The words you are searching are inside this book. To get more targeted content, please make full-text search by clicking here.

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

Discover the best professional documents and content resources in AnyFlip Document Base.
Search
Published by qolbi1979, 2018-12-20 02:05:29

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية

IIUM Press
Tel : +603 6196 5014 / 6196 5004
Fax : +603 6196 4862 / 6196 6298

Email : [email protected]
Website : http://iiumpress.iium.edu.my/bookshop

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬



‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫محمد أبو الليث الخير آبادي‬
‫روضة الفردوس فتح ياسين‬
‫أكمل خزيري عبد الرحمن‬

‫جماليا عوراني‬
‫نورعيني إسماعيل‬

‫‪IIUM Press‬‬
‫‪Gombak • 2018‬‬

‫الطبعة الأولى‪ 1439‬ھ‪/2018‬م‬
‫‪© IIUM Press, IIUM‬‬
‫الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا للنشر عضو في مجلس النشر العلمي الماليزي‬
‫)‪(Majlis Penerbitan Ilmiah Malaysia – MAPIM‬‬

‫جميع حقوق الملكيّة الأدبيّة والفنيّة محفوظة للجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا للنشر )‪ (IIUM Press‬ويحظر طبع أو تصوير‬
‫أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكومبيوتر أو برمجته على‬
‫أسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطية من الناشر‪.‬‬

‫‪Perpustakaan Negara Malaysia‬‬ ‫‪Cataloguing-in-Publication Data‬‬

‫‪ISBN 978-967-011-2‬‬

‫‪Published & Printed in Malaysia by‬‬
‫‪IIUM Press‬‬

‫‪International Islamic University Malaysia‬‬
‫‪P.O. Box 10, 50728 Kuala Lumpur, Malaysia‬‬

‫المحتويات‬

‫المحتويات ه‬
‫بحوث وقضايا في الفكر الإسلامي والمؤسسات الإسلامية ط‬
‫مقدمة ك‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير المفاهيم ‪1‬‬ ‫الفصل الأول‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬محمد أبو الليث الخير آبادي‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة ‪23‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫والارتقاء بالأداء المؤسسي‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫د‪ .‬عائشة صفراني ود‪ .‬حبيبة شهرة‬ ‫الفصل الخامس‪:‬‬
‫الفصل السادس‪:‬‬
‫دور الجمعيات الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‪37 :‬‬
‫جمعية النجاة الخيرية الكويتية أنموذ اجا‬

‫د‪ .‬بدر محمد العـليوي ود‪ .‬بدر محمد العازمـي‪.‬‬

‫استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي ‪51‬‬
‫د‪ .‬هشام سعيد أزهر‪.‬‬

‫العلاقة بين الفقه والطب للأستاذة ‪76‬‬
‫د‪ .‬منيرة عواد المريطب‬

‫تقنية المعلومات وأخلاق المهنة ‪87‬‬
‫د‪ .‬أكرم محمد زكي وأ‪.‬د‪ .‬محمد زكي خضر‬

‫ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة ‪101‬‬ ‫الفصل السابع‪:‬‬
‫د‪ .‬محمد شكيب القاسمي‬ ‫الفصل الثامن‪:‬‬
‫الفصل التاسع‪:‬‬
‫دعوى تناقض القرآن الكريم والرد عليها ‪125‬‬
‫د‪ .‬محمد إبراهيم الشربيني صقر‬ ‫الفصل العاشر‪:‬‬
‫الفصل الحادي عشر‪:‬‬
‫دور المساجد في خدمة المجتمع المسلم من منظور القرآن ‪149‬‬
‫والسنة‪ :‬دراسة موضوعية تحليلية‬ ‫الفصل الثاني عشر‪:‬‬
‫الفصل الثالث عشر‪:‬‬
‫منال أحمد الجَُبّة وأ‪.‬د‪ .‬محمد أبو الليث الخير آبادي‪.‬‬

‫أثر مبادئ التمويل في البنوك الإسلامية على التنمية ‪161‬‬
‫الاجتماعية‬
‫نعيم حنك‪.‬‬

‫اختلال منهج المستشرق وليم ميور في كتابة السيرة ‪183‬‬
‫النبوية‬

‫عبد الصمد شيخ‬

‫الإسلام والـعولـمة ‪202‬‬

‫د‪.‬محمد إسماعيل عبد السلام ود‪.‬كوثر أرشد‬

‫دور التربية الإسلامية في مواجهة الفكر الضال ‪225‬‬

‫د‪ .‬سعد هاشم العلياني‬

‫الفصل الرابع عشر‪ :‬الشذوذ من فتاوى ابن أبي عقيل العماني ‪255‬‬
‫رضا محّب مجد‬

‫و‬

‫العلامة محمد ناصر الدين الألباني ودوره في خدمة المجتمع ‪263‬‬ ‫الفصل الخامس عشر‪:‬‬
‫المجتمع الباكستاني نموذجا‬

‫حافظ عبد الحنان حامد‬

‫الفصل السادس عشر‪ :‬جهود دولة قطر في التعايش السلمي وتحقيق السلم ‪296‬‬
‫العالمي‪ :‬مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجا‬

‫د‪ .‬محمد رفاعي محمد أمين‬

‫دور المؤسسة التعليمية في تحقيق الأمن الفكري المدارس ‪320‬‬ ‫الفصل السابع عشر‪:‬‬
‫السعودية في كوالالمبور أنموذجا‬

‫منصور غازي المحمدي‬

‫الفصل الثامن عشر‪ :‬دور التصوف في نشر الإسلام ومحاربة التكفير ‪350‬‬
‫د‪ .‬عيسى عبد الله‬

‫مفهوم العلم في القرآن الكريم في ضوء مفردتي (الجهل) ‪385‬‬ ‫الفصل التاسع عشر‪:‬‬
‫و(الهوى)‬

‫طه محمد آدم‬

‫المراجع والمصادر ‪419‬‬

‫فهرس أسماء المشاركين في المؤتمر ‪449‬‬

‫ز‬



‫بحوث وقضايا في الفكر الإسلامي والمؤسسات الإسلامية‬

‫في خضم التسارع الحضاري والانفتاح العالمي اليوَم؛ لا بَُّد للفكر الإسلامي من أن يخوض‬
‫في قضايا التنمية ومع ِّّوقاتها؛ ليصوغ المستقبل الإسلامي وفق الاهتمامات الحيوية للمسلمين‪،‬‬
‫وفي مقدمتها الإدارة والتعليم والصحة والاقتصاد؛ ذلك أن التنمية الشاملة في هذه‬

‫الاهتمامات الحيوية ‪ -‬ومؤ َّسساتها ‪ -‬تقترن بوعي المسلمين مكانتهم الحضارية التي لطالما‬
‫تأَثّرت بحالهم بين سائر الأمم وترُّددها بين القوة والضعف في خلال العصور‪ ،‬مما يلزم معه‬
‫توعيتهم إلى أنها ‪ -‬أي التنمية الشاملة ‪ -‬لن تتحقق إلا بهم ما دامت ضماناا لتق ُّدم مجتمعاتهم‬
‫ولمستقبل أولادهم‪ ،‬ولا يُكتفى في هذا بالفتاوى الفقهية والخطب الدينية التي تكاد تكون‬
‫تلهعقذيهاداالقمنضايذا أينقبيُناُلق‪،‬شولهاا‬ ‫أش َّد‬ ‫التي أضحت‬ ‫التنموية‬ ‫قاصرة في مجالها عن مناقشة القضايا‬
‫ينبغي‬ ‫الرقمي؛ وإنما‬ ‫الفضاء‬ ‫سيما في ظ ِّّل أبرز وسائل العولمة؛ أي‬

‫فكٌر إسلام ٌّي ناقٌد حصي ٌف؛ يسبر أغوارها تدقياقا وتحقياقا‪ ،‬ويقف على متعلقاتها وتبعاتها؛‬
‫ليخلص إلى صوغ أُطُرها النظرية الإسلامية‪ ،‬وإحالة توصياته على المؤ َّسسات الإسلامية‬
‫المعنَيّة بها أو التي ترعاها؛ ذا ما استهدفه المؤتمر "بحوث وقضايا في الفكر الإسلامي‬
‫والمؤسسات الإسلامية"؛ الذي رعته كلية معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية في‬
‫الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا؛ ما بين ؟‪/‬؟ ‪ -‬؟‪/‬؟‪.٢٠١٧/‬‬
‫وهذا الكتاب بين أيدينا يجمع أحد عشر بحثاا ُعرضت في أثناء المؤتمر؛ أع َّدها‬
‫أساتذة مخت ُّصون من عدة جامعات‪ ،‬وقد استهَلّها رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الأستاذ‬
‫الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي ببحثه المعنون‪" :‬نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير‬

‫المفاهيم"‪ ،‬ويضح من عنوانه أنه يبحث في إعادة التمكين للفكر الإسلامي‪ ،‬ولكن من‬

‫خلال انسجامه مع مستجدات عصرنا الحالي‪.‬‬
‫ولم يغب عن هذه الأبحاث ما للعامل الأخلاقي من أثر في التنمية الشاملة‪ ،‬فقد‬

‫تناول هذا بحثان؛ أحدهما‪" :‬أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة والارتقاء‬

‫بالأداء المؤسسي"؛ للدكتورة عائشة صفراني‪ ،‬والدكتورة حبيبة شهر‪ ،‬والآخر‪" :‬تقنية‬
‫المعلومات وأخلاق المهنة"؛ للدكتور أكرم محمد زكي‪ ،‬والأستاذ الدكتور محمد زكي خضر‪.‬‬
‫وفي المجال الخدمي ومكانته في القضايا التنموية نجد بحثين أي اضا؛ أحدهما للدكتور‬
‫بدر محمد العليوي‪ ،‬والدكتور بدر محمد العازمي؛ عنوانه‪" :‬دور الجمعيات الخيرية في تنمية‬
‫الفرد والمجتمع المسلم؛ جمعية النجاة الخيرية الكويتية أنموذ ًجا"‪ ،‬والآخر للباحثة منال أحمد‬
‫الجبة‪ ،‬والأستاذ الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي؛ عنوانه‪" :‬دور المساجد في خدمة‬

‫المجتمع المسلم من منظور القرآن والسنة؛ دراسة موضوعية تحليلية"‪.‬‬
‫ولديناكذلك بحثان يعنيان بالعلاقة بين الشريعة وبعض المجالات التنموية؛ أحدهما‪:‬‬
‫"استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي"؛ للدكتور هشام بن سعيد أزهر‪ ،‬والآخر‪:‬‬

‫"العلاقة بين الفقه والطب"؛ للأستاذة الدكتورة منيرة بنت عواد المريطب‪.‬‬
‫ثم أربعة أبحاثك ٌلّ منها منفرد في بابه؛ أولها يقنن للتعامل مع المستجدات؛ عنوانه‪:‬‬
‫"ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة"؛ للدكتور محمد شكيب القاسمي‪،‬‬
‫وثانيها يرفض دعوى وقوع التعارض في القرآن الكريم؛ عنوانه‪" :‬دعوى تناقض القرآن‬
‫الكريم والرد عليها"؛ للدكتور محمد إبراهيم الشربيني صقر‪ ،‬وثالثها يتعلق بالتمويل‬
‫الإسلامي؛ عنوانه‪" :‬أثر مبادئ التمويل في البنوك الإسلامية على التنمية الاجتماعية"؛‬
‫للباحث نعيم حنك‪ ،‬ورابعها ينظر في السيرة النبوية ومحِلّّها من الاستشراق؛ عنوانه‪" :‬اختلال‬

‫منهج المستشرق وليم ميور في كتابة السيرة النبوية"؛ للدكتور عبد الصمد شيخ‪.‬‬
‫أخيارا؛ نسأل الله أن يُس ِّّدد ُخطانا‪ ،‬ويُن ِّّور بصائرنا‪ ،‬ويُجِنّّبنا مزالق الردى‪ ،‬ويهدينا‬
‫سواء السبيل في القول والعمل‪ ،‬ولا حول ولا قوة إلا بالله‪ ،‬إليه المرجع والمآب‪ ،‬عليه توكلنا‬

‫في ك ِّلّ حين‪.‬‬

‫الأستاذة الدكتورة رحمة بنت أحمد الحاج عثمان‬
‫نائب مدير الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا‬

‫لشؤون البحث العلمي والابتكار‬

‫ز‬

‫مقدمة‬

‫تقديم الأستاذ الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي‪ ،‬رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫وبعد! فإن هذا العصر الذي نحن فيه هو عصر خطير ورهيب جدا للإسلام‬
‫والمسلمين‪ ،‬حيث تكالبت الأمم عليهما تكالب الأكلة على القصعة‪ ،‬مصداقا لما تنبأ به‬
‫نبينا المعصوم ‪ ‬في قوله‪« :‬يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفقكما تداعى الأكلة‬
‫على قصعتها»‪ .‬قال‪ :‬قلنا‪ :‬يا رسول الله! أِّم جن قلٍة بنا يومئذ؟ قال‪« :‬أنتم يومئذ كثير‪ ،‬ولكن‬
‫تكونون غثاءا كغثاء السيل‪ ،‬وينتزع المهابة من قلوب عدوكم‪ ،‬ويجعل في قلوبكم الوهن»‪،‬‬

‫قال‪ :‬قلنا‪ :‬وما الوهن؟ قال‪« :‬حب الدنيا وكراهية الموت»‬
‫‪ ،١‬فمن نتائج ترك العمل بسنة التدافع‪ ،‬والركون إلى وهم تعايش الحضارات‪ ،‬أن‬
‫تتداعى أمم الكفر والشرك والضلال على أمة الإسلام كما تتداعى الأكلة على قصعتها‪،‬‬
‫وقد حصل ذلك‪ ،‬وها نحن نراه يوميا أمام أعيننا! هم تكالبوا علينا بتخطيط محكم‪ ،‬وبعقل‬
‫شيطاني مدِبّّر‪ ،‬فاتّهموا ‪-‬ولا يزالون يتهمون‪-‬الإسلام بأنه دين إرهابي‪ ،‬واتهموا ‪-‬ولا يزالون‬
‫يتهمون‪-‬المسلمين بأنهم إرهابيون‪ ،‬مع أنهما برآء من الإرهاب براءة الذئب من دم يوسف‪.‬‬
‫ولكن المشكلة ليست في الأمم الأخرى؛ لأن ما تفعله تلك الأمم ضد الإسلام‬
‫والمسلمين‪ ،‬هو أمر طبيعي‪ ،‬وكذلك ما يفعلونه من إثارة الفتن وخلق الخلافات بيننا هو‬
‫أيضا أمر طبيعي‪ ،‬وإنما هذا صراع بين الحق والباطل إلى يوم القيامة‪ ،‬ولكن الغباء منا نحن‬
‫المسلمين حكاما وشعوبا‪ ،‬لماذا لا نراقبهم هم ومخططاتهم‪ ،‬ولماذا لا نشُّم رائحة مؤامراتهم‬
‫ضدنا‪ ،‬قبل أن تقع‪ ،‬وإذا وعيناها أو شممناها فلماذا نذعن لها ولا نقاومها‪ ،‬ولماذا نصفق لها‬

‫ولا نخالفها‪.‬‬

‫فانطلاقا من هذا التململ والوعي رأت أكاديمية الدراسات الإسلامية المعاصرة‬
‫(أسيس)‪ ،‬في جامعة التكنولوجيا والعلوم ببرليس ‪(ACIS) Universiti‬‬
‫‪ ،Teknologi MARA‬بالتعاون مع مكتب مسجد السلطان حاجي أحمد شاه‪،‬‬
‫بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ‪International Islamic University‬‬
‫‪ ،Malaysia‬أن تعقد هذا المؤتمر الدولي العلمي الثالث للعلوم الاجتماعية والفكر‬
‫الإسلامي (‪ ،)ISSCITU 2018‬تحت عنوان‪" :‬نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير‬
‫المفاهيم"‪ ،‬والذي تدور محاوره حول القضايا المعاصرة والفكر الإسلامي والمؤسسات‬
‫الإسلامية‪ ،‬والفكرة الرئيسية للمؤتمر هي محاولة فتح النقاش حول الفكر الإسلامي وإبراز‬
‫المفهوم السلمي للإسلام‪ ،‬وتعزيز الأبعاد الروحية للإيمان والممارسة‪ ،‬وبالتالي يركز المؤتمر على‬
‫دور المؤسسات الإسلامية في تجديد الفكر الإسلامي والتفاهم‪ .‬ويحدونا الأمل في أن يكون‬

‫المؤتمر منصة لمناقشات قضايا المسلمين المعاصرة والتحديات وإيجاد الحلول‪.‬‬
‫ومن حسن حظ هذا المؤتمر أن طلبات المشاركة وصلت إلينا من بلاد مختلفة‪،‬‬
‫باللغات الثلاث‪ :‬العربية‪ ،‬والإنجليزية‪ ،‬والملايوية‪ .‬ومعظم هذه البحوث لمست جانبا مهما‬
‫من جوانب هذا العصر‪ ،‬من علوم الطب‪ ،‬والإدارة‪ ،‬والاقتصاد‪ ،‬والسياسة‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫العلوم الإنسانية والتطبيقية‪ .‬فهذا إسهامكبير من جامعة التكنولوجيا والعلوم ببرليس ومكتب‬
‫مسجد السلطان حاجي أحمد شاه‪ ،‬بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا في التأصيل الإسلامي‬
‫للعلوم الإنسانية والتطبيقية‪ ،‬وأسلمة المعارف الإنسانية المكتسبة‪ ،‬وتنزيل معارف الوحي‬

‫والتراث الإسلامي على القضايا الحياتية المعاصرة للمسلمين‪.‬‬
‫والبحوث الواصلة إلينا باللغة العربية‪ ،‬والمضمنة فيكتاب المؤتمر كالآتي‪:‬‬
‫‪ -١‬نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير المفاهيم للأستاذ الدكتور‪ /‬محمد أبو‬
‫الليث الخيرآبادي‪ ،‬قسم دراسات القرآن والسنة‪ ،‬كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية‪،‬‬

‫الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا‪.‬‬

‫ل‬

‫‪ -٢‬أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة والارتقاء بالأداء المؤسسي‬
‫للدكتورة‪ /‬عائشة صفراني‪ ،‬محاضرة بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫عمار ثليجي ‪ -‬الأغواط‪ -‬الجزائر‪ .‬والدكتورة حبيبة شهر‪ ،‬محاضرة بكلية العلوم الإنسانية‬

‫والإسلامية والحضارة‪ ،‬جامعة عمار ثليجي ‪-‬الأغواط‪-‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -3‬دور الجمعيات الخيرية في تنمية الفرد والمجتمع المسلم‪ :‬جمعية النجاة الخيرية‬
‫الكويتية أنموذ اجا للدكتور‪ /‬بدر محمد العـليوي محاضر بقسم الفقه وأصول الفقه‪،‬كلية الشريعة‬
‫والدراسات الإسلامية‪ ،‬جامعة الكويت‪ .‬والدكتور‪ /‬بدر محمد العازمـي محاضر بقسم التفسير‬

‫والحديث‪ ،‬كلية الشريعة والدراسات الإسلامية‪ ،‬جامعة الكويت‪.‬‬
‫‪ -4‬استثمار مقاصد الشريعة في الواقع السياسي للدكتور‪ /‬هشام بن سعيد أزهر‬
‫عضو هيئة التدريس بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية‪،‬‬

‫جامعة الملك عبد العزيز بجدة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -5‬العلاقة بين الفقه والطب للأستاذة الدكتورة‪ /‬منيرة بنت عواد المريطب‪ ،‬قسم‬

‫الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة‪.‬‬
‫‪ -6‬تقنية المعلومات وأخلاق المهنة للدكتور‪ /‬أكرم محمد زكي الجامعة الإسلامية‬
‫العالمية بماليزيا‪ ،‬كوالالمبور‪ ،‬ماليزيا‪ .‬والأستاذ الدكتور‪ /‬محمد زكي خضر الجامعة الأردنية‪،‬‬

‫عمان‪ ،‬الأردن‪.‬‬
‫‪ -٧‬ضوابط التعامل مع النوازل والقضايا المستجدة للدكتور‪ /‬محمد شكيب‬

‫القاسمي مدير مجمع حجة الإسلام بالجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫‪ -8‬دعوى تناقض القرآن الكريم والرد عليها للدكتور‪ /‬محمد إبراهيم الشربيني‬

‫صقر‪ ،‬الأستاذ المساعد‪ /‬بالكلية الجامعية الإسلامية ببهانج السلطان أحمد شاه بماليزيا‪.‬‬
‫‪ -9‬دور المساجد في خدمة المجتمع المسلم من منظور القرآن والسنة‪ :‬دراسة‬
‫موضوعية تحليلية للباحثة‪ /‬منال أحمد الججَُبّة طالبة الدكتوراه بقسم دراسات القرآن والسنة‪،‬‬

‫م‬

‫كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية‪ ،‬الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا‪ .‬والأستاذ الدكتور‪/‬‬
‫محمد أبو الليث الخيرآبادي بروفسور بقسم دراسات القرآن والسنة‪ ،‬كلية معارف الوحي‬

‫والعلوم الإنسانية‪ ،‬الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا‪.‬‬
‫‪ -١٠‬أثر مبادئ التمويل في البنوك الإسلامية على التنمية الاجتماعية للباحث‬

‫نعيم حنك‪ ،‬أكاديمية الدراسات الإسلامية‪ ،‬جامعة ملايا الوطنية – ماليزيا‪.‬‬
‫‪ -١١‬اختلال منهج المستشرق وليم ميور في كتابة السيرة النبوية د‪ .‬عبد الصمد‬
‫شيخ‪ ،‬الأستاذ المساعد بقسم الحديث وعلومه في كلية أصول الدين‪ ،‬الجامعة الإسلامية‬

‫العالمية بإسلام آباد‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن اللجنة العلمية للمؤتمر ارتأت أن تجعل جميع الأبحاث العربية‬
‫المقبولة في المؤتمر‪ ،‬على نمط واحد‪ ،‬من حيث علامات الترقيم للآيات‪ ،‬والأحاديث‪،‬‬

‫والنصوص الأخرى‪ ،‬وكتابة المصادر والمراجع في الهامش والفهارس‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬وليس آخرا‪ ،‬نرجو من الله العلي القدير أن يوفقنا نحن أساتذة الجامعة والمسجد‬

‫لهذا المؤتمر‪ ،‬وإسعاف طلبة العلم بأحدث البحوث وأرقاها‪ .‬وبالله التوفيق والهداية‪.‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد أبو الليث الخير آبادي‬
‫رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر‬

‫‪ 11‬أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬ج‪ ،3٧‬ص‪ ،8٢‬رقم‪٢٢39٧‬؛ وأبو داود في سننه‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪،5١4‬‬
‫رقم‪ 4٢9٧‬وصححه الشيخ الألباني في تعليقه عليه‪ .‬والغثاء‪ :‬ما يحمله السيل من وسخ‪.‬‬

‫ن‬

‫الأول الفصل‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي وتطوير المفاهيم‬

‫الأستاذ الدكتور محمد أبو الليث الخيرآبادي‪1‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من‬
‫يهده الله فلا مضل له‪ ،‬ومن يضلل فلا هادي له‪ ،‬وأشهد أن لا إله إلا الله‪ ،‬وأشهد أن محمدا‬
‫عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وحجة على الخلق أجمعين‪ .‬صلى الله عليه وعلى آله‬

‫وأصحابه‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫أما بعد! فإن المناداة بتجديد الفكر الإسلامي‪ ،‬أو تطوير المفاهيم الإسلامية‪ ،‬أو‬
‫تحديث الإسلام‪ ،‬أو إسلامية المعرفة‪ ،‬أو الإسلام الحضاري‪ ،‬أو ما شابه ذلك من الأسماء‬
‫والعناوين‪ ،‬هذا كله ليس أمرا جديدا علينا‪ ،‬ولم يكن علماؤنا غافلين عن ذلك‪ ،‬ولكن كان‬
‫ذلك بأسماء أو عناوين يستشف منها صفاء قلوب أصحابها‪ ،‬وإخلاصهم لدينهم‪ ،‬وعدم‬
‫خنوعهم أمام الباطل‪ ،‬مثل الاستحسان‪ ،‬أو المصالح المرسلة‪ ،‬أو فقه النوازل‪ ،‬أو تغير الأحكام‬
‫بتغير الزمان‪ ،‬أو السياسة الشرعية‪ ،‬أو المقاصد الشرعية‪ ،‬فهذه الأسماء أو العناوين تدل على‬
‫وضوح أفكار أصحابها دون لف أو دوران‪ .‬وثانيا أن أصحابها كانوا أصحاب التخصص‬
‫الإسلامي الدقيق‪ ،‬وفرسان هذا الميدان‪ ،‬لذلك كانت أفكارهم تقابل في المجتمع الإسلامي‬

‫بالقبول والترحاب‪ ،‬دون أي حرج أو ضيق نفس‪.‬‬
‫أما عناوين اليوم مثل تجديد الدين‪ ،‬وتحديث الإسلام‪ ،‬وتجديد الفكر الإسلامي‪،‬‬
‫وتطوير المفاهيم الإسلامية‪ ،‬وإسلامية المعرفة‪ ،‬والإسلام الحضاري‪ ،‬وما شابه ذلك من الأسماء‬
‫والعناوين البَّراقة‪ ،‬فهي أولاً تحمل في طياتها الكثير والكثير من الغموض‪ ،‬والاستسلام للباطل‪،‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وثانياً أن أصحابها هم ليسوا أصحاب الشريعة‪ ،‬بل أصحاب العلوم الإنسانية‪ ،‬من السياسة‪،‬‬
‫أو الاجتماع‪ ،‬أو الطب‪ ،‬أو النقابات‪ ،‬أو أصحاب الأفكار المنحرفة مثل القاديانيين‪ ،‬أو‬

‫القرآنيين‪ ،‬أو الليبراليين‪ ،‬لذلك أصحابها واطروحاتهم أو أفكارهم حول التجديدكانت تقابل‬
‫بكثير من التحفظ وهواجس النفس‪ ،‬بل ربما بالرد والرفض‪.‬‬
‫نحن لا نشك في أن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان‪ ،‬وفي فقهه صلاحية‬

‫لمسايرة العصر‪ ،‬ولكن بشروطه‪ ،‬لا بإملاء من الغير‪ ،‬لقد مضى على بعثة رسولنا المصطفى‬
‫ﷺ أكثر من أربعة عشر قرنا‪ ،‬واكتمل نزول القرآن‪ ،‬كما اكتمل صدور الحديث عنه ﷺ‪،‬‬

‫وبعد وفاته ﷺ لا نزول القرآن‪ ،‬ولا صدور حديث‪ ،‬ولكن هل هذا يعني أن أي جديد في‬
‫حياة الإنسان‪ ،‬تضمنته تعليمات الإسلام‪ ،‬وأي فكر حادث حدث اشتملت عليه توجيهات‬
‫الإسلام‪ ،‬قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ﴿ :‬ونََّزلْنَا عَلَْي َك الْ ِكتَا َب تِْبيَاناً لِ ُك ِل َش ْيٍء﴾‬
‫[النحل‪ ]89:‬ولا يتحقق كون القرآن تبيانا لكل شيء إلا مع السنة كما قال الإمام‬
‫لكل ما جاء عن الرسول من أحكاٍم‬ ‫الأقورآمِبنيِنٍةعل‪.‬ىولااتبايتع احلقرقسوكلو ُنمتالضق ِرمآٌنن‬ ‫الشافعي‪" :‬إن ن َّص‬
‫تبياناً لكل شيء‪ ،‬بغير هذا التأويل‪،‬‬ ‫جديدةٍ‪ ،‬أو مؤكِدةٍ‪،‬‬
‫ولا يمكن تفسيره"‪ .2‬ولكن هنا يجب علينا أن ننتبه ولا ننساه‪ ،‬ولا نتغاضى عنه‪ ،‬أن في‬
‫الإسلام ثوابت‪ ،‬لا تتغير مهما تغير الزمان والمكان‪ ،‬ومتغيرات‪ ،‬وهي تتغير بغير الزمان‬

‫والمكان‪ ،‬ولكن بضوابط وقواعد حددها علماء الأصول والفقه‪.‬‬
‫ثوابت الإسلام التي لا تتغير‪:‬‬
‫ثوابت الإسلام التي لا تتغير مهما تغير الزمان والمكان‪ ،‬هي ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬العقائد فإنها ثابتة إلى الأبد‪ ،‬ولا تتغير أحكامها إلا في حالة واحدة‪ ،‬وهي حالة‬
‫الاضطرار‪.‬‬
‫ب‪ -‬العبادات الأصول منها مثل الطهارة الواجبة‪ ،‬والفرائض من الصلاة والصوم والحج‬

‫والزكاة‪ .‬فهي لا يتغير حكمها وعددها وطريقة أدائها‪ ،‬إلا ما يعتري على طريقة أداء بعضها‬
‫من تغير في حالة الأعذار‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫الأول الفصل‬

‫ج‪ -‬المبادئ العامة للأنظمة الإسلامية في المعاملات والحكم والقضاء وغيرها‪ .‬مثل مبدأ‬
‫الشورى‪ .‬ومبدأ حل البيع والشراء والشركة والإيجار والإعارة والعدل والمساواة في الحقوق‬
‫وغيرها‪ .‬ومبدأ حرمة أكل المال بالباطل مثل الربا والرشوة والسرقة والنهب والظلم‪ .‬ومبدأ‬
‫حل النكاح والطلاق والخلع والعدة‪ .‬ومبدأ حرمة العلاقات الجنسية غير الشرعية مثل الزنا‬

‫واللواط وال َّسحاق‪ .‬ومبدأ الحدود والقصاص‪ ،‬وغير ذلك من المبادئ الكثيرة غير المتغيرة‪.‬‬
‫د‪ -‬الأخلاق والقيم مثل جمال الصدق والأمانة والعفة والشجاعة والحلم والكرم وغيرها‬
‫من الأخلاق الحميدة‪ .‬ومثل قبح الكذب والخيانة والدناءة والجبن والبخل وغيرها من‬
‫الأخلاق الذميمة‪ .‬فهذه لا يتغير جمالها أو قبحها تأثراً بالزمان والمكان‪ ،‬إلا في الحالات التي‬

‫أبيح فيها الكذب للمصلحة‪ ،‬وهذه الحالات معروفة ومتعينة لا يقاس عليها‪.‬‬
‫اَواَّّلللِفتتَْبحهِد‪:‬ي‪-‬لً‪3‬اال‪َ2‬و]لَس‪.‬نننوتَقِجااَلدلإلل‪ِ:‬هيُسَةنّ﴿‪َ.‬وَِلتفااقََّتَّلدِجلُِدقتَاْحلِِوليُسلًَنّتاتِنَعاا﴾لتَى[ْح‪:‬فِاويلًطا﴿رَ‪:‬ولَ﴾‪3‬ن[ا‪4‬لتَ]ِإجفَدسطراللِءوُ‪:‬سَنعّ‪ِ7‬ةال‪7‬اَ]َّشّل‪.‬لِم تَوقْبساِديمللً‪:‬نا ال﴾م﴿فَشلَ[ارنلقأتَِجحوَزادغرلِوببهُ‪:‬سَانّ‪2‬فِت‪6‬ي‬
‫المغرب‪ ،‬وخلق الإنسان والحيوان من تلقح نطفة الذكر ببويضة الأنثى‪ ،‬ونزول المطر‪ ،‬وتناوب‬
‫المواسم الصيف والشتاء‪ ،‬والربيع والخريف‪ ،‬وغيرها من السنن الإلهية التي لا تأثير للزمان‬

‫والمكان فيها‪ .‬فلا تتغير‪ ،‬ولا تتبدل إلا إذا شاء الله بقدرته وإرادته‪.‬‬
‫و‪ -‬القضايا الخاصة بالنبي ﷺ مثل وجوب قيام الليل عليه‪ ،‬ووجوب الضحى عليه‪،‬‬

‫وجواز صوم الوصال له‪ ،‬وعدم التزوج على بناته في حياتهن من امرأة أخرى‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫فعدم تأثير تغير الزمان والمكان في هذه الأمور يدل على أنها لات من الثوابت التي لا‬
‫تتغير‪ ،‬ولا تأثير لتغير الزمان والمكان فيها أيما تأثير‪ ،‬إلا في حالات الاضطرار؛ لأن في ثبات‬
‫اتولبعنتابئكرتههاالعأالملوىشرريدحععمةاائياَمةًلإلملسكلميانمجٍةيتةمراعسصاالخلإٍحةةًسللاُاممتْصعيلِصَحمةًنفلابلكهاانلهايالزأمراهنوواالءوذمووبتاكقالنبنا‪،،‬وتوعلالمكملجتالًمبعيعلئ‪،‬ةىواوهمجسذتتهقمارالعث‪،‬رواابلوتفيتشركقيلدع‬

‫بلد ومدينة وقرية‪.‬‬
‫المتغيرات التي قد تتغير‪:‬‬

‫‪3‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫وبجانب ثوابت الإسلام هناك أمور َمِرنة قد تتغير بتغير الزمان والمكان‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما كان تفريعاً على العبادات الأصول‪ ،‬أو تطبيقاً للمبادئ السابقة‪ ،‬كما سيأتي لها‬
‫بعض الأمثلة في الآتي إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ب‪ -‬ما كان من أوامر النبي ﷺ الموجهة إلى أمراء الأمصار وقادة الجنود‪ ،‬واختيار‬
‫السفراء‪ ،‬وتنظيم الجيوش‪ ،‬ووضع الخطط الحربية‪ ،‬وتوزيع الإقطاعات في القرى والمدن‪ ،‬وتفريق‬

‫أموال بيت المال على المصالح‪ ،‬وإبرام المعاهدات‪ ،‬وتحديد التعازير وتنفيذها‪ ،‬وطرق تنفيذ‬
‫الحدود والتعازير‪ ،‬وتحديد الوقت وحالة المحدود لإجرائها‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫ج‪ -‬ماكان منها على سبيل التجارب البشرية‪ ،‬أو الأعراف والعادات‪ ،‬مثل البعض من‬
‫أحاديث الطب وغيرها من أمور الدنيا‪.‬‬
‫د‪ -‬الأفعال الجبلبة للنبي ﷺ والعادية‪ ،‬والأوامر الإرشادية مثل الأكل والشرب والمشي‬

‫والنوم وهيئتها ووسائلها‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫هذه الأمور من المتغيرات التي تمثل مرونة الشريعة الإسلامية‪ ،‬والتي تُِرَك ْت أحكاُمها‬
‫وأعرافهم‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫اللاقجواتعهادداالعتامالةفلقلهاشءريعواةساتلنبتايطتانتهِفميتباعلاًح لرلجظروالومشفقةوا‪،‬لأوحتبواِنيل‪،‬الأوعحوائكادمالنعالىس‬
‫اليسر والسعة‪ ،‬وقد‬
‫أوجبت الشريعة في هذا القسم مراعاة مصالح الناس واحتياجاتهم‪ .‬والأحكام التي تخلفت ‪-‬‬

‫مع مرور الزمن وتغير الأحوال والأعراف ‪ -‬عن تحقيق هذه المصلحة لم تَعُ ْد صالحةً للتطبيق‬
‫في ظل الظروف والأوضاع الجديدة‪ ،‬والحكم ‪ -‬كما هو معلوم ‪ -‬يدور مع علته وجوداً‬
‫وعدماً‪ ،‬ولهذا رأينا كثيراً من الفقهاء المتأخرين من المذاهب الفقهية يفتون بغير ما أفتى به‬
‫أئمة مذاهبهم‪ ،‬وقد صرح هؤلاء المتأخرون بأن سبب اختلاف فتواهم عمن سبقهم هو‬
‫"اختلاف عصر وزمان‪ ،‬وليس اختلاف حجة وبرهان"‪.3‬‬

‫ضوابط تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان‪:‬‬
‫الأمور التي تمثِل مرونة الشريعة الإسلامية‪ ،‬والتي تُِرَك ْت أحكاُمها لاجتهادات الفقهاء‬
‫واستنباطاتهم تبعاً‪ ،‬والتي قد تتغير أو تتطور‪ ،‬هي خاضعة لضوابط؛ لأن ضوابط الشيء تعتبر‬

‫‪4‬‬

‫الأول الفصل‬

‫الصمام الواقي عن طغيان جان ٍب له على جانب‪ ،‬أو إهمال جانب منه دون آخر‪ .‬والناس‬
‫في التعامل مع أحكام الشريعة على جانبي التفريط والإفراط‪ :‬فمنهم من يظن‪ :‬أن السنة –‬
‫مثلا‪ -‬ما هي إلا تطبيق للقرآن في ضوء ظروف وقت نزوله‪ ،‬وانقضت تلك الظروف‪،‬‬
‫فانتهت فعالية السنة‪ ،‬ولم تعُ ْد حجةً قائمةً الآن‪ .‬ومنهم من يقول‪ :‬إنها ليست تابعة للواقع‪،‬‬

‫ولا هي خاضعة للظروف‪ ،‬وإنما هي بجميع جزئياتها ووقائعها دائمة أبدية خالدة‪.‬‬
‫والأمر ليس هذا ولا ذاك‪ ،‬فإن هناك سنناً ثابتة‪ ،‬وسنناً تابعة للظروف والحالات‪،‬‬
‫فتحاشياً هذا الإفراط وذلك التفريط يجب أن يبحث لها عن صمام يقي الأمة من التلاعب‬
‫الشهوي بها‪ ،‬أو التقديس الجامد لها‪ ،‬متمثلاً في ضوابط لمراعاة الزمان والمكان‪ ،‬وها نحن قد‬
‫حاولنا ذلك‪ ،‬وأتينا بهذه الضوابط إيماناً منا "بأن التصرفات النبوية متنوعة‪ ،‬وأنها ليست على‬
‫نسق واحد‪ ،‬ولا في مرتبة واحدة من حيث جهة صدورها عن النبي ﷺ‪ ،‬ومن حيث حكمها‬
‫الشرعي"‪ ،4‬متوصلاً إليها من خلال الأمثلة الكثيرة من واقع السنة وتفاعلات المحدثين من‬

‫الصحابة وغيرهم من علماء الأمة الإسلامية معها‪ ،‬وتنزيلهم إياها على أرض الواقع‪.‬‬
‫الضابط الأول‪ :‬الضرورات الشرعية وحالات الاستثناء‪:‬‬

‫الضرورة هي "أن تطرأ على الإنسان حالةٌ من الخطر أو المشقة الشديدة‪ ،‬بحيث يخاف‬
‫حدوث ضرر أو أذى بالنفس‪ ،‬أو بالعضو‪ ،‬أو بالعرض‪ ،‬أو بالمال‪ ،‬وتوابعها‪ ،‬ويتعين أو يباح‬
‫حينئذ ارتكاب الحرام‪ ،‬أو ترك الواجب‪ ،‬أو تأخيره عن وقته‪ ،‬دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه‪،‬‬

‫ضمن قيود الشرع"‪.5‬‬
‫ومبدأ الضرورة الشرعية ثابت من القرآن ﴿فََم ِن ا ْضطَُّر َغْيرَ بَا ٍغ َوَلا َعاٍد فَلَا إِْثَ َعلَيِْه﴾‬
‫[البقرة‪ ،]173:‬والقاعدة الفقهية تقول‪" :‬الضرورات تبيح المحظورات"‪ ،6‬إلا أن "ما أبيح‬

‫للضرورة يقدر بقدرها"‪.7‬‬
‫وأما السنة فقد وجدنا أن الرسول ﷺ حكم بهذه القاعدة‪ ،‬فأباح ما كان حراماً‪ ،‬أو‬
‫استثنى من القاعدة ما استثنى‪ ،‬أو خصص من العام ما خ َّصص‪ ،‬أو قَيّد من المطلق ما قَيّد‪،‬‬
‫ورَّخص ما رَّخص‪ ،‬وتلك الوقائع ليستكلها على مستوى واحد من الضرورة‪ ،‬فبعضها من‬
‫قبيل الضرورات‪ ،‬وبعضها من قبيل الحاجيات‪ ،‬والبعض الآخر من قبيل التحسينيات‪ ،‬مثل‬

‫‪5‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫إََِوّللجَهاُوْامَمز َعْانلَذناأُطْكٌبِقرهَ بَعَوكِقظَليْلبٌُممهُا﴾ُمت[طاْاللَنمئِكٌحّنفرلبِ‪:‬اْلعِإني‪6‬مَدا‪0‬اِنل‪1‬إ]َوكل‪َ.‬راِكهوأنكعَّمدمهلناًالنبَشبقَريولَحهبِتاﷺلْعاأُكليْفىِر‪:‬ضاً ف﴿َصيَمْدمًانرا َركفَوَفعََلَرىْيِبهِاعَْمبَّّليلِدَغِمالَضنله بٌَببْعنِِمد َإنِعيمَمااَنَّرِّلِولهِ‬
‫الرقي‪ ،‬عن عبد الكريم‪ ،‬عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر‪ ،‬عن أبيه قال‪" :‬أخذ‬
‫المشركون عمار بن ياسر‪ ،‬فلم يتركوه حتى سب النبي ﷺ وذكر آلهتهم بخير ْث تركوه‪ ،‬فلما‬
‫أتى رسول الله ﷺ قال‪« :‬ما وراءك؟» قال‪ :‬شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك‬
‫وذكرت آلهتهم بخير‪ .‬قال‪« :‬كيف تجد قلبك؟» قال‪ :‬مطمئن بالإيمان‪ .‬قال‪« :‬إن عادوا‬
‫فعد»‪ .8‬قلت‪ :‬النطق بالكفر‪ ،‬أو سب النبي ﷺ‪ ،‬أو ذكر آلهة المشركين بخير‪ ،‬كلها من‬
‫قضايا العقائد‪ ،‬لا يجوز في الحالات العادية‪ ،‬ولكن يجوز تحت ضغط الظروف القاسية مثل‬
‫الإكراه بالقتل أو نحوهكما قال الله تعالى‪ ،‬وأكده النبي ﷺ بقوله‪« :‬فإن عادوا فعد»‪ ،‬وليس‬
‫ذلك إلا لأن حياة الإنسان لها قيمة يجب الحفاظ عليها‪ ،‬فمن أراد أن ينقذ حياته به جاز‬

‫له ذلك‪ ،‬ومن أراد العمل بالعزيمة فله أجره‪.‬‬
‫وهناك أمثلة أخرى مثل بول الأعرابي في المسجد‪ ،‬وإباحة الرسول ﷺ لبس الحرير لعبد‬
‫الرحمن بن عوف والزبير بن العَّوام رضي الله عنهما‪ ،‬لحَ َّكٍةكانت بهما‪ ،‬بعد تحريمه على الرجال‬

‫كما هو معروف‪.‬‬
‫الضابط الثاني‪ :‬ما أنيط بأوصاف متغيرة فيتغير بتغيرها‪:‬‬
‫لقد تبين باستقراء الشريعة‪ ،‬وباعتبار عمومها ودوامها أن مقصدها الأعظم نَْو ُط‬
‫أحكامها المختلفة بأحوال وأوصاف مختلفة تقتضي تلك الأحكام‪ .‬وتغير الأحوال‬
‫والأوصاف سنة إلهية في الخلق لا تتغير‪ ،‬ولا تتخلف أبداً‪ .‬فهذا يوجب أن تتغير الأحكام‬
‫بتبدل الأوصاف المرتبطة بها‪ ،‬مثل ما روي عن النبي ﷺ من النهي عن التقاط الإبل الضالة‪،‬‬
‫قال‪« :‬ومالك ولها‪ ،‬معها سقاؤها وحذاؤها‪ ،‬ترد الماء‪ ،‬وترعى الشجر‪ ،‬فذرها حتى يلقاها‬
‫ربها»‪ .9‬فعملاً بهذا الحديث لم تكن الضوال تلتقط‪ ،‬وكان الأمر عليه طوال عهد الرسول‬
‫ﷺ‪ْ ،‬ث عهد أبي بكر الصديق‪ ،‬وعهد عمر بن الخطاب‪ ،‬حتى خلافة عثمان بن عفان‪،‬‬
‫‪ ،‬فرأى أن ذلك النهي منوط بوصف قد يتغير‪ ،‬وهو كونه في حفظ وأمان‪ .‬فلما رأى‬

‫‪6‬‬

‫الأول الفصل‬

‫النا َس قد د َّب إليهم الفساد‪ ،‬وامتدت أيديهم إلى الحرام بدل الحكم‪ ،‬فكان ما يرويه ابن‬
‫شهاب الزهري يقول‪" :‬كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلاً مؤَبّلة‪ 10‬تَنَاتج‪،‬‬
‫لا يم ُّسها أحٌد‪ ،‬حتى إذاكان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها‪ْ ،‬ث تباع‪ ،‬فإذا جاء صاحبها‬
‫مبدأ التقاط الإبل‬ ‫في‬ ‫وافقه‬ ‫عنهم)‬ ‫أبي طالب (رضي الله‬ ‫أن علي بن‬ ‫ثمنَها"‪ .11‬إلا‬ ‫أُحعفِطظَايً‬
‫إن جاء ‪ -‬ضرر به‬ ‫‪-‬‬ ‫ثمنها‬ ‫وإعطاء‬ ‫أنه قد يكون في بيعها‬ ‫ولكنه رأى‬ ‫لها لصاحبها‪،‬‬

‫لأن الثمن لا يغني غناها بذواتها‪ ،‬ومن ْث رأى التقاطها والإنفاق عليها من بيت المال حتى‬
‫إذا جاء ربها أعطيت له‪.12‬‬

‫فما فعله عثمان وعلي رضي الله عنهما لم يكن مخالفةً منهما للنص النبوي‪ ،‬بل‬
‫هو نظٌر أ َّن حكمه ﷺ منوط بحالة تغيرت‪ ،‬فحيث تغيرت أخلاق الناس‪ ،‬ودب إليهم‬
‫فساد الذمم‪ ،‬وامتدت أيديهم إلى الحرام كان ترك الضوال من الإبل والبقر إضاعةً لها‪،‬‬
‫وتفويتاً لها على صاحبها‪ ،‬وهو لم يقصده النبي ﷺ قطعاً حين نهى عن التقاطها‪،‬‬
‫فكان درء هذه المفسدة متعيناً‪.13‬‬
‫ومثل امتناع النبي ﷺ عن التسعير‪ .‬عن أنس قال‪ :‬قال الناس‪ :‬يا رسول الله! غلا السعر‬
‫فسعِر لنا‪ .‬فقال رسول الله ﷺ‪« :‬إن الله هو الم َسعِر القابض الباسط الرازق‪ ،‬وإني لأرجو أن‬
‫ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم‪ ،‬ولا مال»‪ .14‬سياق الحديث وألفاظه يدل‬
‫على أن امتناعه عن التسعير كان مرتبطاً بوصف قد يتغير‪ ،‬وهو أنهم كانوا في حالة غلاٍء‬
‫طبيع ٍي نتيجةَ قانوِن العرض والطلب‪ ،‬أو لقلة الشيء وكثرة الخلق‪ ،‬لا نتيجةً لصنع التجار‬
‫وتلاعبهم‪ ،‬لهذا قال النبي ﷺ‪« :‬إن الله هو المسعِر القابض الباسط» مشيراً إلى أن ندرة‬
‫الأشياء وغلاءهاكان بصنع الله وقدره‪ ،‬لا بتلاعب المتلاعبين‪ ،‬واحتكار المحتكرين‪ ،‬لا سيما‬
‫أن المجتمع آنذاك كان بسيطاً في معاملاته‪ ،‬وكان مثالياً في أخلاقه وسلوكه بالنسبة إلى أي‬
‫مجتمع بعده‪.‬‬
‫وأما إذا تعَّقد المجتمع وتغَيّر الناس‪ ،‬وكثر الطامعون والمتلاعبون بالأسواق فليس في‬
‫الحديث ما يمنع التسعير على هؤلاء‪ ،‬ولا يَُع ُّد ذلك مظلمةً يُخ َشى منهاكما خشي النبي ﷺ‬
‫ذلك في عهده‪ ،‬بل تْرُك جماهير الناس لأهواء التجار الجشعين هو المظلمة التي يجب أن‬

‫‪7‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫تتفادى‪ ،‬وهو الضرر الذي يجب أن يدفع‪ .‬وهذا الذي فهمه فقهاء التابعين‪ ،‬وأفتوا بجوازه‪،‬‬
‫وأخذ به المالكية والحنفية‪ ،‬ورجحه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم‪ ،15‬وبذلك هم تعاملوا مع‬

‫الظروف المقاصدية في هذه القضية‪.‬‬
‫وغيرهما من الأمثلة‪.‬‬

‫الضابط الثالث‪ :‬ما ارتبط بمصالح متغيرة يتغير بتغيرها‪:‬‬
‫لقد راعت الشريعة الإسلامية المصالح في كل جزئياتها‪ ،‬بل هي كما يقول الشاطبي‪:‬‬
‫"إنما شرعت لمصالح العباد‪ ،‬فالتكليف كله إما لدرء مفسدة‪ ،‬وإما لجلب مصلحة‪ ،‬أو لهما‬
‫معاً‪ ،‬فالداخل تحته مقتضى لما وضعت له"‪ .16‬والمصالح في هذه الدنيا من حيث تج ُّددها‬
‫وكثرتها لا تعد ولا تحصى‪ ،‬وجمهور الفقهاء متفقون على أن المصلحة معتبرة في الأخذ‬
‫بالأحكام الفقهية‪ ،‬ما دامت ليست تابعةً لشهوة ولا هوى‪ ،‬وليست معارضةً للنصوص‪،‬‬
‫ومناهضةً لمقاصدها‪ .‬والسبب في ذلك ‪ -‬على ما يظهر للدكتور مصطفى شلبي‪ -17‬أن هذا‬
‫النوع من الأحكام مفوض لرأي الرسول ﷺ باعتباره إماماً للمسلمين‪ .‬ومن تتبع أحوال‬

‫الرسول ﷺ في أجوبته للسائلين وجده لم يسلك فيها مسلكاً واحداً‪:‬‬
‫فتارةً ينتظر الوحيكما في قصتي الظهار واللعان وغيرهما‪ .‬وأخرى يجيب من غير انتظاره‪،‬‬
‫وفي هذا قد يْنزل الوحي ببيان خطئه ومعاتبته كما في مسألة أخذ الفداء والإذن للمعتذرين‬

‫في بعض الغزوات‪.‬‬
‫وقد يرجع هو من غير أن يْنزل عليه الوحي كما في همه بالنهي عن الغيلة‪ ،18‬وهمه‬
‫بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة‪ .‬وكثيراً ما نراه ﷺ يجيب بأجوبة متنوعة‬
‫عن سؤال واحد إذا اختلف السائلون‪ ،‬وأكثر ما يكون ذلك في أفضلية الأعمال‪ ،‬كما‬
‫وجدناه في كثير من المواطن يشاور أصحابه ويأخذ بأصوب الآراء‪ .‬وقد ثبت عنه الإذن‬
‫للمفتين الذين يرسلهم إلى البلدان بأن يفتوا باجتهادهم حسبما يظهر لهم‪ ،‬ولم يقيِدهم‬
‫بالنصوص‪ ،‬أو بالرجوع إليه فيكل ما يَعِ ُّن لهم‪ ،‬كما في قصة معاذ وعلي رضي الله عنهما‪.‬‬
‫كل ذلك يهدينا إلى أن المولى جل وعلا فَّوض إليه الحكم فيكثير من الأشياء‪ ،‬وخاصة‬
‫ما يتعلق بالهيئة الاجتماعية كالمعاملات والعادات وما شابههما حسبما يراه ملائماً‬

‫‪8‬‬

‫الأول الفصل‬

‫للمصلحة‪ ،‬وهو مع ذلك لم يخرج عن كونه شرعاً أصله محكم لا يتبدل‪ ،‬والذي يتبدل فيه‬
‫إنما هو التطبيق فقط‪ .‬فلكل حادثة حكم أصلي عام وهو يح ِصل المصلحة‪ ،‬وعدة أحكام‬

‫جزئيةكل واحد منها يلائم حالةً خاصةً‪.‬‬
‫والأمثلة على هذه النقطة من السنة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬منع النبي ﷺ عن قطع الأيدي في الغزو‪.19‬‬
‫مع أن قطع يد السارق‪ ،‬أو تعزير شارب الخمر بالضرب‪ ،‬أمران مقطوع بهما قانوناً‬
‫وعملاً‪ ،‬وذلك لأن اختيار وقت إجراء الحدود على مجرميها منوط بمصالحهم ومصالح الدولة‪،‬‬
‫كما أشار إلى ذلك عمر بن الخطاب (رضي الله عنهم)‪ ،‬كتب إلى الناس‪" :‬ألا يجلدن أمير‬
‫جيش‪ ،‬ولا سرية‪ ،‬ولا رجل من المسلمين حدا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلا‪ ،‬لئلا تلحقه‬

‫حمية الشيطان‪ ،‬فيلحق بالكفار"‪.20‬‬
‫وقال علقمة‪ :‬كنا في جيش في أرض الروم‪ ،‬ومعنا حذيفة بن اليمان‪ ،‬وعلينا الوليد بن‬
‫عقبة فشرب الخمر‪ ،‬فأردنا أن نحده‪ ،‬فقال حذيفة‪" :‬أتحدون أميركم‪ ،‬وقد دنوتم من عدوكم؛‬

‫فيطمعوا فيكم"‪.21‬‬
‫اتضح أن المصلحة هي خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى الله من تعطيله أو‬
‫تأخيره؛ من لحوق صاحبه بالمشركين حميةً وغضباً إن كان رجلاً عادياً‪ ،‬أو طمع العدو فيه‬

‫إنكان أميراً أو قائداً‪.‬‬
‫وتأخير النبي ﷺ تنفيذ حد الزنا على المرأة الغامدية الحامل لحين تلد ويفطم الولد‪.‬‬
‫وتقسيم النبي ﷺ نصف خيبر بين الفاتحين‪ ،‬وذلك في شدة حاجة المسلمين في عهده‪،‬‬
‫ولكن عمر (رضي الله عنهم) لم يقسم ما فتحه من أرض الشام والعراق ومصر وغيرها‪،‬‬
‫ورأى إبقاءه في أيدي أربابه‪ ،‬ويفرض الخراج على الأرض ليكون مدداً دائماً لأجيال‬
‫المسلمين‪ ،‬قال في ذلك ابن قدامة الحنبلي‪" :‬وقسمة النبي ﷺ خيبر كان في بدء الإسلام‬
‫وشدة الحاجة‪ ،‬فكانت المصلحة فيه‪ ،‬وقد تعينت المصلحة فيما بعد ذلك في وقف‬

‫الأرض فكان ذلك هو الواجب"‪.22‬‬
‫الضابط الرابع‪ :‬ما بني على الأعراف والعادات فيتغير بتغيرها‪:‬‬

‫‪9‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫لا شك في أن للعرف والعادة سلطاناً أيما سلطان‪ ،‬وقد اعترفت الشريعة الإسلامية بهذا‬
‫السلطان‪ ،‬وراعته في أحكامها‪ ،‬ورأينا في السنة أحكاماً تغيرت بعد عصر النبي ﷺ؛ لأنها‬
‫الأعراف والعادات فتغيرت الأحكام‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫والعادات‪ ،‬فتغيرت‬ ‫على الأعراف‬ ‫كانت مبنيةً‬
‫قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغَُّرةٍ عب ٍد‬ ‫«أن رسول الله ﷺ‬ ‫رواه أبو هريرة‬ ‫‪ -1‬ما‬
‫توفيت‪« ،‬فقضى رسول الله ﷺ أن ميراثها‬ ‫قضى عليها بالغرة‬ ‫إن المرأة التي‬ ‫أو أمٍة»‪ْ ،‬ث‬
‫لبنيها وزوجها‪ ،‬وأن العقل على عصبتها»‪ .23‬فقضاؤه ﷺ بالدية على عاقلة الجاني ‪ -‬وهم‬
‫عصبته ‪ -‬في قتل الخطأ وشبه العمد‪ ،‬كان في زم ٍن كان العرف فيه أن العصبة محور النصرة‬

‫والمدد‪.‬‬
‫ولذلك لما كان زمن عمر (رضي الله عنهم) جعلها على أهل الديوان‪ ،‬على أساس أن‬
‫العاقلة هم الذين ينصرونه ويعينوه من غير تعيين‪ ،‬فإن كان في زم ٍن ‪ -‬كما كان في زمنه‬
‫ﷺ‪ -‬الناصر والمعين هو الأقارب فالدية عليهم‪ ،‬وإن كان في زم ٍن غيَرهم فالدية عليهم‪،‬‬
‫فلذلك لما وضع عمر (رضي الله عنهم) الديوان كان معلوماً أن جندكل مدينة ينصر بعضه‬
‫بعضاً‪ ،‬ويعين بعضه بعضاً؛ وإن لم يكونوا أقارب‪ ،‬فكانوا هم العاقلة‪ ،‬وأنها تختلف باختلاف‬
‫الأعراف والعادات‪ ،‬وإلا فرجل قد سكن بالمغرب وهناك من ينصره ويعينه‪ ،‬كيف تكون‬
‫عاقلته َم ْن بالمشرق في مملكة أخرى‪ ،‬ولعل أخباره قد انقطعت عنهم‪ .‬ولكن الميراث يمكن‬
‫حفظه للغائب فإن النبي ﷺ قضى في المرأة القاتلة أن عقلها على عصبتها‪ ،‬وأن ميراثها‬
‫لزوجها وبينها‪ ،‬فالوارث غير العاقلة‪.‬‬
‫ومثل ما قال ابن مسعود (رضي الله عنهم)‪« :‬لعن الله الواشمات‪ ،‬والموتشمات‪،‬‬
‫والمتنمصات‪ ،‬والمتفلجات للحسن‪ ،‬المغيرات خلق الله»‪ .24‬وقال ابن عمر‪« :‬إن رسول الله‬
‫لعن الواصلة والمستوصلة ‪.25»...‬‬
‫قال ابن عاشور في معرض حديثه عن العوائد‪" :‬إن تحريم وصل الشعر وتفليج الأسنان‬

‫والوشم في حديث ابن مسعود من هذا القبيل؛ فإن الفهم يكاد يضل في هذا؛ إذ يرى ذلك‬
‫صنفاً من أصناف التزين المأذون في جنسه للمرأةكالتحمير والخلوق والسواك‪ ،‬فيتعجب من النهي‬

‫‪10‬‬

‫الأول الفصل‬

‫الغليظ عنه"‪ْ .‬ث قال‪" :‬ووجهه عندي ‪ ...‬أن تلك الأحوالكانت في العرب أمارات على ضعف‬
‫حصانة المرأة‪ ،‬فالنهي عنها نهي عن الباعث عليها‪ ،‬أو عن التعرض لهتك العرض بسببها"‪.26‬‬

‫فيرى ابن عاشور أن وصل الشعر والوشم وتفليج الأسنان والتنمص هو مما تتزين به‬
‫المرأة‪ ،‬فهو عنده مثل التحمير والخلوق والسواك‪ْ ،‬ث فسر الحديث في ضوء العرف القائم‬
‫آنذاك في العرب بأن هذه الأشياء كانت تمارسها الفواجر اللاتي لم تكن لهن الحصانة‪،‬‬
‫فأصبحت هذه الأشياء أمارات لهن‪ ،‬فنهيت النساء المحصنات عن ذلك منعاً لتعريض‬
‫أعراضهن للهتك‪ ،‬ولذلك قال بعض الحنابلة‪" :‬إن كان النمص أشهر شعاراً للفواجر امتنع‪،‬‬
‫وإلا فيكون تَنْزيهاً"‪ .27‬قلت‪:‬كما تعمل الممثلات السينمائيات والفواجر في زماننا‪ .‬لعل ابن‬
‫عاشور على الصواب في هذا التوجيه للحديث لأن العلماء لم يأخذوا به على عمومه‪ ،‬فقد‬
‫قال الشافعية والحنابلة‪ :‬يجوز للمرأة التي لها زوج أن تصل شعرها بالشعر الطاهر من غير‬

‫الآدمي بإذن زوجها‪.28‬‬
‫وقال الإمام النووي‪" :‬يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحيةٌ أو شار ٌب أو َعْن َفَقةٌ‬
‫فلا يحرم عليه إزالتها‪ ،‬بل يستحب"‪ .29‬وقال العلماء‪" :‬ويجوز الحف والتحمير والنقش‬

‫والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة"‪.30‬‬
‫الضابط الخامس‪ :‬ما ارتبط بالزمان والمكان فيتغير بتغيرهما‪:‬‬
‫وكذلك ما ارتبط من أحكام السنة بالزمان أو المكان رأينا أنها تتغير بتغيرهما‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫ما روي في رؤية الهلال للصوم والفطر‪ :‬عن أبي هريرة (رضي الله عنهم) أن النبي ﷺ‬
‫ُغ ِم َي‬
‫«فأكملوا‬ ‫رواية‪:‬‬ ‫وفي‬ ‫العدد»‪.‬‬ ‫فأكملوا‬ ‫عليكم‬ ‫فإن‬ ‫لرؤيته‪،‬‬ ‫«صوموا لرؤيته‪ ،‬وأفطروا‬ ‫قال‪:‬‬
‫شعبان ثلاثين»‪.31‬‬ ‫عدة‬
‫هذا الحديث من أوضح الأمثلة على أن الأمر برؤية الهلال لصوم رمضان‪ ،‬ولإفطاره‬
‫كان مرتبطاً بزما ٍن لم يكن فيه للقطع ببداية رمضان أو فطره إلا هذه الطريقة‪ ،‬لأنها التي‬
‫كانت ممكنة مقدورة لجمهور الناس‪ ،‬دون عناء أو مشقة‪ ،‬فجرى ذكرها على لسان الشارع‬

‫عليه الصلاة والسلام‪ ،‬على أنها الواقع المحسوس الملموس لدى الجميع‪ ،‬لا على أنها قيد‬

‫‪11‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫احترز به عن غيره‪ ،‬كالحساب الفلكي الذي هو أبعد عن احتمال الخطأ والوهم والكذب‬
‫في دخول الشهر‪ ،‬وهو الآن ميسور غير معسور‪ ،‬بفضل وجود علماء وخبراء فلكيين‬

‫متخصصين على المستوى العالمي‪.‬‬
‫فإذاكان دخول الشهر برؤية الهلال ممكناً بإخبار شخص واحد عند الجمهور‪ ،‬أو اثنين‬
‫عند آخرين‪ ،‬والذي لم يبلغ درجة القطع واليقين‪ ،‬فدخوله يكون ممكناً من باب أولى بإخبار‬
‫متخصصين في الفلكيات الذي هو في درجة القطع واليقين‪ .32‬وفيه قط ٌع لدابر الخلافات‬

‫التي تحدث فيكل رمضان وعيد الفطر‪ ،‬خاصة في بلاد الهند‪.‬‬
‫ومثل نهيه ﷺ عنكتابة الأحاديث فيما قال‪« :‬لا تكتبوا عني‪ ،‬ومنكتب عني غير القرآن‬
‫فليمحه»‪ ،33‬كان هذا النهي عاماً لكل الصحابة‪ ،‬وكان السبب الملموس لذلك الخشيةَ من‬
‫التباس القرآن بالحديث‪ ،‬وتركيز العناية على القرآن‪ ،‬وحثهم على حفظ الحديث في الصدور طالما‬
‫أنه المصدر الثاني بعد القرآن للتشريع‪ ،‬فماذا وراء موافقته علىكتابة بعض الأحاديث لبعض‬
‫الصحابة؟ فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنهم) قال‪" :‬ما من أصحاب النبي‬
‫ﷺ أحد أكثر حديثا عنه مني‪ ،‬إلا ما كان من عبد الله بن عمرو‪ ،‬فإنه كان يكتب‪ ،‬ولا‬
‫أكتب"‪ .34‬وقال عبد الله هذا‪" :‬كنت أكتبكل شيء أسمعه من رسول الله ﷺ‪ ،‬أريد حفظه‪،‬‬
‫فنهتني قريش وقالوا‪ :‬أتكتبكل شيء تسمعه ورسول الله ﷺ بشر يتكلم في الغضب والرضا‪،‬‬
‫فأمسكت عن الكتاب‪ ،‬فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ‪ ،‬فأومأ بأصبعه إلى فيه‪ ،‬فقال‪« :‬اكتب‪،‬‬
‫فوالذي نفسي بيده! ما يخرج منه إلا حق»‪ .35‬وقدكتب عبد الله بن عمرو ألفاً من الأحادث‬
‫في صحف سماها (الصحيفة الصادقة)‪ ،‬وبقيت هذه الصحيفة في عائلته‪ ،‬فكان حفيده (عمرو‬
‫بن شعيب) يحدث على أساسها‪ ،‬ويروي أحاديثها‪ ،‬وقد ض َّمن بعضها الإمام أحمد بن حنبل‬

‫مسنده‪.‬‬
‫وروى البخاري ومسلم أن أبا شاه اليمني التمس من الرسول ﷺ أن يكتب له شيئا مما‬

‫سمعه منه في خطبة فتح مكة في حقوق الإنسان‪ ،‬فأذن وقال‪« :‬اكتبوا لأبي شاه»‬
‫‪.36‬‬

‫‪12‬‬

‫الأول الفصل‬

‫هناك كثير من الأخبار الصحيحة تدل على أن بعض الصحابة كتبوا أحاديث‪ ،‬وأن‬
‫الرسول ﷺ كان يأذن لهم في ذلك‪ ،‬وما ذاك إلا لوثوقه بدقة هؤلاء‪ ،‬وعدم خوف الالتباس‬
‫عليهم‪ ،‬في حين كان النهي لمن يخشى‪ ،‬أو يُخشى عليه الالتباس‪ ،‬وهذا يعني أن النهي كان‬
‫لعلة مفهومة مقدرة ‪ ،‬فإذا زالت العلة عند شخص ارتفع النهي وزال المنع‪ ،‬وبعبارة أخرى‪:‬‬
‫هذان الموقفان من الإذن والنهي لم يكونا إلا لظروف المأذون لهم بالكتابة من أمنهم الالتباس‪،‬‬

‫ولظروف المنهيين عنها مخافة الالتباس عليهم‪.‬‬
‫الضابط السادس‪ :‬ما صدر عنه ﷺ سداً للذرائع‪:‬‬
‫إن الأصل في اعتبار سد الذرائع لتغيير الأحكام إنما هو النظر إلى مآلات الأفعال‪ ،‬فإن‬
‫كانت تتجه نحو المصالح كانت مطلوبة بمقدار ما يناسب طلب هذه المصلحة؛ وإنكانت‬
‫لا تساويها في الطلب‪ .‬وكذا إن كانت مآلاتها تتجه نحو المفاسد فإنها تكون محرمة بما‬
‫يتناسب مع تحريم هذه المفسدة‪.‬كما أن النظر في المآلات لا يكون بحسب مقصد الفاعل‪،‬‬
‫بل بحسب نتيجة العمل وثمرته‪ .‬وهذه القاعدة قد وجدنا لها حضوراً لا بأس به في الحديث‬

‫والفقه‪ ،‬منه‪:‬‬

‫‪ -1‬امتناع النبي ﷺ عن قتل المنافقين‪ :‬قدكان النبي ﷺ يعلم بأعيان بعضهم؛ لأن الأمة‬

‫كانت في حالة ضعف‪،‬كانت في حاجة إلى منعة وقوة‪ ،‬إلىكسب عددكبير من الأتباع والأنصار‪،‬‬
‫مما تطلب منه تحاشي أي عمل يخشى منه شق عصا الأمة الفتية‪ْ ،‬ث قتلها في مهدها‪ ،‬لذلككانت‬
‫سياسته عليه الصلاة والسلام تجاهه سياسة تأليف قلب‪ ،‬وسياسة ممالاة‪ ،‬بغية تقليص ضرره على‬
‫الأمة‪ ،‬وإبعاد التهمة بقتل أصحابه عن نفسه‪،‬كما قال لعمر‪« :‬دعه‪ ،‬لا يتحَّد ُث النا ُس أن محمداً‬
‫يَقتُل أصحابَه»‪ ،37‬خشية أن يقع بسبب ذلك تنفير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام‪،‬‬

‫حيث يأخذون بظواهر الأمور‪ ،‬ولا يعلمون بواطنها‪.‬‬
‫َِفنْْيلَِﷺبهِْئاِرعُرنَذءُْروقَوتاُسَلن‪،‬الَلبِفَْيََّشقديَاابَلِطنيَرانُلسأ»و‪.‬عُل قاُصَْلَّّلملِاُتل‪:‬ذﷺيَاي‪:‬‬
‫‪ -2‬ومن هذا القبيل ما روته عائشة في امتناع النبي‬
‫َوَو َضَعهَ‬ ‫الطَْحلَِْنِّاعِءَ‪،‬نْلَأٍَةْوذََكَكأٍَرَّن‪،‬‬ ‫َو ُج ِف‬ ‫«سيَاحرهَعاِئِفيَشةُُم!ْشَكٍأَط َّنَوُمَماَشءَاَهطَاٍة‬
‫ُرءُو َس‬ ‫نَُقا َعةُ‬

‫‪13‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫َشًّرا»‪،‬‬ ‫فِيِه‬ ‫الَنّا ِس‬ ‫َعلَى‬ ‫أُثَ ِوَر‬ ‫أَ ْن‬ ‫فَ َكِرْه ُت‬ ‫قَا َل‪ :‬قَْد َعافَاِني اََّّللُ‬ ‫فََرأَُسَمَورَلبِهَااََّّلفِلَ!ُدفِأنََفَلْتاَ‪.‬ا ْوسفتَيْ‪:‬خَر ْ«جأُتَثِهُْيرُ؟‬
‫على الناس شًّرا»‪.38‬‬
‫قال النووي‪ :‬وأخبر أن الله تعالى قد عافاه‪ ،‬وأنه يخاف من إخراجه وإحرقه‪ ،‬وإشاعة‬
‫هذا‪ ،‬ضرراً وشراً على المسلمين من تذكر السحر أو تعلمه‪ ،‬وشيوعه والحديث فيه‪ ،‬أو إيذاء‬
‫فاعله‪ ،‬فيحمله ذلك‪ ،‬أو يحمل بعض أهله ومحبيه والمتعصبين له من المنافقين وغيرهم على‬

‫سحر الناس وأذاهم‪ ،‬وانتصابهم لمناكدة المسلمين بذلك‪ ،‬هذا من باب ترك مصلحة لخوف‬
‫مفسدة أعظم منها‪ ،‬وهو من أهم قواعد الإسلام"‪ .39‬وقال القرطبي‪" :‬لأن ترك قتل لبيد بن‬
‫الأعصمكان لخشية أن يثير بسبب قتله فتنةً‪ ،‬أو لئلا ينفر الناس عن الدخول في الإسلام"‪.40‬‬
‫وبهذا قد توصلنا إلى أن توجيهات الإسلام وتعليماته ليست لعبة يلعب بها أي واحد‪،‬‬
‫أو يعبث بها أي عابث‪ ،‬بل هناك قواعد وضوابط صارمة يخضع لها بقاؤها أو تغيرها‪ .‬ونرجو‬

‫من الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وعلماءنا التوفيق والسداد‪.‬‬

‫النتائج‪:‬‬

‫توصلنا في نهاية المطاف إلى ما يلي من النتائج‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تجديد الفكر الإسلامي ليبس جديدا علينا‪ ،‬إلا بالاسم‪ ،‬وقد كان له وجود في‬

‫القديم أيضا بعناوين أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن في الإسلام ثوابت لا يمكن تجديدها أو تغييرها‪ ،‬مهما تغيرت الظروف إلا في‬

‫حالة الاضطرار‪.‬‬
‫‪ -3‬وكذلك فيه متغيرات قد تتغير بتغير الظروف والحالات‪.‬‬
‫‪ -4‬وهذه الأمور التي قد تتغير بتغير الظروف والحالات‪ ،‬لا تتغير إلا بعد خضوعها‬

‫لضوابط‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫أثناء دراستي لهذا الموضوع خطر ببالي من التوصيات ما يلي‪:‬‬

‫‪14‬‬

‫الأول الفصل‬

‫‪ -1‬لا يسمح لتجديد أو تحديث فكر من الأفكار المتعلقة بالإسلام‪ ،‬إلا لعلماء‬
‫الإسلام المتخصصين في الأمور الدينية من العقيدة‪ ،‬والقرآن والسنة‪ ،‬والفقه وأصوله‪ ،‬ولا‬

‫يسمح لأي من علماء الطبيعة‪ ،‬أو الاجتماع‪ ،‬وغيرهما من العلوم الإنسانية بالخوض فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬تشكل لجنة أو يفتح مركز في الجامعات للبحث في نصوص القرآن والسنة عما فيه‬

‫نوع من المرونة أو صلاحية للتغير‪.‬‬
‫________________‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫• ابن الأثير‪ ،‬المبارك بن حمد الجزري‪ ،‬النهاية في غريب الحديث‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد‬
‫الزواوي وزميله الطناحي‪( ،‬مكة المكرمة‪ :‬المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض‬

‫الشيخ‪ ،‬ط‪ ،1‬عام ‪1382‬ه)‪.‬‬
‫• ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أحمد بن عبد السلام بن عبد الحليم بن عبد السلام‪ ،‬الحسبة‪،‬‬

‫(المكتبة الشاملة‪ ،‬بدون أي معلومات عن النشر)‪.‬‬
‫• ابن جرير‪ ،‬محمد بن جرير بن يزيد بنكثير بن غالب أبو جعفر الطبري‪ ،‬جامع البيان‬
‫في تأويل القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1420‬ه‪2000/‬م)‪.‬‬
‫• ابن حجر‪ ،‬أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد العسقلاني‪ ،‬فتح الباري‬
‫شرح صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين‬

‫الخطيب‪ ،‬ترقيم‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد الحنفي‪ ،‬الرسائل‪( ،‬لاهور‪:‬‬

‫سهيل إكيدمي‪1976 ،‬م)‪.‬‬
‫• ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي‪ ،‬مقاصد الشريعة‬
‫الإسلامية‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور محمد الطاهر الميساوي‪( ،‬ماليزيا‪ :‬البصائر للإنتاج العلمي‪،‬‬

‫ط‪1998 ،1‬م)‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫• ابن قدامة‪ ،‬عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد‪ ،‬المغني‪( ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪1983 ،‬م)‪.‬‬

‫• ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس الدين أبو عبد الله الزرعي‪،‬‬
‫إعلام الموِقّعين عن رب العالمين‪( ،‬مصر‪ :‬مكتبة السعادة‪ ،‬ط‪1374 ،1‬ه)‪.‬‬

‫• ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس الدين أبو عبد الله الزرعي‪،‬‬
‫الطرق الحكمية في لسياسة الشرعية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد جميل غازي‪( ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة‬

‫المدني‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• ابن نجيم‪ ،‬زين بن نجم بن إبراهيم بن محمد المصري‪ ،‬الأشباه والنظائر مع نزهة النواظر‬

‫على الأشباه والنظائر لابن عابدين‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• أبو داود‪ ،‬سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬عزت‬

‫عبيد الدعاس وزميله‪( ،‬حمص‪ :‬دار الحديث‪ ،‬ط‪1976 ،1‬م)‪.‬‬
‫• أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني‪ ،‬المسند‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر العربي‪،‬‬

‫د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬

‫عبد القادر عطا‪( ،‬مكة المكرمة‪ :‬مكتبة دار الباز‪ ،‬د‪.‬ط‪1994 ،‬م)‪.‬‬
‫• الترمذي‪ ،‬أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ أحمد شاكر‬

‫وآخرين‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• الحاكم‪ ،‬محمد بن عبد الله أبو عبد الله النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪،‬‬

‫(بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬الفقه الإسلامي وأدلته‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1996 ،3‬م)‪.‬‬
‫• الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬نظرية الضرورة الشرعية‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪،2‬‬

‫‪1399‬ه‪1979/‬م)‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫الأول الفصل‬

‫• الزرقاني‪ ،‬محمد بن عبد الباقي بن يوسف‪ ،‬شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك‪( ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1411 ،1‬ه)‪.‬‬

‫• سعيد بن منصور‪ ،‬ابن شعبة أبو عثمان الخراساني الجوزجاني‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب‬
‫الرحمن الأعظمي‪( ،‬مومبائي بالهند‪ :‬الدار السلفية‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1982/‬م)‪.‬‬

‫• الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي‪ ،‬الموافقات‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪1999‬م)‪.‬‬

‫• الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس‪ ،‬الأم‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪1993 ،2‬م)‪.‬‬
‫• شلبي‪ ،‬محمد مصطفى‪ ،‬تعليل الأحكام‪( ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• العثماني‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬تصرفات الرسول ﷺ بالإمامة"‪ ،‬مقال منشور في مجلة‬

‫إسلامية المعرفة‪ ،‬العدد‪ ،24‬ص‪.13‬‬
‫• القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ ،‬كيف نتعامل مع السنة‪( ،‬أمريكا‪ :‬المعهد العالمي للفكر‬

‫الإسلامي‪ ،‬ط‪1991 ،3‬م)‪.‬‬
‫• مالك بن أنس الأصبحي المدني‪ ،‬الموطأ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فواد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬

‫إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫• مسلم‪ ،‬ابن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري‪ ،‬الصحيح‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد‬

‫الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪1954 ،‬م)‪.‬‬
‫• المناوي‪ ،‬عبد الرؤوف‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪،2‬‬

‫‪1391‬ه)‪.‬‬
‫• النسائي‪ ،‬أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن‪ ،‬السنن المجتبى‪ ،‬ترقيم‪ :‬الشيخ عبد الفتاح‬

‫أبو غدة‪( ،‬حلب‪ :‬مكتب المطبوعات الإسلامية‪ ،‬ط‪1986 ،2‬م)‪.‬‬
‫• النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري‪ ،‬شرح صحيح مسلم‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪،‬‬

‫د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ 1‬بروفسور بقسم دراسات القرآن والسنة‪،‬كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية‪ ،‬الجامعة الإسلامية العالمية‬
‫بماليزيا‪.‬‬

‫‪[email protected]‬‬
‫‪ 2‬الإمام الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس‪ ،‬الأم‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪1993 ،2‬م)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪ 373‬وما‬

‫بعدها‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد الحنفي‪ ،‬الرسائل‪( ،‬لاهور‪ :‬سهيل إكيدمي‪،‬‬

‫‪1976‬م)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.124-123‬‬
‫‪ 4‬العثماني‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬تصرفات الرسول ‪ ‬بالإمامة"‪ ،‬مقال منشور في مجلة إسلامية المعرفة‪ ،‬العدد‪،24‬‬

‫ص‪.13‬‬
‫‪ 5‬وهبة الزحيلي‪ ،‬نظرية الضرورة الشرعية‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1399 ،2‬ه‪1979/‬م)‪ ،‬ص‪-67‬‬

‫‪.68‬‬
‫‪ 6‬ابن نجيم‪ ،‬زين بن نجم بن إبراهيم بن محمد المصري‪ ،‬الأشباه والنظائر مع نزهة النواظر على الأشباه‬

‫والنظائر لابن عابدين‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ 7‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫‪ 8‬أخرجه ابن جرير‪ ،‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري‪ ،‬جامع البيان في‬
‫تأويل القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000/‬م)‪،‬‬
‫ج‪ ،14‬ص‪182‬؛ والحاكم‪ ،‬محمد بن عبد الله أبو عبد الله النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت) – واللفظ له – في المستدرك على الصحيحين‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪ 389‬رقم‪( 3362‬وعنه البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر‪ ،‬السنن الكبرى‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪( ،‬مكة المكرمة‪ :‬مكتبة دار الباز‪ ،‬د‪.‬ط‪1994 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪208‬‬
‫رقم‪ .)16673‬وصححه الحاكم على شرط الشيخين‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ .‬قلت‪ :‬هو حسن لأن أبا‬
‫عبيدة وثقه ابن معين وعبد الله بن أحمد‪ .‬وقال ابن أبي حاتم في قول‪" :‬منكر الحديث"‪ ،‬وقال في‬
‫أخرى‪" :‬صحيح الحديث"‪ .‬وقال فيه ابن حجر‪" :‬مقبول" على اصطلاحه في التقريب‪ .‬فالرجل لا‬

‫يقل حديثه عن درجة الحسن‪.‬‬
‫‪ 9‬أخرجه البخاري‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن إسماعيل‪ ،‬الصحيح‪ ،‬كما في فتح الباري شرح صحيح‬
‫البخاري لابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن محمد بن أحمد العسقلاني‪ ،‬ترقيم‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت )‪،‬كتاب العلم‪ ،‬رقم‪ ،91‬ومسلم‪ ،‬ابن الحجاج أبو الحسين‬

‫‪18‬‬

‫الأول الفصل‬

‫القشيري النيسابوري‪ ،‬الصحيح‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫‪1954‬م)‪،‬كتاب اللقطة‪ ،‬رقم‪ ،1‬ومالك في الموطأ‪ ،‬الأقضية‪ ،‬رقم‪.46‬‬

‫‪ 10‬مؤبلة‪:‬كمعظمة‪ ،‬هي في الأصل المجعولة للقنيةكما قال الجوهري وغيره‪ ،‬فهو تشبيه بليغ بحذف الأداة‬
‫أيكالمؤبلة المقتناة في عدم تعرض أحد إليها واجتزائها بالكلأكما أوضحه بقوله‪ :‬تناتج بحذف إحدى‬
‫التائين أي تتناتج بعضها بعضاكالمقتناة‪ .‬الزرقاني‪ ،‬محمد بن عبد الباقي بن يوسف‪ ،‬شرح الزرقاني على‬
‫موطأ الإمام مالك‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1411 ،1‬ه)‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ .69‬ومهملة مرسلة‪ .‬انظر‪ :‬ابن‬
‫الأثير‪ ،‬المبارك بن حمد الجزري‪ ،‬النهاية في غريب الحديث‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد الزواوي وزميله الطناحي‪،‬‬
‫(مكة المكرمة‪ :‬المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ‪ ،‬ط‪ ،1‬عام ‪1382‬ه)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.16‬‬
‫‪ 11‬رواه مالك بن أنس الأصبحي المدني‪ ،‬الموطأ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فواد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث‬

‫العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬الأقضية‪ ،‬باب القضاء في الضوال‪ ،‬رقم‪.51‬‬
‫‪ 12‬القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ ،‬كيف نتعامل مع السنة‪( ،‬أمريكا‪ :‬المعهد العالمي للفكر الإسلامي‪ ،‬ط‪،3‬‬

‫‪1991‬م)‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ 13‬انظر المصدر السابق‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ 14‬أخرجه أبو داود‪ ،‬سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬عزت عبيد‬
‫الدعاس وزميله‪( ،‬حمص‪ :‬دار الحديث‪ ،‬ط‪1976 ،1‬م)‪ ،‬البيوع‪ ،‬رقم‪3451‬؛ والترمذي‪ ،‬أبو عيسى محمد‬
‫بن عيسى بن سورة‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ أحمد شاكر وآخرين‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬البيوع‪ ،‬رقم‪ 1314‬وح َّسنه‪.‬‬
‫‪ 15‬ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أحمد بن عبد السلام بن عبد الحليم بن عبد السلام‪ ،‬الحسبة‪( ،‬المكتبة الشاملة‪،‬‬
‫بدون أي معلومات عن النشر)‪ ،‬ص‪ 28‬و‪53‬؛ وابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس‬
‫الدين أبو عبد الله الزرعي‪ ،‬الطرق الحكمية في لسياسة الشرعية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد جميل غازي‪( ،‬القاهرة‪:‬‬
‫مطبعة المدني‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪ ،356‬و‪.376‬‬
‫‪ 16‬الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي‪ ،‬الموافقات‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪1999 ،4‬م)‪،‬‬

‫ج‪ ،1‬ص‪.199‬‬
‫‪ 17‬شلبي‪ ،‬محمد مصطفى‪ ،‬تعليل الأحكام‪( ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ 18‬روى مسلم في صحيحه‪،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب جواز الغِيلة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪1066‬رقم‪ 1442‬عن جدامة‬
‫بنت وهب الأسدية أنها سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬لقد هممت أن أنهى عن الغيلة‪ ،‬حتى ذُكِر ُت‬
‫أن الروم وفارس يصنعون ذلك‪ ،‬فلا يضر أولادهم»‪ .‬وفي المناوي‪ ،‬عبد الرؤوف‪ ،‬فيض القدير شرح‬

‫‪19‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫الجامع الصغير‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪1391 ،2‬ه)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪" 280‬الغِيلة جماع مرضع أو‬
‫حامل‪...‬كانت العرب يحترزون عنها‪ ،‬ويزعمون أنها تضر الولد‪ ،‬وهو من المشهورات الذائعة بينهم"‪.‬‬
‫‪ 19‬أخرجه الترمذي في سننه‪ ،‬الحدود‪ ،‬برقم‪1450‬وقال‪" :‬حسن"؛ وأبو داود في سننه‪ ،‬الحدود برقم‪4408‬؛‬
‫والنسائي‪ ،‬أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن‪ ،‬السنن المجتبى‪ ،‬ترقيم‪ :‬الشيخ عبد الفتاح أبو غدة‪( ،‬حلب‪:‬‬

‫مكتب المطبوعات الإسلامية‪ ،‬ط‪1986 ،2‬م)‪ ،‬برقم‪.4982‬‬
‫‪ 20‬رواه سعيد بن منصور‪ ،‬ابن شعبة أبو عثمان الخراساني الجوزجاني‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن‬
‫الأعظمي‪( ،‬مومبائي بالهند‪ :‬الدار السلفية‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1982/‬م)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪،235‬‬

‫رقم‪ ،2500‬والبيهقي‪ ،‬في السنن الكبرى‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.105‬‬
‫‪ 21‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس الدين أبو عبد الله الزرعي‪ ،‬إعلام الموِقّعين عن‬

‫رب العالمين‪( ،‬مصر‪ :‬مكتبة السعادة‪ ،‬ط‪1374 ،1‬ه)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.17‬‬
‫‪ 22‬ابن قدامة‪ ،‬عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد‪ ،‬المغني‪( ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1983‬م)‪،‬كتاب الزكاة ‪،‬باب زكاة الزرع والثمار‪ ،‬فصل وما استأنف المسلمون فتحه‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.189‬‬
‫ولعله قصد بقوله‪" :‬في بدء الإسلام" زمن النبي ‪ ،‬لا البدء الحقيقي لأن خيبر فتحت في السنة‬

‫السابعة‪ ،‬وهي من أواخر زمن النبي ‪ ،‬ولكنه بداية الإسلام بالمقارنة مع العهود التالية‪.‬‬
‫‪ 23‬أخرجه البخاري في صحيحه‪،‬كتاب المحاربين‪ ،‬باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا‬
‫على الولد‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪ 2532‬رقم‪6511‬؛ ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب القسامة والمحاربين والقصاص‬
‫والديات‪ ،‬باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪1309‬‬

‫رقم‪.1681‬‬
‫‪ 24‬رواه البخاري في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ 1853‬رقم‪ ،4604‬وبأرقام‪ .5599 ،5594 ،5584‬ورواه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬موقوفاً ومرفوعاً برقم‪2125‬؛ ورواه مرفوعاً عنه الترمذي في سننه‪ ،‬برقم‪،2782‬‬

‫وغيرهم‪.‬‬
‫‪ 25‬رواه البخاري في صحيحه‪ ،‬برقم‪5593‬؛ ومسلم في صحيحه‪ ،‬برقم‪ ،2124‬وغيرهما‪.‬‬
‫‪ 26‬ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي‪ ،‬مقاصد الشريعة الإسلامية‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫الدكتور محمد الطاهر الميساوي‪( ،‬ماليزيا‪ :‬البصائر للإنتاج العلمي‪ ،‬ط‪1998 ،1‬م)‪ ،‬ص‪.228‬‬

‫‪ 27‬انظر‪ :‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري في شرح هذا الحديث‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.376‬‬
‫‪ 28‬الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬الفقه الإسلامي وأدلته‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1996 ،3‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.312‬‬

‫‪ 29‬نقله ابن حجر في فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.378‬‬

‫‪20‬‬

‫الأول الفصل‬

‫‪ 30‬انظر المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 31‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ 674‬رقم‪1810‬؛ ومسلم في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪672‬‬

‫رقم‪.1081‬‬
‫‪ 32‬ينظر للتوسع‪ :‬القرضاوي‪ ،‬كيف نتعامل مع السنة النبوية‪ ،‬ص‪.156-147‬‬
‫‪ 33‬رواه مسلم في صحيحه‪،‬كتاب الزهد‪ ،‬باب التثبت في الحديث‪ ،‬رقم‪.3004‬‬
‫‪ 34‬رواه البخاري في صحيحه‪،‬كتاب العلم‪ ،‬بابكتابة العلم‪ ،‬رقم‪ 113‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪ 35‬رواه أبو داود في سننه‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬رقم‪3646‬؛ وأحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني‪،‬‬
‫المسند‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪162‬؛ والحاكم في مستدركه‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪ 187‬رقم‪ 359‬عن يحيى بن سعيد‪ ،‬عن عبيد الله بن الأخنس‪ ،‬عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث‪،‬‬

‫عن يوسف بن ماهك‪ ،‬عن عبد الله بن عمرو‪ .‬قلت‪ :‬رجاله ثقات‪.‬‬
‫‪ 36‬رواه البخاري في صحيحه كما فتح الباري لابن حجر‪ ،‬كتاب اللقطة‪ ،‬باب كيف تعرف لقطة أهل‬

‫مكة‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ 87‬رقم‪.3434‬‬
‫‪ 37‬جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬سورة المنافقين‪ ،‬باب قوله‪ :‬سواء عليهم استغفرت‪،‬‬

‫ج‪ ،8‬ص‪ ،648‬رقم‪.4905‬‬
‫‪ 38‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ 2174‬رقم‪5430‬؛ ومسلم في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪1719‬‬

‫رقم‪.2189‬‬
‫‪ 39‬النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري‪ ،‬شرح صحيح مسلم‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪،‬‬

‫ج‪ ،14‬ص‪.178‬‬
‫‪ 40‬ذكره ابن حجر في الفتح‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.231‬‬

‫‪21‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫أخلاقيات العمل الإسلامية ودورها في ترسيخ الثقة والارتقاء بالأداء‬

‫المؤسسي‬

‫د‪ .‬حبيبة شهرة‬ ‫د‪ .‬عائشة صفراني‬

‫ملخص الدراسة‪:‬‬

‫هدفت هذه الدراسة لإظهار علاقة ودور أخلاقيات العمل الإسلامية التي توجه سلوك الفرد‬
‫المسلم لما هو خير وصواب في أداء عمله وإتقانه في تدعيم وترسيخ الثقة بين الأفراد العاملين‬
‫خاصة‪ ،‬وأنها تزيد من إحساسهم بالأمان‪ ،‬مما ينعكس على سلوكياتهم بالإيجاب‪ ،‬سواء تعلق‬
‫الأمر بالأداء‪ ،‬الرضا أو درجة الالتزام‪ ،‬وهذا ما أثبتته الدراسات السابقة حول أهمية الثقة‬
‫بأبعادها المختلفة في تحسين مستوى الأداء‪ ،‬إضافة لتأثر وتجسد هذه الأولى بموضوع‬

‫الأخلاقيات‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬أخلاقيات العمل الاسلامية‪ :‬الأمانة‪ ،‬العدالة‪ ،‬الاتقان‪ ،‬الاستقامة‪،‬‬

‫الكتمان‪ ،‬الثقة التنظيمية‪ ،‬الأداء المتميز‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد موضوع أخلاقيات الأعمال من المواضيع الحديثة والهامة خاصة وأن أهميته تزايدت مع‬

‫تزايد الفضائح الأخلاقية والنقد الموجه للأعمال نتيجة العمل بعيدا عن إطار أخلاقي‬
‫واضح وشفاف‪ ،‬ذلك أن الأخلاق تعد بمثابة الدعامة الاولى لحفظ الأمم والمجتمعات‪،‬كما‬
‫جاء عن رسول الله ﷺ «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»‪ ،1‬فمكارم الأخلاق تحتل أكبر‬
‫مساحة من الدين‪ ،‬بل إن الدين كله خلق‪ ،‬فإذا انتفى الخلق ذهب الدين‪ ،‬قال عز وجل‪:‬‬

‫﴿أََرأَيْ َت اَلّ ِذي يُ َك ِذ ُب بِال ِدي ِن • فََذلِ َك اَلّ ِذي يَُد ُعّ الْيَتِيَم﴾ [الماعون‪ ،]2-1:‬فصاحب‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫الأخلاق الفاضلة في مستوى الصائم القائم‪ ،‬بصيام وقيام مستمرين‪ ،‬بل إن العبدكما قال‬
‫الآ ِخَرِة َو َشَر َف‬ ‫َع ِظيَم َدَرَجا ِت‬ ‫ِف«يإِ َاّنلْ اعِلْبَاَعْبَدَةِد»لَيَ‪ْ2‬ب‪،‬لُ ُغكمِِابُ قْسا ِنل‪ُ :‬خل«ُِقماِه‬ ‫عليه الصلاة والسلام‪:‬‬
‫في الميزان من حسن‬ ‫من شيء أثقل‬ ‫الْ َمنَا ِزِل‪َ ،‬وإَِنّهُ لَ َضعِي ٌف‬
‫الخلق»‪ ،3‬وأعظم رأسمال في العمل الخلق الحسن والخلق الحسن مؤادة إلى الثقة‪ ،‬والثقة في‬
‫علاقات العمل أحد الدعائم الأساسية التي تساعد المنظمات على تدعيم فاعليتها وتحقيق‬

‫أهدافها‪ ،‬كما أنها من أكثر الأدوات الادارية فاعلية لأنها تهيء الظروف اللازمة لنجاح‬
‫المنظمات‪ ،‬وتكون قاعدة للتفاعل بين العاملين‪ ،‬فهي بذلك تنعكس على سلوكيات الفرد‬

‫على التزامه بعمله وكذا أدائه‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬

‫تحتل الأخلاق حيزا مهما في بيئة الاعمال اليوم باعتبارها أهم المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك‬
‫الإنساني‪ ،‬والتي تنعكس على التزام الفرد بمهنته وتفانيه في عمله‪ ،‬لذلك جاءت هذه الورقة البحثية‬
‫للإجابة على التساؤل الجوهري التالي‪ :‬ما هي القيم والمعايير الأخلاقية التي تعمل على تجسيد‬

‫الثقة التنظيمية وتعزز الأداء المتميز في منظمات الأعمال؟‬
‫وسنحاول الاجابة على ذلك من خلال التطرق للمحاور التالية‪:‬‬

‫أولا‪ :‬أخلاقيات العمل الإسلامية‬
‫ثانيا‪ :‬الثقة التنظيمية‬

‫ثالثا‪ :‬الالتزام بأخلاقيات العمل الاسلامية لتجسيد مبدأ الثقة وتعزيز الأداء‬
‫المؤسسي المتميز‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النتائج والتوصيات‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫تنبع أهمية الدراسة من أهمية الموضوع في حد ذاته ألا وهو الأخلاق عموما وأخلاقيات المهنة‬
‫بصورة أدق‪ ،‬ذلك أن الأخلاق اليوم تحتل مكانة هامة لارتباطها بالتصرفات السليمة‬
‫والخاطئة‪ ،‬والمرشدة للسلوك القويم عن طريق تعريفها لما هو مقبول وغير مقبول على المستوى‬

‫‪24‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫الاجتماعي‪ .‬وبذلك ستنعكس هذه الأخلاقيات على تصرفات وسلوكيات الأفراد ضمن‬
‫بيئة عمله من جهة‪ ،‬وعلى سمعة منظمته من جهة اخرى‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫تهدف الدراسة للإجابة عن مشكلة البحث‪،‬كما تهدف إلى‪:‬‬
‫‪ -‬إظهار مفهوم وأهمية الأخلاق في الإسلام‬

‫‪ -‬تحديد علاقات الارتباط بين الأخلاق والثقة التنظيمية‬
‫‪ -‬إظهار أهمية الالتزام بأخلاقيات الأعمال في مستوى الأداء‬

‫أولا‪ :‬أخلاقيات العمل الاسلامية‬
‫تزايدت أهمية أخلاقيات الأعمال اليوم‪ ،‬لما تشكلة الأخلاق من منظومة متكاملة تنظم‬
‫العلاقات البشرية جميعا في شتى مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ‪ ،...‬وديننا‬
‫الحنيف يؤكد على ذلك فهو دين معاملة‪ ،‬فالأخلاق عنصر أساسي من عناصر وجود المجتمع‬
‫وبقائه‪ ،‬ومقوم جوهري من مقومات كيانه وشخصيته‪ ،‬فلا يستطيع أي مجتمع أن يبقى أو‬
‫يستمر‪ ،‬دون أن تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد والضوابط التي تنظم علاقات الأفراد‬

‫بعضهم ببعض‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم أخلاقيات المهنة‪ :‬تعرف الأخلاق بأنها‪ :‬صفة في النفس تظهر آثارها في‬
‫الكلام والسلوك العملي والمظهر الخارجي والصحبة المختارة‪ ،4‬وتشير الأخلاق المهنية إلى‬
‫المبادئ والمعايير التي تعتبر أساسا لسلوك أفراد المهنة المستحب‪ ،‬والتي يتعمد زملاء المهنة‬
‫بالتزامها‪ ،‬وترتبط أخلاقيات المهنة بسلوك أخلاقي قويم‪ ،‬لا يخرق ولا يتعارض مع‬
‫الأخلاقيات المهنية المدونة ضمن لائحة أخلاقية (مدونة أخلاقية) للعاملين‪.5‬كما تعرف‬
‫أخلاقيات العمل بأنها مجموعة الصفات الحسنة‪ ،‬التي لابد من توافرها في صاحب المهنة‬
‫ليؤدي عمله على الوجه الأمثل‪ ،6‬ويعرفها العلواني بأنها‪ :‬مجموعة المبادئ والقيم والأعراف‬
‫والتقاليد والقواعد المنظمة للسلوك الانساني والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الانسان وتحديد‬

‫علاقته بغيره على نحو تحقيق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه‪.7‬‬

‫‪25‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫كما تعرف الأخلاقيات بأنها المفهوم الذي يحدد الأفعال الصحيحة والأفعال‬
‫الخاطئة‪ .‬فالأخلاقيات تحدد لنا ما إذاكانت أفعالنا تتفق مع القيم الأخلاقية السائدة أم لا‪.‬‬
‫وهي ترشدنا إلى انتهاك السلوك القويم‪ .8‬كما يعرفها ‪ Dessler‬بأنها المبادئ التي تحكم‬

‫سلوك الفرد أو المجموعة‪ ،‬فهي تتعلق بتحديد المعايير المستخدمة في أداء السلوك‪.9‬‬
‫فالأخلاقيات تعد محدد لسلوكيات الفرد‪ ،‬والتي توجهه لما هو مقبول وصواب لابد‬

‫من تأديته والعكس‪ ،‬فهي بمثابة أداة رقابية ذاتية للفرد‪.‬‬
‫‪ -2‬مصدر الأخلاقيات‪ :‬تعددت المصادر‪ ،‬ويحددها طاهر محسن الغالبي وصالح‬
‫مهدي العامري في مجموعتين هما‪ :‬نظام القيم الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع الخارجي‬
‫وتتمثل في‪ :‬الثقافة السائدة في المجتمع‪ ،‬قيم الجماعة‪ ،‬قيم العائلة‪ ،‬قيم العمل وقيم المجتمع‬
‫الحضارية‪ ،‬ونظام القيم والمعتقدات الشخصية الذاتية والمتمثل في‪ :‬القيم الشخصية الذاتية‬
‫والفطرية‪ ،‬المعتقدات الدينية والمذهبية‪ ،‬الخبرة السابقة والمستوى التعليمي‪ ،‬الخصوصية الفردية‪،‬‬
‫الحالة الصحية النفسية والجسمانية‪ ،10‬كما تنبع المبادئ الأخلاقية من‪ :‬المعتقدات الدينية‬
‫والأخلاقية‪ ،‬تاريخ المجتمع وخبراته وتقاليده‪ ،‬الثقافة المحلية‪ ،‬صلة الرحم والإطار العائلي‪،‬‬
‫مجموعات الأقران والمجموعات المرجعية‪ ،‬قادة الرأي والمثل العليا‪ ،‬العمليات التعليمية‪ ،‬كما‬

‫أن هذه المبادئ الاخلاقية تختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى‪.11‬‬
‫‪ -3‬أنواع الأخلاقيات‪ :‬أخلاق المهنة قواعد منطقية تحكم سلوكيات الأفراد وقد‬
‫اختلف الأفراد في تناولها من حيث مصادرها‪ ،‬أنواعها‪ ،..‬ويحدها الخفاجي ومحمود فيما‬
‫يلي‪ :‬الأمانة والاستقامة‪ ،‬الموضوعية‪ ،‬الجدارة‪ ،‬العدالة‪ ،‬الكتمان‪ ،‬المهنية‪ ،‬والإتقان‪ ،12‬كما‬
‫حددتها شهباز في نوعين‪ ،‬الأخلاق المحمودة (المشروعة) والمتمثلة في‪ :‬الصدق‪ ،‬الصبر‪،‬‬
‫الأمانة‪ ،‬الإخلاص‪ ،‬البشاشة‪ ،‬الالتزام بالألفاظ اللائقة‪ ،‬المظهر اللائق‪ ،‬مساعدة المسنين‬
‫والمعاقين‪ ،‬وأخلاقيات غير المحمودة (غير المشروعة) والمتمثلة في‪ :‬عدم احترام وقت العمل‪،‬‬
‫التراخي‪ ،‬عدم تحمل المسؤولية‪ ،‬عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء‪ ،‬افشاء أسرار العمل‪،‬‬
‫الامتناع عن أداء العمل المطلوب منه‪ ،‬عدم المحافظة علىكرامة الوظيفة‪ ،‬الرشوة‪ ،‬المحسوبية‪.13‬‬

‫وسنتناول فيما يلي الأخلاقيات التالية‪:‬‬

‫‪26‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫العدل والعدالة‪:‬‬

‫العدل خلق من أخلاق رسول الله ﷺ‪ ،‬ضمن شمائله العظيمة‪ ،‬وصفاته الجليلة‪،‬‬
‫عدل في تعامله مع ربه جل وعلا‪ ،‬وعدل في تعامله مع نفسه‪ ،‬وعدل في تعامله مع الآخرين‪،‬‬
‫من قريب أو بعيد‪ ،‬ومن صاحب أو صديق‪ ،‬ومن موافق أو مخالف‪ ،‬حتى العدو المكابر‪ ،‬له‬
‫تنبَِوَعاتَلذَْْصنَّعكيشُْردَيِوِجبيلَنعِنَمو﴾ااعلللنِإري[حاهلْمحنعنودَتسحلادهَعلَِنّع‪:‬زوَ‪0‬وَوإِإيﷺلَ‪9‬تجَي‪،‬ا]َهّلء‪،،،‬وكويِذيَموقاكِيولْتفَولاارلْدليَُقراَْردفسََيْييوبِهعلََدسيِونايَيللْنةلٌنهَاهلامَلّرىنِذسيﷺَعوَنخلِ«نإيوََاّْعطنلَْفِداﷺللُْبْحُومكَْبقنَثشقياِِسفروءيِطلمَيواَُلنحْنربُامْهكنلِعِْنأمَكَعِدهِحرزْاماّدَلوَيالِووألَْبَْجهعثْغلِلليِتي‪ِ:‬هىحْميََمعِنَث﴿َواإَِظمبَُِاَّعنرُلكَاِْوممّلىُلْوللاانََلَع»َنعَلَُّيْ‪4‬ودُُكمٍر‪.ُْ1‬م‪،‬رل‬

‫الأمانة‪:‬‬

‫عن ابن عمر‪ ،‬قال رسول الله ﷺ «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من‬
‫الدنيا‪ :‬صدق الحديث‪ ،‬وحفظ الأمانة‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬وعفة مطعم»‪.15‬‬
‫من الآيات الكرَية التي جاءت في الحث على أداء الأمانة قول الله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫َََويْ﴿َعُمإُِْهرُْكنِدْمأَِهِمأَْمَننَرابَتُعُْعؤُوّدُضَنواُْكا﴾ملأَ[بََاملاْمعنَعااضارًِتجفَ‪:‬إْليُل‪2‬ىَؤِ‪3‬دأَ]اْهَل‪ّ.‬لِِذَهاي﴾اْؤ[تُامِلنَنسأَاَمءان‪َ:‬تَه‪[،]﴾5ُ8‬البوققورلةه‪ :‬ت‪3‬عا‪8‬ل‪2‬ى]‪ ،:‬و﴿قَواوَللّهِذيتَنعالُهىْم‪ِ :‬لأَ﴿إَِماَّننَااتِّهِلْملَ‬
‫قوله ﷺ «ثَلَاثَةٌ أَنَا‬ ‫أداء الأمانة‬ ‫النبوية في الحث على‬ ‫الأحاديث‬ ‫ما جاء من‬
‫أَ ْعطَى ِب َُثّ َغ َدَر‪،‬‬ ‫الِْمْنِقيَهُا‪َ،‬مِةَول‪َ:‬مْ يَُروُجفِِهٌل‬ ‫أََِخجيًراَص ْمفَتُاهُْستَيَْْووَََمف‬ ‫َخ ْص َمهُ‬ ‫َوَم ْن ُكْن ُت‬ ‫َخ ْص ُمُه ْم يَْوَم الِْقيَاَمِة‪،‬‬
‫ا ْستَأْ َجَر‬ ‫َثَنَهُ‪َ ،‬وَرُج ٌل‬ ‫َوَرُج ٌل بَا َع ُحًّرا فَأَ َك َل‬
‫أَ ْجَرهُ»‪.16‬‬
‫فالأمانة مشتقة من الأمن والأَمان‪ :‬ض ُّد الخوف والأمانة ضد الخيانة‪ ،‬وتطلق ويراد‬
‫بها ك ُّل ما يجب حفظه وتأديته إلى أهله‪ ،‬وهي كلمة واسعة المدلول تشمل جميع العلاقات‬
‫الإنسانية‪ .‬ومن الأحاديث التي تبين عظم جرم الخيانة وعدم تأدية الأمانة ما جاء عن أِب‬
‫هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪» :‬آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد‬
‫أخلف‪ ،‬وإذا ائتمن خان»‪ ،17‬ومن معاني الأمانة وضع كل شيء في مكانه اللائق به قال‬

‫‪27‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫أبو ذر رضي الله عنه لرسول الله ﷺ ألا تستعملني؟ ‪-‬أي ألا تجعلني والياً أو أميراً أو رئيساً‬
‫لك على إحدى المدن‪ ،-‬قال‪ :‬فضرب بيده على منكبي‪ُ ،‬ث قال‪» :‬يا أبا ذر! إنك ضعيف‪،‬‬
‫وإنها أمانة‪ ،‬وإنها يوم القيامة خزي وندامة‪ ،‬إلا من أخذها ِبقها‪ ،‬وأدى الذي عليه فيها»‪.18‬‬

‫الاستقامة‪:‬‬
‫تَ[خحَهايثفُوومداا‪َ :‬وَ‪2‬لكنا‪ 1‬تقَت‪1‬اْح‪]َ،‬زنلُ‪،‬واتوأَتْعوَقبِاوأاَلِبعْىلِا‪:‬شلتُرعوساا﴿يلفئَباِىةا‪:‬لْسْاجَتََلنِّقحِة﴿ْمإِاسََلّّننَكِتةاَيمَلّاتَمِذُكأيُنُِمتحَُْنْرمهاقََتُ‪،‬اتلُوَوَاوعوَمُدخَرُابنّولِنَاتِنَقا اّ﴾اَلَلّبلنُ[افَمَُثَّعَسصالَبكْسختَلتَوَقَل‪:‬قااُم‪0‬تَواح‪3‬طْ]تَغَست‪َْ،‬وناَنَّزوإِ»َُفنّل‪9‬يهُ‪1‬بِاَعم‪َ،‬للَاْيح تَِوهدقْيعُما َمالللُْث َو‪:‬م َلَنا»ﷺئبَِاَتَّكِِص»قةُيقٌراأََلللّلها﴾‪:‬‬

‫آمنت بالله‪ُ ،‬ث استقم«‪.20‬‬
‫الموضوعية‪:‬‬

‫الموضوعية هي تخلي الإنسان عن عواطفه‪ ،‬وانفعالاتِه‪ ،‬التي لا يقوم عليها دليلٌ‬
‫نقلي أو عقلي تجاه مسألة من المسائل التي يَحتاج فيها إلى أخذ قرار‪ ،‬أو إصدار حكم؛‬
‫شريطةَ أن تكون القضية ‪ -‬موضع الطرح ‪ -‬مما تختلف فيه الأفهام‪ ،‬ويتقبل فيه النقاش‪،‬‬
‫وهي على هذا "معيار أساسي من معايير البحث‪ ،‬يقوم على ال ِصدق والعلم والأمانة‪ ،‬والبُعد‬

‫عن الأهواء الشخصية"‪.21‬‬
‫وهذا الخُلُق يقتضي التزاًما من قبل واضعي المناهج‪ ،‬على ألَاّ يتجاوزوا في خلافاتِهم‬
‫مع الآخر الح َّد الموضوع َّي‪ ،‬فيقدم المحتوى المعرفي‪ ،‬كما لو أن الآخر لا يحمل سوى الشر‬

‫المحض‪.‬‬
‫الكتمان‪:‬‬
‫إن حفظ السر ظاهرة إنسانية نبيلة بين الأشخاص والأحباب خاصة‪ ،‬وهي فطرية‬
‫طالماكانت ذات بعد إنساني نبيل‪ ،‬هدفه حفظ الروح والنفس من الأخطار المحدقة بها‪ ،‬وقد‬
‫ورد في القرآن الكريم الكثير من الأحكام التي تطلب كتمان السر‪ ،‬وهذا واضح في قصة‬

‫‪28‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫يوسف‪ ،‬في قوله تعالى‪﴿ :‬إِ ْذ قَا َل يُو ُس ُف َلأَبِيِه ََي أَبَ ِت إِِنِي َرأَيْ ُت أَ َح َد َع َشَر َكْوَكباً َوال َّش ْم َس‬
‫َوالَْق َمَر َرأَيْتُ ُه ْم ِل َسا ِج ِدي َن﴾ [يوسف‪،]4:‬‬

‫أما في سورة الكهف‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فَابْ َعثُوا أَ َح َدُك ْم بَِوِرقِ ُك ْم َه ِذهِ إلى الْ َم ِدينَِة‬
‫فَ ْليَنظُْر أَُيَّها أَْزَكى طََعاماً فَ ْليَأْتِ ُك ْم بِِرْزٍق ِمْنهُ َولْيَتَلَ َطّ ْف َولا يُ ْشِعَر َّن بِ ُك ْم أَ َحداً﴾‬
‫[الكهف‪ ،]19:‬أي فأرسلوا واحدا منكم إلى المدينة بهذه النقود الفضية وليختر أحل وأطيب‬
‫الطعام فليشتر لنا منه وليتلطف في دخول المدينة وشراء الطعام حتى لا يشعر بأمرنا أحد‪22‬‬

‫من هاته الآية الكرَية يظهر جلياً أنكتمان السر يحقق الأمان لصاحبه‪.‬‬
‫أما ما ورد في الكتمان عن النبي محمد ﷺ من أقوال وأفعال فهي كثيرة‪ ،‬وأشهرها‬

‫قوله‪» :‬استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»‪.23‬‬
‫أما في سيرة الرسول ﷺ‪ ،‬نجد الكثير من صور الكتمان ومنها‪ ،‬أنه بدأ دعوته‬
‫سًرا‪ ،‬وكان دقيًقا في كل خطواته‪ ،‬وحذًرا يقظًا في كل تعاملاته‪ ،‬وبهذا التخطيط والتنظيم‬

‫استطاع أن ينتصر على جميع أعداء الإسلام‪.‬‬
‫كان ﷺ يجيد اختيار من يدعوهم (نوعاً وأهلية) متحرياً الدقة المتناهية‪ ،‬والحيطة‪،‬‬
‫ذلك لأن أولئك المستجيبين للدعوة آنذاك‪ ،‬هم الذين تقع عليهم أعباؤها ومسؤولياتها‪ ،‬فلا‬
‫بد أن يكونوا من خيار المجتمع‪ ،‬صدقًا‪ ،‬واعتدالاً‪ ،‬ومروءة‪ ،‬ونخوة‪ ،‬واستقامة‪ ،‬ليكونوا أهلاً‬

‫للقيام بتبليغ الدعوة‪ ،‬وتحمل تبعاتها بكل تجرد وإخلاص لله تعالى‪.24‬‬
‫المهنية‪:‬‬

‫التعريف الإجرائي أو العملي لآداب المهنة يتمثل في قدرة الفرد على القيام بدوره‬
‫الوظيفي بإتقان وبموضوعية تعتمد على طرائق وآداب مهنية تحدد علاقاته مع الآخرين‪،‬‬
‫وتهدف إلى رفعكفاءة المؤسسة التي يعمل بها‪ ،‬وهذه القدرة بطبيعة الحال تختلف من شخص‬
‫إلى آخر‪ ،‬ومن آداب المهنة التي تميز الشخص المهني عن غيره‪ ،‬الاستقامة والأمانة والعطاء‬
‫بصدق في العمل واحترام زملاء العمل‪ .‬التزام الاهتمام بالمصلحة العامة على المصلحة‬
‫الشخصية تطبيق مهارات العمل التخصصية للرفع من مستوى العمل‪ .‬عدم التدخل في‬

‫‪29‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫خصوصيات الآخرين‪ .‬عدم الدمج بين القضايا الشخصية والعمل‪ .‬معاملة الزميل سواء‬
‫أكان رجلا أم امرأة كشخص‪ ،‬وليس كجنس الابتعاد عن النفاق الاجتماعي‪ .‬هذه بعض‬

‫ما تبادر إلى ذهني من آداب مهنية‪.25‬‬

‫الإتقان‪:‬‬

‫الإتقان هو عمل الشيء على أحسن وجه‪ ،‬وقد وردت النصوص الشرعية من‬
‫ايُلرواِحلوكُدتّىنبايأإِوبيبذَواة‪،‬يواَععقللِامسلىَلنةتأَفعيااَحللتُمدىيُك‪:‬سْمنتَحُد﴿َاعهَلَُّّمثِذملاالنيمأَ ْسنَحخللَيدمُيَْتقِقانَعلْثلهَُم«ْىعو‪6‬ائا‪َ2‬تل‪.‬إشتَوةاقلاْ)حَيَنراةَضفلِييَيْبالُعلَلبوهُاك ْدمتعأنهَُيّ‪،‬هاُك‪ْ:‬مو(عأَأمْحلنهَاسلنُنوبيسَعائَمرلاًﷺش﴾قاؤ[والنلم‪:‬هل ا«لإِكدَ‪ّ:‬نين‪2‬ياّة]َلّل‪َ،،‬‬
‫وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا حفظوا آيات من القرآن لم ينتقلوا إلى غيرها حتى‬
‫مسعود رضي الله‬ ‫حديث ابن‬ ‫جرير الطبري في تفسيره من‬ ‫ابن‬ ‫يبِعتهِنقهننو«نقها‪7‬ا‪2‬ل‪:.‬شر«ًحَاكا َونعالمَّرلًاُج‪ُ.‬لروِمَنّىا‬
‫َمَعانِيَ ُه َّن‪َ ،‬والَع َم َل‬ ‫َحَتّى يَعِر َف‬ ‫تَ َعَلَّم َعشَر آيَا ٍت‪ ،‬لَم يُجَا ِوْزُه َّن‬ ‫إِذَا‬

‫وليعلم أن الأجير لا يستحق أجرته‪ ،‬إلا إذا أدى عملًاكاملًا متقنًا‪ ،‬فإن نقص الإتقان‬
‫نقصت الأجرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الثقة التنظيمية‬

‫مفهومها وأهميتها‪:‬‬

‫تعد الثقة من المفاهيم السلوكية والنفسية التي يجد الباحثون صعوبة في تحديد مفهومها بدقة‪.‬‬
‫وترى الطائي بأنها‪ :‬إَيان الفرد بأهداف وقرارات والسياسات التنظيمية والقائد التنظيمي‬

‫وبجميع الأفراد العاملين معه في المنظمة‪ ،‬وذلك بما يعكس رضا والتزام الفرد تجاه المنظمة‪.‬‬
‫كما عرفها متعب والعطوي بأنها‪ :‬محافظة أعضاء المنظمة على الاَيان والثقة المتبادلة‬

‫بين بعضهم البعض من ناحية النية والسلوك‪.28‬‬
‫كما تنشأ الثقة عندما يتشارك المجتمع في مجموعة من القيم الأخلاقية بشكل يؤدي‬
‫إلى توقع الاستقامة والصدق في سلوكيات أفراده‪ ،‬فالثقة هي التوقع الناشئ داخل المجتمع‬

‫‪30‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫بأنه سيكون هناك سلوك مستقيم وصادق ومتعاون بين جميع أفراده‪ ،‬بناء على عدد من‬
‫الأعراف والمعتقدات المشتركة‪ .29‬كما أن الثقة التنظيمية تمثل إَيان الفرد بعدالة المنظمة‬
‫والاعتماد عليها في إظهار الحكم الجيد عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل بالاعتماد على‬

‫المشرف وزملاء العمل بما يعكس ولاء الفرد تجاه المنظمة‪.30‬‬
‫كما تتمثل الثقة في اتسام العلاقات بين الأفراد في المجتمع بالاستقرار والحرية والتعاون‪.‬‬
‫وتقوم هذه الثقة على أساس المعايير والقيم والسلوكيات والمعتقدات المشتركة‪ .‬فيجب أن‬
‫تؤدي هذه الثقة إلى جعل السلوك الفردي أو الجماعي يتسم بالصدق والأمانة والالتزام‬
‫الأخلاقي والواجب تجاه المجتمع الذي يجب أن َيتي دائما قبل المصلحة الشخصية من حيث‬

‫الأولوية‪.‬‬
‫ولقد فرق "فوكوياما" بين المجتمعات ذات معدل الثقة المرتفع ‪-‬أين ترتفع معدلات‬
‫الثقة بين أفراده وكذا علاقات الارتباط الاجتماعية التلقائية والاستعداد التلقائي للتعاون مما‬

‫يؤثر على الكفاءة التنظيمية‪ -‬والمجتمعات ذات معدل الثقة المنخفض‪.31‬‬
‫وبذلك َيكننا القول أن الثقة تعكس درجة التماسك والتعاون والارتباط بين الأفراد‪،‬‬
‫نتيجة ما يتميزون به من صفات تؤهلهم ليكونوا محل ثقة ويعتمد عليهم والتى تنعكس مباشرة‬

‫على سلوكياتهم‪ ،‬خاصة من خلال دعم بعضهم البعض والتزاماتهم‪.‬‬
‫إن بناء الثقة التنظيمية يستغرق وقتاً طويلاً ولكن َيكن أن تنتهي في لحظة‪ ،‬لذلك‬
‫تحتاج المنظمات أن تجهز نفسها ليس فقط لكسب الثقة بل للحفاظ على هذه الثقة‪ ،‬فقد‬
‫تم الاعتراف بأهميتها في مكان العمل بشكل متزايد منذ الخمسينات من القرن العشرين‪،‬‬
‫وقد أثبتت البحوث التي أجريت مؤخرا أهمية عملية لها في تحديد سلوك المواطنة التنظيمية‪،‬‬
‫الالتزام‪ ،‬الرضا الوظيفي‪ ،‬والادارة الناجحة للتغير والعمل الجماعي‪ ،‬وعلى ارتباط مستويات‬

‫الثقة داخل المنظمة مع الفعالية ومستويات الأداء التنظيمي‪.32‬‬

‫أنواع الثقة التنظيمية‪:‬‬

‫‪31‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫تباينت وجهات النظر حول أنواع الثقة‪ ،‬حيث قسمها ‪ ،Mayer‬حسب‬
‫مصادرها إلى‪ :‬الثقة القائمة على المعرفة‪ ،‬الثقة القائمة على ملامح الشخصية‪ ،‬والثقة على‬
‫أسس رسمية‪ ،‬في حين صنفها ‪ Stephenson‬وفقا لمستوى تبني الثقة إلى الثقة على‬
‫المستوى الفردي‪ ،‬الثقة على المستوى الجماعي‪ ،‬والثقة على المستوى التنظيمي‪ ،‬كما يتفق‬
‫الباحثين على تصنيف الثقة التنظيمية لثلاثة عناصر‪ ،‬هي‪ :‬الثقة في الزملاء‪ ،‬الثقة في الرئيس‬

‫المباشر‪ ،‬والثقة في الإدارة العليا‪.33‬‬
‫كما أشار ‪ Kort & Lewicka‬إلى وجود ثلاثة أنواع من الثقة هي العامودية‬
‫وتكون بين المديرين والعاملين‪ ،‬والأفقية بين زملاء العمل‪ ،‬أو الثقة المنظمية بين العاملين‬
‫والمنظمة وتتعلق بثقة العاملين بإجراءات المنظمة والتكنولوجيا والإدارة بالأهداف والكفاءة‬

‫والعدالة ووصف الثقة العامودية بالأكثر تعقيدا من الثقة الأفقية‪.34‬‬
‫ثالثا‪ :‬الالتزام بأخلاقيات العمل الإسلامية لتجسيد مبدأ الثقة وتعزيز الأداء المؤسسي‬

‫المتميز‬
‫تسعى المنظمات حاليا لاكتساب ثقة عملائها وبناء سمعة طيبة لها في المجتمع بغرض الحفاظ‬
‫على مركزها في السوق وزيادة أرباحها‪ ،‬وهذا لا يتحقق إلا من خلال جودة الأداء بتعزيز‬
‫منظومة أخلاقيات العمل وآداب المهنة التي أصبح الاهتمام متزايد بها مؤخرا لدورها وأهميتها‬
‫في زيادة مسؤوليتها الاجتماعية‪ ،‬كما أن تحقيق ذلك ينطلق من معايير أخلاقية تنظم سير‬
‫العمل وتعزز الثقة بين الأفراد داخل المؤسسة من جهة والمؤسسات والمستفيدين من جهة‬
‫أخرى‪ .‬فالالتزام بالمبادئ والسلوكيات الأخلاقية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي‬

‫والتنظيمي له انعكاساته الإيجابية سواء على الفرد‪ ،‬الجماعة أو المنظمة‪.‬‬
‫يشير الأداء لقدرة المنظمة على تحقيق أهدافها الموضوعة والمقررة‪ ،‬إلا أن المنظمات‬

‫اليوم تسعى للتميز للحفاظ على مكانتها‪.‬‬
‫ويشير التميز للتفوق دون التفرد في أمر ما‪ ،‬لكون التفرد لا يصنع التميز حيث‬
‫أن هذا الأخير يقتضي المفاضلة بين ما يتقاربون في صفات أو أعمال وهنا يظهر التفاوت‬

‫‪32‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫في الأداء والتفكير والفعل وهو ما يولد المقارنة ويفرز المميزين‪ .‬وكلماكان الموظف أكثر تميزا‬
‫كانت المعاني الحقيقية للموهبة والإبداع والذكاء والعبقرية والابتكار أكثر بروزا لديه‪ ،35‬كما‬
‫أن التميز يتطلب شروط تأتي في مقدمتها الصدق‪ ،‬الإخلاص والتفاني في العمل‪ ،‬الثقة التي‬
‫تسود بيئة العمل وقد أثبتت العديد من الدراسات دور الثقة بين العاملين في زيادة مستوى‬
‫الأداء‪ ،‬من بينها دراسة ‪ Erlan Bakiev‬بعنوان‪ :‬تأثير الثقة بين الأفراد والالتزام التنظيمي‬
‫في الأداء التنظيمي المدرك‪ ،‬كذا دراسة ‪ Joanna Paliszkiewicz‬على الشركات‬
‫البولندية بعنوان‪ :‬التوجه نحو الثقة والأداء التنظيمي‪ ،‬والتي أظهرت العلاقة الإيجابية بين الثقة‬

‫(ثقة المديرين والثقة التنظيمية) والأداء التنظيمي‪ ،‬وكيفية خلق الثقة للحفاظ على أدائها‪.‬‬
‫فالحرص على أخلاقيات العمل هو أمر أخلاقي وديني وإداري‪ ،‬ومع الأسف فإن‬
‫إهمالنا لأخلاقيات العمل يجعل العاملين لا يتعاونون‪ ،‬والمنظمات لا تثق في بعضها البعض‪،‬‬
‫والكل يبدأ بسوء الظن‪ ،‬ولا َيكننا الاستفادة من خبرات بعضنا‪ ،‬فأخلاقيات العمل ضرورة‬

‫للتطور‪ ،‬ولابد أن تكون لها أولوية أكبر بين موظفينا ومديرينا‪.36‬‬
‫فديننا الإسلامي هو أشمل الأديان السماوية‪ ،‬وأغزرها ثروة في التعاليم والتوجيهات‬
‫الدينية التي تكون لدى الفرد المسلم رصيدا َثينا من أخلاق العمل‪ ،‬وهو قادر في الوقت‬

‫الحاضر على أن يقدم للبشرية نظاما متكاملا لأخلاق العمل الأساسية التي تفتقر إليه‪.‬‬

‫النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫وفيما يلي أهم النتائج والتوصيات‪:‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫‪ -‬تشكل أخلاقيات المهنة مجموعة القواعد والمبادئ التي تضبط السلوك وتوجهه لما هو‬

‫صحيح أو خاطئ؛‬
‫‪ -‬تزيد أخلاقيات المهنة من الثقة بين الأفراد العاملين بمختلف مستوياتهم من جهة وثقة‬

‫المتعاملين مع المنظمة من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫نحو تجديد الفكر الإسلامي والمؤسسات التعليمية والإسلامية‬

‫‪ -‬أساس أخلاقيات العمل الاسلامية القرآن والسنة‪ ،‬وأهمها الأمانة والصدق والإتقان‪،‬‬
‫العدل والعدالة‪.‬‬

‫‪ -‬هناك علاقة مباشرة لأخلاقيات المهنة في زيادة مستوى الثقة وزيادة مستوى الأداء‪.‬‬
‫التوصيات‪ :‬ونوصي بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬لابد من التركيز على موضوع أخلاقيات المهنة‪ ،‬وخاصة الأخلاق ومحاولة غرسها في‬
‫ممارسات وسلوكيات الأفراد‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على إنشاء ميثاق أخلاقيات المهنة ليكون داعما ومحددا لسلوكيات الأفراد‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تعزيز مبدأ التعاون والتكامل بين الموظفين بعضهم مع بعض بما يعزز مبدأ‬

‫الثقة التنظيمية بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬نشر الوعي بأهمية الأخلاقيات وضرورة التحلي بها‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه البخاري في الأدب المفرد‪ ،‬رقم‪ .27‬وهذا إسناد حسن‪ ،‬وقال الحاكم‪" :‬صحيح على شرط مسلم"‪،‬‬
‫ووافقه الذهبي‪.‬‬

‫‪ 2‬أخرجه أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪363-362‬؛ والطبراني في المعجم الكبير‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪ ،233‬رقم‪.754‬‬

‫‪ 3‬رواه الترمذي في سننه‪ ،‬كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في حسن الخلق‪ ،‬رقم‪ ،1922‬وقال‪" :‬حديث‬
‫حسن غريب من هذا الوجه"‪.‬‬

‫‪ 4‬الغامدي‪ ،‬سعيد بن ناصر‪" ،‬أخلاقيات العمل‪ :‬ضرورة تنموية ومصلحة شرعية"‪ ،‬سلسلة دعوة الحق‪،‬‬
‫رابطة العالم الإسلامي‪ ،‬العدد ‪ ،242‬مكة المكرمة‪ ،‬السعودية‪ ،2010 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪ 5‬طاهر محسن الغالبي‪ ،‬صالح مهدي محسن العامري‪ ،‬المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال والمجتمع‪،‬‬
‫(عمان‪ :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،)2008 ،2‬ص‪.168‬‬
‫‪ 6‬سعيد بن ناصر الغامدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪34‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪ 7‬انتصار زين العابدين شهباز‪" ،‬أخلاقيات الوظيفة العامة في الاسلام"‪ ،‬مجلةكلية الآداب‪ ،‬العدد ‪،101‬‬
‫جامعة بغداد‪ ،‬العراق‪ ،2012 ،‬ص‪.643‬‬

‫‪ 8‬توني موردن‪ ،‬أساسيات علم الإدارة‪ ،‬ترجمة‪ :‬خالد العامري‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفاروق‪ ،‬ط‪،)2008 ،1‬‬
‫ص‪.625‬‬

‫‪9 Dessler. G, et Al Ariss.A, (2012), Human Resource Management, Arab world‬‬
‫‪Edition, Person Education, p 327.‬‬

‫‪ 10‬طاهر محسن الغالبي وصالح مهدي العامري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪ 11‬توني موردن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.625‬‬

‫‪ 12‬نعمت عباس خضير الخفاجي ونجدت ياور محمود‪ ،‬تحليل علاقة الأخلاق وموارد المعرفة والقوة‪:‬‬
‫دراسة استطلاعية‪ ،‬طاهر محسن منصور الغالبي ونعمت عباس الخفاجي (محرر)‪ ،‬قراءات في الفكر الإداري‬

‫المعاصر‪( ،‬عمان‪ :‬دار اليازوري‪ ،)2008 ،‬ص‪.321‬‬
‫‪ 13‬انتصار زين العابدين شهباز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.662-658‬‬
‫‪ 14‬رواه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب الأمارة‪ ،‬باب فضيلة الإمام العادل‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫‪1992‬م)‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ ،166‬رقم‪.4677‬‬
‫‪ 15‬رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص في مسنده‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،177‬رقم‪ ،6652‬وإسناده‬

‫حسن‪.‬‬
‫‪ 16‬أبو الليث السمر قندي‪ ،‬المهذب‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث)‪،‬كتاب الإجارة‪ ،‬ج‪ ،15‬ص‪.308‬‬

‫‪ 17‬رواه البخاري في صحيحه‪،‬كتاب الإَيان‪ ،‬باب علامة المنافق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،124‬رقم‪.33‬‬
‫‪ 18‬رواه مسلم في صحيحه‪،‬كتاب الأمارة‪ ،‬بابكراهية الأمارة بغير ضرورة‪ ،‬رقم‪.3512‬‬

‫‪ 19‬رواه الترمذي في سننه‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،)1994 ،‬كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في‬
‫معاشرة الناس‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪ ،93‬رقم‪ ،1991‬وقال‪" :‬حديث حسن صحيح"‪.‬‬

‫‪ 20‬أخرجه أحمد في مسنده‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء الترب العرِب)‪ ،‬من حديث قدامة بن عبد الله‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫ص‪ ،420‬رقم‪.15112‬‬

‫‪ 21‬عبد الرحمن بن صالح عبد الله‪ ،‬الموضوعية في العلوم التربوية‪( ،‬جدة‪ :‬دار المنارة‪ ،‬ط‪1407 ،1‬ه)‪،‬‬
‫ص‪.6‬‬

‫‪ 22‬الشيخ محمد علي الصابوني‪ ،‬صفوة التفاسير‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع)‪،‬‬
‫ص‪.186‬‬

‫‪35‬‬


Click to View FlipBook Version