The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by qolbi1979, 2018-12-20 02:05:29

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫يَعِظُ ُك ْم لََعَلّ ُك ْم تََذَّكُرو َن﴾ [النحل‪ .]90:‬فالوسطية الإسلامية عدل وتوازن‪ ،‬يقابل من جهة‬
‫بتطرف المغالاة‪ ،‬ومن جهة ثانية بتطرف الانحلال‪ ،‬وكلا التطرفين مدان في الإسلام‪.‬‬

‫والوسطية تعني أيضا الاستقامة‪ ،‬أي استقامة المنهج‪ ،‬والبعد عن الميل والانحراف‬
‫والتطرف‪ ،‬لأن ما كان مستقيما (الصراط المستقيم) لم يكن مائلا أو منحرفا‪ ،‬ولذلك جاء‬
‫االلفاَّضتاحلِّةي‪َ:‬ن﴾﴿ا‪ْ،‬هكِدنَماواقل ِّصفَراوَطسالْطُمبْسيتَنِقيتَمطرف‪0‬ينِص‪َ،‬راتَطط ارَلّ ِذفي اَنلمأغَنْـَعضْمو َتب‬ ‫الصراط المستقيم في سورة‬ ‫وصف‬
‫َغْيِر الْ َم ْغ ُضو ِب َعلَْيِه ْم َوَلا‬ ‫َعلَْيِه ْم‬
‫عليهم الذين هم اليهود‪ ،‬وتطرف الضالين الذين هم النصارى‪ .‬فاليهود حادوا عن الصراط‬

‫المستقيم بقتلهم الأنبياء والغلو في التحريم‪ ،‬والنصارى حادوا عن الصراط المستقيم بتأليه‬
‫الأنبياء‪.‬‬
‫من جهة أخرى نجد أن وسطية الإسلام تتلاءم مع الفطرة الإنسانية‪ ،‬التي تنبذ الغلو‬

‫والمبالغة والتطرف في كل شيء‪ ،‬إنها وسطية ترتكز على ما يلائم الطبع الإنساني عقلا‬
‫ووجدانا وجسدا‪ ،‬فليس الإسلام دينا يضغط على النفس ويكلفها ما لا تطيق‪ ،‬وهو لا‬
‫يقاوم التطرف في الماديات بالتطرف في الروحانيات‪ ،‬وإنما جاء ليضع التوازن بين الفطرة‬

‫والتكاليف الشرعية‪.‬‬
‫كما أن الإسلام يحذر من التعدي على حدود الله في أوامره ونواهيه‪،‬كما جاء في‬
‫اِلمتَقَِـّملَمَعّهُْنُقالوَلَْيظهُّوهالآََُِهولِتلَفـََواتَْيُـممَآٌدتاُعِمواَعنُُملَللَنفِوهاوُواىيُلهى‪َ﴾:‬مبإََِماااّنََاَّ[َّسّّللاا﴿لِِلللاِفَْفـشبلاإتَْيِيـََقومّلئَطَُّدرراااةلَيلُساإا‪:‬نَِْلِّتَللّهسُِْها‪9‬حقََبمَِىأَّ‪2‬قََِهَوموَلاَنّإِار‪ََ2‬عنتَِّمتِ]يَلَْتتاَـنخ‪َِ.‬نُاقاَافَلَْكولوفاَلََُمِإمغاأوْلاَمَِّلُحسواِثيفََسُدلَيايُفُحاوٌِقثيَُادكيْةٌلِعَقمبِأاَيامَاَّْوَنرْـّْلعلَستِلَـُهرُحُِهوىضتفَُدوالاَعٍبوَْاافوََدلكُنَأخىََتفَـاْْيَ‪:‬وَّْعَمرّلاىتَْلِرتَيََُلدّبمفََ﴿ِْاِإسويَُكََّاََِهرْرّلْينمالُِأسٌَإحَِِْنوهََّخوموَُْكَِاِمفلَلبِيتُاالنَْاَمْحََّّالّّْللألِلَُيَـََلّسِك﴾تَـاإتاََِولَاَعٍَكنيهٌَ[ُّلِداِِقلَبيمََنوواتَلَُماَلُهُحِاسحااُأدَيٌَلْدءِتحَـُوحَق‪َْ:‬دغُاُّلدلُُس‪َ1‬هبْاولوَااََدَّ‪ّ7‬لَُإحِلِكِافاَ‪1‬لَْمَّنيَّلى]فَلِهُأأ‪َُِ.‬دَمفأَوَينلَْلَرنِئِيوَنافتمََُكأْييََكَْمُوجُخُُكنَرهاَُذوُووهَلذٌََوُاحنماحا‬

‫موعظة لأمة الإسلام لتجنب الغلو وأسبابه‪.‬‬

‫‪236‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫وقد وصف النب ‪ ‬الرسالة التي بعث بها بالحنفية السمحاء‪ ،‬ووصف كذلك الله‬
‫ااتللَعتّْـخَاْبَولاَرائىِةِ َرثَوساَْلووِليإَنهِجَضيُِعل‪َ ‬عبيَْنـأْقُُمهوُلْرمُههإِ‪ْ:‬م ْصبَِ﴿ارالَُْهلَّمْمِذْعيَُروَانوْلأيَـََِتّْفغبِلَعُاَوويَـَلَْننـ اَهَالّلاَِتّرُهيُْسمَكواَنلََع اِنْلتَنِّالَّْبَعُلَمْيانْلِهأَُكْمِّمِر َّ﴾يَوايَُ[لِّحاِلذُّلأيعلَهراُيَُِمج ُفدال‪:‬ونََطّ‪7‬هُيِّبَ‪5‬اَم‪ِْ1‬كتت]ُ‪.‬وبَاويُحَِّعِرنمَُد ُهَعلَْمْيِِهفُيم‬
‫فالإسلام منهج تميز بالبعد عن التطرف والغلو‪ ،‬وينبغي أن نلحظ أن من يدعي أنه‬
‫مسلم‪ ،‬ولا يتمسك بما جاء به الإسلام‪ ،‬ويرى ذلك هو الوسطية والسماحة‪ ،‬ويعيب على‬
‫من يتمسك بفرائض الإسلام‪ ،‬ويعده متطرفا‪ ،‬هذا الادعاء هو أحد أشكال التطرف؛ لأن‬
‫التطرف يكون بالتجاوز للوسطية‪،‬كما يكون بالتخلي والتقصير في شأنها‪ ،‬وهو خروج عن‬

‫الوسطية‪ ،‬وميل وانحراف إلى أقصى اليسار أو إلى أقصى اليمين‪.‬‬
‫ومما يؤسف أن الفكر الضال وما ينجم عنه من تطرف وعنف‪ ،‬والتي لا يقرها‬
‫الإسلام‪ ،‬إلا أن الإعلام الغربي وبعض وسائل الإعلام العربية‪ ،‬تنسبها إلى الإسلام‬
‫والمسلمين‪ ،‬وتكاد تقصر وجودها على المسلمين دون غيرهم من أهل الديانات الأخرى‪،‬‬
‫كاليهودية التي يمارس أهلها من الصهاينة أشد أنواع التطرف والعنف والإرهاب‪ ،‬وكالنصرانية‬
‫التي تمارس ما هو ظاهر في عدد من البلدان الإسلامية من العنف والتطرف والإرهاب‪ ،‬وما‬
‫من شك أن الربط المتكرر بين الإسلام والتطرف والعنف وغيرهما‪ ،‬إنما تخدم غايات استعمارية‬

‫وتخفي وراءها حقدا دفينا‪.‬‬
‫ونخلص إلى أن مظاهر العنف والتطرف لم تكن مقبولة أبدا في الإسلام على مر‬
‫التاريخ‪ ،‬بل إن المسلمين هم من تصدى للظواهر السلبية‪ ،‬من تطرف وعنف وغلو ونحوها‪،‬‬
‫ومع ذلك فقد لحق بالمسلمين أذى كثيرا‪ ،‬حيث كان مقتل الخليفة عمر بن الخطاب ‪،‬‬
‫على يد أبو لؤلؤة المجوسي‪ ،‬وكان مقتل الخليفة عثمان بن عفان ‪‬نه‪ ،‬من طرف بعض‬

‫الغلاة‪ ،‬وكان مقتل الخليفة علي بن أبي طالب ‪ ‬بسبب الغلو أيضا‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أسباب انتشار الفكر الضال‪:‬‬

‫إن أسباب نشأة هذا الفكر الضال متعددة ومتنوعة‪ ،‬فقد يكون مرجع هذا الفكر أسبابا‬
‫فكرية‪ ،‬أو نفسية‪ ،‬أو ثقافية‪ ،‬أو علمية‪ ،‬أو اجتماعية‪ ،‬أو يكون الباعث عليه دوافع اقتصادية‬

‫‪237‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وتربوية‪...‬إلخ‪ .‬وبالنظرة الشاملة المتوازنة نستطيع أن نجزم بأن الأسباب متشابكة ومتداخلة‪،‬‬
‫ولهذا لا ينبغي أن نقف عند سبب واحد‪ ،‬فالظاهرة التي أمامنا ظاهرة مركبة معقدة‪ ،‬وأسبابها‬

‫كثيرة ومتداخلة‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسباب علمية‪ :‬وتتمثل في غياب دور العلماء في المجتمع‪ ،‬مما أدى إلى انتشار‬
‫جهال في ثياب علماء‪ ،‬أفتوا فضلوا وأضلوا الناس‪ ،‬فظهر من يتولى تربية الشباب‪ ،‬واستغل‬
‫عواطفهم بتحميلهم أفكارا تؤدي لتحمسهم بلا ضابط ولا رادع‪ ،‬ولا رجوع لأهل العلم‬
‫الصالحين‪ ،‬الذين عرفوا الأمور‪ ،‬ودرسوا معالم الإصلاح جيدا‪ ،‬ولا نجد تعليلا لذلك إلا‬

‫الجهل‪ ،‬والجهل داء عظيم‪ ،‬وشر مستطير‪ ،‬تنبعث منه كل فتنة عمياء وشر وبلاء‪.‬‬
‫والجاهل إذا سعى إلى الإصلاح فإنه ينتهج طرقا يظنها حسنة وهي خلاف ذلك‪،‬‬
‫فيسيء من حيث أراد الإحسان‪ ،‬فيترتب على ذلك مفاسد عظيمة‪،‬كالذي يريد أن ينكر‬
‫وجود الكفار في بلاد الإسلام‪ ،‬فيفجر مساكنهم وفيهم من ليس منهم‪ .‬بل لقد أمرنا الإسلام‬
‫أن لا نسيء إليهم للعهد الذي بيننا وبينهم‪ ،‬والأمان الذي أخذوه من ولي أمر المسلمين‪.‬‬
‫ب‪ -‬أسباب ثقافية‪ :‬وتتمثل هذه الأسباب في عزوف الناس عن الثقافة والعلم‪ ،‬وظهور‬
‫طابور خامس متشبع بالقيم الفكرية المنحلة‪ ،‬وقد أفسحت وسائل الإعلام أمامهم الباب‬

‫على مصراعيه‪.‬‬
‫وهذا أفرز لنا جهلاء بمقاصد الشريعة‪ ،‬والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت‪،‬‬
‫أو الأخذ فيها بالنظر الأول‪ ،‬ولا يكون ذلك من راسخ في العلم؛ كالخوارج الذين يخرجون‬

‫من الدين كما يخرج السهم من الرمية‪.‬‬
‫وهؤلاء ليس عندهم من الرسوخ في العلم ما يهديهم إلى الصواب‪ ،‬أو يقف بهم دون‬
‫اقتحام حمى المشكلات‪ ،‬فلم يكن بد من الأخذ ببادي الرأي‪ ،‬أو التأويل بالتخرص الذي‬

‫لا يغني من الحق شيئا‪ ،‬إذ لا دليل عليه من الشريعة‪ ،‬فضلّوا وأضلوا‪.‬‬
‫ج‪ -‬أسباب اجتماعية‪ :‬وتتمثل هذه الأسباب في غياب القدوة الحقيقية للناس‪ ،‬وإبعاد‬
‫القادة والعلماء الحقيقيين‪ ،‬وتقديم المنحرفين على أنهم قدوة مثل الممثلين والفنانين والمطربين‪.‬‬
‫فضلا عن أن كثيرا من الشباب اليوم لا يحسنون استغلال الأوقات‪ ،‬ولا إشغال النفس بما‬

‫‪238‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫ينفع‪ ،‬فإن لم تشغل النفس بما ينفع تُشغل هي بما لا ينفع‪ ،‬والفراغ النفسي والعقلي أرض‬
‫خصبة لقبولكل فكر هدام وغلو وتطرف‪ ،‬فتتغلغل الأفكار‪ ،‬وتغزو القلوب‪ ،‬فتولد جذورا‬

‫يصعب قلعها إلا بالانشغال بالعمل الصالح والعلم النافع‪.‬‬
‫د‪ -‬أسباب اقتصادية‪ :‬وتتمثل هذه الأسباب في الفقر الذي تعاني منه بعض المجتمعات‪،‬‬
‫فالاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان‪ ،‬فكلما كان دخل‬
‫الفرد مضطربا كان رضاه واستقراره غير ثابت‪ ،‬بل قد يتحول هذا الاضطراب وعدم الرضا‬
‫إلى كراهية‪ ،‬تقوده إلى نقمة على المجتمع‪ .‬وهذا الحال من الإحباط يولد شعورا سلبيا تجاه‬
‫المجتمع‪ ،‬ومن آثاره عدم انتمائه لوطنه‪ ،‬ونبذ الشعور بالمسؤولية الوطنية‪ ،‬ولهذا يتكون لديه‬
‫شعور بالانتقام‪ ،‬وقد يستثمر هذا الشعور بعض المغرضين والمثبطين‪ ،‬فيزينون له قدرتهم على‬
‫تحسين وضعه الاقتصادي‪ ،‬دون النظر إلى عواقب ذلك وما يترتب عليها من مفاسد وأضرار‪.‬‬

‫(السدلان‪1437 ،‬هـ‪ ،‬ص‪.)7‬‬
‫وأيما مجتمع تكثر فيه البطالة ويزيد فيه العاطلون‪ ،‬وتنضب فيه فرص العمل‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يفتح أبوابا من الخطر على مصارعها‪ ،‬من امتهان الإرهاب‪ ،‬والجريمة‪ ،‬والمخدرات‪،‬‬
‫والاعتداء‪ ،‬والسرقة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬فعدم أخذ الحقوقكاملة‪ ،‬وعدم توفير فرصة العمل‪ ،‬يولد‬
‫سخطا عاما‪ ،‬يشمل كل من بيده الأمر‪ ،‬قَـُرب أو بُعد‪ ،‬فإن الناس يحركهم الجوع والفقر‬

‫والعوز‪ ،‬ويسكتهم المال‪.‬‬
‫ويمكن إجمال بعض العوامل الأخرى المؤدية إلى انتشار الفكر الضال والانحراف‬

‫الفكري في‪:‬‬
‫‪ .1‬الجهل بالإسلام وبالعلم الشرعي‪ ،‬وقلة الفقه في الدين‪ ،‬وضحالة الحصيلة في العلوم‬

‫الشرعية‪.‬‬
‫‪ .2‬إعراض بعض المسلمين عن دين الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم أخذ العلم الشرعي من أهل العلم الراسخين فيه‪ ،‬وبالتالي أصبحوا لا يقيمون وزنا‬

‫للعلماء الثقاة‪.‬‬

‫‪239‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ .4‬الجفوة بين العلماء والشباب‪ ،‬والافتقار إلى وجود مرجعيات دينية موثوقة في بعض‬
‫البلاد الإسلامية‪.‬‬

‫‪ .5‬التشدد في الدين والتنطع والخروج عن منهج الاعتدال الذيكان عليه النب صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ .6‬شدة الغيرة وقوة العاطفة لدى بعض الشباب بلا علم ولا فقه ولا حكمة‪ ،‬ومع أن‬
‫الغيرة على محارم الله وعلى دينه أمر محمود شرعا‪ ،‬إلاّ أن ذلك مشروط بالحكمة‬

‫والفقه‪ ،‬ومراعاة المصالح‪ ،‬ودرء المفاسد‪.‬‬
‫‪ .7‬ضعف الولاء لولاة الأمر‪ ،‬للجهل بفقه الولاية‪ ،‬وضعف الولاء للوطن والمجتمع‪ ،‬وغياب‬

‫فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫‪ .8‬نقص التربية الإيجابية المعتدلة‪ ،‬وقلة الفقه في الدين‪ ،‬والعجز عن التمييز بين الكليات‬

‫والجزئيات‪ ،‬وبين الفروع والأصول‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مظاهر الفكر الضال‬

‫قد أشارت العديد من الدراسات إلى بعض مظاهر الفكر الضال عند هؤلاء الفئة ومن أهم‬
‫تلك المظاهر ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الغلو والتطرف‪:‬‬

‫والغلو يعرف بأنه "مجاوزة الحد بأن يزداد في الشيء في مدحه أو ذمه على ما يستحق ونحو‬
‫ذلك" (ابن تيمية‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪.)289‬‬

‫وفي تعريف آخر هو‪" :‬المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد" (ابن حجر‬
‫‪1379‬هـ‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.)276‬‬

‫ويعرف التطرف بأنه‪" :‬الانحياز إلى طرفي الأمر‪ ،‬فيشمل الغلو‪ ،‬لكن الغلو أخص‬
‫منه في الزيادة والمجاوزة ‪ ..‬أو بمعَن آخر كل غلو فهو تطرف‪ ،‬وليس كل تطرف غلوا"‬

‫(الشبل‪1417 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪240‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫فالغلو يدفع صاحبه إلى سوء الظن بالآخرين‪ ،‬والحكم المسبق والجاد على ما يحملونه‬
‫من أفكار أو آراء‪ ،‬وتجاوز الحدود في الإنكار على المختلف معه‪ ،‬والميل إلى أصعب الحلول‬

‫وأبعدها‪ ،‬مع وجود الأسهل والأقرب‪( .‬الدغيم‪1439 ،‬هـ)‪.‬‬
‫ومن مظاهر الغلو كما يوضحها (اللويحق‪1420 ،‬هـ) بقوله‪ :‬الغلو في مفهوم‬
‫الجماعة‪ ،‬وجعل الجماعة التي أمرنا بلزومها جماعتهم الخاصة‪ ،‬الغلو في التعصب للجماعة‪،‬‬

‫الغلو بهجرة المجتمعات‪ ،‬الغلو بجعل الجماعة مصدر الحق‪ ،‬الغلو بتحريم العمل في الوظائف‬
‫الحكومية‪ ،‬الغلو في قائد الجماعة‪ ،‬الغلو في مفهوم التقليد وإنكار الإجماع‪.‬‬

‫والغلو ليس من الدين الإسلامي في شيء‪ ،‬فقد نهى الإسلام عنه‪ ،‬وحث على‬
‫السماحة والتيسير‪ ،‬فقد قال ‪« :‬يسروا ولا تعسروا‪ ،‬وبشروا ولا تنفروا‪ ،‬إنما بعثتم ميسرين‬
‫ولم تبعثوا معسرين»‪( .‬البخاري‪1407 ،‬هـ)‪.‬‬
‫اََّّللَ َعلَىوَمقاالَهتَداعاُكلْمى‪َ:‬ولََعَ﴿لّ‪ُ.‬ك‪ْ.‬ميُِترَي ُْدش اَُكَُّّلرلُوبَِن ُك﴾ُم[االْليُبقْسَررة‪َ:‬وَل‪5‬ا‪8‬يُِر‪1‬ي]ُد‪ .‬بِ ُكُم الُْع ْسَر َولِتُ ْك ِملُوا الْعِ َّدةَ َولِتُ َكِبّرُوا‬
‫والإسلام دين الوسطية والاعتدال فلا إفراط أو تفريط في الاستجابة إلى أوامره‬
‫الَنّا ِس‬ ‫لِّتَ ُكونُوا‬ ‫تَشعِاهيلىدا‪َ﴿...:‬و﴾َك َذ[لِالبَكقرة‪َ:‬جَع‪3‬لْنَ‪4‬ا ُ‪1‬ك ْ]م‪.‬أَُّمة‬
‫َعلَى‬ ‫ُشَه َداءَ‬ ‫َو َسطا‬ ‫واجتناب نواهيه‪ ،‬قال‬
‫َويَ ُكو َن الَّر ُسوُل َعلَْي ُك ْم‬
‫ومن ذلك يتضح أن الغلو في الدين أمر حذر منه الشارع الحكيم‪ ،‬وجعل حكمه‬
‫التحريم‪ ،‬فهو يؤدي الى الفكر الضال‪ ،‬والسقوط في هاوية التكفير‪ ،‬واتهام الناس بالخروج عن‬
‫الإسلام‪ ،‬واستباحة دمائهم وأموالهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬التكفير‪:‬‬

‫التكفير هو‪ :‬نسبة أحد من أهل القبلة إلى الكفر‪ ،‬أو الحكم عليه بالخروج من الإسلام‪ ،‬ومن‬
‫ثم الاعتقاد بضرورة قتاله‪( .‬المالكي‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫فالتكفير إخراج المسلم من ملة الإسلام‪ ،‬بدون دليل أو برهان‪ ،‬وإدخاله في ملة‬
‫الكفر‪ ،‬وقد حذر الرسول « من التسرع في التكفير فقال‪"« :‬أيما رجل قال لأخيه يا كافر‪،‬‬

‫فقد باء بها أحدهما‪ ،‬إن كان كما قال‪ ،‬وإلا رجعت عليه﴿ (البخاري‪1407 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪241‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫ومن مظاهر التكفير‪ ،‬التكفير بالمعصية‪ ،‬تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله‪ ،‬تكفير الأتباع‬
‫المحكومين بغير ما أنزل الله‪ ،‬تكفير الخارج عن الجماعة‪ ،‬تكفير المعين دون اعتبار للضوابط‬

‫الشرعية‪ ،‬الحكم على بلاد المسلمين بأنها داركفر (اللويحق‪1420 ،‬هـ)‪.‬‬
‫ويترتب على الحكم بكفر بلاد المسلمين أن تستحل الدماء والأموال‪ ،‬وأن يقوموا‬
‫بأعمال تخريبية تجاه بعض المسلمين أو المعصومين كالمعاهدين ونحوهم‪ ،‬وأن يحملوا السلاح‬

‫للخروج على الحكام المسلمين (اللويحق‪1420 ،‬هـ)‪.‬‬
‫ومن أسباب التكفير‪:‬‬

‫‪ /1‬تصدر سفهاء الأحلام لأمور الدعوة إلى الله بلا فقه ولا تجربة ولا رجوع إلى العلماء أهل‬
‫الفقه والتجربة‪.‬‬

‫‪ /2‬التسرع في إصدار الأحكام والمواقف لمجرد الشائعات أو القرائن والظنون‪.‬‬
‫‪ /3‬الخطأ والجهل في منهج الاستدلال‪ ،‬كالاستدلال بالنصوص على غير ما تدل عليه‪،‬‬

‫والجهل بفهم السلف وتفسيرهم للأدلة‪.‬‬
‫‪ /4‬عدم اعتبار قواعد المصالح والمفاسد التي ينضبط بها إيمان الأمة وأمنها وأمانها‪.‬‬
‫‪ /5‬أخذ العلم عن غير العلماء‪ ،‬وتلقيه عن صغار المثقفين‪ ،‬الذين لا يخرجون من فصيلة‬

‫العوام‪.‬‬
‫‪ /6‬سرعة الاستجابة للفتن والتصرفات الغوغائية‪ ،‬والتهييج عند كل صيحة‪ ،‬دون الرجوع‬

‫إلى أهل العلم والفقه والرأي‪.‬‬
‫‪ /7‬الإخلال بمفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأساليبه‪ ،‬أو سلوك منهج أهل الأهواء‬

‫كالخوارج والمعتزلة وغيرهم‪.‬‬
‫‪ /8‬ضعف الحكمة‪ ،‬وقلة التجارب‪ ،‬مما يجعل البعض يقعون في أخطاء وقع فيها السابقون‬

‫من أمثالهم‪ ،‬فلم يستفيدوا من العبر والدروس‪( .‬الالباني‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.)16-14‬‬
‫ج‪ -‬الإرهاب‪:‬‬

‫"والإرهاب" هو رعب تحدثه أعمال عنف‪ ،‬كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب‪،‬‬
‫و"الإرهابي" هو َم ْن يلجأ إلى الإرهاب بالقتل أو إلقاء المتفجرات أو التخريب؛ لإقامة سلطة‬

‫‪242‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫أو تقويض أخرى‪ ،‬و"الحكم الإرهابي" هو نوع من الحكم الاستبدادي‪ ،‬يقوم على سياسة‬
‫الشعب بالشدة والعنف‪ ،‬بغية القضاء على النزعات والحركات التحررية والاستقلالية‪.‬‬

‫وقد حاولت المنظمات الدولية كالأمم المتحدة تحديد مفهوم الفعل الإرهابي‪ ،‬من‬
‫منطلق أن الإرهاب هو شكل من أشكال العنف المنظم‪ ،‬بحيث أصبح هناك اتفاق عالمي‬
‫على كثير من صور الأعمال الإرهابية‪ ،‬مثل الاغتيال والتعذيب‪ ،‬واختطاف الرهائن‬
‫واحتجازهم‪ ،‬وبث القنابل والعبوات المتفجرة‪ ،‬واختطاف وسائل النقل‪ ،‬كالسيارات‬
‫والأتوبيسات والطائرات أو تفجيرها‪ ،‬وتلغيم الرسائل وإرسالها إلى الأهداف التي خطط‬

‫الإرهابيون للإضرار بها‪.‬‬
‫وبذا يكون الإرهاب فعلا يصدر من معتد على بريء‪ ،‬يحدث له الخوف والرعب‬
‫والفزع‪ ،‬سواء عن طريق تنفيذ أعمال العنف‪ ،‬كالقتل والتخريب أو التهديد‪ ،‬أو لأي سبب‬
‫كان‪ ،‬سياسيا أو ماليا أو دينيا أو جنسيا‪ ،‬أو عدوانا شخصيا لأسباب نفسية واجتماعية‪..‬‬
‫وهذا الإرهاب قد يصدر عن سلطة ظالمة‪ ،‬أو دولة محتلة لشعب‪ ،‬أو يصدر عن جماعة أو‬
‫فرد‪ ،‬إنّما هو فعل موصوف معّرف ومحدد‪ ،‬لذا فكل فعل ينطبق عليه هذا الوصف والتعريف‬

‫فهو إرهاب‪ ،‬بغض النظر عن القائم به‪ ،‬فردا كان أو جماعة أو دولة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬الدور التربوي الوقائي من النحراف الفكري‪:‬‬

‫لا شك أن آثار الانحراف الفكري لا يقتصر على زعزعة الأمن والاستقرار‪ ،‬بل تنعكس‬
‫آثاره على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والنفسية والأخلاقية والإعلامية‪ ،‬فهو‬

‫يؤثر على كافة المجالات تأثيرا سلبيا‪.‬‬
‫وقد استخدمت بعض المجتمعات وسائل تقليدية متنوعة‪ ،‬للوقاية من الانحراف‬
‫الفكري والسلوكي‪ ،‬أبرزها القوانين الجزائية‪ ،‬والعقوبات‪ ،‬والتدخل الأمني والقضائي‪،‬‬
‫والإصلاح العقابي‪ ،‬والبحث الجنائي‪ ،‬ومع أهميتها إلا أنها لم تحل هذه الوسائل دون انتشار‬
‫ظاهرة الانحراف الفكري والسلوكي‪ ،‬وانتُقدت بأنها اعتمدت على المفعول الرادع للعقوبات‪،‬‬
‫وعلى تدابير ناتجة عن قرارات رسمية‪ ،‬وليس عن دراسة الواقع‪ ،‬ولا تشكل سياسة اجتماعية‬

‫عامة ذات بُعد أمني شامل‪( .‬عمران‪ ،1422،‬ص‪.)76‬‬

‫‪243‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫والدور التربوي الوقائي ضد الانحراف الفكري والسلوكي‪ ،‬دور يتجسد في خطط‬
‫وبرامج ومقررات دراسية‪ ،‬موجهة نحو المتعلمين؛ لتنشئتهم وفق سلوك اجتماعي سليم‪،‬‬
‫وتحصينهم بالمبادئ والقيم الدينية والأخلاقية‪ ،‬وتنمية شعورهم بالانتماء والولاء‪ ،‬وصقل‬
‫شخصيتهم الإنسانية وتأهيلها‪ ،‬وتعويدها على الالتزام بالوسطية والاعتدال‪ ،‬والسلوك‬
‫الاجتماعي المسؤول‪ .‬وهذا العمل لا يمكن أن ينجح إلا اذا تعاونت على تحقيقه الأسرة‪،‬‬
‫والمدرسة‪ ،‬ووسائل الإعلام‪ ،‬وكافة الجهات التي تعمل في ميدان البناء التربوي والاجتماعي‪.‬‬
‫وهذا هو صمام الأمان لوقاية المجتمعات من الانحراف الفكري وكافة الجرائم التي تتصاعد‬

‫نسب معدلاتها عام بعد عام‪.‬‬
‫إن المعطيات الإحصائية على مستوى الدول العربية تؤّكد زيادة معدلات الجريمة‪،‬‬
‫وظهور اتجاهات وظواهر جديدة مستحدثة في أنماط الإجرام‪ ،‬نتيجة للتطورات الاقتصادية‬
‫والاجتماعية والسياسية‪ ،‬وتدهور الأوضاع المعيشية في الكثير من تلك الدول‪.‬‬
‫(أبوشامة‪ ،1420،‬ص‪ .)123‬كما أثبتت الدراسات أن أهم العوامل المقترنة بالجريمة والتي‬
‫تُوجد بدورها ظروفا مواتية لذلك هي‪ :‬الفقر‪ ،‬والبطالة‪ ،‬وانخفاض المستوى التعليمي‪ ،‬والافتقار‬
‫إلى السكن المناسب‪ ،‬والخدمات الصحية الكافية‪ ،‬والتحّول الحضاري السريع‪ ،‬والزيادة في‬
‫حجم السكان‪ ،‬والحراك الاجتماعي الكثيف‪ ،‬وتفكك الروابط الأسرية‪...‬الخ (البداينة‪،‬‬
‫‪ .)1420‬كل ذلك يحتِّم النظر إلى الأمن بمنظار شامل يستوعب كافة الجوانب‪ :‬التربية‬

‫والتعليم‪ ،‬والاقتصاد‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والقضاء‪ ،‬والإعلام‪ ،‬والإدارة‪ ،‬والأمن بمفهومه الشامل‪.‬‬
‫ومن المهم أن تتكاتف الأجهزة الرسمية والأهلية‪ ،‬وأن تعمل على الالتحام بجد وواقعية‬
‫بمشكلات الشباب‪ ،‬وتقديم حلول واقعية‪ ،‬وخدمات ملموسة يحسها الإنسان‪ ،‬وتجعله يترقب‬
‫المزيد منها‪ ،‬بل يبحث عن دور يؤديه من خلال القنوات الشرعية في تدعيم مسيرة الإصلاح‬
‫والتنمية‪ ،‬لأن ترك الشباب عاطلين يجعلهم صيدا سهلا لأصحاب النوايا والأهداف الشريرة‪.‬‬

‫(الشمري‪ ،‬عكاظ‪1424 ،‬هـ‪ ،‬رقم ‪.)14 :13487‬‬
‫إن علاج الانحراف يكون في جانبين‪ :‬أولهما‪ :‬السلوك الذي نتج عنه ضرر‪،‬‬
‫وثانيهما‪ :‬الفكر الذي أدى إلى هذا السلوك‪ .‬وفي الجانب الأول لابد من تطبيق أحكام‬

‫‪244‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫الشرع على العابثين المعتدين‪ ،‬وفي الجانب الثاني لابد من الحوار وهو ما أكده الرسل في‬
‫دعوة اقوامهم (الأزهر‪.)42 :1984 ،‬‬

‫وعطفا على ما سبق فإنه لابد من التركيز في المعالجة على عدة مستويات منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬المستوى السياسي‪ :‬من خلال‪:‬‬

‫• استنكار وإدانة أهل الانحراف الفكري على جميع المستويات والتصدي لهم‪.‬‬
‫• دعوة المخطئ إلى الرجوع عن خطئه وبيان الحق بالمناقشة العلمية الهادئة‪.‬‬

‫• تجنّب الأساليب غير المجدية‪ ،‬فالمصاب بهذا المرض لا يعالج بالتركيز على الوعظ‬
‫والتخويف‪ ،‬وإنما بالحجج والبراهين والأدلة من الكتاب والسنة‪.‬‬

‫• وجوب الأخذ على يد المتورطين في الإخلال بالأمن والاستقرار‪ ،‬وتطبيق العقوبات‬
‫اللازمة بحقهم‪.‬‬

‫• التحذير عبر وسائل الإعلام من أهل الانحراف الفكري‪ ،‬الذين يريدون خرق سفينة‬
‫المجتمع‪ ،‬وإغراق أهلها بخوضهم في آيات الله‪ ،‬والجرأة على الإفتاء بغير علم‪.‬‬

‫• ضرورة التفريق بين الانحراف الفكري الذي لم يترتب عليه فعل‪ ،‬وبين من أخل بفعله‬
‫بالأمن في مجتمعه‪.‬‬

‫• أن يستمر نهج الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي وعلى جميع‬
‫المستويات وبوتيرة أسرع‪.‬‬

‫• تكاتف جميع أفراد المجتمع ضد الانحراف الفكري وكل الجرائم التي تهدد الأمن‬
‫والاستقرار‪.‬‬

‫ب‪ -‬المستوى التربوي‪ :‬من خلال‪:‬‬
‫غرس المفاهيم الصحيحة في عقول الناشئة بما تشتمل عليه من حصانة فكرية‪ ،‬ووعي أمني‪،‬‬
‫والحفاظ على المكِّونات والموروثات الثقافية الأصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة‬
‫والمشبوهة‪ ،‬والإسهام في تهذيب السلوك‪ .‬أما تجنب وقوع الطلاب في مهاوي الانحراف‬

‫الفكري‪ ،‬فيتم من خلال قيام الأسرة والمدرسة بالآتي‪:‬‬

‫‪245‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬ ‫•‬
‫•‬
‫التمثل بالقدوة الحسنة من خلال المحاكاة وتقليد النماذج الصالحة وتعميق الولاء‬ ‫•‬
‫والانتماء‪.‬‬ ‫•‬
‫•‬
‫الالتزام بالقيم والثوابت العقدية‪ ،‬والتقاليد المرعية‪ ،‬النابعة من التعاليم والقيم الإسلامية‬ ‫•‬
‫النقية‪.‬‬ ‫•‬
‫•‬
‫اكساب الأبناء والطلاب تقديرهم لذواتهم الذي ينطلق من تقدير الآخرين لهم‪.‬‬ ‫•‬
‫تضمين التقدير والاحترام للأبناء والطلاب دون محاباة أو تفرقة أو تحيّز‪.‬‬ ‫•‬

‫توجيه ميول الأبناء والطلاب نحو اختيار ما يتناسب مع اتجاهاتهم واستعداداتهم في‬ ‫•‬
‫ضوء خصائص نموهم‪.‬‬
‫•‬
‫تقدير آراء الأبناء والطلاب ووجهات نظرهم دون تسفيه أو مصادرة‪ ،‬أو فرض آراء‬
‫وأفكار الآباء والمربين بالقوة حول بعض الموضوعات والقضايا التي تهمهم والمجتمع‪.‬‬

‫تضمين المناهج الدراسية بعض المعلومات عن الأمن بمفهومه الشامل‪.‬‬
‫الحرص على إيجاد المدرس القدوة‪.‬‬

‫فتح قنوات الحوار والتواصل مع الأبناء والطلاب‪ ،‬ومنحهم الفرص ليعبِّروا عن‬
‫أنفسهم وأفكارهم‪.‬‬

‫تبصير الناشئة وتنويرهم بالأخطار المحدقة بهم من حروب وكوارث‪ ،‬واجتياح فكري‬
‫وثقافي لثوابتهم الأصيلة‪ ،‬ومرجعيتهم الدينية‪ ،‬والعمل على مساعدتهم على تنمية‬

‫قدراتهم على اكتساب الحصانة الذاتية‪.‬‬
‫مساعدة الأبناء والطلاب على الانتقاء المهني السليم لتخصصاتهم الدراسية‬
‫ومستقبلهم المهني والوظيفي‪ ،‬واحترام العمل المهني والحرفي‪ ،‬والتحذير من رفاق‬

‫السوء‪.‬‬
‫تنفيذ المسابقات العلمية والثقافية المختلفة‪ ،‬وإشراك الطلاب في كافة انواع النشاط‬

‫الثقافي من ندوات ولقاءات ومحاضرات ومسرح‪.‬‬

‫‪246‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫• تشجيع الأبناء والطلاب ودفعهم إلى الاطلاع والقراءة وحب العمل‪ ،‬بما يسهم في‬
‫توسيع دائرة ثقافاتهم في مختلف جوانب الحياة‪.‬‬
‫• غرس حب النظام والتعاون مع رجل الأمن‪.‬‬

‫• الاهتمام بالمحاور الأساسية في العملية التعليمية وهي‪ :‬الطالب‪ ،‬الأستاذ‪ ،‬المنهج‪،‬‬
‫والبيئة المدرسية‪( .‬الخطيب‪.)1408 ،‬‬
‫ج‪ -‬المستوى الديني‪ :‬من خلال‪:‬‬

‫• تحصين فكر وعقول الشباب من أي انحراف فكري مضلل موجه من وسائل الإعلام‬
‫المختلفة‪ ،‬وتحذير الشباب من خطورة الانجراف وراء الجماعات المتطرفة‪ ،‬ويمكن‬
‫الوصول إلى ذلك من خلال مجموعة من الآليات منها‪ :‬خطب الجمعة‪ ،‬والندوات‬
‫الدينية الموجهة‪ ،‬والمحاضرات‪ ،‬والبرامج والحوارات المتلفزة‪ ،‬والمؤلفات العلمية‪ ،‬والشريط‬

‫المتوازن في الطرح‪.‬‬
‫• اختيار رجال الدعوة والوعظ والإرشاد من المتعمقين في العلوم الشرعية‪ ،‬لكي‬
‫يصبحوا نماذج يحتذي بها الشباب‪ ،‬بدلا من الانسياق وراء نماذج تحثهم على التطرف‬

‫والغلو‪.‬‬
‫• حث الخطباء ورجال الدعوة والوعظ والإرشاد بالتركيز على التوعية الأمنية‪ ،‬وتوضيح‬

‫مخاطر الانحراف والتطرف‪.‬‬
‫• التأكيد في الخطاب الديني على وسطية الإسلام‪ ،‬وإشاعة روح التسامح‪ ،‬وقبول‬

‫الآخر‪ ،‬والبعد عن الغلو والتكفير‪.‬‬
‫د‪ -‬المستوى القتصادي‪:‬‬

‫من الطروحات المناسبة في هذا الإطار‪ ،‬ضرورة تأهيل الشباب حسب متطلبات سوق العمل‪،‬‬
‫ومساعدتهم في الحصول على عمل‪ ،‬حيث يمثل العمل إحدى القضايا الأساسية التي تُشعر‬

‫الفرد بقيمته الاجتماعية‪ ،‬وانتمائه لوطنه‪.‬‬
‫فقضية توظيف الشباب لا يمكن اعتبارها قضية اقتصادية فحسب‪ ،‬وإنما هي قضية‬
‫اجتماعية‪ ،‬تتعلق بقضية إدماج الشباب في المجتمع واستيعابهم‪( .‬اليوسف‪.)2003،‬‬

‫‪247‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫والظروف الراهنة تتطلب من الجميع الإسهام في مسيرة التنمية‪ ،‬وأن لا تصبح الدولة هي‬
‫المسؤولة عنكل جوانب التنمية دون أن يشارك الفرد بتأهيل نفسه‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬دور التربية الإسلامية في مواجهة الفكر الضال‪:‬‬
‫تواجه التربية الإسلامية الفكر الضال من عدة جوانب منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬المنهج الدراسي‪:‬‬

‫حيث تعد المناهج المدرسية هي عماد العملية التعليمية‪ ،‬وهي الوعاء الذي تقدم من خلاله‬
‫المعلومة للطالب؛ لكي يستوعبها ويستقي منها ما يمكن أن يساعده في مسيرته التعليمية‪،‬‬
‫ولكي تصبح المناهج الدراسية قادرة على مسايرة العصر وقادرة على حماية المتعلمين من‬
‫بواعث الانحراف‪ ،‬فإن هناك ضوابط معينة لا بد من توافرها في المناهج الدراسية‪ ،‬لكي‬
‫تصبح قادرة على مواكبة التطورات السريعة في مجالات الحياة المختلفة‪ ،‬ووضع خطة‬

‫استراتيجية للمنهج الدراسي بحيث تستلهم السياسة التربوية‪.‬‬
‫ويعتبر التحصين الفكري والسمو بالروح‪ ،‬أقوى رادعين عن اعتناق الفكر الضال‬
‫المنحرف‪ .‬هذه الحقائق أفرزت معطيات جديدة في التعامل مع الشأن التربوي‪ ،‬وفتحت‬
‫فضاء واسعا لإعادة النظر فيكثير من المنطلقات التربوية والتعليمية‪ ،‬من أجل صياغة جديدة‬
‫أكثر انسجاما ومواكبة مع ما يحدث في العالم اليوم من عولمة الثقافات‪ ،‬والاقتصاد والإعلام‬
‫والمجتمعات‪ ،‬والتعامل معها بشخصية الصانع لا المقلد‪ ،‬مع الحفاظ على الثوابت وعدم‬
‫المساس بها‪ ،‬والحرص على تأصيل التربية‪ ،‬وبناء الوعي العميق (التويجري‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪-1‬‬

‫‪.)2‬‬
‫إن مواجهة الفكر الضال تتطلب الاهتمام بالتعليم‪ ،‬وتطوير مناهجه بما يتناسب مع‬
‫التقدم الحاصل في جميع المجالات‪ ،‬فالبعض يأخذ على التعليم بوضعه الحالي‪ ،‬أنه أحد اسباب‬
‫ظهور جيل يستنكف استعمال العقل ويحجم عن إعماله‪ ،‬ويستهين بالحضارة الإنسانية‪،‬‬
‫ويحمل لها خالص الاحتقار‪ ،‬ويجهل التواصل مع َتريخه وتنوعه وتعدد انتماءاته‪ ،‬ولا يرى منه‬
‫إلا جانبا واحدا‪ ،‬وحتى هذا الجانب لا يرى منه إلى وجها واحدا هو المضيء‪ ،‬بينما جوانبه‬
‫الأخرى شتى‪ ،‬شأنها شأن أي َتريخ‪ ،‬وعليه فإننا لو نجحنا على المدى الطويل في تربية أجيال‬

‫‪248‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫تتجنب هذا الخطأ‪ ،‬حيث يكون الهدف من التعليم ومناهجه‪ ،‬إعمال العقل واستخدام‬
‫المنطق والأسلوب العلمي والمنطقي في التفكير‪ ،‬لقضينا على جانبكبير من جوانب مشكلة‬

‫الفكر الضال (رشوان‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‪.)139-131‬‬
‫وهناك أمور عدة يجب التركيز عليها عند إعداد المناهج الدراسية وهي‪:‬‬
‫‪ -‬التأكيد على أن من أهم أهداف التعليم في المملكة العربية السعودية هو غرس‬

‫العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس الطلاب‪.‬‬
‫‪ -‬أن الهجمة الشرسة التي توجه إلى مناهج التعليم في بلادنا‪ ،‬وبخاصة من جانب‬
‫الغرب‪ ،‬وبعض الفئات من الداخل‪ ،‬بحجة أن هذه المناهج هي المسؤولة عن تفريخ‬

‫الإرهاب‪ ،‬هجمة ظالمة‪ ،‬لا تعكس الواقع‪ ،‬ولا تمثل الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬أن مناهج التربية والتعليم في المملكة‪ ،‬يجب مراجعتها وتطويرها‪ ،‬ليس بهدف إرضاء‬
‫الغرب‪ ،‬أو البعد عن الإسلام‪ ،‬ولكن بهدف وضعها في صورة متكاملة شاملة‪ ،‬مع‬
‫التركيز على الثوابت‪ ،‬والبعد عن نقاط الاختلاف‪ ،‬لدحض أكاذيب وأباطيل‬

‫المروجين ضد هذه المناهج‪( .‬الحريري‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪.)129‬‬
‫وينبغي أن تهدف المواد الدراسية في مجملها إلى تعميق مفهوم الولاء الوطني لدى‬
‫جميع أفراد المجتمع‪ ،‬حيث أصبحت التنشئة الوطنية إحدى الضرورات الأساسية في هذا‬
‫العصر الذي نعيشه‪ ،‬لإيجاد إحساس عام بالالتزام والولاء للدولة وللمجتمع‪ .‬والتربية الوطنية‬
‫يجب أن ينتج عن تدريسها سلوك ايجابي يتفاعل من خلال المواد الدراسية جميعها‪ ،‬ويجب‬
‫أن يكون المعلم والمدرسة وجميع العاملين فيها قدوة ونموذجا للطلاب‪ ،‬لتكريس مفهوم الولاء‬
‫الوطني‪ ،‬ليكون سلوكا وممارسة‪ ،‬وليس مواد نظرية تدرس بعيدا عن الواقع‪ .‬لذا يجب أن تعاد‬
‫صياغة المناهج المدرسية لتساهم في التربية على مفاهيم الاعتدال الفكري بحيث تراعي ما‬

‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن تنصبغ بصبغة الإسلام الصحيح ولا تتعارض معه‪.‬‬
‫‪ -‬أن تهتم بالتاريخ الإسلامي لبعث روح العزة والأخوة الإسلامية‪.‬‬

‫‪249‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -‬أن تُبرز أدب الخلاف في الإسلام‪ ،‬وحرية الرأي‪ ،‬واحترام الرأي الآخر‪ ،‬وضرورة‬
‫مواجهة الفكرة بالفكرة‪.‬‬

‫‪ -‬أن تعيش المناهج الواقع الحالي للأمة بكل تعقيداته‪ ،‬وترسم الحلول المستقبلية له‪.‬‬
‫‪ -‬أن تخصص برامج خاصة في المدارس‪ ،‬لتوعية الطلبة بأمور دينهم‪ ،‬ومستجدات‬

‫الواقع‪ ،‬والتعليق على الأحداث الجارية‪.‬‬
‫‪ -‬تبيين مخاطر الغلو والإفراط على الأمة‪ ،‬وأن ذلك لا ينبع إلا من قلة العلم‪ ،‬والجهل‪،‬‬

‫وضعف التأصيل‪ ،‬وغياب المرجعية‪.‬‬
‫‪ -‬تربية الطلبة على أهمية الحواركوسيلة للتعبير عن الرأي؛ لتحقيق التعايش من خلال‬
‫منهجية شاملة تلتزم بالأصول والضوابط الشرعية‪ ،‬وترسيخ ممارسة حرية التعبير عما‬
‫يراه الطالب المسلم حقا‪ ،‬وتقويم الاعوجاج بالحجة والاقناع‪ ،‬وذلك لأن البديل‬

‫للحوار هو تداول هذه الأفكار بطريقة سرية غير موجهة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز المناهج المدرسية بمفاهيم التعامل مع أهل الديانات الأخرى‪ ،‬وتبيين المفهوم‬

‫الصحيح للجهاد وأنواعه‪.‬‬
‫‪ -‬بناء منظومة من القيم لدى الطلبة؛ ليصبحوا قادرين على تمييز ما تبثه وسائل الإعلام‬

‫المختلفة‪ ،‬لتحصينهم من مفاهيم الغلو والتطرف‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتضمن المناهج المدرسية مجموعة من الأنشطة التعليمية القادرة على تعزيز مفاهيم‬

‫الاعتدال في عقول وأذهان وقلوب المتعلمين‪.‬‬
‫وفي هذا الجانب يجب التركيز على التربية الإسلامية في المناهج بكل مرتكزاتها‪،‬‬
‫فالتربية في الإسلام تمثل جوهر الدين وأداته الفاعلة إلى إعداد الفرد‪ ،‬ليصل إلى كماله‬
‫الانساني‪ ،‬وهي عملية منظمة تهدف إلى تنشئة الفرد الصالح‪ ،‬الذي تزداد خبراتهكلما ازدادت‬
‫طاعته لله سبحانه وتعالى‪ ،‬وكلما زاد صلاحه لنفسه ولغيره‪ ،‬والتربية الإسلامية هي تلك‬
‫التربية التي تجمع بين تأديب النفس وتصفية الروح وتثقيف العقل وترويض الجسم‪ ،‬وهي‬
‫كذلك التي تعَن بتهذيب الوجدان والخلق‪ ،‬دون التضحية بأي منها على حساب الآخر‪.‬‬

‫‪250‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫ويشير (الحريري‪ )2006 ،‬إلى أن مرتكزات التربية الإسلامية تمثل الأبعاد العامة لبناء‬
‫شخصية إسلامية تتمسك بالقيم السمحة‪ ،‬وتتحصن بالعقيدة من مزالق الانحراف الفكري‪،‬‬
‫وما الإرهاب إلا ظاهرة عرضية من مظاهر الانحلال الديني والبعد عن الخط الرباني والهدي‬

‫النبوي (ص‪.)130-129‬‬
‫ب‪ -‬معلم التربية الإسلامية‪:‬‬
‫يجب أن يتصف معلم التربية الإسلامية بثلاث صفات رئيسة‪:‬‬
‫الأولى‪ :‬القوة العلمية التي تؤهله للتدريس‪ ،‬بحيث يفهم المادة‪ ،‬ويحسن تدريسها‪ ،‬ويستطيع‬
‫الإجابة علىكل تساؤلات طلابه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬سلامة المنهج‪ ،‬بمعَن‪ :‬أن يكون المعلم على منهج سليم‪ ،‬غير متأثر بالأفكار الدخيلة‬
‫على مجتمعنا‪ ،‬ولا يسير في ركب الأحزاب والجماعات‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬حبه لعمله‪ ،‬وشعوره بالمسؤولية الدينية‪ ،‬والاجتماعية‪.‬‬
‫فمعلم التربية الإسلامية يمثل الأب‪ ،‬وهو المرشد خارج نطاق الحياة الأسرية‪ ،‬وعلى‬
‫المعلم أن يعاون الصغير في التغلب على الإعاقات والقصور والمشكلات التي تعيق نموه‬
‫وتعترض ميوله‪ ،‬ومنهم من يعرقل المسيرة الصحيحة أمام أبنائه من الطلاب‪ .‬وكونهم من‬
‫العناصر المهمة في العملية التعليمية‪ ،‬فإنهم يؤثرون في تلاميذهم عن طريق القدوة‪ ،‬وعن طريق‬
‫تشجيع الاستجابات المرغوبة وتدعيمها‪ ،‬وإضعاف الاستجابات السلبية وإطفائها‪.‬‬
‫ولشخصية المعلم في قاعات الدراسة إسهام في تشكيل شخصيات الطلبة‪ ،‬إذ أن‬
‫سمات المعلم تنعكس في أسلوب تعامله مع تلاميذه‪ ،‬وطريقة تهذيبه لهم‪ ،‬وهذا بدوره يؤثر في‬
‫اتجاهات التلاميذ نحو التعلم‪ .‬ولذا فإنه من الضروري انتقاء معلمي التربية الإسلامية الذين‬
‫يقومون بالتدريس بكل دقة وحذر‪ ،‬بحيث يتصفون بالفطنة والذكاء‪ ،‬والقدرة على إيصال‬
‫المعلومة الصحيحة للطالب‪ ،‬بالإضافة إلى المقدرة الشخصية التي تمكنهم من استيعاب‬
‫المتغيرات الحضارية التي يعيشونها‪ ،‬وعكسها في المناهج الدراسية بشكل مشوق‪ ،‬ويجب أن‬
‫يحفز المعلم طلابه على المناقشة والإبداع والتفكير بصورة علمية‪ ،‬من خلال استشعار الواقع‬

‫‪251‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫والتأمل فيه‪ ،‬وطرح الأفكار ومناقشتها بشكل مجرد من الأوامر والنواهي التي تأخذ قوالب‬
‫جاهزة‪.‬‬

‫ج‪ -‬متابعة الأسرة‪:‬‬
‫البيت والأسرة بيئة ونظام اجتماعي لابد أن يقوم بدوره التربوي على الوجه الصحيح‪ ،‬ولابد‬
‫أن تتعاون الأسرة مع المدرسة‪ ،‬لتجنيب الشباب أشرارا مثل هذه الأنماط السلوكية المنحرفة‬

‫الضالة‪.‬‬
‫وعلى الأسرة أن تربي أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية‪ ،‬وما تقتضيه في الولاء‬

‫والطاعة لله ولرسوله‪ ،‬ولأولي الأمر‪ ،‬واحترام النظام وتنفيذه‪ ،‬وحب الوطن والاعتزاز به‪.‬‬
‫وعلى الأسرة دوراها التربوي تجاه الأبناء في حمايتهم من الفكر الضال‪ ،‬نجمل هذا‬

‫الدور في الآتي‪:‬‬
‫‪ .1‬الرقابة الواعية من قبل الآباء لأبنائهم‪ ،‬تقود على انضباط السلوك‪ ،‬أما التساهل‬

‫وإعطاء الحرية المطلقة لهم؛ فإن ذلك قد يقودهم إلى الأفكار الضالة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون الآباء قدوة حسنة للأبناء في الالتزام بقيم الدين وأخلاق الإسلام‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يحرص الآباء على مراقبة سلوك الأبناء‪ ،‬والتعرف على الأعراض والخصائص‬
‫التي يتسم بها صاحب الفكر الضال‪ ،‬كي يتمكنوا من إنقاذهم قبل الوقوع في‬

‫خطر هذا الفكر‪.‬‬
‫‪ .4‬توعية الآباء لأبنائهم بخطورة الفكر الضال‪ ،‬وتوجيههم لسماع المحاضرات ذات‬

‫الصلة‪ ،‬وتزويدهم بالمعلومات الصحيحة من وقت لآخر‪.‬‬
‫‪ .5‬تحذير الآباء لأبنائهم من رفاق السوء في المدرسة أو الحي أو الشارع‪ ،‬وتوجيههم‬

‫إلى حسن اختيار الأصدقاء‪.‬‬
‫‪ .6‬تربية الأبناء على أداء العبادات على وجهها الصحيح‪ ،‬فذلك كفيل بصون‬

‫الأبناء من الوقوع في الفكر الضال‪ ،‬وعصمة لهم من الزيغ والانحراف‪.‬‬
‫فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬قال ‪« :‬كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته‪،‬‬
‫الإمام راع ومسئول عن رعيته‪ ،‬والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راعية في‬

‫‪252‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها‪ ،‬والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته‪ .‬قال‪:‬‬
‫وحسبت أن قد قال‪ :‬والرجل راع في مال ابيه ومسئول عن رغيته وكلكم راع ومسئول عن‬

‫رعيته»‪( .‬البخاري‪ .)893 ،‬فإنه إذا ُربي النشء على هذا خرج المجتمع كله صالحا‪.‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫‪ .1‬أن الفكر الضال ظاهرة قديمة حديثة‪ ،‬عانت منها الشعوب منذ القدم ولا زالت‬

‫تعاني‪ ،‬وهي ذات آثار سلبية تفقد المجتمع أمنه‪ ،‬وتحرمه من التطور‪.‬‬
‫‪ .2‬أن الفكر الضال لا دين له ولا وطن‪ ،‬وهو يناقض قيم الدين الإسلامي وأخلاقه‪،‬‬

‫وأن إلصاق تهمة الفكر الضال بالإسلام تهمة باطلة‪.‬‬
‫‪ .3‬تمثل التربية الإسلامية نموذجا تربويا فريدا يبني الشخصية بناء متكاملا‪ ،‬ويحصنها‬

‫من الوقوع في الأفكار الضالة‪.‬‬
‫‪ .4‬تعد التربية الإسلامية الحقة هي أهم وسيلة لمواجهة الفكر الضال والتطرف‬
‫لاهتمامها بالتربية الوقائية والتربية العلاجية على حد سواء في مواجهة التحديات‪.‬‬
‫‪ .5‬الأخذ بمبادئ التربية الإسلامية العقدية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية من‬
‫أهم العوامل لمواجهة الفكر الضال والتطرف‪ ،‬لو أُحسن تطبيقها بشكل جيد في‬

‫مؤسسات التربية المختلفة‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬

‫وفي ضوء النتائج السابقة يوصي الباحث بما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬عقد دورات وورش عمل متخصصة للآباء والمعلمين يتم من خلالها تداول أسباب‬

‫الفكر الضال ومظاهره‪ ،‬وكيفية علاجه‪.‬‬
‫‪ .2‬الاهتمام بالمواقع الالكترونية في المدارس والجامعات لتوعية الطلاب حتى لا يقعوا‬

‫فريسة لبعض المواقع المشبوهة‪.‬‬
‫‪ .3‬إصدار مطويات ونشرات دورية‪ ،‬تكشف عن خطورة الفكر الضال‪ ،‬يتم توزيعها‬

‫في المدارس والجامعات وحتى المنازل‪.‬‬

‫‪253‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ .4‬ضرورة تأهيل المعلمين تأهيلا يمكنهم من مراعاة المرحلة العمرية للطالب والمتغيرات‬
‫المتسارعة التي يعيشها الطالب في هذا العصر‪.‬‬

‫‪ .5‬ضرورة التعاون والتكامل بين المؤسسات التربوية والأجهزة الأمنية للقيام بالدور‬
‫الوقائي في مواجهة الفكر الضال ومظاهره‪.‬‬

‫‪ .6‬ضرورة الرد من قبل العلماء ورجال التربية على التهم الباطلة التي تصف الإسلام‬
‫بأنه يدعو إلى الغلو والتطرف والإرهاب‪ ،‬مع بيان الصورة الناصعة لدين الإسلام‪.‬‬
‫‪ .7‬إجراء مزيد من البحوث العلمية للكشف عن الأضرار الأخرى التي يسببها الفكر‬

‫الضال ولاكتشاف طرق أكثركفاءة في علاج هذا الفكر‪.‬‬
‫‪ .8‬إنشاء مراكز البحوث والدراسات المتخصصة‪ ،‬ودعمها ماليا وبشريا‪ ،‬وتهيئة كل‬

‫السبل لنجاحها‪ ،‬وذلك لدراسة الظواهر السلبية المستجدة‪.‬‬

‫‪ 1‬الأستاذ المشارك بكلية الجبيل الجامعية‪.‬‬

‫‪254‬‬

‫الفصل الرابع عشر‬
‫الشذوذ من فتاوى ابن أبي عقيل العماني‬

‫رضا مح ّب مجد‪1‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني الح ّذاء‪ ،‬منکبار الفقهاء والمتكلّمين في القرن‬
‫الرابع من الهجرة‪" ،‬وعن العّلمة الطباطبائي (بحر العلوم) أنّه قال‪ :‬إ ّن رجال هذا الشيخ‬
‫الجليل في الثقة والعلم والفضل والكّلم والفقه أظهر من أن يحتاج إلى البيان وللأصحاب‬
‫مزيد اعتناء بنقل أقواله وضبط فتاواه خصوصا الفاضلين ومن تأ ّخر عنهما وهو أّول من‬
‫ه ّذب الفقه و استعمل النظر"‪ 2‬وهو الذي بنى الفقه الاستدلالي وتبعه تلميذه محمد بن‬

‫أحمد بن الجنيد الإسکافي اللذان عبر فقهاؤنا عنهما بـ"القديمين والأقدمين"‪.‬‬
‫كتب ابن أبي عقيلکتاب "المتم ّسك بحبل آل الرسول" صلى اّهلّل عليه وآله وسلم‬

‫في الفقه وكتاب "الكّر والفّر" في الإمامة‪.‬‬
‫"كانكتاب ابن أبي عقيل ]المتم ّسك بحبل آل الرسول[ كتاباً فقهيّاً جامعاً لأبواب‬
‫الفقه مشهوراً عند الخاص والعام وينقل عنه العلماء في مصنفاتهم إلى زمن العّلمة الحلي بل‬
‫إلى زمن الشهيد الثاني قدس سرهما كما يلوح من بعض عباراته"‪" .3‬ومن طرائف الأمور أن‬
‫كتاب ابن أبي عقيل‪ ،‬الذي نجا في أحداث عصره من الضياع‪ ،‬واشتهر منذ حياة صاحبه‪،‬‬
‫وأخذ مكانه المحترم قرونا في أيدي الناس ومكتبات الفقهاء‪ ،‬عادت أحداث الزمان فأضاعت‬
‫نسخته وأفقدتنا هذه الثروة في الفقه الإسّلمي على مذهب أهل بيت النبي صلى الله عليه‬

‫وآله"‪.4‬‬
‫وأما بالنظر إلی فتاوی ابن أبي عقيل التي نقلها الفقهاء بعده فيکتبهم‪ ،‬له فتاوی‬
‫شاذّة خّلف المشهور من آراء فقهاء الشيعة قبله وبعده‪ ،‬أکثر خّلفاً بالنسبة إلی بقية‬

‫نحو تجديد الفكر الإسّلمي والمؤسسات التعليمية والإسّلمية‬

‫الفقهاء‪ ،‬کقوله بعدم نجاسة الماء القليل بمجرد مّلقاة النجاسة وهو أول من قال هذا من‬
‫مجتهدي الإمامية موافقا لقول مالك من أئمة المذاهب الأربعة‪ ،‬ومن أغرب ما نقل عنه في‬
‫الفتوى في بحث القراءة في الصّلة من أن من قرأ في صلوات السنن في الركعة الأولى ببعض‬

‫السورة وقام في الركعة الثانية ابتدأ من حيث قرأ ولم يقرأ بالفاتحة‪ ،‬وهو غريب‪.‬‬
‫يصل شذوذ فتاويه على الأقل إلى ‪ 63‬فتوی شاذّة قد استخرجت ‪ 31‬فتوی منها‬
‫من خّلل فتاويه المذکورة في الکتب الفقهية بعده التي کان أعظمها وأجمعها هو کتاب‬
‫"مختلف الشيعة في أحکام الشريعة" لأبي منصور الحسن بن يوسف المطهر الأسدي الملقب‬

‫بالعّلمة الحلي (‪ )726 - 648‬وبعضها في کتاب آخر له المسمی بـ"تذکرة الفقهاء"‪.‬‬
‫إنني قد تعرضت في هذه المقالة شذوذ الفتاوی لابن أبي عقيل علی ما ذکرها‬

‫العّلمة في کتابيه بالنسبة إلی الکتب والأبواب الفقهية‪.‬‬
‫کتاب الطهارة‪:‬‬

‫‪ )1‬اتفق علماؤنا إلا ابن أبي عقيل على أ ّن الماء القليل ‪ -‬وهو ما نقص عن الكر ‪ -‬ينجس‬
‫بمّلقاة النجاسة له سواء تغّّي بها أو لم يتغّّي وقال ابن أبي عقيل‪ :‬لا ينجس إلا بتغّّيه‬

‫بالنجاسة وساوى بينه وبين الكثّي‪ 5‬وبه قال مالك بن أنس من الجمهور‪.6‬‬
‫‪ )2‬دم الاستحاضة إنكان قليّل وهو أن يظهر على القطنةكرؤوس الإبر ولا يغمسها وجب‬
‫عليها تغيّي القطنة والوضوء لكل صّلة‪ ،‬ذهب إليه أكثر علمائنا ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‬

‫منا‪ :‬لا يجب في هذه الحالة وضوء ولا غسل‪ .7‬وبه قال مالك‪.8‬‬
‫‪ )3‬المشهور أ ّن غسل الإحرام مستحب ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪ :‬إنّه واجب‪.9‬‬
‫‪ )4‬المشهور استحباب جريدتين طولك ّل واحدة قدر عظم الذراع ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪:‬‬

‫مقدارك ّل واحدة أربع أصابع إلى ما فوقها‪.10‬‬
‫‪ )5‬المشهور في عدد الضربات‪ :‬التفصيل‪ ،‬فإن كان التيمم بدلا من الوضوء ضرب بيديه‬
‫على الأرض ضربة واحدة للوجه والكفين‪ ،‬وإن كان بدلا من الغسل ضرب ضربتين ضربة‬
‫للوجه وأخرى لليدين ‪ ...‬وقال السيد المرتضى‪ :‬الواجب ضربة واحدة في الجميع وهو اختيار‬

‫ابن الجنيد وابن أبي عقيل‪.11‬‬

‫‪256‬‬

‫الفصل الرابع عشر‬

‫‪ )6‬الخمر وكلّ مسكٍر والفقاع والعصّي إذا غّل قبل ذهاب ثلثيه بالنار أو من نفسه نجس‬
‫أو جسده خمر‬ ‫ثوبه‬ ‫من أصاب‬ ‫لأمكيثركنعلعملايئهناغ‪..‬س‪.‬لهوقمااللأأبّنواّلّعلل تّيعاالبىنإأّنبايحعرقميهلم‪:‬ا‬ ‫ذهب إليه‬
‫نجسان وكذلك‬ ‫ّنما‬ ‫تعبدا لا لأ‬ ‫أو مسكر‬
‫سبيل العصّي والخل إذا أصاب الثوب والجسد‪.12‬‬

‫کتاب الصلاة‪:‬‬

‫‪ )1‬الأذان والإقامة مستحبان في جميع الفرائض اليومية للمنفرد والجامع على أقوى الأقوال‪-‬‬
‫وبه قال الشافعي‪ ،‬وأبو حنيفة وقال السيد المرتضى‪ ،‬وابن أبي عقيل‪ :‬بوجوب الأذان والإقامة‬

‫في الغداة والمغرب وبوجوب الإقامة علی الرجال في جميع الصلوات‪.13‬‬
‫‪ )2‬قال ابن أبي عقيل‪ :‬من قرأ في الصلوات السنن في الركعة الأولى ببعض السورة وقام في‬

‫الركعة الأخرى ابتدأ من حيث بلغ ولم يقرأ ب «الفاتحة»‪ ،‬وأصحابنا لم يعتبروا ذلك‪.14‬‬
‫‪ )3‬أوجب ابن أبي عقيل تكبّي الركوع والسجود وهو اختيار سّلر‪ ،‬وأوجب سّلر تكبّي‬

‫القيام والقعود و الجلوس في التشّهدين أيضاً‪ ،‬والمشهور عند علمائنا الاستحباب‪.15‬‬
‫‪ )4‬المشهور عند علمائنا استحباب القنوت وقال ابن أبي عقيل‪ :‬من تركه متع ّمدا بطلت‬

‫صّلته وعليه الإعادة ومن تركه ساهياً لم يكن عليه شيء‪.16‬‬
‫‪ )5‬المشهور أنّه يصلّى على الصبي إذا بلغ ست سنين ولا يصلّى وجوبا على من نقص عن‬

‫ذلك ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪ :‬لا يصلّى على الصبي ما لم يبلغ‪.17‬‬

‫کتاب الصوم‪:‬‬
‫‪ )1‬قد بيّنا أنّه فرق بين أن يفطر في قضاء رمضان قبل الزوال وبعده فتجب الكّفارة لو أفطر‬
‫بعده ولا تجب لو أفطر قبله ‪ ...‬والجمهور كافة ‪ -‬إّلا قتادة ‪ -‬على سقوط الكّفارة فيهما‬
‫وقتادة أوجبها قبل الزوال وبعده وابن أبي عقيل من علمائنا أسقطها بعد الزوال أيضا والمشهور‬

‫ما بيّناه‪.18‬‬
‫‪ )2‬المشهور أ ّن تع ّمد البقاء على الجنابة من غّي عذر في ليل شهر رمضان إلى الصباح‬

‫موجب للقضاء والكفارة وقال ابن أبي عقيل‪ :‬يجب به القضاء خاصة دون الكفارة‪.19‬‬

‫‪257‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسّلمي والمؤسسات التعليمية والإسّلمية‬

‫‪ )3‬المشهور ا ّن من أكره زوجته على الجماع في ّنار رمضان وجب عليه كّفارتان وقال ابن‬
‫أبي عقيل‪ :‬لو ا ّن امرأة استكرهها زوجها فوطئها فعليها القضاء وحده وعلى الزوج القضاء‬

‫والكفارة‪ ،‬فإن طاوعت زوجها لشهوة فعليها القضاء والكفارة جميعا‪.20‬‬
‫‪ )4‬المشهور أ ّن كفارة إفطار يوم من شهر رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو‬
‫إطعام ستين مسكينا مخّّي في ذلك ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪ :‬الكفارة عتق رقبة‪ ،‬فإن لم يجدها‬
‫فصيام شهرين متتابعين‪ ،‬فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا‪ ،‬وهذا يد ّل على الترتيب‪.21‬‬
‫‪ )5‬قال ابن أبي عقيل‪ :‬إن خرج متنزهاً أو متلذذاً أو في شيء من أبواب المعاصي يصوم‬
‫وليس له أن يفطر وعليه القضاء إذا رجع الى الحضر لأن صومه في السفر ليس بصوم ‪...‬‬

‫والمشهور أنّه يجب عليه الصوم إذاكان سفره معصية ولا يجب عليه القضاء‪.22‬‬
‫کتاب الحج‪:‬‬

‫‪[ )1‬قد بيّنّا] أ ّن القارن هو الذي يسوق عند إحرامه بالحج هديا عند علمائنا أجمع إّلا ابن‬
‫أبي عقيل‪ ،‬فإنّه جعله عبارة ع ّمن قرن بين الحج والعمرة في إحرام واحد وهو مذهب العاّمة‬

‫بأسرهم‪.23‬‬
‫‪ )2‬المشهور أ ّن السبعة في بدل الهدي لا يجب فيها التتابع وقال ابن أبي عقيل‪ :‬وسبعة‬

‫متتابعات إذا رجع إلى أهله‪.24‬‬
‫‪ )3‬المشهور ا ّن الطهارة ليست شرطا في السعي بل هي مستحبة ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪:‬‬

‫لا يجوز الطواف والسعي بين الصفا والمروة إلّا بطهارة‪.25‬‬

‫‪ )4‬المشهور أنّه يرمي جمرة العقبة من قبل وجهها لا من أعّلها وقال ابن أبي عقيل‪ :‬يرميها‬
‫من قبل وجهها من أعّلها‪.26‬‬

‫‪ )5‬قد أجمعت الإمامية إّلا ابن أبي عقيل على تسويغ العمرتين في شهرين‪ .‬قال ابن أبي‬
‫عقيل‪ :‬لا يجوز عمرتان في عام واحد‪.27‬‬
‫کتاب الزکاة‪:‬‬

‫‪258‬‬

‫الفصل الرابع عشر‬

‫‪ )1‬المشهور ا ّن ]فی الزکاة[ في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه فاذا زادت واحدة وجب‬
‫بنت مخاض أو ابن لبون ذكر‪ ،‬ذهب إليه الشيخان والسيد المرتضى وابنا بابويه وسّلر وأبو‬
‫الصّلح وابن البراج وباقي علمائنا إلا ابن أبي عقيل وابن الجنيد فإّنما أوجبا في خمس‬

‫وعشرين بنت مخاض‪.28‬‬

‫کتاب النکاح‪:‬‬

‫‪ )1‬المشهور‪ :‬أ ّن الرضاع في الحولين ينشر الحرمة سواء كان قد فطم قبل الحولين أو لا وقال‬
‫ابن أبي عقيل‪ :‬الرضاع الذي يحّرم عشر رضعات قبل الطعام‪ ،‬فمن شرب بعد الطعام لم يحّرم‬

‫ذلك الشرب‪.29‬‬
‫‪ )2‬المشهور عند علمائنا أجمع ‪ -‬إّلا ابن أبي عقيل والصدوق ‪ -‬تحريم أم الزوجة مؤبّداً سواء‬
‫دخل بالبنت أو لا‪ ،‬ذهب إليه الشيخان وسّلر وأبو الصّلح وغّيهم‪.‬‬
‫ِمن‬ ‫بَِهوَِرَبهّنائِفبَُِإُكنُملَّمْالتَهّلُكِوتنُواِفيَد َخُحْلتُُْجموبِِرهُِك َْمّن‬ ‫قاالآليةاّهلّلشرتطعاا‪،‬لىف‪:‬قال﴿‪َ:‬وأَُّم ه﴿هاالهُّلتِتنِ هَدسائَِخْلُتكُْْمم‬ ‫عقيل‪:‬‬ ‫وقال ابن أبي‬
‫فَهّل‬ ‫شرط في‬ ‫نِّ هسائِ ُكُم﴾ ثَمّ‬
‫ُجهنا َح عَلَْي ُك ْم﴾ فالشرط عند آل الرسول في الأّمهات والربائب جميعا الدخول وإذا تزّوج‬
‫الرجل المرأة ثَمّ ماتت عنه أو طلّقها قبل أن يدخل بها فله أن يتزّوج بأّمها وابنتها‪.30‬‬
‫‪ )3‬المشهور عند علمائنا أنّه لا يشترط في العقد الولي ولا الشهود وقال ابن أبي عقيل‪ :‬نكاح‬
‫الإعّلن نكاح الدائم الذي لا شرط فيه ولا أجل ولا يجوز إّلا بولّي مرشد وشاهدي عدل‪.31‬‬
‫کتاب الطلاق‪:‬‬

‫‪ )1‬المشهور‪ :‬أ ّن الرجل إذا قال لامرأته‪ :‬لم أجدك عذراء لم يجب عليه الح ّد تاما‪ ،‬بل يعّزر‬
‫تأديبا ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪ :‬ولو أ ّن رجّل قال لامرأته‪ :‬لم أجدك عذراء‪ ،‬جلد الح ّد‪.32‬‬

‫کتاب الصيد وتوابعه‪:‬‬

‫‪ )1‬المشهور عند علمائنا‪ :‬تحريم ذبائح الكّفار مطلقاً سواءكانوا أهل ملّةكاليهود والنصارى‬
‫والمجوس أو لا‪،‬كعبّاد الأوثان والنّيان وغّيهما ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪ :‬ولا بأس بصيد اليهود‬

‫والنصارى وذبائحهم ولا يؤكل صيد المجوس وذبائحهم‪.33‬‬

‫‪259‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسّلمي والمؤسسات التعليمية والإسّلمية‬

‫کتاب الحدود‪:‬‬
‫‪ )1‬المشهور‪ :‬أ ّن المرأة [الزانية] لا نفي عليها ‪ ...‬وكّلم ابن أبي عقيل يد ّل على أّنا تنفي‬

‫سنة كالرجل‪.34‬‬
‫‪ )2‬المشهور بين علمائنا‪ :‬أ ّن النصاب الذي يجب فيه قطع السارق ربع دينار ذهبا خالصا‬
‫أو ما قيمته ذلك‪ ،‬سواء كان منقوشا أو لا ‪ ...‬وقال ابن أبي عقيل‪ :‬والسارق عند آل‬

‫الرسول عليهم السّلم يقطع في ك ّل شيء سرق إذا بلغ قيمة ما يسرق دينارا فصاعدا‪.35‬‬
‫‪ )3‬المشهور‪ :‬أنّه لا قطع على من سرق من المساجد والأسواق وقال ابن أبي عقيل‪ :‬يقطع‬

‫السارق من أ ّي موضع سرق من بيت كان أو سوق أو مسجد أو غّي ذلك‪.36‬‬
‫کتاب القصاص والدیات‪:‬‬

‫‪ )1‬المشهور‪ :‬أ ّن في المنقلة خمسة عشر بعّياً وقال ابن أبي عقيل‪... :‬وفي المنقلة عشرين من‬
‫الإبل‪.37‬‬
‫المصادر‪:‬‬

‫‪ .1‬دولة الکويت‪ ،‬الموسوعة الفقهية‪ .‬الکويت‪ :‬وزارة الاوقاف والشؤون الاسّلمية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1427‬ه‪.‬‬

‫‪ .2‬العّلمة الحلّي‪ ،‬حسن بن يوسف بن مطهر اسدى‪ .‬تذكرة الفقهاء‪ .‬محقق‪:‬گروه پژوهش‬
‫مؤسسه آل البيت عليهم السّلم‪ ،‬قم‪ :‬مؤسسه آل البيت عليهم السّلم‪ ،‬اول‪.1414 ،‬‬

‫‪ .3‬العّلمة الحلّي‪ ،‬حسن بن يوسف بن مطهر أسدي‪ .‬مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‪.‬‬
‫محقق‪ :‬گروه پژوهش دفتر انتشارات إسّلمى‪ ،‬قم‪ :‬دفتر انتشارات اسّلمى وابسته به جامعه‬

‫مدرسين حوزه علميه قم‪ ،‬دوم‪.1413 ،‬‬
‫‪ .4‬العماني‪ ،‬حسن بن على بن ابى عقيل الح ّذاء‪ ،‬حياة ابن أبي عقيل وفقهه‪ .‬قم‪ :‬مركز‬

‫معجم فقهى‪ ،‬ايران‪ ،‬اول‪.1413 ،‬‬

‫‪260‬‬

‫الفصل الرابع عشر‬

‫‪ 1‬أستاذ الفقه ومبادئ القانون الإسّلمي‪ ،‬جامعة پيام نور‪ ،‬طهران‪ ،‬إيران‪،‬‬
‫‪[email protected]‬‬

‫‪ 2‬عبد الله المامقاني‪ ،‬تنقيح المقال في علم الرجال‪( ،‬النجف الأشرف‪ :‬المطبعة المرتضوية‪1352 ،‬ه)‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.291‬‬

‫‪ 3‬العماني‪ ،‬حسن بن علي بن أبي عقيل الح ّذاء‪ ،‬حياة ابن أبي عقيل وفقهه‪( ،‬قم بإيران‪ :‬مركز معجم فقهي‪،‬‬
‫أول‪1413 ،‬ه)‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ 4‬أيضاً‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪ 5‬العّلمة الحلّي‪ ،‬حسن بن يوسف بن مطهر الأسدي‪ ،‬مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‪ ،‬محقق‪:‬گروه‬
‫پژوهش دفتر انتشارات اسّلمى‪ ،‬چاپ دوم (قم‪ :‬دفتر انتشارات اسّلمى وابسته به جامعه مدرسين حوزه‬

‫علميه قم‪1413 ،‬ه)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.176‬‬
‫‪ 6‬دولة الکويت‪ ،‬الموسوعة الفقهية‪( ،‬الکويت‪ :‬وزارة الأوقاف والشؤون الإسّلمية‪ ،‬ط‪1427 ،1‬ه)‪،‬‬

‫ج‪ ،39‬ص‪.269‬‬
‫‪ 7‬العّلمة الحلّي‪ ،‬حسن بن يوسف بن مطهر الأسدي‪ ،‬تذكرة الفقهاء (الطبعة الحديثة)‪ ،‬محقق‪ :‬گروه‬
‫پژوهش مؤسسه آل البيت عليهم السّلم‪( ،‬قم‪ :‬مؤسسه آل البيت عليهم السّلم‪ ،‬أول‪1414 ،‬ه)‪ ،‬ج‪،1‬‬

‫ص‪.279‬‬
‫‪ 8‬دولة الکويت‪ ،‬الموسوعة الفقهية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.32‬‬
‫‪ 9‬العّلمة الحلّي‪ ،‬مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪315‬‬

‫‪ 10‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.394‬‬
‫‪ 11‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.430‬‬
‫‪ 12‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.469‬‬
‫‪ 13‬العّلمة الحلّي‪ ،‬تذكرة الفقهاء‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.75‬‬
‫‪ 14‬العّلمة الحلّي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.160‬‬
‫‪ 15‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.170‬‬
‫‪ 16‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.173‬‬
‫‪ 17‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.299‬‬
‫‪ 18‬العّلمة الحلّي‪ ،‬تذكرة الفقهاء‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.59‬‬
‫‪ 19‬العّلمة الحلّي‪ ،‬مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.406‬‬

‫‪261‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسّلمي والمؤسسات التعليمية والإسّلمية‬
‫‪ 20‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.428‬‬
‫‪ 21‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.438‬‬
‫‪ 22‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.476‬‬

‫‪ 23‬العّلمة الحلّي‪ ،‬تذكرة الفقهاء (الطبعة الحديثة)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.178‬‬
‫‪ 24‬العّلمة الحلّي‪ ،‬مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.509‬‬

‫‪ . 25‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.211‬‬
‫‪ 26‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.265‬‬
‫‪ 27‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.360‬‬
‫‪ 28‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.168‬‬
‫‪ 29‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.35‬‬
‫‪ 30‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،7‬ص ‪.48‬‬
‫‪ 31‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.118‬‬
‫‪ 32‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.452‬‬
‫‪ 33‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.315‬‬
‫‪ 34‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.152‬‬
‫‪ 35‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.227‬‬
‫‪ 36‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.246‬‬
‫‪ 37‬أيضاً‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.437‬‬

‫‪262‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬
‫العلامة محمد ناصر الدين الألباني ودوره في خدمة المجتمع‬

‫المجتمع الباكستاني نموذجا‬
‫حافظ عبد الحنان حامد‪1‬‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪ :‬فإن خدمة الإسلام والمسلمين من أشرف المهام التي يشرف‬
‫المسلمون بالقيام بها انطلاقا من قول الله تعالى‪ُ ﴿ :‬كنتُ ْم َخَْْي أَُّمٍة أُ ْخ ِر َج ْت لِلَنّا ِس ََتُْمُرو َن‬
‫ِبلْ َم ْعُرو ِف َوتَْن َهْو َن َع ِن الْ ُمن َك ِر َوتُْؤِمنُو َن ِبََّّلِل﴾ [آل عمران‪ ،]110:‬وعلى أساس من‬
‫هذه القاعدة من الوعي بالالتزام وتحمل التكاليف في العون والنصرة تقوم مهام خدمة‬
‫الإسلام التي تشمل تبليغ الكتاب والسنّة ودعوة التوحيد الخالص للناس كافّة‪ ،‬قوله تعالى‪:‬‬
‫﴿َوَما أَْر َسْلنَا َك إِلَاّ َكا َفّةً لِلَنّا ِس بَ ِشْياً َونَ ِذيراً﴾ [سبا‪ ]28:‬وللدعوة الأثر الكبير في فلاح‬
‫الأمم‪ ،‬وتسابقها في مضمار الحياة الزاهرة‪ ،‬وهذا ما يجعلها بالمكانة السامية في نظر الشارع‬
‫الحكيم‪ ،‬وقد ألقى عليها الإسلام عناية شديدة فعهد إلى الأمة بأن تقوم طائفة منها على‬
‫الدعاء إلى الخير وإسداء النصيحة للأفراد والجماعات قال تعالى‪َ﴿ :‬ولْتَ ُكن ِمن ُك ْم أَُّمةٌ‬
‫يَْدعُو َن إَِل الْخَِْْي َوََيُْمُرو َن ِبلْ َم ْعُرو ِف َويَْن َهْو َن َع ِن الْ ُمن َك ِر َوأُوَٰلَئِ َك ُه ُم الْ ُمْفلِ ُحو َن﴾ [آل‬

‫عمران‪.]104:‬‬
‫فالآية ناطقة بأن الدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة‬
‫ملقاة على رقاب الأمة‪ ،‬والقيام بهذه الفريضة في وقتنا الحاضر له مستويات متعددة‪ ،‬سواء‬
‫مستوى الأفراد أو الجماعات أو المؤ ّسسات أو الجمعيّات أو المجتمعات أو الحكومات‪،‬‬

‫لكي تقوم هذه الأمة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر‪.‬‬
‫هناك عدة فرق عبر التاريخ‪ ،‬منها أهل السنّة والجماعة‪ ،‬هم الفرقة الناجية‬
‫والطائفة المنصورة الذين أخبر النبي ‪ ‬عنهم بأنهم يسيرون على طريقته وأصحابه الكرام‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫دون انحراف؛ فهم أهل الإسلام المتبّعون للكتاب والسنّة‪ ،‬المجانبون لطرق أهل الضلال‪،‬‬
‫ومن أهل السنّة والجماعة‪ ،‬جماعة أهل الحديث (السلفيون) في شبه القارة الهندية‬
‫الباكستانية التي قامت على الدعوة لاتباع الكتاب والسنّة وفهمهما على ضوء فهم‬
‫السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان‪ ،‬وتقديمهما على كل قول ورأي‬
‫سواء كان في العقائد أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق أو السياسة على طريقة‬
‫الفقهاء المحدثين‪ ،‬ومن حيث الدعوة لا يخرج فكرها من دعوة إلى التم ّسك بكتاب الله‬

‫وسنة نبيه ‪ ‬وإجماع السلف الصالح‪.‬‬
‫والعلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله‪ -‬يعتبر من الذين صرفوا حياتهم‬
‫كلها في خدمة الدين الحنيف‪ ،‬وساروا على منهج السلف الصالح‪ ،‬واهتموا بنشر دعوة‬
‫عقيدة التوحيد الصحيحة في ضوء الكتاب والسنّة‪ ،‬وفي ضوء فهم الصحابة والتابعين لهم‬
‫بإحسان الذين عاشوا العصر الذهبي الذي شهد له النبي ‪ ‬بالخير في النصوص الشرعية‪،‬‬
‫وتركوا آثارا بارزة على مسيرة الأمة المحمدية ولذا كتب الله لدعوته قبولا عاما في أرجاء العالم‬
‫الإسلامي؛ ومنها جمهورية باكستان الإسلامية التي انتشرت فيها كتبه ورسائله وتحقيقاته‬
‫بسرعة عجيبة في أقاصي البلاد في حياته وبعد مماته‪ ،‬وأقبل عليها أهل العلم وطلابه‪،‬‬
‫وينهلون منها وينتفعون بها‪ ،‬وحمل هذه الدعوة المباركة أصحابه وتلاميذه في حياته في‬

‫البلاد العربية ونقلوها إلى بلاد المغرب وإلى بلاد الهند‪.‬‬
‫فمن هذا المنطلق جاء هذا البحث الموجز بعنوان "العلامة محمد ناصر الدين‬
‫الألباني ودوره في خدمة المجتمع‪ :‬المجتمع الباكستاني نموذجا" ولا شك أن دور العلامة‬
‫الألباني قد ترك أثرا عميقا في قلب الجزيرة العربية بالدرجة الأولى كما أن صداها بلغت‬
‫مناطق بعيدة في باكستان الإسلامية‪ ،‬وتأثر بها كثير من العلماء المحققين والدعاة‬
‫المخلصين الربانيين من جماعة أهل الحديث خصوصا ومن جماعات أخرى عموما بسبب‬
‫تميّزه في سعة علمه وعمق فهمه وصحة معتقده وقوة ح ّجته وثباته على الحق‪ ،‬ولذا قسم‬

‫الباحث هذا المقال على مبحثين أساسيين‪ ،‬وفيكل مبحث ثلاثة مطالب‪:‬‬

‫‪264‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫المبحث الأول‪ :‬التعريف بالعلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله‪-‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬نبذة عن حياة العلامة الألباني‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أبرز تلاميذ العلامة الألباني من باكستان‬
‫المطلب الثالث‪ :‬بيان موقف علماء باكستان عن شخصية الألباني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثر العلامة الألباني –رحمه الله‪ -‬في المجتمع الباكستاني‬
‫المطلب الأول‪ :‬أثره في المجال العلمي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أثره في المجال الدعوي والتربوي‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أثره في أمن المجتمع الباكستاني‬

‫المبحث الأول‪ :‬التعريف ِبلعلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله‪-‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬نبذة عن حياة العلامة الألباني‬
‫الولادة والنش أة‪:‬‬

‫العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أحد أبرز علماء الحديث البارزين في العصر‬
‫الحديث‪ ،‬ولد –رحمه الله‪ -‬في مدينة أشقوردة بألبانيا سنة ‪1332‬هـ الموافق ‪1914‬م في‬
‫أسرة فقيرة متدينة ثم هاجرت أسرته إلى دمشق‪ ،‬وأكمل دراسته الابتدائية في مدرسة‬
‫الإسعاف الخيري بدمشق‪ ،‬ودرس على أبيه وعلى بعض المشائخ في دمشق‪ ،‬وفقه الحنفي‬
‫كان سائدا في الشام آنذاك‪ ،‬وكان أبا الشيخ حنفيا مقلدا ومتعصبا‪ ،‬وكان يحذره من‬
‫الاشتغال بعلم الحديث‪ ،‬أما الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬كان متوجها إلى علم الحديث‬
‫بسبب تأثره بأبحاث مجلة "المنار" التي كان يصدرها العلامة رشيد رضا في مصر‪ ،‬والشيخ‬
‫كان يواظب على مطالعة مجلة "المنار" والاستفادة من أبحاثها وخاصة تحقيقاتها في علم‬
‫الحديث حيث أصبح اهتمامه بالحديث وعلومه شغله الشاغل‪ ،‬وصار معروفا بذلك في‬
‫الأوساط العلمية في دمشق‪ ،‬حتى خصصت له إدراة المكتبة الظاهرية بمدينة دمشق غرفة‬

‫خاصة ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة وسمح له أن يدخلها وقت ما شاء‪.2‬‬

‫‪265‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫وانشغال الشيخ –رحمه الله‪ -‬بحديث رسول الله ‪ ‬أخذه إلى التم ّسك باتباع‬
‫الدليل الصحيح من القرآن الكريم والسنّة الشريفة وكذلك توجهه إلى كتب شيخ الإسلام‬
‫ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أعلام المدرسة السلفية حتى بدأ يناقش والده وبقية شيوخه‬
‫حول قضايا التوحيد والشرك والتقليد والتعصب المذهبي والبدع والخرافات فأتى بدعوة‬
‫سلفية قائمة على الکتاب والسنّة‪ ،‬وحمل راية الدعوة إلى عقيدة التوحيد‪ ،‬وح ّث العلماء‬
‫على المنهج العلمي الأصيل حسب فهم السلف وإزالة الجمود المذهبي ونبذ التعصب‬
‫المسلكي والحزبي الذی سيطر علی عقول کثير من المسلمين‪ 3‬وقد أمر الله سبحانه أهل‬
‫الإيمان بلزوم کتابه حيث قال‪َ﴿ :‬وا ْعتَ ِص ُموا ِِبَْب ِل اََّّلِل ََِجيًعا َولَا تََفَّرقُوا﴾ [آل‬
‫عمران‪ .]103:‬وقال‪ََ﴿ :‬ي أَُيَّها الَنّا ُس قَ ْد َجاءَُكم بُْرَها ٌن ِمن َّربِ ُك ْم َوأَنَزلْنَا إِلَْي ُك ْم نُوًرا‬

‫ُّمبِينًا﴾ [النساء‪.]174:‬‬
‫نشاطاته الدعوية والعلمية‪:‬‬
‫نشط الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬في دعوته من خلال دروس ومحاضرات‬
‫وندوات ولقاءات ومقالات وردود بأسلوب دقيق‪ ،‬قائم علی أدلة من الکتاب والسنة‬
‫الذی يتميز بالحكمة والموعظة الحسنة والاعتدال والتوسط حتى ترك إرثا ضخما فی صورة‬
‫المصنفات والفتاوی والمواد التسجيلية الصوتية وغيرها‪ .‬بدأ الشيخ –رحمه الله‪ -‬الحلقات‬
‫العلمية يحضر فيها طلاب الجامعات وخارج الجامعات من دمشق‪ ،‬وحمل الشيخ راية‬
‫الدعوة إلى التوحيد الخالص والسنة المطهرة من خلال هذه الحلقات العلمية‪ ،‬وفيها‬
‫يحضرون كثير من المشائخ وأساتذة الجامعات وقادة الإخوان‪ ،‬وقد جرت بينه وبينهم‬
‫مناقشات حول مسائل التوحيد والاتباع والتصوف والتقليد والتعصب المذهبي وغير ذلك‪،‬‬
‫ولقي الشيخ المعارضة الشديدة من متعصبي المذاهب ومشايخ الصوفية والمبتدعة فكانوا‬
‫يتهمونه "وهابي ضال" ويح ّذرون الناس منه‪ ،‬وفي نفس الوقت قد وافق على دعوته العلماء‬
‫الربانيون من أهل الفضل والصلاح‪ ،‬المعروفين بالعلم والدين من دمشق الذين حثّوه على‬

‫‪266‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫استمرار دعوته‪ ،‬وقد كتب الله لدعوته قبولا بين أوساط المثّقفين بمدينة دمشق‪ ،‬ومن‬
‫الكتب التى كان يدرسها الشيخ في الحلقات العلمية‪:‬‬
‫‪ – 1‬زاد المعاد للحافظ ابن القيم‬
‫‪ – 2‬نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني‬

‫‪ - 3‬فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب‬
‫‪ -4‬الروضة الندية في شرح الدرر البهية للعلامة الشوكاني والعلامة صديق حسن خان‬

‫القنوجي‬
‫‪ - 5‬الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لحافظ ابنكثير والشيخ أحمد شاكر‬

‫‪ –6‬أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف‬
‫‪ – 7‬الترغيب والترهيب للحافظ المنذري‬

‫‪ – 8‬الأدب المفرد للإمام البخاري‬
‫‪ – 9‬الحلال والحرام في الإسلام للشيخ يوسف القرضاوي‬

‫‪ -10‬رياض الصالحين للإمام النووي‬
‫‪ -11‬الإلمام في أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد‬

‫‪ -12‬فقه السنة لسيد سابق‬
‫‪ – 13‬منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد‬
‫وكان الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬يعقد درسا خاصا للنساء من كتاب "الترغيب‬
‫والترهيب" ويختار منه ما صح من الحديث ويعلق عليه‪.4‬‬

‫إنجازاته وأعماله‪:‬‬
‫قام الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬على منهج السلف الصالح وهو اتباع الكتاب والسنة‬
‫وفهمهما على منهج السلف الصالح انطلاقا من قول الله تعالى‪َ﴿ :‬وَم ْن يُ َشاقِ ِق الَّر ُسوَل‬
‫ِم ْن بَ ْع ِد َما تَبَََّّي لَهُ اْْلَُد َٰى َويََتّبِ ْع غََْْي َسبِي ِل الْ ُمْؤِمنََِّي نَُولِِه َما تََوََّٰل َونُ ْصِلِه َجَهَنّ َم ۖ‬
‫َو َساءَ ْت َم ِصْياً﴾ [النساء‪ ]115:‬وخاض في مجال الدعوة والعلم والتعليم بأسلوب قرآني‪:‬‬

‫‪267‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫﴿ا ْدعُ إَِل َسبِي ِل َربِ َك ِبلْحِ ْك َمِة َوالْ َمْوِعظَِة الْحَ َسنَِة َو َجا ِدْلُْم ِِبَلِّت ِه َي أَ ْح َس ُن﴾‬
‫[النحل‪ .]125:‬لأنه كان في بيئة يعظمون فيها كثير من الناس القبور والمشائخ فوق الحد‬
‫الشرعي‪ ،‬واستطاع بتوفيق الله عز وجل أن يؤسس مدرسة جديدة في الحديث وعلومه‪،‬‬
‫وكان أهم معالمها تطهير السنة النبوية الصحيحة من المردودة والضعيفة‪ ،‬وألّف ‪-‬رحمه الله‪-‬‬
‫كتبا عديدة خ ّصصها للأحاديث الصحيحة وأخرى للضعيفة‪ ،‬وعمل على عزل الصحيح‬
‫عن الضعيف والمردود في كتب السنّة‪ ،‬وخّرج أحاديث بعض الكتب‪ ،‬ودافع عن السيرة‬
‫النبوية والأحاديث الشريفة بالرد على من تجرؤا عليهما إلى غير ذلك من جهوده المميزة‪،‬‬
‫فالشيخ كان مشغولا في مجال التعليم والتحقيق والدعوة والتدريس بدمشق حتى تم اختياره‬
‫للتدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من قبل سماحة مفتي المملكة العربية السعودية‬
‫الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ –رحمه الله‪ -‬الذي كان رئيسا للجامعة الإسلامية‬
‫بالمدينة المنورة آنذاك‪ 5‬وفي هذه المرحلة التي قد منحه الله تعالى فأوجد تلاميذه الذين حملوا‬
‫دعوته لبلاد لم يزرها قط‪ ،‬قد تخرج على يديه عدد كبير من طلبة العلم والدين الذين‬
‫اشتغلوا بهذا العلم النبيل على منهجه الأصيل في كل البلاد‪ ،‬ولذا تأثر به أكثر تلاميذه‬

‫حتى أصبح لكل منهم دعوة سلفية قوية في بلادهم‪.‬‬
‫ثناء العلماء عليه‪:‬‬

‫عمل الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬طول حياته فی حقل الدعوة الإسلامية علی منهج‬
‫السلف الصالح ولذا أثنى العلماء عليه ثناء حسنا‪ ،‬وإليكم نبذة من هذا الثناء من قبل أهل‬
‫العلم والفضل‪ :‬يقول سماحة المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ في حقه‪" :‬هو صاحب سنة‬

‫ونصرة للحق ومصادمة لأهل باطل"‪.6‬‬
‫يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز‪" :‬الشيخ الألباني معروف أنه من أهل‬
‫السنة والجماعة ومن أنصار السنة ومن دعاة السنة من المجاهدين في سبيل حفظ السنة"‪.7‬‬
‫سئل ابن باز مرة من مجدد هذا القرن؟ فقال‪" :‬محمد ناصر الدين الألباني مجدد هذا العصر‬
‫فی ظني والله أعلم"‪ .8‬ويقول الشيخ ابن باز في مقاله الذي نشر في مجلة الأصالة‪" :‬وأثره‬

‫فی العالم الإسلامي کبير ويعد من علماء الأمة بمآثره الجليلة العظيمة"‪.9‬‬

‫‪268‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وقد أشادت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية‬
‫بجهود الشيخ الألباني وقالت في الفتوی رقم‪ 5981:‬ما نصه‪" :‬الرجل معروف لدينا بالعلم‬
‫والفضل وتعظيم السنة وخدمتها وتأييد مذهب أهل السنة والجماعة في التحذير من‬
‫التعصب والتقليد الأعمی وکتبه مفيدة"‪ .10‬ويستعمل له الشيخ الشهير محمد الغزالي ألقابا‬
‫تالية‪" :‬الأستاذ‪ ،‬المحدث‪ ،‬العلامة‪ ،‬الشيخ"‪ .11‬ويلقبه العالم الکبير الشهير الشيخ يوسف‬

‫القرضاوي بمحدث بلاد الشام وذلك في كتابه"‪.12‬‬
‫ويقول فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق‪" :‬عالم من علماء المسلمين‬
‫وعلم من أعلام الدعوة إلى الله وشيخ المحدثين وإمامهم في العصر الراهن"‪ .13‬کتب الشيخ‬
‫المحدث عبد الصمد شرف الدين شيخ أهل الحديث في الهند في رسالة أرسل بها إلى الإمام‬
‫الألباني جاء فيها‪" :‬وصل إلى الشيخ عبيد الله الرحماني شيخ الجامعة السلفية ببنارس في‬
‫الهند استفسار من دار الإفتاء من المملكة العربية السعودية عن حديث غريب فی لفظه‬
‫عجيب فی معناه فأتفق رأی من حضر هنا من العلماء علی مراجعة أکبر عالم بالأحاديث‬
‫النبوية في هذا العصر ألا وهو الشيخ الألباني"‪ .14‬من الشام الشيخ محمد إبراهيم شقرة‬
‫يختار له الألقاب التالية‪" :‬أستاذ العلماء‪ ،‬شيخ الفقهاء‪ ،‬رأس المجتهدين في هذا الزمان"‪.15‬‬

‫وف ات ه‪:‬‬
‫فكان الشيخ –رحمه الله‪ -‬يعاني في السنوات الأخيرة من عمره عدة أمراض‪ ،‬وقد نحل‬
‫جسمه كثيرا‪ ،‬وكان مع ذلك صابرا محتسبا‪ ،‬توفي –رحمه الله‪ -‬بعد حياة حافلة بالعلم‬
‫والتحقيق والدعوة والعمل في يوم السبت بتاريخ الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرى‬
‫سنة ‪1420‬هـ الموافق الثاني من أكتوبر عام ‪1999‬م‪ .16‬فرحمه الله رحمة واسعة‪ ،‬وجعل‬

‫الفردوس الأعلى مثواه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أبرز تلاميذ العلامة الألباني من ِبكستان‬
‫والشيخ الألباني ‪-‬رحمه الله‪ -‬لم يكتف بالتأليف فقط بل كانت له دروس يلقيها على‬
‫تلامذته‪ ،‬وتلاميذه أكثر من أن يحصوا‪ ،‬وهم على طبقات ثلاثة‪ ،‬طبقة السوريين‪ ،‬وطبقة‬
‫الذين حضروا في مجالسه ودروسه‪ ،‬وطبقة طلابه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة‪ ،‬تخرج‬

‫‪269‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫عليه علماء كثير في طبقات مخلتفة ولكنني أتحدث عن تلاميذه من جمهورية باكستان‬
‫الإسلامية الذين درسوا عليه في الجامعة الإسلامية وتأثروا به أثرا بالغا‪ ،‬فمن هؤلاء الشيخ‬
‫الشهيد إحسان إلهي ظهير والشيخ عبد السلام الكيلاني ‪-‬رحمهما الله‪ -‬والشيخ المفتى ثناء‬
‫الله خان المدني والشيخ الحافظ عبد الرحمن المدني والشيخ المفتى عبد الستار الحماد –‬

‫حفظهم الله‪ ،-‬وأسلّط الضوء على سيرتهم العطرة باختصار في السطور التالية‪.‬‬
‫الشيخ إحسان إْلي ظهْي‪:‬‬

‫هو إحسان إلهي ظهير بن ظهور إلهي‪ ،‬ولد سنة ‪1945‬م بتاريخ ‪ 31‬من مايو بمدنية‬
‫سيالكوت‪ ،‬وأسرته تنتمى إلى أهل الحديث‪ ،‬حفظ القرآن الكريم‪ ،‬وأكمل دراسته الابتدائية‬
‫في المدارس العادية‪ ،‬ثم التحق بالجامعة الإسلامية بكجرانواله والجامعة السلفية بفيصل‬
‫أباد‪ ،‬وقرأ على عدة مشائخ كبار هناك‪ ،‬ثم سافر إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة‬
‫واستفاد هناك من الشيخ عبد المحسن العباد والشيخ حماد الأنصاري والشيخ عبدالغفار‬
‫حسن العمرفوري والشيخ الألباني ولازمه ثلاث سنوات‪ ،‬وحصل على شهادة الليسانس‬
‫من كلية الشريعة‪ ،‬وكان ترتيبه الأول على طلبة الجامعة‪ ،‬وبعد تخرجه رجع إلى باكستان‬
‫والتحق بجامعة بنجاب وحصل على ست شهادات ماجستير في اللغة العربية والشريعة‬

‫الإسلامية واللغة الفارسية واللغة الأردية والسياسة والحقوق‪.‬‬
‫وكان الشيخ ‪-‬رحمه الله‪ -‬عالما جليلا‪ ،‬وخطيبا باهرا‪ ،‬وأديبا بارزا‪ ،‬ومجاهدا كبيرا‪،‬‬
‫وعلما من أعلام الدعوة الإسلامية‪ ،‬ورئيسا لمجمع البحوث الإسلامية ورئيس التحرير لمجلة‬
‫"ترجمان الحديث" التابعة لجمعية أهل الحديث بباكستان‪ ،‬ويقول عنه زميله ورفيقه الدكتور‬

‫محمد لقمان السلفي‪:‬‬
‫"قد عرفت هذا المجاهد الذي أوقف حياته بل باع نفسه في سبيل الله أكثر من‬
‫خمس وعشرين سنة عندما جمعتني به رحمه الله مقاعد الدراسة في الجامعة الإسلامية‪،‬‬
‫جلست معه جنباً إلى جنب لمدة أربع سنوات فعرفته طالبا ذكيا‪ ،‬يفوق أقرانه في الدراسة‪،‬‬
‫والبحث‪ ،‬والمناظرة! وجدته يحفظ آلاف الأحاديث النبوية عن ظهر قلب‪ ،‬كان يخرج من‬
‫الفصل ويتبع مفتي الديار الشامية الشيخ ناصر الدين الألباني‪ ،‬ويجلس أمامه في فناء‬

‫‪270‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫الجامعة على الحصى‪ ،‬يسأله في الحديث ومصطلحه ورجاله ويتناقش معه‪ ،‬والشيخ رحب‬
‫الصدر يسمع منه‪ ،‬ويجيب على أسئلته وكأنه لمح في عينيه ما سيكون عليه هذا الشاب‬

‫النبيه من الشأن العظيم في سبيل الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بالقلم واللسان"‪.17‬‬
‫عقد جمعية أهل الحديث ندوة بمدينة لاهور في تاريخ ‪ 23‬من مارس عام‬
‫‪1988‬م والشيخ كان يلقي محاضرة مع عدد من الدعاة والعلماء واستشهد خلال محاضرته‬
‫بقنبلة موقوتة وأصيب بجروح بالغة‪ ،‬وأدخل بالمستشفى بلاهور‪ ،‬وبقي أربعة أيام هناك ثم‬
‫نقل إلى الرياض بالمملكة العربية السعودية بأمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك‬
‫فهد بن عبد العزيز –رحمه الله‪ -‬حتى توفي –رحمه الله‪ -‬في الرياض فنقل بالطائرة إلى المدينة‬
‫المنورة‪ ،‬ودفن بالبقبع بالقرب من صحابة رسول الله ‪ ‬وقد كتب العديد من الكتب‬

‫والمؤلفات العلمية القيمة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الشيعة والسنة‬

‫‪ -2‬الشيعة وأهل البيت‬
‫‪ -3‬الشيعة والتشيع فرق وتاريخ‬

‫‪ -4‬الإسماعيلية تاريخ وعقائد‬
‫‪ -5‬البابية عرض ونقد‬
‫‪ -6‬القاديانية‬

‫‪ -7‬البريلوية عقائد وتاريخ‬
‫‪ -8‬البهائية نقد وتحليل‬
‫‪ -9‬الشيعة والقرآن‬

‫‪ -10‬التصوف المنشأ والمصادر‬
‫‪ -11‬كتاب الوسيلة (باللغة الإنجليزية والأردية)‬

‫‪-12‬كتاب التوحيد‬

‫‪271‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫الشيخ عبد السلام الكيلاني‪:‬‬
‫هو عبد السلام بن حافظ عبد الحي كيلاني‪ ،‬ولد سنة ‪1941‬م قرية "جاندي كوت" من‬
‫مضافات مدينة شيخوبورة‪ ،‬كان من أسرة علمية‪ ،‬درس على عدة مشائخ كبار في‬
‫باكستان ثم التحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة واستفاد هناك من الشيخ ناصر الدين‬
‫الألباني والشيخ عبد المحسن العباد والشيخ حماد الأنصاري والشيخ عبدالغفار حسن العمر‬
‫فوري‪ ،‬بعد عودته من المدينة عّين مدرسا من قبل وزارة الشؤون الإسلامية بالجامعة السلفية‬
‫بفيصل آباد ثم درس في عدة مدارس كالجامعة السلفية بإسلام آباد وفي مجمع العلماء‬
‫بلاهور تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في باكستان‪ ،‬ثم انتقل إلى قارة إفريقيا‬
‫وأشرف على مدرسة الفلاح بممباسا في كينيا عدة سنوات ثم انتقل إلى مدرسة مركز أم‬
‫المؤمنين عائشة بجنجا في أوعندا كمشرف‪ ،‬ثم رجع إلى باكستان قبل وفاته بسنتين في مركز‬
‫دارالسلام كشيخ الحديث بمدينة مندي واربرتن في بنجاب‪ ،‬وتوفي الشيخ رحمه الله سنة‬

‫‪2008‬م بتاريخ ‪ 29‬من يوليو‪.18‬‬
‫الشيخ الحافظ عبد الرحمن المدني‪:‬‬
‫هو عبد الرحمن بن محمد حسين الأمرتسري‪ ،‬المدني‪ ،‬ولد عام ‪1940‬م بمدينة‬
‫أمرتسر قبل تحرير الهند وإنشاء جمهورية باكستان الإسلامية‪ ،‬حفظ القرآن الكريم في صغر‬
‫سنه‪ ،‬أكمل دراسته في المدارس العادية‪ ،‬بعد تحرير الهند هاجر مع أسرته إلى مدينة لاهور‬
‫وأكمل دراسته على علماء أسرته مثل أبيه وعمه الحافظ عبد الله المحدث الروبري‪ ،‬ثم ُعّين‬
‫مدّرسا بمدرسة أسرته في "جامعة أهل حديث" حتى سافر إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة‬
‫المنورة لتحصيل العلم وحصل على شهادة الليسانس من كلية الشريعة مع زملائه إحسان‬
‫الهي ظهير وعبد السلام الكيلاني وثناء الله المدني‪ ،‬لما كان بالمدينة المنورة كان يحضر في‬
‫دروس سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة الأسبق‪ ،‬ولازم الشيخ الإمام‬
‫محمد ناصر الدين الألباني بالجامعة‪ 19‬وحصل الدكتوراة من جامعةكراتشي‪ ،‬باكستان على‬
‫موضوع "أصول الاجتهاد في الجامع الصحيح للإمام البخاري" وطبعه هذا الكتاب مجلس‬

‫التحقيق الإسلامي بلاهور‪.‬‬

‫‪272‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫بعد عودته من المدينة المنورة اشتغل بالتدريس في "جامعة أهل حديث" ثم أنشأ‬
‫"المدرسة الرحمانية" أو "جامعة لاهور الإسلامية" على منوال الجامعة الإسلامية بالمدينة‬
‫المنورة‪ ،‬وق ّسمه إلى ثلاثة أقسام‪ :‬كلية الشريعة‪ ،‬والمعهد العالي للشريعة والقضاء وكلية القرآن‬
‫الكريم والعلوم الإسلامية‪ 20‬وكذلك أنشأ "مجلس التحقيق الإسلامي" وهذا المجلس يصدر‬
‫مجلة شهرية باسم "محدث" باللغة الأردية‪ ،‬تعتبر هذه المجلة مجلة علمية مؤقّرة التي تدافع عن‬

‫السنة النبوية وترد على الفرق الضالة والمنحرفة والمبتدعة‪.‬‬
‫الشيخ الحافظ ثناء الله المدني‪:‬‬

‫هو أبو النصر ثناء الله بن عيسى خان بن إسماعيل خان‪ ،‬المدني‪ ،‬اللاهوري‪ ،‬ولد في قرية‬
‫"كلس" من مضافات مدينة لاهور في البنجاب سنة‪1940‬م‪ ،‬بدأ دراسته الابتدائية في‬
‫قريته‪ ،‬وحفظ القرآن في سن مبكرة‪ ،‬ورحل بعد ذلك إلى لاهور ودرس في جامعة أهل‬
‫الحديث بها‪ ،‬وفي الجامعة المحمدية في أوكارة‪ ،‬ثم التحق بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة‬
‫وحصل على شهادة الليسانس بامتياز من كلية الشريعة ورجع بعدها إلى وطنه‪ ،‬وعّين‬
‫مدّرسا في الجامعة السلفية بفيصل آباد من قبل وزارة الشؤون الإسلامية‪ ،‬وكان مديرا‬

‫للتعليم بالجامعة أيضا‪ ،‬ثم انتقل إلى جامعة لاهور الإسلاميةكشيخ الحديث‪.‬‬
‫يعتبر الشيخ من كبار علماء أهل الحديث بباكستان إن لم يكن أكبرهم وأجلهم‬
‫حاليا؛ لما كان بالمدينة المنورة كان يتردد على الرياض كثيرا لحضور دروس سماحة الشيخ‬
‫محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة الأسبق‪ ،‬ولازم الشيخ الإمام محمد ناصر الدين‬
‫الألباني‪ ،‬وله دروس في شرح كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب‪ ،‬أنه دّرس‬
‫حوالي أربعين سنة صحيح البخاري كاملا في دروسه اليومية المستمرة في فيصل آباد‬
‫ولاهور حيث إنه من عادته أن يتم شرح صحيح البخاري كل سنتين تقريبا في دروسه‬
‫اليومية‪ ،‬وكذلك اشتهر بمفتى أهل الحديث في باكستان‪ ،‬وفتاواه المكتوبة تقع في عدة‬
‫مجلدات وفيها استدلالات من كلام الإمام الألباني وكتبه‪ ،‬وتطبع في مجلة أسبوعية باسم‬

‫"الاعتصام" بلاهور‪ ،‬وله عدة مصنفات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ –1‬فتاوى ثنائية مدنية بالأردية (مجلدين) مطبوع‬

‫‪273‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫‪ –2‬جائزة الأحوذي على سنن الترمذي بالعربية (أربع مجلدات) مطبوع‬
‫‪ –3‬شرح صحيح البخاري بالعربية غير مطبوع‪.21‬‬
‫الشيخ عبد الستار الحماد‪:‬‬

‫هو عبد الستار‪ ،‬وكني بـ أبو محمد‪ ،‬ولقب بـ الحماد‪ ،‬من مواليد عام ‪1952‬م بتاريخ ‪16‬‬
‫من إبريل في مضافات ميانجانو‪ ،‬بنجاب‪ ،‬باكستان‪ ،‬أخذ بقسط وافر من العلم في بلده‬
‫على يد من جماعة الشيوخ والعلماء وبلغ من الفقه واللغة والتفسير وعلوما أخرى مبلغا‬
‫عظيما‪ 22‬وأصبح عالما بسبب جهده وإشتياقه للعلم ومصاحبته للعلماء‪ ،‬وفي عام‬
‫‪1974‬م ارتحل الأستاذ الحماد إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة‪ ،‬فبدأ الدراسة فيكلية القرآن‬
‫وحفظ كتب القراءة واستفاد من حلقات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ومن مجالسه‬
‫العلمية‪ ،‬والشيخ محمد بن حماد الأنصاري ثم رجع إلى باكستان‪ ،‬وبعد عودته من المدينة‬
‫المنورة عّين مدرسا من قبل وزارة الشؤون الإسلامية في مراكز ومدارس مختلفة بمدينة لاهور‬

‫وفيصل آباد ومامون كانجن وغيرها حتى أصبح متقاعدا آخر عام ‪1438‬هـ‪.‬‬
‫اشتغل الشيخ في تدريس العلم طول حياته ولم يكتف بالتدريس فقط بل دخل‬
‫في مجال التأليف والتصنيف‪ ،‬وألف عدة كتب في مجالات مختلفة وكذلك قام بترجمة بعض‬

‫الكتب من العربية إلى الأردية‪ ،‬فمن أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬قام بشرح أصح الكتب بعد كتاب الله الجامع الصحيح للإمام البخاري ‪-‬رحمه‬
‫الله‪ -‬باسم "هداية القاري في شرح صحيح البخاري" وقد مضي على شرح هذا‬
‫الكتاب أكثر من ‪ 15‬سنة‪ ،‬ويعتبر من أهم مؤلفات الشيخ‪ ،‬طبعه دار السلام‬

‫بلاهور في‪ 12‬مجلد‪.‬‬
‫‪ -2‬مختصر صحيح بخاري (ترجمة في اللغة الأردية)‪ :‬للمحدث الجليل إمام زين الدين‬
‫أحمد بن عبد اللطيف الزبيدي‪ ،‬وهو كتاب شامل على الأحاديث المرفوعة‬
‫والمتصلة من الصحيح للبخاري‪ ،‬وسماه " التجريد الصريح لأحاديث الجامع‬

‫الصحيح "المطبوع من دار السلام بلاهور في مجلدين‪.‬‬

‫‪274‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -3‬مرآة جمال النبوة للشيخ إبراهيم بن عبد الله حازمي‪ ،‬قام بترجمته بالأردية‪ ،‬طبعه‬
‫دار السلام بلاهور‪.‬‬

‫‪ -4‬حجية حديث‪ ،‬طبعه دار السلام‪ ،‬لاهور‪.‬‬
‫‪ -5‬تسهيل مقدمة ابن الصلاح (في اللغة الأردية)‪ :‬الناشر‪ :‬المكتبة الناصرية‪ ،‬فيصل‬

‫آباد‪ -‬باكستان‬
‫‪ -6‬قيام رمضان وأحكام الصيام والعيدين للعلامة ناصر الدين الألباني‪ ،‬ترجمه في‬

‫اللغة الأردية‪.‬‬
‫‪ -7‬كتاب الجهاد للمحدث عبد الله بن مبارك ‪-‬رحمه الله‪ ،-‬وترجمه مولانا أبو سعيد‬
‫عبد الحنان‪ ،‬وص ّححه الشيخ عبد الستار الحماد حفظه الله‪ ،‬طبعه المكتبة دار‬

‫الهدى‪ ،‬لاهور‪.‬‬
‫‪ -8‬المستفاد من مبهمات المتن والإسناد للشيخ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد‬
‫الرحيم‪ ،‬وعلّق عليه الشيخ عبد الستار الحماد‪ ،‬وطبعه مركز الدراسات‬

‫الإسلامية‪ -‬ميان جنون‪ -‬باكستان‪.‬‬
‫‪ -9‬كتاب البيوع؛ وهذا الكتاب في اللغة الأردية وهو شرح كتاب البخاري والمؤلف‬
‫قد استدل بأحاديث كتاب البيوع في البخاري في الأمور المالية والتجارية‬

‫المعاصرة‪ ،‬وهو مطبوع من مكتبة الإسلامية بلاهور‪.‬‬
‫‪ -10‬مسئلة الإيمان والكفر في اللغة الأردية والمطبوع من مكتبة الإسلامية بلاهور‪.‬‬

‫‪ -11‬آثام مهلكة للبيئة في اللغة الأردية والمطبوع من مكتبة الإسلامية بلاهور‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بيان موقف علماء ِبكستان عن شخصية العلامة الألباني‬
‫كان الشيخ –رحمه الله‪ -‬جاهد في نشر الدعوة وقمع البدعة وبيان أباطيل وأكاذيب‬
‫المنحرفة‪ ،‬ورّد كثير من الشبهات والخرافات المبتدعة‪ ،‬وسار على منهج السلف الصالح‪،‬‬
‫ودعى إليه الناس والعلماء والدعاة في محاضراته ومؤلفاته ومصنفاته‪ ،‬وكان له مؤيّدون‬

‫‪275‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫يراسلونه ويطلبون منه الاستقامة والاستمرا في دعوته ومنهجه‪ ،‬فنستطيع أن نقسمه إلى‬
‫قسمين‪ :‬الأول‪ :‬مؤيدون والثاني‪ :‬المعاندون‪.‬‬
‫الأول‪ :‬مؤي دون‪:‬‬

‫أن الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬ح ّدد الأهداف والخطوات لدعوته‪ 23‬ثم دعى إليها طلاب‬
‫العلم والعلماء والدعاة وحّرض تلاميذه للدعوة إليها‪ ،‬وها هي الأهداف‪:‬‬

‫‪ -1‬الرجوع إلی الکتاب والسنّة الصحيحة‪ ،‬وفهمهما على النهج الذي كان عليهما‬
‫السلف الصالح‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف المسلمين بدينهم الأصيل‪ ،‬ودعوتهم إلى العمل بتعليماته وأحكامه‪ ،‬والتحلّي‬
‫بفضائله وآدابه‪.‬‬

‫‪ -3‬تصفية عقيدة المسلمين وتطهيرها من الشرك على اختلاف مظاهره‪ ،‬وتحذيرهم من‬
‫نظريات فاسدة‪ ،‬وخرافات دخيلة وتأثيرات أجنبية‪ ،‬والأحاديث المنكرة التي شّوهت جمال‬

‫الإسلام‪.‬‬
‫‪ -4‬إحياء المنهج العلمي والتفكير الإسلامي في ضوء الکتاب والسنة وإزالة الجمود‬

‫الفكري والتعصب المذهبي الذی سيطر علی عقولکثير من المسلمين‪.‬‬
‫‪ -5‬السعي نحو استئناف حياة إسلامية‪ ،‬وإنشاء مجتمع إسلامي عملي مع تطبيق أحكام‬

‫الله عّز وجل في الأرض‪.‬‬
‫فهذه الخطوات والأهداف لم يقبلها إلا العلماء من الطائفة السلفية في بلاد‬
‫العالم الإسلامي‪ ،‬وهكذا علماء أهل الحديث من باكستان؛ لأنهم يدعون الناس إلى‬
‫التوحيد الخالص‪ ،‬ويحذرونهم من الشركيات والبدعيات‪ ،‬ويركزون على اتباع النبي ‪ ‬في‬
‫ضوء فهم السلف الصالح‪ ،‬ويخالفون التقليد الجامد والالتزام بمذهب معين‪ ،‬ويقدمون العقل‬
‫على النقل والرواية على الرأي‪ ،‬ويحذرون الناس من الأحاديث الضعيفة والموضوعة‪،‬‬
‫ويدعون إلى تطبيق النظام الشرعي في أرض الله‪ ،‬وأهل الحديث يحبّون الشيخ الألباني –‬
‫رحمه الله‪ -‬وينصرونه ويؤيّدون دعوته‪ ،‬وينشرون كتبه وأفكاره في أنحاء باكستان‪ ،‬ويدافعون‬

‫عنه‪ ،‬ويرّدون على مخالفيه ومعانديه‪.‬‬

‫‪276‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫يقول تلميذه المفتي ثناء الله المدني في حقه‪ :‬أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا‬
‫الرجل الفذ لخدمة السنة المطهرة فقط‪ ،‬ولا نجد مثيله في العالم كله‪ ،‬أنه أسس مدرسة‬
‫مستقلة في علم الحديث وفق منهج التي وضعها المحدثون في زمن قديم‪ ،‬وله منهج في نقد‬
‫الأحاديث يخالف فيه عن علماء العلم‪ ،‬ويسير وفق المنهجية المنضبطة كسائر المحدثين‬
‫الكبار من المتأخرين‪ ،‬وهذا نوع من النقد ليس طعنا في السنة النبوية‪ ،‬ولا مخالفا لإجماع‬
‫العلماء السابقين‪ ،‬وهو كسائر العلماء يؤخد قوله ويرد منه‪ ،‬ولكنه من الأئمة الكبار‪ ،‬نفع‬
‫الله به نفعا عظيما‪ ،‬يستفيدون منه المبتدؤون والعالمون ‪-‬وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء‪-‬‬
‫لما كنت طالبا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة نجلس مع الشيخ المحدث الكبير على‬
‫الرمل أثناء الاستراحات بين الدروس‪ ،‬ونناقش معه المسائل في الفصل الدراسي وفناء‬
‫الجامعة‪ ،‬وكانت علاقة الشيخ معنا كعلاقة الزميل مع الزميل‪ ،‬ليس كعلاقة الأستاذ‬

‫بالتلميذ‪.‬‬
‫وناقشنا معه في عدة قضايا كمسئلة خلع النعلين في الصلاة وفاتحة خلف الإمام‬
‫وغيرها‪ ،‬ثم أرسلنا رسالة إلى محدث باكستان عبد الله الأمرتسري مع بيان رأي الشيخ‬
‫المحدث الألباني‪ ،‬فعلق الشيخ الأمرتسري علي رأيه بالتفصيل وأعطيناه الشيخ‪ ،‬فبعد قراءته‬
‫قال‪" :‬لي أوهام وله أوهام ولا أطول البحث"‪ .24‬ويقول الشيخ محمد رمضان السلفي‪25‬‬
‫عنه‪ :‬ورد عن النبي ‪« :‬إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يج ّدد له‬
‫دينها"‪ 26‬قد مّر في التاريخ الإسلامي شخصيات عديدة الذين ج ّددوا هذا الدين الحنيف‪،‬‬
‫أما المج ّدد في هذا القرن وهو الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله‪-‬‬
‫‪ .‬ويقول عنه الدكتور حميد الله‪ :27‬المحدث الكبير محمد ناصر الدين الألباني من الذين‬
‫حملوا راية الحماية للسنّة النبوية‪ ،‬أنه ألّف كتب عديدة في خدمة الحديث النبوي‪ ،‬واستفاد‬
‫منهم جٌّم غفير في العالم كله‪ ،‬في الحقيقة هو مصداق لقوله "رجل في أمة وأمة في‬
‫رجل"‪ .28‬ويكتب الشيخ المحقق الكبير إرشاد الحق الأثري‪ 29‬في حقه‪ :‬أن المحدث الكبير‬
‫محمد ناصر الدين الألباني من الذين أدوا واجبهم الديني‪ ،‬وساهموا في نشر العلوم الحديثية‬
‫والدينية‪ ،‬ولجهوده أثر بالغ في البلاد عامة وفي باكستان خاصة‪ ،‬وخدمات الألباني واسع‬

‫‪277‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫جدا‪ ،‬نحتاج السفينة للتعّرف على خدماتها‪ ،‬وينبغي لنا أن نعترف بخدماته الجليلة‬
‫القيمة‪.30‬‬

‫الثاني‪ :‬المع اندون‪:‬‬
‫أي فكر أو دعوة تظهر في العالم نجد لها معاند ومعارض أيضا فهذه سنّة الله‪ ،‬لما ظهر‬
‫دعوة النبي الكريم ‪ ‬عاداه القريب والبعيد‪ ،‬ونسبوا إليه ألقاب عديدة فالشيخ الألباني –‬
‫رحمه الله‪ -‬سار على المنهج الذي سار عليه السلف الصالح في التزام الكتاب والسنّة‪ ،‬لما‬
‫ظهر له الح ّجة والبرهان خلاف الأشياء التي يفعلها هو وأسرته ومشائخه وأهل بلده فترك‬
‫هذه الأعمال كلها‪ ،‬فواجه المخالفة والمعارضة كالمصلحين في العالم الذين واجهوا الأعداء‬
‫والمخالفين والمعاندين‪ ،‬والسبب في معاندته ومخالفته هو دعوته إلى التم ّسك بالكتاب‬

‫والسنّة وترك التقليد الجامد‪ ،‬والتحذير عن الجمود الفكري والتع ّصب المذهبي‪.‬‬
‫وجمهورية باكستان الإسلامية معروفة بتقليد مذهب الأحناف‪ ،‬معظم العلماء‬
‫ينتمون إلى المدرسة الديوبندية‪ ،‬ولهذه المدرسة شعارات ثلاثة هي‪ :‬العقيدة الأشعرية‬
‫الماتريدية‪ ،‬والتقليد المذهبي‪ ،‬والتصوف الطرقي‪ ،‬وبناء على هذه الشعارات خالف كبار‬
‫علماء الديوبندية دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية‪ ،‬وابن قيم الجوزية‪ ،‬ومحمد بن عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬والشوكاني‪ ،‬وصديق حسن خان القنوجي‪ ،‬والسيد نذير حسين المحدث الدهلوي‬
‫وغيرهم –رحمهم الله تعالى‪ -‬وهكذا خالفوا الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني –‬

‫رحمه الله‪ -‬وعلماء جماعة أهل الحديث‪.‬‬
‫والأمر الثاني هو كتاب المحّقق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي –رحمه الله‪ -‬في رّد‬
‫الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬الذي كتبه باسم "الألباني‪ :‬شذوذه وأخطاؤه"؛ لأن الشيخ‬
‫الأعظمي كان حنفي المذهب‪ ،‬ديوبندي المشرب‪ ،‬فأهل ديوبند يعظّمونه‪ ،‬ويعتمدون على‬
‫تحقيقاته‪ ،‬ويعتبرون كتابه خدمة عظيمة في رّد الألباني‪ ،‬ويأخذون من كتابه مبحثا مبحثا‬
‫حين بعد حين ويترجمونه إلى اللغة الأردية‪ ،‬وينشرونه في المجلات الأردية‪ ،‬أما الاعتراضات‬

‫على الشيخ الألباني فممكن أذكرها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪278‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ .1‬عدم التفات الألباني في نقد المتن‪ ،‬والحديث يكون صحيحا أو ضعيفا بحيث‬
‫المتن‪.‬‬

‫‪ .2‬عدم التفرقة بين الشذوذ وزيادة الراوي الثقة‪.‬‬
‫‪ .3‬نقد الألباني على الأئمة المجتهدين بدون دليل وبرهان‪.‬‬
‫‪ .4‬منهج الألباني غير واضح في تحقيق الحديث والحكم عليه‪.‬‬
‫‪ .5‬حكمه على أحاديث البخاري ومسلم من حيث الضعف‪.‬‬
‫‪ .6‬عدم التفات الألباني في أقوال الأئمة من المحدثين والفقهاء‪.‬‬

‫‪ .7‬مخالفته في عدة مسائل في تعامل الأمة عبر التاريخ‪.‬‬
‫‪ .8‬رّد الألباني على مخالفيه بطريقة جريحة‬

‫فعلى هذا الأساس من عادة الديوبندية بأنهم اختاروا المقالات والبحوث العربية‬
‫التي كتبت في مخالفة منهج الشيخ الألباني للترجمة إلى اللغة الأردية وطبعوها في مجلاتهم‬
‫الشهرية والأسبوعية‪ ،‬واتهموا الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬كمبتدع وغير مقلد ووهابي‬
‫وغيرها‪ ،‬وكتبوا المقالات أيضا في اللغة الأردية في رّد دعوة الشيخ الألباني ومنهجه في‬
‫المجلات الباكستانية مثل مجلة شهرية "الفاروق" تصدر من كراتشي‪ ،‬ومجلة الدعوة والتبليغ"‬
‫لجماعة التبليع في باكستان‪ ،‬ومجلة "الشريعة" تصدر من كجرانواله‪ ،‬ومجلة "التبليع" تصدر‬
‫من راولبندي‪ ،‬ومجلة "بينات" تصدر من كراتشي‪ ،‬ومجلة "ضياء الإسلام" تصدر من‬

‫سركودها وغيرها من المجلات والجرائد‪.‬‬
‫فأجاب عن هذه الاعتراضات كلها المحّقق الكبير إرشاد الحق الأثري في مجلة‬
‫أسبوعبة تصدر من لاهور باسم "الاعتصام" في أقساط عديدة‪ ،‬وفي مجلة شهرية "محدث"‬
‫تصدر من لاهور‪ ،‬وفي مجلة "الشريعة" وفي مجلة "ترجمان الحديث" تصدر من الجامعة‬
‫السلفية بفيصل آباد‪ ،‬وفي مجلة "الدعوة" تصدر من لاهور‪ ،‬وكذلك أجاب عنها الشيخ‬
‫المحدث زبير علي زئي –رحمه الله‪ -‬في مجلة "الحديث" تصدر من حضرو قرب مدينة‬
‫راولبندي‪ ،‬وهو كان رئيس التحرير لهذه المجلة الشهرية‪ .‬فكل هذا بسبب التعصب المذهي‬

‫والمسلكي‪.‬‬

‫‪279‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫فهناك جماعة من العلماء تخالف الشيخ الألباني –رحمه الله‪ -‬بسبب صنيعه في‬
‫سنن الأربعة وغيرها إلى صحيح وضعيف‪ ،‬وهذا العمل لم يُسبق إليه‪ ،‬فهذه الطائفة تعبتره‬
‫بدعة‪ ،‬لأن ال ّسنن لها مكانة في نفوس العلماء وطلاب العلم حتى في نفوس الناس‪،‬‬
‫فينبغي علينا أن نبقى الكتب الحديثية القديمة على ما هو عليها‪ ،‬لو أحد يريد أن يذكر‬
‫الحديث فعليه أن يذكر الكتاب من ال ّسنن مع بيان صحة الحديث وضعفه‪ ،‬فهذه الجماعة‬
‫تعتبر هذا التقسيم طعنا في السنّة النبوية‪ ،‬ومن هذه المناسبة أذكر قصة الشيخ المحدث عبد‬
‫الله أمجد –رحمه الله‪ 31-‬رزقه الله عمرا طويلا‪ ،‬وقد دّرس صحيح البخاری أكثر من ستّين‬
‫سنة في مختلف مدارس أهل الحديث بباکستان‪ ،‬وتخرج على يديه ألوف من طلاب العلم‪،‬‬
‫وهو كان يخالف الشيخ الألباني في التقسم المذكور‪ ،‬وكان يش ّدد عليه حتى قال مرة‪ :‬من‬
‫هو الألباني؟ هل هو عالم كبير من النووي وابن رجب وابن كثير والذهبي وابن حجر رحمهم‬

‫الله؟ فكان يمنع طلابه من قراءة كتبهكصحيح سنن وضعيف سنن وغيرها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثر العلامة الألباني في المجتمع الباكستاني‬

‫لما ننظر إلى جهود العلامة الألباني –رحمه الله‪ -‬بعقول واعية في الدعوة‪ ،‬لا نش ّك في أن‬
‫جهوده العلمية والدعوية آتت ثمارها‪ ،‬وانتشرت أتباعه الدعوية في أرجا مختلفة من العالم‬
‫الإسلامي؛ لأن مبادئ دعوته واضحة‪ ،‬تناسب الفطرة السليمة‪ ،‬فهي دعوة إلى الإسلام‬

‫وصاحب الدعوة كان‬ ‫الفلسفية‪ ،‬وشوائب المبتدعة‪،‬‬ ‫التعقيدات‬ ‫الخالص‪ ،‬بعيدة عن‬ ‫ايلنؤمقنّي‬
‫أساس الدين‪ ،‬فينبغي‬ ‫إلى الانحراف الكامل عن‬ ‫في طريقه‬ ‫بأن العالم الإسلامي‬

‫للعلماء الربّانيين والمصلحين أن يتداركوه عن طريق النصح والإرشاد‪ ،‬ويتح ّدث الباحث في‬
‫السطور التالية عن تأثير العلامة الألباني في المجال العلمي والدعوي والتربوي وفي أمن‬
‫المجتمع الباكستاني‪.‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬أثره في المجال العلمي‬

‫أفنى المحدث الألباني –رحمه الله‪ -‬حياته في خدمة حديث رسول الله ‪ ‬جمعا وتخريجا‪،‬‬
‫دراسة وتحقيقا‪ ،‬تصحيحا وتضعيفا‪ ،‬كان العلامة داعياكبيرا‪ ،‬وعالما ربّانيا‪ ،‬ولكني أعتقد أن‬

‫‪280‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫سمته البارزة وميزته الجوهرية هي خدمة السنة المطهرة‪ ،‬والدعوة إلى الله عقيدة وسلوكا‪ ،‬وكان‬
‫يدعو إلى الإسلام الكامل الذي جاء به محمد ‪ ‬ونطق به القرآن‪ ،‬وتمثّل في حياة‬
‫الصحابة‪ ،‬والقرون المشهود لها بالخير‪ ،‬والتابعين لهم بإحسان‪ ،‬وهو عندي أولا وآخرا كان‬

‫عالما ربّانيا جليلا‪ ،‬والروح الدعوي سارية في كل كتبه ونشاطاته‪.‬‬
‫بدأ الشيخ نشاطاته التأليفية والتصنيفية في وقت مب ّكر من عمره‪ ،‬لما تو ّجه إلى‬
‫تأليف الكتب يحمل هّم الدعوة‪ ،‬ولذا أول ما كتب هو رسالة باسم "الصلاة في المساجد‬
‫المبنيّة على القبور" ثم أصبحت هذه الرسالة جزءا من كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ‬
‫القبور مساجد"‪ 32‬وتُرجم هذا الكتاب إلى اللغة الأردية‪ ،‬قد صدرت له عدة طبعات من‬
‫مكتبات مختلفة كالمكتبة الإسلامية بلاهور‪ ،‬كمكتبة دار أبي الطيب للنشر والتوزيع‬
‫كجرانواله‪ ،‬لما طُبع ونُشر أصبح المبتدعة معاندة له؛ لأنه ذكر فيه أحاديث النهي عن‬
‫اتخاذ القبور مساجد‪ ،‬وسلّط الضوء على معنى اتخاذ القبور مساجد في ضوء القرآن والسنّة‬
‫ومنهج السلف الصالح‪ ،‬وبّين كل المسائل التي تتعلق بالقبور والمساجد والصلاة والمصلي‪،‬‬
‫وح ّث العلماء وعامة الناس على تطهير المساجد من المنكرات والخرافات والبدعيات‪ ،‬لأن‬
‫القبر والمسجد لا يجتمعان في دين الإسلام‪ ،‬وفي الحقيقة هذا الكتاب رّد على القبوريين‬
‫والمبتدعين‪ ،‬قد ترك هذا الكتاب آثارا طيّبة في وقت قصير‪ ،‬كما ذكر العلامة في مقدمة‬

‫الكتاب‪ ،33‬وتُرجم في كثير من لُغات العالم‪.‬‬
‫أنه ألّف وصنّف وحّقق أكثر من مائة كتاب‪ ،‬وق ّسم العلماء كتبه إلى أقسام‪،‬‬
‫منها‪ :‬التحقيقات العلمية‪ ،‬والتخريجات‪ ،‬والتعليقات واختصارات بالمراجعة‪ ،‬والتأليفات‪،‬‬
‫وكل كتاب له مكان قيّم في الأوساط العلمية‪ ،‬ويتميّز بالدقة العلمية‪ ،‬فقد كان عقله‬
‫مت ّجها إلى دعوة الكتاب والسنّة‪ ،‬والرجوع إلى منهج السلف الصالح‪ ،‬والتحرير من‬
‫التع ّصب المذهبي والجمود الفقهي‪ ،‬ولكنني أذكر كتبه التي تُرجم إلى اللغة الأردية فقط‪،‬‬

‫واستفاد منها كثير من العلماء والدعاة والوعّاظ والطلاب‪ ،‬وعامة الناس أيضا‪.‬‬
‫‪ )1‬صحيح الترغيب والترهيب‬
‫‪ )2‬مختصر الشمائل المح ّمدية‬

‫‪281‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫‪ )3‬صحيح سنن أبي دواد‬
‫‪ )4‬ضعيف سنن أبي داود‬

‫‪ )5‬صحيح سنن الترمذي‬
‫‪ )6‬ضعيف سنن الترمذي‬
‫‪ )7‬صحيح سنن النسائي‬

‫‪ )8‬ضعيف سنن النسائي‬
‫‪ )9‬صفة صلاة النبي ‪ ‬من التكبير إلى التسليمكأنّك تراها‬
‫‪ )10‬صحيح الأدب المفرد‬
‫‪ )11‬سلسلة الأحاديث الضعيفة‬
‫‪ )12‬سلسلة الأحاديث الصحيحة‬

‫‪ )13‬صحيح الأدب المفرد‬
‫مناسك الح ّج والعمرة في الكتاب والسنّة‬ ‫‪)14‬‬
‫التو ّسل‪ :‬أنواعه وأحكامه‬ ‫‪)15‬‬
‫‪)16‬‬
‫الحديث ح ّجة بنفسه في العقائد والأحكام‪34‬‬ ‫‪)17‬‬
‫دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات الدكتور البوطي في‬

‫كتابه فقه السيرة‬
‫‪ )18‬آداب الزفاف في السنّة المطهرة‬
‫‪ )19‬صلاة التراويح‬

‫‪ )20‬أحكام الجنائز وبدعها‬
‫‪ )21‬تلخيص أحكام الجنائز‬
‫الخدمات العلمية التي قدمها الشيخ في مجال العقيدة والأخلاق‪ ،‬وفي حقل‬

‫الدعوة القائمة علی الكتاب والسنّة في ضوء فهم السلف الصالح‪ ،‬ترکت آثارا جميلة‪،‬‬
‫وجاءت بثمرتها الطيّبة المفيدة‪ ،‬فتش ّکلت حلقة واسعة فی معظم البلدان الإسلامية‪،‬‬
‫وانتشرت دعوته إلى التوحيد‪ ،‬واتباع السنّة‪ ،‬وإيثار الدليل‪ ،‬ونبذ البدع والخرافات‬

‫‪282‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫والرسومات‪ ،‬وترك التع ّصب المذهبي‪ ،‬وقد بذل جهدا كبيرا يذکرنا جهد سلفنا الصالح فی‬
‫معرفة الأسانيد وإصدار أحکام الصحة أو الضعف تجاه الأحاديث‪ ،‬الناس في هذا الزمن‬
‫عيال عليه في هذا المجال وجد ونشط وسعی حتی صارت الدعوة السلفية حديث الناس‪،‬‬
‫وموضع اهتمامهم ودراستهم‪ ،‬ولم تعد غريبة عليهم کما کان حالها قبل قرن من الزمان‪،‬‬
‫ع ّمت دعوته إلی القاّرات الخمس‪ ،‬وأصبحت آثاره مرجع الألوف من خريجي الجامعات‬
‫والمعاهد الدينية‪ ،‬ومصنفي الکتب‪ ،‬ينقل العاملون في مجالات الدين والعلم الشرعي‬
‫تصحيحاته وأقواله وترجيحاته‪ ،‬وهذا خير دليل على ذلك‪ ،‬وفي باكستان لا تجد أحدا من‬
‫العلماء والأساتذة من المدارس أو الجامعات كتبوا كتابا أو مقالا أو بحثا علميا أو فتوى إلا‬
‫ستجد فيها قول الشيخ الألباني –رحمه الله‪ ،-‬كنت أقرأ المجلد الأول من "فتاوى أصحاب‬
‫الحديث" للشيخ عبد الستار الحماد و "فتاوى ثنائية المدنية" للشيخ ثناء الله المدني(‪ )35‬ولم‬
‫أجد فيهما أي صفحة إلا وفيها قول الإمام الألباني –رحمه الله‪ .-‬وكذلك اهتمت جمعية‬
‫أهل الحديث اهتماما بالغا بنشر كتب الشيخ الألباني على نفقات المتبّرعين‪ ،‬وتوّزعها مجّانا‬

‫في المساجد والمكاتب الحديث لاستفادة عامة الناس‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أثره في المجال الدعوي والتربوي‬

‫إن الشيخ الألباني –رحمه الله – كان أحد أعلام الدعاة‪ ،‬وكان متّصفا منذ نعومة أظفاره‬
‫بصفاة الدعاة البررة‪ ،‬وأخلاقهم الفاضلة‪ ،‬وكان يحمل هّم الدعوة إلى الله تعالى‪ ،‬وكان يف ّكر‬
‫دائما في البحث عن عمل إسلامي وب ّث الروح الديني في الأمة الإسلامية‪ ،‬وكان متعاونا‬
‫مع القيادة الدينية في إيقاظ الوعي الديني‪ ،‬وكانت علاقة الشيخ قوية مع جماعة الإخوان‬
‫المسلمين بدمشق‪ ،‬وكان يحضر كثير من القادة في دروسه‪ ،‬وكان يلقي الدروس في بيوت‬
‫الإخوان المسلمين حتى منعوه الإخوان عن ذلك‪ 36‬وكان يكتب تعليقات على كتاب "فقه‬
‫السنّة" في مجلّة الإخوان المسلمين المصرية‪ ،‬وكتب الشيخ حسن البنّا ‪-‬رحمه الله‪ -‬رسالة‬

‫يحثّه على الاستمرار في الكتابة للمجلة‪ 37‬وله جولات دعوية داخل سوريا وخارجها‪.‬‬
‫وتو ّسعت الأعمال الدعوية للإمام وتجاوزت حدود سوريا فتجول في أنحاء العالم‬
‫شرقا وغربا‪ ،‬جنوبا وشمالا‪ ،‬وزار البلاد العربية والإسلامية كالإمارات وقطر والكويت‬

‫‪283‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬

‫والأدرن وبلاد الحرمين وكذلك أسبانيا‪ ،‬وألقى في تلك البلاد محاضرات دعوية‪ ،‬ودروس‬
‫علمية وفكرية في الندوات والمؤتمرات والحفلات‪ ،‬كما ألّف الكتب والرسائل الدعوية‬

‫المفيدة‪ ،‬سأذكرها في سطور تالية‪.‬‬
‫وتُرجم من عدة كتب الشيخ رحمه الله التي كانت تتعلق بالدعوة والتربية إلى اللغة‬
‫الأردية‪ ،‬منها "قاموس البدع" الذي رتّبه الشيخ مشهور بن حسن والشيخ أحمد بن‬
‫إسماعيل من كتب الشيخ المختلفة حول موضوع البدعات والخرافات والرد عليها‪ ،‬وفي‬
‫الحقيقة كتاب قيّم علمي‪ ،‬يبين هذا الكتاب مفهوم البدعة وآثارها السيّئة على الإسلام‬
‫والمسلمين‪ ،‬قد نال هذا الكتاب قبولا عاما في الأوساط الدينية والعلمية‪ ،‬قام الدكتور‬
‫شهباز حسن الباكستاني بترجمته إلى الأردية‪ ،‬وقامت مكتبة الفهيم بطباعته بمئونات الهند‪.‬‬
‫وكتاب "الآداب والأخلاق الصحيحة" الذي جمعه الشيخ سعيد الرحمن‬
‫الهزاروي من كتب ورسائل الشيخ الألباني‪ ،‬إن هذا الكتاب هدية قيّمة لقارئ سليم العقل‪،‬‬
‫ويصلح أن يكون دليلا إلى الأعمال والأخلاق‪ ،‬ودستور حياة لكل مسلم الذي يبحث‬
‫عن الأسوة النبويّة في شؤون الحياة‪ ،‬وهو كتاب ضخيم حوالي خمس مائة صفحة‪ ،‬قامت‬

‫بطباعته مكتبة بيت السلام بلاهور‪.‬‬
‫وكتاب "وصاَي نبوية" الذي رتّبه الشيخ حافظ محمد عمر من مؤلّفات الشيخ‬
‫الألباني المختلفة‪ ،‬وهو كتاب مهّم‪ ،‬قد جمع فيه مؤلّفه وصايا النبي ‪ ‬التي تتعلّق بالإيمان‬
‫والعبادات والأدعية والأذكار والآداب وصلة الرحم والزهد والرقائق والمنهيّات والفتن‬

‫وغيرها‪ ،‬أصدر هذا الكتاب مكتبة بيت السلام‪ -‬لاهور سنة ‪1433‬هـ‪.‬‬
‫وكذلك كتاب "الفتاوى الألبانية" الذي رتّبه الشيخ راشد حسن من كتب‬
‫ثلاثة‪ :‬نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد وسلسلة الأحاديث الصحيحة‬
‫وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة‪ ،‬كلها للشيخ الألباني‪ ،‬فهذه الفتاوى تتعلّق‬
‫بالعقائد ومسائل الإيمان‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬وعذاب القبر‪ ،‬ومسائل الطهارة والصلاة والصيام‬

‫‪284‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫والزكاة والحج واللباس والاقتصاد‪ ،‬وكذلك فيها بيان ال ّسنن والبدع‪ ،‬والطلاق والميراث‪،‬‬
‫والذكر والدعاء وغيرها‪.‬‬

‫قامت بطباعة هذه الفتاوى مكتبة الصديق السلفيّة بلاهور‪ ،‬وق ّدم لها المفتى أبو‬
‫الحسن مبشر أحمد رباني‪ ،‬نالت هذه الفتاوى قبولا بالغا في الأوساط الدينية والعلمية‪،‬‬

‫خاصة عند أهل الحديث‪.‬‬
‫وكذلك رسالة "التوحيد أولا َي دعاة الإسلام" ترجمها إلى الأردية الشيخ طارق‬
‫على بروهي‪ ،‬طبعه أصلي أهل السنّة دات كام‪ ،‬هذه الرسالة عظيمة النفع والفائدة للعامة‬
‫والخاصة‪ ،‬وصدرت لها طبعات عديدة‪ ،‬قد طبعتها جمعية أهل الحديث ووّزعتها في عامة‬
‫الناس وفي المدارس الأهلية والحكومية‪ ،‬وفي المكتبات والجامعات مجّانا على نفقة المتبّرعين‪،‬‬

‫فلله الحمد والمنة‪.‬‬
‫وكذلك كتاب "مختصر أحكام الجنائز" وهو كتاب قيّم في موضوعه‪ ،‬ومزيّن‬
‫بمقدمة قيمة‪ ،‬وبمراجعة وافية لمح ّدث الهند العلامة بديع الدين الراشدي المكي‪ ،‬فجاء هذا‬
‫الكتاب في صغر حجمه نافعا ومفيدا لكل مسلم‪ ،‬قد نال قبولا عاما في وقت قصير‪،‬‬
‫وصدرت له عدة طبعات في إقليم بنجاب والسند‪ ،‬وُوّزع مجّانا لاستفادة عامة الناس‪ ،‬وترك‬

‫هذا الكتاب آثارا مفيدة في إصلاح الناس في المجتمع‪.‬‬
‫وكتاب "التوسل‪ :‬وأنواعه وأحكامه" وهذا الكتاب يتح ّدث عن مسألة مه ّمة‬
‫اهتّم بها العلماء قديما وحديثا‪ ،‬وقد ثار حوله الجدل واشتد الخلاف‪ ،‬وهي مسألة التوسل‬
‫مع مشروعيته وأنواعه‪ ،‬قام بترجمته الشيخ خالد سيف في عام ‪1979‬م‪ ،‬ويقول عن هذا‬
‫الكتاب‪" :‬وهو فريد في أسلوبه‪ ،‬وغزير في علمه وبرهانه‪ ،‬وجامع في بيانه‪ ،‬ودليل إلى‬
‫الاعتقاد السليم المطلوب‪ ،‬ومحاولة جادة ومخلصة لإحياء الفكر الإسلامي الأصيل‪ ،‬قلّما‬
‫تجد في هذا العصر مثيلا له"‪ .‬لذا أردت أن أترجم هذا الكتاب كي يستفيد منه العلماء‬
‫وطلاب العلم والمبتدؤون وعامة الناس الذين لا يفهمون العربية‪ .38‬وقد صدرت لهذا‬

‫الكتاب عدة طبعات في اللغة الأردية من باكستان والهند‪.‬‬

‫‪285‬‬


Click to View FlipBook Version