The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by qolbi1979, 2018-12-20 02:05:29

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬
‫‪ 32‬انظر‪ :‬الجمعية العلمية السعودية للدراسات الطبية الفقهية‪ ،‬الفقه الطبي‪ ،‬جامعة الامام محمد بن سعود‪،‬‬

‫ص‪.128‬‬
‫‪ 33‬الرملي‪ ،‬شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة‪ ،‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬

‫الفكر للطباعة)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.431‬‬
‫‪ 34‬انظر‪ :‬الجمعية العلمية السعودية للدراسات الطبية الفقهية‪ ،‬الفقه الطبي‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪ 35‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪86‬‬

‫الفصل السادس‬

‫تقنية المعلومات وأخلاق المهنة‬

‫د‪ .‬أكرم محمد زكي‪ 1‬أ‪.‬د‪ .‬محمد زكي خضر‪2‬‬

‫الملخص‪:‬‬
‫اهتم ديننا الحنيف بالأخلاق‪ ،‬واعتبرها الأساس الذي ينطلق منه‪ ،‬فقال عليه الصلاة‬
‫والسلام‪« :‬إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»‪ ،3‬فالمبادئ والقيم الإسلامية رغم إهمالها وإغفالها‬
‫وعدم تطبيقها فيكثير من المجتمعات الإسلامية‪ ،‬فإنها ذات قيم سامية رفيعة تستحق الدراسة‬
‫والبحث للوصول إلى حل للعديد من المشكلات الأخلاقية في العالم الحاضر‪ .‬ويهدف هذا‬
‫البحث إلى وضع معايير وأسس وقواعد أساسية عامة منبثقة من القواعد الإسلامية العامة‬
‫للعاملين في مجال تقنية المعلومات‪ ،‬ومن هذه القواعد يمكن استنباط معايير خاصة لتقنية‬
‫المعلومات قابلة للتطبيق والتطوير‪ ،‬كما يمكننا تقييم القيم الحالية في مجال تقنية المعلومات‪،‬‬
‫واكتساب قيم جديدة باستمرار في هذا المجال‪ .‬اهتم هذا البحث بالحديث عن مفاهيم عامة‬
‫للأخلاق الإسلامية‪ ،‬وأخلاقيات العمل فيما يتعلق بالبرمجيات الضارةكالفيروسات والكوكيز‬
‫وبرامج التجسس وبرامج السبام والقرصنة ومهاجمة المواقع والشبكات والمواقع الإباحية‬
‫والاحتكار واستعمال حواسيب الغير‪ .‬يعطي البحث أفكارا عامة تصلح لأن تكون دليل‬

‫عمل للعاملين في حقل تقنية المعلومات وفي استعمالاتها‪.‬‬
‫الكلمات الجوهرية‪ :‬تقنية المعلومات‪ ،‬الأخلاق‪ ،‬الأخلاق في الإسلام‪ ،‬أخلاقيات العمل‪،‬‬

‫البرمجيات الضارة‪.‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫المقدمة‬
‫الخُلُ َق عبارة عن هيئة راسخة في النفس‪،‬كما أن الخُلُق منه ما هو حسن وما هو قبيح‪ ،‬فإن‬
‫كان الصادر عن النفس فعلا جميلاً محمودا عقلا وشرعا سميت تلك الهيئة وذاك الفعل ُخلُقا‬
‫حسناً‪ ،‬وإن كان الصادر عنها فعلاً قبيحاً سُمي خلقاً سيئًا‪ .4‬ويعتبر الدين هو أساس هذه‬
‫الأخلاق‪ ،‬حيث أن تطور الأخلاق على مر الزمن كان منبثقا من التعاليم الدينية‪ .‬فنجد‬
‫قوله عليه الصلاة والسلام‪« :‬أحب الناس إلى الله أنفعهم‪ ،‬وأحب الأعمال إلى الله عز وجل‪،‬‬
‫سرور تدخله على مسلم‪ ،‬أو تكشف عنه كربة‪ ،‬أو تقضي ديناً‪ ،‬أو تطرد عنه جوعاً‪ ،‬ولئن‬
‫أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلَيّ من أن أعتكف في المسجد شهراً»‪ .5‬من هنا‬
‫جاء اهتمام المسلمين في الأخلاق لما لها من أثر بالغ على الحياة البشرية في الدنيا وفي الآخرة‬

‫كما قال عليه الصلاة والسلام‪« :‬ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة»‪.6‬‬
‫في العادة تضع كل مؤسسة ‪ /‬منظمة ‪ /‬جمعية على عاتقها مجموعة من الأسس‬
‫والقواعد الأخلاقية العامة لتحديد السلوك داخل المجموعة‪ ،‬وتوضح هذه القواعد تصرفات‬
‫الفرد وسلوكه تجاه المجموعة والحدود المقبولة والممنوعة في المجتمع الذي يعيش فيه‪ .‬وقد ظهرت‬

‫مؤخراً على الساحة العديد من الدراسات في هذا الصدد‪.7‬‬
‫وعلى هذا فإن القواعد الأخلاقية تختلف عن القانون‪ ،‬فبالنسبة للقوانين فإن المحاكم‬
‫هي التي تحدد ما يجوز وما لا يجوز وفق القوانين المنشورة في البلد‪ ،‬وتطبق القوانين على‬
‫الجميع حتى وإن وجدت حالات فردية لا تتوافق معها‪ ،‬لكنها ستضطر للخضوع للقانون‬
‫وتطبيقه‪.‬كما أن هناك إجراءات منتظمة من خلال المحاكم لتحديد القانون الذي يسري في‬
‫حال تعارض أحد القوانين مع الآخر‪ .‬من وجهة النظر القانونية‪ ،‬كل ما لم يعرف أنه خطأ‬
‫(غير مشروع) فهو صواب (مشروع)‪ .‬وأخيراً فإن القوانين يمكن أن تنفذ وهناك طرق‬

‫لتصحيح الأخطاء فيها‪.8‬‬

‫‪88‬‬

‫الفصل السادس‬

‫مفاهيم عامة للأخلاق الإسلامية‬
‫يهتم هذا القسم بالإشارة إلى الأخلاق في الإسلام‪ ،‬وموضوع أخلاقيات المهنة‪ ،‬وأخيرا عن‬

‫الأخلاق في التقنية‪.‬‬
‫الأخلاق في الإسلام‬
‫اهتم ديننا الحنيف بالأخلاق‪ ،‬واعتبرها الأساس الذي ينطلق منه‪ ،‬فقال عليه الصلاة‬
‫والسلام‪« :‬إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»‪ .9‬وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر‪:‬‬
‫«إن خياركم أحاسنكم أخلاقا»‪ .10‬ويقول في حديث آخر‪« :‬إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه‬
‫درجة الصائم القائم»‪ .11‬فنجد واضحاً اهتمام الإسلام بالأخلاق والحض عليها والتذكير‬

‫بها‪.‬‬
‫من هنا جاء اهتمام المسلمين بالأخلاق لما لها من أثر بالغ على الحياة البشرية في‬
‫الدنيا وفي الآخرة‪ ،‬وصنفت في الأخلاق الكتب الكثيرة والمؤلفات العديدة حرصاً على اتباع‬
‫الأخلاق الحسنة واجتناب الأخلاق السيئة عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام‪« :‬ما من شيء‬
‫أثقل في الميزان من حسن الخلق»‪ .12‬ولا شك أن حياة الرسول ‪ ‬هي المثال الحي للخلق‬
‫الحسن‪ ،‬وقد وصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز‪َ﴿ :‬وإَِنّ َك لََعلَى ُخلٍُق َع ِظيٍم﴾‬

‫[القلم‪.]4:‬‬
‫وعلى هذا فإن الدين الحنيف يهتم بالأخلاق الحميدة؛ لأنها تهيئ الجو لإعمار‬
‫الأرض وعبادة رب العالمين اللتين هما الغاية من خلق الإنسان‪ ،‬فحسن الأخلاق يخدم عمارة‬
‫الأرض التي استخلف الله الإنسان لعمارتها‪،‬كما يهيئ الأجواء الصالحة لعبادة اللهكما فرض‬

‫الله تعالى‪.‬‬
‫أخلاقيات المهنة‬
‫المهنة هي الوظيفة أو الحرفة التي يمتهنها صاحبها ويعمل بها والتي عادة ما تكون لطلب‬
‫الرزق‪ ،‬يقول عمر بن الخطاب ‪" :‬تعلموا المهنة فإنه يوشك أحدكم إن يحتاج إلى مهنة"‪،13‬‬
‫ولكل مهنة من المهن قيم ومبادئ ومعايير أخلاقية ومعرفة علمية وأساليب ومهارات فنية‬
‫تحكم عمليات المهنة وتحدد ضوابطها‪ ،‬وللمهنة مجالات متعددة ووظائف معينة‪ ،‬وقد تتداخل‬

‫‪89‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫مجالات المهنة ووظيفتها ومادتها العلمية ومهاراتها وأساليبها الفنية مع مهن أخرى‪ ،‬وتعد‬
‫دراسة فلكسنر عام ‪ 141915‬من أوائل الدراسات في العصر الحديث في مجال المهن‪ ،‬وقد‬

‫توصلت إلى معايير عدة‪ ،‬أهمها أن يكون للمهنة قواعد أخلاقية تحكم عملياتها‪.‬‬
‫بالمقابل فإن التاريخ الإسلامي غني بالمؤلفات التي تبين اهتمام العلماء المسلمين‬
‫بأخلاقيات المهنة وآدابها وكتبوا عنها وخاصة الطبية منها‪ ،‬فمنهم من أفرد لذلك كتاباً مثل‬
‫(أخلاق الطبيب) لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي (ت‪313‬هـ)‪ ،15‬ومنهم من ض ّمنها كتبه‬
‫الطبية‪ ،‬ومنهم من نقلت عنه نصوص مأثورة دونت في ترجمته كما في (عيون الأنباء في‬
‫طبقات الأطباء) لأحمد بن القاسم بن خليفة المعروف بابن أبي أصيبعة (ت‪668‬هـ)‪ .16‬بل‬
‫حتى بعض الفقهاء أولى هذا الجانب أهمية‪ ،‬فهذا أبو عبد الله محمد بن محمد المالكي المعروف‬
‫بابن الحاج (ت‪737‬هـ) ألّفكتابه (المدخل) ض ّمنه آداب الطبيب‪ ،‬والتي تكاد تكون صورة‬
‫مختصرة لما هو متفق عليه في عصرنا‪ .‬هذا فضلاً عما ألّفه علماء المسلمين في الأخلاق‪ ،‬وهو‬

‫تراث ضخم قد لا يوجد مثله في أي حضارة أخرى‪.‬‬
‫الأخلاق والتقنية‬

‫لا شك أن انتشار استعمال التقنيات الحديثة وخاصة الحاسوب والإنترنيت والهواتف النقالة‬
‫أدى إلى دخولها في كل بيت تقريبًا‪ ،‬بل واعتمادكثير من وسائل التعامل بين البشر عليها‪.‬‬
‫ويمكن حصر المتعاملين مع هذه التقنيات بصنفين من الأفراد‪ .‬الصنف الأول هم المتخصصون‬
‫في حقل تقنية المعلومات‪ .‬أما الصنف الثاني فيشمل كل الناس الذين يتعاملون مع تقنية‬
‫المعلومات مهما كان تخصصهم أو طبيعة عملهم‪ .‬وكل صن ٍف من الصنفين يجدر به الالتزام‬

‫بالخلق القويم عند تعامله مع هذه التقنيات‪.‬‬
‫في مجال التقنية كان هناك صراع مباشر بين مصالح المؤسسات العاملة في التقنية‬
‫وبين المسؤوليات الأخلاقية تجاه المستفيدين‪ .‬حيث إن الهدف الرئيسي لهذه المؤسسات هو‬
‫نجاح المؤسسة في استثمار الموارد المتاحة‪ ،‬وجميع المعايير الأخلاقية لهذه المؤسسات تصب في‬
‫هذا الهدف وما يقف في طريقها يعتبر أمًرا ثانويًا‪ .‬ومن هنا تبذل العديد من المنظمات التقنية‬

‫‪90‬‬

‫الفصل السادس‬

‫جهوداً لوضع هذه المعايير الأخلاقية والقواعد السلوكية لغرض رفع القيم الإنسانية داخل‬
‫المؤسسة‪.17‬‬

‫في السنوات الماضية في المجال التقني والصناعي تم مناقشة الأخلاق والسلوك‬
‫كقواعد وأسس في هذه المجالات‪ ،‬وهذه الأسس والقواعد يجب أن تكون عامة وقابلة‬

‫للتطبيق بحيث لا تقتصر على منطقة جغرافية‪ ،‬أو مقيدة بدين أو ثقافة بعينها‪.‬‬
‫وبشكل عام فإن هناك أربع مواضيع أخلاقية في تقنية المعلومات‪ ،‬وهي‪:18‬‬
‫الخصوصية (حق الفرد في التملك والسيطرة على معلوماته الشخصية)‪ ،‬والدقة (من هو‬
‫المسؤول عن السماح في استخدام؟ تغيير البيانات والمسؤول عن دقتها؟)‪ ،‬والملكية (من يملك‬
‫المعلومات؟ من الذي يحق له استخدامها؟)‪ ،‬حق الاستخدام ‪ /‬الوصول (ما هي المعلومات‬
‫التي لك الحق في جمعها؟ ماهي الضمانات؟)‪ .‬لا شك أن هذه المواضيع مفيدة في النواحي‬
‫الاجتماعية‪ ،‬فبناءً عليها تم وضع قواعد السلوكيات لعديد من المجالات التقنية‪ :‬كالتعلم عن‬

‫بعد‪ ،‬والعقود الإلكترونية‪ ،‬والتجارة الإلكترونية‪ ،‬المختبرات الإلكترونية‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫أخلاقيات العمل فيما يتعلق بالبرمجيات الضارة‬

‫يركز هذا القسم إلى عرض مواضيع المشاكل الأخلاقية في تقنية المعلومات‪ ،‬وكذالك عن‬
‫برامج التجسس‪ ،‬وفي الاخير يهتم هذا القسم في تصنيف وشرح مختصر عن البرامج الضاره‪.‬‬

‫المشاكل الأخلاقية في تقنية المعلومات‬
‫يعتبر موضوع جرائم الحاسب من المواضيع الهامة‪ ،‬ويمكن تعريفه بأنه استخدام الحاسب الآلي‬
‫لارتكاب أعمال غير قانونية تسبب أضراراً مختلفة‪ ،‬منها أضرار على برامج وبيانات وأجهزة‬
‫الحاسب‪ ،‬وقد تكون لأغراض السرقة كسرقة البيانات وحسابات البنوك‪ ،‬أو لغرض القرصنة‬
‫كاستخدام البرامج دون ترخيص‪ ،‬وفك الشفرات الخاصة بالبرامج‪ .‬أو استخدام أجهزة الغير‬
‫أو ذاكرات أجهزة أخرىكما تفعل بعض البرامج المؤذية‪،‬كما تعتبر الرسائل المؤذية الإعلانية‬
‫منها أو الابتزازية أيضاً من الأضرار‪ .‬ويقوم بهذه الجرائم مؤسسات أو أفراد‪ ،‬أو ما يعرف‬
‫بقراصنة الحاسب (الهاكرز)‪ ،‬ويفعلون ذلك من أجل المتعة‪ ،‬أو من أجل البحث عن المال‪.‬‬

‫‪91‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وقد يكونون من هواة الحاسب‪ ،‬أو من موظفي المؤسسة نفسها التي تواجه القرصنة‪ ،‬أو من‬
‫موظفين سابقين ساخطين على المؤسسة‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص أهم البرامج الضارة بما يلي‪ :‬برامج القرصنة (كاستخدام البرامج‬
‫غير المرخصة أو استخدام برامج وأجهزة العمل لأغراض خاصة)‪ .‬الفيروسات (وهي برامج‬
‫ضارة تدمر بيانات الحاسب أو تؤدي إلى حذفها أو اصابتها بالعطب)‪ .‬الكوكيز (وهي‬
‫برامج تجمع بيانات عن الآخرين دون إذنهم وفي العادة لأغراض إحصائية أو بيع هذه‬
‫البيانات لجهات أخرى)‪ .‬برامج التجسس (وهي برامج خاصة تحاول جمع معلومات عن‬

‫منظمات معينة أو أشخاص معينين)‪.‬‬
‫والآن ما هو موقف المسلم تجاه هذا الموضوع؟ فالإسلام لا يقبل العدوان والأذى‬
‫على الآخرين بغير حق‪ .‬فالمرء يكون آثمًا إذا ما آذى شخ ًصا بغير حق‪ ،‬ونشر هذه الملفات‬
‫المؤذية عن قصد هو إثم كبير يحاسب الله عليه يوم القيامة‪ .‬بل على المسلم أن يساهم في‬

‫مقاومتها‪ ،‬وذلك بالمساهمة في نشر المعلومات التي تساهم في معالجتها والقضاء عليها‪.‬‬
‫برامج التجسس‬

‫تعتبر برامج التجسس (‪ )Spy Software‬هي تلك التي تقوم بنقل بيانات ومعلومات‬
‫عن البيانات الموجودة على الحواسيب التي تدخلها‪ .‬وهي تنقل المعلومات التي تتحصل عليها‬
‫إلى منشئ تلك البرامج‪ ،‬وهي تدخل الحواسيب عن طريق الإنترنيت دون إذن أو معرفة من‬

‫صاحب الحاسوب‪ .‬والتجسس محرم بقوله تعالى‪﴿ :‬ولا تجسسوا﴾ [الحجرات‪.]12:‬‬
‫ويتبع للنقطة أعلاه موضوع الاختراق‪ ،‬ويقصد به اختراق الأجهزة والحسابات‬
‫الشخصية للمستخدمين لغرض انتهاك الخصوصية أو الاتجار بها‪ ،‬فالكثير من المخترقين‬
‫يتاجرون في بيانات المستخدمين وعناوينهم ومعلوماتهم الشخصية‪ ،‬وهذا منهي عنه في الشرع‬

‫الحنيف فالنبي ‪ ‬يقول‪« :‬ولا تحسسوا ولا تجسسوا»‪.19‬‬
‫البرامج الضارة‬

‫‪92‬‬

‫الفصل السادس‬

‫يشرح هذا القسم أهم البرمجيات الضارة في حقل تقنية المعلومات مع شرح مختصر لكل منها‪،‬‬
‫وتبيان واجبات الفرد المسلم الذي يعمل في هذا الحقل فيما يتعلق بالبرامج أو المنتجات التي‬

‫يقوم بإنتاجها‪:‬‬

‫أ‪ .‬الفيروسات (‪)Viruses‬‬

‫هي برمجيات صغيرة تكتب عن قصد من قبل من قام بتكوينها‪ ،‬وتدمج مع برامج‬
‫معروفة‪ ،‬أو مع رسائل البريد الإلكتروني‪ ،‬وتنشر نفسها بنفسها بعد إطلاقها‪ ،‬أي أن من‬

‫أرسلها يضع فيها خاصية الاستقرار في بعض الحواسيب والالتصاق مع برامج معينة أو‬
‫رسائل البريد الإلكتروني‪ ،‬وإذا ما انتقل البرنامج أو البريد الإلكتروني إلى حاسوب جديد‪،‬‬
‫أصيب الحاسوب الجديد بالفيروس‪ .‬بعض الفيروسات محدود الأذىكأن يعطي رسالة معينة‬

‫مثلا‪ ،‬وبعضها شديد الأذى بأن يخرب برامج معينة أو يعطلها‪ ،‬أو يعطل قرص خزن‬
‫المعلومات تماًما‪ .‬معظم الذين ينشئون الفيروسات يقومون بذلك بغرض إشباع شهواتهم‬
‫بالقيام بأعمال ضخمة‪ ،‬وبعضهم يهدف إلى الأذى لغيره‪ ،‬وبعضهم يقوم بذلك عن قصد‬

‫لأذى محدد لجهة معينة‪ .‬حيث يمكن نشر فيروس لا يعمل إلاّ على حاسوب معين‪ ،‬أو على‬
‫برنامج معروف أنه مستعمل من جهة معينة‪ .‬إن عملية تكوين الفيروسات بشكل عام عملية‬

‫مؤذية‪ ،‬وهدي رسول الله ‪ ‬ينهى عن أذى الغير‪ ،‬كما أن هديه في تربية المسلم على أن‬
‫يحب لأخيه ما يحب لنفسه‪« :‬لا يُؤِم ُن أح ُدكم حتى يُِح َّب لأخيه ما يُِحب لنَـْف ِسه»‪ .20‬وليس‬
‫هناك من يحب الأذى لنفسه إنكان ذا بصيرة وعقل‪ ،‬فهو لا يحب الأذى لغيره‪ .‬ويقول الله‬

‫سبحانه وتعالى في كتابه العزيز‪َ﴿ :‬وَلا تَـ ْعتَ ُدوا إِ َّن اََّّللَ َلا يُِحب الْ ُم ْعتَ ِدي َن﴾ [البقرة‪.]190:‬‬
‫ب‪ .‬برامج لأغراض خبيثة‬

‫برامج الحاسوب هي وسائل لغايات معينة‪ .‬فإن كانت الغاية محرمة‪ ،‬أصبحت‬
‫الوسيلة المؤدية لتلك الغاية محرمة‪ .‬فبرنامج الحاسوب الذي يقوم بالإدارة الآلية لتعبئة قناني‬

‫المصطفى‬ ‫اولخ‪‬حا‪:‬مِمرلَ«أهيتااد‪،‬نخيواللـجَمبريضْحمُلُمنفولَقةَاالإحلليرايِهام‪،‬منحوظبمًاراُئدَِعإلهحَّنار‪،‬مالةلهَواُملْبعـغَتَّازايةَعوهاجال َ‪،‬تّليلَوَعوسَناضقِايَلعخهامم‪َ،‬رن‪،‬وأُموجَْعسلاتَهِقِايَص‪َ،‬هراهيا»ق‪1،‬و‪2‬ولُ‪.‬م ْعاتَلوحوابِصيَرضهابح‪،‬‬
‫وشاربَها‪،‬‬
‫أن منتج‬

‫‪93‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫البرامج لغرض الترويج للخمر‪ ،‬أنه يدخل في الحديث الشريف‪ .‬وكذلك برامج إدارة نوادي‬
‫القمار وتشغيل الأنظمة الربوية وما شابه ذلك‪.‬‬

‫أما الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله السند أستاذ الفقه المشارك بالمعهد‬
‫العالي للقضاء والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي فيرى أنه إذا كان تدمير الموقع المدمر‬
‫يسبب ضرًرا على الدين والأخلاق‪ ،‬فإن العلماء لا يرون الضمان على من أتلف ما يضر‬
‫بالدين والأخلاق‪ ،‬مستشه ًدا بقول ابن قيم الجوزية‪" :‬وكذلك لا ضمان في تحريق الكتب‬
‫المضلة وإتلافها"‪ .‬وتابع قائلاً‪" :‬فعلى هذا لا ضمان في تدمير الضار من هذه المواقع‪ ،‬ولكن‬
‫قد يقال‪ :‬إن تدمير هذه المواقع قد يؤدي بأصحابها إلى تدمير مواقع أهل الإسلام والمواقع‬
‫النافعةكمواقع الدعوة الإسلامية الصحيحة وغيرها‪ ،‬فنقول‪ :‬إن الأمر يقدر بقدره‪ ،‬فإن من‬

‫شروط إزالة المنكر ألا يترتب على إزالته منكر أكبر منه فلا يزال‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬فإن خلاصة الأمر أن القرصنة التي يقصد منها ما أشار إليه العلماء‪،‬‬
‫فهي مباحة شرًعا على من يستطيع‪ ،‬أما إذا قصد منها الإضرار بالغير‪ ،‬وسرقة أو إتلاف‬
‫ممتلكات الغير من مال أو فكر فهي لا شك محرمة شرًعا‪ ،‬وتعتبر جريمة بكل معنى الكلمة؛‬
‫لأنها تغتصب حقوق الناس من خلال السطو والسرقة أو تدمير البيانات القيمة وتخريب‬

‫الأنظمة الحاسوبية والشبكات‪.‬‬
‫ج‪ .‬الكوكيز (‪)Cookies‬‬
‫هي برمجيات صغيرة أو بريمجات تستعملها بعض الجهات التجارية أو غيرها‬
‫تدخلها إلى حواسيب من تتعامل معهم‪ ،‬وتحوي بعض المعلومات التي تستفيد منها تلك‬
‫الشركات أو الجهات حينما يتعامل مستخدمو تلك الحواسيب مع تلك البرامج مرة أخرى‪.‬‬
‫وبالطبع فإن مثل هذه البريمجات يمكن أن تتعرف على الكثير من مواصفات الحواسيب التي‬
‫تستقر عليها وما تحوي من معلومات‪ .‬وتحاول الشركات أو الجهات الرصينة أخذ موافقة‬
‫مالك الحاسوب قبل وضع مثل هذه البريمجات على حواسيبهم‪ .‬إلا أن ما يحدث في كثير‬
‫من الأحيان أن المستخدم نفسه عن غير دراية منه قد اختار في نظام تشغيل حاسوبه خيار‬
‫أن يسمح لمثل هذه البريمجات دون تمحيص‪ .‬وواضح أن حق استخدام حاسوب لشخص‬

‫‪94‬‬

‫الفصل السادس‬

‫لا يملكه لا يجوز إلا عن طيب نفس منه‪ ،‬حيث يقول الرسول ‪« :‬لا يَحل لامِر ٍئ مسلٍِم‬
‫دونَهم‪،‬‬ ‫فليَامخرئصمنفن َسماهِبلَدأعخويٍةِه‬ ‫قوًما‬ ‫يـَُؤم‬ ‫فقد دخ َل‪ ،‬ولا‬ ‫فإن نظَر‬ ‫أن ينظَُر في دا ٍر حَتّى يَستأذ َن‪،‬‬
‫إلا ما‬ ‫يح ّل‬ ‫«لا‬ ‫حديث آخر‪:‬‬ ‫يقول في‬ ‫أفإعنطافهُعمَلنفقطدي ِخباننَهفم ٍ»س‪.2.32»2‬كما‬

‫د‪ .‬برامج السبام )‪(Spam‬‬

‫وهي إرسال رسائل خاصة لأغراض تجارية لعددكبير من عناوين البريد الالكترونية‪.‬‬

‫وهذه العناوين يجري الحصول عليها من بعض الشركات التي تجمع عناوين البريد الإلكتروني‬
‫بوسائل شتى ثم تقوم ببيعها‪ .‬إن عناوين البريد الالكتروني مفتوحة لمن يريد الحصول عليها‬
‫لكن تضمين هذه العناوين في قوائم وبيعها‪ ،‬ومن ثم استعمالها من المشتري وإرسال رسائل‬

‫لأصحابها هو أمر يتعدى على خصوصيات مالكي تلك العناوين‪ ،‬ويؤدي إلى إزعاجهم‪.‬‬
‫ولحد الآن ليس هناك علاج تام لمقاومة مثل هذه الرسائل المتطفلة‪ ،‬لكن هناك بعض‬
‫المرشحات التي توضع على خوادم البريد الالكتروني‪ ،‬وتقوم بحذف ما تستطيع حذفه من‬

‫هذه الرسائل‪ .‬والخلق القويم يأبى أن يستعمل مثل هذه الوسيلة للترويج والدعاية‪.‬‬
‫ومن البرامج الضارة ما يعرف باسم القنبلة المنطقية (‪ )Logic Bomb‬وهي‬

‫برامج مؤذية تبدأ بالعمل في وقت محدد من قبل منشئها‪ ،‬أو في ظرف معين‪ ،‬أو في حاسوب‬
‫معين (أو حواسيب معينة)‪ ،‬ويجري توقيتها أو مكان عملها وفق برمجيات داخلها‪ .‬ويمكن‬
‫أن يكون الأذى بمحو برامج معينة أو تعطيلها أو إحداث أضرار أخرى‪ ،‬خاصة إذا كان‬

‫الحاسوب مرتبطا بأجهزة يقوم بتشغيلها كإنسان آلي أو آلة تحكم‪ .‬ويمكن لمثل هذه البرامج‬
‫أن تنقل مرات عديدة دون أن يعلم بها من ينقلها‪ ،‬ولا يظهر تأثيرها إلا حينما يحصل الهدف‬
‫المقصود منها‪ ،‬بل وربما تنقل بواسطة الذاكرات المتنقلة دون حاجة لاستعمال شبكة‬
‫الانترنيت‪ .‬إن إلحاق الأذى بالغير منهي عنه بقول الرسول ‪« :‬لا ضَرَر ولا ِضراَر»‪.24‬‬
‫ه‪ .‬الاختراق (‪)Hacking‬‬

‫ليس هناك لحد الآن حماية مطلقة لأي حاسوب يرتبط مع الشبكة‪ ،‬فكل برامج‬
‫التشغيل فيها بعض النواقص والأبواب الخلفية التي يمكن الدخول بواسطتها إلى الحاسبة من‬

‫‪95‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫قبل القراصنة الذين لديهم الخيرة والمعرفة بخفايا ذلك‪ .‬مثل هؤلاء المتطفلين إذا كانوا ذوي‬
‫خبرة كافية‪ ،‬يمكنهم الدخول إلى حواسيب غيرهم والحصول على معلومات قد تكون مهمة‬
‫أو ثمينة‪ .‬بعض هؤلاء يقومون بذلك بهدف السرقة من خلال الحصول على أرقام حسابات‬
‫وتحويل أموال منها‪ ،‬وبعضهم بهدف الحصول على معلومات أمنية أو تجارية أو غير ذلك‪.‬‬
‫وقد حرم الله السرقة وحدد عقوبة قاسية لها‪ .‬ونتيجة مثل هذه القرصنة إن كانت السرقة فلا‬
‫تختلف عن غيرها من أنواع السرقة في تحريمها‪.‬كما أن المعلومات في بعض الأحيان قد تكون‬
‫أغلى ثمنا منكثير من الأشياء العينية لما لها من أثر من أذى ممن يفقدها أو يجري الاطلاع‬

‫عليها للغير‪.‬‬
‫و‪ .‬المواقع الإباحية‬
‫يزيد عدد المواقع الإباحية على شبكة الإنترنيت عن ‪ %12‬من مجمل عدد المواقع‬
‫المتوفرة‪ .‬وهي تجارة تبلغ عشرات المليارات من الدولارات‪ .‬وتقف وراءها جهات تهدف نشر‬
‫الفساد في العالم‪ ،‬وجهات أخرى تلهث نحو المال‪ .‬وقد حرم الله الزنا وأوصى بعدم الاقتراب‬
‫منه فقال‪َ﴿ :‬ولاَ تَـْقَربُوا الِّزََن إَِنّهُ َكا َن فَا ِح َشةً َو َساءَ َسبِيلاً﴾ [الإسراء‪ ،]32:‬فما يتعلق‬
‫بالمواقع الإباحية من نشر الصور وملفات الفيديو أو إنتاجها‪ ،‬فكل ذلك محرم لأنه من‬

‫مقدمات الرذيلة والفاحشة‪.‬‬
‫ز‪ .‬النسخ غير المشروع للبرامج‬
‫جاء في فتوى للجنة الفتوى بشبكة إسلام أون لاين‪ :‬أما النسخ من أجل التعلم‬
‫فهذا جائز للضرورة‪ ،‬بمعنى إذا صعب الحصول على نسخة أصلية ذات علامة مسجلة‪ ،‬أو‬
‫كان سعر النسخة الأصلية غالياً مرتفعاً يفوق قدرة الإنسان المحتاج إليها المادية‪ .‬فيجوز بناءً‬
‫على قول الله عز جل‪﴿ :‬إلا ما اضطررتم إليه﴾ [الأنعام‪ ،]119:‬وقوله جل شأنه‪﴿ :‬فمن‬
‫اضطر غير با ٍغ ولا عاٍد فلا إثم عليه﴾ [البقرة‪ .]173:‬ويقول الدكتور صبري عبد الرؤوف‬
‫أستاذ الفقه المقارن بالأزهر‪" :‬حاول يا أخي أولاً أن تحصل على نسخة بالطريقة الشرعية‪،‬‬
‫فإن لم تستطع فإنه يجوز لك أن تقوم بالنسخ‪ ،‬بشرط ألا تبيع هذه النسخة للغير؛ لأنك إن‬
‫نسختها وبعتها فإن بيعها يكون حراما؛ لأنك قد بعت ما لا تملك عملا بقول الرسول ‪:‬‬

‫‪96‬‬

‫الفصل السادس‬

‫«لا تبع ما لا تملك»؛ فما لا تملكه لا تبعه‪ ،‬أما الاستفادة الشخصية من غير استثمار هذه‬
‫النسخة فلا حرج فيها‪ ،‬خاصة وأنك لا تجد مثل هذه الإصدارات التي تعينك على فهم‬

‫تعاليم الإسلام والله أعلم‪.‬‬
‫ح‪ .‬الاحتكار‬
‫تحتاج الحواسيب لعملها أنظمة تشغيل متخصصة‪ .‬وقد قامت شركات الاحتكار‬
‫الكبرى مثل مايكروسوفت وأبل وغيرها بتطوير هذه الأنظمة واحتكار إصدارها وعدم نشر‬
‫خفاياها ودقائق محتوياتها‪ ،‬وبسبب انتشارها تقوم الشركات المنتجة للبرامج بإصدار برامجها‬
‫بما يتوافق مع أنظمة التشغيل هذه‪ .‬وهذا يزيد من قوة تلك الشركات الاحتكارية ويعزز من‬

‫قوتها‪.‬‬
‫ط‪ .‬استعمال حواسيب الغير‬
‫كل الحواسيب المرتبطة بالشبكة معرضة للدخول إليها ممن يعرف خفايا الأبواب‬
‫الخلفية ونقاط الضعف في أنظمة التشغيل‪ .‬ويمكن لمثل هؤلاء الأشخاص الدخول إلى‬
‫حواسيب غيرهم وتنفيذ برامج ضخمة عليها دون إذن أصحابها‪ .‬وواضح أن مثل هذا العمل‬
‫بغير إذن صاحب الحاسوب لا يجوز شرعا‪.‬‬
‫ومن القضايا غير الأخلاقية أيضاً في مجال تقنية المعلومات‪ :‬الاستخدام غير الملائم‬
‫للموارد التقنية (كاستخدام بعض الموظفين أجهزة الحاسب أثناء العمل لتصفح مواقع‬
‫الإنترنت التي لا علاقة لها مع عملهم)‪ .‬بيع عناوين البريد الإلكتروني وعناوين الزبائن إلى‬
‫جهات أخرى‪ .‬الاستخدام غير المشروع لأجهزة الغير (كاستخدام ذاكرة أجهزة أخرى عبر‬
‫الإنترنت)‪ ،‬كذلك استخدام البرامج دون ترخيص ونسخها بشكل غير قانوني‪ .‬أخيراً إضافة‬
‫الإعلانات للبرامج المجانية تعد أيضا من القضايا التي تسبب بطئ في الأجهزة بالإضافة إلى‬
‫عرض إعلانات غير مقبولة لدى المستخدم في أحيان أخرى‪.‬‬
‫ي‪ .‬مهاجمة المواقع والشبكات‬
‫اشتهرت في الآونة الأخيرة محاولات لمهاجمة مواقع معينة بعدد كبير من‬
‫الأشخاص‪ ،‬بحيث يقومون بالدخول إلى مواقعها‪ ،‬أو إرسال رسائل نصية بما يزيد عن طاقة‬

‫‪97‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫تحملها‪ ،‬مما يؤدي إلى تعطلها‪ ،‬وهو ما يعرف باسم ( ‪Denial of Service -‬‬
‫‪ .)DOS‬ويجري تجييش هؤلاء الأفراد من شخص أو جهة لهدف قد يكون سياسيًا أو‬
‫تجاريًا‪ .‬هذه الوسيلة تشبه تجميع الناس في تظاهرات احتجاجية على جهة ما حول موضوع‬
‫ما‪ .‬وقد وجد أن مثل هذه الوسيلة قد تنجح أحيانا في تعطيل الموقع المستهدف‪ .‬وهنا يجدر‬
‫أن نشير إلى مصطلح جديد انتشر في الآونة الأخيرة هو "الحرب الإلكترونية"‪ ،‬ورغم أن‬

‫موضوع الحرب الإلكترونية قد يكون أشمل من موضوع مهاجمة المواقع‪ ،‬لكن الأخير يمكن‬
‫َما‬ ‫بِمِثْ ِل‬ ‫فَـ َعاقِبُوا‬ ‫َعاقَـْبـتُ ْم‬ ‫﴿َوإِ ْن‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫ذلك‬ ‫ويحكم‬ ‫أن يقع ضمن الحرب الالكترونية‪.‬‬
‫ُعوقِْبـتُم بِِه﴾ [النحل‪.]126:‬‬
‫الختام‬

‫لأول مرة في التاريخ تتم مناقشة الأخلاق والسلوك كقواعد وأسس في المجالات التقنية‬
‫والصناعية‪ ،‬وهذه الأسس والقواعد يجب أن تكون عامة وقابلة للتطبيق بحيث لا تقتصر‬
‫على منطقة جغرافية‪ ،‬أو مقيدة بدين أو ثقافة بعينها‪ .‬لا شك أن الإسلامكان له أثركبير‬

‫على سلوك وحياة المسلمين‪ ،‬فالإسلام يمثل ظاهرة فريدة ليس فقط كتعالم روحية بل إنه‬
‫سلوك وقيم وأخلاق وعلاقات تشكل جميع جوانب حياة المسلمين‪ .‬حاول هذا البحث‬

‫وضع معايير أولية منبثقة من المبادئ الإسلامية العامة في عدة مواضيع تتعلق بتقنية المعلومات‬
‫بحيث تكون قابلة للتطبيق والتطوير‪ ،‬وتشمل جميع مواضيع تقنية المعلومات بما فيها عملية‬
‫التطوير والإنتاج‪ .‬كما يلخص البحث أهم القضايا غير الأخلاقية في مجال تقنية المعلومات‬

‫كالاستخدام غير الملائم لموارد التقنية‪ ،‬وبيع عناوين البريد الإلكتروني‪ ،‬وعناوين الزبائن إلى‬
‫جهات أخرى‪ ،‬والاستخدام غير المشروع لأجهزة الغير‪ ،‬واستخدام البرامج دون ترخيص‬
‫ونسخها بشكل غير قانوني‪.‬كما أن هناك العديد من المواضيع التي لا تزال بحاجة إلى دراسة‬

‫من قبل المختصين بتقنية المعلومات مع مشاورة مستمرة لعلماء الشرع كحكم العقود‬
‫الإلكترونية‪ ،‬الصكوك البنكية الإلكترونية‪ ،‬إثبات الملكية الخاصة‪ ،‬التزوير الإلكتروني‪ ،‬حل‬

‫النزاعات المتعلقة بتقنية المعلومات‪ ،‬ووضع الأحكام المتعلقة بذلك وتقنينها لتصبح جزءً لا‬
‫يتجزأ من القوانين والأنظمة‪ ،‬وغير ذلك مثل مسؤولية الأخطاء الناتجة عن أجهزة الحاسب‪،‬‬

‫‪98‬‬

‫الفصل السادس‬

‫مسؤولية الضرر الناتج‪ ،‬وغيرها من المواضيع الحديثة التي تحتاج إلى بحث ودراسة‪ .‬أخيراً‬
‫يوصي البحث بضرورة إيجاد مؤسسة أو هيئة شرعية تقنية لدراسة قضايا تقنية المعلومات‬

‫وإصدار الفتاوى المتعلقة بذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا‪،‬كوالالمبور‪ ،‬ماليزيا‪[email protected] .‬‬
‫‪ 2‬الجامعة الأردنية‪ ،‬عمان‪ ،‬الأردن ‪[email protected]‬‬
‫‪ 3‬رواه إبن عبد البر بإسناد صحيح‪.‬‬

‫‪ 4‬أحمد الغزالي‪ ،‬إحياء علوم الدين‪( ،‬مركز اطلاعات ومدارك إسلامي‪.)1331 ،‬‬
‫‪ 5‬رواه الطبراني‪.‬‬
‫‪ 6‬رواه الدارقطني‪.‬‬

‫‪ 7‬الرازي‪ ،‬أبو بكر محمد بن زكريا‪ ،‬أخلاق الطبيب‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اللطيف محمد العبد‪( ،‬بيروت‪ :‬مكتبة دار‬
‫التراث‪1977 ،‬م)؛ وابن الحاج‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري المالكي الفاسي‪ ،‬المدخل‪،‬‬
‫(مصر‪ :‬مطبعة أديان لعلوم الدين‪1800 ،‬م)؛ وابن أبي أصيبعة‪ ،‬موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم‬

‫بن خليفة بن يونس السعدي الخزرجي‪ ،‬عيون الأنباء في طبقات الأطباء‪( ،‬مصر‪1881 :‬م)‪.‬‬
‫‪ 8‬أ‪ .‬م‪ .‬ز‪ .‬محمد زكي خضر‪" ،‬المبادئ الأخلاقية الإسلامية للعاملين في مجال تقنية المعلومات"‪ ،‬العدد‪،1‬‬

‫المجلة الدولية للتطبيقات الإسلامية في علم الحاسب والتقنية‪.2013 ،‬‬
‫‪ 9‬رواه ابن عبد البر بإسناد صحيح‪.‬‬
‫‪ 10‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ 11‬رواه أبو داود وأحمد وابن حبان‪.‬‬
‫‪ 12‬رواه أبو داود‪.‬‬

‫‪ 13‬ابن الجوزي‪ ،‬سيرة عمر بن الخطاب‪.‬‬

‫‪14 a. Flexner, “Is Social Work a Profession?,” Res. Soc. Work Pract., vol. 11,‬‬
‫‪no. 2, pp. 152–165, 2001.‬‬

‫‪ 15‬ابن الحاج‪ ،‬المدخل‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬
‫‪ 16‬أ‪ .‬م‪ .‬ز‪ .‬محمد زكي خضر‪" ،‬المبادئ الأخلاقية الإسلامية للعاملين في مجال تقنية المعلومات"‪،‬‬

‫العدد‪ ،1‬المجلة الدولية للتطبيقات الإسلامية في علم الحاسب والتقنية‪.2013 ،‬‬
‫‪ 17‬أ‪ .‬م‪ .‬ز‪ .‬محمد زكي خضر‪" ،‬المبادئ الأخلاقية الإسلامية في تقنية المعلومات وتطوير البرمجيات"‬

‫‪in‬المجلة الدولية للتطبيقات الإسلامية في علم الحاسب والتقنية‪ ،‬عدد ‪.2013 ،3‬‬
‫‪ 18‬م‪ .‬ز‪ .‬و‪ .‬خضر ‪ and‬أ‪ .‬م‪ .‬زكي‪" ،‬المبادئ الأخلاقية للعاملين في مجال تقنية المعلومات"‪ ،‬المجلة‬
‫الدولية للتطبيقات الإسلامية في عمل الحاسب "والتقنية‪ .‬النهضة العلمية‪, vol. 1, no. 1, pp. ،‬‬
‫‪ 1–9, 2013.‬م‪ .‬ز‪ .‬و‪ .‬خضر ‪ and‬أ‪ .‬م‪ .‬زكي‪" ،‬المبادئ الأخلاقية الإسلامية في تقنية المعلومات‬
‫وتطوير البرمجيات"‪ ،‬المجلة الدولية للتطبيقات الإسلامية في علم الحاسب والتقنية‪vol. 3, no. 1, .‬‬

‫‪.pp. 106–113, 2013‬‬
‫‪ 19‬صحيح البخاري‪.‬‬
‫‪ 20‬صحيح البخاري‪.‬‬

‫‪ 21‬أبو داود والألباني في السلسلة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ 22‬رواه الترمذي بإسناده حسن‪.‬‬

‫‪ 23‬ذكره النووي في المجموع بإسناد صحيح‪.‬‬
‫‪ 24‬المعجم الأوسط للطبراني والبيهقي مرسلا‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫الفصل السابع‬

‫ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة‬

‫د‪ .‬محمد شكيب القاسمي‪1‬‬

‫ملخص البحث‬
‫مما لا شك فيه أن فقه النوازل له أهميةكبيرة في حياتنا اليومية‪ ،‬فلا بد من أن نعرفه بالدقة؛‬
‫لأنه يدل على كمال الشريعة‪ ،‬وخلودها وبقائها‪ ،‬وأنها صالحة لكل زمان ومكان‪ ،‬فما من‬
‫نازلة من النوازل إلا ولها حكم في الشريعة‪ ،‬فجاء بيان ذلك فيكتاب الله تبارك وتعالى وسنة‬
‫رسوله ﷺ في مواضع شتى‪ ،‬فقال الله تعالى‪﴿ :‬الْيَ ْوَم أَ ْك َمْل ُت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم َوأَْتَْم ُت َعلَْي ُك ْم‬
‫نِْع َمِت َوَر ِضي ُت لَ ُك ُم الِإ ْسلاََم ِدينًا فََم ِن ا ْضطَُّر ِف ََمَْم َصٍة غََْْي ُمتَ َجانِ ٍف ِلِِإٍْْث فَِإ َّن اّلِلَ‬
‫غَُفوٌر َّرِحيم﴾ [المائدة‪ .]3:‬ولأجل هذه الأهمية لفقه النوازل أرى من الواجب أن نعرفه‪ ،‬وما‬
‫الضوابط التي يلزم للمجتهد أن يتبعها؟ وكذلك ما الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها؟ فتناول‬
‫هذا البحث تعريف فقه النوازل‪ ،‬وبيان حكم الاجتهاد فيها‪ ،‬وضوابط الاجتهاد في النوازل‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫لقد م َّن الله عَّز وج َّل على أمتنا المحمدية بأن جعل شريعتها الإسلامية خالدًة‪ ،‬وصالحةً لكل‬
‫زمان ومكان‪ ،‬فلا ينضب معينها‪ ،‬ولا ينفد عطاؤها‪ ،‬فهي أبدا تفي بحاجات كل عصر‪،‬‬
‫وبمتطلبات كل دهر‪ ،‬فمهما جدت تصرفات‪ ،‬أو عقود‪ ،‬أو معاملات بين الناس‪ ،‬فلا بد‬
‫من أن نجد لها حك ًما في القرآن الكريم‪ ،‬أو في سنة رسول الله ﷺ‪ ،‬أو في غيرهما من مصادر‬
‫التشريع الإسلامي‪ ،‬إما بطريق النص على حكمها‪ ،‬أو بالقياس على مثلها لاشتراكهما في‬
‫علة الحكم‪ ،‬أو بالدخول في قاعدة عامة أتى بها التشريع الإسلامي‪ ،‬ولو لم تكن شريعة‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫الإسلام تحمل خاصية بيان الأحكام لكل ما يج ُّد من أفعال وسلوٍك للبشر فيكل عصر إلى‬
‫يوم القيامة لاحتاج البشر إلى رسوٍل جدي ٍد يُبَنِين لهم الأحكام‪ ،‬وهذا أمر مستحيل؛ لأن الله‬
‫تبارك وتعالى حسم هذه المسألة‪ ،‬وبَّين أن محمدا ﷺ هو خاتم النبيين والمرسلين‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬
‫﴿َّما َكا َن مُحََّم ٌد أَََب أَ َح ٍد ِِمن ِِر َجالِ ُك ْم َولَ ِكن َّر ُسوَل اَّلِّل َو َخاَتَ الَنّبِيِِيَن َوَكا َن اَّلّلُ بِ ُك ِِل َش ْيٍء‬
‫َعِلي ًما﴾ [الأحزاب‪.]40:‬‬
‫يوجد في المجتمع الإسلامي‬ ‫بنُوسلهعذهامكأاننيحممنلواالمعطلوبءببيادائنًماال‪،‬أحوفكيامكاللشالرععيةصوللرن‪،‬ا أسن‬
‫في عباداتهم‪ ،‬ومعاملاتهم‪ ،‬في‬ ‫علماء‬

‫الأنشطة الإنسانية المختلفة من الاقتصاد والسياسة‪ ،‬وغير ذلك من العلاقات‪.‬‬
‫إن فقه النوازل من أدق مسالك الفقه وأعوصها‪ ،‬حيث إن الباحث فيها يطرق‬

‫المستجدة‪،‬‬ ‫فيها عن السلف قول‪ ،‬بل هي من القضايا‬ ‫موضوعات لم تُطَْرق من قبل‪ ،‬ولم يرد‬
‫مخ نِص ًصا إياه بالنوازل وحكمها وضوابطها‪.‬‬ ‫وأنا أريد أن أكتب في هذا الموضوع‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬

‫تكمن مشكلة البحث في أن فقه النوازل‪ ،‬والتعامل مع الأحداث المستجدة‪ ،‬من القضايا‬
‫المعاصرة التي تتطلب من علماء الوقت عقلية سيالة‪ ،‬بجانب العقلية العالمة‪ ،‬وحتى لا يصبح‬
‫التعامل مع النوازل والأحداث لعبة في أيدي العلماء‪ ،‬فيتصرفوا فيها كما يشاءون‪ ،‬لا بد له‬
‫من ضوابط وقواعد‪ ،‬فنحن نحاول من خلال هذه الورقة تقديم هذه الضوابط للتعامل مع‬

‫النوازل والأحداث المستجدة‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬

‫سوف تسعى هذه الدراسة لتحقيق الأهداف الآتية‪:‬‬
‫‪ .1‬التعرف على مفهوم فقه النوازل‬

‫‪ .2‬بيان ضوابط الاجتهاد في النوازل‪ ،‬وشروطه‪.‬‬
‫‪ .3‬توضيح أحكام النوازل مع أنواعها‪.‬‬

‫‪102‬‬

‫الفصل السابع‬

‫منهج البحث‪:‬‬
‫اقتضت طبيعة الموضوع أن يستخدم الباحث في دراسته هذه المناهج التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬المنهج التحليلي‪ :‬وذلك لتحليل آراء العلماء حول النوازل وأحكامها وشروطها‬

‫وضوابطها‪.‬‬
‫‪ -2‬المنهج النقدي‪ :‬وذلك لنقد وتمحيص أقوال العلماء حول النوازل وأحكامها وشروطها‬

‫وضوابطها‪.‬‬

‫المبحث الأول‪ :‬تعريف فقه النوازل وأنواعها والمصطلحات المترادفة لها وحكم‬
‫الاجتهاد فيها‬

‫المطلب الأول‪ :‬تعريف فقه النوازل لغةً واصطلا ًحا وأنواعها‬
‫لما كان فقه النوازل مكوناً من لفظين‪ ،‬أولهما فقه وثانيهما النوازل‪ ،‬فاقتضى المقام أن يذكر‬

‫هنا معنى كل لفظ لغة واصطلاحا‪.‬‬
‫الفقه في اللغة‪ :‬الفقه لغة يطلق على العلم بالشيء والفهم له والفطنة‪ ،‬وغلب استعماله على‬
‫علم الدين‪ ،‬يقال‪ :‬فقه يفقه فقها إذا فهم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ﴿ :‬ما نَْفَقهُ َكثِْياً َِِّمّا تَُقوُل﴾‬

‫[هود‪.2]91:‬‬
‫الفقه اصطلاحا‪:‬‬
‫عرف الإمام الشافعي بأنه‪" :‬العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها‬

‫التفصيلية"‪.3‬‬
‫وقد عرف الإمام أبو حنيفة بأنه "معرفة النفس مالها وما عليها"‪.4‬‬
‫والتعريف المختار عندي هو التعريف الأول؛ لأنه أكثر جامعا لاشتماله على جملة‬
‫من الأحكام الشرعية الفروعية؛ وأكثر مانعا‪ ،‬فخرج بالأدلة التفصيلية علم المقلد بالأحكام‬
‫الشرعية العملية عن أن يكون فقها؛ لأن المقلد لم يستدل على كل مسألة يعملها بدليل‬

‫‪103‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫تفصيلي‪ .‬وأما التعريف الثاني فهوكان ملائما لعصر الإمام الذي لم يكن الفقه فيه قد استقل‬
‫عن غيره من العلوم الشرعية‪.5‬‬
‫النوازل في اللغة‪:‬‬

‫النوازل لغةً جمع نازلة‪ ،‬وهي اسم فاعل‪ ،‬وتطلق على المصيبة الشديدة من شدائد الدهر التي‬
‫تْنزل بالقوم‪ .6‬وقال ابن فارس‪ :‬النون والزاء واللام كلمة صحيحة تدل على هبوط شيء‬

‫ووقوعه‪ ،7‬وتجمع على نوازل ونازلات‪.‬‬
‫النوازل اصطلاحا‪:‬‬

‫لم أجد عند العلماء المتقدمين تعريًفا للنازلة صراحةً‪ ،‬وإنما استقيت من كلامهم في قنوت‬
‫النازلة أن النوازل هي مصائب وشدائد تنْزل بالناس فيشرع له القنوت‪.8‬‬

‫وأما المتأخرون والمعاصرون فهم اختلفوا في تعريفها على أقوال مؤداها واحد‪ ،‬وهي‬
‫كما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬قد عرف ابن عابدين النوازل بأنها "الفتاوى والواقعات‪ ،‬وهي مسائل‬
‫استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئلوا عن ذلك‪ ،‬ولم يجدوا فيها رواية عن‬

‫أهل المذهب المتق ِدمين"‪.9‬‬
‫‪ -2‬وقد عرف الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬بأنها "المسائل أو المستج ِدات الطِارئة على‬
‫المجتمع بسبب توسع الأعمال‪ ،‬وتعقد المعاملات‪ ،‬والتي لا يوجد نص‬

‫تشريعي مباشر‪ ،‬أو اجتهاد فقهي سابق ينطبق عليها"‪.10‬‬
‫‪ -3‬وقد عرفها الشيخ مسفر بن علي بن محمد القحطاني بأنها "وقائع جديدة لم‬

‫يسبق فيها نص أو اجتهاد"‪.11‬‬
‫‪ -4‬وقد عرف الشيخ محمد الحبيب التجكاني بأنها "حادثة واقعية نزلت بالناس‬
‫في زمان ومكان معين سئل عنها ُمف ٍت من المفتيين أو إحالة من طرف‬

‫المحكمة على المفتيين"‪.12‬‬

‫‪104‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ -5‬وقال الشيخ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه بأنها "وقائع حقيقية تنزل بالناس‬
‫فيتجهون إلى الفقهاء بحثاً عن الفتوى‪ ،‬فهي تمثل جانباً حياً من الفقه متفاعلاً‬

‫مع الحياة المحلية لمختلف المجتمعات"‪.13‬‬
‫وكذلك عرفها كثير من المعاصرين بعبارات شتى‪ ،‬لكن نكتفي بهذا القدر؛ لأن‬
‫التعريفات الأخرى لم تخرج عن هذا المعنى‪ .‬وبعد تتبع التعريفات المذكورة للنوازل وصل‬
‫الباحث إلى أن التعريف المختار لديه هو‪" :‬وقائع جديدة وقعت فعلا أو يتوقع وقوعها ولم‬
‫يسبق فيها نص مباشر أو اجتهاد"‪ .‬وذلك لأنه جامع للنوازلكلها وقعت فعلا أو ما وقعت‬
‫ولكن يتوقع حدوثها في المستقبل‪ ،‬وهذا هو ما يتبادر إليه الذهن عند إطلاق هذا المصطلح‪.‬‬

‫تعريف فقه النوازل باعتباره علما ولقبا‪:‬‬
‫عرف محمد بن حسين الجيزاني‪ :‬بأنه "معرفة الأحكام الشرعية للقضايا المستجدة الملحة"‪.14‬‬
‫ومال الباحث إلى أن هذا التعريف غير واضح‪ ،‬والتعريف المختار لديه هو‪" :‬معرفة الأحكام‬

‫الشرعية العملية للقضايا المستجدة المعاصرة والمكتسبة من أدلتها التفصيلية"‪.‬‬
‫أنواع النوازل‪:‬‬

‫النوازل تتنوع باعتبارات شتى‪ ،‬فمن هذه الاعتبارات‪:‬‬
‫تنقسم النوازل بالنظر إلى موضوعها إلى نوعين‪:‬‬

‫‪" -1‬نوازل فقهية‪ :‬وهي ما كان من قبيل الأحكام الشرعية العملية‪.‬‬
‫‪ -2‬نوازل غير فقهية‪ :‬مثل النوازل العقدية؛ كظهور بعض الفرق والنحل‪ ،‬والصور‬
‫المستجدة للشرك ومثل المسائل اللغوية المعاصرة؛ كتسمية بعض المخترعات‬

‫الجديدة"‪.‬‬
‫تنقسم النوازل من حيث أهميتها إلى نوعين‪:‬‬
‫‪" -1‬نوازل كبرى‪ :‬وهي القضايا المصيرية التي نزلت بأمة الإسلام‪ ،‬وأعني بذلك تلك‬
‫الحوادث والبلايا التي تدبر للقضاء على المسلمين من قبل أعدائهم‪ ،‬وما يتصل‬
‫بذلك من المكائد والمؤامرات والحروب المعلنة وغير المعلنة‪ ،‬في شتى المجالات‬
‫العسكرية والفكرية والاقتصادية والسياسة والاجتماعية‪.‬‬

‫‪105‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -2‬نوازل أخرى دون ذلك"‪.‬‬
‫تنقسم النوازل بالنظر إلىكثرة وقوعها وسعة انتشارها إلى عدة أقسام‪:‬‬
‫‪" -‬نوازل لا يسلم ‪-‬في الغالب‪ -‬من الابتلاء بها أحد؛ كالتعامل بالأوراق النقدية‪.‬‬
‫‪ -‬نوازل يعظم وقوعها؛ كالصلاة في الطائرة‪ ،‬والتعامل بالبطاقات البنكية‪.‬‬
‫‪ -‬نوازل يقل وقوعها؛ كمداواة تلف عضو في حد أو بسبب جريمة وقعت منه‪.‬‬
‫‪ -‬نوازل قد انقطع وقوعها واندثرت‪ ،‬وصارت نسيًا منسيًا؛ كاستخدام المدافع‬

‫والبرقيات في إثبات دخول شهر رمضان وخروجه"‪.‬‬
‫تنقسم النوازل بالنسبة لجدتها إلى نوعين‪:‬‬

‫‪" -1‬نوازل محضة‪ :‬وهي التي لم يسبق وقوعها من قبل‪ ،‬لا قليلاً ولا كثيًرا‪ ،‬مثل أطفال‬
‫الأنابيب‪.‬‬

‫‪ -2‬نوازل نسبية‪ :‬وهي التي سبق وقوعها من قبل‪ ،‬لكنها تطورت من جهة أسبابها‬
‫والواقع المحيط بها‪ ،‬وتجددت في بعض هيئاتها وأحوالها‪ ،‬حتى صارت بهذا النظر‬
‫كأنها نازلة جديدة‪ ،‬مثل بيوع التقسيط‪ ،‬والعمليات الطبية الجراحية‪ ،‬والزواج بنية‬

‫الطلاق"‪.15‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مصطلحات مترادفة للنوازل‬
‫لقد أطلق الفقهاء على تلك المسائل المستجدة في عصورهم عدة ألفاظ ومصطلحات‪ ،‬وقد‬

‫يعبرون عن النوازل بأسماء ومصطلحات أخرى‪ ،‬ومن أشهرها ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الوقائع‪ :‬ومفردها واقعة‪ ،‬جاء في تاج العروس "الواقعة‪ :‬النازلة الشديدة من شدائد‬

‫الدهر"‪.16‬‬
‫‪ -2‬القضايا‪ :‬ومفردها قضية‪ ،‬وهي مسائل يتنازع فيها وتعرض على القاضي أو‬

‫القضاء للبحث والفصل‪.17‬‬
‫‪ -3‬الحوادث‪ :‬ومفردها حادثة‪ ،‬وهو شبه النازلة‪.18‬‬

‫‪106‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ -4‬المستجدات‪ :‬ومفردها مستجدة‪ ،‬وهي المسائل الحادثة التي لم يكن لها وجود من‬
‫قبل‪.19‬‬

‫‪ -5‬المسائل‪ :‬ومفردها مسألة‪ ،‬سماها بعض العلماء بالمسائل‪20‬؛ لأنها تتناول قضايا‬
‫تطلب حلا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حكم الاجتهاد ِف النوازل‬
‫الاجتهاد في المسائل المستجدة واجب على هذه الأمة‪ ،21‬والذي يبدو لنا أن حكمه يختلف‬
‫باختلاف الأحوال ووفق نوع المسألة‪ ،‬فقد يكون واجباكفائيا‪ ،‬وقد يكون واجبا عينيا‪ ،‬وربما‬
‫يصير ندبا‪ ،‬وقد يكون مكروها أو حراما‪ .‬هذا حكمه على سبيل الإجمال‪ .‬وأما حكمه على‬
‫سبيل التفصيل فينبغي أن يقسمه الباحث إلى ثلاثة أقسام‪ :‬الأول‪ :‬حكم الاجتهاد في‬
‫المسائل التي وقعت فعلا‪ .‬والثاني‪ :‬حكم الاجتهاد في المسائل التي لم تقع بعد ولكن يتوقع‬
‫حدوثها في المستقبل‪ .‬والثالث‪ :‬حكم الاجتهاد في المسائل التي لم تقع بعد ولا يتوقع حدوثها‬

‫في المستقبل‪.‬‬
‫حكم الاجتهاد في المسائل التي وقعت فعلا‪:‬‬
‫وهو من فروض الكفاية على العلماء القادرين عليه‪ ،‬وهذا عند تعدد المجتهدين‬
‫وليس هناك خوف على فوت الحادثة‪ ،‬ففي هذه الحالة إذا قام بالاجتهاد أحد المجتهدين‬
‫سقط عن الباقيين‪ ،‬وبرئت ذمتهم وإلا أثموا جميعا لتقصيرهم في بيان الحكم الشرعي في مسألة‬
‫تحتاج إلى بيان الحكم‪ ،‬وقد يكون النظر في نازلة ما واجبا عينيا إذا قامت الحاجة الشديدة‬
‫إلى معرفة الحكم والوقت ضيق أو أراد المجتهد أن يستنبط الحكم لنفسه حتى يصل إلى ما‬
‫يطمئن إليه قلبه‪ ،‬وكذلك إذا سئل عن الحكم ولم يوجد هناك مجتهد آخر يقدر أن يجيب‬
‫عنه فيكون واجبا عينيا‪ ،‬فإن ضاق الوقتكان على الفور‪ ،‬وإلا على التراخي‪.22‬‬
‫حكم الاجتهاد في المسائل التي لم تقع بعد ولكن يتوقع حدوثها في المستقبل‪:‬‬
‫وقد يكون الاجتهاد مندوبا‪ ،‬وذلك في حالة استنباط أحكام للحوادث التي لم‬
‫تقع بعد ولكن يتوقع حدوثها في المستقبل‪ ،‬وكذلك الحكم فيما إذا استفتاه في مسألة قبل‬
‫وقوعها‪ ،23‬ومثاله في السنة‪ :‬عن المقداد بن الأسود أنه قال‪" :‬يا رسول الله! أرأيت إن لقيت‬

‫‪107‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫رجلا من الكفار‪ ،‬فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف‪ ،‬فقطعها ثم لاذ مني بشجرة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله ﷺ‪« :‬لا تقتله»‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪:‬‬
‫يا رسول الله! إنه قد قطع يدي‪ ،‬ثم قال ذلك بعد أن قطعها‪ ،‬أفأقتله؟ قال رسول الله ﷺ‪:‬‬
‫«لا تقتله فإن قتلته فإنه بمْنزلتك قبل أن تقتله‪ ،‬وإنك بمْنزلته قبل أن يقولكلمته التي قال»‪.24‬‬
‫وهذا ما يميز أهل العراق فهم توسعوا كثيرا فيها‪ ،‬فكثيرا ما نجدهم يجتهدون في‬
‫القضايا الافتراضية‪ ،‬ويهتمون ببحث الاحتمالات؛ وأما أهل الحجاز فهم لا يحبون الخوض‬
‫في الفرضيات‪ ،‬ويرتكز فقههم على الوقائع المستجدة النازلة في وقتها‪ ،‬وهذا هو الفارق المتميز‬
‫بين المدرستين‪ ،25‬ولهذا لما سأل الإمام مالك رجل عراقي عن رجل وطىء دجاجة ميتة‪،‬‬
‫فخرجت منها بيضة‪ ،‬فأفقست البيضة عنده عن فرخ أيأكله؟ فقال مالك‪ :‬سل عما يكون‬

‫ودع ما لا يكون‪.26‬‬
‫حكم الاجتهاد في المسائل التي لم تقع بعد ولا يتوقع حدوثها في المستقبل‪:‬‬
‫وأما الاجتهاد في المسائل التي لا يتوقع وقوعها ولم تجر العادة بحدوثها‪ ،‬فقد يكره‬
‫الاجتهاد فيها‪ ،27‬فقد ذكر العلامة أبو شامة منسوبًا إلى الثعلبى والشافعي رحمهما الله في‬
‫كتابه‪" :‬الاجتهاد بمْنزلة الميتة‪ ،‬لا يحل تناولهما إلا عند المخمصة"‪ .28‬ولأنه اشتغال بما لا‬
‫ينفع‪ ،‬وقد ورد في ذلك كثير من الروايات‪ ،‬فقال رسول الله ﷺ‪« :‬لا تعجلوا بالبلية قبل‬
‫نزولها‪ ،‬وقاربوا وسددوا؛ فإن عجلتم بها قبل نزولها فإنها سيسيل بكم السيل ههنا وههنا»‪.29‬‬
‫وقال رسول الله ﷺ‪« :‬إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم‪ ،‬فحرم من أجل‬
‫مسألته»‪ ،30‬وربما يصير حراما إذا كان الاجتهاد في مقابلة نص قاطع من كتاب أو سنة‪،‬‬
‫وفي مقابلة الإجماع للقاعدة الأصولية "لا اجتهاد في مقابلة النص"‪ ،‬وكذلك إذاكان من غير‬

‫المجتهدين؛ لأن اجتهادهم حرام‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫الفصل السابع‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شروط وضوابط الاجتهاد ِف النوازل‬
‫شروط الاجتهاد ِف النوازل‪:‬‬

‫يشتمل الاجتهاد على النوازل وغيرها من المسائل‪ ،‬ولذا شروط الاجتهاد كلها تنطبق على‬
‫الاجتهاد في النوازل‪ ،‬وأهم هذه الشروط ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الإحاطة بمدارك الأحكام وأدلتها‪.‬‬

‫‪ -2‬العلم بمقاصد الشريعة على كمالها‪ ،‬فقال الإمام الشاطبي‪" :‬إنما تحصل درجة‬
‫الاجتهاد لمن اتصف بوصفين‪( :‬أحدهما) فهم مقاصد الشريعة على كمالها‪،‬‬

‫و(الثاني) التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها"‪.31‬‬
‫‪ -3‬ومعرفة اللغة العربية على وجه يتيسر له به فهم خطاب العرب‪ ،‬وعاداتهم في‬

‫الاستعمال‪.32‬‬
‫‪ -4‬المعرفة التامة بأصول الفقه؛ لأن هذا العلم هو عماد فسطاط الاجتهاد‪ ،‬وأساسه‬
‫الذي تقوم عليه أركان بنائه‪ ،33‬فقال الإمام الرازي‪" :‬إن أهم العلوم للمجتهد علم‬

‫أصول الفقه"‪ ،34‬وغيرها من الشروط المهمة‪.‬‬
‫ووجود هذه الصفات في الإنسان على الكمال من قبيل المتعذر‪ ،‬لكنكلما كمل فيها كان‬
‫منصبه في الاجتهاد أعلى وأتم‪ ،‬ويكفي في ذلك أن يكون مجتهدا على الأقل في المسألة التي‬
‫ُعنر َض ْت عليه وتناول فيها بالنظر‪ ،‬وذلك أن وجود المجتهد المطلق أمٌر قد َوَلّى زمانه‪ ،‬لذلك‬

‫قد أجاز العلماء بتجُّزؤ الاجتهاد‪.35‬‬
‫وهناك بعض الضوابط للاجتهاد لا بد أن يراعيها المجتهد في النوازل كل حين‪،‬‬
‫وكذلك هناك آداب ينبغي للمجتهد التأدب بها عند تصديه للاجتهاد في النوازل‪ ،‬فحاولت‬

‫أن أذكر أهمها بالاختصار‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫ضوابط الاجتهاد ِف النوازل‪:‬‬
‫الضابط الأول‪ :‬أن تكون النازلة من المسائل المتوَقّنع وجوُدها‪:‬‬
‫ينبغي للمجتهد أن يتأكد أن هذه المسألة من المسائل التي قد نزلت أو يتوقع‬
‫وقوعها وليست من المسائل الغريبة أو مستبعدة الحصول؛ لأن الأصل في المسائل النازلة‬
‫وقوعها وحدوثها في واقع الأمر‪ ،‬ولذلك يكره الاجتهاد في المسائل التي لا يتوقع وقوعها ولم‬
‫تجر العادة بحدوثها؛ لأن النظر فيها لا ينفع‪ ،‬وأما إذاكانت المسألة يتوقع حصولها فيستحب‬
‫له الاجتهاد فيها والبحث فيها‪ ،‬كما أشار إليها الإمام ابن قيم رحمه الله "والحق التفصيل‪،‬‬
‫فإن كان في المسألة نص من كتاب الله أو سنة عن رسول الله ﷺ أو أثر عن الصحابة لم‬
‫يكره الكلام فيها‪ ،‬وإن لم يكن فيها نص ولا أثر‪ ،‬فإنكانت بعيدة الوقوع أو مقدرة لا تقع‬
‫لم يستحب له الكلام فيها‪ ،‬وإنكان وقوعها غير نادر ولا مستبعد‪ ،‬وغرض السائل الإحاطة‬
‫بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم‪ ،‬لا سيما إن كان‬
‫السائل يتفقه بذلك ويعتبر بها نظائرها‪ ،‬ويقرع عليها‪ ،‬فحيثكانت مصلحة الجواب راجحة‬

‫كان هو الأولى‪ ،‬والله أعلم"‪.36‬‬
‫الضابط الثاني‪ :‬أن يحصل للمجتهد التصور التام والفهم الصحيح الدقيق للنازلة‪:‬‬
‫إن فقه النوازل من أدق مسالك الفقه وأعوصها‪ ،‬حيث إن الباحث فيها يطرق‬
‫موضوعات لم تطرق من قبل‪ ،‬ولم يرد فيها قول عن السلف‪ ،‬بل هي قضايا مستجدة‪ ،‬فلا‬
‫بد له أن يبذل جهده ويستفرغ طاقته في فهم صورة النازلة فه ًما دقيًقا‪ ،‬ومعرفة حقيقتها في‬
‫الواقع‪ ،‬وعلى المجتهد في النوازل أن يعرف الدراسات السابقة وما كتب حول تلك المسألة‬
‫النازلة‪ ،‬وأيضا لا بد له من تحديث المعلومات لفهم النازلة فه ًما صحي ًحا‪ ،‬خاصة في عصرنا‬
‫هذا‪ ،‬عصر التجدد الذي نشاهد فيه تجددا كل يوم‪ ،‬ونبتلي بمختلف أنواع النوازل التي تْنزل‬
‫بساحتنا‪ ،‬لا يكفي لنا أن نعتمد على أقوال السلف فحسب‪ ،‬بدون إعادة النظر فيها‬
‫والتفكير فيها من جديد؛ لأن أقوالهم كانت تبتني على أحوال عصرهم‪ ،‬وقد تغيرت اليوم‪،‬‬

‫لذا نجد الفقهاء يصرحون‪" :‬من جهل بأهل زمانه فهو جاهل"‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫الفصل السابع‬

‫ومن المعلوم أن بعض الفتاوى تتغير بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال‪ ،‬ومن‬
‫أجل ذلك جاءت قاعدة مشهورة "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان"‪ ،‬ما أحسن ما قال‬
‫الشيخ يوسف القرضاوي‪" :‬يجب ألا ننسى أننا في القرن الخامس عشر الهجري‪ ،‬لا في القرن‬
‫العاشر‪ ،‬ولا ما قبله‪ ،‬وأن لنا حاجتنا ومشكلاتنا التي لم تَ ْعنر ْض لمن قبلنا من سلف الأمة‬
‫وخلفها‪ ،‬وأننا مطالبون بأن نجتهد لأنفسنا‪ ،‬لا أن يجتهد لنا قوم ماتوا قبلنا بعدة قرون‪ ،‬ولو‬
‫أنهم عاشوا عصرنا اليوم‪ ،‬وعانوا ما عانينا‪ ،‬لرجعوا عن كثير من أقوالهم‪ ،‬وغيروا كثيًرا من‬
‫اجتهاداتهم‪ ،‬لأنها قيلت لزمانهم‪ ،‬وليس لزماننا"‪ ،37‬ولك ْن للأسف الشديدكثير من الباحثين‬
‫لا يزالون على التصورات الأولى‪ ،‬والبقاء على التصورات الأولى للنازلة أمر خطير‪ ،‬وجب‬
‫على المجتهد في النوازل أن يجتنب عنه‪ .‬والمقصود أن تصور النازلة أمر مهم‪ ،‬فلا بد له من‬

‫بذل جهده في فهم صورة النازلة فهما دقيقا‪.38‬‬
‫الضابط الثالث‪ :‬التأمل في الفتوى والتحري فيما يجتهد فيه‪:‬‬
‫إن هذه الصفة يلزم وجودها في المجتهد في النوازل‪ ،‬فإذا أفتى بغير أن ينظر بالدقة‪،‬‬
‫ويجيب بالعجلة‪ ،‬فقد يخطئ الصواب‪ ،‬ويقع في محذور‪ ،‬فلا بد له أن يراعيها‪.39‬‬
‫والكتب مليئةٌ بعبارا ٍت تح ُّث على التثبت والتحري في الاجتهاد وعدم الاستعجال‬
‫في الإجابة‪ ،‬منها ما كان الإمام مالك رحمه الله يقول‪" :‬ما أجبت في الفتوى حتى سألت‬

‫من هو أعلم مني"‪.40‬‬
‫وكان ابن مسعود ‪ ‬يُ ْسأَل عن المسألة فيتفكر فيها شهرا‪ ،‬ثم يقول‪« :‬اللهم إن‬

‫كان صوابا فمن عندك‪ ،‬وإن كان خطأ فمن ابن مسعود»‪.41‬‬
‫الضابط الرابع‪ :‬مراعاة العرف الجاري‪:‬‬

‫يلزم على المجتهد في النوازل أن يراعي عرف الناس؛ لأنه يعتبر مصدراً أساسياً‬
‫للاجتهاد‪ ،42‬وقد وضع الأصوليون‬

‫كثيرا من القواعد الأصولية استناداً على العرف‪ ،‬منها‪" :‬العادة محكمة"‪ ،43‬و"الثابت‬
‫بالعرف كالثابت بالنص"‪،44‬‬

‫و"المشروط عرفاًكالمشروط شرعاً"‪ ،45‬و"المعلوم بالعرف كالمشروط بالنص"‪.46‬‬

‫‪111‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫ومما ثبت أن الإمام الشافعي رحمه الله لما نزل بمصر غَيّر بعض الأحكام التي كان‬
‫قد ذهب إليها وهو في العراق لتغير العرف‪ ،‬والإمام مالك بنىكثيرا من أحكامه على عمل‬
‫أهل المدينة‪ ،‬وكثير من الأحكام مبنية على العرف في الفقه الحنفي‪ ،‬فمما لا مرية فيه أن‬

‫اختلاف العرف له أثره في اختلاف الحكم‪ ،‬فلا بد للفقيه من معرفة العرف الجاري‪.‬‬
‫الضابط الخامس‪ :‬أن لا تكون النازلة من المسائل القطعية‪:‬‬

‫يجب على المجتهد أن يتأكد أن هذه النازلة ليست من المسائل القطعية‪ ،‬فلا يجوز‬
‫فتح باب الاجتهاد في حكم ثبت بدلالة القرآن القاطعة‪ ،47‬مثل وجوب الصيام على الأمة‪،‬‬

‫ووجوب الصلوات الخمس‪ ،‬وتحريم الخمر‪ ،‬وغيرها من المسائل القطعية‪.‬‬
‫ومن المستحسن أن يشار إلى مجال الاجتهاد‪ ،‬فقال الإمام الغزالي رحمه الله‪" :‬كل‬
‫حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي"‪ ،48‬فالأحكام الشرعية بالنسبة للاجتهاد نوعان‪ :‬ما يجوز‬

‫الاجتهاد فيه‪ ،‬وما لا يجوز الاجتهاد فيه‪.49‬‬
‫الضابط السادس‪ :‬أن يحصل للمجتهد العلم بالحق أو الظن به قبل الحكم في‬

‫النازلة‪:‬‬
‫يجب على المجتهد إما أن يكون عالما بالحق أو غالبا على ظنه في النازلة‪ ،‬فإن لم‬
‫يكن عالما بالحق‪ ،‬ولا غلب على ظنه لم يحل له أن يفتي‪ ،‬ولا يقضي بما لا يعلم‪ ،‬ومن أفتى‬
‫دون علم أو ظن غالب فقد أضاف إلى الله تبارك وتعالى قولا غير سليم وارتكب أعظم‬
‫المحرمات‪ ،50‬وجاء في القرآن الكريم بيان ذلك في مقامات شتى‪ ،‬فقال الله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫‪‬قُ ْل إَِّنَا َحَّرَم َرَِِّب الَْفَوا ِح َش َما ظََهَر ِمْن َها َوَما بَطَ َن َوالِإْْثَ َوالْبَغْ َي بِغَِْْي اْْلَِِق َوأَن تُ ْش ِرُكواْ‬
‫َِبّلِِل َما ََلْ يُنَ ِِزْل بِِه ُسْلطَاًًن َوأَن تَُقولُواْ َعلَى اّلِِل َما لاَ تَ ْعلَ ُمو َن‪[ ‬الأعراف‪ .]33:‬وقال‬
‫أيضا‪ :‬إَِّنَا ََيُْمُرُك ْم َِبل ُّسوِء َوالَْف ْح َشاء َوأَن تَُقولُواْ َعلَى اّلِِل َما لاَ تَ ْعلَ ُمو َن‪‬‬

‫[البقرة‪.]169:‬‬
‫الضابط السابع‪ :‬استشارة أهل الاختصاص‪:‬‬
‫ينبغي للمجتهد أن يهتَّم بالمشورة‪ ،‬فيستشير من أهل الاختصاص ويستوضح‬
‫منهم؛ لأن رأي الجماعة أقرب إلى الصواب من رأي الفرد‪ ،‬وربما يحفظ شخص ما يغيب‬

‫‪112‬‬

‫الفصل السابع‬

‫عن غيره‪ ،‬وقد تبرزه المناقشة والمشورة‪ ،‬جاءت في القرآن الكريم آيات واضحة تح ُّث عليها‪،‬‬
‫منها قوله تعالى‪ :‬فَا ْسأَلُواْ أَْه َل ال ِِذْك ِر إِن ُكنتُ ْم لاَ تَ ْعلَ ُمون‪[ ‬النحل‪ ،]43:‬وقال الله تبارك‬
‫وتعالى‪َ :‬و َشا ِوْرُه ْم ِف الأَْم ِر‪[ ‬آل عمران‪ ،]155:‬وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم‬
‫يشاورون فيما بينهم‪ ،‬حتى كان عمر بن الخطاب ‪ ‬يشاور ابن عباس ‪ ‬وهو إذ ذاك‬
‫أحدث القوم سنا‪ ،51‬فإنكانت المسألة متعلقة بالطب مثلا لا بد له أن يرجع إلى الأطباء‪،52‬‬

‫ومن هنا جاءت أهمية الاجتهاد الجماعي في النوازل المعاصرة‪.‬‬
‫الضابط الثامن‪ :‬الافتقار إلى الله والدعاء بما يناسب‪:‬‬
‫ينبغي للمجتهد أن ينبعث من قلبه شعور بالافتقار إلى الله في أن يلهمه الصواب‪،‬‬
‫ويوفقه لطريق الهداية‪ .53‬فقد جاء في الحديث‪« :‬اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر‬
‫السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة‪ ،‬أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون‪،‬‬
‫اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك‪ ،‬إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»‪.54‬‬
‫وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن شيخه ابن تيمية رحمه اللهكانكثير الدعاء بذلك‪،‬‬
‫وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول‪" :‬يا معلنَِم إبراهيم علنِمني"‪ ،‬ويكثر الاستعانة بذلك‬
‫اقتداءً بمعاذ بن جبل ‪ ‬حيث قال لمالك بن يخامر السكسكي‪" :‬إن العلم والإيمان مكانَهَُما‪،‬‬
‫من ابتغاهما وجدهما‪ ،‬اطلب العلم عند أربعة‪ :‬عند عويمر أبي الدرداء‪ ،‬وعند عبد الله بن‬
‫مسعود‪ ،‬وأبي موسى الأشعري‪ ،‬وذكر الرابع‪ ،‬فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه‬

‫أعجز‪ ،‬فعليك بمعلم إبراهيم صلوات الله عليه"‪.55‬‬
‫وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء‪" :‬سبحانك! لا علم لنا إلا ما علمتنا‪ ،‬إنك‬
‫أنت العليم الحكيم"‪ ،56‬وقد يوجد في كثير ممن يفتي في النوازل ضعف الصلة بالله تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬وعدم الافتقار إليه‪ ،‬فلا بد لهم من أن ينظروا إلى الله مستغنيا عن الناس‪ ،‬وعليه أن‬
‫يوجه وجهه‪ ،‬ويحدق نظره إلى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد‪ ،‬وهو النصوص‬

‫من القرآن والسنة وآثار الصحابة‪ ،‬فيستفرغ وسعه في تعُّرف حكم تلك النازلة منها‪.‬‬
‫الضابط التاسع‪ :‬ذكر الأدلة للحكم‪:‬‬

‫‪113‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫ينبغي للمجتهد في النوازل أن يذكر الأدلة للحكم وحججه ما أمكنه ذلك تطميناً‬
‫لقلب السائل‪ ،‬ولا يلقي الجواب إلى المستفتي مجردا عن دليله ومأخذه‪ ،57‬فإن جمال الفتوى‬

‫وروحها هو الدليل‪.‬‬
‫الضابط العاشر‪ :‬التمهيد للحكم المستغرب‪:‬‬
‫ينبغي للمجتهد أن يمنِهد للحكم المستغرب عند السائلين قبل أن يأتي بالجواب‪ ،‬وقد ذكر‬
‫ابن القيم رحمه الله‪" :‬إذا كان الحكم مستغربا جدا مما لم تألفه النفوس وإنما ألفت خلافه‪،‬‬
‫فتأَّم ْل‬ ‫يديه‪،‬‬ ‫مؤذنا به‪ ،‬كالدليل عليه‪ ،‬والمقدمة بين‬ ‫أن يو نطِئ قبله ما يكون‬ ‫فينبغي للمفتي‬
‫الذي‬ ‫الس َّن‬ ‫منه بعد انصرام عصر الشبيبة‪ ،‬وبلوغه‬ ‫ق َّصةَ زكريا‪ ،‬وإخرا َج الولد‬ ‫نذ ْكَرهُ سبحانَه‬
‫لا يولد فيه لمثله في العادة‪ ،‬فذكر قصته مق َّدمةً بين يدي قصة المسيح وولادته من غير أب‪،‬‬
‫فإن النفوس لما آنست بولد من بين شيخينكبيرين لا يولد لهما عادة سهل عليها التصديق‬
‫بولادة ولد من غير أب"‪.58‬‬
‫الضابط الحادي عشر‪ :‬تصريف السؤال إلى ما هو أنفع له‪:‬‬
‫ينبغي للمفتي أن يصرف السؤال إلى ما هو أنفع له منه إذا تضمنت هذه الإضافة‬
‫بيان ما سأل عنه‪ ،‬وقد جاء في القرآن الكريم‪ :‬يَ ْسأَلُونَ َك َع ِن الأ ِهَلِّة قُ ْل ِه َي َمَواِقي ُت‬
‫لِلَنّا ِس َواْْلَ ِِج َولَْي َس الُِْبّ ِِبَن ََتْتُْواْ الْبُيُو َت ِمن ظُُهوِرَها َولَ ِك َّن الَِْبّ َم ِن اَتَّقى َوأْتُواْ الْبُيُو َت‬
‫ِم ْن أَبَْواِِبَا َواَتُّقواْ اّلِلَ لََعَلّ ُك ْم تُْفلِ ُحو َن‪[ ‬البقرة‪ ،]189:‬كانوا قد سألوا‪ :‬ما بال الهلال‬
‫يبدو دقيقا ثم يزيد‪ ،‬حتى يمتلئ نورا ثم يعود دقيقاكما بدأ‪ ،‬ولا يكون على حالة واحدة؟‪،59‬‬

‫فأنزل الله هذه الآية‪ ،‬فأجابهم عن حكمة ذلك من ظهور مواقيت الناس التي بها تمام‬
‫مصالحهم في أحوالهم ومعاشهم‪ ،‬ومواقيت أكبر عبادتهم أي الحج‪.‬‬
‫فهذه بعض الضوابط والآداب التي ينبغي مراعاتها‪ ،‬والحق أن هناك ضواب َط وآداباً‬
‫أخرى لا يمكن لي أن استقصيهاكلها وإنما اكتفيت بذكر أهمها‪.‬‬

‫الخاْت ة‬

‫‪114‬‬

‫الفصل السابع‬

‫بعدما بذل الباحث الجهد والوقت في جمع المعلومات عن النوازل وضوابط الاجتهاد فيها‪،‬‬
‫ثم قام بدراستها وتحليلها‪ ،‬حتى خرج البحث في هذه الصورة‪ .‬وفيما يأتي عرض شامل لأهم‬

‫ما يتضمنه من النتائج‪:‬‬
‫نتائج البحث‪:‬‬

‫‪ -1‬لم يعِنرف المتقدمون تعريًفا للنازلة صراحةً‪ ،‬وإنما أعطوا تصورا عاما من النوازل‪ ،‬وأما‬
‫المتأخرون فهم الذين عرفوا بعبارات متعددة‪ ،‬ووجه ذلك‪:‬‬

‫أولا‪ :‬أن مصطلح النوازل لم ينتشر إلا في القرون المتأخرة وليس عند جميع‬
‫الفقهاء بل عند بعضهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن معنى النوازل واضح وشائع لديهم‪ ،‬ووضوح المعنى قد يغني أحيانا‬
‫عن بيان حقيقتها‪.‬‬

‫‪ -2‬التعريف المختار لها‪" :‬الوقائع الجديدة وقعت فعلا أو يتوقع وقوعها ولم يسبق فيها‬
‫نص مباشر أو اجتهاد"‪ .‬وذلك لأنه جامع للنوازلكلها وقعت فعلا أو ما وقعت‬
‫ولكن يتوقع حدوثها في المستقبل‪ ،‬وهو الذي يتبادر إلى الذهن عند إطلاق هذا‬

‫المصطلح‪.‬‬
‫‪ -3‬التعريف المختار لفقه النوازل‪" :‬معرفة الأحكام الشرعية العملية للقضايا المستجدة‬

‫المعاصرة والمكتسبة من أدلتها التفصيلية"‪.‬‬
‫‪ -4‬حكم الاجتهاد في النوازل يختلف باختلاف الأحوال ووفق نوع المسألة‪ ،‬فقد‬
‫يكون واجباكفائيا‪ ،‬وقد يكون واجبا عينيا‪ ،‬وربما يصير ندبا‪ ،‬وقد يكون مكروها‬

‫أو حراما‪.‬‬
‫‪ -5‬للاجتهاد في النوازل ضوابط يلزم توافرها في المجتهد والمجتهد فيه‪ ،‬وأهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن تكون النازلة من المسائل المتوقع وجودها‪.‬‬
‫ب‪ -‬مراعاة العرف الجاري‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن لا تكون النازلة من المسائل القطعية‪ ،‬وغيرها من الضوابط المهمة‪.‬‬

‫‪115‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬إبراهيم مصطفى‪ ،‬وغيره‪ .‬المعجم الوسيط‪ .‬مصر‪ :‬دار الدعوة‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن بدران‪ ،‬عبد القادر بن بدران الدمشقي‪ .‬المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن‬

‫حنبل‪ .‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ .‬ط‪1401( .2‬ه)‪.‬‬
‫‪ -3‬ابن بيه‪ ،‬عبد الله الشيخ المحفوظ ابن بيه‪ .‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل‬
‫الفقهي ِف التطبيقات المعاصرة‪ ،‬مجلة مجمع الفقه الإسلامي‪ .‬مكة الكرمة‪ :‬مجمع الفقه‬

‫الإسلامي‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -4‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود الكناني العسقلاني‪.‬‬
‫فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب‪.‬‬

‫بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ .‬د‪ .‬ط‪1379( .‬ه)‪.‬‬
‫‪ -5‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم ابن عابدين‪.‬‬

‫مجموعة رسائل ابن عابدين‪ .‬بيروت‪ :‬عالم الكتب‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -6‬ابن فارس‪ ،‬أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب‪ .‬معجم مقاييس‬

‫اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السلام محمد هارون‪ .‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ .‬ط‪1979( .1‬م)‪.‬‬
‫‪ -7‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله‪ .‬إعلام الموقعين عن رب‬

‫العالمين‪ .‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪ .‬بيروت‪ :‬دار الجيل‪ .‬د‪ .‬ط‪1973( .‬م)‪.‬‬
‫‪ -8‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي‪ .‬لسان العرب‪ .‬بيروت‪ :‬دار صادر‪.‬‬

‫ط‪( .1‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -9‬ابن نجيم‪ ،‬زين العابدين بن إبراهيم‪ .‬الأشباه والنظائر‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬د‪.‬‬

‫ط‪1400( .‬ه‪1980/‬م)‪.‬‬
‫‪ -10‬أبو داود‪ ،‬سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني‪ .‬المراسيل‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب‬

‫الأرناؤوط‪ .‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ .‬ط‪1408( .1‬ه)‪.‬‬

‫‪116‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ -11‬أبو شامة‪ ،‬عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي‪َ .‬متصر المؤمل ِف الرد إلى‬
‫الأمر الأول‪ .‬تحقيق‪ :‬صلاح الدين مقبول أحمد‪( .‬الكويت‪ :‬مكتبة الصحوة الإسلامية‪ .‬د‪.‬‬

‫ط‪1403( .‬ه)‪.‬‬
‫‪ -12‬الأشقر‪ ،‬أسامة عمر سليمان‪ .‬مستجدات فقهية ِف قضايا الزواج والطلاق‪ .‬الأردن‪:‬‬

‫دار النفائس والتوزيع‪ .‬د‪.‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -13‬الألباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ .‬سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة‪ .‬الرياض‪ :‬مكتبة‬

‫المعارف‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -14‬البخاري‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري‪ .‬الجامع المسند‬
‫الصحيح‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى ديب البغا‪ .‬بيروت‪ :‬دار ابن كثير واليمامة‪ .‬ط‪.3‬‬

‫(‪1407‬ه‪1987/‬م)‪.‬‬
‫‪ -15‬البغوي‪ ،‬أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي‪ .‬معاَل التْنزيل‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد عبد الله‬
‫النمر وعثمان جمعة ضميرية وسليمان ومسلم الحرش‪ .‬المدينة المنورة‪ :‬دارطيبة للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫ط‪1417( .4‬ه‪1997/‬م)‪.‬‬
‫‪ -16‬التفتازاني‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر بن برهان‪ .‬شرح التلويح على التوضيح لمتن‬
‫التلقيح ِف أصول الفقه‪ .‬تحقيق‪ :‬زكريا عميرات‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬ط‪( .1‬د‪.‬‬

‫ت)‪.‬‬
‫‪ -17‬الخطيب البغدادي‪ ،‬أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت‪ .‬الفقيه والمتفقه‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل‬

‫العزازي‪ .،‬الدمام‪ :‬دار ابن الجوزي‪ .‬د‪ .‬ط‪1421( .‬ه)‪.‬‬
‫‪ -18‬الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ .‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل الفقهي ِف التطبيقات‬
‫المعاصرة‪ ،‬مجلة مجمع الفقه الإسلامي‪ .‬مكة الكرمة‪ :‬مجمع الفقه الإسلامي‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪.‬‬

‫ت)‪.‬‬
‫‪ -19‬الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ .‬أصول الفقه الإسلامي‪ .‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ .‬ط‪.17‬‬

‫(‪1430‬ه‪2009/‬م)‪.‬‬

‫‪117‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -20‬الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ .‬الفقه الإسلامي وأدلته‪ .‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ .‬ط‪1425( .4‬ه)‪.‬‬
‫‪ -21‬الزركشي‪ ،‬بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر‪ .‬البحر المحيط ِف أصول الفقه‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬محمد محمد تامر‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬ط‪1421( .1‬ه‪2000/‬م)‪.‬‬
‫‪ -22‬السرخسي‪ ،‬أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل‪ .‬المبسوط‪ .‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ .‬د‪.‬‬

‫ط‪1406( .‬ه)‪.‬‬
‫‪ -23‬السيوطي‪ ،‬جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر الشافعي‪ .‬الأشباه والنظائر‪.‬‬

‫بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -24‬الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي‪ .‬الموافقات ِف أصول الفقه‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪ .‬مصر‪ :‬دار ابن عفان‪ .‬ط‪.1‬‬

‫(‪1417‬ه‪1997/‬م)‪.‬‬
‫‪ -25‬الشافعي‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن إدريس‪ .‬الأم‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ .‬ط‪( .2‬‬

‫‪1403‬ه‪1983/‬م)‪.‬‬
‫‪ -26‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد‪ .‬إرشاد الفحول إلي تحقيق اْلق من علم الأصول‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬أحمد عزو عناية‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪ .‬ط‪1419( .1‬ه)‪.‬‬
‫‪ -27‬الشيرازي‪ ،‬إبراهيم بن علي بن يوسف‪ .‬المهذب ِف فقه الإمام الشافعي‪ .‬بيروت‪:‬‬

‫دار الفكر‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -28‬الطبراني‪ ،‬أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب‪ .‬المعجم الكبْي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي بن‬

‫عبد المجيد السلفي‪ .‬الموصل‪ :‬مكتبة العلوم والحكم‪ .‬ط‪1404( .2‬ه‪1983/‬م)‪.‬‬
‫‪ -29‬الطنطاوي‪ ،‬محمد سيد‪ .‬الاجتهاد ِف الأحكام الشرعية‪ .‬مصر‪ :‬نهضة مصر للطباعة‬

‫والنشر والتوزيع‪ .‬د‪ .‬ط‪1997( .‬م)‪.‬‬
‫‪ -30‬الغزالي‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد الطوسي‪ .‬المستصفى من علم الأصول‪ .‬تحقيق‪:‬‬

‫محمد بن سليمان الأشقر‪ .‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ .‬ط‪1417( .1‬ه ‪1997/‬م)‬

‫‪118‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ -31‬فخر الدين الرازي‪ ،‬محمد بن عمر بن الحسين‪ .‬المحصول ِف علم الأصول‪ .‬تحقيق‪:‬‬
‫طه جابر فياض العلواني‪ .‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ .‬ط‪1412( .2‬ه‪1992/‬م)‪.‬‬

‫‪ -32‬الفراهيدي‪ ،‬أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد‪ .‬العين‪ .‬تحقيق‪ :‬مهدي المخزومي و إبراهيم‬
‫السامرائي‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪ -33‬الفيروز آبادي‪ ،‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب‪ .‬القاموس المحيط‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪ -34‬القاضي عياض‪ ،‬ابن موسى أبو الفضل اليحصبي‪ .‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك‬
‫لمعرفة أعلام مذهب مالك‪ .‬بيروت دار الكتب العلمية‪ .‬ط‪1418 ( .1‬ه)‪.‬‬

‫‪ -35‬القحطاني‪ ،‬مسفر بن علي بن محمد‪ .‬منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية‬
‫المعاصرة‪ .‬بيروت‪ :‬دار ابن حزم‪ .‬ط‪( .1‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪ -36‬القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ .‬الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والانفراط‪ .‬بيروت‪ :‬المكتب‬
‫الإسلامي‪ .‬ط‪1418( .1‬ه‪1998 /‬م)‪.‬‬

‫‪ -37‬مرتضى الزبيدي‪ ،‬أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد‬
‫الرزاق‪ .‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ .‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ .‬الكويت‪ :‬دار‬

‫الهداية للنشر والتوزيع‪ .‬د‪ .‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ -38‬مسلم‪ ،‬ابن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري‪ .‬الجامع المسند الصحيح‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ .‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ .‬د‪.‬ط‪( .‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪ 1‬مدير مجمع حجة الإسلام‪ ،‬الجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫‪[email protected]‬‬

‫‪119‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ 2‬انظر‪ :‬الفيروز آبادي‪ ،‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب‪ ،‬القاموس المحيط‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1614‬؛ وابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي‪ ،‬لسان العرب‪( ،‬بيروت‪:‬‬

‫دار صادر‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ج‪.522 ،13‬‬
‫‪ 3‬ابن بدران‪ ،‬عبد القادر بن بدران الدمشقي‪ ،‬المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل‪( ،‬بيروت‪:‬‬

‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1401 ،2‬ه)‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ 4‬التفتازاني‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر بن برهان‪ ،‬شرح التلويح على التوضيح لمتن التلقيح ِف أصول‬

‫الفقه‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ زكريا عميرات‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.16‬‬
‫‪ 5‬انظر‪ :‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه الإسلامي وأدلته‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1425 ،4‬ه)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.29‬‬
‫‪ 6‬انظر‪ :‬الخليل الفراهيدي‪ ،‬أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد‪ ،‬العين‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مهدي المخزومي ود‪ .‬إبراهيم‬
‫السامرائي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪444‬؛ وابن فارس‪ ،‬أبو الحسين أحمد‬
‫بن فارس بن زكريا‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السلام محمد هارون‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1979‬م)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.417‬‬
‫‪ 7‬ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.417‬‬
‫‪ 8‬انظر‪ :‬الشافعي‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن إدريس‪ ،‬الأم‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1403 ،2‬ه‪1983/‬م)‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬ص‪236‬؛ والشيرازي‪ ،‬إبراهيم بن علي بن يوسف‪ ،‬المهذب ِف فقه الإمام الشافعي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪139‬؛ وابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،21‬ص‪.155‬‬
‫‪ 9‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم‪ ،‬مجموعة رسائل ابن عابدين‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬عالم الكتب‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.17‬‬
‫‪ 10‬وهبة الزحيلي‪ ،‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة‪ ،‬مجلة مجمع‬
‫الفقه الإسلامي‪( ،‬مكة الكرمة‪ :‬مجمع الفقه الإسلامي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،‬الدورة الحادية‬

‫العشرة‪1419 ،‬ه‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.362‬‬
‫‪ 11‬القحطاني‪ ،‬مسفر بن علي بن محمد‪ ،‬منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬

‫ابن حزم‪ ،‬ط‪ ،)1424 ،1‬ص‪.90‬‬
‫‪ 12‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.88‬‬

‫‪ 13‬عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه‪ ،‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل الفقهي في التطبيقات‬
‫المعاصرة‪ ،‬مجلة مجمع الفقه الإسلامي‪( ،‬مكة الكرمة‪ :‬مجمع الفقه الإسلامي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬العدد الحادي‬

‫عشر‪ ،‬الدورة الحادية العشرة‪1419 ،‬ه‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.533‬‬

‫‪120‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ 14‬انظر‪ :‬الجيزاني‪ ،‬فقه النوازل "دراسة َتصيلية تطبيقية"‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.28‬‬
‫‪ 15‬انظر‪ :‬الجيزاني‪ ،‬فقه النوازل "دراسة َتصيلية تطبيقية"‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.28‬‬
‫‪ 16‬مرتضى الزبيدي‪ ،‬أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق‪ ،‬تاج العروس‬
‫من جواهر القاموس‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪( ،‬الكويت‪ :‬دار الهداية للنشر والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪،‬‬

‫ج‪ ،22‬ص‪.353‬‬
‫‪ 17‬إبراهيم مصطفى‪ ،‬وغيره‪ ،‬المعجم الوسيط‪( ،‬مصر‪ :‬دار الدعوة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.743‬‬

‫‪ 18‬انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.131‬‬
‫‪ 19‬انظر‪ :‬الأشقر‪ ،‬أسامة عمر سليمان‪ ،‬مستجدات فقهية ِف قضايا الزواج والطلاق‪( ،‬الأردن‪ :‬دار‬

‫النفائس والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ 20‬انظر‪ :‬وهبة الزحيلي‪ ،‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة‪ ،‬مجلة‬
‫مجمع الفقه الإسلامي‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،‬الدورة الحادية العشرة‪1419 ،‬ه‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.362‬‬
‫‪ 21‬انظر‪ :‬الزركشي‪ ،‬بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر‪ ،‬البحر المحيط ِف أصول الفقه‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬

‫محمد تامر‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2000/‬م)‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.489‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد‪ ،‬إرشاد الفحول إلي تحقيق اْلق من علم الأصول‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫أحمد عزو عناية‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ھ)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪211‬؛ والطنطاوي‪ ،‬محمد سيد‪،‬‬

‫الاجتهاد ِف الأحكام الشرعية‪( ،‬مصر‪ :‬نهضة مصر للطباعة والنشر‪ ،‬د‪.‬ط‪1997 ،‬م)‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪ 24‬أخرجه مسلم‪ ،‬ابن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري في الجامع المسند الصحيح‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪،‬كتاب الإيمان‪ ،‬باب تحريم قتل الكافر‬

‫بعد أن قال لا إله إلا الله‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،95‬رقم‪.95‬‬
‫‪ 25‬انظر‪ :‬وهبة الزحيلي‪ ،‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة‪ ،‬مجلة‬
‫مجمع الفقه الإسلامي‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،‬الدورة الحادية العشرة‪1419 ،‬ه‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.362‬‬
‫‪ 26‬القاضي عياض بن موسى أبو الفضل‪ ،‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك‪،‬‬

‫(بيروت دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.74‬‬
‫‪ 27‬انظر‪ :‬الشوكاني‪ ،‬إرشاد الفحول إلي تحقيق اْلق من علم الأصول‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.211‬‬
‫‪ 28‬أبو شامة‪ ،‬عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي‪َ ،‬متصر المؤمل ِف الرد إلى الأمر الأول‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫صلاح الدين مقبول أحمد‪( ،‬الكويت‪ :‬مكتبة الصحوة الإسلامية‪ ،‬د‪.‬ط‪1403 ،‬ه)‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫‪121‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ 29‬أخرجه أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني في المراسيل‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب الأرناؤوط‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1408 ،1‬ه)‪ ،‬ص‪ ،322‬رقم‪457‬؛ والطبراني‪ ،‬أبو القاسم سليمان بن أحمد‬
‫بن أيوب في المعجم الكبْي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي بن عبد المجيد السلفي‪( ،‬الموصل‪ :‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1404‬ه‪1983/‬م)‪ ،‬ج‪ ،15‬ص‪ .165‬قال ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن‬
‫محمود العسقلاني‪ ،‬في فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين‬
‫الخطيب‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬بدون رقم الطبعة‪1379 ،‬ه)‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪" :266‬وأخرج أبو داود في‬
‫المراسيل من رواية يحيى بن أبيكثير عن أبي سلمة مرفوعا‪ ،‬ومن طريق طاوس عن معاذ رفعه‪« :‬لا تعجلوا‬
‫بالبلية قبل نزولها فانكم ان تفعلوا لم يزل في المسلمين من إذا قال سدد أو وفق وان عجلتم تشتت بكم‬

‫السبل»‪ .‬ثم قال‪" :‬وهما مرسلان يقوي بعض بعضا"‪.‬‬
‫‪ 30‬أخرجه البخاري‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي في الجامع المسند الصحيح‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪( ،‬بيروت‪ :‬دار ابن كثير واليمامة‪ ،‬ط‪1407 ،3‬ه‪1987/‬م)‪،‬ج‪ ،6‬ص‪،2658‬‬

‫رقم‪.6859‬‬
‫‪ 31‬الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي‪ ،‬الموافقات ِف أصول الفقه‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو عبيدة‬

‫مشهور بن حسن آل سلمان‪( ،‬مصر‪ :‬دار ابن عفان‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ه‪1997/‬م)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.41‬‬
‫‪ 32‬انظر‪ :‬الشوكاني‪ ،‬إرشاد الفحول إلى تحقيق‪ :‬اْلق من علم الأصول‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪208‬؛ والغزالي‪ ،‬أبو‬
‫حامد محمد بن محمد الطوسي‪ ،‬المستصفى من علم الأصول‪ ،‬تحقيق‪ ،:‬محمد بن سليمان الأشقر‪( ،‬بيروت‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ه ‪1997/‬م)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪393‬؛ والخطيب البغدادي‪ ،‬أبو بكر أحمد بن علي‬
‫بن ثابت‪ ،‬الفقيه والمتفقه‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل العزازي‪( ،‬الدمام‪ :‬دار ابن الجوزي د‪ .‬ط‪1421 ،‬ه)‪ ،‬ج‪،2‬‬

‫ص‪.332‬‬
‫‪ 33‬الشوكاني‪ ،‬إرشاد الفحول إلى تحقيق‪ :‬اْلق من علم الأصول‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.209‬‬
‫‪ 34‬الرازي‪ ،‬محمد بن عمر بن الحسين‪ ،‬المحصول ِف علم الأصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه جابر فياض العلواني‪،‬‬

‫(بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1412 ،2‬ه‪1992/‬م)‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.22‬‬
‫‪ 35‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪ 36‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫طه عبد الرؤوف سعد‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الجيل‪ ،‬د‪ .‬ط‪1973 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.222‬‬

‫‪ 37‬يوسف القرضاوي‪ ،‬الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والانفراط‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتب الإسلامي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1418‬ه‪1998 /‬م)‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪122‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ 38‬انظر‪ :‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.178‬‬
‫‪ 39‬انظر‪ :‬الخطيب البغدادي‪ ،‬الفقيه والمتفقه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.390‬‬
‫‪ 40‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.326‬‬

‫‪ 41‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.178‬‬
‫‪ 42‬انظر‪ :‬محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم ابن عابدين‪ ،‬مجموعة رسائل ابن‬
‫عابدين‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪115‬؛ وهبة الزحيلي‪ ،‬سبل الاستفادة من النوازل"الفتاوى" والعمل الفقهي في التطبيقات‬
‫المعاصرة‪ ،‬مجلة مجمع الفقه الإسلامي‪( ،‬مكة الكرمة‪ :‬مجمع الفقه الإسلامي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬العدد الحادي‬

‫عشر‪ ،‬الدورة الحادية العشرة‪1419 ،‬ه‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.392‬‬
‫‪ 43‬جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر السيوطي الشافعي‪ ،‬الأشباه والنظائر‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬

‫الكتب العلمية‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.165‬‬
‫‪ 44‬أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي‪ ،‬المبسوط‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬د‪.‬ط‪1406 ،‬ه)‪،‬‬

‫ج‪ ،30‬ص‪.5‬‬
‫‪ 45‬ابن نجيم‪ ،‬زين العابدين بن إبراهيم بن نجيم‪ ،‬الأشباه والنظائر‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫‪1400‬ه‪1980/‬م)‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ 46‬السرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.357‬‬
‫‪ 47‬انظر‪ :‬الغزالي‪ ،‬المستصفى من علم الأصول‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.397‬‬

‫‪ 48‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 49‬وهبة الزحيلي‪ ،‬أصول الفقه الإسلامي‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1430 ،17‬ه‪2009/‬م)‪ ،‬ج‪،2‬‬

‫ص‪.340‬‬
‫‪ 50‬انظر‪ :‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.173‬‬

‫‪ 51‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.256‬‬
‫‪ 52‬القحطاني‪ ،‬منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة‪ ،‬ص‪.319‬‬
‫‪ 53‬انظر‪ :‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪172‬؛ والقحطاني‪ ،‬منهج استنباط‬

‫أحكام النوازل الفقهية المعاصرة‪ ،‬ص‪.320‬‬
‫‪ 54‬أخرجه مسلم في الصحيح‪،‬كتاب صلاة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب الدعاء في صلاة اليل وقيامه‪ ،‬ج‪،1‬‬

‫ص‪ ،534‬رقم‪.770‬‬
‫‪ 55‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.257‬‬

‫‪123‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬
‫‪ 56‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪ 57‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.161‬‬
‫‪ 58‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.163‬‬
‫‪ 59‬البغوي‪ ،‬أبو محمد الحسين بن مسعود‪ ،‬معاَل التنْزيل‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد الله النمر وعثمان جمعة ضميرية‬
‫وسليمان ومسلم الحرش‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1417 ،4‬ه‪1997/‬م)‪ ،‬ج‪،1‬‬

‫ص‪.211‬‬

‫‪124‬‬

‫الفصل الثامن‬
‫دعوى تناقض القرآن الكريم والرد عليها‬

‫إعداد الدكتور‪ /‬محمد إبراهيم الشربيني صقر‪1‬‬

‫مقدمة‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد ‪ ،‬ورضي الله عن‬
‫الصحابة الأطهار الأبرار‪ ،‬ورضي الله عن التابعين‪ ،‬وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وبعد! فإن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى للنبي ‪‬؛ والتي تحدى بها‬
‫الإنس والجن؛ وهو الكتاب الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‪،‬‬
‫وهو المرجع الأساسي للإسلام والمسلمين في كل جوانب الحياة‪ ،‬وهو مصدر عزة‬
‫المسلمين‪ ،‬وطريق هدايتهم‪ ،‬وسر قوتهم‪ ،،‬وقد تكفل الله تعالى بحفظه ما بقي الليل‬

‫والنهار‪.‬‬
‫ولماكانت هذه المنزلة العظيمة لكتاب الله عز وجل؛ دأب أعداء الإسلام‬
‫واجتهدوا بالنيل والطعن في القرآن الكريم‪ ،‬ولم تركوا أمراً يتعلق بالقرآن الكريم إلا‬
‫وشككوا فيه؛ فطعنوا في أسباب نزوله‪ ،‬وشككوا فيما يتعلق بإعجازه‪ ،‬وما يتعلق‬
‫بمعانيه وأحكامه‪ ،‬وترتيب سوره‪ ،‬وما يتعلق بلغته‪ ،‬وما يتعلق بتشريعه وأخلاقه‪ ،‬فلم‬
‫يتركوا سبيلًا إلى النيل من القرآن الكريم إلا سلكوه‪ ،‬ولم يجدوا وسيلة لتحقيق هدفهم‬

‫إلا أخذوا بها وسعوا إليها‪.‬‬
‫ومن افتراءاتهم الكاذبة على القرآن الكريم زعمهم بأن القرآن الكريم يناقض‬
‫بعضه بعضاً‪ ،‬وتعاليمه مضطربة‪ ،‬وغير ثابتة‪ ،‬وأن كثيراً من آياته متعارضة‪ ،‬وغدوا‬

‫على حرد قادرين يأتون بالأدلة الزائفة على مقالتهم الشنيعة‪.‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫لذلك كان لزاماً علينا أن نتصدى لهذا الفكر السقيم المنحرف‪ ،‬وأن نرد‬
‫على هذه الدعاوى التي يثيرها أعداء الإسلام ومن تبعهم من أبناء المسلمين الذين‬

‫تأثروا بتلك المقالات الزائفة‪.‬‬
‫وقد سلكت في هذا البحث المنهج الاستقرائي‪ :‬وذلك بتتبع تلك‬
‫الدعاوى والأباطيل من خلال مؤلفات أعداء الإسلام‪ ،‬والمستشرقين‪ ،‬وكذلك المنهج‬

‫التحليلي‪ :‬لتحليل تلك الأفكار والآراء والدعاوى؛ وبيان بطلانها‪.‬‬
‫وقد اشتمل هذا البحث على مقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة وفهرس‬

‫للمصادر‪.‬‬
‫فالتمهيد يشتمل على التعريف بكلمة التناقض في اللغة والاصطلاح‪.‬‬

‫وبيان مصطلح القرآن الكريم في اللغة والاصطلاح‪.‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬آراء أعداء الإسلام حول تناقض القرآن الكريم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الرد على دعاوى تناقض القرآن الكريم‪.‬‬
‫ثم الخاتمة وتحتوي على أهم النتائج والتوصيات‪ ،‬ثم فهرس المصادر‬

‫والمراجع‪.‬‬
‫الله أسأل أن يجعل هذا البحث في ميزان الحسنات والحمد لله أولاً وآخراً‪.‬‬

‫التمهيد‬
‫إن تحديد المفاهيم من أوليات المهام في البحث العلمي‪ ،‬وقد اشتمل هذا البحث‬
‫على عدة مصطلحات مهمة‪ ،‬ينبغي التعريف بها‪ ،‬وبيان المراد منها‪ ،‬وهذا ما سيتضح‬

‫في السطور التالية‪.‬‬
‫أولاً‪ :‬معنى مصطلح التناقض في اللغة‪:‬‬
‫جاءتكلمة التناقض في معاجم اللغة العربية بعدة معان؛ فمن حيث اشتقاقها هي‬
‫امولاِلإبشُْمترانقِامةقَ‪َ ،‬مضكةُانلافانْيلتِفاقلاعقلوِِضل(‪:‬نواأَلَتّْنناقيقُتكَِضلّض‪َ.‬م)‪:‬بمواالفَنّايلْتَقنّناْققَُض‪ُ:‬ضُضإِففْميعسنااالُهدبن‪،‬اَمأَِءا‪،‬يأَبْيوَاَترَلْمحَْبخاَِتلَل‪ُ،‬مفو‪.‬انلَعواعْلهَتّْقنِداٍد‪،‬قُ أَووُضغ‪:‬يبِِرنها‪:‬خٍءلا‪.‬ض‪ُّ.‬دف‪،‬‬

‫‪126‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫الَتّوافُِق‪ .. ،‬وناقَ َضهُ ُمناقَ َضةً‪ :‬خالََفهُ‪ .2‬وتناقض القولان‪ :‬تخالفا وتعارضا‪ .3‬وأصل‬
‫قولهم تناقض الكلامان‪ :‬إذا تدافعا؛كأنكل واحد ينقض الآخر‪ .‬وفيكلامه تناقض‪:‬‬

‫إذا كان بعضه يقتضي إبطال بعض‪.4‬‬
‫ومن هذا العرض لكلمة التناقض في اللغة يتضح أنها تأتي بعدة معان‪،‬‬

‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬إفساد الشيء بعد إحكامه‪.‬‬
‫‪ -2‬التحدث بما يوهم التخالف في الكلام‪.‬‬

‫‪ -3‬التعارض والاختلاف‪.‬‬
‫‪ -4‬التحدث بكلام يبطل بعضه بعضا‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى التناقض في الاصطلاح‪:‬‬
‫جاء في كتاب التعريفات معنى مصطلح التناقض كالتالي‪" :‬التناقض هو‪ :‬اختلاف‬
‫القضيتين بالإيجاب والسلب بحيث يقتضي لذاته صدق إحداهما وكذب الأخرى؛‬

‫كقولنا‪:‬زيد إنسان‪ ،‬زيد ليس بإنسان"‪.5‬‬
‫وجاء معنى التناقض عند الأصوليين بأنه "تقابل الدليلين المتساويين على‬

‫وجه لا يمكن الجمع بينهما بوجه‪ ،‬ويس ّمى بالتعارض والمعارضة أيضا"‪.6‬‬
‫وعلى هذا يمكن تعريف مصطلح التناقض في هذا البحث؛ بأنه‪ :‬إدعاء‬
‫وجود التعارض بين آيات القرآن الكريم‪ ،‬مما ينتج عن ذلك إثبات اضطرابه‪،‬‬

‫والتشكيك في تعاليمه؛ وهذا ما يريده أعداء الإسلام من المشككين والمغرضين‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تعريف القرآن الكريم في اللغة والاصطلاح‬

‫إتماماً للفائدة في هذا البحث‪ ،‬سنتعرض في السطور التالية لتعريف القرآن الكريم في‬
‫معاجم اللغة‪ ،‬والمصادر المختصة‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف القرآن الكريم في اللغة‪:‬‬
‫القرآن‪ :‬مصدر للفعل قرأ مراد ٌف للقراءة‪ ،‬بمعنى تلا‪ ،‬وفيه معنى الجمع‬
‫والضم‪" ،‬فالَْقا ُف َوالَّراءُ َوالْحَْر ُف الْ ُم ْعتَ ُّل أَ ْص ٌل َص ِحي ٌح يَُد ُّل َعلَى ُُجٍَع َوا ْجتِ َماٍع ‪...‬‬

‫‪127‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫َذلِ َك"‪.7‬‬ ‫َو َغ ْيِر‬ ‫َوالِْق َص ِص‬ ‫اْلأَ ْح َكاِم‬ ‫ِم َن‬ ‫فِيِه‬ ‫لِجَْمعِِه َما‬ ‫ََووِمُِْنسّهَُيالْقُُقْرْآرآناًُن‪،‬لأَنَكهأََنّيَهُْج َمُِسُّعَيالبُِّسَذَلِورَ‪،‬ك‬
‫فيَ ُض ُّمها‪.8‬‬
‫‪ -2‬تعريف القرآن الكريم في الإصطلاح‬

‫القرآن الكريم هو "كلام الله تعالى‪ ،‬المنزل على نبينا محمد ‪ ،‬المكتوب‬
‫منه"‪.9‬‬
‫للبيان‪،‬‬ ‫سورة‬ ‫بأقصر‬ ‫المتعبد بتلاوته‪ ،‬المتحدى‬ ‫متواتًرا‪،‬‬ ‫نقلًا‬ ‫المصاحف‪ ،‬المنقول إلينا‬ ‫في‬
‫‪‬‬ ‫محمد‬ ‫الله تعالى المنزل على‬ ‫"كلام‬ ‫بأنه‪:‬‬ ‫وُعِّرف كذلك‬

‫والإعجاز‪ ،‬المجموع بين دفتي المصحف‪ ،‬المتعبد بتلاوته‪ ،‬المنقول بالتواتر"‪.10‬‬
‫وبعد هذا التمهيد الذي اشتمل على التعريف بمصطلح التناقض‪،‬‬
‫والتعريف بالقرآن الكريم‪ ،‬ننتقل إلى المبحث الأول‪ ،‬لبيان آراء المشككين وادعاءاتهم‬

‫بتعارض وتناقض آيات القرآن الكريم‪.‬‬

‫المبحث الأول‪ :‬آراء أعداء الإسلام حول تناقض القرآن الكريم‬

‫إن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى للنبي ‪‬؛ والتي تحدى بها الإنس والجن؛ وهو‬
‫الكتاب الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‪ ،‬وهو المرجع‬
‫الأساسي للإسلام والمسلمين في كل جوانب الحياة؛ لذلك دأب أعداء الإسلام‬
‫لمحاربته والنيل منه؛ ووجهوا سهامهم المسمومة نحو تعاليمه؛ للقضاء عليه؛ لأنهم‬
‫يعتقدون أن القضاء على القرآن الكريم؛ قضاء على الإسلام والمسلمين؛ لذلك لجؤا‬
‫إلى الطعن في آياته‪ ،‬والتشكيك في أحكامه‪ ،‬وهذا ظاهر جلي على مدار التاريخ؛‬
‫منذ أن بزغ نور القرآن الكريم على البشرية؛ حتى عصرنا هذا؛ الذي نبتت فيه نبتة‬
‫شيطانية من المستشرقين‪ ،‬ومن تابعهم من أبناء المسلمين؛ الذين صوبوا سهامهم نحو‬

‫القرآن الكريم؛ بالطعن والتشكيك في كل تعاليمه‪.‬‬
‫وفي هذه السطور نتعرض لجانب من هذه الإفتراءات والمطاعن؛خاصة ما‬

‫زعمه هؤلاء المشككون من تناقض آيات القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪128‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫‪ -1‬ص ّدر المستشرق الشهير جولدزيهر (‪ )GoldZiher‬في كتابه‬
‫(مذاهب التفسير الإسلامي) بتعريف للقرآن الكريم قال فيه‪" :‬فلا يوجد كتاب‬

‫ن ّص منزل أو موحى به‪-‬‬ ‫أنه‬ ‫اعترافاً عقدياً على‬ ‫دينية‬ ‫تشريعي ‪-‬اعترفت به طائفة‬
‫الاضطراب وعدم الثبات‬ ‫من‬ ‫مث َل هذه الصورة‬ ‫تداوله‬ ‫يق ِّدم ن ُّصه في أقدم عصور‬
‫كما نجد في القرآن"‪ .11‬وفيكتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام) يعّرف جولد زيهر‬
‫القرآن الكريم بقوله‪" :‬القرآن هو الأساس الأول للدين الإسلامي‪ ،‬وهو كتابه‬
‫المق ّدس ودستوره الموحى به‪ ،‬وهو في مجموعه مزي ٌج من الطوابع المختلفة اختلافاً‬
‫جوهرياً‪ ،‬والتي طَبَعت ُكلاً من العصَرين الأولين من عهد طفولة الإسلام"‪ .12‬ويقول‬
‫في موضع آخر‪" :‬ومن العسير أن نستخلص من القرآن‪ -‬الكريم ‪ -‬نفسه مذهباً‬
‫عقدياً موحداً متجانساً‪ ،‬وخالياً من التناقضات‪ ،‬ولم يصلنا من المعارف الدينية الأكثر‬
‫أهمية وخطراً إلاّ آثار عامة نجد فيها إذا بحثنا في تفاصيلها أحياناً؛ تعاليم متناقضة‪...‬‬
‫وقدكان وحي النبي ‪- ‬حتى في حياته‪ -‬معرضاً لحكم النقاد؛ الذينكانوا يحاولون‬
‫البحث عما فيه من نقص‪ ،‬وكان عدم الاستقرار والطبع المتناقض البادي في تعاليمه؛‬
‫موضع ملاحظات ساخرة"‪.13‬‬
‫‪ -2‬ويقول المستشرق‪ :‬فلهاوزن (‪:)Willhausen‬‬

‫"ويبرز في القرآن – الكريم – شأن القدرة الإلهية تارة‪ ،‬وشأن العدل الإلهي‬
‫تارة أخرى‪ ،‬وذلك بحسب ما كان يحس به النبي ‪ ،‬دون مراعاة للتوازن بين‬
‫الطرفين‪ ،‬ولا يشعر محمد ‪ ‬بما في ذلك من تناقض؛ لأنه لم يكن فيلسوفاً‪ ،‬ولا‬
‫واضعاً لمذهب نظري في العقائد"‪.14‬‬
‫‪ -3‬ويقول المستشرق‪ :‬دي بوير(‪:)Boer,de‬‬
‫"قَبِ َل الرعيل الأول من المؤمنين ما في القرآن من تناقض‪ ،‬وهو الذي نعلله‬
‫نحن بتقلب الظروف التي عاش فيها النبي ‪ ‬وباختلاف أحواله النفسية"‪ .15‬ويقول‬
‫في موضع آخر‪" :‬والقرآن الكريم مشوش يختلط فيه العالم الواقعي بعالم خيالي‪ ،‬يتكون‬

‫من أمور مستحيلة وخرافات باطلة‪ ،‬وليس فيه أي نظام للحياة؛ لا خاص ولا عام‪،‬‬

‫‪129‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وتلاوته متعبة جداً حتى بالنسبة للذي إنما يدفعه الفضول لقراءته"‪ .16‬ويقول في‬
‫موضع آخر‪ ..." :‬وفوق ما يحتوي عليه القرآن الكريم من التكرار الكثير؛ فإن ما‬
‫يقرب من ‪ 300‬آية قرآنية كلها يناقض بعضها بعضاً‪ ،‬لكن اللاهوت الإسلامي؛‬
‫فيه نظرية تسمى‪ :‬النسخ؛ يمكن بها المسلمين تسوية ُجيع الاختلافات الموجودة في‬
‫القرآن الكريم‪ .‬والقرآن الكريم نفسه يصرح بتغيير بعض آياته؛ تارة بالزيادة‪ ،‬وأخرى‬
‫بالنقص؛كما تقول الآية (‪ )106‬من السورة (‪﴿ )2‬ﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾‬

‫[البقرة‪.17"]106:‬‬

‫وخلاصة هذه الآراء حول ما يدعيه المشككون من تناقض آيات القرآن الكريم‪:‬‬
‫‪ .1‬أن القرآن الكريم –كما يدعي المشككون – تأتي آياته في صورة مضطربة‬

‫مختلفة‪ ،‬وغير ثابتة‪ ،‬فهي متغيرة من وقت للآخر‪.‬‬
‫‪ .2‬أن التعاليم التي أتى بها القرآن الكريم – كما يزعم المشككون – تعاليم‬
‫متناقضة‪ ،‬وغير مستقرة؛ مما جعل الناس في عهد النبوة يتعرضون لنقد‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬والبحث عما فيه من نقص‪ ،‬وكانت ملحوظاتهم ساخرة‪.‬‬
‫‪ .3‬أن الرعيل الأول من المؤمنين؛ قبل ما في القرآن من اختلافات وتناقض‬

‫وتعارض‪.‬‬
‫‪ .4‬يدعي المشككون أن القرآن الكريم؛ اختلط فيه العالم الواقعي بالعالم‬

‫الخيالي‪ ،‬وأن تعاليمه تبدو مستحيلة‪.‬‬
‫‪ .5‬يدعي المشككون أن القرآن الكريم يحتوي على خرافات باطلة‪.‬‬
‫‪ .6‬كما يدعي المشككون أن القرآن الكريم؛ ليس فيه نظام واضح للحياة‬

‫العامة والحياة الخاصة‪.‬‬
‫‪ .7‬يدعي المشككون أن القرآن الكريم يوجد به الكثير من الآيات يخالف‬

‫‪130‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫بعضها بعضاً‪ ،‬وهي عرضة للتغيير المستمر بالزيادة أو النقصان‪ ،‬واستدلوا‬
‫بآية سورة البقرة (‪.)106‬‬

‫كانت هذه خلاصة ادعاءات المشككين للقرآن الكريم بالتناقض والتعارض‪،‬‬
‫وفي المبحث الآتي سيتضح الرد عليهم‪ ،‬وتفنيد شبههم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الرد على دعاوى تناقض القرآن الكريم‬
‫لقد تجرأ المشككون على كتاب الله ‪ -‬عز وجل‪ -‬فرموه باتهامات باطلة‪ ،‬ونسجوا‬
‫الافتراءات حول آياته‪ ،‬ونصوصه‪ ،‬وتعاليمه‪ ،‬ومن هذه الاتهامات‪ ،‬زعمهم أن القرآن‬
‫الكريم يناقض بعضه بعضاً‪ ،‬وقد سبق بيان ذلك في المبحث السابق‪ ،‬وفي هذا‬
‫المبحث سنتعرض لهذه الافتراءات ونفند ما قاموا به من شبهات حول تناقض القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وسيكون رُّد هذه الشبهات على ضربين‪ :‬أولاً‪ :‬الرد الإُجالي على شبهة‬
‫تناقض آيات القرآن الكريم‪ ،‬ثانياً‪ :‬الرد المفصل؛ بعرض بعض الأمثلة لآيات من‬

‫القرآن الكريم؛ التي ادعى المغرضون أن بها تناقض؛ والرد عليها بالأدلة القاطعة‪.‬‬
‫أولاً‪ :‬الرد الإجمالي على شبهة تناقض القرآن الكريم‪.‬‬

‫في السطور التالية سنرد على شبهة تناقض آيات القرآن الكريم إُجالاً؛‬
‫وذلك في نقاط ثلاث‪:‬‬

‫‪ -1‬أن القرآن الكريم وحي الله تعالى والتناقض مستحيل عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬القرآن الكريم معجز والإعجاز لايدخله التناقض‪.‬‬
‫‪ -3‬القرآن الكريم تعهد الله بحفظه فلا يدخله التناقض‪.‬‬

‫النقطة الأولى‪ :‬القرآن الكريم وحي الله تعالى والتناقض مستحيل عليه‬
‫إن الكتب المنزلة من عند الله تعالى الموحى بها إلى الأنبياء ‪ -‬صلوات الله عليهم‬
‫وتسليمه ‪ ،-‬معصومة من التناقض والاختلاف؛ لأنها من عند الله تعالى؛ وتعالى الله‬

‫أن يكون فيكلامه خطأ أو تناقض؛ إنما الخطأ والتناقض في كلام البشر‪.‬‬

‫‪131‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫والكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله والتي أخبر بها الصادق الأمين‬
‫محمد ‪ ‬هى‪ :‬القرآن الكريم‪ ،‬والإنجيل‪ ،‬والتوراة‪ ،‬والزبور‪ ،‬ويخبرنا القرآن الكريم أن‬
‫هذه الكتب التي بيد أهل الكتاب قد أصابها التحريف قال تعالى‪﴿ :‬ﮥﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬

‫ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ‬
‫ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ﴾ [المائدة‪.]13:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬

‫ﭚ﴾ [آل عمران‪.]71:‬‬
‫فالقرآن الكريم نص موحى به إلى هذا النبي محمد ‪ ،‬وهذا النص معصوم‬
‫لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‪ ،‬معصوم من التحريف والاختلافات‬
‫والأغاليط‪ ،‬فكذلك الشخص معصوم فيما يبلغه عن الله تعالى الموحى به منه‬
‫سبحانه‪ ،‬لا يبلغه لغرض ولا هوى ولا أثرة قال تعالى‪﴿ :‬ﭛﭜﭝﭞ•ﭠ‬

‫ﭡﭢﭣﭤ﴾ [النجم‪.]4-3:‬‬
‫يقول الإمام ابن كثير المتوفي سنة ‪774‬ه في تفسيره لهاتين الآيتين‪" :‬ما‬
‫يقول قولاً عن هوى وغرض‪ ،‬إنما يقول ما أمر به‪ ،‬يبلغه إلى الناس كاملاً موفوراً من‬
‫غير زيادة أو نقصان"‪ .18‬لذلك يجب الالتزام به وطاعته‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﮠﮡ‬
‫ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ﴾ [الحشر‪،]7:‬‬
‫فأقوال النبى ‪ ‬ليست كلها من عنده؛ إنما هي من عند الله تعالى قال جل شأنه‪:‬‬
‫﴿ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ﴾‬

‫‪132‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫[المائدة‪ ،]67:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮ﴾ [النحل‪.]44:‬‬

‫والنبي ‪ ‬أعلم الناس بمراد الله من وحيه فقد أفهمه الله وبين له قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﰉﰊﰋﰌ﴾ [القيامة‪.]19:‬‬

‫إن هناك بدهية عقلية ودينية تفيد أن‪:‬كلام الله عز وجل لا اختلاف فيه‬
‫ولا تناقض؛ لأن وجود التناقض في كتاب مقدس ينفي عنه القدسية‪ ،‬وقد جاءت‬
‫هذه القاعدة واضحة جلية في القرآن الكريم؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﭻﭼﭽ‬

‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ﴾ [النساء‪.]82:‬‬
‫اابفمَََََُُِللوووََّاَأتحككَََقَِلجلْثثََِِِذُْتيَّصّقَمَييّوضواابًََِرروعْاِدَكلٍةيَُمِعِرنت‪،‬اِهِاُولئِبِيهدََِْْلامولِِْلِْقرأَفُاَِِعننَيع‪،‬لكِيَُعَبَدُصََمَِِرّشَشَعمََكاَْووواوَْبَبتللَحِِجرَِاِاوفيِاَلئََععهِِدِاهيَكءْ‪ََِْْ،‬ضسْعدددصِاتَِنََِِأيمرَه‪ُ،‬لممتَنفِْالوِطِههَِياَََملماََفوعاُأاو‪َ.‬ااحَنفْاَْتَِسعَدَْعلْبسَْلّتِتمِِتافُيتِمأََُقلْابَِهخٌْدََلطْسَرياتِبَّطسََِاكَِلِهَِلاَفيمَشوااااَعرِةُئعَِتتِ‪ِّْ،‬نَتِْيخُ‪ْ‬ساافِهخاللُِتهِْلتَمَِوهَنَلآولََوَِلطوقواَاَاَََلمتَاِدذْاوااا‪‬راهِِْسفَيعَِْتِِستيبياَِِِةلَقفِتتِلبأتََاوط‪،‬نَبْأَََاطفَََطْيَّوََااافووِِااااضمفلَِعّيَئَْنيلِتِّوَعيِِعةَِْأهنفَََعِةفمََحاهةلَُُاخْْْتلالَغخِلُُِعوخأْي‪َ،‬لََىمَغوُْنِِْوَرففخاْرَيهٍِِااتِيشِدرتَِلقَياِِهكأَقَراًِافاِرِضأ‪،‬فْلَْيحلانَأاشَلِيخْلهِنََْلكيَْْنِوِهَاوحيهَأَْلَياا‪،‬وِمَِاٍءَتَلأشسّْيذاََِيَيأَّْتسكِهَِِذْاضِِوميتتَليََبَِْنمِارمٍايءََُِِقاسبِلثيَْ‪،‬بهمَِلِةِآِووبِفاثِاْميمِأهَُِي‪،‬الِثْةَْحَللَرنِلِوفَِبإتتِلَُّلبِيَِهُسالمُّ‪:‬ىشَاهرلَلََْْامّخرعُوهُُِاَبفَفذَِفِونُااُسَويجحرفِيبِِريواوََهِهِدِجِهلِْصِبََبايهعالُِقيَهاح‪.‬لءََْاَع‪:‬رََِوآااوََِثبكِلِْنونْلنِاَِِ(هنج‪‬اأَيلَََاكْألقتُُِْظْْدَلِِألومفَأََاِهَآْنوْاواياوُِِْصمتنَُُِمفمكَتيَوعهَاَف‪ِ،‬مفُِايالِنََُِِنعن‪،‬فِْصسهَلمَوييااَِوِللْمَْاِيَعنُىقوََمَعمِوَرُاْمْاانواخخلََلاقُلتِّْبتاِِّلَّاِسرهََُْيقفللآئَخَاَِِعِْااْضْلئحانَْوِلِدَفهًََِِِِِِِّقحيلقلدقاتا‪،‬‬

‫‪133‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫ااالِتَََََملْْْوووللااُِجكنفََللِْأآقَْالَِّنبتَِّْوطُاِْرهِنوَََخَأِّواصمُرَاحَةِييقرُُِِةاوِةِِبتَحؤاِر‪،‬يِياِّ‪َْ،‬لِسلُِْإضداَََذَفنَوْوواا‪،‬اللِاللَْبمََََْحِلنَِِّواوسُعلَْحعِفابََوَاْكتْتَاكَّعَِمْدفوََِِفنَعََُيضةرِمادااَِ‪ُِ،‬قهَك‪ُ،‬ةلَتمهِِنيلُِّاقب‪َِِ،‬هَهاَبوَذَوِوااْفعلََِِمَلْْوَجالسوَعْاتِلعِِحَََْلعنًََصضبطَياََِكرلَياابلَْطًََاااىتَِلوَاارائئىَُلَِلكْااَعاِلِحِانِّلعتَِعِلَُمِهتّْاتلَِهخاَِسَلَبفلْوَُاْاشحاىاَْطمَيَْبَِللْموااُاَِْوبّجَنلََِقَهلِبَِْ‪،‬سُمياِِفسةَِلَتبِْتانيلّغَ)آِِهةِفَدِعَِةطيَوَيَالََ‪9‬و‪،‬واااتَْلِاهلاِ‪1‬ملَأعََىَتلّْ‪،‬لو‪َ.‬اِقْوهِبَِةَتُنمَاماََطتوَُيواْالاَُلئِاِلْأَغمَلاِْه–َِنشْفيِ‪ْ،‬عَِعاك‪.‬ياِرْلبتثهَََِِِمههَِيَْموَعَخعااإِِةَرأتلاََِيِةِا‪،‬لَلَلَْرِْانلمىِا‪،‬ىفِإِدتََلينيَْنَهِأااََْولِفلاِوات–َِّيهيلليََْبًْعَّجَ‪ِ،‬شحَذِِّصفاْاَيَبزِاوْايََمدِكناَِءلثوِْاِلِْهِْمللِتبَلقََماأِْاهِْعدِخلَ‪ْ،‬ثَِعبََبَوياِاِروَِِِرفِْونرلفبَِ‪،‬ييَاآو‪،‬بياِهَُضََِعاْلبََقُ‪َ.‬روراُهأيتَََِ‪،‬نوءِاََلْْوعتتِِِِونَِ‪،‬هَيموبَعَنَغاًكاااالََِِْومويِْلَُلمسَكنةأُلََُنِلاََْلاْنملْاِاِنلثلََْمغََذاُامْيْغَلااِوِهُاِلِْللخيِعَاِاتَِ‪،‬اِبكفيَظَْاْيخجَِِةوتِتَِِرتتَُمَيوّا‪،‬لََلَذمَِةوْاالكاَِِعّفِدََِْمنراِاعفًقَََِِِرراف‪،‬ديعك‬
‫ومما سبق عرضه اتضح أن القرآن الكريم يستحيل أن يكون فيه تناقض‬
‫أو اختلاف‪ ،‬أو اضطراب؛ وذلك لأنه كلام الله عز وجل أوحى به إلى نبيه ‪‬؛‬
‫ومحال أن يدخل في وحي الله اختلاف‪ ،‬أو تناقض‪ ،‬إنما التناقض والاختلاف في‬

‫كلام البشر‪.‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬القرآن الكريم معجز والإعجاز لا يدخله التناقض‬
‫القرآن الكريم تحدى به النبي ‪ ‬العرب‪ ،‬وقد عجزوا عن معارضته مع طول باعهم‬
‫في الفصاحة والبلاغة‪ ،‬ومثل هذا لا يكون إلا معجًزا‪ .‬فقد ثبت أن الرسول ‪‬‬

‫تحدى العرب بالقرآن الكريم على مراحل ثلاث‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحداهم بالقرآن الكريمكله في أسلوب عام يتناولهم ويتناول غيرهم من‬
‫الإنس والجن تحدياا يظهر على طاقتهم مجتمعين‪ ،‬بقوله تعالى‪﴿ :‬ﭜﭝﭞ‬
‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬

‫‪134‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫ﭬﭭﭮ﴾ [الإسراء‪.]88:‬‬
‫ب‪ -‬ثم تحداهم بعشر سور منه في قوله تعالى‪﴿ :‬ﭑﭒﭓﭔﭕ‬

‫ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬

‫ﭣ﴾ [هود‪.]13:‬‬
‫ج‪ -‬ثم تحداهم بسورة واحدة منه في قوله‪﴿ :‬ﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ﴾ [يونس‪،]38:‬‬
‫وكرر هذا التحدي في قوله‪﴿ :‬ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ‬

‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾‬

‫[البقرة‪ ،]23:‬ومن عنده إلمام قليل بتاريخ العرب وأدب لغتهم يدرك العوامل السابقة‬
‫لبعثة الرسول ‪ ‬التي َرقَت بلغة العرب وهذبت لسانها وُجعت خير ما في لهجاتها‬
‫من أسواق الأدب والمفاخرة بالشعر والنثر‪ ،‬حتى انتهى مصب جداول الفصاحة‬
‫وإدارة الكلام بالبيان في لغة قريش التي نزل بها القرآن الكريم‪ ،‬وما كان عليه العرب‬
‫أبناء عمومته أنًفا وكبًرا مضرب مثل في التاريخ الذي‬ ‫بأحدهم على‬ ‫يعلو‬ ‫من َصلَف‬
‫لما أحدثوه فيها من معارك وحروب طاحنة أشعلها‬ ‫نُ ِسبت إليهم‬ ‫أياًما‬ ‫سجل لهم‬
‫شرر من الكبرياء والأنفة‪.‬‬

‫ومثل هؤلاء مع توفر دواعي اللسان وقوة البيان التي يوقدها حماس القبيل‪،‬‬
‫ويؤججها أتون الحمَيّة لو تسنى لهم معارضة القرآن الكريم لأُثَِر هذا عنهم‪ ،‬وتطاير‬
‫خبره في الأجيال‪ ،‬فالقوم قد تصفحوا آيات الكتاب وقلبوها على وجوه ما نبغوا فيه‬

‫من شعر ونثر فلم يجدوا مسل ًكا لمحاكاته‪ ،‬أو منف ًذا لمعارضته‪ ،‬بل جرى على ألسنتهم‬
‫الحق الذي أخرسهم عفو الخاطر عندما زلزلت آيات القرآن الكريم قلوبهم كما أُثَِر‬
‫ذلك عن الوليد بن المغيرة‪ ،‬وعندما عجزت حيلتهم رموه بقول باهت فقالوا‪ :‬سحر‬

‫‪135‬‬


Click to View FlipBook Version