .‬يقال‪ :‬رجل‬
‫طب وطبيب أي‪ :‬عالم حاذق‪ .‬وطب أي‪ :‬سحر‪ ،‬يقال منه‪ :‬رجل مطبوب‪ :‬أي مسحور‪.8‬‬
‫الطب في الاصطلاح‪ :‬علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح‬
‫ويزول عن الصحة؛ ليحفظ الصحة حاصلة‪ ،‬ويستردها زائلة‪.9‬‬

‫‪78‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫الفرق بين العلوم الشرعية وغيرها‪:‬‬
‫العلم على قسمين‪ :‬فرض عين‪ ،‬وفرض كفاية‪.‬‬
‫فرض العين‪ :‬هو بقدر ما يحتاج إليه لدينه كتعلم الطهارة والصلاة والزكاة وسائر‬

‫العبادات‪.‬‬
‫وفرضكفاية‪ :‬هو ما زاد عليه لنفع غيره‪.‬‬
‫ففرض الكفاية علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا كالطب؛ إذ هو ضروري‬
‫في حاجة بقاء الأبدان وكالحساب‪ ،‬فإنه ضروري في المعاملات‪ ،‬وقسمة الوصايا‪ ،‬والمواريث‬
‫وغيرهما‪ ،‬وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد عمن يقوم بها حرج أهل البلد‪ ،‬وإذا قام بها‬

‫واحد كفى‪ ،‬وسقط الفرض عن الآخرين‪.10‬‬

‫العلوم المختلفة ذات الصلة بالعلوم الشرعية‪:‬‬
‫إن الكثير من العلوم التطبيقية وغيرها ذات صلة شديدة بعلم الفقه‪ ،‬فمثلا علم الاقتصاد له‬
‫صلة وثيقة بفقه المعاملات‪ .‬وفقه الأسرة له صلة كبيرة بعلم الاجتماع‪ ،‬وفقه القضاء والحكم‬
‫له صلة شديدة بالعلوم السياسية‪ .‬وعلم الطب له ارتباط وثيق بفقه العبادات والاسرة‬
‫والحدود‪ .‬وكذلك علم الفلك له ارتباط بفقه العبادات في تحديد اتجاه القبلة‪ ،‬ومطالع الاهلة‬
‫واثبات دخول الاشهر وغيرها‪ ،‬وعلم الرياضيات له صلة بتقسيم المواريث‪ ،‬والتركات والوصايا‬

‫وغيرها‪.‬‬

‫المبحث الأول‪ :‬الصلة بين الفقه والطب‬
‫لقد فطن علماء الأئمة السابقون إلى العلاقة الوثيقة بين الفقه‪ ،‬والطب‪ ،‬فقال ابن القيم ‪-‬‬
‫رحمه الله‪ -‬في كتابه "الطب النبوي"‪" :‬قد أتينا على جملة من أجزاء الطب العلمي والعملي‪،‬‬
‫لعل الناظر لا يظفر بكثير منها إلا في هذا الكتاب‪ ،‬وأريناك قرب ما بينهما وبين الشريعة"‪.11‬‬

‫‪79‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وقال أيضا في معرض تعليقه على حديث أبي هريرة أن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬إذا‬
‫وقع الذباب في إناء أحدكم‪ ،‬فامقلوه‪ ،‬فإن في أحد جناحيه داء‪ ،‬وفي الآخر شفاء»‪" :12‬هذا‬

‫الحديث فيه أمران‪ :‬أمر فقهي‪ ،‬وأمر طبي"‪.13‬‬
‫وفي الفتاوى الكبرى يقول ابن تيمية‪" :‬الشرع طب القلوب‪ ،‬والأنبياء أطباء القلوب‬

‫والأديان"‪.14‬‬
‫وذكر مقولة بعض الناس‪" :‬إن أصل الطب مأخوذ عن بعض الأنبياء"‪.15‬‬
‫ولقد عرف علماء الشريعة فضل العلوم الطبية‪ ،‬وأنها من الأعمال التي تخدم الدين‪،‬‬
‫فأنفقوا فيها جانباً من أوقاتهم‪ ،‬واجتهادهم وأضافوها إلى العلوم الشرعية التي برعوا فيها‪.‬‬
‫وقد كان الشافعي رحمه الله يقول‪" :‬علم الفقه للأديان‪ ،‬وعلم الطّب للأبدان‪،‬‬
‫وكان يتلّهف على ما ضيّع المسلمون من الطب"‪ ،‬ويقول‪" :‬ضَيّعوا ثلث العلم‪ ،‬ووكلوه إلى‬

‫اليهود‪ ،‬والنصارى"‪.16‬‬
‫ومن العلماء الذين لهم باع في علم الطب‪ ،‬رجال بلغوا في علوم الشريعة الذروة‪،‬‬
‫منهم‪ :‬علي بن أحمد بن حزم الظاهري‪ ،‬صاحبكتاب المحلى في الفقه‪ ،‬وقد ألف ابن حزم‬
‫رسالة في الطب النبوي‪ ،‬وذكر فيها أسماء كتب له في الطب منها‪ :‬مقالة العادة‪ ،‬ومقالة في‬
‫شفاء الضد بالضد‪ ،‬وشرح فصول بقراط‪ ،‬وكتاب بلغة الحكيم‪ ،‬وكتاب حد الطب‪ ،‬وكتاب‬

‫في الأدوية المفردة‪.17‬‬
‫ومنهم‪ :‬الإمام أبو عبد الله المعروف بالمازري؛ فقد كان يفزع إليه في الطب كما‬

‫يفزع إليه في الفتوى في الفقه‪.18‬‬
‫ومنهم‪ :‬الفيلسوف محمد بن أحمد بن رشد الحفيد‪ ،‬مؤلف كتاب بداية المجتهد‬

‫ونهاية المقتصد في الفقه‪ ،‬وكتاب الكليات في الطب‪.19‬‬
‫ومنهم‪ :‬علاء الدين بن النفيس الطبيب المشهور صاحب التصانيف الفائقة في‬
‫الطب‪ ،‬كان فقيها على مذهب الشافعي صنف شرحا على التنبيه‪ ،‬وصنف في أصول‬

‫الفقه‪.20‬‬

‫‪80‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫ومما يؤكد على عمق الصلة بين الفقه والطب أن الفقهاء المتقدمون قد اعتمدوا‬
‫في تقريركثير من الأحكام على أقوال الأطباء‪ .‬والمتتبع لكتب الفقهاء على اختلاف مذاهبهم‬

‫يجد الإشارة في العديد من المواضع إلى التكامل والتلازم بين علمي الفقه والطب‪.‬‬
‫فقد جاء في كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ما نصه‪" :‬سئل أبو بكر عن‬
‫حامل أرادت أن تلقي العلقة لغلبة الدم؟ قال‪ :‬يسأل أهل الطب عن ذلك‪ ،‬إن قالوا‪ :‬يضر‬

‫بالحمل لا تفعل‪ ،‬وإن قالوا‪ :‬لا يضر تفعل‪.21‬‬
‫وفي بحر المذهب على مذهب الشافعي‪" :‬وهكذا لو شربت الحامل دواء‪،‬‬
‫فأسقطت جنينًا ميتًا روعي حال الدواء‪ ،‬فإن زعم علماء الطب أن مثله قد يسقط الأجنة‪،‬‬

‫ضمنت جنينها‪ ،‬وإن قالوا‪ :‬مثله لا يسقط الأجنة لم تضمنه"‪.22‬‬
‫وفي المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل‪" :‬يجوز لمن به رمد أن‬

‫يصلى مستلقيا إذا قال ثقات الطب إنه ينفعه"‪.23‬‬
‫وفي روضة الطالبين وعمدة المفتين‪" :‬ويلزمه ‪-‬أي الولي‪ -‬تزويج المجنونة والمجنون‬

‫عند الحاجة بظهور أمارات التوقان‪ ،‬أو بتوقع الشفاء عند إشارة الأطباء"‪.24‬‬
‫وفي الكتاب‪" :‬تجوز إجارة الظئر حولين‪ ،‬ولها اشتراط طعامها وكسوتها؛ لأنه‬
‫منضبط عادة‪ ،‬ويمنع زوجها من وطئها إن أذن في الإجارة؛ لأن الوطء يقطع اللبن بالحمل‪،‬‬

‫أو يقله‪ ،‬أو يفسده لما بين الثدي والرحم من المشاركة عند الأطباء"‪.25‬‬
‫وفي عصرنا الحاضر ومع التقدم الطبي الهائل احتاجت كثير من المسائل‬
‫والمستجدات الطبية لتحديد موقف الشريعة منها‪ .‬مثل‪ :‬التلقيح الصناعي‪ ،‬الإجهاض‪،‬‬

‫وعمليات تغيير وتصحيح الجنس‪ ،‬ونقل الأعضاء‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬
‫منكل ما تقدم يظهر جليا العلاقة بين الفقه والطب‪ ،‬واستفادكل منهما بالآخر‪،‬‬
‫واستناد إليه‪ .‬ولا يخفى على المطلع أن كثيرا من الأحكام الفقهية التي جرى فيها الخلاف‬
‫بين الفقهاء‪ ،‬يعتبر قول الأطباء فيها مرجحا لقول على آخر‪ .‬ومن أمثلة ذلك حقيقة الدم‬
‫الذي تراه الحامل أثناء فترة الحمل‪ ،‬هل هو حيض أم استحاضة‪ .‬اختلف الفقهاء في ذلك‬

‫على قولين‪:‬‬

‫‪81‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫القول الأول‪ :‬أنه ليس بحيض‪ ،‬وبه قال الحنفية‪ ،‬والحنابلة‪.‬‬
‫قال في المبسوط‪" :‬ومن الدماء الفاسدة ما تراه الحامل‪ ،‬فقد ثبت لنا أن الحامل‬
‫لا تحيض‪ ،‬وذلك مروي عن عائشة رضي الله عنها‪ ،‬وعرف أنها إذا حبلت انسد فم رحمها‪،‬‬

‫فالدم المرئي ليس من الرحم فيكون فاسدا"‪.26‬‬
‫وقال في المغني‪" :‬الحامل لا تحيض‪ ،‬وما تراه من الدم فهو دم فساد"‪.27‬‬

‫القول الثاني‪ :‬أنه حيض‪ ،‬وهو قول المالكية والشافعية‪.‬‬
‫جاء في الذخيرة‪" :‬الحامل تحيض عندنا خلافا للحنفية"‪.28‬‬
‫وفي المجموع‪" :‬في الدم الذي تراه الحامل قولان‪ :‬أصحهما أنه حيض"‪.29‬‬
‫والأطباء في هذا الزمان يقررون أن الحامل لا تحيض‪ ،‬وأن ما تراه المرأة من دم ليس‬
‫بحيض‪ ،‬وإنما هو استحاضة‪ .‬وقد دلت الدراسات العلمية على أن الدم أثناء الحمل يعود إلى‬

‫الأسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬نزيف ينذر بالإجهاض في الشهور الأولى للحمل‪.‬‬
‫‪ -2‬الحمل خارج الرحم‪ ،‬ويكون مصحوبا عادة بآلام في البطن وهبوط في الضغط‪.‬‬
‫‪ -3‬الحمل العنقودي‪ ،‬وهو حمل غير طبيعي‪ ،‬وهو عبارة عن كتل من الخلايا‪ ،‬لها‬
‫قدرة على الانتشار في الرحم‪ ،‬ولها خطورة على حياة الأم‪ ،‬تستوجب التدخل الجراحي‪.‬‬
‫‪ -4‬أسباب تعود إلى الجهاز التناسلي‪ ،‬ومنها‪ :‬وجود زوائد لحمية‪ ،‬أو حصول‬

‫التهاب في عنق الرحم أو المهبل‪ ،‬أو وجود مشيمة متقدمة‪.‬‬
‫لذلك كان قول الأطباء مرجحا لمذهب الحنفية والحنابلة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التلقيح الصناعي‬

‫‪82‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫صورة المسالة‪:‬‬
‫ورد في كتب الفقهاء المتقدمين ما يقرب من صورة التلقيح الصناعي‪ ،‬فقال ابن‬
‫قدامة‪" :‬وقد قيل‪ :‬إن المرأة تحمل من غير وطء‪ ،‬بأن يدخل ماء الرجل في فرجها‪ ،‬إما بفعلها‬

‫أو فعل غيرها‪ .‬ولهذا تصور حمل البكر‪ ،‬فقد وجد ذلك"‪.30‬‬
‫وصورته الطبية المعاصرة‪ :‬أن تؤخذ نطفة من الزوج‪ ،‬ثم تحقن في رحم زوجته تلقيحا‬
‫داخليا‪ .‬وقد استخدمت هذه الطريقة في أوروبا والولايات المتحدة‪ ،‬وخاصة في حالات‬
‫الحرب مثل حرب فيتنام عندماكان بعض الجنود الذاهبين للقتال يعطون منيهم لبنوك سميت‬

‫بنوك المني‪.31‬‬
‫حكم التلقيح الصناعي‪:‬‬
‫التلقيح الصناعي جائز بضوابط وشروط معينة‪:‬‬
‫‪ -1‬التحقق من قيام الزوجية بين من أخذ منه السائل المنوي وبين المرأة المراد‬

‫تلقيحها‪.‬‬
‫‪ -2‬اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع اختلاط مني الزوج بغيره‪ ،‬حتى لا يؤدي‬

‫إلى اختلاط الأنساب‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون ذلك برضا الزوجين‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يوجد داع طبي لهذه العملية‪.32‬‬
‫ومن صور التلقيح الصناعي التي ذكرها الفقهاء المتقدمون‪ ،‬ونصوا على عدم‬
‫جوازها أن يكون التلقيح من نطفة الزوج وبويضة الزوجة‪ ،‬ثم توضع في رحم امرأة اخرى‪.‬‬
‫جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪" :‬لو ألقت امرأة مضغة أو علقة فاستدخلتها‬
‫امرأة أخرى حرة أو أمة‪ ،‬فحلتها الحياة واستمرت‪ ،‬حتى وضعتها المرأة ولدا‪ ،‬لا يكون ابنا‬
‫للثانية‪ ،‬ولا تصير مستولدة للواطئ لوكانت أمة؛ لأن الولد لم ينعقد من مني الواطئ ومنيها‪،‬‬
‫بل من مني الواطئ والموطوءة فهو ولد لهما‪ ،‬وينبغي أن لا تصير الأولى مستولدة به أيضا‪،‬‬

‫حيث لم يخرج منها مصورا"‪.33‬‬

‫‪83‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وصورتها التي ذكرها المعاصرون أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين‪ ،‬ثم تزرع‬
‫اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها‪.34‬‬

‫وهذه الصورة محرمة لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من المحاذير الشرعية‪.35‬‬

‫‪ 1‬أستاذة في قسم الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة‪.‬‬
‫‪ 2‬الذهبي‪ ،‬محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز‪ ،‬سير أعلام النبلاء‪( ،‬القاهرة‪ :‬الحديث)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.258‬‬
‫‪ 3‬ابن عبد السلام‪ ،‬عز الدين عبد العزيز‪ ،‬قواعد الأحكام في مصالح الأنام‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪،‬‬

‫ج‪ ،1‬ص‪.6‬‬
‫‪ 4‬مالك‪ ،‬ابن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني‪ ،‬الموطأ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪:‬‬

‫دار إحياء التراث العربي)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.943‬‬
‫‪ 5‬الجوهري‪ ،‬إسماعيل بن حماد الفارابي‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪( ،‬بيروت‪ :‬دار العلم للملايين)‪،‬‬
‫ج‪ ،6‬ص‪2243‬؛ وابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪( ،‬بيروت‪ :‬دار صادر)‪ ،‬ج‪،13‬‬

‫ص‪.522‬‬
‫‪ 6‬أحمد‪ ،‬ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني‪ ،‬المسند‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.65‬‬
‫‪ 7‬علي بن عبد الكافي السبكي‪ ،‬الإبهاج في شرح المنهاج‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪28‬؛‬
‫والتفتازاني‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر‪ ،‬شرح التلويح على التوضيح‪( ،‬مصر‪ :‬مكتبة صبيح)‪ ،‬ج‪،1‬‬

‫ص‪.19‬‬
‫‪ 8‬ابن فارس‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي‪ ،‬مقاييس اللغة‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪407‬؛‬

‫والأزهري‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬تهذيب اللغة‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي)‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.207‬‬
‫‪ 9‬ابن سينا‪ ،‬الحسين بن عبد الله‪ ،‬القانون في الطب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.13‬‬

‫‪ 10‬الغزالي‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد‪ ،‬إحياء علوم الدين‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪16‬؛ والقرافي‪،‬‬
‫أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن‪ ،‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬ص‪.435‬‬

‫‪ 11‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬الطب النبوي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الهلال)‪ ،‬ص‪.315‬‬

‫‪84‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫‪ 12‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو عبد الله الجعفي‪ ،‬الصحيح‪( ،‬بيروت‪ :‬دار طوق النجاة)‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫ص‪.130‬‬

‫‪ 13‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬الطب النبوي‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪ 14‬ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم‪ ،‬مجموع الفتاوى‪( ،‬المدينة النبوية‪ :‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف‬

‫الشريف)‪ ،‬ج‪ ،34‬ص‪.210‬‬
‫‪ 15‬ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم‪ ،‬الفتاوى الكبرى‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.69‬‬

‫‪ 16‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪ ،‬مناقب الشافعي‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار التراث)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.114‬‬
‫‪ 17‬الذهبي‪ ،‬سير أعلام النبلاء‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.379‬‬

‫‪ 18‬ابن فرحون‪ ،‬إبراهيم بن علي‪ ،‬الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار التراث‬
‫للطبع والنشر)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.251‬‬

‫‪ 19‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.258‬‬
‫‪ 20‬السبكي‪ ،‬عبد الوهاب بن تقي الدين‪ ،‬طبقات الشافعية الكبرى‪( ،‬هجر‪ :‬للطباعة والنشر والتوزيع)‪،‬‬

‫ج‪ ،8‬ص‪.305‬‬
‫‪ 21‬ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتاب‬

‫الإسلامي)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.392‬‬
‫‪ 22‬الروياني‪ ،‬عبد الواحد بن إسماعيل‪ ،‬بحر المذهب‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪.372‬‬
‫‪ 23‬ابن تيمية‪ ،‬عبد السلام بن عبد الله‪ ،‬المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل‪( ،‬الرياض‪:‬‬

‫مكتبة المعارف)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.128‬‬
‫‪ 24‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف‪ ،‬روضة الطالبين وعمدة المفتين‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتب الإسلامي)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.77‬‬
‫‪ 25‬القرافي‪ ،‬أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن‪ ،‬الذخيرة‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الغرب الإسلامي)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.408‬‬

‫‪ 26‬السرخسي‪ ،‬محمد بن أحمد بن أبي سهل‪ ،‬المبسوط‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.149‬‬
‫‪ 27‬ابن قدامة‪ ،‬عبد الله بن أحمد بن محمد‪ ،‬المغني‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة القاهرة)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.261‬‬

‫‪ 28‬القرافي‪ ،‬الذخيرة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.386‬‬
‫‪ 29‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.347‬‬

‫‪ 30‬ابن قدامة‪ ،‬المغني‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.79‬‬
‫‪ 31‬انظر‪ :‬محمد علي البار‪ ،‬خلق الإنسان بين الطب والقرآن‪( ،‬السعودية‪ :‬الدار السعودية)‪ ،‬ص‪.517‬‬

‫‪85‬‬


Click to View FlipBook Version